التجربة التونسية في مجال تنظيم المعاملات المدينة والتجارية الالكترونية لطفي بن كريم

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 24

‫التجربة التونسية في مجال تنظيم المعامالت‬

‫المدينة والتجارية االلكترونية‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫أن تنامي رغبة اإلنسان في معرفة حال اآلخر ثقافيا واجتماعيا‬
‫واقتصاديا وسياسيا وإدراكه أن تلقي وتبليغ المعلومات واألفكار إلى الغير تستوجب‬
‫اتخاذ وسائل لنقلها قد مثل الدافع األساسي البتك ار ط رق ووس ائل لالتص ال‪.1‬‬
‫فتطورت وسائل االتصال ونقل المعلومات بكيفية تلفت االنتب اه وهي ناتجة عموما عن‬
‫الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم منذ القرن السابع عشر والثامن عشر‪.2‬‬

‫وتطور عالم االتصال بشكل سريع وفي زمن قياسي عقب اكتشاف‬
‫الموجات الكهرومغناطيسية فمن وسائل االتصال السلكية ووسائل االتصال الالسلكية‬
‫إلى األقمار الصناعية فاأللي اف البص رية‪ .‬مع تط ور اإلعالمية وازدهارها أمكن‬
‫وضع شبكات تسمح بالتواصل السريع ونقل المعلومات والبيان ات س واءا ك انت‬
‫صورة أو صوتا في ش كل إش ارات مرقمة بطريقة تفاعلية بفضل تق دم ع الم‬
‫الملتيميديا‪ .‬ومن ثمة أمكن تبادل المعلوم ات بص فة الكترونية وتوف ير جملة من‬
‫الخدمات عن بعد وبشكل سريع وأص بح العلم بفضل ذلك بمثابة القرية الص غيرة‬
‫استثمرت فيها تلك التطورات لتك ريس وت رويج ما س مي بالعولمة االقتص ادية‬
‫والثقافية‪.‬‬

‫وقد تنامي عقب اندالع الثورة المعلوماتية استخدام الوسائل االلكترونية‬


‫لتبادل المعلومات وإبرام العقود وبعث الرسائل دون تجسيدها في سند ورقي ملموس‬
‫وإنما بتوثيقها ضمن أقراص مغناطيسية‪ 3‬وأقراص مكتنزة ‪ 4‬وأقراص فيدوية ‪.5‬‬

‫أن هذا التحول الذي شهده العالم مثل منعرجا حاسما في تاريخ البشرية‬
‫ونقلة نوعية عي س لوكيات األف راد والمجموع ات وح ول المجتمع من مجتمع‬
‫معلومات واتصال وأدى إلى خلق طرق جدي دة في التعامل تن ذر ب اقتراب نهاية‬
‫عصر األوراق وهيمنة عصر الرقمنة الذي يكون فيه كل شيء يحمل رقما يعرفه‪.6‬‬
‫ومن ثمة تأثر التعامل المدني والتجاري بهذا الواقع الجديد أمرا محتما‪.‬‬

‫فماذا يقصد بالمعامالت المدنية والتجارية االلكترونية ؟‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬المنصف الزغاب "المبادالت االلكترونية والملكية الفكرية" م‪.‬ق‪.‬ت عدد‪ 1‬جانفي ‪ 2008‬ص ‪151‬‬
‫‪2‬‬
‫حيت تم اختراع المطبعة وظهر البريد الجوي والتصوير الشمسي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Disquette‬‬
‫‪4‬‬
‫‪CD-Rom‬‬
‫‪5‬‬
‫‪DVD.‬‬
‫‪6‬‬
‫المنصف زغاب " المبادالت االلكترونية والملكية الفكرية " مجاة القضاء والتشريع عدد ‪ 1‬جانفي ‪ 2008‬ص‪.151 .‬‬

‫‪1‬‬
‫لم يعرف المشرع التونسي على خالف القوانين المقارنة المعامالت‬
‫المدنية والتجارية إجم اال واقتصر تعريفه على المب ادالت التجارية والتج ارة‬
‫االلكترونية‪.‬‬
‫فقد عرف القانون عدد ‪ 83‬لس نة ‪ 2000‬الم ؤرخ في ‪ 9‬أوت ‪ 2000‬المب ادالت‬
‫التجارية بكونها المبادالت ال تي تتم باس تعمال الوث ائق االلكترونية‪ 7‬أما التج ارة‬
‫االلكترونية فهي كل العمليات التجارية التي تتم عبر المبادالت االلكترونية ‪.‬‬

‫لكن بالرجوع إلى القانون المقارن يمكن تعريف المعامالت االلكترونية‬


‫بكونها "أي تعامل أو عقد أو اتفاقية يتم إبرامها أو تنفيذها بش كل كلي أو ج زئي‬
‫بواسطة المراسلة االلكتروني ة" فحسب ه ذا التعريف يمكن ان تك ون المع امالت‬
‫االلكترونية تعامال أو عقدا أو اتفاقية‪.‬‬

‫ان التعامل في حقيقته هو عقد من العقود سواء كان من العقود المسماة‬


‫المعروفة والتي نظمها القانون مثل عقد البيع واإليجار والدعاية واإلعالن وك ذلك‬
‫الصيانة والنقل وغيرها من العقود المسماة‪.‬‬

‫أما العقود غير المسماة فقد تكون كذلك عقودا االلكترونية كعقد الرعاية‬
‫الطبية لفريق كرة قدم وعقد الفندقية أو غيرها فكل هذه عقود غ ير مس ماة و لم‬
‫يتدخل المش رع لتنظيمها ومع ذلك فهي تخضع للنظرية العامة للعق ود كما وردت‬
‫في القانون المدني‪ .‬ومع ذلك فهذه العقود وسواء كانت مسماة يجوز أن تتم بطريقة‬
‫الكترونية‪.‬‬

‫أما االتفاق فقد يقصد بها عقود جماعية بين مجموعة من المستهلكين‬
‫وشركة من الشركات‪.‬‬

‫إن المعامالت االلكترونية سواء كانت عقدا أو اتفاقا أو تعامال ال تنصرف‬


‫فقط إلى التعامل في السلع والبضائع وإنما تمتد إلى الخدمات‪ ,‬ففي ال وقت الح الي‬
‫يمكن الحصول على الخدمة الطبية االستش ارة القانونية بطريق االن ترنت وك ذلك‬
‫الخدمات المصرفية‪.‬‬

‫لكن ال يمكن أن تكون المعاملة الكترونية إال إذا ما وقع تنفيذها كليا أو‬
‫جزئيا بطريق المراسالت االلكترونية والتي عن طريقها يتم إرسال الرسائل من مكان‬
‫إرسالها ثم استالمها من مكان االستالم أو انترنت وان كانت األخيرة هي الوس يلة‬
‫المثلى في الوقت الحالي إلتمام المعامالت االلكترونية‪.‬‬

‫إن تطور وسائل االتصال والتقدم في مجال اإلعالمية خلق واقعا جديدا‬
‫يتعايش فيه نوعين مختلفين من المع امالت ‪ :‬مع امالت تقليدية مادية وأخ رى‬
‫الكترونية غير مادية ال تترك إجماال أي اثر ماديا يمكن الج وع إليه حينا وتلزمنا‬
‫بالتفكير من جديد عن مصير معارفنا القانونية القديمة التي أص بحت تحت اج إلى‬
‫مراجعة شاملة تأكدت يوما بعد يوما‪ .‬ومن ذلك يكمن األهمية القصوى للمع امالت‬
‫االلكترونية التي أصبحت المنهج الوحيد بالنسبة إلى الس نوات المقبلة الن المجتمع‬
‫‪7‬‬
‫الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر في ‪ 11‬اوت ‪ 2000‬عدد ‪ 64‬صفحة ‪.2085‬‬

‫‪2‬‬
‫ليس مخيرا بان يسلكه أو يتركه بل انه مجبرا على تتبعه وإال فانه سيفاجأ بوجوده‬
‫خارج حركة التاريخ خاصة في مجال يتعلق بالحياة االقتصادية مثل التجارة‪.‬‬
‫إال أن هذا النوع الخاص من المعامالت ورغم انتشاره بسرعة فائقة ليس‬
‫بظاهرة جديدة بل إنها ظاهرة مارسها التجار منذ م دة لكن بطريقة يدوية ال تعتمد‬
‫على وسائل تقنية كالمينيتال واإلعالمية البعدية والهاتف والفيديو النقال والبريد‪.‬‬

‫ولكن مع تطور وسائل المواصالت والتقدم في مجال اإلعالمية ظهرت‬


‫واالكسترنت‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬
‫وسائل جديدة وتقنية لرفع مستوى التعامل وهو ما عرف باالنترنت‬
‫ومن هنا تكمن األهمية القصوى للمعامالت المدنية والتجارية االلكتروني ة على أكثر‬
‫من صعيد‪:‬‬

‫‪-‬على الصعيد الواقعي‪ :‬إن المعامالت االلكترونية س واء ك انت مدنية أو تجارية‬
‫تعكس باألساس ظ اهرة التعامل عن بعد في مج االت متع ددة ك الطب عن بعد‬
‫والتعليم عن بعد وكذلك التجارة عن بعد التي قربت القارات من بعض ها البعض‬
‫وأغنت المتعاملين في هذا المجال عناء التنقل‪.‬‬

‫إال أن هذه المعامالت االلكترونية ورغم انتشارها مازلت تطرح في حقيقة‬


‫األمر عدة إشكاالت ترجع للطابع الالمادي لهذه المعامالت االلكترونية الذي توجب‬
‫إمكانات فنية لتأمينها خوفا من إتالفها وإفسادها‪.‬‬

‫‪-‬على الصعيد القانوني‪ :‬إن تأثر المعامالت المدنية والتجارية ب الواقع االلك تروني‬
‫يدفعنا للتساؤل حول ما إذا ك انت األطر القانونية التقليدية كافية الس تيعاب ه ذه‬
‫المعامالت المادية؟ أي هل أن المعامالت االلكترونية ستخضع لنفس نظام المعامالت‬
‫التقليدية في ظل التطورات الحاصلة في وسائل االتص ال و تأثيرها في القواعد و‬
‫األحكام التقليدية؟‬

‫إن هذا التساؤل يفرض نفسه خاصة وان القانون التونسي يحمل في طياته‬
‫تكريسا للتعامل عن بعد وضبطت له إحكاما دقيقة في اإليجاب والقبول‪.10‬غير انه‬
‫يظل غير كافيا لذلك بات تنظيم هذه المعامالت مطلبا ض روريا وهو ما دفع لجنة‬
‫األمم المتحدة لقانون التجارة الدولية (‪)CNUDCI‬إلى إصدار قانون نموذجي للتجارة‬
‫االلكترونية وتوص ية البل دان بالعمل على منواله ومالئمة تش ريعاتها الوطنية‬
‫لتوجيهاته‪ .11‬وقد س ار االتح اد األوروبي على نفس النهج بإص داره العديد من‬
‫التوصيات في هذا الشأن ويذكر منها التوصية عدد ‪ 99/53‬الصادرة عن البرلم ان‬
‫ومجلس االتحاد األوروبيين في ‪ 13/12/1999‬التي تتضمن إطارا جدي دا يض من‬

‫‪8‬‬
‫‪L’intranet : le d’un intranet au sein d’une entreprise augmente la productivité des action, sa mise‬‬
‫‪en place permet d’accroître la qualité et le niveau de l’information des collaborateur au delà de ces‬‬
‫‪bénéfices immédiats, l’entreprise y gagne globalement en faisant évaluer ses procès managériaux.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪L’extranet est un outil complémentaire indispensable de l’intranet, il permet à une entreprise‬‬
‫‪d’intégrer l’ensemble de ses partenaires ; fournisseurs et sous traitant à son activité, c'est-à-dire de‬‬
‫‪lier tous les acteurs de la chaîne de productions de la conception jusqu'à la distribution des‬‬
‫‪produits.‬‬
‫‪ 10‬الفصول ‪ 28‬و ‪ 37‬م ا ع انظر صفحة‬
‫‪ 11‬القانون النموذجي للنجارة االلكترونية المؤرخ في جوان ‪.1996‬‬

‫‪3‬‬
‫االعتراف باإلمضاءات االلكترونية على مستوى كامل ال دول األوروبية كما وضع‬
‫إطارا شامال للتجارة االلكترونية بمباركة اغلب الدول األعضاء‪.12‬‬

‫ومواكبة للتطور ومراعاة لضرورة تفاعل القاعدة القانونية مع كل ما يطرأ‪,‬‬


‫تدخل المشرع التونسي ليصدر قانون ‪ 9‬أوت ‪ 2000‬خاص بالمب ادالت االلكترونية‬
‫‪.13‬لذا يتجه التساؤل عن مدى نجاعة التشريع التونسي في مجال المعامالت المدنية‬
‫والتجارية وهل توصل إلى إرساء نظام متكامل خاص بهذه المعامالت ذات الطبيعة‬
‫االلكترونية وهل نمكن إن يكون مثاال يحتذي به من قبل بقية الدول العربية ؟‬

‫إن اإلجابة على هذه التساؤالت تقتضي التعرض إلى القواعد القانونية التي‬
‫اقرها المشرع التونسي لحماية المع امالت االلكترونية ( مبحث أول ) وال تي تبقى‬
‫محدودة رغم الجهود المبذولة في هذا االتجاه ( مبحث ثاني )‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حماية المعامالت المدنية والتجارية االلكترونية‪ :‬حماية مقننة‪:‬‬

‫لقد أفرزت شبكة االنترنت التي تمثل فضاء مالئما للعارضين والبائعين‬
‫والمشترين نوعا جديدا من المعامالت االلكترونية التي تخضع لنظام ال بيع عن بعد‬
‫الذي يمكن تعريفه بكونه التقنية التي بواس طتها يمكن للمس تهلك وخ ارج األطر‬
‫المعتادة بقبول الحر فاء أن يتقدم بطلب بض اعة أو خدمة فت دخل المش رع في‬
‫المجال بان وضع قواعد لحماية المستهلك في العق ود االلكترونية (الفق رة األولى)‬
‫وقواعد أخرى لالعتراف بالوثيقة االلكترونية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬وضع قواعد قانونية لحماية المستهلك في العق ود‬


‫االلكترونية‪:‬‬

‫العقد االلكتروني هو عقد عن بعد باعتبار انه يتم بين أطراف ال يجمعهم‬
‫مجلس واحد بل أنهم مستوون في العالم اجمع وان يتم بطرق الكترونية‪ .14‬ويجري‬
‫على العق ود االلكترونية نظ ام العق ود الكتابية‪ 15‬من حيث التعب ير عن اإلرادة‬
‫ومفعولها القانوني وصحتها وقابليتها للتنفيذ في ما ال يتعارض وأحكام القانون عدد‬
‫‪ 83‬لسنة ‪ 2000‬في ‪ 9‬أوت ‪ 2000‬المتعلق بالمبادالت والتجارة االلكترونية‪.16‬‬

‫لكن الطبيعة الخاصة للعقد االلكتروني توجب بالضرورة بعض المبادئ‬


‫الجديدة التي ربما تشذ عن القواعد التقليدية وتخضعه إلى جملة من القيود لض مان‬
‫حماية المستهلك‪.‬‬

‫‪ 12‬مجلس الوزراء األوروبي صادق على هذا اإلطار في ‪.8/12/1999‬‬


‫‪13‬‬
‫الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 64‬الصادر في ‪ 11‬اوت ‪ 2000‬ص‪.2085 .‬‬
‫‪14‬‬
‫ال يعتبر العقد عن بعد ظاهرة جديدة‪...‬‬
‫‪15‬‬
‫ان العالقة بين البائع والمشتري والمستهلك في إطار التعاقد الفوري عبر الشبكات الحديثة ال تخرج عن إطار العالقات التعاقدية‬
‫العادية الن االتفاق بين الطرفين ال يتعدى كونه اتفاقا على نقل الملكية أو توفير خدمة‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫الرائد الرسمي للجمهورية التونسية ‪ 11‬أوت ‪.2000‬‬

‫‪4‬‬
‫وقد حرص المشرع التونسي على توفير هذه الحماية ضمن قانون سنة‬
‫‪ 2000‬حيث اقر بعض اآلليات حماية للمس تهلك في العق ود االلكترونية والمتمثلة‬
‫أساسا في واجب إعالم المستهلك (أ) والمرحلية في إتمام العقد االلكتروني(ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬واجب اعالم المستهلك‪:‬‬

‫‪ )1‬مفهوم واجب اإلعالم‪:‬‬

‫إن اإلعالم هو واجب محمول على البائع يسبق مرحلة التعاقد النهائي‬
‫فرضها المشرع التونسي على البائع أو مسدي الخدمة في عقد التج ارة االلكترونية‬
‫تهدف إلى جعل المتعاقد عالما بجميع معطيات العملية التي يتأهب للقيام بها‪17.‬ولعل‬
‫السبب الرئيسي في تكريس هذا الواجب هو افتراض انع دام الت وازن بين الق وة‬
‫االقتصادية للتاجر وقدرته على اإلقناع بفضل طغيان وسائل اإلشهار التجاري التي‬
‫بحوزته وتوظيفها لفائدته من جهة وضعف تجربة المستهلك وتس رعه في اتخ اذ‬
‫قرار الشراء وعدم إلمامه بفنون التسويق التجاري من جهة أخرى‪.‬‬

‫والمالحظ إن هاجس اإلعالم اتخذ أبعادا أخرى في قانون المبادالت والتجارة‬


‫االلكترونية باعتبار إن عقد التجارة االلكترونية من العقود المبرمة بين غائبين ويتم‬
‫عبر الجهاز ألمعلوماتي ومن خالل التراسل االلكتروني بين مواقع المتعاق دين على‬
‫شبكة االنترنت‪ 18‬وقد حرص المشرع على تطبيق واجب اإلعالم بهدف إضفاء أكثر‬
‫شفافية على العملية التعاقدية من جهة وحماية لإلرادة التعاقدية من جهة أخرى بان‬
‫ألزم البائع في العقود االلكترونية ضمن الفصل ‪ 25‬من القانون ع دد ‪ 83‬لس نة‬
‫‪ 2000‬المتعلق بالمبادالت التجارية االلكترونية بان يوفر للمستهلك بطريقة واض حة‬
‫ومفهومة قبل إبرام العقد جملة من المعلومات والبيانات الجوهرية المتعلقة بأوصاف‬
‫المبيع وكذلك شروط التعاقد وطريقة التسليم والضمان‬

‫ويبرز حرص المشرع على تحقيق ذلك الهدف من خالل تحديده لمضمون‬
‫اإلعالم من جهة(‪ )1‬وتنفيذه من جهة أخرى (‪.)2‬‬

‫‪ ) 2‬مضمون اإلعالم‪:‬‬

‫إن المقصود بمضمون اإلعالم هي البيانات المنصوص عليها بالفصل ‪25‬‬


‫من قانون المبادالت والتجارة االلكترونية‪ ,‬التي يجب على البائع توفيرها للمس تهلك‬
‫بطريقة واضحة ومفهومة قبل إبرام العقد‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى البيانات التي تضمنها‬
‫الفصل ‪ 25‬المذكور أوردها المشرع على سبيل الذكر ال الحصر وذلك حتى يكون‬
‫بإمكان المشرع أو حتى األطراف إضافة إلى بيان ات أخ رى تحمي الم وجب له‬
‫وتستوعب التطور الحاصل في هذا الميدان المستحدث‪.‬‬

‫‪ 17‬محي الدين نقنق‪ :‬قانون حماية المستهلك عدد ‪ 117‬فسنة ‪ 1992‬المؤرخ في ‪ " 7/12/1992‬رسالة تخرج من المعهد‬
‫األعلى للقضاء ‪ ,‬السنة القضائية ‪ , 1994-1993‬ص‪.30.‬‬
‫‪ 18‬محمد السعيدي " جرائم التجارة االلكترونية " مذكرة لإلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الجنائية السنة‬
‫الجامعية ‪ .2004- 2003‬ص‪.59.‬‬

‫‪5‬‬
‫وقد شملت هذه البيانات هوية وعنوان وهاتف البائع أو مسدي الخدمة‬
‫حتى تساعد الطرف اآلخر على االتصال بالبائع من اجل التفاوض في بن ود العقد‬
‫المزمع إبرامه‪ .‬كما يجب على البائع أن يوفر للمس تهلك معلوم ات علي المراحل‬
‫واإلجراءات التي سوف تمر بها المعاملة حتى ينتهي تنفيذ العقد‪ .‬كان يحدد الب ائع‬
‫التزاماته تجاه المشتري في المرحلة الس ابقة إلتم ام العقد ثم في المرحلة النهائية‬
‫إلبرامه مع بيان طريقة نقل ملكية المبيع سواء ك ان عق ارا أم منق وال أو خدمة‬
‫‪19‬‬
‫محددة‪.‬‬
‫ويجب على البائع أيضا أن يقدم للموجب له طبيعة وخاصيات وسعر‬
‫المنتوج‪ ,‬كلفة تسليم المنتوج ومبلغ تأمينه واألداءات المستوجبة‪ ,‬الفترة ال تي يك ون‬
‫خاللها المنتوج معروضا باألسعار المحددة‪ ,‬شروط الض مانات التجارية والخدمة بعد‬
‫البيع‪ ,‬طرق وإجراءات ونتائج عدم انجاز االلتزامات‪ ,‬إمكانية الع دول عن الش راء‬
‫واجله‪ ,‬كيفية إقرار تقنيات االتصال حين ينم احتسابها على أساس مختلف التعريفات‬
‫الجاري بها العمل‪ ,‬شروط فسخ العقد إذا كان لمدة غير محددة او لمدة تفوق السنة‪.‬‬
‫وأخيرا يجب على البائع تحديد الم دة ال دنيا للعقد في ما يخص العق ود المتعلقة‬
‫بتزويد المستهلك المنتوج أو خدمة خالل مدة طويلة أو بصفة دورية‪.‬‬

‫على أن القانون ألزم البائع أو مقدم الخدمة بان يوفر جملة هذه المعلومات‬
‫السابقة الذكر بطريقة الكترونية ووضعها على ذمة الموجب له لالطالع عليها في‬
‫جميع مراحل المعاملة حتى يتسنى لهذا األخير االطالع عليها قبل الضغط على زر‬
‫الموافقة وخالل مراحل العملية االلكترونية ذاتها وذلك ح تى يك ون الرض اء‬
‫االلكتروني الصادر من المستهلك قد أنبنى على أسس واضحة ومعلومة وش املة‬
‫‪20‬‬
‫لجميع أركان العقد‪.‬‬

‫‪ )3‬تنفيذ اإلعالم‪:‬‬

‫إن واجب اإلعالم المسبق محمول على الموجب ومضمونه محدد إال إن‬
‫تنفيذه يطرح عدة إش كاليات تتعلق أساسا بط رق تق ديم البيان ات والمعلوم ات‬
‫المنصوص عليها قانونا للم وجب له من جهة وتأكيد المعلوم ات المقدمة من جهة‬
‫أخرى إذ يجب أن تقدم هذه المعلومات في وعاء الكتروني بطريقة واض حة وفي‬
‫الوقت المناسب هذا باإلضافة إلى مسألتين ال تقل أهمية عن المسائل الس ابقة وهما‬
‫نطاق اإلعالم وعبء اإلثبات‪.‬‬

‫لذلك أوجب الفصل ‪ 25‬من قانون المبادالت والتجارة االلكترونية إن يقع تقديم‬
‫هذه المعلومات للمستهلك بطريقة واضحة ومفهومة‪ .‬وهو ما يدعونا للتساؤل ح ول‬
‫الطريقة الواجب إتباعها لتحقيق ذلك الهدف وهل إن الموجب له هو ال ذي يبحث‬
‫عن المعلومات والبيانات المتعلقة بالعملية التجارية ؟‬

‫‪ 19‬عبد الفتاح بيومي’ حجازي" شرح قانون المبادالت والتجارة االلكترونية التونسي‪ .‬ص ‪.204‬‬
‫‪20‬‬
‫إن بعض الفقهاء اعتبروا أن المشرع التونسي قد استلهم جملة هذه التنصيصات من التوصية األوروبية في حين وجب عليه‬
‫أن يذهب إلى أكثرمن ذلك بخصوص واجب اإلعالم وذلك بان يلزم المواقع التجارية بان توفر ما يعبر عنه بروابط‬
‫للنصوص بطريقة واضحة وسهلة االستعمال وهي طريقة تمكن المستهلك والموجب له عموما من االطالع بصفة‬
‫مباشرة على المعلومات التي تهمه ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫لإلجابة عن هذا السؤال البد من التعرض للفصل ‪ 36‬من القانون عدد ‪83‬‬
‫لسنة ‪ 2000‬الذي حمل البائع إثبات حصول اإلعالم المس بق وإق رار المعلوم ات‬
‫واحترام اآلجال وقبول المستهلك وكل اتفاق مخالف لذلك يعد ب اطال‪ .‬وانطالقا من‬
‫هذا الفصل يكون المشرع قد أشار على ضرورة تأكيد المعلومات إال انه لم يح دد‬
‫الطريقة التي يجب إتباعها إلق رار ه ذه المعلوم ات وإثباتها وذلك لما نص عليه‬
‫الفصل الخامس من التوصية األوروبية‬
‫المتعلقة بالعقود عن بعد والمؤرخة في ‪ 20/05/1997‬حيث ألزم البائع بأن يت ولى‬
‫تأكيد المعلومات وإبالغها للمستهلك عن طريق كتب أو سند دائم ‪. 21‬وال يعتبر هذا‬
‫الواجب مكتمال إذا اقتصر البائع عن التأكيد عبر شاشة الحاسوب تاركا للمس تهلك‬
‫مهمة التزود بمحتوى الكتب أو طبع المعلومات ‪.‬‬

‫وعلى خالف الطريقة الواجب اعتمادها إلقرار المعلومات وتأكيدها حدد‬


‫المشرع الوسيلة المعتمدة لتوفير تلك المعلومات واإلدالء بها حيث نص الفصل ‪25‬‬
‫من قانون المبادالت والتجارة االلكترونية " على انه يتعين توفير ه ذه المعلوم ات‬
‫الكترونيا ووضعها على ذمة المستهلك لالطالع عليها في جميع مراحل المعاملة " ‪.‬‬
‫فالوسيلة المعتم دة هي وس يلة الكترونية تك ون مالئمة لطبيعة المعاملة وتتم يز‬
‫بالسهولة في االستعمال والعمومية والديمومة من حيث المعلومات الص ادرة عبرها‬
‫والتي يتلقاها الموجب في وعاء الكتروني يمكنه وغيره من الرج وع إليه في كل‬
‫وقت ‪ 22‬على أن هذه المعلومات المقدمة في ذلك الوعاء يمكن أن تكون شفاهية أو‬
‫كتابية أو حتى عن طريق الصور واإلشارات تؤدي وظيفتها بشكل يسمح بإن ارة‬
‫سبيل الموجب له حول جوانب العقد المزمع إبرامه بطريقة كافية وناجعة ‪.‬‬

‫أما بخصوص وقت اإلدالء بالمعلومات فإن الفصل ‪ 25‬من قانون التجارة‬
‫االلكترونية أقر بأنه يجب أن يتم اإلدالء بالمعلوم ات قبل إب رام العقد لكن من‬
‫المالحظ أن هذه المرحلة يمكن أن تستغرق وقتا طويال لذا ك ان من الض روري‬
‫واقتداء بالمادة الرابعة من التوجه األوروبي رقم ‪ 23 97/7‬تحديد وقت معين يتوجب‬
‫خاللها اإلدالء بالمعلومات التي تشكل مضمون اإلعالم ال واجب القي ام به وذلك‬
‫لتفادي كل غموض والحد من وقوع النزاعات التي قد تنشأ بين المتعاقدين ‪.‬‬

‫أما بخصوص مسألة عبء إثبات حصول اإلعالم فإن الفصل ‪ 36‬من قانون‬
‫التجارة االلكترونية حمله على البائع إذ أوجب عليه أن يوفر للمستهلك طبق الفقرة‬
‫األخيرة من الفصل ‪ 25‬من نفس القانون جملة من المعلومات ووض عها على ذمته‬
‫الكترونيا وهو ما أكده الفصل ‪ 29‬من نفس الق انون إذ نص على انه " يتعين على‬
‫البائع أن يوفر للمستهلك عند الطلب خالل العشرة أيام الموالية إلب رام العقد وثيقة‬
‫كتابية أو الكترونية تتضمن كافة المعطيات المتعلقة بعملية البيع " وهو ما يمكن من‬
‫تكوين حجة كتابية يكون بموجبها اإلثبات ممكنا ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ support durable‬ص‪11‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ Trochu. M «  protection des consommateur en matière de contrat à distance » Dalloz‬ص‪34‬‬
‫‪1999 ; cahier chronique p. 180.‬‬
‫‪ 23‬نصت هذه المادة على ضرورة أن يتم إعالم المستهلك في الوقت المناسب قبل إبرام كل عقد يتم عن بعد‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن واجب اإلعالم هو واجب محمول على البائع‬
‫المحترف والبائع الغير محترف على حد السواء تطبيقا لقانون ‪ 09/08/2000‬الذي‬
‫وردت عبارته مطلقة في هذا الشأن‪.‬‬

‫‪ -4‬جزاء اإلخالل بواجب اإلعالم‪:‬‬

‫إن الحماية السابقة إلبرام العقد االلكتروني من شانها إن تضفي مزيدا من‬
‫الضمانات القانونية للمستهلك‪ .‬فهذه الضمانات القانونية من شانها إن تشجع المستهلك‬
‫على االنخراط في المعامالت التجارية برضاء ينبني على أسس شاملة بجميع أركان‬
‫العقد‪ .‬فتعدد المتدخلين في إطار التجارة االلكترونية عبر ش بكة االن ترنت وع دم‬
‫معرفة هويتهم بصفة مدققة من شانه أن يس اهم في تص اعد ح االت اإلش هار‬
‫والكتائب والمعلومات المغلوطة‪ .‬لذلك منح المشرع حق االطالع على جميع البيانات‬
‫المتعلقة بالعقد قبل الضغط على زر الموافقة وفرض على صاحب الموقع التجاري‬
‫وتوفير هذه البيانات والمعلومات الكترونيا ووض عها على ذمة المس تهلك لالطالع‬
‫عليها في جميع مراحل المعاملة ‪ .‬ويعتبر اإلخالل بهذا ال واجب جريمة تع رض‬
‫صاحبها للتتبع الجزائي على معنى الفصل ‪ 49‬من القانون ع دد ‪ 83‬لس نة ‪2000‬‬
‫وذلك بخطية ت تراوح بين ‪ 500‬و‪ 5000‬دين ار‪ .‬كما نص الفصل ‪ 50‬من نفس‬
‫القانون على انه يعاقب كل من استغل ضعف أو جهل شخص في إطار عملي ات‬
‫البيع االلكتروني بدفعه لاللتزام حاضرا أو آجال ب أي ش كل من اإلش كال بخطية‬
‫ت تراوح بين ‪ 1000‬و‪ 2000‬دين ار وذلك إذا ثبت من ظ روف الواقعة أن ه ذا‬
‫الشخص غير قادر على تمييز أبعاد تعهداته أو كشف الحيل والخدع المعتمدة لدفعه‬
‫للتعاقد أو إذا ثبت انه كان تحت ضغط مع مراعاة أحكام المجلة الجنائية‪.‬‬

‫ب) المرحلية في إتمام العقد االلكتروني‪:‬‬

‫عادة ما تبرم العقود بصفة فورية وذلك بمجرد التقاء اإليجاب بالقبول إال انه‬
‫ونظرا للطبيعة الخاصة للعقود االلكترونية ولضمان الحماية الضرورية للمستهلك فان‬
‫المشرع اقر مرحلية في إتم ام تلك العق ود ع بر حق المس تهلك في الحوص لة‬
‫والمراجعة (‪ )1‬وحقه في العدول (‪.)2‬‬

‫‪ )1‬حق الحوصلة والمراجعة‪:‬‬

‫يخول واجب اإلعالم أن يطلع المستهلك على جميع البيانات التي‬


‫وض عت على ذمته قبل الض غط على زر الموافقة وذلك ح تى ينب ني الرضا‬
‫االلكتروني على أسس واضحة ومعرفة شاملة ألركان العقد وقد اش ترط المش رع‬
‫ضمن الفصل ‪ 25‬من قانون التجارة اإللكترونية أن يذكر البائع الفترة التي يك ون‬
‫خاللها المنتوج معروضا باألسعار المحددة وهو ما يضفي على هذا العرض طبيعة‬
‫اإليجاب المقيد بأجل المنص وص عليه ص لب الفصل ‪ 33‬من مجلة االلتزام ات‬
‫والعقود ‪. 24‬والمستهلك في إطار التجارة االلكترونية حينما يستقر رأيه على الرغبة‬
‫في االنتفاع بمنتوج أو خدمة عليه أن يص رح عن إرادته في التعاقد وإال يعت بر‬

‫‪ 24‬الفصل ‪ 33‬ينص على انه من صدر منه اإليجاب وعين أجال لقبوله فهو ملزم للطرف اآلخر إلى انقضاء األجل فإن لم يأته‬
‫الجواب بالقبول في األجل المذكور انفك التزامه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫العقد قد نشأ إال بعد أن يدلي البائع موافقته أو مصادقته على القبول الص ادر عن‬
‫المس تهلك عمال بالفصل ‪ 28‬من ‪ 9‬أوت ‪ 2000‬إذ اوجب على الب ائع أو مس دي‬
‫الخدمة " تمكين المستهلك من المراجعة النهائية لجميع اختياراته وتمكينه من إق رار‬
‫الطلبية أو تغييرها حسب إرادته وكذلك االطالع على شهادة المص ادقة االلكترونية‬
‫المتعلقة بإمضائه ‪.‬‬

‫هذا الواجب المحمول على البائع أو مسدي الخدمة هو في حقيقة األمر‬


‫يحمي رضا المستهلك بصورة كافية إذ يمكنه من مراجعة اختياراته بعد أن توفرت‬
‫لديه المعلومات الكافية للعرض المقدم له من طرف الموجب فإما أن يقر الع رض‬
‫( الطلبية ) وإما أن يغيره إذ ما تبين له بعد مراجعة المعلومات اإليضاحات ح ول‬
‫موضوع التعاقد أن البضاعة أو الخدمة ال تتناسب مع اختياراته أو مع المواصفات‬
‫التي يطلبها ‪.‬‬

‫ومن مميزات حق المراجعة أنه يمكن المتعاقد من االطالع على شهادة‬


‫المصادقة االلكترونية المتعلقة بإمضاء البائع وذلك ح تى يع بر عن رض ائه دون‬
‫عيب يشوبه كالغلط في ذات المتعاقد معه أو الغلط في نوعية البضاعة ‪.‬‬

‫‪ )2‬حق العدول عن الشراء ‪:‬‬

‫تعتبر هذه اآللية القانونية الحمائية التي تمكن المستهلك من مراجعة‬


‫اختياراته والتفكير في طلبه وإعادة النظر في قبوله وذلك تجنبا للنتائج المنجرة عن‬
‫القبول المتسرع‪ ,‬من خصوصيات القانون التونسي ال تي تض منها ق انون ‪ 9‬أوت‬
‫‪ 2000‬المتعلق بالمبادالت التجارية للتجارة االلكترونية‪.25‬‬

‫ويعرف حق العدول بأنه تعبير عن إرادة مخالفة لما وقع االتفاق عليه‬
‫يرمي من ورائها أحد اإلطراف الرجوع فيما وقع االتفاق عليه واعتب اره ك ان لم‬
‫يكن‪ .‬والشك أن هاته التقنية التي تبناها المشرع التونسي وخاصة في قانون ‪ 9‬أوت‬
‫‪ 2000‬المتعلق بالمبادالت والتجارة االلكترونية هي حمائية باألس اس باعتب ار أنها‬
‫تهدف إلى تحقيق أوفر الضمانات للمستهلك بوصفه الطرف الضعيف في عقود البيع‬
‫وإسداء الخدمات موضوع العقود االلكترونية‪.‬‬

‫ويمثل هذا الحق في الواقع أداة تشريعية تلعب دورا أساسيا في حماية من‬
‫يتعاقد دون إمكانية حقيقية لمناقشة شروط تعاقدهم‪.‬‬

‫ويمكن ممارسة حق العدول عن الشراء حسب الفصل ‪ 30‬من قانون‬


‫المبادالت التجارة االلكترونية في أجل عشرة أيام تحتسب‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة إلى البضائع بداية من تاريخ تسلمها من قبل المستهلك ‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة إلى الخدمات بداية من تاريخ إبرام العقد ‪.‬‬

‫‪ 25‬هذه اآللية ال نجدها في القانون المقارن خاصة في أغلب القوانين األوروبية ‪ 56‬ص‪ 20‬وهي تمثل خروجا عين مبدأ القوة‬
‫الملزمة للعقد‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وفي هذه الحالة يتعين على البائع إرجاع المبلغ المدفوع إلى المستهلك في‬
‫أجل عشرة أيام من تاريخ إرجاع البضاعة أو العدول عن الخدمة‪.‬‬
‫غير أن حق العدول عن الشراء المخول للمستهلك ليس مطلقا إذ أن المشرع منعه‬
‫في بعض الحاالت الواردة بالفصل ‪ 32‬من قانون المب ادالت والتج ارة االلكترونية‬
‫وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬إذا تم تزويد المستهلك بمنتوجات حسب خاصيات شخصية ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا تم تزويد المستهلك بمنتوجات ال يمكن إعادة إرسالها أو تكون قابلة‬
‫الفساد النتهاء مدة صالحيتها ‪.‬‬ ‫للتلف أو‬
‫‪-‬قيام المستهلك بنزع األختام عن السجالت السمعية البصرية أو البرمجيات‬
‫والمعطيات اإلعالمية المسلمة أو نقلها آليا‪.‬‬
‫‪ -‬شراء الصحف والمجالت‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االعتراف بالوثيقة االلكترونية كحجة غير رسمية ‪:‬‬

‫مواكبة للتطور ومراعاة لضرورة تفاعل القاعدة القانونية مع كل ما يطرأ‬


‫تدخل المشرع التونسي لمالئمة األحك ام المتعلقة بوس ائل اإلثب ات مع ما أفرزته‬
‫الثورة الرقمية تنقح مجلة االلتزامات والعقود بمقتضى القانون عدد ‪ 57‬لسنة ‪2000‬‬
‫الم ؤرخ في ‪ 13/06/2000‬ليض يف الفصل ‪ 453‬مك رر ال ذي ع رف الوثيقة‬
‫االلكترونية بكونها الوثيقة المتكونة من مجموعة أح رف وأرق ام أو أية إش ارات‬
‫رقمية أخرى بما في ذلك تلك المتبادلة عبد وسائل االتصال تك ون ذات محت وى‬
‫يمكن فهمه ومحفوظة على حامل الك تروني ي ؤمن قراءتها والرج وع إليها عند‬
‫الحاجة ‪.‬‬

‫يأخذ من أحكام هذا الفصل أن المشرع التونسي يعترف بالوثيقة االلكترونية‬


‫إذا توفر شرطين وهما ‪ :‬حفظ الوثيقة االلكترونية ( أوال ) ووجوب ت دعيم الوثيقة‬
‫االلكترونية بإمضاء الكتروني ( ثانيا ) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬حفظ الوثيقة االلكترونية ‪:‬‬

‫بالتمعن في إحكام الفصل ‪ 453‬مكرر من مجلة االلتزامات والعقود نالحظ‬


‫أن المش رع قصد بالحفظ س المة الوثيقة االلكترونية من التحريف والت دليس (أ)‬
‫وضمان سالمتها كذلك من التلف والزوال (ب)‪.‬‬

‫أ – حفظ الوثيقة من التحريف والتدليس ‪:‬‬

‫إن الوثيقة االلكترونية تمثل المظهر األساسي الندثار الشكل المادي للسند‬
‫المثبت لاللتزامات أو المكون لها ولكن الطابع االلك تروني للوثيقة يورثها ض عفا‬
‫شديدا إزاء نفس التكنولوجيا التي جعلت منها سندا رقميا إذ بقدر ماهي قادرة على‬
‫صنعها فإنها قادرة كذلك على تغييرها وإفسادها وتدليسها بشكل غير مبني وهو ما‬
‫خلق هاجس ضمان عدم إدخال أي تغيير عليها بعن وان ض مان ص فة اإلثب ات‬

‫‪10‬‬
‫المرتبطة بها ‪ 26‬حتى تتوفر فيها شروط السالمة التي تميز الوثائق التقليدية وال تي‬
‫ال يمكن تغيير محتواها الحقا من اإلطراف أو الغير دون إبقاء أثرا ظاهرا بالكتب‬
‫‪.27‬‬

‫وقد عبر المشرع التونسي عن الحفظ في مناسبتين مناسبة أولى إن تكون‬


‫الوثيقة االلكترونية محفوظة في شكلها النهائي‪ 28‬والمناسبة الثانية عندما أوجب على‬
‫المرسل إليه حفظ الوثيقة في الشكل الذي تسلمه به وألزم المرسل بحفظ الوثيقة في‬
‫‪29‬‬
‫الشكل الذي أرسلها به‪.‬‬

‫فما معنى أن تكون الوثيقة االلكترونية محفوظة في شكلها النهائي ؟‬

‫معنى ذلك هو وجوب حفظ الوثيقة االلكترونية في الشكل األخير الذي‬


‫اتفق عليه أطرافها بجعلها في مأمن من كل تغي ير أو تحويل س واء ك ان ذلك‬
‫بطريقة عفوية أو قصديه بغاية ضمان سالمتها أي بقائها حسب مواص فاتها ال تي‬
‫تالقت عليها إرادة الطرفين المتعاقدين ‪. 30‬‬

‫النهائي‬ ‫ويستخلص مما سبق ذكره ان مفهوم حفظ الوثيقة في شكلها‬


‫بها من‬ ‫واألصلي يعني أن تحفظ الوثيقة على المعلومات والمقتضيات التي ج اءت‬
‫ش كال‬ ‫إبرامها أو إنشائها وذلك حماية لركن الرضا في العقد االلكتروني باعتب اره‬
‫ير أو‬ ‫من أشكال الوثيقة االلكترونية ‪ .‬فحفظ الوثيقة بشكل يضمن عدم أمكانية تغي‬
‫تحريف محتواها يجعلها تضاهي الوثيقة الورقية ‪.‬‬
‫بناءا على ذلك فإن حفظ الوثيقة االلكترونية في شكلها النه ائي أي الش كل ال ذي‬
‫وافق عليه طرفا العقد من حيث المضمون والمحتوى يمكنها من االرتقاء إلى قيمة‬
‫الوثيقة الورقية في اإلثبات ‪.‬‬

‫إال أن اشتراك المشرع التونسي حفظ الوثيقة االلكترونية ال يقتصر على‬


‫حفظها في شكلها النهائي وإنما حفظها من التلف أو الزوال بطريقة موثوقا بها ‪.‬‬

‫ب – حفظ الوثيقة االلكترونية من التلف والزوال ‪:‬‬

‫‪ 26‬عز الدين بن عمر " العقد االلكتروني بين زوال السند المادي عند إبرامه واآلثار الالمادية لتنفيذه’ " ‪ ،‬م ‪.‬ق‪.‬ت‪.‬ديسمبر’ ‪2001‬‬
‫ص ‪97‬‬
‫‪ 27‬رغم إن المشرع التونسي قد ضبط النظام القانوني للوثيقة االلكترونية صلب مجل’ة االلتزام’ات والعق’ود أال ان’ه لم ي’بين ط’رق‬
‫حفظها رغم ما لهذه المسالة من أهمي’’ة قص’وى إذ اكتفى المش’رع بوض’ع ش’’رط المحافظ’ة على الوثيق’’ة االلكتروني’ة في ش’كلها‬
‫النهائي‪ .‬غير انه بدراسة مختلف أحكام القانون المتعلق بالمبادالت والتج’’ارة االلكتروني’’ة يتجلى لن’’ا أن المش’’رع ق’د اعتم’’د على‬
‫تقنية التشفير لحفظ المعلومات’ الواردة بالوثيقة وقدم لها تعريفا بالفصل الثاني من القانون المذكور وهو‪ :‬اما اس’’تعمال رم’’وز او‬
‫إشارات غير متداولة تصبح بمقتضاها المعلومات’ المرغوب تمريرها او إرسالها غير قابلة للفهم من قبل الغير او استعمال رموز‬
‫أو إشارات ال يمكن الوصول إلى المعلومة بدونها‪ .‬وقد عرف الق’’انون المص’’ري التش’’فير بان’’ه‪ " :‬تغي’’ير في ش’’كل البيان’’ات’ عن‬
‫طريق تحويلها إلى رموز أو إشارات لحماية هذه البيانات من اطالع الغير عليها او تعديلها او تغييرها‪’.‬‬
‫‪ 28‬الفصل ‪ 453‬مكرر من م إ ع فقرة ثانية ‪.‬‬
‫‪ 29‬الفصل الرابع من قانون المبادالت والتجارة االلكترونية ‪.‬‬
‫‪ 30‬عز الدين بن عمر " مرجع سابق ص ‪96‬‬

‫‪11‬‬
‫لتكون الوثيقة االلكترونية ذات قيمة إثباتية تضاهي الوثيقة الورقية ينبغي أن‬
‫‪31‬‬
‫تكون محفوظة على حامل الكتروني يؤمن قراءتها والرج وع إليها عند الحاجة‬
‫بصورة تسمح باالطالع على محتواها طيلة مدة صلوحيتها ‪. 32‬‬

‫ومعنى الحفظ المقصود هنا هو الحفظ الم ادي للوثيقة االلكترونية من‬
‫االضمحالل أو التلف أو االندثار وهو الذي يخول االطالع عليها في أي وقت من‬
‫قبل طرفي المعاملة أو من قبل القاضي في ح ال نش وب ن زاع بين األط راف‬
‫وتقديمها كوسيلة إثبات‪. 33‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى الحفظ المادي للوثيقة االلكترونية يمكن أن تتخذ صورتين‬
‫‪:‬‬

‫تكون المعاملة مؤسسة على سند ورقي وتك ون المعلوم ات‬ ‫الصورة األولى ‪ :‬أن‬
‫تلك المعاملة مكتوبة على حامل ورقي ثم يتم حفظ تلك الوثيقة‬ ‫المجسمة لتفاص يل‬
‫ؤدي في النهاية إلى الحص ول على وثيقة الكترونية يمكن‬ ‫بطريقة الكترونية ت‬
‫‪. 34‬‬ ‫االطالع عليها الحقا‬

‫الص ورة الثانية ‪ :‬أن تك ون المعاملة قد نش أت منذ البداية بطريقة الكترونية في‬
‫نطاق التعامل االفتراضي الذي توفره وسائل االتص ال الحديثة ثم يتم حفظ الوثيقة‬
‫‪35‬‬
‫المتضمنة لتفاصيل تلك المعاملة عقب استخراجها بطريقة الكترونية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬وجوب تدعيم الوثيقة االلكترونية بإمضاء الكتروني‪:‬‬

‫نصت أحكام الفقرة الثانية من الفصل ‪ 453‬مكرر من المجلة المذكورة على‬


‫انه " تعد الوثيقة االلكترونية كتبا غير رسمي إذا كانت محفوظة في شكلها النهائي‬
‫بطريقة موثوق بها و مدعمة بإمضاء الكتروني"‪.‬‬

‫رغم جسامة الدور الذي يضطلع به اإلمضاء في منظومة اإلثبات عموما‬


‫بما انه وسيلة تكفل تحديد الشخص الممضي كما تدل على رضائه بما جاء بالكتب‬
‫من التزامات لم يعرفه المشرع التونسي صلب الفصل ‪ 453‬من مجلة االلتزام ات‬
‫والعقود إذ اكتفى بالتنصيص على انه " يجب ان يك ون اإلمض اء بيد العاقد نفسه‬
‫بأسفل الكتب والطابع ال يقوم مقامه بحيث يعتبر وجوده كعدمه"‪.‬‬

‫‪ 31‬الفقرة األولى من الفصل ‪ 453‬مكرر من مجلة االلتزامات والعقود ‪.‬‬


‫‪ 32‬الفصل الرابع من قانون المبادالت والتجارة االلكترونية ‪.‬‬
‫‪ 33‬لم يبين المشرع التونسي طريقة حفظ الوثيقة من التلف واالندثار وانما اكتفى بالتنصيص على وجوب ان تكون الوثيقة‬
‫محمولة على حامل الكتروني يؤمن قراءتها والرجوع اليها عند الحاجة ‪ .‬كما اقتضى القانون المتعلق بالمبادالت والتجارة‬
‫االلكترونية في فصله الرابع ان " يعتمد قانونا حفظ الوثيقة االلكترونية كما يعتمد حفظ الوثيقة الكتابية"‬
‫‪ 34‬منصف زغاب " الوثيقة االلكترونية ص ‪ 136‬و‪. 137‬‬
‫‪ 35‬تجدر اإلشارة هنا أن مسالة الحفظ المادي للكتب االلكتروني قد اهتمت’ بها التشاريع المقارنة على الصعيدين الداخـلـــــــــي‬
‫والدولي من ذلك ما جاء بالقانون الصادر عن لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ( ( انه عندما يقتضي القانـــــــــون‬
‫وجوب ان تكون المعلومة مكتوبة فان رسالة البيانات’ يمكن ان تكتسب حجية الكتب إذا كان باإلمكان االطالع علــــــــــى‬
‫المعلومات الواردة بها الحقا على أن تنطوي تلك المعلومات على التزام ما يكون من شانها إنتاج آثار قانونية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وقد تدارك المشرع هذا النقص بمقتضى القانون عدد ‪ 57‬لسنة ‪2000‬‬
‫المؤرخ في ‪ 13‬جوان ‪ 2000‬ال ذي أض اف فق رة ثانية جدي دة تنص على أن‬
‫اإلمضاء يتمثل في "وضع اسم أو عالمة خاصة بخط يد العاقد نفسه مدمجة بالكتب‬
‫المرسوم بها أو إذا كان الكترونيا في استعمال منوال تعريف موث وق به يض من‬
‫‪36‬‬
‫صلة اإلمضاء المذكور بالوثيقة االلكترونية المرتبطة به"‪.‬‬

‫ولئن اعترف المشرع التونسي بالتوقيع االلكتروني إال انه لم يقدم له تعريفا‬
‫مثل المشرع المصري‪ 37‬وإنما تناول العناصر المؤدية إلى ه ذا التوقيع وتج در‬
‫المالحظة أن القانون عدد ‪ 83‬لستة ‪ 2000‬الم ؤرخ في ‪ 09/08/2000‬لم يع رف‬
‫بدوره اإلمضاء االلكتروني بصفة صريحة وإنما حدد في فصله الثاني معالمه التقنية‬
‫من خالل إعطاء تعريف لمنظومة إحداث اإلمض اء االلك تروني بكونها " مجموعة‬
‫وحيدة‪ 38‬من عناصر التشفير الشخصية أو مجموعة من المعدات المهي أة خصيصا‬
‫إلحداث إمضاء الكتروني " وكذلك تحديد منظومة الت دقيق في اإلمض اء بكونه ا"‬
‫مجموعة محددة من عناصر التشفير العمومية أو مجموعة من المعدات ال تي تمكن‬
‫من التدقيق في اإلمضاء االلكتروني"‪.‬كما اشترط الفصل الخامس من القانون ع دد‬
‫‪ 83‬لسنة ‪ 2000‬على انه "يمكن لكل من يرغب في إمضاء وثيقة الكترونية إحداث‬
‫إمضاءه بواسطة منظومة موثوق بها يتم ضبط مواصفاتها التقنية بقرار من الوزير‬
‫المكلف باالتصاالت"‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار صدر قرار عن وزير االتصاالت يتعلق بشروط‬


‫ومواصفات الوثيقة الخاصة بالتوقيع االلك تروني لمن ي رغب في ذلك والمقص ود‬
‫بالمواصفات في القانون المواصفات الفنية والتقنية الالزمة لصدور هذه الوثيقة‪.‬‬

‫وفعال صدر القرار المذكور بتاريخ ‪ 19/07/2001‬متعلقا بضبط المواصفات‬


‫التقنية لمنظومة إحداث اإلمضاء االلكتروني وقد حدد تركيبة اإلمضاء االلك تروني‬
‫وطريقة إحداثه وحفظه وسالمته‪.‬‬

‫ويستنتج من كل ما تقدم أن المشرع وضع األسس القانونية صلب أحكام‬


‫التنقيح المدخل على مجلة االلتزامات والعقود تماشيا مع اإلطار التشريعي الدولي و‬
‫اإلطار األوروبي في حين كانت أحكام التجارة االلكترونية أكثر التص اقا ب الواقع‬
‫التقني لإلمضاء االلك تروني ذلك أنها ح ددت ش روطه التقنية من الجهة اإلدارية‬
‫المختصة في ضبط جزئياته العملية وتطبيقاته ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حماية المعامالت المدنية والتجارية االلكترونية‪ :‬حماية محدودة‪:‬‬

‫‪36‬ا لهام في اعتراف المشرع التونسي بالمضاء االلكتروني هو صدوره خارج أي إطار ق’انوني مس’’بق واالع’’تراف ب’’ه على نفس‬
‫درجة اإلمضاء اليدوي على خالف التجارب األولية التي تسمح باعتماده عي مجاالت معينة وعلي إطار اتفاقي اذ جاء بالفصل ‪3‬‬
‫من الديوانة انه عندما تحرر الوثائق ذات الصبغة الديوانية بواسطة آالت إعالمية انطالقا من معلومات تبلغ إلى الديوانة بواسطة‬
‫طرق الكترونية او طرق أخرى أوتوماتكية فان تصديق مثل هذه الوثائق يمكن ان يتم بط’رق أخ’رى غ’ير اإلمض’اء الخطي على‬
‫ان تخضع للشروط المحددة بقرار من وزير التخطيط والمالية ‪.‬‬
‫‪ 37‬لقد ورد تعريف التوقيع االلكتروني في مشروع قانون التجارة االلكترونية المصري بأنه" حروف أو أرقام أو رموز أو‬
‫إشارات لها طابع منفرد تسمح بتحديد صاحب التوقيع وتمييزه عن غيره" دكتور عبد الفتاح بيومي’ حجازي‪ :‬التجارة االلكترونية‬
‫العربية ص‪.73.‬‬
‫‪ 38‬يقصد بعبرة’ مجموعة وحيدة بأنها مجموعة عناصر تخص شخصا واحدا بمعنى انها ال تتكرر مع أكثر من شخص وذلك‬
‫حتى يمكن التمييز والتفرقة بين التوقيع االلكتروني لشخص وآخر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫تعتبر تونس من أول البلدان العربية التي بادرت بإصدار أحكام تحمي‬
‫وتنظم المعامالت االلكترونية‬

‫لكن جملة هاته األحكام وإن كانت تعكس وعي الهياكل الوطنية بحجم‬
‫الصعوبات في هذا المجال إال أنها ال ترتقي إلى درجة إرساء نظام قانوني متكامل‬
‫( فقرة أولى ) عالوة إلى عدم تالؤمها مع بعض المعامالت االلكترونية ( فقرة ثانية‬
‫)‪.‬‬

‫فقرة أولى‪ :‬عدم تخصيص المعامالت المدنية والتجارية بنظام متكامل‪:‬‬

‫إن المجال االلكتروني مازال حديثا نسبيا وتطالعنا األخبار في كل يوم‬


‫بأحداث جديدة تبرز تطور هذا المجال ولربما كان ه ذا هو الس بب ال ذي جعل‬
‫الحكومات بصفة عامة والحكومة التونس ية بص فة خاصة ال تفكر بوضع إط ار‬
‫قانوني متكامل قد يعيق تقدم المجال االلكتروني ‪.‬‬

‫وقد كان المشرع التونسي من السباقين وبادر بوضع إطار قانوني للمتدخلين‬
‫في المجال االلكتروني لكن عن طريق أحكام متفرقة وردت إما بصفة عرضية (أ)‬
‫أو بصفة مبدئية (ب)‪.‬‬

‫أ – األحكام العرضية‪:‬‬

‫لقد نصت مجلة االلتزامات والعقود من سنة ‪ 1906‬على كيفية إبرام العقود‬
‫بالمراسلة وضبطت له أحكام دقيقة في اإليجاب والقبول ‪ 39‬وهي أحكام معلومة منذ‬
‫الق دم وخاصة وخاصة المب دأ المنص وص عليه بالفصل ‪ 28‬وهو أن" العقد لتم‬
‫بالمراسلة في وقت ومكان إجابة الطرف اآلخر بالقبول"‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫كما تتضمن المجلة المدنية التونسية إشارة إلى التعاقد بواسطة الهاتف‬
‫واعتراف صريح بحجية التلغراف كوسيلة اتصال حديثة حيث نص الفصل ‪ 441‬م‬
‫ا ع " ان البينة بالكتابة‪ ...‬قد تحصل أيضا من الرسائل التلغرافية" واعت بر الفصل‬
‫‪ 445‬م ا ع التلغراف كتبا غير رسمي يخضع في نظامه ألحكام الفصول ‪ 455‬و‬
‫‪ 456‬و‪ 457‬م ا ع‪.‬‬

‫كما نص الفصل ‪ 410‬ثالثا من المجلة التجارية حسب التنقيح المؤرخ في ‪3‬‬


‫افريل ‪ 1996‬بواسطة القانون عدد ‪ 28‬لس نة ‪ 1996‬أن البنك يس تدعي الس احب‬
‫بواسطة برقية أو تلكس أو فاكس أو أية وسيلة أخرى شبيهة تترك أثرا كتابيا إلى‬
‫توفير الرصيد بحسابه‪ ,‬غير أن ذلك ال يعتبر إقرارا مبدئيا بحجية هذه الوسائل الن‬
‫أحكام الفصل ‪ 410‬المذكور ال‬
‫تتعلق ببيان حجية مثل هذه الوسائل بقدر ما تتعلق بض بط الوس ائل الممكنة لغاية‬
‫االتصال بالساحب‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫الفصول ‪ 28‬الى‪ 37‬من م ا ع‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل ‪ 27‬م ا ع‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫كما أن مجلة التحكيم الصادرة بموجب القانون عدد ‪ 42‬لسنة ‪ 1993‬المؤرخ‬
‫في ‪ 26‬أفريل ‪ 1993‬نص على أن االتفاقية تعتبر ثابتة بكتب إذا وردت في وثيقة‬
‫موقعة من األطراف او تبادل رسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها من وس ائل‬
‫االتصال التي تثبت وجود االتفاقية‪. ...‬وهو ما يمثل اعترافا صريحا بهذه الط رق‬
‫كوسيلة من وسائل اإلثبات‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك األحكام التي وردت ضمن الفصل ‪ 62‬من مجلة الضريبة‬
‫على دخل األشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات سنة ‪ 1989‬التي تض منت‬
‫اعترافا صريحا بالوثيقة المعلوماتية كحجة إثبات تحت شروط معينة‪.‬‬

‫جاءت متفرقة واتت بصفة عرضية ال تضع‬ ‫لكن جملة هذه األحكام‬
‫الضوابط المبدئية التي تعود بالفائدة‪.‬‬

‫ب) األحكام المبدئية‪:‬‬

‫لقد وضع المشرع التونسي أحكاما واضحة ومبدئية تهم المعامالت‬


‫االلكترونية في العديد من المناسبات ونذكر منها على التوالي‪:‬‬

‫‪ )1‬القانون عدد ‪ 40‬لسنة ‪ 1998‬المؤرخ في ج وان ‪ 1998‬المتعلق بط رق ال بيع‬


‫واإلشهار التجاري بابا يتعلق بالبيع عن بعد وهو ال بيع الواقع باس تعمال وس ائل‬
‫االتصال بالمستهلك لترويج منتوج أو خدمة خارج األماكن االعتيادية لل بيع ويمكن‬
‫أن تكون وسائل االتصال المس تعملة‪ :‬اله اتف والبث عن طريق التلف زة واإلذاعة‬
‫‪41‬‬
‫والبريد والنشريات أو بأية وسيلة أخرى‪.‬‬

‫وحدد المشرع النظام القانوني لهذا النوع من البيع وضبط له جميعا‬


‫اإلجراءات واألحكام الموضوعية ومكن المس تهلك من معرفة البض اعة وس عرها‬
‫مسبقا وحدد تاريخ إبرام العقد كما خول للمستهلك الحق في العدول في أجل عشرة‬
‫أيام وإرجاع البضاعة حسب شروط معينة‪.‬‬

‫‪ 40‬المذكور اإلحكام المتعلقة باإلشهار‬ ‫وضبط الباب الرابع من القانون عدد‬


‫على معنى ه ذا الق انون كل عملية‬ ‫ونص الفصل ‪ 35‬منه على انه يعتبر إشهارا‬
‫والى تنمية بيع المنتوجات أو إسداء‬ ‫اتصال تهدف بصفة مباشرة او غير مباشرة‬
‫المعتمدة وض بطت الفص ول الموالية‬ ‫خدمات مهما كان المكان او وسائل االتصال‬
‫النظام القانوني لإلشهار‪.‬‬

‫‪ 41‬يمثل القانون عدد ‪ 40‬لسنة ‪ 1998‬المؤرخ في ‪ 2‬جوان ‪ 1998‬تاثر المشرع التونسي باالتجاه’ العام المعمول به في حماية‬
‫المستهلك‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وقد ضبط كذلك الباب الرابع من القانون المذكور األحكام المتعلقة‬
‫باإلشهار ونص الفصل ‪ 35‬منه على انه يعتبر إشهارا على معنى هذا الق انون كل‬
‫عملية اتصال تهدف بصفة مباشرة أو غير مباش رة إلى تنمية بيع المتوج ات أو‬
‫إسداء خدمات مهما كان المكان أو وسائل االتصال المعتم دة وض بطت الفص ول‬
‫الموالية النظام القانوني لإلشهار‪.‬‬

‫وما تجدر مالحظته ان أحكام القانون عدد ‪ 40‬المذكور قد وردت عامة‬


‫يمكن ان تشمل جميع وسائل االتصال الحديثة حيث كانت عباراته عامة وبالت الي‬
‫يجوز اعتبار الهاتف واالعالمية البعدية والفيديو النقال والشبكات والتلغراف والفاكس‬
‫والتلكس والملتمديا بمثابة وسائل اتصال على معنى القانون عدد ‪ 40‬الذي تض من‬
‫المبادئ المعلومة في حماية المستهلك والمتصلة ب إعالم المش تري وإمكانية رفض‬
‫الع رض والقب ول الواضح ونفي اإلش هار المك روه والتعسف على المس تهلك‬
‫الضعيف‪ .‬وهو ما دفع البعض الى القول بان هذا الق انون يمكن أن يمثل اإلط ار‬
‫القانوني للتجارة االلكترونية‪.42‬‬

‫‪: 1997‬‬ ‫‪ )2‬األمر عدد ‪ 501‬لسنة ‪ 1997‬المؤرخ في ‪ 14‬مارس‬

‫مجال‬ ‫لقد بادر المشرع التونسي بتحديد اإلطار العام للمتدخلين في‬
‫ؤرخ‬ ‫االتصاالت ذات القيمة المضافة خاصة عبر األمر عدد ‪ 501‬لسنة ‪ 1997‬الم‬
‫راس‬ ‫في ‪ 14‬مارس ‪ 1997‬المتعلق بالخدمات ذات القيمة المضافة لالتص االت وك‬
‫افة‬ ‫الشروط الضابط للشروط الخاصة بوضع واستغالل الخدمات ذات القيمة المض‬
‫وزير‬ ‫لالتصاالت من نوع انترنات حسب ما وقع المصادقة عليه بموجب قرار من‬
‫قرار المواصالت المؤرخ في مارس ‪.1997‬‬

‫وشروط التصرف بين األجهزة الطرفية للمواصالت‬ ‫كما ضبط أساليب‬


‫األمر عدد ‪ 1218‬لسنة ‪ 1990‬المؤرخ في ‪ 21‬جويلية‬ ‫السلكية والالسلكية بمقتضى‬
‫بموجب األمر عدد ‪ 183‬لسنة ‪ 1996‬المؤرخ في ‪31‬‬ ‫‪ 1990‬حسب ما وقع تنقيحه‬
‫نصوص هامة تتعلق بحسن استغالل االتصاالت‪.‬‬ ‫جانفي ‪ 1996‬إلى جانب عدة‬

‫‪ )3‬القانون ع دد ‪ 83‬لس نة ‪ 2000‬الم ؤرخ في ‪ 9‬اوت ‪ 2000‬المتعلق بالتج ارة‬


‫وبالمبادالت التجارية‪:‬‬

‫يتضمن هذا القانون اعتراف المش رع التونسي بص فة مبدئية بالوثيقة‬


‫االلكترونية والجوانب المتصلة بالتجارة االلكترونية خاصة منها ما يتعلق باإلمضاء‬
‫االلكتروني وسلطات المصادقة ‪.‬‬

‫‪ 4‬قانون المالية لسنة ‪ 2001‬الم ؤرخ في ‪ 25‬ديس مبر ‪2000‬ع دد ‪ 98‬المتعلق‬


‫بتيسير القيام بالواجب الجبائي وخاصة الفصالن ‪ 57‬و‪ 58‬منه‪.‬‬

‫‪ 42‬لقد ذهب بعض رجال القانون الى ان القانون عدد ‪ 40‬يمثل االطار المالئم للتجارة االلكترونية‪ .‬لكن الحقيقة هو ان التجارو‬
‫االكترونية تخضع لموجبات الكترونية قد ال يستوعبها’ نص القانون عدد ‪ 40‬الذي يهدف اساسا لحماية المستهلك والذي ظل‬
‫متمسكا باالمضاءات المادية ( الفصل ‪ 27‬منه) ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فقد نص ‪ 57‬على انه" يمكن للمطالب باألداء اكتتاب وإيداع تصاريحه‬
‫الجبائية ودفع األداء والخطايا المتعلقة به وك ذلك تب ادل المعلوم ات والوث ائق‬
‫المستعملة لض بط األداء أو الموجهة إلى مص الح الجباية أو مص الح الجباية أو‬
‫مصالح استخالص األداء بالوس ائل االلكترونية الموث وق بها وذلك طبقا للتش ريع‬
‫الجاري به العمل المتعلق بالمبادالت االلكترونية‪".‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )5‬األمر عدد ‪ 2802‬لسنة ‪ 2001‬المؤرخ في ‪ 6‬ديس مبر ‪ 2001‬والمتعلق بض بط‬
‫مجال وطرق تطبيق أحكام الفصل ‪ 58‬من القانون عدد ‪ 98‬لسنة ‪ 2000‬المؤرخ في‬
‫‪ 25‬ديسمبر ‪ 2000‬والمتعلق بقانون المالية لسنة ‪.2001‬‬

‫تضمن الفصل األول من هذا األمر " انه يمكن لألشخاص المعنويين او‬
‫األشخاص الطبيعيين الخاض عين لألداء حسب النظ ام الحقيقي تق ديم التص اريح‬
‫والقائمات والكشوفات المتضمنة لمعلومات على حوامل ممغنطة ت ودع ل دى مكتب‬
‫مراقبة االداءات المختص ترابيا ويمكن قبول احد الحوامل الممغنطة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أقراص ألنظمة القراءة بالليزر‬
‫‪ -‬دعائم مغناطيسية معدة لالستعمال في المعالجة اآللية للمعلومات من صنف ‪2/1" 3‬‬
‫وأضاف بفص له الث الث " ي ودع الحامل الممغنط ل دى مكتب مراقبة األداءات‬
‫المختص ترابنا مرفوقا بجدول إحالة حسب نموذج تع ده اإلدارة وذلك مقابل وصل‬
‫تسليم ينص على القبول الوقتي للحامل"‪.‬‬

‫‪ )6‬القانون عدد ‪ 101‬لسنة ‪ 2002‬المؤرخ في ‪ 17‬ديسمبر ‪ 2002‬والمتعلق بق انون‬


‫المالية لسنة ‪ 2003‬المتعلق إيداع التص اريح والقائم ات والكش وفات على حوامل‬
‫ممغنطة المدرجة ضمن الواجبات الجبائية‪:‬‬

‫نص الفصل ‪ 66‬من هذا القانون على انه" يكون اإليداع على حوامل ممغنطة‬
‫إجباريا بالنسبة الى التصاريح والقائمات والكشوفات بالنسبة إلى المطل بين ب األداء‬
‫الذين يمسكون محاسبتهم بواسطة الحاسوب والذين يفوق رقم مع امالتهم الس نوي‬
‫الخام مبلغا يقع تحديده بقرار من الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ب‪ :‬نقص التشريع الخاص بالمعامالت االلكترونية‪:‬‬

‫إن التطور السريع لتقنيات االتصال افرز تزايدا في حجم المعامالت‬


‫االلكترونية مما اوجب تدخل المشرع التونسي لتوفير حماية كافية لهذه المعامالت‬
‫غير ان تدخله في هذا المجال ضل منقوصا‪ .‬فماهي مظاهر النقص التشريعي (‪)1‬‬
‫وما هي النتائج المترتبة عنه(‪.)2‬‬

‫‪ )1‬مظاهر النقص التشريعي‪:‬‬

‫إن دراسة القواعد المتعلقة بالمعامالت االلكترونية تكشف وجود نقص‬


‫وخاصة على المستوى الجزائي فرغم إن القانون التونسي وفي إط ار س عيه إلى‬
‫حماية الحقوق من االعتداءات على نظام المعالجة المعلوماتية وااللكترونية تدخل‬

‫‪17‬‬
‫المشرع بتنقيح أحكام المجلة الجنائية بموجب القانون عدد ‪ 89‬لسنة ‪ 1999‬وم ؤرخ‬
‫في ‪ 02/08/1999‬ومتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام المجلة الجنائية مجرما العديد‬
‫من االعتداءات على الوثيقة االلكترونية وخصص عقوب ات مالية وبدنية لمق ترفي‬
‫بعض الجرائم ‪.‬‬

‫غير أن المشرع لم يتدخل لتنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية خاصة وأن‬


‫وسائل البحث والتفتيش الكالسيكية قد تك ون عديمة الج دوى الكتش اف الج رائم‬
‫المعلوماتية ذلك أن األدلة الرتكاب الجريمة االلكترونية ليس أدلة مادية باعتبار أن‬
‫الجريمة ذاتها غير مادية باإلضافة إلى أن القواعد ال تي تنضم التف تيش ال يمكن‬
‫اعتمادها بالنسبة لهاته النوعية من الجرائم ذلك أن الفصل ‪ 95‬من مجلة اإلجراءات‬
‫الجزائية ينص على أن إجراء التفتيش بمحالت الس كنى وتوابعها ال يمكن أن يقع‬
‫قبل السادسة صباحا وبعد الساعة الثامنة مساء ‪.‬‬

‫وحيث نعلم أن الجريمة المعلوماتية ترتكب في أي وقت وقد تضمحل‬


‫آثارها بمجرد وقوعها وعلى هذا األساس وفي ص ورة ارتك اب جريمة ليال فانه‬
‫يتعين على أعوان الضابطة العدلية انتظار اليوم المقبل إلجراء التفتيش ات الالزمة‬
‫إلثبات الجريمة وقد يكون ذلك بعد فوات األوان‪ 43.‬لذلك يتعين إدخال تنقيحات على‬
‫وسائل البحث الكالسيكية وتخويل إمكانية إجراء تفتيش في أي لحظة دون ارتب اط‬
‫بعامل الزمن ويكون عبر نفس الوسيلة التي استعملها الجاني أي أن يتولى ع ون‬
‫الضابطة العدلية القيام بعملية التفتيش عبر االن ترنت الموج ود بمكتبه بقطع النظر‬
‫عن مكان وقوع الجريمة أي داخل البلد وخارجها‪.‬‬

‫إال أن هذا اإلجراء يقتضي إن تكون ألعوان الضابطة العدلية الدراية‬


‫الالزمة إلجراء تلك األعمال عبر أجهزة االتصال الحديثة وان تكون مكاتبهم تتوفر‬
‫فيها التجهيزات الالزمة للقيام بذلك‪ .‬لذلك وسع المشرع في قائمة األشخاص المخول‬
‫لهم تلك الجرائم‪44‬اذ نص الفصل عدد ‪ 83‬لسنة ‪ 2000‬المتعلق المبادالت والتج ارة‬
‫االلكترونية على انه " تتم معاينة المخالفات إلحكام ه ذا الق انون من قبل أع وان‬
‫الضابطة العدلية واألعوان المكلفين لل وزارة المكلفة باالتص االت والوكالة الوطنية‬
‫للمصادقة االلكترونية وأعوان المراقبة االقتصادية‪ "..‬فأصبحت سلطة معاينة الج رائم‬
‫المعلوماتية بين أيدي أعوان مختصين وفعال ش رعت وزارة الداخلية في انت داب‬
‫مهندسين في اإلعالمية لتكوينهم من الناحية القانونية واألمنية ثم يتم تكليفهم رؤساء‬
‫فرق مختصة في ميدان الجريمة المعلوماتية ‪.45‬‬

‫‪ )2‬نتائج النقص التشريعي‪:‬‬

‫إن التقدم التكنولوجي احدث تحوال هاما ورجة عنيفة في العالقات‬


‫القانونية على مستوى أصناف االلتزام ات المدنية والتجارية عامة فنش أت أن واع‬
‫جديدة من االلتزامات نتج عنها أنماط مبتكرة من الس لوك اإلج رامي فتواج دت‬

‫‪ 43‬الهاشمي الكسراوي ‪ ":‬الجريمة المعلوماتية " م‪ .‬ق‪ .‬ت ‪ 2006‬ص‪.33 .‬‬


‫‪ 44‬الفصل ‪ 79‬من مجلة االتصاالت على انه يتولى معاينة المخالفات الحكام هذه المجلة مامورو الضابطة العدلية‪.‬‬
‫‪ 45‬الهاشمي الكسراوي‪ : ‬الجريمة المعلوماتية مجلة القضاء والتشريع جويلية ‪. 2006‬‬

‫‪18‬‬
‫‪46‬‬
‫اال بالجريمة المعلوماتية‬ ‫حاالت غير معهودة من الجرائم وهو ما يعبر عنه إجم‬
‫مناطها المعامالت االلكترونية‪.‬‬

‫ورغم تنقيح المشرع لمجلة الجزائية فان المحاكم التونسية وجدت نفسها‬
‫عاجزة عن تتبع بعض المجاوزات تقيدا بمبدأ شرعية الج رائم والعقوب ات ومب دأ‬
‫التأويل الضيق للقاعدة الجزائية‪.‬‬

‫ونذكر على سبيل المثال القرار ألتعقيبي الجزائي الصادر عن محكمة‬


‫التعقيب التونسية بت اريخ ‪ 24‬افريل ‪ 2002‬تحت ع دد ‪ 1606547‬وال ذي تتلخص‬
‫وقائعه في انه بمناسبة تورط المتهم في قضية حي ازة عملة أجنبية اع ترف بأنه‬
‫وبحكم خبرته في مجال اإلعالمية واالنترنت تمكن من فتح رموز سرية لبطاق ات‬
‫رقمية أصلية مستعملة عادة من قبل متعاقديها اللتقاط محطات فضائية وعلى ضوء‬
‫تلك الرموز السرية أو الشفرات قام بش حن بطاق ات رقمية غ ير مبرمجة بتلك‬
‫الرموز السرية المستنسخة عن البطاقات الرقمية األصلية ثم قام بواسطة متهم آخر‬
‫ببيعها إلى كل من يرغب من الدخالء في العبور غير المشروع الى بعض القنوات‬
‫المشفرة بغاية استقبال بثها الهوائي الذي ال يتم عادة إال بواسطة شفرة خاصة وعن‬
‫طريق اشتراك خاص‪ .‬فتمت إحالة المتهمين على القضاء لمقاض اتهما ف األول من‬
‫اجل افتعال وثيقة معلوماتية والث اني من اجل مسك واس تعمال تلك الوثيقة وفقا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 199‬ثالثا جديد من المجلة الجنائية فقضت محكمة البداية بعدم سماع‬
‫الدعوى وترك السبيل وإرجاع المحجوز بناءا على انتفاء الركن الش رعي للجريمة‬
‫فاستأنفته النيابة العمومية فقضت محكمة االستئناف بإقرار الحكم االبت دائي معتم دة‬
‫نفس األسانيد فتعقب االدعاء العم ومي الق رار ال ذي قررته محكمة التعقيب على‬
‫نفس األساس وإعماال لمبدأ الشرعية‪ 48‬والتأويل الضيق للنص الجزائي‪.‬‬

‫فقرة ثانية‪ :‬عدم مالئمة التشريع االلكتروني مع بعض المعامالت المدنية والتجارية‬
‫‪:‬‬

‫إن الشكليات التي فرضها المشرع كشروط صحة في بعض المعامالت‬


‫التجارية تتمثل أساسا في العقود الشكلية وهي عقود ال يكفي لص حتها توافق إرادة‬
‫المتعاقدين بل ينبغي لتمامها احترتم شكل معين يضبطها النص القانوني‪.‬‬

‫فهل يمكن تعويض الكتب الخطي الورقي بالوثيقة االلكترونية إذا اشترط‬
‫القانوني الكتابة لصحة بعض التصرفات ؟‬

‫لإلجابة عن هذا السؤال يوجد مبدأ (أوال) واستثناء(ثانيا) ‪.‬‬

‫‪ 46‬يطلق عليها كذلك الجريمة السبرنياتية‬


‫‪ 47‬مجلة القضاء والتشريع ديسمبر ‪.2004‬‬
‫‪ 48‬يقتضي هذا المبدأ ان ال جرم بال عقوبة بدون نص س’’ابق الوض’ع أي ان’ه ليس للقاض’ي أن يق’رر تج’ريم األفع’’ال ول’و ك’انت‬
‫كانت غير أخالقية أو حتى خارقة للقانون ومحدثة لضرر خاص أو حتى ضرر عام وال ان يقرر له عقاب’’ا مس’’تندا على قي’’اس‬
‫على أفعال شبيهة مجرمة من قبل المشرع ضمن نصوص جزائية أخرى فالسلطة التشريعية هي الهيكل الوحيد المخول له تحديد‬
‫الجرائم ووضع العقوبات‬

‫‪19‬‬
‫أوال‪ :‬المبدأ‪:‬‬

‫تنص أحكام الفقرة الثانية من الفصل األول من قانون التجارة والمبادالت‬


‫االلكترونية على أنه " يجري على العقود االلكترونية نظام العقود الكتابية من حيث‬
‫التعبير عن اإلرادة ومفعولها القانوني وصحتها وقابليتها للتنفيذ في ما ال يتع ارض‬
‫وأحكام هذا القانون " أي بتعبير آخر فإن التعاقد ال ذي ي برم ويف رع في ش كل‬
‫الكتروني يضاهي تماما مثيله المفرغ في ش كل ورقي في كل ما يقتض يه نظامه‬
‫القانوني بما في ذلك صحته‪.‬‬

‫وبهذا يحصل جواب مبدئي باإليجاب عن السؤال المطروح‪ :‬إذا اشترط القانون‬
‫الكتابة مطلقا لصحة تصرف كان إفراغه في وثيقة الكترونية كافيا لتحقيق الش رط‬
‫المطل وب من ذلك ما نص عليه الفصل ‪ 190‬من المجلة التجارية على أن ‪ " :‬كل‬
‫تصرف في أصل تجاري بالبيع االختي اري أو الوعد ببيعه أو بإحالت ه مطلقا ولو‬
‫كان هذا التصرف معلقا على شرط أو صادرا بموجب عقد من نوع آخر أو كان‬
‫يقتضي انتقال األصل التجاري بالقسمة أو التص فيق أو بطريق المس اهمة به في‬
‫رأس مال شركة ‪ ،‬يجب إثباته بكتب وإال كان ب اطال " أو ما ينص عليه الفصل‬
‫‪ 343‬فقرة أولى من مجلة الشغل‪ " :‬عقدة التدريب وجوبا كتابة وإال فإنها باطلة "‪.‬‬

‫وحيث على سبيل المقارنة لقي هذا السؤال في فرنسا جوابا باإليج اب بعد ف ترة‬
‫تردد شاع فيها العكس‪.‬‬

‫وبصدور قانون ‪ 13‬مارس ‪ 2000‬سوى المشرع الفرنسي ضمن الفصل‬


‫‪ 1-1316‬من المجلة المدنية بين الكتب االلكتروني والكتب الخطي‪ .‬غ ير أن ذلك‬
‫خلق جدال فقهيا فمن الفقهاء من اعتبر أن هذا التنظير محدود بإطاره وهو اإلثبات‬
‫ومن ثم فال مجال لتوسيعه إلى ميدان صحة التصرفات‪.‬إال أن شق آخر من الفقهاء‬
‫اعتبر أن عموم التنظير ال يحتاج فيه إلى تفريق بين وظائف الكتابة ‪ ،‬فالكتب هو‬
‫الكتب مهما كانت وظيفته ‪ ،‬وال معنى لقب ول الوثيقة االلكترونية أحيانا ورفض ها‬
‫أحيانا أخرى طالما قبل التعامل بها على أنها كتب خطي ‪.‬‬

‫وقد دعم المشرع الفرنسي هذا الرأي استجابة لتوصية أوروبية مؤرخة في ‪8‬‬
‫جوان ‪ 2000‬تتعلق بالتجارة االلكتروني ة‪ .‬فأعد مش روع ق انون يتعلق "بالثقة في‬
‫االقتصاد ال رقمي" يض يف إلى المجلة المدنية الفص لين ‪ 1108‬و‪ 2-1108‬ح ول‬
‫اشتراط الشكل االلكتروني لصحة العقود ‪ ،‬ويضمن بالفصل ‪ 1 -1108‬بكل وضوح‬
‫مبدأ المطابقة بين الكتب االلكتروني والكتب الورقي أي أن الوثيقة االلكترونية تقوم‬
‫مقام الكتب الورقي بصورة خاصة في تأدية وظيفة الصحة ‪.‬‬

‫غير انه بالنسبة للقانون التونسي فإن الجواب باإليجاب عن السؤال المطروح‬
‫آنفا ال يخلو من استثناءات ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االستثناءات ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫نظم المشرع التونسي عدة تصرفات قانونية شكلية تصعب ان لم نقل يتعذر‬
‫مالئمة الوثيقة االلكترونية مع مقتضياتها فكلما تعلق األمر بالتعامل العقاري (‪ )1‬من‬
‫بيع ونحوه ‪ ،‬أو بمعاملة تتطلب نظاما إشهاريا محكما وقائما على دف اتر عمومية‬
‫كما في العقارات المسجلة واألصل التج اري (‪ )2‬أو بتص رف خطي شخصي أي‬
‫واجب التحرير من المتعاقد نفسه كالوص ية الخطية ‪ ،‬وجب في ذلك تحرير كتب‬
‫ورقي وال تقبل الوثيقة االلكترونيــة (‪. )3‬‬

‫‪ -1‬في خصوص التعامل العقاري ‪:‬‬

‫تنص أحكام الفصل ‪ 581‬من م إ ع على أنه " إذا كان موضوع البيع‬
‫عق ارا أو حقوقا عقارية أو غيرها مما يمكن رهنه يجب أن يك ون بيعها كتابة‬
‫بحجة ثابتة التاريخ قانونا وال يجوز االحتجاج بالعقد الم ذكور على الغ ير إال إذا‬
‫سجل بقباضة المالية مع مراعاة األحكام الخاصة بالعقارات المسجلة " ‪.‬‬

‫يستروح من هذا الفصل أن المشرع يشترط في بيع العقار إن يتم بحجة‬


‫مكتوبة وثابتة الت اريخ وال يمكن االحتج اج به إال إذا ما وقع تس جيله بالقباضة‬
‫المالية‪.‬‬
‫فهل تتالءم هذه الوسائل مع الوثيقة االلكترونية ؟‬

‫تتجه اإلشارة إن الشيء في نظام التسجيل ما يوحي بإمكانية تأقلمه مع‬


‫الوثائق االلكترونية النعدام الربط المعلوماتي المعمم بين المتعاملين وإدارة التس جيل‬
‫‪ ،‬مما يوجب اإلدالء بسند ورقي ‪.‬كما أنه فنيا ال يمكن إقحام بيانات التس جيل في‬
‫‪49‬‬
‫نص الوثيقة لتع ذر تغييرها بعد إمض ائها الكترونيا يغ ني عن الوثيقة الورقية‬
‫ضرورة أن نظام التسجيل الحالي معد للتعامل الورقي وهو ما يط رح إش كاال ذا‬
‫خطورة بالغة في قيمة الوثيقة االلكترونية يتمثل في مدى خضوعها ألحك ام الفصل‬
‫‪ 87‬من مجلة معاليم التسجيل والطابع الجب ائي ال ذي ي وجب تس جيل الوث ائق‬
‫والمؤيدات المدلى بها للمحكمة ويمنع على هذه األخيرة الحكم بن اء على مؤي دات‬
‫غير مسجلة ‪.‬‬

‫غير أنه في غياب نظام تسجيل الكتروني ال مفر إما من استخراج حجة‬
‫ورقية أو في أحسن األحوال اعتبار الوثيقة المستخرجة بمثابة التص ريح ألش فاهي‬
‫يسجل مقابل وصل يدلي له للمحكمة لكنه في النهاية مكتوب ورقي ‪. 50‬‬

‫وتتجه اإلشارة إلى انه في صورة التفويت في عقار مسجل بالبيع وفي غير‬
‫صورة تحرير العقد من عدول إشهاد أو أع وان س لك التحرير في إدارة الملكية‬
‫العقارية حيث تعتبر الحجة الرسمية خارجة عن المجال االلكتروني ‪ ،‬فإن تحري ره‬
‫من محام غير متمرن طبقا للفصل ‪ 377‬مكرر من مجلة الحق وق العينية ال يمكن‬
‫أن يتم في شكل الكتروني لكثرة العوائق وال تي منها وج وب إمض اء المح رر‬

‫‪ 49‬احمد بن طالب ‪ :‬الوثيقة االلكترونية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬


‫‪ 50‬احمد بن طالب ‪ :‬الوثيقة االلكترونية ‪ ،‬مرج سابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪21‬‬
‫وتس جيل العقد بالقباضة المالية قبل‬ ‫‪51‬‬
‫المعرف بهويته والتعريف بإمضاء األطراف‬
‫تقديمه للترسيم ‪. 52‬‬

‫وبالتمعن في عقد الشركة أيضا يتجلى لنا قصور الوثيقة االلكترونية على‬
‫إعداد هذا النوع من التصرفات القانونية فقد جاء بالفصل ‪ 3‬من مجلة الشركات أن‬
‫عقد الشركة عدا شركة المحاصة يكون "بكتب خطي أو بحجة رسمية وإن كان من‬
‫بين المساهمات حصص عينية تتعلق بعقار مسجل يجب أن يح رر طبقا للتش ريع‬
‫الجاري به العمل وإال عد باطال "‪.‬‬

‫ومن ثم فإن الوثيقة االلكترونية يمكن أن تكون سندا لعقد شركة محاصة أو‬
‫أي نوع آخر من الشركات التجارية بشرط أال يكون من بين مس اهماتها عق ارا‬
‫مسجال إذ في هذه الحالة األخيرة يجب أن يقع تحرير العقد في شكل حجة رسمية‬
‫خاضعة ألحك ام الفصل ‪ 377‬مك رر من مجلة الحق وق العينية بمع نى يختص‬
‫بتحريره إما حافظ الملكية العقارية أو أحد األشخاص المذكورين ضمن هذا الفصل‬
‫‪.‬‬

‫ونظرا إلى أن رأس مال الشركة يتكون من مساهمات نقدية أو عينية أو‬
‫عمـــــال ( الفصل ‪ 5‬من مجلة الشركات التجارية ) أقصى المش رع ص لب‬
‫الفصل األول من القانون عدد ‪ 89‬لسنة ‪ 2004‬الم ؤرخ في ‪ 31/12/2004‬المتعلق‬
‫ب إجراءات تأس يس الش ركات عن بعد ‪ ،‬المس اهمات العينية وذلك لحماية العقد‬
‫التأسيسي لهذا النوع من الش ركات من البطالن المنص وص عليه ص لب الفصل‬
‫الثالث من مجلة الشركات التجارية المشار إليه‪.‬‬

‫والبيع النهائي في مادة البعث‬ ‫كذلك الشأن بالنسبة لعقد الوعد بالبيع‬
‫البيع كما اوجب ان يتض من‬ ‫العقاري‪ 53‬فقد اشترط المشرع تحرير كتب الوعد ب‬
‫فرض المش رع بالفصل ‪ 9‬من‬ ‫ذلك الكتب بيانات محددة قانونا فمن الناحية الشكلية‬
‫كتب‪.‬‬ ‫قانون البعث العقاري ان يبرم الوعد بالبيع بمقتضى‬

‫وهنا تجدر اإلشارة انه إذا كان موضوع االلتزام عقارا غير مسجل فان‬
‫تحريره في شكل حجة رسمية أو غير رسمية يبقى رهبن إرادة اإلطراف وبالتالي‬
‫أمكن للوثيقة االلكترونية أن تكون سندا له ذا االل تزام على خالف األمر بالنس بة‬
‫للعقار المسجل‪.‬‬

‫ومن ذلك المنطلق إذا تعذر إتمام التعريف باإلمضاء والتسجيل والترسيم بناءا‬
‫على وثيقة الكترونية فال جدوى من التعامل بهذه الكيفية بما أن إتم ام الش كليات‬
‫المذكورة يستوجب تقديم وثيقة التحرير وهو أمر متع ذر‪ .‬وبالت الي يتجه اس تبعاد‬
‫الوثيقة االلكترونية من البيع العقاري بل ومن التعامل العقاري بص فة عامة بما أن‬
‫الفصل ‪ 377‬مكــرر من مجلة الحق وق العينية منطبق على جميع العق ود‬
‫‪ 51‬الفصل ‪ 378‬من م ح ع ‪.‬‬
‫‪ 52‬الفصل ‪ 94‬من م ح ع ‪.‬‬
‫‪ 53‬القانون عدد ‪ 17‬لسنة ‪ 1990‬المؤرخ في ‪ 26‬فيفري ‪ 1990‬والمتعلق بتحوير’ التشريع الخاص بالبعث العقاري ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫واالتفاقات الخاضعة للترسيم مطلقا سواء كانت بيعا أو معاوضة أو رهنا أو غيرها‬
‫مما يشمله الفصل ‪ 373‬من مجلة الحقوق العينية‪.‬‬

‫‪ -2‬في خصوص التعامل في األصل التجاري ‪:‬‬

‫أن ما ذكرناه آنفا بخصوص العقار المسجل يمكن قوله في األصل التجاري‬
‫ضرورة وأن الفصل ‪ 189‬مكرر من المجلة التجارية خص المحامين بتحرير العقود‬
‫المتعلقة باألصل التجاري بشروط وإجراءات تذكر بتحرير العقود المتعلقة بالعقارات‬
‫المسجلة ‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية األصل التجاري في النسيج التجاري واالقتصادي أخضع‬


‫المشرع جميع العمليات القانونية المتعلقة به إلى جملة من اإلجراءات ال يتصور أن‬
‫تنجز باستخدام الوثيقة االلكترونية وتوظيف وس ائل االتص ال الحديثة ذلك أنها في‬
‫ارتباط وثيق بمؤسسات قانونية أخرى يظل طابعها الورقي المادي مصدر ضماناتها‬
‫وأمانها كالسجل التجاري ‪ 54‬والرائد الرسمي ‪ 55‬وال دفتر العم ومي الممس وك من‬
‫طرف كتابة المحكمة المختصة ترابيا ‪ 56‬فضال عن ارتباط هذه التصرفات القانونية‬
‫بعدد من الهياكل المختصة كالمحكمة ‪ ،‬مصلحة الملكية التجارية ‪ ،‬المأمور العمومي‬
‫وعدل التنفيذ ‪.‬‬

‫كما انه ال يمكن تجاوز مسألة اآلجال ألنها مسألة جوهرية في مؤسسة‬
‫األصل التجاري ذلك أن جميع التصرفات القانونية والحق وق المترتبة على األصل‬
‫التجاري مرتبطة في وجودها وصحتها باحتساب اآلج ال وهي جد متفرعة ومختلفة‬
‫فلكل أجل منها نقطة بداية مختلفة وبالتالي فإنه ال يمكن المخاطرة به ذه المؤسسة‬
‫بالولوج إلى عالم ال م ادي افتراضي يك ون الت وقيت فيه متفاوتا بحسب الموقع‬
‫الجغرافي للمستعمل وخاضعا في ضبطه إلى تقنيات تتمتع اليوم بنجاعة ما تلبث أن‬
‫تفقدها بطلوع فجر يوم جديد ‪.‬‬

‫‪ -3‬الوصية الخطية‪:‬‬

‫تنص أحكام الفصل ‪ 176‬من م ا ش أن الوصية " ال تثبت إال بالحجة‬


‫الرسمية أو بكتب محرر أو ممضى من الموصي " ‪.‬إال أن ه ذه الش روط تب دو‬
‫مستعصية على الوثيقة االلكترونية ألن روح الوص ية الخطية وفكرتها أن تك ون‬
‫مكتوبة بخط الموصي ومؤرخة وممضاة بيده تأكيدا لنية اإلمض اء عن ده وتحقيقا‬
‫إلرادته الحرة والواعية وهو ما يفترض سندا ورقيا وال يتالءم إال مع ه‪ .‬ل ذا فال‬
‫من اص من اس تبعاد الوثيقة االلكترونية من تحرير الوص ية خاصة أن مقومها‬
‫األساسي وهو اإلمضاء الذي ال يبدو ممكنا ب النظر إلى س ياق الفصل ‪ 176‬من‬
‫مجلة األحوال الشخصية وظروف وضعه ومراد واضعه والتي تتظافر كلها لإليحاء‬

‫‪ 54‬بالنسبة مثال إلى وجوب تسجيل المكتري السمه إبان ابرام عقد كراء االصل التجاري ( الفصل ‪231‬م ‪.‬ت ) ‪.‬‬
‫‪ 55‬بالنسبة لجميع االشهارات وهي ال تحصى فكل عمل قانوني أو إجرائي يجب أن يخضع لإلشهار بالرائد الرسمي فضال عن‬
‫الصحف اليومية والتعليق ‪.‬‬
‫‪ 56‬الفصول ‪ 239 ، 238، 205‬و ‪ 241‬من المجلة التجارية ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫بوجوب كتابتها يدويا بخط الموصى‪ 57‬وبالتالي ال يجوز تعويضه بإمضاء الكتروني‬
‫ومن ثم ال يمكن تحرير الوصية الخطية بوثيقة الكترونية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫محمود شمام ‪ ،‬الوصية في الفقه والقانون ‪ ،‬دار النجاح للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬تونس ‪ ،‬غير مؤرخ ‪ ،‬ص ‪ 101.‬و‪. 102‬‬

‫‪24‬‬

You might also like