Professional Documents
Culture Documents
المذكرة النهائية PDF
المذكرة النهائية PDF
المذكرة النهائية PDF
مزكــشة تخشج لىيــل شهادة الماستش في العلوم اإلسالميت تخصص مقاسوت األديان موسومت
بــــــعىوان:
لجـــــنة المنـــــــــــــاقشــــــــــة:
ال ٌسعين يف هذا املقاً اىنبٍو إال أُ أهدي مثزة جهدي إىل:
واىديّ اىنزميني اىيذاُ سهزا عيى تزبٍيت حتى بيغت شبابً ووفقين اهلل ألبيغ هذه اىيحظت اىطٍبت.
إىل أساتذتً األفاضو اىذٌِ أعاّىًّ يف دراسيت راجً ٍِ املىىل عش وجو أُ ٌىفقهٌ إىل ٍا هى خري
وصالح...
شالبي مخطار
إهداء
إلى من ق ال فيهما اهلل تبارك وتعالى:
والدي الكريمين اللذان سهرا على تربيتي حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم.
للدين أثر بالغ يف توجيو األفراد والقبائل والشعوب ،وفيما ينتج عن عمل اإلنسان من ثقافة
وسياسة واقتصاد ،حيث كان الدين عرب التاريخ أحد املكونات األساسية اليت ال ميكن االستغناء عنها
يف حياة الشعوب ،وتعاليمو مجيعها.
ودما ال شك فيو ىو أو جوىر الدين ىو التوحيد وىو ذلك املبدأ الذي مينح البالد ىويتها
ويربط م ع مكوناهتا معا ،دما جيعل منها كيانا متكامال نسميو حضارة ،و بالد الشام أحد البلدان اليت
شهدت ىذا التوجيو الديين (التوحيد) يف عصور متأخرة ترجع إىل ما قبل التاريخ ،حيث تعاقبت
عليها حضارات عدة اختلفت عاداهتا وتقاليدىا من حضارة ألخرى فمثال احلضارة السومرية ختتلف
عن احلضارة البابلية وختتلف عن اإلغريقية .
ونظرا ملا للدين من تأثًن واضح على اإلنسان وملا لو من انعكاسات على اجملتمع وحضوره
الدائم يف حياة الشعوب ،كان لنا ىذا البحث الذي أتى موسوما بـ:
إلعطاء نظرة شاملة عن املوضوع طرحنا اإلشكالية التالية :فيما دتثلت مظاىر التوحيد يف بالد
الشام يف فرتة قبل امليالد؟ ولتوضيح ىذا البحث أكثر ميكن طرح التساؤالت اآلتية واليت سيتم اإلجابة
عنها من خالل الفصلٌن:
أ
مقدمة
اعتمدنا يف دراستنا ىذه على املنهج التارخيي التحليلي ،وذلك لرصد األحداث والوقائع
التارخيية اليت تتوافق مع موضوعنا خاصة وأن املوضوع يشمل فرتة زمنية بعيدة ،وقمنا بتحليل ىذه
األحداث للوصول إىل إعطاء نظرة على ماىية التوحيد يف بالد الشام يف الفرتة املدروسة.
مل يكن اختيارنا هلذا املوضوع من وحي الصدفة ،وإمنا ىناك جمموعة من األسباب والدوافع
اليت أهلمتنا إىل دراستو ،نذكر منها:
الرغبة الشخصية يف دراسة ىذا املوضوع ،خاصة املنطقة التارخيية اليت كانت أمنوذج الدراسة.
كان املوضوع دبثابة تسليط للضوء على املعتقدات الدينية اليت أرختها اآلثار والكتابات التارخيية
يف املنطقة.
دون أن ننسى تشجيع األستاذ يف العمل أكثر على املوضوع.
مسحت لنا املادة املعرفية اليت استطعنا مجعها حول املوضوع م تقسيمو على النحو التايل:
جاء الفصل األول حتت عنوان :املعتقدات الدينية والتوحيد يف بالد الشام قبل امليالد ،حيث
اندرج حتتو مبحثٌن ،املبحث األول بعنوان :التوحيد يف الديانات القدمية ،مطالبو كانت أربعة على
النحو التايل :املطلب األول تعريف للتوحيد ،يليو املطلب الثاين بعنوان :التوحيد عند املصريٌن،
املطلب الثالث :نظريات يف التوحيد عند الزرادشتية ،أما عن املطلب الرابع :توحيد الفالسفة.
املبحث الثاين عنون ب :بالد الشام حدودىا تارخيها الديين وىذا املبحث كذلك احتوى على
أربع مطالب دتثلت يف :املطلب األول :احلدود اجلغرافية لبالد الشام ،املطلب الثاين :حضارة وتاريخ
بالد الشام قبل امليالد ،مث املطلب الثالث :التاريخ الديين لبالد الشام قبل امليالد ،واملطلب الرابع:
املعتقد الديين عند اليهود يف بالد الشام قبل امليالد.
ب
مقدمة
أما عن الفصل الثاين فقد جاء موسوما ب :الديانات التوحيدية واليهودية يف بالد الشام قبل
امليالد.
ىذا الفصل ىو اآلخر تناول مبحثٌن ،املبحث األول عنون ب :الديانات قبل املسيح ،مطالبو
أربع على الرتتيب التايل :املطلب األول :الديانات التوحيدية يف بالد الشام فرتة قبل امليالد ،املطلب
الثاين :الديانات الوثنية يف بالد الشام قبل املسيح ،املطلب الثالث :أنبياء بين إسرائيل يف بالد الشام
(النظرة اإلسالمية) ،املطلب الرابع :أنبياء بنوا إسرائيل من النظرة اليهودية التوراتية.
أما املبحث الثاين فقط خصص ل :اليهودية من التوحيد إىل الشرك ،تعددت مطالبو كذلك
املطلب األول :اليهودية ديانة توحيدية ،املطلب الثاين :التعدد يف اليهودية ومظاىر التأثر يف عقيدة
األلوىية ،املطلب الثالث :تأثر اليهودية بوثنية املصريٌن يف مسألة االلوىية ،املطلب الرابع :التأثر
بالديانات األخرى الشركية وآهلة بالد الشام.
وختمنا حبثنا خبادتة كانت عبارة عن أىم النتائج اليت توصلنا إليها يف حبثنا ىذا.
كتاب "بالد الشام في العصور القديمة ،من عصور ما قبل التاريخ حتى األسكندر
المقدوني" ،زيدان عبد الكايف كفايف ،يتناول ىذا الكتاب معلومات قيمة عن بالد الشام من ناحية
التسمية والبيئية اجلغرافية ،ما أوضح لنا البيئة اليت ىي حمل دراستنا يف موضوعنا ىذا.
كتاب "تأريخ الديانة الزرادشتية" ل:عبد اهلل مبلغى العبداين ،حتدث فيو عن الزرادشتية كديانة
إهلية كبقية الديانات ،واملفيد يف الكتاب أيضا أنو حتدث عن املذىب الزرادشيت والسلوك القومي الذي
جاء بو املتمثل يف التوحيد اإلالىي.
ج
مقدمة
تاريخ األقوام الكنعانية األوىل ونشأهتا ،كما تطرق إىل اجلانب العقائدي الديين والذي كان غايتنا يف
البحث ،أما عن كتاب "المعتقدات اآلرامية" فقد تناول احلديث عن تاريخ اآلراميٌن يف وادي
الرافدين وسوريا ،كما تطرق بشكل مطول عن اآلهلة األرامية ،دارسا اآلهلة والرموز واألساطًن األرامية.
كتاب "تأثر اليهودية بالديانات الوثنية" ل :فتحي حممد الزغيب ،الذي كان عبارة عن رسالة
دكتوراه من قسم العقيدة ،يتحدث فيو صاحبو عن الديانة اليهودية ومدى تفاعلها مع األديان الوثنية
األخرى ،كما يبٌن الكتاب تارخيية الوثنية وعالقتها بالرساالت السماوية اليت أنزلت على بين إسرائيل،
كما يتطرق إىل اإلسرائيليات ومدى خطورهتا يف الفكر اإلسالمي.
أما عن الدراسات السابقة فقد دتثلت يف مقال بعنوان "مالمح التوحيد في مصر القديمة قبل
عهد إخناتون" للدكتور رحاب عبد املنعم باظة يف جملة دراسات يف آثار الوطن العريب ،حيث مت
التطرق فيو إيل فكرة التوحيد يف مصر القدمية ومازاد من األمهية العلمية هلذا املقال ىو ذكر مالمح
ىذا التوحيد بٌن الربوبية واأللوىية.
يواجو كل باحث مجلة من الصعوبات والعراقيل أثناء إذمازه لدراستو ،تتطلب منو صربا وإرادة،
وما اختيار املوضوع ومجع مصادره ومراجعو إال جزء منها ،إال أن الصعوبات األكرب كانت يف الفرتة
اليت يشهدىا العامل عامة والبالد بصفة خاصة بسبب الوباء ،وما ترتب عنو من إغالق للمكتبات
ومجيع أماك املطالعة دما صعب مهمة احلصول على الكتب الورقية.
أما الصعوبات اليت واجهتنا أثناء التحرير ىي طول الفرتة املدروسة ،حيث تعترب فرتة قبل امليالد
فرتة طويلة ،وثرائها باألحداث يف خمتلف اجلوانب ،لذلك حاولنا الرتكيز على اجلانب الديين الذي
خيدم املوضوع.
د
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
يعترب ا اتتحيد ا أم ا اتوكاد ا ات ييد ا كاتوكيد ا تدأدينف ا ذت ا إقروار ا إحوحدا الإت ا اعأظم ا اخلنت ا
كادل إوا تلكحف ا كظلىا ذت ا دق ا كنفا اتسدنؽا ادلب ئيا تدأدينفا اتسمنكي ا موتبطا هبذاا احملحرا احلدحم ا دهحا
ؽلثلا اتصل ا إُت ا يدنةا الإنسنفا يفا دندن ا كآخوت ا ميطلق ا مي ا رتل ا منا ادلبندئ ا كادلفنمد ا اتيتا تشكلا
جبملهنا ميطلقنتا اتفكوا ات يٍتا ادلحي .ا
لغة:ا ونءا يفا تسنفا اتعوبا يفا ادل تحؿا اتلغحما دلندةا "كي ":ا منا اتحاي ا كاعأي ا كاتحاي ا اس ا
مبٍت ا ميفودا إنتذاتا يفا ظ ـا ادلثلا كاتيمو ا كاعأي ا ميفودا يفا ادلعٌت ا كردلا اتحاي ا محا اتذما الا يتجزأا كالا
يثٌتا كالا يقبلا االنقسنـا كالا نمَتا ت ا كالا غلمعا مذينا اتحصفُتا إالا اهللا ظزا كول .1ا
كر ا ونءا يفا كتنبا "اتفوكؽا يفا اتلغ "ا أفا معٌتا رحتينا "اهللا كاي "ا أفا ذات ا ميفودةا ظنا ادلثلا
كاتشب ا عأفا اتحاي ا يفد ا االنفوادا يفا اتذاتا أكا اتصف ا كاتحاي ا منا الا ييقس ا يفا نفس ا أكا معٌتا يفا
صفت ا دكفا رتلت ا كقنسنفا كاي ا كديينرا كاي ا كمنا الا ييقس ا يفا معٌتا ويس ا كيححا مذاا اتذمبا كل ا
كاي ا كمذاا ادلنءا كل ا كاي ا كاتحاي ا يفا نفس ا كمعٌتا صفت ا مبنا الا يكحفا تغَت ا أصالا محا اهلل.2ا
ا
1ا -ا اإنا ميمحر ا تسنفا اتعوب ا ج 3ا دارا صندر ا إَتكت ا د.ط ا ص.448
2ا -ا اتعسكوم ا أإح ا مالؿ ا اتفوكؽ ا يف ا اتلغ ا تح :ا جلي ا إيدنء ا اتًتاث ا اتعويب ا دار ا اآلدنؽ ا اجل ي ة ا إَتكت ا ط 4ا 1980ا
ص.132
3ا -ا رلمعا اتلغ ا اتعوإد ا ادلعج ا اتحسدط ا مصو ا ط 4ا 1425ق/ا 2004ـ ا ص.1016
2
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
اصطالحا :جتوي ا اتذاتا الإذلد ا منا كلا منا تتصحرا يفا اعأدهنـا كيتخدلا يفا اعأكمنـا كاعأذمنف.1
أمنا يفا اتلغنتا اعأويبد ا دقفا تفم ا اتتحيد ا مشتق ا منا تفمُتا يحننندُتا علن:ا (محنح)ا Monoا
كمعينمنا اتحاي ا كا (تدحس)ا Theosا كمعين ا الإت .2ا (الإت ا اتحاي ) .ا
كظلىا ذت ا دقفا اتتحيد ا يذمبا إىلا تقويوا كي ةا اتذاتا الإذلد ا كانفوادمنا إنعأي ي ا إذا تيتهيا
اعأشدنءا إىلا ظل ا كاي ة ا كمنا تيتهيا اتقحاظ ا إىلا مب أا ظنـا هننئيا تتكحفا مووعد ا اتحوحدا كاخلل ا إىلا
مص را كاي ا محا "اهلل"ا تيتسبا إتد ا كلا صفنتا كخحاصا اتق رةا اتالمتينمد .3ا
أمنا يفا أنحاعا اتتحيد ا دهيا نحظنف:ا تحيد ا يفا ادلعود ا كالإثبنت ا كمحا تحيد ا اتوإحإد ا كاعأمسنءا
كاتصفنت ا كتحيد ا يفا اتطلبا كادلقص ا كمحا تحيد ا الإذلد ا كاتعبندة .4ا
صل ا أفا تلتحيد ا إ اينتا أكا إفا صحا اتقحؿا زلنكالتا تلتحيد ا الإذلي ا يدثا صل ا رلمحظ ا منا
االمثل ا ظنا ذت ا يفمهنا اتتنريخ ا دق ا ظوؼا ظنا اآلرامدُتا اعأكائلا أهن ا استقوكاا ظلىا ظبندةا إت ا كاي ا
كمحا الإت ا "ي د"ا ككننتا رمحز ا أكثوا شدحظنا إُتا رمحزا ادلعتق اتا اآلرامد ا الظتبنر ا ادلوكزا اتفوي ا تآلت ا
اآلرمد ا كمنا صل ا الإت ا "آف"ا (إت ا اتسمنء)ا يفا ات ينا اتسحموم ا كالإت ا "مودكؾ"ا يفا الإمرباطحري ا اتبنإلد ا
كغَتم ا منا اآلذل .5ا ا ا ا
1ا -ا اتشويفا اجلوونٍل ا كتنبا اتتعويفنت ا مكتب ا محننسننسدس ا د.ت ا د.ط ا إنبا اتتنء ا ص .69ا
2ا -ا أ ا وي ا إويل ا محوز ا دائوة ا ادلعنرؼ ا الإسالمد ا ج 8ا حتو :ا إإوامد ا زكي ا خحرشد ا كآخوكف ا مطنإع ا اذلدئ ا ادلصوي ا اتعنم ا
تلكتنب ا اتقنموة ا ط 1ا 1998ا ص.2389
ا ظمنف ا ط 1ا 2001ا 3ا -ا مه ما يسُتا اتبصوم ا محسحظ ا اعأدينف ا اتتحيد ا اخلل ا اتقد ا دارا أسنم ا تليشوا كاتتحزيع ا اعأردف ّ
ص.15
4ا -ا ظب ا اتوزتنفا إنا يسن ا دتحا اجملد ا شوحا كتنبا اتتحيد ا مواوع ا كتصحدحا كتعلد :ا ظب ا اتعزيزا إنا ظب ا اهللا إنا إنز ا دارا
اتسالـا تليشوا كاتتحزيع ا اتوينض ا د.ت ا ص.15
5ا -ا مه ما يسُتا اتبصوم ا ادلووعا اتسنإ ا ص.16
3
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
دتثلا اجملتمعا ادلصوما يف ا ادلشنم ا ادلوسحم ا داخلا ادلقنإوا كاتيقحشا ادليححت ا ظلىا و رافا ادلعنإ ا ا
كمنا كننتا مينؾا اتربدينتا اتيتا نستطدعا منا خالذلنا أفا نعوؼا كدفا كننتا احلدنةا يفا اجملتمعا ادلصوما
ر ؽلن .ا
أدت ا اعأتحمد ا اتفوظحند ا يف ا احلضنرة ا ادلصوي ا ر ؽلن ا إىل ا تقحي ا إؽلنف ا اتشعب ا كتطحيو ا شعحر ا
ات يٍت ا دتشنهبتا اتعبنداتا اتطقسد ا ت لا اتكهي ا يفا رتدعا ادلعنإ ا تقويبن ا خنص ا إع ا احتندا ادلملكتُتا
ادلصويتُت ا اتسفلى ا كاتعلدن ا يف ا إ اي ا اعأتف ا اتثنتث ا ربل ا ادلدالد ا تقويبن ا دآميحا ا حبدنة ا أخول ا إع ا ادلحتا
دنمتمحاا إنتطقحسا كاتتقنتد ا اتقوإنند ا اتيتا امتزوتا إُتا اتسحوا كاتعواد .1ا
ظودتا ادلعتق اتا ات ييد ا يفا احلضنرةا اتفوظحند ا طحرينا كبَتين ا اعأكؿ:ا يتمثلا يفا ظصوا ات كت ا
اتق ؽل ا كاتثنٍلا دتثلا يفا ظصوا ات كت ا احل يث ا معا "أمدتححبا اتواإع"ا منا اعأسوةا اتثنمي ا ظشو ا كاتذما
تسمىا إأخينتحف2ا اتذما صنغا مفهحـا اتتحيد ا كوعلا احلدنةا ات ييد ا يفا ظصوا اتفواظي ا تبلغا أظلىا درونتا
اتكمنؿا كاتوري.3ا ا ا
اجت ا ادلصويحف ا اتق منء ا ىف ا ظه ا "أخينتحف"(أي ا ملحؾ ا ات كت ا احل يث ) ا ضلح ا اتتحيد ا كاظتق كاا
أف ا اهلل ا كاي ا ال ا شوي ا ت ا دق ا اظترب ا "أخينتحف" ا أف ا مذا ا اتكحف ا ت ا إت ا كاي ا مح ا روص ا اتشمسا
"آتحف "Atenا اتذل ا يوسل ا أشعت ا ظلى ا سكنف ا اعأرض ا ددحمل ا ذل ا اتيحر ا كاحلدنة ا كتإلت ا "آتحف"ا
اجل ي ا إُيدتا ادلعنإ ا ادلفتحي ا تلسمنء.
1ا -ا ميجيا إإوامد ا اتصالةا ظنموةا كحند :ا مقنرإ ا مقنرند ا (ات ينن ا اتفوظحند ا ات دينن ا اتزرادشتد ا ات ينن ا اذلي كسد ) ا رلل ا مؤميحفا
إالا ي كد ا رس ا ات راسنتا ات ييد ا 22ا أغسطسا 2017ا ص.5
2ا -ا كت ا إخينتحفا منا زكاجا "يت"ا ك"أميححتبا اتثنتث" ا دظنا إىلا ظبندةا "أتحف"ا إذلنا كاي ا تدسا ت ا مثدل ا كصحر ا هبدئ ا روصا اتشمسا
يوسلا أشعتا ظلىا اتكحفا شلت ةا إأي ا إشوي ا دتفدضا ظلىا اخلل ا إنجلحدا كاتعندد .ا ييمو:ا ظب ا ادليع ا أإحا إكو ا إخينتحف ا دارا اتقل ا
تليشو ا اتقنموة ا 1961ـ ا ص 37ا .39
3ا -ا ميجيا إإوامد ا ادلووعا نفس ا ص.5
4
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
اتيتا
تطوؽا ات كتحرا رينبا ظب ا ادليع ا إىلا مالمحا اتتحيد ا ظي ا ادلصويُتا اتق امىا يفا أنحاظ ا ك ا
كننتا ظلىا اتيححا اتتنيل :ا
.1توحيد الربوبية:
يمهوا تحيد ا اتوإحإد ا إحضححا يفا ظقد ةا ادلصوما اتق َل ا يفا كوحدا إت ا خنت ا ر َلا إوأ ا اتحوحدا
إأرإنإ ا كننس ا كأرض ا كمسنئ ا كر ا ص رتا مذ ا ات ظحةا إحوحدا مذاا الإت ا اخلنت ا منا اتفالسف ا ككبنرا
اتكهي ا كإفا اختلفتا أمسنءا مذاا الإت ا اخلنت ا منا مكنفا اعأخوا كمنا مذمبا آلخوا يفا دلسفنتا نشأةا
اتحوحد ا دنلإت ا اخلنت ا يفا مذمبا إيحنحا /ظُتا مشسا ؼلتلفا ظي ا يفا مذمبا ميف/ا مدتا رمدي ا دفيا
ـا مذمبا معوكؼا يفا تفسَتا نشأةا اتحوحدا أفا أصلا اتحوحدا كنفا
ا دكوا م يي ا إيحنحا /ظُتا مشسا يدثا أر
كدنفا ظمد ا الا هننئيا يسمىا (نحف)ا كظهوا منا مذاا اتكدنفا إت ا أزيلا محا (آتحـ) ا كظلا مذاا الإت ا متفودةا
يىت ا خل ا من ا نفس ا (شح) ا ك(تفيحت) ا اتلذاف ا تزاكون ا كتحت ا ظيهمن ا (وب) ا ك(نحت) ا يدت ا خل ا
1ا -ا زلم ا دتحي ا احلدنةا ات ييد ا يفا مصوا اتفوظحند ا ووي ةا اعأمواـا اجل ي ا اتكي ما اتحرري ا اتع د 320ا 16منرس.2019
5
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
اعأرضا كاتسمنء ا كر ا ظهوتا كي ةا اتوإحإد ا يفا مذاا ادلذمبا حت ي اا يفا إذلهنا اخلنت ا (آتحـ)ا كيفا مويل ا
تنتد ا أصبحا (رعا آتحـ) ا كر ا كردا مذاا يفا تسبدحا محو ا آلتحـا منا ظه ا ات كت ا اتحسطى.1
أمنا أصحنبا مذمبا ملفا مدتا رمدي ا دق ا أظليحاا أفا (إتنح)ا محا اتوبا اخلالؽا اتق َلا اعأزيل ا
كيعٍتا امس ا "اتفتنح"ا ك"اتبينء" ا ك"اخلالؽ"ا أيضن ا كأظلنا أصحنبا مذاا ادلذمبا أفا إتنحا محا اعأصلا
كاجلحمو ا كأن ا اتقلبا كاتلسنفا تكلا اآلذل ا رتدعن ا دذكوكاا ظنا مذا:ا "ككد ا اتينككسا اتذما ت إو ا اتعقلا
ا (اتفؤاد) ا كخوج ا إنتلسنف ا دق ر ا تكل ا شيء ا ر ر ا اصلزت ا اعأمحر ا رتدعن ا كأإ ظت ا اتفيحف ا رتدعهن ا أك ا
كتحدوا نشنطا اتب ينا كسعيا اتق مُتا كخلجنتا اعأظضنءا رتدعهن".ا كم ا هبذاا اتيصا كإغَت ا منا اتيصحصا
ا منا يَ َشنءُا ۚا إِذَاا ادلشنهب ا ت ا يقًتإحفا شلنا أك ت ا اتكتبا اتسمنكي ا ظنا رإحإد ا اهللا ظزا كول :ا ا "ا اتلَّ ُ َ
ا ؼلْلُ ُ َ
2
1ا -ا رينبا ظب ا ادليع ا إنظ ا مالمحا اتتحيد ا يفا مصوا اتق ؽل ا ربلا ظه ا إخينتحف ا دراسنتا يفا آثنرا اتحطنا اتعويب ا اتع د 13ا
ص.116
2ا -ا رينبا ظب ا ادليع ا إنظ ا ادلووعا نفس ا ص.116
3ا -ا سحرةا آؿا ظمواف ا اآلي :ا .47
4ا -ا رينبا ظب ا ادليع ا ادلووعا اتسنإ ا ص.112
6
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
تع د ا اتيط ا إنس ا زرادشت ا دديط ا يف ا اتلغ ا اتفنرسد ا اتق ؽل ا زاراشسًتا ا كييط ا يف ا اتلغ ا
اتبهلحي ا اتق ؽل ا زارهتسًتاا مثا يود ا اتدحننفا إىل ا زارتسًتكا كيوؼا اعأؼا اعأخَت ا تدأمسنءا اتبهلحي ا تيط ا
إنتيصب .3ا
ظنشا زراتحشًتاا "زرادشت"ا مؤسسا ات ينن ا اجل ي ةا يفا اتوإعا اعأخَتا منا اعأتفا 2ؽ.ـ ا كر ا
سندتا ديننت ا اجل ي ةا يفا الإمرباطحرينتا اتفنرسد ا يحايلا اعأتفا كاخلمسا منئ ا منا اتقوفا 6ا ؽ.ـا يىتا
اتقوف 7ـ ا كر ا ظودتا مذ ا ات ينن ا إنت ينن ا اتزرادشتد ا ككنفا الإغوي ا اتق منءا ر ا يحتحاا اس ا مؤسسا
7
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
مذ ا ات ينن ا من ا زرات حشًتاا إىل ا زركآسًتا ا كظ ك ا يكدمنا ميجمنا (دنجلذرا "آسًتا "ا مأخحذا منا كلم ا
آسًتكفا كاتيتا تعٍتا اتيجم ا مثا أخذا اآلخوكفا ظنا الإغوي ا مذاا اتتج ي .1ا
أمنا ظنا ات ينن ا اتزرادشتد ا اتيتا نسبتا إىلا زرادشتا كاتذما ييتسبا إىلا اعأرحاـا اآلري ا يدثا
تحاد تا مذ ا اعأخَتةا إىلا إالدا إيوافا ظلىا شكلا كوهنتا يسبا اتتسلسلا اتتنرؼليا (مندلا من ا إنرسيا
فا كركدا اجملمحظ ا اعأكىلا يفا ي كدا
من ا إنرتىا من)ا كيقص ا هب ا (ادلد يُت ا اتفنرسدُتا كاتفوثدُت) ا يدثا كن ا
أكاسطا اعأتفا اتثنٍلا ؽ.ـ ا كاستقوتا يفا شوؽا إيواف ا أمنا ات دع ا اتثنند ا دق ا كننتا يفا يحايلا أكاخوا
اعأتفا اتثنٍلا ؽ.ـا كاستقوتا يفا غوبا إيوافا كاتشمنؿا اتغويب.2
كنف ا أتبنع ا زرادشت ا يسج كف ا تلينر ا اتيت ا تومز ا تلوب ا احلكد ا أمحرامنزدا ا ( Ahura
)Mazdaا أك ا أكرمزد ا ( )ormuzdا كنبذ ا زرادشت ا ظبندة ا اآلذل ا اتيت ا آمن ا هبن ا اآلريحف ا كأإطلا
أسنطَتم ا كتق منهن ا كأخضعهنا كلهنا تإلت ا اتحاي ا يفا صواعا إُتا اخلَتا كاتشو ا كر ا خلصا ادلؤرخحفا -
ددمن ا إع -ا تنريخ ا مذا ا اتوسحؿا كتعنتدم ا كيدنت ا كأظمنت ا منا رلمحظ ا اعأننشد ا ادلحزكن ا اتيت ا يسمحهننا
( ) Gathaا كمي ا اعأسفنر ا ادلق س ا كر ا ثنر ا زرادشت ا ظلى ا معتق ات ا أسالد ا ك ا آذلته ا اتحثيد ا
ادلتع دة ا ككوسا دكوةا الإت ا اتحاي ا خنت ا اتكحفا "اتذما صيع ا حتتا إموت ا خالئ ا إذلد ا أكا صفنتا
ا ك(اترب) ا ك(اتفالح) ا ك(اتتفكَت ا اتصنئب ا ادلشف ) ا ك(اخللحد) ا ّ رلسم ا ت ا أمسنمن :ا (اتفكو ا اخلَت)
كتسبا تلعنملا أصلُتا خلفنا ربلا إنشنءا اتكحف ا علن:ا ركحا اخلَتا كركحا اتشو ا كنننا يلتقدنفا دد ا كعلنا يفا
صواعا دائ ا كظلىا اتعد ا أفا ؼلتنرا يفا أدعنت ا إُتا اخلَتا كاتشو".3
ادلوسل ا كاتوسنت ا ِ
ادتتح ا زرادشت ا دظحت ا تقحم ا إبدنف ا يقدق ا أركنف ا اتيبحءة ا اتثالث ا ادلوسل ا ك َ
ِ
ا دندلوسلا محا اهللا (أمحراا مزدا)ا اخلنت ا ادلكلف ا كذت ا يىتا تستبُتا تكلا دودا منا ونءا إ ا منا ظي ا رإ
ادلوسلا إتده ا محا زرادشتا اتذما يعودحن ا كإصف ا اتوسحؿا كاتييبا كالا يتمدزا ظيه ا إالا إنصطفنءا اهللا ت ا
ك َ
1ا -ا أ.ا س.ا مدغحتدفسكي ا أسوارا اآلذل ا كات ينننت ا تو:ا يسنفا سلنئدلا اسح ا دارا ظالءا ات ينا تليشو ا د.ت ا ص.73
2ا -ا طنتبا ميع ا يبدبا اتشموم ا اتزرادشتد ا ثيحي ا أـا تحيد ا رلل ا كلد ا اتًتإد /ا كاسط ا رس ا اتتنريخ ا كلد ا اتًتإد ا ونمع ا كاسط ا
اتع دا احلندما ظشو ا د.ت ا ص.115
3ا -ا ميجيا إإوامد ا ادلووعا اتسنإ ا ص.7
8
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
أمن ا اتوسنت ا دهي ا كيي ا اهلل ا كادلضمن ا يف ا كتنب ا دصل ا ذل ا دد ا كل ا من ا يتعل ا إنتتكلدف ا كإنتعالر ا
اتتكلدفد .1ا ا ا
اشتملا اتالمحتا اتزرادشيتا ظلىا اتكديحن ا كاحلشوا كاجلي ا كمي:ا مفنمد ا رويب ا منا اتالمحتا
اتفوظحٍل ا كادلحت ا يف ا اعأدينف ا اتسمنكي ا اتدهحدي ا ادلسدحد ا الإسالـ) ا كاتينر ا يف ا اتصحر ا اتزرادشيت ا
مي:ا رمزا اتوبا أمحرامنزدا ا كر ا جتلتا يفا ممنموا سلتلف :ا اتينرا اتسمنكي ا ننرا اتصحاظ ا كاتينرا اتيتا
دتيحا اجلس ا اتبشوما احلدنةا كات ؼء ا كاتينرا اتيتا كننحاا يشعلحهننا يفا ادلعنإ ا اتزرادشتد .2
ا دميذ ا إ اي ا تضنرإت ا اآلراء ا يحؿ ا من ا إذا ا كنف ا ات ين ا اتزرادشيت ا دين ا تحيد ا أـ ا غَت ا ذت
اتتكحينا إ أتا اتثيحي ا يفا ات ينا اتزرادشيت ا يدثا أفا اآلذل ا اخلنتق ا علنا آذلتنا اخلَتا كاتشوا كظربا ظيهمنا
زرادشت ا إنتتحأـ ا {ميذ ا اتب ء ا أظليت ا اتوكينف ا اتتحأمنف ا ظن ا طبدع ا كل ا ميهمن :ا اتطدب ا كاتشويوةا
(سبديتنمديدحا كانكوامديدح)ا دكوا طنموا كدكوا غَت ا طنمو ا كتكنا االختالؼا ملا إفا اتوكحا اخلَتةا كتحأـا
اتوكح ا اتشويوة ا مح ا امحرا ا مزدا ا أـ ا أهنن ا ركح ا أخول ا كيبقى ا امحرا ا مزدا ا دحرهمن ا مذا ا من ا مل ا يصوح ا إ ا
زرادشت .3ا
تكنا ظي ا اتتأملا يفا ات ظحةا اتيت ا ونءا هبنا زرادشتا أكؿا منا يلفتا االنتبن ا أفا زرادشتا دظنا إىلا
ات ا كاي ا كاتذما مسن ا "ا امحرا مزداا "ا كملا ي عا إىلا غَت ا كمذاا منا ددعا اتكثَتا منا اتبنيثُتا اىلا اتقحؿا إأفا
ات ينن ا اتزرادشتد ا كننتا تقحـا يفا اعأصلا ظلىا ظقد ةا اتتحيد ا ادلطل ا كاتتيزي ا اتكنملا تإلت ا "امحرامزداا "ا
يدثا تصف ا كتبه ا ادلق س ا إنتق رةا ادلطلق ا كالإرادةا كاتعل ا كمحا اخلنت ا تكلا شيءا كمحا يعل ا منا يفا
9
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
اتسمنءا كمنا يفا اعأرضا ككلا ادلخلحرنتا خنضع ا لإرادت 1ا كمنا أفا مذاا اعأخَتا طودا رتدعا اآلذل ا كأخذا
يتح ثا ظنا إت ا كاي ا اجملودا كاتذما محا كاي ا أي ا كيد ا إت ا اتفقواءا كاعأغيدنء ا كمحا اتوبا اتحاي .2
ادشتا أهننا تودضا
ا كر ا كننتا ات ينن ا اتزرادشتد ا يفا أصلهنا كمنا يتبُتا منا ات ظحةا اتيتا ونءا هبنا زر
كلا ممنموا اتشوؾا كاتحثيد ا دالا يحو ا غَتا امحرامزداا إت ا كالا ؽلل ا غَت ا اتق رةا كالا يشنرك ا يفا يكم ا أما
ا
ا زرادشتا
أي ا كظلىا مذاا دقفا رأما اتبنيثُتا يحؿا اتعقد ةا اتيتا ونءا هبنا زرادشتا اس ا الإت ا يفا دينن ا
"امحرامزدا" ا مًتكبا منا ثالث ا كلمنتا كميا "ا أمحا "ا كا "ا راا "ا كا "مزدا" ا كيعتق ا اتبنيثحفا يفا اتلغنتا
اتق ؽل ا أفا مذ ا اتكلمنتا تعٍتا "ا أننا "ا كا "ا اتحوحدا "ا كاخلنت ا "ا كظلىا مذاا اعأسنسا يكحفا معينمنا ي كرا
يحؿا صفنتا اتحوحدا كاخلل ا كاتق رةا ادلطلق ا كميا اتصفنتا اتيتا أضفنمنا زرادشتا ظلىا الإت ا اتذما دظنا
إتد .3ا
يقحؿا ظب ا اهللا مبلغىا اتعب اٍل ا يفا كتنإ ا يحؿا تنمحرا ا مزدا:ا "إت ا زرادشتا إت ا دائميا كأإ ما
كيعوؼا زرادشتا إأن ا يكد ا كننظوا كصنيبا ر رةا كظل ا اتذما أرادا أفا يصيعا ظندلنا يفا اتب اي ا صيعا
ركينا خنت ةا كاسع .4ا
خل ا زرادشتا إرثا دكوما دتثلا يفا نصحصا مق س ا ظودتا إػا كتنبا "أدستن"ا كيسمىا إنتعوإد ا
أإستنؽا أكا ستنؽ ا كمحا يعٍتا اعأصلا أكا ادلنتا كظلد ا شوحا يسمىا (زن )ا كمعين ا اتتفسَت ا مثا شوحا اتزن ا
إكتنبا مسيا (إنزن )ا كمعين ا تفسَتا اتتفسَت.5ا ا
كمذاا اتكتنبا ادلق سا ملا ي كفا يفا زمنا كاي ا إلا دكفا يفا أكرنتا سلتلف ا كملا يكنا كل ا منا كييا
زرادشتا تذت ا يحو ا دد ا اختالؼا كبَتا يفا أرسنم ا ادلختلف ا ككضححا كأدحؿ ا تفكوةا معدي ا منا رس ا إىلا
10
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
آخوا دفدمنا صل ا أفا زرادشتا ر ا ينربا اآلذل ا اتق ؽل ا اتيتا سبقتا دظحت ا كملا يذكوا ميهنا أي ا يفا اتغنثهنا
إنتتمجد ا صل ا أفا اتدسيهنا خصصا أي منا إىلا الإت ا مهوا اتذما يعتربا ات ا اتيصوا كاخلالصا ددمنا ربلا
اتزرادشتد ا مثا أضندحاا ت ا إعضا اخلصنئصا كادلهنـا اتيتا أندطتا إ ا ضمنا أطوا اتفكوا اتزرادشيتا دكفا اتطعنا
مبكنن ا امحراا مزداا ات ا زرادشتا اعأكي ا اتذما دظنا ت .1ا
محا اتفدلسحؼا اتذما رنؿا إقت ا كاحا تلكحف ا ككصف ا إأن ا تدسا كمثلا أي ا منا اتبشو ا كأن ا خَتا
دنضل ا ا كمنا ظودتا ظي ا ظبنراتا تيز ا اهللا كتصف ا إأن ا ر َلا كتدسا حبندثا كأن ا ثنإتا ال ا يتغَت ا يقحؿ:ا
"إفا اهللا ر َل ا عأفا كلا منمحا يندثا دهحا دنٍل ا إديمنا صف ا اتفينءا الا تينسبا اهلل ا كتذاا دنهللا ر َل ا كمحا
ثنإت ا الا يتغَت ا عأ فا كلا تغَتا محا تغَتا إىلا اعأسحأ ا كمذاا يتينىفا معا مقنـا اعأتحمد ا كيضدفا أفا اتينسا
ر ا أسنؤكاا إىلا اهللا دصحر ا كلا حبسبا ينت ا دنتزنجا غلعلحفا اآلذل ا سحدا اتشعحرا دطسا اعأنحؼ ا إديمنا
اتًتاردحفا غلعلحفا اآلذل ا زرؽا اتعدحفا ذميبا اتشعحر ا كتحا استطنظتا اتبقوا أكا اخلدلا أفا تصحرا اهللا دصحرت ا
يف ا صحرة ا اتبقو ا كاخلدل! ا كظلى ا مذا ا دقف ا اتينس ا ر ا صحرت ا اآلذل ا إصحرة ا الإنسنف ا كمل ا تكتف ا إلا
أضندتا أيضنا إىلا اآلذل ا اعأدعنؿا الإنسنند ا ات ندئ ا خصحصنا ظي ا محمَتكسا كمزيحد ا كا مذاا يتينىف ا أش ا
اتتينيفا معا اتتيزي ا اتحاوبا هلل ا عأفا اهللا ميز ا أفا يتصفا إصفنتا اتبشوا كدلنا كنفا اهللا محا اتكمنؿا دقفا اهللا
أيضنا كاي " .2ا
11
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
دق ا رألا إكسننحدنف ا أفا اتينسا م ا اتذينا إستح ثحاا اعأذل ا كالا يحو ا سحلا إت ا كاي ا كتكي ا
تدسا ظلىا مدئتينا كالا يفكوا مثلمنا نفكو ا دهحا ثنإتا ػلوؾا كلا شيءا إقحةا ظقل ا كإالا ظينء ا كملا يقفا
اكسننحدنفا ظي ا ي ا مذاا الإنتقندا إلا إن ا إ أا ظقد ت ا اتتحيد ي ا يفا إنتقند ا االذعا عأر ـا كأشهوا شعواءا
ا مثلا
ا الإغوي ا (محمَتكسا كا مدسدحدكس) اتلذافا سنعلنا يفا تص ا صفنتا سلجل ا كسلزي ا منا اتبشوا تدأذل
كحهن ا يسورحفا كيزنحفا كؼل ظحفا إعضه ا إعضن .1ا
يعود ا الإسالمدحفا إفنرمدي س ا كر ا كصفا اتحوحدا إنتحي ةا عأن ا الا شيءا غَتا اتحوحد ا کمنا
كصف ا إنتثبنتا عأفا كلا تغَتا دهحا منا اتحوحدا كإىلا اتحوحدا دهحا الا يتغَتا مطلقن ا كمحا هبذاا ر ا ظنرضا
مورلدطسا اتقنئلا إنتتغَتا ادلستمو ا كمنا اظتربا اتزمنفا كادلكنفا كا م ا زلض ا كاحلوك ا شلتيع ا عأفا احلوك ا إظلنا
تستلزـا كوحدا دضنءا دنرغا يتحوؾا دد ا اتشيء ا كتكنا اتشيءا إظلنا كم ا كمنا مثا دنتفضنءا اتفنرغ ا إهننا يفا
يقدقت ا اتالدواغ ا كمحا مع كـ ا كادلع كـا الا شيء .2ا
سقراط 585:ق.م
ا كنفا تأكد ا سقواطا ظلىا أن ا شخصا موسلا منا الإت ا إىلا م يي ا أثدين ا مذاا اتتأكد ا وعلا منا
كاوبنت ا نشوا اتفضدل ا كاعأخالؽا كاتعل ا إديه ا ككنفا اتذينا ينكمح ا ر ا اهتمح ا إأن ا الا يؤمنا إنآلذل ا
ظل ىا الإطالؽ ا كأن ا يولا اتشمسا يجوا كاتقموا يجوا كتدسا آذل ا تكنا سقواطا ظلىا منا يب كا ملا يكنا
يؤمنا إتع دا اآلذل ا كتيحظهنا ككنفا يولا أفا مينؾا إت ا كاي ا ذلذاا اتكحفا دكنفا يستغوبا شلنا يوكلا ظنا
شهحاتا اآلذل ا كظواكهنا كغل ا ات ينا إأن ا تكوَلا اتضمَتا اتيقيا تلع ات ا الإذلد ا الا تق َلا اتقواإُتا كتالكةا
اتصلحاتا معا تلطدخا اتيفسا إنلإمث ا ككنفا يؤمنا إنخللحد ا كأفا تكلا مينا مهم ا يفا مذ ا ات ندن ا كيعتق ا أفا
1ا -ا زلم ا ظب ا اتغٍت ا إعضا مالمحا اتفكوا اتدحننٍلا اتق َل ا ادلكتبا اجلنمعيا احل يث ا الإسكي ري ا 1999ا ص.156
2ا -ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص.186
12
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
اتيفس ا متمنيزة ا ظن ا اتب ف ا دال ا تفس ا إفسند ا إل ا ختلص ا إندلحت ا من ا سجيهن ا كتعحد ا إىل ا صفنءا
طبدعتهن.1ا ا
أرسطو433-495 :ق.م.
مثلا أرسطحا ات كر ا اعأخَتا منا أدكارا احلضنرةا اتدحننند ا دق ا كصلتا اتفلسف ا ظلىا ي ي ا رم ا
اتعقالند .3ا
ددمنا ؼلصا ادلعتق ا إحي اند ا الإت ا ظي ا أرسطحا دقفا مذا ا اعأخَتا اختذا منا اتيموا إىلا ظنمويتا
اتزمنفا كاحلوك ا اتيقط ا اعأسنسد ا اتيتا ييطل ا ميهن ا دنتزمنفا الا إ اي ا ت ا كالا هنني ا دهحا محوحدا ميذا اعأزؿا
كإىلا اعأإ .4ا
كمنا أفا اهللا ظي ا أرسطحا تدسا محا اهللا إندلعٌتا ات يٍتا اتذما يؤمنا إ ا ادلت ييحف ا تذت ا ملا ييسبا
إتد ا ارسطحا أـا اتصفنتا ات ات ا ظلىا يقدق ا اعأتحمد ا مثلا اتق رةا ظلىا اخلل ا كإإ اعا اتعنملا كت إَتا شؤكن ا
كاتعيني ا إ ا إظلنا محا احملوؾا اتذما ػلوؾا اعأشدنءا كالا يتحوؾ ا محا اتعقلا اتصنيفا احملض ا كمحا صحرةا اتصحرا
أما صحرةا تكلا صحرةا زلتمل ا اتتحق ا يفا اتحوحد .5ا
1ا -ا يحسفا كوـ ا تنريخا اتفلسف ا اتدحننند ا نشوا منا ربلا مؤسس ا مي اكما تلتعلد ا كاتثقند ا اتقنموة ا ط 2ا 1946ا ص.73
2ا -ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص.202
3ا -ا شوؼا ات ينا ظب ا احلمد ا أمُت ا ميهجا نزعا اعأسطحري ا تأكيلا أرسطحا تبعضا اتفالسف ا اتسنإقُتا ظلىا اتسحدسطنئدُت ا رلل ا كلد ا
اآلداب ا دكري ا أكندؽلد ا ظلمد ا زلكم ا ونمع ا سحمنج ا اتع دا 32ا منرس 2014ا ص.272
4ا -ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص.209
5ا -ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا نفس ا ص.212
13
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
أفالطون458-538 :ق.م
تق ا آمنا أدالطحفا إحوحدا إت ا ذلذاا اتكحفا كر ا ننؿا يفا دلسفت ا أمسىا مكنن ا يىتا دظن ا ادلفكوكفا
يف ا مشنرؽ ا اعأرض ا كمغنرهبن ا ب ا "أدالطحف ا الإذلي" ا كر ا تينكؿ ا أدالطحف ا س ا الإت ا يف ا كتب ا إأمسنءا
سلتلف ا دتنرة ا يسمد ا "ادلب ع" ا كاخول ا ي ظح ا "أإن ا اتكحف" ا كثنتث ا يطل ا ظلد ا اس ا "كتنب ا اتق اس "ا
كراإع ا يسمد ا "اتشمسا ادلعيحي "ا أكا "ملدكينا اعأظلى"ا اكا "زكسا احلقدقي"ا أكا "احليا إُتا اآلذل " .1ا
كمنا اجل يوا أفا نشَتا إىلا أفا أتحمد ا أدالطحفا تدستا مفوكض ا يفا كتب ا دوضنا يقدقدنا ظلىا ضلحا منا
تفعل ا ات ينننت ا إل ا تدست ا مقورة ا ددهن ا تقويوا ا صوػلن ا كاضحن ا كإظلن ا مستيبط ا استيبنطن ا من ا نصحص ا
ادلتفور ا كمذاا اتذما وعلا اتشواحا ؼلتلفحفا يفا إت ا أدالطحف .2ا
ظل ا االظًتاض ا رنئمن ا ظلى ا أف ا أدالطحف ا مل ا ييص ا ظلى ا اتتحيد ا إُت ا الإت ا كمثنؿ ا اخلَت ا يفا
نصحص ا تكنا أدالطحفا شب ا اخلَتا إنتشمسا كقت ا محوحدا يفا اتسمنء ا كإذاا كننتا اتشمسا إذلنا دمنا
إنبا أكىلا أفا يكحفا اخلَتا كمحا اعأبا الإت ا اعأكؿ .3ا
يع ا دحتفننجا شًتكر ا منا أنصنرا اتتحيد ا دجمعا إُتا مثنؿا اخلَتا ادلطل ا كالإت ا ظي ا أدالطحفا
رنئال:ا "إفا اتًتددا كاتتذإذبا ددمنا يتعل ا إعلحا ادلطل ا أكا تعنتد ا ؽلكنا تتبع ا إىلا دكوةا أدالطحفا ظنا اخلَت ا
كميا منا اتينيد ا اتفلسفد ا اخلنتص ا أصلا دكوةا ادلطل " ا كر ا استي ا شًتكر ا يفا رأي ا مذاا ظلىا منا نط ا
إ ا أدالطحفا إلسنفا سقواطا رنئال:ا "إفا اخلَتا إذات ا تدسا محوحدا ا كإظلنا محا شيءا يفحؽا اتحوحدا رحةا
كوالال".4
1ا -ا زلم ا خالب ا مشكل ا اعأتحمد ا دارا إيدنءا اتكتبا اتعوإد ا ظدسىا اتبنيبا احلليبا كشوكن ا 1947ـ ا ص.33ا
2ا -ا زلم ا خالب ا ادلووعا اتسنإ ا ص.34
3ا -ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص.245
4ا -ا سلدمنفا اتضنمو ا دلسف ا اتحوحدا ظي ا أدالطحف ا رلل ا ونمع ا دمش ا اجملل 21ا اتع دا 4-3ا 2005ا ا ص.286
14
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
اتشأْـا إفتحا أكت ا كسكحفا علزت ا كالا دت ا كددهنا تغ ا ثنتث ا كميا اتشنـا إغَتا علزةا كر ا تذكوا أكا
َ
تؤنث .1ا
كونءا يفا اتوكضا ادلعطنر ا اتشنـا مهمحزا اعأتفا كالا يهمز ا يفا الإرلد ا اخلنمس ا ردلا مسيا شنمنا
تشنمنتا مينؾا زتوا كسحد ا كملا ي خلهنا سنـا إنا نححا رط ا دقن ا رنؿا إعضا اتينس:ا إن ا أكؿا منا اختطهنا
دسمدتا إ ا كاس ا سنـا إنتسي ا دعوإتا دقدل:ا شنـ ا إنتشُتا ادلعجم ا ككننتا اتعوبا تقحؿ:ا منا خوجا
إىل ا اتشنـا نقصا ظمو ا كرتل ا نعد ا اتشنـ ا كربلا إفا اتينسا دلنا تفورتا تغنهت ا إبنإلا تدنمنا إبعضه ا ؽلُتا
اتشمسا كتشنءـا إعضه ا مشنال ا دسمدتا هبذاا الإس .2ا
كمن ا مسدت ا إالد ا اتشنـ ا أيضن ا إنس ا "سحري " ا كر ا اختلف ا اتبنيثحف ا يحؿ ا أصل ا تسمدتهن ا
دنتبعضا يذكوا أفا اتكتنبا ادلق سا أكردا إس ا سحري ا با (آراـ)ا نسب ا إىلا راـا أي ا أإينءا سنـا إنا نحح ا
عأفا أكثوا سكنهننا اتق منءا كننحاا منا صلب ا كاس ا آرـا يطل ا ظلىا أم ا ظ ي ةا ميهنا آرـا اتيهوينا (منا إُتا
اتيهوين)ا دول ا كاتفواتا كآراـا صحينا ا كيوادا هبنا سحري ا اجلحد ا (أما منا إُتا تبينفا اتغويبا كاتشوري) ا كر ا
أظطىا اتعوبا ذلذ ا اتبالدا إس ا (اتشنـ)ا تحرحظهنا إىلا اتدسنرا منا احلجنزا أمنا إس ا سحري ا دهيا ظوإد ا
استعمل ا اتبنإلدحفا كأطلقح ا ظلىا إرلد ا يفا اتفواتا اعأظلىا إنس ا (سحرم) ا أمنا إعضا ادلؤرخُتا ددذكوكفا
أف ا من ا مسي ا سحري ا هبذا ا الإس ا م ا اتدحننف ا دشنظوم ا محمَتكس ا أطل ا ظلى ا سكنهنن ا إس ا آرامدُت ا
1ا -ا ينرحتا احلمحم ا معج ا اتبل اف ا دارا صندر ا إَتكت ا ج 3ا ص.111
2ا -ا زلم ا ظب ا ادليع ا احلمَتم ا اتوكضا ادلعطنرا يفا خربا اعأرطنر ا حتقد :ا إيسنفا ظبنس ا مكتب ا تبينف ا ط 2ا 1984ا ص.331
15
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
خا اتدحننٍلا مَتكدكتا ()484ا ؽ.ـا محا اتذما أطل ا مذ ا اتتسمد ا كصوحا هبن ا كتتنإعا استخ امهنا
ا كادلؤر
إىلا يحمينا مذا .1ا
دنتشنـا مي ا ادليطق ا اتشمنتد ا منا اعأرضا اتعوإد ا كمنا ي ؿا ظلدهنا تفمهن 2ا كميا إدئ ا طبدعد ا
ذاتا ي كدا وغوادد ا دتدزمنا ظنا سحامن ا إذا ا ػل منا منا اتغوبا اتبحوا اعأإدضا ادلتحسط 3ا كمنا وه ا
اتشوؽا اتبندي ا منا أيل ا إىلا اتفوات ا أمنا منا وه ا اتشمنؿا دتح منا إالدا آسدنا اتصغولا كويحبا مصو .4ا
كظالكة ا ظلى ا أف ا إالد ا اتشنـ ا حتتل ا محرعن ا وغواددن ا متحسطن ا وعلهن ا إؤرة ا اتتقنء ا كتفنظل ا إُتا
يضنراتا أسدنا كأكركإنا كإدويقدن ا دقفا اتبدئ ا اتطبدعد ا ر ا ميحتهنا مدزةا أخولا منا يدثا اتتيحعا اتبدئيا
اتينتجا ظنا اختالؼا اتتضنريسا اتطبدعد ؛ا دكنفا سكنهننا ظلىا تحاصلا دائ ا معا أإينءا احلضنراتا اتكربلا
اتيت ا نشأت ا يف ا ادلينط ا اجملنكرة ا ال ا سدمن ا يف ا إالد ا اتواد ين ا كشب ا اجلزيوة ا اتعوإد ا كمصو ا اتق ؽل ا
كاعأننضحؿ .ا كإذا ا كنف ا هنو ا اتفوات ا يوإط ا أظنيل ا إالد ا اتشنـ ا إبالد ا اتواد ين ا كاعأننضحؿ ا دقف ا اتص عا
ريا تلبحوا ادلتحسطا
ا اآلسدحما -ا الإدويقيا يوإطا اتبالد ا رتدعهنا إأكاسطا إدويقدن ا ا كذت ا دقفا اتسنيلا اتشو
كنف ا كالا يزاؿا ا ظنمواا إندلحانئا اتبحوي ا اتيت ا رإطتا إالدا اتشنـا إغَتمنا منا ادلينط ا الا سدمنا إبالدا
الإغوي ا كمشنيلا إدويقدن ا أمنا ويحيبا إالدا اتشنـ ا ددتصلا إشمنيلا اجلزيوةا اتعوإد ا كمنا يتصلا مبصوا ظربا
صحواءا سدينء ا كتؤك ا ادلكتشفنتا اعأثوي ا كاتكتنإنتا اتق ؽل ا اتصالتا احلضنري ا إُتا إالدا اتشنـا كغَتمنا
منا ادلينط .5
ا
ا
1ا -ا أزت ا إمسنظدلا ظلي ا تنريخا إالدا اتشنـا ميذا منا ربلا ادلدالدا يىتا هنني ا اتعصوا اعأمحم ا دراس ا سدنسد ا إوتمنظد ا ارتصندي ا
دكوي ا كظسكوي .ا وحموةا اتشنـا تلطبع ا دارا دمش ا تليشو ا سحرين ا ط 3ا 1994ـ ا ص 27ا .28
2ا -ا ظفدفا اتبهسٍت ا اتشنـا احلضنرة ا اذلدئ ا اتعنم ا دلكتب ا االسكي ري ا دمش ا ط 1ا ص.6
3ا -ا مسعحدا اخلحن ا ادلحسحظ ا اتتنرؼلد ا "اتقنرات ا ادلينط ا ات كؿ ا اتبل اف ا ادل ف" ا ج 9ا إَتكت ا د.ط ا 1997ـ ا ص.320
4ا -ا زلم ا كودا ظلي ا خططا اتشنـ ا ج 1ا ادلكتب ا احل يث ا دمش ا د.ط ا 1925ـ ا ص.49
5ا -ا زي افا ظب ا اتكنيفا كفنيف ا إالدا اتشنـا يفا اتعصحرا اتق ؽل ا منا ظصحرا منا ربلا اتتنريخا يىتا اعأسكي را ادلق كٍل ا ونمع ا اتَتمحؾ ا
إرإ ا اعأردف ا 2011ا ص.28
16
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
ت راس ا احلضنرة ا أك ا اتبقنين ا احلضنري ا تبالد ا اتشنـ ا ربل ا ادلدالد ا كوب ا ظلى ا اتبنيثُت ا االظتمندا
كاستم ادا ادلعلحمنتا منا اتبقنينا اعأثوي ا إ الا منا اتحثنئ ا ادلكتحإ ا اتقلدل ا أكا اتيتا تكندا تيع ـ ا خنص ا كأفا
ميطق ا إالدا اتشنـا موةا ظلدهنا ظصحرا سلتلف .ا
إ اي ا اتعصحرا اتربكنزي ا صل ا أفا ميطق ا يحضا اتفواتا اعأكسطا اجلزيوةا اتسحري ا توتبطا ارتبنطنا
مبنشواا جبيحيبا إالدا اتواد ين ا أمنا ويحيبا إالدا اتشنـا ديج ا اآلثنرا ادلكتشف ا ددهنا تأخذا إعضنا منا مسنتا
احلضنرةا ادلصوي ا اتق ؽل ا إالا أفا مذ ا اتسمنتا اختلفتا إعضا اتشيءا يفا اتعصوا اتربكنزما ادلتحسطا معا
ظهحرا ادلمنت ا اآلمحري ا يفا ادليطق ا اتشورد ا كاتحسطىا تلبالد ا كسدطوةا اتكيعنندُتا ظلىا أغلبا ميطق ا
اتسنيلا اتشوريا تلبحوا ادلتحسط .1ا
مع ا هننينت ا اتعصو ا اتربكنزم ا ( 1200-1550ا ؽ.ـ) ا اختلفت ا اعأكضنع ا يف ا إالد ا اتشنـ ا
كخضعا مشنذلنا تلسدطوةا ادلدتنند ا كاحلثد ا كويحهبنا تلسدطوةا ادلصوي .2ا
كيُتا ظهوا اعأنبنطا ظلىا مسوحا اتتنريخا ارتسمتا ات كت ا اتكربلا كأصبحتا إالدا اتشنـا رلنالا
تلصواعا إُتا اتسلحردُتا كاتبطندل ا ككننتا اخلطحطا اتفنصل ا إُتا منتُتا ات كتتُتا يفا اتشنـا تتج ا مشنالا أكا
17
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
تيح ر ا ويحإن ا يسبا اتغلب ا كيع ا ظنـا 312ؽ.ـا إ اي ا اتتقحَلا اتسلحريا كيفا اتعنـا نفس ا تت ا أكؿا
زلنكت ا سلحرد ا لإخضنعا دكت ا اعأنبنطا إع ا أفا خضعا كلا منا ظ امنا منا إالدا اتشنـا تلسدطوةا اذللديد .1ا ا
يفا سي ا 168ؽ.ـا رنـا اتدهحدا إنتثحرةا ادلكنإد ا يفا كالي ا اتدهحدي ا شلنا اضطوا اتغمرباطحرا اتسلحريا
أفا ؽليحا اتدهحدا االستقالؿا كنشأتا دكت ا و ي ةا إىلا وحارا اعأنبنط .2ا
كيُت ا ونء ا إحميب ا إىل ا إالد ا اتشنـ ا دنحتن ا سي ا 64ا ؽ.ـ ا كنقل ا اتشنـ ا من ا اتسدطوة ا اتسلحرد ا
اتبطلمد ا إىلا اتسدندةا اتوكمنند ا كرغ ا زلنكالتا إحميبا تقلدشا اتدهحدي ا إىلا أصغوا يج ا إلغت ا تتتحسعا
ي كدا مذ ا ات كت ا يفا أينـا مَتكدا اتكبَتا كريثا ات كت ا احلشمحند ا يىتا منا تبثتا ات كتتُتا تت خلا يفا
صواعا ظلىا ندلا رضىا ات كت ا اعأـا (ات كت ا اتوكمنند ).3
تعترب ا اتشنـا زلط ا اتكثَتا منا أنبدنءا اهللا تعنىلا ظلده ا اتسالـ ا ككذت ا زلط ا اتكثَتا منا اتشعحبا كاتقبنئلا
اتيتا سكيتا اتشنـا ميذا اتق ـا كأدخلتا ظلحمهنا كثقندتهن ا كيفا مذاا ادلطلبا سحؼا طللصا إىلا ذكوا أكؿا منا نزؿا
إبالدا اتشنـا اتعتدق ا ددقحؿا اتشدخ:ا
روأتا يفا تنريخا دمش ا تلشدخا الإمنـا احلن دظا أيبا اتقنس ا ظليا إنا احلسنا إنا مب ا اهللا إنا ظب اهللا ادلعوكؼا
إنإنا ظسنکوا -ا رزت ا اهللا -ا إع ا سي ا ردع ا إىلا مشنـا إنا زلم ا ظنا أإد ا رنؿا :
"ا كنفا اتذما ظق ا ذل ا ا اعأتحي ا إبنإلا إحننظوا إنا نحح ا ديزؿا إيحا سنـا ادلج ؿ...ا ا كمحا ددمنا إُتا سنئد ا منا
ْ
إىلا اتبحوا كمنا إُتا اتدمنا إىلا اتشنـا ا كوعلا اهللا اتيبحةا كاتكتنبا كاجلمنؿا كاعأدم ا كاتبدنضا دده ا كنزؿا إيحا ينـا
رلویا اجليحبا كات إُّحرا كيقنؿا تتل ا اتينيد ا ات َّاركـ ا كا وعلا اهللا دده ا أدم ا كإدنضنا رلدال ا كأظموا إالدم ا كمسنءم ا
كردع ا ظيه ا اتطنظحف ا كوعل ا يف ا أرضه ا اعأثل ا ا كاعأراؾ ا ا كاتعشو ا ا كاتغنؼ ا كاتيخل ا كووت ا اتشمس ا كاتقمو ا يفا
1ا -ا إيسنف ا ظبنس ا حبحث ا يف ا تنريخ ا إالد ا اتشنـ ا تنريخ ا دكت ا اعأنبنط ا دار ا اتشوكؽ ا تليشو ا كاتتحزيع ا ظمنف ا اعأردف ا ط 1ا
1987ا ص.10
2ا -ا إيسنفا ظبنس ا ادلووعا اتسنإ ا ص.10
3ا -ا إيسنفا ظبنس ا ادلووعا نفس ا ص.11
18
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
اختلفت ا ات ينننت ا يسب ا اتشعحب ا اتيت ا سكيت ا إالد ا اتشنـ ا دلكل ا شعب ا دين ا ي نحف ا هبن ا ديج ا
اتفديدقدحفا اتيتا تمهوا تينا ادلصندرا كادلكتشفنتا اعأثوي ا يفا أزغنريتا ظنا ظبندهت ا تقحلا اتيمحا كاتتحات ا أما أفا ظبندهت ا
تقحـا ظلىا رحلا اتطبدع ا يدثا ظزكاا كلا منا يفا اتطبدع ا إىلا اتكحاكب ا الا سدمهنا ملكتهنا اتشمسا دعب كمن ا كاآلذل ا
ا كلمنا كنفا تبعلا خنص ا مشسد ا كنفا
ا ملا تكنا ظي م ا ذكحرا إلا كننتا آذل ا إننث ا دكننتا ظشوكفا زكو ا إعل ا أما أن
تلزكو ا اخلنص ا رموي ا كمنا كنفا ظي م ا ثنتحثا يفا معتق اهت ا يفا كلا م يي ا كيتا توام ا يعب كفا ثالث ا منا اآلذل ا أمنا
اذلدنكل ا دكننت ا تقحـ ا ظي م ا ظلى ا أسنس ا تزكي ا اآلذل ا مبسكن ا ذلن ا كأر مهن ا يووع ا إىل ا مطلع ا اعأتف ا اتثنند ا ربلا
ادلدالد 2ا كر ا اطلقحاا ظلىا اس ا إذله ا "إيل"ا ايلا تدسا سحلا اس ا نكوةا معين ا إت .3ا
كمنا تشَتا ات راسنتا إىلا ات كرا اتكبَتا اتذما تعب ا ادلحرعا احلضنرما تبالدا الإغوي ا يدثا وعلا روبا مذ ا
ات كت ا منا مواكزا احلضنرةا ادلتق م ا يفا مصوا كدديدقدنا كخدتنا كإالدا منا إُتا اتيهوينا تتأثوا إطويق ا مبنشوةا أكا غَتا مبنشوةا
هبن ا ديلمس ا مذا ا اتتأثو ا يف ا اجلننب ا اتعق م ا إتأثو ا مذ ا احلضنرات ا إنت ينننت ا اتيت ا سندت ا يف ا يضنرات ا اتشوؽا
اتق ؽل ا ديج ا أثوا رص ا إت ا اخلصبا دتحزا (الإت ا اتبنإلي)ا كأكزكريسا (الإت ا ادلصوم)ا اتلذينا تتج دا يدنهتمنا كلا ظنـ ا ا
كذاا ارتفنعا شأفا الإت ا آمحفا ادلصوما ظي ا الإغوي .4ا
1ا -ا اإنا ش ادا ظزا ات ينا زلم ا إنا ظليا إنا إإوامد ا اعأظالؽا اخلطَتةا يفا ذكوا أمواءا اتشنـا ا كاجلزيوة ا دمش ا ج 1ا 1953ـ ا
ص-19ا .20
2ا -ا أزت ا إمسنظدلا ظلي ا ادلووعا اتسنإ ا ص.44
3ا -ا أن ري ا إؽلنر ا وننُتا أكإحاي ا تنريخا احلضنراتا اتعنـ ا اتشوؽا كاتدحننفا اتق ؽل ا اجملل ا اعأكؿ ا ميشحراتا ظحي ات ا إَتكت ا إنرس ا
ص.260
4ا -ا دحزما مكنكم ا تنريخا اتعنملا الإغويقيا كيضنرت ا منا أر ـا ظصحر ا يىتا ظنـا 322ؽ.ـ ا دارا اتوشندا احل يث ا تليشوا كاتتحزيع ا
ات ارا اتبدضنء ا ط 1ا 1400ق1980/ـ ا ص 15ا .16
19
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
أمنا ظنا اتبنإلدُتا دقفا أدكنرم ا يفا اخلل ا كاتتكحينا تتحضحا إشكلهنا اعأكملا يفا ملحم ا اتتكحينا
اتبنإلد ا ادلعوكد ا إنس ا "االندحمنا ايلدش" ا كتع ا مذ ا ادللحم ا منا أر ـا ادلالي ا يفا اتعنملا اتق َلا يدثا
يعحدا تنريخا كتنإتهنا إىلا مطلعا اعأتفا اتثنٍلا ربلا ادلدالد .1ا
كنف ا تلبنإلدُت ا ثنتحث ا يسمى ا اتثنتحث ا اتكحكيب ا اتبنإلي ا متمثل ا يف ا اتقمو ا كؽلثل ا الإت ا سُتا
كاتشمسا كؽلثلهنا الإت ا مششا ككحكبا اتزموةا دتثل ا اآلذل ا ظشتنر .2ا
ككنف ا ظ د ا كبَت ا من ا اآلذل ا ظي ا اتسحمويُت ا يعب ا خالؿ ا اتعنـ ا كل ا إتق َل ا اتقواإُت ا كاتتمجد ا
كاتصالة ا ككنف ا الإت ا -ا اتسمنء ا ((آف)) ا كالإت ا اتويح ا (اتلدل) ا كالإت ا (انكي) ا كاآلذل ا اعأـ ا اتعمدم ا
(نيخحرسنج)ا أظم ا كأم ا أرإع ا إُتا رتدعا مذ ا ادلئنت ا منا اآلذل ا ككنفا الإت -ا اتويحا (انلدل)ا أم ا إت ا يفا
رلمعا اآلذل ا اتسحموما دكنفا يلقبا (أيبا اآلذل )ا كا (مل ا اتسمنءا كاعأرض) ا ك(مل ا اتبل افا رتدعهن)ا
ا تواتدل ا كو ت ا يف ا م يي ا نفوا
كؽلكيين ا أف ا نول ا ايًتاـ ا اتسحمويُت ا اتعمد ا تإلت ا (انلدل) ا من ا خالؿ ا
((اتلدل))ا منا يصلا أمو ا إىلا اإع ا مكنفا -ا كمنا كلمت ا ادلق س .3ا
كمن ا يذكو ا کوؽلو ا إأف ا مينؾ ا ثالث ا آذل ا مسنكي ا إىل ا وننب ا تل ا اآلذل ا اعأرإع ا اتوئدس ا كمي:ا
الإت -ا اتقموا (نننن)ا اتذما يعوؼا أيضنا إنس ا (سُت)ا ككنفا ظلىا منا يووحا منا أصلا سنمي ا كاإنا (نننن)ا
الإت ا اتشمسا (اكتح)ا كاإي ا (نننن)ا اآلذل ا (اييننن)ا اتيتا ظودتا ظي ا اتسنمدُتا إنس ا (ظشتنر)ا كرمبنا كننتا
مذ ا اآلذل ا اتسبع ا (أف)ا ك(انلدل)ا ك(انكي)ا ك(ندخحرسنج)ا كا (ننننا -ا سُت)ا ك(اكتح)ا كا (اييننن)ا ميا اتيتا
تؤتفا رلمحظ ا اآلذل ا اتسبع ا اتيتا كننتا (تق را ادلصنئو)ا ككننتا تلقموا ميزت ا ظممىا كمنا محا احلنؿا ظي ا
اتبنإلدُت ا كمحا الإت ا اعأثَت ا كمكننت ا ظي ا ظوبا اجليحبا أمسىا منا مكنن ا اتشمسا (اتالت)ا اتيتا كننتا
حلوارهتنا اتش ي ةا يفا اتصدفا تعوؼا إنس ا ذاتا زتد ا أكا ذاتا زت ا كتكنا اتقموا كنفا محا دتدلا احلندما
كرسحؿا اتقندل ا كتذت ا تقبا إنحلكد ا كاتق كسا كاتصندؽ ا ا كاتعندؿا كادلبنرؾا كادلعُتا كاحلنمي ا كمنا يعوؼا
1ا -ا يل زا داكدا سلمنف ا مقنرن ا إُتا ادلعتق اتا ات ييد ا تبالدا اتواد ينا كاتعوبا منا ربلا الإسالـا (دراس ا تنرؼلد ا مقنرن ) ا رلل ا موكزا
إنإلا تل راسنتا الإنسنند ا اجلنمع ا ادلستيصوي ا كلد ا اتًتإد ا رس ا اتتنريخ ا اجملل ا 5ا اتع د 1ا ص.197
2ا -ا يل زا داكدا سلمنف ا ادلووعا اتسنإ ا ص.198
3ا -ا يل زا داكدا سلمنف ا ادلووعا نفس ا ص.199
20
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
محسكنيتا الإذل ا ظشتنرا أهننا (أم ا آذل ا يفا سحمو ا ككنفا اتسحمويحفا يسمحهننا آننننا (إىلا وننبا صدغا
أخول)ا كمعٌتا مذاا االس ا يفا اتسحموي ا (سد ةا اتسمنء) ا كظشتنرا محا االس ا االك ما اتسنميا ا كنمَت ا
ظشتنرتا ت لا اتفديدقدُتا كاتعربيُتا (آذل ا أنثى)ا أكظشًتا ت لا ظوبا اجليحبا (ات ا ذكو ا كميا تأيتا يفا
ادلوتب ا إع ا (سن) ا اتقمو ا أإدهن ا كمشش ا أخدهن ا مبنشوة ا كمي ا أخت ا ارشدكدجنؿ ا آذل ا اتعنمل ا اتسفليا
اختصتا تيفسهنا إأتحم ا (ديلبنت)ا أما اتكحكبا دديحسا (اتزموة ا كإنت ا أكا آذل ا تلخصنـا كاحلوب ا يفا
يُتا أهننا ظلتا ميا ذاهتنا ظلىا منا كننتا ظلد ا أكالا أما اتعشدق ا اتسمنكي ا اتبغيا اتسمنكي ا شفدع ا
احلبا احلو .1ا
ربلا ا اتتطوؽا إىلا ادلعتق اتا ات ييد ا ظي ا اتدهحدا تزـا ظلدينا إضفنءا تعويفا كتحا إسدطا ظلىا مذ ا اتطنئف .ا
21
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
ظوؼا اتدهحدا إنس ا آخوا محا اتعرباندحفا اتذينا كننحاا منا ظ ادا ادلحو ا اتسنمدَّ ا اتثنند ا اتيتا خووتا
منا شب ا اجلزيوةا اتعوإد ا إىلا أطوادهن ا كمنا ظودحاا إنلإسوائدلدُتا أما اجملنم ينا معا اهلل ا كيب كاا أفا مؤالءا
اتدهحدا ر منءا يفا اجلزيوةا اتعوإد ا ميذا ظه ا ظندا كذتحد .1ا
ككننتا دلسطُتا مه ا اتدهحدا ميذا أر ـا اتعهحدا كميا صل ا اتحصلا إُتا إالدا اتعوبا كسحري ا منا
وه ا كمصوا منا وه ا أخول ا ككنفا جتنرا اتدهحدا يويلحفا إىلا سبأا يفا ظه ا سلدمنفا كإع .2ا
مل ا تحو ا سحلا اتقلدلا منا اآلثنرا اتعربي ا اتيتا تبُتا أر مد ا تعحدا تلقوفا اتثنمنا أكا اتتنسعا ربلا
ادلدالدا ظلىا أإع ا تق يو .3ا
أمنا ظنا ات ينا اتدهحدما كمنا تضمي ا منا تحيد ا إذليا دقفا اتيموا يفا أسفنرا اتعه ا اتق َلا تفد ا يفا
إدراؾا مضمحفا ات ظحةا تتحيد ا اهللا اتذما غنتبنا منا يطل ا ظلد ا اس ا "اتوب"ا كا "اهلل" ا كيفا إضعا رتلا
"يهح " ا ددمنا ييع ا مي ا تحاصلا اتوإنطا اتتحيد ما معا دظحةا أإحا االنبدنءا سد ننا إإوامد -ا معا ختصدصا
اتوإحإد ا تييبا إسوائدل ا يدثا كوسا "اتوب-ا إت "ا معا ختصدصا اتوإحإد ا تبٍتا إسوائدل ا يدثا كننتا كوسا
اتوبا –ا إت ا اتعرباندُتا معجزات ا دلحسىا ظلد ا اتسالـا خلالصه ا منا دوظحف .4ا
كمن ا أف ا اآلإنء ا اعأسبنط ا كننحا ا يسمحف ا إذله ا (إيل) ا كييعتحن ا إصفنت ا شىت ا (الإت ا اتعلي)ا
"تكحين-14ا "22ا اتوائيا " 16ا –ا "13ا اهللا اتق يوا ( )17:35:48ا الإت ا اتسمودم ا ( )21:33ا
كأفا اتتحيد ا الإسوائدليا ملا يكنا ذتوةا تفكَتا دلسفيا أكا تحيد اا سدنسدنا أكا تطحراا دييدن ا إظلنا محا تأكد ا
إؽلنٍل ا كأفا محسىا ملا يكنا إحسع ا أفا يكشفا إأفا "يهحة"ا محا الإت ا احلقدقيا تحا ملا يكنا ر ا ظوؼا "اهلل"ا
1ا -ا مسدحا دغد ا أدينفا كمعتق اتا اتعوبا ربلا الإسالـ ا محسحظ ا اعأدينفا اتسمنكي ا كاتحضعد ا 4ا دارا اتفكوا اتلبينٍل ا إَتكت ا
.55ا
2ا -ا مسدحا دغد ا ادلووعا اتسنإ ا ص.57
3ا -ا ييمو:ا يسنا ظنظن ا اتسنمدحفا كتغنهت ا تعويفا إنتقواإنتا اتلغحي ا كاحلضنري ا ظي ا اتعوب ا دارا اتقل ا دمش ا ات ارا اتشنمد ا
إَتكت ا ط 2ا 1410ق1990/ـ ا ص.60
4ا -ا مه ما يسُتا اتبصوم ا ادلووعا اتسنإ ا ص.20
22
المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق.م. الفصل األول:
منا ربل ا أكا منا دتدزا إنس ا "إيلا – ا إيلحمد "ا معا كلا منا يحييا إ ا مذاا االس ا منا ذكوينتا مثلا "إت ا
أإد "ا (خوكج 3ا :ا )6ا إت ا أإنئك ا (خوكج 3ا :ا )15ا أذلك ا (خوكجا ( 6ا :ا )7ا اتويد ا كاتوؤكؼا
(خوكج :34ا )6ا إذل ا (أشدنا :41ا )10ا أكا إصحرةا أإسطا اهللا ملحؾا ( :18ا :21ا :36ا )37ا
كتيشأا إُتا اهللا كاس ا يهحةا صل ا يد ا كو تد ا كأن ا تكيا يستطدعا أفا يكشفا ظنا نفس ا أن ا يهحةا يعوضا
إىلا إسوائدلا نفس ا كقت ا كتكي ا ظي منا يعلنا أن ا يهحةا يكشفا تينا إطويق ا و ي ةا منمد ا وحمو .1ا
كمنا رألا كهي ا اتدهحدا كظلمنؤم ا ميذا أكاخوا اتقوفا اتواإعا ربلا ادلدالدا أهن ا يوددكفا اس ا (يهح )ا
يفا كثَتا منا االستهنن ا كاالستهتنرا مبنا الا يلد ا إلفظا اجلالت ا ا دحومحاا ظلىا اجلمدعا اتيط ا هبذاا االس ا
دل ا يع ا ػللا عأي ا أفا ييط ا إ ا إالا رئدسا اتكهي ا كي ا أثينءا اتصالةا يفا اذلدكلا ا كمنا مثا أصبححاا
يُتا يوي كفا أفا ييطقحاا إنس ا اهللا يقحتحفا (أدكٍل)ا أما اتسد ا أكا اتوب ا كعلنا اتلفمنفا اتلذافا كرداا يفا
اتًترتنتا اتعوإد ا كر ا نسبا اتدهحدا إىلا اس ا (أدكٍلا )ا إعضا أمسنئه ا ا كمنا ذت ا (أدكٍلا صندؽا )ا
[يشحعا :ا ]1/10ا أما اتوبا ظندؿا .ا ك(أدكندنا )ا [صمحئدلا اتثنٍلا ]4/3:ا أما (اتوبا محا اهلل) .2ا
من ا خالؿ ا مذا ا اتفصل ا يتبُت ا تين ا أف ا إالد ا اتشنـ ا شه ت ا اتكثَت ا من ا اتشعحب ا كادلعتق اتا
إتعنرب ا اتزمنف ا كحهنن ا زلط ا تنرؼلد ا ال ا ؽلكن ا االستغينء ا ظيهن ا يف ا دراس ا اعأدكنر ا كادلعتق ات ا ات ييد ا
اتق ؽل ا اتيتا كننتا ظلىا أسنسا تق يسا رحلا اتطبدع ا دعب كاا مذ ا اتقحلا ظلىا شكلا آذل ا جتلبا ذل ا
اخلَتا كتبع ا ظيه ا اتشو ا ككلا إت ا كمنا اختصا إ .ا
23
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
سيكوف ىدفنا من ىذا الفصل ىو البحث عن الديانات التوحيدية يف بالد الشاـ يف
الفًتة اؼبمتدة قبل ميالد اؼبسيح وبعد سيدنا موسى عليو السالـ بعد تعريفنا يف الفصل االوؿ
للتوحيد وخصائصو وفلسفات األدياف فيو .
وبعد فقد توصلنا بالبحث والتحري يف التاريخ القدصل بصفة عامة وتاريخ سورية بصفة
خاصة إذل نتيجة مفادىا أف الديانة الوحيدة اليت عرفت التوحيد يف بالد الشاـ كانت ىي ديانة
العربانيُت اؼبتمثلة يف اليهودية ،لذا فقد كاف حديثنا وحبثنا مركز على ىذه الديانة بصفة عامة ،دوف
أف نتغافل عن الديانات االخرى الكبَتة واغبضارات السامية اليت سكنت أرض الشاـ يف ىذه
الفًتة كاغبضارة الكنعانية واآلرامية واألمورية فقد كاف ؽبذه اغبضارات أيضا دورا ىاما يف كتابات
تاريخ سويا الديٍت والدنيوي ،إال أننا تعرضنا إليو بشيء من االختصار بسبب امتداد تارىبها ؼبئات
السنُت وكثرة معبوداهتا ورموزىا الدينية الذي يدعوا ؼبن يريد البحث فيها إذل زبصيص عنواف
مستقل لدراستها والتعمق فيها أكثر.
و باؼبقابل فقد قمنا بدراسة اليهودية ودبا أهنا ؿبور حبثنا بشيء من التعمق فقد رأينا أصل
ىذه الديانة ومن ىم أتباعها كما تطرقنا إذل تعريف أنبياءىا الذين أرسلوا إليها .
أما فيما ىبص اؼببحث الثاشل فقد كاف موضوعو عن اليهودية بشكل كامل فقد تناوؿ
التوحيد اليهودي وخصائصو ومكوناتو ،إضافة إذل مسألة التعدد والوثنية يف اليهودية ومصادر ىذه
الوثنية والعوامل اليت هبا ربولت اليهودية من التوحيد إذل الشرؾ ،و من النماذج اليت أخذنا عن
اغبضارات اليت كاف ؽبا كبَت األثر يف صياغة ىي اغبضارة اؼبصرية وحضارات بالد الشاـ خاصة
الكنعانية واآلمورية.
25
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
المطلب األول :الديانات التوحيدية في بالد الشام فترة ما قبل المسيح .
اليهودية :نستهل ىذا الفصل بإذف اهلل بنضرة على الديانات التوحيدية يف بالد الشاـ واليت
كبصرىا يف الديانة اليهودية نضرا لعدـ وجود غَتىا وىو الراجح ،فالديانة اليهودية كما ىو
معروؼ "ىي ديانة العربانيُت من إبراىيم عليو السالـ ,واؼبعروفُت باألسباط (بٍت اسرائيل )الذي
أرسل اليهم موسى عليو السالـ مؤيدا بالتورات ليكوف ؽبم نبيا ،واليهودية ديانة يبدو أهنا منسوبة
ارل يهود الشعب ،وقد تكوف منسوبة اذل يهوذا احد ابناء يعقوب عليو السالـ وعممت على
الشعب على سبيل التغليب" ،1وؼبزيد من الدقة حوؿ أصل اليهود وأظبائهم عرب ـبتلف مراحل
تارىبيهم نذكر ما أورده زكي شنودة أف اعبد االوؿ لليهود حسب ما أوردت التورات نسبو ىو
إبراىيم الذي كاف من اعبنس السامي ىو وذريتو وقد نشأ قبل اؼبيالد بنحو ألفي عاـ يف عائلة
وثنية كانت تقيم يف أور الكلدانية الذين كانت دولتهم يف موضع دولة العراؽ حاليا ,وقد كاف
إبراىيم حسب التورات آرميا وؼبا نزح إذل أرض كنعاف فلسطُت حاليا لقبو الكنعانيوف بالعرباشل
حسب ما جاء يف سفر التكوين ,وضل اليهود معروفُت بالعربانيُت طواؿ اؼبدة اليت قضوىا يف مصر
وىي أربع ما ئة وثالثوف سنة وحُت اكبصر اليهود يف بٍت يعقوب بن اسحاؽ بن إبراىيم أصبحوا
معروفُت ببٍت يعقوب ٍب حُت أصبح اسم أبيهم إسرائيل أصبحوا معروفُت ببٍت إسرائيل ،أو
االسرائيليُت .أما لقب اليهود فقد جاء نسبة إذل يهوذا أحد أبناء يعقوب ورأس السبط الذي
أصبح معروؼ باظبو وكاف ىذا اللقب قاصرا على أبناء ىذا السبط دوف أبناء االحد عشر سبطا
2
االخرى .
-1مانع بن ضباد اعبهٍت ،اؼبوسوعة اؼبيسرة يف األدياف واؼبذاىب واألحزاب اؼبعاصرة ،ج ،1دار الندوة العاؼبية للطباعة والنشر
والتوزيع ،الطبعة الرابعة ،د.ت ،ص .495
-2زكي شنودة ،اؼبرجع السابق ،ص . 9-5
26
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
ونكتفي هبذا القدر دوف الشروع يف تقسيمات االسباط وما تفرع عنها ونكتفي بالنظرة العامة
كوهنا خادمة للموضوع وليست ىي جوىر اؼبوضوع.
-2الجانب العقدي وحظ الحكام فيه :أما فيما ىبص العقيدة اليهودية اليت تدعى أيضا
باؼبوسوية أو االسرائيلية فيقوؿ يوسف حسُت" دل تكن فبلكة يهوذا بعد السيب (القرف 6ؽ ـ)إذا
ما استثنينا عصر اؼبكابيُت دوؿ مستقلة إذ خضعت ألمم ـبتلفة مثل الفرس واليوناف والبالطمة
والسالجقة والروـ ،ويف صبيع تلك العصور كانت الديانة اليهودية خاضعة ألىواء اغباكمُت
فكَتوش الفارسي أوذل العقيدة اليهودية رعاية خاصة فنجده قد أباح لليهود إعادة بناء معبدىم يف
ارشليم عاـ 538ؽ ـ،إذ استطاع زروبابل تنفيذ الرغبة دبساعدة كبَت الكهنة اليهود ,وكاف قد عاد
من السيب ىوو يشوع وبعض االنبياء أمثاؿ حجاي وزكريا،ويعترب بناء ىذا اؼبعبد احملور الذي حولو
العقيدة اليهويدية وثقافة اليهود وقوميتهم .وسبضي فًتة وهبلس على عرش فارس اؼبلك ارتكسيس
االوؿ لوقبيمانوس 465/424ؽ ـ فتدخل يف مصَت اليهودية عقيدة وشعبا لعزرا اؼبقيم يف السيب
أف يأخذ معو إذل أورشليم كل يهودي يبغي العودة وطالبو اؼبلك أف يكيف اليهودية حسب كتاب
الشريعة الذي بُت يديو وقد تكوف ىذه الشرية تلك اؼبنسوبة إذل الكهنة أو اليت جاءتنا يف سفر
التثنية فرحل معا عزرا كبو ستة االؼ يهودي بينهم نفر من الكهنة والالويُت فغَتوا العقيدة
اليهودية اليت كانت قائمة يف فلسطُت وقتذاؾ وغذوىا بالنبوءات اليهودية اعبديدة اليت ظهرت يف
السيب وقد أثر ىذا النسيم اعبديد الذي جاء من بابل وىب على فلسطُت تػأثَتا قويا على العقيدة
وأعلن اليهود الفلسطينيوف قبوؽبم ؽبا ودانت اعبماعة بشريو عزرا .كما قبد يف تاريخ اليهودية يف
بالد الشاـ أف أعماؿ عزرا وكبميا حافظت على الديانة اليهودية اغبديثة وعلى اعبماعات اليهودية
من االندماج يف غَتىا وضياعها ،1ولعل غرض اؼبلك الفارسي وسياستو العقائدية االجتماعية اليت
إختطها لليهود واليهودية ىو خلق صباعة تتمتع بنوع من الذاٌب بتوجيو شيوخ اعبماعة من ناحية و
-1فؤاد حسُت علي ،اليهودية واليهودية واؼبسيحية ،معهد البحوث والدراسات العربية ،ص .3
27
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
الكهنة من ناحية أخرى ،وقد تكوف من الشيوخ والكهنة ؾبلس إستشاري يرأسو اغباخاـ االكرب
1
الذي اعًتؼ بالسيادة الفارسية.
ٍب مضت فًتة تقرب من قرف دل يصلنا فيها ما يلقي الضوء على اليهودية عقيدة وشعبا
حىت ورث االسكندر فارس وخضع اليهود واستسلموا لو من دوف ادسل مقاومة عاـ 334ؽ ـٍ .ب
آلت البالد إذل البالطمة 01- 3ؽ ـ وأطلقت اغبرية لليهود يف القياـ بطقوسهم الدينية حىت جاء
أنطيوخوس الرابع أبيفانوس وحاوؿ 175/164ؽ ـ نشر الثقافة اؽبلينية فاصطدـ باليهودية فإنتقم
منها أشد إنتقاـ وحوؿ اؼبعبد اليهودي دار لعبادة زويس,...وكانت النتيجة اؼبنتظرة ؽبذا االمتحاف
العقائدي أف ثار الكاىن متياس والتف حولو عدا اوالده كثَتوف من اليهود اؼبتدينُت وأخَتا كتب
النصر ألحد أبناءه وىو يهوذا اؼبكايب على الوثنيُت واؼبارقُت على اليهودية ،ويف شتاء 165ؽ ـ
استطاع يهوذا اؼبكايب من اعداد اؼبعبد إلقامة الطقوس اليهودية وإف ضل جزء كبَت من البالد يف
قبضة الوثنيُت ويف عاـ 164ؽ ـ إندحرت قوات يهوذا اماـ قوات اغباكم ليسياس وإف كاف قد
منح اليهود حرية العبادة وإقامة الشرائع الدينية اليهودية عاـ 163ؽ ـ .
ٍب آلت البالد إذل البالطمة 301ؽ ـ وأطلقت اغبرية لليهود يف القياـ بطقوسهم الدينية
حىت جاء أنطيوخوس الرابع أبيفانوس وحاوؿ 175/164ؽ ـ نشر الثقافة اؽبلينية فاصطدـ
باليهودية فإنتقم منها أشد إنتقاـ وحوؿ اؼبعبد اليهودي دار لعبادة زويس,...وكانت النتيجة
اؼبنتظ رة ؽبذا االمتحاف العقائدي أف ثار الكاىن متياس والتف حولو عدا اوالده كثَتوف من اليهود
اؼبتدينُت وأخَتا ك تب النصر ألحد أبناءه وىو يهوذا اؼبكايب على الوثنيُت واؼبارقُت على اليهودية،
ويف شتاء 165ؽ ـ استطاع يهوذا اؼبكايب من اعداد اؼبعبد إلقامة الطقوس اليهودية وإف ضل جزء
كبَت من البالد يف قبضة الوثنيُت ويف عاـ 164ؽ ـ اندحرت قوات يهوذا أماـ قوات اغباكم
ليسياس وإف كاف قد منح اليهود حرية العبادة وإقامة الشرائع الدينية اليهودية عاـ 163ؽ ـ.
28
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
حققت الثورة اؼبكابية غايتها يف بلوغ اغبرية الكاملة يف تأدية الشعائر الدينية فطمحت يف
ربقيق اغبرية السياسية أيضا ،لذلك استمر القتاؿ ناشبا حىت قتل يهوذا اؼبكايب 160ؽ ـ ،وخلفو
أخوه بوناثاف وقتل عاـ 144ؽ ـ ،وجاء بعده أخوه ظبعاف فكتب لو النصر والتوفيق حىت منحو
الشعب اليهودي عاـ 140ؽ ـ لقب االمارة والقيادة ورئاسة اغباخاميُت" ،1إضافة إذل ىذه
اللمحة التارىبية لليهودية يف بالد الشاـ فًتة ما قبل اؼبسيح رغم استمرار تارىبها بعد اؼبسيح أيضا،
فإف الديانة اليهودية كانت الديانة التوحيدية الوحيدة وكل االنبياء الذين بعثوا يف ىذه الفًتة وىذه
الرقعة بالتحديد جاءوا بالتوحيد اػبالص وجاءوا إلرشاد أقوامهم و تقوصل الزيغ الذي وقعوا فيو
نتيجة إتباع اىواءىم وتقليدىم للديانات والعبادات الوثنية اليت كانت منتشرة آف ذاؾ وىذا ما
سنتطرؽ إليو يف اؼبطلب اؼبخصص ألنبياء بٍت إسرائيل يف بالد الشاـ فًتة ما قبل اؼبسيح عليو
السالـ.
كما أنو من الواضح أننا دل نتحدث عن التوحيد يف اليهودية كيف كاف وماىي مقوماتو
واكبرافاتو فإننا قد خصصنا اؼببحث الثاشل من ىذا الفصل من أجل دراسة والتعمق فيو أكثر ألهنا
مسألة مهمة يف حبثنا حوؿ الديانات التوحيدية .
يف ىذا اعبزء من البحث سنحاوؿ االحاطة بثالث أكرب ديانات وثنية كانت يف بالد
الشاـ قبل اؼبسيح وعال رأسها األمورية ،فكما يذكر فليب حىت يف كتابو تاريخ سوريا ولبناف
وفلسطُت " أف أوؿ شعب سامي ىاـ حبث عن موطن لو يف بالد سورية وأقاـ فيها ىو الشعب
الذي ظباه جَتانو السومريوف يف الشرؽ باالموريُت وال ندري االسم الذي كاف يطلقو على نفسو,
فكلمة أموريُت إذا غَت سامية وتعٍت (الغربيُت) " 2،ودبا أف عنواف مطلبنا ىو اغبديث عن الديانة
29
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
وليس شيء آخر من سياسة أو فباليك أو غَتىا فسوؼ نركز عليو أكثر ففيما ىبص اآلموريُت
ومعبوداهتم فقد عبد االموريوف الكثَت من االؽبة وكاف تارىبهم الديٍت حافل باحملطات اؼبهمة لذى
يرجى مراجعة كتاب اؼبعتقدات اآلمورية للوقوؼ على ىذه احملطات وكبن االف بصدد ذكر االؽبة
اآل مورية يف بالد الشاـ فقط دوف الغوص يف التاريخ واعبذور االوذل ؽبذه الديانة لكي ال لبرخ عن
االطار الزماشل واؼبكاشل اؼبقرر بالدراسة.
اآللهة االمورية الشامية " :لعبت إيال وماري دورا ىاما يف نشر الديانة االمورية يف بالد الشاـ،
وما إف تكونت اؼبدف االمورية حىت اصبح لكي مدينة خصوصيتها وإؽبها اػباص ،وألف االموريُت
دل هبتمعوا يف الشاـ ضمن مدف كبَتة ,بل ضلوا على نضاـ دولة اؼبدينة حيث كل مدينة ربافظ
على إستقالؽبا وعبادهتا لذلك زادت الشقة بُت ىذه اؼبدف وبدت مع مطع االلف الوؿ قبل
اؼبيالد ،وكأهنا دوؿ صغَتة بل ومتحاربة يف كثَت من االحياف .
ظلت فبلكة إبال متمسكة بإلو قومي ؽبا (دجن) الذي كاف يعكس على مراحل ـبتلفة
ظواىر الشمس والطقس واػبصب ولكن صفة إلو الطقس كانت ىي الغالبة ،وكانت اإلؽبة االنثى
((بالتو) اليت ضبلت صفات اإلؽبة االـ ،واإلؽبة العذراء معا.
أما (عمور ) فقد كاف إؽبها القومي ىو ( أمورو) ذلك االلو االموري القدصل الذي كاف
يطلق عليو (مارتو) يف اللغة السومرية ,ويرجع أف إسم عموروا أشتق من إسم ىذا االلو او من إسم
الشعب األموري القدصل.
ويرجح أف إسم( عشَتتا) كاف إسم االؽبة الزوجة ألف ىناؾ الكثَت من االظباء ربمل إظبها وأشرىا
إسم اؼبلكة (عبدي عشَتتا) أي عبد االؽبة عشَتتا وال شك أف ىذه االؽبة زبتلف يف مواصفاهتا
عن االؽبة عشَتتا اليت صبعت صفات االمومة واغبصد كما عرفنا.
30
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
أما يف كركميش فقد عبد االلو (كميش) الذي ظهر يف إبال ،وتربز لنا يف (ماري ) إؽبة الينبوع اليت
ال نعرؼ إظبها الصريح رغم إعتقادنا أهنا قرينة إلو اؼباء (أيا) ,ورغم ذالك ضل االلو داجوف ىو
1
االلو الرئيس وزوجتو عشتار ويف يبحاض عبد ( حدد) كإلو رئيسي وزوجتو عشتار ".
الديانة الكنعانية :حسب ما جاء يف تاريخ سوريا ولبناف وفلسطُت" فإف الكنعانيوف الذين ظباىم
اليوناف بالفينيقيُت يف ما بعد ,ثاشل صباعة سامية لعبت دورا ىاما يف تاريخ سوريا بعد االموريُت ",2
كما إشتهرالعرب الكنعانيوف بأهنم بناة اغبضارة يف فلسطُت إثر بنائهم لعدة مدف معروفة كما أهنم
من بنو مدينة القدس وظبوىا بأور سالـ أي مدينة السالـ .أما فيما ىبص معتقدات الكنعانيُت
وآؽبتهم يف بالد الشاـ فقد كانت ديانة الكنعانيُت" ترتكز على عبادة قوى الطبيعة ومظاىرىا
وزبتص بتمجيد مظاىر اػبصب واالنتاج وقبد يف كتاب اؼبعتقدات الكنعانية أف الالىوتيُت
القدامى حذفوا ألسباب سياسية و دينية االؽبة القديبة ٍب جعلوا بعضها تابعة إللو إيل أو بعل .
ومنذ ظهور االلو بدأت االؽبة الكنعانية بالظهور قوية ورباوؿ أف تغطي جيل ىذا االلو يف أحضاف
الطبيعة الرطبة،أما جيل االلو بعل فجيل تتصارع فيو قوى اػبصوبة واعبفاؼ.
كاف االلو ايل كما ذكرنا يعرب عن الطبيعة،وكاف االلو الذكر ىو الو الطبيعة أما االنثى فلم تكن
سوى إعالف لقوة االلو الذكر تظهر خواصو وتقابلو،وكما أف البعل كاف االلو العظيم وكذلك كانت
عشًتوت اإللة الكربى كانت البعلة سبثل القمر,وكانت االؽبة تظهر أحيانا كثالوث يف مرتبة عليا
يسَت على بقية االؽبة كثالوث صيدوـ ( البعل وعشتاروت و أمشوف) وثالوث جيبل ( إيل و سبوز
وبعلة) وثالوث صور ( البعل وعشتاروت و ملكارت) وغَتىا .
وكانت االؽبة هتبط من السماء وربل يف االحجار والتماثيل اؼبخصصة ؽبا أو يف اعبباؿ اؼبسمات
بإظبها مثل جبل جرعوف وجبل صنوف ...اخل .
-1خزعل ماجدي ،اؼبعتقدات األمورية ،مكتبة االسكندرية ،القاىرة ،ص .86 -85
-2فليب حىت ،اؼبرجع السابق ،ص.102
31
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
وكاف االلو دبثابة االب بالنسبة للملك ،وربولت أظباء االؽبة إذل القاب كبَتة مثل ( ايلي = اؽبي)
(بعلي =سيدي) ( أدوناي = سيدي) " ،1وخالصة دين الكنعانيُت أف العالقة بُت السماء
واالرض كانت تتجسد من خالؿ مضاىر الطبيعة كاالمطار والعواصف والربؽ والرعود واػبصوبة
واعبفاؼ.
الديانة االرامية :كاف ظهور االراميُت يف ساحة التاريخ حسب ما ذكر خزعل اؼباجدي "بداية من
خروج موجات بشرية جديدة من جزيرة العرب يف حوارل االلف الثالث قبل اؼبيالد،عرفت
باؼبوجات السامية ،كاف من ابرزىا االراميوف حيث استوطنوا االجزاء الوسطى والشمالية من بالد
الشاـ،وبعد إستقرار االراميُت فيها تأثروا باغبضارة الكنعانية (االمورية والفينيقية واليبوسية) ,وأنشئوا
فبالك مدف كثَتة متفرقة،حيث اكتسبت ىذه اؼبمالك االرامية أنبية كربى لوقوعها على طريق
اؼبواصالت الرئيسي بُت بالد الرافدين وسواحل البحر اؼبتوسط،لكن ما يعيب ىذه اؼبماليك أهنا دل
تتحد مع بعضها البعض بل بقيت متفرقة مثل اؼبمالك الكنعانية والفينيقية إال أف آراـ دمشق اليت
تأسست يف أواخر القرف اغبادي عشر قبل اؼبيالد ظلت أعظم ىذه اؼبمالك االرامية قاطبة ,حيث
عاشت صراعا عنيفا بينها و بُت اليهود ،إستطاع ملكها بنهدد االوؿ أف يفرض االتاوة عليهم,
كما سبكن االراميوف بعد ذلك من تكوين دويالت عديدة يف ـبتلف أكباء الشرؽ االدسل إبتداء
مندولة ظبأؿ وعاصمتها زقبررل يف لعارل سورياٍ ،ب تعددت الدويالت االراميو يف سوريا بزعامة
دوؿ آراـ الكربى (ايبريشو ) وعاصمتها الشاـ أي (ريش آراـ) وىي دمشق وآراـ ضبات و آراـ
يبحاض (ضبص) ،ضل االراميوف يف مواقعهم وعرفوا أف يتكيفوا مع ـبتلف أنواع الشعوب اليت
2
تعاقبت يف إحتالؿ ىذه اؼبناطق".
32
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
أما عن عبادهتم فنجد أنو منذ ظهور االراميُت االوائل يف منتصف االلف الثالث قبل
اؼبيالد" ،إستقروا عال عبادة إلو واحد ودل يكونوا يعرفوف سواه ,وىو الو (حدد ) ,وىذا يعٍت أف
االراميُت ىم أصحاب نزعة التوحيد االوائل...إذ دل يكن التوحيد عندىم أحد اؼبعتقدات إضافة
اذل التفريد والتعدد( كما ىو اغباؿ عند العموديُت والكنعانيُت يف بالد الشاـ القدصل) بل كاف ىو
العقيدة االساسية بعد أف نسيت أو أنبلت قصة االسطورية اليت كانت (أـ) مركزىا" ,1إال أف ىذا
التوحيد دل يدـ طويال بسبب التأثر باغبضارات االخرى.
أما عن الديانة االرامية اؼبتأخرة ونتيجة ؽبذا االحتكاؾ والتأثر الذي تعرضت لو ىذه الديانة
" خاصة التأثَتات االشورية والبابلية اؼبستمدة من التقاليد الكنعانية ,تبٌت االراميوف عبادات
ومعتقدات أخرى فقد إختلطت ديانة االراميُت ومعتقداهتم ودل يكن ؽبم شيء واضح خاص هبم،
ويالحظ التباين يف الديانة االرامية بشكل أوضح يف نصوص القرف اػبامس قبل اؼبيالد يف مصر
حيث استقرت صباعة من اؼبهاجرين والالجئُت والتجار الناطقُت باالرامية باالضافة إذل مرتزقة يهود
وأراميُت ،عبد ىذا اجملتمع اػبليط من االؽبة ،تبُت لنا النقوش من بينها الو نابو واإللو بانيت من
بابل واالرباب االراميُت بيث إيل وعناة بيث إيل وملكات شيمن (ملكة السماء) ويظهر الو بيث
إيو يف إظبُت لربُت آخرين ال يقالف شعبية عن اسم بيث ايل( اسم بيت ايل) وحرـ بيث إيل( حرـ
بيت ايل)" ،2نضرا للتشابو والتداخل بُت آؽبة وعقائد االدياف الوثنية الثالثة اليت خصصنها
بالدراسة يبكننا أف نصف أدياف وعقائد بالد الشاـ القديبة إصباال بأهنا منظومة مركبة من العقائد
االمورية والكنعانية واالرامية اليت إختلطت أنسجتها ٍب ذابت يف ؿبيط واحد سرعاف ما أصبح
حاضنا لعقائد كالفارسية ،واالغريقية ،والرومانية ٍب رضبا لوالدة عقائد جديدة موحدة كاليهودية
3
.وهبذا نكوف قد أهنينا اعبزء اؼبتعلق بالديانات الوثنية يف بالد الشاـ بنوع من واؼبسيحية
33
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
االختصار كوف تاريخ ىذه الديانات الوثنية الثالث يبتد آلالؼ القروف لذا ال يبكننا االحاطت
بكل احملطات الكبَتة والرئيسية يف تاريخ ىذه الديانات ،كما أف موضوع ديانات بالد الشاـ
وبتاج أف يكوف حبثا مستقال لغزارة مادتو وكثرة رموزه العلمية وصبالية البحث فيو.
ىذا اعبزء من البحث سنخصصو بدراسة أنبياء بٍت إسرائيل يف بالد الشاـ من الفًتة
اؼبمتدة من بعثة سيدنا موسى وىاروف عليو السالـ إذل غاية بعثة سيدنا عيسى عليو السالـ
بشيء من االختصاروالتوقف عال االىم فقط :
موسى وهارون عليهما السالم :على الرغم من أف نيب اهلل موسى ولد وترعرع يف قصر فرعوف
دبصر ودل يكن تارىبو متعلقا ببالد الشاـ ،إال أف دراستو ضرورية يف تسلسل االحداث التارىبية
والدعوية لألنبياء من بعده ،وكما ىو معروؼ عن قصة موسى واألحداث اليت وقعت لو من قصة
الرجل الذي وكزه موسى فقضى عليو وفراره من مصر إذل مدين وتزوجو ىناؾ من إبنة الرجل
الصاحلٍ ،ب عودتو إذل مصر وما إف أدرؾ طور سيناء حىت ضل الطريق ،ويف ليلة مباركة أراد اهلل أف
ىبص موسى بكرامتو و نبوتو وكالمو ،وكاف اعبو باردا فرأى موسى نارا عن بعد فطلب من أىلو
أال يربحوا مكاهنم لعلو يأتيهم بقبس من النار يستضيئوف بو ،فلما وصل ناداه ربو { إِنٍَِّت أَنَا اللَّوُ
1
الص َالةَ لِ ِذ ْك ِري }.
اعبُ ْدِشل َوأَقِ ِم َّ
َال إَِٰلَوَ إَِّال أَنَا فَ ْ
وقد بُعث ؼبوسى أخاه ىاروف ىاروف وزيرا وأٌمرنبا اهلل تعاذل بلُت القوؿ مع فرعوفٍ ،ب أمرنبا
بأف يقوال لفرعوف إننا رسوال رب العاؼبُت إليك فأطلق سراح بٍت إسرائيل وال تعذهبم والسالـ عال
من اتبع اؽبدى .وقصة موسى مع فرعوف مشهورة إال أف ما يهمنا ىو أف موسى عندما سار ببٍت
34
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
إسرائيل ىروبا من فرعوف وجيشو وقصة إنفالؽ البحر وقباة بٍت إسرائيل مقابل غرؽ فرعوف وقومو
كلهم.
ؼبا وصل بنوا إسرائيل مع نبيهم موسى اذل ارض سيناء الصحراوية أخذوا تقدصل الطلبات
إذل موسى بعدما وجدوا الفرؽ شاسع بينها وبُت ارض النيل اػبصبة ،كما اف موسى قد تلقى
التورات وفيها الشرائع السماوية وقد ظهر االكبراؼ يف قومو وال سيما بعد الذىاب للقاء
ربو،وتسلم االلواح حيث زين ؽبم السامري عبادة العجلٍ ،ب طلبو من موسى عمل صنم ليعبد
فوخبهم على ذلك وىو ما سنتكلم عليو أيضا يف ثنايا اؼببحث القادـ ،وأراد أف هبعل لقومو مركزا
ِ ِ
َنت
بأ َ سياسيا فتوجو هبم إذل مدينة أروبا فقالوا لو {:إنَّا لَن نَّ ْد ُخلَ َها أَبَ ًدا َّما َد ُاموا ف َيها ۖ فَا ْذ َى ْ
1 ك فَػ َقاتَِال إِنَّا ىاىنَا قَ ِ
اع ُدو َف }. َُ َوَربُّ َ
وؼبا أحجموا عن دخوؿ االرض اؼبقدسة حلت هبم نقمة اهلل فتاىوا يف الصحراء أربعُت سنة ،وبعد
ذلك بأعواـ تويف ىاروف ٍب غبق بو موسى وبعد وفاتو شعر بٍت اسرائيل بسوء اعماؽبم وسخف
تصرفاهتم مع نبيهم فنصبوا يوشع بن نوف عليو السالـ ملكا عليهم وىو الذي عرب هبم هنر االردف
2
اذل اروبا حيث أقاموا فيها.
داوود عليه السالم :بعد وفاة يوشع بن نوف عليو السالـ اشتدت االزمات وسادت الفوضى بُت
بٍت إسرائيل يف فلسطُت ،وارتد كثَت منهم عن عقيدة اليهودية اذل الوثنية السائدة يف اجملتمع
الكنعاشل ،فنهض عدد من الزعماء احملليُت ؿباربُت ؼبثل ىذه اؼبعتقدات الباطلة وىؤالء ىم القضاة
اليت ظبيت حقبة من التاريخ اليهودي عليهم .ويف ىذه االثناء شن الفلسطينيوف ىجوما كبَتا على
35
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
بٍت اسرائيل وسبوا تابوت عهد الرب .كما قاـ اؼبديانيوف والعموريوف واؼبؤابيوف واالراميوف بشن
غارهتم ضد بٍت اسرائيل وساعدىم على ذلك حاؿ التفرقة اليت كانت سبزؽ االسباط االسرائيلية.
واستمر اغباؿ على ذلك حتا جاء النيب صاموئيل والذي قبح يف صبع فبثلي اسباط الشماؿ
واعبنوب ،ورشح ؽبم شاؤوؿ(طالوت) ملكا على بٍت اسرائيل فبايعوه يف اعبلجاؿ .قاؿ
ك َعلَْيػنَا َوَْكب ُن وت َملِ ًكا قَالُوا أ َّ
َسل يَ ُكو ُف لَوُ الْ ُملْ ُ اؿ َؽبُ ْم نَبِيُّػ ُه ْم إِ َّف اللَّ َو قَ ْد بَػ َع َ
ث لَ ُك ْم طَالُ َ تعاذلَ {:وقَ َ
ك ِمنْوُ }.1 أَح ُّق بِالْملْ ِ
َ ُ
فأخذ داوود يكافح من أجل إعالء كلمة اهلل ونشرىا داخل أرض فلسطُت بُت الكنعانيُت وبٍت
اسرائيل ،وبعد االستالء على القدس واستعادت تابوت العهد صارت الدولة يف عهده فبلكة قوية
ال سيما بعد أف استوذل عال دوؿ الكنعانيُت وضمها اذل دولتوٍ ،ب اخذ بالتوسع حىت أخضع
مؤاب وأدوـ وشرؽ االردف ،وبعدىا توجو إذل آراـ وزحف كبو دمشق واستوذل عليها وامتدت
َّاس بِا ْغبَق َوَال
ُت الن ِ
اح ُك ْم بَػ ْ َ اؾ َخلِي َفةً ِيف ْاأل َْر ِ
ض فَ ْ سيطرتو إذل ضباة .قاؿ تعاذل {:يَا َد ُاو ُد إِنَّا َج َعلْنَ َ
2
ك َع ْن َسبِ ِيل اللَّ ِو }. تَػتَّبِ ِع ا ْؽبوى فَػي ِ
ضلَّ َ ََ ُ
سليمان عليه السالم :ورث اؼبلك عن أبيو وعمره ثالث عشرة سنة ،وكاف مع حداثة سنو من
ذوي الفطنة والذكاء والكياسة والتدبَت ،كما اف اهلل اعطاه اغبكمة وحسن القضاء منذ نعومة
أضافره .
بعثو اهلل إذل بٍت إسرائيل ليدعوىم إذل عبادة اهلل وحده على منهج االنبياء والرسل الذين
سبقوه وكاف وبكم بينهم بنصوص التورات ،كما وصلت فبلكتو إذل أوج قوهتا .
36
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
إىتم باالعماؿ العمرانية فبٍت اؼبعبد اؼبركزي الذي كاف قد بدأه قبل موتو على ىيئة ضخمة
تليق دبكانة نيب ملك اوٌب ما دل يأت أحد من العاؼبُت ووىب ملك ال ينبغي ألحد من بعده،
ولفخامة اؽبيئة اليت بٌت عليها سليماف اؼبسجد االقصى اؼبعروؼ يف تاريخ بٍت اسرائيل باؽبيكل
نسب ىذا اؼبعبد إليو.
أسلمت لو كل بالد الشاـ ،فطمع دبلك سليماف أحد قادة اليهود وىو يربعاـ الذي قاد
ثورة ضدة لكنها فشلت فلجأ إذل فرعوف مصر ...اخل ،بعد موتو دب اػبالؼ والنزاع بُت
اؼبملكتُت الشمالية واعبنوبية.
زكريا ويحيا عليهما السالم " :بعث زكريا عليو السالـ إذل بٍت إسرائيل بعد أف كثرت بينهم
اؼبعاصي وفشت بينهم اؼبنكرات ،وانتشر الظلم وعم الفساد ،وتسلط على اغبكم جبابرة يعيثوف يف
االرض فسادا .وكاف أشدىم فتكا وإجراما ىَتودوس حاكم فلسطُت الذي أمر بقتل زكريا ووبيا
-2ؿبمد علي البار ،اهلل واالنبياء يف التورات والعهد القدصل ،الدار الشامية ،ص .515
37
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
فيما بعد ،فاستهل زكريا دعوتو فيهم بالدعوة إذل اهلل تعاذل ،ؿبذرا قومو من عواقب االمور إذا
استمروا يف ىذا الطريق اؼبعوج وضل داعيا فيهم على ىذا اغباؿ حىت وىن عظمو واشتعل رأسو
شيبا وطلب من ربو أف يرزقو ولدا كي ىبلفو يف ىذا اعبانب الدعوي ،ووبمل بدال عنو إعباء
الدعوة بعد وفاتو .فاستجاب لو ربو ووىبو وبيا عليو السالـ وقد كانت والدة وبِت قبل ميالد
اؼبسيح عيسى عليو السالـ بثالث أشهر حيث نشأ عليو السالـ على خطى والده عليو السالـ
ٍ ِ ِ
اب بِ ُق َّوة ۖ َوآتَػْيػنَاهُ ا ْغبُ ْك َم َ
صبِيًّا }
1
بالصالح والتقى .قاؿ تعاذل {:يَا َْوب َ َِٰت ُخذ الْكتَ َ
حيث وىبو اهلل منذ صغره اغبكم والعلم حىت صار نبيا حاؿ صباه ،سبيز بالرأفة والرضبة
واالقالع عن اؼبعاصي ،وحذرىم من عواقب االمور،وكاف يعمد الناس بغسلهم من الذنوب
واػبطايا يف هنر االردف وىو الذي عمد اؼبسيح عليو السالـ .
إختلف الرواة يف وفاة زكرياء عليو السالـ ىل مات مات موتا أو قتل قتال ،أما وبِت عليو
السالـ فقد أصبع الرواة على أنو مات مقتوال" 2.و ىكذا نكوف قد خلصنا من ذكر وتعريف
االنبياء الذين توالوا على بالد الشاـ ودعوهتم فيها ،وخالصة القوؿ أف كل االنبياء قد جاءوا
بالتوحيد وكانت حياهتم مستقيمة ودعوية فقد دعوا كلهم إذل التوحيد اػبالص ونبذ الشرؾ واالمر
باؼبعروؼ والنهي عن النكر يف أقوامهم ,بعكس ما يصورىم بو التورات من اكبرفات وارتكاب
اؼبعاصي حىت أف منهم من إفًتوا عليو حىت الشرؾ باهلل ,و ىناؾ باؼبقابل من االنبياء من تشابو
قصصهم حتا يف كثَت من التفاصيل مع القصص اؼبوجودة عندنا يف االسالـ .
-2سامي عبد اهلل اؼبغلوث ،أطلس تاريخ االنبياء والرسل ،اؼبرجع السابق ،ص .184
38
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
سنورد يف ىذا اؼبطلب حملة موجزة عن أىم أنبياء اليهود يف الفًتة اؼبمتدة من النيب موسى إذل آخر
نيب حسب أسفار التورات:
موسى :ال زبتلف قصة موسى يف التورات عن قصتو يف االسالـ إال يف بعض التفاصيل اليت ال
طائل من ذكرىا يف موضعنا ىذا نضرا لكوف إىتمامنا موجو لألنبياء الذين كانوا يف بالد الشاـ .
إال أننا نذكر أنو من أعظم اػبدمات تاٌب أداىا موسى ىي تدوينو للشريهة اليت أنزؽبا اهلل عليو يف
االسفار اػبمسة االوذل من التورات وىي :سفر التكوين،سفر اػبروج ,سفر الالويُت ،وسفر
العدد،سفر التثنية .وقد تضمنت ىذه االسفار فضال عن شريعة اهلل تاريخ البشرية من أف خلق اهلل
العادل ،كما تضمنت وصفا مفصال ػبروج اليهود من مصر ورحلتهم يف صحراء سيناء على مدى
أربعُت عاما كاملة ،وتضمنت نبوءات اؼبستقبل ال يبكن أف يتنبأ هبا إنساف إال بروح اهلل وإؽبامو .
وقد مات موسى كما قرر اهلل قبل أف يدخل اليهود أرض كنعاف ،وكاف قد بلغ من العمر مائة
1
وعشرين سنة ودل يعرؼ احد مكاف قربه.
تتحدث االسفار عن وفاتو {:فمات ىناؾ موسى عبد الرب يف ارض موآب حسب قوؿ
2
الرب ودفنو يف اعبواء يف أرض موآب مقابل بيت فغور ،ودل يعرؼ إنساف قربه إذل ىذا اليوـ}.
صموئيل :ظهر يف القرف اغبادي عشر قبل اؼبيالد ,وكاف آخر القضاة ،وقد وىبو اهلل روح النبوة
فكاف من أبرز أنبياء العهد القدصل ،وىو إبن ألفانة من عشَتة قهاة من سبط الوي ،وكانت أمة
تسمى حنة ،ودل تنجب أبناء فنذرت هلل إذا أعطاىا إبنا أف تنذره لعبادتو كل أياـ حياتو .
39
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
وفعال وىبها اهلل صموئيل فجاءت بو إذل اؽبيكل يف شيلوه وتركتو يف رعاية عارل الكاىن .وىناؾ
أعلن اهلل لو ذاتو ومسحو نبيا لو ،فلم يلبث بعد موت عارل أف أصبح قاضي اليهود ورئيس كهنتهم
وصاحب الكلمة العليا بينهم.
داود :ثاشل ملوؾ اليهود بعد شاوؿ ،قد إختاره اهلل بدؿ من شاوؿ ،وأمر صاويل النيب بأف يبسحو
ملكا لليهود .إشتهر بالقوة والشجاعة ،حىت كاف يقتل بيديو الدببة واالسود.
وتتشابو قصتو مع اؼبوجودة عندنا يف قصة شجاعتو وؿباربتو ألعداءه وقصة جالوت وطالوت وإف
كاف ىناؾ إختالؼ يف االظباء ،وقصة توسع وامتداد فبلكة اليهود إذل أقصى حدود وصلت إليها
يف كل تارىبها .إال أهنم نسبوا إليو إرتكاب االثاـ والفواحش واحتقاره لكالـ الرب ،وكذلك
سخط الرب عليو ومعاقبتو أشد العقاب ،كما تذكر التورات كيف تآمر أبناءه عليو أبشالوـ
وأدوناي لإلستالء على عرش داود ،وقد قتل جنود داود أبشالوـ وىكذا توالت االحزاف عليو إذل
على عصيانو وخطيئتو مع زوجة ارويا ،فتاب داود توبة صادقة وامتأل قلبو دبخافة اهلل وتقواه حىت
أصبح ال يفتئ يًتزل لو باؼبزامَت اليت تضمنت عددا كبَتا من النبوءات اليت ربققت حبذافرىا ،وال
سيما تلك اليت ربكي عن ؾبيء السيد اؼبسيح وصفاتو وضروؼ حياتو على االرض وموتو وقيامتو
وصعوده إذل السماء .ولعل أبلغ تعبَت عن اؼبكانة اليت إكتسبها داود بعد توبتو أف التورات تصفو
بأنو"رجل حسب قلب اهلل" ((صموئيل االوؿ ,))14:13وقد مات داود وىو يف السبعُت من
1
عمره بعد أف حكم اليهود أربعُت عاما،ودفن يف مدينة داود .
وحسب ماأورده زكي شنوده يف كتابو اليهودية بأف " داود نسبو ليس إسرائيليا خالصا ،وسفر
راعوف وبكي قصة ىذا النسب وأنبية النسب بالنسبة للفكر الذي حدده اليهود مع قياـ
2
دولتهم".
40
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
باإلضافة إذل االنبياء ناثاف وجاد وعدوا و النيب أخيا و مشعيا وحناشل وياىو وعزريا الذين
عاشوا يف أزماف متقاربة كبو القرف العاشر قبل اؼبيالد كما قبد منهم من كتب سفرا يتحدث عن
أعمالو ومنهم من دل يكتب سفرا خاصا بو ،إال أهنم كلهم دعوا أقواىم واؼبلوؾ الذين عاصروىم
إال التوحيد واالبتعاد عن عبادة االوثاف وحذروىم من غضب اهلل وعقابو ,وذلك حسب ما ورد يف
االسفار.
ومن األنبياء أيضا المشهورين في تاريخ بني إسرائيل ولهم وزن هم:
النبي ايليا :الذي يعترب من أعظم أنبياء بٍت إسرائيل ،وقد عاش يف القرف التاسع قبل اؼبيالد،
إنتقل إذل فبلكة إسرائيل الشماؿ حيث كاف وبكمها آخاب بن عمري ملك إسرائيل وزوجتو
الصيدونية الوثنية اليت نشرت عبادة البعل و االوثاف االخرى يف إسرائيل .كما قامت بقتل مئات
من انبياء بٍت إسرائيل ،ربدى إيليا آخاب بن عمري وإيزابيل وصبيع االنبياء الكذبة وىم أربع مائة
وطبسوف نبيا لبعل و أربع مائة نيب السواري ،ووضع إيلياء ثورا ذحبو على احملرقة دوف إيقاد النار،
فيدعوف الرب أيهم أتت نارا فأكلت الثور فهو الصادؽ .وقد فشل االنبياء الكذبة وقبح إيلياء و
أدى ذلك ألف يقوـ إيلياء والشعب بقتل االنبياء الكذبة .
ىرب إيلياء من إيزابيل إذل اعبنوب حىت وصل إذل بئر سبع يف فبلكة يهوذا ٍب إرربل أربعُت يوما إذل
جبل حوريب .وىنا تراءى اهلل أرسلو ليمسح ياىو ملكا على إسرائيل ويقضي على آخاب
وإيزابيل ،وليمسح حزائيل ملكا على االراميُت ويبسح اليسع نبيا ىبلفو .
ويعتقد اليهود أف إيلياء سيعود يف آخر الزمن ،ويقوؿ بعضهم أنو اؼبسيح النتتضر يف آخر الزماف.
1
ويعترب إيليا من أعظم أنبياء بٍت إسرائيل مكانة لديهم،بل إف مكانتو ال يضاىيها إال موسى.
-1ؿبمد علي البار ،اهلل واالنبياء عليهم السالـ ،دار الشامية ،ص . 519 - 517
41
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
اليسع :ىو تلميذ إيلياء وخليفتو وقد شاع يف فبلكة إسرائيل ايضا وىو من سبط يساكر بن
يعقوب ،وكانت بداية نبوتو عندما وجده إيلياء يف اغبقل فطرح رداءه عليو ومسحو نبيا ،وقد كاف
اليسع يتجوؿ يف اؼبدف والقرى يف فبلكتو إسرائيل يدعوىم لًتؾ عبادة االوثاف والعودة لعبادة اهلل .
كما قاـ اليشع بالكثَت من اؼبعجزات ،منها أنو كاف يأوي إذل بيت إمرأة شومبية كانت تكرمو
وتقدـ لو الطعاـ وزبدمو ،وذات يوـ مات إبنها فحزنت حزنا شديدا فتضرع إذل اهلل أعاد اغبياة إذل
إبنها ((سفر اؼبلوؾ الثاشل .))19-1: 5ومن االنبياء الذين عاصروا إيليا واليشع ىو النيب ميخا
بن يبلة الذي ظهر يف اؼبملكة اعبنوبية وعاصر من ملوكها يوثاـ و آحاز و حزقياؿ وقد كتب سفرا
من أسفار العهد القدصل وىو سفر ميخا الذي تضمن نبوءات عن خراب السامرة وأورشليم وسيب
اليهود ،كما تضمن نبوءات عن خراب مدف الوثنيُت أيضا وتنبأ دبجيء اؼبسيح اؼبنتظر ,كما إستمر
يف توبيخ يهوذا وإسرائيل على الفجور الذي فعلتو كل واحدة منهما ،ويهدد باػبراب والسيب
واؽبالؾ كما ينبئ بعودة بناء أورشليم بعد اػبراب وؾبيئ آشور ومدف مصر وبابل وسكاف االرض
من البحر اذل البحر ومن اعببل اذل اعببل منقادين للشعب الذي حل فيو روح اهلل ،الشعب
1
اؼبقدس ،شعب اهلل اؼبختار.
إضافة إذل النيب إشعيا بن آموص الذي من أنبياء بٍت إسرائيل اؼبشهورين وقد عاش يف
فبلكة يهوذا وكاف يف عصر أنبياء مثل ميخا اؼبورتشي ،و أرميا الذي يعد أيضا من أعظم اشهر
انبياء اليهود ،عاش يف القرف التاسع قبل اؼبيالد ,وكاف حُت دعاه اهلل لإلضطالع بالرسالة النبوية
ال يزاؿ صغَت السن.
وناحوـ الذي كتب سفرا نبويا معروفا بإظبو ضمن أسفار التورات ،فيو نبوءات عن سقوط
بعض الدوؿ يف يد دوؿ أخرى ،كما وصف يف بداية ىذا السفر صرامة اهلل كبو اػبطاة وؿببتو
لألبرار ،وأخَتا النيب حبقوؽ الذي كاف من سبط الوي وقد كتب سفرا نبويا ضمن اسفار التورات
42
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
اكد فيو أف االشرارمهما قبحوايف حياهتم على االرض فإهنم فإهنم سيالقوف جزاءىم اغبق يف ىذه
الدنيا أو يف االخرة ،ولذلك وصف حبقوؽ ؾبيء اهلل يف رعب عظيم يف اليوـ االخر ليدين البشر,
وبذلك نكوف قد خلصنا من اؼببحث اؼبتعلق بالديانات يف بالد الشاـ وما يندرج ربتو من النبوة
1
واالنبياء.
األصل يف اليهودية التوحيد دوف شك ،وإف دل يكن دينهم أوؿ دين توحيدي يف التاريخ"
فقد احتفظ الدين العربي بكيانو عرب العصور فالنظاـ الديٍت العربي كاف كامال يف جوىره ،وال
سيما يف الطقوس ،قبل إنشاء اؼبلكية ،وكاف دخوؿ العربيُت فلسطُت نقطة ربوؿ تاريخ التكوين
الديٍت العربي .وبداية الًتاث الديٍت القدصل إيباف الشعب بإلو واحد لو ىو يهوه الذي أعلن توراتو،
أي قانونو بلساف موسى ،وال يعرؼ معٌت إسم يهوه على وجو اليقُت ،ويف االية اؼبشهورة من سفر
اػبروج ( )14-3يفسره بعض العلماء بأف معناه {ىو الذي يكوف } ويفسره آخروف بأف معناه
يوجد } أي اػبالق ،وىناؾ أيضا تفسَتات أخرى ،ورب العربيُت ؿبجوب عن عُت{ ىو الذي ِ
االنساف إال يف حاالت معينة أشكاؿ خاصة ،وهبب أال يصور بأية صورة ،وليس لو مسكن
ثابت ،ولكن يبكن أف يكوف يف كل مكاف ،فإنو إلو شعب بدوي ,وىو ال أسرة لو ،وليس بذكر
2
أو أنثى ،وىو مقدس وعادؿ ,وقد عقد عهدا خاصا مع إسرائيل ،وجعل إسرائيل شعبو اؼبختار".
ومن ىنا نستنتج شيئا آخر وىو أنو ليس إلو عبميع البشر وإمبا ىو إلو قومي وىو ما سنخصص لو
عنواف يف نفس اؼبطلب نوضح فيو االرتباط القومي إللو العربانيُت بشيء من التفصيل .
43
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
إال القرآف الكرصل بُت لنا أف سيدنا موسى وىاروف عليهما السالـ قد جاءا إذل بٍت إسرائيل
وأرسال إذل فرعوف بالدعوة إذل إلو العاؼبُت رب اػبالئق أصبعُت ،قاؿ تعاذل {:فاتيا فرعوف فقوال إنا
رسل رب العاؼبُت},1وبعد ذلك قولو تعاذل { :قاؿ فرعوف وما رب العاؼبُت قاؿ رب السماوات
واالرض ومابينها إف كنتم موقنُت قاؿ للمإل حولو أال تستمعوف قاؿ ربكم ورب آبائكم االولُت إف
2
رسولكم الذي أرسل إليكم جملنوف قاؿ رب اؼبشرؽ واؼبغرب وما بينهما إف كنتم تعقلوف}.
ورغم ىذه الدعوه الصروبة لتوحيد اهلل وحده إال أف اليهود وعرب تارىبهم الديٍت بعد
موسى عليو السالـ وقبل أشعيا عليو السالـ قلما يفكروف يف االلو يهوه إلو االسباط صبيعا ،أو
حىت إلو العربانيُت صبيعا رغم تورل الدعوات والنبوات فيهم وىذا ما أشرنا إليو من قبل " ،فقد كاف
للموآبيُت إؽبهم مشش ،وكاف نعومي يظن أف ال ضَت يف اف يظل راعوث على والئو لو ،وكاف
يلزبوب إلو عكروف ،و ملكروـ إلو عموف ،ذلك أف النزعة االنفصالية اليت كانت تتملك نفوس
أوالئك القوـ من الناحيتتُت االقتصادية والسياسية قد أدت بطبيعة اغباؿ إذل ما تستطيع أف تسميو
إستقالال دينيا .ويقوؿ موسى يف أغنيتو الشهَتة {:من مثلك بُت االؽبة يا رب} 3ويقوؿ سليماف
{:إؽبمنا أعظم من صبيع االؽبة } ،4ودل يكن صبيع اليهود يعدوف سبوز إلو حقا فحسب ،بل إف
عبادتو فضال عن ىذا كانت يف وقت من االوقات منتشرة يف بالد اليهود حىت شكى حزقياؿ من
أف البكاء حزنا على سبوز كاف يسمع يف اؽبيكل .لقد كاف بُت اليهود من فوارؽ وما كاف ؽبم
أستقالؿ كاؼ ألف تبقى لطوائفهم آؽبتهم اػباصة حىت يف زمن أرميا { :على عدد مدنك صارت
آؽبتك يا يهوذا }ٍ ,ب يظهر النيب اغبزين غظبو على بٍت وطنو ألهنم يعبدوف بعال ومولك ،فلما أف
نشأت الوحدة السياسية يف اياـ داوود وسليماف ،وتركزت العبادة يف اؽبيكل بأورشليم أخذ الدين
44
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
يردد اصداء التاريخ والسياسة ،وأمسى يهوه إلو اليهود االوحد ،ودل وبط اليهود كبو التوحيد خطوة
غَت ىذه اػبطوة ،وىي أف لليهود إلو واحدا يعلو على آؽبة غَتىم من البشر ،حىت كاف زمن
االنبياء على أف الديانة العربانية حىت ىذه اؼبرحلة اليهودية كانت أقرب إذل التوحيد من كل دين
آخر قبل عصر االنبياء ،فقد كانت اليهودية تسموا كثَتا على غَتىا من أدياف ذلك الوقت يف
عظمها وسلطاهنا ويف وحدىا الفلسفية ،وفيما تنطوي عليو من ضباسة أخالقية وأثر يف نفوس
أىلها ،وكاف يغشى التفكَت اليهودي بأصبعو شعور بضآلة شأف االنساف أماـ رب قادر يسَت طوع
أمره" 1 .يقوؿ الدكتور كامل سعداف يف ىذا الصدد " إف الديانة العربانية تنفرد منذ نشأهتا دبيزة
خاصة فليس من النادر يف العادل أف يعًتؼ شعب بأولوية الو من آؽبة ،ولكن ليس من شعب يأىب
أف يعبد آؽبة آخرين يف الوقت نفسو ،وإذل ذلك فإف العربانيُت رغم ـبالطتهم للشعوب االجنبية،
يسَتوف قدما يف ربديد عقيدهتم الدينية اػباصة ،ومن اعبلي البُت أهنم ينتقلوف من عبادة إلو واحد
إذل االيباف بوجود إلو واحد ولكن ىذا االلو نفسو يتغَت" ,2فكانت نظرتو إذل اليهودية أهنا ديانة
متميزة ذات فلسفة توحيدية منذ عصورىا االوذل ،كما حكت أسفار العهد القدصل عن ىذا
التوحيد يف مواضع عديدة ،فمن احملاور االساسية عند اليهود واليت تأسس ؽبذا التوحيد اليهودي
ىو "ؿبور الوصايا العشر اؼبوحى هبا ؼبوسى عليو السالـ ،واليت حفظت مع سائر أسفار الشريعة
التوراتية ,وسبب حديثنا عن ىذه الوصايا ىو تركيزىا على عقيدة التوحيد خاصة يف الوصية االورل
والثانية" 3.وىي حسب سفر اػبروج يف السفر العشرين ،على الوجو التارل {:وتكلم اهلل هبذا
الكالـ كلو قائال :أنا الرب إؽبك الذي أخرجك من أرض مصر ,من دار العبودية ،ال يكن لك
-1ويل وايريل ديورونت ،قصة اغبضارة ،جزء ،2ؾبلد ،1دار اعبيل للنشر والطبع والتوزيع ،ص .244 ،243
45
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
آؽبة أخرى اذباىي ,ال تصنع لك منحوتا وال صورة شيء فبا يف السماء من فوؽ وال فبا يف االرض
1
من االسفل ،ومن اؼبياه ربت االرض ،ال تسجد ؽبا وال تعبدىا .}...
وىذه الوصايا يف حد ذاهتا "تضع اساس اجملتمع الديٍت الذي يقوـ على فكرة اهلل اؼبلك
القدوس الذي ال تدركو االبصار ،والذي ظبي شعبو بعدئذ شعب إسرائيل ،أو شعب اهلل ،وحرمت
اف تصور اهلل يف اي صورة منحوتة ،ونبذت كل اػبرافات كما نبذت فكرة ذبسيد االلو ،وحاولت
أف تصور اهلل منزىا عن صبيع االشكاؿ والصور" ,2وغبد اللحظة من حديثنا عن توحيد اليهود ال
هبب أف ننسى أو نتغافل عن شيء مهم أشرنا إلو يف ثنايا حبثنا وىو أف الديانو اليهودية يف أصلها
ديانة توحيدية جاء معظم أنبياءىا بالتوحيد اػبالص إال أف حقيقة توحيدىم حسب ما ورد يف
أسفار أنبياءىم اؼبزعومة ىو توحيد عنصري إللو عنصري قبلي ال يرى غَت االمة العربية وال يقر
بأي أمة أخرى أو عبادة أخرى بل ويقلل من شأهنم ووبتقرىم أشد االحتقار وىذا ما يدؿ على
عدـ استجابة اليهود للتوحيد اػبالص الذي جاء بو االنبياء عليهم السالـ واستبدالو بتوحيد إلو
وطٍت قبلي ؽبم وحدىم و ال يقر بغَتىم وجعلوا أنفسهم بناء على ىذا شعب اهلل اؼبختار .
اإلله القومي :كما ذكرنا سابقا أف توحيد العربيُت دل يكن توحيدا هلل رب العاؼبُت كما ىو معلوـ
ومعموؿ بو يف الديانات التوحيدية الصحيحة كاإلسالـ ،فنجد أف التورات ربوي على ماال يعد وال
وبصى من الدالئل اليت تدؿ على أف إلو اليهود وطٍت قبلي سار معهم عرب ـبتلف فًتات تارىبهم
فنجد الدكتور ؿبمود العقاد يقوؿ" من يتتبع نعوت يهوه من أوائل أياـ العربيُت يف أوطاف نشأهتم
وأوطاف ىجرهتم ،إال أواخرىا قبل عصر اؼبيالد اؼبسيحي دل يتبُت من تلك النعوت أهنم وسعوا أفق
العبادة ؽبذا االلو ،وال أهنم وسعوا ؾباؿ اغبظوة عنده ,بل إنو ليتبُت من نعوتو السابقة والالحقة
أهنم كانوا يضيقوف أفق عبادتو ,ووبصروف ؾباؿ اغبظوة عنده جيال بعد جيل ،فكاف شعبو اؼبختار
46
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
يف مبدأ االمر عاما شامال لقوـ إبراىيمٍ ،ب أصبح بعد بضعة قروف ؿبصورا على قوـ يعقوب بن
إسحاؽ ٍب أ صبح بعد ذلك ؿبصورا مقصورا على قوـ موسى ٍب على ابناء داوود وعلى من يدينوف
1
على عرشو بالوالء"
وىكذا ثبت العربانيوف على عبادة( يهوه) فكاف توحيدىم توحيدا قاصرا غلبت عليو النزعة
القومية واندثر فيو التوحيد الصحيح الذي بعث االنبياء رضواف اهلل عليهم ألجلو ،التوحيد الذي
يتساوى فيو اليهودي مع غَته ،ويكوف يف اهلل ىو رب الكل وخالق الكل ومنزه عن كل نقص
وعيب ،متصف بكل صفات االلوىية والربوبية ,ؿبب عبميع خلقو وليس االسرائيليُت دوف غَتىم،
ىذا ىو التوحيد الذي جاء ودعا إليو األنبياء من موسى إذل آخر نيب ،فاالكبراؼ الذي وقع فيو
العربيوف إمبا ىومن تأثَت االقواـ االخرى عليهم .
وخالصة القوؿ يف هناية ىذا اؼبطلب أف عقيدة التوحيد اليت جاء هبا موسى واالنبياء من
بعده ىي عقيدة صحيحة ،إال أف العربانيُت وحبكم تأثرىم باألقواـ االخرى حرفوا وبدلوا وىو ما
سنقف عليو يف ما تبقى .
تحول اليهودية من التوحيد إلى الوثنية :كما بينا سابقا بأف ديانة بٍت إسارائيل كما يصورىا
القرآف الكرصل وكما جاء هبا سيدنا موسى عليو السالـ كانت ديانة توحيدية "إال أف اليهود وعلى
مدار تارىبهم القدصل دل وبافظوا على ىذا التوحيد الذي أتاىم بو سيدنا موسى عليو السالـ ،وإمبا
تطلعوا إذل الشرؾ فازبذوا من من دونو آؽبة أخرى وحدث ىذا يف عهد سيدنا موسى وبعده،
وكذلك دل يستوعبوا الصورة اؼبنزىة هلل اليت وردت يف التورات اؼبنزلة ودل يرتفعوا إذل ما هبا من تنزيو
اهلل سبحانو فقصدوا إذل تصويره بصور حسية ونسبوا إليو صفات النقص واعبهل إذل غَتىا من
-1عباس ؿبمود العقاد ،حقائق االسالـ أباطيل خصومو ،هنضة مصر ،ص .39
47
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
صفات اغبوادث " ,1رغم توارل االنبياء والرساالت عليهم إال أف فهمهم كاف دوف فهم االنبياء
فزاغوا وبدلوا وحرفوا على مقتضى أىوائهم وما سبليو عليو جاىليتهم ووثنية الشعوب من حوؽبم .
فهم ونضرا لعقليتهم البدائية ونضرهتم اؼبادية لألشياء " دل يستطيعوا يف فًتة من فًتات تارىبهم أف
يستقروا على عبادة اهلل الواحد الذي دعى لو االنبياء ،وكاف إذباىهم إذل التجسيم والتعدد والنفعية
واضحا يف صبيع مراحل تارىبم ,وعلى الرغم من إرتباط وجودىم بإبراىيم إال أف البدائية الدينية
كانت طابعهم ،وتعد كثرة أنبيائهم كما رأينا يف اؼببحث السابق دليال على ذبدد الشرؾ فيهم،
وبالتارل ذبدد اغباجة إذل أنبياء هبددوف الدعوة إذل التوحيد ،وقد كانت ىذه الدعوات قليلة
اعبدوى على كل حاؿ ،فظهروا للتاريخ بدائيُت يعبدوف االرواح واالحجار ،وأحيانا مقلدين
يعبدوف معبودات االمم اجملاورة اليت كانت ؽبا حضارة وفكر ,كما قبد أيضا أف بٍت إسرائيل دل
يتخلوا قط عن عبادة العجل والكبش واغبمل ،ودل يستطع موسى من منع قطيعو من عبادة العجل
الذىيب ألف عبادة العجل كانت ال تزاؿ حية يف ذاكرهتم منذ أف كانوا يف مصر فضلوا زمنا طويال
يتخذوف ىذا اغبيواف رمزا إلؽبهم ،وتقرر التورات قصة الرجل الذي عمل ؽبم العجل ىو ىاروف
فعبدوه بعد أف تأخر موسى يف العودة إليهم ,وقد أعدـ موسى ثالشبائة رجل منهم عقابا ؽبم عال
عبادة ىذا الوثن ،إال أف عبادة العجل بقية تتجدد من حُت إذل حُت يف حياة بٍت إسرائيل فقد
عمل يربعاـ بن سليماف عجلي ذىب ليعبدىا أتباعو لكي ال وبتاجوف الذىاب إذل اؽبيكل ,وقد
عبد آىاب ملك إسرائيل االبقار بعد سليماف بقرف واحد ,كما يروي العهد القدصل أف موسى عمل
حية من كباس وأف بٍت إسرائيل عبدوىا بعد ذلك" ,2وىكذا ربكي أسفارىم ذبذر الشرؾ والوثنية
يف الشعب اليهودي وصعوبة اؼبهمة الدعوية على أنبيائهم يف القضاء على ىذا الشرؾ إستئصالو
منهم ،فكاف بذلك لكل عصر من عصورىم عبادهتم اػباصة هبم زيادة على ىذا فكما رأينا فقد
افًتوا على أنبيائهم الكذب وتطاولوا عليهم بقوؽبم على ىارووف أنو من عمل ؽبم العجل والقرآف
-1فتحي ؿبمد الزغيب ،تأثر اليهودية باألدياف الوثنية ،دار البشَت للثقافة والعلوـ االسالمية ،ص .634
-2أضبد شليب ،اليهودية ،مكتبة النهضة اؼبصرية ،طبعة الثامنة ،القاىرة ،1988 ،ص . 175- 173
48
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
الكرصل يقر بأف صانع كاف السامري ،كما أهنم نسبوا إذل موسى أنو صنع ؽبم حية من كباس وىذا
وارد يف أسفارىم وغَتىا من االفًتاءات اليت طالت االنبياء وحىت االلو يف حد ذاتو دل يسلم من
ىذه االفًتاءات.
تعدد االلهة في اليهودية :ونذكريف ىذا الصدد أف" االسرائيليُت االوائل كانوا قريبُت يف تصورىم
للخالق من القائلُت دببدأ تعدد االؽبة لذلك كاف من السهل جدا على االسرائيليُت االيباف بتعدد
االؽبة سواءا كانت من معبودات إسرائيلية أو أجنبية وذلك لسبب جوىري أال وىو أف فكرة
الوحدانية دل تكن قد شقت طريقها إليهم ,ومن اعبدير بالذكر أيضا أف لفظي (يهوه) و (إلوىيم )
ىبتلفاف فيما بينهما لغويا داللة وعقيدة ،فلفظ (يهوه) إسم كغَته من أظباء االعالـ اليت
تستخدمها اللغة عندما تريد أف سبيز فردا بعينو على سائر بٍت جنسو ،فلفظ (يهوه) يفيد أف معبودا
إذل جانب معبودات أخرى عرفها االسرائيليوف قديبا وقدسوىا ،أما لفظ (إلوىيم) فيعرب عن النوع,
لذلك جاءنا يف صورة اعبمع للتعبَت عن كثرة االؽبة فلم يكن يهوه االلو الوحيد الذي يعًتؼ اليهود
بوجوده أو يعًتؼ ىو نفسو بوجوه" ،1وبسبب عنادىم واذباىهم ألؽبة الشعوب االخرى بالعبادة
تكررت ربذيرات االلو ؽبم يف مواطن عديدة من التورات فقد جاء يف سفر اػبروج {:فإف مالكي
يسَت أمامك وهبيء بك إذل االموريُت واغبيثيُت والفرزيُت والكنعانيُت واغبوريُت واليبوسيُت فأبيدىم
ال تسجد ألؽبتهم وال تعبدىا وال تعمل كأعماؽبم بل تبيدىم وتكسر أصنامهم ،واعبدوا الرب
إؽبمكم} ,2ومن التحذيرات ايضا ما ورد يف سفر التثنية من قولو {:وإذا أغواؾ سرا أخوؾ ابن
امك وابيك أو ابنك او ابنتك أو امرأة حضنك أو صاحبك الذي مثل نفسك قائال نذىب نعبد
آؽبة أخرى دل تعرفها أنت ،وال آباءؾ ،من آؽبة الشعوب االخرى الذي حولك القريبُت منك أو
البعيدين عنك من أقصى االرض إذل أقصاىا فال ترض منو وال تسمع لو } ،3و نستنتج من ىذه
-1فؤاد حسُت علي ،اليهودية واليهودية واؼبسيحية ،معهد البحوث والدراسات العربية ،ص .11
-2سفر اػبروج.)23:23( :
-3سفر التثنية.)6:13( :
49
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
التحذيرات الذي طاؿ اؼبنحرفُت من اليهود إذل آؽبة الشعوب االخرى أف إلو العربايُت كاف يقر
بوجود ألو اخرى من دونو إال أنو كاف إلو غيور يغارإذا توجو أحد من اليهود إذل غَته من إلو
الشعوب االخرى ,ومن ىنا وحبسب ما أوردنا وما سنورد فإف التعدد والتجسيم ىو الصفة البارزة
يف العقلية اليهودية ودل يستقروا بإتفاؽ العلماء على التوحيد النقي طواؿ تارىبهم فقد تعددت
اظباء االؽبة واؼبعبودات عندىم فنجدىم عبدوا معبودات اؼبصريُت كما تأثروا بآؽبة االمم السامية
والغَت السامية حتا أهنم أخذوا من الفلسفات اليونانية وغَتىا ودل يًتكوا وال عبادة ودل يركنوا إليها
ويأخذوا منها ما استطاعوا من فلسفات وينسبوىا إليهم ،والتاريخ وأسفار الكتاب اؼبقدس
عندىم خَت شاىد على ذلك .
ويف صدد حديثنا عن التعدد واالكبراؼ عن عبادة االلو الواحد يقوؿ الدكتور أندريو إيبار
يف كتابو تاريخ اغبضارات العاـ " إقامة العربانيُت يف كنعاف ،وتشتتهم و استيطاهنم يف وسط
شعوب ؽبا آؽبتها وعباداهتا ،وصفة ىذه العبادات الزراعية ,وروابط ىذه االؽبة القديبة باؼبواقع
والينابيع واالشجار والصخور واعبباؿ ،كل ذلك كاف مدعات ألعداء شبو ؿبتم ،وبالفعل فإف
العربانيُت دل يقفوا أحيانا عند حد التأثر دبغريات بعل وعشتَت الكنعانيُت ومعابدنبا وأصنامهما و
طقوسهما ،بل ذباوزنبا إذل البلداف النائية اليت أثر آؽبتها يف اؼبلكية نفسها ،حتا يف أياـ ؾبدىا كما
1
يف عهد سليماف مثال" .
وىكذا كاف حاؿ العربانيُت يف التأثر دبعتقدات االمم االخرى غَت مبالُت برساؽبم
والتشريعات اليت جاء هبا أنبياءىم .
-1أندريو ايبار ،تاريخ اغبضارات العاـ ،اجمللد االوؿ ،منشورات عويدات بَتوت ،لبناف ،ص .270
50
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
كما سبق و ذكرنا يف غَت موضع من ىذا البحث أف بنوا إسرائيل وحبكم ومعاصرهتم
ألقواـ كثر عرب تارىبهم الطويل قد تأثروا هبم يف ؾباالت عدة سواء العقدية أو االجتماعية أو
غَتىا ،إال أهنم أثروا عليهم بطبيعة اغباؿ ،إال أف مقدار ما تأثروا بو وأدخلوه ونسبوه إليهم من
ربريفات يف الدين وغَته كاف كبَتا جدا ،ومن ىذه اغبضارات تأثر هبا العربانيوف ىي اغبضارة
اؼبصرية حبكم عيشهم فيها مدة طويلة من الزمن حىت تشربوا بتعاليمهم اؼبختلفة وإىتدوا إذل
طريقهم يف العبادة واغبياة العامة
وفبن أكدوا ىذه النظرة ودافعوا عليها ىو اؼبؤرخ جيمس ىانري بريشيد الذي يرى بأف
عقيدة اليهود مفعمة بالعقائد االجنبية وخاصة اؼبصرية فنجده يقوؿ يف كتابو فجر الضمَت" أما يف
االخالؽ والدين والتفكَت االجتماعي بوجو عاـ ،فإننا قبدىم قد بنوا حياهتم على االسس اؼبصرية
القديبة فاالسًتائيليوف وحتا بعد إستطاهنم لفلسطُت كانوا يف الواقع يسكنوف أرضا من االمالؾ
اؼبصرية مضى عليها على ىذه اغباؿ قرونا بأكملها" .1وقبد عبد احملسن اػبشاب يف ىذا الصدد
أيضا يقوؿ " فعراقة مصر وحكمة ديانتها القديبة منذ فجر التاريخ وذبربتها وفلسفتها كانت منهال
لغَتىا من االمم واسبد منها اليهود حكمتهم بل وأخذوا من مصر كل شيء غبياهتم الروحية
والدنيوية " ،2إذ أف حضارة اليهود وتراثهم الفٍت والديٍت واالخالقي والفلسفي وغَته كاف مأخوذ
من حضارة اؼبصريُت بصفة مبالغ فيها .
إال ما يهمنا وىبدـ حبثنا أكثر ىو جانب العبادات أي اؼبعبودات اليت تأثر هبا العربانيوف
من اغبضارة اؼبصرية وأىم عبادة نذكرىا ىي عبادة العجوؿ اليت الزمتهم ودل يستطيعوا تركها
ونبذىا رغم خروجهم من مصر وضلت عبادة العجوؿ حية يف ذاكرهتم ومتجددة يف تارىبهم من
-1جيمس ىانري بريشيد ،فجر الضمَت ،اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتاب ،ص .414
-2عبد احملسن اػبشاب ،تاريخ اليهود القدصل دبصر ،مكتبة مدبورل ،الطبعة األوذل ،ص .45
51
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
حُت إذل حُت ،إذل جانب العبادات االخرى ،جاء يف سفر حزقياؿ {:ورفعت يدي لبيت نسل
يعقوب ورفتهم نفسي يف أرض مصر ورفعت ؽبم قائال أنا الرب إؽبكم يف ذلك اليوـ رفعت لكم
يدي ألخرجكم من أرض مصر ,...وقلت ؽبم إطرحوا كل إنساف منكم أرجاساعينيو وال تتنجسوا
بأصناـ مصر أنا الرب إؽبكم ،فتمردوا علي ودل يريدوا أف يسمعوا إرل ودل يطرح االنساف منهم
أرجاس عينيو ،ودل يًتكوا أصناـ مصر فقلت إشل أسكب خزيي عليهم ألًب عليهم سخطي يف وسط
أرض مصر} ،1فقد أقرت أسفار العهد العتيق يف غَت موضع عن ذبذر الوثنية والشرؾ يف نفوس
اليهود رغم التحذيرات الواضحة بالوعيد وسوء العاقبة ؼبن يفعل ذلك منهم ،ولذلك وكما يرى
الدكتوراػبشاب يف سبب ىروب موسى بدينو وقومو بيقوؿ " كاف موسى يطلب االبتعاد بقومو وأف
يعزؽبم بأف ينأى هبم أو بدينو اعبديد فيبعدىم عما يفعلو اؼبصريوف وما يعتقدوف زبلصا فبا كاف
2
عليو قومو قبل رسالتو من من مشاركة اؼبصريُت عقائدىم وتقاليدىم ".
فرغم رغم دعوة موسى ؽبم وؿباوالتو لتخليصهم من الشرؾ والوثنية فقد ضلوا متمسكُت هبا
يًتبصوف أصغر االسباب والدوافع إلعادة إحياءىا والتضرع إليها ،يقوؿ يف ىذا الصدد الدكتور
ؿبمد الزغيب يف كتابو تأثر اليهودية بالديانات الوثنية " واستمر اليهود حىت بعد خروجهم من مصر
يف التعلق بآؽبة اؼبصريُت قفاموا بعبادة العجل الذىيب يف سيناء ،كما أدخل يربعاـ (ملك إسرائيل )
عبادة عجلُت من ذىب يف فبلكتو ،ولذلك فإف أبرز آؽبة اؼبصريُت اليت تأثر هبا اليهود متمثلة ي
العجوؿ الذىبية " ,3فهم كانوا ال يروف إال ما كانوا عليو قبل موسى من صفاة وعبادات وثنية
وكأف ما جاء بو موسى من تعاليم دل يصل إذل قلوهبم ودل يغَت من طبيعتهم البدائية القديبة .
52
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
أول إمتحان بعد خروجهم من أرض مصر :قاؿ اهلل تعاذل حاكيا عن أوؿ إمتحاف لبٍت إسرائيل
وسى ِم ْن بَػ ْع ِدهِ ِم ْن ُحلِي ِه ْم َّ
بعد معجزة إنفالؽ البحر و قباهتم من فرعوف و قومو { َوازبَ َذ قَػ ْوـُ ُم َ
ِِ ِ ِ
ُت } ،1فرغم ع ْج ًال َج َس ًدا لَوُ ُخ َو ٌار أَ َدلْ يَػَرْوا أَنَّوُ َال يُ َكل ُم ُه ْم َوَال يَػ ْهدي ِه ْم َسبِ ًيال َّازبَ ُذوهُ َوَكانُوا ظَالم َ
كل تلك االيات واؼبعجزات اليت أنعم اهلل عليهم هبا إال أهنم رسبوا عند أوؿ إمتحاف و اكبرفوا
وارتدوا عند أوؿ منعرج ،فبمجرد أف أبطأ عليهم موسى يف العودة والنزوؿ من اعببل زاغوا واكبرفوا
عن الطريق الذي وصاىم بو وسارعوا إذل إزباذ العجل وجعلوه إؽبهم فعبدوه وأقاموا شعائرىم
حولو ،جاء يف كتاب تأثر اليهودية بالديانات الوثنية نقلو عن الدكتور ؿبمد يوسف قولو " ولذلك
فإف من احملقق لدى صبهور العلماء والباحثُت أف بٍت إسرائيل بإزباذىم للعجل من بعد موسى إمبا
كانوا ؼبا اعتادوا يف مصر من االؽبة مرتدين وأهنم فعلوا بتأثَت الديانات اؼبصرية القديبة " .2وىكذا
حافظ العربانيوف على مكانة الوثنيات اليت عهدوىا يف فًتة إقامتهم دبصر كما إستمرت معهم على
طوؿ تارىبهم الطويل إضافة إذل وثنيات وديانات األمم االخرى ومنها ديانات بالد الشاـ اليت
سنتناوؽبا بالذكر والدراسة فيما ىو قادـ .
التأثر بالمعتقدات الكنعانية :كما ذكرنا سابقا فإف اغبضارة الكنعانية تعد من أىم وأرقى
اغبضارات اليت سكنت بالد الشاـ و أغناىا على االطالؽ فقد أنشأوا فيها حضارة رائعة كانت
ؿبط إعجاب اغبضارات االخرى ،وقد مشل ىذا الرقي تقريبا كل اجملاالت دبا يف ذلك اجملاؿ الديٍت
واالقتصادي ،وىذا ما دفع االمم االخرى اجملاورة والغَت ؾباورة ؽبا إذل التأثر هبا ،و يف ىذا الصدد
ينقل لنا إظباعيل ناصر الصمادي يف كتابو قوؿ ولغنستوف حيث قاؿ" والكنعانيوف عدا تأثَتىم
العلمي والصناعي على العادل اؼبتمدف ؽبم فضل عظيم آخر وىو تأثَتىم الديٍت يف صبيع االمم
53
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
ا لسامية فقد كانت ديانتهم أرقى ديانات االمم السابقة الوثنية لذى تأثرت هبا ديانات بابل وورث
االراميوف واالسرائيليوف والعرب ىذا التأثَت" 1وىكذا دل تسلم الديانة اليهودية ىي االخرى من
االغراءات الكنعانية فتأثرت هبا وخاصة يف اجملاؿ الديٍت ،يقوؿ مصطفى كماؿ عبد اغبليم" كانت
إسرائيل القديبة وريثة لكثَت من العادات واؼبمارسات الكنعانية ،وواضح أف ىذه العادات
واؼبمارسات قد إستمرت بُت االسرائيليُت رغم ما كاف يكنو أنبياءىم من كراىية عميقة لديانة
بعل ،وكاف ؿبتما أف تتأثر اليهودية بالديانة الكنعانية وخاصة فيما يتعلق بطقوس الزراعة ،حيث إنو
من اؼبعروؼ أف الزراعة كانت ترتبط دائما بالديانة يف العصور القديبة " ،2كما عبد اليهود آؽبة
الكنعانيُت وأحلوىا مكاف يهوه يف كثَت من االحياف ،يقوؿ الدكتور ؿبمد الزغيب يف كتابو تأثر
اليهودية بالديانات الوثنية " وقد عبد اليهود آؽبة الكنعانيُت وقدموا ؽبا القرابُت ومن أبرز ىذه االؽبة
االلو (بعل) الذي عبده اليهود وإزبذوه من دوف اهلل وأشركوا بو يف بعض االحياف ويف أحياف
أخرى كانوا يرتدوف سباما عن عبادة الرب ويعبدوف بعل وحده فكاف وبل ؿبل( يهوه) رب
إسرائيل".3
"وقد بدأ اليهود عبادة البعل يف عصر موسى ويف عصر القضاة وقد ازدىرت ىذه العبادة
يف عصر االنقساـ فأدخلت يف اؼبملكة الشمالية يف عهد آخاب عن طريق زوجو إيزابيل ودخلت
يف اؼبملكة اعبنوبية عن طريق إبنتها عثليا اليت تزوجت اؼبلك يهور راـ ملك يهوذا". 4
-1إظباعيل ناصر الصمادي ،التأريخ التوراٌب والتأريخ اؼبزيف بُت إسرائيل الكنعانية وإسرائيل العربية وإسرائيل الصهيونية،
الكتاب الثاشل ،منشورات دار عالء الدين ،دمشق ،طبعة ،2د.ت ،ص .26
-2مصطفى كماؿ عبد اغبليم ،اليهود يف العلم القدصل ،دار القلم ،دمشق -الطبعة االوذل ،ص .199
-1فتحي ؿبمد الزغيب ،اؼبرجع السابق ،ص .704
-4فتحي ؿبمد الزغيب ،اؼبرجع نفسو ،ص .705
54
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
ُتِ ومن األدلة القرآنية عن عبادة بٍت إسرائيل للبعل قولو تعاذل { :وإِ َّف إِلْي ِ
اس لَم َن الْ ُم ْر َسل َ
َ َ َ
ُت }.1 ب آبائِ ُكم َّ ِ اػبَالِِق َ َّ إِ ْذ قَ َ ِ ِ ِ
األول َ ُت اللوَ َربَّ ُك ْم َوَر َّ َ ُ اؿ ل َق ْومو أَال تَػتَّػ ُقو َف أَتَ ْد ُعو َف بػَ ْعال َوتَ َذ ُرو َف أ ْ
َح َس َن ْ
إضافة إذل عبادة البعوؿ فقد عبد بنوا إسرائيل اغبية أو االفعى ،يقوؿ الدكتور الدباغ "
وكانت عبادة اغبية متبعة عند الكنعانيُت حىت أياـ حزقياؿ حوارل (720ؽ.ـ) وكانت عبادة اغبية
متبعة عند الكنعانيُت فقد عثر على نصب غبية يف قصر بيت مرسم يرجع تارىبو إذل الفًتة بُت
(1600 –2000ؽ.ـ) نقش على اعبزء االسفل منو آؽبة مرتدية ثوبا طويال وقد إلتفت حوؿ
2
ساقيها حية طويلة ".
وىكذا ربوؿ الشعب اليهودي ذوا النزعة اؼبادية من عبادة إلو واحد إذل عبادة عدة آؽبة،
وحبكم أف اغبضارة الكنعانية كما ذكرنا سابقا كانت من أرقى اغبضارات السامية الوثنية يف تلك
اغبقبة من الزمن فقد كاف ؽبا النصيب االكربمن التأثَت و البناء الديٍت واالجتماعي واغبضاري
للًتاث اليهودي.
التأثر بالمعتقدات الوثنية االخرى الغير شامية :كما تأثرت اليهودية باؼبعتقدات الكنعانية
واالرامية وغَتىا داخل بالد الشاـ فقد تأثرت أيضا بالديانات االخرى خارج بالد كديانات بالد
الرافدين وغَتىا ،فقد كاف للسيب البابلي والسيب االشوري التأثَت البالغ عال الديانة اليهودية ،جاء
يف كتاب تأثر اليهودية بالديانات الوثنية " ذلك أف اؼبلوؾ االشوريُت والبابليُت من بعدىم لكي
يوطدوا سلطتهم عال االقاليم اػباضعة ؽبم كانوا يقوموف بإدخاؿ دين االمرباطورية الرظبي يف
عواصم ىذه االقاليم إذل جانب االدياف احمللية وكانوا يفرضوف عبادة االرباب االشوريُت على أرباب
3
تلك االقاليم ".
55
الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد. الفصل الثاني:
وقد عبدوا االؽبة البابلية أيضا فعبدوا سبوز وعشًتوت فقد ذكر وؿ ديورانت يف كتابو قصة
اغبضارة " ودل يكن صبيع اليهود ،اللهم إال أعظمهم علما ،يعدوف سبوز إلو حقا فحسب ،بل إف
عبادتو فضال عن ىذا كانت يف وقت من االوقات منتشرة يف بالد اليهود حىت لقد شكا حزقياؿ
1
من أف البكاء حزنا على سبوز كاف يسمع من اؽبيكل ".
إضافة إذل ىذا اػبليط من العقائد اليت تأثرت هبا الديانة اليهودية إال أهنا دل تتوقف عند
ىذا اغبد فقد أمتدت لتشمل االؽبة اليونانية والرومانية أيضا ،وغَتىا من االدياف والوثنيات الكثَتة
اليت ال يسعنا حصرىا يف ىذا البحث ألهنا ربكي تاريخ طويل من التأثَت والتأثر واالحداث الكبَتة
واغبروب والعوامل اؼبتحكمة يف كل ىذه األحداث ،كما أف تركيزنا كاف على بالد الشاـ ودل نشأ
أف نتشعب ولبرج عن االطار احملدد للبحث ،إال أف االىم من كل ىذا ىو توصلنا إذل أف اليهود
وعرب مراحل تارىبم دل يستقروا على عبادة إلو واحد إمبا عبدوا آؽبة عديدة ،رغم ذلك فقد كانت
الديانة الوحيدة يف بالد الشاـ فًتة ما قبل اؼبسيح اليت عرفت التوحيد وتلقت الرسالة السماوية عرب
االنبياء عليهم السالـ .
-1وؿ ديورانت ،قصة اغبضارة ،ؾبلد ،1جزء ،2دار اعبيل للنشر والتوزيع ،ص .345
56
خـ ــاتمة
ختاما لبحثنا ىذا ارتأينا أن خنتمو مبجموعة من االستنتاجات حىت تساىم يف فهم املوضوع أكثر
وحتديد أىدافو:
للتوحيد أثر بليغ بني الشعوب وأمهية ومكانة مرموقة ،ذلك لنبذه االختالف يف تنوع عبادة
اآلهلة إقراره على وحدة إلو واحد.
تعترب احلضارة املصرية الفرعونية من احلضارات اليت عرفت التوحيد يف عهد أخناتون ،والذين
اعتقدوا أن هلذا الكون إلو واحد مثلوه يف صورة الشمس.
من مناذج الديانات اليت دعت إىل التوحيد ىي الديانة الزرادشتية اليت كان مؤسسها زرادشت
ملرسل والرسالة ،ليخلد لنا ِ
الذي كانت دعوتو تقوم على ببيان حقيقة أركان النبوءة الثالثة ،املرسل وا َ
كتاب مثّل ىذا اإلرث الفكري مسي ب :كتاب "أفستا" .
تعترب بالد الشام معرب الكثري من احلضارات وما تضمنتو من معتقدات وأفكار دينية،
فالفينيقيون عبدوا قوى النمو والتوالد وقوى الطبيعة ،أما عن البابليني فقد كان هلم ثالوث يسمى
الثالوث الكوكيب البابلي ،متمثل يف القمر وميثلو اإللو سني والشمس وميثلها اإللو مشش وكوكب الزىرة
دتثلو اآلهلة عشتار.
اليهودية "اإلسرائيلية" من الديانات اليت كان هلا حظ التواجد يف البالد الشامية ،وكانت ىذه
الديانة من الديانات التوحيدية ،خاصة ما حققتو الثورة املكابية يف بلوغ احلرية الكاملة يف تأدية
الشعائر الدينية.
ختلل الديانة اليهودية بعض من مظاىر الشرك واالبتعاد عن التوحيد متمثال ذلك يف عبادة
العربانيون اإللو "يهوه" الذي غلبت عليو النزعة القومية ،وىذا ما كان داال على النقص يف التوحيد
الصحيح الذي يكون فيو الرب ىو خالق كل شيء.
58
ق ائمة المصادر والمراجع
القرآن الكرًن.
المصادر:
.1ابن شداد عز الدين زلمد بن علي بن إبراىيم ،األعالق اخلطرية يف ذكر أمراء الشام واجلزيرة،
دمشق ،ج1953 ،1م.
.2ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،3دار صادر ،بريوت ،د.ط.
.3العسكري أبو ىالل ،الفروق يف اللغة ،تح :جلنة إحياء الرتاث العريب ،دار اآلفاق اجلديدة،
بريوت ،ط.1980 ،4
.4زلمد صديق حسن ،لقطة العجالن شلا متس إىل معرفتو حاجة اإلنسان ،دار الكتب العلمية،
بريوت ،لبنان ،ج1405 ،1ه1985/م.
.5زلمد عبد ادلنعم احلمريي ،الروض ادلعطار يف خرب األقطار ،حتقيق :إحسان عباس ،مكتبة لبنان،
ط.1984 ،2
.6ياقوت احلموي ،معجم البلدان ،دار صادر ،بريوت ،ج.3
المراجع:
.7أ ،جي ،بريل ،موجز دائرة ادلعارف اإلسالمية ،ج ،8حتر :إبراىيم زكي خورشيد وآخرون ،مطابع
اذليئة ادلصرية العامة للكتاب ،القاىرة ،ط.1998 ،1
.8س .ميغوليفسكي ،أسرار اآلذلة والديانات ،تر :حسان سلائيل اسحق ،دار عالء الدين للنشر،
د.ت.
.9إحسان عباس ،حبوث يف تاريخ بالد الشام ،تاريخ دولة األنباط ،دار الشروق للنشر والتوزيع،
عمان ،األردن ،ط.1987 ،1
.10أمحد إمساعيل علي ،تاريخ بالد الشام منذ ما قبل ادليالد حىت هناية العصر األموي ،دراسة
سياسية ،إجتماعية ،اقتصادية ،فكرية وعسكرية .جوىرة الشام للطبع ،دار دمشق للنشر ،سوريا،
ط1994 ،3م.
.11أمحد شليب ،اليهودية ،مكتبة النهضة ادلصرية ،طبعة الثامنة ،القاىرة.1988 ،
60
ق ائمة المصادر والمراجع
.12إمساعيل ناصر الصمادي ،التأريخ التورايت والتأريخ ادلزيف بني إسرائيل الكنعانية وإسرائيل العربية
وإسرائيل الصهيونية ،الكتاب الثاين ،منشورات دار عالء الدين ،دمشق ،طبعة ،2د.ت.
.13أندريو اميار ،تاريخ احلضارات العام ،اجمللد االول ،منشورات عويدات بريوت ،لبنان .
.14أندريو إميار ،جانني أوبوايو ،تاريخ احلضارات العام ،الشرق واليونان القدمية ،اجمللد األول،
منشورات عويدات ،بريوت ،بارس.
.15جيمس ىانري بريشيد ،فجر الضمري ،اذليئة ادلصرية العامة للكتاب.
.16حسن ظاظا ،الساميون ولغاهتم ،تعريف بالقرابات اللغوية واحلضارية عند العرب ،دار القلم،
دمشق ،الدار الشامية ،بريوت ،ط1410 ،2ه1990/م.
.17خزع ادلاجدي ،ادلعتقدات الكنعانية ،دار الشروق.
.18خزعل ماجدي ،ادلعتقدات األمورية ،مكتبة االسكندرية ،القاىرة.
.19رحاب عبد ادلنعم باظة ،مالمح التوحيد يف مصر القدمية قبل عهد إخناتون ،دراسات يف آثار
الوطن العريب ،العدد.13
.20زكي شنودة ،اجملتمع اليهودي ،مكتبة اخلاصلي للنشر ،القاىرة.
.21زيدان عبد الكايف كفايف ،بالد الشام يف العصور القدمية ،من عصور ما قبل التاريخ حىت
األسكندر ادلقدوين ،جامعة الريموك ،إربد ،األردن.2011 ،
.22سامي بن امحد ادلغلوث ،أطلس األديان ،دار النفائس ،د.ت.
.23سامي عبد اهلل ادلغلوث ،أطلس تاريخ األنبياء والرسل ،مكتبة العبيكان.
.24سبتينوا موسكايت ،احلضارات السامية القدمية ،دار الكاتب العريب للطباعة والنشر. .
.25سعود بن عبد العزيز اخللف ،دراسات يف األديان اليهودية والنصرانية ،مكتبة أضواء السلف،
الريض ،ط1418 ،1ه1997/م.
.26مسيح دغيم ،أديان ومعتقدات العرب قبل اإلسالم ،موسوعة األديان السماوية والوضعية ،4
دار الفكر اللبناين ،بريوت.
.27الشفيع ادلاحي أمحد ،زرادشت والزرادشتية ،احلولية احلادية والعشرون ،حوليات اآلداب والعلوم
االجتماعية ،رللس النشر العلمي ،الكويت1422 ،ه2001 /م.
61
ق ائمة المصادر والمراجع
62
ق ائمة المصادر والمراجع
الرسائل الجامعية:
.46أمحد بن مسعود بن سعد الغامدي ،االجتاىات الفلسفية اليونانية يف اإلذليات (دراسة نقدية)،
رسالة مقدمة لنيل درجة ادلاجستري يف العقيدة ،كلية الدعوة وأصول الدين ،قسم العقيدة ،جامعة أم
القرى1435 ،ه2014 /م.
المجالت:
.47أمحد جاسم زلمد ،األلوىية يف الديانتني اذلندوسية والزرادشتية ،رللة كلية الرتبية ،قسم الرتبية
اإلسالمية ،كلية الرتبية األساسية ،اجلامعة ادلستنصرية ،العدد الرابع2017 ،4م.
.48سليمان الضاىر ،فلسفة الوجود عند أفالطون ،رللة جامعة دمشق ،اجمللد ،21العدد ،4-3
.2005
.49شرف الدين عبد احلميد أمني ،منهج نزع األسطورية ،تأويل أرسطو لبعض الفالسفة السابقني
على السوفسطائيني ،رللة كلية اآلداب ،دورية أكادميية علمية زلكمة ،جامعة سوىاج ،العدد ،32
مارس.2014
.50طالب منعم حبيب الشمري ،الزرادشتية ثنوية أم توحيد ،رللة كلية الرتبية /واسط ،قسم التاريخ،
كلية الرتبية ،جامعة واسط ،العدد احلادي عشر ،د.ت.
.51زلمد فتحي ،احلياة الدينية يف مصر الفرعونية ،جريدة األىرام اجلديد الكندي الورقي،
العدد16 ،320مارس.2019
.52منجي إبراىيم ،الصالة ظاىرة كونية :مقاربة مقارنية (الديانة الفرعونية ،الدديانة الزرادشتية،
الديانة اذلندوسية) ،رللة مؤمنون بال حدود ،قسم الدراسات الدينية 22 ،أغسطس .2017
.53يلدز داود سلمان ،مقارنة بني ادلعتقدات الدينية لبالد الرافدين والعرب ما قبل اإلسالم (دراسة
تارخيية مقارنة) ،رللة مركز بابل للدراسات اإلنسانية ،اجلامعة ادلستنصرية ،كلية الرتبية ،قسم التاريخ،
اجمللد ،5العدد.1
المعاجم والموسوعات:
.54الشريف اجلرجاين ،كتاب التعريفات ،مكتبة موناسانسيس ،د.ت ،د.ط ،باب التاء.
.55مانع بن محاد اجلهين ،ادلوسوعة ادليسرة يف األديان وادلذاىب واألحزاب ادلعاصرة ،ج ،1دار
الندوة العادلية للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الرابعة ،د.ت.
63
ق ائمة المصادر والمراجع
64
الفهرس
إهداء
شكر وتقدير
مقدمة....................................................................................أ
املطلب الرابع :املعتقد الديين عند اليهود يف بالد الشام قبل امليالد21............................
66
الفهرس
خامتة58..................................................................................
فهرس املوضوعات66......................................................................
67