Professional Documents
Culture Documents
وصنع بيرته
وصنع بيرته
وصنع بيرته
جميل حداد ،حلم بشراء لوح شراعي وانتهى بافتتاح مطعم ومصنع على البحر
البحر كاتم أسرار كبير ،وبين مدّه وجزره يطفو العديد من الحكايات واألماني
والشكاوى .البعض يفضل أن يجلس على شواطئه من دون أن يالمس مياهه ،والبعض اآلخر
يقصده للسباحة حين يكون هادئا ً ويتجنّبه حين تهتاج أمواجه ،وهنالك من يجد متعة في تحدّيه
وفي التناغم مع تموجاته.
جميل حداد من الفئة األخيرة ،عشقه للبحر أوصله إلى ما هو عليه .يقول المثل الشائع
«حظ عطيني وبالبحر ارميني» ،لكن جميل لم يبحث عن حظ وال عن صدفة ،وأدرك أنه وحده
القادر على تحقيق ما يصبو إليه من خالل العمل والمثابرة والقدرة على التأقلم مع المتغيرات في
الحياة ،وقناعته بأنه يوجد عدة طرق للنجاح ،إذا تعذر سلوك واحدة يكفي فقط تغيير المسار.
حالت ظروف جميل المادية بينه وبين حلمه بشراء لوح شراعي ،فقرر أن يعمل كنادل
تجر كما تشتهي سفنه ،وعملهأمالً بأن يجني ما يكفي من المال لتحقيق مبتغاه .لكن الرياح لم ِ
كنادل لم يوفر له المدخول الالزم لشراء اللوح الذي يتوق إليه.
كان بإمكانه االستسالم ،وأن ينعى حظه للبحر ،لكنه اختار تغيير استراتيجيته وأن يكسب
المال بطريقة مبتكرة من خالل صناعة الكحول .عالقته حتى اآلن بالمشروب تقتصر فقط على
احتسائه ،فال خبرة لديه بكيفية تحضيره وال الخطوات الواجب اتباعها إلنتاجه .فصمم على
التعلم خاصة أن مدينته البترون مدّته بالمحفّزات الضرورية وهي المتآخية مع البحر والتي يعدّ
فيها شرب البيرة عادة طبيعية وجزءا ً من ثقافتها البحرية.
قصد لندن بحثا ً عن المعرفة التي تنقصه وفي «عاصمة الضباب» اكتشف أنه بإمكان أي
والمكونات الالزمة .اشترى ما
ّ شخص أن يحضّر البيرة من منزله متى توافرت لديه المعدات
يلزمه وعاد إلى لبنان حيث بدأ بخلط البيرة في منزله .لزمه األمر 6أشهر حتى نجح في
تحضير أول طبخة صالحة للشرب ،ومن أفضل من األصدقاء الختبار جودة المنتَج؟ كان يدعو
رفاقه لحفالت شوي ويطلب منهم التذوق ،آخذا ً بمالحظاتهم ونصائحهم ومعدّالً في كل مرة
بالنكهات إلى أن وصل إلى الوصفة السحرية.
صيف عام 2014كان افتتاح «كولونيل بير» في البترون ،في قلب المدينة وعلى بعد
خطوات من شاطئ البحر .المشروع كما البيرة التي تتطلب عدة خلطات لتصبح جاهزة ،هو
مطالً على البحر يحتضن مصنعا ً عبارة عن مجموعة أفكار متشابكة ومتداخلة أنتجت مطعما ً ّ
إلنتاج البيرة ظاهرا ً للحضور والزوار من خالل فاصل زجاجي ،بما يسمح بتتبع كافة مراحل
توزع في لبنان، اإلنتاج .كما أن البيرة التي ينتجها المصنع ليست حصرية فقط بالمطعم بل باتت ّ
وهي تتميز بأنها تنتج من مواد طبيعية وخالية من أي مواد حافظة.
ما بدأ بحلم بسيط لشراء لوح شراعي لركوب األمواج قاد صاحبه إلى بناء مطعم
ومصنع إلنتاج البيرة أمام البحر الذي لطالما استهواه ،وهو ما يل ّخصه جميل بالقول« :ما دام
المرء يملك حلماً ،عليه ّأال يخاف إذا اضطر لتغيير مساره كي يحققه .فالنجاح قد يكون في
التغيير!
جريدة األخبار ّ
اللبنانيّة ،العدد ،3668الثالثاء 22كانون الثاني ،2019صفحة أعمال ،زاوية ناس و| .Finance