Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 100

‫الصرخة‬

‫المنطلقات واألهداف‬
‫الطبعة الثانية‬
‫م‬2019 / ‫هـ‬1440

www.d-althagafhalqurania.com

2
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫الحم�د هلل رب العاملين‪ ،‬وأش�هد أن ال إله إال اهلل املل�ك الحق املبين‪،‬‬
‫وأشهد أن سيدنا محمدً ا عبده ورسوله خاتم النبيين‪ ،‬صلوات اهلل وسالمه‬
‫عليه وعلى آله الطاهرين‪ ،‬ورضي اهلل عن صحبه املنتجبين‪ .‬وبعد‬
‫ال ش�ك ب�أن للش�عارات أهميته�ا في ه�ذه املرحلة‪ ،‬ب�ل صارت‬
‫اس�تراتيجية مهمة حتى لدى أعداء هذه األمة بالرغم من إمكانياتهم‬
‫الكبيرة املادية والعسكرية؛ فنجد بأنهم يتحركون الحتالل الشعوب‬
‫تح�ت ش�عارات متع�ددة ومختلف�ة؛ ألنه�م يعرف�ون أهميتها‪ ،‬وال‬
‫يقولون كام نقول نحن‪ :‬ما قيمة هذه الشعارات؟‪.‬‬
‫وبمناس�بة ذكرى (الصرخة) التي أطلقها الس�يد حسين بدر الدين‬
‫الحوثي(رضوان اهلل عليه) في وجه املس�تكبرين أحببنا أن نقدم هذه املادة‬
‫الثقافية ملعرفة الدوافع واألسباب التي أدت إلى مثل هذا العمل الذي‬
‫عنوانه هذه الصرخة‪ ،‬وما حققه على املس�توى الداخلي والخارجي‪،‬‬
‫أم�ورٌ تحدث عنها الش�هيد القائد الس�يد حس�ين بدر الدي�ن الحوثي‬
‫وأخوه الس�يد القائد عبد امللك بدر الدين الحوثي (رضوان اهلل عليهما) في‬
‫كثير من محاضـراتهام وخطاباتهام التي س�نورد بعض ًا مام ورد في فيها‬
‫في هذا الكتيب راجي ًا من اهلل سبحانه وتعالى أن تتم االستفادة منه‪..‬‬
‫واهلل املوفق‬

‫‪3‬‬
‫ما الذي ت�سعى له �أمريكا؟‬
‫بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر دخلت املنطقة مرحلة جديد‬
‫س�عت فيها أمريكا ومعها إسرائيل ومن يتحالفون معها إلى السيطرة‬
‫الش�املة والتام�ة عل�ى أمتنا اإلسلامية‪ :‬أرض� ًا وإنس�ان ًا ومقدرات‬
‫وموقع ًا جغرافياً‪ ،‬وبدافع استعامري‪ ،‬وبدافع أيض ًا عدائي وليس فقط‬
‫بهدف السيطرة على ما في هذه املنطقة من موارد اقتصادية‪.‬‬
‫هن�اك عداء له�ذه األمة وهو دافع إضافي إلى باقي األطامع‪ ،‬دافع‬
‫إضاف�ي الس�تهداف ه�ذه األمة والس�عي للس�يطرة الش�املة عليها‪،‬‬
‫والتح�رك األمريك�ي واإلس�رائيلي ف�ي اتجاه الس�يطرة عل�ى األمة‬
‫ليس فقط تحركا عس�كرياً‪ ،‬بل هو اس�تهداف شامل اتجه ليس فقط‬
‫الحتلال األرض وإنما الحتالل النفوس والس�يطرة على اإلنس�ان‬
‫في فكره وثقافته ورأيه‪ ،‬والس�يطرة على هذا اإلنس�ان في مس�ارات‬
‫حيات�ه‪ ،‬وفي وضعه بش�كل كامل‪ ،‬الس�يطرة على الوضع السياس�ي‬
‫في منطقتنا والس�يطرة اقتصادي ًا والسيطرة إعالمي ًا والسيطرة في كل‬
‫املجاالت‪ ،‬وفي كل االتجاهات‪.‬‬
‫وس�يطرة معادية ليس�ت س�يطرة به�دف إرادة الخير له�ذه األمة‬
‫والسعي ملا فيه مصلحة هذه األمة‪ ،‬إنام هي سيطرة العدو على عدوه‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫وعدوٌ في نفس الوقت حاقد ومستكبر ومجرد من كل القيم اإلنسانية‬
‫واألخالقية والدينية‪ ،‬عدوٌ يسعى إلى السيطرة العسكرية بشكل تام‪،‬‬
‫وأن تتح�ول منطقتنا هذه الت�ي تحتل وتتبوأ موقع ًا جغرافي ًا مه ًام على‬
‫مس�توى العالم‪ ،‬أن تكون أه�م املناطق فيها وأهم املواقع فيها قواعد‬
‫عسكرية يجعل فيها جنوده ويسيطر من خالل ذلك سيطرة تامة‪.‬‬

‫ال�سيطرة على الم�ستوى ال�سيا�سي‬


‫يس�عى هذا العدو على املس�توى السياسي إلى الس�يطرة الشاملة‬
‫علينا كأمة إسالمية في هذه املنطقة العربية بالدرجة األولى وفي سائر‬
‫العالم اإلسلامي‪ ،‬وليس ليهتم بنا‪ .‬على مس�توى الوضع السياس�ي‬
‫حينام يتحكم بواقعنا السياسي يعمل على هندسة هذا الواقع بكل ما‬
‫يضمن له الس�يطرة التامة علينا‪ ،‬االنتقام منا كأمة مس�لمة‪ ،‬واإلذالل‬
‫لن�ا والتصمي�م والهندس�ة لواقعنا السياس�ي فيام يضمن ل�هُ إضعافنا‬
‫والوصول بنا إلى حافة االنهيار‪.‬‬
‫كيف يهندس واقعنا السياس�ي؟ يصنع واقعً ا سياسي ًا مأزومً ا مليئًا‬
‫باملش�اكل غارقا ف�ي النزاعات‪ ،‬تعي�ش القوى في�ه واملكونات حالة‬
‫م�ن التباين الش�ديد والتنازع على كل املس�ائل واألمور والخالفات‬
‫الس�اخنة واألزم�ات املعقدة‪ ،‬حت�ى نتحول إلى أم�ة مأزومة‪ ،‬تعيش‬

‫‪5‬‬
‫دائ ًام املش�اكل املتفاقمة في واقعها السياسي‪ ،‬حتى ال تتمكن أبد ًا من‬
‫أن تنهض‪ ،‬وال أن تبني نفس�ها وواقعها‪ ،‬يشجع االنقسامات‪ ،‬يغذي‬
‫املش�اكل‪ ،‬يعمل على اختالق املزيد منها‪ ،‬يوس�ع دائرة االنقس�امات‬
‫تح�ت كل العناوي�ن‪ ،‬يش�جع على الصراع�ات‪ ،‬ويتج�ه لبعثرة هذه‬
‫األمة وتفكيكها‪.‬‬

‫ال�سيطرة على الم�ستوى الإعالمي‬


‫على املس�توى اإلعالمي يسعى إلى السيطرة التامة على اإلعالم‪،‬‬
‫يسعى إلى أن يسيطر على كل النشاط اإلعالمي في داخل األمة على‬
‫اإلعالميين أنفس�هم ف�ي أدائهم اإلعالمي فيتحول�ون إلى أقالم فيام‬
‫يكتب�ون ؛ تخ�ط ل�ه كل ما يخدمه‪ ،‬كل م�ا يبرر له مواقفه وسياس�اته‬
‫ومساراته العملية‪ ،‬كل ما يساعده على استغالل األمة وعلى تدجين‬
‫األمة‪ ،‬وعلى السيطرة على األمة‪.‬‬
‫كل م�ا يتواف�ق م�ع كل خطوة يخطوه�ا لضرب ه�ذه األمة‪ ،‬كل‬
‫م�ا يضلل ه�ذه األمة ويغط�ي على الحقائ�ق ويزيف عل�ى الوقائع‪،‬‬
‫على مس�توى اإلعالميين في نش�اطهم اإلعالمي في التحليالت في‬
‫املقاالت في الطرح اإلعالمي‪ ،‬في كل البرامج واألنش�طة اإلعالمية‬
‫أن يتح�ول إعالمي�و هذه األمة إلى أبواق ينفخ فيه�ا فتكون صوتًا له‬
‫تتكل�م بام يخدمه‪ ،‬يام يخدع ال�رأي العام‪ ،‬بام يصنع رؤية مغلوطة في‬

‫‪6‬‬
‫أوس�اط األمة ونظرة خاطئة وغبية تجاه كل تحركات هذا العدو‪ ،‬بام‬
‫يقلب الحقائ�ق التي هي حقائق كبيرة وحقائ�ق مهمة والخداع فيها‬
‫والتضلي�ل فيها ل�هُ تداعيات كبيرة في مواقف األمة‪ ،‬كل ما يس�اعده‬
‫على تكبيل ه�ذه األمة واالنحراف بها عن مس�اراتها الصحيحة في‬
‫مواقفها ومشاريعها العملية واهتامماتها فيدجنها له‪ ،‬ويخضعها له‪.‬‬

‫ال�سيطرة على الجانب الثقافي‬


‫يس�عى الع�دو إل�ى الس�يطرة عل�ى امل�دارس واملناهج املدرس�ية‬
‫والجامعية‪ ،‬وعلى مستوى أيض ًا ما يحمله املدرسون من آراء وأفكار‬
‫وم�ا يقدمون�ه للتالمي�ذ والطلاب‪ ،‬التضلي�ل للمدرس�ين والتأثي�ر‬
‫عليهم والسعي ألن يحملوا آراء خاطئة وثقافات مغلوطة‪ ،‬ومفاهيم‬
‫س�لبية كلها تس�هم في س�يطرة األمريكي على منطقتن�ا‪ ،‬وفي خدمة‬
‫اإلسرائيلي‪ ،‬وفي صالح السياسات األمريكية واإلسرائيلية‪.‬‬
‫واالتج�اه أيض� ًا إل�ى الطلاب كذل�ك لتنش�ئتهم عل�ى مفاهي�م‬
‫ترس�خ فيهم الوالء بإخلاص ألمريكا والنظرة بإيجابي�ة إلى العدو‬
‫اإلس�رائيلي‪ ،‬نظ�رة خاطئة نظرة مغلوط�ة‪ ،‬واالبتعاد ع�ن كل ما من‬
‫شأنه أن يصنع وعي ًا ونور ًا لهذه األمة وفه ًام صحيح ًا لهذه األمة تجاه‬
‫واقعها وتجاه أعدائها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫�سيطرة على الخطاب الديني‬
‫على مس�توى الخط�اب الديني يس�عى العدو إلى الس�يطرة عليه‬
‫فتكون هناك أقالم وكتابات وأنشطة لعلامء سوء من علامء السالطين‬
‫وم�ن علامء البالط ومن علامء الضالل الذين يعملون لصالح العدو‪،‬‬
‫تصدر فت�اوى تدجن هذه األم�ة ألعدائها ولعمالئهم‪ ،‬تس�عى أيض ًا‬
‫بالدف�ع ف�ي األمة إلى كل م�ا يتوافق مع نفس السياس�ات األمريكية‬
‫واإلس�رائيلية ف�ي العداء‪ ،‬وفي املوق�ف وفي التصرف�ات وفي تبرير‬
‫السياسات واملواقف‪ ،‬كام نشاهده اليوم في هيئة كبار علامء السعودية‬
‫في مفتيها وهو يس�طر كل فترة الفتوى التي تناس�ب السلطة العميلة‬
‫ألمري�كا‪ ،‬والت�ي تب�رر املوقف ال�ذي يتجه ف�ي نفس الس�ياق الذي‬
‫رسمته أمريكا وأرادته إسرائيل‪.‬‬
‫وهكذا س�عي للسيطرة الشاملة‪ ،‬وهذه الس�يطرة تهدف وبشكل‬
‫رئيس�ي إل�ى انت�زاع كل عناصر القوة‪ ،‬وكل ما يس�اهم ف�ي بناء هذه‬
‫األمة لتواجه هذا العدو‪.‬‬
‫وه�ذا أس�لوب خطي�ر ج�د ًا للس�يطرة الش�املة والكامل�ة أخطر‬
‫م�ن االقتصار على الس�يطرة العس�كرية‪ ،‬لو كان التوج�ه األمريكي‬
‫واإلس�رائيلي توجه� ًا عس�كري ًا بحت� ًا لي�س إلى جانبه س�عي في كل‬

‫‪8‬‬
‫املسارات واالتجاهات‪ ،‬ليس إلى جانبه سيطرة فكرية ثقافية نفسية‪،‬‬
‫صياغ�ة لإلنس�ان بما يعبِّده لهم‪ ،‬بام يح�ول دوره في ه�ذه الحياة في‬
‫كل اهتاممات�ه وطاقات�ه‪ ،‬وفي كل م�ا يمتلكه من مؤهلات وعناصر‬
‫لخدمته�م‪ ،‬ل�و كان التحرك عس�كري ًا فحس�ب لكانت املس�ألة هينة‬
‫تح�رك ش�امل وتحرك ش�يطاني وتح�رك مدروس‬
‫ٌ‬ ‫وبس�يطة ولكن�ه‬
‫يستغل حالة الغفلة في هذه األمة عن فهم طبيعة هذا الصراع‪ ،‬وطبيعة‬
‫ما تحتاج إليه األمة بحس�ب طبيعة هذا الصراع وأس�لوبه ومس�اراته‬
‫واتجاهاته ومجاالته‪.‬‬

‫ال�سيطرة االقت�صادية‬
‫يسعى العدو إلى السيطرة على املستوى االقتصادي حتى تتحول‬
‫كل ثروات وإمكانات هذه األمة وبالذات املواد الخام‪ ،‬سوا ًء البترول‬
‫أو غي�ره من املواد الخام ف�ي منطقتنا تتحول لصالح العدو‪ ،‬ونتحول‬
‫نحن في واقعنا االقتصادي إلى مجرد سوق استهالكية وأمة تستهلك‬
‫وال تنتج وال تبني لها اقتصاد ًا حقيقياً‪ ،‬أمة عطلت في داخلها اإلنتاج‬
‫واالستغالل واالس�تفادة من خيراتها وثرواتها‪ ،‬فثرواتها كمواد خام‬
‫تتجه لصالح العدو يستغلها هو‪ ،‬يستفيد منها ويصدر إلينا بعض ًا منها‬
‫كسلع ندفع له قيمتها بثمن باهض جداً‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ومع ذلك نعيش حالة دائمة من األزمات االقتصادية‪ ،‬واملش�اكل‬
‫االقتصادي�ة‪ ،‬واملحن االقتصادي�ة التي تجعل منا أم�ة فقيرة ومعانية‬
‫وبائس�ة وش�قية‪ ،‬وأمة تعيش الكثير والكثير من املشاكل واألزمات‪،‬‬
‫تف�رض عليه�ا سياس�ات اقتصادي�ة تعتم�د عل�ى الربا تعتم�د على‬
‫االس�تيراد بش�كل تام‪ ،‬وتعطيل اإلنت�اج والبناء االقتص�ادي‪ ،‬تعتمد‬
‫على سياس�ات إدارية خاطئة جد ًا ينتج عن ذلك بطالة بش�كل واسع‬
‫ومتفش وحالة من الضياع بشكل كبير والبؤس والعناء الشديد الذي‬
‫ٍ‬
‫يساهم في نشوء مشاكل اجتامعية‪ ،‬ومشاكل اقتصادية‪ ،‬وبيع للضمير‪،‬‬
‫وبي�ع لألخلاق‪ ،‬وبي�ع للوفاء‪ ،‬وبي�ع لل�والءات‪ ،‬وبي�ع للمواقف‪،‬‬
‫وارتهان وخنوع لصالح األعداء‪.‬‬

‫�سيطرة حتى في الوالءات‬


‫وهك�ذا ف�ي كل املج�االت وفي كل االتجاهات س�عي لس�يطرة‬
‫ش�املة ف�ي كل واق�ع حياتن�ا وفي كل مس�ارات عملنا ونش�اطنا في‬
‫ه�ذه الحياة‪ ،‬أراد لنا األمريكي واإلس�رائيلي أن نكون نحن وكل ما‬
‫بأيدينا‪ ،‬وكل ما نس�عى له في هذه الحياة لهُ ‪ ،‬تحت سيطرتهم‪ ،‬تحت‬
‫تحكمه�م‪ ،‬وأن يكون�وا هم املتحكمين في كل ش�ؤون حياتنا‪ ،‬وفي‬
‫كل مس�ارات أعاملنا‪ ،‬نفعل ما يريدون منا أن نفعل‪ ،‬نقف في املوقف‬

‫‪10‬‬
‫ال�ذي يريدون لن�ا أن نقفه‪ ،‬نوالي من يريدون لن�ا أن نوالي‪ ،‬ونعادي‬
‫من يريدون منا أن نعادي‪.‬‬
‫وما مؤدى هذه الحالة إذا قبلنا بها‪ ،‬وإذا س�لمنا أمرنا لهم‪ ،‬وقبلنا‬
‫بالخض�وع لهم‪ ،‬واالستسلام له�م‪ ،‬ومكناه�م من الس�يطرة التامة‬
‫علينا‪ ،‬وقررنا أن نس�ير في كل شؤون حياتنا على حسب ما يريدون‪،‬‬
‫وما يفرضون وما يقررون؟ هل املسألة سهلة؟ ال‪ ،‬مؤدى هذا كارثي‬
‫علينا وخس�ارة بكل ما تعنيه الكلمة‪ ،‬خس�ارة في الدنيا وخسارة في‬
‫اآلخرة‪ ،‬وخس�ارة فظيعة وقبيحة وشنيعة؛ ألنك عندما تضحي بكل‬
‫ش�يء لصال�ح عدوك‪ ،‬ف�ي خدمة ع�دوك‪ ،‬في طاعة ع�دوك‪ ،‬العدو‬
‫الحاقد العدو املجرم‪ ،‬العدو الشيطاني الذي يتحرك بأجندة شيطانية‪،‬‬
‫العدو الذي ال يستحق منك أن تقدم إليه أي جميل‪ ،‬وال أن تفعل له‪،‬‬
‫أو تحقق له أي مصلحة‪ ،‬هو يتعامل معك بدافع الحقد واالس�تهتار‬
‫واالس�تكبار والع�دوان والطغي�ان واإلجرام وهو يحتق�رك بكل ما‬
‫تعنيه الكلمة؛ فتقبل بأن تكون له أعاملك وتصرفاتك وحياتك‪.‬‬

‫�سيطرة على م�ستوى حياة النا�س‬


‫حتى على مس�توى حياة الناس يريد أن يجن�د من أبناء هذه األمة‬
‫أكبر قدر ممكن من املقاتلين ثم يكونون هم فداء بأرواحهم وحياتهم‬
‫ودمائهم لجنوده‪ ،‬يقتلون في أي معركة يريد هو أن يخوضها بهم في‬

‫‪11‬‬
‫أي معت�رك‪ ،‬مع أي طرف في هذا العالم‪ ،‬س�واء في داخل األمة‪ ،‬مع‬
‫أحرارها‪ ،‬وضد رجالها وشرفائها وأخيارها‪ ،‬كام يفعل اليوم في كثير‬
‫م�ن األقط�ار‪ ،‬وفي كثير م�ن البل�دان‪ ،‬أو ضد أي قوة منافس�ة له في‬
‫الس�احة العاملية س�وا ًء مثلام فعل في املاضي ف�ي معركته مع االتحاد‬
‫الس�وفيتي التي خاضها بعرب ومس�لمين‪ ،‬فقتل منهم مئات اآلالف‬
‫ف�دا ًء للضب�اط والجن�ود األمريكيي�ن بدل م�ن أن يقت�ل أي جندي‬
‫أمريكي أو ضابط أمريكي‪.‬‬
‫فخاض معركته مع االتحاد الس�وفيتي آنذاك بمقاتلين ومجندين‬
‫من أبناء األمة‪ ،‬من كل بلدانها وش�عوبها‪ ،‬وبأموال مدفوعة من ثروة‬
‫هذه األمة‪ ،‬دفعتها آنذاك أنظمة عربية على رأسها النظام السعودي‪.‬‬
‫أليس�ت هذه خس�ارة أن تتح�ول ثروتنا إلى تموي�ل لألمريكي؟‬
‫نحن كأمة مس�لمة نحن كمنطق�ة عربية تتحول ث�روات هذه املنطقة‬
‫إل�ى ثروة لألمريكي يرغ�د بها‪ ،‬يحل بها مش�اكله االقتصادية‪ ،‬يحل‬
‫بها مش�كلة البطالة في أمريكا‪ ،‬تنمي امليزانية األمريكية‪ ،‬ثم يس�تفيد‬
‫منها أيض ًا لتمويل حروبه‪ ،‬واعتداءاته‪ ،‬ومشاكله في داخل أمتناً‪ ،‬ضد‬
‫األح�رار في أمتن�ا‪ ،‬وفي خارج أمتن�ا‪ ،‬ضد القوى املنافس�ة واملناوئة‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ال ملعركة مع الصي�ن من هذا الن�وع‪ ،‬وهو اليوم‬
‫ويخط�ط مس�تقب ً‬

‫‪12‬‬
‫يخوض معارك كثيرة في الساحة هي معركته هو‪ ،‬ولو أنها تمول بامل‬
‫عربي‪ ،‬ومال األمة اإلسلامية‪ ،‬ويقاتل فيها ويضحى فيها بعش�رات‬
‫اآلالف من العرب فدا ًء له ولجنوده ولضباطه؛ حتى ال يخسر جندي ًا‬
‫أمريكي ًا أو ضابط ًا أمريكي ًا إال عند الضرورة القصوى‪.‬‬
‫ه�ذا ال�ذي يس�عى له‪ ،‬م�ؤدى ه�ذه العاملة م�ؤدى القب�ول بهذه‬
‫الس�يطرة‪ ،‬مؤدى أي خيارات لالستسلام أو للعاملة هو مؤدى يصل‬
‫باألمة إلى الخسارة الرهيبة بكل ما تعنيه الكلمة الخسارة واإلفالس‬
‫(((‬
‫على كل املستويات‪.‬‬

‫ما الذي حل بالأمة نتيجة هذه الم�ؤامرات؟‬


‫على املستوى املالي تخسر األمة‪ ،‬تنفق الكثير والكثير من أموالها‬
‫وتس�تنزف في مواردها االقتصادية‪ ،‬وتص�ل إلى حافة اإلفالس‪ ،‬كام‬
‫كل منهام‬
‫كل من النظ�ام الس�عودي والنظام اإلمارات�ي‪ٌ ،‬‬
‫علي�ه الي�وم ٌ‬
‫وص�ل الي�وم إلى درج�ة عجز كبير ف�ي امليزاني�ة‪ ،‬يحت�اج لإليفاء به‬
‫ولتوفي�ره إلى االس�تدانة‪ ،‬النظام الس�عودي اليوم يتدي�ن ويقترض‪،‬‬
‫والنظام اإلماراتي كذلك‪ ،‬فيما يقدمون مئات املليارات إلى الخزينة‬
‫األمريكي�ة ولصال�ح األمريكيين‪ ،‬ويس�تفيد اإلس�رائيلي م�ن كل ما‬
‫((( من محاضرة السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام‪1439‬هـ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫يقدمونه لألمريكي‪ ،‬إن لم يكونوا يقدمون له أيض ًا ما يخصه‪.‬‬
‫كارثة‪ ،‬مصيبة‪ ،‬خس�ارة على املس�توى االقتصادي‪ ،‬خسارة على‬
‫املس�توى السياس�ي‪ ،‬خس�ارة بكل م�ا تعني�ه الكلمة في كل ش�يء‪،‬‬
‫خسارة في هذه الحياة‪ ،‬وخسارة في اآلخرة‪ ،‬خسارة في هذه الحياة؛‬
‫ألن م�ؤدى اإلذع�ان للس�يطرة األمريكي�ة أن ينتج عنه�ا واقع بئيس‬
‫وكارث�ي وتدمي�ري؛ ألن كل السياس�ات واملخطط�ات واملؤامرات‬
‫األمريكي�ة واإلس�رائيلية التي تق�دم إلينا كأمة وتف�رض على واقعنا‬
‫كأمة مسلمة في املنطقة العربية بالدرجة األولى‪ ،‬وفي غيرها كذلك‪،‬‬
‫كله�ا مؤامرات لتدميرن�ا‪ ،‬كلها مؤامرات لخس�ارتنا‪ ،‬كلها مؤامرات‬
‫حاقدة ومعادية تؤدي بنا إلى االنهيار‪.‬‬
‫عل�ى مس�توى واقعن�ا كمجتمع مس�لم إذا تمك�ن األمريكي من‬
‫الس�يطرة التامة علينا ماذا ينتج عن ذلك؟ نتحول إلى مجتمع خاسر‬
‫وس�يء‪ ،‬مجتم�ع مليء باملش�اكل السياس�ية واألزم�ات االقتصادية‬
‫ومفكك‪ ،‬مفكك ومبعثر‪ ،‬تنش�أ مش�اكل تحت كل العناوين تس�اعد‬
‫كله�ا عل�ى بعثرته وعل�ى تمزيق حتى نس�يجه االجتامع�ي‪ :‬عناوين‬
‫مناطقية‪ ،‬عناوي�ن طائفية‪ ،‬عناوين عنصرية‪ ،‬كل العناوين التي تمزق‬
‫املجتمع‪ ،‬وتبعث�ر املجتمع‪ ،‬وتعزز التباينات والنزاعات والصراعات‬
‫بين أبناء املجتمع كلها تنزل ضمن تلك السياسات‪ ،‬وتلك األنشطة‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫وتلك البرامج التي يشتغل عليها األمريكي واإلسرائيلي في منطقتنا‪.‬‬
‫ث�م نتحول إلى مجتم�ع مليء باألزمات والعاه�ات االجتامعية‪،‬‬
‫مجتم�ع غ�ارق في املخ�درات وفي الفس�اد األخالقي وف�ي التميع‬
‫وخس�ران الش�رف والضمير والقيم‪ ،‬مجتمع مل�يء وموبوء باإليدز‬
‫واملش�اكل الصحية واآلفات الرهيبة والفظيعة في كل شيء‪ ،‬مجتمع‬
‫محط�م فق�د كل عناص�ر الق�وة‪ ،‬كل عناص�ر املنع�ة‪ ،‬كل العناص�ر‬
‫والعوام�ل التي تس�اهم ف�ي بناء واقعه‪ ،‬ف�ي تقويته‪ ،‬ف�ي حاميته‪ ،‬في‬
‫يجرد منها فيتحول إلى مجتم�ع بئيس‪ ،‬ومجتمع‬
‫النه�وض به‪ ،‬كله�ا َ‬
‫فاق�د لكل ح�االت الوع�ي‪ ،‬مجتمع غب�ي‪ ،‬مجتمع ض�ال‪ ،‬مجتمع‬
‫منح�رف‪ ،‬مجتمع منحل‪ ،‬مجتمع متميع‪ ،‬مجتمع فاس�د يطغى عليه‬
‫الفساد في كل شيء‪.‬‬
‫هذا ما تريده أمريكا وإسرائيل‪ ،‬هذا ما تسعى له أمريكا وإسرائيل‪،‬‬
‫هذا ما تعمل من أجله الكثير والكثير من الخطط واألنشطة والبرامج‬
‫التي تدخل إلى س�احتنا العربية واإلسلامية تح�ت عناوين مخادعة‪،‬‬
‫ومس�ميات مخادع�ة‪ ،‬وكله�ا للتضليل والخ�داع‪ ،‬عنوان ب�راق لكن‬
‫وراءه أنشطة تدميرية وهدامة ومفسدة‪ ،‬وتأتي تلك العناوين يروج لها‬
‫في هذه الس�احة‪ ،‬الس�احة العربية واإلسالمية سياس�يون ومسؤولون‬
‫من موقع املسؤولية في تلك الحكومة أو تلك في تلك الدولة أو تلك‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وإعالميون وعلامء سوء ومثقفون أغبياء يشتغلون لصالح العدو‪،‬‬
‫وآخرون كثر وكثر يروجون لعنوان معين أو لنش�اط معين أو ملوقف‬
‫معين ولكن خلفياته تدميرية كارثية تفسد واقع هذا املجتمع وتحطمه‪،‬‬
‫وهذا ما يسعى له األمريكي وما يعمل من أجله اإلسرائيلي‪.‬‬
‫مؤدى هذه السيطرة أن يفصلنا األمريكي واإلسرائيلي عن انتامئنا‬
‫وهويتنا اإلسلامية‪ ،‬وهذه مس�ألة من أخطر املسائل على اإلطالق‪،‬‬
‫تجاهلا كبير ًا ل�دى الكثير من أبناء هذه األم�ة‪ ،‬وتهمش في‬
‫ً‬ ‫وتلق�ى‬
‫الحدي�ث عن الخطر األمريكي واإلس�رائيلي‪ ،‬وه�ي نقطة جوهرية‬
‫وحساس�ة وفي غاي�ة األهمي�ة‪ ،‬ال يمكن لإلنس�ان أبد ًا أب�د ًا أبد ًا أن‬
‫ال ألمريكا وإس�رائيل‪ ،‬أو يكون خانع ًا مس�تل ًام وخاضع ًا‬
‫يك�ون عمي ً‬
‫ومس� ِّل ًام للس�يطرة األمريكية واإلس�رائيلية إال وينف�ك وينفصل عن‬
‫مبادئ اإلسالم وقيم اإلسالم وأخالق اإلسالم‪.‬‬
‫ألن مبادئ اإلسلام العظيمة وقيمه وأخالقه الكريمة ومشروعه‬
‫ف�ي الحياة ال ينس�جم ب�أي حال من األح�وال مع ما تري�ده أمريكا‪،‬‬
‫وما تس�عى له إسرائيل‪ .‬املس�ار والطريق الذي يدفعك فيه األمريكي‬
‫ويدفع�ك نح�وه اإلس�رائيلي‪ ،‬وتتح�رك فيه مس�ارع ًا الس�ترضائهم‬
‫والت�ودد إليه�م والتقرب إليه�م هو مس�ار ينفصل كلي ًا ع�ن املبادئ‬
‫اإللهية عن تعاليم اهلل عن إسلامه العظيم إسلامه األصيل إسلامه‬

‫‪16‬‬
‫الحقيقي الذي جاء به رسول اهلل محمد بن عبد اهلل صلوات اهلل عليه‬
‫وعلى آله وأتى في القرآن الكريم‪.‬‬

‫الإ�سالم ال�سعودي هو توليفة تتنا�سب مع ما تريده �أمريكا‬


‫و�إ�سرائيل‬
‫هناك إسلام من نوع آخر‪ ،‬إسلام تعرض لبرمجة كثيرة‪ ،‬تعرض‬
‫لحالة من التزييف والتغيير ليس هو اإلسالم الحقيقي‪ ،‬بقي فيه بعض‬
‫من الش�كليات وحرفت فيه كثير من املفاهيم واملعارف وقدم ليكون‬
‫توليفه مختلفة عن اإلسلام في حقيقته‪ ،‬اإلسالم كام هو في القرآن‪،‬‬
‫واإلسلام كام كان عليه رس�ول اهلل خاتم النبيين محمد صلوات اهلل‬
‫وسالمه عليه وعلى آله‪.‬‬
‫اإلسالم السعودي هو توليفة تتناسب مع ما تريده أمريكا‪ ،‬وما مع‬
‫تريده وتسعى له إسرائيل‪ ،‬ويخضع دائ ًام للمزيد واملزيد من عمليات‬
‫التغيير‪ ،‬ومن عملي�ات البرمجة التي تحذف وتعدل وتضيف وتقرر‬
‫وتزي�د وتنق�ص‪ ،‬وهكذا‪ ،‬إسلام من ن�وع آخر‪ ،‬إسلام يدجن أبناء‬
‫األم�ة‪ ،‬ليس فيه التس�ليم هلل‪ ،‬واالتب�اع لرس�ول اهلل‪ ،‬واالتباع للقرآن‬
‫الكري�م‪ ،‬بل االتباع لترام�ب ونتنياهو‪ ،‬ألمريكا وإس�رائيل‪ ،‬الخنوع‬
‫والطاعة ألمريكا وإسرائيل‪ ،‬والوالء والتبعية املطلقة ألمريكا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ولذلك كل من يس�ارع ف�ي خدمة أمريكا‪ ،‬وف�ي الوالء ألمريكا‪،‬‬
‫وف�ي التبعية ألمريكا وإس�رائيل‪ ،‬كلام خطا خطوة ف�ي ذلك االتجاه‬
‫ابتع�د بتل�ك الخطوة مس�افات وأميال ع�ن قيمه‪ ،‬ع�ن أخالقه‪ ،‬عن‬
‫مبادئه‪ ،‬بحكم انتامئه لإلسالم‪.‬‬
‫هذا اإلسلام الذي تنتمي إليه‪ ،‬ال تنطلق خطوة باملسارعة بالوالء‬
‫ألمري�كا والتبعي�ة ألمريكا‪ ،‬والوالء إلس�رائيل‪ ،‬إال وأن�ت ابتعدت‬
‫بهذه الخطوة و خرجت بها عن مبادئك كمسلم وعن قيمك كمسلم‪،‬‬
‫والقرآن أكد على ذلك حينام قال اهلل سبحانه وتعالى في كتابه الكريم‪:‬‬
‫ارى أَ ْو يِلَاءَ َب ْع ُض ُهمْ‬
‫انل َص َ‬ ‫َ َ ُ اَ َ َّ ُ يْ َ ُ َ‬
‫ود َو َّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫}ياأيها الذَِّين آمنوا ل تت ِخذوا اله‬
‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َّ ُ ْ ُ‬ ‫َْ َ ُ َْ‬
‫ض ومن يتولهم مِنكم فإِنه مِنهم{ (من اآلية «‪ »51‬س�ورة املائدة)‬ ‫أو يِلاء بع ٍ‬
‫فإنه منهم‪ ،‬بهذا التعبي�ر العجيب واملهم والذي يحوي هداية عظيمة‬
‫وهداية مهمة‪ ،‬وفي نفس الوقت زاجر كبير وعظيم ومهم‪ ،‬يدل على‬
‫خطورة املس�ألة وم�ا يترتب عليها‪ ،‬يؤكد ه�ذه الحقيقة‪( :‬فإنه منهم)‬
‫انخلع وانسلخ وخرج عن مبادئه وقيمه وعن انتامئه وعن هويته‪.‬‬
‫فه�و ف�ي الوق�ت ال�ذي يعبر ع�ن نفس�ه وع�ن انتامئه بأنه مس�لم‬
‫وأحيانًا بأنه حامل الراية اإلسلامية‪ ،‬كام يفعل النظام الس�عودي هو‬
‫في واقعه وحينام خطا خطوات املس�ارعة في الوالء والتبعية ألمريكا‬
‫وإس�رائيل‪ ،‬ه�و خرج عن مبادئ هذا اإلسلام وأصب�ح من أولئك‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫وف�ي طريقهم الذي رس�موه له‪ ،‬هو في مس�ارهم ال�ذي حددوه له‪،‬‬
‫وهو منفصل كل االنفصال وبعيد كل البعد عن هذا اإلسلام الحق‪،‬‬
‫(((‬
‫عن ديننا العظيم‪.‬‬

‫�أمام هذه الم�ؤامرات ما هو الموقف ال�صحيح وال�سليم والحكيم؟‬


‫املس�ار الصحي�ح الذي ينس�جم م�ع الق�رآن الكريم ال�ذي يمثل‬
‫اس�تجابة حقيقية وصادق�ة لتوجيهات اهلل س�بحانه وتعالى في كتابه‬
‫الكري�م ف�ي آياته املباركة‪ ،‬وتنس�جم بش�كل واضح م�ع مبادئ هذا‬
‫اإلسلام الحق‪ ،‬مع أخالق�ه‪ ،‬مع قيم�ه‪ ،‬وتمثل أيض ًا اقت�دا ًء حقيقي ًا‬
‫وصادق� ًا برس�ول اهلل محم�د صل�وات اهلل علي�ه وعل�ى آل�ه ه�و أن‬
‫نتح�رك عملي ًا ب�أن نعادي عدونا‪ ،‬هذا العدو الذي يس�تهدفنا في كل‬
‫ش�يء‪ ،‬يستهدفنا‪ :‬عسكرياً‪ ،‬ويس�تهدفنا اقتصادياً‪ ،‬ويستهدفنا ثقافياً‪،‬‬
‫ويستهدفنا إعالمياً‪ ،‬ويس�تهدفنا بكل وسائل االستهداف‪ ،‬وأساليب‬
‫االس�تهداف‪ ،‬ويمثل خطورة حقيقية مؤكدة علينا في كل ش�يء‪ :‬في‬
‫ديننا‪ ،‬ودنيانا‪ ،‬في حياتنا في الدنيا‪ ،‬وفي مستقبلنا في اآلخرة‪.‬‬
‫م�ن يقول أنه يعادي ولكنه يخفي هذا الع�داء ويختزنه في داخله‬
‫وال يترجم�ه عملي ًا ال ب�كالم وال بموقف وال بعمل وال تصرف فهو‬
‫((( من محاضرة السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام‪1439‬هـ باختصار‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫كاذب‪ ،‬ه�ذا مجرد كالم فارغ ال أس�اس ل�ه‪ ،‬تبرير ضعيف ال يمكن‬
‫أبد ًا أن يكون مقنعاً‪ ،‬وال أن يس�قط عنهم املس�ؤولية فيام هم عليه من‬
‫تفريط وعصيان هلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫اهلل س�بحانه وتعالى أمرنا أن نجاه�د‪ ،‬الجهاد ضد من هو؟! ضد‬
‫أعدائنا املس�تهدفين لنا املعادين لنا املتآمرين علينا املس�تهدفين لنا في‬
‫دينن�ا ودنيانا وف�ي أرضنا وفي عرضنا وفي ش�رفنا وفي كرامتنا وفي‬
‫قيمنا وفي أخالقنا‪ ،‬الذين يسعون ليسلبوا منا حريتنا وإرادتنا وقرارنا‬
‫وأن يتحكموا بنا وأن يستعبدونا‪.‬‬
‫أمرن�ا أن نكف�ر بالطاغ�وت الذي يس�عى إلى اس�تعبادنا من دون‬
‫اهلل س�بحانه وتعال�ى والطاغ�وت يتمثل ف�ي هذا العصر ف�ي أمريكا‬
‫وإسرائيل ومن يحذو حذو أمريكا وإسرائيل‪ ،‬هذا هو الطاغوت في‬
‫ََ ْ َْ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ‬
‫وت َويؤ ِم ْن بِاللهَِّ فق ِد استمس��ك‬ ‫زمننا هذا }فمن يكفر بِالطاغ ِ‬
‫ْ ُ ْ َ ْ ُ ْ ىَ اَ ْ َ َ َ َ‬
‫بِالعروة ِ الوثق ل ان ِفصام لها{ (من اآلية (‪ )256‬البقرة) ‪ ،‬البد ما نكفر بهذا‬
‫الطاغ�وت املس�تكبر‪ ،‬وأن نكون عل�ى تباين مع�ه‪ ،‬وأن ال نقبل أبد ًا‬
‫بالتبعية له‪ ،‬وال مع كل عمالئه الذين يس�عون لخدمته‪ ،‬ذلك النفاق‪،‬‬
‫َ َ َ َّ ُ‬
‫تل�ك التبعية هي التي عبر عنها القرآن بقول�ه تعالى ‪َ } :‬وم ْن يت َوله ْم‬
‫ْ ُ ْ َ َّ ُ ْ ُ ْ‬
‫مِنكم فإِنه مِنهم{‪.‬‬
‫َ َ ُ َ ْ َ ْ َ َّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫أم�ا االتجاه الصحيح فاهلل يق�ول }ياأيها الذَِّين آمنوا من يرتد‬

‫‪20‬‬
‫ُّ ُ ْ َ ُ ُّ َ ُ َ َّ لَىَ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ هَّ ُ َ‬ ‫ْ ُ ْ َ ْ‬
‫حبونه أذِل ٍة ع‬ ‫ِمنكم عن ِدينِ ِه فسوف يأ يِت الل بِقو ٍم يحُِبهم وي ِ‬
‫َ اَ خَ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ جُ َ ُ َ‬ ‫ْ ُ ْ َ َ َّ لَىَ ْ اَ‬
‫يل اللهَِّ ول يافون‬ ‫َالمؤ ِم اَنِني أ ِعزةٍ َع الكف ِِرين ياهِدون يِف سبِ ِ‬
‫��ع َعلِ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫��اء َو هَّ ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ض ُل اللهَِّ يُ ْؤت ِي ِه َم ْن ي َ َش ُ‬ ‫ََ‬
‫يم{‬ ‫الل َوا ِس‬ ‫ل ْومة لئ ِ ٍم ذل ِك ف‬
‫(املائ�دة‪ )54 :‬ه�ل ه�ذه الصف�ات تنطبق عل�ى النظام الس�عودي أو على‬
‫النظام اإلماراتي؟ أو على من هو معهم ويدور في فلكهم من التبعية‬
‫املطلقة ألمريكا واتخاذ إسرائيل وليا وصديقا وحليفا وحميام؟‬
‫ه�ل تنطب�ق عليه�م هذه الصف�ات؟! ال‪ ،‬ب�ل تنطبق عليه�م حالة‬
‫االرت�داد عن الدي�ن في مبادئه‪ ،‬ع�ن الدين في قيمه‪ ،‬ع�ن الدين في‬
‫أخالق�ه‪ ،‬واالتباع لقيم أخرى ليس�ت قي ًام مثلى أبداً‪ ،‬صفات س�يئة‪،‬‬
‫مس�ارات خاطئة‪ ،‬توجهات منحرفة‪ ،‬رسمتها لهم أمريكا‪ ،‬وحددتها‬
‫لهم إسرائيل‪ ،‬ودُ فعوا إليها فاندفعوا بغرور ومسارعة‪.‬‬
‫خي�ار اآلخري�ن‪ ،‬خي�ار املنافقي�ن ف�ي العامل�ة والتبعي�ة ألمري�كا‬
‫وإس�رائيل ه�و الخيار الخاط�ئ والخياني واملنح�رف‪ ،‬والذي يمثل‬
‫نفاق� ًا وخيان ًة وانحراف�اً‪ ،‬يتوجه إليه�م اللوم ويتقلدون ع�ار ًا وخزي ًا‬
‫نعوذ باهلل منه‪ ،‬يلقون اهلل يوم القيامة بسواد الوجوه‪.‬‬
‫ألن�ه في يوم القيامة ه�ؤالء الذين انتموا إلى هذا اإلسلام مِنهم‬
‫م�ن يلقى اهلل س�بحانه وتعالى ي�وم القيامة ببياض وج�ه‪ ،‬ومنهم من‬

‫‪21‬‬
‫يلقى اهلل بس�واد وجه�ه‪ ،‬يلقى اهلل ويك�ون وجهه كخائ�ن ومتراجع‬
‫ومنس�لخ عن مبادئ هذا الدين وقيم�ه اإليامنية واألخالقية والعملية‬
‫يلقى اهلل يوم القيامة أس�ود الوجه‪ ،‬سواد الوجوه يوم القيامة للخونة‬
‫الذين خانوا أمتهم وخانوا دينهم واتجهوا بالتبعية ألعداء هذه األمة؛‬
‫فظلموا هذه األمة‪ ،‬وظلموا البشرية بكلها‪.‬‬
‫من يرتبط بأعداء األمة‪ ،‬يظلم األمة‪ ،‬ويظلم أيض ًا البشرية بكلها؛‬
‫ألن فريق الشر‪ ،‬اللوبي الصهيوني الذي يقود اليوم أمريكا‪ ،‬ويتحرك‬
‫أيض ًا في دول أخرى من العالم‪ ،‬وتبعُ ه وضمنُه إسرائيل‪ ،‬هذا اللوبي‬
‫هو فريق الشر اليوم من أهل الكتاب الذي يشكل خطورة كبيرة على‬
‫البش�رية بكلها‪ ،‬وعلى األمن والس�لم في العال�م برمته‪ ،‬وليس فقط‬
‫في املنطقة العربية‪ ،‬هو أراد املنطقة العربية مرتكز ًا للس�يطرة في بقية‬
‫األرض في بقية الشعوب على بقية البلدان‪.‬‬
‫الجريم�ة كبيرة‪ ،‬واالنحراف خطير‪ ،‬واملس�ارات اليوم مس�ارات‬
‫رئيسية وفاصلة ومهمة وترتبط ارتباط ًا وثيق ًا باملوقف من الدين نفسه‪،‬‬
‫من اإلسلام نفس�ه‪ ،‬من القرآن نفس�ه‪ ،‬من الرس�ول نفس�ه‪ ،‬التبسيط‬
‫للمس�ألة ه�و الذي خ�دع الكثير من الس�ذج واملغفلين فاستبس�طوا‬
‫العاملة‪ ،‬واس�تهانوا بالوالء ألمريكا وإسرائيل‪ ،‬وكأن املسألة طبيعية‪،‬‬
‫وكأن�ه يمكن لك أن تبقى مس�ل ًام صالح ًا من أه�ل الجنة‪ ،‬وفي نفس‬

‫‪22‬‬
‫ومص�ادق إلس�رائيل‪ ،‬هذه مس�خرة‪ ،‬هذه‬
‫ٌ‬ ‫الوق�ت موالي� ًا ألمري�كا‪،‬‬
‫سخافة‪.‬‬
‫اليوم على األمة أن تكون واعية‪ ،‬وأول ما تعيه أين يجب أن يكون‬
‫مس�ارها؟ وكيف هو الخيار الصحيح؛ ألن الواقع التي تعيش�ه األمة‬
‫ضمن هذه الثالث املس�ارات‪ :‬مس�ار عاملة واضح�ة وتبعية واضحة‬
‫ألمريكا وإس�رائيل‪ ،‬مس�ار استسلام وخنوع وتدجين وقبول فعلي‬
‫للس�يطرة األمريكي�ة واإلس�رائيلية‪ ،‬وقبول باالنقي�اد وقت أن يصل‬
‫الدور‪ ،‬ومس�ار آخر هو املس�ار الحر في هذه األمة‪ ،‬املسار الشريف‪،‬‬
‫املسار الصادق‪ ،‬املسار الوفي ملبادئ هذا اإلسالم وقيم هذا اإلسالم‪،‬‬
‫وأخالق هذا اإلسالم‪.‬‬
‫وتعليمات اهلل ف�ي كتابه الكري�م باملعاداة ألعداء األم�ة‪ ،‬والبراءة‬
‫منهم واملباينة لهم هذه مس�ألة أساسية في القرآن‪ ،‬كل من ينكرها أو‬
‫يكذب بها فهو يكذب بآيات اهلل الواضحة الصريحة البينة في القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬في سورة براءة‪ ،‬وفي سورة آل عمران‪ ،‬وفي سورة املائدة‪.‬‬
‫إن آي�ات القرآن كلها تجعل هذه املس�ألة مس�ألة مفصلية وفارقة‬
‫يتحدد بها مس�ار اإلنس�ان في الدنيا ويوم القيامة‪ ،‬املس�ألة ليس فيها‬
‫م�زاج‪ ،‬ولي�س فيها م�زاح‪ ،‬ومهام بس�طها اآلخرون بتس�ويغ العاملة‪،‬‬
‫وتبس�يط االرتهان ألعداء اهلل‪ ،‬وتس�ويغ التبعية ألمريكا وإس�رائيل‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫فه�م بذل�ك يجنون عل�ى أنفس�هم‪ ،‬ويجنون عل�ى األم�ة بكلها من‬
‫حوله�م‪ ،‬واملس�ألة إل�ى جان�ب الدي�ن واإليمان والق�رآن واالتباع‬
‫واالقت�داء لرس�ول اهلل صل�وات اهلل علي�ه وعلى آل�ه‪ ،‬املس�ألة أيض ًا‬
‫مرتبطة بمصلحتنا الحقيقية كأمة إسالمية‪.‬‬
‫إن العاقبة اليقينية التي ال بد منها لكل الذين اختاروا مسار النفاق‬
‫والعاملة والتبعية ألعداء األمة هي الخس�ران‪ ،‬أن يصبحوا خاسرين‪،‬‬
‫وأن يصبحوا نادمين‪ ،‬هذه حقيقة أكد عليها القرآن في سورة املائدة‪،‬‬
‫وتحقق�ت إلى اليوم في كثير مم�ن اتجهوا هذا االتجاه‪ ،‬ويلحق بهم‬
‫الباقون‪ ،‬واحد تل�و اآلخر‪ ،‬ال يكملون الدور إال ووقعوا في النتيجة‬
‫نفسها‪.‬‬
‫لكن خيار موقف البراءة واملباينة ألعداء األمة‪ ،‬والسعي للتصدي‬
‫ملؤامراتهم الهدامة والتدميرية واملضرة باألمة هو انسجام مع القرآن‪،‬‬
‫انس�جام مع اإلسالم‪ ،‬ثبات على هذا الدين ومبادئه وقيمه وأخالقه‪،‬‬
‫ويحف�ظ له�ذه األمة حريتها‪ ،‬أن تكون أمة حرة مس�تقلة متحررة من‬
‫التبعية ألعدائها‪ ،‬ويحفظ لها مصالحها الحقيقية‪ ،‬يدفع عنها اإلذالل‬
‫والقهر واالس�تعباد واالسترخاص واالستغالل‪ ،‬ويحفظ لها هويتها‬
‫وثروتها وأرضها وعرضها وشرفها وكرامتها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وهذه مس�ألة مهمة جد ًا وعواقبها حميدة‪ ،‬وعواقبها إيجابية‪ ،‬أما‬
‫عواق�ب االرتهان واالستسلام والخنوع والضع�ة والعاملة والتبعية‬
‫فهي أن تخس�ر نفسك‪ ،‬وأن تخس�ر حياتك‪ ،‬وأن تخسر كل ما بيدك‬
‫لصال�ح عدوك الذي لن يرعى لك هذا الجميل‪ ،‬ولن يقدر لك ذلك‬
‫ال في الدنيا وال في اآلخرة‪.‬‬
‫(((‬

‫•••‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1439‬هـ باختصار‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫كيف كانت بداية انطالقة ال�صرخة؟‬
‫يق�ول الس�يد عبد امللك ب�در الدي�ن الحوثي حفظه اهلل ف�ي خطابه‬
‫بمناسبة الصرخة‪:‬‬
‫ِف بهذا الشعار((( ابتدا ًء‬
‫"في الجمعة األخيرة من ش�هر ش�وال هُ ت َ‬
‫في مساجد محدودة‪ ،‬وفيام قبل هذا اليوم في محاضرة يوم الخميس‬
‫أعلن السيد الشهيد القائد‪/‬حسين بدر الدين الحوثي (رضوان اهلل عليه)‬
‫انطالقة هذا املشروع القرآني بام فيه من مواقف‪ ،‬بدايتها وأولها وعلى‬
‫رأس�ها هذا الشعار املهم‪ ،‬شعار البراءة من أعداء اإلسالم واألمة من‬
‫أعداء اإلنسانية والبشرية (أمريكا وإسرائيل) هذ الشعار املعروف‪:‬‬
‫الله أكبر ‪ -‬الموت ألمريكا ‪ /‬الموت إلسرائيل‪ /‬اللعنة على‬

‫اليهود ‪ -‬النصر لإلسالم‬

‫وفي محاضرته الشهيرة املعنوَ نة (بالصرخة في وجه املستكبرين)‬


‫تنويري بنا ٍء‬
‫ٍّ‬ ‫قرآني‬
‫ٍّ‬ ‫أعل�ن هذا املوقف ليكون بداي ًة النطالقة مش�روعٍ‬
‫عظيم‪ ،‬يخرج األمة من حالة الغفلة‪ ،‬ومن حالة الصمت والسكوت‪،‬‬
‫ومن حالة التدجين والخن�وع والخضوع ألعدائها إلى املوقف‪ ،‬إلى‬
‫أن تتحرك عملي ًا وبج ٍد كام ينبغي لها أن تكون تجاه األخطار الكبرى‬

‫((( كان ه�ذا ف�ي تاري�خ ‪2002/1/17‬م أول انطالقة لترديد هذا الش�عار في قاعة مدرس�ة‬
‫اإلمام الهادي في َم َّران ‪ -‬صعدة ‪.-‬‬

‫‪26‬‬
‫الت�ي تتهدده�ا في كل ش�يء‪ .‬وف�ي محاضرت�ه تلك وقب�ل أن يعلن‬
‫الشعار قال رضوان اهلل عليه‪:‬‬
‫عندما نتحدث أيض ًا هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع ال نخلوا فيه‬
‫من حالتين‪ ،‬كل منهام تفرض علينا أن يكون لنا موقف‪:‬‬
‫الحال��ة الأول��ى‪ :‬نح�ن أم�ام وضعية مَ ِهيْن�ة‪ :‬ذل‪ ،‬وخ�زي‪ ،‬وعار‪،‬‬
‫اس�تضعاف‪ ،‬إهان�ة‪ ،‬إذالل‪ ،‬نحن تح�ت رحمة اليه�ود والنصارى‪،‬‬
‫ال تحت أقدام إس�رائيل‪ ،‬تحت‬
‫نحن كعرب كمس�لمين أصبحن�ا فع ً‬
‫أق�دام اليه�ود‪ ،‬ه�ل هذه تكفي إن كن�ا ال نزال عربً�ا‪ ،‬إن كان ال يزال‬
‫لدينا ش�هامة العربي وإباؤه ون َْخوَ ته ونجدته لتدفعنا إلى أن يكون لنا‬
‫موقف‪.‬‬
‫الحال��ة الثانية‪ :‬ه�ي ما يفرضه علينا ديننا‪ ،‬م�ا يفرضه علينا كتابنا‬
‫الق�رآن الكري�م من أنه ال بد أن يكون لنا موقف من منطلق الش�عور‬
‫باملس�ئولية أم�ام اهلل س�بحانه وتعالى‪ ،‬نح�ن لو رضين�ا ‪ -‬أو أوصلنا‬
‫اآلخ�رون إل�ى أن نرضى ‪ -‬بأن نقبل هذه الوضعي�ة التي نحن عليها‬
‫بالضعَ ة‪،‬‬
‫كمس�لمين‪ ،‬أن نرضى بال�ذل أن نرضى بالقه�ر‪ ،‬أن نرضى َّ‬
‫أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات اآلخرين وبقايا موائد‬
‫اآلخرين‪ ،‬لكن هل يرضى اهلل لنا عندما نقف بين يديه السكوت من‬
‫منطلق أننا رضينا وقبلنا وال إش�كال فيام نحن فيه س�نصبر وسنقبل؟‬

‫‪27‬‬
‫فإذا ما وقفنا بين يدي اهلل س�بحانه وتعالى يوم القيامة‪ ،‬هل س�نقول‪:‬‬
‫(نحن في الدنيا كنا قد رضينا بام كنا عليه؟) هل سيُعْ فينا ذلك عن أن‬
‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ ُ ْ ىَ َ َ ْ ُ‬
‫ات تتل عليكم{ [املؤمنون‪ :‬من‬ ‫نأمرك�م؟ }ألم تكن آي يِ‬ ‫يق�ال لنا‪ :‬ألم‬
‫بْ‬
‫ُ ْ ُ ُ ُ ُ ْ ََّ‬ ‫ْ‬ ‫َََْ َ ُ َ‬
‫ات{ [غافر‪ :‬من اآلية‪]50‬؟‪.‬‬ ‫اآلي�ة‪]105‬؟ }أولم تك تأت ِيكم رسلكم بِاليِن ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ َ ُ َّ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫أل�م تس�معوا مثل قوله تعالى }يا أيه��ا الذَِّين آمنوا اتقوا اهلل حق‬
‫ً‬ ‫ُ َ َ َ ُ ُ َّ اَّ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ ْ‬
‫صموا حِبب ِل اهللِ جمَِيعا‬ ‫تقات ِ ِه وال تموتن إِل وأنتم مسلِمون واعت ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫تْ‬ ‫ََ ُ‬
‫َوال تف َّرقوا{ [آل عمران‪ :‬من اآلية‪ ]103‬ومثل قوله تعالى } َولَك ْن مِنك ْم‬
‫َََْْ َ َ ُْْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ ٌ َ ْ ُ َ ىَ خْ َ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ْ‬
‫وف وينهون ع ِن المنك ِر‬ ‫ي ويأمرون بِالمعر ِ‬ ‫أ ُم��ة يدعون إ ِ ْل ال رِْ‬
‫اَ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ َُ‬ ‫َ َ َ ُ ُ ُْ ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫•وال تكون��وا كلذَِّين تفرقوا واختلفوا‬ ‫وأولئِ��ك هم المفلِحون‬
‫يم • يَ ْومَ‬‫اب َع ِظ ٌ‬ ‫��ذ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ْ َ ْ َ َ َ ُ ُ بْ َ ّ َ ُ َ َ َ َ ُ ْ َ َ‬
‫مِن بع ِد م��ا جاءهم اليِنات وأولئِك لهم ع‬
‫َ‬
‫كف ْر ُتمْ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َّ ْ ُ ُ ُ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُّ ُ ُ ٌ َ َ ْ َ ُّ ُ ُ ٌ َ َ َّ‬
‫تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذَِّين اسودت وجوههم أ‬
‫ون • َوأَ َّما الذَِّينَ‬ ‫َْ َ َ ُ ْ َُ ُ َْ َ َ َ ُُْْ َ ُْ ُ َ‬
‫بعد إِيمان ِكم فذوقوا العذاب بِما كنتم تكفر‬
‫ُ ْ َ َ ُ َ‬ ‫مْ َ‬ ‫ْ َّ ْ ُ ُ ُ َ‬
‫الون{ [آل عمران‪104 :‬‬ ‫اب َيض��ت ُوجوهه ْم ف يِف َرح ِة اهللِ هم فِيه��ا خ دِ‬
‫‪ ]107 -‬أليست هذه اآليات تخاطبنا نحن؟ أليست تحملنا مسئولية؟‪.‬‬
‫َُُْ َ‬ ‫ُ ْ ُ ْ َ رْ َ ُ َّ ُ ْ َ ْ َّ‬
‫اس تأمرون‬ ‫أل�م يقل القرآن لن�ا‪} :‬كنتم خي أم ٍة أخ ِرجت ل ِلن ِ‬
‫ََْْ َ َ ُْْ َ‬ ‫بال ْ َم ْع ُ‬
‫وف َوتنهون ع ِن المنك ِر{ [آل عمران‪ :‬من اآلية‪]110‬؟‪ .‬ألم يقل اهلل‬ ‫��ر ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آمنوا كونوا أن َص َ‬
‫ار اهللِ{ [الصف‪ :‬من اآلية‪]14‬؟‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ُّ‬
‫لنا }يا أيها الذَِّين‬

‫‪28‬‬
‫ف�إذا رضينا بام نح�ن عليه وأصبحت ضامئرنا ميت�ة‪ ،‬ال يحركها ما‬
‫تس�مع وال م�ا تحس ب�ه من الذل�ة واله�وان‪ ،‬فأعفينا أنفس�نا هنا في‬
‫الدني�ا فإننا لن نُعف�ى أمام اهلل يوم القيامة‪ ،‬البُدّ للناس من موقف‪ ،‬أو‬
‫ال في الدنيا وخزي ًا في الدنيا وعذاب ًا في اآلخرة‪ ،‬هذا هو‬
‫فلينتظ�روا ذ ً‬
‫اَ ُ ّ َ‬
‫منط�ق القرآن الكري�م‪ ،‬الحقيقة القرآنية الت�ي ال تتخلف }ل م َب ِدل‬
‫َ‬ ‫َُّ َ‬ ‫َ‬
‫لِكلَِمات ِ ِه{ [األنعام‪:‬من اآلية‪َ } ]115‬و َال مب ِدل لِكلَِم ِ‬
‫ات اهللِ{ [األنعام‪:‬من اآلية‪]34‬‬
‫َْ‬ ‫َ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ دَ َ َّ َ َ َ اَّ‬
‫(((‬
‫ي َوما أنا بِظل ٍم ل ِلعبِي ِد{ ّ[ق‪."]29:‬‬ ‫}ما يبدل القول ل‬

‫المنطلقات‬
‫انطلق هذا الشعار من عدة عوامل‪:‬‬

‫‪1‬ـ م��ن واق��ع ال�ش��عور بالم�س���ؤولية ومن منطل��ق وعيه‬


‫بطبيعة التحرك الأمريكي الإ�سرائيلي‬
‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫"انطلق هذا املوقف (هتاف الحرية واإلباء) وانطلق معه املش�روع‬
‫القرآن�ي العظيم واملهم من واقع الش�عور باملس�ؤولية أمام اهلل‪ ،‬وفي‬
‫واقعٍ س�يئٍ ومري� ٍر ومخ ٍز ومُ هِين تعيش�ه أمتنا اإلسلامية في املنطقة‬
‫العربي�ة والعال�م عمومً �ا! في وضعي ٍة خض�ع فيها املس�لمون لهيمن ٍة‬
‫((( من خطاب للسيد عبد امللك في ذكرى الصرخة لعام ‪1437‬هـ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مطلق ٍة ألمريكا ومع أمريكا إسرائيل! وهذه الهيمنة التي لها نتائجها‬
‫الس�لبية جد ًا في واقع املس�لمين‪ ،‬هذه الهيمنة التي من أُولَى نتائجها‬
‫مس�خ هوية األمة‪ ،‬وطمس معالم دينه�ا‪ ،‬والتأثير على أخالقها‪ ،‬من‬
‫نتائ�ج هذه الهيمنة وهذه الس�يطرة وهذا االس�تهداف أن تفقد األمة‬
‫أيضا‪ ،‬استهداف‬
‫استقاللها‪ ،‬وأن تخس�ر كرامتها‪ ،‬وأن تخسر هويتها ً‬
‫كبير وشامل‪ ،‬وهيمنة مذلة ومهينة‪ ،‬واستحكام وتحكم وتدخل غير‬
‫مسبوق في شؤون هذه األمة‪ ،‬إضعاف وإذالل وإهانة وقهر واستعباد‪،‬‬
‫حس�نا اإلنساني‪ ،‬قيمنا‬
‫واقع ال يمكن القبول به إذا كنا ال زلنا نحمل ّ‬
‫إحس�اس بالكرامة‬
‫ٌ‬ ‫الفطرية التي فطرنا اهلل عليها‪ ،‬إذا كان ال يزال فينا‬
‫وإحساس بالعز واإلباء في مثل هذا الحال مع هذه القيم‬
‫ٌ‬ ‫اإلنس�انية‪،‬‬
‫الفطري�ة ال يمك�ن أن يقبل اإلنس�ان أن يعيش في واقع ه�ذه الحياة‬
‫ذليًل�اً مهانً�ا‪ ،‬ال حرمة له‪ ،‬وال كرامة له‪ ،‬وال قيم�ة له‪ ،‬هذا هو الواقع‬
‫العربي أمام التحدي األمريكي واإلسرائيلي‪.‬‬
‫ف�ي ظ�ل االس�تهداف األمريك�ي واإلس�رائيلي له�ذه األم�ة في‬
‫كل ش�عوبها‪ ،‬وف�ي كل مناطقه�ا وبلدانها وأقطاره�ا تتحرك أمريكا‬
‫وإس�رائيل وال تتحاشى أبد ًا من فعل أي ش�ي ٍء بهذه األمة‪ ،‬مهام كان‬
‫ظاملً�ا‪ ،‬مهما كان طغيانً�ا‪ ،‬مهام كان بش�عً ا‪ ،‬مهما كان س�يئًا‪ ،‬مهام كان‬
‫مهينً�ا‪ ،‬ألن العداء األمريكي واإلس�رائيلي لهذه األمة عداء ش�ديد‪،‬‬
‫وع�داء حقيق�ي‪ ،‬وبالتال�ي‪ :‬يتحركون من تل�ك الحال�ة العدائية في‬

‫‪30‬‬
‫موق�ف عدائ�ي ولكن تحرك ًا ش�املاً ‪ ،‬وتح�ركً ا يس�تهدف األمة في‬
‫ٍ‬
‫كل مقوم�ات بنائه�ا‪ ،‬وفي كل عوامل قوتها‪ ،‬اس�تهداف ف�ي القيم‪،‬‬
‫ف�ي األخلاق‪ ،‬واس�تهداف أيض� ًا لإلنس�ان‪ ،‬وللأرض‪ ،‬وللث�روة‪،‬‬
‫وللمقدرات‪ ،‬اس�تهداف شامل ال يستثني شيئ ًا وال ينحصر في اتجاه‬
‫معين أو ينطلق من زاوي ٍة معينة فحس�ب‪" ،‬ال"‪ ،‬اس�تهداف يشمل كل‬
‫شيء‪ ،‬واستهداف كبير وخطير‪.‬‬
‫واألخط�ر م�ن ذل�ك كله أنه�م يس�تفيدون بالدرج�ة األولى من‬
‫الواق�ع الداخلي لألمة‪ ،‬الواقع املهيأ لصال�ح أعدائها‪ ،‬الواقع املطمع‬
‫الذي جعلهم يطمعون بش�كلٍ كبير ف�ي أن مؤامراتهم ومخططاتهم‬
‫ومكائده�م على هذه األمة يمكن أن تنجح في ظل الحالة الس�ائدة‬
‫ف�ي واق�ع األمة‪ ،‬م�ن ضعف الوع�ي إلى ح� ٍد كبير‪ ،‬انعدام الش�عور‬
‫باملسئولية إلى ح ٍد كبير‪.‬‬
‫ولذل�ك تحرك هذا املش�روع القرآني العظيم بش�عاره وبام فيه من‬
‫مواقف‪ ،‬وفيام فيه من تبصير وتوعية من خالل القرآن الكريم‪ ،‬ونش ٍر‬
‫للثقافة القرآنية التي تضيء الطريق لألمة‪ ،‬والتي تصنع الوعي لألمة‪،‬‬
‫والتي يمكن أن نسترش�د بها في الص�راع مع أعدائنا مهام كان حجم‬
‫(((‬
‫هذا الصراع ومهام كانت إمكانيات األعداء"‪.‬‬

‫((( من خطاب للسيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1437‬هـ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪2‬ـ انطلق من واقع المعاناة‬
‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫"لقد انطلق هذا املشروع القرآني من واقعٍ معروف (واقع املعاناة)‬
‫فه�و مش�روع أصيل‪ ،‬لم ي�أت كترف فك�ري‪ ،‬أو عمل هامش�ي‪ ،‬أو‬
‫خط�وة ليس هناك حاجة إليه�ا "ال"‪ ،‬انطلق في مرحل� ٍة األمة بحاجة‬
‫إلى موقف‪ ،‬ال بد للناس من موقف‪ ،‬البديل عن املوقف ما هو؟ حالة‬
‫الالموقف‪ ،‬التي تعني االستسلام‪ ،‬تعن�ي الصمت‪ ،‬تعني الخضوع‪،‬‬
‫تعن�ي أن نترك املج�ال لصالح األع�داء ليعملوا هم كل ما يش�اؤون‬
‫ويري�دون‪ ،‬يعني إفراغ الس�احة من أي مش�روعٍ يناه�ض مؤامراتهم‬
‫ومكائدهم وهذا بالضبط هو ما يريدونه‪.‬‬
‫هم أرادوا لنا كأم ٍة مسلمة أن يكون واقعنا هكذا‪ ،‬واقع ًا فارغ ًا من‬
‫أي مش�روع يناهضهم ويناهض مكائدهم‪ ،‬أرادوا لس�احتنا العربية‪،‬‬
‫لس�احتنا اإلسالمية أن تكون ساح ًة يسودها الصمت‪ ،‬واالستسالم‪،‬‬
‫والخض�وع‪ ،‬وأرادوا لنا كأم ٍة مس�لمة ‪ -‬وهي أمة كبي�رة جداً‪ ،‬مئات‬
‫املاليي�ن من املس�لمين ‪ -‬أن نكون قطيعً ا كالحيوان�ات‪ ،‬يقتلون منا‪،‬‬
‫ويس�تعبدون‪ ،‬ويأس�رون‪ ،‬ويس�فكون الدماء‪ ،‬ويم�ررون املؤامرات‬
‫تلو املؤامرات‪ ،‬ويفعلون بنا ما يش�اؤون ويريدون وهم مطمئنون كل‬

‫‪32‬‬
‫االطمئنان أنهم لن يُقَ ابَلوا بموقف‪ ،‬وأن حالة الصمت واالستسلام‬
‫والسكوت والتدجين لصالحهم ستبقى هي الحالة القائمة في واقع‬
‫األمة‪ ،‬واملسيطرة على األمة‪ ،‬واملتغلبة في واقع األمة‪.‬‬
‫وله�ذا كان هذا املش�روع القرآني مهمً ا‪ ،‬وضروريً�ا بحكم الواقع‪،‬‬
‫بحكم الظ�روف‪ ،‬بحكم األخطار‪ ،‬بحك�م التحديات‪ ،‬وضروريًا من‬
‫منطلق القيم واملبادئ التي ننتمي إليها كمس�لمين‪ ،‬أن ديننا ال يس�مح‬
‫لن�ا ‪ -‬حتى ل�و رضينا ألنفس�نا ‪ -‬أن نعيش حالة ال�ذل‪ ،‬وحالة القهر‪،‬‬
‫وحالة الهوان‪ ،‬وحالة االستسلام‪ ،‬وفتحنا املجال ألعدائنا! وقلنا لهم‬
‫تفضل�وا‪ ،‬فافعلوا بنا ما ش�ئتم! اقتلوا من ش�ئتم! وأْسِ �روا من ش�ئتم!‬
‫واهتكوا األعراض! ودمروا البلدان! وانهبوا الثروات واملقدرات كل‬
‫هذا لكم! لن يعفينا ذلك من املسؤولية أمام اهلل‪ ،‬سنُحاسب ونُسأل ألن‬
‫موقفًا كهذا موقف قائم على أس�اس االستسالم والخنوع والخضوع‬
‫لصالح أعداء اإلنس�انية والبش�رية موقف كهذا هو موقف ال ينس�جم‬
‫ب�أي حالٍ من األحوال مع مبادئ اإلسلام وقيمه‪ ،‬م�ع توجيهات اهلل‬
‫وتعليامته وأوامره املهمة والعظيمة واملقدسة في كتابه الكريم‪.‬‬
‫لذل�ك م�ن واقع الظ�روف التي تعيش�ها األمة‪ ،‬وهي أم�ة أبناؤها‬
‫كبش�ر لهم إحس�اس‪ ،‬لهم معاناة‪ ،‬لهم واقع مؤس�ف‪ ،‬يفرض عليهم‬
‫أن يتحركوا‪ .‬الحالة اإلنس�انية‪ ،‬اإلحس�اس بالكرامة‪ ،‬اإلنسانية التي‬

‫‪33‬‬
‫هُ �دِ رت والتي اس�تبيحت‪ ،‬اإلحس�اس بالذل والهوان‪ ،‬اإلحس�اس‬
‫باالستهداف املمنهج والشامل يفرض علينا من واقع حسنا اإلنساني‬
‫أن ال نقب�ل بذل�ك‪ ،‬وأن ال نصم�ت تجاه ذل�ك‪ ،‬وأن ال نخضع إزاء‬
‫ذلك‪ ،‬وكذلك موقفن�ا الديني‪ ،‬انتامؤنا الديني‪ ،‬قيمنا الدينية‪ ،‬أخالقنا‬
‫الدينية‪ ،‬وفي مقدمتها العزة‪.‬‬
‫من أهم األخالق في اإلسالم والقيم األصيلة واملهمة التي يجب‬
‫أن تحافظ عليها األمة هي‪( :‬العزة) اهلل سبحانه وتعالى قال في كتابه‬
‫َ‬ ‫ُْْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َّ ُ‬
‫الكري�م واملجي�د‪َ } :‬وللِهَِّ ال ِعزة َول َِرس��ولهِِ َول ِلمؤ ِمنِ�ين{ [املنافقون‪،]8‬‬
‫اهلل س�بحانه وتعال�ى وهو العزي�ز يريد لعباده أن يكون�وا أعزاء‪ ،‬أراد‬
‫أيض�ا أن يعيش�وا بكرامة‪ ،‬وك�رّ م بن�ي آدم وأراد له�م الكرامة‪،‬‬
‫له�م ً‬
‫وعامله�م بكرام�ة‪ ،‬وق�دم إليهم حت�ى دين�ه بكرامة‪ ،‬وق�دم تعليامته‬
‫وإرش�اداته وتوجيهات�ه له�م بكرامة‪ ،‬وفيما يحقق له�م الكرامة في‬
‫(((‬
‫الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُّ‬
‫‪3‬ـ من منطلق } َوأعِدوا له ْم َما است َطعت ْم م ِْن ق َّوةٍ{‬
‫بالع�ودة إلى مقابلة الس�يد حس�ين ‪ -‬رضوان اهلل علي���ه ‪ -‬مع قناة (أبو‬
‫ظب�ي) نج�د أنه أوج�ز الحديث ع�ن ه�ذا املش�ـروع ودوافعه وعن‬
‫الخطوة العملية املتمثلة في الشعار واملقاطعة بقوله‪:‬‬
‫((( من خطاب للسيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1439‬هـ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫"ي�ا أخي نحن معروف�ون من س�نتين ونصف عملنا يتمث�ل في تذكير‬
‫الناس بكتاب اهلل أمام الهجمة الرهيبة من أمريكا وإسـرائيل ضد اإلسالم‬
‫َ َ ُّ‬
‫واملسلمين‪ .‬املسلمون عليهم مسؤولية كبيرة أمام اهلل‪ ،‬اهلل يقول‪} :‬وأعِدوا‬
‫َ ُ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ ْ ُ َّ‬
‫لهم ما اس��تطعتم ِمن قوةٍ{ [األنفال‪ ]60:‬ويقول في آيات كثيرة كلها تحث‬
‫املسلمين على أن يكون لديهم تأهب ملواجهة أعدائه وأعدائهم‪.‬‬
‫اإلنس�ان إذا كان لدي�ه معرف�ة بالبين�ات والهدى فعليه مس�ؤولية‬
‫ْ بْ َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ لنْ‬ ‫َّ‬
‫ات‬‫كبي�رة‪ ،‬اهلل يق�ول‪} :‬إِن الذَِّي��ن يكتمون ما أنز ا مِ��ن اليِن ِ‬
‫ْ َ َُْ َ‬
‫ك يَلْ َع ُن ُه ْم اهللُ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َّ َّ ُ َّ‬ ‫َ ُْ َ‬
‫اب أولئِ‬ ‫كت ِ‬
‫اس يِف ال ِ‬
‫واله��دى ِمن بع ِد ما بيناه ل ِلن ِ‬
‫َ ْ َ ُ ُ ْ َّ ُ َ‬
‫َويلعنهم الالعِنون{ [البقرة‪ ]159:‬نحن أعتقد أن لدينا معرفة ‪ -‬بفضل‬
‫اهلل ‪ -‬بالبين�ات واله�دى فم�ن واجبن�ا نح�و اهلل ‪ -‬ونح�ن يجب ألاَّ‬
‫نخاف إال اهلل ‪ -‬أن نبين للناس‪ ،‬فنحن ب َّينَّا للناس أن هذه املرحلة التي‬
‫نح�ن فيها ونقوله�ا اآلن للجميع ولكل من يس�مع قناتكم العزيزة‪:‬‬
‫أن املس�لمين الي�وم هم ف�ي مواجهة مرحل�ة خطيرة جدً ا حس�ب ما‬
‫أعتقد‪ ،‬مرحلة مؤاخذة إلهية‪ ،‬مرحلة تسليط إلهي؛ إذا لم يعودوا إليه‬
‫ويعودوا إلى كتابه بشكل جاد سيُسلّط عليهم أعداءهم‪ .‬هذه القضية‬
‫نذكّ �ر الناس بها؛ فنحن ننطلق من هذه املس�ؤولية اإللهية في القرآن‬
‫بالتبيين للناس‪ ،‬هذا هو الشـيء الذي أخذه اهلل على من لديهم معرفة‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ ْ َ َ تَ ُ َ ّ ُ َّ ُ َّ‬ ‫ْ َ َ َ ُ َ َ‬
‫اس وال‬
‫كت��اب لبيِننه ل ِلن ِ‬ ‫}ِإَوذ أخ��ذ اهلل مِيثاق الذَِّين أوتوا ال ِ‬

‫‪35‬‬
‫تكتمون��ه{ [آل عمران‪ ]187:‬كثير من العلامء‪ ،‬حت�ى هنا عندنا في اليمن‬
‫َ ُُْ َ ُ‬

‫ي�ودّ ون أنَّ بإمكانه�م أنْ يبيّنوا‪ ،‬لكن هناك م�ن يضغط عليهم‪ ،‬هناك‬
‫م�ن يجبرهم عل�ى ألاَّ يتفوّ هوا بكلمة على أس�اس الق�رآن والتبيين‬
‫الكامل والتبيين الصحيح للقرآن الكريم‪.‬‬
‫فنح�ن يا أخي هذا ه�و عملنا من البداية‪ :‬تذكي�ر الناس بالقرآن ومن‬
‫َ َ ّ َّ‬
‫منطل�ق قول اهلل تعالى لرس�وله ‪ -‬صلوات اهلل عليه وعلى آل ��ه ‪} :-‬فذك ِْر إِن َما‬
‫ٌ‬ ‫َْ َ ُ َ ّ‬
‫أنت مذك ِر{[الغاش�ية‪ ]21:‬نحن نذكر فَمَ ْن َقب َِل فال بأس‪ ،‬والذي ال يقبل ال‬
‫نفسقه‪.‬‬
‫توجهَ نا‪ ،‬ال نكفّره‪ ،‬وال ّ‬
‫نجبره على ذلك‪ ،‬ال نفرض عليه أنْ يقبل ُّ‬
‫والتذكير ليس معناه مجرد أن تذكر أن هناك عدوًّ ا فقط‪ ،‬بل يجب‬
‫أن تكون هناك رؤية تقدم للناس‪ ،‬رؤية عملية ليتحركوا فيها‪.‬‬
‫على هذا األساس كان أمامنا قضيتان‪ :‬رفع شعار‬
‫الله أكبر ‪ -‬الموت ألمريكا ‪ /‬الموت إلسرائيل‪ /‬اللعنة على‬
‫اليهود ‪ -‬النصر لإلسالم‬

‫والقضي�ة الثاني�ة‪ :‬مقاطع�ة البضائ�ع األمريكي�ة واإلس�ـرائيلية‪،‬‬


‫والح�ث عليه�ا كواج�ب؛ ألن أموالنا ه�ذه التي نس�تهلك البضائع‬
‫األمريكية بدفعها تعتبر إعانة لهم على اإلسالم وعلى أبناء اإلسالم‪.‬‬
‫(((‬
‫هذا الذي نعمله نتحرك على هذا األساس"‪.‬‬
‫((( من مقابلة للسيد حسين رضوان اهلل عليه عام ‪1424‬هـ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ ُ َْ َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫‪4‬ـ من منطلق }يا أيها الذَِّين آ َمنوا كونوا أنصار اللهَِّ{‬
‫َات ال َّل ِه‬
‫(اشتَرَ وْ ا بِ َآي ِ‬
‫يقول الس�يد حسين رضوان اهلل عليه في محاضرة ْ‬
‫ثَمَ نًا َق ِليلاً )‪:‬‬
‫"ونح�ن نقول‪ :‬مهام كان�ت الوعود‪ ،‬مهام حاول�وا أن نصمت فلن‬
‫نصمت‪ ،‬أليس كذلك؟ وإذا ما صمتنا‪ ،‬ش�هدنا على أنفس�نا بأننا من‬
‫َ َُ ُ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫املعرضي�ن ع�ن كتاب اهلل الذي قال لنا‪} :‬يا أيها الذَِّين آمنوا كونوا‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫أنصار اهللِ{ [الصف‪ :‬من اآلية‪ ]14‬أفلا نكون من أنصار اهلل ولو بكلمة؟!‬
‫س�ننصر دي�ن اهلل‪ ،‬وإذا لم ننص�ر اهلل ودينه أمام اليه�ود‪ ،‬في مواجهة‬
‫اليهود فأمام من ننصره؟! إذا سكتنا في أوضاع كهذه فمتى سنتكلم؟‬
‫متى سنتكلم إذا سكتنا وهناك من يأمرنا بالصمت؟ سنتكلم‪ ،‬ويجب‬
‫أن نكرر دائام ش�عار‪ :‬اهلل أكبر ‪ -‬املوت ألمريكا ‪ /‬املوت إلسرائيل‪/‬‬
‫اللعنة على اليهود ‪ -‬النصر لإلسالم في كل جمعة وفي كل اجتامع‪.‬‬
‫ويقول في الدرس الثاني والعشـرين من دروس رمضان‪:‬‬
‫"اإلنس�ان الذي هو يعتبر مجاهدً ا يجب أن يبذل جهده في س�بيل‬
‫اهلل‪ ،‬ويع�رف م�اذا ينبغ�ي أن يعم�ل‪ ،‬وأعتق�د فعلاً أن رفع الش�عار‪،‬‬
‫واملقاطع�ة االقتصادي�ة‪ ،‬تعتبر م�ن الجهاد في س�بيل اهلل‪ ،‬ولها أثرها‬
‫امله�م فعلاً ‪ ،‬بل ق�د يكون هذا الجهاد أش�د عل�ى األمريكيين مام لو‬

‫‪37‬‬
‫كنا عصابات نتلقَّ ى لهم ونقتلهم فعلاً ‪ ،‬أنا أعتقد هذا‪ :‬أن أثره عليهم‬
‫أش�د من هذا‪ ،‬يؤثر عليهم بش�كل كبير من الناحية املعنوية والنفسية‬
‫بالش�كل الذي ال يس�تطيعون أن يواجهوه بأي مقولة من مقوالتهم‪،‬‬
‫عل�ى م�دى س�نتين ل�م يس�تطيعوا أن يقول�وا‪ :‬إرهابيي�ن نهائـيًّا‪ ،‬لم‬
‫يس�تطيعوا أن يوقفوه ب�أي طريقة أبدً ا‪ ،‬وال اس�تطاعوا أن يلصقوا به‬
‫ش�يئًا يعتبر ذريعة‪ ،‬وفي نف�س الوقت يعرفون أنه يضـربهم ضـربات‬
‫نفسيَّة ومعنويَّة رهيبة"‪.‬‬

‫‪5‬ـ من منطلق البراءة من �أعداء اهلل‬


‫يقول السيد حسين رضوان اهلل عليه في محاضرة (الشعار سالح وموقف)‪:‬‬
‫ال م�ن هذا النوع‬
‫"طيِّ�ب‪ ،‬فيفهم اإلنس�ان بأن�ه عندما يعارض عم ً‬
‫فإن�ه يصد عن س�بيل اهلل‪ ،‬والذي يقول‪ :‬إن هذا الش�عار ال يصح في‬
‫املس�جد! نقول ل�ه‪ :‬عملك أنت هو الذي هو صدٌ عن س�بيل اهلل هو‬
‫ال�ذي ال يجوز في املس�جد‪ ،‬الذين رفعوا الش�عار أن�ت تعلم أن هذا‬
‫الشعار ضد أمريكا وإسرائيل‪ ،‬وأقل ما فيه أنه إعالن براءة من هؤالء‬
‫األعداء‪ ،‬وعمل صالح‪ .‬العمل الس�يئ هو أن تنطلق أنت في املسجد‬
‫تصد عن هذا العمل‪ .‬كيف تبيح لنفسك أن تعارض مسل ًام في موقفه‬
‫ضد يهود؟! أمام عمله وهو يرفع ش�عار ضد اليهود ضد األمريكيين‬
‫واإلسرائيليين وتعتبر أنه ال يجوز ملسلم أن يعارض يهوداً‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فما الذي يجوز وال�ذي ال يجوز من هذا؟ الذي يصد عن س�بيل‬
‫اهلل من داخل املسجد هو الذي ال يجوز له‪ ،‬وهو الذي يرتكب قبيح ًا‬
‫ويرتك�ب جريمة؛ ألن�ك أنت ما دخل�ك في هذا على أق�ل تقدير؟‬
‫إذا أنت لس�ت منطلق ًا في هذا املوضوع فاس�كت ال تحاول أن تثبط‬
‫آخري�ن‪ ،‬ال تح�اول أن تعارض آخرين‪ ،‬ال يجوز ل�ك هذا‪ ،‬ال يجوز‬
‫لك حتى لو عندك بأنه (ليس له فائدة)‪.‬‬
‫َْ‬
‫ق�ال اهلل س�بحانه وتعال�ى عن ض�رورة الب�راءة من أع�داء اهلل‪} :‬قد‬
‫اَ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ ٌ َ َ َ ٌ ْ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ُ َ ْ ْ َّ‬
‫كنت لكم أسوة حسنة يِف إِبراهِيم والذَِّين معه إِذ قالوا لِقوم ِِهم إِنا‬
‫َ َ َ ُ ََ َََْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ َّ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ون اهللِ كف ْرنا بِك ْم َوبدا بيننا‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ون‬ ‫ب َراء مِنك��م ومِما تعبد‬
‫ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ ْ َ َ َ ُ َ بْ َ ْ َ َ َ ً َ ىَّ ُ ْ ُ‬
‫وبينكم العداوة والغضاء أبدا حت تؤمِنوا بِاهللِ وحده{ [املمتحنة‪.]4‬‬
‫يْ‬ ‫اَ ُ َ ً ُ ْ ُ َ‬
‫تد ق ْوما يؤمِن��ون بِاهللِ َوالَ ْو ِم‬ ‫ويق�ول س�بحانه وتعال�ى‪} :‬ل جَِ‬
‫اءهمْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُّ َ َ ْ َ َّ َ َ َ ُ هَ ُ َ َ ْ اَ ُ َ ُ ْ ْ ْ َ ُ‬ ‫آْ‬
‫خ ِر يوادون من حاد اهلل ورسول ولو كنوا آباءهم أو أبن‬ ‫ال ِ‬
‫ب ف ق ُلوبه ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫�ير َت ُه ْم أ ْ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْو إ ْخ َو َان ُه ْ‬
‫َ َ‬
‫يمان‬ ‫ال‬ ‫��م‬ ‫��ك ك َت َ‬ ‫َ‬
‫ئ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫��م أ ْو َع ِش َ‬
‫َ‬ ‫إِْ‬ ‫ِِ‬ ‫يِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ْ‬ ‫أْ‬ ‫حَ‬
‫خل ُه ْم َج َّنات تْري مِ��ن تْتِ َها الن َه ُ‬ ‫جَ‬ ‫ُ‬ ‫ُّْ ُْ‬ ‫َوأ َّي َد ُهم ب ُ‬
‫ار‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وح مِنه َويد ِ‬ ‫��ر ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ اَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِيها َر يِ َ ُ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ح ْز ُب اهللِ أل‬ ‫ض اهلل عنهم َو َرضوا عنه أ ْولئِك ِ‬ ‫خالدِِين ف‬
‫ُ ُْْ ُ َ‬ ‫إ َّن ْ َ‬
‫حزب اهللِ ه ُم المفلِحون{ [املجادلة‪.]22‬‬ ‫ِ ِ‬

‫‪39‬‬
‫وفي حديث خطير ومهم يقول الرس�ول (صل���وات اهلل عليه وعلى آله)‪:‬‬
‫((لو أن عبداً قام ليله‪ ،‬وصام نهاره‪ ،‬وأنفق ماله في س���بيل اهلل ِعلْقاً‬
‫َد اهلل بين الرُّكن والمقام حتى يكون آخ ُر ذلك أن يُذبَح‬ ‫وعب َ‬
‫ِعلْق���اً َ‬
‫ِد إلى اهلل من عمله وزن ذرة‪،‬‬ ‫َما َصع َ‬
‫بين الركن والمقام مظلوماً ل َ‬
‫ِر المحبة ألولياء اهلل والعداوة ألعداء اهلل))"‪.‬‬
‫حتى يُظه َ‬

‫•••‬

‫‪40‬‬
‫ما تدل عليه وتحمله مفردات ال�شعار‬
‫يق�ول الس�يد حس�ين رض���وان اهلل عليه ف�ي (الدرس الس�ادس) من‬
‫دروس شهر رمضان عند قول اهلل تعالى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُْ ََ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َّ ْ َ َ َ َ َ‬
‫"}ومن أظلم مِمن منع مس��ا ِجد اهللِ أن يذكر فِيها اس��مه{‬
‫مس�ألة ذكر اسمه ليس فقط مجرد أن أحد ًا يقول‪ :‬اهلل أكبر‪ ،‬وإنام‪ :‬اهلل‬
‫أكبر بفاعلية فعالً‪.‬‬
‫ولهذا انظر الفارق أليس املصلون يقولون‪ :‬اهلل أكبر؟ عندما يقول‬
‫الشباب‪(:‬اهلل أكبر‪ )...‬هل يوجد زيادة على ما يقولونه هم‪ :‬اهلل أكبر؟‬
‫فلامذا ينطلقون بقوة عليهم ويمسكونهم ويسجنونهم؟!‪.‬‬
‫ه�ذه مواقف تنطلق م�ن إعطاء النفس حيوية على أس�اس إعطاء‬
‫م�اذا؟ ذكر اهلل حيوية‪( ،‬اهلل أكبر) هذه معناه�ا هام جد ًا جد ًا يعني إذا‬
‫ال اعرف معنى اس�م اهلل ال�ذي أذكره به فهو يعطيني انطالقة‬
‫كنت فع ً‬
‫هامة‪ :‬ال أخش�ى غيره‪ ،‬فعندما أقول‪( :‬اهلل أكب�ر) هو أكبر من أمريكا‬
‫وأكبر من إس�رائيل أكبر من أي طرف آخر‪ ،‬إذ ًا فأنطلق ألرفع ش�عار ًا‬
‫ضدهم وأقول‪ :‬املوت لهم (املوت ألمريكا املوت إلسرائيل) أليست‬
‫ه�ذه من قيمة ذك�ر اهلل بمعن�اه الحقيق�ي؟ أي إعطاء اس�مه فاعلية‪،‬‬
‫والتعام�ل معه�ا بإيجابي�ة بحيوي�ة‪ ،‬وإال فهن�اك كثير م�ن الناس من‬

‫‪41‬‬
‫َ ْ َ َ‬
‫��أ تْلَ ُه ْم َم ْن َخلَ َق ُهمْ‬‫يقولون‪} :‬آمنا{ هكذا مجرد الكالم } َولئِن س‬
‫يَ ُ ُ َّ ُ‬
‫لَقولن اهلل{ [الزخرف‪ :‬من اآلي�ة‪ ]87‬مجرد الكالم ال يكفي لوحده‪ ،‬ال بد‬
‫أن يكون بالشكل الذي يعطي فاعلية يعطي أثر ًا منسج ًام مع مضمون‬
‫االس�م اإلله�ي‪( :‬اهلل أكب�ر) التي ه�ي من أب�رز الكالم في املس�جد‬
‫يدعى بها إلى الصالة‪( .‬اهلل أكبر اهلل أكبر) في أول األذان‪ ،‬وتفتتح بها‬
‫الصالة‪ ،‬وتتكرر داخل الصالة‪ ،‬مضمون هذا االسم يجب أن يكون‬
‫بالش�كل ال�ذي إذا أن�ت ترفعه وتعم�ل على رفعه فيج�ب أن يكون‬
‫بالشكل الذي يترك مضمونه أثر ًا لديك يتمثل في مواقف تنطلق فيها‬
‫وإال فسيبقى مجرد كالم مثل كلمة املشركين‪( :‬اهلل) } َولَئ ْن َس َأ تْلَ ُهمْ‬
‫ِ‬
‫َ ْ َ َ َ ُ ْ يَ ُ ُ َّ ُ‬
‫من خلقه��م لَقولن اهلل{ [الزخرف‪ :‬من اآلية‪ ]87‬لك�ن هل انطلقوا على‬
‫مضمون هذه ليوحدوه ويتركوا اآللهة األخرى؟ ال"‪.‬‬

‫معاني مفردات ال�شعار‬


‫الس�يد عبد امللك بدر الدين الحوثي تحدث عن ثقافة الشعار في‬
‫خطابه في تأبين الشهيد القائد السيد حسين ‪ -‬رضوان اهلل عليه ‪ -‬بقوله‪:‬‬
‫"الش�عار حقق نتائج كبيرة على مس�توى تقديم الثقافة الصحيحة‬
‫ملواجه�ة غزو فك�ري وسياس�ـي وثقافي لألم�ة‪ ،‬لو نأت�ي حتى إلى‬

‫‪42‬‬
‫مفردات هذا الش�عار وراء كل مفرد ٍة ثقاف�ة تواجه ثقافة من الضالل‬
‫والبغي التي يتحرك من خاللها أعداء اإلسالم للسيطرة على األمة"‪.‬‬

‫(اهلل �أكبر)‬
‫لقد بدأ هذا الشعار بعبارة التكبير‪ ،‬التكبير هلل‪( ،‬اهلل أكبر)‪ ،‬بدأ هذا‬
‫الش�عار بهذه العبارة ليقدمها ثقافة‪ ،‬ليرس�خها إيامنً�ا واعيًا واثـقً ا في‬
‫مرحلة حرصت فيها أمريكا وإس�ـرائيل ومن مع أمريكا وإس�ـرائيل‬
‫م�ن ق�وى النف�اق والعاملة عل�ى أن يرس�خوا في قل�وب الناس‪ ،‬في‬
‫قلوب ومشاعر وواقع هذه األمة أن أمريكا أكبر من كل شـيء‪ ،‬وأنه‬
‫يجب أن يرهبها الناس فوق كل ش�ـيء‪ ،‬وأن يخافها الناس فوق كل‬
‫ش�ـيء‪ ،‬وأن يستس�لم لها الن�اس ويرون فيها األكب�ر الذي يجب أن‬
‫يخضع�وا ل�ه‪ ،‬واألكبر الذي يجب أن يستس�لموا ل�ه‪ ،‬واألكبر الذي‬
‫يج�ب أن يطيعوه‪ ،‬واألكب�ر الذي يرى الناس نفوس�هم في مواجهته‬
‫أنهم األصغر واألهون واألضعف واألعجز وبالتالي املستسلم‪.‬‬
‫لكن عبارة‪( :‬اهلل أكبر) في هذا املوقع في إطار هذا املوقف رسخت‬
‫قناع�ة رس�خت إيامنًا وعقي�د ًة ومبدءًا وفك�رً ا وثقاف� ًة أن اهلل العظيم‬
‫ملك السموات واألرض رب العاملين هو األكبر‪ ،‬وأن أولئك الطغاة‬
‫املستكبرين هم ال شـيء أمام جبروت اهلل وقدرة اهلل وكبرياء اهلل‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ه�و األكبر فلنثق به‪ ،‬هو األكب�ر فلنتوكل عليه‪ ،‬هو األكبر فلنعتمد‬
‫عليه‪ ،‬هو األكبر فلنس�تنصـر به ولنس�ـر في الطري�ق التي وعدنا فيها‬
‫بالنصـ�ر‪ ،‬ه�و األكبر الذي يجب أن نخش�اه فال نقصـ�ر‪ ،‬هو األكبر‬
‫ال�ذي يج�ب أن نخاف منه فال نهم�ل وال نتراج�ع وال نضعف‪ ،‬هو‬
‫األكبر الذي يجب أن نعتز به في مواجهة كل الطغاة واملستكبرين‪.‬‬
‫ه�و األكبر الذي يجب أن نطمئن وأن نش�عر بالثقة واألمل عندما‬
‫نتوكل عليه ونسير في طريقه ونعتمد عليه‪ ،‬هو األكبر الذي يجب أن‬
‫تمتلئ قلوبنا خش�ية منه‪ ،‬إجاللاً له‪ ،‬تعظيمً ا له‪ ،‬إكبارً ا له حتى يصغر‬
‫كل ما سواه في أعيننا‪ ،‬هو األكبر‪.‬‬
‫ه�ذه الثقاف�ة املهمة جدًّ ا التي قدمها هذا الش�عار ف�ي مواجهة كل‬
‫أصوات السوء‪ ،‬أصوات الباطل‪ ،‬أصوات ودعوات وكتابات وأقوال‬
‫وفت�اوى املرجفين والعملاء واملتخاذلين واملنافقي�ن الذين يريدون‬
‫أن يرس�خوا في نفوس األمة أن أمريكا هي األكبر وبالتالي هي التي‬
‫يجب أن تُخاف وأن تُعبد من دون اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬فيكون أمرها‬
‫هو النافذ وكلمتها هي العليا وتوجيهاتها هي املطاعة وسياساتها هي‬
‫املعتمدة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫(الموت لأمريكا الموت لإ�سـرائيل)‬
‫في الش�عار نفس�ه جاءت الفق�رة الثاني�ة والثالثة لتق�ول‪( :‬املوت‬
‫ألمريكا املوت إلس�ـرائيل) في مرحلة أرادت منا أمريكا وعمالؤها‬
‫املنافقون وأولياؤها املرجفون هي وإس�ـرائيل أن نقدس أمريكا‪ ،‬أن‬
‫نخض�ع ألمريكا‪ ،‬أن نترك ألمريكا املجال لتفعل بنا ما تش�اء وتريد‪،‬‬
‫لتقتل وتميت دون أن يكون لنا موقف‪ ،‬دون أن نقول شيئًا ودون أن‬
‫نعمل شيئًا‪.‬‬
‫ف�ي مرحل�ة أرادت فيه�ا أمري�كا وإس�ـرائيل وأولي�اء أمري�كا‬
‫وإس�ـرائيل وعمالء أمريكا وإسـرائيل لهذه األمة املوت‪ ،‬املوت في‬
‫كل املج�االت‪ ،‬املوت قتًل�اً ‪ ،‬واملوت خضوعً ا واستسلامً ا‪ ،‬واملوت‬
‫عجزً ا وانهيارً ا وذلاًّ ‪ ،‬املوت بكل أشكاله املعنوية والحقيقية‪.‬‬
‫ج�اء هذا الش�عار ليعلِّمن�ا كيف نك�ون تجاه هذا الع�دو الذي ال‬
‫يجوز ألحد أن يواليه وال أن يكون عميلاً له‪ ،‬هذا العدو الذي يجب‬
‫أن نتخ�ذه ع�دوًّ ا‪ ،‬هذا العدو ال�ذي يميت األمة‪ ،‬يقت�ل األمة‪ ،‬يميت‬
‫ثقاف�ة األم�ة‪ ،‬عزة األم�ة‪ ،‬مجد األمة‪ ،‬يس�تهدف األمة بكل أش�كال‬
‫االستهداف أمريكا وإسـرائيل أن نتخذهم أعداء‪ ،‬وأن نقول‪ :‬املوت‬
‫لهم‪ ،‬وأن ننادي بعدائنا وأن نظهر س�خطنا تجاه ما يعملون‪ ،‬أن نعبر‬

‫‪45‬‬
‫عن عزتنا‪ ،‬عن إبائنا‪ ،‬عن إحساس�نا‪ ،‬عن مشاعرنا‪ ،‬عن وجودنا‪ ،‬عن‬
‫حضورنا‪ ،‬عن أنَّا أمة تعادي من عاداها‪ ،‬وتقف بوجه من يستهدفها‪،‬‬
‫ولس�نا أمة مس�تباحة تترك املج�ال لآلخرين ليفعلوا بها ما يش�اؤون‬
‫ويريدون وال يكون لها موقف وال صوت وال حركة وكأنها ميتة‪.‬‬

‫(اللعنة على اليهود)‬


‫ج�اءت عب�ارة‪( :‬اللعنة على اليه�ود) في مرحلة يح�رص اليهود‬
‫وكل عمالئه�م ف�ي الدنيا أن يقدموا اليهود الذين هم املفس�دون في‬
‫األرض‪ ،‬الذين يسعون فيها فسادً ا وهم منبع الشـر والفساد والطغيان‬
‫واإلجرام والتآمر في كل العالم‪ ،‬يريدون أن يقدموهم في كل العالم‬
‫عل�ى أنهم هم األخي�ار وأنهم األبرار وأنهم دع�اة الحرية وأنهم من‬
‫سينقذ العالم‪ ،‬وأنهم مالئكة البشـر‪.‬‬
‫ج�اءت عبارة‪( :‬اللعن�ة على اليهود) لتكون موقفً�ا‪ ،‬ولتقدم رؤية‬
‫ع�ن أولئك أنه�م ملعونون‪ ،‬ال هم أخيار وال هم أب�رار‪ ،‬بل هم منبع‬
‫الش�ـر‪ ،‬هم منب�ع التآمر في كل الدنيا‪ ،‬منبع الفس�اد في كل األرض‪،‬‬
‫منبع الطغي�ان واإلجرام‪ ،‬منبع املكر والكيد بالبش�ـرية‪ ،‬منبع الضـر‬
‫والطغي�ان ه�م‪ ،‬ه�م ملعون�ون وليس�وا ال بأخي�ار وال بأب�رار وال‬
‫بحضاريين وال بديمقراطيين وكل العبارات التي تحاول أن تجملهم‬

‫‪46‬‬
‫على بش�اعتهم وأن تقدمهم للعالم ليسودوا العالم‪ ،‬ليسودوا العالم‪،‬‬
‫ليقودوا العالم‪ ،‬ليهيمنوا على العالم‪ ،‬باعتبار أنهم هم األكبر واألكثر‬
‫كفاءة لقيادة العالم‪.‬‬
‫جاءت عبارة‪( :‬اللعنة على اليهود) لتحكي موقفًا يعبر عن حقيقة‬
‫ما هم عليه‪ ،‬أنهم أش�ـرار‪ ،‬أن اهلل قد لعنهم ملا هم عليه من ش�ـر‪ ،‬ملا‬
‫ه�م علي�ه من طغيان‪ ،‬ملا هم عليه من فس�اد‪ ،‬ملا ه�م عليه من إجرام‪،‬‬
‫ملا يمثلونه على البش�ـرية من خطر وش�ـر ومكر وكيد وإجرام وكل‬
‫مظاهر الشـر وكل مظاهر الطغيان‪.‬‬

‫(الن�صـر للإ�سالم)‬
‫ثم ختم هذا الش�عار بعبارة هي‪( :‬النصـر لإلسالم) لتؤكد حقيقة‬
‫الوع�د اإلله�ي الص�ادق بالنصـ�ر لهذا اإلسلام بقيمه املثل�ى‪ ،‬هذا‬
‫اإلسالم بمبادئه الحقة‪ ،‬هذا اإلسالم بأخالقه العظيمة‪ ،‬هذا اإلسالم‬
‫بمش�ـروعه الع�ادل ف�ي الحي�اة‪ ،‬ه�ذا اإلسلام الذي كرم اإلنس�ان‬
‫والذي أراد لإلنس�ان أش�ـرف دور يقوم به في الساموات واألرض‪،‬‬
‫وأعظم مس�ؤولية‪ ،‬هذا اإلسلام‪ ،‬لكن اإلسلام ال�ذي قدمه القرآن‬
‫وتحرك على أساس�ه محمد ‪-‬صلوات اهلل عليه وعلى آله ‪ -‬وليس اإلسالم‬
‫الزائ�ف‪ ،‬النصر لإلسلام ألن األعداء يريدون له أن يش�وه‪ ،‬يريدون‬

‫‪47‬‬
‫أن يرس�خوا على مس�توى الذهنية العاملية في كل الدنيا أنه دين شـر‬
‫ومنبع إرهاب وفساد‪ ،‬أنه دين انحطاط‪ ،‬أنه دين ال قيم له وال شـرف‬
‫ل�ه وال ضمير له‪ ،‬أنه دين هزيمة‪ ،‬دين يك�ون املنتمون إليه هم األذل‬
‫واألحط واألعجز في كل الدنيا‪.‬‬
‫ج�اءت ه�ذه العب�ارة لتق�دم الحقيق�ة الناصع�ة أنه الدي�ن الذي‬
‫س�ينتصـر‪ ،‬هو الدين الذي ستحتاج إليه البشـرية‪ ،‬هو الدين الذي ال‬
‫خالص للبشـرية ال من ظلم وطغيان وفساد أولئك األشـرار اليهود‬
‫ومن يدور في فلكهم إال بهذا اإلسلام‪ ،‬بمشـروعه العادل‪ ،‬بمبادئه‬
‫املثلى والعظيمة‪ ،‬بأخالقه‪ ،‬بسلوكياته بكل تفاصيله‪ ،‬بروحيته"‪.‬‬
‫(((‬

‫كانت هذه الخطوة في مواجهة �أعداء حقيقيين‬


‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫أيض�ا رافقها دعوة إل�ى القرآن الكريم‬
‫"فيما يتعل�ق بهذه الخطوة ً‬
‫اس�تنهاضا لألمة ف�ي مواجهة‬
‫ً‬ ‫للتثق�ف ب�ه‪ ،‬وكانت ه�ي بحد ذاته�ا‬
‫أعداء حقيقيين واضحين مكشوفين ال لُبس في أمرهم وال غموض‬
‫في عداوتهم لإلسلام واملس�لمين‪ ،‬ليس�ت أمريكا محل ش�بهة وال‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في تأبين الشهيد القائد لعام ‪1434‬هـ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫إسـرائيل محل شبهة ال في عداوتها لإلسالم وال في ما ارتكبته بحق‬
‫املس�لمين وبحق البش�ـرية عمومً �ا من ظلم وإج�رام وطغيان‪ ،‬وقتل‬
‫ملئ�ات اآلالف‪ ،‬وس�فك للدم�اء بطريقة وحش�ية وفظيع�ة‪ ،‬وامتهان‬
‫لكرامة الناس‪ ،‬ونهب وسـرقة لثروات البشـرية‪ ،‬واحتقار واستكبار‬
‫وإلى ما هناك‪ ،‬ليس�ت محل ش�بهة‪ ،‬لم تكن أمريكا محل شبهة‪ ،‬وال‬
‫إسـرائيل محل شبهة‪ ،‬ال على مستوى عداوتها لإلسالم واملسلمين‪،‬‬
‫اإلسالم في كل معامله‪ :‬في نبيه وكتابه ومقدساته وتفاصيله‪ ،‬وال على‬
‫مس�توى اس�تهدافها لألمة وألرضه�ا وعرضها وثرواته�ا ووجودها‬
‫كله‪ ،‬وال على مستوى ما هي عليه في واقعها‪.‬‬
‫ه�ل أمريكا له�ا حضارة أخالقي�ة قائمة على الع�دل‪ ،‬قائمة على‬
‫الح�ق‪ ،‬قائم�ة عل�ى الخي�ر؟ أم ه�ي املتوحش�ة األكث�ر وحش�ية في‬
‫العالم مع إس�ـرائيل؟ لم تكن محل ش�بهة ولم تكن إسـرائيل محل‬
‫ش�بهة ول�م يكن اليهود محل ش�بهة‪ ،‬بل هم أع�داء واضحون بينون‬
‫صـريحون على كل املستويات بام في ذلك على املستوى األخالقي‪.‬‬
‫فهو اس�تنهض األم�ة للتحرك ضد ه�ؤالء ‪ -‬الذي�ن يفتكون بها‪،‬‬
‫الذين يامرسون الطغيان عليها واإلجرام بحقها واالستهداف الشامل‬
‫لها ‪ -‬مع دعوة إلى كتاب اهلل‪ ،‬إلى االهتداء به‪ ،‬إلى التمس�ك به‪ ،‬إلى‬
‫التثقف به‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫هل هناك أرقى أو أسمى أو أوضح عدالة وأحقية من هذا املشـروع‪،‬‬
‫دعوة إلى القرآن‪ ،‬واستنهاض لألمة في مواجهة شـر البرية واألعداء‬
‫األلداء املكش�وفين الواضحين ف�ي عداوتهم وإجرامهم‪ ،‬مش�ـروع‬
‫واض�ح‪ ،‬ومحق‪ ،‬وعادل‪ ،‬ليس فيه ش�بهة‪ ،‬وليس في�ه غموض‪ ،‬ولم‬
‫يستهدف طرفًا يكون هناك شك في مواجهته أو استهدافه‪.‬‬
‫اس�تنهض األمة لتداف�ع عن نفس�ها‪ ،‬وعن دينها‪ ،‬وع�ن عرضها‪،‬‬
‫وع�ن أرضه�ا‪ ،‬عن وجودها‪ ،‬دع�وة حق واضحة بين�ة‪ ،‬حق واضح‪،‬‬
‫وح�ق بيّ�ن‪ ،‬وقضية عادلة ال لبس فيها أب�دً ا‪ ،‬ومع كل هذا الوضوح‪،‬‬
‫م�ع كل هذا الحق‪ ،‬وُ وجِ َه هذا املش�ـروع من قب�ل الكثير من الناس‪،‬‬
‫ه�ذا يدل على ماذا؟ لقد كش�ف هذا املش�ـروع الواق�ع الرديء جدًّ ا‬
‫والس�يئ الذي وصلت إليه األمة (أمة اإلسلام) ويتحرك من داخل‬
‫األم�ة ‪ -‬الت�ي تقول عن نفس�ها أمة اإلسلام ‪ -‬يتح�رك الكثير عدا ًء‬
‫صـريـحا بيـنًا بكل وقاحة ضد دعوة الرجوع إلى القرآن‪.‬‬
‫ً‬
‫واجه�وا م�ن ناداهم‪ :‬بأن تعالوا نتبع كت�اب اهلل‪ ،‬تعالوا نتثقف به‪،‬‬
‫تعالوا نتمسك به‪ ،‬نتحرك على أساسه‪ ،‬ووقفوا ضد هذه الدعوة التي‬
‫كانت تمثل الدعوة التي تحرك بها رس�ول اهلل محمد ‪ -‬صلوا ت اهلل‬
‫عليه وعلى آله ‪ -‬من داخل األمة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫واجهوا القرآن في ثقافت�ه‪ ،‬وَ واجهوا القرآن في موقفه‪ ،‬وَ واجهوا‬
‫القرآن في رؤيته‪ ،‬وَ واجهوا القرآن في دعوته‪ ،‬وَ واجهوا رؤية القرآن‬
‫وثقافة القرآن وعوديت بأشد حاالت العداء‪ ،‬وُ وجِ هت بكل أشكال‬
‫املواجهة وعلى كل املستويات‪.‬‬
‫عل�ى العم�وم هذا املش�روع القرآني بهتافه وش�عاره‪ ،‬ومش�روعه‬
‫اآلخر املتعلق باملقاطعة للبضائع األمريكية واإلسرائيلية هو مشروع‬
‫نحتاج إليه كمس�لمين؛ ألن بقاءنا بال مش�روع يعن�ي البقاء في حالة‬
‫من االستسلام والصمت التي تخدم األعداء‪ ،‬وهو مش�روع متنور؛‬
‫ألن الثقاف�ة القرآني�ة تتضم�ن رؤية ش�املة متكاملة‪ ،‬تتن�اول الواقع‬
‫وتتناول مشاكل األمة وتتناول األحداث وطبيعة الصراع وما تحتاج‬
‫إليه األمة في مواجهة هذا"‪.‬‬
‫(((‬

‫•••‬

‫((( املصدر السابق‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الأهداف التي تحققت من الهتاف بال�شعار‬
‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫"أم�ام ه�ذا الواق�ع الخطر جد ًا الذي تعيش�ه األم�ة‪ ،‬والذي يؤذن‬
‫بمرحلة متقدمة‪ ،‬وليس�ت أول الطريقة بالنسبة لألمريكيين‪ ،‬وليست‬
‫أول الخطوات بالنسبة ألمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم‪ ،‬ال‪.‬‬
‫هي حلقة من حلقات‪ ،‬خطوة من خطوات‪ ،‬مرحلة من مراحل‪.‬‬
‫ف�ي هذا الواق�ع وتزامن ًا مع تل�ك املرحلة وتل�ك الظروف‪ ،‬أطلق‬
‫الس�يد حس�ين ب�در الدين الحوث�ي رض���وان اهلل عليه الصرخ�ة في وجه‬
‫املستكبرين‪ ،‬هتاف الحرية والبراءة‪ ،‬شعار (اهلل أكبر ‪ -‬املوت ألمريكا‬
‫‪ /‬املوت إلس�رائيل‪ /‬اللعنة على اليهود ‪ -‬النصر لإلسلام)‪ ،‬وأعلن‬
‫بذل�ك انطالقة املش�روع القرآني‪ ،‬وذلك بتاري�خ ‪2002/1/17‬م‪،‬‬
‫صادف ذلك في آخر جمعة من شهر شوال في ذلك العام‪.‬‬
‫هذا املش�روع القرآن�ي الذي هذا ش�عاره‪ ،‬يهدف إلى اس�تنهاض‬
‫األم�ة ملواجه�ة التحديات الكب�رى‪ ،‬واملخاطر الجس�يمة التي تهدد‬
‫وجودها؛ نتيجة الهجمة األمريكية واإلسرائيلية غير املسبوقة‪ ،‬وإلى‬
‫تصحي�ح وضع األمة بالعودة إلى القرآن الكري�م‪ ،‬والتثقف بثقافته‪،‬‬
‫واالهت�داء به‪ ،‬وإلى التحرك العمل�ي وفق خطوات متعددة‪ ،‬كان من‬

‫‪52‬‬
‫بينها الش�عار‪ ،‬ومن بينه�ا مقاطعة البضائع األمريكية واإلس�رائيلية‪،‬‬
‫ونشر الوعي في أوساط األمة‪.‬‬
‫هذا املشروع ركّ ز بشكل كبير على الصرخة بهذا الشعار والهتاف‪،‬‬
‫ركّ �ز بش�كل كبي�ر عل�ى التحري�ض ملقاطع�ة البضائ�ع األمريكي�ة‬
‫واإلس�رائيلية‪ ،‬ملا تمثله هذه املسألة من أهمية كبيرة جد ًا في مواجهة‬
‫أمريكا ومواجهة إس�رائيل التي عامد قوتها هو إمكاناتها االقتصادية‪،‬‬
‫العناية بالثقافة القرآنية ونشر الوعي من خاللها والتحرك عملي ًا على‬
‫ضوئه�ا في مواجهة مؤامرات أمريكا وإس�رائيل‪ ،‬في كل املجاالت‪،‬‬
‫والتصدي لهجمتهم الشرسة الشاملة على األمة‪.‬‬
‫(((‬

‫وهكذا حقق هذا الشعار العديد من النتائج املهمة منها‪:‬‬

‫‪1‬ـ حقق نقلة نف�سية ومعنوية وواقعية وعملية‪:‬‬


‫َّـ�ل الش�عار ف�ي االتج�اه العمل�ي بداي�ة حكيم�ة ودقيقة‬
‫فق�د مث َ‬
‫ومدروس�ة للدف�ع بالناس‪ ،‬وتحقي�ق نقلة من واق�ع الصمت وواقع‬
‫االستسلام وواق�ع الخض�وع وحالة الالموق�ف إلى املوق�ف‪ ،‬إلى‬
‫ال�كالم‪ ،‬إل�ى التح�رك إل�ى الفع�ل‪ ،‬إل�ى املس�ؤولية‪ ،‬وكان�ت بداية‬
‫مدروس�ة؛ ألنها أولاً ‪ :‬مسألة س�هلة ومتاحة لكل واحد‪ ،‬كل من كان‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1437‬هـ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫فصيحا غير أخرس‪ ،‬من لم يكن أبكم يمكنه أن يهتف بهذه الخمس‬
‫ً‬
‫الكلامت‪ ،‬أي‪ :‬خطوة سهلة؛ لكنها مهمة وفاعلة ومؤثرة ولها أهداف‬
‫ولها نتائج‪ ،‬وبداية ممكنة‪.‬‬
‫لم يأت ليدفع باألمة إلى موقف كبير جدًّ ا عليهم لم يتهيؤوا نفسيًّا‬
‫وال معنويـًّ�ا لالنتق�ال إليه‪ ،‬بل انتقال مت�درج‪ ،‬انتقال بتدرج‪ ،‬خطوة‬
‫مفي�دة‪ ،‬خروج من حال�ة الصمت وحالة الالموق�ف وحالة التنصل‬
‫ع�ن املس�ؤولية إل�ى املوق�ف وموقف مت�اح‪ ،‬موقف س�هل‪ ،‬موقف‬
‫ممكن‪.‬‬
‫ه�ذا املوقف حق�ق نتائج أولاً ‪ :‬على مس�توى الهاتفين بالش�عار‪،‬‬
‫لقد ترك أثرً ا معنويًّا كبيرً ا في أنفسهم‪ ،‬هذا على مستوى الذين هتفوا‬
‫بالشعار وانطلقوا‪ ،‬غيّـرَ واقعهم تاممً ا‪ ،‬أحيا فيهم الشعور باملسؤولية‪،‬‬
‫أحي�ا فيهم الش�عور بالع�زة‪ ،‬أحي�ا فيهم الش�عور بالق�وة‪ ،‬أحيا فيهم‬
‫أنه�م أصبح�وا ف�ي موقع املس�ؤولية وبالتال�ي رأوا أنفس�هم بحاجة‬
‫إلى االلتجاء إلى اهلل‪ ،‬رأوا نفوس�هم في حالة جهادية‪ ،‬رأوا أنفس�هم‬
‫ف�ي موق�ف‪ ،‬رأوا أنفس�هم أصبحوا ف�ي مباينة للظاملي�ن واملجرمين‬
‫واملس�تكبرين‪ ،‬أصبح لهم موقف‪ ،‬أصبح لهم مشـروع‪ ،‬أصبحوا في‬
‫مواجهة تحدٍّ ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫فحقق نقلة نفس�ية ومعنوي�ة وواقعية وعملية‪ ،‬وترك أث�رً ا تربويـًّا‬
‫ترافق معه النش�اط التثقيفي املستمر الذي كان يقوم به السيد ‪ -‬رضوان‬
‫اهلل عليه ‪ -‬في الليل والنهار يتحرك دائـمً ا بتعبئة إيامنية وتثقيف قرآني‬
‫يعزز الروح املعنوية‪ ،‬فترك أثره العظيم في وجدان الهاتفين بالش�عار‬
‫املتحركين املنطلقين الذين استجابوا وتحركوا في إطار هذا املشـروع‬
‫م�ع النش�اط التثقيفي املس�تمر والتعبئ�ة اإليامنية املس�تمرة‪ ،‬فوجدوا‬
‫أنفس�هم في حالة ارتقاء معنوي إيامني وش�عور بالع�زة يتزايد‪ ،‬العزة‬
‫اإليامني�ة‪ ،‬وتعزي�ز لحالة الثقة باهلل س�بحانه وتعالى‪ ،‬مع كل أس�بوع‬
‫م�ع كل ظ�رف‪ ،‬كلما تزايد الوقت‪ ،‬ش�عروا أكث�ر وأكث�ر بثقتهم باهلل‬
‫واعتامدهم على اهلل واحتقارهم لكل أولئك الطاغين واملستكبرين‪.‬‬

‫‪2‬ـ حطم جدار ال�صمت‪:‬‬


‫فه�ذا الهت�اف حطَّ �م ج�دار الصم�ت‪ ،‬وأخ�رج األم�ة م�ن حالة‬
‫السكوت إلى املوقف‪ ،‬من حالة الالموقف إلى املوقف‪ ،‬وهذه خطوة‬
‫ال من أن تبقى األمة صامتة! ال موقف لها!‬
‫مهم�ة في واقع األمة‪ ،‬ب�د ً‬
‫وال تح�رك له�ا! وتبقى على النح�و الذي يريده أعداؤه�ا منها "ال"‪،‬‬
‫يجب أن تتحرك األمة‪ ،‬وأن تعبر عن حالة سخطها وعدائها ألولئك‬
‫الظاملين والعابثين واملس�تكبرين في األرض‪ ،‬هذه مسألة مهمة‪ ،‬هذه‬

‫‪55‬‬
‫تواجه حالة معينة‪ ،‬مش�روع معين تعمل علي�ه أمريكا وتتحرك أيض ًا‬
‫على أساسه إسرائيل‪.‬‬
‫فهو كذلك مش�روع اس�تنهاض لألمة للتحرك عملي ًا في مواجهة‬
‫األخطار الحقيقية؛ ألن الكثير من أبناء األمة‪ ،‬وفي أوس�اط األمة ‪-‬‬
‫عمومً ا ‪ -‬مستاء بالتأكيد من أمريكا‪ ،‬ومستاء من إسرائيل‪ ،‬وله موقف‬
‫مختزن في داخله يعبر عن هذا االس�تياء‪ ،‬ويحمل هذا االستياء لكنه‬
‫ال يترج�م عمليًا‪ ،‬حالة الجمود والغفلة والس�كوت والقعود يجعل‬
‫من األمة ضحية وفريس�ة س�هلة ألعدائها‪ ،‬ويجعل منها أيض ًا ساحة‬
‫مفتوح�ة لالس�تقطاب ألن هذه الفئة الس�اكتة الجامدة التي تش�كل‬
‫أغلبية األمة‪.‬‬
‫أغلبية األمة هي قابلة ألن يضمحل في واقعها هذا االس�تياء‪ ،‬هي‬
‫أيضا مفتوحة‬
‫قابلة ألن تكون س�احة مفتوحة لالس�تقطاب‪ ،‬وساحة ً‬
‫ومي�دان مفتوح كذلك للتضليل واإلغ�واء‪ ،‬يعني ليس لديها حصانة‬
‫معنوي�ة ثقافي�ة فكري�ة تحميها من ذل�ك؛ كان من أه�م أهداف هذه‬
‫الصرخ�ة وهذا املش�روع مواجه�ة فرض حالة الصمت والس�كوت‬
‫التي واكبت التحرك األمريكي واإلس�رائيلي؛ ألن الذي كان يجري‬
‫ف�ي مقابل ه�ذا التحرك الكبي�ر لألمريكيين وهذه الهجمة الشرس�ة‬
‫وغير املس�بوقة على األمة‪ ،‬كان الذي يواك�ب ذلك وكان يتزامن مع‬

‫‪56‬‬
‫ذلك فرض لحالة الصمت وحالة الس�كوت في أوس�اط األمة أن ال‬
‫أحد يتحرك‪ ،‬أن ال أحد يتخذ موقفاً‪ ،‬ال أحد ينش�ط في أوساط األمة‬
‫الستنهاضها في مواجهة هذا الخطر‪ .‬وهذه املسالة سيئة للغاية؛ ألن‬
‫معناه�ا تكبيل الش�عوب بقيود ال�ذل والهوان وتقديم األمة فريس�ة‬
‫س�هلة ألعدائها وتهيئة األمة لس�يطرة أعدائها دونام أي كلفة بالنس�بة‬
‫لألمريكي"‪.‬‬
‫(((‬

‫‪3‬ـ �أوجد حالة كبيرة من ال�سخط‪:‬‬


‫يقول الس�يد حسين بدر الدين الحوثي رضوان اهلل عليه في محاضرة‬
‫(الصرخة في وجه املستكبرين)‪:‬‬
‫" نعود من جديد أمام هذه األحداث لنقول‪ :‬هل نحن مس�تعدون‬
‫ألاَّ نعم�ل ش�يئًا؟ ث�م إذا قلن�ا نحن مس�تعدون أن نعمل ش�يئًا فام هو‬
‫الج�واب عل�ى من يق�ول‪( :‬م�اذا نعمل؟) أق�ول لكم أيه�ا اإلخوة‪:‬‬
‫اصـرخوا‪ ،‬ألستم تملكون صـرخة أن تنادوا‪:‬‬
‫الله أكبر ‪ -‬الموت ألمريكا ‪ /‬الموت إلسرائيل‪ /‬اللعنة على‬

‫اليهود ‪ -‬النصر لإلسالم‬

‫ه�ذه الصـرخ�ة أليس كل واحد بإمكان�ه أن يعملها وأن يقولها؟‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1437‬هـ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫إنها من وجهة نظر األمريكيين ‪ -‬اليهود والنصارى ‪ -‬تشكل خطورة‬
‫بالغ�ة عليه�م‪ .‬لنقل ألنفس�نا عندما نقول‪ :‬ماذا نعم�ل؟ هكذا اعمل‬
‫وه�و أضع�ف اإليمان أن تعمل هك�ذا‪ ،‬ف�ي اجتامعاتن�ا‪ ،‬بعد صالة‬
‫الجمعة‪ ،‬وستعرفون أنها صـرخة مؤثرة‪ ،‬كيف سينطلق املنافقون هنا‬
‫وهناك واملرجفون هنا وهناك ليخوفوكم‪ ،‬يتساءلون‪ :‬ما هذا؟‪.‬‬
‫أتعرف�ون؟ املنافقون املرجفون هم املرآة الت�ي تعكس لك فاعلية‬
‫عمل�ك ض�د اليه�ود والنص�ارى؛ ألن املنافقي�ن هم إخ�وان اليهود‬
‫َ َ َُ َُ ُ َ‬
‫��ون ل ْخ َوان ِه ُم الذَِّينَ‬ ‫َ َ ْ َ َ ىَ‬
‫ِ‬ ‫إِِ‬ ‫والنص�ارى }أل��م تر إِل الذَِّي��ن نافقوا يقول‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ ْ ْ ُ ْ َ ُ َ َّ َ َ ُ‬
‫ْ‬ ‫لنَ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ك َف ُ‬
‫َ‬
‫اب لئِن أخ ِرجت��م خرجن معكم وال‬ ‫ت‬
‫َ ِ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫��ل‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ َ َ ً َ ً ْ ُ ْ ُ ْ لنَ َ ْ ُ َ َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫طي��ع فِيكم أح��دا أبدا ِإَون قوت ِلت��م نصـرنكم{[الحش�ـر‪]11:‬‬ ‫ن ِ‬
‫فحتى تعرفوا أنتم‪ ،‬وتسمعوا أنتم أثر صـرختكم ستسمعون املنافقين‬
‫هنا وهناك عندما تغضبهم هذه الصـرخة‪ ،‬يتساءلون ملاذا؟ وينطلقون‬
‫ليخوفوكم من أن ترددوها‪.‬‬
‫إذً ا عرفنا أنَّ باس�تطاعتنا أن نعم�ل‪ ،‬وأن بأيدينا وفي متناولنا كثيرً ا‬
‫م�ن األعمال‪ ،‬وه�ذه الصـرخة اهلل أكب�ر ‪ -‬املوت ألمري�كا ‪ /‬املوت‬
‫إلس�رائيل‪ /‬اللعنة على اليهود ‪ -‬النصر لإلسلام هي س�تترك أثرها‬
‫ستترك أثرً ا كبيرً ا في نفوس الناس‪ ،‬إن شاء اهلل‪.‬‬
‫ما هو هذا األثر؟‪ .‬إنه الس�خط‪ ،‬السخط الذي يتفاداه اليهود بكل‬

‫‪58‬‬
‫م�ا يمكن‪ ،‬الس�خط الذي يعمل اليهود عل�ى أن يكون اآلخرون من‬
‫أبناء اإلسلام هم البديل الذي يقوم بالعم�ل عنهم في مواجهة أبناء‬
‫اإلسلام‪ ،‬يتفادون أن يوجد في أنفس�نا س�خط عليه�م؛ ليتركوا هذا‬
‫الزعيم وهذا الرئيس وذلك امللك وذلك املس�ؤول وتلك األحزاب‪،‬‬
‫تتلق�ى هي الجفاء‪ ،‬وتتلقى هي الس�خط‪ ،‬وليبق�ى اليهود هم أولئك‬
‫الذي�ن يدفع�ون مبال�غ كبيرة لبن�اء م�دارس ومراكز صحي�ة وهكذا‬
‫ليمسحوا السخط‪.‬‬
‫إنهم يدفعون املليارات من أجل أن يتفادوا الس�خط في نفوس�نا‪،‬‬
‫إنه�م يعرف�ون ك�م س�يكون هذا الس�خط مكلفً�ا‪ ،‬كم س�يكون هذا‬
‫الس�خط مخيفًا لهم‪ .‬كم سيكون هذا السخط عاملاً مهـمًّ ا في جمع‬
‫كلمة املس�لمين ضدهم‪ .‬كم س�يكون هذا الس�خط عاملاً مهـمًّ ا في‬
‫بن�اء األم�ة اقتصاديًّا وثقافيًّا وعلميًّا‪ ،‬هم ليس�وا أغبي�اء مثلنا يقولون‬
‫ماذا نعمل؟‪ .‬هم يعرفون كل ش�ـيء‪ ،‬من خاللهم تستطيع أن تعرف‬
‫م�اذا تعمل‪ ،‬إذا كن�ت ال تعرف من خالل الق�رآن الكريم ماذا تعمل‬
‫ضدهم؟‪.‬‬
‫والق�رآن الكري�م هو ال�ذي أخبرنا عنهم‪ ،‬وكي�ف نعمل ضدهم‪،‬‬
‫فحاوِل أن تعرف جيدً ا ما يدبره اليهود والنصارى؛ لتلمس في األخير‬
‫إلى أين يصل ولتعرف في األخير ماذا يمكن أن تعمل"‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ويقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫"إذً ا الشعار هو يعبر عن حالة سخط يجب أن تسود األمة‪ ،‬ال ينبغي‬
‫أب�دً ا أن يحل محل هذا الس�خط حال�ة رضا‪ ،‬ألن حال�ة الرضا تلك‬
‫هي التي س�تمهد ألن تقبل األمة بهيمن�ة أولئك وباحتاللهم للبلدان‬
‫وس�يطرتهم على املق�درات‪ ،‬ويمكن من خالل ذلك أن تكون األمة‬
‫قابلة ألي شيء يأتي من جانبهم مهام كانت خطورته‪.‬‬
‫حالة السخط يجب أن تكون حالة قائمة في واقع األمة‪ ،‬هي تهيئ‬
‫األم�ة لتبنّ�ي املواق�ف الالزمة‪ ،‬وهي تحص�ن األمة تجعله�ا متنبهة‪،‬‬
‫مدرك�ة‪ ،‬ترقُب الوض�ع‪ ،‬ترصد األح�داث‪ ،‬تتنبه لطبيع�ة املؤامرات‬
‫(((‬
‫واملكائد وبالتالي تتصدى لها‪.‬‬

‫حافزا مهم ًا للنهو�ض الح�ضاري للأمة‬


‫حالة ال�سخط �ستكون ً‬
‫أيض� ًا س�تكون حاف�زً ا مهمً �ا ألن تتح�رك األمة ف�ي بن�اء واقعها‬
‫الداخل�ي‪ ،‬ألن األمة اإلسلامية ونحن نتحدث ع�ن الحال األغلب‬
‫وإلاّ هن�اك صح�وة ف�ي بع�ض البل�دان‪ ،‬هناك تح�رك‪ ،‬هن�اك واقع‬
‫إيجاب�ي‪ ،‬ولكنها ح�االت اس�تثنائية جداً‪ ،‬نحن نتح�دث عن الحال‬
‫األغل�ب ف�ي واقع االم�ة‪ ،‬واق�ع األمة لي�س قائمً ا على أس�اس أنها‬
‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1434‬هـ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫أم�ة تعيش في مواجهة أخطار وتحديات ولها أعداء بهذا املس�توى‪،‬‬
‫به�ذا الخب�ث‪ ،‬به�ذا املكر‪ ،‬وتعي�ش حال ًة م�ن االس�تهداف الكبير‪.‬‬
‫بالتال�ي‪ :‬هي تعيش حال�ة التدجين‪ ،‬وحالة الخض�وع‪ ،‬وهذه الحالة‬
‫عطّ ل�ت واقع األمة م�ن التوجه إلى عوامل البناء‪ ،‬إل�ى عوامل القوة‬
‫ألن األم�ة التي تعيش اإلدراك واإلحس�اس بالخط�ر وبأن لها أعداء‬
‫يستهدفونها‪ ،‬هذا اإلحساس وهذا الشعور يدفعها إلى أن تبحث عن‬
‫عوام�ل القوة‪ ،‬لتبني نفس�ها‪ ،‬لتكون قوي ًة فتتمك�ن من دفع األخطار‬
‫ومواجهة التحديات‪.‬‬
‫ولك�ن حينما تفق�د األم�ة ه�ذا الش�عور‪ :‬اإلدراك للتح�دي‪،‬‬
‫واإلحس�اس بالخط�ر‪ ،‬ومعرف�ة من ه�و الع�دو الحقيق�ي‪ ،‬وطبيعة‬
‫االس�تهداف‪ ،‬حينام تفقد هذا اإلحساس‪ ،‬وهذا الشعور وتخسر هذا‬
‫اإلدراك بالتال�ي‪ :‬تتجم�د‪ ،‬ال تنه�ض‪ ،‬ال تتحرك‪ ،‬ال تبني نفس�ها‪ ،‬ال‬
‫تبني واقعها‪ ،‬تقبل باملستوى الذي هي عليه من الضعف!‪.‬‬
‫وله�ذا حتى على مس�توى النهوض الحض�اري األمة بحاجة إلى‬
‫أن ت�درك أنها تعي�ش تحديات وأخطارً ا يجب عليها أن تبني نفس�ها‬
‫لتك�ون قوي�ة‪ ،‬لتك�ون ف�ي مس�توى مواجهة تل�ك األخط�ار وتلك‬
‫أيض�ا حالة من‬
‫التحدي�ات‪ ،‬لك�ن حال�ة التدجين لألمة الت�ي رافقها ً‬
‫ترس�يخ الش�عور بالعج�ز والش�عور بالضع�ف والش�عور باإلحباط‬

‫‪61‬‬
‫والش�عور بالي�أس والنظرة إل�ى اآلخر أنه مهيم�ن وأن هيمنته قضاء‬
‫وق�در ال يمكن الفكاك منه‪ ،‬هذه حالة س�يئة جدً ا أس�همت إلى ح ٍد‬
‫أيضا س�يطرتهم‬
‫كبي�ر ملصلحة األعداء أن ت�زداد هيمنتهم وأن تزداد ً‬
‫على بلداننا ومقدراتنا وشئوننا‪.‬‬
‫نح�ن حينما نتحدث ع�ن توصيف الواق�ع هذه هي مس�ألة مهمة‬
‫جدً ا‪ ،‬التوصيف لواقعنا الذي نعيشه كعرب وكمسلمين‪ ،‬والتوصيف‬
‫أيض�ا التوصيف والتحديد‬
‫أيضا والتش�خيص للحالة التي نعيش�ها‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫ملنب�ع الخطورة‪ ،‬ومصدر الخط�ورة‪ ،‬وجهة الخط�ورة التي تتهددنا‪،‬‬
‫ه�ذه كلها ه�ي ركائز واقعي�ة إذا أدركناها أدركنا وعرفن�ا ماذا يجب‬
‫أن نعم�ل؟ وماذا يج�ب أن نفعله لنغير هذا الواقع ب�دءًا من تغيير ما‬
‫ْ‬ ‫َّ َهّ َ ُ َ ُ َ َ ْ َ ىَّ ُ َ ّ ُ ْ َ َ ْ ُ‬
‫��هم{‬
‫بأنفس�نا }إِن الل ال يغ�ِّي�ِّرِ م��ا بِقو ٍم حت يغ رِيوا ما بِأنف ِس ِ‬
‫[الرعد‪.]11‬‬
‫فهذا الش�عار هو يعبر عن حالة سخط يجب أن تعيشها األمة وأن‬
‫تتنام�ى هذه الحالة لتكون حصن ًا محصن ًا لألمة من اختراق األعداء‪،‬‬
‫أيضا فيام يقويها‪ ،‬فيام تحتاج إليه من عوامل‬
‫لتك�ون حافزً ا لبناء األمة ً‬
‫وأيضا لتستفيد منه األمة بشكل كبير‬
‫ً‬ ‫القوة ملواجهة التحدي والخطر‪،‬‬
‫كعامل مهيئ لتبني املواقف الالزمة واالستعداد للمواقف الالزمة‪.‬‬
‫ف�ي املقاب�ل هن�اك من يعم�ل ملصلح�ة األع�داء فيعزز ف�ي واقع‬

‫‪62‬‬
‫األم�ة أوالً‪ :‬النظرة اإليجابية إلى أعداءه�ا فيجمد األمة وتبقى على‬
‫حاله�ا وأس�وأ‪ ،‬وثانيًا‪ :‬يح�اول أن يوظف هذه األم�ة وكل مقدرات‬
‫األمة ملصلحة أعدائها على أس�اس أنهم أصدق�اء في قلب للحقائق‬
‫وتعكي�س لها‪ ،‬ولذلك يجب أن نس�عى إلى نش�ر حال�ة الوعي التي‬
‫تترافق مع املوقف‪ ،‬والش�واهد الكثي�رة والعظيمة واملهمة واملتجددة‬
‫كافي�ة في دحض كل زيف ينطلق م�ن جانب العمالء الذين يعملون‬
‫لصالح أعداء األمة‪.‬‬
‫الحظوا‪ :‬من أهم ما تحرص عليه أمريكا وتحرص عليه إسرائيل‬
‫بالرغ�م من كل ما يفعلونه بأبناء اإلسلام‪ ،‬م�ا يفعلونه بنا في املنطقة‬
‫العربية وغيرها‪ ،‬ومام قد فعلوه من فظائع وجرائم وأمور رهيبة جدً ا‪،‬‬
‫لكنه�م بالرغم من كل ذل�ك يحرصون على أن يتفادوا س�خط هذه‬
‫األم�ة! وأن يخترق�وا هذه األمة‪ ،‬أن يحتووا حالة الس�خط في داخل‬
‫ه�ذه األم�ة‪ ،‬ب�ل أن يحولوها إل�ى حالة رض�ى‪ ،‬وإلى نظ�رة إيجابية‬
‫نحوهم‪ ،‬جهود كبيرة تصب في هذا الس�ياق إلى أن يعززوا ويخلقوا‬
‫نظ�ر ًة إيجابي� ًة تجاههم من داخل األمة! وفي هذا الس�ياق مش�اريع‬
‫ومؤام�رات كثيرة تتحرك ف�ي داخل األمة‪ ،‬لتحقيق هذا الهدف حتى‬
‫ال تكون األمة س�اخط ًة عليهم باملس�توى وباملقدار الذي يهيئها ألن‬
‫تتبنى مواقف عدائية تجاه مواقفهم العدائية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫جه�ود كبي�رة‪ ،‬واهتامم كبي�ر‪ ،‬ومش�اريع متعددة‪ ،‬عملي�ة متنوعة‬
‫ت َُش�غَّ ل ف�ي داخل األمة حت�ى ال تبقى النظرة الس�لبية قائمة في واقع‬
‫األمة إليهم على أنهم أعداء! وأنهم يس�تهدفون األمة في كل ش�يء‪،‬‬
‫وأنه�م مص�در الخط�ر‪ ،‬وجه�ة الخطر‪ ،‬ومنب�ع الخط�ورة على هذه‬
‫األمة !‪.‬ثم اش�تغلوا بوسائل كثيرة جدً ا‪ ،‬وحاولوا أن يوجهوا بوصلة‬
‫الع�داء هن�اك بعيدً ا عنهم إل�ى أطراف أخرى‪ ،‬وإل�ى جهات أخرى‪،‬‬
‫فيام حاولوا أن يعززوا في واقع األمة نظر ًة مختلف ًة إليهم‪ ،‬وس�اهمت‬
‫األنظم�ة والحكوم�ات إس�هامً ا كبي�رً ا في ه�ذا املج�ال لتعزيز نظرة‬
‫إيجابي�ة إل�ى األمريكيي�ن! والبعض حت�ى إلى اإلس�رائيليين!‪ .‬هذه‬
‫مأساة يترتب عليها نتائج سلبية للغاية؛ ألن األمة لو أصبحت نظرتها‬
‫عاملا مثبطً ا لألمة عن تبني‬
‫ً‬ ‫إلى أعدائها نظر ًة إيجابية فهذا س�يكون‬
‫املواقف الالزمة تجاه األخطار التي تتهددها من جانب أولئك‪.‬‬
‫يجعلون األمة غافل ًة عن مؤامراتهم ومكائدهم‪ ،‬يجعل األمة هي‬
‫ذاته�ا متقبل ًة منه�م‪ ،‬ما يفرضونه عليه�ا فيام يضربه�ا ويذلها ويهينها‬
‫ويضعفه�ا ويوصلها إلى املس�توى الذي يريدون�ه ويريدون أن تصل‬
‫(((‬
‫إليه! وهذه مأساة‪ ،‬هذه كارثة‪ ،‬هذه مسألة في غاية الخطورة‪.‬‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1435‬هـ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪4‬ـ خطوة عملية مهمة لمواجهة م�شروع النفاق والعمالة‬
‫والتدجين‪:‬‬
‫مثَّل الش�عار واملقاطع�ة للبضائع األمريكية واإلس�ـرائيلية خطوة‬
‫عملية مهمة ملواجهة مشـروع التدجين وفرض حالة الوالء والتسليم‬
‫املطلق ألمريكا واإلذعان لها وإلس�ـرائيل؛ ألنه تفرَّ ع عن املش�ـروع‬
‫األمريك�ي اإلس�ـرائيلي الغربي في الس�يطرة على األم�ة‪ ،‬تفرَّ ع عنه‬
‫مش�ـروع النف�اق من داخ�ل األم�ة‪ ،‬األنظمة والحكوم�ات والقوى‬
‫السياس�ية التي ح�ذت حذوه�ا‪ ،‬والتي ارتبط�ت عملـيًّا باملش�ـروع‬
‫األمريكي في السيطرة على األمة‪.‬‬
‫ف�ي حالة يُوَ ِّصفُ ها الق�رآن الكريم بأنها حالة نف�اق‪ ،‬املنافقون من‬
‫داخ�ل األمة الذين يحملون املش�ـروع الهدَّ ام ف�ي ضـرب األمة من‬
‫الداخ�ل‪ ،‬ف�ي فرض حال�ة الوالء داخ�ل األمة لصال�ح أعدائها‪ ،‬في‬
‫فرض حالة التسليم املطلق داخل األمة ألعدائها‪.‬‬
‫هذا املش�ـروع النفاق�ي داخل األمة الذي حمل�ه منافقو األمة من‬
‫حكوماته�ا وأنظمتها وبعض القوى السياس�ية التي حذت حذوها؛‬
‫فعملت داخل األمة لتفرض على الشعوب حالة االستسالم‪ ،‬وحالة‬
‫القبول بهيمنة أمريكا‪ ،‬وحتى عدم االعتراض‪ ،‬ومَ ْن يعترض يحاولوا‬
‫أنْ يقمع�وه بع�د أنْ يش�وهوه إعالمـيًّا وسياس�يًّا ويس�تهدفونه بكل‬

‫‪65‬‬
‫وسائل االس�تهداف؛ لتبقى الحالة السائدة في أوساط الشعوب هي‬
‫حالة االستسالم واإلذعان والخضوع الكامل ألمريكا وإسـرائيل‪.‬‬
‫ه�ذا املش�ـروع مش�ـروع الش�عار ومش�ـروع مقاطع�ة البضائ�ع‬
‫األمريكي�ة واإلس�ـرائيلية وما ترافق معه من ثقاف�ة قرآنية يواجه هذا‬
‫املش�ـروع‪ ،‬يواجه املشـروع النفاقي و ُيفَعِّ ل األمة في حال ٍة من التعبير‬
‫ع�ن الع�داء والس�خط ويهيئ األم�ة ألي موقف تحتاج إلي�ه بالتالي‬
‫ملواجهة العدو‪ ،‬خطوة أساس�ية تخ�رج بها األمة من حالة الالموقف‬
‫إل�ى املوقف‪ ،‬وتُمنع م�ن حالة العامل�ة وحالة النفاق وحال�ة الهيمنة‬
‫والقبول بالهيمنة من داخل األمة نفسها‪.‬‬
‫فهو مش�ـروع يواج�ه مش�ـروعً ا آخر‪ :‬مش�ـروع النف�اق والعاملة‬
‫م�ن داخل األمة الذي يحاول أن يفرض عل�ى األمة القبول بالهيمنة‬
‫األمريكي�ة‪ ،‬والتس�ليم لها‪ ،‬وعدم االعتراض عليه�ا‪ ،‬وعدم تبني أي‬
‫موق�ف تجاهه�ا‪ ،‬يح�اول أن يف�رض حال�ة الصمت وحال�ة القبول‬
‫وحالة الخضوع وحالة اإلذعان وحالة االستسالم‪.‬‬
‫فأتى هذا املشـروع ليقول‪ :‬ال‪ ،‬وليدفع األمة في االتجاه الصحيح‬
‫ليكون لها موقف‪ ،‬ولتس�خط وتعبر عن س�خطها هذا‪ ،‬وليهيئها هذا‬
‫الس�خط ألي موقف تحت�اج إليه في املس�تقبل‪ ،‬ف�كان موقفًا مهـمًّ ا‬

‫‪66‬‬
‫إضافة إل�ى النتائج املهمة ملقاطعة البضائع األمريكية واإلس�ـرائيلية‬
‫على قوة األعداء أنفس�هم‪ .‬كلام اتس�عت مس�احة هذا املشـروع كلام‬
‫(((‬
‫تجلَّى أثره في الواقع إن شاء اهلل أكثر فأكثر‪.‬‬

‫‪5‬ـ ف�ضح الأمريكيين في �أهم دعاياتهم‪:‬‬


‫لق�د تحرك�ت أمريكا بكل طغيانه�ا وإجرامه�ا وجبروتها ومعها‬
‫كل قوى الكفر وكل قوى النفاق‪ ،‬تحركت وهي تس�تخدم أس�لوب‬
‫الخداع للش�عوب والدج�ل والتضلي�ل وكان خداعه�ا ينطلي على‬
‫الكثير من الن�اس‪ ،‬تحركت تحت عناوين جذابة ومخادعة‪ ،‬عنوان‪:‬‬
‫الحري�ة‪ ،‬عن�وان‪ :‬الديمقراطي�ة‪ ،‬عن�وان‪ :‬حق�وق اإلنس�ان‪ ،‬م�ع أن‬
‫كل مامرس�ات أمريكا وإس�ـرائيل وم�ن معهام من ق�وى الكفر ومن‬
‫ق�وى النفاق العميلة كل مامرس�اتهم كانت تش�هد بعكس ذلك‪ ،‬كل‬
‫مامرساتهم اإلجرامية تفضحهم وتكشف حقيقتهم‪.‬‬
‫هذا الش�عار كشف حقيقتهم كشف حقيقة أنه ال حرية لديهم وال‬
‫ديمقراطية عندهم وال حقوق لإلنسان ال في منهجهم وال مامرساتهم‬
‫وال تصـرفاتهم وال سياساتهم أبدً ا‪.‬‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1435‬هـ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫حريتهم التي يزعمون ويفتخرون بها ويخادعون الشعوب بها لم‬
‫تط�ق ولم تتحمل الهت�اف بخمس كلامت‪ ،‬لم تطق حرية التعبير التي‬
‫يرددونه�ا كثي�رً ا‪ ،‬لم تطقنا ول�م تتحملنا أن نعب�ر بخمس كلامت‪ ،‬لم‬
‫يس�تطيعوا أن يتحمل�وا‪ ،‬وديمقراطيتهم التي يتغنون به�ا ليلاً ونهارً ا‬
‫كذل�ك ل�م تتحمل خم�س كلامت ت�ردد بطريق�ة س�لمية وحضارية‬
‫معروفة‪ ،‬حقوق اإلنس�ان كلها ذهبت أدراج الرياح فامتهن اإلنس�ان‬
‫وظلم اإلنسان وقهر ولم يكن له من حقوق‪.‬‬
‫ضـرب�ت هذه العناوين التي تس�تخدمها أمري�كا لضـرب املنطقة‬
‫َصفُ وا‬
‫واس�تهداف املنطقة‪ ،‬س�ببت إرب�اكً ا كبيرً ا لم يقدروا عل�ى أن ي ِ‬
‫هذا الش�عار باإلرهاب؛ وبالتالي س�بب لهم هذا إرباكً ا كبيرً ا‪ :‬ما هو‬
‫العنوان الذي يتحركون من خالله ملواجهة هذه املسيرة‪.‬‬
‫على مس�توى قوى النفاق كانت في حالة كبيرة من اإلحراج أمام‬
‫هذا املش�ـروع أم�ام هذه الخط�وة األولى في هذا املش�ـروع؛ ألنهم‬
‫إن تحرك�وا ملواجهته تحت عنوان إرهاب ال يمكن‪ ،‬تحت حالة من‬
‫القمع واالس�تهداف فضيحة لهم وكش�ف لحقيقة أمرهم وعاملتهم‬
‫ونفاقهم وارتباطهم بأعداء اإلسالم"‪.‬‬
‫(((‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1434‬هـ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪6‬ـ ف�ضح الم�شروع الأمريكي في اليمن‪:‬‬
‫يقول الس�يد حس�ين رض���وان اهلل عليه في محاضرة (الش�عار سلاح‬
‫وموقف)‪:‬‬
‫مثلا ال يريدون أن يس�تمر هذا العمل‪،‬‬
‫ً‬ ‫"عندم�ا نجد األمريكيين‬
‫يعني أن هذا هو شاهد على أن لديهم خططً ا لليمن نفسه‪ ،‬فهو يشكل‬
‫عائقً ا أمام خطط لهم في اليمن‪ ،‬ليس�ت املس�ألة أنه�م ال يريدون أن‬
‫يرتفع هذا الشعار وليس لديهم أي فكرة حول اليمن‪ ،‬وهم هناك في‬
‫بالدهم‪ ،‬ويعتبر الكالم هذا في بلد (كم بيننا وبينه وما علينا منه)‪ .‬ال‪،‬‬
‫إنه يعتبر هذا نفس�ه‪ :‬موقفه من الش�عار هو شاهد على ماذا؟ على أن‬
‫هناك خطط ًا لألمريكيين في اليمن‪ ،‬للهيمنة على اليمن"‪.‬‬

‫‪7‬ـ بنى واق ًعا مح�ص ًنا من االختراق"‬


‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫"كذلك كان من األهداف املهمة لهذه الصرخة‪ :‬تحصين األمة من‬
‫الداخ�ل ف�ي مواجهة ما تعتمد عليه أمريكا وإس�رائيل من االختراق‬
‫والتطويع‪.‬‬
‫فعلى مس�توى املنعة الداخلية لألمة وللفرد وحاميتها من السقوط‬
‫محصن م�ن االختراق‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ف�ي مس�تنقع العاملة واالرتهان‪ ،‬وبن�اء واقعٍ‬

‫‪69‬‬
‫وعصي على الهيمنة في مقابل من يحاولون تهيئة املجال وإيجاد بيئة‬
‫ٍّ‬
‫خصب�ة وقابلة للعاملة والخيانة والهيمنة والس�يطرة ملصلحة األعداء‬
‫لدرج�ة عجيبة‪ ،‬تصب�ح العاملة فيها مح�ط افتخار وتنافس‪ ،‬وس�لعة‬
‫رائج�ة في س�وق النف�اق‪ ،‬فاملكس�ب األول من مكاس�ب الش�عار‪،‬‬
‫واملش�روع القرآني الذي الشعار هو عنوانه‪ ،‬وإال فهو مشروع شامل‬
‫ومتكام�ل و َبنَّ�اء ونهضوي يبني األم�ة لتكون في مس�توى مواجهة‬
‫التحديات واألخطار‪.‬‬
‫الش�عار واملقاطع�ة من مكاس�بها األولية هو هذا املكس�ب‪ :‬توفر‬
‫حال�ة من املنعة الداخلية‪ ،‬حالة من الس�خط والعداء لألعداء تحمي‬
‫الداخل الشعبي لشعبنا وألمتنا‪ ،‬تحميه من العاملة‪ ،‬عندما يكون هناك‬
‫بيئ�ة هك�ذا‪ ،‬بيئ�ة معادية لألعداء له�ا موقف مع�روف منهم‪ ،‬تصبح‬
‫مسألة العاملة والخيانة مسألة خطيرة ويحسب العمالء والخونة ألف‬
‫ألف حساب قبل أن يتورطوا في ذلك‪ ،‬لكن إذا كان هناك واقع مهيأ‬
‫لي�س هناك أي نش�اط عدائ�ي وال أي موقف‪ ،‬يكون حينئذ مش�جع ًا‬
‫للكثير من ضعيفي اإليامن‪ ،‬من الذين ليس لديهم ضمير وال إنسانية‬
‫وال مب�دأ وال وطني�ة وال أي ش�يء آخ�ر‪ ،‬كل عوامل املنع�ة مفقودة‬
‫لديهم يمكن أن يس�تغلوا الفرصة عندما يج�دون بيئة متهيئة وقابلة؛‬

‫‪70‬‬
‫فيدخلوا في العاملة وال يتحاشون من أي شيء ويتسابقون فيها‪ ،‬هذا‬
‫مكسب مهم‪ ،‬مكسب مهم للغاية"‪.‬‬
‫(((‬

‫‪8‬ـ ال�شعار ارتقى بالأمة �إلى ما هو �أكبر و�أعظم‪:‬‬


‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫"بدأ الس�يد حسين رضوان اهلل عليه وقدم مشـروعً ا عملـيًّا ترافق معه‬
‫هدى اهلل س�بحانه وتعال�ى والتثقي�ف بثقافة الق�رآن الكريم‪ ،‬بدأت‬
‫خط�وات هذا املش�ـروع العملي بالخطوة األول�ى املتمثلة في هتاف‬
‫الحري�ة‪ ،‬ف�ي الش�عار املعروف‪ ،‬ش�عار التكبي�ر هلل س�بحانه وتعالى‬
‫واملن�اداة باملوت والهلاك والتح�دي ألولئك املس�تكبرين والبراءة‬
‫منهم وتأكيد وترسيخ ثقافة النصـر لإلسالم‪.‬‬
‫ثم على مس�توى التهيئ�ة للمواقف األكثر واألكب�ر‪ ،‬هذه الخطوة‬
‫هي�أت الذين اس�تجابوا وانطلق�وا فيها هيأته�م نفس�يًّا لالنتقال إلى‬
‫املوق�ف األكبر‪ ،‬أخرجتهم أولاً من حال�ة الصمت إلى حالة املوقف‬
‫وال�كالم والصدع بالحق والبراءة م�ن أعداء اهلل والتحدي لهم بكل‬
‫وبمل ِء أفواههم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫عزة‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1434‬هـ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫ث�م حقق�ت لهم االرتق�اء إلى مس�توى االس�تعداد ألي مواجهة‬
‫وإلى مستوى االستعداد لتقديم النفس في سبيل اهلل سبحانه وتعالى‬
‫وبذل املال وتقديم أي شـيء‪.‬‬
‫هيأته�م إلى موقف ه�و‪ :‬الصدع بالحق والبراءة من املس�تكبرين‬
‫واملباينة للطغاة والظاملين‪ ،‬ثم هيأتهم إلى املستوى األكبر‪ :‬بذل املال‪،‬‬
‫إلى املس�توى األعظم‪ :‬ب�ذل النفس‪ ،‬فكان مش�ـروعً ا حكيمً ا ارتقى‬
‫باألم�ة‪ ،‬ومش�ـروعً ا تربويًّا حقق نقلة في النفوس كما حقق نقلة في‬
‫الواقع‪.‬‬
‫كان الش�عار خطوة أولى في مشـروع عملي عظيم مستمر يرتقي‬
‫باألم�ة إل�ى حيث يج�ب أن تك�ون أم�ة عزيزة قوي�ة متوح�دة ثابتة‬
‫مستبصـرة واعية متامسكة ثابتة في مواجهة أعدائها وفي مواجهة كل‬
‫التحديات‪.‬‬
‫البداي�ة هذه كانت بداية عجيبة‪ ،‬بداية تدل على أن هذا املش�ـروع‬
‫كان بهداي�ة وبتس�ديد وبتوفي�ق م�ن اهلل رحمة بعب�اده‪ ،‬كانت خطوة‬
‫متميزة‪ ،‬جمعت أهدافًا كثيرة وحققت نتائج كثيرة‪ ،‬ولربام الكثير من‬
‫الن�اس لم يعط لنفس�ه الفرص�ة أن يتعرف على أهمي�ة وعظمة‪ ،‬وما‬
‫تحقق من نتائج لهذه الخطوة‪ :‬الهتاف بالشعار‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪9‬ـ ير�سخ فينا الثقة باهلل‪:‬‬
‫هذا الشعار أيض ًا هو يقدم ثقافة ويعالج حالة‪ :‬إنه يرسخ فينا الثقة‬
‫ب�اهلل واالعتماد عل�ى اهلل وإيامننا بأن اهلل ه�و األكبر في ه�ذا الوجود‬
‫بكل�ه‪ ،‬هو خالق هذا الوجود س�بحانه وتعالى وهو املهيمن والعظيم‬
‫واملقتدر‪ ،‬وحينام نثق به ونعتمد عليه يمكننا أن نتحرك في واقع الحياة‬
‫وف�ي مواجهة هذا التح�دي بمعونته وبنصره وبتأييده وأن نسترش�د‬
‫بهديه العظيم والحكيم واملنير فنس�تبصر في واقعنا مهام كانت عتمة‬
‫الظلامت‪.‬‬
‫فالبعض لم يتقبّل هذا املش�روع الذي عنوانه الشعار نتيج ًة لليأس‬
‫واإلحباط والهزيمة النفس�ية التي اس�تحكمت وتعمَّ قت في نفوس‬
‫الكثير من أبناء األمة ‪ -‬لألسف ‪ -‬نتيجة أمور كثيرة‪ :‬النشاط التثقيفي‬
‫غير املجدي‪ ،‬غير الفاعل‪ ،‬غير النافع‪ ،‬النشاط التعليمي التثقيفي الذي‬
‫صحيحا‪ ،‬بنا ًء س�ليمً ا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ب في االتجاه الصحيح لبناء األمة بنا ًء‬
‫لم ي َُص ّ‬
‫بنا ًء يجعلها في مس�توى املسؤولية‪ ،‬وفي مستوى مواجهة التحديات‬
‫واألخط�ار‪ ،‬نتيج� ًة للح�رب اإلعالمي�ة والتضليلية التي تس�عى إلى‬
‫تدجي�ن األمة وتعزي�ز حالة الذل والهوان واالستسلام والخضوع‪،‬‬
‫الجه�ود الكبي�رة التي تب�ذل بكل الوس�ائل وكل األس�اليب لتركيع‬
‫األمة وإبقائها في حالة الخضوع املطلق ألعدائها جعل الكثير يعيش‬

‫‪73‬‬
‫ف�ي واقعه حالة اليأس حالة اإلحب�اط فقد أمله حتى باهلل‪ ،‬وفقد أمله‬
‫في أمته وفي دينه وفي مبادئه‪ ،‬ويعيش البعض حالة الهزيمة النفس�ية‬
‫التي ك َّبلَته وأقعدته فلم يرفع رأس�ه إلى األعلى‪ ،‬ولم يجد عند نفس�ه‬
‫أي اندفاع لتحمل املسؤولية‪ ،‬والتخاذ املوقف‪ ،‬مثل هذا النوع يمكن‬
‫أن يعالج واقعه النفسي إذا كان لديه توجه لذلك‪ ،‬إذا كان لديه توجه‬
‫ليعالج واقعه النفس�ي‪ ،‬فهناك من األح�داث واملتغيرات والوقائع ما‬
‫يمكن أن يعزز األمل‪ ،‬ما يمكن أن يعيد الثقة باهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫أيضا ‪ -‬الجانب الثقافي‪ ،‬الثقافة القرآنية كفيلة حقً ا‬
‫ومن خالل ‪ً -‬‬
‫ب�أن تع�زز األمل ب�اهلل والثقة به‪ ،‬وأن تُخرج اإلنس�ان تاممً �ا من حالة‬
‫(((‬
‫اليأس واإلحباط"‪.‬‬

‫‪ 10‬وجه بو�صلة العداء �إلى الأعداء الحقيقيين للأمة‪:‬‬


‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫الي�وم هناك عمل كبير ف�ي داخل األمة يح�اول أن يحوِّ ل بوصلة‬
‫الع�داء في غي�ر االتجاه الصحي�ح‪ ،‬فبدلاً من أن تك�ون في مواجهة‬
‫أعداء األمة الحقيقيين وعلى رأس�هم أمريكا وإس�رائيل يحولها إلى‬
‫داخل األمة وضد األمة من خالل عدة خطوات‪:‬‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1438‬هـ ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ج�ر األمة إل�ى عداوات أخرى‪ ،‬يقول ل�ك‪ :‬ال‪ ،‬ال تتحدث‬
‫أوالً‪ّ :‬‬
‫عن إس�رائيل كع�دو‪ ،‬وال عن أمريكا كعدو يش�كل خط�رً ا وتهديدً ا‬
‫للمنطقة! ال‪ ،‬اترك هذا‪ ،‬هذا كالم إيراني دعك من ذلك‪ ،‬هناك أعداء‬
‫آخ�رون‪ ،‬هن�اك إيران‪ ،‬هناك الش�يعة‪ ،‬هناك في اليمن من يس�مونهم‬
‫باالنقالبيين‪ ،‬وهم هناك في العراق‪ ،‬ويعطون لكلٍ تس�ميته‪ ،‬وهناك‪،‬‬
‫وهن�اك‪ ،‬فهو يحاول أن يتجه ببوصلة العداء داخل األمة إلى أطراف‬
‫أخ�رى وأن يحرفه�ا نهائيً�ا م�ن إس�رائيل‪ ،‬بمعنى أن يش�طب داخل‬
‫األم�ة أي نظرة معادية إلس�رائيل‪ ،‬وأن يمنع ويح�ول كل توجه معا ٍد‬
‫إلس�رائيل‪ .‬أن ال تبق�ى النظ�رة داخ�ل األم�ة إلس�رائيل كع�دو‪ ،‬ال‪،‬‬
‫تشطب هذه املسألة نهائيًا‪.‬‬
‫فه�م ي�رون في كل ص�وت معا ٍد إلس�رائيل‪ ،‬في كل تح�رك معا ٍد‬
‫إلس�رائيل أنه يش�كل خطرً ا مش�تركً ا يصفونه باإليراني حتى لو أنت‬
‫يمن�ي‪ ،‬أبوك يمن�ي‪ ،‬وأمك يمنية‪ ،‬ومعروف ف�ي اليمن أنك فالن بن‬
‫فلان الفالن�ي‪ ،‬لكن لك موقف معا ٍد من إس�رائيل س�يقولون عنك‬
‫أن�ك إيران�ي ولو كانت لهجت�ك ودمك ولحمك وش�حمك وبيتك‬
‫ومالبس�ك يمن�ي خلق�ك اهلل من ترب�ة اليمن س�يقولون ل�ك‪ :‬أنت‬
‫إيراني‪ ..‬أس�كت‪ ..‬أصمت‪ ..‬ال أحد يتحدث عن خطر إسرائيل‪ ،‬ال‬
‫أحد يحرض أو يس�تنهض األمة تجاه الخطر اإلس�رائيلي‪ ،‬يجب أن‬
‫نتعاون معها في مواجهة الخطر الفارسي‪ ...‬إلى آخره‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫فاالتجاه املوالي إلس�رائيل وأمريكا واملاد لجس�ور التطبيع معها‬
‫ه�و يعم�ل على ج�ر األمة إل�ى عداوات أخ�رى‪ ،‬ومش�اكل أخرى‪،‬‬
‫وإغ�راق األم�ة في مش�اكل ال أول لها وال آخر حتى ينس�ى الجميع‬
‫إسرائيل‪.‬‬
‫ثاني�اً‪ :‬تغيي�ب كل أش�كال التوعي�ة والتعبئ�ة لألمة ضد إس�رائيل‬
‫والخط�ر اإلس�رائيلي واألمريك�ي ثقافيً�ا وفكريً�ا وإعالميً�ا‪ ،‬وكل‬
‫أشكال النشاط الشعبي والرسمي‪ .‬وهذه مسألة خطيرة جدً ا‪.‬‬
‫اليوم املناهج الدراس�ية الرسمية في العالم العربي غابت منها مع‬
‫أنها كانت مقصرة في املاضي كانت مقصرة‪ ،‬ولكن هناك س�عي ألن‬
‫يغي�ب منها نهائيًا كل مضامين التوعية والتعبئ�ة‪ ،‬توعية أو تعبئة ضد‬
‫الخطر اإلس�رائيلي واالس�تعامري والخطر األمريكي أن يغيب منها‬
‫نهائيً�ا فلا يبقى أي إش�ارة في أي منهج مدرس�ي هن�ا أو هناك ضد‬
‫إس�رائيل‪ ،‬فيه�ا توعية عن إس�رائيل عن خطر إس�رائيل‪ ،‬عن القضية‬
‫الفلس�طينية‪ ،‬عن املقدس�ات‪ ،‬أو فيها تعبئة وتحريض على املس�توى‬
‫اإلعالمي كذلك‪.‬‬
‫اليوم القنوات البارزة لألنظمة املوالية إلسرائيل كيف تتعامل مع‬
‫إس�رائيل؟ وصلت إلى درجة أنها تجري مقابالت مع الناطق باس�م‬
‫الجيش اإلسرائيلي‪ ،‬مع ضباط إسرائيليين‪ ،‬مع إعالميين إسرائيليين‬

‫‪76‬‬
‫لتبري�ر م�ا تفعل�ه إس�رائيل وللتروي�ج إلس�رائيل من عل�ى منابرها‪،‬‬
‫أصبحت منابر تخدم بش�كل مباش�ر إس�رائيل‪ ،‬وأصبح�ت كثير من‬
‫القنوات املعادية إلس�رائيل تُحارَ ب وتحجب وينزلونها من كثير من‬
‫األقامر الصناعية تُحارَ ب فيها وال تس�تقبلها وال تستضيفها هذا على‬
‫املستوى اإلعالمي‪.‬‬
‫على مس�توى الخطاب الديني معظم املنابر في العالم اإلسالمي‬
‫في املس�اجد في امل�دارس الدينية غ�اب منها نهائيًا التوعي�ة والتعبئة‬
‫ض�د الخطر اإلس�رائيلي واألمريك�ي واتجهت الكثي�ر منها لتعمل‬
‫بتموي�ل من تلك األنظمة ‪ -‬بالذات مثل‪ :‬النظام الس�عودي ‪ -‬إلثارة‬
‫مش�اكل في داخل األمة‪ ،‬للتعبئة ضد أبناء األمة‪ ،‬ضد اليمنيين وضد‬
‫اإليرانيي�ن وضد اللبنانيين وضد حركات املقاومة وضد األحرار في‬
‫سوريا واألحرار في العراق واألحرار في البحرين‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫(((‬

‫لقد �أ�صبحت الأمة مخترقة ب�شكل كبير‬


‫عندم�ا ننظ�ر إلى ما يجري في واقعنا كمس�لمين في هذه املرحلة‬
‫يأس�ى اإلنس�ان ويتألم‪ ،‬كيف تتحرك أعداد كبيرة اآلالف من الناس‬
‫فيما يخ�دم أمري�كا وإس�رائيل خدم�ة مباش�رة‪ ،‬فيام يحق�ق ألولئك‬
‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1438‬هـ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫أهدافه�م وم�ا يرومون�ه‪ ،‬ه�ذا اختراق كبي�ر في واقع األم�ة وتحرك‬
‫لألس�ف الشديد محسوب على اإلسالم وباسم اإلسالم‪ ،‬واإلسالم‬
‫ال الحالة التي عليها الطغيان األمريكي‪ ،‬هو‬
‫بريء منه‪ ،‬إنام يجس�د فع ً‬
‫يجس�د الطغيان األمريكي واإلس�رائيلي بكل بش�اعته وقبحه‪ ،‬بكل‬
‫وجب�روت وبكل ما فيه من تحلل‬
‫ٍ‬ ‫وبطش‬
‫ٍ‬ ‫م�ا فيه من إجرا ٍم وعدوانٍ‬
‫وبُعد عن القيم اإلنسانية والفطرية التي فطر اهلل الناس عليها‪.‬‬
‫أع�داد كبي�رة م�ن التكفيريي�ن والقاع�دة والدواع�ش الذين هم‬
‫بمجمله�م صناع�ة لالس�تخبارات األمريكي�ة‪ ،‬وه�م يتحركون في‬
‫واق�ع األمة تحت عناوين وأهداف وبش�كل إجرامي وبش�ع وفظيع‬
‫ويهدف�ون ف�ي املق�ام األول إل�ى إله�اء األم�ة وإش�غالها تاممً �ا ع�ن‬
‫أعدائه�ا الحقيقيي�ن‪ ،‬عن إس�رائيل وعن أمريكا‪ ،‬نش�اهد حتى اآلن‬
‫كي�ف تحركوا في العراق بش�كل كبير وتحركوا في س�وريا بش�كل‬
‫كبي�ر وامت�دوا إلى دول هنا وهن�اك‪ ،‬لهم في اليمن أعمال رهيبة من‬
‫خلال هذا العدوان االجرامي على بلدنا‪ ،‬بمعنى أن تحركهم تحرك‬
‫يس�تهدف املنطقة بكلها‪ ،‬وأن هناك إمكانيات وقدرة لتفجير الوضع‬
‫ونشر االختالالت األمنية واس�تهداف البلدان في املنطقة بكلها من‬
‫ه�ذا البلد إلى ذاك‪ ،‬وأن بوس�عهم وبإمكانه�م أن يتواجدوا في تلك‬
‫املنطقة إلى ذلك البلد إلى تلك الدولة وأن يعملوا هنا‪ ،‬وهنا‪ ،‬وهنا‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫ال ضمن‬
‫طبعً �ا لو كانوا صادقين‪ ،‬لو كان�وا مخلصين‪ ،‬لو كانوا فع ً‬
‫مش�روع مس�تقل وهم على ه�ذا املس�توى والقدرة م�ن التحرك في‬
‫املنطق�ة عمومً �ا لكانوا تحرك�وا في فلس�طين‪ ،‬أين ه�و موقفهم من‬
‫الع�دوان اإلس�رائيلي؟! بما أن لديهم ه�ذه الق�درة واإلمكانية إلى‬
‫الدخول حتى إلى البلدان املجاورة لفلس�طين بام فيه س�وريا‪ ،‬ملاذا ال‬
‫يقفون املوقف املش�رف واملس�ؤول تج�اه العدو اإلس�رائيلي؟!‪ .‬ال‪،‬‬
‫ال يفعلون ذلك ألن مش�روعهم لخدمة إس�رائيل أصلاً ويهدف إلى‬
‫تدمي�ر البنية الداخلي�ة لألمة بكل ما فيها على املس�توى االجتامعي‪،‬‬
‫على املس�توى الثقافي‪ ،‬تدمير الش�عوب‪ ،‬تدمير املؤسس�ات‪ ،‬نس�ف‬
‫كل القي�م واألخالق‪ ،‬تقديم أبش�ع صورة عن اإلسلام واملس�لمين‬
‫والتشويه لإلسالم واملسلمين‪.‬‬
‫وأيضا املحاولة من جانب األمريكيين واإلسرائيليين والغرب أن‬
‫ً‬
‫يستفيدوا من هؤالء في تحفيز الشعوب الغربية ضد اإلسالم‪ ،‬وفي‬
‫تعبئتها ضد اإلسالم وضد املسلمين‪ ،‬هذا الشيء يستفيد منه أولئك‬
‫هناك في بلدانهم في شعوبهم‪ ،‬يعني يحصنهم على املستوى الثقافي‬
‫والفكري والعاطفي من أي ميل إلى اإلسالم حينام يرون ويشاهدون‬
‫ما يفعل أولئك من جرائم فضيعة وبشعة للغاية‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫وبالتال�ي ه�ذا االخت�راق الكبير يه�دف إلى االنح�راف ببوصلة‬
‫أيض�ا يتحدث�ون أحيانًا بمش�اريع طائفي�ة أو ما‬
‫الع�داء‪ ،‬ألن أولئ�ك ً‬
‫ش�اكلها‪ ،‬يعن�ي ه�م يحاول�ون أن يضعف�وا األم�ة أن يدم�روا البنية‬
‫الداخلية لألمة‪ ،‬أن يش�تتوا توجه األمة‪ ،‬وأن يضعفوها‪ ،‬وأن ينحرفوا‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ببوصلة العداء إلى حيث تريده أمريكا وتريده إسرائيل ً‬
‫بالتالي نجد لزامً ا علينا أن نتحرك بهذا الش�عار اهلل أكبر ‪ -‬املوت‬
‫ألمري�كا ‪ /‬املوت إلس�رائيل‪ /‬اللعنة على اليهود ‪ -‬النصر لإلسلام‬
‫وأن نردده في مساجدنا وفي مدارسنا وفي كل مؤسساتنا ومناسباتنا‬
‫وأن نعمم�ه وأن يتحول لدينا إل�ى ثقافة وتربية؛ لتبقى بوصلة العداء‬
‫دائمً �ا إل�ى منب�ع الخط�ورة الحقيقي�ة‪ ،‬إلى إس�رائيل وإل�ى أمريكا‪،‬‬
‫وبالتال�ي لف�ت نظر وانتباه الن�اس إلى مؤامرات أمري�كا ومؤامرات‬
‫إس�رائيل‪ ،‬ما تتحرك به أمريكا وإس�رائيل على كل املستويات‪ :‬على‬
‫املستوى السياسي‪ ،‬على املستوى االقتصادي‪ ،‬على املستوى األمني‪،‬‬
‫على املستوى العسكري‪ ،‬على كل املستويات‪.‬‬
‫ه�ذا ش�يء مه�م؛ ألنه�م يتحرك�ون تح�ركً ا ش�املاً وينش�طون‬
‫بإمكانيات هائلة ويستفيدون من واقع مؤسف في داخل األمة"‪.‬‬
‫(((‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1435‬هـ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪11‬ـ ال�شعار يهيئ للمقاطعة االقت�صادية‪:‬‬
‫يقول الس�يد حس�ين رض���وان اهلل عليه في محاضرة (ف�ي ظالل دعاء‬
‫مكارم األخالق الدرس الثاني)‪:‬‬
‫"ه�ذه الصـرخ�ة وحده�ا التي نري�د أن نرفعه�ا‪ ،‬وأن تنتش�ـر في‬
‫املناط�ق األخ�رى وحده�ا تنبئ عن س�خط ش�ديد‪ ،‬وم�ن يرفعونها‬
‫يستطيعون أن يضـربوا أمريكا‪ ،‬يضـربوها اقتصاديًّا قبل أن تضـربهم‬
‫عس�كريًّا‪ ،‬واالقتصاد عند األمريكيين مهم يحس�بون ألف حس�اب‬
‫للدوالر الواحد‪.‬‬
‫ه�ؤالء بإمكانه�م أن يقاطع�وا املنتجات األمريكي�ة‪ ،‬أو منتجات‬
‫الش�ـركات التي له�ا عالق�ة باألمريكيي�ن‪ ،‬وباليه�ود أو بالحكومة‬
‫األمريكية نفس�ها‪ ،‬وحينئذ سيرون كم سيخس�ـرون؛ ألن من أصبح‬
‫ممتلئ ًا س�خطً ا ضد أمريكا وضد إس�ـرائيل أليس هو من سيستجيب‬
‫للمقاطعة االقتصادية؟ واملقاطعة االقتصادية منهكة جدًّ ا"‪.‬‬

‫‪12‬ـ �سالح مهم في مواجهة الحرب النف�سية‪:‬‬


‫يقول الس�يد حس�ين رض���وان اهلل عليه ف�ي (الدرس الرابع عش�ر من‬
‫دروس شهر رمضان)‪:‬‬
‫"الحرب النفس�ية هي حرب واس�عة وهم يركزون عليها بش�كل‬

‫‪81‬‬
‫كبي�ر نح�ن نق�ول مثل موضوع ش�عار ومقاطع�ة اقتصادي�ة وتوجيه‬
‫للناس على هذا النحو يعتبر حربًا‪ ،‬يعتبر تحصينًا لألمة من ماذا؟ من‬
‫حربهم الحقيقية‪.‬‬
‫لك�ن الح�ظ م�ن العجي�ب عندم�ا ال يوجد رؤي�ة بهذا الش�كل‬
‫وه�ي رؤية قرآنية يرش�د إليها الق�رآن يقولون (م�اذا نعمل؟!) وهم‬
‫كل واح�د يس�تطيع أن يعمل الكثير (ماذا نعمل؟) وس�ائل أن تعمل‬
‫كثي�رة‪ ،‬مطبوع�ات متوفرة أش�رطة متوفرة‪ ،‬األموال‪ ،‬بأم�وال الناس‬
‫بإمكانياتهم الحاصلة يس�تطيعون أن يك�ون لهم حركة ثقافية كبيرة‪،‬‬
‫َضح العدو‬
‫حركة دعائية ضد العدو كبيرة؛ ألنها أساس في القرآن‪ :‬ف ْ‬
‫وما هو عليه ونواياه‪ ،‬كذلك مواقف‪ ،‬ش�عارات‪ ،‬الش�عار يمثل حربًا‬
‫نفس�ية بالنس�بة لهم‪ ،‬حرب ًا نفس�ية؛ ألنهم عندما يضربون في العراق‬
‫ورأوا الن�اس هنا ما س�كتوا ما يزال الش�عار (امل�وت ألمريكا املوت‬
‫إلسرائيل) رأوا أن هؤالء لم يتأثروا نفسي ًا هو في املقابل ينهزم نفسي ًا‬
‫ه�و‪ ،‬أي‪ :‬عندما يفجر هن�اك في األخير ينظر هنا ينظ�ر كم الذين قد‬
‫خافوا؟ كيف س�يظهر بأنك خفت منه؟ أن نفسيتك انهزمت؟ عندما‬
‫ي�راك تراجع�ت‪ ،‬رأى الناس يرفعون ش�عارات من قب�ل أن يُضرب‬
‫الع�راق ومن بعد أن ُضرب العراق وأثناء ضرب�ه وأثناء عمله الكبير‬
‫الدعائ�ي اإلعالم�ي الذي ه�و يمثل م�اذا؟ حرب ًا نفس�ية وجدهم لم‬

‫‪82‬‬
‫يتراجع�وا يح�اول يس�جن‪ ،‬يحاول كذا‪ ،‬ل�م يتراجع�وا‪ ،‬هي في حد‬
‫ذاتها حرب نفس�ية كبي�رة في مواجهتهم‪ ،‬وإبطال لحرب نفس�ية من‬
‫عندهم"‪.‬‬

‫‪13‬ـ ال�شعار مهم في معركة الم�صطلحات‪:‬‬


‫يقو ل السيد حسين رضوان اهلل عليه في محاضرة (اإلرهاب والسالم)‪:‬‬
‫"وإذا ما س�معنا ع�ن كلمة (ج�ذور إرهاب ومناب�ع إرهاب) فإن‬
‫علينا أن نتحدث دائ ًام عن اليهود والنصارى كام تحدث اهلل عنهم في‬
‫القرآن الكريم من أنهم منابع الشر‪ ،‬ومنابع الفساد من لديهم‪ ،‬وأنهم‬
‫هم من يسعون في األرض فساداً‪.‬‬
‫وحينئ ٍذ سننتصر‪ ،‬وإنه لنصر كبير إذا ما ُخ ْضنَا معركة املصطلحات‪،‬‬
‫نح�ن اآلن في معركة مصطلحات‪ ،‬إذا س�محنا لهم أن ينتصروا فيها‬
‫فإننا س�نكون من نُضرب ليس في معركة املصطلحات بل في معركة‬
‫الن�ار‪ ،‬إذا م�ا س�محنا لهم أن تنتص�ر مفاهيمه�م‪ ،‬وتنتص�ر معانيهم‬
‫لتترسخ في أوساط الناس‪.‬‬
‫فعندما نردد هذا الش�عار‪ ،‬وعندما يق�ول البعض ما قيمة مثل هذا‬
‫الش�عار؟ نق�ول له‪ :‬هذا الش�عار ال بد منه في تحقي�ق النصر في هذه‬
‫املعركة على األقل معركة أن يس�بقنا األمريكي�ون إلى أفكارنا وإلى‬

‫‪83‬‬
‫أفكار أبناء هذا الشعب‪ ،‬وإلى أفكار أبناء املسلمين وبين أن نسبقهم‬
‫نحن‪ .‬أن نرس�خ في أذهان املس�لمين‪ :‬أن أمريكا ه�ي اإلرهاب‪ ،‬أن‬
‫أمريكا هي الشر‪ ،‬أن اليهود والنصارى هم الشر حتى ال يسبقونا إلى‬
‫أن يفهم الناس هذه املصطلحات باملعاني األمريكية‪.‬‬
‫فعندما نرفع هذا الشعار ‪ -‬أيها اإلخوة ‪ -‬نحن نرفعه ونجد أن لـه‬
‫أثره الكبير في نفوس�نا‪ ،‬وفي نفوس من يس�معون هذا الشعار‪ ،‬حتى‬
‫من ال يرددون هذا الش�عار فإننا بترديدنا للش�عار من حولهم سنترك‬
‫أثر ًا في نفوس�هم‪ ،‬هذا األثر هو أن اليه�ود ملعونين‪ ،‬ونُذكر مثل هذا‬
‫الش�خص الذي ال يرفع هذا الش�عار بتلك اآلي�ات القرآنية‪ ،‬وعندما‬
‫يس�مع (الش�عار) ونحن نهتف به ويعود ليقرأ (س�ورة البقرة) و(آل‬
‫عمران) و(املائدة) و(النساء) وغيرها من السور التي تحدث اهلل فيها‬
‫عن اليهود والنصارى‪ ،‬س�يفهمهم أكثر من قبل أن يسمع هذا الشعار‬
‫يتردد من حوله‪.‬‬
‫ونح�ن عندما نهتف بهذا الش�عار يترافق معه توعي�ة كاملة‪ ،‬كلها‬
‫تقوم على أس�اس أن منابع الش�ر وجذور الشر‪ ،‬الفساد في األرض‪،‬‬
‫اإلره�اب لعباد اهلل‪ ،‬الظلم لعباد اهلل‪ ،‬القهر للبش�رية كلها هم أولئك‬
‫الذي�ن لعنهم اهلل ف�ي القرآن الكريم‪ ،‬هم أولئ�ك اليهود‪ ،‬هم أمريكا‬
‫وإسرائيل وكل من يدور في فلكهم"‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪14‬ـ ف�ضح عمالء �أمريكا وفي مقدمتهم الوهابيون‪:‬‬
‫يقول السيد حسين رضوان اهلل عليه في محاضرة (الشعار سالح وموقف)‪:‬‬
‫"فالشعار هذا أثبت عندما مسحوه‪ ،‬عندما تراه ممسوح ًا هو يشهد‬
‫‪ -‬وهو ممس�وح ‪ -‬بماذا؟ أنه مؤث�ر على األمريكيي�ن‪ ،‬عندما تراهم‬
‫يزيلوه يش�هد بأنه مؤثر على األمريكيين‪ ،‬أيض ًا مؤثر على الوهابيين‪،‬‬
‫أيضا بش�كل كبير‪ ،‬ال ن�دري كيف عملوا حتى‬
‫مؤث�ر على الوهابيين ً‬
‫أصبح�وا هكذا نافرين منَّه‪ ،‬أما كان م�ن املحتمل أن يتقبلوا ويرفعوا‬
‫الش�عار ه�ذا؟ وخاصة أنه ليس محس�وب ًا عليهم وه�و ظهر من عند‬
‫أن�اس آخري�ن‪ ،‬ملاذا نفروا منه! ملاذا حاول�وا أن ال يرفعوه! حتى ملاذا‬
‫يحاربونه؟! يحاربونه حرباً‪ ،‬ال أدري ماذا لديهم من أهداف في هذه‪.‬‬
‫هو يش�هد ب�أن م�ن كان يُعرف عنهم أنهم باس�م دعاة لإلسلام‪،‬‬
‫وأنه�م أع�داء ألع�داء اهلل‪ ،‬وأش�ياء من ه�ذه‪ ،‬أنها عبارة ع�ن كالم؛‬
‫ألنه�م ل�و كانوا أع�داء حقيقيين ألمري�كا‪ ،‬أعداء إلس�رائيل‪ ،‬أعداء‬
‫لليه�ود والنص�ارى لكان لهم م�ن املواقف أعظم مام لنا‪ :‬ش�عارات‪،‬‬
‫مظاه�رات‪ ،‬ه�م اآلن في الس�احة عبارة عن حزب كبير تحت اس�م‬
‫(ح�زب اإلصلاح)‪ ،‬ح�زب كبي�ر‪ ،‬ألي�س باس�تطاعته أن يك�ون له‬
‫مظاه�رات؟ مثلما يعمل الش�يعة ف�ي لبن�ان‪ ،‬مثلام يعمل الش�يعة في‬

‫‪85‬‬
‫إي�ران‪ ،‬مظاهرات ضد أمريكا‪ ،‬مظاهرات ضد إس�رائيل‪ ،‬يكون لهم‬
‫شعارات يرفعونها‪ ،‬يوزعونها‪.‬‬
‫لك�ن وال كلم�ة وال موق�ف‪ ،‬هذا يثير الش�ك فيهم ه�م؛ أو أنهم‬
‫ليس�وا موفقين إلى أن يكون لهم موقف مش�رف ضد أعداء اهلل‪ ،‬يثير‬
‫الشك ‪ -‬أيض ًا ‪ -‬في رموزهم أن لهم عالقات‪ ،‬هذا الذي كُ شِ ف أخير ًا‬
‫عندما كانوا منذ زمن يأخذون ش�باب اليمن ليقاتلوا في أفغانس�تان‪،‬‬
‫ال ألفغانس�تان‪ ،‬وإذا بأمري�كا هي التي‬
‫أي�ام االتحاد الس�وفيتي محت ً‬
‫كانت توجه بهذا وتموله‪ ،‬وأخذت تصريح ًا من الرئيس بهذا وغيره‪،‬‬
‫فهي كانت أوام�ر أمريكية تأتي لهؤالء وتوجيهات أمريكية وتمويل‬
‫أمريك�ي‪ ،‬وعندم�ا أصبح الجهاد ض�د أمريكا انته�ى الجهاد‪ ،‬وكأنه‬
‫أقف�ل ب�اب الجهاد ضد أمريكا‪ ،‬مل�اذا أما ضد االتحاد الس�وفيتي أنه‬
‫مشروع وضد أمريكا وإسرائيل لم يعد مشروعاً؟‪.‬‬
‫مثلا ‪ -‬يحاولون أن ال يحصل‬
‫ً‬ ‫الش�يء اآلخر أنهم قد يكونون ‪-‬‬
‫م�ن جانبه�م ما يج�رح مش�اعر أمري�كا‪ ،‬ربما يحتاج�ون ألمريكا‪،‬‬
‫سيحتاجونها في الوصول إلى السلطة‪ ،‬وأشياء من هذه‪ ،‬فال يحاولون‬
‫أن يجرحوا مش�اعرها‪ ،‬معناه أنهم ليس�وا حرك�ة دينية تنطلق لخدمة‬
‫اإلسلام والدفاع عن اإلسلام‪ ،‬بل حركة لها مقاصد أخرى ممكن‬
‫أن تضحي باإلسالم من أجل مقاصدها"‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪15‬ـ �إيقاظ ال�شعوب وتنبيهها با�ستمرار‪:‬‬
‫يقول السيد عبد امللك بدر الدين الحوثي حفظه اهلل‪:‬‬
‫"إيق�اظ الش�عوب‪ ،‬وتنبي�ه األم�ة تج�اه تح�رك األعداء الش�امل‬
‫ومؤامراتهم مس�ألة مهمة؛ ألن حالة الغفلة‪ ،‬وحالة االنخداع بطبيعة‬
‫العناوي�ن التي تتحرك م�ن خاللها أمريكا‪ ،‬حالة س�ائدة لدى الكثير‬
‫م�ن الش�عوب‪ ،‬وخصوص ًا حينما ال يكون هناك تح�رك كبير لفضح‬
‫املؤامرات األمريكية واإلس�رائيلية‪ .‬فعملي�ة اإليقاظ لألمة من حالة‬
‫الخطِ ر جدً ا‬
‫الغفلة‪ ،‬حالة الس�بات التي تعيش فيها تجاه هذا التحرك َ‬
‫(((‬
‫بكل ما تعنيه الكلمة كان من أهداف هذه الصرخة"‪.‬‬

‫ُ َّ ُ‬
‫َ‪ -16‬ال�ش��عار من م�ص��اديق ق��ول اهلل تعال��ى‪َ } :‬وقل له ْم يِف‬
‫َ ً ً‬ ‫ُ‬
‫أنف ِس ِه ْم ق ْوال بَلِيغا{‬
‫قال السيد حس�ين رضوان اهلل عليه في (الدرس العشرين من دروس‬
‫شهر رمضان)‪:‬‬
‫(اإلنس�ان املؤمن عليه أن ينطلق ويكون الشيء الذي يسيطر على‬
‫مش�اعره هو العمل هلل وفي سبيله بمقدار ما يكون كالمه بليغً ا له أثر‬
‫ف�ي نفس�ية هذا العدو‪ ،‬ول�ه أثر إيجابي في ماذا؟ ف�ي املجال العملي‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1437‬هـ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ل�ك أن تقوله‪ ،‬من الكالم الذي يس�وء اليه�ود والنصارى ويخافون‬
‫منه كلمة (املوت) "املوت ألمريكا" ال يحب أن يس�مع كلمة (موت)‬
‫نهائيً�ا نهائيًا "املوت ألمريكا املوت إلس�رائيل" وله�ذا قال اهلل هناك‬
‫ُ ْ‬ ‫ُْ ُ ُ ْ َْ‬
‫ظكم{[آل عم�ران‪ ]119 :‬قل موتوا بغيظكم‪،‬‬
‫ف�ي اآلية‪} :‬قل موت��وا بِغي ِ‬
‫َ َُ‬ ‫لُ ُّ َ ْ‬
‫وذكره�م هو س�بحانه وتعال�ى باملوت ف�ي قول�ه }ك نف ٍس ذآئِقة‬
‫َّ َ ُ َ َّ ْ َ ُ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َْْ‬
‫ت ِإَونما توفون أجوركم يوم ال ِقيام ِة{ [آل عمران‪ ]185 :‬جاءت بعد‬ ‫المو ِ‬
‫الكالم عن بني إسرائيل مع أنها ال تعتبر كلمة سيئة‪ ،‬لكن هي بالنسبة‬
‫لهم تس�وؤهم أن يسمعوها‪ .‬وعندما تنطلق يجب أن تنطلق في إطار‬
‫عملي ليس�ت مجرد كلمة تش�فِّي هكذا‪ ،‬بل كلمة لها تأثيرها‪ ،‬كلمة‬
‫تنطلق من جهة هي تعمل لتقف في وجوههم على أساس كتاب اهلل‬
‫وبإذن اهلل‪.‬‬
‫فهذا العمل في نفس الوقت له إيجابية كبيرة جداً‪ ،‬شعار (اهلل أكبر‬
‫‪ -‬امل�وت ألمريكا ‪ /‬املوت إلس�رائيل‪ /‬اللعنة عل�ى اليهود ‪ -‬النصر‬
‫لإلسالم) كلامت هامة ولها أثر كبير في نفس الوقت أمام أشياء كثيرة‬
‫في نفس�ياتهم من املؤامرات والخطط والخبث وتس�د أمامهم منافذ‬
‫كثيرة من التي يحاولون أن يستغلوها"‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ال�صرخة موقف ديني ولي�ست عم ًال حزبي ًا �أو طائفي ًا‬
‫يقول الس�يد حسين رضوان اهلل عليه في محاضرة (الصرخة في وجه‬
‫املستكبرين)‪:‬‬
‫ونح�ن س�نصرخ ‪ -‬وإن كان البعض منا داخ�ل أحزاب متعددة‬
‫‪ -‬س�نصرخ أينما كنَّ�ا‪ ،‬نح�ن ال نزال يمنيي�ن‪ ،‬وال ن�زال فوق ذلك‬
‫مس�لمين‪ ،‬نح�ن ال نزال ش�يعة‪ ،‬نح�ن ال نزال نحم�ل روحية أهل‬
‫البي�ت الت�ي ما س�كتت عن الظاملين‪ ،‬التي لم تس�كت ي�وم انطلق‬
‫أولئ�ك من علامء الس�وء م�ن املغفلين الذي�ن لم يفهموا اإلسلام‬
‫يدجنوننا نحن‬
‫ليدجنوا األم�ة للظاملين‪ ،‬فأصبح الظاملون ِّ‬
‫ِّ‬ ‫فانطلقوا‬
‫املسلمين لليهود‪.‬‬
‫أليس هذا الزمان هو زمن الحقائق؟ أليس هو الزمن الذي تجلى‬
‫فيه كل ش�يء؟ ثم أمام الحقائق نس�كت؟! وم�ن يمتلكون الحقائق‬
‫يس�كتون؟! ال يجوز أن نس�كت‪ ،‬بل يجب أن نكون س�بَّاقين‪ ،‬وأن‬
‫نطل�ب م�ن اآلخري�ن أن يصرخ�وا ف�ي كل اجتماع‪ ،‬ف�ي كل جمعة‬
‫تتبخر كل محاولة لتكميم األفواه‪ ،‬كل محاولة ألن‬
‫(الخطب�اء) حتى َّ‬
‫يس�ود الصمت ويعيدوا اللح�اف من جديد على أعينن�ا‪ ،‬لقد تجلى‬
‫في هذا الزمن أن كُ شِ �فت األقنعة عن الكثي�ر‪ ،‬فهل نأتي نحن لنضع‬

‫‪89‬‬
‫األقنعة على وجوهنا ونغمض أعيننا بعد أن تجلَّت الحقائق وكُ شفت‬
‫األقنعة عن وجوه اآلخرين؟! ال يجوز هذا ال يجوز"‪.‬‬
‫ويقول السيد حسين رضوان اهلل عليه في محاضرة (لتحذن حذو بني‬
‫إسرائيل)‪:‬‬
‫(دعوا الشعب يصرخ في وجه األمريكيين‪ ،‬وسترون أمريكا كيف‬
‫يامني والحكمة‬
‫ستتلطف لكم‪ .‬هي الحكمة‪ .‬ألسنا نقول‪ :‬إن اإليامن ٌّ‬
‫يامني�ة؟ أي�ن هي الحكمة؟ إن م�ن يعرف اليهود والنص�ارى‪ ،‬إن من‬
‫يع�رف أن كل مصالحهم في بالدنا‪ .‬ل�و وقف اليمن ليصرخ صرخة‬
‫في أس�بوع واحد لحوَّ لت أمريكا كل منطقها‪ ،‬ولعدَّ لت كل منطقها‪،‬‬
‫وألعفت اليمن عن أن يكون فيه إرهابيون)‪.‬‬
‫ويقوله رضوان اهلل عليه في الدرس السادس من دروس شهر رمضان‪:‬‬
‫(عندم�ا نلعن اليه�ود‪ ،‬فاليهود هم متجهون إل�ى أن يحولونا إلى‬
‫كف�ار‪ ،‬فإما أن نلعنهم وإال فس�يحولونا هم إلى ملعونين عند اهلل‪ .‬إذ ًا‬
‫ألي�س األفض�ل أن نلعنه�م من قبل‪ ،‬وم�ن خالل لعننا لهم س�نكون‬
‫ونحصن أنفس�نا من م�اذا؟ من أن يحولونا إلى‬
‫ِّ‬ ‫نلعنهم كام لعنهم اهلل‬
‫اهلل لَ َعنَ‬
‫كفار‪ .‬إذا لم تلعنهم س�يحولوك إل�ى كافر يلعنك اهلل‪} ،‬إ َّن َ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ُ ْ َ‬ ‫ْ اَ‬
‫الكف ِِرين وأعد لهم سعِريا{ [األحزاب‪.)]64 :‬‬

‫‪90‬‬
‫ويقول رضوان اهلل عليه في محاضرة (اإلرهاب والسالم)‪:‬‬
‫"وإن أول م�ا يج�ب أن نعمله وهو أقل ما نعمله ه�و أن نردد هذا‬
‫أيضا في مس�اجدنا ليتحدثوا دائمً ا عن‬
‫الش�عار وأن يتحرك خطباؤنا ً‬
‫اليه�ود والنصارى وفق ما تح�دث اهلل عنهم في القرآن الكريم‪ ،‬وأن‬
‫نتح�دث دائمً �ا عن هذه األح�داث املؤس�فة حتى نخل�ق وعيًا لدى‬
‫أيضا كله قائمً ا‬
‫املس�لمين‪ ،‬ونخلق وعيًا في نفوس�نا وأن يكون عملنا ً‬
‫عل�ى أس�اس أن تتوح�د كلمتنا‪ ،‬أن يتوح�د قرارنا أن تتوح�د رؤيتنا‬
‫لألحداث"‪.‬‬
‫ْك َنفَرً ا م َِن الْجِ ِّن)‪:‬‬
‫ويقول رضوان اهلل عليه في محاضرة (وَ إِذْ َصرَ ْفنَا إِ َلي َ‬
‫"الذي�ن ينطلقون لتثبيط اآلخرين عن أن يرفعوا هذا الش�عار على‬
‫الرغ�م م�ن أنه ‪ -‬كام قلن�ا أكثر من مرة ‪ :-‬إنه أقل م�ا يمكن أن نعمل‬
‫ال أن�ه كل ش�يء‪ ،‬إن�ه أقل ما يمك�ن أن نعمل ولكنا عل�ى الرغم من‬
‫ذلك ‪ -‬وأس�فنا أن ال نس�تطيع إال ذلك ‪ -‬له أثره الكبير فعالً‪ .‬الذي‬
‫ال ‪ -‬لكنه إنسان ال يهمه شيء‪ ،‬ال‬
‫ينطلق ليثبِّط ‪ -‬وإن كان قد فهم فع ً‬
‫يهمه إسلامه‪ ،‬وال تهمه أمته‪ ،‬يس�كت؛ ألنه يرى بأن سلامته في أن‬
‫يسكت‪ ،‬هو يرى أنه عندما يتجه إلى السكوت أنه الشخص الحكيم‬
‫الذي عرف كيف يحافظ على أمنه وسالمته! نقول‪ :‬أنت غالط على‬
‫نفسك‪ ،‬أنت تجني على نفسك من حيث ال تشعر‪...‬‬

‫‪91‬‬
‫إن من ي َْس�لَم حقيقة ومن ترضى نفس�ه حتى لو أصابه ش�يء هم‬
‫ُّ‬ ‫َ ََْْ َ َ‬ ‫َ ََْ‬
‫املجاهدون فـ }أجنينا الذَِّين ينهون ع ِن الس��وءِ{‪ ،‬وقال س�بحانه‬
‫ُْ ْ َ‬
‫ن��ج المؤ ِمنِني{‪،‬‬
‫َ َ َ َ ًّ َ َ ْ َ ُ‬
‫وتعال�ى ف�ي آية أخ�رى‪} :‬كذل ِك حق��ا علينا ن ِ‬
‫املؤمن�ون ه�م م�ن يأم�رون باملع�روف وينه�ون ع�ن املنك�ر هم من‬
‫يجاه�دون ف�ي س�بيل اهلل بكل ما يس�تطيعون‪ ،‬هؤالء ه�م من يصح‬
‫أن يق�ال له�م مس�لمون بمعن�ى الكلمة واإلسلام هو دين السلام‬
‫ملن؟ دين السلام ملن هم مس�لمون حقيقة؛ ألنهم من يبنون أنفسهم‬
‫ليكون�وا أعزاء أقوياء‪ ،‬هم مَ ن يبنون أنفس�هم ليس�تطيعوا أن يدفعوا‬
‫عن أنفس�هم الشر‪ ،‬ليقطعوا عن أنفس�هم الظلم‪ ،‬ليدفعوا عن بلدهم‬
‫الفس�اد‪ ،‬ليدفعوا عن دينهم الحرب‪ ،‬فهم أقرب إلى األمن والسلام‬
‫في الدنيا وفي اآلخرة"‪.‬‬

‫�شخ�ص طبيعة الم�ؤامرات الأمريكية‬‫الم�شروع القر�آني هو َّ‬


‫والإ�سرائيلية‬
‫املش�روع القرآن�ي في ش�عاره‪ ،‬في دعوت�ه ملقاطع�ة البضائع‪ ،‬في‬
‫أنش�طته العامة‪ ،‬في نش�اطه التثقيف�ي والتوعوي‪ ،‬فيما يركز عليه من‬
‫خطوات عملية واسعة‪ ،‬في نشاطه لتكوين أمة قرآنية تحمل املشروع‬
‫ش�خص طبيعة املؤامرات األمريكية‬
‫َّ‬ ‫القرآني والروحية القرآنية هو‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫واإلس�رائيلية‪ ،‬والت�ي ه�ي بالتأكيد واضحة لدى الكثي�ر من الناس‪،‬‬
‫وركز على التصدي العملي لها‪ ،‬مام ال شك فيه أن األمريكي يهدف‬
‫إل�ى الس�يطرة الكامل�ة على كل مق�درات وثروات األم�ة واحتالل‬
‫بلدانه�ا بحك�م األطامع الرهيبة وبحكم نزعة الس�يطرة واالس�تعامر‬
‫لدي�ه‪ .‬ه�ذه مس�ألة ال ش�ك فيها أب�دً ا‪ ،‬من ال يع�رف فهو غب�ي جد ًا‬
‫وجاهل‪ ،‬ومن يعرف ويتعامى عن ذلك فهو يعمل لصالح األعداء‪.‬‬
‫(((‬

‫الأمريكي هدفه ال�سيطرة ب�شكل كامل ومبا�شر على كل‬


‫مقدرات الأمة‬
‫األمريك�ي هدفه وفي املقدمة أن يس�يطر بش�كل كام�ل على كل‬
‫مقدرات وثروات األمة‪ ،‬هذه األمة لها ثروات هائلة‪ ،‬لها أهمية كبيرة‪،‬‬
‫أوالً‪ :‬بحكم موقعها الجغرافي الحساس على وجه الكرة األرضية‪،‬‬
‫ث�م ما في هذه الرقع�ة الجغرافية من ثروات هائلة‪ :‬منابع النفط‪ ،‬أكبر‬
‫احتياط�ي للنف�ط في العال�م ومصال�ح حيوية أخ�رى‪ ،‬األمريكي ال‬
‫يهم�ه أبدً ا أبدً ا أبدً ا أبدً ا أن يقتصر على ضامن الحصول على مصالح‬
‫بالقدر املش�روع وبالقدر املعقول‪ ،‬ال‪ ،‬ليس�ت املسألة لديه أن يضمن‬
‫لنفس�ه الحصول عل�ى احتياجاته من هذه املنطقة بطريقة مش�روعة‪،‬‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1437‬هـ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫ال‪ ،‬ه�و يري�د الس�يطرة املباش�رة عليها‪ ،‬هو يري�د االس�تئثار بها‪ ،‬هو‬
‫يريد االس�تغالل له�ا‪ .‬األمريكي طماع بالتأكيد أطامع�ه كبيرة ولديه‬
‫النزعة االس�تعامرية‪ .‬هذه مسألة مؤكدة وواضحة هو يريد أن يسيطر‬
‫بش�كل كامل‪ ،‬أن يس�تحوذ بش�كل كامل حتى على حساب شعوب‬
‫ه�ذه البل�دان وهذه املناط�ق‪ ،‬ال يريد فقط ضمان مصالحه في الحد‬
‫واملس�توى املش�روع واملقبول‪ ،‬يري�د أكثر من ذلك يريد االس�تحواذ‬
‫على الكل‪.‬‬
‫(((‬

‫ولذلك كان ال بد للأمة من م�شروع‬


‫ولذل�ك كان ال ب�د لألم�ة أن تتحرك ضمن مش�روع يخرجها من‬
‫املأزق الذي هي فيه‪ ،‬مش�روع شامل‪ ،‬واقعي‪ ،‬صحيح‪ ،‬يعالج واقعها‬
‫الداخل�ي‪ ،‬يصحح وضعيتها وجوانب الخل�ل لديها‪ ،‬ألن اهلل يقول‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َّ َ َ ُ َ ُ َ َ ْ َ ىَّ ُ َ ّ ُ ْ َ َ ْ ُ‬
‫��هم{ [الرعد‪]11:‬‬
‫}إِن اهلل ال يغ�ِّي�ِّرِ ما بِق��و ٍم حت يغ رِيوا ما بِأنف ِس ِ‬
‫وج�زء كبي�ر مما تعان�ي منه األم�ة خل�ل داخل�ي‪ ،‬خلل كبي�ر‪ ،‬على‬
‫املس�توى الثقافي‪ ،‬على مس�توى املفاهيم والقناع�ات والتصورات‪،‬‬
‫على مستوى السلوكيات‪ ،‬على مستويات كثيرة جدً ا‪.‬‬

‫((( من خطاب السيد عبد امللك حفظه اهلل في ذكرى الصرخة لعام ‪1437‬هـ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫املش�روع القرآني مش�روع لهُ كل املميزات التي يُمكن أن ننشدُ ها‬
‫تجاه مش�روع بناء عظي�م فعال مفيد‪ ،‬يمكن أن تعتم�د عليه األمة بام‬
‫مخرج�ا لألمة بام تعني�ه الكلمة‪،‬‬
‫ً‬ ‫تعني�ه الكلم�ة‪ ،‬ويمكن أن يش�كل‬
‫(((‬
‫ومعالجا لكل إشكاالتها بام تعنيه الكلمة‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذا ما انطلق به الش�هيد القائد الس�يد حسين بدر الدين الحوثي‬
‫رضوان اهلل عليه بهذا املش�روع القرآني الذي عنوانه هذا الش�عار (شعار‬
‫الحرية والعزة واإلباء) شعار‪:‬‬
‫الله أكبر ‪ -‬الموت ألمريكا ‪ /‬الموت إلسرائيل‪ /‬اللعنة على‬

‫اليهود ‪ -‬النصر لإلسالم‬

‫•••‬

‫((( من كلمة للسيد عبد امللك حفظه اهلل في لقائه باألكاديميين‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫أخيــــــرا‬
‫ً‬ ‫�‬
‫لق�د أثبت الش�عار الذي أطلقه الس�يد حس�ين ‪ -‬رض���وان اهلل عليه ‪-‬‬
‫تأثيره اإليجابي منذ انطالقت�ه في العام ‪2002‬م وإلى اليوم‪ ،‬وأثبتت‬
‫األح�داث واملتغي�رات والهجمة األمريكية الصهيوني�ة على املنطقة‬
‫واعتداءاته�ا املس�تمرة عل�ى أبناء هذه األم�ة وما يحدث م�ن قبلهم‬
‫وخصوصا في اليم�ن‪ ،‬كلها عزّ زت الحاجة إلى رفع هذا‬
‫ً‬ ‫م�ن جرائم‬
‫الشعار والتمسك به والتثقف بثقافته‪.‬‬
‫وسيظل هذا املشروع القرآني بشعاره وثقافته ورموزه يشق طريقه‬
‫بع�ون اهلل وتأييده مهما كان حجم الصعاب والظ�روف والتحديات‬
‫واألخطار‪ ،‬وس�يبقى قائمً ا وقويًا وكلام حورب فإنه سيزداد قوة‪ ،‬ألنه‬
‫مشروع واقعي صحيح تشهد له األحداث‪ ،‬تشهد له الوقائع‪ ،‬وأولئك‬
‫الذين يتحركون في الطريق املعاكس لتقديم أمريكا وإس�رائيل على‬
‫أنها صديقة لألمة أو لتدجين األمة أو في املشاريع الخطأ التي تخدم‬
‫األعداء هم الفاش�لون وهم املتراجعون أم�ام واقع األمة وهي تزداد‬
‫وعيًا وتدرك طبيعة الخطر وتحس باملعاناة وتدرك حجم االستهداف‬
‫يومً �ا إثر يوم؛ ألن الش�واهد كثيرة واملتغي�رات واألحداث كفيلة بأن‬
‫أيض�ا ما يش�هد على أحقي�ة وصوابية ما تضمنه هذا املش�روع‬
‫تق�دم ً‬
‫القرآني املتميز‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫ورش�دا وأن يهدينا بكتابه حتى‬
‫ً‬ ‫أس�أل اهلل أن يزيدنا وإياكم بصير ًة‬
‫نس�تبصر ونسترش�د بهديه ون�وره‪ ،‬وأن يكتب ألمتن�ا العزة والفالح‬
‫والنص�ر والخي�ر واالنعت�اق من حال�ة الظل�م‪ ،‬والتحرر م�ن هيمنة‬
‫األعداء الظاملين واملستكبرين إنه سميع الدعاء‪.‬‬
‫وصلى اهلل على محمد وعلى آله الطاهرين‪.‬‬
‫•••‬

‫‪97‬‬
‫المحتويات‬
‫ما الذي ت�سعى له �أمريكا؟‪4...............................................‬‬
‫ال�سيطرة على الم�ستوى ال�سيا�سي ‪5.........................................‬‬
‫ال�سيطرة على الم�ستوى الإعالمي ‪6.........................................‬‬
‫ال�سيطرة على الجانب الثقافي ‪7...........................................‬‬
‫�سيطرة على الخطاب الديني ‪8............................................‬‬
‫ال�سيطرة االقت�صادية ‪9.................................................‬‬
‫�سيطرة حتى في الوالءات ‪10..............................................‬‬
‫�سيطرة على م�ستوى حياة النا�س ‪11..........................................‬‬
‫ما الذي حل بالأمة نتيجة هذه الم�ؤامرات؟ ‪13...................................‬‬
‫الإ�سالم ال�سعودي هو توليفة تتنا�سب مع ما تريده �أمريكا و�إ�سرائيل ‪17..................‬‬
‫�أمام هذه الم�ؤامرات ما هو الموقف ال�صحيح وال�سليم والحكيم؟‪19.....................‬‬
‫كيف كانت بداية انطالقة ال�صرخة؟ ‪26.......................................‬‬
‫المنطلقات ‪30.........................................................‬‬
‫‪1‬ـ م��ن واق��ع ال�ش��عور بالم�س���ؤولية وم��ن منطل��ق وعي��ه بطبيع��ة التح��رك الأمريك��ي‬
‫الإ�سرائيلي‪30. ................................................................‬‬
‫ُ‬
‫‪32. ..................................................‬‬ ‫‪2‬ـ انطلق من واقع َالمعاناة َ‬
‫‪3‬ـ من منطلق } َ َوأ َع ُّ ُِّد َوا ل ُه ْم َ َما َ ُ ْاس َت َط ُ ْع ُت ُ ْم م َ ْ ِْن َق َّوةٍ{ ‪35....................‬‬
‫‪4‬ـ من منطلق }يا أيها الذَِّين آ َمنوا كونوا أنص َ‬
‫ار الل‬
‫هَِّ{ ‪37. .................‬‬
‫‪5‬ـ من منطلق البراءة من �أعداء اهلل ‪39. .........................................‬‬
‫ما تدل عليه وتحمله مفردات ال�شعار ‪41.......................................‬‬
‫معاني مفردات ال�شعار ‪42.................................................‬‬
‫(اهلل �أكبر)‪43. ................................................................‬‬
‫(الموت لأمريكا الموت لإ�سـرائيل) ‪45. ..........................................‬‬
‫(اللعنة على اليهود) ‪46. .......................................................‬‬
‫(الن�صـر للإ�سالم)‪47. ..........................................................‬‬
‫كانت هذه الخطوة في مواجهة �أعداء حقيقيين ‪48...............................‬‬
‫الأهداف التي تحققت من الهتاف بال�شعار ‪52....................................‬‬

‫‪98‬‬
‫‪1‬ـ حقق نقلة نف�سية ومعنوية وواقعية وعملية‪53. .............................. :‬‬
‫‪2‬ـ حطم جدار ال�صمت‪55. ..................................................... :‬‬
‫‪3‬ـ �أوجد حالة كبيرة من ال�سخط‪57. ........................................... :‬‬
‫حافزا مهم ًا للنهو�ض الح�ضاري للأمة‪60..........................‬‬
‫حالة ال�سخط �ستكون ً‬
‫‪4‬ـ خطوة عملية مهمة لمواجهة م�شروع النفاق والعمالة والتدجين‪65. ............ :‬‬
‫‪5‬ـ ف�ضح الأمريكيين في �أهم دعاياتهم‪67. ...................................... :‬‬
‫‪6‬ـ ف�ضح الم�شروع الأمريكي في اليمن‪69. ....................................... :‬‬
‫واقعا مح�ص ًنا من االختراق" ‪69........................................................................‬‬
‫ً‬ ‫‪7‬ـ بنى‬
‫‪8‬ـ ال�شعار ارتقى بالأمة �إلى ما هو �أكبر و�أعظم‪71. ............................... :‬‬
‫‪9‬ـ ير�سخ فينا الثقة باهلل‪73. ...................................................:‬‬
‫‪ 10‬وجه بو�صلة العداء �إلى الأعداء الحقيقيين للأمة‪74. ......................... :‬‬
‫لقد �أ�صبحت الأمة مخترقة ب�شكل كبير ‪77......................................‬‬
‫‪11‬ـ ال�شعار يهيئ للمقاطعة االقت�صادية‪81. ..................................... :‬‬
‫‪12‬ـ �سالح مهم في مواجهة الحرب النف�سية‪81. .................................. :‬‬
‫‪13‬ـ ال�شعار مهم في معركة الم�صطلحات‪83. ..................................... :‬‬
‫‪14‬ـ ف�ضح عمالء �أمريكا وفي مقدمتهم الوهابيون‪85. .............................:‬‬

‫َ ً َ ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َّ ُ‬
‫‪87. .......................................‬‬ ‫‪15‬ـ �إيقاظ ال�شعوب وتنبيهها با�ستمرار‪:‬‬
‫{‪87.‬‬ ‫‪ -16‬ال�شعار من م�صاديق قول اهلل تعالى‪َ :‬وقل له ْم يِف أنف ِس ِه ْم ق ْوال بلِيغا‬
‫}‬
‫ال�صرخة موقف ديني ولي�ست عم ًال حزبي ًا �أو طائفي ًا ‪89..............................‬‬
‫�شخ�ص طبيعة الم�ؤامرات الأمريكية والإ�سرائيلية ‪92..............‬‬ ‫الم�شروع القر�آني هو َّ‬
‫الأمريكي هدفه ال�سيطرة ب�شكل كامل ومبا�شر على كل مقدرات الأمة ‪93.................‬‬
‫ولذلك كان ال بد للأمة من م�شروع ‪94.........................................‬‬
‫أخيــــــرا ‪96.........................................................‬‬ ‫ً‬ ‫�‬

‫‪99‬‬

You might also like