‫جامعة بغداد – كلية الفنون الجميلة – قسم التشكيلي‬

‫تقرير مقدم كجزء من متطلبات االمتحان النهائي! لمادة علم الجمال‬

‫لسنة ‪2020-2019‬‬
‫عنوان التقرير‬
‫(جماليات أعمال الفنان فائق حسن)‬
‫إسم الطالبة‪ :‬زينب عمار صبيح‬
‫المرحــــــلة‪ :‬الثالثة ‪-‬أ‪ -‬صباحي‬
‫الفــــــــــرع‪ :‬الرسم‬
‫المــــــــــــادة‪ :‬علم الجمال‬
‫إسم التدريسي‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد الكناني‬
‫تاريخ التسليم‪13/7/2020 :‬‬

‫‪1‬‬
 ‫المقدمة‬

‫فائق حسن فنان تشكيلي من العراق‪ ،‬ولد في بغداد عام ‪ ،1914‬وتخرجـ من البوزارـ عام ‪.1938‬‬

‫أضحى فائق حسن خالل النصف الثاني من القرن العشرين ظاهرة متمــيزة في الفن العــراقي فهــو‬
‫المؤسس األول ‪ -‬بال منازع ‪ -‬لفن الرسم في (العراق) هذا ما وصفه زميلــه الفنــان الراحــل شــاكر‬
‫حسن آل سعيد في أحد لقاءاته فهو حقـا ً فنــان كبــير لــه الفضــل في ارســاء قاعــدة فنيــة على اســس‬
‫موضوعية أسهمت في تأسيس معهد الفنون الجميلة بالتعاون مع زميليه فنــان الشــعب جــواد ســليم‬
‫والفنان المسرحي القدير حقي الشبلي‪ .‬ناهيك عن أنه كان مصمماًـ للديكورات المســرحية فكــان لــه‬
‫الدور الكبير مع الفنان الشبلي بتأسيس المسرح العراقيـ‪.‬‬

‫كانت حياته الفنية تعبــيراً عن الطبيعــة الــتي عاشــها بواقعيــة أكاديميــة‪ ،‬كمــا عــبر عنهــا في بعض‬
‫اللوحات بطريقة المدرسة الحديثة‪ ،‬ويعتبر من أكــثر الفنــانين العراقــيين واقعيــة اللتصــاقه بــالواقعـ‬
‫والبيئة الشعبية العراقية‪ ،‬كما أنه نحات ورسام بارع‪ ،‬فهو يهتم باللون بالدرجــة األولى‪ ،‬ولم يهمــل‬
‫(الفورم‪ -‬الشكل) ألنهما بالنسبة له عنصــران مكمالن لبعضــهماـ البعض‪ ،‬ويتعامــل معهمــا كوحــدة‬
‫ضرورية عضوية لعمل اللوحة‪.‬‬

‫ ‬

‫‪2‬‬
‫غالبا ً ما يشار إلى فائق حسن بصفته أب الفن العراقيـ الحديث‪ ،‬فقد لعب خالل مسيرته الفنيـة عــدة‬
‫أدوار هامة في أوساط ساحة الفن العراقية الناشئة‪ ،‬بما في ذلــك دوري المــربي والمؤســس‪.‬ـ خالل‬
‫الفترة الحاسمة في عقدي األربعينات والخمسينات‪ ،‬كرس فائق نفسه البتكار شــكل فــني يعــبر عن‬
‫الشعور المتصاعد بالفخر الوطني لدى المواطنين العراقــيين‪ .‬اهتم كــذلك بتطــوير مهاراتــه التقنيــة‬
‫ومهارات طالبه‪ .‬في العقود الالحقة‪ ،‬ظل فائق حسن يعتبر فنانـا ً رائـداً واسـتمر إرثـه الفـني يـؤثر‬
‫بشدة على األجيال التالية‪.‬‬

‫يتذكر فائق حسن‪ ،‬المولود في بغداد سنة ‪ ،1914‬طفولته بأنها كــانت سلســلة من التجــارب الفنيــة‪،‬‬
‫حيث كان يركز على نمط فني معيّن حتى اتقانه وينتقل من ثم إلى نمط آخر‪ .‬إحدى تلك التجــارب‪،‬‬
‫وتعتــبرـ نموذجيــة‪ ،‬كــانت اســتخدامه الطين من نهــر دجلــة وإنجــاز منحوتــات على شــكل الخيــول‬
‫والنــاس‪ .‬لم يكن يعتــبر نفســه المعــا ً بــالمعنيـ التقليــدي للكلمــة حيث أنــه كــان مهمالً في أعمالــه‬
‫المدرســية‪ .‬غــير أن موهبتــه في صــناعة الفن تط ـوّرتـ بســهولة وحص ـلـ في ذلــك على تشــجيع‬
‫أساتذته‪ ،‬وأخصهمـ الفنان محمد خضر الذي أصبح بمثابة المثال والمعلم بالنسبة لفائق‪ .‬كــان ينظــر‬
‫إليه كخبيرـ بارع في األلوان ودقة استعمالهاـ وشكلت أعمال خضــر خلفيــة مرشــدة في استكشــافات‬
‫فائق فيما بعد في نظرية األلوان‪.‬‬

‫أدخل فائق‪ ،‬خالل فـترة ترأسـه لمنصـب مـدير قسـم الرسـم والنحت‪ ،‬دروسـا ً مبنيـة على التقنيـات‬
‫الغربيـة في الرسـم وأضــاف كــذلك حصصـا ً لتــدريس الفنــون اإلســالمية والعربيــة الشــعبية‪ ،‬مثـل‬
‫صناعة الفخار والعمل بالمعادن‪ .‬وذهب إلى أبعد من ذلك ببذلـه جهـود لزيـادة فعاليـة القسـم فـاهتم‬
‫بتدريب مدرسي المستقبل وتوفير اللوازم الفنيــة األساســية ونمــاذج جــاهزة مصــنوعة من الجبس‪.‬‬
‫بالتزامن مع عمله كمدير‪ ،‬كان فائق أستاذاً متحمسا؛ أعطى دروساًـ في نظريــة األلــوان والمنظــور‬
‫والتشريح والتصميمـ باإلضــافة إلى فصــولـ في تــاريخ الفن‪ ،‬وكــان يشــجع طالبــه على البحث عن‬
‫مصادر االستلهامـ في محيطهمـ وشحذ مهاراتهمـ التقنية‪ .‬اعتبر فائق حسن تط ّورـ الطالب مســؤوليته‬
‫الشخصــية وأن من واجبــه اإلشــراف على أول دفعــة من الطالب المتخــرجين من المعهــد‪ .‬طــوال‬
‫العقد التالي‪ ،‬أصبح المعهد مركز النشاطـ الفني الرئيسي وتكرستـ سمعة فائق كشخصية رائــدة في‬
‫التربية الفنية العراقية بصورة حاسمة‪.‬‬

‫اتسمت ممارسة فائق حسن الفنية بالمهارة التقنيـة وبــالتنوع‪ ،‬فقــد استكشـفـ طــوال مســيرته الفنيــة‬
‫أساليب مختلفة ووصفـ بالبدائي واالنطباعيـ والتكعيبي‪ .‬التمايزات هذه قابلة للنقــاش‪ ،‬لكن مــا هــو‬
‫أكيــد هــو أن فــائقـ كــان يتمتــع بالفطنــة والخــبرة في مجــال التقنيــات الفنيــة وقـدـ أقــر بــذلك طالبــه‬
‫وزمالؤه‪ .‬كــان على األخص مــاهراً للغايــة في اســتخدامـ األلــوان‪ ،‬وكــان يفــاخر بشــدة بمعرفتــه‬
‫الكيميائية بكل خضاب وخبرته بتركيبة األصباغ‪ .‬حتى أنه كــان يعتــبرـ أن الرســام المــاهر هــو من‬
‫يمتلك فهما ً معقداً لتقنية األلوان‪ .‬لم يكن اللون في رأي فائق رمزاً بحد ذاته بــل نســيج رابــط يضــم‬
‫عناصر التركيبة مع بعضهاـ‪.‬‬

‫لقد سعى ألفنان فائقـ حسـن في تحـدد أهــداف عملـه‪ ،‬وأتقانهـا‪ ،‬فقــد نجح بخلــق أســاليب تجــاوزت‬
‫شروط رسم المحاكاة التقليدية‪ ،‬حيث كانت خيوله‪ ،‬وصقوره‪ ،‬ونساءه‪ ،‬فالحيه‪،‬في أغلبها‪ ،‬لم تتخل‬
‫عن مسعاه بالعثورـ على العناصر ذاتها لدى أساتذة الفن الكبار‪ !.‬وقـدـ ال يكــون لعالمــة (التعجب)‪،‬‬
‫هنا‪ ،‬إال ما تعنيه من مفارقة لفنان شرقيـ ـ في بلد خرج توا ًمن ظلمات العصور الوسطىـ ـ ليرســم‬

‫‪3‬‬
‫بمهارة ديالكروا‪،‬ـ أو بونار‪ ،‬أو رنوار‪ ،‬ولكن نماذجــه المتقدمــة ــ حــتى لــو كــانت قليلــة ــ بهويتهـاـ‬
‫االيكولوجية‪ ،‬بعيدا ً عن العالمات‪ ،‬تسمح للمتلقي أن يستنشقـ ضباب وأتربة العراق‪ ،‬ودخانه‪ ،‬لقــد‬
‫شكلت تجارب خيول فــائق حســن جاذبيــة للمتلقي ــ كتصــديرـ متمــيزـ ومرغــوب في ســوقـ ينتظــر‬
‫المزيد منها ـ فلم يتخلى عن المضي في تكرار مثيالتها المستساغة طلبا ورغبة وتثمينـا‪ ،‬معتمــدا ً‪،‬‬
‫في الغالب‪ ،‬على مصادرها الفوتوغرافية‪ .‬في هذا المجال‪ ،‬تحــول األســلوب‪ ،‬من بحث‪ ،‬في ماهيــة‬
‫الفن‪ ،‬ومعضالته‪ ،‬إلى تطبيقات لنموذج تم أختبــاره‪ :‬مهــارة في التكــوين‪ ،‬األشــكال‪ ،‬واأللــوان…‪،‬‬
‫ومهارة في تحقيق الدهشة‪ ،‬إنما ليست دهشة االكتشــاف‪ ،‬بــل دهشــة الــترغيب واإلقنــاع واإلقتنــاعـ‬
‫واإلستهالك‪ .‬ومن جراء ذلك أدرك ألفنان – فائق حسن – مع ذاتــه‪ ،‬بــوعي بالخســران الــذي كــان‬
‫يستنزفه‪ ،‬جــراء تلبيــة طلبــات لم تنقطــع‪ ،‬حــتى فقــدت خيولــه أصــالتها! كمــا فقــدت لوحاتــه الفنيــة‬
‫مميزاتهــا التعبيريــة بمــا تالئم وتحــاكيـ صــخب األحــداث المتواليــة في البلــدان العربيــة ومنهــاـ‬
‫العراق…‪ ،‬فأدرك‪،‬ـ في لحظة محاكمة لذاتــه‪ ،‬انــه أســرف في هــذا المنحى‪ ،‬وأبتعــد عن مشــروعه‬
‫الفني‪ ،‬الذي منحه ـ عن حق ـ شارة الريادة‪ ،‬فرسم لوحة مشــهورة لحصــان هزيــل يتأمــل جمجمــة‬
‫حصان‪ ،‬ضمن مناخ شبيه بنهاية معركة لم تترك سوى الخراب‪.‬إن ماسلكه ألفنان – فائق حســن –‬
‫من إختيار وتميز ووضعـ بصماته الخاصة في األثر اإلبداعي‪ ،‬اليعني أن يكون نسخا متكــررة في‬
‫المصادر والتطبيق الحرفي‪ ،‬لدرجــة التقليــد األعمى لــدى بعض من طلبتــه لحــد اإلفتخــارـ بضــياع‬
‫معالم شخصياتهمـ المنفردة والمتحررة من أنماط‪ ..‬أصال هو تحرر منهــا أســتاذنا – فــائق حســن –‬
‫وصلت بهم لدرجة التكرار المطابق والمشابه لغاية وصولـ البعض لدرجات التزوير‪،‬ـ بينما الرسمـ‬
‫فيه آفاق واسعة ليس فيها حــدود ال في المصــادر وال في التطــبيق واإلختيــارـ المنهجي‪ ،‬إال بحــدود‬
‫األستفادة من الخبرات المضافة ألعمالهم الفني ‪.‬‬

‫ ‬

‫‪4‬‬
 ‫الخاتمة‬

‫على الرغم من براعته التقنية‪ ،‬كان فائق حسن يؤكــد أن التقنيــة ليســت الهــدف النهــائي في انتاجــه‬
‫الفني‪ ،‬بل هي مجرد وسيلة للتعبير‪ .‬أما الجوهر الحقيقي في أعماله فكان قدرتــه على التقــاط روح‬
‫الحياة العراقية اليومية‪ .‬وبالفعل كانت مادة مواضيعه مستمدة من المحيط العــراقي؛ هيمنت رســوم‬
‫القرويين والعمال والفرسان والمناظرـ الطبيعية على أعماله وكان يص ـوّرهاـ برهافــة انفعاليــة‪ ،‬أي ـا ً‬
‫كان األسلوب‪ .‬أنجزت سلسلة لوحات فائق الشهيرة "فرســان عــرب" بضــرباتـ فرشــاة قويــة ممــا‬
‫يعطيها حيوية ملحوظة ويحمل األشــخاص فيهــا في كثــير من األحيــان طابعـا ً رومانســيا‪.‬ـ غـير أن‬
‫معظم أعمــال فــائق األولى كــانت تتص ـفـ بالتجريديــة واســتقامة الخطــوط‪ ،‬كمــا أنــه أبــدى خالل‬
‫مسيرته ميالً لألسلوب الواقعي في رسومه التي تصور أفراداً من األكراد والعرب البدو‪ .‬تدل كافة‬
‫هذه األعمال على اتساع كفاءته الفنية وعلى تكريس فنه لنقل حس ذي طابع عراقي كــان يتماشــى‬
‫مع المشاعر الوطنية التي كانت سائدة حينذاك‪.‬‬

‫ ‬

‫‪5‬‬
 ‫المصادر‬

‫نعمة‪ ،‬ماضيـ حسن‪ )2017( .‬جمالية اإلتقان اللوني بديل عن المنطق التعبيري عند رائد‬ ‫‪‬‬
‫الرسم فائق حسن‪ ,‬الصدى‪.‬نت‪/http://elsada.net/57912 .‬‬
‫فلويد‪ ،‬تيفاني‪ .‬حمزة‪ ،‬فيفيان (ترجمة)‪ .‬فائقـ حسن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪http://www.encyclopedia.mathaf.org.qa/ar/bios/Pages/Faiq-‬‬
‫‪Hassan-Alawi-al-Janabi.aspx‬‬
‫فائق حسن‪ .‬المعرفة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫_‪https://www.marefa.org/%D9%81%D8%A7%D8%A6%D9%82‬‬
‫‪%D8%AD%D8%B3%D9%86‬‬

‫‪6‬‬