رموز الإفخارستيا في 12العهد القديم

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 63

‫رموز اإلفخارستيا في العهد القديم‬

‫ما هي معني كلمة اإلفخارستيا؟‬


‫اإلفخارستيا باإلنجليزية ‪ Eucharist‬اصلها كلمة يونانية ‪،‬‬
‫و بالقبطية اإلفخارستيا معناها الشكر و ‪،‬‬ ‫‪ή εύχαριστία‬‬
‫تطلق علي سر التناول و سر الشكر و سر الشركة كسر الخبز و‬
‫‪ .‬العشاء الربانى و العشاء السرى‬
‫وتعني "الشكر"‪ ،‬ألن الفعل األساسي الذي قدمه المسيح لألب في‬
‫ش َك َر‬
‫يوم تأسيسه لهذا السر في يوم خميس العهد هو الشكر" َو َ‬
‫اصنَ ُعوا‪W‬‬‫سو ُر ألَ ْجلِ ُك ُم‪ْ .‬‬ ‫«خ ُذوا ُكلُوا ه َذا ه َُو َج َ‬
‫س ِدي ا ْل َم ْك ُ‬ ‫فَ َك َّ‬
‫س َر‪َ ،‬وقَا َل‪ُ :‬‬
‫ه َذا لِ ِذ ْك ِري"‪ 1(.‬كرونثوس‪ 11‬اية ‪)24‬‬
‫ب»‪«.‬‬ ‫سلَّ ُم لِيُ ْ‬
‫صل َ َ‬ ‫ان يُ َ‬
‫س ِ‬‫اإل ْن َ‬ ‫ون أَنَّهُ بَ ْع َد يَ ْو َم ْي ِن يَ ُكونُ ا ْلفِ ْ‬
‫ص ُح‪َ ،‬وا ْبنُ ِ‬ ‫تَ ْعلَ ُم َ‬
‫(متي ‪ )2 :26‬وأيضا‪ W‬ألن هذا السر المقدس هو أعظم تعبير عن‬
‫‪.‬الشكر تقدمه الكنيسة للمسيح له المجد‬

‫سر الشكر او اإلفخارستيا‬


‫نؤمن ان سر التناول‪ W‬يمنحنا الغفران و التقديس و الثبات و **‬
‫االتحاد بالمسيح و الحياة االبدية و اتحاد اعضاء الكنيسة في جسد‬
‫‪.‬واحد‬

‫‪:‬التعريف بالسر ‪+‬‬

‫‪1‬‬
‫‪1‬‬
‫فيه يتناول المؤمن جسد السيد المسيح و دمه األقدسين‪ ،‬تحت‬
‫‪.‬شكلي الخبز و الخمر‬

‫‪:‬الوعد بالسر ‪+‬‬


‫ب َد ِمي فَلَهُ َحيَاةٌ أَبَ ِديَّةٌ‪،‬‬‫س ِدي َويَش َْر ُ‬ ‫َمنْ يَأْ ُك ُل َج َ‬
‫ب‬‫ق َو َد ِمي َمش َْر ٌ‬ ‫س ِدي َمأْ َك ٌل َح ٌ‬ ‫َوأَنَا أُقِي ُمهُ فِي ا ْليَ ْو ِم األَ ِخي ِر‪،‬ألَنَّ َج َ‬
‫س ِدي َويَش َْر ْب َد ِمي يَ ْثبُتْ فِ َّي َوأَنَا فِي ِه‪َ .‬ك َما أَ ْر َ‬
‫سلَنِي‬ ‫َحقٌ‪َ .‬منْ يَأْ ُك ْل َج َ‬
‫ب‪ ،‬فَ َمنْ يَأْ ُك ْلنِي فَ ُه َو يَ ْحيَا بِي‪(.‬يو‪ 6‬من اية‬ ‫اآلب ا ْل َح ُّي‪َ ،‬وأَنَا َح ٌّي بِاآل ِ‬ ‫ُ‬
‫‪54‬الي ‪)57‬‬
‫‪:‬تأسيس السر ‪+‬‬
‫اسس السيد المسيح هذا السر أالمه( َوفِي َما ُه ْم‬
‫س َر َوأَ ْعطَى التَّالَ ِمي َذ َوقَا َل‬ ‫ع ا ْل ُخ ْب َز‪َ ،‬وبَ َ‬
‫اركَ َو َك َّ‬ ‫سو ُ‬ ‫‪:‬يَأْ ُكلُ َ‬
‫ون أَ َخ َذ يَ ُ‬
‫ش َك َر َوأَ ْعطَا ُه ْم قَائِالً‪:‬‬ ‫س َو َ‬ ‫‪.‬وأَ َخ َذ ا ْل َكأْ َ‬
‫س ِدي َ‬‫ُخ ُذوا ُكلُوا‪ .‬ه َذا ه َُو َج َ‬
‫سفَ ُك ِمنْ‬‫اش َْربُوا ِم ْن َها ُكلُّ ُك ْم‪،‬ألَنَّ ه َذا ه َُو َد ِمي الَّ ِذي لِ ْل َع ْه ِد ا ْل َج ِدي ِد الَّ ِذي يُ ْ‬
‫ين لِ َم ْغفِ َر ِة ا ْل َخطَايَا‪( .‬مت ‪ 26‬من اية ‪ 26‬الي ‪)28‬‬ ‫أَ ْج ِل َكثِي ِر َ‬
‫ممارسات الكنيسة االولي‪+:‬‬
‫احدٌ‪،‬‬
‫س ٌد َو ِ‬
‫احدٌ‪َ ،‬ج َ‬ ‫يقول القديس بولس "فَإِنَّنَا نَ ْحنُ ا ْل َكثِي ِر َ‬
‫ين ُخ ْب ٌز َو ِ‬
‫اح ِد"‪ 1(.‬كو‪ 10‬اية ‪)17‬‬ ‫ألَنَّنَا َج ِمي َعنَا نَ ْ‬
‫شتَ ِر ُك فِي ا ْل ُخ ْب ِز ا ْل َو ِ‬
‫‪:‬اقوال االباء االولين ‪+‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫كونوا غيورين مواظبين علي سر الشكر الن جسد ربنا يسوع"‬
‫المسيح واحد و الكأس واحده في جسده الواحد"‪( .‬اغناطيوس‬
‫‪.‬األنطاكي استشهد ‪107‬م)‬

‫‪ :‬إيمان الكنيسة األرثوذكسية ‪+‬‬


‫تؤمن الكنيسة األرثوذكسية أنه بعد حلول‬
‫الروح القدس على الخبز و عصير الكرمة و تقديسهما فقد تحوال‬
‫‪.‬سراً إلى جسد المسيح و دمه األقدسين‬
‫ع‬
‫سو ُ‬ ‫أ) كالم السيد المسيح نفسه‪َ ":‬وفِي َما ُه ْم يَأْ ُكلُ َ‬
‫ون أَ َخ َذ يَ ُ‬
‫«خ ُذوا ُكلُوا‪ .‬ه َذا ه َُو‬ ‫س َر َوأَ ْعطَى التَّالَ ِمي َذ َوقَا َل‪ُ :‬‬ ‫اركَ َو َك َّ‬ ‫ا ْل ُخ ْب َز‪َ ،‬وبَ َ‬
‫ش َك َر َوأَ ْعطَا ُه ْم قَائِالً‪« :‬اش َْربُوا ِم ْن َها ُكلُّ ُك ْم‪،‬‬ ‫س َو َ‬ ‫س ِدي»‪َ .‬وأَ َخ َذ ا ْل َكأْ َ‬ ‫َج َ‬
‫سفَ ُك ِمنْ أَ ْج ِل َكثِي ِر َ‬
‫ين‬ ‫ألَنَّ ه َذا ه َُو َد ِمي الَّ ِذي لِ ْل َع ْه ِد ا ْل َج ِدي ِد الَّ ِذي يُ ْ‬
‫لِ َم ْغفِ َر ِة ا ْل َخطَايَا‪( . ".‬مت ‪ 26‬من اية ‪ 26‬الي ‪)28‬‬
‫ب) موقف تالميذ المسيح ‪ :‬إن تالميذ السيد المسيح فهموا المعنى‬
‫المقصود من كالم المسيح عن جسده و دمه الحقيقين اللذين‬
‫ون ِمنْ تَالَ ِمي ِذ ِه‪ ،‬إِ ْذ‬
‫يقدمها لهم حتى قال بعضهم لبعض ‪ :‬فَقَا َل َكثِي ُر َ‬
‫س َم َعهُ؟» (إنجيل‬ ‫ب! َمنْ يَ ْق ِد ُر أَنْ يَ ْ‬ ‫س ِم ُعوا‪« :‬إِنَّ ه َذا ا ْل َكالَ َم َ‬
‫ص ْع ٌ‬ ‫َ‬
‫يوحنا ‪ )60 :6‬و رجع كثيرون من تالميذ ألنهم استصعبوا هذا‬
‫‪.‬األمر‬

‫‪1‬‬
‫‪3‬‬
‫س ‪W‬تْ ِه َي‬ ‫س ا ْلبَ َر َك ِة الَّتِي نُبَا ِر ُك َه‪WW‬ا‪ ،‬أَلَ ْي َ‬‫د) أقوال القديس بولس ‪َ ":‬كأْ ُ‬
‫ش ‪ِ W‬ر َكةَ َج َ‬
‫س ‪ِ W‬د‬ ‫‪W‬و َ‬ ‫س ُه‪َ W‬‬ ‫س ‪ُ W‬رهُ‪ ،‬أَلَ ْي َ‬‫يح؟ ا ْل ُخ ْب ‪ُ W‬ز الَّ ِذي نَ ْك ِ‬‫س‪ِ W‬‬ ‫ش ‪ِ W‬ر َكةَ َد ِم ا ْل َم ِ‬ ‫َ‬
‫يح؟ "(‪ 1‬كو ‪. )10 :16‬‬ ‫س ِ‬ ‫ا ْل َم ِ‬
‫ستِ ْحقَاق‪" ،‬‬ ‫ُون ا ْ‬ ‫س ال َّر ِّب‪ ،‬بِد ِ‬ ‫ب َكأْ َ‬ ‫ي َمنْ أَ َك َل ه َذا ا ْل ُخ ْب َز‪ ،‬أَ ْو َ‬
‫ش ِر َ‬ ‫إِ ًذا أَ ُّ‬
‫سهُ‪،‬‬ ‫سانُ نَ ْف َ‬ ‫اإل ْن َ‬
‫س ِد ال َّر ِّب َو َد ِم ِه‪َ .‬ول ِكنْ لِيَ ْمت َِح ِن ِ‬ ‫يَ ُكونُ ُم ْج ِر ًما فِي َج َ‬
‫ب‬‫س‪ .‬ألَنَّ الَّ ِذي يَأْ ُك ُل َويَش َْر ُ‬ ‫ب ِم َن ا ْل َكأْ ِ‬ ‫َوه َك َذا يَأْ ُك ُل ِم َن ا ْل ُخ ْب ِز َويَش َْر ُ‬
‫س َد ال َّر ِّب‪.‬‬ ‫س ِه‪َ ،‬غ ْي َر ُم َميِّ ٍز َج َ‬ ‫ب َد ْينُونَةً لِنَ ْف ِ‬ ‫ستِ ْحقَاق يَأْ ُك ُل َويَش َْر ُ‬ ‫ُون ا ْ‬ ‫بِد ِ‬
‫ُون‪ .‬ألَنَّنَا‬‫ون يَ ْرقُد َ‬ ‫ضى‪َ ،‬و َكثِي ُر َ‬ ‫ض َعفَا ُء َو َم ْر َ‬ ‫ون ُ‬ ‫ِمنْ أَ ْج ِل ه َذا فِي ُك ْم َكثِي ُر َ‬
‫سنَا لَ َما ُح ِك َم َعلَ ْينَا‬ ‫"‪،‬لَ ْو ُكنَّا َح َك ْمنَا َعلَى أَ ْنفُ ِ‬
‫هل بعد كل هذه اآليات التحذيرية و التوضيحية ؟ هل من الممكن أن*‬
‫السيد المسيح يعطينا خبزاً و عصيراً بسيطين و يحاسبنا على أنهما‬
‫جسده و دمه الحقيقان ؟‬
‫‪ :‬ه) أقوال‪ W‬اآلباء األولين‬
‫ق‪W‬ا‪W‬ل‪ W‬ا‪W‬ل‪W‬ق‪W‬د‪W‬ي‪W‬س‪ W‬ي‪W‬و‪W‬ح‪W‬ن‪W‬ا‪ W‬ذ‪W‬ه‪W‬ب‪W‬ى‪ W‬ا‪W‬ل‪W‬ف‪W‬م‪ 407 -347( W‬م)‪ " :‬كم منكم يقول *‬
‫اآلن ليتنى كنت أرى هيئة الرب و شكله و مالبسه ‪ ،‬أنت تنظره و‬
‫تلمسه و تأكله هو نفسه و أنت تشتهي أن ترى مالبسه ‪ ،‬مع أنه هو‬
‫يعطيك ذاته ال تراه فقط بل لتلمسه أيضا ً و لتأكله و تأخذه فى داخلك‬
‫‪".‬‬

‫‪ :‬فاعلية السر ‪+‬‬


‫ب‬‫س َ‬ ‫ا) الغفران‪َ " :‬و ُك ُّل ش َْي ٍء تَ ْق ِريبًا يَتَطَ َّه ُر َح َ‬
‫ص ُل َم ْغفِ َرة!" (عب‪)22: 9‬‬‫س ْف ِك َد ٍم الَ ت َْح ُ‬ ‫ُون َ‬ ‫النَّا ُمو ِ‬
‫س بِالد َِّم‪َ ،‬وبِد ِ‬
‫‪1‬‬
‫‪4‬‬
‫سلَ ْكنَا فِي النُّو ِر َك َما ه َُو‬ ‫ب ) التطهير ‪َ ":‬ول ِكنْ إِنْ َ‬
‫يح ا ْبنِ ِه‬
‫س ِ‬ ‫سو َع ا ْل َم ِ‬ ‫ض‪َ ،‬و َد ُم يَ ُ‬ ‫ضنَا َم َع بَ ْع ٍ‬ ‫ش ِر َكةٌ بَ ْع ِ‬ ‫فِي النُّو ِر‪ ،‬فَلَنَا َ‬
‫يُطَ ِّه ُرنَا ِمنْ ُك ِّل َخ ِطيَّ ٍة‪ 1(".‬يو ‪)7 :1‬‬
‫ضا‪ ،‬لِ َك ْي يُقَد َ‬
‫ِّس‬ ‫ع أَ ْي ً‬ ‫سو ُ‬ ‫ج)التقديس ‪ ":‬لِذلِكَ يَ ُ‬
‫ب‪( ".‬عب ‪)12 :13‬‬ ‫س ِه‪ ،‬تَأَلَّ َم َخا ِر َج ا ْلبَا ِ‬ ‫ب بِ َد ِم نَ ْف ِ‬
‫ش ْع َ‬ ‫ال َّ‬
‫س ِدي َويَش َْر ْب‬ ‫د) الثبات في المسيح‪َ " :‬منْ يَأْ ُك ْل َج َ‬
‫َد ِمي يَ ْثبُتْ فِ َّي َوأَنَا فِي ِه‪( ".‬يو ‪)56 :6‬‬
‫ى)اتحاد أعضاء الكنيسة في جسد واحد‪َ ":‬كأْ ُ‬
‫س‬
‫يح؟ ا ْل ُخ ْب ُز الَّ ِذي‬ ‫س ِ‬ ‫ش ِر َكةَ َد ِم ا ْل َم ِ‬ ‫ستْ ِه َي َ‬ ‫ا ْلبَ َر َك ِة الَّتِي نُبَا ِر ُك َها‪ ،‬أَلَ ْي َ‬
‫ين ُخ ْب ٌز‬ ‫يح؟ فَإِنَّنَا نَ ْحنُ ا ْل َكثِي ِر َ‬ ‫س ِ‬ ‫س ِد ا ْل َم ِ‬ ‫ش ِر َكةَ َج َ‬ ‫س ه َُو َ‬ ‫س ُرهُ‪ ،‬أَلَ ْي َ‬ ‫نَ ْك ِ‬
‫اح ِد‪ 1( ".‬كو‬ ‫شتَ ِر ُك فِي ا ْل ُخ ْب ِز ا ْل َو ِ‬ ‫احدٌ‪ ،‬ألَنَّنَا َج ِمي َعنَا نَ ْ‬ ‫س ٌد َو ِ‬ ‫احدٌ‪َ ،‬ج َ‬ ‫َو ِ‬
‫‪)16،17: 10‬‬
‫و) يمنحنا عربون الحياه االبدية‪ ":‬فَلَ َّما َرأَى ا ْل َج ْم ُع‬
‫سفُ َن‬‫ضا ال ُّ‬ ‫يذهُ‪َ ،‬د َخلُوا ُه ْم أَ ْي ً‬ ‫س ه َُو ُهنَاكَ َوالَ تَالَ ِم ُ‬ ‫سو َع لَ ْي َ‬ ‫أَنَّ يَ ُ‬
‫سو َع‪( ".‬يو ‪)24: 6‬‬ ‫احو َم يَ ْطلُبُ َ‬
‫ون يَ ُ‬ ‫َو َجا ُءوا إِلَى َك ْف ِرنَ ُ‬

‫ى) يحرك قلوبنا لتنفيذ مسئوليتنا تجاه العالم ‪ :‬يردد‬


‫الكاهن فى كل قداس " ألن فى كل مرة تأكلون من هذا الخبز و‬
‫‪".‬تبشربون بموتى و تعترفون بقيامتى و تذكروننى إلى أن أجئ‬

‫األسماء المرادفة لإلسم "إفخارستيا" فهي‪" :‬الشركة المقدسة"‬


‫‪"،"HOLY COMMUNION”"، "MASS‬القداس" "‬

‫‪1‬‬
‫‪5‬‬
‫‪" ،Lord’s “super‬العشاء الرباني" ‪"ANAPHORA"،‬‬
‫"االنافورا"‪.‬‬
‫ومنذ العصور المبكرة كانت تقدمة اإلفخارستيا تدعي أيضا "ذبيحة "‬
‫‪ θυσία ‬وهو ما نجده في الدسقولية‪،‬وفي قداس القديس(ثيسيا)‬
‫‪.‬القديس سرابيون أسقف تمويس (القرن الرابع) علي سبيل المثال‬
‫فيه موت الصليب‪ ،‬فأكدت ذبيحة العلية وذبيح الصليب وذبيحة‬
‫‪.‬اإلفخارستيا أنها كلها ذبيحة واحدة فريدة‬

‫لماذا شكر ومن الذي شكر؟‬

‫شكر ألنه هو الفادي والنائب عن البشرية فكان البد أن يشكر نيابة‬


‫عن البشرية‪ .‬من وقت ما أقصى اإلنسان خارج الفردوس أو خارج‬
‫حضرة هللا وكان ربنا يشتاق أن يرى المنظر الملكوتي‪ W‬الذي حدث أول‬
‫ما جمع المسيح التالميذ وبدأ يعطيهم جسده ودمه‪ .‬ألن بالجسد يثبت‬
‫التالميذ أنهم يمثلون الكنيسة‪ .‬الكنيسة كانت ممثلة فيهم أن هؤالء‬
‫يثبتون‪ W‬في المسيح‪ .‬فألول مرة ترجع ثانيًا الصورة التي كان ربنا‬
‫يقصدها من خلقة اإلنسان‪ ،‬إنه يثبت فيه ويقترب إليه ويعيش معه‬
‫لكن بفعل المعصية طرد يشكر السيد المسيح اآلب السماوي على هذه‬
‫الصورة الملكوتية‪ .‬ألن اآلب الذي أرسل المسيح‪ ،‬اآلب والروح‬
‫القدس‪ .‬لوال أنهم أرسلوه ما كان تم الفداء‪" .‬هكذا أحب هللا العالم‬
‫حتى بذل ابنه الوحيد لكي ال يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة‬
‫‪1‬‬
‫‪6‬‬
‫األبدية"‪ ،‬فالصورة التي حدثت بالتناول‪ W‬بإعطاء الجسد والدم للتالميذ‬
‫هي عودة اإلنسان إلى حضرة هللا بصورة فائقة لم يكن ممكنًا‬
‫الوصول لها إال عن طريق الفداء ومنح الجسد والدم لكي تثبت‬
‫الكنيسة في المسيح وتتكامل الصورة الموجودة اآلن‪ ،‬وستظل إلى‬
‫األبد في األبدية السعيدة‪ .‬صورة المسيح الثابتة في الصورة‪ .‬المسيح‬
‫الرأس والكنيسة الجسد ولذلك أول شيء نعمله المسيح أنه شكر‪.‬‬
‫ونحن أول حاجه نعملها عند رشم الخبز نقول وشكر‪ .‬ألن شكر‬
‫المسيح نيابة عنا لآلب السماوي على الصورة المالئكية الفائقة التي‬
‫كان يتمنى اآلب أن يراها‪ ،‬حدثت بالفداء الممثل في إعطاء الجسد‬
‫والدم للتالميذ بثبات الكنيسة في شخص المسيح لذلك أسميناه سر‬
‫الشكر‪ .‬هي عطية الثبات‪ ،‬ثبات الكنيسة في المسيح لكي تحيا الحياة‬
‫الملكوتية في أبهى صورها بطريقة فائقة فالمسيح يملك عليها بثباتها‬
‫فيه‪ .‬وهنا عالجنا مشكلة الخطية‪ ،‬غفرت على الصليب والدم شاهد‬
‫وعالجنا الموت بالقيامة والجسد شاهد‪ .‬فالمسيح أول ما أمسك الخبز‬
‫لكي يعطيهم شكر وبارك وكسر‪ .‬أواًل شكر وهو فعل الكنيسة التي‬
‫أخذت عطية‪ .‬أول إلنسان ما يأخذ عطية يشكر لذلك دعى سر الشكر‪.‬‬
‫شكر الكنيسة المشتاقة للملكوت‪ .‬التي رأت تحقيق الملكوت في‬
‫صورة المسيح والتالميذ وهى صورة المسيح الكاملة الثابتة فيه‪،‬‬
‫التي نالت الحياة من خالل الجسد ونالت الغفران من خالل الدم‪ .‬لذلك‬
‫الجسد والدم يعطيان بالترتيب كما عمل المسيح ال نعطى الجسد مع‬
‫الدم أب ًدا وتمنع الكنيسة هذا حتى ال يكون لدينا إحساس أن يكون هذا‬
‫‪.‬الجسد دموي‪ .‬لكنه جسد القيامة‬

‫‪1‬‬
‫‪7‬‬
‫لماذا شكر السيد المسيح؟ ولماذا نسمى هذا سر الشكر؟‬
‫كانت المشكلة هي الخطية التي فصلت اإلنسان عن هللا وبانفصال‪W‬‬
‫اإلنسان عن هللا سادت الخطية‪ .‬وظهرت أصوات األنبياء تنبئ‪W‬‬
‫بالخالص المزمع أن يتم وانتظرت البشرية في انتظار ولهفة لكي‬
‫تعود إلى الصورة الملكوتية التي طالما حرمت منها وجاء االبن‬
‫الكلمة متجس ًدا لكي يفدى البشرية مقد ًما الغفران بدمه كفارة عن‬
‫الخطية ومقد ًما الحياة بجسد القيامة الممنوح في الكنيسة في هذا‬
‫السر المقدس وفي أول لقاء بين المسيح والكنيسة ممثلة في التالميذ‬
‫اإلحدى عشر‪ ،‬لكي يمنحهم جسده ودمه األقدسين‪ .‬رأى الصورة‬
‫الملكوتية التي طالما اشتهت الكنيسة أن تراها أن تدخل في ملكية‬
‫هللا‪ ،‬ملكية كاملة فشكر المسيح اآلب نيابة عن الكنيسة عن هذه‬
‫الحالة أو هذه الصورة التي تحققت من خالل التناول كإعالن عن‬
‫‪ .‬الفداء‬
‫في كل مرة نعمل طقس القداس نأخذ نفس الجسد الذي أعطاه المسيح‬
‫‪.‬ونفس الدم‪ .‬أحيانًا يسأل البروتستانت سؤااًل خبيثًا‬

‫إذا كان المسيح وهو في وسط التالميذ أعطاهم خب ًزا وخم ًرا‬
‫وهو بجسده في وسطهم والخبز على المذبح تقولون عليه‬
‫جس ًدا ود ًما ؟‬
‫‪1‬‬
‫‪8‬‬
‫ربنا عنده حاضر دائم فيه كل األحداث واحده يراها كلها أمامه ممكن‬
‫يأخذ أم ًرا قبل اآلخر ليس هناك ماضي أو مستقبل‪ .‬فالمسيح أعطاهم‬
‫الدم قبل أن يسفك دمه وأعطاهم جسد القيامة قبل أن يموت فهذا ألنه‬
‫فوق الزمن‪ .‬تعبير فوق الزمن نتيجة عدم محدودية هللا فهو يعيش في‬
‫‪.‬حاضر دائم‬

‫نقطاتان نختم بهما هذه المقدمة ‪.‬‬


‫إن الطقس هو نظام العبادة ودائ ًما العبادة تتضمن اللحن والكلمة‬
‫‪.‬والحركة هذا مثل الطقس أي الكلمة الملحنة المصاحبة للكلمة‬
‫ففي صالة الصلح مثاًل أبونا يقول صالة الصلح بالكلمة الملحنة ولكن‬
‫بالحركة يصلى بيدين عاريتين إنه يعطى صورة ما قبل الصلح العرى‬
‫الذي أصاب البشرية‪ .‬فالكاهن هنا يمثل البشرية العارية نتيجة‬
‫الخطية‪ .‬وفيما هو يصلى بالكلمة الملحنة يقدم الحركة الدالة على‬
‫المعنى المقصود وهنا يكون الطقس كامل المعنى مع اللحن مع‬
‫الحركة وهكذا في الجزء الثاني وهو يقول بمسرتك يا هللا باللحن‬
‫يمسك اللفافة المثلثة والتي كانت موضوعة على اإلبرسفرين والتي‬
‫تشير إلى الحجاب الذي كان يحجز بين اإلنسان وهللا وشماس واقف‬
‫ماسك الصليب في شرق المذبح إشارة إلى أن هذا الحجاب انشق‬
‫وأزيل بالصليب فالطقس هو الكلمة الملحنة المصاحبة للحركة‪ .‬هذا‬
‫ضا كلمة أجيوس كلمة ملحنه يغير اللفائف يعمل يده‬ ‫هو الطقس أي ً‬
‫على شكل صليب‪.‬ويغير اللفافة التي في اليد اليمنى لليد اليسرى‬
‫والتي في اليد اليسرى في اليمنى ويبدل اللفافة التي فوق الكأس مع‬
‫اللفافة اليسار إشارة إلى رفرفة األجنحة للشاروبيم والسيرافيم وهم‬

‫‪1‬‬
‫‪9‬‬
‫يقولون قدوس يسجدون أمام هللا فتجد الكلمة الملحنة المصاحبة‬
‫‪.‬للحركة‬
‫الطقس يساعد على تنفيذ الوصية‬
‫ال يصح أن يتناول أحد في قداس وهو في خصام مع أحد‪ .‬تنفي ًذا‬
‫لوصية السيد المسيح (متى ‪ ")24 ،23 :5‬فَإِنْ قَ َّد ْمتَ قُ ْربَانَكَ إِلَى‬
‫ش ْيئًا َعلَ ْيكَ ‪،‬فَا ْت ُركْ ُهنَاكَ قُ ْربَانَكَ قُدَّا َم‬ ‫ا ْل َم ْذبَ ِ‬
‫ح‪َ ،‬و ُهنَاكَ تَ َذ َّك ْرتَ أَنَّ ألَ ِخيكَ َ‬
‫ح‪َ ،‬و ْاذ َه ْب أَ َّوالً ْ‬
‫اصطَلِ ْح َم َع أَ ِخيكَ ‪َ ،‬و ِحينَئِ ٍذ تَ َعا َل َوقَ ِّد ْم قُ ْربَانَكَ"‬ ‫ا ْل َم ْذبَ ِ‬
‫‪.‬صالة الصلح والقبلة المقدسة البد أن تسبق التناول‬
‫ضا تعبير (كيرياليسون) أي يا رب أرحم (كيري) اختصار‬‫أي ً‬
‫(كيريوس) أي الرب أو يا رب‪( .‬ليسون) أي أرحم‪ .‬أي يا رب أرحم‬
‫إشارة للجاجة‪ .‬والسيد المسيح أوصانا أن نصلى بلجاجة وبهذا علمنا‬
‫الطقس تنفيذ الوصية‪ .‬هذه مقدمة بسيطة عن الطقس‪.‬‬

‫الباب االول‪W‬‬
‫رموز اإلفخارستيا االربعة المباشرة في العهد‬
‫القديم‪:‬‬
‫الفصل االول‬

‫‪1‬‬
‫‪10‬‬
‫شجرة الحياه‪:‬‬
‫‪:‬شجرة الحياة هى‬
‫هي االتحاد بالمسيح‪ ،‬والمسيح هو الحياة (رؤ‪ ،)7:2‬وكان معروضا ً‬
‫على آدم أن يأكل منها ويحيا لألبد‪ ،‬فاهلل قال له من كل شجر الجنة‬
‫ضل شجرة معرفة الخير‬ ‫تأكل‪ ،‬إال شجرة معرفة الخير والشر‪ ،‬ولكنه ف َّ‬
‫والشر على شجرة الحياة فمات‪ .‬وتجسد المسيح ليتحد بنا ثانية‬
‫‪.‬فيُعطينا حياة‬
‫لماذا أوجد هللا " شجرة الحياة " ولماذا منع‬
‫آدم من األكل منها بعد السقوط؟‬
‫ج‪ :‬إجابة على الجزء األول من السؤال‪ ،‬يقول الكتاب " َوأَ ْنبَتَ‬
‫ش ِهيَّ ٍة لِلنَّظَ ِر َو َجيِّ َد ٍة لِألَ ْك ِل‪،‬‬
‫ض ُك َّل ش ََج َر ٍة َ‬‫اإللهُ ِم َن األَ ْر ِ‬‫ال َّر ُّب ِ‬
‫س ِط ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬وش ََج َرةَ َم ْع ِرفَ ِة ا ْل َخ ْي ِر َوالش َِّّر‪".‬‬ ‫َوش ََج َرةَ ا ْل َحيَا ِة فِي َو َ‬
‫(تك ‪ ..)9 :2‬لقد أوجد هللا شجرة الحياة‪ ،‬وجعلها في وسط‬
‫الجنة‪ ،‬وليست بعيدة عنها‪ ،‬لكيما يأكل منها اإلنسان‪ ،‬ولكن على‬
‫ما يبدو أن اإلنسان قد انصرف عنها‪ ،‬وبعد أن أكل اإلنسان من‬
‫الشجرة ال ُمح َّرمة التي نهى هللا عن األكل منها وهي شجرة‬
‫‪1‬‬
‫‪11‬‬
‫معرفة الخير والشر " قال الرب اإلله هوذا اإلنسان قد صار‬
‫كواحد منا عارفًا الخير والشر‪ .‬واآلن لعله يمد يده ويأخذ من‬
‫ضا ويأكل ويحيا إلى األبد‪ .‬فأخرجه الرب اإلله‬‫شجرة الحياة أي ً‬
‫من جنة عدن ليعمل األرض التي أُخذ منها‪ .‬فطُرد اإلنسان وأقام‬
‫شرقي جنة عدن الكاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق‬
‫شجرة الحياة" (تك ‪ )24 - 22 :3‬وكاروبيم اسم جمع مفرده "‬
‫كروب " وهي كلمة عبرية تعني " ذو الحكمة " وكان الكاروب‬
‫يحمل لهيب سيف متقلب أي سيف المع يشع منه اللهب في‬
‫جميع االتجاهات‪ ،‬وعندما نتمعن في هذه القصة ندرك حقيقة‬
‫محبة هللا لإلنسان‪ ،‬فمن محبته لم يسمح له باألكل من شجرة‬
‫‪،‬الحياة بعد السقوط لئال يحيا إلى األبد في خطيته‬
‫لذلك طرد هللا اإلنسان من الفردوس‪ ،‬لحين إصالح‪ W‬الخطأ‪،‬‬
‫وتقديم الفدية‪ ،‬ثم أعاده إليه ثانية‪ ،‬فبشر اللص اليمين وهو‬
‫على عود الصليب قائاًل له " اليوم تكون معي في الفردوس"‬
‫(لو ‪)43 :23‬‬
‫ا)الشجرتان في الفردوس األصلي‬
‫يحفظ العهد القديم بعض اإلشارات عن حياة آدم وحواء‬
‫المباركة في الفردوس‪ .‬بحسب تعليم اآلباء القديسين‪ ،‬الفردوس‬
‫كان حسيا ً وعقلياً‪ .‬كان عقليا ً ألنه كان شركة اإلنسان مع هللا‪،‬‬
‫ألن نوس آدم كان في حالة من االستنارة بعد الخلق‪ ،‬وبقوة هللا‬
‫وتكافله كان قادراً على بلوغ التألّه‪ .‬والفردوس كان حسيا ً أيضا ً‬
‫‪.‬ألنه كان مكانا ً محددا‬
‫ب) التفسير اآلبائي للشجرتين‬
‫‪1‬‬
‫‪12‬‬
‫إن اآلباء القديسين‪ ،‬في تفسيرهم للكتاب المقدس في إطار حياة‬
‫الكنيسة وخبرتهم الشخصية‪ ،‬سلّموا إلينا تحاليل تفاسير ممتازة‬
‫‪.‬عن هاتين الشجرتين‬

‫ج) المسيح اإلله اإلنسان‪ ،‬شجرة الحياة‬

‫لم يكن فشل اإلنسان في سلوك درب التألّه التي شقّها هللا له‬
‫كارثيا ً بالنسبة له‪ ،‬أي أنه لم يتح ّول إلى الهالك األبدي بشكل‬
‫نهائي‪ .‬ما أُخفق في امتحان جنة عدن‪ ،‬حققه المسيح بتجسده‪.‬‬
‫من ناحية ثانية‪ ،‬م ّر اإلنسان بتجارب هالة‪ ،‬ألم عميق وحزن‬
‫عظيم‪ .‬لقد اختبر معنى الموت‪ ،‬وما يعنيه اإلبعاد عن هللا‪.‬‬
‫يكتشف َمن يقرأ كتابات القديس سلوان األثوسي معنى أسى‬
‫آدم‪ .‬ال يستطيع أن يفهم ويختبر أسى آدم إال َمن أُعطيت له رؤيا‬
‫هللا العظيمة ومن ثم فقدها‪ .‬وعند هذه النقطة نرى قَدْر القديس‬
‫سلوان‪ .‬أنا أزداد قناعة أن لهذا القديس الهوت مهم ومذهل‪ .‬ك ّل‬
‫يحس بما تكتنز من القوة العظيمة والحكمة‬‫ّ‬ ‫َمن يقرأ كتاباته‬
‫الغنية‪ .‬لقد كان الهوتيا ً بحق ألنه اختبر سقوط آدم وأساه‪ ،‬لكنه‬
‫‪.‬اختبر أيضا ً الوحدة مع آدم الجديد‪ ،‬أي المسيح‬

‫لقد فتح المسيح بنفسه أبواب الفردوس من خالل تجسده‪ .‬إنه ال‬
‫يترك اإلنسان يدخل ببساطة‪ ،‬بل إن شجرة الحياة‪ ،‬أي المسيح‬
‫نفسه‪ ،‬تمضي وتتح ّرك نحوه‪ .‬اآلن بطن والدة اإلله‪ ،‬من حيث‬

‫‪1‬‬
‫‪13‬‬
‫اتخذت الطبيعة اإللهية الطبيعة البشرية وقدّستها منذ اللحظة‬
‫المبارك هي‬
‫َ‬ ‫األولى‪ ،‬هو الفردوس‪ .‬والكنيسة جسد المسيح‬
‫الفردوس العقلي والحسي‪ .‬كل الذين يعيشون في الكنيسة وهم‬
‫فعليا ً وبشكل ف ّعال أعضاء جسد المسيح يمكن لهم أن يتذ ّوقوا‬
‫شجرة الحياة‪ ،‬وأن يتخطوا الموت ويبلغوا‪ W‬إلى بعد آخر من‬
‫‪.‬الوجود‪ .‬إذ بمعزل عن المسيح يسيطر ظل الموت ومملكته‬

‫اتحاد الطبيعتين اإللهية والبشرية في أقنوم الكلمة‪ ،‬تصبح‬


‫الرحلة نحو التألّه أكثر رسوخاً‪ .‬إذاً الخالص اآلن ليس مسألة‬
‫طاعة لوصية هللا‪ ،‬بل هو شركة اإلنسان مع المسيح اإلله‪-‬‬
‫اإلنسان‪ .‬لذلك في الكنيسة علينا أن نحيا ليس فقط عاطفياً‪ ،‬وال‬
‫أن نهدف ببساطة إلى إرضاء أحاسيسنا الشخصية واإلنسانية‪،‬‬
‫بل علينا أن نحيا وجوديا ً متّحدين مع المسيح‪ .‬ينبغي أن تكون‬
‫رحلتنا رحلة غلبة الموت‪ .‬وبالطبع هذا ينجح فقط من خالل‬
‫‪.‬تذ ّوق شجرة الحياة التي هي المسيح اإلله‪-‬اإلنسان‬
‫د) شجرة الحياة في سفر الرؤيا‬

‫يتحدث سفر رؤيا يوحنا عن شجرة الحياة‪ .‬يقول المسيح‪،‬‬


‫وح‬ ‫س َم ْع َما يَقُولُهُ ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫مشيراً إلى مالك أفسس‪َ “ :‬منْ لَهُ أُ ُذنٌ فَ ْليَ ْ‬
‫ْطي ِه أَنْ يَأْ ُك َل ِمنْ ش ََج َر ِة ا ْل َحيَا ِة الَّتِي فِي‬‫سأُع ِ‬
‫ب فَ َ‬
‫س‪َ .‬منْ يَ ْغلِ ُ‬ ‫لِ ْل َكنَائِ ِ‬
‫س هللاِ‪( ”.‬رؤيا ‪ .)7:2‬القديس أندراوس‪ ،‬اسقف‬ ‫س ِط فِ ْر َد ْو ِ‬
‫َو َ‬
‫قيصيرية‪ ،‬في تفسيره هذه اآلية‪ ،‬يقول أن عبارة “شجرة‬
‫الحياة” هي إشارة تلميحية إلى الحياة األبدية التي هي المسيح‬
‫نفسه‪“ :‬إنّه اإلله الحقيقي والحياة األبدية”‪ .‬إن األكل من شجرة‬
‫‪1‬‬
‫‪14‬‬
‫الحياة ليس أكثر من “المشاركة بأمور الدهر اآلتي الحسنة”‪.‬‬
‫سوف يعطي هللا بركة لألكل من شجرة الحياة للذي يكسب‬
‫“الحرب ضد الشياطين”‪ .‬وهذا هو النصر على األهواء التي بها‬
‫‪.‬يهاجم الشري ُر اإلنسان‬
‫ه) األكل من شجرة المعرفة‬

‫في إشارته إلى أكل آدم من شجرة المعرفة‪ ،‬يقدّم القديس‬


‫نيقوديموس اآلثوسي مقارنات بديعة تظ ِهر أن نفس األخطاء‬
‫التي ارتكبها آدم ممكن ارتكابها اليوم وبأن المسيحيين‬
‫المع َّمدين في زمننا هذا مؤهَّلون أيضا ً على تذوق شجرة‬
‫‪.‬المعرفة‬

‫سقوط آدم يكون عندما يصبح نوس اإلنسان مشدوداً نحو‬


‫سية ويترك ذكر هللا‪ .‬بشكل جوهري هذه هي خطيئة‬ ‫اللذات الح ّ‬
‫آدم عينها وحالة سقوط آدم عينها‪ .‬فسقوطه يكمن بشكل‬
‫أساسي في أن نوسه أظلم ووقع أسير اللذة ألنه لم يتبع وصية‬
‫هللا‪ .‬أسر النوس هو إساءة خطيرة‪ .‬إنه جوهر كل خطيئة‬
‫‪.‬يرتكبها اإلنسان‬

‫و) شجرة عيد الميالد‬

‫‪1‬‬
‫‪15‬‬
‫أظنّ أن عادة تزيين شجرة في عيد الميالد ليس مجرد عادة أتت‬
‫من الغرب وعلينا أن نستبدلها بعادات أكثر أرثوذكسية‪ .‬أنا لم‬
‫أغص في تاريخ شجرة عيد الميالد ومكان نشوئها‪ ،‬لكني أظن‬
‫‪.‬أنها مرتبطة بعيد الميالد ومعناه الحقيقي‬

‫يب ِمنْ‬
‫ض ٌ‬‫أوالً‪ ،‬إنها غير منفصلة عن نبوءة إشعياء ” َويَ ْخ ُر ُج قَ ِ‬
‫صولِ ِه” (إشعياء ‪ )1:11‬لد كانت‬ ‫صنٌ ِمنْ أُ ُ‬
‫سى‪َ ،‬ويَ ْنبُتُ ُغ ْ‬ ‫ِج ْذ ِ‬
‫ع يَ َّ‬
‫هذه النبوءة في فكر القديس قوزما المنشئ عندما كتب عن‬
‫المسيح بأنه الزهرة التي خرجت من البتول التي من نسل يسى‪.‬‬
‫سى والد داود‪ ،‬العصا هي النبي داود‪ ،‬الزهرة التي‬ ‫الجذر هو ي ّ‬
‫أتت من الجذر والعصا هي والدة اإلله‪ .‬والثمرة التي أتت من‬
‫زهرة السيّدة هي المسيح‪ .‬هذا ما يقدمه الكتاب المقدس بشكل‬
‫رائع‪ .‬وهكذا فإن شجرة عيد الميالد يمكن أن تذكرنا بشجرة‬
‫نسب المسيح كإنسان‪ ،‬محبة هللا‪ ،‬وأيضا ً التطهرات المتتابعة‬
‫آلباء المسيح‪ .‬وعلى الرأس النجمة التي هي المسيح اإلله‪-‬‬
‫‪.‬اإلنسان‬

‫الشجرة الزاخرة بالعطايا‪ ،‬تشكل مرج ًعا ها ًما لسر تجسد“‬


‫يسوع‪ ،‬بأوراقها الدائمة االخضرار‪ ،‬تذكرنا بأن الحياة ال‬
‫تموت”‪ ،‬هذا القول للبابا بنديكتوس السادس عشر يختصر‬
‫المعنى الذي اكتسبته الشجرة عبر التاريخ وهو شجرة الحياة‪،‬‬
‫وقد ورد هذا المعنى بالذات في الحضارات القديمة وصوآل إلى‬

‫‪1‬‬
‫‪16‬‬
‫المسيحية‪ ،‬وال عجب بعد في أن يرمز إلى آلهة الخصب‬
‫‪...‬بالشجرة‪ ،‬وأن تمتلئ من خيراتها جنة عدن (أي فرح)‬

‫امتداد في التاريخ‬
‫أما األشوريون فيعتبرون شجرة الحياة رمزاً دينيا ً مهماً‪،‬‬
‫وظهرت في رسومهم على شكل عقد متصلة بخطوط متداخلة‬
‫‪.‬يخدمها ألهة برؤوس نسور وكهنة وحتى ملوك‬

‫اعتبر البهائيون شجرة الحياة كرمز للمظهر أي الرسول‪،‬‬


‫المعلم الكبير الذي يظهره هللا للبشرية بين الحين واآلخر‪.‬‬
‫فالمظهر هو جذور وساق الشجره‪ ،‬بينما أتباعه هم الفروع‬
‫‪.‬واألوراق‪ .‬أما الثمار فتدل على التطور والرقي‬
‫في العهد‪ W‬القديم‪ ،‬لشجرة الحياة مفاهيم عدة‪ ،‬ففي‬
‫سفر األمثال‪:‬‬
‫‪.‬ترمز إلى التوراة نفسها كما ترمز الى الحكمة والروية‬
‫‪:‬وسفر الخروج‬
‫فهي الشجرة التي طرد بسسببها أدم وحواء من الجنة حتي ال‬
‫يتناوال ثمارها التي تمنح الحياة األبدية‪ .‬كما ذكر في سفر‬
‫أخنوخ أنه في يوم القيامة‪ ،‬سيقدم هللا ثمرة من شجرة الحياة‬
‫‪.‬لكل من ذكر اسمه في كتاب الحياة‬
‫و سفر التكوين‪:‬‬
‫وقد كتب في القرن الخامس ق‪ .‬م‪ .‬افترض أن االنسان مائت‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪17‬‬
‫فالخبرة ال يمكن أن تخطئ (تك ‪2:7‬؛ ‪ .)3:19‬أما شجرة الحياة‬
‫فهي امتياز قد يحصل عليه االنسان بنعمة هللا‪ ،‬كامتياز الخلود‪.‬‬
‫يتحدّث حزقيال النب ّ‪W‬ي عن أشجار مثمرة‪ُ ،‬زرعت على شاطئ‬
‫المياه التي تخرج من المعبد‪ :‬الثمر للطعام‪ ،‬والورق للشفاء‬
‫‪(.‬حز ‪ .)47:12‬ال كالم هنا عن الخلود‬
‫وال في “ثمرة الصديق شجرة حياة‪ ،‬ومن كان حكيما ً ربح‬
‫‪.‬الناس”‪“ :.‬فالشريعة هي شجرة حياة لك ّل من يدرسها‬
‫و من يحفظ في بابل‪ ،‬كانت الشجرة تمثل كل اشكال الشجرة‬
‫الكونية‪ .‬إنها مقر إله الخصب والعلوم الحضارية‪ ،‬وهي مقر‬
‫راحة اإللهة األم‪ ،‬إلهة التكاثر والخصب للماشية والزراعة؛‬
‫وفي الرسوم البابلية الدينية تحيط النجوم والعصافير والحيّات‬
‫‪.‬بالشجرة الكونية‪W‬‬
‫في الكتاب المقدس‬

‫و سفر الرؤيا هذا الرجاء الذي يتحقّق في النهاية‪ .‬وهي نهاية‬


‫دشَّنها يسوع بحياته وموته وقيامته‪ .‬اغلِق الفردوس‪ ،‬وقُطع‬
‫الطريق إلى شجرة الحياة (تك ‪ ،)3:24‬وها هو يُفتَح من جديد‪.‬‬
‫وثما ُر شجرة الحياة تقدَّم للغالبين‪ ،‬للذين شهدوا انتصار المسيح‬
‫في العالم (رؤ ‪ ،)2:7‬وللذين غسلوا حللهم (رؤ ‪ ،)22:14‬أي‬
‫تنقّوا بدم المسيح‪ .‬وهكذا تكون شجرة الحياة رمزاً إلى الحياة‬
‫‪.‬األبديّة كما نعيشها منذ اآلن في الحضور االله ّي‬

‫‪1‬‬
‫‪18‬‬
‫أعلن يسوع عن نفسه أنه هو القيامة والحياة ( قال لها يسوع‬
‫أنا هو القيامة والحياة ‪ .‬من آمن بي ولو مات فسيحيا) ( يوحنا‬
‫‪)25 :11‬‬
‫انا الكرمة الحقيقية وأبي‪ W‬الك ّرام‪ ،‬اثبتوا‪ W‬ف ّي وأنا فيكم ‪ .‬كما أن(‬
‫الغصن ال يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يأتي بثمر كثير ‪،‬‬
‫أنكم بدوني ال تقدرون أن تفعلوا شيئا ‪ ،‬إن كان أحد ال يثبت ف ّي‬
‫يطرح خارجا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار‬
‫)يوحنا ‪.) (6- 1 :15‬فيحترق‬

‫يسوع المسيح هو الكرمة الحقيقية ‪ ،‬وهو شجرة القيامة‬


‫والحياة‪ ،‬هل أتيت اآلن لتكون غصنا في هذه الكرمة الحقيقية‪،‬‬
‫الننا بدونه ال نقدر أن نفعل شيئا ‪ ،‬وبدون نحن أموات بالخطايا‬
‫والذنوب (افسس ‪ ، )1 :2‬تعالى الى يسوع الذي قال عن نفسه‬
‫(أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي الى اآلب اال ب ّي )‬
‫(يوحنا ‪)6 :14‬‬

‫الفصل التاني‬

‫‪+‬خروف الفصح‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪19‬‬
‫نجد أن هللا فرض أعيادا على شعبه في العهد القديم ليحفظوا‬
‫بها بإقامة الشعائر الدينية واالنعكاف على األعمال الصالحة‬
‫المرضية واالعتكاف عن كل عمل دنيوي وأول تلك األعياد التي‬
‫‪.‬أمر هللا بحفظها وتقديسها واالحتفال بها هو العيد األسبوعي‪W‬‬

‫أما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك ال تضع عماًل ما أنت ‪1-‬‬
‫وابنك وابنتك‪ W‬وعبدك وأمتك‪ W‬وبهيمتك ونزيلك الذي دخل أبوابك‪W‬‬
‫(خر ‪)10 :20‬‬

‫عيد الفصح‪( :‬خر ‪ )12 - 7‬من ‪ 10-7‬خاصة بالقربان‪2- 11 ،‬‬


‫‪ 12 -‬ضربة األبكار وخروف الفصح في (إصحاح ‪)15-12 :12‬‬

‫ألن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح ألجلنا (‪1‬كو ‪ )7 :5‬حيث صلب‬


‫ربنا أيضا (رؤ ‪)8 :11‬‬

‫‪:‬شريعة خروف الفصح‬


‫يحضر كل بيت خروف (شاه) ذكر حوليًا ابن سنة يوم ‪1-10‬‬
‫‪.‬نيسان‬
‫يبقى تحت الحفظ إلى يوم ‪ 14‬ثم يذبح في العشية‪2-‬‬
‫يأخذ بنو إسرائيل من دمه ويجعلونه على القائمتين‪ W‬والعتبة‪3-‬‬
‫‪.‬في البيوت التي يأكلونه فيها‬

‫‪1‬‬
‫‪20‬‬
‫اوجه التشابه بين خروف الفصح و المسيح المونتظر‬
‫(السيد المسيح)‬

‫كان خروف الفصح ذك ًرا وذلك ألنه فدية بدياًل عن األبكار‬


‫الذكور آكله على أعشاب مرة من مؤهالت اتحادنا بالفصح‬
‫الحقيقي بالتوبة والندم واالعتراف‪ ...‬واألعشاب المرة تشير إلى‬
‫شركة آالمنا مع الحمل اإللهي‬

‫شاة صحيحة ‪ :‬أي بال عيب ‪ ...‬ألن المسيح بال عيب و بال‪1-‬‬
‫خطية‬

‫ابن سنة ‪ ( :‬الخروف ) لكي يذبح و هو في سن صغير و‪2-‬‬


‫ليس في الشيخوخة ‪.....‬و لو كان السيد المسيح مات وهو شيخ‬
‫من كان يستطيع أن يقول أنه مات ألجلنا ؟‬

‫شاة واحدة يأكلها للبيت ‪ :‬ألن المسيح واحد ‪ ...‬اليمكن أن‪3-‬‬


‫يكون للبيت الواحد ( الكنيسة ) أكثر من ذبيحة و احدة‬
‫‪ (.‬المسيح الواحد)‬

‫مشويا بالنار ‪ :‬إشارة الي اآلالم الفظيعة التي جازها السيد‪4-‬‬


‫‪.‬المسيح‬

‫علي أعشاب مرة ‪ :‬إشارة الي مرارة آالم الرب و‪ .....‬أيضا‪5-‬‬


‫األعشاب المرة تذكارا لمرارة عبودية الخطية التي كانوا‬
‫‪1‬‬
‫‪21‬‬
‫يتحررون منها خالل خروف الفصح التي تلزمنا نحن أن نتقدم‬
‫‪.‬الي سر الفصح الجديد في مرارة التوبة‪ W‬والدموع النقية‬
‫ال يأكل منه الغريب ‪ :‬كان من شروطه أن يكون كل من يأكل‪6-‬‬
‫منه مختونا ‪ .‬هكذا ال يقدر أن يتمتع بالتناول من األسرار إال‬
‫الذي نال الختان الروحي ‪ ,‬أي المعمودية ‪ .‬و لذلك أصر رب‬
‫‪.‬المجد أن يغسل أرجل تالميذه قبل أن يقدم لهم جسده و دمه‬
‫ثم يذبحه كل جمهور جماعة بني إسرائيل‪ W‬في العشية ‪ :‬أليس‪7-‬‬
‫هذا ما حدث بالضبط مع السيد المسيح لقد أجتمعت عليه كل‬
‫الجماعة و صرخ جميع الشعب في وجهه " أصلبه " وكان‬
‫موته وقت العشية " بين العشائين "( عد ‪ ) 5 : 9‬أي ما بين‬
‫‪.‬التاسعة و الغروب‬
‫يعيدونه فريضة أبدية " تأكيدا لعمل الفصح األبدي و أيضا‪8-‬‬
‫حتي يبقي الشعب" القديم منتظرا مجيء الفصح الحقيقي الذي‬
‫‪.‬يقدس دمه الي األبد‬
‫‪:‬طريقة اكله‬
‫أمرهم هللا أن يأكلوا لحمه مشويا بالنار مع فطير على أعشاب‬
‫ً‬
‫مطبوخا وال‬ ‫مرة‪ ،‬وحذرهم الرب أن يأكلوا منه شيئًا نيئًا أو‬
‫يبقون منه شيئًا للصباح‪ .‬وأن تبقى منه شيء يحرقونه بالنار‬

‫‪1‬‬
‫‪22‬‬
‫يأكلونه وأحقاؤهم مشدودة أو أحذيتهم في أرجلهم‪ ،‬وعصيهم‪W‬‬
‫في أيديهم بعجلة‪ ...‬خر ‪15- 12 :12‬‬

‫دم الخروف يرش على القائمتين‪ W‬وال ُعتبة العليا‪ .‬المسيح دمه‪1-‬‬
‫‪.‬يطهرنا من كل خطية‬

‫كان الخروف بعد ذبحه يشوى على سيخين متعامدين على‪2-‬‬


‫هيئة طيب مع انه كان يمكن شبيه بمرور أكثر من سيخ طولي‬
‫في الخروف‬

‫صحيحا وال تكسر عظامه‪ .‬يحفظ جميع عظامه واحد‪3-‬‬


‫ً‬ ‫يؤكل‬
‫"منها ال ينكسر "مز‪20:34‬‬

‫يشوى على النار وحذرهم الرب من أن يأكلوه نيئًا أو‪4-‬‬


‫ً‬
‫مطبوخا‪ ،‬أي الش ّي هي الطريقة الوحيدة المسموح بها والسيد‬
‫المسيح له المجد احتمل آال ًما مريرة في نفسه وجسده صار قلبه‬
‫كالشمع قد ذاب وسط أمعائي "مز‪ ."14:22‬والشمع ال يذيبه أال‬
‫‪.‬النار‬

‫كان آكل الخروف يجب أن يتم على أعشاب مرة‪ ...‬واألعشاب‪5-‬‬


‫المرة تشير إلى مرارة الخطية والضيقة التي حملها ابن هللا عن‬
‫‪.‬البشر جمي ًعا‪ ...‬أنها خطايا العالم كله‬

‫‪1‬‬
‫‪23‬‬
‫كان ال يبقى منه شيء حتى الصباح بل يؤكل كله في عشية‪6-‬‬
‫‪ .‬هكذا انزل المسيح عن الصليب في مساء يوم صلبه وموته‬
‫المشتركون في الخروف‪ :‬ال يأكله إال المختونون‪ W‬وال يأكله‪7-‬‬
‫الغرباء وإال فإنه موتًا يموت‪ ...‬وهذا إشارة لقدسية ذبيحة‬
‫‪ .‬المسيح الكفارية ونصيب كل من يستهين بها الموت األبدي‬

‫أيام الفطير‪ :‬في شريعة خروف الفصح أمر هللا بنى إسرائيل‪8-‬‬
‫أن يأكلوا فطي ًرا دون الخبز المختمر مدة سبعة أيام ألن الخمير‬
‫دائ ًما يشير إلى الخطية والشر‪ ...‬والسبعة أيام ترمز إلى كمال‬
‫‪ ..‬الشيء‪ .‬وهذا يعنى الحياة كلها‬

‫رتب طقس خروف الفصح إشارة دائمة إلى خروج بنى‪9-‬‬


‫إسرائيل‪ W‬من مصر التي تمثل العبودية‪ .‬وليذكروا خالص هللا‬
‫العجيب‪ ...‬وترتيب التناول المقدس في العهد الجديد ذبيحة غير‬
‫دموية دائ ًما لتذكار خالصنا من عبودية إبليس‪ .‬ولنذكر حسن‬
‫‪.‬صنيع هللا معنا‬

‫وقد شدد الرب تشدي ًدا كبي ًرا على عزل الخمير من البيوت‪ ،‬مع‬
‫توقيع عقوبة القطع على كل من يأكل مختم ًرا‪ .‬فقال (سبعة أيام‬
‫تأكلون فطي ًرا‪ .‬اليوم األول تعزلون الخمير من بيوتكم‪ W.‬فان كل‬
‫من أكل خمي ًرا من اليوم األول في اليوم السابع‪ ،‬تقطع تلك‬
‫‪.‬النفس من إسرائيل) (خر ‪) 15:12‬‬
‫الخمير يرمز إلى الشر والخطيئة‪ ،‬وأن الفطير يرمز إلى البر‬
‫‪.‬والطهارة‬
‫‪1‬‬
‫‪24‬‬
‫الباب من الخارج مرشوش بالدم‪ ،‬ومن الداخل قد نزع الخمير‪،‬‬
‫تصريحا لنا‬
‫ً‬ ‫والكل يأكل فطي ًرا‪ .‬إن دم المسيح ال يمكن أن يكون‬
‫بأكل الخمير والشخص الذي يفلت بواسطة الدم من سيف‬
‫المهلك‪ ،‬يمكن مع هذا الخالص األول أن تقطع نفسه من‬
‫الجماعة إذا أكل خمي ًرا‪ .‬وهكذا يفقد خالص الدم عن طريق أكله‬
‫‪.‬من الخبز المختمر‬
‫يُعتبر الفصح أول ثالثة أعياد سنويّة كبرى عند اليهود‪ .‬وهو‬
‫يعني (العبور أو النجاة)‪ ,‬وذلك من قول الرب (ويكون لكم الدَّم‬
‫عالمة على البيوت الَّتي أنتم فيها‪ .‬فأرى ال َّد َم وأعب ُر عنكم)‬
‫‪.‬خروج‪12:13‬‬
‫كان الغرض من عيد الفصح‬
‫إحياء ذكرى نجاة اليهود من بيت العبوديّة في مصر(هي ليلة·‬
‫تُحفظ للرب إلخراجه إيَّاهم من أرض مصر‪...‬تُحفظ من جميع‬
‫بني إسرائيل‪ W‬في أجيالهم) خروج‪42 :12‬‬
‫إحياء ذكرى نجاة أبكار اليهود أيضا ً عندما ضرب الرب كل·‬
‫أبكار المصريين (‪...‬الَّذي عبر عن بيوت بني إسرائيل في مصر‬
‫وخلص بيوتنا ‪....‬فَ َح َدث في نُصف الليل‬ ‫َّ‬ ‫ل َّما ضرب المصريّين‬
‫ض مصر‪ )...‬خروج‪29,27,:12‬‬ ‫أنَّ الرب ضرب ُك َّل بكر في أر ِ‬

‫ومنذ تلك اللحظة التي احتفل فيها العبراني بتقديم خروف‬


‫الفصح أدرك أن النجاة من الموت تعني‪ W‬أنّ حياة أخرى يجب أن‬
‫تبذل بدالً عنه لينجو‪ .‬وأنّ هذه النجاة تعني أربعة أمور على‬
‫‪:‬األقل‬

‫‪1‬‬
‫‪25‬‬
‫إن خروف الفصح هو أحد الرموز الكثيرة في العهد القديم‪ ,‬والتي‬
‫كانت تشير إلى شخص الرب يسوع المسيح كما هو مكتوب (ألن‬
‫فصحنا أيضا ً المسيح قد ُذبح ألجلنا)‪1‬كورنثوس‪,7 :5‬وألن فصحنا‬
‫‪.‬المسيح قد ذبح ألجلنا على عود الصليب‬
‫كان خروف الفصح في القديم يشير إلى نجاة من العبودية‪ .‬بينما‬
‫فصحنا المسيح اآلن يشير إلى نجاة من عبودية أخرى‪ ,‬هي‬
‫عبودية الخطية‪ .‬وبينما‪ W‬كان الفصح في القديم يعني نجاة من‬
‫الموت الجسدي يعني فصحنا المسيح اآلن نجاة من الموت‬
‫‪.‬األبدي‬
‫كان خروف رمزا للمسيح المذبوح والفطير رمزا للتوبه‬
‫واإلخالص والحق واألعشاب المرة اليمرارة الخطيه التي‬
‫ارتكبها االنسان ضد هللا والعصا في االيدي تشير الياالستعداد‬
‫للرحيل والسفر والسرعة والعجلة تشير الي سرعة سني حياتنا‬
‫‪.‬و"أحذيتكم في أرجلكم" تشير الي االستعداد الدائم‬
‫في سفر الرؤيا يتكلم يوحنا الذي يروي منظر الخروف المذبوح‬
‫(رؤ‪ ) 6 :5‬ورايت فاذا في وسط العرش و الحيوانات االربعة‬
‫هو الخروف المذبوح ان ياخذ القدرة و الغنى و الحكمة و القوة‬
‫‪ .‬والكرامة و المجد و البركة‬
‫في سر االفخارستيا نتناول‪ W‬جسد الرب ودمه األقدسين ال‬
‫رمزا وال مجازا‪ ،‬وان هذه الذبيحة غير الدموية هي امتداد‬
‫لذبيحة الطيب‪ ...‬لذا من يتناول بدون استحقاق بحسب تعبير‬
‫القديس بولس الرسول "يكون مجر ًما في جسد الرب ودمه"‬
‫ويحذر بولس الرسول من يتجرأ على التناول بدون استحقاق‬
‫‪1‬‬
‫‪26‬‬
‫بأنه "يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب"‬
‫ويختم ذلك بقوله "من أجل ذلك فيكم كثيرون ضعفاء ومرقى‬
‫وكثيرون يرقدون" (‪ 1‬كو ‪)30 :11‬‬

‫واإلنسان المسيحي الذي تقدس بدم الحمل الجديد دم ربنا يسوع‬


‫المسيح يجب أن يمتنع عن الخطية وإتيانها‪ W‬كل أيام حياته المزمور‬
‫‪.‬لها بسبعة أيام‬

‫الفصل التالت‬
‫‪:‬المن و السلوى‬
‫‪manna‬المن‬
‫اسم عبري معناه "ما هو هذا ؟" أو "هبة" وهي مادة انزلها‬
‫هللا على بني اسرائيل على سبيل اعجوبة مدة اقامتهم في البرية‬
‫قامت عندهم مقام الخبز وقد سميت "خب ًزا من السماء" (خر‬
‫‪)4 :16‬‬
‫أما السلوى ‪quails‬‬
‫فهي طيور ترحل من إفريقية في الجنوب إلى الشمال في أسراب‬
‫‪.‬كثيرة العدد ج ًدا‬
‫المن ‪:manna‬‬
‫‪1‬‬
‫‪27‬‬
‫اسم عبري معناه "ما هو هذا؟" أو "هبة" وهي مادة انزلها‬
‫هللا على بني إسرائيل على سبيل أعجوبة مدة إقامتهم في البرية‬
‫قامت عندهم مقام الخبز وقد سميت "خب ًزا من السماء" (خر‬
‫‪ .)4 :16:‬ومن األمور التي تستحق الذكر في المن‬
‫إن المقدار الذي كان ينزل في بقية األيام ‪1.‬‬
‫أنه لم ينزل يوم السبت‪2.‬‬

‫إن ما كان يحفظ منه من اليوم السادس إلى اليوم السابع كان‪3.‬‬
‫صالحا لألكل بخالف ما كان يحفظ من يوم إلى آخر‬
‫ً‬ ‫يبقى جي ًدا‬
‫من أيام األسبوع فإنه كان يفسد ويتولد فيه الدود وكان كل ذلك‬
‫دلياًل على قداسة يوم السبت‬

‫وكان المن كبزرة الكزبرة ابيض وطعمه "كطعم قطائف بزيت"‬


‫و"منظره كمنظر المقل" (عد ‪ 7 :11‬و‪ )8‬وكان ينزل يو ًما‬
‫فيو ًما مدة أربعين سنة ما عدا أيام السبت‪ .‬وتذكا ًرا لهذه العجيبة‬
‫أمر موسى بأن يعمل قسط من ذهب يسع عمرا ومقداره لتران‬
‫وثالثة أعشار اللتر ويحفظ فيه شيء من المن (خر ‪ :16‬وعب‬
‫‪ )4 :9‬وكان هذا العمر محفوظًا في التابوت أو بقربه لكي يرى‬
‫أوالدهم القوت الذي انزله هللا عليهم مدة رحالتهم الطويلة في‬
‫‪.‬البرية‬

‫ويشبه المن بعض الشبه المن الطبي الذي هو عصير منعقد من‬
‫شجرة الدردار وكذلك يشبه المن الذي يتكون‪ W‬من شجرة‬
‫ضا‪ .‬ولكن يظهر قوة هللا وعنايته في أن‬
‫الطرفاء بعض الشبه أي ً‬
‫‪1‬‬
‫‪28‬‬
‫المن المذكور في الكتاب المقدس يختلف عن المن العربي في‬
‫‪:‬األمور اآلتية‬

‫كان المن الكتابي‪ W‬كافيًا أللوف من الناس أما المن العربي‪1-‬‬


‫فيوجد بمقادير قليلة‪-2 .‬ال يوجد المن العربي إال تحت الطرفاء‬
‫وفي أول الصيف فقط‬
‫يمكن حفظه مدة طويلة وال يدود‪3-‬‬
‫ال يمكن طحنه أو دقه دقيقًا (عد ‪). 4-8 :11‬‬

‫يتكزن المن كل يوم من أيام األسبوع مدة الفصل‪5-‬‬


‫وحسب المسيح المن رم ًزا إلى ذاته ألنه هو الخبز الحي النازل‬
‫من السماء وبذلك أثبت كونه طعا ًما عجيبًا (يو ‪.)51 - 29 :6‬‬
‫وسمي المن "ب ُر السماء" "وخبز المالئكة" (مز ‪ 24 :78‬و‬
‫‪ .)25‬إشارة إلى أنه أعطي على سبيل أعجوبة‪ .‬أما "المن‬
‫المخفى" (رؤ ‪ )17 :2‬فيشير إلى القوت السري الذي يعطيه‬
‫‪.‬المسيح للمؤمن وال يعطي إال له‬

‫‪:‬السلوي‬

‫‪1‬‬
‫‪29‬‬
‫طيور ترحل من إفريقية في‬
‫الجنوب إلى الشمال في أسراب كثيرة العدد ج ًدا‪ ،‬وقد صيد منها‬
‫في إيطاليا مئة ألف طائر في يوم واحد‪ ،‬وهي تطير في أسراب‬
‫فتشبه السحاب ‪ Coturnix dactylisonas‬باللغةالالتينية‪W‬‬
‫الكثيف ويُسمى السلوى‪ .‬وقد أرسل هللا كمية كبيرة من هذه‬
‫الطيور إلى محلة العبرانيين ليأكلوا لحمها بعد أن تذمروا على‬
‫موسى (خروج ‪ 13 :16‬وعدد ‪ .)31 :11‬وقد طارت أسرابها‬
‫من الجنوب عن طريق البحر األحمر‪ ،‬فقطعت خليجي العقبة‬
‫والسويس‪ ،‬ووصلت إلى البرية في شبه جزيرة سيناء متعبة‬
‫مرهقة‪ ،‬وإذ بدخان محلة العبرانيين‪ W‬يعاكسها فتسقط باآلالف‬
‫على األرض‪ ،‬فيسهل إمساكها باليد والسلوى حلوة المذاق‪،‬‬
‫وهي تبيض من ‪ 12‬إلى عشرين بيضة وتحتضنها في عش‬
‫على األرض‪ ،‬وتطير على ارتفاع صغير "نحو ذراعين فوق‬
‫وجه األرض" (عدد ‪ )31 :11‬وقد نشر العبرانيون السلوى‬
‫ليجففوها باسطين إياها حول الملحلة‪ .‬وقد كان إرسال السلوى‬
‫بهذه الكمية الوافرة مدة شهر كامل عالمة من عالمات عناية‬
‫هللا الكاملة (مزمور ‪)30-26 :78‬‬

‫‪1‬‬
‫‪30‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫ملكى صادق‪:‬‬
‫سؤال‪ :‬من هو ملكي صادق؟ وما معنى قولنا في المزمور‪" :‬أنت هو‬
‫الكاهن إلى األبد على طقس ملكى صادق" (مز‪)4:110‬؟ ما هو طقس‬
‫ملكي صادق؟‬
‫‪: Melchizedek‬اللغة اإلنجليزية‬ ‫מַ ְלכִּי־צֶדֶ ק ‪ -‬اللغة ‪-‬‬
‫القبطية‪ :‬اللغة ‪: Μελχισεδέκ: -‬العبرية‬
‫أول مرة ذكر فيها اسم ملكي صادق‪ ،‬كانت في استقباله ألبينا إبراهيم‬
‫عند رجوعه من كسرة كدر لعومر والملوك الذين معه (سفر التكوين‪W‬‬
‫‪ .)20-18:14‬وفي هذه المقابلة قيل عن ملكي صادق‬
‫‪..‬ويقرر معلمنا بولس الرسول أن ملكي صادق أعظم من إبراهيم‬
‫ضا يقول عنه الرسول "بال‬
‫من جهة هذه األمور التي ذكرناها‪ .‬وأي ً‬
‫أب‪ ،‬بال أم‪ ،‬بال بداءة أيام له وال نهاية‪ ،‬بل هو مشبه بابن هللا" (عب‬
‫‪) 3:7‬‬
‫‪.‬وال نأخذ هذه الكلمات بحرفيتها‪ ،‬وإال كان ملكي صادق هو هللا‬
‫بل حتى من جهة الحرف‪ ،‬ال نستطيع أن نقول أنه مشبه بابن هللا في‬
‫أنه بال أم‪ ،‬ألن المسيح كانت له أم هي العذراء‪ ،‬وال نستطيع أن نقول‬
‫‪.‬أنه بال أب‪ ،‬فالمسيح له أب هو اآلب السماوي‬

‫‪1‬‬
‫‪31‬‬
‫‪.‬إنما كان بال أب‪ ،‬بال أم‪ ،‬بال نسب في الكهنوت‪W‬‬
‫أي لم يأخذه عن طريق الوراثة عن أب أو أم أو نسب‪ .‬وهكذا كان‬
‫المسيح‪ .‬ولعل هذا يوافق ما قاله بولس الرسول "وأما الذين هم من‬
‫بني الوي الذين يأخذون الكهنوت‪ ،‬فلهم وصية أن يعشروا الشعب‬
‫بمقتضى الناموس‪ ..‬ولكن الذي ليس له نسب منهم (أي ملكي‬
‫صادق) قد عشر إبراهيم" (عب‪)6،5:7‬‬
‫أي (بال نسب) هنا معناها بال نسب من هرون‪ ،‬من سبط الكهنوت‪W..‬‬
‫وتكون عبارة بال أب بال أم على نفس القياس‬
‫وقد وضح عبارة (بال نسب في الكهنوت) على المسيح بقوله "في‬
‫سبط آخر لم يالزم أحد منه المذبح" (عب‪)13:7‬‬
‫باإلضافة إلى هذا‪ ،‬فإن الكتاب لم يذكر لنا شيئًا عن نسب ملكي‬
‫صادق‪ ،‬وال َمنْ هو أبوه وال أمه‪ .‬فكأنه يقول عنه‪ :‬بال أب نعرفه‪،‬‬
‫ضا؟‬
‫وبال أم نعرفها‪ .‬وماذا أي ً‬
‫‪..‬ال بداءة أيام له‪ ،‬وال نهاية حياة‬
‫أي أنه دخل التاريخ فجأة‪ ،‬وخرج منه فجأة‪ ،‬دون أن نعرف له بداءة‬
‫أيام‪ ،‬وال نهاية حياة‪ ..‬إنما ظهر في وقت ليؤدي رسالة ما‪ ،‬وليكون‬
‫ً‬
‫تاريخا وال نسبًا‬ ‫رم ًزا‪ ،‬دون أن نعرف له‬
‫‪.‬أما المسيح‪ ،‬فمن الناحية الجسدية‪ ،‬معروفة أيامه‬
‫معروف يوم ميالده‪ ،‬ويوم موته على الصليب‪ ،‬ويوم صعوده إلى‬
‫‪.‬السماء‪ .‬أما من الناحية الالهوتية‪ ،‬فال بداءه وال نهاية‬

‫‪1‬‬
‫‪32‬‬
‫‪...‬ولكن ملكي صادق لم يكن يرمز إلى المسيح من الناحية الالهوتية‬

‫إنما كان كل الذي ذكره الكتاب سواء في (تك‪ )14‬أو في (مز‪ )110‬أو‬
‫‪.‬في (عب‪)7‬‬
‫أما الرأي القائل بأن ملكي صادق هو المسيح نفسه‬
‫منها قول الرسول "مشبه بابن هللا"‪" ،‬على شبه ملكي صادق"‪،‬‬
‫"على طقس ملكي صادق" (عب‪ .)17،15،3:7‬بينما لو كان هو‬
‫‪.‬نفس الشخص‪ ،‬ما كان يقول على شبهه‪ ،‬على طقسه‪ ،‬أو على رتبته‬
‫ترجمة اسمه بأنه ملك البر‪ ،‬أو وظيفته بأنه ملك السالم‪ ،‬ال يعني أنه‬
‫المسيح‪ ،‬ربما مجرد رمز‪ ..‬وترجمة األسماء من حيث صلتها باسم‬
‫‪.‬هللا تحوي عجبًا‬
‫فإيليا النبي ترجمة اسمه (إلهي يهوه)‪ ،‬وإليشع (هللا خالص)‪،‬‬
‫وأشعياء (هللا يخلص)‪ ،‬وإليهو (سفر أيوب ‪ )32‬معناه (هو هللا)‪،‬‬
‫‪.‬وصموئيل‪( W‬اسم هللا أو سمع هللا)‪ ،‬و ميخائيل ( َمنْ مثل هللا)‬
‫ومن األسماء األخرى في الكتاب اليآب (عد‪ )9:1‬معناها (هللا أب)‪،‬‬
‫واليصور (عد‪ )5:1‬معناها (هللا صخرة)‪ ،‬وأليمالك (را‪ )2:1‬معناها‬
‫‪(.‬هللا ملك)‪ ،‬وأليشوع (‪2‬صم‪ )15:5‬معناها (هللا خالص)‬
‫دون أن يدعي أحد من هؤالء ‪-‬من واقع اسمه‪ -‬إنه أحد الظهورات هلل‬
‫‪.‬في العهد القديم‬
‫‪..‬وشخصية ملكي صادق من الشخصيات التي حيرت علماء الكتاب‬
‫‪1‬‬
‫‪33‬‬
‫وقيلت فيها آراء متعددة‪ ،‬وآراء متناقضة‪ .‬يكفينا من جهتها رمزها‬
‫إلى كهنوت المسيح‪ ،‬دون أن ندخل في تفاصيل‪ ،‬يقودنا فيها فهمنا‬
‫الخاص‪ ،‬بينما ال يؤكدها الكتاب أو يحددها‪.‬‬

‫ال‬
‫س‬
‫ؤا‬
‫ل‪:‬‬
‫من هو ملكي صادق؟‬
‫الجواب‪ :‬كان ملكي صادق الذي يعني‪ W‬إسمه "ملك البر" ملكا ً في‬
‫شاليم (أورشليم) وكان كاهنا ً هلل العلي (تكوين ‪20-18 :14‬؛ مزمور‬
‫‪4 :110‬؛ عبرانيين‪11-6 :5 W‬؛ ‪ .)28 :7-20 :6‬إن ظهور ملكي‬
‫صادق وإختفاؤه الفجائي في سفر التكوين غامض إلى حد ما‪ .‬لقد‬
‫تقابل ملكي صادق وإبراهيم للمرة األولى بعد هزيمة إبراهيم‬
‫كدرلعومر وحلفاؤه الثالثة‪ .‬قدّم ملكي صادق إلبراهيم ورجاله‬
‫المنهكين خبزاً وخمراً تعبيراً عن صداقته‪ .‬وبارك إبراهيم بإسم هللا‬
‫العلي وسبَّح هللا ألنه أعطى إبراهيم إنتصاراً في المعركة (تكوين ‪:14‬‬
‫‪)20-18‬‬

‫‪1‬‬
‫‪34‬‬
‫قدّم إبراهيم لملكي صادق عشر الغنائم التي جمعها‪ .‬وبهذا أعلن‬
‫إبراهيم أنه أدرك أن ملكي صادق يعبد نفس اإلله الحقيقي الذي‬
‫يعبده‪ ،‬وأنه كاهن هلل العلي وبهذا تكون مكانة ملكي صادق الروحية‬
‫أعلى منه‪ .‬إن وجود ملكي صادق يبين‪ W‬أنه كان هناك آخرين غير‬
‫‪.‬إبراهيم وعائلته يعبدون اإلله الواحد الحقيقي‬
‫في مزمور ‪ ،110‬وهو مزمور نبوي كتبه داود (متى ‪ ،)42 :22‬يشير‬
‫إلى ملكي صادق بأنه صورة للمسيح‪ .‬هذا الفكر يتكرر في رسالة‬
‫العبرانيين‪ ،‬حيث يعتبر كل من المسيح وملكي صادق ملكي بر وسالم‪.‬‬
‫باإلشارة إلى كهنوت ملكي صادق المتميز‪ ،‬فإن الكاتب يوضح أن‬
‫كهنوت المسيح يفوق كل من كهنوت الالويين وكهنوت هارون‬
‫(عبرانيين‪)10 -1 :7 W‬‬
‫ب‪ ،‬بِالَ أُ ٍّم‪ ،‬بِالَ‬
‫جاء في عبرانيين‪ 3: 7 W‬عن ملكي صادق أنه "بِالَ أَ ٍ‬
‫ب‪ .‬الَ بَ َدا َءةَ أَيَّ ٍام لَهُ َوالَ نِ َهايَةَ َحيَا ٍة‪ .‬بَ ْل ه َُو ُم َ‬
‫شبَّهٌ بِا ْب ِن هللاِ‪ .‬ه َذا يَ ْبقَى‬ ‫س ٍ‬‫نَ َ‬
‫" َكا ِهنًا إِلَى األَبَد‬
‫فإذا كانت والدة المسيح من عذراء دليالً على أنه هللا أو ابن هللا‪،‬‬
‫ق من المسيح باإللوهية‬‫‪!.‬يكون ملكي صادق أح ّ‬
‫وجاء ملكي صادق في الكتاب المقدس مرتين‬
‫سفر التكوين ‪18 :14‬‬
‫صا ِدقُ‪َ ،‬ملِ ُك شَالِي َم‪ ،‬أَ ْخ َر َج ُخ ْب ًزا َو َخ ْم ًرا‪َ .‬و َك َ‬
‫ان َكا ِهنًا هللِ ا ْل َعلِ ِّي‬ ‫‪.‬و َم ْل ِكي َ‬
‫َ‬
‫سفر المزامير ‪4 :110‬‬

‫‪1‬‬
‫‪35‬‬
‫ق‬ ‫س َم ال َّر ُّب َولَنْ يَ ْن َد َم‪« :‬أَ ْنتَ َكا ِهنٌ إِلَى األَبَ ِد َعلَى ُر ْتبَ ِة َم ْل ِكي َ‬
‫صا َد َ‬ ‫‪».‬أَ ْق َ‬
‫أول مرة ذكر فيها اسم ملكي صادق‪ ،‬كانت في استقباله ألبينا إبراهيم‬
‫عند رجوعه من كسرة كدر لعومر والملوك الذين معه (سفر التكوين‪W‬‬
‫‪ .)20-18:14:‬وفي هذه المقابلة قيل عن ملكي صادق ما يأتي‬
‫‪.‬أنه ملك شاليم (ولعلها أورشليم)‬
‫ـ إنه كهنوت ليس عن طريق الوراثة‪ ..‬فقد كان المسيح من سبط ‪1‬‬
‫يهوذا‪ ،‬وليس من سبط الوي الذي منه الكهنوت‪ .‬فلم يأخذ الكهنوت‬
‫بالوراثة‪ .‬وكذلك كل رسل المسيح‪ ،‬وكل كهنة العهد الجديد‪ ،‬ال‬
‫‪.‬يأخذون الكهنوت بالوراثه‬
‫ـ كهنوت ملكي صادق أعلى درجة من الكهنوت الهروني‪ ،‬وقد شرح‪2‬‬
‫‪.‬معلمنا بولس الرسول هذا األمر في (رسالة العبرانيين‪)7 W‬‬
‫‪.‬وقد قيل عن ملكي صادق إنه مشبه بابن هللا‬
‫من جهة هذه األمور التي ذكرناها‪ .‬وأيضا ً يقول عنه الرسول "بال‬
‫أب‪ ،‬بال أم‪ ،‬بال بداءة أيام له وال نهاية‪ ،‬بل هو مشبه بإبن هللا" (عب‬
‫‪)3:7‬‬
‫‪.‬‬ ‫وال نأخذ هذه الكلمات بحرفيتها‪ ،‬وإال كان ملكي‬
‫صادق هو هللا‬
‫بل حتى من جهة الحرف‪ ،‬ال نستطيع أن نقول أنه مشبه بابن هللا في‬
‫أنه بال أم‪ ،‬ألن المسيح كانت له أم هي العذراء‪ ،‬وال نستطيع أن نقول‬
‫‪.‬أنه بال أب‪ ،‬فالمسيح له أب هو اآلب السماوي‬

‫‪1‬‬
‫‪36‬‬
‫‪.‬إنما كان بال أب‪ ،‬بال أم‪ ،‬بال نسب في الكهنوت‪W‬‬
‫أي لم يأخذه عن طريق الوراثه عن أب أو أم أو نسب‪ .‬وهكذا كان‬
‫المسيح‪ .‬ولعل هذا يوافق ما قاله بولس الرسول "وأما الذين هم من‬
‫بني الوى الذين يأخذون الكهنوت‪ ،‬فلهم وصية أن يعشروا الشعب‬
‫بمقتضى الناموس‪ ..‬ولكن الذي ليس له نسب منهم (أي ملكي صادق)‬
‫‪.‬قد عشر إبراهيم" (عب‪)6،5:7‬‬
‫أي (بال نسب) هنا معناها بال نسب من هرون‪ ،‬من سبط الكهنوت‪W..‬‬
‫‪.‬وتكون عبارة بال اب بال ام على نفس القياس‬
‫وقد وضح عباره (بال نسب في الكهنوت) على المسيح بقوله "في‬
‫‪.‬سبط آخر لم يالزم أحد منه المذبح" (عب‪)13:7‬‬
‫أي أنه دخل التاريخ فجأة‪ ،‬وخرج منه فجأة‪ ،‬دون أن نعرف له بداءة‬
‫أيام‪ ،‬وال نهاية حياة‪ ..‬إنما ظهر في وقت ليؤدي رسالة ما‪ ،‬وليكون‬
‫‪ .‬رمزاً‪ ،‬دون أن نعرف له تاريخا ً وال نسبا ً‬
‫‪.‬أما المسيح‪ ،‬فمن الناحية الجسدية‪ ،‬معروفة أيامه‬
‫معروف يوم ميالده‪ ،‬ويوم موته على الصليب‪ ،‬ويوم صعوده إلى‬
‫‪.‬السماء‪ .‬أما من الناحية الالهوتية‪ ،‬فال بداءه وال نهاية‬
‫‪...‬ولكن ملكي صادق لم يكن يرمز إلى المسيح من الناحية الالهوتيه‬
‫وندرس سياق كالم معلمنا بولس الرسول معا‬

‫رسالة بولس الرسول الي العبرانيين ‪7‬‬


‫‪1‬‬
‫‪37‬‬
‫حيث دخل يسوع كسابق الجلنا صائرا على رتبة ملكي صادق ‪6: 20‬‬
‫رئيس كهنة الى االبد‬
‫فالكالم هنا عن ان المسيح جاء علي رتبة ملكي صادق وهي الرتبة‬
‫الكهنوتية‪ W‬التي تبقي الي االبد‪ .‬اذا فهمنا ان الكالم عن االبدية هي عن‬
‫‪.‬الرتبة الكهنوتيه وهي التي يبقي عليها المسيح الي االبد‬
‫سبق بولس الرسول وقارن بين المسيح وكل من المالئكة وموسى‬
‫ويشوع وهرون‪ .‬ثم أخذ مثالً بالوعد إلبراهيم أبو األباء‪ .‬وحينما أتى‬
‫إلبراهيم إقتطف جزءاً من قصة إبراهيم وهو لقائه مع ملكى صادق‬
‫(تك‪ .)18 :14‬هذا الجزء يبدو لليهود غامضا ً وبال معنى فكيف يخضع‬
‫إبراهيم أبو األباء لملكى صادق هذا ويعطيه العشور من كل شيء بل‬
‫أن ملكى صادق يبارك إبراهيم‪ .‬فإن كان إبراهيم قد حمل في صلبه كل‬
‫شعب اليهود ومعهم سبط الوي والكهنة فيكون كل هؤالء قد‬
‫تصاغروا جداً أمام ملكى صادق الذي كان بالطبع رمزاً للمسيح‪.‬‬
‫‪.‬فملكى صادق يبارك إبراهيم الذي له المواعيد‬
‫وقبل ان ابدا في المعني الروحي اريد ان اضيف معلومة صغير‬
‫ذكر لي احد اليهود تقليد قديم يهودي عن من هو ملكي صادق واذكره‬
‫هنا فقط للمعلومة ليس لتاكيد وال نفي ‪ .‬وانه شخص من اثنين هو‬
‫‪.‬نوح او سام وهو بالفعل مقصود انه بال اب وبال ام النهم ماتوا‬
‫وقبل الحكم علي هذا التقليد اوضح عدة امور اوال نوح مستبعد الن‬
‫نوح مات قبل والدة ابراهيم ولكن سام ظل حي حتي بعد ميالد اسحاق‬
‫‪ 18.‬سنة‬

‫‪1‬‬
‫‪38‬‬
‫ولهذا قد يكون ان سام هو اول من سكن شاليم ودعاها مدينة السالم‬
‫ملكي صادق اسمه بعد الملك‬ ‫‪.‬وهو‬

‫‪:‬أما أوجهة الرمز التي حملها ملكي صادق فهي‬


‫أوالً‪ :‬من جهة اإلسم يسمى "ملكي صادق" التي تعني لغويًا "ملك‬
‫الب ّر"‪ ،‬إشارة إلى السيد المسيح الذي يملك في القلوب ببره؛ يتربع‬
‫في النفس فيخفيها فيه لتظهر في عيني اآلب حاملة ب ّره‪ .‬بمعنى آخر‬
‫حين يملك السيد المسيح على اإلنسان روحيًا تختفي كل ضعفاته‬
‫ونقائصه ويتجلى السيد ببره وبهائه! وكما يقول الرسول‪" :‬متبررين‬
‫‪.‬مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو ‪)24 : 3‬‬

‫ثانيًا‪ :‬من جهة العمل فهو "ملك ساليم" أي ملك السالم‪ ،‬فقد ملك‬
‫السيد المسيح في كنيسته واهبًا لمؤمنيه سال ًما مع اآلب وسال ًما مع‬
‫اخوتهم وسال ًما مع أنفسهم‪ .‬تصالحت البشرية مع السماء وتصالحت‬
‫مع بعضها البعض بل وتمت المصالحة داخل اإلنسان نفسه‪ :‬بين‬
‫بروح‬
‫ٍ‬ ‫النفس والجسد حيث صار كل ما في اإلنسان روحيًا‪ ،‬يسلك‬
‫واحد‪ .‬حقًا إن السيد المسيح هو ملك ساليم الحقيقي‪ ،‬يمتد سالمه إلى‬
‫‪.‬كل المستويات‬
‫ختم السيد حديثه الوداعي مع تالميذه قبل القبض عليه ليعلن أن غاية‬
‫حديثه هو تمتعهم بالسالم فيه‪" :‬قد كلمتكم بهذا ليكون لكم ف ّي سالم‪،‬‬
‫في العالم سيكون ضيق‪ ،‬ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو ‪: ١٦‬‬
‫‪ .)٣٣‬ويعلق القديس أغسطينوس على هذا القول اإللهية هكذا‪[ :‬لقد‬
‫ضا‬
‫قدم هذا كغاية لحديثه حتى يجدوا فيه السالم‪ ،‬وذلك كما أننا نحن أي ً‬
‫‪1‬‬
‫‪39‬‬
‫مسيحيون بهذا الهدف ‪ ...‬فهذا السالم هو غاية كل نية وكل عمل‬
‫تقوي نمارسه في الوقت الحاضر‪ .‬فمن أجل السالم (في المسيح) ننعم‬
‫بسرائره‪ ،‬ونتثقف بأعماله وكلماته ونتقبل‪ W‬غيرة الروح‪ ،‬وألجله‬
‫نؤمن به ونترجاه ‪ ...‬بهذا السالم نتعزى في كل متابعنا وبه نخلص‬
‫منها‪ .‬من أجله نحتمل الضيقات بسرور حتى نملك فيه بسعادة دون‬
‫‪.‬ضيقات[‪]102‬‬
‫ويعلق القديس أغسطينوس على قول السيد لتالميذه‪" :‬سال ًما أترك‬
‫لكم سالمي أعطيكم" (يو ‪ ،)٢٧ : ١٤‬قائالً‪[ :‬إنه يترك سالمه معنا‬
‫وهو راحل (إلى السماء) وسيعطينا سالمه الخاص عندما يأتي في‬
‫النهاية‪ .‬يترك لنا سال ًما ونحن في هذا العالم‪ ،‬وسيهبنا‪ W‬سالمه الخاص‬
‫به في العالم العتيد‪ .‬إنه يترك سال ًما معنا حتى إذ نسكن فيه نغلب‬
‫العدو (إبليس)‪ ،‬وسيهبنا سالمه الخاص عندما ال يعود بعد يوجد عدو‬
‫نحاربه فنملك كملوك‪ .‬يترك سال ًما معنا‪ ،‬لكي نحب هنا بعضنا البعض‪،‬‬
‫وسيهبنا سالمه حينما نرتفع فوق كل إمكانية لحدوث إانشقاقات‪.‬‬
‫يترك سال ًما لنا لكي ال يدين أحد اآلخر فيما هو خفي عنه وهو سالك‬
‫على األرض‪ ،‬وسيهبنا سالمه حينما "يظهر آراء القلوب وحينئذ‬
‫يكون المدح لكل واحد من هللا" (‪١‬كو ‪ .)٥ : ٤‬ومع ذلك فإنه فيه‬
‫ومنه ننال السالم‪ ،‬سواء عندما يتركه لنا ونحن راحلون نحو اآلب‪،‬‬
‫‪.‬أو يهبه لنا عندما نحضر بالفعل لدى اآلب بواسطته[‪]103‬‬

‫ثالثًا‪ :‬سبق أن رأينا في مقدمة األصحاح األول أن إنشقاقًا قد حدث‬


‫في العهد القديم بين النبوة والكهنوت‪ ،‬أو بمعنى أدق بين األنبياء‬
‫والكهنة‪ ،‬إذ لم يستطع األخيرون أن يتقبلوا‪ W‬كلمة الحق مكتفين‬
‫بممارسة الطقس التعبدي في شكلية بال روح‪ ،‬لكن جاء السيد الحق‬
‫‪1‬‬
‫‪40‬‬
‫ذاته والكاهن األعظم‪ ،‬يحمل النبوة في كمال فائق وفريد مع الكهنوت‬
‫مصالحا المعرفة مع العبادة والحق مع الطقس! هنا‬
‫ً‬ ‫السماوي األبدي‪،‬‬
‫ضا يجمع السيد بين الملكوت والكهنوت‪ ،‬فهو ملك الب ّر والسالم في‬ ‫أي ً‬
‫نفس الوقت الكاهن على رتبة ملكي صادق إلى األبد‪ ،‬هو الملك‬
‫والكاهن في نفس الوقت‪ ،‬عمله الملوكي ال يمكن فصله عن‬
‫الكهنوتي‪ W.‬ففيما هو يملك على القلب خالل ذبيحته الفريدة‪ ،‬يقدم هذه‬
‫الذبيحة بكونه رئيس الكهنة السماوي‪ .‬فهو الملك صاحب السلطان‬
‫خالل الحب العملي الباذل‪ ،‬والملن بشفاعته الكفارية عن مؤمنيه‬
‫‪.‬ليقيمهم فيه ومعه ملو ًكا وكهنةً روحيين‬

‫راب ًعا‪ :‬ملكي صادق كرمز للسيد المسيح لم يذكر الكتاب شيئًا عن‬
‫أبيه أو أمه أو نسبه‪ .‬وكأنه يحمل رم ًزا لمن هو بال بداءة أيام وال‬
‫نهاية‪ .‬فالسيد المسيح سرمدي بحق ليس من زرع بشر‪ ،‬ليس له أب‬
‫‪.‬حسب الجسد‪ ،‬وال أم من جهة الالهوت‪ ،‬كاهن أبدي‬

‫سا‪ :‬ذبيحة ملكي صادق من الخبز والخمر ال معنى لها بكونها‬ ‫خام ً‬
‫رم ًزا لذبيحة األفخارستيا التي هي جسد السيد المسيح ودمه‪ ،‬حيث‬
‫قام السيد نفسه بتحويل‪ W‬الخبز والخمر إليهما في تأسيسه الس ّر‪ .‬وكما‬
‫يقول القديس چيروم مخاطبًا السيد‪[ :‬أنت كاهن ال بتقديم ذبائح‬
‫يهودية وإنما بالحري على طقس ملكي صادق‪ .‬فكما أن ملكي صادق‪،‬‬
‫ملك ساليم‪ ،‬قدم خب ًزا وخم ًرا (تك ‪ )١٨ : ١٤‬هكذا تقدم أنت جسدك‬
‫ودمك‪ ،‬الخبز الحقيقي والخمر الحقيقي‪ .‬هذا هو ملكي صادقنا الذي‬
‫وهبنا الذبيحة اإللهية التي لنا‪ .‬إنه ذاك الذي قال‪" :‬من يأكل جسدي‬

‫‪1‬‬
‫‪41‬‬
‫ويشرب دمي" (يو ‪ ،)٥٥ : ٦‬على طقس ملكي صادق‪ ،‬معطيًا إيانا‬
‫سرائره[‪.]104‬‬

‫رمز ملكي صادق للمسيح يبدا يشرحه معلمنا بولس‬


‫الرسول‬
‫ـ هو ملك وكاهن‪ .‬وبالنسبة لليهود فالملك والكهنوت ال يجتمعان أبداً‪1‬‬
‫لشخص واحد إذ أن الملك من سبط يهوذا والكهنوت من سبط الوي‪.‬‬
‫‪.‬وفي هذا يشير ملكى صادق للمسيح الملك ورئيس الكهنة‬
‫ــمن جهة اسمه ملكى صادق التي تعنى ملك البر‪ .‬فالمسيح يملك في‪2‬‬
‫القلوب ببره‪ .‬يتربع في النفس فيخضعها فيه لتظهر في عينى اآلب‬
‫حاملة بره‪( .‬رو‪) 24:3‬‬
‫ـ من جهة عمله فهو ملك ساليم أي ملك السالم والمسيح معطى‪3‬‬
‫السالم للكنيسة (يو‪)14:27 ،33:16‬‬
‫ـ ماذا قدم ملكى صادق إلبراهيم ؟ خبزاً وخمراً وهذا هو طقس ‪4‬‬
‫‪.‬كهنوت ملكى صادق‬
‫ـ ملكى صادق ظهر مرة واحدة في الكتاب المقدس والمسيح قدم‪5‬‬
‫‪.‬ذبيحة مرة واحدة‬
‫ـ ال يوجد تسلسل كهنوتى لملكى صادق‪ .‬فهو لم يستلم كهنوته‪ W‬من‪6‬‬
‫أحد لم يستلمه ال من ابيه وال من امه ليس مثل كهنوت سبط الوي‬
‫الذي يستلمه الكاهن من ابيه او امه الذين يجب ان يكونوا من سبط‬
‫الوي والمسيح الذى عينه كاهنا ً هو هللا حين أقسم بهذا (مز‪)110‬‬

‫‪1‬‬
‫‪42‬‬
‫وهو ليس من سبط الوي ولم يستلم كهنوته من امه النها من سبط‬
‫‪.‬يهوذا ولكن المسيح كهنوته اعلي من سبط الوي‬
‫ـ كهنوت ملكى صادق متفوق على الكهنوت الالوى فإبراهيم أعطى‪7‬‬
‫له العشور‪.‬بل أن العشور يقبلها هللا فقط فملكى صادق هذا يرمز إلبن‬
‫هللا (عب‪)2 :7‬‬
‫ـ كون أن ملكى صادق يبارك إبراهيم فهذا أيضا ً يثبت تفوق كهنوت‪8‬‬
‫ملكى صادق على كهنوت هرون والكهنوت‪ W‬الالوى (عب‪)1 :7‬‬
‫ـ ملكى صادق بال أب بال أم بال نهاية وال بداية حياة بال نسب (عب ‪9‬‬
‫‪ .)3 :7‬هذا ال يعنى أنه حقا ً بال أب وال أم وال نسب وأنه يحيا حتى‬
‫األن‪ .‬ولكن الكتاب لم يذكر له أي نسب وال أي عائلة‪ ،‬لم يذكر أبوه‬
‫وال أمه ولم يذكر متى ولد وال متى مات على الرغم أن الكتاب دائما ً‬
‫يشير ألصل ومواليد الشخصيات المهمة‪ .‬ولكن لم يذكر أباه ألنه يرمز‬
‫للمسيح الذي له أم بالجسد ولكن ليس له أب بالجسد‪ .‬ولم يذكر أمه‬
‫أي أن المسيح الذي من جهة الهوته بال أم‪ .‬لم يذكر له نهاية حياة‬
‫ليرمز للمسيح الذي سيكون كهنوته إلى األبد كاهنا ً إلى األبد (عب‪:7‬‬
‫‪ .)3‬لم يذكر له بداية أيام ألنه يرمز للمسيح األزلى‪ ،‬أي الذي بال‬
‫بداية‪ .‬وهو بال سجل أنساب ألنه يرمز للمسيح الذى سيظل رئيس‬
‫كهنة لم يستلم كهنوته من كاهن قبله‪ .‬وبال أنساب أي ال يعقبه كهنة‬
‫آخرون رمزاً ألبدية كهنوت المسيح‪ .‬أما الكهنوت الالوى فكان‬
‫‪.‬بالوراثة‬
‫ـ يقول المفسرون أن ملكى صادق هو الذي بنا أورشليم والمسيح‪10‬‬
‫‪.‬أسس أورشليم السماوية أي الكنيسة‬
‫‪1‬‬
‫‪43‬‬
‫وقد قيل عن ملكي صادق إنه مشبه بابن هللا ‪.‬‬
‫وكل ما قدمت يشرح الرموز ولكن ايضا يؤكد ان ملكي صادق انسان‬
‫‪.‬بالفعل واقل من المسيح‬

‫المسيح اعظم من ملكي صادق في االتي‬


‫ـ ملكي صادق كان كاهن وملك ولكن كهنوته وملكه الشخصي انتهي‪1W‬‬
‫اما رتبته ككاهن في اورشليم وملك علي اورشليم هي التي لم تنتهي‪W‬‬
‫وهذ هو المسيح الملك االبدي والكاهن علي اورشليم السماوية الي‬
‫االبد‬
‫ـ ملكي صادق قدم ذبيحه خبز وخمر بدون روح قدس فقط كرمز‪2‬‬
‫ولكن الخبز والخمر الذي قدمه المسيح هو جسده الحقيقي ودمه‬
‫الحقيقي‬
‫ـ ملكي صادق كان فعال كاهنا هلل العلي ولكنه لم يقم نفسه ذبيحه‪3‬‬
‫حيه مقبوله مستمره الي االبد هو فقد رمز الي المسيح الكاهن الذي‬
‫قدم نفسه ذبيحة حية مرضية امام هللا‬
‫ـ ملكي صادق لم يكن له وجود ازلي ولم يستمر الي االبد بجسده‪4‬‬
‫( واال اين هو االن ؟ ) ولكن كهنوته الذي لم يكن له بداية محدده فلم‬
‫يستلمه من ابيه ومن امه يرمز لكهنوت المسيح اما المسيح فهو‬
‫ازلي ابدي بالكينونه‪ W‬وليس علي مرتبة‬
‫ـ ملكي صادق ككاهن يقدم ذبيحة ( الخبز والخمر ) متكررة ومنها‪5‬‬
‫التي قدمها البراهيم اما المسيح فتقدمته كانت مره واحدة للعالم كله‬
‫‪1‬‬
‫‪44‬‬
‫ـ ملكي صادق كان يقدم عن نفسه وعن االخرين اما المسيح فهو‪6‬‬
‫الكاهن الوحيد الذي لم يحتاج ان يقدم ذبيحة عن نفسه ولكن عن‬
‫االخرين فقط‬
‫ـ ملكي صادق كان يبارك باسم هللا العلي اما المسيح فكان يبارك‪7‬‬
‫باسمه الذاتي النه هو هللا العلي وهذا في تك ‪ 17-15 :22‬و افسس‬
‫‪3 :1‬‬
‫ـ ملكي صادق هو رمز للمسيح فملكي صادق هو الرمز والمسيح‪8‬‬
‫هو المرموز وبالطبع المرموز اعظم من الرمز فالمرموز ال يرمز الي‬
‫الرمز ولكن الرمز هو الذي يرمز للمرموز‬
‫ـ ملكي صادق شبه بالمسيح من جهة واحدة فهو اليشبه المسيح في‪9‬‬
‫كل شيئ ألن المشبه ال يطابق المشبه به في كل الوجوه فبقية الوجوه‬
‫المسيح اعظم‬
‫ـ كهنوت ملكي صادق كان علي االرض فقط اما كهنوت المسيح‪10‬‬
‫فعلي االرض وايضا في السماء والي االبد في اورشليم السماوية‬
‫وايضا سفر المزامير اشار اليها‬
‫سفر المزامير يؤكد ان شخص حقيقي‬
‫سفر المزامير ‪4 :110‬‬
‫ق‬ ‫س َم ال َّر ُّب َولَنْ يَ ْن َد َم‪« :‬أَ ْنتَ َكا ِهنٌ إِلَى األَبَ ِد َعلَى ُر ْتبَ ِة َم ْل ِكي َ‬
‫صا َد َ‬ ‫‪ .‬أَ ْق َ‬
‫رسالة بولس الرسول الي العبرانيين‬

‫‪1‬‬
‫‪45‬‬
‫سالِي َم‪َ ،‬كا ِه َن هللاِ ا ْل َعلِ ِّي‪ ،‬الَّ ِذي " ‪7:1‬‬ ‫ق ه َذا‪َ ،‬ملِكَ َ‬ ‫صا َد َ‬ ‫ألَنَّ َم ْل ِكي َ‬
‫ار َكهُ‬ ‫وك َوبَ َ‬ ‫س َر ِة ا ْل ُملُ ِ‬ ‫ستَ ْقبَ َل إِ ْب َرا ِهي َم َر ِ‬
‫اج ًعا ِمنْ َك ْ‬ ‫"‪،‬ا ْ‬
‫ش ًرا ِمنْ ُك ِّل ش َْي ٍء‪ .‬ا ْل ُمت َْر َج َم أَ َّوالً « َملِكَ " ‪7:2‬‬ ‫س َم لَهُ إِ ْب َرا ِهي ُم ُع ْ‬‫الَّ ِذي قَ َ‬
‫سالَ ِم‬‫ي « َملِكَ ال َّ‬ ‫سالِي َم» أَ ْ‬
‫ضا « َملِكَ َ‬ ‫" ا ْلبِ ِّر» ثُ َّم أَ ْي ً‬
‫ب‪ .‬الَ بَ َدا َءةَ أَيَّ ٍام لَهُ َوالَ نِ َهايَةَ َحيَا ٍة‪ .‬بَ ْل " ‪7:3‬‬ ‫ب‪ ،‬بِالَ أُ ٍّم‪ ،‬بِالَ نَ َ‬
‫س ٍ‬ ‫بِالَ أَ ٍ‬
‫شبَّهٌ بِا ْب ِن هللاِ‪ .‬ه َذا يَ ْبقَى َكا ِهنًا إِلَى األَبَ ِد‬‫"‪.‬ه َُو ُم َ‬
‫فهو تكلم اوال علي اثبات حقيقة وجوده وهو ليس شخص خيالي او‬
‫ظهور فقط ولكنه ملك حقيقي استقبل ابراهيم ولم يقل ظهر بل قال هو‬
‫ملك ساليم‬
‫وبعد ان تكلم عن كهنوته‪ W‬و اكد ذلك قال بدقه لغويه بارشاد الروح‬
‫القدس انه بال اب بال ام وهذا الكالم عن كهنوته وكهنوته ايضا بال‬
‫بداية ايام وال نهاية حياه‬
‫وهو ليس ابن هللا بل مشبه التي تعني كرمز البن هللا في الكهنوت‬
‫والنه لم يستلم الكهنوت بالوراثه ولم يسلمه الحد فهو بال بداية بال‬
‫نهاية في كهنوته كرمز للمسيح‬
‫ب ِم ْن ُه ْم قَ ْد َعش ََّر إِ ْب َرا ِهي َم‪َ ،‬وبَ َ‬
‫اركَ الَّ ِذي " ‪7:6‬‬ ‫َول ِكنَّ الَّ ِذي لَ ْي َ‬
‫س لَهُ نَ َ‬
‫س ٌ‬
‫"!لَهُ ا ْل َم َو ِ‬
‫اعي ُد‬
‫فهو يقصد بكالمه انه ليس له نسب وال بدايه من هارون وال نهاية‬
‫في هارون ولكنه بال نسب من من نسل هارون‬
‫ويكمل شارحا‬

‫‪1‬‬
‫‪46‬‬
‫ار ُك ِم َن األَ ْكبَ ِر ‪7:7‬‬ ‫َاج َر ٍة‪ :‬األَ ْ‬
‫ص َغ ُر يُبَ َ‬ ‫ُون ُك ِّل ُمش َ‬
‫َوبِد ِ‬
‫ش ُهو ُد لَهُ بِأَنَّهُ‪7:8‬‬
‫ش ًرا‪َ ،‬وأَ َّما ُهنَاكَ فَا ْل َم ْ‬ ‫ون يَأْ ُخ ُذ َ‬
‫ون ُع ْ‬ ‫َو ُهنَا أُنَ ٌ‬
‫اس َمائِتُ َ‪W‬‬
‫‪.‬ح ٌّي‬‫َ‬
‫وهنا يقصد بها انه الالويين‪ W‬مائتون ياخذون عشور ورغم ان ملكي‬
‫صادق انسان مائت اي انه انسان يموت ولكن رمزه لكهنوت المسيح‬
‫ال يموت ياخذ العشور‬
‫فهو يتكلم عن ليس شخص ملكي صادق ولكن في رمز المسيح فيه‬
‫الذي ال يموت‬
‫اما المسيح فبداية حياته بالجسد معروفه ونهايته ايضا بالجسد اذا‬
‫فايضا ملكي صادق يشير الي كهنوت المسيح وليس ان ملكي صادق‬
‫ازلي ابدي طبعا‬
‫وكما قلت سابقا معلمنا بولس الرسول اكد انه رمز بكلمة مشبه لكن‬
‫لو كان ظهور للمسيح لما قال مشبه‬
‫ذكر لي احد اليهود تقليد قديم يهودي عن من هو ملكيصادق واذكره‬
‫هنا فقط للمعلومة ليس لتاكيد وال نفي رغم اني‪ W‬بحثت وبدات اتاكد من‬
‫‪.‬انه فعال تقليد يهودي قديم‬
‫اآلخ َذ األَ ْعش َ‬
‫َار قَ ْد ُعش َِّر بِإِ ْب َرا ِهي َم‪. .‬‬ ‫ضا ِ‬ ‫َحتَّى أَقُو ُل َكلِ َمةً‪ :‬إِنَّ الَ ِوي أَ ْي ً‬
‫‪7:9‬‬
‫ق‪7:10..‬‬ ‫ستَ ْقبَلَهُ َم ْل ِكي َ‬
‫صا َد َ‬ ‫ب أَبِي ِه ِح َ‬
‫ين ا ْ‬ ‫ص ْل ِ‬ ‫ألَنَّهُ َك َ‬
‫ان بَ ْع ُد ِفي ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪47‬‬
‫وس َعلَ ْي ِه ‪7:11‬‬‫ب أَ َخ َذ النَّا ُم َ‬ ‫ت الّالَ ِو ِّ‬
‫ي َك َما ٌل إِ ِذ ال َّ‬
‫ش ْع ُ‬ ‫فَلَ ْو َك َ‬
‫ان بِا ْل َك َهنُو ِ‬
‫ق؟‬
‫صا َد َ‬ ‫اجةُ بَ ْع ُد إِلَى أَنْ يَقُو َم َكا ِهنٌ َ‬
‫آخ ُر َعلَى ُر ْتبَ ِة َم ْل ِكي َ‬ ‫َما َذا َكانَ ِ‬
‫ت ا ْل َح َ‬
‫‪.‬والَ يُقَا ُل َعلَى ُر ْتبَ ِة َها ُر َ‬
‫ون‬ ‫َ‬
‫وانه شخص من اثنين هو نوح او سام وهو بالفعل مقصود انه بال اب‬
‫‪.‬وبال ام النهم ماتوا كلهم قبل الطوفان‬
‫ووجدت في ترجوم يوناثان ان ملك ساليم هو ابن نوح وهو الكهنوت‪W‬‬
‫الذي استمر من نوح من ذبيحة التي قدمت بعد الطوفان ومعمودية‬
‫اسرة نوح‬
‫وقبل الحكم علي هذا التقليد اوضح عدة امور اوال نوح مستبعد الن‬
‫نوح مات قبل والدة ابراهيم ولكن سام ظل حي حتي بعد ميالد اسحاق‬
‫‪ 18.‬سنة‬
‫امر اخر اسم ملك شاليم وهي في العبري شاليم وتبدا بحرف الشين‬
‫العبري وهي بها حرفين من اسم سام‬
‫ولهذا قد يكون ان سام هو اول من سكن ساليم ودعاها مدينة السالم‬
‫وهو ملكيصادق اسمه بعد الملك فهو ملك السالم بعد الطوفان‬
‫وهذا يفسر المكتوب عنه‬
‫هو فعال بال اب فهو الوحيد الذي في ايام ابراهيم يقال عنه بال اب‬
‫فابوه نوح مات ولكن باقي البشر في زمانه ال يقال عنهم بال اب النه‬
‫هو ابوهم ففي حياته ال يوصفوا‪ W‬انهم بال اب اال هو فقط بال اب وبال‬
‫ام في هذا الزمان‬

‫‪1‬‬
‫‪48‬‬
‫وايضا بال بداية ايام هذا معناه انه من ما قبل الطوفان فبعد الطوفان‬
‫بدات حياة جديدة تماما وتعتبر مسكونة جديده وفتره زمنية جديده بعد‬
‫ان فترة ادم وأوالده ماتوا وبقي نسل جديد وهو نسل نوح ولكنه من‬
‫قبل هذه البداية فلهذا هو بال بداية ايام النه سابق لهذه الحياه الجديدة‬
‫وايضا تعبير بال نهاية حياة النه يعتبر في الطوفان مات وقام فهو‬
‫مات الموت االول او عبر الموت االول في الطوفان ( هو سيموت‬
‫بعدها جسديا ولكن معني رمزي انه عبر الموت وهذا امر ليس بقليل)‬
‫وايضا هذا يفسر لماذا قدم خبز وخبر بدل من اللحم النه هو من زمن‬
‫ما قبل الطوفان حيث كان االنسان ياكل خبز وال ياكل لحوم علي‬
‫االطالق ولهذا لم يقدم طعام حيواني ولكن طعام نباتي تقدمة خبز‬
‫وخمر‬
‫ايضا يوصف ملكي صادق بانه كاهنا هلل العلي وكهنوته هو من نوح‬
‫من ادم من هللا الكهنوت‪ W‬الذي اسسه المسيح بنفسه عندما اخطأ‬
‫االنسان ادم‪ .‬وهذا يفسر ان كهنوته مقبول وليس مثل كهنوت االمم‬
‫الوثنيين‪ W‬فكهنوته مؤسس في االصل من هللا نفسه وهو غالبا اخر‬
‫كهنوت علي المرتبة من قبل الطوفان ولهذا اسمه كاهنا هلل العلي‬
‫‪.‬ويستخدم تعبير هللا العلي التعبير القديم‬
‫وايضا هذا يفسر احترام ابراهيم له الشديد جدا بدون سبب ظاهر رغم‬
‫انه رفض اي شيئ من الملوك الكنعانيين‪ W‬األكثر سلطانا منه‪ .‬فهو جد‬
‫ابراهيم االكبر وهو بركة االرض كلها في هذا الزمان ولهذا عشر له‬
‫‪.‬ابراهيم كل شيئ‬

‫‪1‬‬
‫‪49‬‬
‫وهو يبارك ابراهيم الن االكبر كما قال معلمنا بولس الرسول يبارك‬
‫االصغر فهو اكبر من ابراهيم‬
‫مع كل هذا هو يضيف رموز اخري للمسيح‬
‫بل حرف الشين نفسه يعتبر هو اشاره السم الرب فهم من الطرق‬
‫التي يستخدمها اليهود لذكر يهوه بدون ما يقولوا اسمه وهو ايضا‬
‫االشارة بدل من اشير وهو ايضا يستخدم للرب فيستخدم فقط شين في‬
‫‪.‬بداية الكلمة وهذا اسمه يشير الي الرب المسيح‬
‫وايضا هو اختار اورشليم الن مدينة اورشليم نفسها هي شكلها‬
‫كحرف الشين العبري‬

‫‪ :‬ولهذا يقال في‬


‫سفر المزامير ‪2 :76‬‬
‫ص ْهيَ ْون‬ ‫سالِي َم ِمظَلَّتُهُ‪َ ،‬و َم ْ‬
‫س َكنُهُ فِي ِ‬ ‫‪َ .‬كانَتْ فِي َ‬
‫سفر الملوك األول ‪36 :11‬‬
‫اج لِ َدا ُو َد َع ْب ِدي ُك َّل األَيَّ ِام أَ َما ِمي‬
‫س َر ٌ‬ ‫ون ِ‬ ‫ْطي ا ْبنَهُ ِس ْبطًا َو ِ‬
‫اح ًدا‪ ،‬لِيَ ُك َ‬ ‫َوأُع ِ‬
‫س ِمي فِي َها‬ ‫ض َع ا ْ‬ ‫سي ألَ َ‬ ‫اخت َْرتُ َها لِنَ ْف ِ‬ ‫‪.‬فِي أُو ُر َ‬
‫شلِي َم ا ْل َم ِدينَ ِة الَّتِي ْ‬

‫سفر الملوك الثاني ‪4 :21‬‬


‫ض ُع‬ ‫ت ال َّر ِّب الَّ ِذي قَا َل ال َّر ُّب َع ْنهُ فِي أُو ُر َ‬
‫شلِي َم أَ َ‬ ‫َوبَنَى َم َذ َ‬
‫ابح ِفي بَ ْي ِ‬
‫س ِمي‬
‫‪.‬ا ْ‬
‫سفر أخبار األيام الثاني ‪6 :6‬‬
‫‪1‬‬
‫‪50‬‬
‫ون َعلَى‬ ‫س ِمي فِي َها‪َ ،‬و ْ‬
‫اخت َْرتُ َدا ُو َد لِيَ ُك َ‬ ‫اخت َْرتُ أُو ُر َ‬
‫شلِي َم لِيَ ُك َ‬
‫ون ا ْ‬ ‫بَ ِل ْ‬
‫س َرائِي َل‬
‫ش ْعبِي إِ ْ‬
‫َ‬
‫سفر أخبار األيام الثاني ‪4 :33‬‬
‫ت ال َّر ِّب الَّ ِذي قَا َل َع ْنهُ ال َّر ُّب‪« :‬فِي أُو ُر َ‬
‫شلِي َم يَ ُكونُ "‬ ‫ابح فِي بَ ْي ِ‬ ‫َوبَنَى َم َذ َ‬
‫س ِمي إِلَى األَبَ ِد‬
‫"ا ْ‬
‫سفر نحميا ‪9 :1‬‬
‫ون"‬ ‫ان ا ْل َم ْنفِ ُّي َ‪W‬‬
‫اي َو َع ِم ْلتُ ُمو َها‪ ،‬إِنْ َك َ‬ ‫َوإِنْ َر َج ْعتُ ْم إِلَ َّي َو َحفِ ْظتُ ْم َو َ‬
‫صايَ َ‬
‫ت‪ ،‬فَ ِمنْ ُهنَاكَ أَ ْج َم ُع ُه ْم َوآتِي بِ ِه ْم إِلَى ا ْل َم َك ِ‬
‫ان‬ ‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬ ‫صا ِء ال َّ‬ ‫ِم ْن ُك ْم فِي أَ ْق َ‬
‫س ِمي فِي ِه‬
‫ان ا ْ‬‫س َك ِ‬ ‫اخت َْرتُ ِإل ْ‬ ‫"‪.‬الَّ ِذي ْ‬
‫ومن كل ما قدمت ملكي صادق شخص حقيقي فقط يرمز للمسيح‬
‫ولكنه ليس ظهور للمسيح او شيئ خيالي‬
‫ملكي صادق شخصية كتابية غامضة‪ ،‬واسمه معناه ‪" :‬ملك البر"‬
‫وأيضا ً "ملك السالم" (عب ‪ .)2 :7‬ويذكر ملكي صادق عدة مرات‬
‫في الكتاب المقدس (تك ‪ ،20 -18 :14‬مز ‪ ،4 :110‬عب ‪:6 ،10 :5‬‬
‫‪ .)17 -1 :7 ،20‬أوالً ‪ -:‬في سفر التكوين (‪ :)20– 18 :14‬زحف‬
‫كدرلعومر ملك عيالم ومعه ثالثة ملوك آخرون من ملوك بالد بين‬
‫النهرين‪ ،‬على البالد المحيطة بالبحر الميت إلعادة إخضاعهم له‪.‬‬
‫وحدثت الموقعة في عمق السديم‪ ،‬وانهزم حلف سدوم وعمورة‪ ،‬فأخذ‬
‫كدرلعومر ومن معه جميع أمالك سدوم وعمورة‪ ،‬وأخذوا لوطا ً ابن‬
‫أخي أبرام‪ ،‬وأمالكه ومضوا‪ ،‬فلما سمع أبرام‪ ،‬جر غلمانه المتمرنين‪،‬‬
‫ولدان بيته‪ ،‬ثالث مئة وثمانية عشر‪ ،‬وتبعهم إلى دان‪ ،‬وهزمهم‬
‫‪1‬‬
‫‪51‬‬
‫"واسترجع كل األمالك واسترجع لوطا ً أخاه أيضا ً وأمالكه والنساء‬
‫أيضا ً والشعب" (تك ‪ .)16-14 :14‬وعند عودته قابله ملكي صادق‪،‬‬
‫ملك شاليم (أورشليم – انظر مز ‪ ،)2 :76‬وقدم إلبراهيم خبزاً وخمراً‬
‫– وكان ملكي صادق كاهنا ً هلل العلي – وقال له ‪" :‬مبارك أبرام من‬
‫هللا العلي‪ ،‬مالك السموات واألرض‪ ،‬ومبارك هللا العلي الذي أسلم‬
‫أعداءك في يدك‪ .‬فأعطاه (إبراهيم) عشراً من كل شئ"‪ .‬وال عالقة‬
‫"هلل العلي" الذي كان ملكي صادق كاهنا ً له‪ ،‬باإلله الوثني "عليون"‬
‫الذي كان يعبده الكنعانيون‪ ،‬بل هو هللا العلي الذي خلق السموات‬
‫واألرض‪ .‬وقد كان هذا أمراً بعيداً عن الفكر الوثني‪( W‬تك ‪ 19 :14‬و‬
‫‪( ، )22‬مز ‪ .)56 :78 ،2 :57 ،2 :47 ،17 :7‬ويقول ملكي صادق‬
‫إلبراهيم ‪ :‬مبارك هللا العلي الذي أسلم أعداءك في يدك" (تك ‪:14‬‬
‫‪ ،)20‬ويبدي إبراهيم موافقته على ذلك‪ ،‬بقبول عطاياه‪" ،‬وأعطاه‬
‫عشراً من كل شئ"‪ ،‬بينما أبى إبراهيم أن يأخذ شيئا ً من ملك سدوم‬
‫الذي لم يكن يعرف "هللا العلي" (تك ‪ .)24 -21 :14‬ويرى البعض‬
‫أن معرفة ملكي صادق باهلل العلي الحقيقي‪ ،‬وصلت إليه في األجيال‬
‫القديمة منذ زمن الطوفان‪ ،‬أو أنه – مثل إبراهيم – تخلى عن الوثنية‬
‫وتحول إلي التوحيد بإعالن مباشر من هللا‪ .‬فمن الواضح في (عب ‪:7‬‬
‫‪ )3‬أنه لم يكن وارثا ً لهذا الكهنوت عن أحد أسالفه‪ .‬ثانيا ً ‪ -:‬في سفر‬
‫المزامير (‪ :)4 :110‬في المزمور المئة والعاشر‪ ،‬يتكلم داود بروح‬
‫النبوة عن شخص أعظم منه‪ ،‬يقول عنه "ربي"‪ ،‬ارجع أيضا ً إلى مت‬
‫‪43 :22‬و ‪ ،44‬مرقس ‪ ،36 :12‬لو ‪ ،)42 :20‬وقد اقتبس الرب‬
‫يسوع هذا الكالم‪ ،‬مطبقا ً إياه على نفسه‪ ،‬وذلك ألنه "ابن هللا" كما‬
‫أنه "ابن داود" – حسب الجسد‪ -‬والكالم في العدد الرابع من‬
‫المزمور موجه للمسيا‪" :‬أنت كاهن إلى األبد على رتبة ملكي‬
‫‪1‬‬
‫‪52‬‬
‫صادق"‪ ،‬وتجد إيضاحا ً لهذا القول في الرسالة إلى العبرانيين كما‬
‫سيأتي‪ .‬ثالثا ً ‪ -:‬في الرسالة إلى العبرانيين ‪:7 -20 :6 ،11 -6 :5( :‬‬
‫‪ .)28‬إن كهنوت الرب يسوع أسمى من كهنوت هارون‪ ،‬لذلك يقول‬
‫الوحي عنه ‪" :‬أنت كاهن إلى األبد على رتبة ملكي صادق " (عب‬
‫‪ )6 :5‬وذلك أوالً ‪ :‬ألن المسيح وملكي صادق هما ملكا البر وملكا‬
‫السالم (عب ‪1 :7‬و‪ ،)2‬وثانيا ً ‪ :‬أن لكليهما كهنوتا ً ال عالقة له‬
‫بالتوارث العائلي (عب ‪ ،)3 :7‬وثالثا ً ‪ :‬إن كهنوتهما‪ W‬دائم إلى األبد‬
‫(عب ‪ .)3 :7‬ثم يبين الرسول أن كهنوت ملكي صادق أسمى من‬
‫الكهنوت الالوي‪ ،‬فقد كان ملكي صادق أعظم من إبراهيم جد الوي‪،‬‬
‫ألن ملكي صادق أعطى إبراهيم هدايا‪ ،‬وبارك إبراهيم وأخذ منه‬
‫العشور (عب ‪ .)10 -4 :7‬ثم يذكر أن كهنوت ملكي صادق أعظم من‬
‫الكهنوت الالوي‪ ،‬الذي لم يكن به كمال (عب ‪ .)19-11 :7‬ثم إن‬
‫كهنوت المسيح‪ ،‬على رتبة ملكي صادق‪ ،‬كان بقسم‪ ،‬وهو ما لم يحدث‬
‫في الكهنوت الالوي‪( ،‬عب ‪ ،)22-20 :7‬وكهنوت المسيح يبقى إلى‬
‫األبد (عب ‪3 :7‬و ‪ .)25 -23‬والذين يقولون إن ملكي صادق لم يكن‬
‫سوى أحد ظهورات المسيح قبل التجسد‪ ،‬يبنون ذلك على ما جاء في‬
‫الرسالة إلى العبرانيين‪ 39 :7( W‬من أنه "بال أب‪ ،‬بال أم‪ ،‬بال نسب‪ ،‬ال‬
‫بداية أيام له وال نهاية حياة‪ ،‬بل هو مشبّه بابن هللا‪ ،‬هذا يبقى كاهنا ً‬
‫إلى األبد"‪ .‬ولكن يجب فهم هذه العبارة بمعنى أن كهنوته يتميز عن‬
‫كل كهنوت آخر‪ ،‬وليس أن نسله الكهنوني سيستمر إلى األبد‪ .‬لقد كان‬
‫"ملكي صادق" ملكا ً وكاهنا ً مقاما ً من هللا‪ ،‬ليكون رمزاً للرب يسوع‬
‫المسيح‪ .‬وعبارة " بل هو مشبه بابن هللا" دليل واضح على أنه لم‬
‫يكن هو "ابن هللا" (عب ‪ .)3 :7‬وليس ثمة سند كتابي للزعم بأن‬

‫‪1‬‬
‫‪53‬‬
‫ملكي صادق كان هو "سام بن نوح" (كما يذكر الترجوم اليهودي‪،‬‬
‫وكما يظن جيروم ولوثر وغيرهم)‬

‫الباب التاني‬
‫ثالث رموز االفخارستية الغير مباشرة في العهد‬
‫القديم‪:‬‬
‫الفصل االول‬
‫خبز المائدة ‪:‬‬
‫خر ‪ )) 30:25‬هو خبز الفطير الذي كان يُصنع كل سبت ويُقدم على‬
‫مائدة الذهب ساخنًا‪ ،‬وكان يقدم منه اثنا عشر رغيفًا بقدر عدد أسباط‬
‫بني إسرائيل‪ W.‬ويظن أن األرغفة كانت تجعل صفين‪ .‬وسميت خبز‬
‫الوجوه ألنها كانت دائ ًما أمام الرب‪ ،‬وكانت تغير كل يوم سبت (الويين‬
‫‪ )8 :24‬ولم يكن يحل ألحد أن يأكل منها غال الكهنة وخم في المقدس‬
‫(‪ 1‬صم ‪ 6 -1 :21‬ومت ‪ . )4 :12‬ولعل األرغفة االثني عشر التي‬
‫كانت تهيأ أمام الرب كانت تومئ إلى صلة مستمرة بين يهوه وبين‬
‫شعبه‪ ،‬فهو واهب المنح والخيرات التي يستمتعون بها في حضرته‬

‫‪1‬‬
‫‪54‬‬
‫ويستخدمونها لخدمته‪ .‬وكان بنو القهاتيين‪ W‬قوامين على صناعة هذا‬
‫‪.‬الخبز يهيئونه كل سبت (‪ 1‬أخبار ‪) 2:9‬‬
‫وكانت مائدة الخبز تصنع من خشب اللبخ وتغطى بقشرة من ذهب‪،‬‬
‫وكانت أطرافها تنتهي‪ W‬بإكليل ذهبي وكانت توضع حلقة في نهاية كل‬
‫طرف من أطرافها‪ ،‬توضع فيها العصي‪ W‬التي تحمل بها‪ .‬وكان طول‬
‫المائدة ذراعين وعرضها ذرا ًعا وعرضها ذرا ًعا واح ًدا وارتفاعها‬
‫ذرا ًعا ونصف ذراع (خر ‪ .299 - 23 :25‬ولمعرفة طريقة نقلها انظر‬
‫عدد ‪ 7 :4‬و‪ .8‬وكانت توضع في القدس إلى جوار الحائط الشمالي‬
‫أي عن يمين الداخل إلى الخيمة (خر ‪ )22 :40‬وكان في هيكل‬
‫سليمان عشر موائد لخبز الوجوه كما كان فيه عشر منائر‪ .‬ولكن‬
‫يظهر أنه لم يستخدم إال مائدة واحدة في وقت واحد كما بم يستخدم‬
‫أكثر من منارة واحدة في وقت واحد (‪ 2‬أخبار ‪ 8 :4‬و‪. )11 :13‬‬
‫وكذلك إذا راجعنا تاريخ يوسيفوس‪ ،‬الكتاب الثامن‪ ،‬والفصل الثالث‬
‫والفقرة السابعة‪ ،‬فإننا نجد في ‪ 1‬ملو ‪ 48 :7‬و‪ 2‬أخبار ‪ 18 :29‬ذكر‬
‫االستعمال مائدة واحدة‪ .‬أما مائدة خبز الوجوه التي كانت في الهيكل‬
‫الثاني فقد حملها معه أنطيوخس أبيفانيس‪ ،‬ولكن يهوذا المكابي صنع‬
‫مائدة جديدة (‪ 1‬مكابيين ‪ 22 :1‬و‪ )49 :4‬وقد حمل تيطس الروماني‬
‫ضا معه إلى روما ‪.‬‬
‫هذه أي ً‬
‫أمر هللا بوضع الخبز على المائدة خاصة يوم السبت‪ ،‬أي أمر بوضعه‬
‫في الكنيسة‪ ،‬ألنه يشير إلى الكل "الكنيسة" خالل الجزء "المائدة‬
‫لمقدسة"‪ .‬ولكن أي شيء‬ ‫ا‬
‫قدس من مائدة المسيح‬ ‫أ‬
‫لمقدسة؟!‬ ‫ا‬
‫‪1‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل التاني‬
‫وليمة الحكمة ‪:‬‬
‫ال يقف عمل الحكمة عند النداء العملي لكل البشرية والدعوة للتمتع‬
‫به بكونه حكمة هللا األزلي‪ ،‬الخالق والمدبر للخليقة كلها‪ ،‬مقد ًما‬
‫بركاته الفائقة‪ ،‬لكنه يكشف هنا عن المائدة التي أعدها للمؤمنين‪،‬‬
‫‪.‬تكلفتها بذل ذاته بالحب العملي على الصليب ألجل اإلنسان‬
‫يدعونا السيد المسيح ‪-‬الحكمة اإللهي‪ -‬إلى سمواته لكي نشبع من‬
‫المائدة الفريدة الغنية‪ ،‬فقد حمل جسدنا بيتًا له‪ ،‬وصار جسده الحقيقي‬
‫‪ .‬الذي يبذله بالحب طعا ًما روحيًا يشبع النفس ويرويها‬
‫جاء السيد المسيح نفسه ليدعونا إلي وليمته‪ ،‬كما بعث إلينا تالميذه‬
‫ورسله والعاملين في كرمه لتقديم دعوة عامة لكل البشرية‪ .‬لكن ال‬
‫يستطيع أن يتمتع بهذه الدعوة إال من يشعر بجهله واحتياجه إلي‬
‫الحكمة‪ .‬مسيحنا جاء ال ليدعو األبرار‪ ،‬بل الخطاة إلي التوبة‪ .‬اختار‬
‫جهال العالم لكي يخزي بهم الحكماء في أعين أنفسهم‪ ،‬واختار‬

‫‪1‬‬
‫‪56‬‬
‫الضعفاء ليخزي األقوياء‪ ،‬والمزدري وغير الموجودين ليخزي بهم‬
‫‪.‬من يظنوا في أنفسهم أنهم شيء (‪1‬كو‪)27:1‬‬
‫من ال يقبل وليمة الحكمة يجد نفسه قد انسحب إلي وليمة الجهل‪.‬‬
‫‪:‬مائدة الحكمة‬
‫يس‪WW‬تعرض س‪WW‬ليمان الحكيم اهتم‪WW‬ام حكم‪WW‬ة هللا بالمائ‪WW‬دة الس‪WW‬مائية ال‪WW‬تي‬
‫أع‪WW‬دها لمحبوبي‪WW‬ه‪ ،‬ب‪WW‬ني البش‪WW‬ر‪ ،‬ال‪WW‬ذين هم موض‪WW‬ع س‪WW‬روره ولذت‪WW‬ه‪،‬‬
‫موضحا تكلفتها وفاعليتها في حياتهم‪.‬‬
‫ً‬
‫كشف لنا الروح‪ ،‬خالل سليمان‪ ،‬رم ًزا لذبيحة الرب‪ ،‬إذ ذكر الذبيحة‬
‫‪.‬التي من الخبز والخمر‪ ،‬المقدمة على المذبح‬
‫يقول‪" :‬الحكمة بنت بيتها‪ ،‬سندته بسبعة أعمدة‪ ،‬ذبحت ذبحها‪،‬‬
‫ضا رتبت مائدتها" (أم‪) 1:9‬‬
‫‪.‬مزجت خمرها في كأس‪ ،‬أي ً‬
‫عال لكي يأتوا‬
‫ت ٍ‬ ‫بعد هذا أرسلت جواريها ينادين ضيوفها بصو ٍ‬
‫ويشربوا كأسها‪" .‬هلموا كلوا من خبزي واشربوا من الخمر التي‬
‫‪ ".‬مزجتها‬
‫هكذا يعلن سليمان عن الخمر الممزوج‪ ،‬وكأنه يتحدث بطريقة نبوية‬
‫عن كأس الرب الممزوجة خم ًرا وما ًءا(‪)178‬‬

‫الشهيد كبريانوس‬
‫في بيت الوليمة هذا يج‪W‬د اآلتين‪ W‬من المش‪W‬ارق والمغ‪WW‬ارب لهم موض‪ً W‬عا‬
‫في حضن إبراهيم وإسحق ويعقوب‪ ،‬في ملكوت السموات‪..‬‬

‫‪1‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل التالت‬
‫وليمة المسيا ‪:‬‬
‫يدعونا إشعياء النبي‪ W‬إلى وليمة اإلفخارستيا‪ ،‬قائالً‬
‫أيها العطاش جمي ًعا هلموا إلى المياه‪ ،‬والذي ليس له فضة‪ ،‬تعالوا"‬
‫‪.‬اشتروا حنطة وكلوا‪ ،‬وبال ثمن خم ًرا ولبنًا‬
‫!لماذا تنفقون فضة لغير خبز؟‪ ،‬وتعبكم‪ W‬لغير شبع‬
‫‪.‬استمعوا إلى استما ًعا‪ ،‬تعالوا إل ّي‪ ،‬استمعوا فتحيا نفوسكم‬
‫"‪.‬معكم أقطع عه ًدا أبديًا حسب المراحم التي ُوعد بها داود‬
‫يعني بالماء والروح القدس المعمودية‪ ،‬أما الخمر والخبز فيشيران‬
‫في الماضي إلى تقدمة اليهود‪ ،‬واآلن يشيران إلى شركة الخلود التي‬
‫‪.‬يهبها جسد الرب ودمه‬
‫القديس ديديموس الضرير‬
‫يدعو النبي كل الشعوب التي أختتنت بالقلب ال حسب الجس‪WW‬د لكي تنعم‬
‫بالوليمة‪ ،‬إذ يقول "على الجبل يقيم رب الجنود وليم‪WW‬ة لك‪WW‬ل الش‪W‬عوب‪،‬‬
‫وليم‪WW‬ة دس‪WW‬مة‪ ،‬وليم‪WW‬ة خم‪WW‬ر‪ ...‬وعلى ه‪WW‬ذا الجب‪WW‬ل يبي‪WW‬د الحج‪WW‬اب ال‪WW‬ذي‬
‫يحجب كل الشعب"‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬من هو المسيح بنظر اليهود ؟ هل هو ابن هللا ؟ أرجو‬
‫بعض اآليات التي تدل على ذلك من العهد القديم ‪ .‬هل هو هللا ؟‬
‫‪.‬أيضا بعض آيات العهد القديم‬
‫‪1‬‬
‫‪58‬‬
‫‪:‬اإلجابة‬
‫عند اليهود المسيا هو المخلص ال ُمنتظَر‪ ،‬وهو قائد ُم َعيَّن من قِبَل هللا‪،‬‬
‫صلب داود الملك‪،‬‬ ‫وقد يكون مل ًكا إلسرائيل ألنه يجب أن يخرج من ُ‬
‫وهو الذي سيحكم الشعب اليهودي‪ ،‬ويُ َو ِّحد أسباط إسرائيل‪ ،‬ويُعلن‬
‫عن بدء العصر المسياني ‪ ،‬والذي سيكون فيه ‪-‬من وجهة نظر‬
‫اليهود‪ -‬العدل والسالم والحرية على األرض بدون أي حروب أو‬
‫جرائم أو فقر‪ ..‬وحسب نظر اليهود من خالل التلمود والمدراش‬
‫وغيره‪ ،‬فإن المسيا ال ُمنتظر سيأتي قبل سنة ‪ 6000‬من خلق العالم‬
‫(وحاليًا عام ‪ 2010‬مثاًل يُقابل سنة ‪ 5770‬للخليقة حسب العقيدة‬
‫اليهودية والنتيجة اليهودية)‪ .‬اقرأ مقال المسيا ومقال المسيح في‬
‫قسم قاموس الكتاب المقدس هنا في موقع األنبا تكال لمعرفة المزيد‬
‫عن المسيح في المسيحية‪ ،‬وهو الذي تحققت فيه كل النبوءات‬
‫‪...‬المسيا‪ ..‬على الرغم من انتظار اليهود له حتى اآلن‬
‫فاليهود ينظرون إليه كرسول من هللا وليس أنه هو هللا أو ابن هللا‪..‬‬
‫وهم ينتظرون ملك أرضي يجعلهم فوق جميع الشعوب لكونهم مازالوا‬
‫‪.‬شعب هللا ال ُمختار في نظرهم‬
‫ولكن المسيحية علمت المغزى الحقيقي من وراء النبوات‪ ،‬والذي‬
‫تجاهله اليهود كثي ًرا‪ ،‬وخاصة في أمور مثل صلب المسيح وموته‬
‫وقيامته وغير ذلك مما هو مذكور في سفر إشعياء (مثل نبوات‪W‬‬
‫أصحاح أشعياء ‪ )53‬ونبوءات‪ W‬دانيال وغيره‪ ..‬وهناك الكثير والكثير‬
‫من النبوات المسيانية في العهد القديم التي تحققت جميعها في‬
‫‪.‬شخص السيد المسيح‬

‫‪1‬‬
‫‪59‬‬
‫ونرى بعض اليهود األوائل الذين آمنوا بالمسيح عندما ق‪WW‬الوا بعض‪WW‬هم‬
‫يح‪ .‬فَ َج‪ WW‬ا َء بِ‪ِ WW‬ه إِلَى‬ ‫س‪WW‬يَّا‪ ،‬الَّ ِذي تَ ْف ِ‬
‫س‪WW‬ي ُرهُ‪ :‬ا ْل َم ِ‬
‫س‪ُ WW‬‬ ‫لبعض‪" :‬قَ‪ْ WW‬د َو َج‪ْ WW‬دنَا َم ِ‬
‫سو َع" (إنجيل يوحنا ‪)42 ،41 :1‬‬ ‫يَ ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪60‬‬
‫الفهرس‬

‫المقدمة‬ ‫‪1 ‬الي ‪8‬‬


‫الباب االول ‪ :‬الرموز المباشرة لالفخارستيا فى العهد القديم‬
‫الفصل االول ‪ :‬شجرة الحياة‬ ‫‪9‬الي ‪15‬‬
‫الفصل الثانى ‪ :‬خروف الفصح‬ ‫‪ 16 ‬الي ‪21‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬المن و السلوى‬ ‫‪ 22 ‬الي ‪24‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬ملكى صادق‬ ‫‪ 25 ‬الي ‪43‬‬
‫الباب الثانى ‪ :‬الرموز الغير المباشرة لالفخارستيا فى العهد‬
‫القديم‬
‫الفصل االول ‪ :‬خبر المائدة‬ ‫‪ 44 ‬الي ‪45‬‬
‫الفصل الثانى ‪ :‬مائدة الحكمة‬ ‫‪ 45 ‬الي ‪47‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬وليمة المسيا‬ ‫‪ 47 ‬الي ‪49‬‬

‫‪1‬‬
‫‪61‬‬
‫المراجع‬

‫اسم الكتاب‬ ‫الكاتب‬


‫علي هذه الصخرة‬ ‫للقس بولس حليم‬
‫المسيح فى سر‬ ‫القمص تادرس يعقوب‬
‫االفخارستيا‬ ‫ملطى‬
‫للكاتب‪ N‬القس انطونيوس االسرار الكنيسة السبعة‬
‫فكرى‬
‫الكهنوت‬ ‫لقداسة البابا شنودة‬
‫التالت‬
‫برانت بيترى‪ N‬ـ ترجمة ‪ :‬االصول اليهودية لسر‬
‫اإلفخارستيا‬ ‫القس انطونيوس فكري‬
‫دائرة المعارف الكتابية قاموس الكتاب‪ N‬المقدس‬
‫المسيحية‬

‫‪1‬‬
‫‪62‬‬
1
63

You might also like