Professional Documents
Culture Documents
الفصل الاول
الفصل الاول
ويحقق تنظيم اإلرادة التشريعية للعقود تسهيل مهمة القاضي ،إذ يغنيه الرجوع ألحكام القانون
في الح االت ال تي ال تك ون فيه ا للع اقلين إرادة ثابت ة عن االجته اد واالس تنباط م ا ق د تك ون اتجهت إلي ه
إرادتهما.
يعتبر عقد البيع أهم العقود المسماة وأقدمها وأكثرها شيوعا إذ أنه هو الوسيلة الرئيسية لتبادل
األموال بين األفراد في المجتمع والبيع ال يستغني عن إبرامه أحدا من الناس ،فكل منا يبرم عددا كبيرا
من عقود البيع سواء مشتري أو بائع.
والقصد من عقد البيع في أغلب صوره هو نقل حق الملكية على المنقول أو عقار من البائع أو
المشتري نظير مقابل يؤديه هذا األخير وهذا المقابل في جميع األحوال هو مبلغ من النقود ،ومن هنا
نج د أن ال بيع ذو أثر م زدوج ،إذ ينتج عن ه نق ل الح ق من الب ائع من المش تري ويتض من وف اء المشتري
بالثمن إلى البائع نظير تلقي الحق المبيع ،فهو إن كان بالنسبة للبائع بيعا فهو بالنسبة للمشتري شراءا،
ولذلك اهتمت اإلرادة التشريعية الجزائرية بعقد البيع وجعلته في مقدمة العقود التي نظمتها فخصصت
له الفصل األول من الباب السابع من الكتاب الثاني المواد 351إلى 412من القانون المدني ،وفي هذا
الفصل حاولنا تعريف عقد البيع تعريفا دقيقا مع إبراز مختلف خصائصه العامة والخاصة.
المبحث األول
مفهوم عقد البيع
لقد بدأت المعامالت عند الجماعات البشرية األولى في صورة مقايضة فكانت الوسيلة الوحيدة
لتب ادل األم وال والمقايض ة هي مبادل ة س لعة بس لعة أخ رى وعلى م ر الس نين ظه رت عي وب المقايض ة
عندما تعددت الروابط االجتماعية وازدادت مطالب الناس واختلفت رغباتهم وأصبحت المقايضة عقبة
أم ام تق دم التج ارة ،ول و تعد أساس ا للتب ادل بع دما توص ل العق ل البش ري إلى اتخ اذ بعض األش ياء ال تي
1
ماهية عقد البيع الفصل األول
يحتاج إليها معظم الناس كقاعدة للتبادل باعتبارها سلعة تنسب إليها قيم باقي السلع .وبذلك نشأت فكرة
البيع وأصبحت المعادن الثمينة ،ثم النقد بعد ذلك هي السلعة الوسيطة في التعامل.
وال بيع هو أن يتحص ل المش تري على الشيء المبيع في مقاب ل الثمن الذي يدفع ه للبائع غير أن
المشتري ال يتمكن من المبيع وحيازته حيازة تامة وسليمة إال إذا قام البائع بعمل من شأنه تمليك هذا
المبيع للمشتري وامتناعه عن كل عمل يجعل الحق عسيرا أو مستحيال.
وبمقتضى العقد يكون البائع ملزما بتسليم المبيع وضمان عدم التعرض واالستحقاق وكذلك تسليم الشيء
المبيع للمشتري.
والعق د ه و أهم المص ادر المنش ئة لالل تزام إذ ان ه وح ده ينش ئ األغلبي ة الكب يرة من االلتزام ات،
وهنا نطرح اإلشكال ما ماهية عقد البيع وما هي عالقته مع باقي العقود األخرى؟
المطلب األول
التعريف بعقد البيع
اختلفت التش ريعات في تعري ف عق د ال بيع فمنه ا من رك زت على الخاص ية النقدي ة ومنه ا من
اكتفت بذكر كلمة الثمن ،ومن بين التشريعات التي أبرزت خاصية النقود التشريع الجزائري والتشريع
المص ري لتف ادي الخل ط بين ه وبين المقايض ة ،وفي ه ذا المطلب قمن ا بتوض يح مفه وم عق د ال بيع فقهي ا
وتشريعيا.
الفرع األول
تعريف عقد البيع
يعتبر عقد البيع من أهم العقود المسماة وأوسعها انتشارا على اإلطالق ولم يسبقه في القدم إال
عق د المقايض ة ،ويع بر الفقه اء بق ولهم " ال بيع من أهم العق ود وأنظره ا في حي اة األف راد واألمم باعتب اره
الوس يلة المألوف ة لتب ادل األم وال بع د انحس ار دور المقايض ة وم ع م رور ال زمن س رعان ما ظه ر عيب
المقايضة وذلك بتطور الصناعة والتجارة وتفاوت حاجات الناس مما أدى إلى ظهور عقد البيع وذلك
باتخاذ البيع محل المقايضة ،وعلى هذا األساس أصبح البيع اليوم عماد التجارة الداخلية والدولية بل هو
المتنفس الط بيعي لقض اء حاج ات الن اس على المس تويين الف ردي والجم اعي وعلى ه ذا األس اس قمن ا
باحتيار هذا الموضوع ألهميته في الحياة االقتصادية للدول".
2
ماهية عقد البيع الفصل األول
يعرف فقهاء الشريعة اإلسالمية بأنه مبادلة مال بمال ،فهم ال يفرقون بين البيع والمقايضة الن
البيع عندهم إما أن يكون بيع العين بالنقد وهو مقايضة وأما النقد بالنقد وهو الصرف.
وقد عرفه الدكتور السنهوري في كتابه الوسيط في شرح القانون المدني الفقيه السنهوري "بأنه
عقد ملزم لجانبين إذ هو يلزم البائع بان ينقل ملكية الشيء للمشتري أو حقا ماليا أخر ويلزم المشتري
بان يدفع للبائع مبلغا من النقود إسماعيل غانم" عقد يقصد به طرفاه أن يلتزم أحدهما وهو البائع بان
()1
ينقل ملكية شيء أو حق مالي أخر في مقابل التزام الطرف الثاني وهو المشتري بثمن نقذي
الفرع الثاني
نشأة عقد البيع
أوال :في العهد الروماني
ك ان ال بيع عن د الروم ان ي ترتب علي ه ال تزام الب ائع بتمكين المش تري من حي ازة الم بيع حي ازة
أص لية ال تي تثبث ع ادة للمال ك ومن االنتف اع ل ه انتفاع ا هادئ ا ،ولم يكن بترس يم علي ه انتق ال الملكي ة من
البائع إلى المشتري ،وال حتى مجرد التزام البائع بنقل الملكية من البائع إلى المشتري ،وال حتى مجرد
التزام الب ائع بنقل الملكي ة لأن :الرومان كانوا يعتبرون أن الفرض من عقد البيع يتحقق بمجرد تمكين
المشتري من حيازة المبيع حيازة أصلية ال عرضية وانتفاعه به دون تعرض رئيس من أي احد لم يكن
()3
انتقال ملكية المبيع إلى المشتري في نظرهم ،الهدف الرئيس لعقد البيع.
ولكن ليس مع نى ذل ك أنهم ك انوا يعت برون عق د ال بيع غ ير دي ص لة بانتق ال الملكي ة ب ل أنهم
بالعكس من ذلك كانوا يأبون اعتبار العقد بيعا إذا اتفق عليه(فيه)الطرفين على أن ال تنتقل الملكية إلى
المشتري ،فكان ذلك دليال على أنهم يعدون انتقال الملكية من طبيعة العقد ولو انه ليس من مستلزماته
بعبارة أخرى هي لم يكن يترتب على البيع انتقال الملكية وال حتى التزام البائع بنقل الملكية ،لكن كان
سي يوسف زاهية حوريةّ ،الواضح في عقد البيع.دار هومة ،الجزائر -2012 ،ص ،21ص 22 ))1
الم ادة 351من األم ر رقم ،58-75الم ؤرخ في 20رمض ان ع ام 1995المواف ق 26س بتمبر ، 1975يتض من ))2
القانون المدني ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الموافق ل20سبتمبر ، 1975المعدل والمتمم.
سليمان مرقس ،عقد البيع في قانون المدني ،ط ،4عالم الكتب القاهرة 1980،ص.12 ))3
3
ماهية عقد البيع الفصل األول
يتن افى م ع طبيع ة العق د (ال بيع) أن ينص في العق د على أن يبقى الب ائع مالك ا وان ال تنتق ل الملكي ة إلى
المشتري.
فمن مكن البائع المشتري من حيازة المبيع حيازة أصلية هادئة ،فقد وفي بالتزاماته الناشئة من
البيع ولم يكن المشتري أن يطالبه بنقل الملكية أو بأي شيء أخر مادام لم يتعرض له في حيازته إال إذا
()1
كان قد اتفق في العقد صراحة على التزام بنقل الملكية إلى المشتري.
وبي ان بعض تعريف اتهم ال تي ذهب وا إليه ا فيم ا يلي :ع َّرف ابن قدام ة الحنبلي ال بيع بأن ه :مبادل ة
بأن ه :عقد معاوضة على غير منفعة وال عرفه ابن عرفة من فقهاء المالكية ّ المال بالمال تمليكاً وتملكاًَّ .
وجه مخصوص ،وقيل بل هو مال بمال على ٍ
بأنه :مقابلة ٍعرفه فقهاء المذهب الشافعي ّ متعة ولذة .كما ّ
مالي ة تُفيد تملُّك العين أو المنفعة التي جرى عليها عقد البيع ملك اً على التّأبيد ٍ
معاوضة ّ عندهم ّأنه :عقد
الهدي ة ونحوه ا لكونه ا ليس ت بيع اً ،وخ رج بق ولهم
ال على وج ه القرب ة ،فخ رج بق ولهم (المعاوض ة) ّ
ال بم ال ،وخ رج بقولهمإن الم راد بالنك اح أس مى من كون ه مبادل ة م ٍ
النك اح وم ا ش ابهه ،حيث ّ
(المالي ة) ّ
ّ
إن اإلجارة ال تكون على ملك المنافع ال ملك األعيان،
(تملك العين) اإلجارة وما جرى مجراها ،حيث ّ
إن المراد بهما
كما خرج بالتّأبيد اإلجارة أيضاً ،وخرج بقولهم (ال على وجه القربة) القرض والهبة ،إذ ّ
وعرفه فقه اء
الس لع ال الوص ول إلى األج ر أو الثوابّ .
فيقصد منه تبادل ِّ
األجر المطلق أما عقد البيع ُ
بأنه :مبادلة مال -ولو في ال ّذ ّم ة -أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التّأبيد غير الربا
المذهب الحنبلي ّ
()2
والقرض.
حكم البيع في الشريعة اإلسالمية هو التمليك والتملك وهو المقصود من عقد البيع:
وقد عرف فقهاء الشريعة البيع بأنه مبادلة مال بمال ولم يفرق بين البيع والمقايضة بل اعتبروا
العقدين بيعا ،بان إما أن يكون ثمنا وسمي صرفا أو عينا بعين وسمي المقايضة أو عين بثمن وسمي
بيعا مطلقا
ولم ا ك ان حكم ال بيع في الش ريعة هو التملي ك ،واشتراط رج ال الفق ه لنف اذ ال بيع أن (يكون البائع
مالكا للمبيع وأوقفوا بيع ملك الغير على إجازة المالك.
سليمان مرقس ،المرجع السابق ،ص.13 )(1
محمد صبري السعيد ،الواضح في الشرح القانون المدني ،عقد البيع والمقايضة : دراسة مقارنة دار الهدى الجزائر ))2
2012ص 21
4
ماهية عقد البيع الفصل األول
بل لقد ذهب البعض من الفقهاء الشرع اإلسالم إلى أن البيع ما ليس مملوكا للبائع ال ينعقد وحتى دليل
()1
قوله عز وجلﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ
ثانيا :في العهد الفرنسي القديم
انتقلت فك رة ال بيع ه ذه من الق انون الروم اني إلى الق انون الفرنس ي الق ديم غ ير ان ه الفرنس يين لم
يستقوا األساليب التي كان يمكن بها نقل الملكية بعد العقد إال أسلوب التسليم.
فكانوا يعتبرون أن االلتزام بالتسليم هو االلتزام الرئيس في عقد البيع ،ولكنه متى تم تنفيذه ترتب عليه
انتقال الملكية إلى المشتري كان يعتبر وفاء بااللتزام بالتسليم وفي الوقت ذاته إجراء ناقال للملكية إلى
المشتري ،بحيث ال يكون المشتري بعد نسلمه المبيع أن يطالب البائع بشيء مادام لم يتعرض له أحد،
له كان البائع قد التزم صراحة بتنقل الملكية إليه.
على أن العم ل ج رى في ق ف الق ديم على تس هيل انتق ال الملكي ة من الب ائع إلى المش تري
باختزال إجراء التسليم الذي كان يترتب عليه هذا االنتقال بوجوه شتى انتهت به إلى أن يصير تسليما
صوريا وذلك بان يستعاض في نقل الملكية – عن التسليم الفعلي بمجرد النص في العقد على أن البائع
قد تخلى عن البيع وأن المشتري قد تسلمه.
وقد الحظ واضعو القانون المدني الفرنسي أن هذا النص قد شاع إدراجه في جميع عقود البيع
حتى صار شرطا مألوفا ال يخلو منه عقد وبالتالي أن انتقال الملكية بمجرد انعقاد البيع.
ف راو إق رار ه ذه النتيج ة ال تي اتجهت إليه ا رغبة المتع املين جميع ا واالس تغناء عن الوس يلة
()2
القديمة التي اعتمدها المتعاقدون إال وهي النص في العقد على حصول التحلية والتسليم.
الفرع الثالث
خصائص عقد البيع
يقال عادة في بيان خصائص عقد البيع أنه عقد رضائي ماعدا الحاالت التي يشترط فيها
القانون شكلية معينة وملزم لجانبين ،وأنه يتم معاوضة وتنقل الملكية أو ينشأ على األقل التزاما بنقلها،
وأن ه من أعم ال التص رف والواق ع أن أغلب ه ذه الخص ائص عام ة تنطب ق على ع دد كب ير في العق ود
الحديث ة مث ل عق د الص لح والت أمين واإليج ار ،وعق د ال بيع ه و من العق ود المح ددة ال تي يع رف فيه ا ك ل
طرف عند التعاقد مقدار ما يعطي مقدار ما يأخذ دون أن يأخذ تحديد ذلك إال واقعة مستقبلية إال أنه ال
تمنع الكثير من القوانين تحول عقد البيع ،من عقد محدد إلى عقد إحتمالي يتمثل في إيراد مرتب مدى
اآلية 275من سورة البقرة ((و احل اهلل البيع وحرم الربا)). ))1
عبد الرزاق السنهوري الوسيط في القانون المدني الجزء الرابع القاهرة 2007-ص .13 ))2
5
ماهية عقد البيع الفصل األول
حي اة الب ائع وي ترتب على ك ون عق د ال بيع من العق ود المح ددة ج واز الطعن في ه ب الغبن ،دون العق ود
االحتمالية ألن الغرر ينفي الغبن ،أما الخاصيتين األساسيتين التي نميز بهما عقد البيع أنه ناقل للملكية
أو منشأ لإللتزام بنقلها وذلك مقابل ثمن نقدي يلتزم به المشتري .
محمد يوسف الزعبي – العقود المسماة "شرح عقد البيع في ق .م " الجزء األول ،دار الثقافة ،عمان ،2006ص ))1
ص .20-19
محمد يوسف الزغبي ،المرجع السابق ،ص .20 ))2
6
ماهية عقد البيع الفصل األول
وجوده ا وق درها على حادث ة غ ير محقق ة الوق وع ،او وقت وقعه ا غ ير مع روف بحيث ال يمكن ل ه أن
يحدد عند إبرام االتفاق مقدار الكسب او الخسارة التي تلحق كعقد التأمين.
عقد البيع يعد من العقود محددة القيمة الن كل من المتعاقدين يستطيع أن يحدد عند إبرام العقد مقدار
()1
ما يأخذ ومقدار ما يعطي.
.3البيع محدد القيمة
يقصد بكون عقد البيع عقد محدد القيمة أن المتابعين يستطيع كل منهما عندما يتفقان على إنشاء
العقد أن يحدد مقدار ما سيبدل من ثمن ومقدار ما سيأخذ من مقابل ،فإذا اتفق البائع أن يعطي للمشتري
ألف ثوب قماش من نوع محدد وصناعة في بلد معين ،مقابل مئة دينار لكل ثوب ،فهنا يعلم المشتري
ابن ه سيحص ل على مائ ة ث وب من القم اش المعين باالتف اق ،كم ا الب ائع يعلم ان ه مقاب ل ألف قم اش إلى
()2
أعطاها للمشتري سيحصل على مائة ألف دينار.
.4عقد البيع عقد ملزم لجانبين
يع رف العق د المل زم لج انبين بأنه :العق د ال ذي ينش ئ التزام ات متقابل ة في ذم ة ك ل طرفي ه
المتعاقدين ،بحيث يصبح كل واحد منهما دائنا من ناحية ومدينا من ناحية أخرى .
فعقد البيع ملزم للجانبين ألنه ينشىء التزامات متقابلة في ذمة لكل من البائع والمشتري ،بحيث
يصبح كل واحد منهما دائنا ومدينا في نفس الوقت ،فالبائع ومدين بان يقوم بما هو ضروري من جانبه
لنقل الملكية إلى المشتري وتسليمه المبيع وضمان التعرض واالستحقاق وضمان العيوب الخفية ودائن
الثمن.
والمش تري م دينا ب دفع الثمن ودائن ا بتس لم الش يء الم بيع وال بيع به ذه الخاص ية يمت از عن بعض
العق ود وال تي تنشئ التزام ات في ذم ة اح د المتعاق دين دون األخ ر بحيث يك ون اح دهما م دينا غ ير دائن
واألخر دائنا غير مدينا كهبة بغير عوض والوديعة بدون اجر
ففي الهب ة يعت بر ع وض نج د ال واهب يل تزم بنق ل ملكي ة الموه وب وتس ليمه ل ه وال يل تزم ه ذا
األخ ير بش يء وفي الوديع ة يعت بر اج ر يل تزم الودي ع بالمحافظ ة على الوديع ة ورده ا دون أن يل تزم
المودع بشيء وال يمكن في عقد البيع ألحد المتعاقدين أن يتحلل من االلتزامات بإرادته المنفردة ،فيجب
()3
عليه الوفاء بالتزامه ،فان لم يفعل ذلك اجبر على طريق القضاء.
))3عبد الرحمان احمد جمعة الخاللشة ،الوجيز في شرح القانون ،المدني األردني ،عقد البيع :دراسة متقابلة مع الفقه
اإلسالمي ;الطبعة األولى دار وائل للنشر 2005 ،األردن ،ص .25
7
ماهية عقد البيع الفصل األول
ثانيا :الخصائص الخاصة لعقد البيع
عقد البيع ينشئ التزاما علي البائع بنقل ملكية شيء أو حق مالي آخر إلى المشتري:
ويل تزم الب ائع في عقد ال بيع ب أن ينقل للمش تري ملكية ش يء أو حقا ماليا آخر .ف البيع عقد ينشئ ال تزام
بنقل ملكية شيء أو حق مالي آخر وااللتزام بنقل الملكية يعد أثرا مباشرا لعقد البيع فالعقد بذاته ال ينقل
الملكية مباش رة وإ نما يتم نقل الملكية بن اء على ال تزام الب ائع بنقلها وه ذا االل تزام يتولد عن عقد ال بيع
وينشأ ال تزام الب ائع وفقا للقواعد العامة في الق انون الم دني وينفذ ف ورا بمج رد العقد إذا ك ان واردا على
منقول معين بالذات يملكه الملتزم .أما إذا كان االلتزام واردا على منقول معين بالنوع فال تنقل الملكية
وال ينفذ التزام البائع إال من وقت إفراز الشيء المبيع .وإ ذا كان الشيء المبيع عقارا فال تنتقل الملكية
إال بالتسجيل.
وقد نص القانون المدني الفرنسي في الم ادة 1853منه على أن عقد ال بيع بذاته ينقل الملكية من البائع
إلى المش تري .ولم ي رد بالق انون الم دني الفرنسي إش ارة ص ريحة على ال تزام الب ائع بنقل الملكية إلى
المشتري.
وقد تنبه المش رع المص ري إلى ه ذا النقص في التنظيم التش ريعي لل بيع في الق انون المد\ني
الفرنسي خصوصا وأن هن اك فرقا أساس يا بين الق انون الم دني المص ري وبين الق انون الم دني الفرنسي
في بيع العقار .إذ أن مبدأ انتقال الملكية بمجرد إبرام العقد ينطبق في القانون المدني الفرنسي على بيع
العق ار وعلى بيع المنق ول .ذلك أن التس جيل عند بيع العق ار في ظل نص وص الق انون الم دني الفرنسي
يعد ش رطا لالحتج اج بانتق ال الملكية في مواجهة الغ ير فحسب .أما فيما بين الط رفين المتعاق دين ف إن
ملكية العقار تنتقل من البائع إلى المشتري بمجرد إبرام العقد وفقا للمبدأ العام.
أما في القانون المدني المصري فإن ملكية العقار ال تنتقل إال بالتسجيل سواء فيما بين المتعاقدين
أو بالنس بة للغ ير .وب ذلك تعين النص على ال تزام الب ائع بنقل الملكية .إذ لم يعد من ال دقيق أن يق ال أن
المبدأ في ظل القانون المدني المصري أن عقد البيع ناقل للملكية بمجرد العقد قاصر على بيع المنقول
()1
المعين بالذات لذلك فإن حقيقة عقد البيع في القانون المدني المصري ليست أنه ناقل للملكية بذاته.
.1أنه عقد ناقل للملكية
األصل أن الملكي ة تنتق ل في عق د ال بيع بمج رد التعاق د ول و لم يق ترن ذل ك بالتس ليم وه ذا في الم بيع
المعين ب ذات ،أما الم بيع المعين ب النوع فال تنتق ل ملكيت ه إال ب الفرز ،واذا ك ان الم بيع واردا على ش يء
محمد يوس ف الزغبي العقود المسماة شرح عقد البيع في ق م ،ط ، 1الج زء األول دار الثقاف ة للنش ر ،األردن ص ))1
.23-22
8
ماهية عقد البيع الفصل األول
مس تقبلي فالملكي ة ال تنتق ل إال بوج ود ذل ك الش يء ،أما إذا ك ان ال بيع واردا على ت اريخ الش هر ،أما ه ذا
األخ ير يس تجيب أن نف رق بين العق ارات ال تي تمت فيه ا التس وية والعق ارات ال تي لم تتم فيها األولى:
ملكي ة العق ارات واألراضي ال تنتق ل إال بالعق د المس توفي لكاف ة أركانه وش روطه واهم ركن في ه وه و
التس جيل ،بحيث أن أي تص رف على ارض تمت فيه ا التس وية خ ارج ال دائرة التس جيل يك ون ب اطال
المالحظة أن التسجيل وحده غير كاف لنقل الملكية في هذه الحالة فالبد من إجراء الشهر.
أما في الثاني ة فالملكي ة تنتق ل ح تى بالعق د ح تى ول و لم يكن مس جل أي تنتق ل بم وجب س ند ،لكن
ه ذا التص رف ال يك ون ناق دا في الب ائع إال إذا نقض ي على تص رف المش تري في الم بيع تص رف فعلي
لمدة 10سنوات والبد يكون مستوفي لكافة العناصر الموضوعية هذا العقد.
المطلب الثاني
أنواع عقد البيع
نتطرق في هدا المطلب إلى بعض أنواع البيوع من بينها بيع ملك الغير (الفرع األول) ،وبيع الحقوق
المتنازع فيها (الفرع الثاني) ،وبيع التركة (الفرع الثالث) ،وبيع في مرض الموت (الفرع الرابع)
الفرع األول
بيع ملك الغير
يقصد ببيع ملك الغير البيع الصادر من غير المالك سواء بعلمه أو بغير علمه ،وينصب على
الش يء الموج ود والمعين بال ذات ،ودون أن يك ون موقوف ا ،أي أن يك ون المال ك موقوف ا ،أي أن المال ك
الحقيقي ليست له أي عالقة بالبيع المبرم بين البائع والمشتري ،فهو الشخص الذي تصرف البائع بش يء
نكون أمام بيع ملك الغير عندما نكون أمام بعض الشروط التي ستلزمها هدا التصرف هي:
في هذه الحالة حق للمشتري طلب إبطال بيع ملك الغير أي أنه رغم أن بيع ملك الغير ينعقد
صحيحا بين أطرافه إال انه كون البائع ال يملك المبيع فإن للمشتري الحق في طلب إبطال البيع حتى
ولو لم يتعرض له المالك الحقيقي ،سواء كان المشتري عالما أو جاهال بعدم امتالك البائع للمبيع كما
يكون له الحق في طلب اإلبطال سواء كان البائع حسن النية أو سيء النية وسواء كان البيع منقوال أو
بعض عند الوفاء والتي تقدر عادة في التعامل بين الناس بالعدد أو المقياس أو الكيل أو الوزن".
السعدي محمد صبري مرجع سابق ص.135 3
10
ماهية عقد البيع الفصل األول
ورغم دل ك إال أن ه هن اك ()2
عق ارا ،وس واء ش هر العق د أو لم يش هره( )1الم ادة 397من الق انون الم دني
حاالت يسقط فيها حق المشتري في طلب اإلبطال وهي:
نص المادة 398من األمر 58-75المتضمن القانون المدني مرجع للسابق «إذا أقر المالك البيع سرى مفعوله عليه 6
وصار ناجزا في حق المشتري ،وكذلك يعتبر البيع صحيحا في حق المشتري إذا اكتسب البائع ملكية المبيع بعد انعقاد
البيع».
11
ماهية عقد البيع الفصل األول
إال أن حق المشتري ال يقتصر على طلب اإلبطال ،وإ نما يتعداه إلى طلب التعويض واالستفادة
طبقا ()1
من هذا التعويض البد من أن يكون قد حكم له بإبطال البيع ،وأن يكون المشتري حسن النية
للمادة 399من قانون المدني (.)2
حكم بيع ملك الغير بالنسبة للمالك الحقيقي .2
إذا أق ر المال ك األص لي ال بيع أمكن االحتج اج بالعق د في مواجه ة المال ك الحقيقي فتنتق ل الملكي ة من
وقت اإلق رار ك ان للمال ك الحقيقي أن يق ر ال بيع فيتجاهل ه ويتص رف في الم بيع كيفم ا يش اء ،فال يس ري
البيع حقه حتى ولو لم يحكم بإبطاله ولكن من الناحية األخرى ليس له حق المطالبة بإبطال البيع ألنه
ليس طرف ا ،وإ نم ا يرف ع دع وى اس تحقاق الس ترداد الم بيع من ي د المش تري ،ومطالبته المش تري أيض ا
بالتعويض ،إذا كان المشتري سيء النية.
إال أن المشتري قد يمتلك المبيع وليس بعقد البيع وإ نما بالحيازة إذا كان المبيع منقوال مع حسن
الني ة ويكتسب العق ار بالتق ادم القص ير ومدت ه 10س نوات أما الحي ازة بس وء ني ة فتك ون س ببا في كس ب
ملكية العقار والمنقول بالتقادم الطويل 15سنة فإذا ما اكتسب المشتري المبيع بالحيازة أو التقادم فليس
للمال ك األص لي إال أن يرج ع على الب ائع ب دعوى المس ؤولية التقص يرية إذا ك ان الب ائع س يء الني ة ،أو
بدعوى اإلثراء بال سبب(.)3
الفرع الثاني
بيع الحقوق المتنازع فيها
يتقيد المشرع البيع في شيء محتمل الوجود كما في بيع الحق المتنازع فيه ،والحق المتنازع
في ه هو الحق ال ذي رفعت بش أنه دعوى أو كان مح ل نزاع جدي وجوهري وهو ح ق يمكن أن يكون
محال لل بيع إذا ك ان األط راف ق د تص رفوا وهم ع المون ب ذلك فيك ون ل ه ص فة ال بيع االحتم الي ك ون أن
الحائز يحل محل البائع في الدعوى ويتحمل نتائجها ،لذلك عادة ما يباع هدا الحق بأقل من ثمنه فهنا
يثبت الحق للبائع فيثبت للمشتري كخلف له وإ ما أال يثبت فالبائع ال يتضمن للمشتري وجود هدا الحق
ل ذلك أج از الق انون للمتن ازل ه ده أن يس ترد من المش تري ه ذا الم بيع بش رط أن ي رد ثمن ه الحقيقي
بمقتضى حكم وكان المشتري يجهل أن البائع كان ال يملك المبيع فله أن يطلب بالتعويض ولو كان البائع حسن النية».
3السعدي محمد صبري المرجع السابق ص.142
12
ماهية عقد البيع الفصل األول
والمص اريف الواجب ة للمش تري وس نتطرق هن ا إلى بي ع الحق وق المتن ازع فيه ا بين األش خاص (أوال) ثم
شروط استرداد الحق المتنازع ففيه (ثانيا) ثم آثار استرداد الحقوق المتنازع فيها (ثالثا).
وهنا أقرت المادة 402من القانون المدني عدم جواز شراء الحقوق المتنازع فيها من رجال
القض اء حيث تنص «ال يج وز للقض اة وال للم دافعين القض ائيين وال للمح امين وال للم وثقين وال لكت اب
الضبط أن يشتروا بأنفسهم مباشرة وال بواسطة اسم مستعار الحق المتنازع فيه كله أو بعضه إذا كان
النظ ر في ال نزاع ي دخل في اختص اص المحكم ة ال تي يباش رون أعم الهم في دائرته ا وإ ال ك ان ال بيع
باطال»
كم ا ال يجوز لهم أيض ا أن يتع املوا م ع م وكليهم في الحقوق المتنازع فيه ا وه ذا ما أقرت ه الم ادة 403
بقوله ا «ال يج وز للمح امين وللم دافعين القض ائيين أن يتع املوا م ع م وكليهم في الحق وق المتن ازع فيه ا
س واء ك ان التعام ل بأس مائهم أو بأس ماء مس تعارة إذا ك انوا هم الل ذين تولوا ال دفاع عنه ا وأال ك انت
المعاملة باطلة».
أن يكون الحق المسترد متنازع فيه ،ويجب أن يقوم النزاع في موضوع الحق ،أي متعلقا بوجوده
أو انقضائه وما إلى ذلك.
أما إذا مس إجراءات شكلية فال يعتبر الحق متنازع فيه ،كما يكفي الحق متنازع فيه مادام لم يصدر
حكم نهائي فقد حسم النزاع في الحق وال يجوز فيه االسترداد.
كم ا يش ترط أن يك ون الح ق متن ازع في ه وقت التن ازل أي وقت ال بيع باإلض افة إلى ش رط أن يك ون
للمتنازل صفة المدعي ،والمتنازل هده صفة المدعي عليه.
كما يشترط أيضا أن يكون التنازل بمقابل نقدي ألن البيع يتحمل معه قيام فكرة المضاربة في حين
أنه إذا تم التن ازل دون عوض فال يتصور وقوع المضاربة ،كما يجوز االس ترداد إذا كان التن ازل
مقايضة(.)1
يبقى االسترداد في هده العالقة دون أي أثر إذ يبقى عقد البيع قائما بينهما ،وعليه فإذا يتم دفع
ثمن البيع وقتت االسترداد يبقى المتنازل دائنا للمتنازل له.
إذا ك ان المتن ازل دائن ا بثمن الم بيع للمتن ازل هلل والمتن ازل ض ده م دين بثمن االس ترداد في
مواجهة المتنازل له ،فيمكن بالتالي للمتنازل مطالبة المتنازل ضده بدفع الثمن عن طريق الدعوى غير
مباشرة(.)2
الفرع الثالث
بيع التركة
تنص الم ادة 404من الق انون الم دني الجزائ ري على أنه «من ب اع ترك ة دون أن يفص ل
مشتمالتها ،ال يضمن إال صفته كوارث ما لم يقع اتفاق يخالف ذلك» .من هذه المادة يتضح لنا أنه ليس
المقصود من بيع التركة أن يبيع شخص مجرد حق احتمالي في التركة بل هو بيع أحد الورثة لنصيبه
الذي آل إليه بطريق الميراث كله أو جزء منه جزافيا دون تفصيل لمشتمالت نصيبه بثمن مقدر جملة
واحدة دون أن يحدد ثمن كل مال من األموال التي يشتمل عليها وسنتطرق في هذا الفرع إلى إجراءات
بيع التركة (أوال) ثم اآلثار المترتبة عن بيع التركة (ثانيا).
14
ماهية عقد البيع الفصل األول
تنص المادة 405من القانون المدني «إدا بيعت تركة فال يسري البيع في حق الغير إال إذا قام
المشتري باإلجراءات الواجبة لنقل كل حق اشتملت عليه التركة ،فإذا نص القانون على إجراءات لنقل
الحقوق المذكورة بين المتعاقدين وجب أيضا أن تتم هذه اإلجراءات».
يتضح لنا من هده المادة أن بيع التركة من إنها كالبيع العادي أن ينقل الملكية لما تشمل عملية التركة
من عقارات وديون إلى المشتري.
إذا ك انت الترك ة عق ارا ف إن نق ل ملكيته ا يقتض ي اتخ اذ إج راءات التس جيل لنق ل ملكيته ا بين المتعاق دين
وبالنسبة للغير(.)1
إذا ك انت الترك ة دي ون فيجب أن يعلن م دينوها بحوال ة ه ذه ال ديون ح تى تك ون ناف ذة في حقهم
وإ ذا كانت التركة مدينة فيجب أن يقر دائنوها هذه الحوالة حتى تكون نافذة قبلهم ،وعلى النحو الواجب
وبهذا تقرر المادة 252من القانون المدني على انه «ال تكون الحوالة نافدة فيحق ()2
في حوالة الدين
الدائن إال إذا أقرها».
وإ ذا ك ان الب ائع ق د تص رف بأح د أعي ان الترك ة قب ل التص رف بجه ة كامل ة أو ج زء منه ا ف إن
الوارث البائع يلتزم برد الثمن للمشتري بعد بيع الحصة له ( .)3و تنص المادة 406من القانون المدني
على أنه «إذا كان البائع قد استوفى مال التركة من ديون أو باع شيء منها وجب أن يرد للمشتري ما
قبضه ،ما لم يكن قد اشترط صراحة عدم الرد وقت انعقاد البيع».
ق دادة خلي ل أحم د حس ن ،الوج يز في ش رح الق انون الم دني ،عقد ال بيع ،الج زء الراب ع دي وان المطبوع ات الجامعي ة، 1
الجزائر ،2005ص.240
المرجع نفسه ،ص.240 2
15
ماهية عقد البيع الفصل األول
الوارث البائع يلتزم ذلك بتسليم محتويات التركة وبالحالة التي كانت عليها وإ ذا زادت قيمتها
من وقت افتتاح التركة حتى ولو كانت هذه الزيادة ترجع إلى فعل الوارث البائع فال يجوز له أن يطالب
المش تري بقيم ة الزي ادة على أس اس أن ه ذه الزي ادة في الغ الب م ا تك ون موض ع اعتب ار عن د تحدي د
الثمن(.)1
نظرا ألن المبيع ليس أمواال معينة بالذات وإ نما يبيع الوارث الحصة التي آلت إليه من مورثه
دون تحديد مشتمالته فهو بيع تركته بكل ما اشتملت عليه حقوق وديون بعابرة أخرى يبيع مجموعا من
الم ال ال تنفص ل في ه مفردات ه ،ومن ثم ال يض من مالءة م ديني الترك ة أو اس تحقاق بعض أعيانه ا للغ ير
لكن إذا ت بين أن ال وارث الب ائع ليس وارث ا ف إن ف ان للمش تري الرج وع على الب ائع بض مان االس تحقاق
للمطالبة بالتعويض أو الجزئي وفقا لما سبق ذكره ،ويرى السنهوري أن الوارث البائع يكون مرتكب
للغش إذا ك ان يعلم وقت ال بيع أن ه ليس ب وارث فيجب علي ه رد الثمن إض افة إلى التع ويض ح تى ول و
اشترط عدم الضمان ،فالتزام الوارث البائع بالضمان يختلف عن التزام البائع على وجود التركة وثب وت
صفته كوارث وأن نصيبه في التركة هو النصيب الذكور في العقد والذي كان محله البيع(.)2
وه ذا م ا تق رره الم ادة 404من الق انون الم دني «من بالترك ة دون أن يفص ل في مش تمالتها ،ال
يضمن إال صفته كوارث ما لم يقع اتفاق يخالف ذلك».
يلزم المش تري وفق ا ألحك ام بي ع الشركة ب الثمن المتفق علي ه للوارث وك ذلك المصروفات التي
يكون الوارث البائع قد أنفقها على التركة وبهذا يتساوى المشتري في هذا النوع من البيع بالمشتري في
عقد البيع العادي،على المشتري كذلك أن يدفع كل ما يدفعه الوارث من تكاليف التركة ،كمشاركته في
تجهيز المورث عند الوفاة .
وم ا يك ون ق د دفع ه من ض رائب ألن ه ذه التك اليف تعت بر ض من العناص ر األساس ية للترك ة
باعتبارها مجموعة من المال كما ذكرنا ،أما بالنسبة لديون التركة المدنية بها فالمشتري ال يلتزم بها
والعلة في ذلك ترجع إلى أن الوارث نفسه ال يلتزم بها وذلك وفقا ألحكام الشريعة اإلسالمية والتي
2
.قدادة خليل أحمد حسن ،مرجع سابق ،ص 243-242
16
ماهية عقد البيع الفصل األول
تقر بأن ال تركة بعد سداد ديون الغير والغير بالنسبة لبيع التركة ثالثة أنواع هو الورثة الباقون في
التركة ودائنو التركة ومدينوها والخلف الخاص للوارث البائع(.)1
الفرع الرابع
بيع مرض الموت
مرض الموت هو المرض الذي يصيب اإلنسان ويؤدي إلى حدوث خلل في الوظائف الحيوية
ألجه زة الجس م تنتهي ب ه الوف اة ،ويع رف م رض الم وت في اص طالح الفق ه اإلس المي بأن ه « الم رض
ال ذي يفض ي إلى الم وت غالب ا ويعقب ه الم وت فعال »نص علي ه المش روع في الم وت 409-408من
التقنين المدني وسنتناول في دراسة بيع مرض الموت شروط تحقق مرض الموت(أوال) ثم آثار البيع
في مرض الموت (ثانيا).
أوال :شروط تحقق مرض الموت
.1أن يعجز المريض عن متابعة أعماله المعتادة
وتوق ف الم ريض عن متابع ة أعمال ه العادي ة المألوف ة ال تي يس تطيع األص حاء مباش رتها ال يع ني
بالضرورة أن يلزم فراشه فقد ال يلزمه ذلك ،ويبقى مع ذلك عاجزا عن قضاء مصالحه وليست بسبب
المرض وفي هذه الحالة ال يعد مرض الموت ،كأن يكون ممن يمارس حرفة شاقة ولم يعد قادرا على
القيام بها بسبب تقدم السن (.)2
.2أن يغلب في هذا المرض الهالك
وه ذا الش رط يع د ش رطا أساس يا يمكن االس تناد علي ه في اعتب ار مص ابا بم رض الم وت ،ويع ود
تقديره إلى األطباء ،كأن يصاب بمرض السرطان أو االيدز أو غيرها من األمراض التي يرجع معها
الوفاة ،أما إذا أصاب اإلنسان مرض ال يغلب فيها الهالك ،ثم توقي بسببه ،فال يعود هذا اإلنسان مصابا
بمرض الموت(.)3
.3أن يموت المريض وهو في الحالة التي يغلب فيها الهالك قبل سنة من تاريخ المرض
فإذا امتد مرضه وهو على حالة واحدة دون ازدياد سنة أو أكثر تكون تصرفات الصحيح (.)4
ثانيا :أثار البيع في مرض الموت
1
.قدادة خليل أحمد حسن ،مرجع سابق ،ص 243-242
2العبودي عباس ،شرح أحكام العقود المسماة في القانون المدني :البيع واإليجار الجزء األول الطبعة األولى ،دار الثقافة
للنشر والتوزيع األردن ، 2009ص .211
3العبودي العباس ،مرجع سابق ص.211
4المرجع نفسه ،ص .212
17
ماهية عقد البيع الفصل األول
راعى المشرع الحالة النفسية التي يكون فيها اإلنسان متى كان مريضا مرض الموت ،فقرر
تبديل الوصف واألثر القانوني لتصرفات هذا اإلنسان سواء أكان هذا التصرف بيعا أم هبة أم غير ذلك
فعلى الرغم من أن المشرع لم يفرق بين أن يكون التبرع لوارث أو غير وارث كقاعدة عامة ،إال أنه
أورد أحكام ا خاص ة بم رض الم وت فيما إذا ك ان ال بيع ألح د الورث ة أو ال بيع ألجن بي وذل ك حس ب
التفصيل التالي :
.1البيع لوارث
نص ت الفق رة األولى من الم ادة 408من الق انون الم دني « إذا ب اع الم ريض م ريض الم وت
ل وراث ف إن ال بيع ال يك ون ن اجزا إال إذا أق ره ب اقي الورث ة» ،أي أن تص رف الم ريض م ريض الم وت
يكون صحيحا ،غير أنه موقوف النفاذ على إجازة الورثة فبعد وفاة البائع (المورث) ننشأ لورثة الخيار
بين إج ازة ه ذا التص رف أو رفض ه ف إن أج ازوه أص بح ناف دا في حقهم من وقت إبرام ه وإ ن رفض وه
يكون باطال من الوقت ذاته أيضا ،و يستوي في ذلك أن يكون البيع بثمن المثل أو بغيره نظرا لعموم
النص ،والحكمة من تقييد حق المريض مريض الموت إلى الخشية من أن قوم بالتصرف بأمواله قاصدا
إيذاء الورثة أو محاباة أحدهم على غيره(.)1
.2البيع ألجنبي
يقصد ب البيع ب األجنبي كالش خص ال يع د من الورث ة ،وس ماه المش رع حس ب نص الم ادة 408
الفقرة الثانية حيث نصت على « أما إذا تم البيع للغير في نفس الظروف فإنه يعتبر غير مصادق عليه
ومن أجل ذلك يكون قابل لإلبطال».
وم ا يالح ظ من ه ذا النص أن ه يتم يز ب اللبس والغم وض ،ومن أس باب ذال ك اختالف النص
العربي من النسخة الفرنسية في أساس الجزاء فالنص العربي يعتبر التصرف غير مصادق عليه من
أجل ذلك يكون قابل لإلبطال ،بينما النسخة الفرنسية تنص *يفترض أن البيع تم بدون رضاء صحيح»
فطبقا للنص العربي يكون أساس القابلية لإلبطال هو أن البيع غير مصادق عليه وهذا مصطلح غريب
على أحكام القانون المدني ،أما النص الفرنسي فإنه يعتبر أن األساس هو عيب شاب الرضا بالرغم من
الث ابت قانون ا أن اإلبط ال يك ون إم ا لقص ر أو لغل ط ،إك راه ت دليس أو اس تغالل وه و م اال يت وفر عن د
المريض مرض الموت(.)2
1
.المرجع نفسه ،ص 213
2العبودي العباس ،مرجع سابق ،ص .214
18
ماهية عقد البيع الفصل األول
المطلب الثالث
تمييز عقد البيع عن التصرفات المشابهة
الفرع األول
تميز عقد البيع عن بعض التصرفات القانونية الناقلة للملكية
عقد البيع هو عقد ناقل للملكية يكون عقد متصف بالرضائية والمعاوض ة ويقوم على فكرة أن يعطي
الب ائع شيئا أو حق مالي ا مقابل أن يدفع المشتري الثمن وهو ملزم للجانبين وهنا سنتطرق إلى تميز
بين ه وبين بعض التص رفات الناقل ة للملكي ة كت الي ب الترتيب (أوال)تم يز عق د ال بيع عن عق د الهب ة
(ثانيا)تميز عقد البيع عن الوصية (ثالثا )تميز عقد البيع عن المقايضة (رابعا)تميز عقد البيع عن الوفاء
بمقابل .
أوال :تميز عقد البيع عن عقد الهبة
عق د الهب ة ه وداك العق د ال ذي تط رق ل ه المش رع في األمر 11-84في نص الم ادة 202وعرف ه
()1
المشرع الجزائري (الهبة تمليك بال عوض)
س نحاول من خالل دراس تنا إي اه تم يزه عن عق د ال بيع وكي ف يمكن أن يت داخل مع ه ودال ك أيض ا م ع
مراعاة تعريف المشرع لعقد البيع الوارد في االمر 58-75في مادته 351الذي نصفيه (البيع عقد
يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا أخر في مقابل ثمن نقدي ).
ونتطرق تتابعا للتالي ()1فروق خاصية العقدين ( )2الهبة بعوض ()3الصورية بالتستر
1
الم ادة 202من االم ر رقم 11-84الم ؤرخ في رمض ان ع ام 1404المواف ق 9يوني و س نة ،1984يتض من ق انون
االس رة ،جري دة رس مية ع دد ،24المع دل و المتمم ب االمر 05-02الم ؤرخ في 18مح رم ع ام 1426المواف ق ل27
فبراير سنة ،2005جريدة رسمية جزائرية عدد 15صادرة في 18محرم عام 1426الموافق ل27فبراير سنة .2005
19
ماهية عقد البيع الفصل األول
.2الهبة بعوض
يمكن القول أن الهبة تختلف عن البيع كثيرا وخاصة من حيث الطابع التبرعي ولكن يثار اإلشكال لو
كانت الهبة بعوض فهل هي هبة آم عقد بيع ويوجب القول أن المعيار الحاسم هو العوض وفي الغالب
يالح ظ ان ه إن ك ان الع وض يق رب قرب ا كب يرا من ثمن المث ل ق ام العق د بي ع ول و افترض نا ان ه تم ال بيع
بعوض قليل مقارنة بثمن المثل فالغالب أن يكون هبة وثمن ما هو إال صوري أو تافه ما أقام الحكم
بقرين ة الهب ة ولكن نافي ا عن دال ك الثمن البخس وي وجب الق ول ان ه ق د يق ع أن يك ون ال واهب اش ترط
العوض آن يدفع لشخص ثالث أو أن يكون الموهوب له هو شخص ثالث فهنا بروز للهبة وهنا تقدير
()1
النية التبرع تخضع للقاضي الموضوع وفق للمعيار سابق الذكر
.3الصورية بالتستر
الغرض من هده الصورة هو إخفاء تصرف قانوني بمظهر قانوني كاذب وضربنا للمثال في صورية
حيث نجعل التصرف الظاهر بيع بينما في الحقيقة ما هو إلى هبة تهرب من أحكامها وهنا قد تكون
مكشوفة فيصرح في العقد تنازل على الثمن أو مستورة بذكر قبض الثمن والغالب أن صورية هنا تقيم
()2
البيع تصرف الظاهر والهبة هو تصرف المستتر
ثانيا :تميز عقد البيع عن الوصية
ي وجب القول أنن ا س نحاول تم يز بين عق د ال بيع وعق د الوص ية وال دي ورد ذك ر عقد الوصي في االمر
11-84المادة 184التي نصت على تعريف الوصية بتالي (تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق
()3
التبرع).
سنحاول التميز بينهم ونتطرق تتابعا للتالي ()1تعريف بالوصية ( )2فروق خاصية العقدين()3الصورية
بالتستر
.1التعريف بالوصية
1عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد الهبة والشراكة ،الجزء الخامس ،الطبعة الثالثة ،دار
نهضة ،مصر ،2011،ص.20
2
.عبد الرزاق السنهوري ،المرجع السابق ،ص22-21
محمد صبري السعدي ،المرجع السابق.ص.38 3
20
ماهية عقد البيع الفصل األول
هي عق د يق وم على فك رة نفاده ا بع د وف اة الموص ي وتك ون في ح دود الثلث ويجب م ا تع دت الثلث أن
يوافق عليها الخلف العام وتكون لشخص يسمى الموصى له والدي الشترط قبوله (.)1
عقد الوصية هو عقد بإرادة منفردة ال يحتاج إلى القبول على خالف البيع الذي يتطلب قبول المتعاقد
األخر وحدوث التراضي وقيام اإليجاب والقبول ويمكن القول أن عقد البيع ملزم للجانبين على خالف
عقد الوصية ملزم لجانب واحد وهو الموصي ويالحظ أن عقد البيع معاوضة أم الوصية عقد تبرعي
()2
الوصية لها جواز الحد النسبي على خالف البيع
.3الصورية بالتستر
وهنا تبرز حيث أن البيع هو عقد الظاهر والوصية عقد مستتر وهنا يالحظ إبرام عقد البيع مع إلحاق
شروط تمنحه صبغة من صبغ عقد الوصية والغالب القول انه البد أن نعود للقرائن اقرها المشرع في
نص المادة 777من األمر 58-75والتي تقيم الوصية إن دخلت بعض الشروط على عقد القائم على
نية التصرف (نقل الملكية) ( ،)3ونتطرق له ذه الشروط كما يلي
أن يكون تصرف ألحد الورثة فدالك قرينة على الوصية أعفت الخلف العام من االثباث وأحالت إثبات
العكس للموصى له ويكون أن يكتسب هده صفة أو يفقدها فالمعيار المتبع هنا يوم الوفاة في حال فقد
صفة وقت الوفاة تخلف شرط والعكس صحيح إن اكتسبت وقت الوفاة وقع صحيح شرط
وش رط ث اني ه و أن ت برز وق ائع مادي ة يمكن أن تق وم أس س إلثباته ا على حي ازة الم ال المتص رف في ه
والحي ازة ق د ت برز ب دفع مثال ف اتورة الكهرب اء أو تحري ر عق د اإليج ار باس م الموص ي الش رط الث الث
االحتفاظ بحق االنتفاع مدى الحياة ويال حض في دالك أن يشترط في العقد أو قيام عارية لمدى الحياة
لصالح الموصي(. )4
ثالثا :تميز عقد البيع عن عقد المقايضة
عبد الرزاق السنهوري ،الواضح في شرح القانون المدني الجديد الهبة والشراكة ،المرجع السابق ،ص.6 1
3
.المادة777من األمر 75-58من القانون المدني ،المرجع السابق
4
.محمد صبري السعدي ،المرجع السابق ،ص41-39
21
ماهية عقد البيع الفصل األول
بداية هنا سندرس فرق عقد المقايضة عن عقد البيع الذي عرفه المشرع في اآلمر 58-75في نص
الم ادة 413ال تي نص فيه ا (المقايض ة عقد يل تزم به ك ل من المتعاق دين أن ينق ل إلى اآلخ ر على سبيل
تبادل مال غير النقود) ،يتضح أن المشرع عرف المقايضة تعريف يتفق مع الشريعة اإلسالمية مبادلة
مال بمال على سبيل البيع المطلق وسنحاول أن نتطرق تتابع للتالي ( )1الفرق بين خصائص العقدين (
)2تطبيقات المقايضة ()3الثمن المعدل
عقد المقايض ة عقد ناق ل للملكي ة و معاوض ة وملزم للج انبين ويتض ح تماث ل في الخص ائص واالختالف
في المقاب ل .المقاب ل هن ا يك ون م ال يس توي كون ه ح ق مالي ا آو عين آو منق ول ويتض ح هن ا أن غ الب
()1
أحكام البيع تطبق على عقد المقايضة بتصريح المشرع في نص المادة 415من االمر.58-75
.2تطبيقات المقايضة
قد نكون أما االلتزام ألتخيري حيت أن يكون محل االلتزام تخيرا بين محل نقدي أو المحل واقع مال
دون نقد فيقع الخيار حاسم لنوع العقد يضرب مثال في العقد الذي يقوم على خيار المتعاقد مبلغ ماليا أو
عين مقابل عقار فلو كان المبلغ المختار استقام عقد ولو كان العين قام مقايضة ويرد أن يقع المقابل
للعقار مثال أوراق أو حق ماليا فالعبرة هنا بوقت العقد ويقع العقد مقايضة وقد يقوم أيضا قوام المقابل
للمث ال س ابق أن يكون م رتب م دى الحي اة ويال حض ان ه هن اك اتج اهين في الفق ه من ي رى ان ه حق
والعبرة بقيام العقد وهنا حق وليس نقد فنكون أمام مقايضة وهناك من يرى أنها عقد بيع والمبلغ معين
احتم اال على س بيل اإلي راد ونحن نفض ل االتج اه الث اني وه و م ا ك ان من بالني ول وريب ير وهام ل
وسليمان مرقش وسنهوري وجهة تابعة لهذا االتجاه (.)2
.3الثمن المعدل
ق د يق وم أن يك ون المقاب ل بعض ه نق ود واألخ ر غ ير نق ود ك العين س واء عق ار أو منق ول أو ح ق م الي
ف العبرة إن ك ان المقاب ل النق دي اك بر من المقاب ل الغ ير نق دي ك ان بي ع والعكس ق ام مقايض ة م ا ك ان
المقابل الغير نقدي اكبر قيمة من المقابل النقدي وهنا يضرب المثال بعقار مقابل سيارة وثمن مضاف
1عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد البيع والمقايضة المرجع السابق ،ص.857-856
2
.عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد البيع والمقايضة المرجع السابق ،ص875
22
ماهية عقد البيع الفصل األول
(الثمن المعدل) فالعبرة بالعنصر الغالب في حال كان سيارة أقيم من المبلغ كان مقايضة وفي حال كان
()1
النقد قام بيع
رابعا :تميز عقد البيع عن الوفاء بمقابل
يمكن القول انه بالعود للمشرع الجزائري في األمر 85-75المادة 285التي تنص (إدا قبل الدائن في
استيفاء حقه مقابال استعاض به عن الشيء المستحق قام هدا مقام الوفاء ) نالحظ من النص الذي أمامن ا
ت وفر دين واق ع على الم دين دين م دني يك ون في مواجه ة ال دائن فمن اج ل الوف اء ينق ل ل ه ملكي ة ش يء
وفق أحكام البيع هدا ما تبين من نص المادة 286من القانون المدني وسنحاول تميز بين العقدين(.)2
ونتطرق لتتابع للتالي ( )1الفرق بين خصائص العقدين ( )2تكيف الوفاء بالمقابل .
.1الفرق بين خصائص العقدين
يالحظ أن عقد البيع هو عقد يكون المقابل فيه هو الثمن مقابل الحق المالي أو الشيء المقدم من البائع
وعلى خالف دالك تبرز رابطة مديونية تقوم في الوفاء بمقابل حيث تكون بين الدائن والمدين ويكون
هنا أن المدين التزم بمحل في مواجهة الدائن فيقوم محل جديد محل االلتزام سابق منجز وعيني نفاد
ويكون انه يوفي الشيء الجديد مقام الدين سابق(.)3
.2تكيف الوفاء بالمقابل
يعد الوفاء بمقابل تجديد بتغير محل الدين فيحل محل الدين األصلي دين جديد مع الوفاء المباشر به
هنا يجمع بين تجديد والوفاء وأحكام البيع في انتقال المحل االلتزام الجديد خاصة أحكام األهلية وضمان
العيوب الخفية والتسليم وضمان االستحقاق (.)4
الفرع الثاني
تمييز عقد البيع عن التصرفات المتضمنة مقابل مادي
هنا سنتطرق لتمي يز عقد البيع عن بعض التصرفات القانونية التي تقوم على حق تابع للملكية وليس
ناق ل للملكي ة ونم يز ه ده تص رفات ال تي ال تك ون مقاب ل ثمن ب ل ب دل أو عمول ة وس نحاول تميزه ا من
خالل إتباع التسلل التالي (أوال) تميز عقد البيع عن عقد اإليجار (ثانيا) تميز عقد البيع عن المقاولة
(ثالثا) تميز عقد البيع عن عقد القرض (رابعا) تميز عقد البيع عن الوفاء الوديعة.
1
.محمد صبري السعدي ،المرجع السابق ،ص498
2
.المادة 286االمر58-75من القانون المدني ،المرجع السابق
3عبد الرزاق السنهوري.نظرية االلتزام بوجه عام األوصاف وحوالة واالنقضاء ،الجزء الثالث ،الطبعة الثالثة ،دار
النهضة ،مصر ،2011،ص.801-797
4
.المرجع نفسه ،ص806-801
23
ماهية عقد البيع الفصل األول
أوال:تميز عقد البيع عن عقد اإليجار
نميز بين عقد البيع وعقد اإليجار الذي تطرق له المشرع في األمر 58-75نص المادة ( 467اإليجار
عقد يمكن المؤجر بمقتضاه المستأجر من االنتفاع بشيء لمدة محددة مقابل بدل إيجار) سنحاول شرح
الفرق بينهم ،ونتطرق تتابعا للتالي ()1الفرق بين خصائص العقدين( )2البيع أإليجاري.
بداية يعد عقد اإليجار من العقود الزمنية فهو يكون لمدة معينة بينما يكون عقد البيع عقد فوري عقد
اإليجار يقع على حق االنتفاع ال على حق الملكية وبتالي في المقابل عقد البيع يقع على حق الملكية
يكون األصل في البيع عقد رضائي إال بيع العقار بينما اإليجار عقد يطلب سند لثبوته أو ثبوت التاريخ
فهو رضائي أيضا ويمكن القول أن كال العقدين ملزمان لجانبان (.)1
.2البيع أإليجاري
هو دالك العقد الذي يوصف إيجار فما كتمل دفع بدل اإليجار لمدة معينة انقلب بيع والواقع انه تم
االختالف في تكيفه فهناك من يقول انه إيجار ينقلب بيع بعد الوفاء بكل األجر خالل مدة معينة وهناك
من يرى انه بيع بالتقسيط والغاية منه في الحقيقة ما هو إلى عقد بيع أضيف له بعض شروط اإليجار
لجعله لمصلحة البائع في حال أن المستأجر توقف عن الدفع يفسخ اإليجار وال يستر البدل أإليجاري
على خالف لو كان بيع بتقسيط فيسترجع المشتري األقساط والبائع يسترجع المبيع ويمكن في هدا نم ط
أن يتصرف المشتري في المبيع ولكن ال يمكن في اإليجار أن يتصرف المؤجر في العين المؤجرة وإ ال
وق ع جريم ة خيان ة األمان ة وحس م المش رع الجزائ ري ه دا الج دال في نص الم ادة 363باعتب اره بي ع
بالتقسيط (.)2
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في القانون المدني الجديد االيجار والعارية ،الجزء السادس ،الطبعة الثالثة ،نهضة 1
يعتبر عقد القرض من العقود التي تقوم على فكرة إعطاء أو تقديم قرض مقابل أن يعود نفس الشخص
المقترض ويعيد ما قام المقرض بإقراضه فهو عقد يقوم على تقديم قرض دون فائدة ويمكن وصفه
بأنه دين مقدم من المقرض ملحق بأجل للرد وال يستوي دالك في البيع انه ينقل ملكية المبيع دون أن
يرجعها المشتري بعد مدة ومن حيث الخصائص فهو ملزم للجانبين ورضائي وملزم للجانبين ويمكن
القول انه يتفق مع البيع في الخصائص ماعدا انتقال الملكية (.)2
1
.المادة 454من االمر58-75من القانون المدني ،المرجع السابق
2عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد البيع والمقايضة ،المرجع السابق ،ص.33
3
.المادة 454من االمر 58-75من القانون المدني ،المرجع السابق
4محمد صبري السعدي ،المرجع السابق ،ص.44-33
25
ماهية عقد البيع الفصل األول
يوجب أن نقول أن عقد المقاولة تطرق لها المشرع من األمر 58-75من المادة 549عرفها (يتعهد
بمقتضاه احد المتعاقدين أن يصنع شيئا ا وان يؤدي عمال مقابل اجر يتعهد به المتعاقد اآلخر) .وهو
يختل ف عن عق د ال بيع من حيث التعري ف واض ح فه و عق د إستص ناع أو تق ديم عم ل ليس نق ل ملكي ة
فهو مقابل اجر يؤدى عمل وسنحاول شرحه هنا ونتطرق تتابعا للتالي ()1المعيار الفاصل بين البيع
والمقاولة ( )2التطبيقات عملية
- 1المعيار الفاصل بين البيع والمقاولة
هو المعيار المتبع هو قيمة العمل وقيمة الخامات فلو كانت الخامات أقيم من قيمة العمل وقع بيع ولو
ك انت قيم ة العم ل اك بر من قيم ة الخام ات وق ع مقاول ة وس نحاول تط بيق ه دا المعي ار في التطبيق ات
()1
العملية
- 2التطبيقات العملية
الخياط هنا بتطبيق المعيار سابق لو خاط لباس معين وكانت قيمة القماش اكبر من قيمة العمل
وقام بتوريده يقع العقد بيع ونجار كدالك فلو صنع طاولة وكانت قيمة الخشب والدهان والمسامير اكبر
من قيمة العمل فالعقد بيع في حال توريد والرسام يكون عقد مقاولة فلوحة الفنية (العمل الفني) اكبر
قيمة من الورق واأللوان والمقاول الذي يبني بيت فلو كانت األرض للمالك كانت مقاولة ولو كانت
األرض للمقاول أنجز البناء وباعه كان بيع (.)2
المبحث الثاني
أركان عقد البيع
التراضي هو الركن األول في عقد البيع إذ يشترط فيه تطابق اإلرادتين أي اإليجاب من طرف
الب ائع والقب ول من ط رف المش تري ،وفي ك ل األح وال يش ترط في انعق اد ال بيع أن يتم االتف اق بين
الطرفين على المبيع ،وعلى الثمن وعلى طبيعة العقد ،أي على إرادة البيع وإ رادة الشراء.
()3
المطلب األول
ركن التراضي
1عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد المقاولة و الوكالة و الوديعة والحراسة ،الطبعة
الثالثة ،نهضة مصر ،مصر.2011
2
.محمد صبري السعدي ،المرجع السابق ،ص 43-42
3
.خليل أحمد حسن قدادة ،المرجع السابق ،ص51
26
ماهية عقد البيع الفصل األول
ويقص د به ا العناص ر األساس ية لل بيع والممثلة في الم بيع ،الثمن ،وطبيع ة العق د ،أما المس ائل
التفصيلية كمحل أو زمان تسليم البيع فال تمنع من انعقاد البيع.
الفرع األول
موضوعات التراضي
-أوال :االتفاق على طبيعة العقد
ويقصد بهذا أن تتجه إرادة البائع إلى البيع وإ رادة المشتري إلى الشراء ،فال يكون بذلك توافق
بين اإلرادتين على ماهية العق د إذا اتجهت إرادة أحدهما إلى البيع ،والثاني إلى عقد أخ ر ،فينعقد عقد
البيع إذا قال أحد المتعاقدين لآلخر أنا أبيعك هذه السيارة ،فيجيب عليه الطرف اآلخر أنا أقبل شرائها،
ففي هذه الحالة يتفق اإليجاب مع القبول ،لكن إذا قصد أحد األشخاص أن يؤجر منزله إلى آخر مقابل
أجرة سنوية طوال حياته ،فاعتقد اآلخر أن يشتريه مقابل إجراء مرتب مدى حياة البائع ففي هذه الحالة
قصد الموجب شيء ،وقصد القابل شيء آخر ،فال يكون ثمنه اتفاق على طبيعة العقد وال ينعقد بينهما
بيع وال إيجار ،مثال :إذا قال احد األشخاص آلخر خذ هذه الدار وأعطي 100000دج ،قاصدا يذلك
رهن هذا المبلغ ،فيقبل اآلخر هذا اإليجاب معتقدا أن صاحب الدار ينقل إليه ملكيتها ليرهنها (.)1
1
.محمد حسين ،عقد المبيع في القانون المدني الجزائري ،المرجع السابق ،ص29
2
لحسن بن الشيخ آت ملويا ،المتقن في عقد البيع ،ص233
27
ماهية عقد البيع الفصل األول
فال يكفي النعقاد البيع االتفاق على نوع العقد والشيء المبيع (محله) ،بل يجب االتفاق على ثمن
الشيء ومقداره ،فال ينعقد البيع إذا عرض احد الطرفين البيع بثمن معين فقبل الطرف اآلخر الشراء
بثمن أق ل ،مثال :إذا ع رض الب ائع سيارته بمبل غ معين وقب ل المش تري الش راء بثمن أق ل ال ينعق د البيع
مادام اإلرادتين غير متفقين وإ ذا عرض المشتري ثمنا أكبر من الثمن الذي عرضه البائع فان عقد البيع
()1
بأقل الثمنين ،الن المشتري الذي يقبل الشراء بالثمن األكبر يعتبر راضيا بالثمن األقل.
يكفي النعقاد عقد البيع أن يتم االتفاق على المبيع والثمن وطبيعة البيع ،أما بقية الشروط التي
بمكن أن تكون موضوع اتفاق البائع والمشتري ليس من الضرورة االتفاق عليها وقت إبرام عقد البيع،
فالبيع ينعقد على الرغم من سكوت الطرفين عن كثير من األمور.
إذا ترك المتعاقدان بعض األمور لمناقشتها بعد إبرام العقد ،ال يؤثر ذالك على انعقاد العقد لكن
إذا احتف ظ أح دهما بمس ألة معين ة لالتف اق عليه ا فيم ا بع د ،ف ان العق د ال ينعق د ح تى ول و ك انت مس ألة
خارجي ة ،والس بب في ذل ك يعود إلى أن المتعاقد احتفظ به ا ألنه قص د من ورائها أال يتم عقد ال بيع إال
بعد االتفاق عليها.
وإ ذا س كت الطرف ان عن تحدي د من يل تزم ب دفع مص روفات ال بيع ،فه ذه األخ يرة تق ع على ع اتق
المشتري ،عقد البيع ليس له شكل خاص ،فهو ليس عقد شكلي بل رضائي ،فمتى تم االتفاق على البيع
و الم بيع دون حاج ة إلى ورق ة رس مية وال عرفي ة ،إال ان ه ق د ينص الق انون في بعض الح االت
االستثنائية ،وعلى شكل معين ألنواع خاصة من البيوع.
تجرى على عقد البيع القواعد العامة في تفسير العقد أي أنه إذا كانت عباراته واضحة ،ال يجوز
البحث واالنحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين ،أما إذا كانت غير واضحة
وجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين ،ويستعين القاضي بطبيعة التعامل والعرف الجاري.
الفرع الثاني
شروط صحة التراضي
أوال :األهلية
تنص المادة 40من القانون المدني الجزائري" كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ،ولم
يحج ر علي ه يك ون كام ل األهلي ة لمباش رة حقوق ه المدني ة ،وس ن الرشد19س نة كامل ة ،وبالت الي فأهلي ة
التصرف المطلوبة في عقد البيع هي 19سنة كاملة سواء بالنسبة للبائع أو المشتري.
1
محمد حسين ،المرجع السابق ،ص31
28
ماهية عقد البيع الفصل األول
ولما كان البيع من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر ،فانه يجوز للشخص الذي لم يبلغ من
العمر 13س نة و19س نة أن يم ارس عقد البيع ،وإ نم ا في هذه الحال ة يكون ق ابال لإلبط ال ،إال في حال ة
إج ازة العق د من القاص ر بع د بل وغ س ن الرش د أو من الوص ي أو ال ولي أو من المحكم ة كم ا أج ازت
المادة 84من قانون األسرة" أن للقاضي أن يأذن لمن يبلغ سن التمييز في التصرف جزئيا أو كليا في
أموال ه بن اء على طلب من ل ه مص لحة ول ه الرج وع في اإلذن إذا تبث لدي ه م ا ي برر ذل ك" ،ف إذا أذن
للمميز التصرف من قبل القاضي بالتصرف الجزئي أو الكلي ألمواله ،فانه في حدود هذا اإلذن يعتبر
كامل األهلية ،وبالتالي تعتبر تصرفاته صحيحة كما لو صدرت من شخص بلغ سن الرشد ،والفقرة 2
من الم ادة 38من الق انون الم دني الجزائ ري ال تي تج يز الن اقص األهلي ة(من 13الى19س نة) مباش رة
األعم ال ال تي يعت بره الق انون أهال لمباش رتها كاألعم ال التجاري ة ،وفي ه ذه الحال ة تعت بر تص رفاته
صحيحة.
ثانيا :خلو اإلرادة من العيوب
عيوب الرضا في عقد البيع هي نفس عيوبه في أي عقد آخر ،فيعيب إرادة أي من البائع والمشتري
كأن تكون مشبوهة بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغالل ،فإذا شاب اإلرادة عيب من هذه العيوب كان
البيع قابال لإلبطال لمصلحة من شاب إرادته العيب.
فبالنسبة للتدليس حسب نص المادة 86من القانون المدني الجزائري واإلكراه حسب نص المادة(
)88التي نصت على إبطال العقد في هذه الحالة ،أما الغلط في عقد البيع يتصل بحق العلم بالمبيع وهو
ما يعرف ب" خيار الرؤية" ،وهو معروف في الفقه اإلسالمي ،أما عيب االستغالل فهو متعلق بالغبن
()1
في الثمن.
1
.المادة 88-86من االمر75و 58من القانون المدني الجزائري ،المرجع السابق
29