Professional Documents
Culture Documents
832 1712 1 SM
832 1712 1 SM
ص 256-132
ملخص
يعد عقد االعتماد االيجاري من الناحية االقتصادية وسيلة تمويــل
للمشروعـات التجارية أو الصناعية ،ويعد عقد اإليجار قالبا من القوالب
القانونية التي استعملت كأساس لهذا العقد باإلضافة إلى أنظمة قانونية أخرى
مستقرة ،كالوعد الملزم للطرفين باإليجـار والوكالة ،والوعد ببيع األشياء
المؤجرة للمستأجر من قبل المؤسسة المالية ،وعقد البيـع في حالة اختيار
المستفيد تملك األشياء المؤجرة .
وإذا كان عقد اإليجار من ضمن عناصر عقد االعتماد االيجاري ،فان
بحثنا سيقتصـر على هذا النظام دون غيره من األنظمة السابق ذكرها ،كما
سيكون محور بحثنا قاصـرا أيضا على تناول القواعد العامة التي نظمـت
التزامات المستأجر فيه من حيث البحث عما هو مطبق منها على التزامات
المستأجر في عقد االعتماد االيجاري ،وما هو المستبعــد منهـا ،وكذا القواعد
أ .بن زيوش مبروك التي استقل بها عقد االعتماد االيجاري مسترشديـن في ذلك بنصوص
قسم القانون الخاص القانون المدني الجزائري المنظمة اللتزامات المستأجر في عقد اإليجار
كلية الحقوق وبنصوص األمر 96/69المنظم اللتزامات المستأجر في عقد االعتماد
جامعة سطيف، االيجاري في التشريع الجزائري.
الجزائـر
مقدمـة:
Résumé
يعتمد عقد االعتماد االيجاري على Le contrat de crédit–bail représente du
عقد تقليدي تدخل المشرع بتنظيمه وتفصيل point de vue économique, un moyen
approprié pour le financement des projets
أحكامه وذلك بعد تطويع قواعده ألجل commerciaux et industriels. Par contre, le
تحقيق غاية تمويلية ليصبـح أداة من أدوات bail de location reste l’une des formes
االئتمان )،(1ومن هنا حق للبعض أن يوجز juridiques qui servent de base à ce contrat,
au même titre que d’autres actes juridiques
فكر االعتماد االيجاري في كونه عقد إيجـار consacrés par le droit tels que la promesse
يضمن عمليـة ائتمان ) ،(2ويحقق عقد synallagmatique de location, le mandat, la
promesse par un établissement financier de
االعتماد االيجاري ألطرافه مزايا عديدة إذ vendre au locataire les objets loués et l’acte
يحصل المستأجر فيه على تمويل يغطي de vente des choses louées au bénéficiaire
qui exprime la volonté de les
المبلغ الذي يريد استثماره،وتقوم مؤسسة acquérir.
االعتماد االيجاري بشراء األصل محل
131
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
القانون المدني بكونه عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من االنتفاع بشيء
معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ،ومن خالل تعريف المشرع المصري والفرنسي لعقد
اإليجار،يتبين أنه يتميز بخصائص ،أهمها أن هذا العقد عقد رضائي ال يشترط في
انعقاده شكل معين ،وهو عقد ملزم للجانبين ،ومن عقود المعاوضة .والعناصر التي يتم
التراضي بها في عقد اإليجار هي منفعة الشيء والمدة واألجرة ،ومن ثم فإن عقد
اإليجار عقد من العقود الزمنية ،وهناك ارتباط وثيق بين األجرة والمدة ،إذ المدة هي
مقياس االنتفاع بالشيء المؤجر ،واألجرة تقابل االنتفاع ،وعقد اإليجار ال ينشئ إال
وال يرتب اإليجار التزامات شخصية في جانب كل من المؤجر والمستأجر،
للمستأجر حقا عينيا في الشيء المؤجر ).(7
وإذا كان عقد اإليجار أسبق في الظهور ،فان عقد االعتماد االيجاري يعد تقنية
حديثة للتمويل وهي من ابتكار الفكر التمويلي والقانوني واستجابة لطلب لم تتم تلبيته
من وسائل التمويل التقليدية ،وهو يقوم على فكرة مؤداها أنه بدال من أن تقدم مؤسسة
التمويل قرضا معينا لطالب التمويل فيشتري به ما يحتاجه ،تقوم تلك المؤسسة بشراء ما
يحتاج إليه المشروع من معدات وأجهزة وتحتفظ هي بملكيتها ،ثم تؤجره إياها مقابل
بدل إيجار معين يمثل مقابل استهالك تلك األصول المؤجرة ،ومقابل النفقات المالية
واإلدارية،والفائدة المقررة على المبلغ المدفوع في شراء تلك األموال باإلضافة إلى
الربح المنتظر من العملية ،وتبقى المؤسسة المالية محتفظة بملكية األصول المؤجرة
طوال مدة العقد ،مما يمكنها من استردادها عند إعسار أو إفالس المستأجر عن دفع
بدالت اإليجار ،ويمنح المستأجر في نهاية عقد اإليجار حق تجديد عقد اإليجار إذا كان
العمر الفني أو االستهالكي للمعدة المؤجرة له مازال قائما ،أو له حق فسخ العقد إذا كان
العمر الفني أو االستهالكي للمعدة قد انتهى ،أو إلى أي سبب آخر يراه المستأجر ،وله
حق شراء تلك المعدة المؤجرة له ويعفي عقد االعتماد االيجاري مؤسسة االعتماد من
أية مسؤولية قد تنجم عن استعمال أو حيازة األموال المؤجرة في مقابل منح المستأجر
حق الرجوع مباشرة على بائع أو مورد تلك األصول بدعوى مباشرة.
ولم يتفق الفقهاء الذين تناولوا البحث في عقد االعتماد االيجاري على النشأة
التاريخية لهذا العقد،فبعضهم يرى أن العقد ظهر في الحضارات التي كانت سائدة قبل
الميالد ،وبعضهم يعتبر أن العقد لم يظهر بمفهومه الحالي قبل القرن العشرين .وقد
ذهب بعضهم إلى أن نظام االعتماد االيجاري يعود إلى حضارة البابليين وما وضعوه
من تشريعات في ذلك الوقت وخاصة قانون حمورابي) ، (8أو إلى عهد السومريين في
بالد العراق عام 1999قبل الميالد ثم انتشر عند الرومان ،حيث نظمت العالقات
التاجيرية التي كانت تتم بين النبالء في تأجير أدواتهم وعبيدهم وعقاراتهم لمدة معينة
وتنظيم العالقة ب ين الدائنين والمدينين بشكل مشابه لنظام عقد االعتماد االيجاري وفقا
للفصل الرابع والعشرين من الكتاب الثالث لمعهد جستنيان .
133
زيوش مبــروك
كما عرف نظام االعتماد االيجاري في بدايات اإلسالم ،عندما قام أحد التجار
باستثمار أمواله لدى احد المضاربين لقاء شهادة أسهم من أجل تجنب الربا ،وذلك
بموجب عقود تحدد حقوق وواجبات األطراف المعنية واإلجراءات والترتيبات التعاقدية
الملزمة ). (9
إال أن فقهاء آخرون يعتبرون أن عقد االعتماد االيجاري بما هو معروف اليوم
ظهر سنة 2651بعد تأسيس شركة ،United states leasing corporationوقد ولدت فكرة االعتماد
االيجاري على يد أحد رجـال الصنـاعة في الواليات المتحدة األمريكية واسمه DP.Booth
juniorعندما كان يملك مصنعا صغيرا إلنتاج المواد الغذائية المحفوظة أثناء حرب
كوريا سنة ،2652حين طلبت منه القوات العسكرية األمريكية كميات كبيرة اليطيق
المصنع الذي يملكه قدرة الوفاء بها ،ولم يكن لديه رأس المال الكافي لشراء
المعدات،وعجز عن الحصول على قرض ففكر في إمكانية استئجار تلك المعدات ،إال
أنه لم يعثر على مؤجرها ،ففاتت عنه الصفقة ،إال أن بوث اكتشف أن احتراف تأجير
المعدات يمكن أن يكون مصدرا للربح ،فأقنع مجموعة من رجال األعمال ،وتم تأسيس
أول شركة لالعتماد االيجاري في الواليات المتحدة سنة ،2651وقد كان لظهور هذه
الشركة المختصة أثره في زيادة الطلب على تأجير المعدات اإلنتاجية(10).
وكان لظهور القانون الفرنسي رقم 455الصادر بتاريخ 91جويلية
2699وتعديالته أيضا لتنظيم عقد االعتماد االيجاري الدور المهم لوضع أسسه.
وقد عرفت المادة األولى من قانون رقم66/299االعتماد االيجاري على أنه
عملية من عمليات تأجير تجهيزات ومعدات وآليات على أنواعها مشتراة من المؤجر
بهدف تأجيرها مع االحتفاظ بملكيتها ،شرط إعطاء المستأجر حق تملكها لقاء ثمن متفق
عليه تحدد شروطه عند إجراء العقد مع األخذ باالعتبار ،ولو جزئيا األقساط المدفوعة
كبدالت إيجار.
أما المشرع الجزائري ،وبعد أن أعطى تعريفا شامال لكافة عمليات االعتماد
االيجاري بالمادة األولى من األمر 96/69راح في المادة السابعة والثامنة والتاسعة منه
يتناول كال منها على حدا ،ونكتفي بعرض التعريف الذي جاء لعقد االعتماد االيجاري
لألصول المنقولة بالمادة السابعة بحكم أن باقي التعريفات قد أقامت نفس عمليات
االعتماد االيجاري على عقد اإليجار ،وسمت طرفيه بنفس تسمية أطراف عقد اإليجار
العادي بقولها» بأنه عقد تمنح من خالله شركة التأجير البنك أو المؤسسة المالية المسماة
بالمؤجر على شكل تأجير ،مقابل الحصول على إيجارات ولمدة ثابتة أصوال متشكلة
من تجهيزات أو عتاد أو أدوات ذات االستعمال المهني ،لمتعامل اقتصادي شخصا
طبيعيا كان أو معنويا يدعى المستأجر كما يترك لهذا الشخص إمكانية االكتساب الكلي
أو الجزئي لألصول المؤجرة عن طريق دفع سعر متفق عليه والذي يأخذ بعين االعتبار
اإليجار « *. على األقل جزئيا األقساط التي تم دفعها بموجب
وإذا كان المشرع الجزائري وغيره من التشريعات قد تناولت عقد االعتماد
االيجاري بالتنظيم بوضع نصوص خاصة له بحكم طبيعته القانونية ،وإذا كان عقد
134
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
اإليجار من العقود األساسية المكونة له ،فإلى أي مدى طبقت القواعد المنظمة
اللتزامات المستأجر فيه على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري وهذا هو
موضوع بحثنا.
وبناء عليه نستعرض في هذا البحث أوال اللتزامات المستأجر في عقد اإليجار،
ثم نستعرض ثانيا اللتزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري على ضوء
االمر 96/69المنظم له ،على أن نبرز على ضوء كل التزام القواعد العامة التي
أكدها األمر رقم 96/69في عقد االعتماد االيجاري ،وتلك القواعد التي استقل بها على
خالف ما كان مقررا بالقواعد العامة .
أوال :التزامات المستأجر في عقد اإليجار
يلتزم المستأجر بجملة من االلتزامات نصت عليها المادة 2015من القانون
المدني الفرنسي بقولها أنه » يجب على المستأجر أن يقوم بالتزامين أساسين أوالهما:أن
يستعمل العين المؤجرة استعمال الرجل الحازم الرشيد ،وطبقا لما أعدت له بمقتضى
عقد اإليجار أو بحكم الظروف وقرائن األحوال ،إذا لم يوجد نص في العقد ،ثانيهما أن
يدفع األجرة في المواعيد المتفق عليها « إال انه يمكن إضافة التزام ثالث أساسي على
هذين االلتزامين هو رد العين إلى المؤجر في نهاية اإليجار ،ومن ثم تكون التزامات
المستأجر األساسية هي استعمال الشيء فيما أعد له مع العناية به ودفع األجرة ورد
الشيء عند نهاية اإليجار.
كما أن المستأجر من جهة أخرى يلتزم بالتزامات ثانوية،من ذلك التزامه بدفع
مصاريف عقد اإليجارمالم يوجد شرط يقضي بغير ذلك ،كما يلتزم بدفع الضرائب على
العين المؤجرة إذا اشترط المؤجر على المستأجر ذلك ،وإن كان في األصل أن الملتزم
في ذلك هو المؤجر (11) .وقبل الوقوف على تفصيل هذه القواعد العامة التي تتضمن
التزامات المستأجر ،فإنه من الجدير أن نشير إلى أن تعرضنا لها إنما يكون من خالل
القانون المدني الجزائري الذي فصل أحكامها ،إذ أوجبت نصوص المواد 462إلى
غاية 465التزامات على عاتق المستأجر ،وهي تدور أساسا حول التزامه باستعمال
العين المؤجرة على النحو المتفق عليه أو حسب ما أعدت له ،وأن يقوم بالترميمات
التاجيرية التي يقتضيها العرف ،وأن يلتزم بدفع األجرة ،وأن يرد العين المؤجرة عند
انتهاء اإلجارة .
-1التزام المستاجر باستعمال الشيء المؤجر فيما أعدله والمحافظة عليه ورده
عند انتهاء اإليجار:
نصت المادة 465من القانون المدني الجزائري على أنه «يجب على المستأجر
أن يعتني بالعين المؤجرة وأن يحافظ عليها مثلما يبذله الرجل العادي وهو مسئول عما
يلحق العين أثناء انتفاعه بها من فساد أو هالك غير ناشئ عن استعمالها استعماال
عاديا».
135
زيوش مبــروك
كما نصت المادة 460من نفس القانون على أنه« يجب على المستأجر أن يخبر
فورا بكل أمر يستوجب تدخله كأن تحتاج العين إلى ترميمات مستعجلة ،أو يظهرعيب
فيها ،أو يقع اغتصاب عليها ،أو يتعدى الغير بالتعرض أو اإلضرار بها».
ويتبين من هذين النصين أن استعمال العين هو وسيلة المستأجر لالنتفاع بهاو
تحقيق الغرض من اإليجار ،ولذلك فإن المستأجر يلتزم بعدم ترك العين دون استعمال،
ويكون مسئوال عن األضرار التي تصيب المؤجر من ذلك ،ومن ثم فإن المستأجر يسأل
عن األضرار الناتجة عن عدم النظافة أو عدم التهوية أو تلف آالت المصنع المؤجر
لعدم االستعمال.
واستعمال العين يكون بحسب االتفاق ،فإذا انعدم فإن استعمالها يكون بحسب ما
أعدت له ،ذلك أن المستأجر يلتزم في األصل أن يستعمل العين في وجوه االنتفاع
الم تفق عليها في عقد اإليجار صراحة أو ضمنا ،فإذا انعدم االتفاق صراحة أو ضمنا
فعلى المستأجر استعمال العين المؤجرة بحسب ما أعدت له ،وعند تعيين االستعمال في
العقد فإنه يجب على المستأجر أن يقتصر عليه ،وأال يغيرها إال إذا حصل على إذن،
فإذا كان تغيير االستعمال ال يضر بالمؤجر انتفت حكمة التقييد وأصبح التغيير جائزا .
)(12
إن افتراض ضرر التغيير قائم ،وأنه على المستأجر إثبات عدم الضرر وإذا أخل
بالتزامه جاز للمؤجر أن يطلب التنفيذ العيني ،وله حق فسخ العقد مع التعويض عما
يكون قد لحقه من ضرر .كما ال يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييرات
مادية ،والحكمة في ذلك المحافظة على مصالح المؤجر(13).
وقد رتب المشرع الجزائري بالفقرة الثانية من نص المادة 461من القانون
المدني الجزاء على إخالل المستأجر بهذا االلتزام حيث نصت «على أنه إذا أحدث
المستأجر تغييرا في العين المؤجرة مجاوزا في ذلك حدود االلتزام الوارد في الفقرة
السابقة جاز إلزامه برد العين إلى الحالة التي كانت عليها وبالتعويض إن اقتضى الحال
ذلك».
يتضح من نص هذه الفقرة أن جزاء إخالل المستأجر هو إجباره على إعادة العين
إلى ما كانت عليه مع إلزامه بالتعويض إن كان له مقتضى ،وهذا هو التنفيذ العيني مع
التعويض عن الضرر ،كما يجوز للمؤجر المطالبة بالفسخ تطبيقا للقواعد العامة.
كما يلتزم المستأجر بااللتزام بالمحافظة على العين المؤجرة وان يبذل عناية
الرجل العادي في استعمالها والمحافظة عليها ،ومعيار العناية المطلوبة هو معيار
موضوعي ال شخصي ،فا لشخص المعتاد يترفق في استعمال الشيء الذي يملكه فيجب
على المستأجر أن يسلك هذا المسلك في استعمال العين المؤجرة ،وإال اعتبر مسيئا
الستعمال حقه ووجبت مساءلته على ذلك. (14).
كما يجب على المستأجر وبحسب ما أشار إليه نص المادة 460من القانون
المدني إخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله ،كما في حالة احتياج العين المؤجرة
ترميمات مستعجلة ،أو عندما ينكشف بها عيب،أو يقع اغتصاب لها ،أو يتعدى الغير
بالتعرض لها ،أو اإلضرار بها.
139
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
ويشترط لتطبيق هذا النص إعالم المستأجر المؤجر بما يهدد العين المؤجرة،
وإذا كان المستأجر ال يعلم بما يتهدد العين المؤجرة ،ولم يكن باستطاعته أن يعلم لو أنه
بذل من العناية ما يبذله الرجل العادي ،فال يكلف بإخطار المؤجر.
كما يشترط أيضا أال يكون المؤجر على علم بما يتهدد العين المؤجرة ،إذ
الغرض من اإلخطار هو إعالم المؤجر ليتدخل بغية منع الخطر عن العين المؤجرة،
ف إذا كان على علم بما يستدعي تدخله ،فال التزام على المستأجر بوجوب إخطاره ،ولم
يحدد المشرع ميعادا خاصا لإلخطار ،ومن ثم فإنه يجب على المستأجر أن يخطر
المؤجر بما يستدعي تدخله في وقت مناسب (15).
كما يلتزم المستأجر بالترميمات التأجيرية الخاصة باإليجار ،والتي جرى بها
العمل ،ما لم يوجد اتفاق على خالف ذلك ،وهذا ما نصت عليه المادة 464من القانون
المدني الجزائري ،إذ يتبين منها أن أساس هذا االلتزام الواقع على عاتق المستأجر ،إنما
يتحدد بما جرى عليه العمل ،إن انعدم االتفاق بينهما ،فإن وجد االتفاق فإنه هو أساس
االلتزام.
وال يعد التزام المستأجر بالترميمات الخاصة باإليجار من النظام العام فيجوز
تعديلها بالتشديد أو التخفيف أو اإلعفاء منه.
كما يعد المستأجر مسئوال في حالة احتراق العين المؤجرة ،إال إذا اثبت أن
الحريق نشأ عن سبب ليس من فعله وهذا ما نصت عليه المادة 469من القانون المدني
الجزائري.
وقد حملت الفقرة الثانية من المادة 465من القانون المدني الجزائري مسؤولية
عما يلحق العين أثناء انتفاع المستأجر بها من فساد أو هالك غير ناشئ عن استعمالها
استعماال غير عادي .
ويجوز للمستأجر أن ينفي مسؤوليته عن الهالك أو التلف ،إذا هو أثبت بذله
عناية الرجل العادي ،وأنه كان يستعملها بحسب المألوف طبقا لالتفاق أو بحسب ما
أعدت له،وأنه كان يقوم بالترميمات التأجيرية ،وأنه أخطر المؤجر عن ذلك ،ومن ثم
فإنه إذا حدث بالعين هالك أو تلف ،فإن ذلك يكون راجعا إلى خطا المستأجر ،ألن
العين في حيازته وتحت إشرافه والمؤجر غير ملزم بإثبات خطأ المستأجر ،بل يستفيد
من هذه القرينة القانونية ،وهي قرينة تقبل إثبات العكس إذا كان الهالك مجهوال ،ألن
المستأجر غير مطالب بإثبات السبب األجنبي ما يقتضي تدخله في الوقت المناسب ،فإذا
أثبت المستأجر ذلك أعفي من المسؤولية ،إال أن المشرع خرج عن هذه القاعدة بالنسبة
للهالك أو التلف الناشئ عن الحريق وذلك لخطورته ،فشدد من مسؤولية المستأجر
وجعل التزامه في ذلك التزاما بالضمان أي بتحقيق نتيجة وليس فقط ببذل عناية ،وإذا
عجز المستأجر عن إثبات السبب األجنبي انعقدت مسؤولية المستأجر كاملة عن حريق
العين ،والتزم بتعويض المؤجر عما أصابه من أضرار ،وبحكم أن هذا النص ليس
متعلقا بالنظام العام ،فيجوز االتفاق على ما يخالفه بتشديد المسؤولية أو التخفيف منها أو
اإلعفاء منها.
130
زيوش مبــروك
وإذا كانت األجرة متفق على دفعها أقساطا ،فإن التأخير في أداء أي قسط منها
يترتب عليه حلول باقي األقساط دفعة واحدة دون تنبيه أو إنذار ،وجاز للمؤجر المطالبة
بتطبيق هذا االتفاق ،والحكم له بإلزام المستأجر بدفع كل األجرة فورا سواء منها ما
استحق قبل التأخير،أو ما كان يستحق بعد ذلك ،ويجوز للمؤجر المطالبة بالفسخ
واألجرة وإذا لم يقبل المستأجر الفسخ كان للقاضي السلطة التقديرية ،إما أن يحكم به أو
يرفض بحسب ما يرى من مسلك المستأجر في تنفيذ التزامه بدفع األجرة أو عدم
استعداده لذلك ،وال يملك القاضي هذه السلطة التقديرية ،بل عليه الحكم بالفسخ ،إن وجد
االتفاق على اعتبار العقد مفسوخا من تلقاء نفسه ،ودون حاجة إلى إنذار بمجرد تأخر
المستأجر في سداد قسط واحد بعد ميعاد استحقاقه .ويجوز للمؤجر مطالبة المستأجر
بالتعويض عند إنذاره للوفاء باألجرة في حالة الحكم بالفسخ ،إذ أنه من حق المؤجر
مطالبة المستأجر بقيمة األجرة عن المدة الالزمة إلعادة تأجير العين المؤجرة ،وقيمة
135
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
فرق األجرة عن المدة التي كانت باقية من العقد الذي فسخ ،إذا كانت األجرة الجديدة
أقل من األجرة المتفق عليها في اإلجارة التي فسخت ).(16وقد أوجد القانون المدني
الجزائري بنص المادة592باإلضافة إلى الجزاءات المتفرعة عن القواعد العامة
ضمانات خاصة تكفل لمؤجر العقار الحصول على األجرة المستحقة له ،فألزم
المستأجر أن يضع في العين المؤجرة منقوالت تكفي للوفاء باألجرة كلها أو بعضها
على األقل ،وخول للمؤجر حق امتياز على هذه المنقوالت وأعطاه حق حبسها وتوقيع
الحجز التحفظي عليها.
أما التزام المستأجر برد العين المؤجرة فقد نص المشرع الجزائري بالمادة 591
من القانون المدني على « أن يلتزم المستأجر برد العين المؤجرة عند انتهاء مدة
اإليجار ،فإذا أبقاها تحت يده دون حق وجب عليه أن يدفع للمؤجر باعتبار القيمة
االيجارية للعين وباعتبار ما لحق المؤجر من ضرر».
ويكون الرد بحس ب القواعد العامة في المكان الذي يوجد فيه العقار ،إن كان
محل اإليجار عقارا ،وفي المنقول يكون الرد في المكان الذي سلم فيه ،ويكون الرد
بوضع العين المؤجرة تحت تصرف المؤجر ،بحيث يتمكن من وضع يده عليها دون
عائق مع إعالمه بذلك بأي طريق من طرق العلم ،ونفقات الرد يتحملها المستأجر
باعتباره مدينا بالرد .
ويثير االلتزام بالرد مشكلة خاصة بالحالة التي يجب عليها رد العين المؤجرة،
وقد قضت المادة 593من القانون المدني الجزائري «على أن المستأجر يرد العين
المؤجرة بالحالة التي تسلمها عليها إال ما يكون قد أصابها من هالك أو فساد لم يتسبب
فيه» ،إذ القاعدة أن المستأجر يلتزم بموجب العقد أن يرد العين بالحالة التي تسلمها
عليها ،ومرجع ذلك أن المؤجر يلتزم بتسليم المستأجر العين المؤجرة في حالة تصلح
لالنتفاع ،كما فرض عليه أن يتعهد بصيانة العين المؤجرة لتستمر صالحة لالنتفاع،
وفي مقابل ذلك ف رض على المستأجر أن يقوم من جانبه ببذل عناية الرجل المعتاد في
رعاية العين المؤجرة ،وفي ردها بالحالة التي تسلمها عليها ،أي بحالتها وقت بدا
االنتفاع ،وتثبت هذه الحالة بموجب العقد أو بموجب محضر التسليم ،إذا كان الطرفان
قد حررا محضرا بذلك ،كما نصت على ذلك الفقرة الثانية من نص المادة 593من
القانون المدني الجزائري ،فإذا لم يوجد محضر تسليم ولم يبين العقد أوصاف العين
المؤجرة من حيث حالتها افترضت الفقرة السابقة من المادة المذكورة أن المستأجر قد
تسلم العين بحالة حسنة ،إلى أن يثبت هو غير ذلك.
ومتى عينت الحالة التي تم عليها التسليم ،سواء كان ذلك عن طريق محضر
التسليم أو عن طريق القرينة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من نص المادة 593من
القانون المدني الجزائري ،أو عن طريق إثبات عكس هذه القرينة وفقا للقواعد العامة،
وهذه هي الحالة التي يجب أن ترد عليها العين المؤجرة إلى المؤجر ،فان المستأجر
136
زيوش مبــروك
مسئول عما يطرأ على هذه الحالة من تلف مسؤولية عقدية وفقا للقواعد العامة.
والمستأجر مسئول برد العين المؤجرة عند انتهاء عقد اإليجار بحالتها ،وقت
تسليمها إليه ،ويعتبر التزامه التزاما بنتيجة ،فإذا رد العين عند االستحقاق في الحالة
التي يجب أن ترد فيها ،يكون قد وفى بالتزامه ،أما إذا عجز عن ذلك لهالك العين أو
االمتناع عن الرد أو التأخر في تنفيذ الرد لها ،وجب عليه التعويض ويشمل التعويض
في حالة هالك العين الكلي قيمة العين المؤجرة ،وقيمة األجرة المستحقة ،وقيمة ما فات
المؤجر من ربح بسبب عدم رد العين في الحين ويشمل أيضا في حالة التأخير في رد
العين أجرة المثل عن مدة التأخير نظير تفويت المنفعة على المؤجر مضافا إليها ما
لحقه من خسارة ،وما فاته من ربح بسبب التأخير ) ،(17وإذا أنفق المستأجر بعض
المصروفات إلصالحات ضرورية للعين المؤجرة ،فيجوز له وفقا للقواعد العامة
مطالبة المؤجر بها ،إذا انعدم االتفاق بينهما على من يتحملها ،أما المصروفات الكمالية
فيتحملها المستأجر لوحده هذا ما نصت عليه المادة 594من القانون المدني الجزائري.
أما بخصوص التزام المستأجر بعدم التنازل عن اإليجار أو التأجير من الباطن
فقد نصت المادة 595من القانون المدني الجزائري على أنه ال يجوز للمستأجر أن
يتنازل عن هذا اإليجار أو يؤجر إيجارا فرعيا كل ما استأجره أو بعضه بدون موافقة
صريحة من المؤجر ،كل ذلك ما لم يوجد نص قانوني يقضي بخالف ذلك.
ويتبين من هذا النص أن حق المستأجر في االنتفاع بالعين المؤجرة حق شخصي
وهو من الحقوق المالية التي ليست لصيقة بصاحبها ،لهذا يكون له التصرف فيه كله أو
بعضه ،فيصح للمستأجر التنازل عن حقه في اإلجارة إلى شخص آخر ،كما يصح له أن
يؤجره من الباطن ،أي يستطيع إحالل شخص آخر محله في االنتفاع بالعين المؤجرة أو
على األقل يستطيع إشراكه معه في جزء منها.
ولما كان عقد اإليجار ليس من العقود التي يراعى فيها االعتبار الشخصي ،فإنه
يستمر بين أحد الطرفين وورثة الطرف اآلخر ،وتطبيقا لذلك يكون لورثة المستأجر
حق االستمرار في االنتفاع بالعين المؤجرة مقابل االلتزام بدفع األجرة ،وإذا كان
للمستأجر باعتباره صاحب حق شخصي وطبقا للقواعد العامة ،فإنه يجوز له أن يتنازل
عن هذا الحق بمقابل أو دون مقابل ،ويجوز له كذلك التصرف في حقه بتأجيره لشخص
آخر ،ويوصف تصرفه هذا بأنه إيجار من الباطن ،إال أن التنازل عن اإليجار يختلف
عن التأجير من الباطن من حيث الطبيعة القانونية ،ذلك أن التنازل عن اإليجار ينقل
المستأجر لغيره حقوقه بصفة نهائية ،حيث يحل الغير المتنازل إليه محل المستأجر فيما
له من حقوق وما عليه من التزامات ،أي أن العالقة االيجارية تبقى على ما هي عليه
مع تغير شخص المستأجر ،أما التأجير من الباطن فإنه ينشئ عقد إيجار جديد آخر إلى
جانب العقد األصلي ،فإلى جانب العالقة بين المؤجر والمستأجر األصلي تنشأ عالقة
جديدة بين المستأجر األصلي والمستأجر من الباطن ،ويترتب على اختالف الطبيعة
القانونية لكل منهما آثار أهمها ،أن النزول عن اإليجار ال يصير نافذا قبل الغير ،إال
149
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
بإتباع اإلجراءات المقررة لنفاذ الحوالة قبل الغير ،أي بإعالن المؤجر بها أو بقبولها
إياها في ورقة ثابتة التاريخ ،أما التأجير من الباطن فيكفي في نفاذه قبل المؤجر أن
يكون المحرر المدون هو ثابت التاريخ وهذا مشروط بأال يكون المستأجر األصلي
ممنوع من النزول عن اإليجار أو من التأجير من الباطن.
والتنازل عن اإليجار من جهة أخرى ينقل إلى المتنازل إليه الحق ذاته الذي ثبت
للمستأجر بمقتضى عقد اإليجار بشروطه وأوصافه ،وفي التأجير من الباطن يخول
المؤجر من الباطن حق امتياز على منقوالت المستأجر من الباطن الموجودة بالعين ،أما
التنازل فال يخول المتنازل هذا االمتياز.
ومن جهة أخرى فإن المستأجر من الباطن يجوز له المطالبة بتسليمه العين
المؤجرة صالحة لالنتفاع الذي أجرت من أجله) ، (18أما المتنازل له عن اإليجار فتسلم
العين بالحالة التي عليها وقت النزول عن اإليجار.
يتبين من المادة 595من القانون المدني الجزائري ،أن المشرع قد منع التنازل
عن اإليجار أو التأجير الفرعي كقاعدة عامة ،ما لم تكن هناك موافقة صريحة من
المؤجر،مما يعني أنه ودون موافقته ال يجوز ذلك ،إال إذا وجد نص قانوني يقضي
بخالف ذلك.
ويتبين من نص المادة أيضا أن الشخص المستأجر في عقد اإليجار من حيث
المبدأ ال يؤخذ بعين االعتبار ،باإلضافة إلى أن المتنازل عن اإليجار واإليجار من
الباطن يزيد من ضمانات المؤجر ،ألن المتنازل له والمستأجر من الباطن يصبحان
ملتزمان قبله بجانب المستأجر األصلي ،ويعتبر هذا الحكم قاعدة عامة بالنسبة لعقود
اإليجار أيا كان ا لمحل الذي ترد عليه سواء كان منقوال أم عقارا وهذا الحكم من القواعد
المكملة إلرادة المتعاقدين ،لذلك يجوز االتفاق على ما يخالفه بأن يوجد شرط في العقد
بأن التنازل ال يجوز حتى ولو كانت فيه مصلحة للمؤجر.
ولذلك فإن منع المؤجر المستأجر من التأجير من الباطن أو التنازل عن اإليجار
يجعله مسئوال عن تبعات ذلك أمام المؤجر ،فإذا كان المستأجر بمقتضى شرط في العقد
أو بمقتضى نص من نصوص عقد اإليجار ممنوعا من التنازل عن اإليجار أو التأجير
من الباطن ،فإنه إذا تنازل أو أجر رغم هذا المنع ،كان مخال بالتزام ناشئ عن عقد
إيجار ،ويكون للمؤجر المطالبة وفقا للقواعد العامة التنفيذ العيني أو الفسخ مع
التعويض ،كما يكون له الفرق بين األجرة التي تؤجر بها العين واألجرة األصلية ،وقد
أوضحت المادة 599من القانون المدني الجزائري على أنه في حالة التنازل عن
اإليجار ،يبقى المستأجر ضامنا للمتنازل في تنفيذ التزاماته ،ومع ذلك فإن ذمة المستأجر
األصلي تبرأ قبل المؤجر في حالة ما إذا صدر من المؤجر قبول صريح بالتأجير من
الباطن ،فإذا أقر المؤجر التأجير من الباطن امتنع عليه بعد ذلك مطالبة المستأجر
األصلي بااللتزامات المتولدة عن عقد اإليجار،كما تبرأ ذمة المستأجر قبل المؤجر إذا
142
زيوش مبــروك
استوفى األجرة مباشرة من المستأجر من الباطن دون أن يبدي أي تحفظ في شأن حقوقه
قبل المستأجر األصلي.
وإذا كان في األصل ال تربط المؤجر والمستأجر من الباطن أي عالقة ،فإن قبول
المؤجر اإليجار من الباطن صراحة أو ضمنا يبرئ ذمة المستأجر األصلي قبل المؤجر
وتصبح العالقة بينهما ،هي عالقة مؤجر بمستأجر ،ولكن بقدر ما للمؤجر في عقد
اإليجار األصلي من حقوق والتزامات ،أما إذا لم يقبل المؤجر اإليجار من الباطن ،فإن
كال من المؤجر والمستأجر من الباطن يعتبر أجنبيا عن اآلخر ،فال تقوم بينهما عالقة
مباشرة ،ولكن رعاية لمصلحة المؤجر نص المشرع الجزائري بالمادة 590من القانون
المدني على » أن يكون المستأجر من الباطن ملزما بأن يؤدي للمؤجر مباشرة ما يكون
ثابتا في ذمة المستأجر األصلي وقت أن ينذره المؤجر «.
ومن خالل هذا النص يتبين أن المشرع الجزائري قد أوجد عالقة مباشرة بين
المؤجر والمستأجر من الباطن ولكن فيما يتعلق بالمطالبة باألجرة فقط ،دون سائر
التزامات المستأجر األصلي األخرى.
أما عالقة المستأجر األصلي بالمستأجر من الباطن فيحكمها العقد الذي تم بينهما،
وهو عقد جديد تختلف شروطه عن شروط عقد اإليجار األول ،إال أنه ال يجوز أن تزيد
مدة اإليجار من الباطن عن مدة اإليجار األصلي ،فإن زادت جاز للمؤجر أن يطلب
إخالء المستأجر من الباطن .
أما العالقة بين المستأجر والمتنازل له فإن عقد التنازل يرجع إليه لمعرفة حقوق
والتزامات طرفيه ،فقد يتنازل المستأجر عن كل حقه أو بعضه ،وقد يكون التنازل عن
اإلي جار متضمنا لحوالة حق وحوالة دين ،إذ ينتقل بالتنازل عن االيجارمن المستأجر
إلى المتنازل له جميع الحقوق التي يستمدها المستأجر من عقد اإليجار ،وإن كان
التنازل عن اإليجار بعوض فال يضمن المستأجر أو المحيل إال وجود هذه الحقوق وقت
الحوالة ،أما إذا كان التنازل بال عوض فال يضمن المستأجر حتى وجود هذه الحقوق.
ويترتب على العالقة بين المؤجر والمتنازل له حق مطالبة المؤجر المستأجر من الباطن
األجرة واستعمال العين فيما أعدت له وبالمحافظة عليها.
ويالحظ أخيرا أن التزامات المستأجر وإن انتقلت بمقتضى التنازل إلى المتنازل
إليه فور التنازل ،إال أنها ال تسري في مواجهة المؤجر إال من وقت اإلقرار طبقا
للقواعد العامة ،وهذا مانصت عليه المادة 599من القانون المدني الجزائري.
وأخيرا فإن المستأجر يلتزم ببعض االلتزامات الثانوية من بينها التزامه بدفع
مصاريف عقد اإليجار ،قياسا على المشتري في عقد البيع ،وذلك ما لم يوجد شرط
يقضي بخالف ذلك ،ويدخل في مصاريف عقد اإليجار مصاريف التسجيل ،وإذا كان
األصل أن المستأجر ال يلتزم بدفع الضرائب على العين المؤجرة كما هو منصوص
عليه بالفقرة الثانية من المادة 406من القانون المدني الجزائري ويتحملها المؤجر،
شأنها شأ ن التكاليف األخرى التي تترتب على العين المؤجرة ،إال أنه يصح أن يشترط
المؤجر على المستأجر أن يقوم بدفعها .
141
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
143
زيوش مبــروك
خطي ،وأن تدفع حسب دورية تحددها األطراف المعنية بعقد االعتماد االيجاري .وقد
تأكد هذا االلتزام بالمادة 36من نفس األمر،حين اعتبرت أن المستأجر ملزم بالقيام
بااللتزامات الخاصة بالمستأجر والتي ينص عليها القانون المدني مقابل حق االنتفاع
الذي يمنحه إياه المؤجر ،ضمن عقد االعتماد االيجاري لألصول غير المنقولة ما لم
يوجد اتف اق بين المتعاقدين يفضي بخالف ذلك ،السيما االلتزامات اآلتية:االلتزام بدفع
اإليجارات حسب السعر والمكان والتواريخ المتفق عليها ،كما تعرضت المادة 11من
نفس األمر على أنه في حالة عدم قدرة المستأجر على الوفاء ،يتم إثباتها قانونا من
خالل عدم دفع قسط واحد من اإليجار ،أو في حالة حل بالتراضي أو قضائي أو تسوية
قضائية أو إفالس المستأجر ال يخضع األصل المؤجر ألية متابعة من دائني
المستاجرالعاديين أو االمتيازيين مهما كان وضعهم القانوني وصفتهم.
كما تعرضت المادة 13من نفس األمر إلى أنه باإلضافة إلى الضمانات التعاقدية
المتحصل عليها عند اللزوم يتمتع المؤجر من أجل تحصيل مستحقاته الناشئة عن عقد
االعتماد االيجاري لألصل والملحقات بحق امتياز عام على كل األصول المنقولة التي
هي للمستأجر ومستحقاته واألموال الموجودة بحسابه ،حيث يلي هذا االمتياز مباشرة
االمتيازات المنصوص عليها بالمادتين 669و662واالمتيازات الخاصة باألجراء.
ونصت الفقرة الثانية من المادة 12بعد أن تعرضت الفقرة األولى منها إلى حالة
الفسخ التعسفي من قبل المستأجر ،أن القاضي يفصل في دفع اإليجارات المتبقية
والمستحقة ،وكذا التعويض المغطي للخسائر المتحملة وما فاته من كسب حسب مفهوم
المادة 251من القانون المدني.
أما المادة 15من األمر 96/69فقد أجازت للمؤجر ألجل المحافظة على
مستحقاته على المستأجر أن يتخذ جميع إجراءات الحجز التحفظي على منقوالت
المستأجر وعقاراته ،حسب األشكال األخرى المنصوص عليها في القانون.
وبناء عليه يترتب على المستأجر وفقا للقواعد العامة التزاما بدفع بدل اإليجار
المتفق عليه إلى المؤجر لقاء انتفاعه بما أجر له حتى انتهاء مدة العقد ،ويقصد باألجرة
المال الذي يلتزم بدفعه إلى المؤجر وقد سمته المادة 24من األمر المذكور أعاله بأنه
مبلغ إيجارات وعرفته المادة 31بأن مقابل حق االنتفاع تدفع مبالغ محددة كإيجارات.
وبحسب القواعد العامة فإن المشرع الجزائري أجاز أن تكون أجرة اإليجار
نقودا ،أو تقديم أي عمل آخر مما يعني جواز أن تكون األجرة عبارة عن منفعة أو دين،
وتشترط القواعد العامة في األجرة أن تكون ماال مشروعا وحقيقيا .
144
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
وإذا كان هذا التوجه في القواعد العامة قائما ،إال أن المشرع الجزائري بالمادة
31وبالرغم من أنه سمى ما يلتزم به المستأجر مقابال ،إال أنه حدده بعد ذلك بالمبالغ
المحددة كإيجارات في عقد االعتماد االيجاري ،وال يمكن فهم ذلك إال في إطار
خصوصية عقد االعتماد االيجاري الذي ال يقبل األجرة ،إال كونها مبلغا ماليا يدفعه
المستأجر للمؤجر مقابل حق االنتفاع.
وإذا كانت القواعد العامة تترك ألطراف العقد حرية االتفاق على األجرة ،من
حيث قدرها وكيفية دفعها ومواعيدها ،فإن األمر قد يختلف في عقد االعتماد االيجاري،
حيث تلعب عدة عوامل في تحديد مقدار األجرة وكيفية دفعها وترتبط هذه العوامل
بفكرة االعتماد االيجاري ،إذ أنه ائتمان شامل لتغطية قيمة المشروع االستثماري،حيث
يغطي التمويل كامل القيمة ،ومن هنا كان على المؤجر استرداد القيمة كلها في فترة
استغالل الشيء المؤجر مع تحقيق ربح من خالل األقساط االيجارية ) ،(19ولذلك
كانت أقساط األجرة المدفوعة من قبل المستأجر للمؤجر أكثر قيمة من األقساط التي
يدفعها المستأجر في عقد اإليجار العادي ،وذلك نظرا للوظيفة التمويلية لعقد االعتماد
االيجاري ،من حيث أنه يدخل في حساب األجرة استرداد كامل القيمة ،وال يتأتى هذا إال
عن طريق احتساب مقابل االنتفاع إضافة إلى النسبة المئوية لألرباح المتوقعة للمؤجر
،مضافا إليها كافة المصاريف اإلدارية التي يدفعها المؤجر(20).
ووفقا للمبدأ القائل أن اآللة تدفع ثمنها من عوائدها فإنه ال يشترط في األقساط أن
تكون متساوية القيمة بل يمكن أن تكون بطريقة متدرجة في شكل تنازلي متناقصة
المقدار) .(21ويترتب من الناحية القانونية من كون اآللة تدفع ثمنها من عوائده ،إمكانية
تعديل القيمة االيجارية نتيجة تخفيض ثمن المال المؤجر ألي سبب من األسباب،
والتعديل يكون بالزيادة أو النقصان وعادة ما يتم االتفاق عليه بين الطرفين وهذا الشرط
وقد أشار المشرع جائز من الناحية القانونية ،وقد أجازه القضاء الفرنسي(22).
الجزائري بالمادة 25من األمر 96/69إلى أن مبالغ اإليجار تكون محددة بطريقة
متناقصة أو بطريقة خطية،على أن يكون االتفاق هو المحدد لعملية الدفع لها بشكل
دوري ،كما أكدت المادة 31من نفس األمر ضرورة التزام المستأجر بدفع أقساطها
بحسب التواريخ المتفق عليها ،أي أن المستأجر والمؤجر قد يتفقا على مواعيد سداد
أقساط اإليجار ،أقساطا شهرية أو فصلية أو سنوية وفقا لما يتناسب مع قدرة المستأجر
على الدفع .
وقد أحالت المادة 36من نفس األمر إلى االتفاق الذي يحصل بين الطرفين
بخصوص المبلغ والمكان والتواريخ التي تدفع فيها أقساط األجرة ،وبذلك يكون المشرع
الجزائري قد أحسن صنعا عند ترك الحرية للطرفين في شأن تعديل األجرة بالزيادة أو
النقصان مراعاة لخصوصية عقد االعتماد االيجاري.
وعموما يتم تحديد بد ل اإليجار في عقد االعتماد االيجاري على أساس مدة ذلك
145
زيوش مبــروك
149
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
تقنية مالئمة لالستعمال ،وبالتالي يمتنع على المستأجر إساءة استعمال األصول المؤجرة
باستعمالها بصورة غير طبيعية.
واستعمال المستأجر لتلك األصول إنما يكون وبحسب ما نصت عليه المادة 35
من األمر 96/69وماأكدته الفقرة السابعة من المادة 36منه استعمال رب األسرة
الحريص الذي عليه أن يتقيد بكافة أوجه االستعمال المحددة له.
وإذا كانت القواعد العامة تقضي بأن التزام المستأجر بالحفاظ على األصول
المؤجرة هو التزام ببذل العناية التي يبذلها الشخص العادي ،كما نصت على ذلك المادة
465من القانون المدني ،فإن نصي المادتين 35و 36من األمر 96/69المتضمن عقد االعتماد
االيجاري قد حددتا معيار العناية التي يبذلها المستأجر في عقد االعتماد االيجاري للحفاظ على
األصل المؤجر بعناية رب األسرة الحريص ،وبالنظر إلى الشروط العامة في عقود االعتماد
اإليجاري واألحكام المقررة بموجب القانون ،فإننا نجد أن المستأجر يلتزم بكافة المخاطر
المتعلقة باألصول المؤجرة له ،كما أنه يلتزم بصيانتها وهو ملتزم بتبعة الهالك ،ويبقى
مسئوال عن التزامه التعاقدي مع المؤجر حتى نهاية العقد ،وإذا لم يستعمل المستأجر حق
الخيار بشراء األصل ،فإنه يلتزم برده بحسب الحالة المبينة في العقد ،وتكاد أن تبرز هذه
األحكام أن التزام المستأجر في عقد االعتماد اإليجاري ،هو التزام بتحقيق نتيجة من
حيث سالمة األصل المؤجر إلى حين انتهاء مدة العقد.
وإذا راجعنا القواعد العامة في ذلك ،فإننا نجد أن المستأجر يكون مسئوال عما
يصيب الشيء المؤجر من تلف أو هالك أثناء انتفاعه به ،إال إذا اثبت أن الهالك لم يكن
بسبب خطا منه أو من أتباعه ،ويكفي في ذلك أن يقيم الدليل على قيامه بالعناية
المطلوبة للحفاظ على األصل المؤجر ،وتنفي أيضا مسؤوليته إذا استطاع إثبات أن
الهالك أو التلف كان بسبب القوة القاهرة أو بسبب من المؤجر ذاته ،أو كان بسب
االستعمال العادي والمألوف لألصل المؤجر.
وإذا أردنا تطبيق هذه القواعد العامة على عقد االعتماد االيجاري ،فإننا نجد أنه
ال يمكن لنا إعمالها وتطبيقها ،إذ نجد أن المستأجر في عقد االعتماد االيجاري يكون
مسئوال تجاه المؤجر حتى ولو هلك الشيء المؤجر بفعل القوة القاهرة ،وأن المستأجر
مسئول عن أي هالك لألصل المؤجر ،ماعدا ما كان بسبب من المؤجر ذاته ،كما نصت
على ذلك الفقرة 5من المادة 35من األمر ، 96/69ويتأكد من نص المادة 39من نفس
األمر ،أن التزام المستأجر في الحفاظ على الشيء المؤجر يعتبر التزاما مشددا يقتضي
منه أن يعيد الشيء المؤجر له للمؤجر في حالة عدم تملكه طبقا للحالة المبينة في العقد،
وأن يكون صالحا لالستعمال ،على الرغم من أن ذلك يعد صعبا من الناحية العملية
نتيجة استعمال األصل المؤجر ،والمشرع الجزائري بين بمقتضى المادة 39من األمر
المنوه عنه أعاله حالة رد األصل ،بأن يكون في حالة اشتغال واستعمال توافق حالة
أصل مماثل وحسب عمره االقتصادي ،مما يعني اعتراف المشرع الجزائري باستحالة
رد الشيء المؤجر كما كان عند إبرام العقد ،واكتفى بأن يكون في حالة اشتغال تعادل
140
زيوش مبــروك
أي أصل يماثله اعتمادا على العمر االقتصادي له ،ويكون المشرع الجزائري بذلك قد
راعى تقادم اآلالت وإنتاجيتها.
ومن االلتزامات المتفرعة عن التزام المستأجر بالحفاظ على الشيء المؤجر
التزامه بعدم تغيير معالمه ،وقد نصت الفقرة الخامسة من المادة 36من االمر96/69
على هذا االلتزام ،والحقيقة أن هذا االلتزام حددته القواعد العامة لعقد اإليجار ،إذ نصت المادة
461من القانون المدني الجزائري على أنه ال يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين
المؤجرة تغييرا بدون إذن المؤجر ،إال إذا كان هذا التغيير ال ينشأ عنه أي ضرر.
وإذا كانت القواعد العامة تنطبق على المستأجر في عقد االعتماد االيجاري ،إال
أنه ال يكون للمستأجر أن يرجع على المؤجر بما أنفقه من إصالحات سواء كانت هذه
اإلصالحات عائدة لمنفعة المؤجر أو لمصلحة المستأجر شخصيا ومن ثم يتحمل هذه
النفقات وفقا للفقرة 22من نص المادة 36من األمر ،96/69وتجري عقود االعتماد
اإليجاري على تضمينها بندا يلزم بمقتضاه المستأجر بأن أي صيانة يقوم بها تستلزم
تبديل أو إضافة أجزاء أخرى للشيء المؤجر السيما في مجال عقد االعتماد اإليجاري
الذي يكون محله منقوال ،فإنها تعتبر ملكا للمؤجر دون أن يكون للمستأجر حقا في
استرداد ما يكون قد تكبده من مصروفات،ويعد ذلك تطبيقا للقواعد العامة ،حيث تصبح
كل إضافة ملكا للمؤجر وفقا ألحكام االلتصاق في المنقوالت المنصوص عليها بالمادة
062من القانون المدني الجزائري ،على أنه إذا التصق منقوالن لمالكين مختلفين بحيث
ال يمكن فصلهما دون تلف ،قضت المحكمة إن لم يكن هناك اتفاق بين المالكين
مسترشدة بقواعد العدالة ومراعية في ذلك الضرر الذي حدث وحالة الطرفين وحسن
نية كل منهما.
وبتطبيق مفهوم المخالفة فإنه يجوز للطرفين االتفاق على تحديد مصير ملكية
المنقوالت بحيث يتضمن االتفاق بأن كل ما يضيفه المستأجر إلى المأجور إذا كان منقوال
يصبح ملكا للمؤجر ،أما إذا كان عقد االعتماد اإليجاري منصبا على عقار ،فإن كان الهالك
للبناء كليا أو جزئيا بأي سبب من األسباب ماعدا ما كان راجعا للمؤجر ،فإن المستأجر وفقا
لقواعد االعتماد االيجاري ملزم بتحمل تبعة هالك المؤجر ،كما أنه ملزم بصيانته
وإصالحه وعلى نفقته وملزم بإعادة الشيء المؤجر إلى ما كان عليه(24).
أما إذا كان ما أضافه المستأجر بناء أو غراسا أو أية منشات أخرى فكل ما
يضيفه المستأجر للشيء المؤجر يكون ملكا للمؤجر ،لطبيعة عقد االعتماد االيجاري
التي تجعل ملكية األصل ،ضمان الستيفاء المؤجر حقه في الحصول على األجرة
والثمن المحدد في العقد ،وبالتالي ال يكون للمستأجر الرجوع على المؤجر بما أنفق.
ومما الشك فيه فإن هذه المسألة ال تثار إذا ما انتهى عقد االعتماد اإليجاري
باستعمال المستأجر خيار شراء وتملك الشيء المؤجر ،حيث يتملك ما أجر له وما
أضافه له ،ولن تكون هناك زيادة في الثمن لكونه محدد بالعقد مسبقا .
وإذا كان المشرع الجزائري باألمر رقم 96/69لم يشر إلى أحكام تغير معالم
الشيء المؤجر ،فإن االلتزام يبقى مفروضا على المستأجر باعتباره التزاما يدخل في
145
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
إطار المحافظة على الشيء المؤجر ،ويتعين تطبيق األحكام المتعلقة بتحمل المستأجر
تبعة الهالك ،كما يتعين تطبيق القواعد العامة بخصوص تغيير األصل المؤجر
باإلضافة أو النقصان الذي قد يضر بقيمة األصل.
وقد أكد المشرع الجزائري ماهو منصوص عليه بالقواعد العامة حين أوجب
بالفقرة الخامسة من المادة 36من األمر 96/69تعديالت على األصول المؤجرة بدون
إذن من المؤجر .
وتحرص شركات االعتماد االيجاري على إدراج بند بمقتضاه ،يتعهد المستأجر
بعدم إحداث أي تغيير أو تحويل للمعدات موضوع العقد ،وإلزامه بالحصول على
الموافقة المسبقة من المؤجر في حالة اضطراره إلحداث أي تغيير أو تحويل ،مع
احتفاظ شركة االعتماد االيجاري بحق تملك أية ملحقات أو قطع تضم لألصول المؤجرة
.
ومن أجل ضمان شركة االعتماد االيجاري احترام المستأجر اللتزامه بحسن
استعمال األصول المؤجرة وعدم إجراء أية تعديالت علي ها فرضت الفقرة الثانية من
المادة 33من األمر 96/69على المستأجر السماح للمؤجر خالل مدة اإليجار بالدخول
إلى المحالت التي يوجد بها األصل المنقول حتى يتسنى للمؤجر من مراقبة حالة هذا
األصل ،ولهذا تحرص شركات االعتماد االيجاري بوضع هذا النص ضمن بنود عقود
االعتماد االيجاري المبرمة مع المستأجرين.
-3التزام المستأجر بالصيانة:
تقضي القواعد العامة بالتزام المؤجر بصيانة الشيء المؤجر وملحقاته وهذا ما
نصت عليه المادة 406من القانون المدني إذ يحمل المشرع مسؤولية الصيانة للمؤجر
مع تحمل كافة نفقات أي إصالح أو صيانة ،إال أنه بالرجوع إلى قانون االعتماد
اإليجاري فإن هذا االلتزام ينقل إلى المستأجر ،بل ويتحمل هذا األخير لوحده تبعة هالك
الشيء المؤجر وقد نصت المادة 33من األمر 96/69على ذلك حيث نصت على أنه
يمكن أن يضع العقد على عاتق المستأجر االلتزام بالحفاظ على الشيء المؤجر
وصيانته ،إذا كان محل العقد أصوال منقولة ،وقد تأكد ذلك أيضا بنص الفقرة السابعة
من نص المادة 36من نفس األمر.
ويرجع انتقال هذا االلتزام من المؤجر في القواعد العامة إلى المستأجر في عقد
االعتماد اإليجاري إلى طبيعة هذا العقد الخاصة ،ويبرر الفقه الفرنسي ذلك بأن ملكية
األصل تنتقل في النهاية إلى المستأجر عند استعمال خيار الشراء ومن ثم فال مبرر في
أن يتحمل المؤجر هذه النفقات ،وال يوجد ما يمنع من تحمل المستأجر تبعات الملكية
منذ بدأ انتفاعه باألصل). (25
وإذا كانت القواعد العامة التلزم المستأجر باإلصالحات الواجبة على المؤجر،
فإن اإلصالحات الصغرى يتحملها المستأجر كقاعدة عامة ،إال أنه في عقد االعتماد
اإليجاري يتحمل المستأجر القيام بواجب اإلصالحات حتى ولو كانت واجبة حسب
146
زيوش مبــروك
159
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
حالة عدم االتفاق فإن المستأجر ملزم بعدم التنازل عن حقه في االنتفاع وعدم إعادة
تأجير األصل المؤجر دون موافقة صريحة من المؤجر .يتبين من النص المذكور ،أن
المشرع الجزائري منع المستأجر في عقد االعتماد اإليجاري ،من القيام بالتصرفات
السابقة دون موافقة صريحة من المؤجر على ذلك ،ويعد هذا مخالفة للقواعد العامة لعقد
اإليجار العادي حيث يعتبر حق المستأجر قابال للتنازل ،ويجوز له أن يحيل حقه كله أو
بعضه إلى شخص آخر وهذا ما يسمى بالتأجير من الباطن (.(19
إال أن المشرع الجزائري وبنص المادة 595من القانون المدني قد جعل األصل
هو المنع ،واالستثناء اإلجازة إذا وافق المؤجر على ذلك صراحة ،وقد تأكد أصل المنع
أيضا في عقد االعتماد االيجاري بحسب ما أشارت إليه الفقرة 22من المادة 36السالفة
الذكر ،والشك أن شخصية المستأجر في عقد االعتماد االيجاري تعتبر محل اعتبار وأن
لالعتبار الشخصي دور مهم في نظر المؤجر في هذا العقد بخالف ذلك في عقد اإليجار
.
وتجري عقود االعتماد االيجاري على فرض التزام على عاتق المستأجر بعدم
نقل األصول محل العقد إلى مكان آخر غير المكان المخصص والمبين في عقد االعتماد
اإليجاري ،وذلك الرتباط مكان المنقول بظروف تشترطها طبيعته أو طرق استعماله،
وإذا كان محل العقد مركبة فإن عقد االعتماد االيجاري يقيد استعمالها في مكان معين
دون مكان آخر.
وفي سياق قيام عقد االعتماد االيجاري على االعتبار الشخصي ،ال يجوز
للمستأجر إعارة األصل المؤجر إلى الغير سواء كانت بمقابل أو دون مقابل .
وتقضي القواعد العامة أن يلتزم المؤجر تجاه المستأجر بتسليم العين المؤجرة،
وقد أكد المشرع الجزائري ذلك بالمادة 409من القانون المدني ،إال أنه وخروجا عن
القواعد العامة ،فإن المادة 35من األمر ، 96/69وإن جعلت القاعدة العامة في األصل
هي السارية ،واعتبرت المؤجر بصفته صاحب األصل ملزما بالقيام بااللتزامات الملقاة
على عاتق صاحب الملكية ،ومن بينها االلتزام بتسليم األصل المؤجر طبقا
للخصوصيات التقنية المعينة من قبل المستأجر في الحالة وفي التاريخ المتفق عليه ،إال
أنها أجازت االتفاق على خالف ذلك ،وبتطبيق أحكام التسليم الواردة في عقد اإليجار
على عقد االعتماد اإليجاري فإنه يالحظ أنه يفترض أن يتم تسليم المال المؤجر منذ
البداية إلى المؤجر من المورد بمقتضى عقد البيع الذي أبرم بينهما ،حيث تنتقل الملكية
للمؤجر مباشرة ،ومن ثم يقوم المؤجر بتسليم الشيء المؤجر للمستأجر بموجب عقد
اإليجار ،إال أن التسليم في عقد االعتماد اإليجاري يالحظ بأنه تسليم من نوع خاص
حيث أنه يتم مباشرة للمستأجر من البائع المورد ،وبإذن من المؤجر ونيابة عنه ودون
أن يمر الشيء المؤجر في ذمة المؤجر ).(27
وقد ساير المشرع الجزائري هذا التسليم الخاص لألصل المؤجر عند تعرضه
للشروط االختيارية الخاصة في عقد االعتماد االيجاري لألصول المنقولة بالقسم الثالث،
152
زيوش مبــروك
حيث جاء بالفقرة األولى من المادة 20من األمر 96/69على أنه يمكن أن ينص عقد
االعتماد االيجاري باختيار من األطراف المتعاقدة على الشروط المتعلقة بما يأتي...
إعفاء المؤجر من االلتزامات الملقاة عادة على عاتق صاحب ملكية األصل
المؤجر ،وبصفة عامة يعد مقبوال قانونا كل بند يجعل من المستأجر يتكفل بوضع
األصل المؤجر ويتحمل النفقات والمخاطر....
ويشترط في التسليم أن يكون بحسب المواصفات التي تم االتفاق عليها في العقد،
ويحرر بناء على ذلك محضر تقيد فيه عملية التسلم مع بيان حالة الشيء المؤجر
،ومدى مطابقته للشروط والمواصفات التي تم االتفاق عليها .
وقد تعرضت المادة 16من نفس األمر إلى التزام المؤجر بالتسليم ،من حيث
تمتع المستأجر بحق االنتفاع باألصل المؤجر ابتداء من تاريخ التسليم لألصل المؤجر
من قبل المؤجر والمحدد في العقد.
وقد تعرضت الفقرة الثانية من المادة 35من األمر ذاته إلى اعتبار المؤجر
ملزما بالقيام بااللتزامات الملقاة على عاتق صاحب الملكية والمنصوص عليها في
القانون المدني...ما لم يوجد اتفاق بين المتعاقدين يقضي بخالف ذلك السيما االلتزامات
اآلتية :
التزام المؤجر بتسليم األصل طبقا للخصوصيات التقنية المعينة من قبل
المستأجر ،وهذا ما يتفق مع القواعد العامة التي فرضت االلتزام بالتسليم على عاتق
المؤجر ،إال أن المادة 35من األمر 96/69أجازت االتفاق على خالف ذلك.
-6التزام المستأجر برد األصول المؤجرة في نهاية عقد االعتماد االيجاري
يلتزم المستأجر عند انتهاء عقد االعتماد االيجاري بإعادة ما اجر له من أصول
كانت موضوع العقد ،وهذا مانصت عليه الفقرة الرابعة من نص المادة من األمر
،9629/69وما نصت عليه أيضا كالتزام يقع على عاتق المستأجر المادة 39منه ،وهذا
النص يتوافق مع ما تنص عليه القواعد العامة في عقد اإليجار العادي ،وذلك لكون عقد
االعتماد اإليجاري من عقود المدة فهو عقد مؤقت بطبيعته وهذا ما نصت عليه أيضا
المادة 591من القانون المدني الجزائري والتي ألزمت المستأجر برد العين المؤجرة
عند انتهاء مدة اإليجار ،وإذا أبقاها تحت يده دون حق وجب عليه أن يدفع للمؤجر
تعويضا باعتبار القيمة االيجارية للعين وباعتبار ما لحق المؤجر من ضرر .
ويعتبر المستأجر ملزما برد ما أجر له في نهاية اإليجار دون حاجة إلى
إنذار،فإذا تخلف المستأجر عن رد الشيء المؤجر بالرغم من اإلنذار أو أي عمل يدل
على عدم رضى المؤجر بذلك ،فإنه يكون ملزما بالتعويض ).(28
ومما استقل به عقد االعتماد اإليجاري أن الفقه والقضاء الفرنسيان ،اعتبر أنه إذا
لم يختر المستأجر عند نهاية عقد االعتماد اإليجاري شراء األصول ،ولم يرجعها إلى
المؤجر فإنه يكون قد ارتكب جريمة خيانة األمانة.(29) .
وقد أشارت المادة 44من األمر 96/69إلى ضرورة أن يقوم المستأجر برد
األصل المؤجر ،إذا تعذر إبرام عقد إيجار على أن يكون الرد لألصل خال من أي
151
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
شاغل للمكان ودون حاجة إلى تنبيه باإلخالء ،ويمكن في حالة رفض المستأجر اللجوء
إلى القضاء االستعجالي باستصدار أمر يصدره قاضي االستعجال إذا كان محل عقد
االعتماد اإليجاري عقارا ،ويعد اللجوء إلى القضاء االستعجالي في مثل هذه الحاالت
إجراء غير منصوص عليه بالقواعد العامة لعقد اإليجار بخالف قانون االعتماد
اإليجاري ،وذلك لخصوصية هذا العقد.
الخاتمــة:
رأينا من خالل بحثنا هذا أن عقد االعتماد اإليجاري وإن كانت تحكمه القواعد
العامة ،إال أن ذلك ليس بإطالق إذ نجده قد استقل ببعض القواعد غير تلك المنصوص
عليها في القواعد العامة ،ومرد ذلك إنما يكمن في تميز هذا العقد الذي تدخل المشرع
ووضع له أحكاما خاصة به ،بحكم طبيعته الخاصة ووظيفته التمويلية ،وعلى الرغم من
ذلك فإن القواعد العامة وبحسب ما استعرضناه منها في شأن التزامات المستأجر تبقى
تكمل إرادة الطرفين المتعاقدين في عقد االعتماد االيجاري إذا انعدم االتفاق بينهما .
وبناء على ما تم بحثه فقد تبين لنا أن المشرع في عقد االعتماد االيجاري ،ألزم
المستأجر بالتزامات كانت في األصل وبحسب القواعد العامة تقع على عاتق المؤجر،
إال أنه وبحكم أن المؤجر في عقد االعتماد اإليجاري ليس هو ذلك المؤجر في عقد
اإليجار العادي ،على اعتبار أن لألول دورا تمويليا ،وان دور الثاني ال يزيد عن تمكين
المستأجر من منفعة آنية تنتهي بانتهاء مدة العقد ،كما أن عالقة المستأجر بالمؤجر في
عقد االعتماد اإليجاري ال تنتهي بانتهاء العقد ألنه قد يجدد أو تكون بينهما عالقة أخرى
تقوم على التزامات أخرى غير تلك التي كان يحكمها العقد الذي نشأ بينهما ،وقد تبين
لنا من خالل بحثنا أن التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري تتجه إلى التشديد
وحمله على تحمل التزامات أخرى كانت بمقتضى القواعد العامة يتحملها المؤجر ،وهذا
في حد ذاته يعد خروجا عن القواعد العامة.
ونستخلص في األخير من كل ما تم بحثه أن نطاق القواعد العامة يتضاءل
في عقد االعتماد االيجاري ،ويكون أكثر انحسارا بسبب تنظيم المشرع لعقد االعتماد
اإليجاري اللتزامات المستأجر بنصوص خاصة ،وبسبب أن القواعد العامة ال تحقق ما
يكفي المؤجر لتعزيز حرصه على سالمة الشيء المؤجر للمستأجر طيلة مدة عقد
اإليجار إلى غاية انتهائه فسخا أو تمديدا أو شراء للشئ المؤجر .
المراجـع
-2علي سيد قاسم ،الجوانب القانونية لإليجار التمويلي ،دار النهضة العربية ، 2669ص 9وأيضا
153
زيوش مبــروك
الياس ناصيف البند الجزائي في القانون المقارن وعقد الليزنغ ،سلسلة أبحاث قانونية مقارنة 2662
ص 240وفايز نعيم رضوان عقد التأجير التمويلي الطبعة الثانية 2660ص ،16وحسام عبد الغني
الصغير،اإليجار التمويلي 2664دار النهضة العربية ص ،3ومحمود محمد فهمي ،المالمح الرئيسية
للقانون رقم 65لسنة 2665والئحته التنفيذية بحث مقـدم لندوة التأجير التمويلي .وفي هذا المعنى أيضا
في الفقه الفرنسي :
- GAVALDA Christian& STOUFLET Jean, droit bancaire, Litec,3éme éd ,
Paris , p 25, 2660 .
2- MALAURIE Philipe & AYNES Laurent, un bail qui garantit un crédit,
cours de droit civil tomeIII , les contrats spéciaux civils et commerciaux, Cujas
Paris,11ed, 1998,p 454 .
154
نطاق القواعد العامة على التزامات المستأجر في عقد االعتماد االيجاري
155