Professional Documents
Culture Documents
التجربة التونسية في مجال تنظيم المعاملات المدينة والتجارية الالكترونية لطفي بن كريم
التجربة التونسية في مجال تنظيم المعاملات المدينة والتجارية الالكترونية لطفي بن كريم
التجربة التونسية في مجال تنظيم المعاملات المدينة والتجارية الالكترونية لطفي بن كريم
المقدمة:
أن تنامي رغبة اإلنسان في معرفة حال اآلخر ثقافيا واجتماعيا
واقتصاديا وسياسيا وإدراكه أن تلقي وتبليغ المعلومات واألفكار إلى الغير تستوجب
اتخاذ وسائل لنقلها قد مثل الدافع األساسي البتك ار ط رق ووس ائل لالتص ال.1
فتطورت وسائل االتصال ونقل المعلومات بكيفية تلفت االنتب اه وهي ناتجة عموما عن
الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم منذ القرن السابع عشر والثامن عشر.2
وتطور عالم االتصال بشكل سريع وفي زمن قياسي عقب اكتشاف
الموجات الكهرومغناطيسية فمن وسائل االتصال السلكية ووسائل االتصال الالسلكية
إلى األقمار الصناعية فاأللي اف البص رية .مع تط ور اإلعالمية وازدهارها أمكن
وضع شبكات تسمح بالتواصل السريع ونقل المعلومات والبيان ات س واءا ك انت
صورة أو صوتا في ش كل إش ارات مرقمة بطريقة تفاعلية بفضل تق دم ع الم
الملتيميديا .ومن ثمة أمكن تبادل المعلوم ات بص فة الكترونية وتوف ير جملة من
الخدمات عن بعد وبشكل سريع وأص بح العلم بفضل ذلك بمثابة القرية الص غيرة
استثمرت فيها تلك التطورات لتك ريس وت رويج ما س مي بالعولمة االقتص ادية
والثقافية.
أن هذا التحول الذي شهده العالم مثل منعرجا حاسما في تاريخ البشرية
ونقلة نوعية عي س لوكيات األف راد والمجموع ات وح ول المجتمع من مجتمع
معلومات واتصال وأدى إلى خلق طرق جدي دة في التعامل تن ذر ب اقتراب نهاية
عصر األوراق وهيمنة عصر الرقمنة الذي يكون فيه كل شيء يحمل رقما يعرفه.6
ومن ثمة تأثر التعامل المدني والتجاري بهذا الواقع الجديد أمرا محتما.
1
.المنصف الزغاب "المبادالت االلكترونية والملكية الفكرية" م.ق.ت عدد 1جانفي 2008ص 151
2
حيت تم اختراع المطبعة وظهر البريد الجوي والتصوير الشمسي.
3
Disquette
4
CD-Rom
5
DVD.
6
المنصف زغاب " المبادالت االلكترونية والملكية الفكرية " مجاة القضاء والتشريع عدد 1جانفي 2008ص.151 .
1
لم يعرف المشرع التونسي على خالف القوانين المقارنة المعامالت
المدنية والتجارية إجم اال واقتصر تعريفه على المب ادالت التجارية والتج ارة
االلكترونية.
فقد عرف القانون عدد 83لس نة 2000الم ؤرخ في 9أوت 2000المب ادالت
التجارية بكونها المبادالت ال تي تتم باس تعمال الوث ائق االلكترونية 7أما التج ارة
االلكترونية فهي كل العمليات التجارية التي تتم عبر المبادالت االلكترونية .
أما العقود غير المسماة فقد تكون كذلك عقودا االلكترونية كعقد الرعاية
الطبية لفريق كرة قدم وعقد الفندقية أو غيرها فكل هذه عقود غ ير مس ماة و لم
يتدخل المش رع لتنظيمها ومع ذلك فهي تخضع للنظرية العامة للعق ود كما وردت
في القانون المدني .ومع ذلك فهذه العقود وسواء كانت مسماة يجوز أن تتم بطريقة
الكترونية.
أما االتفاق فقد يقصد بها عقود جماعية بين مجموعة من المستهلكين
وشركة من الشركات.
لكن ال يمكن أن تكون المعاملة الكترونية إال إذا ما وقع تنفيذها كليا أو
جزئيا بطريق المراسالت االلكترونية والتي عن طريقها يتم إرسال الرسائل من مكان
إرسالها ثم استالمها من مكان االستالم أو انترنت وان كانت األخيرة هي الوس يلة
المثلى في الوقت الحالي إلتمام المعامالت االلكترونية.
إن تطور وسائل االتصال والتقدم في مجال اإلعالمية خلق واقعا جديدا
يتعايش فيه نوعين مختلفين من المع امالت :مع امالت تقليدية مادية وأخ رى
الكترونية غير مادية ال تترك إجماال أي اثر ماديا يمكن الج وع إليه حينا وتلزمنا
بالتفكير من جديد عن مصير معارفنا القانونية القديمة التي أص بحت تحت اج إلى
مراجعة شاملة تأكدت يوما بعد يوما .ومن ذلك يكمن األهمية القصوى للمع امالت
االلكترونية التي أصبحت المنهج الوحيد بالنسبة إلى الس نوات المقبلة الن المجتمع
7
الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر في 11اوت 2000عدد 64صفحة .2085
2
ليس مخيرا بان يسلكه أو يتركه بل انه مجبرا على تتبعه وإال فانه سيفاجأ بوجوده
خارج حركة التاريخ خاصة في مجال يتعلق بالحياة االقتصادية مثل التجارة.
إال أن هذا النوع الخاص من المعامالت ورغم انتشاره بسرعة فائقة ليس
بظاهرة جديدة بل إنها ظاهرة مارسها التجار منذ م دة لكن بطريقة يدوية ال تعتمد
على وسائل تقنية كالمينيتال واإلعالمية البعدية والهاتف والفيديو النقال والبريد.
-على الصعيد الواقعي :إن المعامالت االلكترونية س واء ك انت مدنية أو تجارية
تعكس باألساس ظ اهرة التعامل عن بعد في مج االت متع ددة ك الطب عن بعد
والتعليم عن بعد وكذلك التجارة عن بعد التي قربت القارات من بعض ها البعض
وأغنت المتعاملين في هذا المجال عناء التنقل.
-على الصعيد القانوني :إن تأثر المعامالت المدنية والتجارية ب الواقع االلك تروني
يدفعنا للتساؤل حول ما إذا ك انت األطر القانونية التقليدية كافية الس تيعاب ه ذه
المعامالت المادية؟ أي هل أن المعامالت االلكترونية ستخضع لنفس نظام المعامالت
التقليدية في ظل التطورات الحاصلة في وسائل االتص ال و تأثيرها في القواعد و
األحكام التقليدية؟
إن هذا التساؤل يفرض نفسه خاصة وان القانون التونسي يحمل في طياته
تكريسا للتعامل عن بعد وضبطت له إحكاما دقيقة في اإليجاب والقبول.10غير انه
يظل غير كافيا لذلك بات تنظيم هذه المعامالت مطلبا ض روريا وهو ما دفع لجنة
األمم المتحدة لقانون التجارة الدولية ()CNUDCIإلى إصدار قانون نموذجي للتجارة
االلكترونية وتوص ية البل دان بالعمل على منواله ومالئمة تش ريعاتها الوطنية
لتوجيهاته .11وقد س ار االتح اد األوروبي على نفس النهج بإص داره العديد من
التوصيات في هذا الشأن ويذكر منها التوصية عدد 99/53الصادرة عن البرلم ان
ومجلس االتحاد األوروبيين في 13/12/1999التي تتضمن إطارا جدي دا يض من
8
L’intranet : le d’un intranet au sein d’une entreprise augmente la productivité des action, sa mise
en place permet d’accroître la qualité et le niveau de l’information des collaborateur au delà de ces
bénéfices immédiats, l’entreprise y gagne globalement en faisant évaluer ses procès managériaux.
9
L’extranet est un outil complémentaire indispensable de l’intranet, il permet à une entreprise
d’intégrer l’ensemble de ses partenaires ; fournisseurs et sous traitant à son activité, c'est-à-dire de
lier tous les acteurs de la chaîne de productions de la conception jusqu'à la distribution des
produits.
10الفصول 28و 37م ا ع انظر صفحة
11القانون النموذجي للنجارة االلكترونية المؤرخ في جوان .1996
3
االعتراف باإلمضاءات االلكترونية على مستوى كامل ال دول األوروبية كما وضع
إطارا شامال للتجارة االلكترونية بمباركة اغلب الدول األعضاء.12
إن اإلجابة على هذه التساؤالت تقتضي التعرض إلى القواعد القانونية التي
اقرها المشرع التونسي لحماية المع امالت االلكترونية ( مبحث أول ) وال تي تبقى
محدودة رغم الجهود المبذولة في هذا االتجاه ( مبحث ثاني ).
لقد أفرزت شبكة االنترنت التي تمثل فضاء مالئما للعارضين والبائعين
والمشترين نوعا جديدا من المعامالت االلكترونية التي تخضع لنظام ال بيع عن بعد
الذي يمكن تعريفه بكونه التقنية التي بواس طتها يمكن للمس تهلك وخ ارج األطر
المعتادة بقبول الحر فاء أن يتقدم بطلب بض اعة أو خدمة فت دخل المش رع في
المجال بان وضع قواعد لحماية المستهلك في العق ود االلكترونية (الفق رة األولى)
وقواعد أخرى لالعتراف بالوثيقة االلكترونية (الفقرة الثانية).
العقد االلكتروني هو عقد عن بعد باعتبار انه يتم بين أطراف ال يجمعهم
مجلس واحد بل أنهم مستوون في العالم اجمع وان يتم بطرق الكترونية .14ويجري
على العق ود االلكترونية نظ ام العق ود الكتابية 15من حيث التعب ير عن اإلرادة
ومفعولها القانوني وصحتها وقابليتها للتنفيذ في ما ال يتعارض وأحكام القانون عدد
83لسنة 2000في 9أوت 2000المتعلق بالمبادالت والتجارة االلكترونية.16
4
وقد حرص المشرع التونسي على توفير هذه الحماية ضمن قانون سنة
2000حيث اقر بعض اآلليات حماية للمس تهلك في العق ود االلكترونية والمتمثلة
أساسا في واجب إعالم المستهلك (أ) والمرحلية في إتمام العقد االلكتروني(ب).
إن اإلعالم هو واجب محمول على البائع يسبق مرحلة التعاقد النهائي
فرضها المشرع التونسي على البائع أو مسدي الخدمة في عقد التج ارة االلكترونية
تهدف إلى جعل المتعاقد عالما بجميع معطيات العملية التي يتأهب للقيام بها17.ولعل
السبب الرئيسي في تكريس هذا الواجب هو افتراض انع دام الت وازن بين الق وة
االقتصادية للتاجر وقدرته على اإلقناع بفضل طغيان وسائل اإلشهار التجاري التي
بحوزته وتوظيفها لفائدته من جهة وضعف تجربة المستهلك وتس رعه في اتخ اذ
قرار الشراء وعدم إلمامه بفنون التسويق التجاري من جهة أخرى.
ويبرز حرص المشرع على تحقيق ذلك الهدف من خالل تحديده لمضمون
اإلعالم من جهة( )1وتنفيذه من جهة أخرى (.)2
) 2مضمون اإلعالم:
17محي الدين نقنق :قانون حماية المستهلك عدد 117فسنة 1992المؤرخ في " 7/12/1992رسالة تخرج من المعهد
األعلى للقضاء ,السنة القضائية , 1994-1993ص.30.
18محمد السعيدي " جرائم التجارة االلكترونية " مذكرة لإلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الجنائية السنة
الجامعية .2004- 2003ص.59.
5
وقد شملت هذه البيانات هوية وعنوان وهاتف البائع أو مسدي الخدمة
حتى تساعد الطرف اآلخر على االتصال بالبائع من اجل التفاوض في بن ود العقد
المزمع إبرامه .كما يجب على البائع أن يوفر للمس تهلك معلوم ات علي المراحل
واإلجراءات التي سوف تمر بها المعاملة حتى ينتهي تنفيذ العقد .كان يحدد الب ائع
التزاماته تجاه المشتري في المرحلة الس ابقة إلتم ام العقد ثم في المرحلة النهائية
إلبرامه مع بيان طريقة نقل ملكية المبيع سواء ك ان عق ارا أم منق وال أو خدمة
19
محددة.
ويجب على البائع أيضا أن يقدم للموجب له طبيعة وخاصيات وسعر
المنتوج ,كلفة تسليم المنتوج ومبلغ تأمينه واألداءات المستوجبة ,الفترة ال تي يك ون
خاللها المنتوج معروضا باألسعار المحددة ,شروط الض مانات التجارية والخدمة بعد
البيع ,طرق وإجراءات ونتائج عدم انجاز االلتزامات ,إمكانية الع دول عن الش راء
واجله ,كيفية إقرار تقنيات االتصال حين ينم احتسابها على أساس مختلف التعريفات
الجاري بها العمل ,شروط فسخ العقد إذا كان لمدة غير محددة او لمدة تفوق السنة.
وأخيرا يجب على البائع تحديد الم دة ال دنيا للعقد في ما يخص العق ود المتعلقة
بتزويد المستهلك المنتوج أو خدمة خالل مدة طويلة أو بصفة دورية.
على أن القانون ألزم البائع أو مقدم الخدمة بان يوفر جملة هذه المعلومات
السابقة الذكر بطريقة الكترونية ووضعها على ذمة الموجب له لالطالع عليها في
جميع مراحل المعاملة حتى يتسنى لهذا األخير االطالع عليها قبل الضغط على زر
الموافقة وخالل مراحل العملية االلكترونية ذاتها وذلك ح تى يك ون الرض اء
االلكتروني الصادر من المستهلك قد أنبنى على أسس واضحة ومعلومة وش املة
20
لجميع أركان العقد.
)3تنفيذ اإلعالم:
إن واجب اإلعالم المسبق محمول على الموجب ومضمونه محدد إال إن
تنفيذه يطرح عدة إش كاليات تتعلق أساسا بط رق تق ديم البيان ات والمعلوم ات
المنصوص عليها قانونا للم وجب له من جهة وتأكيد المعلوم ات المقدمة من جهة
أخرى إذ يجب أن تقدم هذه المعلومات في وعاء الكتروني بطريقة واض حة وفي
الوقت المناسب هذا باإلضافة إلى مسألتين ال تقل أهمية عن المسائل الس ابقة وهما
نطاق اإلعالم وعبء اإلثبات.
لذلك أوجب الفصل 25من قانون المبادالت والتجارة االلكترونية إن يقع تقديم
هذه المعلومات للمستهلك بطريقة واضحة ومفهومة .وهو ما يدعونا للتساؤل ح ول
الطريقة الواجب إتباعها لتحقيق ذلك الهدف وهل إن الموجب له هو ال ذي يبحث
عن المعلومات والبيانات المتعلقة بالعملية التجارية ؟
19عبد الفتاح بيومي’ حجازي" شرح قانون المبادالت والتجارة االلكترونية التونسي .ص .204
20
إن بعض الفقهاء اعتبروا أن المشرع التونسي قد استلهم جملة هذه التنصيصات من التوصية األوروبية في حين وجب عليه
أن يذهب إلى أكثرمن ذلك بخصوص واجب اإلعالم وذلك بان يلزم المواقع التجارية بان توفر ما يعبر عنه بروابط
للنصوص بطريقة واضحة وسهلة االستعمال وهي طريقة تمكن المستهلك والموجب له عموما من االطالع بصفة
مباشرة على المعلومات التي تهمه .
6
لإلجابة عن هذا السؤال البد من التعرض للفصل 36من القانون عدد 83
لسنة 2000الذي حمل البائع إثبات حصول اإلعالم المس بق وإق رار المعلوم ات
واحترام اآلجال وقبول المستهلك وكل اتفاق مخالف لذلك يعد ب اطال .وانطالقا من
هذا الفصل يكون المشرع قد أشار على ضرورة تأكيد المعلومات إال انه لم يح دد
الطريقة التي يجب إتباعها إلق رار ه ذه المعلوم ات وإثباتها وذلك لما نص عليه
الفصل الخامس من التوصية األوروبية
المتعلقة بالعقود عن بعد والمؤرخة في 20/05/1997حيث ألزم البائع بأن يت ولى
تأكيد المعلومات وإبالغها للمستهلك عن طريق كتب أو سند دائم . 21وال يعتبر هذا
الواجب مكتمال إذا اقتصر البائع عن التأكيد عبر شاشة الحاسوب تاركا للمس تهلك
مهمة التزود بمحتوى الكتب أو طبع المعلومات .
أما بخصوص وقت اإلدالء بالمعلومات فإن الفصل 25من قانون التجارة
االلكترونية أقر بأنه يجب أن يتم اإلدالء بالمعلوم ات قبل إب رام العقد لكن من
المالحظ أن هذه المرحلة يمكن أن تستغرق وقتا طويال لذا ك ان من الض روري
واقتداء بالمادة الرابعة من التوجه األوروبي رقم 23 97/7تحديد وقت معين يتوجب
خاللها اإلدالء بالمعلومات التي تشكل مضمون اإلعالم ال واجب القي ام به وذلك
لتفادي كل غموض والحد من وقوع النزاعات التي قد تنشأ بين المتعاقدين .
أما بخصوص مسألة عبء إثبات حصول اإلعالم فإن الفصل 36من قانون
التجارة االلكترونية حمله على البائع إذ أوجب عليه أن يوفر للمستهلك طبق الفقرة
األخيرة من الفصل 25من نفس القانون جملة من المعلومات ووض عها على ذمته
الكترونيا وهو ما أكده الفصل 29من نفس الق انون إذ نص على انه " يتعين على
البائع أن يوفر للمستهلك عند الطلب خالل العشرة أيام الموالية إلب رام العقد وثيقة
كتابية أو الكترونية تتضمن كافة المعطيات المتعلقة بعملية البيع " وهو ما يمكن من
تكوين حجة كتابية يكون بموجبها اإلثبات ممكنا .
21
support durableص11
22
Trochu. M « protection des consommateur en matière de contrat à distance » Dallozص34
1999 ; cahier chronique p. 180.
23نصت هذه المادة على ضرورة أن يتم إعالم المستهلك في الوقت المناسب قبل إبرام كل عقد يتم عن بعد.
7
وتجدر اإلشارة إلى أن واجب اإلعالم هو واجب محمول على البائع
المحترف والبائع الغير محترف على حد السواء تطبيقا لقانون 09/08/2000الذي
وردت عبارته مطلقة في هذا الشأن.
إن الحماية السابقة إلبرام العقد االلكتروني من شانها إن تضفي مزيدا من
الضمانات القانونية للمستهلك .فهذه الضمانات القانونية من شانها إن تشجع المستهلك
على االنخراط في المعامالت التجارية برضاء ينبني على أسس شاملة بجميع أركان
العقد .فتعدد المتدخلين في إطار التجارة االلكترونية عبر ش بكة االن ترنت وع دم
معرفة هويتهم بصفة مدققة من شانه أن يس اهم في تص اعد ح االت اإلش هار
والكتائب والمعلومات المغلوطة .لذلك منح المشرع حق االطالع على جميع البيانات
المتعلقة بالعقد قبل الضغط على زر الموافقة وفرض على صاحب الموقع التجاري
وتوفير هذه البيانات والمعلومات الكترونيا ووض عها على ذمة المس تهلك لالطالع
عليها في جميع مراحل المعاملة .ويعتبر اإلخالل بهذا ال واجب جريمة تع رض
صاحبها للتتبع الجزائي على معنى الفصل 49من القانون ع دد 83لس نة 2000
وذلك بخطية ت تراوح بين 500و 5000دين ار .كما نص الفصل 50من نفس
القانون على انه يعاقب كل من استغل ضعف أو جهل شخص في إطار عملي ات
البيع االلكتروني بدفعه لاللتزام حاضرا أو آجال ب أي ش كل من اإلش كال بخطية
ت تراوح بين 1000و 2000دين ار وذلك إذا ثبت من ظ روف الواقعة أن ه ذا
الشخص غير قادر على تمييز أبعاد تعهداته أو كشف الحيل والخدع المعتمدة لدفعه
للتعاقد أو إذا ثبت انه كان تحت ضغط مع مراعاة أحكام المجلة الجنائية.
عادة ما تبرم العقود بصفة فورية وذلك بمجرد التقاء اإليجاب بالقبول إال انه
ونظرا للطبيعة الخاصة للعقود االلكترونية ولضمان الحماية الضرورية للمستهلك فان
المشرع اقر مرحلية في إتم ام تلك العق ود ع بر حق المس تهلك في الحوص لة
والمراجعة ( )1وحقه في العدول (.)2
24الفصل 33ينص على انه من صدر منه اإليجاب وعين أجال لقبوله فهو ملزم للطرف اآلخر إلى انقضاء األجل فإن لم يأته
الجواب بالقبول في األجل المذكور انفك التزامه.
8
العقد قد نشأ إال بعد أن يدلي البائع موافقته أو مصادقته على القبول الص ادر عن
المس تهلك عمال بالفصل 28من 9أوت 2000إذ اوجب على الب ائع أو مس دي
الخدمة " تمكين المستهلك من المراجعة النهائية لجميع اختياراته وتمكينه من إق رار
الطلبية أو تغييرها حسب إرادته وكذلك االطالع على شهادة المص ادقة االلكترونية
المتعلقة بإمضائه .
ويعرف حق العدول بأنه تعبير عن إرادة مخالفة لما وقع االتفاق عليه
يرمي من ورائها أحد اإلطراف الرجوع فيما وقع االتفاق عليه واعتب اره ك ان لم
يكن .والشك أن هاته التقنية التي تبناها المشرع التونسي وخاصة في قانون 9أوت
2000المتعلق بالمبادالت والتجارة االلكترونية هي حمائية باألس اس باعتب ار أنها
تهدف إلى تحقيق أوفر الضمانات للمستهلك بوصفه الطرف الضعيف في عقود البيع
وإسداء الخدمات موضوع العقود االلكترونية.
ويمثل هذا الحق في الواقع أداة تشريعية تلعب دورا أساسيا في حماية من
يتعاقد دون إمكانية حقيقية لمناقشة شروط تعاقدهم.
25هذه اآللية ال نجدها في القانون المقارن خاصة في أغلب القوانين األوروبية 56ص 20وهي تمثل خروجا عين مبدأ القوة
الملزمة للعقد.
9
وفي هذه الحالة يتعين على البائع إرجاع المبلغ المدفوع إلى المستهلك في
أجل عشرة أيام من تاريخ إرجاع البضاعة أو العدول عن الخدمة.
غير أن حق العدول عن الشراء المخول للمستهلك ليس مطلقا إذ أن المشرع منعه
في بعض الحاالت الواردة بالفصل 32من قانون المب ادالت والتج ارة االلكترونية
وهي كاآلتي:
-إذا تم تزويد المستهلك بمنتوجات حسب خاصيات شخصية .
-إذا تم تزويد المستهلك بمنتوجات ال يمكن إعادة إرسالها أو تكون قابلة
الفساد النتهاء مدة صالحيتها . للتلف أو
-قيام المستهلك بنزع األختام عن السجالت السمعية البصرية أو البرمجيات
والمعطيات اإلعالمية المسلمة أو نقلها آليا.
-شراء الصحف والمجالت.
إن الوثيقة االلكترونية تمثل المظهر األساسي الندثار الشكل المادي للسند
المثبت لاللتزامات أو المكون لها ولكن الطابع االلك تروني للوثيقة يورثها ض عفا
شديدا إزاء نفس التكنولوجيا التي جعلت منها سندا رقميا إذ بقدر ماهي قادرة على
صنعها فإنها قادرة كذلك على تغييرها وإفسادها وتدليسها بشكل غير مبني وهو ما
خلق هاجس ضمان عدم إدخال أي تغيير عليها بعن وان ض مان ص فة اإلثب ات
10
المرتبطة بها 26حتى تتوفر فيها شروط السالمة التي تميز الوثائق التقليدية وال تي
ال يمكن تغيير محتواها الحقا من اإلطراف أو الغير دون إبقاء أثرا ظاهرا بالكتب
.27
26عز الدين بن عمر " العقد االلكتروني بين زوال السند المادي عند إبرامه واآلثار الالمادية لتنفيذه’ " ،م .ق.ت.ديسمبر’ 2001
ص 97
27رغم إن المشرع التونسي قد ضبط النظام القانوني للوثيقة االلكترونية صلب مجل’ة االلتزام’ات والعق’ود أال ان’ه لم ي’بين ط’رق
حفظها رغم ما لهذه المسالة من أهمي’’ة قص’وى إذ اكتفى المش’رع بوض’ع ش’’رط المحافظ’ة على الوثيق’’ة االلكتروني’ة في ش’كلها
النهائي .غير انه بدراسة مختلف أحكام القانون المتعلق بالمبادالت والتج’’ارة االلكتروني’’ة يتجلى لن’’ا أن المش’’رع ق’د اعتم’’د على
تقنية التشفير لحفظ المعلومات’ الواردة بالوثيقة وقدم لها تعريفا بالفصل الثاني من القانون المذكور وهو :اما اس’’تعمال رم’’وز او
إشارات غير متداولة تصبح بمقتضاها المعلومات’ المرغوب تمريرها او إرسالها غير قابلة للفهم من قبل الغير او استعمال رموز
أو إشارات ال يمكن الوصول إلى المعلومة بدونها .وقد عرف الق’’انون المص’’ري التش’’فير بان’’ه " :تغي’’ير في ش’’كل البيان’’ات’ عن
طريق تحويلها إلى رموز أو إشارات لحماية هذه البيانات من اطالع الغير عليها او تعديلها او تغييرها’.
28الفصل 453مكرر من م إ ع فقرة ثانية .
29الفصل الرابع من قانون المبادالت والتجارة االلكترونية .
30عز الدين بن عمر " مرجع سابق ص 96
11
لتكون الوثيقة االلكترونية ذات قيمة إثباتية تضاهي الوثيقة الورقية ينبغي أن
31
تكون محفوظة على حامل الكتروني يؤمن قراءتها والرج وع إليها عند الحاجة
بصورة تسمح باالطالع على محتواها طيلة مدة صلوحيتها . 32
ومعنى الحفظ المقصود هنا هو الحفظ الم ادي للوثيقة االلكترونية من
االضمحالل أو التلف أو االندثار وهو الذي يخول االطالع عليها في أي وقت من
قبل طرفي المعاملة أو من قبل القاضي في ح ال نش وب ن زاع بين األط راف
وتقديمها كوسيلة إثبات. 33
تجدر اإلشارة إلى الحفظ المادي للوثيقة االلكترونية يمكن أن تتخذ صورتين
:
تكون المعاملة مؤسسة على سند ورقي وتك ون المعلوم ات الصورة األولى :أن
تلك المعاملة مكتوبة على حامل ورقي ثم يتم حفظ تلك الوثيقة المجسمة لتفاص يل
ؤدي في النهاية إلى الحص ول على وثيقة الكترونية يمكن بطريقة الكترونية ت
. 34 االطالع عليها الحقا
الص ورة الثانية :أن تك ون المعاملة قد نش أت منذ البداية بطريقة الكترونية في
نطاق التعامل االفتراضي الذي توفره وسائل االتص ال الحديثة ثم يتم حفظ الوثيقة
35
المتضمنة لتفاصيل تلك المعاملة عقب استخراجها بطريقة الكترونية.
12
وقد تدارك المشرع هذا النقص بمقتضى القانون عدد 57لسنة 2000
المؤرخ في 13جوان 2000ال ذي أض اف فق رة ثانية جدي دة تنص على أن
اإلمضاء يتمثل في "وضع اسم أو عالمة خاصة بخط يد العاقد نفسه مدمجة بالكتب
المرسوم بها أو إذا كان الكترونيا في استعمال منوال تعريف موث وق به يض من
36
صلة اإلمضاء المذكور بالوثيقة االلكترونية المرتبطة به".
ولئن اعترف المشرع التونسي بالتوقيع االلكتروني إال انه لم يقدم له تعريفا
مثل المشرع المصري 37وإنما تناول العناصر المؤدية إلى ه ذا التوقيع وتج در
المالحظة أن القانون عدد 83لستة 2000الم ؤرخ في 09/08/2000لم يع رف
بدوره اإلمضاء االلكتروني بصفة صريحة وإنما حدد في فصله الثاني معالمه التقنية
من خالل إعطاء تعريف لمنظومة إحداث اإلمض اء االلك تروني بكونها " مجموعة
وحيدة 38من عناصر التشفير الشخصية أو مجموعة من المعدات المهي أة خصيصا
إلحداث إمضاء الكتروني " وكذلك تحديد منظومة الت دقيق في اإلمض اء بكونه ا"
مجموعة محددة من عناصر التشفير العمومية أو مجموعة من المعدات ال تي تمكن
من التدقيق في اإلمضاء االلكتروني".كما اشترط الفصل الخامس من القانون ع دد
83لسنة 2000على انه "يمكن لكل من يرغب في إمضاء وثيقة الكترونية إحداث
إمضاءه بواسطة منظومة موثوق بها يتم ضبط مواصفاتها التقنية بقرار من الوزير
المكلف باالتصاالت".
36ا لهام في اعتراف المشرع التونسي بالمضاء االلكتروني هو صدوره خارج أي إطار ق’انوني مس’’بق واالع’’تراف ب’’ه على نفس
درجة اإلمضاء اليدوي على خالف التجارب األولية التي تسمح باعتماده عي مجاالت معينة وعلي إطار اتفاقي اذ جاء بالفصل 3
من الديوانة انه عندما تحرر الوثائق ذات الصبغة الديوانية بواسطة آالت إعالمية انطالقا من معلومات تبلغ إلى الديوانة بواسطة
طرق الكترونية او طرق أخرى أوتوماتكية فان تصديق مثل هذه الوثائق يمكن ان يتم بط’رق أخ’رى غ’ير اإلمض’اء الخطي على
ان تخضع للشروط المحددة بقرار من وزير التخطيط والمالية .
37لقد ورد تعريف التوقيع االلكتروني في مشروع قانون التجارة االلكترونية المصري بأنه" حروف أو أرقام أو رموز أو
إشارات لها طابع منفرد تسمح بتحديد صاحب التوقيع وتمييزه عن غيره" دكتور عبد الفتاح بيومي’ حجازي :التجارة االلكترونية
العربية ص.73.
38يقصد بعبرة’ مجموعة وحيدة بأنها مجموعة عناصر تخص شخصا واحدا بمعنى انها ال تتكرر مع أكثر من شخص وذلك
حتى يمكن التمييز والتفرقة بين التوقيع االلكتروني لشخص وآخر.
13
تعتبر تونس من أول البلدان العربية التي بادرت بإصدار أحكام تحمي
وتنظم المعامالت االلكترونية
لكن جملة هاته األحكام وإن كانت تعكس وعي الهياكل الوطنية بحجم
الصعوبات في هذا المجال إال أنها ال ترتقي إلى درجة إرساء نظام قانوني متكامل
( فقرة أولى ) عالوة إلى عدم تالؤمها مع بعض المعامالت االلكترونية ( فقرة ثانية
).
وقد كان المشرع التونسي من السباقين وبادر بوضع إطار قانوني للمتدخلين
في المجال االلكتروني لكن عن طريق أحكام متفرقة وردت إما بصفة عرضية (أ)
أو بصفة مبدئية (ب).
أ – األحكام العرضية:
لقد نصت مجلة االلتزامات والعقود من سنة 1906على كيفية إبرام العقود
بالمراسلة وضبطت له أحكام دقيقة في اإليجاب والقبول 39وهي أحكام معلومة منذ
الق دم وخاصة وخاصة المب دأ المنص وص عليه بالفصل 28وهو أن" العقد لتم
بالمراسلة في وقت ومكان إجابة الطرف اآلخر بالقبول".
40
كما تتضمن المجلة المدنية التونسية إشارة إلى التعاقد بواسطة الهاتف
واعتراف صريح بحجية التلغراف كوسيلة اتصال حديثة حيث نص الفصل 441م
ا ع " ان البينة بالكتابة ...قد تحصل أيضا من الرسائل التلغرافية" واعت بر الفصل
445م ا ع التلغراف كتبا غير رسمي يخضع في نظامه ألحكام الفصول 455و
456و 457م ا ع.
14
كما أن مجلة التحكيم الصادرة بموجب القانون عدد 42لسنة 1993المؤرخ
في 26أفريل 1993نص على أن االتفاقية تعتبر ثابتة بكتب إذا وردت في وثيقة
موقعة من األطراف او تبادل رسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها من وس ائل
االتصال التي تثبت وجود االتفاقية. ...وهو ما يمثل اعترافا صريحا بهذه الط رق
كوسيلة من وسائل اإلثبات.
ويضاف إلى ذلك األحكام التي وردت ضمن الفصل 62من مجلة الضريبة
على دخل األشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات سنة 1989التي تض منت
اعترافا صريحا بالوثيقة المعلوماتية كحجة إثبات تحت شروط معينة.
جاءت متفرقة واتت بصفة عرضية ال تضع لكن جملة هذه األحكام
الضوابط المبدئية التي تعود بالفائدة.
41يمثل القانون عدد 40لسنة 1998المؤرخ في 2جوان 1998تاثر المشرع التونسي باالتجاه’ العام المعمول به في حماية
المستهلك.
15
وقد ضبط كذلك الباب الرابع من القانون المذكور األحكام المتعلقة
باإلشهار ونص الفصل 35منه على انه يعتبر إشهارا على معنى هذا الق انون كل
عملية اتصال تهدف بصفة مباشرة أو غير مباش رة إلى تنمية بيع المتوج ات أو
إسداء خدمات مهما كان المكان أو وسائل االتصال المعتم دة وض بطت الفص ول
الموالية النظام القانوني لإلشهار.
مجال لقد بادر المشرع التونسي بتحديد اإلطار العام للمتدخلين في
ؤرخ االتصاالت ذات القيمة المضافة خاصة عبر األمر عدد 501لسنة 1997الم
راس في 14مارس 1997المتعلق بالخدمات ذات القيمة المضافة لالتص االت وك
افة الشروط الضابط للشروط الخاصة بوضع واستغالل الخدمات ذات القيمة المض
وزير لالتصاالت من نوع انترنات حسب ما وقع المصادقة عليه بموجب قرار من
قرار المواصالت المؤرخ في مارس .1997
42لقد ذهب بعض رجال القانون الى ان القانون عدد 40يمثل االطار المالئم للتجارة االلكترونية .لكن الحقيقة هو ان التجارو
االكترونية تخضع لموجبات الكترونية قد ال يستوعبها’ نص القانون عدد 40الذي يهدف اساسا لحماية المستهلك والذي ظل
متمسكا باالمضاءات المادية ( الفصل 27منه) .
16
فقد نص 57على انه" يمكن للمطالب باألداء اكتتاب وإيداع تصاريحه
الجبائية ودفع األداء والخطايا المتعلقة به وك ذلك تب ادل المعلوم ات والوث ائق
المستعملة لض بط األداء أو الموجهة إلى مص الح الجباية أو مص الح الجباية أو
مصالح استخالص األداء بالوس ائل االلكترونية الموث وق بها وذلك طبقا للتش ريع
الجاري به العمل المتعلق بالمبادالت االلكترونية".
)5األمر عدد 2802لسنة 2001المؤرخ في 6ديس مبر 2001والمتعلق بض بط
مجال وطرق تطبيق أحكام الفصل 58من القانون عدد 98لسنة 2000المؤرخ في
25ديسمبر 2000والمتعلق بقانون المالية لسنة .2001
تضمن الفصل األول من هذا األمر " انه يمكن لألشخاص المعنويين او
األشخاص الطبيعيين الخاض عين لألداء حسب النظ ام الحقيقي تق ديم التص اريح
والقائمات والكشوفات المتضمنة لمعلومات على حوامل ممغنطة ت ودع ل دى مكتب
مراقبة االداءات المختص ترابيا ويمكن قبول احد الحوامل الممغنطة التالية:
-أقراص ألنظمة القراءة بالليزر
-دعائم مغناطيسية معدة لالستعمال في المعالجة اآللية للمعلومات من صنف 2/1" 3
وأضاف بفص له الث الث " ي ودع الحامل الممغنط ل دى مكتب مراقبة األداءات
المختص ترابنا مرفوقا بجدول إحالة حسب نموذج تع ده اإلدارة وذلك مقابل وصل
تسليم ينص على القبول الوقتي للحامل".
نص الفصل 66من هذا القانون على انه" يكون اإليداع على حوامل ممغنطة
إجباريا بالنسبة الى التصاريح والقائمات والكشوفات بالنسبة إلى المطل بين ب األداء
الذين يمسكون محاسبتهم بواسطة الحاسوب والذين يفوق رقم مع امالتهم الس نوي
الخام مبلغا يقع تحديده بقرار من الوزير المكلف بالمالية.
17
المشرع بتنقيح أحكام المجلة الجنائية بموجب القانون عدد 89لسنة 1999وم ؤرخ
في 02/08/1999ومتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام المجلة الجنائية مجرما العديد
من االعتداءات على الوثيقة االلكترونية وخصص عقوب ات مالية وبدنية لمق ترفي
بعض الجرائم .
18
46
اال بالجريمة المعلوماتية حاالت غير معهودة من الجرائم وهو ما يعبر عنه إجم
مناطها المعامالت االلكترونية.
ورغم تنقيح المشرع لمجلة الجزائية فان المحاكم التونسية وجدت نفسها
عاجزة عن تتبع بعض المجاوزات تقيدا بمبدأ شرعية الج رائم والعقوب ات ومب دأ
التأويل الضيق للقاعدة الجزائية.
فقرة ثانية :عدم مالئمة التشريع االلكتروني مع بعض المعامالت المدنية والتجارية
:
فهل يمكن تعويض الكتب الخطي الورقي بالوثيقة االلكترونية إذا اشترط
القانوني الكتابة لصحة بعض التصرفات ؟
19
أوال :المبدأ:
وبهذا يحصل جواب مبدئي باإليجاب عن السؤال المطروح :إذا اشترط القانون
الكتابة مطلقا لصحة تصرف كان إفراغه في وثيقة الكترونية كافيا لتحقيق الش رط
المطل وب من ذلك ما نص عليه الفصل 190من المجلة التجارية على أن " :كل
تصرف في أصل تجاري بالبيع االختي اري أو الوعد ببيعه أو بإحالت ه مطلقا ولو
كان هذا التصرف معلقا على شرط أو صادرا بموجب عقد من نوع آخر أو كان
يقتضي انتقال األصل التجاري بالقسمة أو التص فيق أو بطريق المس اهمة به في
رأس مال شركة ،يجب إثباته بكتب وإال كان ب اطال " أو ما ينص عليه الفصل
343فقرة أولى من مجلة الشغل " :عقدة التدريب وجوبا كتابة وإال فإنها باطلة ".
وحيث على سبيل المقارنة لقي هذا السؤال في فرنسا جوابا باإليج اب بعد ف ترة
تردد شاع فيها العكس.
وقد دعم المشرع الفرنسي هذا الرأي استجابة لتوصية أوروبية مؤرخة في 8
جوان 2000تتعلق بالتجارة االلكتروني ة .فأعد مش روع ق انون يتعلق "بالثقة في
االقتصاد ال رقمي" يض يف إلى المجلة المدنية الفص لين 1108و 2-1108ح ول
اشتراط الشكل االلكتروني لصحة العقود ،ويضمن بالفصل 1 -1108بكل وضوح
مبدأ المطابقة بين الكتب االلكتروني والكتب الورقي أي أن الوثيقة االلكترونية تقوم
مقام الكتب الورقي بصورة خاصة في تأدية وظيفة الصحة .
غير انه بالنسبة للقانون التونسي فإن الجواب باإليجاب عن السؤال المطروح
آنفا ال يخلو من استثناءات .
20
نظم المشرع التونسي عدة تصرفات قانونية شكلية تصعب ان لم نقل يتعذر
مالئمة الوثيقة االلكترونية مع مقتضياتها فكلما تعلق األمر بالتعامل العقاري ( )1من
بيع ونحوه ،أو بمعاملة تتطلب نظاما إشهاريا محكما وقائما على دف اتر عمومية
كما في العقارات المسجلة واألصل التج اري ( )2أو بتص رف خطي شخصي أي
واجب التحرير من المتعاقد نفسه كالوص ية الخطية ،وجب في ذلك تحرير كتب
ورقي وال تقبل الوثيقة االلكترونيــة (. )3
تنص أحكام الفصل 581من م إ ع على أنه " إذا كان موضوع البيع
عق ارا أو حقوقا عقارية أو غيرها مما يمكن رهنه يجب أن يك ون بيعها كتابة
بحجة ثابتة التاريخ قانونا وال يجوز االحتجاج بالعقد الم ذكور على الغ ير إال إذا
سجل بقباضة المالية مع مراعاة األحكام الخاصة بالعقارات المسجلة " .
غير أنه في غياب نظام تسجيل الكتروني ال مفر إما من استخراج حجة
ورقية أو في أحسن األحوال اعتبار الوثيقة المستخرجة بمثابة التص ريح ألش فاهي
يسجل مقابل وصل يدلي له للمحكمة لكنه في النهاية مكتوب ورقي . 50
وتتجه اإلشارة إلى انه في صورة التفويت في عقار مسجل بالبيع وفي غير
صورة تحرير العقد من عدول إشهاد أو أع وان س لك التحرير في إدارة الملكية
العقارية حيث تعتبر الحجة الرسمية خارجة عن المجال االلكتروني ،فإن تحري ره
من محام غير متمرن طبقا للفصل 377مكرر من مجلة الحق وق العينية ال يمكن
أن يتم في شكل الكتروني لكثرة العوائق وال تي منها وج وب إمض اء المح رر
21
وتس جيل العقد بالقباضة المالية قبل 51
المعرف بهويته والتعريف بإمضاء األطراف
تقديمه للترسيم . 52
وبالتمعن في عقد الشركة أيضا يتجلى لنا قصور الوثيقة االلكترونية على
إعداد هذا النوع من التصرفات القانونية فقد جاء بالفصل 3من مجلة الشركات أن
عقد الشركة عدا شركة المحاصة يكون "بكتب خطي أو بحجة رسمية وإن كان من
بين المساهمات حصص عينية تتعلق بعقار مسجل يجب أن يح رر طبقا للتش ريع
الجاري به العمل وإال عد باطال ".
ومن ثم فإن الوثيقة االلكترونية يمكن أن تكون سندا لعقد شركة محاصة أو
أي نوع آخر من الشركات التجارية بشرط أال يكون من بين مس اهماتها عق ارا
مسجال إذ في هذه الحالة األخيرة يجب أن يقع تحرير العقد في شكل حجة رسمية
خاضعة ألحك ام الفصل 377مك رر من مجلة الحق وق العينية بمع نى يختص
بتحريره إما حافظ الملكية العقارية أو أحد األشخاص المذكورين ضمن هذا الفصل
.
ونظرا إلى أن رأس مال الشركة يتكون من مساهمات نقدية أو عينية أو
عمـــــال ( الفصل 5من مجلة الشركات التجارية ) أقصى المش رع ص لب
الفصل األول من القانون عدد 89لسنة 2004الم ؤرخ في 31/12/2004المتعلق
ب إجراءات تأس يس الش ركات عن بعد ،المس اهمات العينية وذلك لحماية العقد
التأسيسي لهذا النوع من الش ركات من البطالن المنص وص عليه ص لب الفصل
الثالث من مجلة الشركات التجارية المشار إليه.
والبيع النهائي في مادة البعث كذلك الشأن بالنسبة لعقد الوعد بالبيع
البيع كما اوجب ان يتض من العقاري 53فقد اشترط المشرع تحرير كتب الوعد ب
فرض المش رع بالفصل 9من ذلك الكتب بيانات محددة قانونا فمن الناحية الشكلية
كتب. قانون البعث العقاري ان يبرم الوعد بالبيع بمقتضى
وهنا تجدر اإلشارة انه إذا كان موضوع االلتزام عقارا غير مسجل فان
تحريره في شكل حجة رسمية أو غير رسمية يبقى رهبن إرادة اإلطراف وبالتالي
أمكن للوثيقة االلكترونية أن تكون سندا له ذا االل تزام على خالف األمر بالنس بة
للعقار المسجل.
ومن ذلك المنطلق إذا تعذر إتمام التعريف باإلمضاء والتسجيل والترسيم بناءا
على وثيقة الكترونية فال جدوى من التعامل بهذه الكيفية بما أن إتم ام الش كليات
المذكورة يستوجب تقديم وثيقة التحرير وهو أمر متع ذر .وبالت الي يتجه اس تبعاد
الوثيقة االلكترونية من البيع العقاري بل ومن التعامل العقاري بص فة عامة بما أن
الفصل 377مكــرر من مجلة الحق وق العينية منطبق على جميع العق ود
51الفصل 378من م ح ع .
52الفصل 94من م ح ع .
53القانون عدد 17لسنة 1990المؤرخ في 26فيفري 1990والمتعلق بتحوير’ التشريع الخاص بالبعث العقاري .
22
واالتفاقات الخاضعة للترسيم مطلقا سواء كانت بيعا أو معاوضة أو رهنا أو غيرها
مما يشمله الفصل 373من مجلة الحقوق العينية.
أن ما ذكرناه آنفا بخصوص العقار المسجل يمكن قوله في األصل التجاري
ضرورة وأن الفصل 189مكرر من المجلة التجارية خص المحامين بتحرير العقود
المتعلقة باألصل التجاري بشروط وإجراءات تذكر بتحرير العقود المتعلقة بالعقارات
المسجلة .
كما انه ال يمكن تجاوز مسألة اآلجال ألنها مسألة جوهرية في مؤسسة
األصل التجاري ذلك أن جميع التصرفات القانونية والحق وق المترتبة على األصل
التجاري مرتبطة في وجودها وصحتها باحتساب اآلج ال وهي جد متفرعة ومختلفة
فلكل أجل منها نقطة بداية مختلفة وبالتالي فإنه ال يمكن المخاطرة به ذه المؤسسة
بالولوج إلى عالم ال م ادي افتراضي يك ون الت وقيت فيه متفاوتا بحسب الموقع
الجغرافي للمستعمل وخاضعا في ضبطه إلى تقنيات تتمتع اليوم بنجاعة ما تلبث أن
تفقدها بطلوع فجر يوم جديد .
-3الوصية الخطية:
54بالنسبة مثال إلى وجوب تسجيل المكتري السمه إبان ابرام عقد كراء االصل التجاري ( الفصل 231م .ت ) .
55بالنسبة لجميع االشهارات وهي ال تحصى فكل عمل قانوني أو إجرائي يجب أن يخضع لإلشهار بالرائد الرسمي فضال عن
الصحف اليومية والتعليق .
56الفصول 239 ، 238، 205و 241من المجلة التجارية .
23
بوجوب كتابتها يدويا بخط الموصى 57وبالتالي ال يجوز تعويضه بإمضاء الكتروني
ومن ثم ال يمكن تحرير الوصية الخطية بوثيقة الكترونية.
57
محمود شمام ،الوصية في الفقه والقانون ،دار النجاح للطباعة والنشر والتوزيع ،تونس ،غير مؤرخ ،ص 101.و. 102
24