المذكرة النهائية PDF

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 78

‫قسم العلوم اإلسالمــية‬

‫ماستر مقارنة األديان‬ ‫شعبة العلوم االسالمية‬

‫مزكــشة تخشج لىيــل شهادة الماستش في العلوم اإلسالميت تخصص مقاسوت األديان موسومت‬
‫بــــــعىوان‪:‬‬

‫التوحيد في عصر ما قبل المسيح "بالد الشام‬


‫أنموذجا"‬

‫تحــــــت إششاف األستار‪:‬‬ ‫مه إعذاد الطالبان‪:‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬مراد بلخير‬ ‫‪ -‬شالبي مخطار‬
‫‪ -‬محمذ رضا شتوان‬

‫لجـــــنة المنـــــــــــــاقشــــــــــة‪:‬‬

‫رئيســــــــــــا‬ ‫جـامعة وهران ‪ -‬أحمد بن بلة‪1‬‬ ‫د‪ .‬مشيش عز ديه‬


‫مشــــرفا ومقررا‬ ‫جـامعة وهران ‪ -‬أحمد بن بلة‪1‬‬ ‫د‪ .‬مشاد بلخيش‬

‫مناقشـــــــــــا‬ ‫جامعة وهران ‪ -‬أحمد بن بلة‪1‬‬ ‫د‪ .‬همال الحاج‬

‫السنة الجامعية‪0440-0441 :‬هـ‪1111– 1109/‬م‪.‬‬


‫إهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـداء‬
‫ربً حنَدك محدا ٌيٍق جباله وجهل وعظٌٍ سيطاّل‪.‬‬

‫ال ٌسعين يف هذا املقاً اىنبٍو إال أُ أهدي مثزة جهدي إىل‪:‬‬

‫واىديّ اىنزميني اىيذاُ سهزا عيى تزبٍيت حتى بيغت شبابً ووفقين اهلل ألبيغ هذه اىيحظت اىطٍبت‪.‬‬

‫إىل مجٍع أفزاد عائييت اىطٍبني ‪.‬‬

‫إىل أساتذتً األفاضو اىذٌِ أعاّىًّ يف دراسيت راجً ٍِ املىىل عش وجو أُ ٌىفقهٌ إىل ٍا هى خري‬

‫وصالح‪...‬‬

‫إىل مجٍع أصدقائً وسٍالئً يف احلٍاة ومذا سٍالء اىدراست‪.‬‬

‫دوُ أُ ّنسى مو ٍِ قدً ٌد اىعىُ ٍِ قزٌب أو بعٍد‪.‬‬

‫شالبي مخطار‬
‫إهداء‬
‫إلى من ق ال فيهما اهلل تبارك وتعالى‪:‬‬

‫( َوبِا ْل َوالِدَ ْي ِن إِ ْح َسانًا )‪.‬‬

‫والدي الكريمين اللذان سهرا على تربيتي حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم‪.‬‬

‫إلى جميع أفراد األسرة الطيبة‪.‬‬

‫إلى كل من علمني حرف ا "أساتذتي الكرام" بقسم العلوم اإلسالمية‪.‬‬

‫إلى جميع أصدق ائي وزمالئي في الدراسة بدون استثناء‪.‬‬

‫محمد رضا شتوان‪.‬‬


‫نشكر اهلل تعاىل على ما من علينا بنعمه اليت ال تعد‬
‫وال حتصى‪ ،‬ومنها فضله وتوفيقه إلمتام هذا العمل املتواضع‪.‬‬

‫كما يسرنا التقدم بالشكر والتقدير اخلالص إىل أستاذنا املشرف‬


‫"مراد بلخري" على توجيهاته وتشجيعه املتواصل والنصائح القيمة اليت مل‬
‫يبخل علينا هبا طوال مشوار البحث‪.‬‬

‫كما ال يفوتنا أن نتقدم بالشكر إىل كل أساتذة القسم دون استثناء‪.‬‬

‫ونتقدم بالشكر إىل كل من ساهم معنا وساعدنا يف إجناز هذا العمل‬


‫املتواضع‪.‬‬

‫شاليب خمطار – حممد رضا شتوان‪.‬‬


‫مقدمة‬

‫للدين أثر بالغ يف توجيو األفراد والقبائل والشعوب‪ ،‬وفيما ينتج عن عمل اإلنسان من ثقافة‬
‫وسياسة واقتصاد‪ ،‬حيث كان الدين عرب التاريخ أحد املكونات األساسية اليت ال ميكن االستغناء عنها‬
‫يف حياة الشعوب‪ ،‬وتعاليمو مجيعها‪.‬‬

‫ودما ال شك فيو ىو أو جوىر الدين ىو التوحيد وىو ذلك املبدأ الذي مينح البالد ىويتها‬
‫ويربط م ع مكوناهتا معا‪ ،‬دما جيعل منها كيانا متكامال نسميو حضارة‪ ،‬و بالد الشام أحد البلدان اليت‬
‫شهدت ىذا التوجيو الديين (التوحيد) يف عصور متأخرة ترجع إىل ما قبل التاريخ‪ ،‬حيث تعاقبت‬
‫عليها حضارات عدة اختلفت عاداهتا وتقاليدىا من حضارة ألخرى فمثال احلضارة السومرية ختتلف‬
‫عن احلضارة البابلية وختتلف عن اإلغريقية ‪.‬‬

‫ونظرا ملا للدين من تأثًن واضح على اإلنسان وملا لو من انعكاسات على اجملتمع وحضوره‬
‫الدائم يف حياة الشعوب‪ ،‬كان لنا ىذا البحث الذي أتى موسوما بـ‪:‬‬

‫‪ -‬التوحيد في عصر ما قبل المسيح "بالد الشام أنموذجا" –‬

‫إلعطاء نظرة شاملة عن املوضوع طرحنا اإلشكالية التالية‪ :‬فيما دتثلت مظاىر التوحيد يف بالد‬
‫الشام يف فرتة قبل امليالد؟ ولتوضيح ىذا البحث أكثر ميكن طرح التساؤالت اآلتية واليت سيتم اإلجابة‬
‫عنها من خالل الفصلٌن‪:‬‬

‫‪ ‬ما معىن التوحيد؟ وكيف كانت مظاىره عند املصريٌن؟‬


‫‪ ‬ماىي احلدود اجلغرافية لبالد الشام؟‬
‫‪ ‬فيما دتثل التاريخ احلضاري والديين لبالد الشام قبل امليالد؟‬
‫‪ ‬ماىي الديانات اليت تعاقبت على بالد الشام؟‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫اعتمدنا يف دراستنا ىذه على املنهج التارخيي التحليلي‪ ،‬وذلك لرصد األحداث والوقائع‬
‫التارخيية اليت تتوافق مع موضوعنا خاصة وأن املوضوع يشمل فرتة زمنية بعيدة‪ ،‬وقمنا بتحليل ىذه‬
‫األحداث للوصول إىل إعطاء نظرة على ماىية التوحيد يف بالد الشام يف الفرتة املدروسة‪.‬‬

‫مل يكن اختيارنا هلذا املوضوع من وحي الصدفة‪ ،‬وإمنا ىناك جمموعة من األسباب والدوافع‬
‫اليت أهلمتنا إىل دراستو‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬الرغبة الشخصية يف دراسة ىذا املوضوع‪ ،‬خاصة املنطقة التارخيية اليت كانت أمنوذج الدراسة‪.‬‬
‫‪ ‬كان املوضوع دبثابة تسليط للضوء على املعتقدات الدينية اليت أرختها اآلثار والكتابات التارخيية‬
‫يف املنطقة‪.‬‬
‫‪ ‬دون أن ننسى تشجيع األستاذ يف العمل أكثر على املوضوع‪.‬‬

‫مسحت لنا املادة املعرفية اليت استطعنا مجعها حول املوضوع م تقسيمو على النحو التايل‪:‬‬

‫مقدمة وفصلٌن وخادتة‪.‬‬

‫جاء الفصل األول حتت عنوان‪ :‬املعتقدات الدينية والتوحيد يف بالد الشام قبل امليالد‪ ،‬حيث‬
‫اندرج حتتو مبحثٌن‪ ،‬املبحث األول بعنوان‪ :‬التوحيد يف الديانات القدمية‪ ،‬مطالبو كانت أربعة على‬
‫النحو التايل‪ :‬املطلب األول تعريف للتوحيد‪ ،‬يليو املطلب الثاين بعنوان‪ :‬التوحيد عند املصريٌن‪،‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬نظريات يف التوحيد عند الزرادشتية‪ ،‬أما عن املطلب الرابع‪ :‬توحيد الفالسفة‪.‬‬

‫املبحث الثاين عنون ب‪ :‬بالد الشام حدودىا تارخيها الديين وىذا املبحث كذلك احتوى على‬
‫أربع مطالب دتثلت يف‪ :‬املطلب األول‪ :‬احلدود اجلغرافية لبالد الشام‪ ،‬املطلب الثاين‪ :‬حضارة وتاريخ‬
‫بالد الشام قبل امليالد‪ ،‬مث املطلب الثالث‪ :‬التاريخ الديين لبالد الشام قبل امليالد‪ ،‬واملطلب الرابع‪:‬‬
‫املعتقد الديين عند اليهود يف بالد الشام قبل امليالد‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫أما عن الفصل الثاين فقد جاء موسوما ب‪ :‬الديانات التوحيدية واليهودية يف بالد الشام قبل‬
‫امليالد‪.‬‬

‫ىذا الفصل ىو اآلخر تناول مبحثٌن‪ ،‬املبحث األول عنون ب‪ :‬الديانات قبل املسيح‪ ،‬مطالبو‬
‫أربع على الرتتيب التايل‪ :‬املطلب األول‪ :‬الديانات التوحيدية يف بالد الشام فرتة قبل امليالد‪ ،‬املطلب‬
‫الثاين‪ :‬الديانات الوثنية يف بالد الشام قبل املسيح‪ ،‬املطلب الثالث‪ :‬أنبياء بين إسرائيل يف بالد الشام‬
‫(النظرة اإلسالمية)‪ ،‬املطلب الرابع‪ :‬أنبياء بنوا إسرائيل من النظرة اليهودية التوراتية‪.‬‬

‫أما املبحث الثاين فقط خصص ل‪ :‬اليهودية من التوحيد إىل الشرك‪ ،‬تعددت مطالبو كذلك‬
‫املطلب األول‪ :‬اليهودية ديانة توحيدية‪ ،‬املطلب الثاين‪ :‬التعدد يف اليهودية ومظاىر التأثر يف عقيدة‬
‫األلوىية‪ ،‬املطلب الثالث ‪:‬تأثر اليهودية بوثنية املصريٌن يف مسألة االلوىية‪ ،‬املطلب الرابع‪ :‬التأثر‬
‫بالديانات األخرى الشركية وآهلة بالد الشام‪.‬‬

‫وختمنا حبثنا خبادتة كانت عبارة عن أىم النتائج اليت توصلنا إليها يف حبثنا ىذا‪.‬‬

‫لدراسة موضوع حبثنا استعنا دبجموعة من املصادر واملراجع كانت أمهها‪:‬‬

‫كتاب "بالد الشام في العصور القديمة‪ ،‬من عصور ما قبل التاريخ حتى األسكندر‬
‫المقدوني"‪ ،‬زيدان عبد الكايف كفايف‪ ،‬يتناول ىذا الكتاب معلومات قيمة عن بالد الشام من ناحية‬
‫التسمية والبيئية اجلغرافية‪ ،‬ما أوضح لنا البيئة اليت ىي حمل دراستنا يف موضوعنا ىذا‪.‬‬

‫كتاب "تأريخ الديانة الزرادشتية" ل‪:‬عبد اهلل مبلغى العبداين‪ ،‬حتدث فيو عن الزرادشتية كديانة‬
‫إهلية كبقية الديانات‪ ،‬واملفيد يف الكتاب أيضا أنو حتدث عن املذىب الزرادشيت والسلوك القومي الذي‬
‫جاء بو املتمثل يف التوحيد اإلالىي‪.‬‬

‫كتابٌن ل "خزع املاجدي"‪ ،‬دتثال يف كتاب "المعتقدات الكنعانية" وكتاب "المعتقدات‬


‫اآلرامية"‪ ،‬فعن كتاب املعتقدات الكنعانية تناول يف ىذا الكتاب العقائد الكنعانية‪ ،‬حيث يدرس‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫تاريخ األقوام الكنعانية األوىل ونشأهتا‪ ،‬كما تطرق إىل اجلانب العقائدي الديين والذي كان غايتنا يف‬
‫البحث‪ ،‬أما عن كتاب "المعتقدات اآلرامية" فقد تناول احلديث عن تاريخ اآلراميٌن يف وادي‬
‫الرافدين وسوريا‪ ،‬كما تطرق بشكل مطول عن اآلهلة األرامية‪ ،‬دارسا اآلهلة والرموز واألساطًن األرامية‪.‬‬

‫كتاب "تأثر اليهودية بالديانات الوثنية" ل‪ :‬فتحي حممد الزغيب‪ ،‬الذي كان عبارة عن رسالة‬
‫دكتوراه من قسم العقيدة‪ ،‬يتحدث فيو صاحبو عن الديانة اليهودية ومدى تفاعلها مع األديان الوثنية‬
‫األخرى‪ ،‬كما يبٌن الكتاب تارخيية الوثنية وعالقتها بالرساالت السماوية اليت أنزلت على بين إسرائيل‪،‬‬
‫كما يتطرق إىل اإلسرائيليات ومدى خطورهتا يف الفكر اإلسالمي‪.‬‬

‫أما عن الدراسات السابقة فقد دتثلت يف مقال بعنوان "مالمح التوحيد في مصر القديمة قبل‬
‫عهد إخناتون" للدكتور رحاب عبد املنعم باظة يف جملة دراسات يف آثار الوطن العريب‪ ،‬حيث مت‬
‫التطرق فيو إيل فكرة التوحيد يف مصر القدمية ومازاد من األمهية العلمية هلذا املقال ىو ذكر مالمح‬
‫ىذا التوحيد بٌن الربوبية واأللوىية‪.‬‬

‫يواجو كل باحث مجلة من الصعوبات والعراقيل أثناء إذمازه لدراستو‪ ،‬تتطلب منو صربا وإرادة‪،‬‬
‫وما اختيار املوضوع ومجع مصادره ومراجعو إال جزء منها‪ ،‬إال أن الصعوبات األكرب كانت يف الفرتة‬
‫اليت يشهدىا العامل عامة والبالد بصفة خاصة بسبب الوباء‪ ،‬وما ترتب عنو من إغالق للمكتبات‬
‫ومجيع أماك املطالعة دما صعب مهمة احلصول على الكتب الورقية‪.‬‬

‫أما الصعوبات اليت واجهتنا أثناء التحرير ىي طول الفرتة املدروسة‪ ،‬حيث تعترب فرتة قبل امليالد‬
‫فرتة طويلة ‪ ،‬وثرائها باألحداث يف خمتلف اجلوانب‪ ،‬لذلك حاولنا الرتكيز على اجلانب الديين الذي‬
‫خيدم املوضوع‪.‬‬

‫د‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يعترب ا اتتحيد ا أم ا اتوكاد ا ات ييد ا كاتوكيد ا تدأدينف ا ذت ا إقروار ا إحوحدا الإت ا اعأظم ا اخلنت ا ‬
‫كادل إوا تلكحف ا كظلىا ذت ا دق ا كنفا اتسدنؽا ادلب ئيا تدأدينفا اتسمنكي ا موتبطا هبذاا احملحرا احلدحم ا دهحا ‬
‫ؽلثلا اتصل ا إُت ا يدنةا الإنسنفا يفا دندن ا كآخوت ا ميطلق ا مي ا رتل ا منا ادلبندئ ا كادلفنمد ا اتيتا تشكلا ‬
‫جبملهنا ميطلقنتا اتفكوا ات يٍتا ادلحي ‪ .‬ا ‬

‫المبحث األول‪ :‬التوحيد في الديانات القديمة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف التوحيد‪.‬‬

‫لغة‪:‬ا ونءا يفا تسنفا اتعوبا يفا ادل تحؿا اتلغحما دلندةا "كي "‪:‬ا منا اتحاي ا كاعأي ا كاتحاي ا اس ا ‬
‫مبٍت ا ميفودا إنتذاتا يفا ظ ـا ادلثلا كاتيمو ا كاعأي ا ميفودا يفا ادلعٌت ا كردلا اتحاي ا محا اتذما الا يتجزأا كالا ‬
‫يثٌتا كالا يقبلا االنقسنـا كالا نمَتا ت ا كالا غلمعا مذينا اتحصفُتا إالا اهللا ظزا كول‪ .1‬ا ‬

‫كر ا ونءا يفا كتنبا "اتفوكؽا يفا اتلغ "ا أفا معٌتا رحتينا "اهللا كاي "ا أفا ذات ا ميفودةا ظنا ادلثلا ‬
‫كاتشب ا عأفا اتحاي ا يفد ا االنفوادا يفا اتذاتا أكا اتصف ا كاتحاي ا منا الا ييقس ا يفا نفس ا أكا معٌتا يفا ‬
‫صفت ا دكفا رتلت ا كقنسنفا كاي ا كديينرا كاي ا كمنا الا ييقس ا يفا معٌتا ويس ا كيححا مذاا اتذمبا كل ا ‬
‫كاي ا كمذاا ادلنءا كل ا كاي ا كاتحاي ا يفا نفس ا كمعٌتا صفت ا مبنا الا يكحفا تغَت ا أصالا محا اهلل‪.2‬ا ‬

‫منا يلي‪:‬ا (ك ِي َ )ا إقيا ‬


‫َ‬ ‫يأيتا ك‬
‫كإنتيموا يفا ادلعجمنتا اتلغحي ا صل ا مفهحـا اتتحيد ا منا مندةا "كي "ا ا ‬
‫ا كك َّي ا اتشيء‪:‬ا وعل ا كاي ن ا ا كاستحي ‪:‬ا انفود‪ .3‬ا ‬
‫ا (ك َّي )ا اهللا سبحنن ‪:‬ا أروا إأن ا كاي َ‬
‫مفودا َ‬
‫ن‬

‫ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا اإنا ميمحر ا تسنفا اتعوب ا ج‪ 3‬ا دارا صندر ا إَتكت ا د‪.‬ط ا ص‪.448‬‬
‫‪ 2‬ا ‪ -‬ا اتعسكوم ا أإح ا مالؿ ا اتفوكؽ ا يف ا اتلغ ا تح‪ :‬ا جلي ا إيدنء ا اتًتاث ا اتعويب ا دار ا اآلدنؽ ا اجل ي ة ا إَتكت ا ط‪ 4‬ا ‪ 1980‬ا ‬
‫ص‪.132‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا رلمعا اتلغ ا اتعوإد ا ادلعج ا اتحسدط ا مصو ا ط‪ 4‬ا ‪1425‬ق‪/‬ا ‪2004‬ـ ا ص‪.1016‬‬

‫‪2‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اصطالحا‪ :‬جتوي ا اتذاتا الإذلد ا منا كلا منا تتصحرا يفا اعأدهنـا كيتخدلا يفا اعأكمنـا كاعأذمنف‪.1‬‬

‫أمنا يفا اتلغنتا اعأويبد ا دقفا تفم ا اتتحيد ا مشتق ا منا تفمُتا يحننندُتا علن‪:‬ا (محنح)ا ‪Mono‬ا ‬
‫كمعينمنا اتحاي ا كا (تدحس)ا ‪Theos‬ا كمعين ا الإت ‪.2‬ا (الإت ا اتحاي )‪ .‬ا ‬

‫كظلىا ذت ا دقفا اتتحيد ا يذمبا إىلا تقويوا كي ةا اتذاتا الإذلد ا كانفوادمنا إنعأي ي ا إذا تيتهيا ‬
‫اعأشدنءا إىلا ظل ا كاي ة ا كمنا تيتهيا اتقحاظ ا إىلا مب أا ظنـا هننئيا تتكحفا مووعد ا اتحوحدا كاخلل ا إىلا ‬
‫مص را كاي ا محا "اهلل"ا تيتسبا إتد ا كلا صفنتا كخحاصا اتق رةا اتالمتينمد ‪ .3‬ا ‬

‫أمنا يفا أنحاعا اتتحيد ا دهيا نحظنف‪:‬ا تحيد ا يفا ادلعود ا كالإثبنت ا كمحا تحيد ا اتوإحإد ا كاعأمسنءا ‬
‫كاتصفنت ا كتحيد ا يفا اتطلبا كادلقص ا كمحا تحيد ا الإذلد ا كاتعبندة‪ .4‬ا ‬

‫صل ا أفا تلتحيد ا إ اينتا أكا إفا صحا اتقحؿا زلنكالتا تلتحيد ا الإذلي ا يدثا صل ا رلمحظ ا منا ‬
‫االمثل ا ظنا ذت ا يفمهنا اتتنريخ ا دق ا ظوؼا ظنا اآلرامدُتا اعأكائلا أهن ا استقوكاا ظلىا ظبندةا إت ا كاي ا ‬
‫كمحا الإت ا "ي د"ا ككننتا رمحز ا أكثوا شدحظنا إُتا رمحزا ادلعتق اتا اآلرامد ا الظتبنر ا ادلوكزا اتفوي ا تآلت ا ‬
‫اآلرمد ا كمنا صل ا الإت ا "آف"ا (إت ا اتسمنء)ا يفا ات ينا اتسحموم ا كالإت ا "مودكؾ"ا يفا الإمرباطحري ا اتبنإلد ا ‬
‫كغَتم ا منا اآلذل ‪.5‬ا ا ا ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا اتشويفا اجلوونٍل ا كتنبا اتتعويفنت ا مكتب ا محننسننسدس ا د‪.‬ت ا د‪.‬ط ا إنبا اتتنء ا ص‪ .69‬ا ‬
‫‪ 2‬ا ‪ -‬ا أ ا وي ا إويل ا محوز ا دائوة ا ادلعنرؼ ا الإسالمد ا ج‪ 8‬ا حتو‪ :‬ا إإوامد ا زكي ا خحرشد ا كآخوكف ا مطنإع ا اذلدئ ا ادلصوي ا اتعنم ا ‬
‫تلكتنب ا اتقنموة ا ط‪ 1‬ا ‪ 1998‬ا ص‪.2389‬‬
‫ا ظمنف ا ط‪ 1‬ا ‪ 2001‬ا ‬ ‫‪3‬ا ‪-‬ا مه ما يسُتا اتبصوم ا محسحظ ا اعأدينف ا اتتحيد ا اخلل ا اتقد ا دارا أسنم ا تليشوا كاتتحزيع ا اعأردف ّ‬
‫ص‪.15‬‬
‫‪ 4‬ا ‪ -‬ا ظب ا اتوزتنفا إنا يسن ا دتحا اجملد ا شوحا كتنبا اتتحيد ا مواوع ا كتصحدحا كتعلد ‪:‬ا ظب ا اتعزيزا إنا ظب ا اهللا إنا إنز ا دارا ‬
‫اتسالـا تليشوا كاتتحزيع ا اتوينض ا د‪.‬ت ا ص‪.15‬‬
‫‪5‬ا ‪-‬ا مه ما يسُتا اتبصوم ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.16‬‬

‫‪3‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التوحيد عند المصريين‪.‬‬

‫دتثلا اجملتمعا ادلصوما يف ا ادلشنم ا ادلوسحم ا داخلا ادلقنإوا كاتيقحشا ادليححت ا ظلىا و رافا ادلعنإ ا ا ‬
‫كمنا كننتا مينؾا اتربدينتا اتيتا نستطدعا منا خالذلنا أفا نعوؼا كدفا كننتا احلدنةا يفا اجملتمعا ادلصوما ‬
‫ر ؽلن‪ .‬ا ‬

‫أدت ا اعأتحمد ا اتفوظحند ا يف ا احلضنرة ا ادلصوي ا ر ؽلن ا إىل ا تقحي ا إؽلنف ا اتشعب ا كتطحيو ا شعحر ا ‬
‫ات يٍت ا دتشنهبتا اتعبنداتا اتطقسد ا ت لا اتكهي ا يفا رتدعا ادلعنإ ا تقويبن ا خنص ا إع ا احتندا ادلملكتُتا ‬
‫ادلصويتُت ا اتسفلى ا كاتعلدن ا يف ا إ اي ا اعأتف ا اتثنتث ا ربل ا ادلدالد ا تقويبن ا دآميحا ا حبدنة ا أخول ا إع ا ادلحتا ‬
‫دنمتمحاا إنتطقحسا كاتتقنتد ا اتقوإنند ا اتيتا امتزوتا إُتا اتسحوا كاتعواد ‪ .1‬ا ‬

‫ظودتا ادلعتق اتا ات ييد ا يفا احلضنرةا اتفوظحند ا طحرينا كبَتين ا اعأكؿ‪:‬ا يتمثلا يفا ظصوا ات كت ا ‬
‫اتق ؽل ا كاتثنٍلا دتثلا يفا ظصوا ات كت ا احل يث ا معا "أمدتححبا اتواإع"ا منا اعأسوةا اتثنمي ا ظشو ا كاتذما ‬
‫تسمىا إأخينتحف‪2‬ا اتذما صنغا مفهحـا اتتحيد ا كوعلا احلدنةا ات ييد ا يفا ظصوا اتفواظي ا تبلغا أظلىا درونتا ‬
‫اتكمنؿا كاتوري‪.3‬ا ا ا ‬

‫اجت ا ادلصويحف ا اتق منء ا ىف ا ظه ا "أخينتحف"(أي ا ملحؾ ا ات كت ا احل يث ) ا ضلح ا اتتحيد ا كاظتق كاا ‬
‫أف ا اهلل ا كاي ا ال ا شوي ا ت ا دق ا اظترب ا "أخينتحف" ا أف ا مذا ا اتكحف ا ت ا إت ا كاي ا مح ا روص ا اتشمسا ‬
‫"آتحف ‪ "Aten‬ا اتذل ا يوسل ا أشعت ا ظلى ا سكنف ا اعأرض ا ددحمل ا ذل ا اتيحر ا كاحلدنة ا كتإلت ا "آتحف"ا ‬
‫اجل ي ا إُيدتا ادلعنإ ا ادلفتحي ا تلسمنء‪.‬‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا ميجيا إإوامد ا اتصالةا ظنموةا كحند ‪:‬ا مقنرإ ا مقنرند ا (ات ينن ا اتفوظحند ا ات دينن ا اتزرادشتد ا ات ينن ا اذلي كسد ) ا رلل ا مؤميحفا ‬
‫إالا ي كد ا رس ا ات راسنتا ات ييد ا ‪22‬ا أغسطسا ‪ 2017‬ا ص‪.5‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا كت ا إخينتحفا منا زكاجا "يت"ا ك"أميححتبا اتثنتث" ا دظنا إىلا ظبندةا "أتحف"ا إذلنا كاي ا تدسا ت ا مثدل ا كصحر ا هبدئ ا روصا اتشمسا ‬
‫يوسلا أشعتا ظلىا اتكحفا شلت ةا إأي ا إشوي ا دتفدضا ظلىا اخلل ا إنجلحدا كاتعندد ‪.‬ا ييمو‪:‬ا ظب ا ادليع ا أإحا إكو ا إخينتحف ا دارا اتقل ا ‬
‫تليشو ا اتقنموة ا ‪1961‬ـ ا ص‪ 37‬ا ‪.39‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا ميجيا إإوامد ا ادلووعا نفس ا ص‪.5‬‬

‫‪4‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مقتطفنتا منا نشد ا عأخينتحف ا يًتًلا دد ا دلعبحد ا آتحف‪:‬‬


‫أيهنا اتحاي ا اعأي ا اتذلا الا إت ا غَت ‪.‬‬
‫خلقتا اعأرضا ظلىا محاؾا أيهنا اتحاي ا اعأي ‪.‬‬
‫ت ا اخلل ا منا ننسا كيدحافا كداإ ‪.‬‬
‫ينا منا يضيءا ادلشوؽا إيحر ‪.‬‬
‫دتمدأا اعأرضا جبمنت ‪.‬‬
‫أيهنا اجلمدل‪.‬‬
‫اتقحما اتوائع‪.‬‬
‫تعنتدتا دنمت ا نحرؾا ظلىا اعأرض‪ .1‬ا ‬

‫اتيتا ‬
‫تطوؽا ات كتحرا رينبا ظب ا ادليع ا إىلا مالمحا اتتحيد ا ظي ا ادلصويُتا اتق امىا يفا أنحاظ ا ك ا ‬
‫كننتا ظلىا اتيححا اتتنيل‪ :‬ا ‬

‫‪ .1‬توحيد الربوبية‪:‬‬

‫يمهوا تحيد ا اتوإحإد ا إحضححا يفا ظقد ةا ادلصوما اتق َل ا يفا كوحدا إت ا خنت ا ر َلا إوأ ا اتحوحدا ‬
‫إأرإنإ ا كننس ا كأرض ا كمسنئ ا كر ا ص رتا مذ ا ات ظحةا إحوحدا مذاا الإت ا اخلنت ا منا اتفالسف ا ككبنرا ‬
‫اتكهي ا كإفا اختلفتا أمسنءا مذاا الإت ا اخلنت ا منا مكنفا اعأخوا كمنا مذمبا آلخوا يفا دلسفنتا نشأةا ‬
‫اتحوحد ا دنلإت ا اخلنت ا يفا مذمبا إيحنحا ‪/‬ظُتا مشسا ؼلتلفا ظي ا يفا مذمبا ميف‪/‬ا مدتا رمدي ا دفيا ‬
‫ـا مذمبا معوكؼا يفا تفسَتا نشأةا اتحوحدا أفا أصلا اتحوحدا كنفا ‬
‫ا ‬ ‫دكوا م يي ا إيحنحا ‪/‬ظُتا مشسا يدثا أر‬
‫كدنفا ظمد ا الا هننئيا يسمىا (نحف)ا كظهوا منا مذاا اتكدنفا إت ا أزيلا محا (آتحـ) ا كظلا مذاا الإت ا متفودةا ‬
‫يىت ا خل ا من ا نفس ا (شح) ا ك(تفيحت) ا اتلذاف ا تزاكون ا كتحت ا ظيهمن ا (وب) ا ك(نحت) ا يدت ا خل ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا زلم ا دتحي ا احلدنةا ات ييد ا يفا مصوا اتفوظحند ا ووي ةا اعأمواـا اجل ي ا اتكي ما اتحرري ا اتع د‪ 320‬ا ‪16‬منرس‪.2019‬‬

‫‪5‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اعأرضا كاتسمنء ا كر ا ظهوتا كي ةا اتوإحإد ا يفا مذاا ادلذمبا حت ي اا يفا إذلهنا اخلنت ا (آتحـ)ا كيفا مويل ا ‬
‫تنتد ا أصبحا (رعا آتحـ) ا كر ا كردا مذاا يفا تسبدحا محو ا آلتحـا منا ظه ا ات كت ا اتحسطى‪.1‬‬
‫أمنا أصحنبا مذمبا ملفا مدتا رمدي ا دق ا أظليحاا أفا (إتنح)ا محا اتوبا اخلالؽا اتق َلا اعأزيل ا ‬
‫كيعٍتا امس ا "اتفتنح"ا ك"اتبينء" ا ك"اخلالؽ"ا أيضن ا كأظلنا أصحنبا مذاا ادلذمبا أفا إتنحا محا اعأصلا ‬
‫كاجلحمو ا كأن ا اتقلبا كاتلسنفا تكلا اآلذل ا رتدعن ا دذكوكاا ظنا مذا‪:‬ا "ككد ا اتينككسا اتذما ت إو ا اتعقلا ‬
‫ا (اتفؤاد) ا كخوج ا إنتلسنف ا دق ر ا تكل ا شيء ا ر ر ا اصلزت ا اعأمحر ا رتدعن ا كأإ ظت ا اتفيحف ا رتدعهن ا ‬ ‫أك ا ‬
‫كتحدوا نشنطا اتب ينا كسعيا اتق مُتا كخلجنتا اعأظضنءا رتدعهن"‪.‬ا كم ا هبذاا اتيصا كإغَت ا منا اتيصحصا ‬
‫ا منا يَ َشنءُا ۚا إِذَاا ‬ ‫ادلشنهب ا ت ا يقًتإحفا شلنا أك ت ا اتكتبا اتسمنكي ا ظنا رإحإد ا اهللا ظزا كول ‪:‬ا ا "ا اتلَّ ُ َ‬
‫ا ؼلْلُ ُ َ‬
‫‪2‬‬

‫ض ٰىا أ َْمنواا دَِقَّظلَنا يَػ ُق ُ‬


‫حؿا تَ ُا ُكنا دَػدَ ُكح ُف"‪ .3‬ا ‬ ‫رَ َ‬
‫ا ونءا منا إع ا ذت ا أصحنبا مذمبا كاست ا ‪/‬طدب ا (اعأرصو)ا اتذينا أظليحاا أفا مل ا اعأرإنبا ‬
‫رتدعن ا مح ا (آمحف) ا اتذم ا رنمحا ا إتحيد ا إآذل ا ادلذامب ا اتق ؽل ا رتدعن ا كوعلح ا ادلص ر ا اعأزيل ا ذل ا ‬
‫ككصفح ا إأن ا الإت ا ادلق س ا كأن ا كو ا منا تلقنءا نفس ا كاعأرإنبا رتدعنا تتنإعحاا منا إع ‪ .4‬ا ‬
‫توحيد األلوهية‪:‬‬
‫إ أا تحيد ا اعأتحمد ا ظي ا ادلصوما اتق َلا منا خالؿا دظحةا نندتا إحوحدا إت ا أكربا يسدطوا كيهدمنا ‬
‫ظلىا اعأرضا ظلىا ضلحا منا يسدطوا اتفواظي ا ظلىا مصو ا كإذاا كنفا تحيد ا اعأتحمد ا ؽلثلا ات ظنءا كاتعبندةا ‬
‫كاخلحؼا كالإظنن ا منا اهللا دقن ا ؽلكنا اتتحصلا إىلا مالمحا ظبندةا ادلصوما اتق َلا تإلت ا اتحاي ا منا خالؿا ‬
‫إعضا اعأننشد ا كاتصلحاتا اتيتا كنفا يبتهلا هبنا تإلت ا اتحاي ا يفا نصحصا اعأمواـا اتيتا تضميتا صلحاتا ‬
‫كتضوظنتا تفنئ ةا ادلل ا ادلتحيفا يفا ات كت ا اتق ؽل ا كمنا تضميتا أيضأا شعنئوا خنص ا إنتعبندةا كأننشد ا ‬
‫دييد ا ر ؽل ا مث ا إع ا ذت ا يف ا نصحص ا اتتحاإدت ا يف ا ات كت ا اتحسطى ا حبدث ا أصبحت ا دنئ هتن ا أيضنا ‬
‫تلخنص ا كاتحوهنءا كمنا اعأننشد ا ات ييد ا مذاا اتيشد ا ادلحو ا لإت ا اتشمسا يفا نصحصا اعأمواـ‪ :‬ا ‬

‫‪ 1‬ا ‪ -‬ا رينبا ظب ا ادليع ا إنظ ا مالمحا اتتحيد ا يفا مصوا اتق ؽل ا ربلا ظه ا إخينتحف ا دراسنتا يفا آثنرا اتحطنا اتعويب ا اتع د‪ 13‬ا ‬
‫ص‪.116‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا رينبا ظب ا ادليع ا إنظ ا ادلووعا نفس ا ص‪.116‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا سحرةا آؿا ظمواف ا اآلي ‪:‬ا ‪.47‬‬
‫‪4‬ا ‪-‬ا رينبا ظب ا ادليع ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.112‬‬

‫‪6‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫"استدقظا إسالـ ا أنتا أيهنا اتحاي ا ادلطهو ا يفا سالـ ا ‬


‫استدقظا إسالـ ا أنتا ينا يحرا اتشوريا يفا سالـ ا ‬
‫استدقظا إسالـ ا أنتا ينا أيهنا اتوكحا اتشوريا يفا سالـ ا ‬
‫استدقظا إسالـ ا أنتا ينا "يحرا آخيت" يفا سالـ ا ‬
‫إن ا تينـا يفا سفدي ا اتلدلا كتستدقظا يفا سفدي ا اتصبنح ا ‬
‫عأن ا أنتا اتذما تشوؼا ظلىا اعأذل ا كالا إت ا يشوؼا ظلد ‪ ."1‬ا ‬
‫ا كمنا ظلنذجا إعضا آراءا اتعلمنءا ظنا اتتحيد ا يفا مصوا اتق ؽل ا صل ا اتعنملا اتفونسيا "مشبلدحف"ا ‬
‫مًتو ا نصحصا (يجوا رشد )ا كمكتشفا أسوارا اتكتنإ ا اذلَتكغلدفد ‪:‬ا "تق ا استيتجينا شلنا محا ميقحشا ‬
‫ظلى ا اآلثنر ا من ا أف ا اعأم ا ادلصوي ا كننت ا أم ا محي ة ا ا يف ا ظبندهتن ا كمن ا ظلمحا ا أف ا اتوكح ا أإ ي ‪...‬ا ‬
‫كاظتق كاا إصح ا احلسنبا كاتعقنب‪..‬ا إخل"‪ .2‬ا ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬نظريات في التوحيد عند الزرادشتية‪.‬‬

‫تع د ا اتيط ا إنس ا زرادشت ا دديط ا يف ا اتلغ ا اتفنرسد ا اتق ؽل ا زاراشسًتا ا كييط ا يف ا اتلغ ا ‬
‫اتبهلحي ا اتق ؽل ا زارهتسًتاا مثا يود ا اتدحننفا إىل ا زارتسًتكا كيوؼا اعأؼا اعأخَت ا تدأمسنءا اتبهلحي ا تيط ا ‬
‫إنتيصب‪ .3‬ا ‬

‫ظنشا زراتحشًتاا "زرادشت"ا مؤسسا ات ينن ا اجل ي ةا يفا اتوإعا اعأخَتا منا اعأتفا ‪2‬ؽ‪.‬ـ ا كر ا ‬
‫سندتا ديننت ا اجل ي ةا يفا الإمرباطحرينتا اتفنرسد ا يحايلا اعأتفا كاخلمسا منئ ا منا اتقوفا ‪ 6‬ا ؽ‪.‬ـا يىتا ‬
‫اتقوف‪ 7‬ـ ا كر ا ظودتا مذ ا ات ينن ا إنت ينن ا اتزرادشتد ا ككنفا الإغوي ا اتق منءا ر ا يحتحاا اس ا مؤسسا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا رينبا ظب ا ادليع ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.113‬‬


‫‪2‬ا ‪-‬ا ن َلا اتسدّنر ا ر منءا ادلصويُتا أكؿا ادلحي ين ا ج‪ 1‬ا ط‪ 2‬ا د‪.‬ت ا ص‪.6‬‬
‫‪ 3‬ا ‪ -‬ا أزت ا ونس ا زلم ا اعأتحمد ا يف ا ات يننتُت ا اذلي كسد ا كاتزرادشتد ا رلل ا كلد ا اتًتإد ا رس ا اتًتإد ا الإسالمد ا كلد ا اتًتإد ا ‬
‫اعأسنسد ا اجلنمع ا ادلستيصوي ا اتع د ا اتواإع‪ 4‬ا ‪2017‬ـ ا ص‪ .25‬ا اتشفدع ا ادلنيي ا أزت ا زرادشت ا كاتزرادشتد ا احلحتد ا احلندي ا ‬
‫كاتعشوكف ا يحتدنتا اآلدابا كاتعلحـا االوتمنظد ا رللسا اتيشوا اتعلمي ا اتكحيت ا ‪1422‬ق‪/‬ا ‪2001‬ـ ا ص‪.14‬‬

‫‪7‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مذ ا ات ينن ا من ا زرات حشًتاا إىل ا زركآسًتا ا كظ ك ا يكدمنا ميجمنا (دنجلذرا "آسًتا "ا مأخحذا منا كلم ا ‬
‫آسًتكفا كاتيتا تعٍتا اتيجم ا مثا أخذا اآلخوكفا ظنا الإغوي ا مذاا اتتج ي ‪ .1‬ا ‬

‫أمنا ظنا ات ينن ا اتزرادشتد ا اتيتا نسبتا إىلا زرادشتا كاتذما ييتسبا إىلا اعأرحاـا اآلري ا يدثا ‬
‫تحاد تا مذ ا اعأخَتةا إىلا إالدا إيوافا ظلىا شكلا كوهنتا يسبا اتتسلسلا اتتنرؼليا (مندلا من ا إنرسيا ‬
‫فا كركدا اجملمحظ ا اعأكىلا يفا ي كدا ‬
‫من ا إنرتىا من)ا كيقص ا هب ا (ادلد يُت ا اتفنرسدُتا كاتفوثدُت) ا يدثا كن ا ‬
‫أكاسطا اعأتفا اتثنٍلا ؽ‪.‬ـ ا كاستقوتا يفا شوؽا إيواف ا أمنا ات دع ا اتثنند ا دق ا كننتا يفا يحايلا أكاخوا ‬
‫اعأتفا اتثنٍلا ؽ‪.‬ـا كاستقوتا يفا غوبا إيوافا كاتشمنؿا اتغويب‪.2‬‬

‫كنف ا أتبنع ا زرادشت ا يسج كف ا تلينر ا اتيت ا تومز ا تلوب ا احلكد ا أمحرامنزدا ا ( ‪Ahura‬‬
‫‪ )Mazda‬ا أك ا أكرمزد ا (‪ )ormuzd‬ا كنبذ ا زرادشت ا ظبندة ا اآلذل ا اتيت ا آمن ا هبن ا اآلريحف ا كأإطلا ‬
‫أسنطَتم ا كتق منهن ا كأخضعهنا كلهنا تإلت ا اتحاي ا يفا صواعا إُتا اخلَتا كاتشو ا كر ا خلصا ادلؤرخحفا ‪-‬‬
‫ددمن ا إع ‪ -‬ا تنريخ ا مذا ا اتوسحؿا كتعنتدم ا كيدنت ا كأظمنت ا منا رلمحظ ا اعأننشد ا ادلحزكن ا اتيت ا يسمحهننا ‬
‫(‪ ) Gatha‬ا كمي ا اعأسفنر ا ادلق س ا كر ا ثنر ا زرادشت ا ظلى ا معتق ات ا أسالد ا ك ا آذلته ا اتحثيد ا ‬
‫ادلتع دة ا ككوسا دكوةا الإت ا اتحاي ا خنت ا اتكحفا "اتذما صيع ا حتتا إموت ا خالئ ا إذلد ا أكا صفنتا ‬
‫ا ك(اترب) ا ك(اتفالح) ا ك(اتتفكَت ا اتصنئب ا ادلشف ) ا ك(اخللحد) ا ‬ ‫ّ‬ ‫رلسم ا ت ا أمسنمن‪ :‬ا (اتفكو ا اخلَت)‬
‫كتسبا تلعنملا أصلُتا خلفنا ربلا إنشنءا اتكحف ا علن‪:‬ا ركحا اخلَتا كركحا اتشو ا كنننا يلتقدنفا دد ا كعلنا يفا ‬
‫صواعا دائ ا كظلىا اتعد ا أفا ؼلتنرا يفا أدعنت ا إُتا اخلَتا كاتشو"‪.3‬‬
‫ادلوسل ا كاتوسنت ا ‬ ‫ِ‬
‫ادتتح ا زرادشت ا دظحت ا تقحم ا إبدنف ا يقدق ا أركنف ا اتيبحءة ا اتثالث ا ادلوسل ا ك َ‬
‫ِ‬
‫ا دندلوسلا محا اهللا (أمحراا مزدا)ا اخلنت ا ادلكلف ا ‬ ‫كذت ا يىتا تستبُتا تكلا دودا منا ونءا إ ا منا ظي ا رإ‬
‫ادلوسلا إتده ا محا زرادشتا اتذما يعودحن ا كإصف ا اتوسحؿا كاتييبا كالا يتمدزا ظيه ا إالا إنصطفنءا اهللا ت ا ‬
‫ك َ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا أ‪.‬ا س‪.‬ا مدغحتدفسكي ا أسوارا اآلذل ا كات ينننت ا تو‪:‬ا يسنفا سلنئدلا اسح ا دارا ظالءا ات ينا تليشو ا د‪.‬ت ا ص‪.73‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا طنتبا ميع ا يبدبا اتشموم ا اتزرادشتد ا ثيحي ا أـا تحيد ا رلل ا كلد ا اتًتإد ‪/‬ا كاسط ا رس ا اتتنريخ ا كلد ا اتًتإد ا ونمع ا كاسط ا ‬
‫اتع دا احلندما ظشو ا د‪.‬ت ا ص‪.115‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا ميجيا إإوامد ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.7‬‬

‫‪8‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أمن ا اتوسنت ا دهي ا كيي ا اهلل ا كادلضمن ا يف ا كتنب ا دصل ا ذل ا دد ا كل ا من ا يتعل ا إنتتكلدف ا كإنتعالر ا ‬
‫اتتكلدفد ‪.1‬ا ا ا ‬

‫اشتملا اتالمحتا اتزرادشيتا ظلىا اتكديحن ا كاحلشوا كاجلي ا كمي‪:‬ا مفنمد ا رويب ا منا اتالمحتا ‬
‫اتفوظحٍل ا كادلحت ا يف ا اعأدينف ا اتسمنكي ا اتدهحدي ا ادلسدحد ا الإسالـ) ا كاتينر ا يف ا اتصحر ا اتزرادشيت ا ‬
‫مي‪:‬ا رمزا اتوبا أمحرامنزدا ا كر ا جتلتا يفا ممنموا سلتلف ‪:‬ا اتينرا اتسمنكي ا ننرا اتصحاظ ا كاتينرا اتيتا ‬
‫دتيحا اجلس ا اتبشوما احلدنةا كات ؼء ا كاتينرا اتيتا كننحاا يشعلحهننا يفا ادلعنإ ا اتزرادشتد ‪.2‬‬
‫ا دميذ ا إ اي ا ‬ ‫تضنرإت ا اآلراء ا يحؿ ا من ا إذا ا كنف ا ات ين ا اتزرادشيت ا دين ا تحيد ا أـ ا غَت ا ذت‬
‫اتتكحينا إ أتا اتثيحي ا يفا ات ينا اتزرادشيت ا يدثا أفا اآلذل ا اخلنتق ا علنا آذلتنا اخلَتا كاتشوا كظربا ظيهمنا ‬
‫زرادشت ا إنتتحأـ ا {ميذ ا اتب ء ا أظليت ا اتوكينف ا اتتحأمنف ا ظن ا طبدع ا كل ا ميهمن‪ :‬ا اتطدب ا كاتشويوةا ‬
‫(سبديتنمديدحا كانكوامديدح)ا دكوا طنموا كدكوا غَت ا طنمو ا كتكنا االختالؼا ملا إفا اتوكحا اخلَتةا كتحأـا ‬
‫اتوكح ا اتشويوة ا مح ا امحرا ا مزدا ا أـ ا أهنن ا ركح ا أخول ا كيبقى ا امحرا ا مزدا ا دحرهمن ا مذا ا من ا مل ا يصوح ا إ ا ‬
‫زرادشت‪ .3‬ا ‬

‫تكنا ظي ا اتتأملا يفا ات ظحةا اتيت ا ونءا هبنا زرادشتا أكؿا منا يلفتا االنتبن ا أفا زرادشتا دظنا إىلا ‬
‫ات ا كاي ا كاتذما مسن ا "ا امحرا مزداا "ا كملا ي عا إىلا غَت ا كمذاا منا ددعا اتكثَتا منا اتبنيثُتا اىلا اتقحؿا إأفا ‬
‫ات ينن ا اتزرادشتد ا كننتا تقحـا يفا اعأصلا ظلىا ظقد ةا اتتحيد ا ادلطل ا كاتتيزي ا اتكنملا تإلت ا "امحرامزداا "ا ‬
‫يدثا تصف ا كتبه ا ادلق س ا إنتق رةا ادلطلق ا كالإرادةا كاتعل ا كمحا اخلنت ا تكلا شيءا كمحا يعل ا منا يفا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا اتشفدعا ادلنييا أزت ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪ 23‬ا ‪.24‬‬


‫‪2‬ا ‪-‬ا مدغحتدفسكي ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.77‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا طنتبا ميع ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.118‬‬

‫‪9‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اتسمنءا كمنا يفا اعأرضا ككلا ادلخلحرنتا خنضع ا لإرادت ‪ 1‬ا كمنا أفا مذاا اعأخَتا طودا رتدعا اآلذل ا كأخذا ‬
‫يتح ثا ظنا إت ا كاي ا اجملودا كاتذما محا كاي ا أي ا كيد ا إت ا اتفقواءا كاعأغيدنء ا كمحا اتوبا اتحاي ‪.2‬‬
‫ادشتا أهننا تودضا ‬
‫ا ‬ ‫كر ا كننتا ات ينن ا اتزرادشتد ا يفا أصلهنا كمنا يتبُتا منا ات ظحةا اتيتا ونءا هبنا زر‬
‫كلا ممنموا اتشوؾا كاتحثيد ا دالا يحو ا غَتا امحرامزداا إت ا كالا ؽلل ا غَت ا اتق رةا كالا يشنرك ا يفا يكم ا أما ‬
‫ا ‬
‫ا زرادشتا ‬
‫أي ا كظلىا مذاا دقفا رأما اتبنيثُتا يحؿا اتعقد ةا اتيتا ونءا هبنا زرادشتا اس ا الإت ا يفا دينن ا ‬
‫"امحرامزدا" ا مًتكبا منا ثالث ا كلمنتا كميا "ا أمحا "ا كا "ا راا "ا كا "مزدا" ا كيعتق ا اتبنيثحفا يفا اتلغنتا ‬
‫اتق ؽل ا أفا مذ ا اتكلمنتا تعٍتا "ا أننا "ا كا "ا اتحوحدا "ا كاخلنت ا "ا كظلىا مذاا اعأسنسا يكحفا معينمنا ي كرا ‬
‫يحؿا صفنتا اتحوحدا كاخلل ا كاتق رةا ادلطلق ا كميا اتصفنتا اتيتا أضفنمنا زرادشتا ظلىا الإت ا اتذما دظنا ‬
‫إتد ‪ .3‬ا ‬
‫يقحؿا ظب ا اهللا مبلغىا اتعب اٍل ا يفا كتنإ ا يحؿا تنمحرا ا مزدا‪:‬ا "إت ا زرادشتا إت ا دائميا كأإ ما ‬
‫كيعوؼا زرادشتا إأن ا يكد ا كننظوا كصنيبا ر رةا كظل ا اتذما أرادا أفا يصيعا ظندلنا يفا اتب اي ا صيعا ‬
‫ركينا خنت ةا كاسع ‪ .4‬ا ‬

‫خل ا زرادشتا إرثا دكوما دتثلا يفا نصحصا مق س ا ظودتا إػا كتنبا "أدستن"ا كيسمىا إنتعوإد ا ‬
‫أإستنؽا أكا ستنؽ ا كمحا يعٍتا اعأصلا أكا ادلنتا كظلد ا شوحا يسمىا (زن )ا كمعين ا اتتفسَت ا مثا شوحا اتزن ا ‬
‫إكتنبا مسيا (إنزن )ا كمعين ا تفسَتا اتتفسَت‪.5‬ا ا ‬

‫كمذاا اتكتنبا ادلق سا ملا ي كفا يفا زمنا كاي ا إلا دكفا يفا أكرنتا سلتلف ا كملا يكنا كل ا منا كييا ‬
‫زرادشتا تذت ا يحو ا دد ا اختالؼا كبَتا يفا أرسنم ا ادلختلف ا ككضححا كأدحؿ ا تفكوةا معدي ا منا رس ا إىلا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا أزت ا ونس ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.29‬‬


‫‪ 2‬ا ‪ -‬ا ا ظب ا اهللا مبلغىا اتعب اٍل ا تأريخا ات ينن ا اتزرادشتد ا تو‪:‬ا كرينا رننع ا تعويب‪:‬ا ظب ا اتستنرا رنس ا كلهحر ا مطبع ا خنٌل ا ط‪ 1‬ا ‬
‫‪2011‬ـ ا ص‪.45‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا أزت ا ونس ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.29‬‬
‫‪4‬ا ‪-‬ا ظب ا اهللا مبلغىا اتعب اٍل ا تأريخا ات ينن ا اتزرادشتد ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.43‬‬
‫‪5‬ا ‪-‬ا زلمحدا أيحبا اتشينكم ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.140‬‬

‫‪10‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫آخوا دفدمنا صل ا أفا زرادشتا ر ا ينربا اآلذل ا اتق ؽل ا اتيتا سبقتا دظحت ا كملا يذكوا ميهنا أي ا يفا اتغنثهنا ‬
‫إنتتمجد ا صل ا أفا اتدسيهنا خصصا أي منا إىلا الإت ا مهوا اتذما يعتربا ات ا اتيصوا كاخلالصا ددمنا ربلا ‬
‫اتزرادشتد ا مثا أضندحاا ت ا إعضا اخلصنئصا كادلهنـا اتيتا أندطتا إ ا ضمنا أطوا اتفكوا اتزرادشيتا دكفا اتطعنا ‬
‫مبكنن ا امحراا مزداا ات ا زرادشتا اعأكي ا اتذما دظنا ت ‪ .1‬ا ‬

‫المطلب الرابع‪ :‬توحيد الفالسفة‪( :‬فالسفة ما وراء الطبيعة)‪:‬‬

‫إكسانوفان‪ 595-685( :‬ق‪.‬م)‬

‫محا اتفدلسحؼا اتذما رنؿا إقت ا كاحا تلكحف ا ككصف ا إأن ا تدسا كمثلا أي ا منا اتبشو ا كأن ا خَتا ‬
‫دنضل ا ا كمنا ظودتا ظي ا ظبنراتا تيز ا اهللا كتصف ا إأن ا ر َلا كتدسا حبندثا كأن ا ثنإتا ال ا يتغَت ا يقحؿ‪:‬ا ‬
‫"إفا اهللا ر َل ا عأفا كلا منمحا يندثا دهحا دنٍل ا إديمنا صف ا اتفينءا الا تينسبا اهلل ا كتذاا دنهللا ر َل ا كمحا ‬
‫ثنإت ا الا يتغَت ا عأ فا كلا تغَتا محا تغَتا إىلا اعأسحأ ا كمذاا يتينىفا معا مقنـا اعأتحمد ا كيضدفا أفا اتينسا ‬
‫ر ا أسنؤكاا إىلا اهللا دصحر ا كلا حبسبا ينت ا دنتزنجا غلعلحفا اآلذل ا سحدا اتشعحرا دطسا اعأنحؼ ا إديمنا ‬
‫اتًتاردحفا غلعلحفا اآلذل ا زرؽا اتعدحفا ذميبا اتشعحر ا كتحا استطنظتا اتبقوا أكا اخلدلا أفا تصحرا اهللا دصحرت ا ‬
‫يف ا صحرة ا اتبقو ا كاخلدل! ا كظلى ا مذا ا دقف ا اتينس ا ر ا صحرت ا اآلذل ا إصحرة ا الإنسنف ا كمل ا تكتف ا إلا ‬
‫أضندتا أيضنا إىلا اآلذل ا اعأدعنؿا الإنسنند ا ات ندئ ا خصحصنا ظي ا محمَتكسا كمزيحد ا كا مذاا يتينىف ا أش ا ‬
‫اتتينيفا معا اتتيزي ا اتحاوبا هلل ا عأفا اهللا ميز ا أفا يتصفا إصفنتا اتبشوا كدلنا كنفا اهللا محا اتكمنؿا دقفا اهللا ‬
‫أيضنا كاي "‪ .2‬ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا طنتبا ميع ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.116‬‬


‫‪ 2‬ا ‪ -‬ا أزت ا إنا مسعحدا إنا سع ا اتغنم م ا االجتنمنتا اتفلسفد ا اتدحننند ا يفا الإذلدنتا (دراس ا نق ي ) ا رسنت ا مق م ا تيدلا درو ا ‬
‫ادلنوستَتا يفا اتعقد ة ا كلد ا ات ظحةا كأصحؿا ات ين ا رس ا اتعقد ة ا ونمع ا أـا اتقول ا ‪1435‬ق‪/‬ا ‪2014‬ـ ا ص‪.182‬‬

‫‪11‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫دق ا رألا إكسننحدنف ا أفا اتينسا م ا اتذينا إستح ثحاا اعأذل ا كالا يحو ا سحلا إت ا كاي ا كتكي ا ‬
‫تدسا ظلىا مدئتينا كالا يفكوا مثلمنا نفكو ا دهحا ثنإتا ػلوؾا كلا شيءا إقحةا ظقل ا كإالا ظينء ا كملا يقفا ‬
‫اكسننحدنفا ظي ا ي ا مذاا الإنتقندا إلا إن ا إ أا ظقد ت ا اتتحيد ي ا يفا إنتقند ا االذعا عأر ـا كأشهوا شعواءا ‬
‫ا مثلا ‬
‫ا ‬ ‫الإغوي ا (محمَتكسا كا مدسدحدكس) اتلذافا سنعلنا يفا تص ا صفنتا سلجل ا كسلزي ا منا اتبشوا تدأذل‬
‫كحهن ا يسورحفا كيزنحفا كؼل ظحفا إعضه ا إعضن‪ .1‬ا ‬

‫بارمنديس‪ 617 :‬ق‪.‬م‬

‫يعود ا الإسالمدحفا إفنرمدي س ا كر ا كصفا اتحوحدا إنتحي ةا عأن ا الا شيءا غَتا اتحوحد ا کمنا ‬
‫كصف ا إنتثبنتا عأفا كلا تغَتا دهحا منا اتحوحدا كإىلا اتحوحدا دهحا الا يتغَتا مطلقن ا كمحا هبذاا ر ا ظنرضا ‬
‫مورلدطسا اتقنئلا إنتتغَتا ادلستمو ا كمنا اظتربا اتزمنفا كادلكنفا كا م ا زلض ا كاحلوك ا شلتيع ا عأفا احلوك ا إظلنا ‬
‫تستلزـا كوحدا دضنءا دنرغا يتحوؾا دد ا اتشيء ا كتكنا اتشيءا إظلنا كم ا كمنا مثا دنتفضنءا اتفنرغ ا إهننا يفا ‬
‫يقدقت ا اتالدواغ ا كمحا مع كـ ا كادلع كـا الا شيء‪ .2‬ا ‬

‫سقراط‪ 585:‬ق‪.‬م‬

‫ا كنفا تأكد ا سقواطا ظلىا أن ا شخصا موسلا منا الإت ا إىلا م يي ا أثدين ا مذاا اتتأكد ا وعلا منا ‬
‫كاوبنت ا نشوا اتفضدل ا كاعأخالؽا كاتعل ا إديه ا ككنفا اتذينا ينكمح ا ر ا اهتمح ا إأن ا الا يؤمنا إنآلذل ا ‬
‫ظل ىا الإطالؽ ا كأن ا يولا اتشمسا يجوا كاتقموا يجوا كتدسا آذل ا تكنا سقواطا ظلىا منا يب كا ملا يكنا ‬
‫يؤمنا إتع دا اآلذل ا كتيحظهنا ككنفا يولا أفا مينؾا إت ا كاي ا ذلذاا اتكحفا دكنفا يستغوبا شلنا يوكلا ظنا ‬
‫شهحاتا اآلذل ا كظواكهنا كغل ا ات ينا إأن ا تكوَلا اتضمَتا اتيقيا تلع ات ا الإذلد ا الا تق َلا اتقواإُتا كتالكةا ‬
‫اتصلحاتا معا تلطدخا اتيفسا إنلإمث ا ككنفا يؤمنا إنخللحد ا كأفا تكلا مينا مهم ا يفا مذ ا ات ندن ا كيعتق ا أفا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا زلم ا ظب ا اتغٍت ا إعضا مالمحا اتفكوا اتدحننٍلا اتق َل ا ادلكتبا اجلنمعيا احل يث ا الإسكي ري ا ‪ 1999‬ا ص‪.156‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.186‬‬

‫‪12‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اتيفس ا متمنيزة ا ظن ا اتب ف ا دال ا تفس ا إفسند ا إل ا ختلص ا إندلحت ا من ا سجيهن ا كتعحد ا إىل ا صفنءا ‬
‫طبدعتهن‪.1‬ا ا ‬

‫نمنا رنؿا ددهنا محوهنا ‬


‫ا ‬ ‫مثا أشنرا إىلا أفا حت ي ا اخلَتا محا منا ظل ا الإت ا كي ا كذت ا يفا خطب ا أتق‬
‫كالم ا تلحنضوين‪:‬ا "تق ا أزدتا سنظ ا اتويدلا كسديصوؼا كلا مينا إىلا سبدل ا دأننا إىلا ادلحتا كأنت ا إىلا ‬
‫احلدنة ا كالإت ا كي ا أظل ا إأيهمنا محا اخلَت‪ .2‬ا ‬

‫أرسطو‪433-495 :‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫مثلا أرسطحا ات كر ا اعأخَتا منا أدكارا احلضنرةا اتدحننند ا دق ا كصلتا اتفلسف ا ظلىا ي ي ا رم ا ‬
‫اتعقالند ‪ .3‬ا ‬

‫ددمنا ؼلصا ادلعتق ا إحي اند ا الإت ا ظي ا أرسطحا دقفا مذا ا اعأخَتا اختذا منا اتيموا إىلا ظنمويتا ‬
‫اتزمنفا كاحلوك ا اتيقط ا اعأسنسد ا اتيتا ييطل ا ميهن ا دنتزمنفا الا إ اي ا ت ا كالا هنني ا دهحا محوحدا ميذا اعأزؿا ‬
‫كإىلا اعأإ ‪ .4‬ا ‬

‫كمنا أفا اهللا ظي ا أرسطحا تدسا محا اهللا إندلعٌتا ات يٍتا اتذما يؤمنا إ ا ادلت ييحف ا تذت ا ملا ييسبا ‬
‫إتد ا ارسطحا أـا اتصفنتا ات ات ا ظلىا يقدق ا اعأتحمد ا مثلا اتق رةا ظلىا اخلل ا كإإ اعا اتعنملا كت إَتا شؤكن ا ‬
‫كاتعيني ا إ ا إظلنا محا احملوؾا اتذما ػلوؾا اعأشدنءا كالا يتحوؾ ا محا اتعقلا اتصنيفا احملض ا كمحا صحرةا اتصحرا ‬
‫أما صحرةا تكلا صحرةا زلتمل ا اتتحق ا يفا اتحوحد‪ .5‬ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا يحسفا كوـ ا تنريخا اتفلسف ا اتدحننند ا نشوا منا ربلا مؤسس ا مي اكما تلتعلد ا كاتثقند ا اتقنموة ا ط‪ 2‬ا ‪ 1946‬ا ص‪.73‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.202‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا شوؼا ات ينا ظب ا احلمد ا أمُت ا ميهجا نزعا اعأسطحري ا تأكيلا أرسطحا تبعضا اتفالسف ا اتسنإقُتا ظلىا اتسحدسطنئدُت ا رلل ا كلد ا ‬
‫اآلداب ا دكري ا أكندؽلد ا ظلمد ا زلكم ا ونمع ا سحمنج ا اتع دا ‪ 32‬ا منرس‪ 2014‬ا ص‪.272‬‬
‫‪4‬ا ‪-‬ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.209‬‬
‫‪5‬ا ‪-‬ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا نفس ا ص‪.212‬‬

‫‪13‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أفالطون‪458-538 :‬ق‪.‬م‬

‫تق ا آمنا أدالطحفا إحوحدا إت ا ذلذاا اتكحفا كر ا ننؿا يفا دلسفت ا أمسىا مكنن ا يىتا دظن ا ادلفكوكفا ‬
‫يف ا مشنرؽ ا اعأرض ا كمغنرهبن ا ب ا "أدالطحف ا الإذلي" ا كر ا تينكؿ ا أدالطحف ا س ا الإت ا يف ا كتب ا إأمسنءا ‬
‫سلتلف ا دتنرة ا يسمد ا "ادلب ع" ا كاخول ا ي ظح ا "أإن ا اتكحف" ا كثنتث ا يطل ا ظلد ا اس ا "كتنب ا اتق اس "ا ‬
‫كراإع ا يسمد ا "اتشمسا ادلعيحي "ا أكا "ملدكينا اعأظلى"ا اكا "زكسا احلقدقي"ا أكا "احليا إُتا اآلذل "‪ .1‬ا ‬

‫كمنا اجل يوا أفا نشَتا إىلا أفا أتحمد ا أدالطحفا تدستا مفوكض ا يفا كتب ا دوضنا يقدقدنا ظلىا ضلحا منا ‬
‫تفعل ا ات ينننت ا إل ا تدست ا مقورة ا ددهن ا تقويوا ا صوػلن ا كاضحن ا كإظلن ا مستيبط ا استيبنطن ا من ا نصحص ا ‬
‫ادلتفور ا كمذاا اتذما وعلا اتشواحا ؼلتلفحفا يفا إت ا أدالطحف‪ .2‬ا ‬

‫ظل ا االظًتاض ا رنئمن ا ظلى ا أف ا أدالطحف ا مل ا ييص ا ظلى ا اتتحيد ا إُت ا الإت ا كمثنؿ ا اخلَت ا يفا ‬
‫نصحص ا تكنا أدالطحفا شب ا اخلَتا إنتشمسا كقت ا محوحدا يفا اتسمنء ا كإذاا كننتا اتشمسا إذلنا دمنا ‬
‫إنبا أكىلا أفا يكحفا اخلَتا كمحا اعأبا الإت ا اعأكؿ‪ .3‬ا ‬

‫يع ا دحتفننجا شًتكر ا منا أنصنرا اتتحيد ا دجمعا إُتا مثنؿا اخلَتا ادلطل ا كالإت ا ظي ا أدالطحفا ‬
‫رنئال‪:‬ا "إفا اتًتددا كاتتذإذبا ددمنا يتعل ا إعلحا ادلطل ا أكا تعنتد ا ؽلكنا تتبع ا إىلا دكوةا أدالطحفا ظنا اخلَت ا ‬
‫كميا منا اتينيد ا اتفلسفد ا اخلنتص ا أصلا دكوةا ادلطل " ا كر ا استي ا شًتكر ا يفا رأي ا مذاا ظلىا منا نط ا ‬
‫إ ا أدالطحفا إلسنفا سقواطا رنئال‪:‬ا "إفا اخلَتا إذات ا تدسا محوحدا ا كإظلنا محا شيءا يفحؽا اتحوحدا رحةا ‬
‫كوالال"‪.4‬‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا زلم ا خالب ا مشكل ا اعأتحمد ا دارا إيدنءا اتكتبا اتعوإد ا ظدسىا اتبنيبا احلليبا كشوكن ا ‪1947‬ـ ا ص‪.33‬ا ‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا زلم ا خالب ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.34‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا أزت ا إنا مسعحد ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.245‬‬
‫‪4‬ا ‪-‬ا سلدمنفا اتضنمو ا دلسف ا اتحوحدا ظي ا أدالطحف ا رلل ا ونمع ا دمش ا اجملل ‪ 21‬ا اتع دا ‪ 4-3‬ا ‪ 2005‬ا ا ص‪.286‬‬

‫‪14‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬بالد الشام حدودها‪ ،‬تاريخها الديني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحدود الجغرافية لبالد الشام‪.‬‬

‫اتشأْـا إفتحا أكت ا كسكحفا علزت ا كالا دت ا كددهنا تغ ا ثنتث ا كميا اتشنـا إغَتا علزةا كر ا تذكوا أكا ‬
‫َ‬
‫تؤنث‪ .1‬ا ‬

‫كونءا يفا اتوكضا ادلعطنر ا اتشنـا مهمحزا اعأتفا كالا يهمز ا يفا الإرلد ا اخلنمس ا ردلا مسيا شنمنا ‬
‫تشنمنتا مينؾا زتوا كسحد ا كملا ي خلهنا سنـا إنا نححا رط ا دقن ا رنؿا إعضا اتينس‪:‬ا إن ا أكؿا منا اختطهنا ‬
‫دسمدتا إ ا كاس ا سنـا إنتسي ا دعوإتا دقدل‪:‬ا شنـ ا إنتشُتا ادلعجم ا ككننتا اتعوبا تقحؿ‪:‬ا منا خوجا ‬
‫إىل ا اتشنـا نقصا ظمو ا كرتل ا نعد ا اتشنـ ا كربلا إفا اتينسا دلنا تفورتا تغنهت ا إبنإلا تدنمنا إبعضه ا ؽلُتا ‬
‫اتشمسا كتشنءـا إعضه ا مشنال ا دسمدتا هبذاا الإس ‪ .2‬ا ‬

‫كمن ا مسدت ا إالد ا اتشنـ ا أيضن ا إنس ا "سحري " ا كر ا اختلف ا اتبنيثحف ا يحؿ ا أصل ا تسمدتهن ا ‬
‫دنتبعضا يذكوا أفا اتكتنبا ادلق سا أكردا إس ا سحري ا با (آراـ)ا نسب ا إىلا راـا أي ا أإينءا سنـا إنا نحح ا ‬
‫عأفا أكثوا سكنهننا اتق منءا كننحاا منا صلب ا كاس ا آرـا يطل ا ظلىا أم ا ظ ي ةا ميهنا آرـا اتيهوينا (منا إُتا ‬
‫اتيهوين)ا دول ا كاتفواتا كآراـا صحينا ا كيوادا هبنا سحري ا اجلحد ا (أما منا إُتا تبينفا اتغويبا كاتشوري) ا كر ا ‬
‫أظطىا اتعوبا ذلذ ا اتبالدا إس ا (اتشنـ)ا تحرحظهنا إىلا اتدسنرا منا احلجنزا أمنا إس ا سحري ا دهيا ظوإد ا ‬
‫استعمل ا اتبنإلدحفا كأطلقح ا ظلىا إرلد ا يفا اتفواتا اعأظلىا إنس ا (سحرم) ا أمنا إعضا ادلؤرخُتا ددذكوكفا ‬
‫أف ا من ا مسي ا سحري ا هبذا ا الإس ا م ا اتدحننف ا دشنظوم ا محمَتكس ا أطل ا ظلى ا سكنهنن ا إس ا آرامدُت ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا ينرحتا احلمحم ا معج ا اتبل اف ا دارا صندر ا إَتكت ا ج‪ 3‬ا ص‪.111‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا زلم ا ظب ا ادليع ا احلمَتم ا اتوكضا ادلعطنرا يفا خربا اعأرطنر ا حتقد ‪:‬ا إيسنفا ظبنس ا مكتب ا تبينف ا ط‪ 2‬ا ‪ 1984‬ا ص‪.331‬‬

‫‪15‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خا اتدحننٍلا مَتكدكتا (‪)484‬ا ؽ‪.‬ـا محا اتذما أطل ا مذ ا اتتسمد ا كصوحا هبن ا كتتنإعا استخ امهنا ‬
‫ا ‬ ‫كادلؤر‬
‫إىلا يحمينا مذا‪ .1‬ا ‬

‫دنتشنـا مي ا ادليطق ا اتشمنتد ا منا اعأرضا اتعوإد ا كمنا ي ؿا ظلدهنا تفمهن‪ 2‬ا كميا إدئ ا طبدعد ا ‬
‫ذاتا ي كدا وغوادد ا دتدزمنا ظنا سحامن ا إذا ا ػل منا منا اتغوبا اتبحوا اعأإدضا ادلتحسط‪ 3‬ا كمنا وه ا ‬
‫اتشوؽا اتبندي ا منا أيل ا إىلا اتفوات ا أمنا منا وه ا اتشمنؿا دتح منا إالدا آسدنا اتصغولا كويحبا مصو‪ .4‬ا ‬

‫كظالكة ا ظلى ا أف ا إالد ا اتشنـ ا حتتل ا محرعن ا وغواددن ا متحسطن ا وعلهن ا إؤرة ا اتتقنء ا كتفنظل ا إُتا ‬
‫يضنراتا أسدنا كأكركإنا كإدويقدن ا دقفا اتبدئ ا اتطبدعد ا ر ا ميحتهنا مدزةا أخولا منا يدثا اتتيحعا اتبدئيا ‬
‫اتينتجا ظنا اختالؼا اتتضنريسا اتطبدعد ؛ا دكنفا سكنهننا ظلىا تحاصلا دائ ا معا أإينءا احلضنراتا اتكربلا ‬
‫اتيت ا نشأت ا يف ا ادلينط ا اجملنكرة ا ال ا سدمن ا يف ا إالد ا اتواد ين ا كشب ا اجلزيوة ا اتعوإد ا كمصو ا اتق ؽل ا ‬
‫كاعأننضحؿ‪ .‬ا كإذا ا كنف ا هنو ا اتفوات ا يوإط ا أظنيل ا إالد ا اتشنـ ا إبالد ا اتواد ين ا كاعأننضحؿ ا دقف ا اتص عا ‬
‫ريا تلبحوا ادلتحسطا ‬
‫ا ‬ ‫اآلسدحما ‪-‬ا الإدويقيا يوإطا اتبالد ا رتدعهنا إأكاسطا إدويقدن ا ا كذت ا دقفا اتسنيلا اتشو‬
‫كنف ا كالا يزاؿا ا ظنمواا إندلحانئا اتبحوي ا اتيت ا رإطتا إالدا اتشنـا إغَتمنا منا ادلينط ا الا سدمنا إبالدا ‬
‫الإغوي ا كمشنيلا إدويقدن ا أمنا ويحيبا إالدا اتشنـ ا ددتصلا إشمنيلا اجلزيوةا اتعوإد ا كمنا يتصلا مبصوا ظربا ‬
‫صحواءا سدينء ا كتؤك ا ادلكتشفنتا اعأثوي ا كاتكتنإنتا اتق ؽل ا اتصالتا احلضنري ا إُتا إالدا اتشنـا كغَتمنا ‬
‫منا ادلينط ‪.5‬‬
‫ا ‬
‫ا ‬

‫‪ 1‬ا ‪ -‬ا أزت ا إمسنظدلا ظلي ا تنريخا إالدا اتشنـا ميذا منا ربلا ادلدالدا يىتا هنني ا اتعصوا اعأمحم ا دراس ا سدنسد ا إوتمنظد ا ارتصندي ا ‬
‫دكوي ا كظسكوي ‪.‬ا وحموةا اتشنـا تلطبع ا دارا دمش ا تليشو ا سحرين ا ط‪ 3‬ا ‪1994‬ـ ا ص‪ 27‬ا ‪.28‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا ظفدفا اتبهسٍت ا اتشنـا احلضنرة ا اذلدئ ا اتعنم ا دلكتب ا االسكي ري ا دمش ا ط‪ 1‬ا ص‪.6‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا مسعحدا اخلحن ا ادلحسحظ ا اتتنرؼلد ا "اتقنرات ا ادلينط ا ات كؿ ا اتبل اف ا ادل ف" ا ج‪ 9‬ا إَتكت ا د‪.‬ط ا ‪1997‬ـ ا ص‪.320‬‬
‫‪4‬ا ‪-‬ا زلم ا كودا ظلي ا خططا اتشنـ ا ج‪ 1‬ا ادلكتب ا احل يث ا دمش ا د‪.‬ط ا ‪1925‬ـ ا ص‪.49‬‬
‫‪5‬ا ‪-‬ا زي افا ظب ا اتكنيفا كفنيف ا إالدا اتشنـا يفا اتعصحرا اتق ؽل ا منا ظصحرا منا ربلا اتتنريخا يىتا اعأسكي را ادلق كٍل ا ونمع ا اتَتمحؾ ا ‬
‫إرإ ا اعأردف ا ‪ 2011‬ا ص‪.28‬‬

‫‪16‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حضارة وتاريخ بالد الشام ق‪.‬م‬

‫ت راس ا احلضنرة ا أك ا اتبقنين ا احلضنري ا تبالد ا اتشنـ ا ربل ا ادلدالد ا كوب ا ظلى ا اتبنيثُت ا االظتمندا ‬
‫كاستم ادا ادلعلحمنتا منا اتبقنينا اعأثوي ا إ الا منا اتحثنئ ا ادلكتحإ ا اتقلدل ا أكا اتيتا تكندا تيع ـ ا خنص ا كأفا ‬
‫ميطق ا إالدا اتشنـا موةا ظلدهنا ظصحرا سلتلف ‪ .‬ا ‬

‫إ اي ا اتعصحرا اتربكنزي ا صل ا أفا ميطق ا يحضا اتفواتا اعأكسطا اجلزيوةا اتسحري ا توتبطا ارتبنطنا ‬
‫مبنشواا جبيحيبا إالدا اتواد ين ا أمنا ويحيبا إالدا اتشنـا ديج ا اآلثنرا ادلكتشف ا ددهنا تأخذا إعضنا منا مسنتا ‬
‫احلضنرةا ادلصوي ا اتق ؽل ا إالا أفا مذ ا اتسمنتا اختلفتا إعضا اتشيءا يفا اتعصوا اتربكنزما ادلتحسطا معا ‬
‫ظهحرا ادلمنت ا اآلمحري ا يفا ادليطق ا اتشورد ا كاتحسطىا تلبالد ا كسدطوةا اتكيعنندُتا ظلىا أغلبا ميطق ا ‬
‫اتسنيلا اتشوريا تلبحوا ادلتحسط‪ .1‬ا ‬

‫مع ا هننينت ا اتعصو ا اتربكنزم ا (‪ 1200-1550‬ا ؽ‪.‬ـ) ا اختلفت ا اعأكضنع ا يف ا إالد ا اتشنـ ا ‬
‫كخضعا مشنذلنا تلسدطوةا ادلدتنند ا كاحلثد ا كويحهبنا تلسدطوةا ادلصوي ‪ .2‬ا ‬

‫ا كإظلنا كننتا إمنا وزءا منا دكت ا ا ‬


‫ا ‬ ‫ملا تكنا إالدا اتشنـا دكت ا مستقل ا حتتا ردندةا كطيد ا محي ة‬
‫كربلا أكا رلزءاا إُتا دكؿا رنئم ا ظلىا رس ا مي ا إدمينا ػلتلا اتقس ا اآلخوا رحلا أويبد ا كمنا ملا تكنا ‬
‫ا أثينءمن ا كننتا ‬ ‫إالد ا اتشنـ ا موكزا ا سدنسدن ا ذا ا كي ة ا إال ا يف ا اتعه ا اتسلحري ا ظنـ ا ‪ 301‬ا ؽ‪.‬ـ ا كإع‬
‫إنطنكد ا اتعنصم ا ادلوكزي ا تل كت ‪ .3‬ا ‬

‫كيُتا ظهوا اعأنبنطا ظلىا مسوحا اتتنريخا ارتسمتا ات كت ا اتكربلا كأصبحتا إالدا اتشنـا رلنالا ‬
‫تلصواعا إُتا اتسلحردُتا كاتبطندل ا ككننتا اخلطحطا اتفنصل ا إُتا منتُتا ات كتتُتا يفا اتشنـا تتج ا مشنالا أكا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا زي افا ظب ا اتكنيف ا ادلووعا اتسنإ ا صا ‪.71‬‬


‫‪2‬ا ‪-‬ا زي افا ظب ا اتكنيف ا ادلووعا نفس ا ص‪.74‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا أزت ا إمسنظدلا ظلي ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.34‬‬

‫‪17‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تيح ر ا ويحإن ا يسبا اتغلب ا كيع ا ظنـا ‪312‬ؽ‪.‬ـا إ اي ا اتتقحَلا اتسلحريا كيفا اتعنـا نفس ا تت ا أكؿا ‬
‫زلنكت ا سلحرد ا لإخضنعا دكت ا اعأنبنطا إع ا أفا خضعا كلا منا ظ امنا منا إالدا اتشنـا تلسدطوةا اذللديد ‪.1‬ا ا ‬

‫يفا سي ا ‪ 168‬ؽ‪.‬ـا رنـا اتدهحدا إنتثحرةا ادلكنإد ا يفا كالي ا اتدهحدي ا شلنا اضطوا اتغمرباطحرا اتسلحريا ‬
‫أفا ؽليحا اتدهحدا االستقالؿا كنشأتا دكت ا و ي ةا إىلا وحارا اعأنبنط‪ .2‬ا ‬

‫كيُت ا ونء ا إحميب ا إىل ا إالد ا اتشنـ ا دنحتن ا سي ا ‪ 64‬ا ؽ‪.‬ـ ا كنقل ا اتشنـ ا من ا اتسدطوة ا اتسلحرد ا ‬
‫اتبطلمد ا إىلا اتسدندةا اتوكمنند ا كرغ ا زلنكالتا إحميبا تقلدشا اتدهحدي ا إىلا أصغوا يج ا إلغت ا تتتحسعا ‬
‫ي كدا مذ ا ات كت ا يفا أينـا مَتكدا اتكبَتا كريثا ات كت ا احلشمحند ا يىتا منا تبثتا ات كتتُتا تت خلا يفا ‬
‫صواعا ظلىا ندلا رضىا ات كت ا اعأـا (ات كت ا اتوكمنند )‪.3‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التاريخ الديني لبالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬

‫تعترب ا اتشنـا زلط ا اتكثَتا منا أنبدنءا اهللا تعنىلا ظلده ا اتسالـ ا ككذت ا زلط ا اتكثَتا منا اتشعحبا كاتقبنئلا ‬
‫اتيتا سكيتا اتشنـا ميذا اتق ـا كأدخلتا ظلحمهنا كثقندتهن ا كيفا مذاا ادلطلبا سحؼا طللصا إىلا ذكوا أكؿا منا نزؿا ‬
‫إبالدا اتشنـا اتعتدق ا ددقحؿا اتشدخ‪:‬ا ‬

‫روأتا يفا تنريخا دمش ا تلشدخا الإمنـا احلن دظا أيبا اتقنس ا ظليا إنا احلسنا إنا مب ا اهللا إنا ظب اهللا ادلعوكؼا ‬
‫إنإنا ظسنکوا ‪-‬ا رزت ا اهللا ‪-‬ا إع ا سي ا ردع ا إىلا مشنـا إنا زلم ا ظنا أإد ا رنؿا ‪:‬‬
‫"ا كنفا اتذما ظق ا ذل ا ا اعأتحي ا إبنإلا إحننظوا إنا نحح ا ديزؿا إيحا سنـا ادلج ؿ‪...‬ا ا كمحا ددمنا إُتا سنئد ا منا ‬
‫ْ‬
‫إىلا اتبحوا كمنا إُتا اتدمنا إىلا اتشنـا ا كوعلا اهللا اتيبحةا كاتكتنبا كاجلمنؿا كاعأدم ا كاتبدنضا دده ا كنزؿا إيحا ينـا ‬
‫رلویا اجليحبا كات إُّحرا كيقنؿا تتل ا اتينيد ا ات َّاركـ ا كا وعلا اهللا دده ا أدم ا كإدنضنا رلدال ا كأظموا إالدم ا كمسنءم ا ‬
‫كردع ا ظيه ا اتطنظحف ا كوعل ا يف ا أرضه ا اعأثل ا ا كاعأراؾ ا ا كاتعشو ا ا كاتغنؼ ا كاتيخل ا كووت ا اتشمس ا كاتقمو ا يفا ‬

‫‪ 1‬ا ‪ -‬ا إيسنف ا ظبنس ا حبحث ا يف ا تنريخ ا إالد ا اتشنـ ا تنريخ ا دكت ا اعأنبنط ا دار ا اتشوكؽ ا تليشو ا كاتتحزيع ا ظمنف ا اعأردف ا ط‪ 1‬ا ‬
‫‪ 1987‬ا ص‪.10‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا إيسنفا ظبنس ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.10‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا إيسنفا ظبنس ا ادلووعا نفس ا ص‪.11‬‬

‫‪18‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اتشقوة ا كأخلىا اهللا أرضه ا دنشت ا إودمن ا ‬


‫اتصبَن ا كدده ا احلموةا ك ُ‬
‫مسنئه ا كنزؿا إيحا يندثا اتصفحفا رلویا اتشمنؿا ك َّ‬
‫كأولى ا مسنءمن ا دلدس ا غلوم ا دحره ا شيء ا من ا اتيجحـ ا اتسبع ا اجلنري ا عأهن ا صنركا ا حتت ا إينت ٍ‬
‫ا نعش ا كاجل م ا كا ‬
‫اتفور ين ا كاإتلحاا إنتطنظحف ا مثا حلقتا ظندا إنتشحوا دعلد ا ملكحاا ‪...‬دلحقتا إع م ا سهوةا إنتشح ِو ا كحلقتا ظبدلا ‬
‫‪1‬‬
‫مبحضعا يثوبا كحلقتا اتعمنتد ا ا إنرضا صيعنءا ‪...‬كحلقتا ذتحدا إنحلجو‬

‫اختلفت ا ات ينننت ا يسب ا اتشعحب ا اتيت ا سكيت ا إالد ا اتشنـ ا دلكل ا شعب ا دين ا ي نحف ا هبن ا ديج ا ‬
‫اتفديدقدحفا اتيتا تمهوا تينا ادلصندرا كادلكتشفنتا اعأثوي ا يفا أزغنريتا ظنا ظبندهت ا تقحلا اتيمحا كاتتحات ا أما أفا ظبندهت ا ‬
‫تقحـا ظلىا رحلا اتطبدع ا يدثا ظزكاا كلا منا يفا اتطبدع ا إىلا اتكحاكب ا الا سدمهنا ملكتهنا اتشمسا دعب كمن ا كاآلذل ا ‬
‫ا كلمنا كنفا تبعلا خنص ا مشسد ا كنفا ‬
‫ا ‬ ‫ملا تكنا ظي م ا ذكحرا إلا كننتا آذل ا إننث ا دكننتا ظشوكفا زكو ا إعل ا أما أن‬
‫تلزكو ا اخلنص ا رموي ا كمنا كنفا ظي م ا ثنتحثا يفا معتق اهت ا يفا كلا م يي ا كيتا توام ا يعب كفا ثالث ا منا اآلذل ا أمنا ‬
‫اذلدنكل ا دكننت ا تقحـ ا ظي م ا ظلى ا أسنس ا تزكي ا اآلذل ا مبسكن ا ذلن ا كأر مهن ا يووع ا إىل ا مطلع ا اعأتف ا اتثنند ا ربلا ‬
‫ادلدالد‪ 2‬ا كر ا اطلقحاا ظلىا اس ا إذله ا "إيل"ا ايلا تدسا سحلا اس ا نكوةا معين ا إت ‪ .3‬ا ‬
‫كمنا تشَتا ات راسنتا إىلا ات كرا اتكبَتا اتذما تعب ا ادلحرعا احلضنرما تبالدا الإغوي ا يدثا وعلا روبا مذ ا ‬
‫ات كت ا منا مواكزا احلضنرةا ادلتق م ا يفا مصوا كدديدقدنا كخدتنا كإالدا منا إُتا اتيهوينا تتأثوا إطويق ا مبنشوةا أكا غَتا مبنشوةا ‬
‫هبن ا ديلمس ا مذا ا اتتأثو ا يف ا اجلننب ا اتعق م ا إتأثو ا مذ ا احلضنرات ا إنت ينننت ا اتيت ا سندت ا يف ا يضنرات ا اتشوؽا ‬
‫اتق ؽل ا ديج ا أثوا رص ا إت ا اخلصبا دتحزا (الإت ا اتبنإلي)ا كأكزكريسا (الإت ا ادلصوم)ا اتلذينا تتج دا يدنهتمنا كلا ظنـ ا ا ‬
‫كذاا ارتفنعا شأفا الإت ا آمحفا ادلصوما ظي ا الإغوي ‪ .4‬ا ‬

‫‪ 1‬ا ‪ -‬ا اإنا ش ادا ظزا ات ينا زلم ا إنا ظليا إنا إإوامد ا اعأظالؽا اخلطَتةا يفا ذكوا أمواءا اتشنـا ا كاجلزيوة ا دمش ا ج‪ 1‬ا ‪1953‬ـ ا ‬
‫ص‪-19‬ا ‪.20‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا أزت ا إمسنظدلا ظلي ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.44‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا أن ري ا إؽلنر ا وننُتا أكإحاي ا تنريخا احلضنراتا اتعنـ ا اتشوؽا كاتدحننفا اتق ؽل ا اجملل ا اعأكؿ ا ميشحراتا ظحي ات ا إَتكت ا إنرس ا ‬
‫ص‪.260‬‬
‫‪ 4‬ا ‪-‬ا دحزما مكنكم ا تنريخا اتعنملا الإغويقيا كيضنرت ا منا أر ـا ظصحر ا يىتا ظنـا ‪322‬ؽ‪.‬ـ ا دارا اتوشندا احل يث ا تليشوا كاتتحزيع ا ‬
‫ات ارا اتبدضنء ا ط‪ 1‬ا ‪1400‬ق‪1980/‬ـ ا ص‪ 15‬ا ‪.16‬‬

‫‪19‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أمنا ظنا اتبنإلدُتا دقفا أدكنرم ا يفا اخلل ا كاتتكحينا تتحضحا إشكلهنا اعأكملا يفا ملحم ا اتتكحينا ‬
‫اتبنإلد ا ادلعوكد ا إنس ا "االندحمنا ايلدش" ا كتع ا مذ ا ادللحم ا منا أر ـا ادلالي ا يفا اتعنملا اتق َلا يدثا ‬
‫يعحدا تنريخا كتنإتهنا إىلا مطلعا اعأتفا اتثنٍلا ربلا ادلدالد‪ .1‬ا ‬

‫كنف ا تلبنإلدُت ا ثنتحث ا يسمى ا اتثنتحث ا اتكحكيب ا اتبنإلي ا متمثل ا يف ا اتقمو ا كؽلثل ا الإت ا سُتا ‬
‫كاتشمسا كؽلثلهنا الإت ا مششا ككحكبا اتزموةا دتثل ا اآلذل ا ظشتنر‪ .2‬ا ‬

‫ككنف ا ظ د ا كبَت ا من ا اآلذل ا ظي ا اتسحمويُت ا يعب ا خالؿ ا اتعنـ ا كل ا إتق َل ا اتقواإُت ا كاتتمجد ا ‬
‫كاتصالة ا ككنف ا الإت ا ‪ -‬ا اتسمنء ا ((آف)) ا كالإت ا اتويح ا (اتلدل) ا كالإت ا (انكي) ا كاآلذل ا اعأـ ا اتعمدم ا ‬
‫(نيخحرسنج)ا أظم ا كأم ا أرإع ا إُتا رتدعا مذ ا ادلئنت ا منا اآلذل ا ككنفا الإت ‪-‬ا اتويحا (انلدل)ا أم ا إت ا يفا ‬
‫رلمعا اآلذل ا اتسحموما دكنفا يلقبا (أيبا اآلذل )ا كا (مل ا اتسمنءا كاعأرض) ا ك(مل ا اتبل افا رتدعهن)ا ‬
‫ا تواتدل ا كو ت ا يف ا م يي ا نفوا ‬
‫كؽلكيين ا أف ا نول ا ايًتاـ ا اتسحمويُت ا اتعمد ا تإلت ا (انلدل) ا من ا خالؿ ا ‬
‫((اتلدل))ا منا يصلا أمو ا إىلا اإع ا مكنفا ‪-‬ا كمنا كلمت ا ادلق س ‪ .3‬ا ‬
‫كمن ا يذكو ا کوؽلو ا إأف ا مينؾ ا ثالث ا آذل ا مسنكي ا إىل ا وننب ا تل ا اآلذل ا اعأرإع ا اتوئدس ا كمي‪:‬ا ‬
‫الإت ‪-‬ا اتقموا (نننن)ا اتذما يعوؼا أيضنا إنس ا (سُت)ا ككنفا ظلىا منا يووحا منا أصلا سنمي ا كاإنا (نننن)ا ‬
‫الإت ا اتشمسا (اكتح)ا كاإي ا (نننن)ا اآلذل ا (اييننن)ا اتيتا ظودتا ظي ا اتسنمدُتا إنس ا (ظشتنر)ا كرمبنا كننتا ‬
‫مذ ا اآلذل ا اتسبع ا (أف)ا ك(انلدل)ا ك(انكي)ا ك(ندخحرسنج)ا كا (ننننا ‪-‬ا سُت)ا ك(اكتح)ا كا (اييننن)ا ميا اتيتا ‬
‫تؤتفا رلمحظ ا اآلذل ا اتسبع ا اتيتا كننتا (تق را ادلصنئو)ا ككننتا تلقموا ميزت ا ظممىا كمنا محا احلنؿا ظي ا ‬
‫اتبنإلدُت ا كمحا الإت ا اعأثَت ا كمكننت ا ظي ا ظوبا اجليحبا أمسىا منا مكنن ا اتشمسا (اتالت)ا اتيتا كننتا ‬
‫حلوارهتنا اتش ي ةا يفا اتصدفا تعوؼا إنس ا ذاتا زتد ا أكا ذاتا زت ا كتكنا اتقموا كنفا محا دتدلا احلندما ‬
‫كرسحؿا اتقندل ا كتذت ا تقبا إنحلكد ا كاتق كسا كاتصندؽ ا ا كاتعندؿا كادلبنرؾا كادلعُتا كاحلنمي ا كمنا يعوؼا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا يل زا داكدا سلمنف ا مقنرن ا إُتا ادلعتق اتا ات ييد ا تبالدا اتواد ينا كاتعوبا منا ربلا الإسالـا (دراس ا تنرؼلد ا مقنرن ) ا رلل ا موكزا ‬
‫إنإلا تل راسنتا الإنسنند ا اجلنمع ا ادلستيصوي ا كلد ا اتًتإد ا رس ا اتتنريخ ا اجملل ا ‪ 5‬ا اتع د‪ 1‬ا ص‪.197‬‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا يل زا داكدا سلمنف ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.198‬‬
‫‪3‬ا ‪-‬ا يل زا داكدا سلمنف ا ادلووعا نفس ا ص‪.199‬‬

‫‪20‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫محسكنيتا الإذل ا ظشتنرا أهننا (أم ا آذل ا يفا سحمو ا ككنفا اتسحمويحفا يسمحهننا آننننا (إىلا وننبا صدغا ‬
‫أخول)ا كمعٌتا مذاا االس ا يفا اتسحموي ا (سد ةا اتسمنء) ا كظشتنرا محا االس ا االك ما اتسنميا ا كنمَت ا ‬
‫ظشتنرتا ت لا اتفديدقدُتا كاتعربيُتا (آذل ا أنثى)ا أكظشًتا ت لا ظوبا اجليحبا (ات ا ذكو ا كميا تأيتا يفا ‬
‫ادلوتب ا إع ا (سن) ا اتقمو ا أإدهن ا كمشش ا أخدهن ا مبنشوة ا كمي ا أخت ا ارشدكدجنؿ ا آذل ا اتعنمل ا اتسفليا ‬
‫اختصتا تيفسهنا إأتحم ا (ديلبنت)ا أما اتكحكبا دديحسا (اتزموة ا كإنت ا أكا آذل ا تلخصنـا كاحلوب ا يفا ‬
‫يُتا أهننا ظلتا ميا ذاهتنا ظلىا منا كننتا ظلد ا أكالا أما اتعشدق ا اتسمنكي ا اتبغيا اتسمنكي ا شفدع ا ‬
‫احلبا احلو‪ .1‬ا ‬

‫المطلب الرابع‪ :‬المعتقد الديني عند اليهود في بالد الشام ق‪.‬م‪:‬‬

‫ربلا ا اتتطوؽا إىلا ادلعتق اتا ات ييد ا ظي ا اتدهحدا تزـا ظلدينا إضفنءا تعويفا كتحا إسدطا ظلىا مذ ا اتطنئف ‪ .‬ا ‬

‫اليهود لغة‪َ :‬‬


‫منا م َحَد ا كاذلَْحد‪:‬ا اتتحإ ا كاتووحعا إىلا احل ا كمي ا اتتهحي ‪:‬ا كمحا مشيا كنت إدب ا ‬
‫ا كم َّحد ا يحؿا إىلا ‬
‫كصنرا اذلحدا يفا اتتعنرؼ‪:‬ا اتتحإ ا كإنتض ا اتدهحدا اس ا نيب ا كيهحدا غلمعا ظلىا يه اف َ‬
‫ا كهتحدا صنرا يهحدين‪ .2‬ا ‬
‫مل ا يهحد ا كاذلحادةا اتلُتا كمنا يووىا إ ا اتصالح َّ‬

‫اليهود اصطالحا‪ :‬م ا اتذينا يزظمحفا أهن ا ‬


‫ا أتبنعا محسىا ظلد ا اتسالـ ا كر ا كردتا تسمدته ا يفا ‬
‫اتقوآفا إقحـا محسى ا كإٍتا إسوائدل ا نسب ا إىلا يعقحبا ظلد ا اتسالـ ا ككذت ا أملا اتكتنبا كاتدهحد‪ .3‬ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا يل زا داكدا سلمنف ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪ .199‬ا ‬


‫‪ 2‬ا ‪ -‬ا زلم ا ص ي ا يسن ا تقط ا اتعجالف ا شلن ا دتس ا إىل ا معودت ا ينو ا الإنسنف ا دار ا اتكتب ا اتعلمد ا إَتكت ا تبينف ا ج‪ 1‬ا ‬
‫‪1405‬ق‪1985/‬ـ ا ص‪.111‬‬
‫‪ 3‬ا ‪ -‬ا سعحد ا إن ا ظب ا اتعزيز ا اخللف ا دراسنت ا يف ا اعأدينف ا اتدهحدي ا كاتيصواند ا مكتب ا أضحاء ا اتسلف ا اتويض ا ط‪ 1‬ا ‬
‫‪1418‬ق‪1997/‬ـ ا ص‪.32‬‬

‫‪21‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ظوؼا اتدهحدا إنس ا آخوا محا اتعرباندحفا اتذينا كننحاا منا ظ ادا ادلحو ا اتسنمدَّ ا اتثنند ا اتيتا خووتا ‬
‫منا شب ا اجلزيوةا اتعوإد ا إىلا أطوادهن ا كمنا ظودحاا إنلإسوائدلدُتا أما اجملنم ينا معا اهلل ا كيب كاا أفا مؤالءا ‬
‫اتدهحدا ر منءا يفا اجلزيوةا اتعوإد ا ميذا ظه ا ظندا كذتحد‪ .1‬ا ‬

‫ككننتا دلسطُتا مه ا اتدهحدا ميذا أر ـا اتعهحدا كميا صل ا اتحصلا إُتا إالدا اتعوبا كسحري ا منا ‬
‫وه ا كمصوا منا وه ا أخول ا ككنفا جتنرا اتدهحدا يويلحفا إىلا سبأا يفا ظه ا سلدمنفا كإع ‪ .2‬ا ‬

‫مل ا تحو ا سحلا اتقلدلا منا اآلثنرا اتعربي ا اتيتا تبُتا أر مد ا تعحدا تلقوفا اتثنمنا أكا اتتنسعا ربلا ‬
‫ادلدالدا ظلىا أإع ا تق يو‪ .3‬ا ‬

‫أمنا ظنا ات ينا اتدهحدما كمنا تضمي ا منا تحيد ا إذليا دقفا اتيموا يفا أسفنرا اتعه ا اتق َلا تفد ا يفا ‬
‫إدراؾا مضمحفا ات ظحةا تتحيد ا اهللا اتذما غنتبنا منا يطل ا ظلد ا اس ا "اتوب"ا كا "اهلل" ا كيفا إضعا رتلا ‬
‫"يهح " ا ددمنا ييع ا مي ا تحاصلا اتوإنطا اتتحيد ما معا دظحةا أإحا االنبدنءا سد ننا إإوامد ‪ -‬ا معا ختصدصا ‬
‫اتوإحإد ا تييبا إسوائدل ا يدثا كوسا "اتوب‪-‬ا إت "ا معا ختصدصا اتوإحإد ا تبٍتا إسوائدل ا يدثا كننتا كوسا ‬
‫اتوبا –ا إت ا اتعرباندُتا معجزات ا دلحسىا ظلد ا اتسالـا خلالصه ا منا دوظحف‪ .4‬ا ‬

‫كمن ا أف ا اآلإنء ا اعأسبنط ا كننحا ا يسمحف ا إذله ا (إيل) ا كييعتحن ا إصفنت ا شىت ا (الإت ا اتعلي)ا ‬
‫"تكحين‪-14‬ا ‪"22‬ا اتوائيا "‪ 16‬ا –ا ‪ "13‬ا اهللا اتق يوا (‪ )17:35:48‬ا الإت ا اتسمودم ا (‪ )21:33‬ا ‬
‫كأفا اتتحيد ا الإسوائدليا ملا يكنا ذتوةا تفكَتا دلسفيا أكا تحيد اا سدنسدنا أكا تطحراا دييدن ا إظلنا محا تأكد ا ‬
‫إؽلنٍل ا كأفا محسىا ملا يكنا إحسع ا أفا يكشفا إأفا "يهحة"ا محا الإت ا احلقدقيا تحا ملا يكنا ر ا ظوؼا "اهلل"ا ‬

‫‪ 1‬ا ‪ -‬ا مسدحا دغد ا أدينفا كمعتق اتا اتعوبا ربلا الإسالـ ا محسحظ ا اعأدينفا اتسمنكي ا كاتحضعد ا ‪ 4‬ا دارا اتفكوا اتلبينٍل ا إَتكت ا ‬
‫‪.55‬ا ‬
‫‪2‬ا ‪-‬ا مسدحا دغد ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.57‬‬
‫‪ 3‬ا ‪-‬ا ييمو‪:‬ا يسنا ظنظن ا اتسنمدحفا كتغنهت ا تعويفا إنتقواإنتا اتلغحي ا كاحلضنري ا ظي ا اتعوب ا دارا اتقل ا دمش ا ات ارا اتشنمد ا ‬
‫إَتكت ا ط‪ 2‬ا ‪1410‬ق‪1990/‬ـ ا ص‪.60‬‬
‫‪4‬ا ‪-‬ا مه ما يسُتا اتبصوم ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.20‬‬

‫‪22‬‬
‫المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫منا ربل ا أكا منا دتدزا إنس ا "إيلا – ا إيلحمد "ا معا كلا منا يحييا إ ا مذاا االس ا منا ذكوينتا مثلا "إت ا ‬
‫أإد "ا (خوكج‪ 3‬ا ‪ :‬ا ‪ )6‬ا إت ا أإنئك ا (خوكج‪ 3‬ا ‪ :‬ا ‪ )15‬ا أذلك ا (خوكجا (‪ 6‬ا ‪ :‬ا ‪ )7‬ا اتويد ا كاتوؤكؼا ‬
‫(خوكج‪ :34‬ا ‪ )6‬ا إذل ا (أشدنا ‪ :41‬ا ‪ )10‬ا أكا إصحرةا أإسطا اهللا ملحؾا (‪ :18‬ا ‪ :21‬ا ‪ :36‬ا ‪ )37‬ا ‬
‫كتيشأا إُتا اهللا كاس ا يهحةا صل ا يد ا كو تد ا كأن ا تكيا يستطدعا أفا يكشفا ظنا نفس ا أن ا يهحةا يعوضا ‬
‫إىلا إسوائدلا نفس ا كقت ا كتكي ا ظي منا يعلنا أن ا يهحةا يكشفا تينا إطويق ا و ي ةا منمد ا وحمو ‪ .1‬ا ‬

‫كمنا رألا كهي ا اتدهحدا كظلمنؤم ا ميذا أكاخوا اتقوفا اتواإعا ربلا ادلدالدا أهن ا يوددكفا اس ا (يهح )ا ‬
‫يفا كثَتا منا االستهنن ا كاالستهتنرا مبنا الا يلد ا إلفظا اجلالت ا ا دحومحاا ظلىا اجلمدعا اتيط ا هبذاا االس ا ‬
‫دل ا يع ا ػللا عأي ا أفا ييط ا إ ا إالا رئدسا اتكهي ا كي ا أثينءا اتصالةا يفا اذلدكلا ا كمنا مثا أصبححاا ‬
‫يُتا يوي كفا أفا ييطقحاا إنس ا اهللا يقحتحفا (أدكٍل)ا أما اتسد ا أكا اتوب ا كعلنا اتلفمنفا اتلذافا كرداا يفا ‬
‫اتًترتنتا اتعوإد ا كر ا نسبا اتدهحدا إىلا اس ا (أدكٍلا )ا إعضا أمسنئه ا ا كمنا ذت ا (أدكٍلا صندؽا )ا ‬
‫[يشحعا ‪:‬ا ‪]1/10‬ا أما اتوبا ظندؿا ‪.‬ا ك(أدكندنا )ا [صمحئدلا اتثنٍلا ‪]4/3:‬ا أما (اتوبا محا اهلل)‪ .2‬ا ‬

‫من ا خالؿ ا مذا ا اتفصل ا يتبُت ا تين ا أف ا إالد ا اتشنـ ا شه ت ا اتكثَت ا من ا اتشعحب ا كادلعتق اتا ‬
‫إتعنرب ا اتزمنف ا كحهنن ا زلط ا تنرؼلد ا ال ا ؽلكن ا االستغينء ا ظيهن ا يف ا دراس ا اعأدكنر ا كادلعتق ات ا ات ييد ا ‬
‫اتق ؽل ا اتيتا كننتا ظلىا أسنسا تق يسا رحلا اتطبدع ا دعب كاا مذ ا اتقحلا ظلىا شكلا آذل ا جتلبا ذل ا ‬
‫اخلَتا كتبع ا ظيه ا اتشو ا ككلا إت ا كمنا اختصا إ ‪ .‬ا ‬

‫‪1‬ا ‪-‬ا مه ما يسُتا اتبصوم ا ادلووعا اتسنإ ا ص‪.19‬‬


‫‪2‬ا ‪-‬ا زكيا شيحدة ا اجملتمعا اتدهحدم ا مكتب ا اخلنصليا تليشو ا اتقنموة ا ص‪.394‬‬

‫‪23‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫سيكوف ىدفنا من ىذا الفصل ىو البحث عن الديانات التوحيدية يف بالد الشاـ يف‬
‫الفًتة اؼبمتدة قبل ميالد اؼبسيح وبعد سيدنا موسى عليو السالـ بعد تعريفنا يف الفصل االوؿ‬
‫للتوحيد وخصائصو وفلسفات األدياف فيو ‪.‬‬

‫وبعد فقد توصلنا بالبحث والتحري يف التاريخ القدصل بصفة عامة وتاريخ سورية بصفة‬
‫خاصة إذل نتيجة مفادىا أف الديانة الوحيدة اليت عرفت التوحيد يف بالد الشاـ كانت ىي ديانة‬
‫العربانيُت اؼبتمثلة يف اليهودية‪ ،‬لذا فقد كاف حديثنا وحبثنا مركز على ىذه الديانة بصفة عامة‪ ،‬دوف‬
‫أف نتغافل عن الديانات االخرى الكبَتة واغبضارات السامية اليت سكنت أرض الشاـ يف ىذه‬
‫الفًتة كاغبضارة الكنعانية واآلرامية واألمورية فقد كاف ؽبذه اغبضارات أيضا دورا ىاما يف كتابات‬
‫تاريخ سويا الديٍت والدنيوي‪ ،‬إال أننا تعرضنا إليو بشيء من االختصار بسبب امتداد تارىبها ؼبئات‬
‫السنُت وكثرة معبوداهتا ورموزىا الدينية الذي يدعوا ؼبن يريد البحث فيها إذل زبصيص عنواف‬
‫مستقل لدراستها والتعمق فيها أكثر‪.‬‬

‫و باؼبقابل فقد قمنا بدراسة اليهودية ودبا أهنا ؿبور حبثنا بشيء من التعمق فقد رأينا أصل‬
‫ىذه الديانة ومن ىم أتباعها كما تطرقنا إذل تعريف أنبياءىا الذين أرسلوا إليها ‪.‬‬

‫أما فيما ىبص اؼببحث الثاشل فقد كاف موضوعو عن اليهودية بشكل كامل فقد تناوؿ‬
‫التوحيد اليهودي وخصائصو ومكوناتو ‪ ،‬إضافة إذل مسألة التعدد والوثنية يف اليهودية ومصادر ىذه‬
‫الوثنية والعوامل اليت هبا ربولت اليهودية من التوحيد إذل الشرؾ‪ ،‬و من النماذج اليت أخذنا عن‬
‫اغبضارات اليت كاف ؽبا كبَت األثر يف صياغة ىي اغبضارة اؼبصرية وحضارات بالد الشاـ خاصة‬
‫الكنعانية واآلمورية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬الديانات قبل المسيح‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الديانات التوحيدية في بالد الشام فترة ما قبل المسيح ‪.‬‬

‫اليهودية‪ :‬نستهل ىذا الفصل بإذف اهلل بنضرة على الديانات التوحيدية يف بالد الشاـ واليت‬
‫كبصرىا يف الديانة اليهودية نضرا لعدـ وجود غَتىا وىو الراجح‪ ،‬فالديانة اليهودية كما ىو‬
‫معروؼ "ىي ديانة العربانيُت من إبراىيم عليو السالـ‪ ,‬واؼبعروفُت باألسباط (بٍت اسرائيل )الذي‬
‫أرسل اليهم موسى عليو السالـ مؤيدا بالتورات ليكوف ؽبم نبيا‪ ،‬واليهودية ديانة يبدو أهنا منسوبة‬
‫ارل يهود الشعب‪ ،‬وقد تكوف منسوبة اذل يهوذا احد ابناء يعقوب عليو السالـ وعممت على‬
‫الشعب على سبيل التغليب"‪ ،1‬وؼبزيد من الدقة حوؿ أصل اليهود وأظبائهم عرب ـبتلف مراحل‬
‫تارىبيهم نذكر ما أورده زكي شنودة أف اعبد االوؿ لليهود حسب ما أوردت التورات نسبو ىو‬
‫إبراىيم الذي كاف من اعبنس السامي ىو وذريتو وقد نشأ قبل اؼبيالد بنحو ألفي عاـ يف عائلة‬
‫وثنية كانت تقيم يف أور الكلدانية الذين كانت دولتهم يف موضع دولة العراؽ حاليا‪ ,‬وقد كاف‬
‫إبراىيم حسب التورات آرميا وؼبا نزح إذل أرض كنعاف فلسطُت حاليا لقبو الكنعانيوف بالعرباشل‬
‫حسب ما جاء يف سفر التكوين‪ ,‬وضل اليهود معروفُت بالعربانيُت طواؿ اؼبدة اليت قضوىا يف مصر‬
‫وىي أربع ما ئة وثالثوف سنة وحُت اكبصر اليهود يف بٍت يعقوب بن اسحاؽ بن إبراىيم أصبحوا‬
‫معروفُت ببٍت يعقوب ٍب حُت أصبح اسم أبيهم إسرائيل أصبحوا معروفُت ببٍت إسرائيل‪ ،‬أو‬
‫االسرائيليُت‪ .‬أما لقب اليهود فقد جاء نسبة إذل يهوذا أحد أبناء يعقوب ورأس السبط الذي‬
‫أصبح معروؼ باظبو وكاف ىذا اللقب قاصرا على أبناء ىذا السبط دوف أبناء االحد عشر سبطا‬
‫‪2‬‬
‫االخرى ‪.‬‬

‫‪ -1‬مانع بن ضباد اعبهٍت‪ ،‬اؼبوسوعة اؼبيسرة يف األدياف واؼبذاىب واألحزاب اؼبعاصرة ‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الندوة العاؼبية للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.495‬‬
‫‪ -2‬زكي شنودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 9-5‬‬

‫‪26‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ونكتفي هبذا القدر دوف الشروع يف تقسيمات االسباط وما تفرع عنها ونكتفي بالنظرة العامة‬
‫كوهنا خادمة للموضوع وليست ىي جوىر اؼبوضوع‪.‬‬

‫‪ -2‬الجانب العقدي وحظ الحكام فيه ‪:‬أما فيما ىبص العقيدة اليهودية اليت تدعى أيضا‬
‫باؼبوسوية أو االسرائيلية فيقوؿ يوسف حسُت" دل تكن فبلكة يهوذا بعد السيب (القرف ‪ 6‬ؽ ـ)إذا‬
‫ما استثنينا عصر اؼبكابيُت دوؿ مستقلة إذ خضعت ألمم ـبتلفة مثل الفرس واليوناف والبالطمة‬
‫والسالجقة والروـ‪ ،‬ويف صبيع تلك العصور كانت الديانة اليهودية خاضعة ألىواء اغباكمُت‬
‫فكَتوش الفارسي أوذل العقيدة اليهودية رعاية خاصة فنجده قد أباح لليهود إعادة بناء معبدىم يف‬
‫ارشليم عاـ ‪538‬ؽ ـ‪،‬إذ استطاع زروبابل تنفيذ الرغبة دبساعدة كبَت الكهنة اليهود‪ ,‬وكاف قد عاد‬
‫من السيب ىوو يشوع وبعض االنبياء أمثاؿ حجاي وزكريا‪،‬ويعترب بناء ىذا اؼبعبد احملور الذي حولو‬
‫العقيدة اليهويدية وثقافة اليهود وقوميتهم ‪ .‬وسبضي فًتة وهبلس على عرش فارس اؼبلك ارتكسيس‬
‫االوؿ لوقبيمانوس ‪ 465/424‬ؽ ـ فتدخل يف مصَت اليهودية عقيدة وشعبا لعزرا اؼبقيم يف السيب‬
‫أف يأخذ معو إذل أورشليم كل يهودي يبغي العودة وطالبو اؼبلك أف يكيف اليهودية حسب كتاب‬
‫الشريعة الذي بُت يديو وقد تكوف ىذه الشرية تلك اؼبنسوبة إذل الكهنة أو اليت جاءتنا يف سفر‬
‫التثنية فرحل معا عزرا كبو ستة االؼ يهودي بينهم نفر من الكهنة والالويُت فغَتوا العقيدة‬
‫اليهودية اليت كانت قائمة يف فلسطُت وقتذاؾ وغذوىا بالنبوءات اليهودية اعبديدة اليت ظهرت يف‬
‫السيب وقد أثر ىذا النسيم اعبديد الذي جاء من بابل وىب على فلسطُت تػأثَتا قويا على العقيدة‬
‫وأعلن اليهود الفلسطينيوف قبوؽبم ؽبا ودانت اعبماعة بشريو عزرا‪ .‬كما قبد يف تاريخ اليهودية يف‬
‫بالد الشاـ أف أعماؿ عزرا وكبميا حافظت على الديانة اليهودية اغبديثة وعلى اعبماعات اليهودية‬
‫من االندماج يف غَتىا وضياعها‪ ،1‬ولعل غرض اؼبلك الفارسي وسياستو العقائدية االجتماعية اليت‬
‫إختطها لليهود واليهودية ىو خلق صباعة تتمتع بنوع من الذاٌب بتوجيو شيوخ اعبماعة من ناحية و‬

‫‪ -1‬فؤاد حسُت علي‪ ،‬اليهودية واليهودية واؼبسيحية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪27‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الكهنة من ناحية أخرى‪ ،‬وقد تكوف من الشيوخ والكهنة ؾبلس إستشاري يرأسو اغباخاـ االكرب‬
‫‪1‬‬
‫الذي اعًتؼ بالسيادة الفارسية‪.‬‬

‫ٍب مضت فًتة تقرب من قرف دل يصلنا فيها ما يلقي الضوء على اليهودية عقيدة وشعبا‬
‫حىت ورث االسكندر فارس وخضع اليهود واستسلموا لو من دوف ادسل مقاومة عاـ ‪334‬ؽ ـ‪ٍ .‬ب‬
‫آلت البالد إذل البالطمة ‪ 01- 3‬ؽ ـ وأطلقت اغبرية لليهود يف القياـ بطقوسهم الدينية حىت جاء‬
‫أنطيوخوس الرابع أبيفانوس وحاوؿ ‪175/164‬ؽ ـ نشر الثقافة اؽبلينية فاصطدـ باليهودية فإنتقم‬
‫منها أشد إنتقاـ وحوؿ اؼبعبد اليهودي دار لعبادة زويس‪,...‬وكانت النتيجة اؼبنتظرة ؽبذا االمتحاف‬
‫العقائدي أف ثار الكاىن متياس والتف حولو عدا اوالده كثَتوف من اليهود اؼبتدينُت وأخَتا كتب‬
‫النصر ألحد أبناءه وىو يهوذا اؼبكايب على الوثنيُت واؼبارقُت على اليهودية‪ ،‬ويف شتاء ‪165‬ؽ ـ‬
‫استطاع يهوذا اؼبكايب من اعداد اؼبعبد إلقامة الطقوس اليهودية وإف ضل جزء كبَت من البالد يف‬
‫قبضة الوثنيُت ويف عاـ ‪ 164‬ؽ ـ إندحرت قوات يهوذا اماـ قوات اغباكم ليسياس وإف كاف قد‬
‫منح اليهود حرية العبادة وإقامة الشرائع الدينية اليهودية عاـ ‪163‬ؽ ـ ‪.‬‬

‫ٍب آلت البالد إذل البالطمة ‪301‬ؽ ـ وأطلقت اغبرية لليهود يف القياـ بطقوسهم الدينية‬
‫حىت جاء أنطيوخوس الرابع أبيفانوس وحاوؿ ‪175/164‬ؽ ـ نشر الثقافة اؽبلينية فاصطدـ‬
‫باليهودية فإنتقم منها أشد إنتقاـ وحوؿ اؼبعبد اليهودي دار لعبادة زويس‪,...‬وكانت النتيجة‬
‫اؼبنتظ رة ؽبذا االمتحاف العقائدي أف ثار الكاىن متياس والتف حولو عدا اوالده كثَتوف من اليهود‬
‫اؼبتدينُت وأخَتا ك تب النصر ألحد أبناءه وىو يهوذا اؼبكايب على الوثنيُت واؼبارقُت على اليهودية‪،‬‬
‫ويف شتاء ‪ 165‬ؽ ـ استطاع يهوذا اؼبكايب من اعداد اؼبعبد إلقامة الطقوس اليهودية وإف ضل جزء‬
‫كبَت من البالد يف قبضة الوثنيُت ويف عاـ ‪164‬ؽ ـ اندحرت قوات يهوذا أماـ قوات اغباكم‬
‫ليسياس وإف كاف قد منح اليهود حرية العبادة وإقامة الشرائع الدينية اليهودية عاـ ‪163‬ؽ ـ‪.‬‬

‫‪ -1‬فؤاد حسُت علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.5-3‬‬

‫‪28‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حققت الثورة اؼبكابية غايتها يف بلوغ اغبرية الكاملة يف تأدية الشعائر الدينية فطمحت يف‬
‫ربقيق اغبرية السياسية أيضا‪ ،‬لذلك استمر القتاؿ ناشبا حىت قتل يهوذا اؼبكايب ‪160‬ؽ ـ‪ ،‬وخلفو‬
‫أخوه بوناثاف وقتل عاـ ‪144‬ؽ ـ‪ ،‬وجاء بعده أخوه ظبعاف فكتب لو النصر والتوفيق حىت منحو‬
‫الشعب اليهودي عاـ ‪140‬ؽ ـ لقب االمارة والقيادة ورئاسة اغباخاميُت" ‪ ،1‬إضافة إذل ىذه‬
‫اللمحة التارىبية لليهودية يف بالد الشاـ فًتة ما قبل اؼبسيح رغم استمرار تارىبها بعد اؼبسيح أيضا‪،‬‬
‫فإف الديانة اليهودية كانت الديانة التوحيدية الوحيدة وكل االنبياء الذين بعثوا يف ىذه الفًتة وىذه‬
‫الرقعة بالتحديد جاءوا بالتوحيد اػبالص وجاءوا إلرشاد أقوامهم و تقوصل الزيغ الذي وقعوا فيو‬
‫نتيجة إتباع اىواءىم وتقليدىم للديانات والعبادات الوثنية اليت كانت منتشرة آف ذاؾ وىذا ما‬
‫سنتطرؽ إليو يف اؼبطلب اؼبخصص ألنبياء بٍت إسرائيل يف بالد الشاـ فًتة ما قبل اؼبسيح عليو‬
‫السالـ‪.‬‬

‫كما أنو من الواضح أننا دل نتحدث عن التوحيد يف اليهودية كيف كاف وماىي مقوماتو‬
‫واكبرافاتو فإننا قد خصصنا اؼببحث الثاشل من ىذا الفصل من أجل دراسة والتعمق فيو أكثر ألهنا‬
‫مسألة مهمة يف حبثنا حوؿ الديانات التوحيدية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الديانات الوثنية في بالد الشام قبل المسيح‪.‬‬

‫يف ىذا اعبزء من البحث سنحاوؿ االحاطة بثالث أكرب ديانات وثنية كانت يف بالد‬
‫الشاـ قبل اؼبسيح وعال رأسها األمورية‪ ،‬فكما يذكر فليب حىت يف كتابو تاريخ سوريا ولبناف‬
‫وفلسطُت " أف أوؿ شعب سامي ىاـ حبث عن موطن لو يف بالد سورية وأقاـ فيها ىو الشعب‬
‫الذي ظباه جَتانو السومريوف يف الشرؽ باالموريُت وال ندري االسم الذي كاف يطلقو على نفسو‪,‬‬
‫فكلمة أموريُت إذا غَت سامية وتعٍت (الغربيُت) "‪ 2،‬ودبا أف عنواف مطلبنا ىو اغبديث عن الديانة‬

‫‪ -1‬فؤاد حسُت علي‪ ،‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص‪.5‬‬


‫‪ -2‬فليب حىت‪ ،‬تاريخ سوريا ولبناف وفلسطُت‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ص ‪.87‬‬

‫‪29‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وليس شيء آخر من سياسة أو فباليك أو غَتىا فسوؼ نركز عليو أكثر ففيما ىبص اآلموريُت‬
‫ومعبوداهتم فقد عبد االموريوف الكثَت من االؽبة وكاف تارىبهم الديٍت حافل باحملطات اؼبهمة لذى‬
‫يرجى مراجعة كتاب اؼبعتقدات اآلمورية للوقوؼ على ىذه احملطات وكبن االف بصدد ذكر االؽبة‬
‫اآل مورية يف بالد الشاـ فقط دوف الغوص يف التاريخ واعبذور االوذل ؽبذه الديانة لكي ال لبرخ عن‬
‫االطار الزماشل واؼبكاشل اؼبقرر بالدراسة‪.‬‬

‫اآللهة االمورية الشامية ‪ " :‬لعبت إيال وماري دورا ىاما يف نشر الديانة االمورية يف بالد الشاـ‪،‬‬
‫وما إف تكونت اؼبدف االمورية حىت اصبح لكي مدينة خصوصيتها وإؽبها اػباص‪ ،‬وألف االموريُت‬
‫دل هبتمعوا يف الشاـ ضمن مدف كبَتة‪ ,‬بل ضلوا على نضاـ دولة اؼبدينة حيث كل مدينة ربافظ‬
‫على إستقالؽبا وعبادهتا لذلك زادت الشقة بُت ىذه اؼبدف وبدت مع مطع االلف الوؿ قبل‬
‫اؼبيالد‪ ،‬وكأهنا دوؿ صغَتة بل ومتحاربة يف كثَت من االحياف ‪.‬‬

‫اآللهة األمورية في سوريا القديمة‪:‬‬

‫ظلت فبلكة إبال متمسكة بإلو قومي ؽبا (دجن) الذي كاف يعكس على مراحل ـبتلفة‬
‫ظواىر الشمس والطقس واػبصب ولكن صفة إلو الطقس كانت ىي الغالبة‪ ،‬وكانت اإلؽبة االنثى‬
‫((بالتو) اليت ضبلت صفات اإلؽبة االـ‪ ،‬واإلؽبة العذراء معا‪.‬‬

‫أما (عمور ) فقد كاف إؽبها القومي ىو ( أمورو) ذلك االلو االموري القدصل الذي كاف‬
‫يطلق عليو (مارتو) يف اللغة السومرية‪ ,‬ويرجع أف إسم عموروا أشتق من إسم ىذا االلو او من إسم‬
‫الشعب األموري القدصل‪.‬‬

‫ويرجح أف إسم( عشَتتا) كاف إسم االؽبة الزوجة ألف ىناؾ الكثَت من االظباء ربمل إظبها وأشرىا‬
‫إسم اؼبلكة (عبدي عشَتتا) أي عبد االؽبة عشَتتا وال شك أف ىذه االؽبة زبتلف يف مواصفاهتا‬
‫عن االؽبة عشَتتا اليت صبعت صفات االمومة واغبصد كما عرفنا‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما يف كركميش فقد عبد االلو (كميش) الذي ظهر يف إبال‪ ،‬وتربز لنا يف (ماري ) إؽبة الينبوع اليت‬
‫ال نعرؼ إظبها الصريح رغم إعتقادنا أهنا قرينة إلو اؼباء (أيا)‪ ,‬ورغم ذالك ضل االلو داجوف ىو‬
‫‪1‬‬
‫االلو الرئيس وزوجتو عشتار ويف يبحاض عبد ( حدد) كإلو رئيسي وزوجتو عشتار "‪.‬‬

‫الديانة الكنعانية‪ :‬حسب ما جاء يف تاريخ سوريا ولبناف وفلسطُت" فإف الكنعانيوف الذين ظباىم‬
‫اليوناف بالفينيقيُت يف ما بعد‪ ,‬ثاشل صباعة سامية لعبت دورا ىاما يف تاريخ سوريا بعد االموريُت "‪,2‬‬
‫كما إشتهرالعرب الكنعانيوف بأهنم بناة اغبضارة يف فلسطُت إثر بنائهم لعدة مدف معروفة كما أهنم‬
‫من بنو مدينة القدس وظبوىا بأور سالـ أي مدينة السالـ‪ .‬أما فيما ىبص معتقدات الكنعانيُت‬
‫وآؽبتهم يف بالد الشاـ فقد كانت ديانة الكنعانيُت" ترتكز على عبادة قوى الطبيعة ومظاىرىا‬
‫وزبتص بتمجيد مظاىر اػبصب واالنتاج وقبد يف كتاب اؼبعتقدات الكنعانية أف الالىوتيُت‬
‫القدامى حذفوا ألسباب سياسية و دينية االؽبة القديبة ٍب جعلوا بعضها تابعة إللو إيل أو بعل ‪.‬‬

‫ومنذ ظهور االلو بدأت االؽبة الكنعانية بالظهور قوية ورباوؿ أف تغطي جيل ىذا االلو يف أحضاف‬
‫الطبيعة الرطبة‪،‬أما جيل االلو بعل فجيل تتصارع فيو قوى اػبصوبة واعبفاؼ‪.‬‬

‫كاف االلو ايل كما ذكرنا يعرب عن الطبيعة‪،‬وكاف االلو الذكر ىو الو الطبيعة أما االنثى فلم تكن‬
‫سوى إعالف لقوة االلو الذكر تظهر خواصو وتقابلو‪،‬وكما أف البعل كاف االلو العظيم وكذلك كانت‬
‫عشًتوت اإللة الكربى كانت البعلة سبثل القمر‪,‬وكانت االؽبة تظهر أحيانا كثالوث يف مرتبة عليا‬
‫يسَت على بقية االؽبة كثالوث صيدوـ ( البعل وعشتاروت و أمشوف) وثالوث جيبل ( إيل و سبوز‬
‫وبعلة) وثالوث صور ( البعل وعشتاروت و ملكارت) وغَتىا ‪.‬‬

‫وكانت االؽبة هتبط من السماء وربل يف االحجار والتماثيل اؼبخصصة ؽبا أو يف اعبباؿ اؼبسمات‬
‫بإظبها مثل جبل جرعوف وجبل صنوف ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫‪ -1‬خزعل ماجدي‪ ،‬اؼبعتقدات األمورية‪ ،‬مكتبة االسكندرية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص ‪.86 -85‬‬
‫‪ -2‬فليب حىت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫‪31‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وكاف االلو دبثابة االب بالنسبة للملك‪ ،‬وربولت أظباء االؽبة إذل القاب كبَتة مثل ( ايلي = اؽبي)‬
‫(بعلي =سيدي) ( أدوناي = سيدي) "‪ ،1‬وخالصة دين الكنعانيُت أف العالقة بُت السماء‬
‫واالرض كانت تتجسد من خالؿ مضاىر الطبيعة كاالمطار والعواصف والربؽ والرعود واػبصوبة‬
‫واعبفاؼ‪.‬‬

‫الديانة االرامية‪ :‬كاف ظهور االراميُت يف ساحة التاريخ حسب ما ذكر خزعل اؼباجدي "بداية من‬
‫خروج موجات بشرية جديدة من جزيرة العرب يف حوارل االلف الثالث قبل اؼبيالد‪،‬عرفت‬
‫باؼبوجات السامية‪ ،‬كاف من ابرزىا االراميوف حيث استوطنوا االجزاء الوسطى والشمالية من بالد‬
‫الشاـ‪،‬وبعد إستقرار االراميُت فيها تأثروا باغبضارة الكنعانية (االمورية والفينيقية واليبوسية)‪ ,‬وأنشئوا‬
‫فبالك مدف كثَتة متفرقة‪،‬حيث اكتسبت ىذه اؼبمالك االرامية أنبية كربى لوقوعها على طريق‬
‫اؼبواصالت الرئيسي بُت بالد الرافدين وسواحل البحر اؼبتوسط‪،‬لكن ما يعيب ىذه اؼبماليك أهنا دل‬
‫تتحد مع بعضها البعض بل بقيت متفرقة مثل اؼبمالك الكنعانية والفينيقية إال أف آراـ دمشق اليت‬
‫تأسست يف أواخر القرف اغبادي عشر قبل اؼبيالد ظلت أعظم ىذه اؼبمالك االرامية قاطبة‪ ,‬حيث‬
‫عاشت صراعا عنيفا بينها و بُت اليهود‪ ،‬إستطاع ملكها بنهدد االوؿ أف يفرض االتاوة عليهم‪,‬‬
‫كما سبكن االراميوف بعد ذلك من تكوين دويالت عديدة يف ـبتلف أكباء الشرؽ االدسل إبتداء‬
‫مندولة ظبأؿ وعاصمتها زقبررل يف لعارل سوريا‪ٍ ،‬ب تعددت الدويالت االراميو يف سوريا بزعامة‬
‫دوؿ آراـ الكربى (ايبريشو ) وعاصمتها الشاـ أي (ريش آراـ) وىي دمشق وآراـ ضبات و آراـ‬
‫يبحاض (ضبص)‪ ،‬ضل االراميوف يف مواقعهم وعرفوا أف يتكيفوا مع ـبتلف أنواع الشعوب اليت‬
‫‪2‬‬
‫تعاقبت يف إحتالؿ ىذه اؼبناطق"‪.‬‬

‫‪ -1‬خزع اؼباجدي‪ ،‬اؼبعتقدات الكنعانية‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬ص‪.236‬‬


‫‪ -2‬سامي بن اضبد اؼبغلوث‪ ،‬أطلس األدياف‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.563‬‬

‫‪32‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما عن عبادهتم فنجد أنو منذ ظهور االراميُت االوائل يف منتصف االلف الثالث قبل‬
‫اؼبيالد‪" ،‬إستقروا عال عبادة إلو واحد ودل يكونوا يعرفوف سواه‪ ,‬وىو الو (حدد )‪ ,‬وىذا يعٍت أف‬
‫االراميُت ىم أصحاب نزعة التوحيد االوائل‪...‬إذ دل يكن التوحيد عندىم أحد اؼبعتقدات إضافة‬
‫اذل التفريد والتعدد( كما ىو اغباؿ عند العموديُت والكنعانيُت يف بالد الشاـ القدصل) بل كاف ىو‬
‫العقيدة االساسية بعد أف نسيت أو أنبلت قصة االسطورية اليت كانت (أـ) مركزىا"‪ ,1‬إال أف ىذا‬
‫التوحيد دل يدـ طويال بسبب التأثر باغبضارات االخرى‪.‬‬

‫أما عن الديانة االرامية اؼبتأخرة ونتيجة ؽبذا االحتكاؾ والتأثر الذي تعرضت لو ىذه الديانة‬
‫" خاصة التأثَتات االشورية والبابلية اؼبستمدة من التقاليد الكنعانية‪ ,‬تبٌت االراميوف عبادات‬
‫ومعتقدات أخرى فقد إختلطت ديانة االراميُت ومعتقداهتم ودل يكن ؽبم شيء واضح خاص هبم‪،‬‬
‫ويالحظ التباين يف الديانة االرامية بشكل أوضح يف نصوص القرف اػبامس قبل اؼبيالد يف مصر‬
‫حيث استقرت صباعة من اؼبهاجرين والالجئُت والتجار الناطقُت باالرامية باالضافة إذل مرتزقة يهود‬
‫وأراميُت‪ ،‬عبد ىذا اجملتمع اػبليط من االؽبة‪ ،‬تبُت لنا النقوش من بينها الو نابو واإللو بانيت من‬
‫بابل واالرباب االراميُت بيث إيل وعناة بيث إيل وملكات شيمن (ملكة السماء) ويظهر الو بيث‬
‫إيو يف إظبُت لربُت آخرين ال يقالف شعبية عن اسم بيث ايل( اسم بيت ايل) وحرـ بيث إيل( حرـ‬
‫بيت ايل)"‪ ،2‬نضرا للتشابو والتداخل بُت آؽبة وعقائد االدياف الوثنية الثالثة اليت خصصنها‬
‫بالدراسة يبكننا أف نصف أدياف وعقائد بالد الشاـ القديبة إصباال بأهنا منظومة مركبة من العقائد‬
‫االمورية والكنعانية واالرامية اليت إختلطت أنسجتها ٍب ذابت يف ؿبيط واحد سرعاف ما أصبح‬
‫حاضنا لعقائد كالفارسية‪ ،‬واالغريقية‪ ،‬والرومانية ٍب رضبا لوالدة عقائد جديدة موحدة كاليهودية‬
‫‪3‬‬
‫‪ .‬وهبذا نكوف قد أهنينا اعبزء اؼبتعلق بالديانات الوثنية يف بالد الشاـ بنوع من‬ ‫واؼبسيحية‬

‫‪ -1‬خزعل اؼباجدي‪ ،‬اؼبعتقدات االرامية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 157‬‬

‫‪ -2‬فراس السواح‪ ،‬موسوعة تاريخ األدياف الكتاب الثاشل‪ ،‬ص‪.196‬‬


‫‪ -3‬ينظر‪ :‬خزعل اؼباجدي‪ ،‬اؼبعتقدات الكنعانية ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.05‬‬

‫‪33‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االختصار كوف تاريخ ىذه الديانات الوثنية الثالث يبتد آلالؼ القروف لذا ال يبكننا االحاطت‬
‫بكل احملطات الكبَتة والرئيسية يف تاريخ ىذه الديانات‪ ،‬كما أف موضوع ديانات بالد الشاـ‬
‫وبتاج أف يكوف حبثا مستقال لغزارة مادتو وكثرة رموزه العلمية وصبالية البحث فيو‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أنبياء بني إسرائيل في بالد الشام ‪(.‬النظرة االسالمية)‪.‬‬

‫ىذا اعبزء من البحث سنخصصو بدراسة أنبياء بٍت إسرائيل يف بالد الشاـ من الفًتة‬
‫اؼبمتدة من بعثة سيدنا موسى وىاروف عليو السالـ إذل غاية بعثة سيدنا عيسى عليو السالـ‬
‫بشيء من االختصاروالتوقف عال االىم فقط ‪:‬‬

‫موسى وهارون عليهما السالم‪ :‬على الرغم من أف نيب اهلل موسى ولد وترعرع يف قصر فرعوف‬
‫دبصر ودل يكن تارىبو متعلقا ببالد الشاـ‪ ،‬إال أف دراستو ضرورية يف تسلسل االحداث التارىبية‬
‫والدعوية لألنبياء من بعده‪ ،‬وكما ىو معروؼ عن قصة موسى واألحداث اليت وقعت لو من قصة‬
‫الرجل الذي وكزه موسى فقضى عليو وفراره من مصر إذل مدين وتزوجو ىناؾ من إبنة الرجل‬
‫الصاحل‪ٍ ،‬ب عودتو إذل مصر وما إف أدرؾ طور سيناء حىت ضل الطريق‪ ،‬ويف ليلة مباركة أراد اهلل أف‬
‫ىبص موسى بكرامتو و نبوتو وكالمو‪ ،‬وكاف اعبو باردا فرأى موسى نارا عن بعد فطلب من أىلو‬

‫أال يربحوا مكاهنم لعلو يأتيهم بقبس من النار يستضيئوف بو‪ ،‬فلما وصل ناداه ربو { إِنٍَِّت أَنَا اللَّوُ‬
‫‪1‬‬
‫الص َالةَ لِ ِذ ْك ِري }‪.‬‬
‫اعبُ ْدِشل َوأَقِ ِم َّ‬
‫َال إَِٰلَوَ إَِّال أَنَا فَ ْ‬

‫وقد بُعث ؼبوسى أخاه ىاروف ىاروف وزيرا وأٌمرنبا اهلل تعاذل بلُت القوؿ مع فرعوف‪ٍ ،‬ب أمرنبا‬
‫بأف يقوال لفرعوف إننا رسوال رب العاؼبُت إليك فأطلق سراح بٍت إسرائيل وال تعذهبم والسالـ عال‬
‫من اتبع اؽبدى ‪ .‬وقصة موسى مع فرعوف مشهورة إال أف ما يهمنا ىو أف موسى عندما سار ببٍت‬

‫‪ -1‬سورة طو‪ ،‬اآلية‪.14 :‬‬

‫‪34‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إسرائيل ىروبا من فرعوف وجيشو وقصة إنفالؽ البحر وقباة بٍت إسرائيل مقابل غرؽ فرعوف وقومو‬
‫كلهم‪.‬‬

‫ؼبا وصل بنوا إسرائيل مع نبيهم موسى اذل ارض سيناء الصحراوية أخذوا تقدصل الطلبات‬
‫إذل موسى بعدما وجدوا الفرؽ شاسع بينها وبُت ارض النيل اػبصبة‪ ،‬كما اف موسى قد تلقى‬
‫التورات وفيها الشرائع السماوية وقد ظهر االكبراؼ يف قومو وال سيما بعد الذىاب للقاء‬
‫ربو‪،‬وتسلم االلواح حيث زين ؽبم السامري عبادة العجل‪ٍ ،‬ب طلبو من موسى عمل صنم ليعبد‬
‫فوخبهم على ذلك وىو ما سنتكلم عليو أيضا يف ثنايا اؼببحث القادـ‪ ،‬وأراد أف هبعل لقومو مركزا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َنت‬
‫بأ َ‬ ‫سياسيا فتوجو هبم إذل مدينة أروبا فقالوا لو‪ {:‬إنَّا لَن نَّ ْد ُخلَ َها أَبَ ًدا َّما َد ُاموا ف َيها ۖ فَا ْذ َى ْ‬
‫‪1‬‬ ‫ك فَػ َقاتَِال إِنَّا ىاىنَا قَ ِ‬
‫اع ُدو َف }‪.‬‬ ‫َُ‬ ‫َوَربُّ َ‬

‫وؼبا أحجموا عن دخوؿ االرض اؼبقدسة حلت هبم نقمة اهلل فتاىوا يف الصحراء أربعُت سنة‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك بأعواـ تويف ىاروف ٍب غبق بو موسى وبعد وفاتو شعر بٍت اسرائيل بسوء اعماؽبم وسخف‬
‫تصرفاهتم مع نبيهم فنصبوا يوشع بن نوف عليو السالـ ملكا عليهم وىو الذي عرب هبم هنر االردف‬
‫‪2‬‬
‫اذل اروبا حيث أقاموا فيها‪.‬‬

‫داوود عليه السالم‪ :‬بعد وفاة يوشع بن نوف عليو السالـ اشتدت االزمات وسادت الفوضى بُت‬
‫بٍت إسرائيل يف فلسطُت‪ ،‬وارتد كثَت منهم عن عقيدة اليهودية اذل الوثنية السائدة يف اجملتمع‬
‫الكنعاشل‪ ،‬فنهض عدد من الزعماء احملليُت ؿباربُت ؼبثل ىذه اؼبعتقدات الباطلة وىؤالء ىم القضاة‬
‫اليت ظبيت حقبة من التاريخ اليهودي عليهم ‪ .‬ويف ىذه االثناء شن الفلسطينيوف ىجوما كبَتا على‬

‫‪ -1‬سورة اؼبائدة‪ ،‬اآلية‪. 24 :‬‬


‫‪ -2‬ينظر‪ :‬سامي عبد اهلل اؼبغلوث‪ ،‬أطلس تاريخ األنبياء والرسل‪ ،‬مكتبة العبيكاف‪ ،‬ص ‪.147/146‬‬

‫‪35‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بٍت اسرائيل وسبوا تابوت عهد الرب‪ .‬كما قاـ اؼبديانيوف والعموريوف واؼبؤابيوف واالراميوف بشن‬
‫غارهتم ضد بٍت اسرائيل وساعدىم على ذلك حاؿ التفرقة اليت كانت سبزؽ االسباط االسرائيلية‪.‬‬

‫واستمر اغباؿ على ذلك حتا جاء النيب صاموئيل والذي قبح يف صبع فبثلي اسباط الشماؿ‬
‫واعبنوب‪ ،‬ورشح ؽبم شاؤوؿ(طالوت) ملكا على بٍت اسرائيل فبايعوه يف اعبلجاؿ ‪ .‬قاؿ‬
‫ك َعلَْيػنَا َوَْكب ُن‬ ‫وت َملِ ًكا قَالُوا أ َّ‬
‫َسل يَ ُكو ُف لَوُ الْ ُملْ ُ‬ ‫اؿ َؽبُ ْم نَبِيُّػ ُه ْم إِ َّف اللَّ َو قَ ْد بَػ َع َ‬
‫ث لَ ُك ْم طَالُ َ‬ ‫تعاذل‪َ {:‬وقَ َ‬
‫ك ِمنْوُ }‪.1‬‬ ‫أَح ُّق بِالْملْ ِ‬
‫َ ُ‬
‫فأخذ داوود يكافح من أجل إعالء كلمة اهلل ونشرىا داخل أرض فلسطُت بُت الكنعانيُت وبٍت‬
‫اسرائيل‪ ،‬وبعد االستالء على القدس واستعادت تابوت العهد صارت الدولة يف عهده فبلكة قوية‬
‫ال سيما بعد أف استوذل عال دوؿ الكنعانيُت وضمها اذل دولتو‪ٍ ،‬ب اخذ بالتوسع حىت أخضع‬
‫مؤاب وأدوـ وشرؽ االردف‪ ،‬وبعدىا توجو إذل آراـ وزحف كبو دمشق واستوذل عليها وامتدت‬
‫َّاس بِا ْغبَق َوَال‬
‫ُت الن ِ‬
‫اح ُك ْم بَػ ْ َ‬ ‫اؾ َخلِي َفةً ِيف ْاأل َْر ِ‬
‫ض فَ ْ‬ ‫سيطرتو إذل ضباة ‪.‬قاؿ تعاذل‪ {:‬يَا َد ُاو ُد إِنَّا َج َعلْنَ َ‬
‫‪2‬‬
‫ك َع ْن َسبِ ِيل اللَّ ِو }‪.‬‬ ‫تَػتَّبِ ِع ا ْؽبوى فَػي ِ‬
‫ضلَّ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫سليمان عليه السالم ‪ :‬ورث اؼبلك عن أبيو وعمره ثالث عشرة سنة‪ ،‬وكاف مع حداثة سنو من‬
‫ذوي الفطنة والذكاء والكياسة والتدبَت‪ ،‬كما اف اهلل اعطاه اغبكمة وحسن القضاء منذ نعومة‬
‫أضافره ‪.‬‬

‫بعثو اهلل إذل بٍت إسرائيل ليدعوىم إذل عبادة اهلل وحده على منهج االنبياء والرسل الذين‬
‫سبقوه وكاف وبكم بينهم بنصوص التورات‪ ،‬كما وصلت فبلكتو إذل أوج قوهتا ‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.247 :‬‬


‫‪ -2‬سورة ص‪ ،‬اآلية‪. 26 :‬‬

‫‪36‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إىتم باالعماؿ العمرانية فبٍت اؼبعبد اؼبركزي الذي كاف قد بدأه قبل موتو على ىيئة ضخمة‬
‫تليق دبكانة نيب ملك اوٌب ما دل يأت أحد من العاؼبُت ووىب ملك ال ينبغي ألحد من بعده‪،‬‬
‫ولفخامة اؽبيئة اليت بٌت عليها سليماف اؼبسجد االقصى اؼبعروؼ يف تاريخ بٍت اسرائيل باؽبيكل‬
‫نسب ىذا اؼبعبد إليو‪.‬‬

‫أسلمت لو كل بالد الشاـ‪ ،‬فطمع دبلك سليماف أحد قادة اليهود وىو يربعاـ الذي قاد‬
‫ثورة ضدة لكنها فشلت فلجأ إذل فرعوف مصر ‪...‬اخل‪ ،‬بعد موتو دب اػبالؼ والنزاع بُت‬
‫اؼبملكتُت الشمالية واعبنوبية‪.‬‬

‫اؿ لَِق ْوِموِ أََال تَػتَّػ ُقو َف * أَتَ ْد ُعو َف‬


‫ُت * إِ ْذ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫إلياس عليه السالم‪ :‬قاؿ تعاذل ‪ {:‬وإِ َّف إِلْي ِ‬
‫اس لَم َن الْ ُم ْر َسل َ‬
‫َ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫ُت }‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اػبالِِقُت * اللَّو ربَّ ُكم ور َّ ِ‬
‫ب آبَائ ُك ُم ْاأل ََّول َ‬‫َح َس َن َْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫بَػ ْع ًال َوتَ َذ ُرو َف أ ْ‬
‫ذكر ابن كثَت يف كتابو قصص االنبياء عن اغبسن البصري أف اليسع ضهر بعد إلياس وىو تلميذ‬
‫إلياس فمكث ما شاء اهلل أف يبكث يدعوىم إذل اهلل مستمسكا دبنهاج إلياس وشريعتو حىت قبضو‬
‫اهلل عز وجل ٍب خلف فيهم اػبلوؼ وعظمت فيهم االحداث واػبطاياوكثر اعببابرة وقتلوا االنبياء‪،‬‬
‫وكاف فيهم ملك عنيد طاغ‪ ،‬ويقاؿ إنو الذي تكفل لو ذوا الكفل إف ىو تاب ورجع دخل اعبنة‬
‫وظبي ذا الكفل‪ ,‬لعل ذلك اؼبلك ىو جوشياىوالذي تاب وحطم االوثاف وعبادة البعل وعشروت‬
‫‪2‬‬
‫وغَتىا‪ ,‬وأعاد بٍت إسرائيل إذل عبادة اهلل‪".‬‬

‫زكريا ويحيا عليهما السالم‪ " :‬بعث زكريا عليو السالـ إذل بٍت إسرائيل بعد أف كثرت بينهم‬
‫اؼبعاصي وفشت بينهم اؼبنكرات‪ ،‬وانتشر الظلم وعم الفساد‪ ،‬وتسلط على اغبكم جبابرة يعيثوف يف‬
‫االرض فسادا ‪ .‬وكاف أشدىم فتكا وإجراما ىَتودوس حاكم فلسطُت الذي أمر بقتل زكريا ووبيا‬

‫‪-1‬سورة الصافات‪ ،‬اآلية‪.126 -123 :‬‬

‫‪ -2‬ؿبمد علي البار‪ ،‬اهلل واالنبياء يف التورات والعهد القدصل‪ ،‬الدار الشامية‪ ،‬ص ‪.515‬‬

‫‪37‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فيما بعد‪ ،‬فاستهل زكريا دعوتو فيهم بالدعوة إذل اهلل تعاذل‪ ،‬ؿبذرا قومو من عواقب االمور إذا‬
‫استمروا يف ىذا الطريق اؼبعوج وضل داعيا فيهم على ىذا اغباؿ حىت وىن عظمو واشتعل رأسو‬
‫شيبا وطلب من ربو أف يرزقو ولدا كي ىبلفو يف ىذا اعبانب الدعوي‪ ،‬ووبمل بدال عنو إعباء‬
‫الدعوة بعد وفاتو ‪.‬فاستجاب لو ربو ووىبو وبيا عليو السالـ وقد كانت والدة وبِت قبل ميالد‬
‫اؼبسيح عيسى عليو السالـ بثالث أشهر حيث نشأ عليو السالـ على خطى والده عليو السالـ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب بِ ُق َّوة ۖ َوآتَػْيػنَاهُ ا ْغبُ ْك َم َ‬
‫صبِيًّا }‬
‫‪1‬‬
‫بالصالح والتقى ‪ .‬قاؿ تعاذل ‪ {:‬يَا َْوب َ َِٰت ُخذ الْكتَ َ‬
‫حيث وىبو اهلل منذ صغره اغبكم والعلم حىت صار نبيا حاؿ صباه‪ ،‬سبيز بالرأفة والرضبة‬
‫واالقالع عن اؼبعاصي‪ ،‬وحذرىم من عواقب االمور‪،‬وكاف يعمد الناس بغسلهم من الذنوب‬
‫واػبطايا يف هنر االردف وىو الذي عمد اؼبسيح عليو السالـ ‪.‬‬

‫إختلف الرواة يف وفاة زكرياء عليو السالـ ىل مات مات موتا أو قتل قتال‪ ،‬أما وبِت عليو‬
‫السالـ فقد أصبع الرواة على أنو مات مقتوال"‪ 2.‬و ىكذا نكوف قد خلصنا من ذكر وتعريف‬
‫االنبياء الذين توالوا على بالد الشاـ ودعوهتم فيها‪ ،‬وخالصة القوؿ أف كل االنبياء قد جاءوا‬
‫بالتوحيد وكانت حياهتم مستقيمة ودعوية فقد دعوا كلهم إذل التوحيد اػبالص ونبذ الشرؾ واالمر‬
‫باؼبعروؼ والنهي عن النكر يف أقوامهم‪ ,‬بعكس ما يصورىم بو التورات من اكبرفات وارتكاب‬
‫اؼبعاصي حىت أف منهم من إفًتوا عليو حىت الشرؾ باهلل‪ ,‬و ىناؾ باؼبقابل من االنبياء من تشابو‬
‫قصصهم حتا يف كثَت من التفاصيل مع القصص اؼبوجودة عندنا يف االسالـ ‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة مرصل‪ ،‬اآلية‪.12 :‬‬

‫‪ -2‬سامي عبد اهلل اؼبغلوث‪ ،‬أطلس تاريخ االنبياء والرسل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬

‫‪38‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أنبياء بنوا إسرائيل من النظرة اليهودية التوراتية ‪.‬‬

‫سنورد يف ىذا اؼبطلب حملة موجزة عن أىم أنبياء اليهود يف الفًتة اؼبمتدة من النيب موسى إذل آخر‬
‫نيب حسب أسفار التورات‪:‬‬

‫موسى ‪ :‬ال زبتلف قصة موسى يف التورات عن قصتو يف االسالـ إال يف بعض التفاصيل اليت ال‬
‫طائل من ذكرىا يف موضعنا ىذا نضرا لكوف إىتمامنا موجو لألنبياء الذين كانوا يف بالد الشاـ ‪.‬‬
‫إال أننا نذكر أنو من أعظم اػبدمات تاٌب أداىا موسى ىي تدوينو للشريهة اليت أنزؽبا اهلل عليو يف‬
‫االسفار اػبمسة االوذل من التورات وىي ‪ :‬سفر التكوين‪،‬سفر اػبروج‪ ,‬سفر الالويُت‪ ،‬وسفر‬
‫العدد‪،‬سفر التثنية‪ .‬وقد تضمنت ىذه االسفار فضال عن شريعة اهلل تاريخ البشرية من أف خلق اهلل‬
‫العادل‪ ،‬كما تضمنت وصفا مفصال ػبروج اليهود من مصر ورحلتهم يف صحراء سيناء على مدى‬
‫أربعُت عاما كاملة‪ ،‬وتضمنت نبوءات اؼبستقبل ال يبكن أف يتنبأ هبا إنساف إال بروح اهلل وإؽبامو ‪.‬‬

‫وقد مات موسى كما قرر اهلل قبل أف يدخل اليهود أرض كنعاف‪ ،‬وكاف قد بلغ من العمر مائة‬
‫‪1‬‬
‫وعشرين سنة ودل يعرؼ احد مكاف قربه‪.‬‬

‫تتحدث االسفار عن وفاتو‪ {:‬فمات ىناؾ موسى عبد الرب يف ارض موآب حسب قوؿ‬
‫‪2‬‬
‫الرب ودفنو يف اعبواء يف أرض موآب مقابل بيت فغور‪ ،‬ودل يعرؼ إنساف قربه إذل ىذا اليوـ}‪.‬‬

‫صموئيل ‪ :‬ظهر يف القرف اغبادي عشر قبل اؼبيالد‪ ,‬وكاف آخر القضاة‪ ،‬وقد وىبو اهلل روح النبوة‬
‫فكاف من أبرز أنبياء العهد القدصل‪ ،‬وىو إبن ألفانة من عشَتة قهاة من سبط الوي‪ ،‬وكانت أمة‬
‫تسمى حنة‪ ،‬ودل تنجب أبناء فنذرت هلل إذا أعطاىا إبنا أف تنذره لعبادتو كل أياـ حياتو ‪.‬‬

‫‪ -1‬زكي شنودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬


‫‪ -2‬سفر التثنية ‪. 6-5: 32 :‬‬

‫‪39‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وفعال وىبها اهلل صموئيل فجاءت بو إذل اؽبيكل يف شيلوه وتركتو يف رعاية عارل الكاىن ‪ .‬وىناؾ‬
‫أعلن اهلل لو ذاتو ومسحو نبيا لو‪ ،‬فلم يلبث بعد موت عارل أف أصبح قاضي اليهود ورئيس كهنتهم‬
‫وصاحب الكلمة العليا بينهم‪.‬‬

‫داود‪ :‬ثاشل ملوؾ اليهود بعد شاوؿ‪ ،‬قد إختاره اهلل بدؿ من شاوؿ‪ ،‬وأمر صاويل النيب بأف يبسحو‬
‫ملكا لليهود ‪ .‬إشتهر بالقوة والشجاعة‪ ،‬حىت كاف يقتل بيديو الدببة واالسود‪.‬‬

‫وتتشابو قصتو مع اؼبوجودة عندنا يف قصة شجاعتو وؿباربتو ألعداءه وقصة جالوت وطالوت وإف‬
‫كاف ىناؾ إختالؼ يف االظباء‪ ،‬وقصة توسع وامتداد فبلكة اليهود إذل أقصى حدود وصلت إليها‬
‫يف كل تارىبها ‪ .‬إال أهنم نسبوا إليو إرتكاب االثاـ والفواحش واحتقاره لكالـ الرب‪ ،‬وكذلك‬
‫سخط الرب عليو ومعاقبتو أشد العقاب‪ ،‬كما تذكر التورات كيف تآمر أبناءه عليو أبشالوـ‬
‫وأدوناي لإلستالء على عرش داود‪ ،‬وقد قتل جنود داود أبشالوـ وىكذا توالت االحزاف عليو إذل‬
‫على عصيانو وخطيئتو مع زوجة ارويا‪ ،‬فتاب داود توبة صادقة وامتأل قلبو دبخافة اهلل وتقواه حىت‬
‫أصبح ال يفتئ يًتزل لو باؼبزامَت اليت تضمنت عددا كبَتا من النبوءات اليت ربققت حبذافرىا‪ ،‬وال‬
‫سيما تلك اليت ربكي عن ؾبيء السيد اؼبسيح وصفاتو وضروؼ حياتو على االرض وموتو وقيامتو‬
‫وصعوده إذل السماء ‪.‬ولعل أبلغ تعبَت عن اؼبكانة اليت إكتسبها داود بعد توبتو أف التورات تصفو‬
‫بأنو"رجل حسب قلب اهلل" ((صموئيل االوؿ ‪ ,))14:13‬وقد مات داود وىو يف السبعُت من‬
‫‪1‬‬
‫عمره بعد أف حكم اليهود أربعُت عاما‪،‬ودفن يف مدينة داود ‪.‬‬

‫وحسب ماأورده زكي شنوده يف كتابو اليهودية بأف " داود نسبو ليس إسرائيليا خالصا‪ ،‬وسفر‬
‫راعوف وبكي قصة ىذا النسب وأنبية النسب بالنسبة للفكر الذي حدده اليهود مع قياـ‬
‫‪2‬‬
‫دولتهم"‪.‬‬

‫‪ -1‬زكي شنودة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108-105‬‬


‫‪ -2‬أضبد شليب‪ ،‬اليهودية‪ ،‬مكتبة النهضة اؼبصرية‪ ،‬طبعة الثامنة‪ ،‬القاىرة‪ ،1988 ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪40‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫باإلضافة إذل االنبياء ناثاف وجاد وعدوا و النيب أخيا و مشعيا وحناشل وياىو وعزريا الذين‬
‫عاشوا يف أزماف متقاربة كبو القرف العاشر قبل اؼبيالد كما قبد منهم من كتب سفرا يتحدث عن‬
‫أعمالو ومنهم من دل يكتب سفرا خاصا بو‪ ،‬إال أهنم كلهم دعوا أقواىم واؼبلوؾ الذين عاصروىم‬
‫إال التوحيد واالبتعاد عن عبادة االوثاف وحذروىم من غضب اهلل وعقابو‪ ,‬وذلك حسب ما ورد يف‬
‫االسفار‪.‬‬

‫ومن األنبياء أيضا المشهورين في تاريخ بني إسرائيل ولهم وزن هم‪:‬‬

‫النبي ايليا ‪ :‬الذي يعترب من أعظم أنبياء بٍت إسرائيل‪ ،‬وقد عاش يف القرف التاسع قبل اؼبيالد‪،‬‬
‫إنتقل إذل فبلكة إسرائيل الشماؿ حيث كاف وبكمها آخاب بن عمري ملك إسرائيل وزوجتو‬
‫الصيدونية الوثنية اليت نشرت عبادة البعل و االوثاف االخرى يف إسرائيل ‪ .‬كما قامت بقتل مئات‬
‫من انبياء بٍت إسرائيل‪ ،‬ربدى إيليا آخاب بن عمري وإيزابيل وصبيع االنبياء الكذبة وىم أربع مائة‬
‫وطبسوف نبيا لبعل و أربع مائة نيب السواري‪ ،‬ووضع إيلياء ثورا ذحبو على احملرقة دوف إيقاد النار‪،‬‬
‫فيدعوف الرب أيهم أتت نارا فأكلت الثور فهو الصادؽ ‪ .‬وقد فشل االنبياء الكذبة وقبح إيلياء و‬
‫أدى ذلك ألف يقوـ إيلياء والشعب بقتل االنبياء الكذبة ‪.‬‬

‫ىرب إيلياء من إيزابيل إذل اعبنوب حىت وصل إذل بئر سبع يف فبلكة يهوذا ٍب إرربل أربعُت يوما إذل‬
‫جبل حوريب ‪ .‬وىنا تراءى اهلل أرسلو ليمسح ياىو ملكا على إسرائيل ويقضي على آخاب‬
‫وإيزابيل‪ ،‬وليمسح حزائيل ملكا على االراميُت ويبسح اليسع نبيا ىبلفو ‪.‬‬

‫ويعتقد اليهود أف إيلياء سيعود يف آخر الزمن‪ ،‬ويقوؿ بعضهم أنو اؼبسيح النتتضر يف آخر الزماف‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويعترب إيليا من أعظم أنبياء بٍت إسرائيل مكانة لديهم‪،‬بل إف مكانتو ال يضاىيها إال موسى‪.‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد علي البار‪ ،‬اهلل واالنبياء عليهم السالـ‪ ،‬دار الشامية‪ ،‬ص ‪. 519 - 517‬‬

‫‪41‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اليسع‪ :‬ىو تلميذ إيلياء وخليفتو وقد شاع يف فبلكة إسرائيل ايضا وىو من سبط يساكر بن‬
‫يعقوب‪ ،‬وكانت بداية نبوتو عندما وجده إيلياء يف اغبقل فطرح رداءه عليو ومسحو نبيا‪ ،‬وقد كاف‬
‫اليسع يتجوؿ يف اؼبدف والقرى يف فبلكتو إسرائيل يدعوىم لًتؾ عبادة االوثاف والعودة لعبادة اهلل ‪.‬‬
‫كما قاـ اليشع بالكثَت من اؼبعجزات‪ ،‬منها أنو كاف يأوي إذل بيت إمرأة شومبية كانت تكرمو‬
‫وتقدـ لو الطعاـ وزبدمو‪ ،‬وذات يوـ مات إبنها فحزنت حزنا شديدا فتضرع إذل اهلل أعاد اغبياة إذل‬
‫إبنها ((سفر اؼبلوؾ الثاشل ‪ .))19-1: 5‬ومن االنبياء الذين عاصروا إيليا واليشع ىو النيب ميخا‬
‫بن يبلة الذي ظهر يف اؼبملكة اعبنوبية وعاصر من ملوكها يوثاـ و آحاز و حزقياؿ وقد كتب سفرا‬
‫من أسفار العهد القدصل وىو سفر ميخا الذي تضمن نبوءات عن خراب السامرة وأورشليم وسيب‬
‫اليهود‪ ،‬كما تضمن نبوءات عن خراب مدف الوثنيُت أيضا وتنبأ دبجيء اؼبسيح اؼبنتظر‪ ,‬كما إستمر‬
‫يف توبيخ يهوذا وإسرائيل على الفجور الذي فعلتو كل واحدة منهما‪ ،‬ويهدد باػبراب والسيب‬
‫واؽبالؾ كما ينبئ بعودة بناء أورشليم بعد اػبراب وؾبيئ آشور ومدف مصر وبابل وسكاف االرض‬
‫من البحر اذل البحر ومن اعببل اذل اعببل منقادين للشعب الذي حل فيو روح اهلل‪ ،‬الشعب‬
‫‪1‬‬
‫اؼبقدس‪ ،‬شعب اهلل اؼبختار‪.‬‬

‫إضافة إذل النيب إشعيا بن آموص الذي من أنبياء بٍت إسرائيل اؼبشهورين وقد عاش يف‬
‫فبلكة يهوذا وكاف يف عصر أنبياء مثل ميخا اؼبورتشي‪ ،‬و أرميا الذي يعد أيضا من أعظم اشهر‬
‫انبياء اليهود‪ ،‬عاش يف القرف التاسع قبل اؼبيالد‪ ,‬وكاف حُت دعاه اهلل لإلضطالع بالرسالة النبوية‬
‫ال يزاؿ صغَت السن‪.‬‬

‫وناحوـ الذي كتب سفرا نبويا معروفا بإظبو ضمن أسفار التورات‪ ،‬فيو نبوءات عن سقوط‬
‫بعض الدوؿ يف يد دوؿ أخرى‪ ،‬كما وصف يف بداية ىذا السفر صرامة اهلل كبو اػبطاة وؿببتو‬
‫لألبرار‪ ،‬وأخَتا النيب حبقوؽ الذي كاف من سبط الوي وقد كتب سفرا نبويا ضمن اسفار التورات‬

‫‪ -1‬ؿبمد علي البار‪ ،‬اؼبصدر السابق ص ‪. 221 -220‬‬

‫‪42‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اكد فيو أف االشرارمهما قبحوايف حياهتم على االرض فإهنم فإهنم سيالقوف جزاءىم اغبق يف ىذه‬
‫الدنيا أو يف االخرة‪ ،‬ولذلك وصف حبقوؽ ؾبيء اهلل يف رعب عظيم يف اليوـ االخر ليدين البشر‪,‬‬
‫وبذلك نكوف قد خلصنا من اؼببحث اؼبتعلق بالديانات يف بالد الشاـ وما يندرج ربتو من النبوة‬
‫‪1‬‬
‫واالنبياء‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اليهودية من التوحيد إلى الشرك‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اليهودية ديانة توحيدية ‪.‬‬

‫األصل يف اليهودية التوحيد دوف شك‪ ،‬وإف دل يكن دينهم أوؿ دين توحيدي يف التاريخ"‬
‫فقد احتفظ الدين العربي بكيانو عرب العصور فالنظاـ الديٍت العربي كاف كامال يف جوىره‪ ،‬وال‬
‫سيما يف الطقوس‪ ،‬قبل إنشاء اؼبلكية‪ ،‬وكاف دخوؿ العربيُت فلسطُت نقطة ربوؿ تاريخ التكوين‬
‫الديٍت العربي ‪ .‬وبداية الًتاث الديٍت القدصل إيباف الشعب بإلو واحد لو ىو يهوه الذي أعلن توراتو‪،‬‬
‫أي قانونو بلساف موسى‪ ،‬وال يعرؼ معٌت إسم يهوه على وجو اليقُت‪ ،‬ويف االية اؼبشهورة من سفر‬
‫اػبروج (‪ )14-3‬يفسره بعض العلماء بأف معناه {ىو الذي يكوف } ويفسره آخروف بأف معناه‬
‫يوجد } أي اػبالق‪ ،‬وىناؾ أيضا تفسَتات أخرى‪ ،‬ورب العربيُت ؿبجوب عن عُت‬‫{ ىو الذي ِ‬

‫االنساف إال يف حاالت معينة أشكاؿ خاصة‪ ،‬وهبب أال يصور بأية صورة‪ ،‬وليس لو مسكن‬
‫ثابت‪ ،‬ولكن يبكن أف يكوف يف كل مكاف‪ ،‬فإنو إلو شعب بدوي‪ ,‬وىو ال أسرة لو‪ ،‬وليس بذكر‬
‫‪2‬‬
‫أو أنثى‪ ،‬وىو مقدس وعادؿ‪ ,‬وقد عقد عهدا خاصا مع إسرائيل‪ ،‬وجعل إسرائيل شعبو اؼبختار"‪.‬‬
‫ومن ىنا نستنتج شيئا آخر وىو أنو ليس إلو عبميع البشر وإمبا ىو إلو قومي وىو ما سنخصص لو‬
‫عنواف يف نفس اؼبطلب نوضح فيو االرتباط القومي إللو العربانيُت بشيء من التفصيل ‪.‬‬

‫‪ -1‬زكي شنودة ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.121- 119‬‬


‫‪ -2‬سبتينوا موسكاٌب‪ ،‬اغبضارات السامية القديبة‪ ،‬دار الكاتب العريب للطباعة والنشر‪. 149-148 ،‬‬

‫‪43‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إال القرآف الكرصل بُت لنا أف سيدنا موسى وىاروف عليهما السالـ قد جاءا إذل بٍت إسرائيل‬
‫وأرسال إذل فرعوف بالدعوة إذل إلو العاؼبُت رب اػبالئق أصبعُت‪ ،‬قاؿ تعاذل ‪{:‬فاتيا فرعوف فقوال إنا‬
‫رسل رب العاؼبُت}‪,1‬وبعد ذلك قولو تعاذل‪ { :‬قاؿ فرعوف وما رب العاؼبُت قاؿ رب السماوات‬
‫واالرض ومابينها إف كنتم موقنُت قاؿ للمإل حولو أال تستمعوف قاؿ ربكم ورب آبائكم االولُت إف‬
‫‪2‬‬
‫رسولكم الذي أرسل إليكم جملنوف قاؿ رب اؼبشرؽ واؼبغرب وما بينهما إف كنتم تعقلوف}‪.‬‬

‫ورغم ىذه الدعوه الصروبة لتوحيد اهلل وحده إال أف اليهود وعرب تارىبهم الديٍت بعد‬
‫موسى عليو السالـ وقبل أشعيا عليو السالـ قلما يفكروف يف االلو يهوه إلو االسباط صبيعا‪ ،‬أو‬
‫حىت إلو العربانيُت صبيعا رغم تورل الدعوات والنبوات فيهم وىذا ما أشرنا إليو من قبل‪ " ،‬فقد كاف‬
‫للموآبيُت إؽبهم مشش‪ ،‬وكاف نعومي يظن أف ال ضَت يف اف يظل راعوث على والئو لو‪ ،‬وكاف‬
‫يلزبوب إلو عكروف‪ ،‬و ملكروـ إلو عموف‪ ،‬ذلك أف النزعة االنفصالية اليت كانت تتملك نفوس‬
‫أوالئك القوـ من الناحيتتُت االقتصادية والسياسية قد أدت بطبيعة اغباؿ إذل ما تستطيع أف تسميو‬
‫إستقالال دينيا ‪ .‬ويقوؿ موسى يف أغنيتو الشهَتة ‪{:‬من مثلك بُت االؽبة يا رب}‪ 3‬ويقوؿ سليماف‬
‫‪ {:‬إؽبمنا أعظم من صبيع االؽبة }‪ ،4‬ودل يكن صبيع اليهود يعدوف سبوز إلو حقا فحسب‪ ،‬بل إف‬
‫عبادتو فضال عن ىذا كانت يف وقت من االوقات منتشرة يف بالد اليهود حىت شكى حزقياؿ من‬
‫أف البكاء حزنا على سبوز كاف يسمع يف اؽبيكل‪ .‬لقد كاف بُت اليهود من فوارؽ وما كاف ؽبم‬
‫أستقالؿ كاؼ ألف تبقى لطوائفهم آؽبتهم اػباصة حىت يف زمن أرميا ‪{ :‬على عدد مدنك صارت‬
‫آؽبتك يا يهوذا }‪ٍ ,‬ب يظهر النيب اغبزين غظبو على بٍت وطنو ألهنم يعبدوف بعال ومولك‪ ،‬فلما أف‬
‫نشأت الوحدة السياسية يف اياـ داوود وسليماف‪ ،‬وتركزت العبادة يف اؽبيكل بأورشليم أخذ الدين‬

‫‪ -1‬سورة الشعراء اآلية ‪.16 :‬‬


‫‪ -2‬سورة الشعراء‪ ،‬اآلية‪.23 :‬‬
‫‪ -3‬اػبروج‪. 11:15 :‬‬
‫‪ -4‬أخبار األياـ‪. 5 :2 :‬‬

‫‪44‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يردد اصداء التاريخ والسياسة‪ ،‬وأمسى يهوه إلو اليهود االوحد‪ ،‬ودل وبط اليهود كبو التوحيد خطوة‬
‫غَت ىذه اػبطوة‪ ،‬وىي أف لليهود إلو واحدا يعلو على آؽبة غَتىم من البشر‪ ،‬حىت كاف زمن‬
‫االنبياء على أف الديانة العربانية حىت ىذه اؼبرحلة اليهودية كانت أقرب إذل التوحيد من كل دين‬
‫آخر قبل عصر االنبياء‪ ،‬فقد كانت اليهودية تسموا كثَتا على غَتىا من أدياف ذلك الوقت يف‬
‫عظمها وسلطاهنا ويف وحدىا الفلسفية‪ ،‬وفيما تنطوي عليو من ضباسة أخالقية وأثر يف نفوس‬
‫أىلها‪ ،‬وكاف يغشى التفكَت اليهودي بأصبعو شعور بضآلة شأف االنساف أماـ رب قادر يسَت طوع‬
‫أمره"‪ 1 .‬يقوؿ الدكتور كامل سعداف يف ىذا الصدد " إف الديانة العربانية تنفرد منذ نشأهتا دبيزة‬
‫خاصة فليس من النادر يف العادل أف يعًتؼ شعب بأولوية الو من آؽبة‪ ،‬ولكن ليس من شعب يأىب‬
‫أف يعبد آؽبة آخرين يف الوقت نفسو‪ ،‬وإذل ذلك فإف العربانيُت رغم ـبالطتهم للشعوب االجنبية‪،‬‬
‫يسَتوف قدما يف ربديد عقيدهتم الدينية اػباصة‪ ،‬ومن اعبلي البُت أهنم ينتقلوف من عبادة إلو واحد‬
‫إذل االيباف بوجود إلو واحد ولكن ىذا االلو نفسو يتغَت"‪ ,2‬فكانت نظرتو إذل اليهودية أهنا ديانة‬
‫متميزة ذات فلسفة توحيدية منذ عصورىا االوذل‪ ،‬كما حكت أسفار العهد القدصل عن ىذا‬
‫التوحيد يف مواضع عديدة ‪ ،‬فمن احملاور االساسية عند اليهود واليت تأسس ؽبذا التوحيد اليهودي‬
‫ىو "ؿبور الوصايا العشر اؼبوحى هبا ؼبوسى عليو السالـ‪ ،‬واليت حفظت مع سائر أسفار الشريعة‬
‫التوراتية‪ ,‬وسبب حديثنا عن ىذه الوصايا ىو تركيزىا على عقيدة التوحيد خاصة يف الوصية االورل‬
‫والثانية"‪ 3.‬وىي حسب سفر اػبروج يف السفر العشرين‪ ،‬على الوجو التارل‪ {:‬وتكلم اهلل هبذا‬
‫الكالـ كلو قائال ‪:‬أنا الرب إؽبك الذي أخرجك من أرض مصر‪ ,‬من دار العبودية‪ ،‬ال يكن لك‬

‫‪ -1‬ويل وايريل ديورونت‪ ،‬قصة اغبضارة‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ؾبلد‪ ،1‬دار اعبيل للنشر والطبع والتوزيع‪ ،‬ص ‪.244 ،243‬‬

‫‪ -2‬كامل سعفاف‪ ،‬اليهود تاريخ وعقيدة‪ ،‬دار االعتصاـ‪ ،‬ص ‪.269‬‬


‫‪ -3‬موسوعة االدياف اؼبيسرة‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬الطبعة األوذل‪ ،‬ص ‪.493‬‬

‫‪45‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫آؽبة أخرى اذباىي‪ ,‬ال تصنع لك منحوتا وال صورة شيء فبا يف السماء من فوؽ وال فبا يف االرض‬
‫‪1‬‬
‫من االسفل‪ ،‬ومن اؼبياه ربت االرض‪ ،‬ال تسجد ؽبا وال تعبدىا ‪.}...‬‬

‫وىذه الوصايا يف حد ذاهتا "تضع اساس اجملتمع الديٍت الذي يقوـ على فكرة اهلل اؼبلك‬
‫القدوس الذي ال تدركو االبصار‪ ،‬والذي ظبي شعبو بعدئذ شعب إسرائيل‪ ،‬أو شعب اهلل‪ ،‬وحرمت‬
‫اف تصور اهلل يف اي صورة منحوتة‪ ،‬ونبذت كل اػبرافات كما نبذت فكرة ذبسيد االلو‪ ،‬وحاولت‬
‫أف تصور اهلل منزىا عن صبيع االشكاؿ والصور"‪ ,2‬وغبد اللحظة من حديثنا عن توحيد اليهود ال‬
‫هبب أف ننسى أو نتغافل عن شيء مهم أشرنا إلو يف ثنايا حبثنا وىو أف الديانو اليهودية يف أصلها‬
‫ديانة توحيدية جاء معظم أنبياءىا بالتوحيد اػبالص إال أف حقيقة توحيدىم حسب ما ورد يف‬
‫أسفار أنبياءىم اؼبزعومة ىو توحيد عنصري إللو عنصري قبلي ال يرى غَت االمة العربية وال يقر‬
‫بأي أمة أخرى أو عبادة أخرى بل ويقلل من شأهنم ووبتقرىم أشد االحتقار وىذا ما يدؿ على‬
‫عدـ استجابة اليهود للتوحيد اػبالص الذي جاء بو االنبياء عليهم السالـ واستبدالو بتوحيد إلو‬
‫وطٍت قبلي ؽبم وحدىم و ال يقر بغَتىم وجعلوا أنفسهم بناء على ىذا شعب اهلل اؼبختار ‪.‬‬

‫اإلله القومي‪ :‬كما ذكرنا سابقا أف توحيد العربيُت دل يكن توحيدا هلل رب العاؼبُت كما ىو معلوـ‬
‫ومعموؿ بو يف الديانات التوحيدية الصحيحة كاإلسالـ‪ ،‬فنجد أف التورات ربوي على ماال يعد وال‬
‫وبصى من الدالئل اليت تدؿ على أف إلو اليهود وطٍت قبلي سار معهم عرب ـبتلف فًتات تارىبهم‬
‫فنجد الدكتور ؿبمود العقاد يقوؿ" من يتتبع نعوت يهوه من أوائل أياـ العربيُت يف أوطاف نشأهتم‬
‫وأوطاف ىجرهتم‪ ،‬إال أواخرىا قبل عصر اؼبيالد اؼبسيحي دل يتبُت من تلك النعوت أهنم وسعوا أفق‬
‫العبادة ؽبذا االلو‪ ،‬وال أهنم وسعوا ؾباؿ اغبظوة عنده‪ ,‬بل إنو ليتبُت من نعوتو السابقة والالحقة‬
‫أهنم كانوا يضيقوف أفق عبادتو‪ ,‬ووبصروف ؾباؿ اغبظوة عنده جيال بعد جيل‪ ،‬فكاف شعبو اؼبختار‬

‫‪ -1‬اػبروج ‪3-1: 20‬‬


‫‪ -2‬ويل وايريل ديورونت‪ ،‬قصة اغبضارة‪ ،‬دار اعبيل للنشر والطبع والتوزيع جزء ‪ , 2‬ؾبلد‪ 1،‬ص ‪.372‬‬

‫‪46‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يف مبدأ االمر عاما شامال لقوـ إبراىيم‪ٍ ،‬ب أصبح بعد بضعة قروف ؿبصورا على قوـ يعقوب بن‬
‫إسحاؽ ٍب أ صبح بعد ذلك ؿبصورا مقصورا على قوـ موسى ٍب على ابناء داوود وعلى من يدينوف‬
‫‪1‬‬
‫على عرشو بالوالء"‬

‫وىكذا ثبت العربانيوف على عبادة( يهوه) فكاف توحيدىم توحيدا قاصرا غلبت عليو النزعة‬
‫القومية واندثر فيو التوحيد الصحيح الذي بعث االنبياء رضواف اهلل عليهم ألجلو‪ ،‬التوحيد الذي‬
‫يتساوى فيو اليهودي مع غَته‪ ،‬ويكوف يف اهلل ىو رب الكل وخالق الكل ومنزه عن كل نقص‬
‫وعيب‪ ،‬متصف بكل صفات االلوىية والربوبية‪ ,‬ؿبب عبميع خلقو وليس االسرائيليُت دوف غَتىم‪،‬‬
‫ىذا ىو التوحيد الذي جاء ودعا إليو األنبياء من موسى إذل آخر نيب‪ ،‬فاالكبراؼ الذي وقع فيو‬
‫العربيوف إمبا ىومن تأثَت االقواـ االخرى عليهم ‪.‬‬

‫وخالصة القوؿ يف هناية ىذا اؼبطلب أف عقيدة التوحيد اليت جاء هبا موسى واالنبياء من‬
‫بعده ىي عقيدة صحيحة‪ ،‬إال أف العربانيُت وحبكم تأثرىم باألقواـ االخرى حرفوا وبدلوا وىو ما‬
‫سنقف عليو يف ما تبقى ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعدد في اليهودية ومظاهر التأثر في عقيدة االلوهية ‪:‬‬

‫تحول اليهودية من التوحيد إلى الوثنية‪ :‬كما بينا سابقا بأف ديانة بٍت إسارائيل كما يصورىا‬
‫القرآف الكرصل وكما جاء هبا سيدنا موسى عليو السالـ كانت ديانة توحيدية "إال أف اليهود وعلى‬
‫مدار تارىبهم القدصل دل وبافظوا على ىذا التوحيد الذي أتاىم بو سيدنا موسى عليو السالـ‪ ،‬وإمبا‬
‫تطلعوا إذل الشرؾ فازبذوا من من دونو آؽبة أخرى وحدث ىذا يف عهد سيدنا موسى وبعده‪،‬‬
‫وكذلك دل يستوعبوا الصورة اؼبنزىة هلل اليت وردت يف التورات اؼبنزلة ودل يرتفعوا إذل ما هبا من تنزيو‬
‫اهلل سبحانو فقصدوا إذل تصويره بصور حسية ونسبوا إليو صفات النقص واعبهل إذل غَتىا من‬

‫‪ -1‬عباس ؿبمود العقاد‪ ،‬حقائق االسالـ أباطيل خصومو‪ ،‬هنضة مصر‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪47‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫صفات اغبوادث "‪ ,1‬رغم توارل االنبياء والرساالت عليهم إال أف فهمهم كاف دوف فهم االنبياء‬
‫فزاغوا وبدلوا وحرفوا على مقتضى أىوائهم وما سبليو عليو جاىليتهم ووثنية الشعوب من حوؽبم ‪.‬‬

‫فهم ونضرا لعقليتهم البدائية ونضرهتم اؼبادية لألشياء " دل يستطيعوا يف فًتة من فًتات تارىبهم أف‬
‫يستقروا على عبادة اهلل الواحد الذي دعى لو االنبياء‪ ،‬وكاف إذباىهم إذل التجسيم والتعدد والنفعية‬
‫واضحا يف صبيع مراحل تارىبم‪ ,‬وعلى الرغم من إرتباط وجودىم بإبراىيم إال أف البدائية الدينية‬
‫كانت طابعهم‪ ،‬وتعد كثرة أنبيائهم كما رأينا يف اؼببحث السابق دليال على ذبدد الشرؾ فيهم‪،‬‬
‫وبالتارل ذبدد اغباجة إذل أنبياء هبددوف الدعوة إذل التوحيد‪ ،‬وقد كانت ىذه الدعوات قليلة‬
‫اعبدوى على كل حاؿ‪ ،‬فظهروا للتاريخ بدائيُت يعبدوف االرواح واالحجار‪ ،‬وأحيانا مقلدين‬
‫يعبدوف معبودات االمم اجملاورة اليت كانت ؽبا حضارة وفكر‪ ,‬كما قبد أيضا أف بٍت إسرائيل دل‬
‫يتخلوا قط عن عبادة العجل والكبش واغبمل‪ ،‬ودل يستطع موسى من منع قطيعو من عبادة العجل‬
‫الذىيب ألف عبادة العجل كانت ال تزاؿ حية يف ذاكرهتم منذ أف كانوا يف مصر فضلوا زمنا طويال‬
‫يتخذوف ىذا اغبيواف رمزا إلؽبهم‪ ،‬وتقرر التورات قصة الرجل الذي عمل ؽبم العجل ىو ىاروف‬
‫فعبدوه بعد أف تأخر موسى يف العودة إليهم‪ ,‬وقد أعدـ موسى ثالشبائة رجل منهم عقابا ؽبم عال‬
‫عبادة ىذا الوثن‪ ،‬إال أف عبادة العجل بقية تتجدد من حُت إذل حُت يف حياة بٍت إسرائيل فقد‬
‫عمل يربعاـ بن سليماف عجلي ذىب ليعبدىا أتباعو لكي ال وبتاجوف الذىاب إذل اؽبيكل‪ ,‬وقد‬
‫عبد آىاب ملك إسرائيل االبقار بعد سليماف بقرف واحد‪ ,‬كما يروي العهد القدصل أف موسى عمل‬
‫حية من كباس وأف بٍت إسرائيل عبدوىا بعد ذلك"‪ ,2‬وىكذا ربكي أسفارىم ذبذر الشرؾ والوثنية‬
‫يف الشعب اليهودي وصعوبة اؼبهمة الدعوية على أنبيائهم يف القضاء على ىذا الشرؾ إستئصالو‬
‫منهم‪ ،‬فكاف بذلك لكل عصر من عصورىم عبادهتم اػباصة هبم زيادة على ىذا فكما رأينا فقد‬
‫افًتوا على أنبيائهم الكذب وتطاولوا عليهم بقوؽبم على ىارووف أنو من عمل ؽبم العجل والقرآف‬

‫‪ -1‬فتحي ؿبمد الزغيب‪ ،‬تأثر اليهودية باألدياف الوثنية‪ ،‬دار البشَت للثقافة والعلوـ االسالمية‪ ،‬ص ‪.634‬‬
‫‪ -2‬أضبد شليب‪ ،‬اليهودية‪ ،‬مكتبة النهضة اؼبصرية‪ ،‬طبعة الثامنة‪ ،‬القاىرة‪ ،1988 ،‬ص ‪. 175- 173‬‬

‫‪48‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الكرصل يقر بأف صانع كاف السامري‪ ،‬كما أهنم نسبوا إذل موسى أنو صنع ؽبم حية من كباس وىذا‬
‫وارد يف أسفارىم وغَتىا من االفًتاءات اليت طالت االنبياء وحىت االلو يف حد ذاتو دل يسلم من‬
‫ىذه االفًتاءات‪.‬‬

‫تعدد االلهة في اليهودية‪ :‬ونذكريف ىذا الصدد أف" االسرائيليُت االوائل كانوا قريبُت يف تصورىم‬
‫للخالق من القائلُت دببدأ تعدد االؽبة لذلك كاف من السهل جدا على االسرائيليُت االيباف بتعدد‬
‫االؽبة سواءا كانت من معبودات إسرائيلية أو أجنبية وذلك لسبب جوىري أال وىو أف فكرة‬
‫الوحدانية دل تكن قد شقت طريقها إليهم‪ ,‬ومن اعبدير بالذكر أيضا أف لفظي (يهوه) و (إلوىيم )‬
‫ىبتلفاف فيما بينهما لغويا داللة وعقيدة‪ ،‬فلفظ (يهوه) إسم كغَته من أظباء االعالـ اليت‬
‫تستخدمها اللغة عندما تريد أف سبيز فردا بعينو على سائر بٍت جنسو‪ ،‬فلفظ (يهوه) يفيد أف معبودا‬
‫إذل جانب معبودات أخرى عرفها االسرائيليوف قديبا وقدسوىا‪ ،‬أما لفظ (إلوىيم) فيعرب عن النوع‪,‬‬
‫لذلك جاءنا يف صورة اعبمع للتعبَت عن كثرة االؽبة فلم يكن يهوه االلو الوحيد الذي يعًتؼ اليهود‬
‫بوجوده أو يعًتؼ ىو نفسو بوجوه"‪ ،1‬وبسبب عنادىم واذباىهم ألؽبة الشعوب االخرى بالعبادة‬
‫تكررت ربذيرات االلو ؽبم يف مواطن عديدة من التورات فقد جاء يف سفر اػبروج ‪ {:‬فإف مالكي‬
‫يسَت أمامك وهبيء بك إذل االموريُت واغبيثيُت والفرزيُت والكنعانيُت واغبوريُت واليبوسيُت فأبيدىم‬
‫ال تسجد ألؽبتهم وال تعبدىا وال تعمل كأعماؽبم بل تبيدىم وتكسر أصنامهم‪ ،‬واعبدوا الرب‬
‫إؽبمكم}‪ ,2‬ومن التحذيرات ايضا ما ورد يف سفر التثنية من قولو ‪{:‬وإذا أغواؾ سرا أخوؾ ابن‬
‫امك وابيك أو ابنك او ابنتك أو امرأة حضنك أو صاحبك الذي مثل نفسك قائال نذىب نعبد‬
‫آؽبة أخرى دل تعرفها أنت‪ ،‬وال آباءؾ‪ ،‬من آؽبة الشعوب االخرى الذي حولك القريبُت منك أو‬
‫البعيدين عنك من أقصى االرض إذل أقصاىا فال ترض منو وال تسمع لو }‪ ،3‬و نستنتج من ىذه‬

‫‪ -1‬فؤاد حسُت علي‪ ،‬اليهودية واليهودية واؼبسيحية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -2‬سفر اػبروج‪.)23:23( :‬‬
‫‪ -3‬سفر التثنية‪.)6:13( :‬‬

‫‪49‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التحذيرات الذي طاؿ اؼبنحرفُت من اليهود إذل آؽبة الشعوب االخرى أف إلو العربايُت كاف يقر‬
‫بوجود ألو اخرى من دونو إال أنو كاف إلو غيور يغارإذا توجو أحد من اليهود إذل غَته من إلو‬
‫الشعوب االخرى‪ ,‬ومن ىنا وحبسب ما أوردنا وما سنورد فإف التعدد والتجسيم ىو الصفة البارزة‬
‫يف العقلية اليهودية ودل يستقروا بإتفاؽ العلماء على التوحيد النقي طواؿ تارىبهم فقد تعددت‬
‫اظباء االؽبة واؼبعبودات عندىم فنجدىم عبدوا معبودات اؼبصريُت كما تأثروا بآؽبة االمم السامية‬
‫والغَت السامية حتا أهنم أخذوا من الفلسفات اليونانية وغَتىا ودل يًتكوا وال عبادة ودل يركنوا إليها‬
‫ويأخذوا منها ما استطاعوا من فلسفات وينسبوىا إليهم‪ ،‬والتاريخ وأسفار الكتاب اؼبقدس‬
‫عندىم خَت شاىد على ذلك ‪.‬‬

‫ويف صدد حديثنا عن التعدد واالكبراؼ عن عبادة االلو الواحد يقوؿ الدكتور أندريو إيبار‬
‫يف كتابو تاريخ اغبضارات العاـ " إقامة العربانيُت يف كنعاف‪ ،‬وتشتتهم و استيطاهنم يف وسط‬
‫شعوب ؽبا آؽبتها وعباداهتا‪ ،‬وصفة ىذه العبادات الزراعية‪ ,‬وروابط ىذه االؽبة القديبة باؼبواقع‬
‫والينابيع واالشجار والصخور واعبباؿ‪ ،‬كل ذلك كاف مدعات ألعداء شبو ؿبتم‪ ،‬وبالفعل فإف‬
‫العربانيُت دل يقفوا أحيانا عند حد التأثر دبغريات بعل وعشتَت الكنعانيُت ومعابدنبا وأصنامهما و‬
‫طقوسهما‪ ،‬بل ذباوزنبا إذل البلداف النائية اليت أثر آؽبتها يف اؼبلكية نفسها‪ ،‬حتا يف أياـ ؾبدىا كما‬
‫‪1‬‬
‫يف عهد سليماف مثال‪" .‬‬

‫وىكذا كاف حاؿ العربانيُت يف التأثر دبعتقدات االمم االخرى غَت مبالُت برساؽبم‬
‫والتشريعات اليت جاء هبا أنبياءىم ‪.‬‬

‫‪ -1‬أندريو ايبار‪ ،‬تاريخ اغبضارات العاـ‪ ،‬اجمللد االوؿ‪ ،‬منشورات عويدات بَتوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ص ‪.270‬‬

‫‪50‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب الثالث ‪:‬تأثر اليهودية بوثنية المصريين في مسألة االلوهية‪.‬‬

‫كما سبق و ذكرنا يف غَت موضع من ىذا البحث أف بنوا إسرائيل وحبكم ومعاصرهتم‬
‫ألقواـ كثر عرب تارىبهم الطويل قد تأثروا هبم يف ؾباالت عدة سواء العقدية أو االجتماعية أو‬
‫غَتىا‪ ،‬إال أهنم أثروا عليهم بطبيعة اغباؿ‪ ،‬إال أف مقدار ما تأثروا بو وأدخلوه ونسبوه إليهم من‬
‫ربريفات يف الدين وغَته كاف كبَتا جدا‪ ،‬ومن ىذه اغبضارات تأثر هبا العربانيوف ىي اغبضارة‬
‫اؼبصرية حبكم عيشهم فيها مدة طويلة من الزمن حىت تشربوا بتعاليمهم اؼبختلفة وإىتدوا إذل‬
‫طريقهم يف العبادة واغبياة العامة‬

‫وفبن أكدوا ىذه النظرة ودافعوا عليها ىو اؼبؤرخ جيمس ىانري بريشيد الذي يرى بأف‬
‫عقيدة اليهود مفعمة بالعقائد االجنبية وخاصة اؼبصرية فنجده يقوؿ يف كتابو فجر الضمَت" أما يف‬
‫االخالؽ والدين والتفكَت االجتماعي بوجو عاـ‪ ،‬فإننا قبدىم قد بنوا حياهتم على االسس اؼبصرية‬
‫القديبة فاالسًتائيليوف وحتا بعد إستطاهنم لفلسطُت كانوا يف الواقع يسكنوف أرضا من االمالؾ‬
‫اؼبصرية مضى عليها على ىذه اغباؿ قرونا بأكملها"‪ .1‬وقبد عبد احملسن اػبشاب يف ىذا الصدد‬
‫أيضا يقوؿ " فعراقة مصر وحكمة ديانتها القديبة منذ فجر التاريخ وذبربتها وفلسفتها كانت منهال‬
‫لغَتىا من االمم واسبد منها اليهود حكمتهم بل وأخذوا من مصر كل شيء غبياهتم الروحية‬
‫والدنيوية "‪ ،2‬إذ أف حضارة اليهود وتراثهم الفٍت والديٍت واالخالقي والفلسفي وغَته كاف مأخوذ‬
‫من حضارة اؼبصريُت بصفة مبالغ فيها ‪.‬‬

‫إال ما يهمنا وىبدـ حبثنا أكثر ىو جانب العبادات أي اؼبعبودات اليت تأثر هبا العربانيوف‬
‫من اغبضارة اؼبصرية وأىم عبادة نذكرىا ىي عبادة العجوؿ اليت الزمتهم ودل يستطيعوا تركها‬
‫ونبذىا رغم خروجهم من مصر وضلت عبادة العجوؿ حية يف ذاكرهتم ومتجددة يف تارىبهم من‬

‫‪ -1‬جيمس ىانري بريشيد‪ ،‬فجر الضمَت‪ ،‬اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتاب‪ ،‬ص ‪.414‬‬
‫‪ -2‬عبد احملسن اػبشاب‪ ،‬تاريخ اليهود القدصل دبصر‪ ،‬مكتبة مدبورل‪ ،‬الطبعة األوذل‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪51‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حُت إذل حُت‪ ،‬إذل جانب العبادات االخرى‪ ،‬جاء يف سفر حزقياؿ‪ {:‬ورفعت يدي لبيت نسل‬
‫يعقوب ورفتهم نفسي يف أرض مصر ورفعت ؽبم قائال أنا الرب إؽبكم يف ذلك اليوـ رفعت لكم‬
‫يدي ألخرجكم من أرض مصر‪ ,...‬وقلت ؽبم إطرحوا كل إنساف منكم أرجاساعينيو وال تتنجسوا‬
‫بأصناـ مصر أنا الرب إؽبكم‪ ،‬فتمردوا علي ودل يريدوا أف يسمعوا إرل ودل يطرح االنساف منهم‬
‫أرجاس عينيو‪ ،‬ودل يًتكوا أصناـ مصر فقلت إشل أسكب خزيي عليهم ألًب عليهم سخطي يف وسط‬
‫أرض مصر}‪ ،1‬فقد أقرت أسفار العهد العتيق يف غَت موضع عن ذبذر الوثنية والشرؾ يف نفوس‬
‫اليهود رغم التحذيرات الواضحة بالوعيد وسوء العاقبة ؼبن يفعل ذلك منهم‪ ،‬ولذلك وكما يرى‬
‫الدكتوراػبشاب يف سبب ىروب موسى بدينو وقومو بيقوؿ " كاف موسى يطلب االبتعاد بقومو وأف‬
‫يعزؽبم بأف ينأى هبم أو بدينو اعبديد فيبعدىم عما يفعلو اؼبصريوف وما يعتقدوف زبلصا فبا كاف‬
‫‪2‬‬
‫عليو قومو قبل رسالتو من من مشاركة اؼبصريُت عقائدىم وتقاليدىم "‪.‬‬

‫فرغم رغم دعوة موسى ؽبم وؿباوالتو لتخليصهم من الشرؾ والوثنية فقد ضلوا متمسكُت هبا‬
‫يًتبصوف أصغر االسباب والدوافع إلعادة إحياءىا والتضرع إليها‪ ،‬يقوؿ يف ىذا الصدد الدكتور‬
‫ؿبمد الزغيب يف كتابو تأثر اليهودية بالديانات الوثنية " واستمر اليهود حىت بعد خروجهم من مصر‬
‫يف التعلق بآؽبة اؼبصريُت قفاموا بعبادة العجل الذىيب يف سيناء‪ ،‬كما أدخل يربعاـ (ملك إسرائيل )‬
‫عبادة عجلُت من ذىب يف فبلكتو‪ ،‬ولذلك فإف أبرز آؽبة اؼبصريُت اليت تأثر هبا اليهود متمثلة ي‬
‫العجوؿ الذىبية "‪ ,3‬فهم كانوا ال يروف إال ما كانوا عليو قبل موسى من صفاة وعبادات وثنية‬
‫وكأف ما جاء بو موسى من تعاليم دل يصل إذل قلوهبم ودل يغَت من طبيعتهم البدائية القديبة ‪.‬‬

‫‪ -1‬حزقياؿ‪.8-5 :20 :‬‬


‫‪ -2‬عبد احملسن اػبشاب‪ ،‬تاريخ اليهود القدصل دبصر‪ ،‬مكتبة مدبورل‪ ،‬الطبعة األوذل‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ -3‬فتحي ؿبمد الزغيب‪ ،‬تأثر اليهودية بالديانات الوثنية‪ ،‬دار البشَت للثقافة والعلوـ االسالمية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،1994 ،1‬‬
‫ص‪.692‬‬

‫‪52‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أول إمتحان بعد خروجهم من أرض مصر‪ :‬قاؿ اهلل تعاذل حاكيا عن أوؿ إمتحاف لبٍت إسرائيل‬
‫وسى ِم ْن بَػ ْع ِدهِ ِم ْن ُحلِي ِه ْم‬ ‫َّ‬
‫بعد معجزة إنفالؽ البحر و قباهتم من فرعوف و قومو { َوازبَ َذ قَػ ْوـُ ُم َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُت } ‪ ،1‬فرغم‬ ‫ع ْج ًال َج َس ًدا لَوُ ُخ َو ٌار أَ َدلْ يَػَرْوا أَنَّوُ َال يُ َكل ُم ُه ْم َوَال يَػ ْهدي ِه ْم َسبِ ًيال َّازبَ ُذوهُ َوَكانُوا ظَالم َ‬
‫كل تلك االيات واؼبعجزات اليت أنعم اهلل عليهم هبا إال أهنم رسبوا عند أوؿ إمتحاف و اكبرفوا‬
‫وارتدوا عند أوؿ منعرج‪ ،‬فبمجرد أف أبطأ عليهم موسى يف العودة والنزوؿ من اعببل زاغوا واكبرفوا‬
‫عن الطريق الذي وصاىم بو وسارعوا إذل إزباذ العجل وجعلوه إؽبهم فعبدوه وأقاموا شعائرىم‬
‫حولو‪ ،‬جاء يف كتاب تأثر اليهودية بالديانات الوثنية نقلو عن الدكتور ؿبمد يوسف قولو " ولذلك‬
‫فإف من احملقق لدى صبهور العلماء والباحثُت أف بٍت إسرائيل بإزباذىم للعجل من بعد موسى إمبا‬
‫كانوا ؼبا اعتادوا يف مصر من االؽبة مرتدين وأهنم فعلوا بتأثَت الديانات اؼبصرية القديبة "‪ .2‬وىكذا‬
‫حافظ العربانيوف على مكانة الوثنيات اليت عهدوىا يف فًتة إقامتهم دبصر كما إستمرت معهم على‬
‫طوؿ تارىبهم الطويل إضافة إذل وثنيات وديانات األمم االخرى ومنها ديانات بالد الشاـ اليت‬
‫سنتناوؽبا بالذكر والدراسة فيما ىو قادـ ‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬التأثر بالديانات االخرى الشركية وآلهة بالد الشام‪.‬‬

‫التأثر بالمعتقدات الكنعانية‪ :‬كما ذكرنا سابقا فإف اغبضارة الكنعانية تعد من أىم وأرقى‬
‫اغبضارات اليت سكنت بالد الشاـ و أغناىا على االطالؽ فقد أنشأوا فيها حضارة رائعة كانت‬
‫ؿبط إعجاب اغبضارات االخرى‪ ،‬وقد مشل ىذا الرقي تقريبا كل اجملاالت دبا يف ذلك اجملاؿ الديٍت‬
‫واالقتصادي‪ ،‬وىذا ما دفع االمم االخرى اجملاورة والغَت ؾباورة ؽبا إذل التأثر هبا‪ ،‬و يف ىذا الصدد‬
‫ينقل لنا إظباعيل ناصر الصمادي يف كتابو قوؿ ولغنستوف حيث قاؿ" والكنعانيوف عدا تأثَتىم‬
‫العلمي والصناعي على العادل اؼبتمدف ؽبم فضل عظيم آخر وىو تأثَتىم الديٍت يف صبيع االمم‬

‫‪ -1‬سورة األعراؼ‪ :‬اآلية‪.148 :‬‬


‫‪ -2‬فتحي ؿبمد الزغيب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.697‬‬

‫‪53‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ا لسامية فقد كانت ديانتهم أرقى ديانات االمم السابقة الوثنية لذى تأثرت هبا ديانات بابل وورث‬
‫االراميوف واالسرائيليوف والعرب ىذا التأثَت"‪ 1‬وىكذا دل تسلم الديانة اليهودية ىي االخرى من‬
‫االغراءات الكنعانية فتأثرت هبا وخاصة يف اجملاؿ الديٍت‪ ،‬يقوؿ مصطفى كماؿ عبد اغبليم" كانت‬
‫إسرائيل القديبة وريثة لكثَت من العادات واؼبمارسات الكنعانية‪ ،‬وواضح أف ىذه العادات‬
‫واؼبمارسات قد إستمرت بُت االسرائيليُت رغم ما كاف يكنو أنبياءىم من كراىية عميقة لديانة‬
‫بعل‪ ،‬وكاف ؿبتما أف تتأثر اليهودية بالديانة الكنعانية وخاصة فيما يتعلق بطقوس الزراعة‪ ،‬حيث إنو‬
‫من اؼبعروؼ أف الزراعة كانت ترتبط دائما بالديانة يف العصور القديبة "‪ ،2‬كما عبد اليهود آؽبة‬
‫الكنعانيُت وأحلوىا مكاف يهوه يف كثَت من االحياف‪ ،‬يقوؿ الدكتور ؿبمد الزغيب يف كتابو تأثر‬
‫اليهودية بالديانات الوثنية " وقد عبد اليهود آؽبة الكنعانيُت وقدموا ؽبا القرابُت ومن أبرز ىذه االؽبة‬
‫االلو (بعل) الذي عبده اليهود وإزبذوه من دوف اهلل وأشركوا بو يف بعض االحياف ويف أحياف‬
‫أخرى كانوا يرتدوف سباما عن عبادة الرب ويعبدوف بعل وحده فكاف وبل ؿبل( يهوه) رب‬
‫إسرائيل"‪.3‬‬

‫"وقد بدأ اليهود عبادة البعل يف عصر موسى ويف عصر القضاة وقد ازدىرت ىذه العبادة‬
‫يف عصر االنقساـ فأدخلت يف اؼبملكة الشمالية يف عهد آخاب عن طريق زوجو إيزابيل ودخلت‬
‫يف اؼبملكة اعبنوبية عن طريق إبنتها عثليا اليت تزوجت اؼبلك يهور راـ ملك يهوذا"‪. 4‬‬

‫‪ -1‬إظباعيل ناصر الصمادي‪ ،‬التأريخ التوراٌب والتأريخ اؼبزيف بُت إسرائيل الكنعانية وإسرائيل العربية وإسرائيل الصهيونية‪،‬‬
‫الكتاب الثاشل‪ ،‬منشورات دار عالء الدين‪ ،‬دمشق‪ ،‬طبعة ‪ ،2‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -2‬مصطفى كماؿ عبد اغبليم‪ ،‬اليهود يف العلم القدصل‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ -‬الطبعة االوذل‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪ -1‬فتحي ؿبمد الزغيب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.704‬‬
‫‪ -4‬فتحي ؿبمد الزغيب‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.705‬‬

‫‪54‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ُت‬‫ِ‬ ‫ومن األدلة القرآنية عن عبادة بٍت إسرائيل للبعل قولو تعاذل ‪ { :‬وإِ َّف إِلْي ِ‬
‫اس لَم َن الْ ُم ْر َسل َ‬
‫َ َ َ‬
‫ُت }‪.1‬‬ ‫ب آبائِ ُكم َّ ِ‬ ‫اػبَالِِق َ َّ‬ ‫إِ ْذ قَ َ ِ ِ ِ‬
‫األول َ‬ ‫ُت اللوَ َربَّ ُك ْم َوَر َّ َ ُ‬ ‫اؿ ل َق ْومو أَال تَػتَّػ ُقو َف أَتَ ْد ُعو َف بػَ ْعال َوتَ َذ ُرو َف أ ْ‬
‫َح َس َن ْ‬

‫إضافة إذل عبادة البعوؿ فقد عبد بنوا إسرائيل اغبية أو االفعى‪ ،‬يقوؿ الدكتور الدباغ "‬
‫وكانت عبادة اغبية متبعة عند الكنعانيُت حىت أياـ حزقياؿ حوارل (‪720‬ؽ‪.‬ـ) وكانت عبادة اغبية‬
‫متبعة عند الكنعانيُت فقد عثر على نصب غبية يف قصر بيت مرسم يرجع تارىبو إذل الفًتة بُت‬
‫(‪1600 –2000‬ؽ‪.‬ـ) نقش على اعبزء االسفل منو آؽبة مرتدية ثوبا طويال وقد إلتفت حوؿ‬
‫‪2‬‬
‫ساقيها حية طويلة "‪.‬‬

‫وىكذا ربوؿ الشعب اليهودي ذوا النزعة اؼبادية من عبادة إلو واحد إذل عبادة عدة آؽبة‪،‬‬
‫وحبكم أف اغبضارة الكنعانية كما ذكرنا سابقا كانت من أرقى اغبضارات السامية الوثنية يف تلك‬
‫اغبقبة من الزمن فقد كاف ؽبا النصيب االكربمن التأثَت و البناء الديٍت واالجتماعي واغبضاري‬
‫للًتاث اليهودي‪.‬‬

‫التأثر بالمعتقدات الوثنية االخرى الغير شامية‪ :‬كما تأثرت اليهودية باؼبعتقدات الكنعانية‬
‫واالرامية وغَتىا داخل بالد الشاـ فقد تأثرت أيضا بالديانات االخرى خارج بالد كديانات بالد‬
‫الرافدين وغَتىا‪ ،‬فقد كاف للسيب البابلي والسيب االشوري التأثَت البالغ عال الديانة اليهودية‪ ،‬جاء‬
‫يف كتاب تأثر اليهودية بالديانات الوثنية " ذلك أف اؼبلوؾ االشوريُت والبابليُت من بعدىم لكي‬
‫يوطدوا سلطتهم عال االقاليم اػباضعة ؽبم كانوا يقوموف بإدخاؿ دين االمرباطورية الرظبي يف‬
‫عواصم ىذه االقاليم إذل جانب االدياف احمللية وكانوا يفرضوف عبادة االرباب االشوريُت على أرباب‬
‫‪3‬‬
‫تلك االقاليم "‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة الصافات‪ ،‬اآلية‪. 125 :‬‬


‫‪ -2‬مصطفى ؿبمود الدباغ‪ ،‬الفكر الديٍت القدصل‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الطليعة بَتوت‪ ،‬ط‪ ،2‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪ -2‬فتحي ؿبمد الزغيب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.714‬‬

‫‪55‬‬
‫الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد عبدوا االؽبة البابلية أيضا فعبدوا سبوز وعشًتوت فقد ذكر وؿ ديورانت يف كتابو قصة‬
‫اغبضارة " ودل يكن صبيع اليهود‪ ،‬اللهم إال أعظمهم علما‪ ،‬يعدوف سبوز إلو حقا فحسب‪ ،‬بل إف‬
‫عبادتو فضال عن ىذا كانت يف وقت من االوقات منتشرة يف بالد اليهود حىت لقد شكا حزقياؿ‬
‫‪1‬‬
‫من أف البكاء حزنا على سبوز كاف يسمع من اؽبيكل "‪.‬‬

‫إضافة إذل ىذا اػبليط من العقائد اليت تأثرت هبا الديانة اليهودية إال أهنا دل تتوقف عند‬
‫ىذا اغبد فقد أمتدت لتشمل االؽبة اليونانية والرومانية أيضا‪ ،‬وغَتىا من االدياف والوثنيات الكثَتة‬
‫اليت ال يسعنا حصرىا يف ىذا البحث ألهنا ربكي تاريخ طويل من التأثَت والتأثر واالحداث الكبَتة‬
‫واغبروب والعوامل اؼبتحكمة يف كل ىذه األحداث‪ ،‬كما أف تركيزنا كاف على بالد الشاـ ودل نشأ‬
‫أف نتشعب ولبرج عن االطار احملدد للبحث‪ ،‬إال أف االىم من كل ىذا ىو توصلنا إذل أف اليهود‬
‫وعرب مراحل تارىبم دل يستقروا على عبادة إلو واحد إمبا عبدوا آؽبة عديدة‪ ،‬رغم ذلك فقد كانت‬
‫الديانة الوحيدة يف بالد الشاـ فًتة ما قبل اؼبسيح اليت عرفت التوحيد وتلقت الرسالة السماوية عرب‬
‫االنبياء عليهم السالـ ‪.‬‬

‫‪ -1‬وؿ ديورانت‪ ،‬قصة اغبضارة‪ ،‬ؾبلد ‪ ،1‬جزء ‪ ،2‬دار اعبيل للنشر والتوزيع‪ ،‬ص ‪.345‬‬

‫‪56‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫ختاما لبحثنا ىذا ارتأينا أن خنتمو مبجموعة من االستنتاجات حىت تساىم يف فهم املوضوع أكثر‬
‫وحتديد أىدافو‪:‬‬

‫للتوحيد أثر بليغ بني الشعوب وأمهية ومكانة مرموقة‪ ،‬ذلك لنبذه االختالف يف تنوع عبادة‬
‫اآلهلة إقراره على وحدة إلو واحد‪.‬‬

‫تعترب احلضارة املصرية الفرعونية من احلضارات اليت عرفت التوحيد يف عهد أخناتون‪ ،‬والذين‬
‫اعتقدوا أن هلذا الكون إلو واحد مثلوه يف صورة الشمس‪.‬‬

‫من مناذج الديانات اليت دعت إىل التوحيد ىي الديانة الزرادشتية اليت كان مؤسسها زرادشت‬
‫ملرسل والرسالة‪ ،‬ليخلد لنا‬ ‫ِ‬
‫الذي كانت دعوتو تقوم على ببيان حقيقة أركان النبوءة الثالثة‪ ،‬املرسل وا َ‬
‫كتاب مثّل ىذا اإلرث الفكري مسي ب‪ :‬كتاب "أفستا" ‪.‬‬

‫تعترب بالد الشام معرب الكثري من احلضارات وما تضمنتو من معتقدات وأفكار دينية‪،‬‬
‫فالفينيقيون عبدوا قوى النمو والتوالد وقوى الطبيعة‪ ،‬أما عن البابليني فقد كان هلم ثالوث يسمى‬
‫الثالوث الكوكيب البابلي‪ ،‬متمثل يف القمر وميثلو اإللو سني والشمس وميثلها اإللو مشش وكوكب الزىرة‬
‫دتثلو اآلهلة عشتار‪.‬‬

‫اليهودية "اإلسرائيلية" من الديانات اليت كان هلا حظ التواجد يف البالد الشامية‪ ،‬وكانت ىذه‬
‫الديانة من الديانات التوحيدية‪ ،‬خاصة ما حققتو الثورة املكابية يف بلوغ احلرية الكاملة يف تأدية‬
‫الشعائر الدينية‪.‬‬

‫ختلل الديانة اليهودية بعض من مظاىر الشرك واالبتعاد عن التوحيد متمثال ذلك يف عبادة‬
‫العربانيون اإللو "يهوه" الذي غلبت عليو النزعة القومية‪ ،‬وىذا ما كان داال على النقص يف التوحيد‬
‫الصحيح الذي يكون فيو الرب ىو خالق كل شيء‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫القرآن الكرًن‪.‬‬

‫المصادر‪:‬‬
‫‪ .1‬ابن شداد عز الدين زلمد بن علي بن إبراىيم‪ ،‬األعالق اخلطرية يف ذكر أمراء الشام واجلزيرة‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ج‪1953 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،3‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬
‫‪ .3‬العسكري أبو ىالل‪ ،‬الفروق يف اللغة‪ ،‬تح‪ :‬جلنة إحياء الرتاث العريب‪ ،‬دار اآلفاق اجلديدة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪.1980 ،4‬‬
‫‪ .4‬زلمد صديق حسن‪ ،‬لقطة العجالن شلا متس إىل معرفتو حاجة اإلنسان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪1405 ،1‬ه‪1985/‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬زلمد عبد ادلنعم احلمريي‪ ،‬الروض ادلعطار يف خرب األقطار‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬مكتبة لبنان‪،‬‬
‫ط‪.1984 ،2‬‬
‫‪ .6‬ياقوت احلموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬ج‪.3‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪ .7‬أ‪ ،‬جي‪ ،‬بريل‪ ،‬موجز دائرة ادلعارف اإلسالمية‪ ،‬ج‪ ،8‬حتر‪ :‬إبراىيم زكي خورشيد وآخرون‪ ،‬مطابع‬
‫اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬
‫‪ .8‬س‪ .‬ميغوليفسكي‪ ،‬أسرار اآلذلة والديانات‪ ،‬تر‪ :‬حسان سلائيل اسحق‪ ،‬دار عالء الدين للنشر‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .9‬إحسان عباس‪ ،‬حبوث يف تاريخ بالد الشام‪ ،‬تاريخ دولة األنباط‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.1987 ،1‬‬
‫‪ .10‬أمحد إمساعيل علي‪ ،‬تاريخ بالد الشام منذ ما قبل ادليالد حىت هناية العصر األموي‪ ،‬دراسة‬
‫سياسية‪ ،‬إجتماعية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬فكرية وعسكرية‪ .‬جوىرة الشام للطبع‪ ،‬دار دمشق للنشر‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫ط‪1994 ،3‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬أمحد شليب‪ ،‬اليهودية‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‪ ،‬طبعة الثامنة‪ ،‬القاىرة‪.1988 ،‬‬

‫‪60‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .12‬إمساعيل ناصر الصمادي‪ ،‬التأريخ التورايت والتأريخ ادلزيف بني إسرائيل الكنعانية وإسرائيل العربية‬
‫وإسرائيل الصهيونية‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬منشورات دار عالء الدين‪ ،‬دمشق‪ ،‬طبعة ‪ ،2‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .13‬أندريو اميار‪ ،‬تاريخ احلضارات العام ‪ ،‬اجمللد االول‪ ،‬منشورات عويدات بريوت‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ .14‬أندريو إميار‪ ،‬جانني أوبوايو‪ ،‬تاريخ احلضارات العام‪ ،‬الشرق واليونان القدمية‪ ،‬اجمللد األول‪،‬‬
‫منشورات عويدات‪ ،‬بريوت‪ ،‬بارس‪.‬‬
‫‪ .15‬جيمس ىانري بريشيد‪ ،‬فجر الضمري‪ ،‬اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ .16‬حسن ظاظا‪ ،‬الساميون ولغاهتم‪ ،‬تعريف بالقرابات اللغوية واحلضارية عند العرب‪ ،‬دار القلم‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬الدار الشامية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1410 ،2‬ه‪1990/‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬خزع ادلاجدي‪ ،‬ادلعتقدات الكنعانية‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ .18‬خزعل ماجدي‪ ،‬ادلعتقدات األمورية‪ ،‬مكتبة االسكندرية‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪ .19‬رحاب عبد ادلنعم باظة‪ ،‬مالمح التوحيد يف مصر القدمية قبل عهد إخناتون‪ ،‬دراسات يف آثار‬
‫الوطن العريب‪ ،‬العدد‪.13‬‬
‫‪ .20‬زكي شنودة‪ ،‬اجملتمع اليهودي‪ ،‬مكتبة اخلاصلي للنشر‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪ .21‬زيدان عبد الكايف كفايف‪ ،‬بالد الشام يف العصور القدمية‪ ،‬من عصور ما قبل التاريخ حىت‬
‫األسكندر ادلقدوين‪ ،‬جامعة الريموك‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪.2011 ،‬‬
‫‪ .22‬سامي بن امحد ادلغلوث‪ ،‬أطلس األديان‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .23‬سامي عبد اهلل ادلغلوث‪ ،‬أطلس تاريخ األنبياء والرسل‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬

‫‪ .24‬سبتينوا موسكايت‪ ،‬احلضارات السامية القدمية‪ ،‬دار الكاتب العريب للطباعة والنشر‪. .‬‬
‫‪ .25‬سعود بن عبد العزيز اخللف‪ ،‬دراسات يف األديان اليهودية والنصرانية‪ ،‬مكتبة أضواء السلف‪،‬‬
‫الريض‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه‪1997/‬م‪.‬‬
‫‪ .26‬مسيح دغيم‪ ،‬أديان ومعتقدات العرب قبل اإلسالم‪ ،‬موسوعة األديان السماوية والوضعية ‪،4‬‬
‫دار الفكر اللبناين‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .27‬الشفيع ادلاحي أمحد‪ ،‬زرادشت والزرادشتية‪ ،‬احلولية احلادية والعشرون‪ ،‬حوليات اآلداب والعلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬رللس النشر العلمي‪ ،‬الكويت‪1422 ،‬ه‪2001 /‬م‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .28‬عباس زلمود العقاد‪ ،‬حقائق االسالم أباطيل خصومو‪ ،‬هنضة مصر‪.‬‬


‫‪ .29‬عبد الرمحان بن حسن‪ ،‬فتح اجمليد‪ ،‬شرح كتاب التوحيد‪ ،‬مراجعة وتصحيح وتعليق‪ :‬عبد العزيز‬
‫بن عبد اهلل بن باز‪ ،‬دار السالم للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .30‬عبد اهلل مبلغى العبداين‪ ،‬تأريخ الديانة الزرادشتية‪ ،‬تر‪ :‬وريا قانع‪ ،‬تعريب‪ :‬عبد الستار قاسم‬
‫كلهور‪ ،‬مطبعة خاىن‪ ،‬ط‪2011 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .31‬عبد احملسن اخلشاب‪ ،‬تاريخ اليهود القدًن مبصر‪ ،‬مكتبة مدبويل‪ ،‬الطبعة األوىل د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .32‬عبد ادلنعم أبو بكر‪ ،‬إخناتون‪ ،‬دار القلم للنشر‪ ،‬القاىرة‪1961 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .33‬عفيف البهسين‪ ،‬الشام احلضارة‪ ،‬اذليئة العامة دلكتبة االسكندرية‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .34‬فتحي زلمد الزغيب‪ ،‬تأثر اليهودية بالديانات الوثنية‪ ،‬دار البشري للثقافة والعلوم االسالمية‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪.1994 ،1‬‬
‫‪ .35‬فليب حىت‪ ،‬تاريخ سوريا ولبنان وفلسطني‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .36‬فؤاد حسني علي‪ ،‬اليهودية واليهودية وادلسيحية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪.‬‬
‫‪ .37‬فوزي مكاوي‪ ،‬تاريخ العامل اإلغريقي وحضارتو‪ ،‬من أقدم عصوره حىت عام ‪322‬ق‪.‬م‪ ،‬دار‬
‫الرشاد احلديثة للنشر والتوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪1400 ،1‬ه‪1980/‬م‪.‬‬
‫‪ .38‬زلمد خالب‪ ،‬مشكلة األلوىية‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية عيسى البايب احلليب وشركاه‪،‬‬
‫‪1947‬م‪.‬‬
‫‪ .39‬زلمد عبد الغين‪ ،‬بعض مالمح الفكر اليوناين القدًن‪ ،‬ادلكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ .40‬زلمد كرد علي‪ ،‬خطط الشام‪ ،‬ج‪ ،1‬ادلكتبة احلديثة‪ ،‬دمشق‪ ،‬د‪.‬ط‪1925 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .41‬مصطفى كمال عبد احلليم‪ ،‬اليهود يف العلم القدًن‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ -‬الطبعة االوىل‪.‬‬
‫‪ .42‬مصطفى زلمود الدباغ‪ ،‬الفكر الديين القدًن‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الطليعة بريوت‪ ،‬ط‪ ،2‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .43‬ندًن السيّار‪ ،‬قدماء ادلصريني أول ادلوحدين‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،2‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .44‬ويل وايريل ديورونت‪ ،‬قصة احلضارة‪ ،‬دار اجليل للنشر والطبع والتوزيع جزء ‪ , 2‬رللد‪. 1‬‬
‫‪ .45‬يوسف كرم‪ ،‬تاريخ الفلسفة اليونانية‪ ،‬نشر من قبل مؤسسة ىنداوي للتعليم والثقافة‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫ط‪.1946 ،2‬‬

‫‪62‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ .46‬أمحد بن مسعود بن سعد الغامدي‪ ،‬االجتاىات الفلسفية اليونانية يف اإلذليات (دراسة نقدية)‪،‬‬
‫رسالة مقدمة لنيل درجة ادلاجستري يف العقيدة‪ ،‬كلية الدعوة وأصول الدين‪ ،‬قسم العقيدة‪ ،‬جامعة أم‬
‫القرى‪1435 ،‬ه‪2014 /‬م‪.‬‬
‫المجالت‪:‬‬
‫‪ .47‬أمحد جاسم زلمد‪ ،‬األلوىية يف الديانتني اذلندوسية والزرادشتية‪ ،‬رللة كلية الرتبية‪ ،‬قسم الرتبية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬كلية الرتبية األساسية‪ ،‬اجلامعة ادلستنصرية‪ ،‬العدد الرابع‪2017 ،4‬م‪.‬‬
‫‪ .48‬سليمان الضاىر‪ ،‬فلسفة الوجود عند أفالطون‪ ،‬رللة جامعة دمشق‪ ،‬اجمللد‪ ،21‬العدد ‪،4-3‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .49‬شرف الدين عبد احلميد أمني‪ ،‬منهج نزع األسطورية‪ ،‬تأويل أرسطو لبعض الفالسفة السابقني‬
‫على السوفسطائيني‪ ،‬رللة كلية اآلداب‪ ،‬دورية أكادميية علمية زلكمة‪ ،‬جامعة سوىاج‪ ،‬العدد ‪،32‬‬
‫مارس‪.2014‬‬
‫‪ .50‬طالب منعم حبيب الشمري‪ ،‬الزرادشتية ثنوية أم توحيد‪ ،‬رللة كلية الرتبية‪ /‬واسط‪ ،‬قسم التاريخ‪،‬‬
‫كلية الرتبية‪ ،‬جامعة واسط‪ ،‬العدد احلادي عشر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .51‬زلمد فتحي‪ ،‬احلياة الدينية يف مصر الفرعونية‪ ،‬جريدة األىرام اجلديد الكندي الورقي‪،‬‬
‫العدد‪16 ،320‬مارس‪.2019‬‬
‫‪ .52‬منجي إبراىيم‪ ،‬الصالة ظاىرة كونية‪ :‬مقاربة مقارنية (الديانة الفرعونية‪ ،‬الدديانة الزرادشتية‪،‬‬
‫الديانة اذلندوسية)‪ ،‬رللة مؤمنون بال حدود‪ ،‬قسم الدراسات الدينية‪ 22 ،‬أغسطس ‪.2017‬‬
‫‪ .53‬يلدز داود سلمان‪ ،‬مقارنة بني ادلعتقدات الدينية لبالد الرافدين والعرب ما قبل اإلسالم (دراسة‬
‫تارخيية مقارنة)‪ ،‬رللة مركز بابل للدراسات اإلنسانية‪ ،‬اجلامعة ادلستنصرية‪ ،‬كلية الرتبية‪ ،‬قسم التاريخ‪،‬‬
‫اجمللد ‪ ،5‬العدد‪.1‬‬
‫المعاجم والموسوعات‪:‬‬
‫‪ .54‬الشريف اجلرجاين‪ ،‬كتاب التعريفات‪ ،‬مكتبة موناسانسيس‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬باب التاء‪.‬‬
‫‪ .55‬مانع بن محاد اجلهين‪ ،‬ادلوسوعة ادليسرة يف األديان وادلذاىب واألحزاب ادلعاصرة ‪ ،‬ج‪ ،1‬دار‬
‫الندوة العادلية للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .56‬رلمع اللغة العربية‪ ،‬ادلعجم الوسيط‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1425 ،4‬ه‪2004 /‬م‪.‬‬


‫‪ .57‬مسعود اخلوند‪ ،‬ادلوسوعة التارخيية "القارات‪ ،‬ادلناطق‪ ،‬الدول‪ ،‬البلدان‪ ،‬ادلدن"‪ ،‬ج‪ ،9‬بريوت‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪1997 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .58‬مهدي حسني البصري‪ ،‬موسوعة األديان‪ ،‬التوحيد‪ ،‬اخللق‪ ،‬القيم‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬ ‫األردن‪ّ ،‬‬
‫‪ .59‬موسوعة األديان ادليسرة‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الفهرس‬

‫إهداء‬

‫شكر وتقدير‬

‫مقدمة‪....................................................................................‬أ‬

‫الفصل األول‪ :‬المعتقدات الدينية والتوحيد في بالد الشام قبل الميالد‬

‫المبحث األول بعنوان‪ :‬التوحيد في الديانات القديمة‬

‫املطلب األول تعريف للتوحيد‪2..............................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التوحيد عند املصريني‪4........................................................‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬نظريات يف التوحيد عند الزرادشتية‪7...........................................‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬توحيد الفالسفة‪11...........................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬بالد الشام حدودها‪ ،‬تاريخها الديني‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬احلدود اجلغرافية لبالد الشام‪15................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬حضارة وتاريخ بالد الشام قبل امليالد‪17........................................‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬التاريخ الديين لبالد الشام قبل امليالد‪18.......................................‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬املعتقد الديين عند اليهود يف بالد الشام قبل امليالد‪21............................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الديانات التوحيدية واليهودية في بالد الشام قبل الميالد‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الديانات قبل المسيح‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الديانات التوحيدية يف بالد الشام فرتة قبل امليالد‪26.............................‬‬

‫‪66‬‬
‫الفهرس‬

‫املطلب الثاين‪ :‬الديانات الوثنية يف بالد الشام قبل املسيح‪29....................................‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أنبياء بين إسرائيل يف بالد الشام (النظرة اإلسالمية)‪34..........................‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أنبياء بنوا إسرائيل من النظرة اليهودية التوراتية‪39.................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اليهودية من التوحيد إلى الشرك‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اليهودية ديانة توحيدية‪43.....................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التعدد يف اليهودية ومظاهر التأثر يف عقيدة األلوهية‪47............................‬‬

‫املطلب الثالث ‪:‬تأثر اليهودية بوثنية املصريني يف مسألة االلوهية‪51...............................‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬التأثر بالديانات األخرى الشركية وآهلة بالد الشام‪53.............................‬‬

‫خامتة‪58..................................................................................‬‬

‫قائمة املصادر واملراجع‪66...................................................................‬‬

‫فهرس املوضوعات‪66......................................................................‬‬

‫مت حبمد اهلل‪.‬‬

‫‪67‬‬

You might also like