20

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 34

‫العشيقة‬

‫للشيخ محمد العريفي‬


‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل الذي فتح ابواب اجلنان وزينها الهل اهلدى واالميان وملئها باحلبور‬
‫والسرور واعدها باالهنار والقصور امحده سبحانه على مجيع االحسان واشكره‬
‫على جليل الفضل واالمتنان وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له واشهد‬
‫ان حممدا عبده ورسوله صلى اهلل وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه ومن سار‬
‫على هنجه واقتفى اثره واسنت بسنته اىل يوم الدين‬

‫أما بعد ايها االخوة واالخوات ان احلديث عن اجلنات مشوق للمؤمنني‬


‫واملؤمنات ودافع اىل االعمال الصاحلات ‪.‬‬

‫اجلنة تلك االمنية الغالية اليت يسعى اليها الساعون ويتسابق اليها املؤمنون‬

‫اجلنة شعلة تكوي قلوب العاشقني وتسهر ليل املتعبدين استعذبوا من اجلها‬
‫العذاب وحتملوا جليل املصاب‬

‫اجلنة دار املتقني والشهداء والصاحلني ‪ .‬هي نور يتألأل ورحيانة هتتز وفاكهة‬
‫وخضرة ‪ .‬فيها العباد املنعمون الذين يأكلون وال يتغوطون ويشربون وال يبولون‬
‫ويتطيبون وال ميتخطون ‪ .‬يضحكون وال يبكون ويقيمون وال يرحتلون وحييون‬
‫وال ميوتون‪ .‬فيها الوجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة ‪ .‬فيها احلور العني واجلمال‬
‫املبني فيها النعيم الدائم والعاشق اهلائم‬

‫فيا راغبا يف اجلنان ***وطالبا رضى الرمحن‬

‫لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ *** ـت بذلت ما حتوي من األمثان‬
‫أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ *** ـت السعي منك هلا على األجفان‬
‫ولقد وصفت طريق مسكنها *** فانرمت الوصال فال تكن بالواين‬
‫أسرع وحث السري جهدك *** امنا مسراك هذا ساعة لزمان‬
‫فاعشق وح ّدث بالوصال النفس وابـ *** ـذل مهرها ما دمت ذا امكان‬
‫واجعل صيامك قبل لقياها ويو *** م الوصل يوم الفطر من رمضان‬
‫واجعل نعوت مجاهلا الهادي وسر *** تلقي املخاوف وهي ذات أمان‬

‫هي دار السالم سلمت من كل بلية وفة‪ .‬هي دار اخللد ال ميوتون فيها وال‬
‫يشيخون وهي دار املقامةال ينتقلون منها وال ميلون‪ .‬وهي جنة املأوى اوى اليها‬
‫املؤمنون بعد دار النكد والبالء ‪ .‬وهي جنات عدن وهي دار احليوان وهي‬
‫الفردوس وهي جنات النعيم واملقام االمني ومقعد صدق عند مليك مقتدر‬

‫سبحان من غرست يداه جنة الـ *** فردوس عند تكامل البنيان‬
‫ويداه أيضا أتقنت لبنائها *** فتبارك الرمحن أعظم بان‬
‫ملا قضى رب العباد العرش قا *** ل تكلمي فتكلمت ببيان‬
‫قد أفلح العبد الذي هو مؤمن *** ماذا ّادخرت له من االحسان‬
‫فيها الذي واهلل ال عني رأت *** كال وال مسعت به األذنان‬
‫كال وال قلب به خطر املثا *** ل له تعاىل اهلل ذو السلطان‬

‫روي انه عليه الصالة والسالم قال (( خلق اهلل جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء‬
‫ولبنة من ياقوتة محراء ولبنة من زبرجد خضراء مالطها املسك وحصبائها اللؤلؤ‬
‫وحشيشها الزعفران مث قال هلا انطقي فقالت قد افلح املؤمنون ))‬

‫نعم جنة عالية يزينها اهلل الحبابه ويقول يوشك عبادي الصاحلون ان يدعوا عنهم‬
‫التعب والنصب ويدخلوكي ‪ .‬يتسابق اليها عشاقها وتنافس خلطبتها احباهبا ز ومل‬
‫يكونوا يكتفون بعمل واحد وامنا كانوا ينوعون القربات ويتسابقون اىل اخلريات‬
‫‪.‬‬

‫وانظر اىل الصحابة الكرام ملا اجتمعوا على النيب عليه الصالة والسالم فحدثهم‬
‫عن اجلنات مث قال من انفق زوجني يف سبيل اهلل من ماله نودي من ابواب اجلنة‬
‫يا عبد اهلل هذا خري‪ .‬مث قال وللجنة مثانية ابواب فمن كان من اهل الصالة دعي‬
‫من باب الصالة‪ .‬ومن كان من اهل اجلهاد دعي من باب اجلهاد‪ .‬ومن كان من‬
‫اهل الصيام دعي من باب الريان‪ .‬ومن كان من اهل الصدقة دعي من باب‬
‫الصدقة‪ .‬عندها يقفز ابو بكر البطل على قدميه ويصيح بني يديه قال بايب انت‬
‫وامي يا رسول اهلل ما على احد من باس ان دعي من تلك االبواب كلها؟ مهة‬
‫عالية يريد ان يدخل من مجيع تلك االبواب وان يسابق اىل مجيع تلك الطاعات‬
‫فيقول عليه الصالة والسالم نعم نعم وارجو ان تكون منهم ‪ .‬عندها يعمل هلا ابو‬
‫بكر جاهدا فيجمع ماله اربعني الفا يفك به املؤمنني من العذاب فاشرتى بالال‬
‫واعتقه واشرتى عمارا واعتقه ‪ .‬نعم يعمل هلا ابو بكر فيصدق بكل ما حيدث به‬
‫النيب عليه الصالة والسالم فيخربهم صلى اهلل عليه وسلم يوما يف مكة انه يف ليلة‬
‫واحدة اسري به اىل بيت املقدس وعرج به اىل السماء عندها يكذب اكثر الناس‬
‫ويصدق الصديق ابو بكر‪ .‬نعم مهة عالية وامنية غالية ابواب مثانية واسعة باقية‬
‫يريد ان يسابق اليها بني كل مصراعني من هذه االبواب مسرية اربعني سنة‬
‫وليزدمحن عليها املؤمنون ويلتقي عندها احملبون ‪.‬فان كانت نفسك حتركت شوقا‬
‫اىل اجلنات وتاقت اىل اهنارها ومتعها‬

‫فاسم اذا أوصافها وصفات ها *** تيك املنازل ربة االحسان‬


‫هي جنة طابت وطاب نعيمها *** فنعيمها باق وليس بفان‬
‫دار السالم وجنة املأوى ومنـ *** ـزل عسكر االميان والقرآن‬
‫سبحان ذي اجلربوت وامللكوت والـ *** إجالل واالكرام والسبحان‬
‫واهلل أكرب عامل األسرار والـ *** إعالن واللحظات باألجفان‬
‫واحلمد هلل السميع لسائر الـ *** أصوات من سر ومن إعالن‬
‫وهو املوحد واملسبح واملمجـ *** ـد واحلميد ومنزل القرآن‬
‫واألمر من قبل ومن بعد له *** سبحانك اللهم ذا السلطان‬

‫اجلنة دار احلبور والسرور ينسى فيها املريض مرضه واملصاب مصابه والفقري فقره‬
‫واملقهور قهره ‪ .‬ليس فيها هم مال جيمع وال منصب يرفع وال مرض يزول وال‬
‫سجن يطول وال بيت يبىن وال ولد يشمى وال عدو خيشى ‪ .‬نعم ليس‬
‫فيهاكربات بل فرحة ومسرات‬

‫واذا مسعت خرب ادىن اهل اجلنة منزال علمت ان ما خفي عنا كان اعظم ‪ .‬روى‬
‫مسلم انه صلى اهلل عليه وسلم قال ((آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي‬
‫مرة ويكبو مرة وتسفقه النار مرة فإذا جاوزها التفت إليها فقال ‪ :‬تبارك‬
‫الذي أنجاني منك لقد أعطاني اهلل شيئا ما أعطاه أحدا من األولين‬
‫واآلخرين فترفع له شجرة فيقول ‪ :‬أي رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل‬
‫بظلها فأشرب من مائها فيقول له اهلل ‪ :‬يا ابن آدم فلعلي إذا أعطيتكها‬
‫سألتني غيرها فيقول ‪ :‬ال يا رب ويعاهده أن ال يسأله غيرها قال ‪ :‬وربه عز‬
‫وجل يعذره ألنه يرى ما ال صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها‬
‫ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة هي أحسن من األولى فيقول ‪ :‬أي‬
‫رب هذه فألشرب من مائها وأستظل بظلها ال أسألك غيرها فيقول ‪ :‬ابن‬
‫آدم ألم تعاهدني أن ال تسألني غيرها فيقول ‪ :‬لعلي إن أدنيتك منها تسألني‬
‫غيرها فيعاهده أن ال يسأله غيرها وربه عز وجل يعذره ألنه يرى ما ال صبر‬
‫له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة‬
‫عند باب الجنة هي أحسن من األوليين فيقول ‪ :‬أي رب أدنني من هذه‬
‫الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها ال أسألك غيرها فيقول ‪ :‬يا ابن‬
‫آدم ألم تعاهدني أن ال تسألني غيرها قال ‪ :‬بلى أي رب هذه ال أسألك‬
‫غيرها فيقول ‪ :‬لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها فيعاهده أن ال يسأله‬
‫غيرها وربه يعذره ألنه يرى ما ال صبر له عليه فيدنيه منها فإذا أدناه منها‬
‫سمع أصوات أهل الجنة فيقول ‪ :‬أي رب أدخلنيها فيقول ‪ :‬يا ابن آدم ما‬
‫يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها فيقول ‪ :‬أي رب‬
‫أتستهزئ بي وأنت رب العالمين فضحك ابن مسعود‪ W‬فقال ‪ :‬أال تسألوني‬
‫مما أضحك ؟ فقالوا ‪ :‬مما تضحك ؟ فقال ‪ :‬هكذا ضحك رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فقال ‪ :‬أال تسألوني مما أضحك ؟ فقالوا ‪ :‬مما‬
‫تضحك يا رسول اهلل ؟ قال ‪ :‬من ضحك ربي حين قال ‪ :‬أتستهزئ مني‬
‫وأنت رب العالمين فيقول ‪ :‬إني ال أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قدير‬
‫)) حني قال العبد اهتزء يب وانت رب العاملني فيقول رب العاملني فيقال له ‪:‬‬
‫أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول ‪ :‬رضيت‪،‬‬
‫رب! فيقول ‪ :‬لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله‪ .‬فقال في الخامسة ‪:‬‬
‫رضيت‪ ،‬رب! فيقول ‪ :‬هذا لك وعشرة أمثاله‪ .‬ولك ما اشتهت نفسك‬
‫ولذت عينك‪ .‬فيقول ‪ :‬رضيت‪ ،‬رب!‬

‫ويف رواية غري الصحيح ان اهلل تعاىل يقول له بعد ذلك يا عبدي سل‬
‫_اسال‪،‬اطلب_ فيقول يا ريب احلقين بالناس فيقول له اهلل تعاىل احلق بالناس‬
‫فينطلق يرمل باجلنة _يعين جيري_ حىت اذا دىن من الناس رفع له قصر من درة‬
‫فيخرساجدا فيقال له ارفع راسك مالك فيقول رايت ريب او ترائى يل ريب فيقال‬
‫له ارفع راسك امنا هومنزل من منازلك مث يلقى رجال فيتهيء للسجود له فيقال‬
‫له مالك فيقول ارتئيت انك ملك من املالئكة فيقول له امنا انا خازن من خزانك‬
‫وعبد من عبيدك فينطلق امامه حىت يفتح له القصر فاذا هو درة جموفة سقائفها‬
‫وابواهبا واغالهلا ومفاتيحها منها ‪ .‬هذا ادىن اهل اجلنة منزلة‬

‫اما اعالهم منزلة فهم الذي غرس اهلل كرامتهم بيده وختم عليها فلم ترى عني‬
‫ومل تسمع اذن ومل خيطر على قلب بشر هذا‬

‫لكن أدناهم وما فيهم دين *** إذ ليس يف اجلنات من نقصان‬


‫فهو الذي تلقى مسافة ملكه *** بسنيننا ألفان كاملتان‬
‫فريى هبا أقصاه حقا مثل رؤ *** يته ألدناه القريب الداين‬
‫أو مامسعت بأن آخر أهلها *** يعطيه رب لعرش ذو الغفران‬
‫أضعاف دنيانا مجيعا عشر أمـ *** ـثال هلا سبحان ذي االحسان‬

‫روى الرتمذي والطرباين انه عليه الصالة والسالم قال ((إن أدنى أهل الجنة‬
‫منزلة لمن يسير في ملكه وسرره ألف سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه‪،‬‬
‫))‬ ‫وأرفعهم ينظر إلى ربه بالغداة والعشي‬

‫والريح يوجد من مسرية أربعيـ *** ـن وإن تشأ مائة فمرويان‬


‫سبحان من غرست يداه جنة الـ *** فردوس عند تكامل البنيان‬
‫ويداه أيضا أتقنت لبنائها *** فتبارك الرمحن أعظم بان‬

‫وكلما كان العمل اكثر كان الوجه انضر واجلزاء اكرب‪ .‬واول البشر دخوال اىل‬
‫اجلنة على االطالق حممد صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬وملاذا ال يكون اول الناس دخوال‬
‫وهو الذي علق قلبه بالسماء فاذا مسعهم يرددون يا ساحر يا كاهن يا كذاب‬
‫هان عليه ذلك نعم هان عليه ما دام ان الذي يف السماء راض فما عليه ما فاته‬
‫من الدنيا ‪ .‬فلما ارضى ربه بالصرب على البالء وارضاه بالدعوة واالباء وارضاه‬
‫باجلهاد والفداء قال له اهلل تعاىل (( ولسوف يعطيك ربك فرتضى))« الضحى ‪،‬‬
‫‪ »5‬يسجد صلى اهلل عليه وسلم عند الكعبة فيمضي شقي من اشقياء قريش مث‬
‫يايت بسال جسور اتدري ما سال اجلسور! اذا ولدت الناقة وليدها وخرج معه ما‬
‫خيرج من دماء وفرث اخذه ذلك الرجل الشقي اخذ بني يديه هذا الدم والفرث‬
‫وما فيه من اذى يتقاطر من بني يديه مث اقبل به على رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وهو ساجد مث جعله بني كتفيه حىت سالت الدماء والفرث واالذى على‬
‫وجهه ورقبته وحليته عليه الصالة والسالم ‪ .‬يستحق ان يكون اول اهل اجلنة‬
‫دخوال‬

‫مث اول االمم دخوال اىل اجلنة هم امته عليه الصالة والسالم واول من يدخل من‬
‫هذه االمة ابو بكر رضي اهلل تعاىل عنه مث يدخل املؤمنون اىل اجلنة بعد ذلك على‬
‫اكمل صورة وامجلها على صورة ابيهم ادم عليه السالم الذي خلقه اهلل بيده فامت‬
‫خلقه واحسن تصويره طوله ستون ذراعا يف السماء يدخلون نفوسهم صافية‬
‫رضية وارواحهم طاهرة زكية ال اختالف بينهم وال تطابق فلله ما اهبى تلك‬
‫الصور ينسى الدميم دمامته واملعوق اعاقته واملشوه قباحته بل حيتقر اجلميل سابق‬
‫مالحته والوسيم سابق وسامته وقد صارت وجوههم انوارا وابداهنم اطهارا ‪.‬‬
‫واول زمرة يدخلون اجلنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلوهنم على اشد‬
‫كوكب دري يف السماء اضاءة‪ .‬ال يبولون وال يتغوطون وال ميتخطون وال‬
‫يتفلون وال ينامون امشاطهم الذهب ورشحهم املسك وجمامرهم االلوة‬
‫وازواجهم احلور العني‪ .‬اخالقهم على خلق رجل واحد يدخلوهنا جردا مردا‬
‫بيضا جعدا مكحلني ابناء ثالث وثالثني ويعطى الواحد منهم قوة مئة يف الفراش‬
‫‪.‬‬

‫مكحلوا األجفان‬
‫ألواهنم بيض وليس هلم حلى *** جعد الشعور ّ‬
‫هذا كمال احلسن يف أبشارهم *** وشعورهم وكذلك العينان‬

‫ولقد أتى أثر بأن لساهنم *** باملنطق العريب خري لسان‬

‫فاذا دخلوها فاذا االشجار تفوح باالطياب واملالئكة ترحب عند االبواب وقد‬
‫رضي عنهم امللك الوهاب‪ .‬رقت منهم القلوب ورضي عالم الغيوب (( وسيق‬
‫الذين اتقوا رهبم اىل اجلنة زمرا حىت اذا جاءوها وفتحت ابواهبا وقال هلم خزنتها‬
‫سالم عليكم طبتم فادخلوها خالدين ‪ 73‬وقالوا احلمد هلل الذي صدقنا وعده‬
‫واورثنا االرض نتبوء من اجلنة حيث نشاء فنعم اجر العاملني ‪ 74‬وترى املالئكة‬
‫حافني من حول العرش يسبحون حبمد رهبم وقضي بينهم باحلق وقيل احلمد هلل‬
‫رب العاملني ‪ « ))75‬الزمر»‬

‫فاذا دخلوها ترتعوا يف ارجائها فوجدوا السرر املرفوعة اجملهزة لالحباب‬


‫واالكواب املوضوعة املهيئة للشراب والوسائد املصفوفة تاخذ بااللباب ‪ .‬راوا‬
‫الوجه الناعم والظل الدائم ‪ .‬الروائح الزكية والقصور العلية والثياب الندية ‪.‬‬

‫هذا وأول زمرة فوجوههم *** كالبدر ليل الست بعد مثان‬
‫السابقون هم وقد كانوا هنا *** أيضا أويل سبق اىل االحسان‬
‫والزمرة األخرال كأضواء كوكب *** يف األفق تنظره به العينان‬
‫أمشاطهم ذهب ورشحهم فمسـ *** ـك خالص يا ذلة احلرمان‬
‫هذا وسنهم ثالث مع ثال *** ثني اليت هي قوة الشبان‬
‫والطول طول أبيهم ستون لـ *** ـكن عرضهم سبع بال نقصان‬
‫هذا كمال احلسن يف أبشارهم *** وشعورهم وكذلك العينان‬
‫ولقد أتى أثر بأن لساهنم *** باملنطق العريب خري لسان‬
‫والريح يوجد من مسرية أربعيـ *** ـن وإن تشأ مائة فمرويان‬

‫فينزلون يف اجلنة حيث شاءوا ‪ .‬ان شاءوا على اهنارها وان شاءوا يف ظالهلا وان‬
‫شاءوا على ارائكها ‪ .‬اما ان نزلوا يف خيامها فهي عجب قال عليه الصالة‬
‫والسالم (( ان للمؤمن يف اجلنة خيمة من لؤلؤة واحدة جموفة طوهلا يف السماء‬
‫ستون ميال للمؤمن فيها اهلون يطوف عليهم املؤمن فال يرى بعضهم بعضا )) ‪.‬‬
‫واما قصورها فهي اعجب ارايت قصرا يبىن بالذهب والفضة والياقوت واملرجان‬
‫واجلوهر والزمرد ‪ .‬يف املسند قال عليه الصالة والسالم (( ان يف اجلنة غرفا يرى‬
‫ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها اعدها اهلل تعاىل ملن اطعم الطعام واالن‬
‫الكالم وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام ))‬

‫وقد جهزت غرف وقصور يف اجلنان للصاحلني والصاحلات احسنوا االعمال‬


‫وتعبدوا للكرمي املتعان فبنيت قصورهم وهم يف الدنيا قال صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وهو يذكر انه دخل اجلنة قال (( فسمعت خشفة يف اجلنة –اي صوت مشي‪-‬‬
‫قلت من هذا فقيل هذا بالل )) فما شان بالل يسبق اىل هناك ‪ .‬سئل بالل رضي‬
‫اهلل عنه عن ذلك وقيل قد ساله النيب صلى اهلل عليه وسلم مبا سبقت اىل اجلنة‬
‫فقال رضي اهلل تعاىل عنه ما اعلم من عمل صاحل غري اين يا رسول اهلل ما‬
‫توضئت وضوءا اال صليت به ركعتني‪ .‬قال عليه الصالة والسالم (( ورايت قصرا‬
‫بفنائه جارية فقلت ملن هذا فقالوا لعمر بن اخلطاب )) فمن كان يريد بناء قصره‬
‫وهو يف الدنيا فليستمع ‪ .‬يف الصحيحني قال عليه الصالة والسالم (( من بىن‬
‫مسجدا يبتغي به وجه اهلل بىن اهلل له مثله يف اجلنة )) وعند مسلم قال عليه‬
‫الصالة والسالم ((من صلى يف اليوم والليلة اثنيت عشرة ركعة تطوعا بىن اهلل له‬
‫بيتا يف اجلنة)) وهذه الركعات فصلت يف حديث اخر فبني عليه الصالة والسالم‬
‫اهنا ركعتان قبل الفجر واربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد‬
‫املغرب وركعتان بعد العشاء ‪.‬فمن صالها يف كل يوم بىن اهلل له كل يوم بيتا يف‬
‫اجلنة ‪.‬فالبيوت‬

‫وبناؤها اللبنات من ذهب *** وأخرى فضة نوعان حمتلفان‬


‫وقصورها من لؤلؤ وزبرجد *** أو فضة أو خالص العيقان‬
‫وكذاك من در وياقوت به *** نظم الناء بغاية االتقان‬
‫والطني مسك خالص أو زعفرا *** ن جابذا أثران مقبوالن‬
‫واألرض مرمرة خمالص فضة *** مثل املرات تناله العينان‬
‫حصباؤها در وياقوت كذا *** ك آلىلء نثرت كنثر مجان‬
‫استل من غزالن‬
‫وتراهبا من زعفران أو من املـ *** ـسك الذي ما ّ‬
‫غرفاهتا يف اجلو ينظر بطنها *** من ظهرها والظهر من بطنان‬
‫سكاهنا أهل القيام مع الصيا *** م وطيب الكلمات واالحسان‬
‫للعبد فيها خيمة من لؤلؤ *** قد جوفت هي صنعة الرمحن‬
‫فيها مقاصري هبا األبواب من *** ذهب ودر زين باملرجان‬
‫وخيامها منصوبة برياضها *** وشواطئ األهنار ذي اجلريان‬
‫لله هاتيك اخليام فكم هبا *** للقلب من علق ومن أشجان‬
‫فيها األرائك وهي من سرر عليـ *** ـهن احلجال كثرية األلوان‬
‫فتخيل نفسك باجلنة وختيليها وقد اعدت لكم االرائك يف حدائقها والسرر يف‬
‫ش بَطَائُِن َها ِم ْن إِ ْستَْب َر ٍق‬ ‫ين َعلَى ُف ُر ٍ‬ ‫ِِ‬
‫بساتينها بالوان فاخرة وسرر ناضرة (( ُمتَّكئ َ‬
‫ان ‪ « )) 54‬الرمحن » النمارق مصفوفة والزرايب مبثوثة‬ ‫وجنَى الْجنََّت ْي ِن َد ٍ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫والسرر مرفوعة طول السرير يف السماء مئة ذراع فاذا اراد الرجل ان جيلس عليه‬
‫تواضع له نزل له حىت جيلس عليه فاذا جلس عليه ارتفع اىل مكانه واينما تلفت‬
‫يف اجلنة رايت العجائب‪ .‬االهنار جتري من حتت قصورها وينغمس فيها اهلها قال‬
‫ار ِم ْن لَبَ ٍن لَ ْم َيَتغََّي ْر‬ ‫ِ‬ ‫اهلل وهو يصف اهنارها ((فِيها أَْنه ِ ٍ‬
‫ار م ْن َماء غَْي ِر آس ٍن َوأَْن َه ٌ‬‫َ ٌَ‬
‫ص ًّفى َولَ ُه ْم فِ َيها ِم ْن‬ ‫س ٍل ُم َ‬
‫لشا ِربِين وأَْنه ِ‬
‫ار م ْن َع َ‬
‫ٍِ‬
‫ار م ْن َخ ْم ٍر لَ َّذة ل َّ َ َ َ ٌ‬
‫طَعمه وأَْنه ِ‬
‫ُُْ َ َ ٌ‬
‫ات َو َم ْغ ِف َرةٌ ِم ْن َربِّ ِه ْم)) « حممد»‬
‫ُك ِّل الثَّمر ِ‬
‫ََ‬
‫اهنار حوافها من ذهب وتراهبا الدر والياقوت ورحيها اطيب من املسك وماءها‬
‫احلى من العسل ولوهنا ابيض من الثلج‪ .‬فتتقلب كما شئت يف اهنارها‪ .‬وان‬
‫شئت فات الفردوس فهو اوسط اجلنة واعلى اجلنة وفوقه عرش الرمحن ومنه‬
‫تفجر اهنار اجلنة ‪.‬‬

‫أهنارها يف غري أخدود جرت *** سبحان ممسكها عن الفيضان‬


‫من حتتهم جتري كما شاءوا مفجـ *** ـرة وما للنهر من نقصان‬
‫عسل مصفى مث ماء مث مخـ *** ـر مث أهنار من األلبان‬
‫مع مخرة لذت لشارهبا بال *** غول وال داء وال نقصان‬
‫واخلمر يف الدنيا فهذا وصفها *** تغتال عقل الشارب السكران‬
‫وهبا من األدواء ما هي أهله *** وخياف من عدم لذي الوجدان‬
‫فنفى لنا الرمحن أمجعها عن الـ *** ـخمر اليت يف جنة احليوان‬
‫نعم مخر اجلنة منزه عن مخر الدنيا فال صداع وال هلو وال نزف مال وال تضيع‬
‫عيال وال توهم دار اما مخر الدنيا فهو رجس من عمل الشيطان توقع العداوة‬
‫والبغضاء وتصد عن ذكر اهلل وعن الصالة وتدعو اىل الزنا والفساد ورمبا اوقعت‬
‫الرجل على بنته واخته وتذهب الغرية وتورث اخلزي والندامة والفضيحة وترهق‬
‫شارهبا باجملانني فمن هجروا مخر الدنيا شربوا من مخر االخرة ‪ .‬وان شاءوا شربوا‬
‫ورا‬ ‫ِ‬ ‫من عني الكافور قال اهلل ((إِ َّن اأْل َْب َر َار يَ ْش َربُو َن ِم ْن َكأ ٍ‬
‫اج َها َكافُ ً‬ ‫ْس َكا َن م َز ُ‬
‫اد اللَّ ِه ُي َف ِّج ُرو َن َها َت ْف ِج ًيرا ‪ « )) 6‬االنسان» وان شاءوا‬ ‫ِ‬
‫ب بِ َها عبَ ُ‬
‫‪َ 5‬ع ْينًا يَ ْش َر ُ‬
‫ف‬‫ك َي ْنظُُرو َن ‪َ 23‬ت ْع ِر ُ‬ ‫سقوا من تسنيم ((إِ َّن اأْل َْبرار لَِفي نَ ِع ٍيم ‪َ 22‬علَى اأْل َرائِ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ٍ‬
‫ك‬ ‫يق َم ْختُوم ‪ِ 25‬ختَ ُامهُ ِم ْس ٌ‬ ‫ض َرةَ الن َِّع ِيم ‪ 24‬يُ ْس َق ْو َن ِم ْن َر ِح ٍ‬ ‫فِي وج ِ‬
‫وه ِه ْم نَ ْ‬ ‫ُُ‬
‫ب بِ َها‬ ‫ِ‬ ‫س الْمتنافِسو َن ‪ 26‬و ِمز ِ‬ ‫َوفِي ذَلِ َ‬
‫اجهُ م ْن تَ ْسن ٍيم ‪َ 27‬ع ْينًا يَ ْش َر ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ك َفلْيََتنَافَ ِ ُ َ َ ُ‬
‫ال ُْم َق َّربُو َن ‪ « )) 28‬املططففني » وان شاءوا سقوا من السلسبيل (( َويُ ْس َق ْو َن‬
‫ْسبِياًل ‪« ))18‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َّمى َسل َ‬ ‫اج َها َزنْ َجبياًل ‪َ 17‬ع ْينًا ف َيها تُ َ‬ ‫ْسا َكا َن م َز ُ‬‫ف َيها َكأ ً‬
‫اب الْيَ ِمي ِن َما‬ ‫َص َح ُ‬‫االنسان» يتمتعون هبذه االهنار وهم يف ظالل االشجار (( َوأ ْ‬
‫ود ‪ 29‬و ِظ ٍّل مم ُد ٍ‬
‫ود‬ ‫ض ٍ‪W‬‬‫ْح َم ْن ُ‬‫ود ‪َ 28‬وطَل ٍ‬ ‫اب الْيَ ِمي ِن ‪ 27‬فِي ِس ْد ٍر َم ْخ ُ‬
‫ض ٍ‬
‫َ َْ‬ ‫َص َح ُ‬ ‫أْ‬
‫وب ‪َ 31‬وفَاكِ َه ٍة َكثِ َير ٍة ‪ « ))32‬الواقعة »‬ ‫‪َ 30‬و َم ٍاء َم ْس ُك ٍ‬

‫اشجار اجلنة ايها االخوة واالخوات دائمة العطاء (( اكلها دائم وظلها تلك عقىب‬
‫الذين اتقوا)) ومن طيب الثمار اهنا تتشابه يف اشكاهلا وختتلف يف طعومها يعين‬
‫تاكل الرمانة اليوم فيكون هلا طعم فاذا اكلت اختها من الغد من الشجرة نفسها‬
‫وجدت هلا طعما اخر فاذا تناولتها يف اليوم الثالث فاذا الشكل نفسه لكن الطعم‬
‫ش ِر‬
‫جديد فال تزال تكون مشتاقا يف كل يوم كيف سيكون طعمها قال اهلل (( َوبَ ِّ‬
‫ار ُكلَّ َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الصالِح ِ‬
‫ات أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َن لَ ُه ْم َجنَّات تَ ْج ِري م ْن تَ ْحت َها اأْل َْن َه ُ‬ ‫آمنُوا َو َعملُوا َّ َ‬ ‫ين َ‬ ‫الذ َ‬
‫ُر ِزقُوا ِم ْن َها ِم ْن ثَ َم َر ٍة ِر ْزقًا قَالُوا َه َذا الَّ ِذي ُر ِزقْنَا ِم ْن َق ْب ُل َوأُتُوا بِ ِه ُمتَ َ‬
‫شابِ ًها‬
‫اج ُمطَ َّه َرةٌ َو ُه ْم فِ َيها َخالِ ُدو َن ‪ « ))25‬البقرة » وهبا شجرة يسري‬ ‫ِ‬
‫َولَ ُه ْم ف َيها أَ ْز َو ٌ‬
‫الراكب اجلواد املطمر السريع يف ظلها مئة عام ال يقطعها قال اهلل (( وظل ممدود‬
‫ين فِ َيها‬ ‫ِِ‬
‫)) نعم وظل ممدود فتخيل نفسك متكئا حتتها تنعم جبمال ظلها (( ُمتَّكئ َ‬
‫سا َواَل َز ْم َه ِر ًيرا ‪َ 13‬و َدانِيَةً َعلَْي ِه ْم ِظاَل لُ َها‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َعلَى اأْل ََرائك اَل َي َر ْو َن ف َيها َش ْم ً‬
‫ت قُطُو ُف َها تَ ْذلِياًل ‪ « ))14‬االنسان »‬ ‫َوذُلِّلَ ْ‬

‫يف اجلنة سيقان االشجار من ذهب واوراقها يف اعلى الرتب ومثارها قريبة ممن‬
‫رغب ومن قال سبحان اهلل وحبمده غرست له خنلة يف اجلنة ومن قال سبحان اهلل‬
‫واحلمد هلل وال اله اال اهلل واهلل اكرب غرست له اشجار‪ .‬وعند باب اجلنة شجرة‬
‫عظيمة ينبعمن اصلها عينان االوىل يشرب منها الداخلون والثانية منها يتطهرون‬
‫‪.‬‬

‫أشجارها نوعان منها ما له *** يف هذه الدنيا مثال ذان‬


‫وكذلك الرمان واألعناب *** اليت منها القطوف دوان‬
‫فيلذها يف األكل عند مناهلا *** وتلذها من قبله العينان‬
‫يا طيب هاتيك الثمار وغرسها *** يف املسك ذاب الرتب للبستان‬
‫وكذلك املاء الذي يسقى ب *** ياطيب ذاك الورد للظوآن‬
‫وإذا تناولت الثمار أتت نظيـ *** ـرهتا فحلت دوهنا مبكان‬
‫بل ذللت القطوف فكيف ما *** شئت انتزعت بأسهل االمكان‬

‫كيفما شئت انتزعت باسهل االمكان ‪ .‬سئل ابن عباس رضي اهلل عنهما عن‬
‫تفسري قوله تعاىل (( وذللت قطوفها تذليال)) قيل له كيف ذللت قطوفها فقال اذا‬
‫جلس العبد يف اجلنة فنظر اىل مثرة يف الغصن فاذا هم ان يتناوهلا تدىل اليه الغصن‬
‫يقرتب اليه الغصن حىت يتناول ما يريد فهي مذهلل يتناوهلا ان شاء قائما وان شاء‬
‫قاعدا وان شاء مضطجعا ‪.‬‬

‫فجل ذو االحسان‬
‫ومثارها ما فيه من عجم كأمـ *** ـثال القالل ّ‬
‫وظالهلا معدودة ليست تقي *** حرا وال مشسا وأىن ذان‬
‫أو ما مسعت بظل أصل واحد ***فيه يسري الراكب العجالن‬
‫مائة سنني قدرت ال تنقضي ***هذا العظيم األصل واألفنان‬

‫فاهل اجلنة بفاكهةمما يتخريون وحلم طري مما يشتهون فيها ما تشتهيه االنفس وتلذ‬
‫َسلَ ْفتُ ْم فِي اأْل َيَّ ِام الْ َخالِيَ ِة ‪ « )) 24‬احلاقة »‬
‫االعني (( ُكلُوا َوا ْش َربُوا َهنِيئًا بِ َما أ ْ‬
‫وليس اكلهم عن جوع وال شرهبم عن ظما وال تطيبهم عن ننت وامنا هي لذات‬
‫وع فِ َيها‬ ‫متوالية ونعم متتابعة ‪ .‬اال ترى ان اهلل تعاىل قال الدم ((إِ َّن لَ َ‬
‫ك أَاَّل تَ ُج َ‬
‫ض َحى ‪ « ))119‬طه» فهو ياكل‬ ‫ك اَل تَظ َْمأُ فِ َيها َواَل تَ ْ‬
‫َواَل َت ْع َرى ‪َ 118‬وأَنَّ َ‬
‫من غري جوع ويستظل من غري مشس مؤذية‬

‫وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم *** وحلوم طري ناعم ومسان‬


‫وفواكه شىت حبسب مناهم *** يا شبعة كملت لذي االميان‬
‫حلم ومخر والنسا وفواكه *** والطيب مع روح ومع رحيان‬
‫وصحافهم ذهب تطوف عليهم *** بأكف خدام من الولدان‬

‫قال ابن مسعود رضي اهلل عنه انك لتنظر للطري يف اجلنة فتشتهيه فيقع بني يديك‬
‫مشويا ‪.‬‬

‫يسقون فيها من رحيق ختمه من مسك اوله كمثل الثان‬


‫وشراهبم من سلسبيل مزجه الـ *** ـكافور ذاك شراب ذي االحسان‬
‫هذا شرب أويل اليمني ولكن الـ *** أبرار شرهبم املقرب خرية الرمحن‬
‫هذا وتصريف املآكل منهم *** عرق يفيض هلم من األبدان‬
‫كروائح املسك الذي ما فيه خلـ *** ـط غريه من سائر األلوان‬
‫فتعود هانيك البطون ضوامرا *** تبغي الطعام على مدى األزمان‬
‫ال غائط فيها وال بول وال *** خمط وال بصق من االنسان‬
‫وهلم جشاء رحيه مسك يكو *** ن به متام اهلم باالحسان‬
‫ولباسهم من سندس خضر ومن *** استربق نوعان معروفان‬
‫وهم امللوك على األسرة فوق ها ** تيك الرؤوس مرصع التيجان‬

‫نعم واهلل ملوك على االسرة حىت على رؤوسهم التيجان وعند اقدامهم اخلدم‬
‫والغلمان ‪.‬وملاذا ال يكون حاهلم كذلك وهم لطاملا اطاعوا ملا عصى االشقياء‬
‫وبذلوا ملا خبل اجلبناء وثبتوا على دينهم وقد عظم البالء ‪.‬صدقوا مبحبتهم لرهبم‬
‫فاستحقوا ان يفرحوا بلقائه ويتنعموا بقربه هذا الذي اعده اهلل تعاىل هناك‬
‫ِ‬ ‫َسا ِو َر ِم ْن َذ َه ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫((جن ُ ٍ‬
‫اس ُه ْم‬
‫ب َولُْؤلًُؤا َولبَ ُ‬ ‫َّات َع ْدن يَ ْد ُخلُو َن َها يُ َحلَّ ْو َن ف َيها م ْن أ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْح َز َن إِ َّن َر َّبنَا لَغَ ُف ٌ‬
‫ور‬ ‫ب َعنَّا ال َ‬ ‫ْح ْم ُد للَّه الذي أَ ْذ َه َ‬ ‫ف َيها َح ِر ٌير ‪َ 33‬وقَالُوا ال َ‬
‫سنَا‬
‫ب َواَل يَ َم ُّ‬ ‫صٌ‬
‫ضلِ ِه اَل يم ُّ ِ‬
‫سنَا ف َيها نَ َ‬ ‫ََ‬ ‫َحلَّنَا َد َار ال ُْم َق َام ِة ِم ْن فَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ور ‪ 34‬الَّذي أ َ‬‫َش ُك ٌ‬
‫وب ‪ « ))35‬فاطر »‬ ‫ِ‬
‫ف َيها لُغُ ٌ‬
‫هذا شيء من نعيم اجلنة وواهلل امنا خفي كان اعظم ‪ .‬عند البخاري قال عليه‬
‫الصالة والسالم (( قال اهلل عز وجل اعددت لعبادي الصاحلني ما ال عني رات‬
‫وال اذن مسعت وال خطر على قلب بشر ‪ .‬مث قال اقراوا ان شئتم فال تعلم نفس‬
‫ما اخفي هلم من قرة اعني جزاءا مبا كانوا يعملون ))‬
‫فيا ايها الناس سابقوا اىل مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء واالرض‬
‫اعدت للذين امنوا باهلل ورسله ذلك فضل اهلل يؤتيه من يشاء واهلل ذو الفضل‬
‫العظيم‬

‫ومن اعظم ما وصف اهلل من نعيم اجلنة ما فيها من الزوجات واحلوريات واول‬
‫من يتمتع بذلك النساء املؤمنات ‪ .‬نعم فما اطيب عيش املؤمنة باجلنة عندما‬
‫تتقلب يف اهنارها وتشرب من عسلها بل وتنظر اىل وجه رهبا ويكمل اجلمال‬
‫ويزين للمؤمنات يف اجلنات فاذا كان اهلل تعاىل قد وصف احلور العني مبا وصف‬
‫وهن مل يقمن الليل ومل يصمن النهار ومل يصربن عن الشهوات فما بالك جبمال‬
‫املؤمنات وهن طاملا خلون برهن يف ظلمة الليل يسمع جنواهن وجييب دعائهن‪.‬‬
‫طاملا تركن الجل رضاه اللذات وفارقن الشهوات فيا بشرى املؤمنات يف اجلنات‬
‫وقد تلقتهن املالئكة عند االبواب تبشرهن بالنعيم وحسن الثواب وقد ازددن‬
‫مجاال فوق مجاهلن قال اهلل (( وعد اهلل املؤمنني واملؤمنات )) نعم واملؤمنات ماذا‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وعد (( َو َع َد اللَّهُ ال ُْم ْؤ ِمنِ َ‪W‬‬
‫ين‬
‫ار َخالد َ‬ ‫ين َوال ُْم ْؤمنَات َجنَّات تَ ْج ِري م ْن تَ ْحت َها اأْل َْن َه ُ‬
‫ك ُه َو الْ َف ْو ُز‬ ‫ض َوا ٌن ِم َن اللَّ ِه أَ ْكَب ُر َذلِ َ‬ ‫فِ َيها ومساكِن طَيِّبةً فِي جن ِ‬
‫َّات َع ْد ٍن َو ِر ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫يم ‪ « )) 72‬التوبة»‬ ‫ِ‬
‫ال َْعظ ُ‬
‫فاملؤمنة يف اجلنة قد‬

‫كملت خالئقها وأكمل حسنها *** كالبدر ليل الست بعد مثان‬
‫والشمس جتري يف حماسن وجهها*** والليل حتت ذوائب األغصان‬
‫والربق يبدو حني يبسم ثغرها *** فيضيء سقف القفصر باجلدران‬
‫روي ان ام سلمة رضي اهلل عنها قالت يا رسول اهلل انساء الدنيا افضل ام احلور‬
‫العني فقال عليه الصالة والسالم (( نساء الدنيا افضل من احلور العني كفضل‬
‫الظهارة على البطانة )) اي كفضل ظهارة الثوب على بطانته ومعلوم ان‬
‫ظاهرالثوب من القماش يهتم الناس جبماله ويغالون بقيمته اكثر مما يهتمون ببطانة‬
‫الثوب اليت ال يراها احد‪ .‬قالت قلت يا رسوالهلل ومبا ذاك قال (( بصالهتن‬
‫وصيامهن وعبادهتن اهلل عز وجل البس اهلل عز وجل وجوههن النور واجسادهن‬
‫احلرير ‪ .‬بيض االلوان خضر الثياب صفر احللي جمامرهن الدر وامشاطهن الذهب‬
‫يقلن اال حنن اخلالدات فال منوت ابدا اال وحنن الناعمات فال نبئس ابدا اال وحنن‬
‫املقيمات فال نطعن ابدا اال وحنن الراضيات فال نسخط ابدا طوىب ملن كنا له‬
‫وكان لنا )) املراة يف اجلنة لوتفلت يف حبار الدنيا لعذبت كلها ولو اطلعت من‬
‫سقف بيتها اىل الدنيا الخفى نورها نور الشمس والقمر ‪.‬‬

‫نعم هذا نعيم من فاز باجلنات ‪ .‬فاجلنة للرجال والنساء بل من النساء الصاحلات‬
‫من جاءهتا بشراها باجلنة وهي ال تزال يف الدنيا وعند مسلم ان النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم اتاه جربيل يوما فقال يا رسول اهلل هذه خدجية قد اتتك ومعها اناء‬
‫فيه ادام او طعام او شراب فاذا هي اتتك فاقرأ عليها السالم من رهبا ومين‬
‫وبشرها ببيت يف اجلنة من قصب ال صخب فيه وال نصب ‪ .‬مؤمنة بشرت ببيت‬
‫يف اجلنة وهي ال تزال متشي على قدميها يف الدنيا ‪ .‬وقال عليه الصالة والسالم ((‬
‫دخلت اجلنة فاذا انا بالرميصاء امراءة ايب طلحة))‪ -‬وهي ام سليم ام انس بن‬
‫مالك رضي اهلل تعاىل عنه وعنها‪ -‬وال ننسى تلك املراة الصاحلة اليت كانت متشط‬
‫بنت فرعون مث قتلها فرعون قتلة بشعة وقتل قبلها اوالدها ‪ .‬روى البيهقي ان‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم قال (( ملا اسري يب مرت يب رائحة طيبة فقلت ما هذه‬
‫الرائحة فقيل يل هذه ماشطة بنت فرعون واوالدها )) امسع اىل اوصاف نساء‬
‫اجلنة وامسعي اوصافهن لعل نفسك ان تشتاق لتكوين واحدة منهن فما وصفت‬
‫احلور العني بوصف اال وكان وصفك امجل منه اضعافا واحلور العني من خلق اهلل‬
‫يف اجلنة انشأهن اهلل انشاءا فجعلهن ابكارا عربا اترابا خلق اهلل تعاىل احلور العني‬
‫من الزعفران ‪ .‬عجبا اذا كانت الصورة االدمية لفتاة اليوم يف حسنها ومتاسكها‬
‫وهي خملوقة من تراب فكيف يكون حال احلور العني وقد خلقن من الزعفران‬
‫ِ ِ‬ ‫وهن عفيفات قال اهلل تعاىل ((و ِع ْن َد ُهم قَ ِ‬
‫ين ‪« ))48‬‬ ‫ات الطَّْرف ع ٌ‬‫اص َر ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الصافات» اي قصرن اطرافهن على ازواجهن متحببات اىل ازواجهن مل‬
‫ون لوهنم ضوء الشمس ما‬ ‫ال اللُّ ْؤلُ ِؤ الْم ْكنُ ِ‬
‫يطمثهن انس قبلهم وال جان َكأ َْمثَ ِ‬
‫َ‬
‫عبثت به يد وهن كالياقوت واملرجان وهن خريات حسان مقصورات يف اخليام‬
‫مطهرات من احليض والنفاس والبول والغائط واملخاط وهلم فيها ازواج مطهرة‬
‫وهم فيها خالدون اذا مشت رايت مخ ساقها من حلمها واذا ضحكت ظننت‬
‫الكون جمتمعا يف حسنها واذا اطلت رايت نور الشمس يف وجهها ‪ .‬وعند‬
‫البخاري قال عليه الصالة والسالم (( ولو ان امراءة من اهل اجلنة اضطلعت اىل‬
‫اهل االرض الضاءت ما بينهما ومللئته رحيا ولنصيفها على راسها خري من الدنيا‬
‫وما فيها )) قال حممد بن كعب رمحه اهلل واهلل الذي ال اله اال هو لو ان امراءة‬
‫من احلور العني اطلعت سوارها الطفأ نور سوارها الشمس والقمر مث قال فكيف‬
‫باملسورة ‪ .‬يا مجاعة اذا كان هذا اجلمال وهذا النور من السوار الذي يف يدها اذا‬
‫اليد اليت تلبس السوار كيف سيكون مجاهلا ونورها ‪ .‬وقال ابو هريرة رضي اهلل‬
‫عنه ان يف اجلنة حوراء يقال هلا العيناء اذا مشت مشى حوهلا سبعون الف‬
‫وصيف عن ميينها وعن يسارها كذلك وهي تقول اين االمرون باملعروف‬
‫والناهون عن املنكر ‪ .‬وقال ابن عباس رضي اهلل عنهما ان يف اجلنة حوراء يقال‬
‫هلا لعبة لو بزقت يف البحر لعذب ماء البحر كله مكتوب على ظهرها من احب‬
‫ان يكون له مثلي فليعمل بطاعة ريب ‪ .‬وقال مالك بن دينار ان يف اجلنة حوراء‬
‫يتباهى هبا اهل اجلنة حلسنها لوال ان اهلل كتب على اهل اجلنة اال ميوتوا ملاتوا عن‬
‫اخرهم من حسنها ‪ .‬وروى امحد والرتمذي بسند صحيح انه عليه الصالة‬
‫والسالم قال (( ال تؤذي امراءة زوجها يف الدنيا اال قالت زوجته من احلور العني‬
‫ال تؤذيه قاتلك اهلل فامنا هو عندك دخيل يوشك ان يفارقك الينا ))‬

‫فامسع صفات عرائس اجلنات مث اخـ ** ـرت لنفسك يا أخا العرفان‬


‫حور حسان قد كملن خالئقا *** وحماسنا من أمجل النسوان‬
‫فريى حماسن وجهه يف وجها *** وترى حماسنها به بعيان‬
‫محر اخلدود ثغورهن آللئ *** سود العيون فواتر األجفان‬
‫والربق يبدو حني يبسم ثغرها *** فيضيء سقف القفصر باجلدران‬
‫ولقد روينا أن برقا ساطعا *** يبدو فيسأل عنه من جبنان‬
‫فيقال هذا ضوء ثغر صاحبك *** يف اجلنة العليا كما تريان‬
‫هلل المث ذلك الثغر الذي *** يف لثمه إدراك كل أمان‬

‫قال يزيد النمرقاشي بلغين ان نورا سطع يف اجلنة مل يبق موضع يف اجلنة اال دخل‬
‫فيه من ذلك النور فيتعجب اهل اجلنة يقولون ما هذا النور فيقال هذا النور خرج‬
‫من فم حوراء ضحكت يف وجه زوجها هذا النور خرج من فمها ملا ضحكت ‪.‬‬
‫امسع ماذا قال ابن القيم يقول‬

‫هلل المث ذلك الثغر الذي *** يف لثمه إدراك كل أمان‬


‫ريانة األعطاف من ماء الشبا *** ب فغصنها باملاء ذو جريان‬
‫والقد منها كالقضيب اللدن يف *** حسن القوام كأوسط القضبان‬
‫واملعصمان فان تشأ شبههما *** بسبيكتني عليهما كفان‬
‫كالزبد لينا يف نعومة ملمس *** أصداف در دورت بوزان‬
‫ال احليض يغشاه وال بول وال *** شيء من اآلفات يف النسوان‬
‫ولقد رأينا أن شغلهم الذي *** قد جاء يف يس دون بيان‬
‫شغل العروس بعرسه من بعدما *** عبثت به األشواق طول زمان‬
‫باهلل ال تسأله عن أشغاله *** تلك اليايل شأنه ذو شان‬
‫واضرب هلم مثال بصب غاب عن *** حمبوبه يف شاسع البلدان‬
‫والشوق يزعجه اليه وما له *** بلقائه سبب من االمكان‬
‫واىف اليه بعد طول مغيبه *** عنه وصار الوصل ذا امكان‬
‫أتلومه ان صار ذا شغل به *** ال والذي أعطى بال حسبان‬
‫يا رب غفرا قد طغت أقالمنا *** يا رب معذرة من الطغيان‬

‫أقدامها من فضة قد ركبت *** من فوقها ساقان ملتفان‬

‫الساق مثل العاج ملموم يرى *** مخ العظام وراءه بعيان‬

‫والريح مسك واجلسوم نواعم *** واللون كالياقوت واملرجان‬

‫وكالمها يسيب العقول بنغمة *** زادت على األوتار والعيدان‬

‫وهي العروب بشكلها وبدهلا *** وحتبب للزوج كل أوان‬

‫أتراب سن واحد متماثل س *** ن الشباب ألمجل الشبان‬

‫بكر فلم يأخذ بكارهتا سوى املح *** بوب من انس وال من جان‬

‫وأعفهم يف هذه الدنيا هو *** األقوى هناك لزهده الفاين‬


‫فامجع قواك ملا هناك وغمض *** العينني واصرب ساعة لزمان‬
‫ما ههنا واهلل ما يسوى قالم *** ة ظفر واحدة ترى جبنان‬
‫ال تؤثر األدىن على األعلى *** فان تفعل رجعت بذلة وهوان‬

‫قال ابن عباس رضي اهلل عنهما لو ان حوراء اخرجت كفها بني السماء واالرض‬
‫الفتنت اخلالئق حبسنها ولو اخرجت نصيفها يعين اخلمار الذي جتعله على راسها‬
‫لكانت الشمس عند حسنها مثل الفتيلة يف الشمس ال ضوء هلا ولو اخرجت‬
‫وجهها الضاء حسنها ما بني السماء واالرض‬
‫وإذا بدت يف حلة من لبسها *** ومتايلت كتمايل النشوان‬
‫هتتز كالغصن الرطيب ومحله *** ورد وتفاح على رمان‬
‫وتبخترت يف مشيها وحيق ذا *** ك ملثلها يف جنة احليوان‬
‫ووصائف من خلفها وأمامها *** وعلى مشائلها وعن أميان‬
‫كالبدر ليلة تتمة قد حف يف *** غسق الدجى بكواكب امليزان‬
‫فلسانه وفؤاده والطرف يف *** دهش وإعجاب ويف سبحان‬
‫فالقلب قبل زفافها يف عرسه *** والعرس من أثر العرس متصالن‬
‫وسل املتيم ابن خلف صربه *** يف أي واد أم بأي مكان‬
‫وسل املتيم كيف حالته وقد *** ملئت له األذنان والعينان‬
‫من منطق رقت حواشيه ووجـ *** ـه كم به للشمس من جريان‬
‫وسل املتيم كيف جملسه مع الـ *** ـمحبوب يف روح ويف رحيان‬
‫وتدور كاسات الرحيق عليهما *** بأكف أقمار من الولدان‬
‫غاب الرقيب وغاب كل منكد *** ومها بثوب الوصل مشتمالن‬

‫أترامها ضجرين من ذا العيش ال *** وحياة ربك ما مها ضجران‬

‫ال ميل احدمها من االخر ابدا‬


‫ويزيد كل منهما حبا لصا *** حبه جديدا سائر األزمان‬

‫فيا ايها العشاق بل يا ايها الشباب الذين تعلقت ابصارهم براقصات يف بارات او‬
‫مغنيات فاجرات او بكاسيات عاريات مائالت مميالت دعوا عنكم الننت علقوا‬
‫انفسكم باجلنات‬

‫يا مغرق الطرف املذب ياالوىل *** جردن عن حسن وعن احسان‬

‫ومجاهلا زور ومصنوع فان *** تركته مل تطمح هلا العينان‬


‫فجماهلا قشر رقيق حتته *** ما شئت من عيب ومن نقصان‬
‫فانظر مصارع من يليك ومن خال *** من قبل من شيب ومن شبان‬
‫فاخطب من الرمحن خودا مث قد *** م مهرها ما دمت ذا إمكان‬
‫واهلل مل خترج اىل الدنيا للذ *** ة عيشها أو للحطام الفاين‬
‫لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ *** أخرى فجئت بأقبح اخلسران‬
‫أمهلت مجع الزاد حىت فات بل *** فات الذي أهلاك عن ذا الشان‬
‫واهلل لو أ ّن القلوب سليمة *** لتقطعت أسفا من احلرمان‬

‫لكنها سكرى حبب حياهتا الد *** نيا وسوف نفيق بعد زمان‬

‫اما اهل اجلنة هم يتقلبون يف نعيمها وحاهلم كما قال اهلل (( يا عباد ال خوف‬
‫عليكم اليوم وال انتم حتزنون ‪ 68‬الذين امنوا باياتنا وكانوا مسلمني ‪ 69‬ادخلوا‬
‫اجلنة انتم وازواجكم حتربون ‪ 70‬يطاف عليكم بصحاف من ذهب واكواب‬
‫وفيها ما تشتهيه االنفس وتلذ االعني وانتم فيها خالدون ‪ 71‬وتلك اجلنة اليت‬
‫اورثتموها مبا كنتم تعملون ‪ 72‬لكم فيها فاكهة كثرية منها تاكلون ‪« )) 73‬‬
‫الزخرف » وقال اهلل تعاىل (( ان اصحاب اجلنة اليوم يف شغل فاكهون ‪« ))55‬‬
‫يس » نعم هم مشغولون ‪ .‬مشغولون بالنظر اىل وجه اجلبار والتقلب يف االهنار‬
‫وافتضاض االبكار وجمالسة االخيار وصيد االطيار والضحك على اهل النار‬
‫(( ان اصحاب اجلنة اليوم يف شغل فاكهون ‪ 55‬هم وازواجهم يف ظالل على‬
‫االرائك متكئون ‪ 56‬هلم فيها فاكهة وهلم ما يدعون ‪ 57‬سالم قوال من رب‬
‫رحيم ‪ « ))58‬يس» فلله ما اهبى ذلك النعيم ‪ .‬اعلى نعيم مير على اهل اجلنة‬
‫واجله واكرمه وابركه اهنم يرون رهبم نعم نعم يرون رهبم الذي طاملا عاهدوه‬
‫باالسحار وبكوا من خشيته يف النهار الذي فروا اليه عند الكربات وخافوا من‬
‫مراقبته يف اخللوات ‪ .‬الذي صدقوا رسله واطاعوا امره مل ينشغلوا عنه بلذة يف ليل‬
‫وال معصية يف هنار فهم اليوم يقبلون بابصارهم عليه وينظرون اليه ويقفون بني‬
‫يديه ‪.‬‬

‫يف الصحيحني قال عليه الصالة والسالم (( ان اهلل تعاىل يقول الهل اجلنة يا اهل‬
‫اجلنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك واخلري كله بني يديك فيقول هل رضيم‬
‫فيقولون وما لنا ال نرضى يا ريب وقد اعطيتنا ما مل تعطي احدا من خلقك فيقول‬
‫اال اعطيكم افضل من ذلك فيقولون يا ريب واي شيء افضل من ذلك فيقول‬
‫احل عليكم رضواين فال اسخط عليكم بعده ابدا )) ويف رواية عند مسلم قال‬
‫عليه الصالة والسالم (( اذا دخل اهل اجلنة اجلنة يقول اهلل تبارك وتعاىل تريدون‬
‫شيئا ازيدكم فيقولون امل تبيض وجوهنا امل تدخلنا اجلنة وتنجنا من النار قال‬
‫فيكشف احلجاب فينظرون اليه فال اعطوا شيئا احب اليهم من النظر اىل رهبم‬
‫تبارك وتعاىل مث قرا عليه الصالة والسالم (( للذين احسنوا احلسىن وزيادة ))))‬
‫فالنظر اىل وجه اهلل الكرمي هو الزيادة وهو املتعة الكربى والعطية العظمى بل هو‬
‫واهلل اعظم كرامة فينظر املؤمنون اىل رهبم فيفرحون اهذا ربنا الذي طاملا دعوناه‬
‫فاستجاب واستغفرناه فغفر وتاب اهذا ربنا الذي فارقنا الجله اوطاننا وبذلنا‬
‫اموالنا وارواحنا احقا هذا ربنا الذي سجدنا له يف االسحار وبكينا من خشيته يف‬
‫النهار هذا ربنا الذي مسى نفسه رحيما فرمحنا ولطيفا فلطف بنا وقريبا فاستجاب‬
‫دعائنا ‪ .‬فينظرون اىل وجه احلي الذي ال ميوت الذي سالت اجلوامد هليبته‬
‫واندكت اجلبال من خشيته وجرت االهنار بقدرته ‪ .‬وجهه اعظم الوجوه وجاهه‬
‫اعظم اجلاه ومجاله اكمل اجلمال ينظرون اىل رهبم فال يلتفتون اىل نعيم اخر ما‬
‫داموا ينظرون اليه نعم ينسون واهلل االهنار وجرياهنا واحلور العني ودالهلا والثمار‬
‫ولذهتا والقصور وسعتها ينسون كل نعيم ما داموا ينظرون اىل العزيز الرحيم ‪.‬‬

‫واهلل لوال رؤية الرمحن يف الـ *** ـجنات ما طابت لذي العرفان‬
‫أعلى نعيم رؤية وجهه *** وخطابه يف جنة احليوان‬
‫وأشد شيء يف العذاب حجابه *** سبحانه عن ساكين النريان‬
‫وإذ رآه املؤمنون نسوا الذي *** هم فيه مما نالت العينان‬
‫فإذا توارى عنهم عادوا اىل *** لذاهتم من سائر األلوان‬
‫فلهم نعيم عند رؤيته سوى *** هذا النعيم فحبذا األمران‬
‫واهلل ما يف هذه الدنيا ألذ *** من اشتياق العبد للرمحن‬
‫وكذاك رؤية وجهه سبحانه *** هي أكمل اللذات لالنسان‬
‫أو م مسعت بأنه سبحانه *** حقا يكلم حزبه جبنان‬
‫فيقول جل جالله هل أنتم *** راضون قالوا حنن ذو رضوان‬
‫أم كيف ال نرضى وقد أعطيتنا *** ما مل ينله قط من انسان‬
‫فيقول أفضل منه رضواين فال *** يغشاكم سخط من الرمحن‬
‫أو ما مسعت منادي االميان خيـ *** ـرب عن منادي جنة احليوان‬
‫يا أهلها لكم لدى الرمحن وعـ *** ـد وهو منجزه لكم بضمان‬
‫أعمالنا أثقلت يف امليزان‬ ‫***‬ ‫قالوا أما بيضت أوجهنا كذا‬
‫ـن أجرتنا من مدخل النريان‬ ‫***‬ ‫وكذاك قد أدخلتنا اجلنات حيـ‬
‫أعطيكموه برمحيت وحناين‬ ‫***‬ ‫فيقول عندي موعد قد آن أن‬
‫جهرا روى ذا مسلم ببيان‬ ‫***‬ ‫فريونه من بعد كشف حجابه‬

‫اجلنة تزداد حسنا وهباءا قال اهلل جل وعال (( وازلفت اجلنة للمتقني غري بعيد‬
‫‪ « ))31‬ق» اي قربت وزينت (( هذا ما توعدون لكل اواب حفيظ ‪ 32‬من‬
‫خشي الرمحن بالغيب وجاء بقلب منيب ‪ 33‬ادخلوها بسالم ذلك يوم اخللود‬
‫‪ 34‬هلم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ‪ « ))35‬ق»‬

‫نعم يف اجلنة يعوض اهلل احملسن عن احسانه واجملاهد عن جهاده والصابر عن صربه‬
‫واملريض عن مرضه والفقري عن فقره واملبتلى عن بالئه والداعية عن دعوته والعامل‬
‫عن علمه ‪ .‬فهي امنية العاشقني وعشيقة الصاحلني ومهوى افئدة السالكني فما‬
‫دمعت العيون اال شوقا اليها وال احرتقت القلوب اال عشقا هلا‬

‫وكل ما اشتهيت يف اجلنة يتحقق ‪ .‬فهذا رجل حيب اخليل فيايت اىل النيب عليه‬
‫الصالة والسالم فيقول يا رسول اهلل هل يف اجلنة خيل فاهنا تعجبين فيول عليه‬
‫الصالة والسالم (( ان احببت اوتيت بفرس من ياقوتة محراء تطري بك يف اجلنة‬
‫حيث شئت )) وهذا رجل اخر يف اجلنة يتمىن الولد فيحقق اهلل له امنيته يف ساعة‬
‫واحدة حيث حتمل وتضع يف ساعة ‪ .‬عند الرتمذي وامحد باسناد صحيح قال‬
‫عليه الصالة والسالم (( املؤمن اذا اشتهى الولد يف اجلنة كان محله ووضعه وسنه‬
‫يف ساعة واحدة كما يشتهي )) وهذا رجل حيب جمالسة اخوانه فيسمع قول‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم (( اذا استقر اهل اجلنة يف اجلنة اشتاق االخوان اىل‬
‫االخوان قال فيطري سرير هذا اىل سرير هذا فيذكران ما كان بينهما يف الدنيا‬
‫ويقول له اتذكر جملس كذا جلسنا فدعونا اهلل ان يغفر لنا فغفر لنا )) ويف جملس‬
‫اخر يقعد عند النيب عليه الصالة والسالم رجل من البادية فيقول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وهو حيدث اصحابه عن اجلنة (( ان رجال من اهل اجلنة استاذن ربه يف‬
‫الزرع فقال اهلل له الست يف ما شئت قال بلى ولكين احب الزرع قال فبذر‬
‫فبادر الطرف نباته واستوائه واستحصاده وكان امثال اجلبال فيقول اهلل تعاىل‬
‫دونك يا ابن ادم فانه ال يشبعك شيء فلما مسع االعرايب النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يذكر هذه القصة قال واهلل يا رسول اهلل ال جتده اال قرشيا او أنصاريا‬
‫فاهنم اصحاب زرع واما حنن فلسنا باصحاب زرع فضحك النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ))‬

‫نعم نعيم مقيم (( ونودوا ان تلكم اجلنة اورثتموها مبا كنتم تعملون )) افال‬
‫يستحق هذا النعيم الكثري وامللك الكبري ان ترتك الجله اللذات احلاضرات ‪ .‬واهلل‬
‫لو كنت مشتاقا خلمر اجلنة لتصربت عن مخر الدنيا ولو اشتقت للحور العني‬
‫لغضضت بصرك عن احلرام واحصنت فرجك عن احلرام ولو صدق شوقك للذة‬
‫النظر لوجه الكرمي لبكيت يف االسحار وصمت النهار ولو اشتقت جملالسة االنبياء‬
‫لرتكت جمالس الفحشاء‪ .‬فاجلنة ليست باالماين لقد اشتاق اليها اقوام تركوا‬
‫اوطاهنم وهجروا اوالدهم فعاشوا غرباء ‪ .‬الناس يرتكون الصالة وهم يصلون‬
‫والناس ياكلون الربا وهم يتوروعون والناس يقارفون الفواحش وهم يعفون كل‬
‫ذلك الجل رهبم ملا اشتاقوا اليه ‪.‬‬

‫تاهلل لو شاقتك جنات النعيـ *** ـم طلبتها بنفائس األمثان‬


‫جليت عليك عرائس واهلل لو *** جتلى على صخر من الصوان‬

‫رقت حواشيه وعاد لوقته *** ينهال مثل نقى من الكثبان‬


‫يا سلعة الرمحن لست رخيصة *** بل انت غالية على الكسالن‬
‫يا سلعة الرمحن ليس يناهلا *** يف األلف اال واحد ال اثنان‬
‫يا سلعة الرمحن ماذا كفؤها *** اال أولو التقوى مع االميان‬
‫يا سلعة الرمحن أين املشرتي *** فلقد عرضت بأيسر األمثان‬
‫يا سلعة الرمحن هل من خاطب *** فاملهر قبل املوت ذو امكان‬
‫يا سلعة الرمحن كيف تصرب الـ *** ـخطاب عنك وهم ذوو اميان‬
‫يا سلعة الرمحن لوال أهنا *** حجبت بكل مكاره االنسان‬
‫ما كان عنها قط من متخلف *** وتعطلت دار اجلزاء الثاين‬
‫لكنها حجبت بكل كريهة *** ليصد عنها املبطل املتواين‬

‫فاالمر حيتاج اىل تشمري ولقد كان صلى اهلل عليه وسلم يصرخ يف اصحابه قائال‬
‫(( اال من مشمر للجنة فاهنا ورب الكعبة نور يتالءالء ورحيانة هتتز وزوجة‬
‫حسناء )) فقال الصحابة حنن املشمرون هلا يا رسول اهلل‬
‫واذا شبع االنسان واطمأن راى عنده هنر جيري ونعما تسري وفاكهة حاضرة‬
‫ونعمة ناضرة اشتهى ان جيالس احدا يسليه او يؤانسه ويهنيه قال حممد بن‬
‫املنكدر اذا كان يوم القيامة اين الذين كانوا ينزهون امساعهم وانفسهم عن‬
‫جمالس اللهو ومزامري الشيطان اسكنوهم رياض املسك مث يقول للمالئكة‬
‫امسعوهم متجيدي وحتميدي‪ .‬وقال شهر بن حوشب ان اهلل جل ثنائه يقول‬
‫ملالئكته ان عبادي كانوا حيبون الصوت احلسن يف الدنيا فيدعونه من اجلي‬
‫فامسعوا عبادي قال فياخذون باصوات من تسبيح وتكبري مل يسمعوا مبثله قط ‪.‬‬
‫ف‬
‫نزه مساعك إن أردت مساع ذيـ *** ـاك الغناء عن هذه األحلان‬
‫ال تؤثر األدىن على األعلى فتحـ *** ـرم ذا وذا يا ذلة احلرمان‬
‫إن اختيارك للسماع النازل الـ *** أدىن على األعلى من النقصان‬
‫واهلل أن مساعهم يف القلب والـ *** إميان مثل السم يف األبدان‬
‫واهلل ما انفك الذي هو دأبه *** أبدا من االشراك بالرمحن‬
‫فالقلب بيت الرب جل جالله *** حبا واخالصا مع االحسان‬
‫فإذا تعلق بالسماع اصاره *** عبدا لكل فالنة وفالن‬
‫حب الكتاب وحب أحلان الغنا *** يف قلب عبد ليس جيتمعان‬

‫قال ابن عباس ويرسل ربنا *** رحيا هتز ذوائب األغصان‬
‫فتثري أصواتا تلذ ملسمع اال *** نسان كالنغمات باألوزان‬
‫يا لذة األمساع ال تتعوضي *** بلذاذة األوتار والعيدان‬
‫أو ما مسعت مساعهم فيها غنا *** ء احلور باألصوات واألحلان‬
‫واها لذيّاك السماع فإنه *** ملئت به األذنان باالحسان‬
‫واها لذيّاك السماع وطيبه *** من مثل أقمار على أغصان‬
‫واها لذيّاك السماع فكم به *** للقلب من طرب ومن أشجان‬

‫قد يتسائل بعضكم او بعضكن هل يف اجلنة اصوات فاقول نعم‪ .‬روى الرتمذي‬
‫بن ايب عاصم عن ايب هريرة رضي اهلل عنه قال (( اخربين رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوها بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في‬
‫مقدار يوم الجمعة‪ W‬من أيام الدنيا فيزورون اهلل تبارك وتعالى ‪ ،‬فيبرز لهم‬
‫عرشه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ‪ ،‬فيوضع لهم منابر من نور‬
‫‪ ،‬ومنابر من لؤلؤ ‪ ،‬ومنابر من زبرجد ‪ ،‬ومنابر من ياقوت ‪ ،‬ومنابر من‬
‫ذهب ‪ ،‬ومنابر من فضة ‪ ،‬ويجلس أدناهم وما فيها دني على كثبان‬
‫المسك والكافور ‪ ،‬وما يرون أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا ‪،‬‬
‫قال أبو هريرة ‪ :‬وهل نرى ربنا عز وجل ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬هل تمارون‬
‫في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟ قلنا ‪ :‬ال ‪ ،‬قال‪ :‬فكذلك ال تمارون‬
‫في رؤية ربكم ‪ ،‬وال يبقى ذلك المجلس أحد إال حاضره اهلل محاضرة ‪،‬‬
‫حتى يقول يا فالن ابن فالن ‪ ،‬أتذكر يوم فعلت كذا وكذا ؟ فيذكره‬
‫ببعض غدراته في الدنيا ‪ ،‬فيقول ‪ :‬بلى ‪ ،‬أفلم تغفر لي ؟ فيقول‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫فبمغفرتي بلغت منزلتك هذه ‪ ،‬قال ‪ :‬فبينما هم على ذلك إذ غشيتهم‪W‬‬
‫سحابة من فوقهم ‪ ،‬فأمرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬ثم يقول ربنا تبارك وتعالى ‪ :‬قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة‬
‫فخذوا ما اشتهيتم ‪ ،‬قال ‪ :‬فيأتون سوقا قد حفت بها المالئكة فيها ما لم‬
‫تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع اآلذان ولم يخطر على القلوب ‪ ،‬قال‬
‫‪:‬فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيه وال يشترى ‪ ،‬وفي ذلك السوق يلقى‬
‫أهل الجنة بعضهم بعضا ‪ ،‬قال ‪ :‬فيقبل ذو البزة المرتفعة فيلقى من هو‬
‫دونه وما فيهم دني ‪ ،‬فيروعه ما يرى الناس عليه من اللباس والهيئة ‪ ،‬فما‬
‫ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ‪ ،‬وذلك أنه ال ينبغي ألحد‬
‫أن يحزن فيها ‪ ،‬قال ‪ :‬ثم ننصرف إلى منازلنا فيلقانا أزواجنا فيقلن ‪ :‬مرحبا‬
‫وأهال بحبنا ‪ ،‬لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا‬
‫عليه ‪ ،‬فنقول ‪ :‬إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل‪ ،‬وبحقنا أن ننقلب‬
‫بمثل ما انقلبنا )) ‪ .‬قال وقرهبم من اهلل تبارك وتعاىل يف سوق اجلنة بقدر‬
‫تبكريهم اىل صالة اجلمعة فمن بكر صار اقرب اىل االمام صار اقرب اىل احلي‬
‫القيوم يوم بل مزيد‬
‫يأتون سوقا ال يباع ويشرتى *** فيه فخذ منه بال أمثان‬
‫هلل سوق قد أقامته املال *** ئكة الكرام بكل ما احسان‬
‫فيها الذي واهلل ال عني رأت *** كال وال مسعت به اذنان‬
‫كال ومل خيطر على قلب امرئ *** فيكون عنه معربا بلسان‬
‫واها لذا السوق الذي من حله *** نال التهاين كلها بأمان‬
‫يا من تعوض عنه بالسوق الذي *** ركزت لديه راية الشيطان‬
‫لو كنت تدري قدر ذاك السوق مل *** تركن اىل سوق الكساد الفاين‬
‫فهم اىل يوم املزيد أشد شو *** قا من حمب للحبيب الداين‬
‫أو ما مسعت بشاهنم يوم املزيـ *** ـد وأنه شأن عظيم الشان‬
‫هو يوم مجعتنا ويوم زيارة الـ *** ـرمحن وقت صالتنا وأذان‬
‫والسابقون اىل الصالة هم األىل *** فازوا بذاك السبق باالحسان‬
‫سبق بسبق واملؤخر ههنا *** متأخر يف ذلك امليدان‬
‫واألقربون اىل االمام فهم أولو *** الزلفى هناك فههنا قربان‬
‫وحياضر الرمحن واحدهم حما *** ضرة احلبيب يقول يا ابن فالن‬
‫هل تذكر اليوم الذي كنت فيـ *** ـه مبارزا بالذنب والعصيان‬
‫فيقول رب أما مننت بغفرة *** قدما فانك واسع الغفران‬
‫فيجيبه الرمحن مغفريت اليت *** قد أوصلتك اىل احملل الداين‬

‫واملرء قد يتنعم بالدنيا بانواع النعيم لكنه اذا تذكر انقطاع لذاته باملوت واملرض‬
‫تكدر وحزن اما يف اجلنة فال مرض وال موت يف الصحيحني قال عليه الصالة‬
‫والسالم (( جياء باملوت كانه كبش املح فيوضع بني اجلنة والنار فيقال يا اهل‬
‫اجلنة هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون فيقولون نعم هذا املوت مث يقال يا اهل‬
‫النار هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون مستبشرين يرجون الشفاعة ويقولون‬
‫نعم هذا املوت قال فيؤمر به فيذبح مث يقال يا اهل اجلنة خلود فال موت و يا‬
‫اهل النار خلود فال موت ‪ .‬مث قرأ عليه الصالة والسالم (( وانذرهم يوم احلسرة‬
‫اذ قضي االمر وهم يف غفلة وهم ال يؤمنون)) فيزداد اهل اجلنة فرحا اىل فرحهم‬
‫)) وكيف ال يفرحون وهم الذين صربوا على طاعة رهبم وسخروا جوارحهم‬
‫لدينهم قال اهلل جل وعال (( واقبل بعضهم على بعض يتسائلون ‪ 25‬قالوا انا كنا‬
‫قبل يف اهلنا مشفقني ‪ « )) 26‬الطور» نعم كنا خائفني من ربنا وكنا حنفظ‬
‫امساعنا ونغض ابصارنا وحنفظ السنتنا ونطهر اموالنا ونعف خبروجنا ‪ .‬ما هو‬
‫اجلزاء (( متىن اهلل علينا ووقانا عذاب السموم ‪ 27‬انا كنا من قبل ندعوه انه هو‬
‫الرب الرحيم ‪ « )) 28‬الطور » وقال جل جالله (( وقالوا احلمد هلل الذي اذهب‬
‫عنا احلزن ان ربنا لغفور شكور ‪ « )) 34‬فاطر» نعم اذهب عنا احلزن فال شدة‬
‫يف اجلنة وال سامة وال مرض وال حزن وال تعب ((الذي احلنا دار املقامة من‬
‫فضله ال ميسنا فيها نصب وال ميسنا فيها لغوب ‪ « )) 35‬فاطر»‬
‫أو ما مسعت منادي االميان خيـ *** ـرب عن مناديهم حبسن بيان‬
‫لكم حياة ما هبا موت وعا *** فية بال سقم وال أحزان‬
‫ولكم نعيم ما به بؤس وما *** لشبابكم هرم مدى األزمان‬
‫كال وال نوم هناك يكون ذا *** نوم وموت بيننا اخوان‬
‫أو ما مسعت بذحبه للموت بيـ *** ـن املنزلني كذبح كبش الضان‬
‫باهلل ما عذر امرئ هو مؤمن *** حقا هبذا ليس باليقظان‬
‫يا غافال عما خلقت له انتبه *** جد الرحيل فلست باليقظان‬
‫سار الرفاق وخلفوك مع األيل *** قنعوا بذا احلظ اخلسيس الفاين‬
‫ورأيت أكثر من ترى متخلفا *** فتبعتهم ورضيت باحلرمان‬
‫لكن أتيت خبطيت وعجز وجهـ *** ـل بعد ذا وصحبت كل امان‬
‫منتك نفسك باللحاق مع القعو *** د عن املسري وراحة األبدان‬
‫ولسوف تعلم حني ينكشف الغطا *** ماذا صنعت وكنت ذا امكان‬
‫ويف جمالس اهل اجلنة يتذكرون اهل الشر الذين كانوا يف الدنيا ويتذكرون ما‬
‫كانوا يستهزئون هبم اذا مشوا اىل الفجر يف الظلمات يتذكرون ما كانوا‬
‫يستهزئون مبظاهرهم اذا استقاموا على السنة والطاعات ‪ .‬نعم يتذكرون اولئك‬
‫الذين طاملا استهزئوا هبم فيما يكتبون وفيما يقولون وفيما به يتكلمون ‪.‬‬
‫يتذكرون اولئك الذين كانوا يشككون اهل االميان ويدعوهنم اىل الكفران ‪ .‬امسع‬
‫اىل حكاية اهلل الهل اجلنة قال اهلل (( فاقبل بعضهم على بعض يتساءلون ‪ 50‬قال‬
‫قائل منهم اين كان يل قرين ‪ 51‬يقول ائنك ملن املصدقني ‪ 52‬اءذا متنا وكنا‬
‫ترابا وعظاما اءنا ملدينون‪ « )) 53‬الصافات» فال جيدوهنم معهم يف اجلنة (( قال‬
‫هل انتم مطلعون ‪ ))54‬هل تطلعون تبحثون عنهم يف النار (( فاطلع فراه يف‬
‫سواء اجلحيم ‪ 55‬قال تاهلل ان كدت لرتدين ‪ 56‬ولوال نعمة ريب لكنت من‬
‫احملضرين ‪ 57‬افما حنن مبيتني ‪ 58‬اال موتتنا االوىل وما حنن مبعذبني ‪ 59‬ان هذا‬
‫هلو الفوز العظيم ‪ « ))60‬الصافات» عندها تشفى صدور املؤمنني االخيار من‬
‫اولئك الفجار الذين طاملا استهزئوا هبم يف الدنيا وضيقوا عليهم يف دينهم ووقفوا‬
‫يف طريق دعوهتم ‪ .‬هنا يفرح املؤمنني (( ونادى اصحاب اجلنة اصحاب النار ان‬
‫قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدمت ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فاذن‬
‫مؤذن بينهم ان لعنة اهلل على الظاملني ‪ « )) 44‬االعراف» نعم لعنة اهلل على‬
‫الظاملني‬
‫هذا حال اهل املعصية يف ذل االخرة بل لو تاملت واهلل لوجدت ان اهل املعصية‬
‫يف عذاب يف الدارين وهم يف الدنيا وان دلت ظواهرهم على اهنم سعداء اال اهنم‬
‫يف احلقيقة يف ضيق دائم‬
‫كدحا وكدا ال يفرت عنهم *** ما فيه من غم ومن أحزان‬
‫واهلل لو شاهدت هاتيك الصدو *** ر رأيتها كمراجل النريان‬
‫ووقودها الشهوات واحلسرات واآل *** الم ال ختبو مدى األزمان‬
‫أبداهنم أجداث هاتيك النفو *** س الالئي قد قربت مع األبدان‬
‫أرواحهم يف وحشة وجسومهم *** يف كدحها ال يف رضا الرمحن‬
‫هربوا من الرق الذي خلقوا له *** فبلو ربق النفس والشيطان‬

‫وختاما يا خاطبا للجنان وطالبا رضا الرمحن‬

‫لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ *** ـت بذلت ما حتوي من األمثان‬
‫أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ *** ـت السعي منك هلا على األجفان‬
‫ولقد وصفت طريق مسكنها فان *** رمت الوصال فال تكن بالواين‬
‫أسرع وحث السري جهدك امنا *** مسراك هذا ساعة لزمان‬
‫فاعشق وح ّدث بالوصال النفس وابـ *** ـذل مهرها ما دمت ذا امكان‬
‫واجعل صيامك قبل لقياها ويو *** م الوصل يوم الفطر من رمضان‬
‫واجعل نعوت مجاهلا الهادي وسر *** تلقي املخاوف وهي ذات أمان‬
‫نعم تلقي املخاوف وهي ذات أمان‬

‫اسال اهلل تعاىل ان جيعلنا مجيعا من اهل اجلنة وان يرزقنا فيها االجتماع مع االنبياء‬
‫االطهار والشهداء االبرار وان جيعلنا ممن ينظرون اىل وجه العلي الكبري املتعايل‬
‫اجلبار جل جالله‬
‫هذا واهلل تعاىل اجل واكرم اعلم وصلى اهلل وسلم وبارك على رسول اهلل‬
‫والسالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‬

‫االستماع‬
‫?‪http://www.islamcvoice.com/mas/open.php‬‬
‫‪cat=29&book=1704‬‬

You might also like