Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 74

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد لمين دباغين – سطيف ‪2‬‬

‫كلية العلوم اإلجتماعية واإلنسانية‬


‫قسم علوم اإلعالم واالتصال‬

‫من إعداد‪ :‬د‪ .‬رزاق لحسن‬

‫السنـة الجامعيـة‬
‫‪2017‬ـ ‪2018‬‬
‫أهداف مطبوعة فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬

‫تهدف هذه المطبوعة الموجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس إلى تحقيق مجموعة من األغراض‬
‫المترابطة فيما بينها بنيويا‪ ،‬حيث يمكن تسمية هذه األغراض وفق ثالثة مستويات على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬أهداف بيداغوجية‪.‬‬
‫‪ -2‬أهداف نظرية‪.‬‬
‫‪ -3‬أهداف عملية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األهداف البيداغوجية‪:‬‬

‫❖ تضمن هذه المطبوعة للطالب معرفة قاعدية بمادة فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‪ ،‬السيما وأنها‬
‫المقررة في برنامج التكوين‪.‬‬
‫تغطي مختلف المحاور ّ‬
‫ّ‬
‫❖ تسهل على الطالب تحقيق نظرة أقرب إلى الشاملة على مختلف المواضيع التي يهتم بها المقياس‪،‬‬
‫صات‬
‫تخص ّ‬
‫ّ‬ ‫وهي مواضيع يمكن أن تفيده في مقاييس أخرى‪ ،‬فضال عن تقاطعاتها مع مواضيع ضمن‬
‫علمية أخرى (على غرار األدب مثال)‪.‬‬
‫بالمضي قدما للتفكير في إشكاليات بحثية تفيده‬
‫ّ‬ ‫❖ تسمح المطبوعة من خالل معرفتها القاعدية للطالب‬
‫في اختتام مساره الدراسي‪ ،‬بل وبناء مسار علمي أكثر تخصصية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األهداف النظرية‪:‬‬

‫الزاد النظري الذي يحظى به البحث في مجال فنيات التحرير‪ ،‬وهو زاد‬
‫❖ تمكين الطالب من اكتشاف ّ‬
‫متنام تبعا للممارسة الميدانية الصحفية‪.‬‬
‫❖ األخذ بيد الطالب نحو ساحة الفهم الموضوعي لمنطلقات العمل الصحفي‪ ،‬وهو رهان إبستيمولوجي‬
‫بالدرجة األولى‪.‬‬
‫الرهان اإلبستيمولوجي المشار إليه قبل اآلن‪ ،‬وهو ما‬
‫❖ صقل الذائقة النقدية لدى الطالب بما يتماشى و ّ‬
‫من شأنه‪ -‬في النهاية‪ -‬تسهيل تحقيق الهدف العملي للمقياس‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األهداف العملية‪:‬‬

‫❖ اكتساب الطالب لمهارة الكتابة بلغة إعالمية‪.‬‬


‫❖ اكتساب الطالب لمهارة كتابة خبر صحفي سليم تحريريا‪.‬‬
‫❖ إمكانية متقدمة للفرز الموضوعي (الميداني) بين األنواع الصحفية‪ ،‬بمستوى إبداعي يم ّكن الطالب من‬
‫إعادة إنتاجها على نحو أفضل‪.‬‬
‫رد هذه‬
‫❖ تحليل الممارسات الصحفية على اختالف ساحاتها‪ ،‬طالما أن الطالب بات في مكنته ّ‬
‫الممارسات (مقاربتها) إلى أصولها المنطقية‪.‬‬
‫فهـرس المحتويــات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫مقدمة عامة‪..............................................................‬أ‪ -‬ب‬

‫المحاضرة ‪ :1‬اللغــة اإلعالميــة‬

‫‪ −‬تعريف اللغة اإلعالمية‪02.................................................. :‬‬


‫‪ −‬خصائص اللغة اإلعالمية‪03.................................................‬‬
‫‪ −‬االستحداث اللغوي ‪05.......................................................‬‬

‫المحاضرة ‪ :2‬األنــواع الصحفيــة‬

‫‪ −‬التحرير الصحفي‪08.........................................................‬‬
‫‪ −‬األنواع الصحفية كأشكال تحريرية‪11........................................‬‬
‫‪ −‬تصنيف األنواع الصحفية‪13 ................................................‬‬

‫المحاضرة ‪ :3‬الخبــر الصحفــي‬

‫‪ −‬تعريف الخبر الصحفي‪16....................................................‬‬


‫‪ −‬خصائص الخبر الصحفي‪20.................................................‬‬
‫‪ −‬أنواع األخبار‪21.............................................................‬‬

‫المحاضرة ‪ :4‬طرق الحصول على األخبار‬

‫‪ −‬تعريف المصدر اإلخباري والمعلومات اإلعالمية‪27..........................‬‬


‫‪ −‬تصنيف المصادر اإلخبارية‪28...............................................‬‬
‫المحاضرة ‪ :5‬تقنيات الكتابة الصحافية‬

‫‪ −‬طرق الصياغة اإلخبارية‪35.................................................‬‬


‫‪ −‬قوالب الصياغة اإلخبارية‪36.................................................‬‬

‫المقدمات اإلخبارية‬
‫المحاضرة ‪ :6‬العناوين و ّ‬
‫‪ −‬العنوان في الخبر الصحفي‪44...............................................‬‬
‫‪ −‬المقدمة في الخبر الصحفي‪50...............................................‬‬

‫المحاضرة ‪ :7‬القيـم اإلخباريــة‬

‫‪ −‬تعريف القيم اإلخبارية‪54....................................................‬‬


‫‪ −‬تصنيف القيم اإلخبارية‪55...................................................‬‬
‫‪ −‬أهمية دراسة القيم اإلخبارية‪61.............................................‬‬
‫قائمة المراجع‪63 ..............................................................‬‬
‫فهـرس األشكــال‬

‫الصفحة‬ ‫رقم الشكل وموضوعه‬

‫الشكل رقم ‪ : 1‬قالب الهرم المقلوب للخبر الصحفي‪37........................‬‬

‫المتدرج للخبر الصحفي‪39...............‬‬


‫ّ‬ ‫الشكل رقم ‪ : 2‬قالب الهرم المقلوب‬

‫الشكل رقم ‪ : 3‬قالب الهرم المعتدل للخبر الصحفي‪41.........................‬‬


‫مقدمة عامة‪:‬‬

‫مقدمة عامة‪:‬‬

‫مر العصور نشاطا عاديا (قديما) يدعم اإلحساس بالنظام‬


‫لقد كان تناقل األخبار وعلى ّ‬
‫االجتماعي المشترك‪ ،‬وذلك رغم الحداثة النسبية لمصطلح أخبار‪ ،‬حيث يرجع االستخدام‬
‫المعاصر للكلمة إلى القرن ‪ 15‬م‪ ،‬وقد ارتبط هذا النشاط المذكور منذ البدايات أيضا بنشوء‬
‫الكتابة وصناعة الورق‪ ،‬لكن المرحلة الحاسمة في تبلور نشاط تناقل األخبار كانت مع ظهور‬
‫الطباعة في النصف األول من القرن ‪15‬م في ألمانيا‪ ،‬بما اعتبر بمثابة ثورة اتصالية‪ ،‬أتت‪-‬‬
‫سمي بعدها بالحداثة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحديدا‪ -‬في سياق نمو حضاري غربي‬

‫لقد كانت الصحافة إذن إحدى ثمرات الحداثة الغربية وأدواتها‪ ،‬وفي اآلن نفسه إحدى‬
‫أدوات إعادة إنتاجها‪ ،‬من خالل ُبعديها الوسيلي والمؤسساتي‪ ،‬فقد ازدهرت الصحف كوسائل‬
‫تطورها الملفت خالل القرن ‪19‬م‪ ،‬وتوازيا مع‬
‫ورقية لتناقل األخبار في القارة األوروبية‪ ،‬وعرفت ّ‬
‫مؤسساتية لهيئات بعينها اضطلعت بمهمة نقل األخبار كنشاط عمومي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ذلك توطدت دعائم‬
‫وعلى إثر هذا تبلورت مهنة (صنعة) الصحافة‪ ،‬وهو ما أفضى في النهاية إلى ضرورة التكوين‬
‫األكاديمي والمهني في هذا المجال‪ ،‬حسبما تمليه دوما مقتضيات الزمان والمكان للسيرورة‬
‫الحضارية العالمية‪.‬‬

‫لقد كان التطور الملفت الذي عرفته الصحافة خالل القرن ‪19‬م متساوقا مع اكتشاف‬
‫التلغراف‪ ،‬وهو ما أثر‪-‬حقيقة‪ -‬في االستخدام اللغوي ضمن العملية الصحفية‪ ،‬ناهيك عن مناخ‬
‫الحريات المتنا م في أوروبا وتدافع المشاريع الصحفية التي برزت في الميدان‪ ،‬ثم تلتها ظروف‬
‫حتم‬
‫مما ّ‬ ‫الحربين العالميين‪ ،‬كلّها عوامل سرّعت وتيرة العمل الصحفي وزادت في الحاجة إليه‪ّ ،‬‬
‫مادة للتدريس في معاهد تكوينية‪ ،‬وقد ارتأينا‬
‫وخاصة في الكتابة‪ ،‬باتت ّ‬
‫ّ‬ ‫اللجوء إلى أساليب محددة‬
‫في هذه المطبوعة تناول األساليب المذكورة من خالل مجموعة من المحاضرات‪ ،‬تراعي السياق‬
‫المنطقي لظهور الصحافة بتمظهرها المعاصر‪ ،‬كما وتراعي في ذات اآلن مضمون السياق الذي‬
‫جاءت فيه الحاجة إلى تدريس تقنيات حرفة الصحافة‪ ،‬وهذه التقنيات تشمل بشكل خاص فنيات‬
‫التحرير في الصحافة المكتوبة‪ ،‬فكان األجدر أن نبدأ في أول محاضرة بتناول اللغة اإلعالمية‪،‬‬

‫‌أ‬
‫مقدمة عامة‪:‬‬

‫من حيث هي مستوى لغوي خاص تستعمله حص ار المؤسسات الصحفية‪ ،‬فعرفناه وفق هذا‬
‫وقدمنا خصائصه‪ ،‬ثم أشرنا في األخير إلى عامل االستحداث اللغوي‪ ،‬الذي يجعل لغة‬
‫التوصيف ّ‬
‫تتكيف زمنيا مع مستوى الوعي البشري‪ .‬أما المحاضرة الثانية فكانت بعنوان األنواع‬
‫الصحافة ّ‬
‫الصحفي‪،‬‬
‫عرفنا مبدئيا التحرير ّ‬
‫الصحفية‪ ،‬وهي في الحقيقة من مشموالت اللغة اإلعالمية‪ ،‬بحيث ّ‬
‫قدمنا األنواع الصحفية كأشكال تحريرية يغطي من خاللها‬
‫ذي المستوى اللّغوي الخاص‪ ،‬ثم ّ‬
‫الصحفي الواقع‪ ،‬باستخدام لغة يفهمها ج ّل الناس (الجمهور)‪ ،‬ثم عمدنا إلى تصنيف هذه األنواع‬
‫ّ‬
‫الصحفي إليها في الواقع‪ .‬وفي المحاضرة الثالثة عمدنا إلى تقديم أبرز األنواع‬
‫ّ‬ ‫على وفق حاجة‬
‫الصحفي‪ ،‬الذي يعتبر منبت األنواع األخرى وباعث وجودها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أخصها‪ ،‬وهو الخبر‬
‫الصحفية و ّ‬
‫ثم بعد هذا قمنا من خالل‬
‫فقمنا بتعريفه‪ ،‬وتحديد خصائصه وأنواعه على وفق تصنيفاتها‪ّ .‬‬
‫المحاضرة الرابعة بتقديم طرق الحصول على األخبار‪ ،‬عبر تعريف المصدر اإلخباري الذي‬
‫عززنا تعريف المصدر‬
‫يستند على النشاط الصحفي كنشاط لجلب وجمع المعلومات‪ ،‬واثر ذلك ّ‬
‫صنفنا أنواعها على وفق‬
‫بتعريف المعلومة اإلعالمية‪ ،‬وكان آخر تناولنا للمصادر اإلخبارية أن ّ‬
‫ما هو متعارف عليه إعالميا‪ .‬وكان مضمون المحاضرة الخامسة بعنوان تقنيات الكتابة‬
‫تصب فيها‬
‫ّ‬ ‫الصحفية‪ ،‬حيث تم التطّرق إلى أبرز طرق صياغة األخبار الصحفية‪ ،‬والقوالب التي‬
‫تلكم الصياغات‪ ،‬وذلك ارتباطا مع ما أملته التجارب اإلعالمية‪ .‬وبعد هذا تناولنا في سادس‬
‫المقدمات اإلخبارية‪ ،‬وهي ما يش ّكل بنية الخبر الصحفي‪ ،‬حيث تم التطرق‬
‫محاضرة العناوين و ّ‬
‫المقدمة‬
‫ّ‬ ‫إلى العنوان في الخبر الصحفي عبر تعريفه وشروط كتابته وأنواعه‪ ،‬واألمر ذاته مع‬
‫اإلخبارية‪ .‬وكانت خاتمة المحاضرات في المطبوعة حول القيم اإلخبارية‪ ،‬التي قمنا بتعريفها‬
‫وتقديم أبرزها حسب أشهر التصنيفات‪ ،‬ووضحنا في األخير أهمية دراسة هذه القيم في تحليل‬
‫الممارسة الصحفية‪.‬‬

‫‌ب‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المحاضرة األولى‪:‬‬
‫اللغــة اإلعالميـة‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫يتأسس مفهوم اإلعالم على مؤشرين أساسيين وهما اإلخراج في سبيل اإلطالع (‪ ،)1‬وفي‬
‫ذلك داللة صريحة على أهمية اللغة ومفصليتها في النشاط اإلعالمي‪ ،‬بالتضافر مع عديد‬
‫العناصر التي لها أوزان متفاوتة من األهمية‪ ،‬بحيث عن طريقها تتبلور الرسالة اإلعالمية التي‬
‫من المفترض أال تتجاوز حدود التعبير عن الواقع‪.‬‬

‫إن التعبير عن الواقع هو مجمع الوظائف التي عادة ما تؤديها وسائل اإلعالم في‬
‫تحديد ما حتّم أن يكون لهذه الوسائل مستوى لغويا بعينه تخاطب به الجماهير‪،‬‬
‫ً‬ ‫المجتمعات‪ ،‬وهو‬
‫وهذا المستوى هو ما اصطلح على تسميته باللغة اإلعالمية‪.‬‬

‫تطور عالم الصحافة بامتداداته الوسيلية‬


‫لقد تشكلت معالم اللغة اإلعالمية تاريخيا مع ّ‬
‫والمؤسساتية‪ ،‬حيث كان الغرب األوربي هو محضن النشأة األولى للصحافة في شكلها المعاصر‪،‬‬
‫ثم كان دخولها إلى العالم العربي من البوابة المصرية خالل حملة نابليون نهاية القرن ‪18‬م‪،‬‬
‫وصعوداً بعد هذه األحداث تحديداً‪ ،‬بات في اإلمكان الحديث عن تمايز تمت مالحظته بين‬
‫مستويات من االستخدام للغة‪ ،‬ولعل أبرز تمايز يمكن تقديمه هو ذاك الذي حصل بين األدب‬
‫والصحافة‪ ،‬بعد أن كان هناك شبه تماه بين األديب والصحفي‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف اللغة اإلعالمية‪:‬‬

‫تقع اللغة اإلعالمية من حيث هي مستوى معين الستخدام اللغة بين عدة مستويات لغوية‪،‬‬
‫نجملها في اآلتي‪:‬‬

‫❖ المستوى العامي‪.‬‬
‫❖ المستوى العلمي‪ -‬الفلسفي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫❖ المستوى األدبي‪.‬‬
‫❖ المستوى اإلعالمي‪.‬‬

‫إن التحكم أكثر في فهم هذه المستويات جميعها‪ ،‬البد مبدئيا أن يمر عبر فهم وادراك‬
‫حد ذاتها‪ ،‬فهي "مدونة بين المفردات واإلشارات والرموز والصور توفر عملية‬
‫طبيعة اللغة في ّ‬
‫االتصال والتعبير لمختلف المخلوقات"(‪ .)2‬وبناء على ذلك فاللغة العامية هي تلك " التي يتداولها‬
‫الناس مع بعضهم البعض في مختلف مجاالت حياتهم اليومية‪ ،‬واللغة العلمية هي التي تختص‬
‫بمجال من مجاالت الكتابة العلمية مثل الطب والهندسة‪ ،‬أما األدبية فهي اللغة التي تختص‬
‫بمجال اإلبداع األدبي من قصة وشعر ورواية وخاطرة ودراما وغيرها"(‪ .)3‬وينشأ ‪ -‬في المحصلة‪-‬‬
‫الطابع اإلعالمي للغة من تمازج المستويات الثالث السابق ذكرها‪ ،‬انطالقا من كون لغة اإلعالم‬
‫هي لغة الواقع‪ ،‬بمعنى أنها أيسر استخدام للغة‪ ،‬يمكن من خالله التعبير عن الواقع‪ ،‬بحيث‬
‫يستوعب ذلك أكبر عدد من الناس‪،‬هؤالء الذين نصطلح على تسميتهم في السيرورة اإلعالمية‬
‫بالجمهور‪ ،‬وعلى هذا األساس يتحدد تعريف اللغة اإلعالمية وفق اآلتي‪:‬‬

‫األسلوب التعبيري الذي يتموضع عبر استخدام كلمات وجمل ومصطلحات لها قابلية‬
‫االستيعاب من طرف عامة الناس‪ ،‬ضمن طرق صياغة وقوالب محددة مرتبطة بمهنة الصحافة‬
‫على اختالف أشكالها‪.‬‬

‫‪ -2‬خصائص اللغة اإلعالمية‪:‬‬

‫تتميز اللغة اإلعالمية بمجموعة من الخصائص أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬السهولة ‪ :‬تعتبر هذه الخاصية من أهم ما يفترض أنه يميز األسلوب اإلعالمي‪ ،‬حيث‬
‫تتأسس على النظر إلى اللغة اإلعالمية كقاسم مشترك من حيث الفهم واالستيعاب بين‬
‫مختلف شرائح المجتمع‪ ،‬وتتم ترجمة هذه الخاصية عبر جملة من المؤشرات لعل أبرزها‪:‬‬

‫❖ الحرص على استعمال األلفاظ المألوفة وتجنب غريبها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫❖ الحرص على استعمال األفعال المجردة وتفضيلها على المزيدة أو المبالغ في اشتقاقها‬
‫على صورة من الصور‪.‬‬

‫❖ اصطناع األلفاظ والتراكيب التي يألفها الجمهور‪ ،‬أو التي تشعره بشيء من اإليناس"(‪.)4‬‬

‫‪ -2‬التركيز‪ :‬ال تقل هذه الخاصية أهمية عن سابقتها‪ ،‬حيث ينصح في الغالب ضمن العملية‬
‫اإلعالمية بأكبر قدر ممكن من المعلومات في أقل قدر من الكلمات‪ ،‬ولذلك ينبغي دوما‬
‫االقتصاد في اللغة واالتجاه مباشرة إلى صلب الموضوع‪ ،‬ويمكن االستعانة على ذلك‬
‫باستخدام الجمل والفقرات القصيرة بدال من الطويلة التي يجب تجنبها‪.‬‬

‫ثم‬
‫‪ -3‬الوضوح ‪ :‬وهو نقيض الغموض‪ ،‬إذ أن المفترض في اإلعالم أن ُيعبر عن الواقع‪ ،‬ومن ّ‬
‫يصح أن يتعدد معنى المضمون اإلعالمي ألنه أصال يعبر عن واقع واحد‪ ،‬وفي حدود‬
‫ّ‬ ‫فال‬
‫هذه الخاصية ينصح بتجنب استخدام الفعل المبني للمجهول‪.‬‬

‫‪ -4‬التشويق ‪ :‬تكتسي خاصية التشويق أهمية خاصة في األسلوب التعبيري اإلعالمي‪ ،‬فهي‬
‫السمات الخاصة جداً بالعمل اإلعالمي عموماً‪ ،‬على غرار السمتين‬
‫مرتبطة مباشرة ببعض ّ‬
‫الدرامية والجمالية‪ ،‬اللذان تسمان أي عمل فني‪ ،‬ومن ثم يترتب على الصحفي الربط بين‬
‫الفقرات في النص اإلعالمي بما يستفز به فضول القارئ‪ ،‬فضال عن الصور التي تساهم في‬
‫استدرار مخيلته حتى انتهاء المادة اإلعالمية‪.‬‬

‫( ‪)5‬‬
‫وتكريسها في النص اإلعالمي يجعل من اللغة اإلعالمية مختلفة‬ ‫إن هذه الخصائص‬
‫تماما عن الكتابة بأسلوب أدبي‪ ،‬الذي عادة ما يعتريه اإلغراق في الخيال عبر التشبيهات‬
‫المتنوعة‪ ،‬التي فضال عن ابتعادها الواسع عن الواقع تفتح المجال أمام التأويل‪.‬‬

‫يمكن استيعاب طبيعة اللغة اإلعالمية (العصرية) ذات الخصائص المذكورة‪ ،‬من خالل‬
‫التفريق‪-‬مثال‪ -‬بين النثر الذي كان مضمون الصحافة العربية في بداياتها‪ ،‬وكان أدبيا بامتياز‪،‬‬
‫وبين النثر الحديث للصحف العربية والذي هو عملي بامتياز‪.‬‬

‫المثال‪ /1‬ورد في العدد الرابع من صحيفة الوقائع المصرية سنة ‪ 1865‬الخبر اآلتي‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫إن أناسا من اللئام‪ ،‬سفلة األنام‪ ،‬ارتضوا بالخزي وارتكاب اآلثام‪ ،‬فاستبدلوا اإلشتغال‬
‫بأنواع الكسب الحالل باالشتغال بالحرام والعار‪ ،‬والدوران في القرى واألمصار‪ ،‬وكلما صادفوا‬
‫أناسا على فطرتهم وحسن نياتهم‪ ،‬تحيلوا على اصطيادهم بتحيالتهم‪ ،‬وعملوا طرق الخديعة‬
‫والختل في سلب أموالهم بعد سلب عقولهم‪.)6( ..‬‬

‫المثال‪ /2‬خبر من صحيفة الخبر الجزائرية(‪.)7‬‬

‫أعلنت و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬فتح باب إنشاء مؤسسات خاصة للتكوين‬
‫العالي‪ ،‬وقد دعت الراغبين في ذلك إلى إيداع طلبات الحصول على الرخصة إلى التقرب من‬
‫مصالحها المعنية لسحب دفتر الشروط‪.‬‬

‫‪ -3‬االستحداث اللغوي الصحفي‪:‬‬

‫تنشأ ضمن النسق اللغوي اإلعالمي وفي إطار ظروف نفسية – اجتماعية بعينها كلمات‬
‫(‪.)8‬‬
‫مستحدثة " تعد ملتقى طرق بين علم المعاجم وتحليل الخطاب‬

‫إن الكلمات المستحدثة في الخطاب الصحفي تعبر في الواقع عن استم اررية إنتاج المستوى‬
‫اللغوي اإلعالمي لنفسه ولو جزئيا‪ ،‬وذلك وفق ضوابط بسيكو‪ -‬سوسيو ثقافية‪ ،‬انطالقا من كون‬
‫اللغة أساسا نشاط اجتماعي يستمد وجوده من قدرة اإلنسان على الكالم والتدوين‪ ،‬حيث يفضي‬
‫جميع ذلك إلى إثراء العالم الثقافي لإلنسان‪ ،‬وتبعا لذلك تتولد الكلمات المستحدثة على مستوى‬
‫البنى الموضعية للنص الصحفي‪ ،‬ويتم استيعابها من طرف القارئ (المتلقي) عبر آلية االتساق‬
‫واالنسجام داخل ذات النص‪ ،‬وكذا من خالل ما يسمى بالبنى الكبرى أو العامة والبنى الفوقية(‪.)9‬‬

‫‪5‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المراجع والهوامش‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ – )1‬جبارة عطية جبارة‪ ،‬علم اجتماع اإلعالم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوفاء لدنيا النشر والطباعة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2002 ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ – )2‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬الخبر في الصحافة واإلذاعة والتلفزيون واألنترنت‪ ،‬دار هومة ‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ – )3‬محمد لعقاب‪ ،‬الصحفي الناجح‪ ،‬ط‪ ،3‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ – )4‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬مرجع سبق ذكره (بتصرف بسيط)‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ – )5‬تم إدراج هذه الخصائص وفق الترتيب الذي أورده محمد لعقاب في كتابه الصحفي الناجح‬
‫(سبقت اإلشارة إليه)‪ ،‬وهي عموما تتالقى مع مجمل ما تذكره المراجع المتنوعة في فنيات‬
‫التحرير الصحفي بإزاء خصائص اللغة اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ - )6‬عمر الدسوقي‪ ،‬نشأة النشر الحديث وتطوره‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ، 2007 ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ - )7‬صحيفة الخبر‪ ،‬عدد‪ /26 :‬جمادى الثانية‪ 1438 /‬هـ ‪2017/03/25 -‬م‪.‬‬
‫‪ –)8‬حسين إلياس حديد‪ ،‬االستحداث الصحفي‪ :‬تحليل الكلمات المستحدثة في الصحافة‪.‬‬
‫‪http://www.alnour.se/article.asp?jol=177721‬‬
‫أطلع عليه بتاريخ‪.2014/10/16 :‬‬
‫‪ –)9‬صفاء جبارة‪ ،‬الخطاب اإلعالمي بين النظرية والتحليل‪ ،‬ط‪ ،1‬دار أسامة‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪.451‬‬

‫‪6‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المحاضرة الثانية‪:‬‬
‫األنـواع الصحفيـة‬
‫تمهيد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يأخذ استخدام المستوى اللغوي الصحفي عدة اتجاهات‪ ،‬حيث نصطلح على تسمية هذه‬
‫االتجاهات اإلستخدامية باألنواع الصحفية‪.‬‬

‫التنوع الذي لم يجد‬


‫إن األنواع الصحفية إذن تعبر عن تنوع في الكتابة الصحفية‪ ،‬وهو ّ‬
‫بعض المختصين سببا لتفسيره سوى تشبيه الكتابة الصحفية بالطبخ‪ ،‬حيث يقولون‪ :‬الصحافة‬
‫تشبه نوعا ما الطبخ‪ ،‬فيجب تنويع أطباق الطبخ إلقامة األكل(‪ .)1‬لكن هذا التفسير رغم بداهته قد‬
‫ال يكون مقنعا‪ ،‬ما لم نبحث في الظروف التاريخية التي أسفرت عن ظهور تدريجي ألنواع أو‬
‫حد ذاتها نتيجة لحوادث تاريخية‬
‫أجناس صحفية بعينها‪ ،‬تماما مثلما ظهرت اللغة اإلعالمية في ّ‬
‫مفاجئة أو متوقعة‪.‬‬

‫وفي الغالب األعم فإن تسارع األحداث بعد نشوء الصحافة حتّم على أال يكتف القارئ‬
‫حد ذاتها‪،‬‬
‫تطور الممارسة الصحفية في ّ‬
‫العادي بمجرد األنباء العامة‪ ،‬يضاف إلى ذلك ّ‬
‫وارتباطاتها الثقافية واالجتماعية‪ ،‬وتبعا لذلك ظهور المدارس التي اضطلعت بالتكوين والتدريب‬
‫في مجال الصحافة‪ ،‬مما أفرز لنا في النهاية جدلية العلم والفن في العمل الصحفي عموما‬
‫والكتابي‪ -‬اللغوي منه خصوصا‪ .‬ولعل حل هذه الجدلية يكمن في االعتراف بالصبغة الفنية‬
‫لمجهود الكتابة الصحفية‪ ،‬وفي اآلن ذاته حقيقتها العلمية التي تجد مؤشراتها في االلتزام بعديد‬
‫القواعد واألطر متفاوتة الصرامة واإلحكام‪ .‬لكن هذا ال يجب أن يكون مدعاة لتجنب إثارة مشكلة‬
‫فرعية أخرى‪ ،‬وهي المتمثلة في الفرق بين الكتابة الصحفية والتحرير الصحفي‪ ،‬وسيكون من‬
‫المفيد منهجيا في هذه الحالة أن نتناول مفهوم التحرير الصحفي‪ ،‬كمدخل حيوي الستيعاب‬
‫األنواع الصحفية من حيث األهمية والمفهومية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -1‬التحرير الصحفي‪:‬‬

‫يرتبط مفهوم الكتابة الصحفية بمفهوم التحرير الصحفي من حيث الجوهر‪ ،‬إال أن الراجح‬
‫أنهما يختلفان من حيث المظهر‪ ،‬السيما إذا راجعنا الترجمة الحرفية لمصطلحي كتابة وتحرير‬
‫في اللغة األجنبية‪ ،‬التي تحيلنا مباشرة إلى التجربة الغربية في ميدان الصحافة والتي تعتبر‬
‫األصل من جهة انتقالها مع نهاية القرن ‪18‬م إلى العالم العربي‪.‬‬

‫إن البحث عن الكلمة اإلنجليزية التي تستخدم لإلشارة إلى الكتابة الصحفية يوصلنا إلى‬
‫كلمة ‪ ،)2(Writing‬وترجمتها العربية كما جاء في جميع القواميس‪ :‬كتابة‪ ،‬تأليف‪ ،‬صناعة الكتابة‬
‫أو التأليف‪ ،‬أما كلمة تحرير فهي ترجمة للكلمة اإلنجليزية ‪ Edit‬ومعناها يعد كتابات اآلخرين‬
‫للنشر‪ ،‬والمحرر‪ Editor‬وهو يعد كتابات اآلخرين للنشر‪ ،‬وهي تطلق أيضا على رئيس التحرير‬
‫في الصحيفة(‪.)3‬‬

‫وهكذا يتضح أن التحرير الصحفي أشمل من الكتابة الصحفية‪ ،‬وأنه مستوى متقدم من‬
‫حيث المجهود الفني على الكتابة الصحفية‪ ،‬وهما كمرحلتين (أي التحرير والكتابة) تشتركان في‬
‫عامل مهم للغاية وهو اللغة‪ ،‬التي تحتل مكانة هامة جداً في نظرية التحرير(‪ ،)4‬وهذه األخيرة تهتم‬
‫بشكل أساسي باإلجابة عن سؤالين هامين وهما‪ :‬ماذا نكتب؟ وكيف نكتب؟‬

‫وبناء عليه يتم تعريف التحرير الصحفي بأنه‪:‬‬

‫"فن تحويل األحداث واألفكار والخبرات والقضايا اإلنسانية ومظاهر الكون والحياة إلى مادة‬
‫صحفية مطبوعة ومفهومة‪ ،‬سواء عند صاحب الثقافة العالية والذكاء الخارق‪ ،‬أو صاحب الثقافة‬
‫المتوسطة والذكاء العادي‪ ،‬وكذا عند رجل الشارع الذي يق أر ليفهم ويعرف‪ ،‬فاألساس في فن‬
‫التحرير الصحفي هو اإلفهام أوال‪ ،‬والتعرف بما يجري من حول القارئ في أرجاء الكرة األرضية‬
‫ثانيا‪ ،‬وهو جذب القارئ وتشويقه للقراءة ثالثا‪ ،‬ثم التأثير واإلقناع واإلرشاد والتوجيه معا"(‪.)5‬‬

‫‪8‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫إن هذا التعريف من الناحية المنهجية يدعونا على نحو مبدئي إلى التعرف على المادة‬
‫عما‬
‫األولية(الخام) للتحرير الصحفي‪ ،‬وهي عموما المادة الصحفية التي من المفترض أنها تنبثق ّ‬
‫يسمى بالفكرة الصحفية‪.‬‬

‫‪ -1-1‬الفكرة الصحفية‪.‬‬

‫إن الفكرة الصحفية هي أساس العمل التحريري الصحفي اليومي‪ ،‬وتظهر مدى قدرة‬
‫المحرر الصحفي اإلبداعية‪ ،‬إضافة إلى مدى متابعته لألحداث‪ ،‬ولكي نفهم طبيعة الفكرة‬
‫الصحفية البد وأن نعرف المادة الخام األساسية التي تعالجها الصحافة يوميا(‪.)6‬‬

‫تتجلى هذه المادة الخام األساسية في اآلتي‪:‬‬

‫❖ األحداث‪.‬‬
‫❖ األفكار‪.‬‬
‫❖ القضايا أو اإلشكاليات (الجدل)‪.‬‬
‫❖ المشكالت‪.‬‬
‫❖ اآلراء‪.‬‬
‫❖ الشخصيات المعروفة‪.‬‬

‫ويتضح من هذه التفيئة للمادة الخام الصحفية أن " الفكرة الصحفية عادة تندرج تحت فئتين‬
‫رئيسيتين هما‪:‬‬

‫❖ الفئة األولى‪ :‬فكرة ذات طابع إخباري ترتبط بحدث يتوقع حدوثه أو حدث وقع وله نتائج‬
‫البد من متابعتها‪ ،‬أو حدث مفاجئ‪.‬‬
‫❖ الفئة الثانية‪ :‬فكرة ذات طابع غير إخباري‪ ،‬ترتبط بفكرة أو رؤية جديدة أو قضية‬
‫خالفية‪ ،‬أو مشكلة مجتمعية أو فردية‪ ،‬أو تعليق أو رأي جديد(‪.)7‬‬

‫‪9‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫إن الفكرة الصحفية إذن هي مدار العمل التحريري الصحفي‪ ،‬وليس له بأي حال أن يخرج‬
‫عن هذا المدار‪ ،‬إال أن المطلوب هو التقيد بجملة من النواظم التي تضبط المسار ضمن المدار‬
‫المذكور‪ ،‬وهي تحديداً متطلبات الفن التحريري الصحفي‪.‬‬

‫‪ -2-1‬المتطلبات األساسية لفن التحرير الصحفي ‪.‬‬

‫يمكن إيجاز المتطلبات األساسية لفن التحرير الصحفي في أربعة عناصر متمثلة في‪:‬‬

‫❖ السياسة التحريرية‪.‬‬
‫❖ فهم سمات الجمهور أو القراء‪.‬‬
‫❖ األسلوب الصحفي المقروء‪.‬‬
‫❖ النظام الكفء والفعال للمعلومات الصحفية(‪.)8‬‬

‫أوال‪ :‬السياسة التحريرية‪.‬‬

‫يقدم بها‬
‫تتعرف بأنها مجموعة المبادئ والقواعد التي تتحكم في األسلوب أو الطريقة التي ّ‬
‫المضمون الصحفي‪ ،‬وتكون في الغالب غير مكتوبة‪ ،‬بل مفهومة ضمنا من جانب أفراد الجهاز‬
‫التحريري‪ ،‬وتظهر في سلوكهم وممارستهم للعمل الصحفي اليومي‪ ،‬وهي تخضع لقدر من المرونة‬
‫تختلف درجته من صحيفة ألخرى‪ ،‬ومن موقف آلخر‪ ،‬ومن فترة ألخرى داخل الصحيفة نفسها(‪.)9‬‬

‫إن السياسة التحريرية في النهاية تحدد طبيعة المعالجة الصحفية للفكرة الصحفية شكال‬
‫ومضمونا‪ ،‬كما ويمكن التعبير عنها بمسمى آخر وهو الخط االفتتاحي أو السياسي للمؤسسة‬
‫الصحفية‪ ،‬الذي يتأثر بدوره بمجموعة من الظروف المختلفة المحيطة بالعمل الصحفي‪ ،‬والتي في‬
‫مستطاعنا وسمها ببيئة االتصال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فهم سمات الجمهور أو القراء‪.‬‬

‫إن منتهى العملية التحريرية هو محاولة لربط االتصال مع طرف ِ‬


‫ثان يسمى اصطالحا‬
‫ثم فالعملية غائية أساسا‪ ،‬مما يترتب عليها أن تأخذ في حسبانها سمات من‬
‫بالجمهور‪ ،‬ومن ّ‬

‫‪10‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫تكتب لهم‪ ،‬حتى يتحقق الهدف من االتصال‪ ،‬وهو ما يقتضي تكييفا متجدداً لألسلوب التعبيري‬
‫ضمن المستوى اللغوي اإلعالمي‪ ،‬وهذا ينقلنا مباشرة إلى العنصر الموالي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األسلوب الصحفي المقروء‪.‬‬

‫تتكفل العديد من البحوث الميدانية في ميدان علوم اإلعالم واالتصال والصحافة تحديدا‪،‬‬
‫بقياس مدى مقروئية بعض النصوص الصحفية لبعض المؤسسات الصحفية‪ ،‬وهو ما يدفع إلى‬
‫تكييف مستوى الكتابة والتحرير مع مستوى القراء لتحقيق الهدف المنشود‪ ،‬الذي يعتبر هو‬
‫المقصود األساسي من تحقيق أعلى درجة من الوضوح التحريري‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬النظام الكفء والفعال للمعلومات الصحفية‪.‬‬

‫تعتبر المعلومة عصب العملية االتصالية عموما‪ ،‬وتبعا لذلك فإن الوصول إليها ونشرها‬
‫هو الرهان األبرز في عالم الصحافة‪ ،‬مما يترتب عنه ضرورة بناء نظام الستجالب المعلومة‬
‫التي تأخذ بدورها أشكاال عديدة وفق تصنيفات متعددة‪ ،‬إال أن أبرز تصنيف يمكن اعتماده مبدئيا‬
‫هو ما يفرق بين المعلومة في شكلها اآلني والسريع حسبما تقتضيه األحداث وتداعياتها‪ ،‬وفي‬
‫شكلها الماضي أو المؤرشف الذي يقتضي بحثا صحفيا (توثيقا) من داخل الصحيفة وخارجها‪.‬‬

‫‪ -2‬األنواع الصحفية كأشكال تحريرية‪.‬‬

‫إن األنواع الصحفية هي‪ -‬في الواقع‪ -‬الفروع التطبيقية لنظرية التحرير العامة(‪،)10‬‬
‫ونعتبرها مرحلة متقدمة من تطور العمل التحريري الصحفي على مر الزمان‪ ،‬حتى أصبح فن‬
‫التحرير الصحفي يعني بداهة االنطالق في معالجة األفكار الصحفية وفق مستويات لغوية فرعية‬
‫ضمن النسق العام للغة الصحافة‪ ،‬بما يفضي إلى تشكيل ما اصطلح على تسميته باألنواع أو‬
‫األجناس الصحفية التي يمكن تعريفها وفق اآلتي‪:‬‬

‫"أشكال أو صيغ تعبيرية‪ ،‬لها بنية داخلية متماسكة‪ ،‬وتتميز بطابع الثبات واالستم اررية‪،‬‬
‫وتعكس الواقع بشكل مباشر وواضح وسهل‪ ،‬وتسعى إلى تقديم وتحليل وتفسير األحداث والظواهر‬

‫‪11‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫والتطورات‪ ،‬مستهدفة بذلك إيصال رسالة محددة للقارئ‪ ،‬لتخاطب بها ذهنه ومشاعره قصد ترسيخ‬
‫قناعة م حددة لديه‪ ،‬ومن ثم تمكينه من الفهم على ضوء تلك القناعة‪ ،‬وبالتالي دفعه ألن يسلك‬
‫سلوكا في المجتمع يتوافق مع هذه القناعة"(‪.)11‬‬

‫إن أبرز األنواع الصحفية التي يشملها هذا التعريف هي‪:‬‬

‫❖ الخبر‪.‬‬
‫❖ التقرير‪.‬‬
‫❖ المقال االفتتاحي‪.‬‬
‫❖ التعليق‪.‬‬
‫❖ التحقيق‪.‬‬
‫❖ الروبورتاج‪.‬‬
‫❖ العمود الصحفي‪.‬‬
‫❖ الحديث الصحفي‪.‬‬

‫فالخبر يعتبر قاعدة األنواع األخرى‪ ،‬حيث يستعمل لنقل معلومات عن أحداث جديدة‬
‫وقعت فعال‪ ،‬أما التقرير فيستخدم لنقل معلومات عبر عنصر ذاتي أو شاهد عيان‪ ،‬أما المقال‬
‫االفتتاحي فهو تقديم لرأي المؤسسة الصحفية حول حدث أو قضية ما‪ ،‬في حين أن التعليق هو‬
‫تقديم وجهة نظر محددة حول حدث ما‪ ،‬والتحقيق يقوم على شرح وتحليل ظاهرة أو مشكلة‪ ،‬أما‬
‫الروبورتاج فهو تصوير شامل ألبعاد الحياة عامة المادية والالمادية‪ ،‬بكل إيجابياتها وسلبياتها‬
‫وتناقضاتها‪ ،‬حيث من خصائصه الشكلية االعتماد على قوة الصورة المشهدية‪ ،‬والحديث‬
‫الصحفي يقوم على محاورة شخصية ما بغية شرح وايضاح قضية معينة‪ ،‬أما عن العمود فهو‬
‫عبارة عن رؤية خاصة يقدمها كاتبه حول ظواهر أو أحداث يختارها بنفسه‪.‬‬

‫إن في مكنتنا أن نلخص‪ -‬انطالقا مما سبق‪ -‬موضوع كل نوع صحفي وفق اآلتي‪:‬‬

‫❖ موضوع الخبر هو‪ :‬الحدث‪.‬‬


‫❖ موضوع التحقيق هو‪ :‬المشكلة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫❖ موضوع التقرير هو‪ :‬الواقعة ‪ +‬التفاصيل‪.‬‬


‫❖ موضوع الروبورتاج هو‪ :‬الصورة المشهدية‪.‬‬
‫❖ موضوع المقال االفتتاحي هو‪ :‬الخط السياسي‪.‬‬
‫❖ موضوع التعليق هو‪ :‬وجهة نظر كاتبه‪.‬‬
‫❖ موضوع العمود هو‪ :‬رؤية كاتبه‪.‬‬

‫‪ -3‬تصنيف األنواع الصحفية‪.‬‬

‫هناك عدة تصنيفات لألنواع الصحفية تقسم وفقها‪ ،‬إال أنه باإلمكان االنطالق من الفئتين‬
‫الرئيسيتين للفكرة الصحفية التي تتفرع إلى إخبارية وغير إخبارية‪ ،‬لنحدد التصنيف اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬أنواع إخبارية‪ :‬مثل الخبر الصحفي والتقرير الصحفي بأشكالهما المتعددة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أنواع قائمة على الد ارسة والبحث‪ :‬مثل التحقيق والروبورتاج والمقال التحليلي‪.‬‬
‫ج‪ -‬أنواع قائمة على الرأي‪ :‬مثل التعليق والعمود والمقال االفتتاحي‪.‬‬

‫• ملحوظة ‪ :‬يمكن للحديث الصحفي أن يندرج تحت كل تصنيف من التصنيفات السابقة‪ ،‬إذ‬
‫يمكن أن نستقي منه خب اًر آنيا‪ ،‬أو رأي شخصية ما‪ ،‬كما يعتبر غير بعيد عن التقصي‬
‫والدراسة والبحث‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المراجع والهوامش‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪1) – Yve agnes, jean michel croissandeau : Lire le journal ,‬‬
‫نقال عن‪ :‬نصر الدين لعياضي‪ ،‬اقترابات نظرية من األنواع الصحفية‪ ،‬د م ج ‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.07‬‬
‫‪ – )2‬توصل إلى ذلك الباحث فاروق أبو زيد‪.‬‬
‫‪ - )3‬ساعد ساعد ‪ ،‬فنيات التحرير الصحفي‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،2011 ،‬‬
‫ص ‪.15‬‬
‫‪ - )4‬عبد العزيز شرف‪ ،‬األساليب الفنية في التحرير الصحفي‪ ،‬دار قباء‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص‬
‫‪.18‬‬
‫‪ – )5‬ساعد ساعد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.13،14‬‬
‫‪ – )6‬ليلى عبد المجيد ومحمود علم الدين‪ ،‬فن التحرير الصحفي للوسائل المطبوعة‬
‫وااللكترونية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار السحاب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ – )7‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.71 ،70‬‬
‫‪ – )8‬محمد معوض وعبد السالم إمام‪ ،‬فنون التحرير الصحفي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.33‬‬
‫‪ – )9‬ليلى عبد المجيد ومحمود علم الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫– عبد العزيز شرف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪)10‬‬
‫– نصر الدين لعياضي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.8،9‬‬ ‫‪)11‬‬

‫‪14‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المحاضرة الثالثة‪:‬‬
‫الخبـر الصحفـي‬
‫تمهيد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يتفرد الخبر الصحفي ضمن األنواع الصحفية بأهمية خاصة‪ ،‬تنبع من كونه يجسد قاعدة‬
‫صلبة يمكن لباقي األنواع جميعها أن تنبني عليها‪ ،‬فبدون األخبار قد ال تجد التعاليق والتحقيقات‬
‫والمقاالت المختلفة مادة إعالمية جاهزة وواضحة تتكئ عليها‪ ،‬لالنطالق في إنجاز مادتها‬
‫الخاصة‪ ،‬فاألخبار اليومية هي بال شك محفز ومحرض قوي على استخالص آفات المجتمع‬
‫ومشكالته‪ ،‬فضال عن انشغاالته ومستويات أداءاته الفكرية والعملية‪ .‬إال أن هذه الحال لم تكن‬
‫ثم مدينة‪ -‬للحظة تاريخية معينة بقدر ما كانت نتيجة مترتبة عن مخاض‬‫البتة وليدة‪-‬ومن ّ‬
‫تاريخي‪ ،‬مرتبط بشكل شبه حصري بمراحل تطورات العمل الصحفي‪ ،‬الذي يبدو أنه كان محتق اًر‬
‫في مبتدأ األمر‪ ،‬ويتعرض لعديد االنتقادات‪ ،‬ولعل أبرز من وصلتنا انتقاداتهم للعمل الصحفي‬
‫(مهنة الصحافة) كان الفيلسوف اإلنجليزي جون ستيوارت ميل"(‪.)1‬‬

‫إن السياق الذي كان يجري ضمنه نقد طبيعة العمل الصحفي‪ ،‬هو ذاته الذي تشكلت فيه‬
‫مالمح هوية الخبر الصحفي‪ ،‬التي كانت ببساطة متغي ار تابعا للظروف النفسية‪ -‬االجتماعية‬
‫للعمل أو المهنة الصحفية‪.‬‬

‫لقد كانت هذه ظروف القرن ‪19‬م في أوروبا وأمريكا‪ ،‬التي تكللت في نهاية القرن المذكور‪،‬‬
‫باالعتراف بالصحافة كمهنة مرموقة عمادها مالحقة الحقيقة وليس غيرها‪ ،‬والوسيلة المحورية‬
‫لذلك – في المحصلة‪ -‬هي الخبر الصحفي‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريف الخبر الصحفي‪.‬‬

‫‪ -1-1‬المدلول اللغوي للمصطلح‪:‬‬

‫ورد في لسان العرب بخصوص لفظة خبر عديد االشتقاقات‪ ،‬وهي تنطلق من الخبير الذي‬
‫رت باألمر أي علمته‪،‬‬
‫وخ ْب ُ‬
‫هو اسم من أسماء اهلل الحسنى‪ ،‬ومعناها العالم بما كان وما يكون‪َ ،‬‬
‫وخبرت األمر أخبره إذا عرفته على حقيقته‪ ،‬والخبر بالتحريك واحد األخبار‪ ،‬وهو ما أتاك من نبأ‬
‫عمن تستخبر(‪.)2‬‬
‫ّ‬

‫والخبر في المعجم الوسيط ما ينقل ويحدث به قوال أو كتابة‪ ،‬وهو قول يحتمل الصدق و‬
‫الكذب لذاته‪ ،‬وجمعه أخبار(‪.)3‬‬

‫ويقابل لفظة خبر في اللسان األجنبي الفرنسي ‪ La Nouvelle‬وفي اإلنجليزية كلمة‬


‫‪ ،News‬التي تدلل عموما على األخبار‪ ،‬حيث يفسر بعضهم الحروف األربعة لكلمة ‪،News‬‬
‫بالحروف األولى للجهات األصلية األربع في البوصلة (‪ N‬شمال‪ E،‬شرق‪W ،‬غرب‪ S ،‬جنوب)‪،‬‬
‫وعلى هذا األساس يعرف البعض األخبار بأنها األحداث التي تقع في جميع الجهات(‪.)4‬‬

‫وهكذا يتضح أن الحقل الداللي الذي تحيل إليه لفظة خبر قوامه نظام من المعنى‪ ،‬وحدتاه‬
‫األساسيتان هما المعلومة والحقيقة‪ ،‬وترتبط بهما‪ -‬عادة‪ -‬وحدتان أخريان وهما الصحة والجدة‪،‬‬
‫وجميع هذه الوحدات على صلة وثيقة بالحاجة االجتماعية لألخبار‪.‬‬

‫‪ -2-1‬المدلول االصطالحي للخبر‪:‬‬

‫يتركز المدلول االصطالحي للخبر حول ما يمنح هذا األخير قيمة إخبارية‪ ،‬أي ما يجعله‬
‫خب اًر صحفيا‪ ،‬ويتم االنطالق في ذلك من الحقيقة اللغوية له‪ ،‬التي تشرعن تقديمه في ميدان‬
‫الصحافة أو اإلعالم‪ ،‬ورغم ثبات الحقيقة اللغوية للمصطلح‪ ،‬فإن هناك خالفا ملحوظا في‬
‫التعاريف التي تقدم للخبر الصحفي‪ ،‬وذلك راجع أساسا إلى اختالف طرق التفكير‪ ،‬ومنها تنوع‬
‫المذاهب األيديولوجية‪ ،‬وفي تداخل مع ذلك كله تنوع واختالف الممارسة الصحفية التي تنضبط‬

‫‪16‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫في العادة بسياسة تحريرية محددة‪ ،‬وضمن هذا اإلطار الجامع من التنوع واالختالف‪ ،‬يمكننا‬
‫تقديم تعريف الخبر الصحفي‪ -‬على نحو مبدئي‪ -‬وفق االتجاهات التالية‪:‬‬

‫❖ االتجاه السلطوي‪.‬‬
‫❖ االتجاه الليبرالي‪.‬‬
‫❖ االتجاه اإلسالمي‪.‬‬

‫أ‪ -‬االتجاه السلطوي‪.‬‬

‫يرى أتباع هذا االتجاه أن الحقيقة والحكمة تتمركز مع القوة‪ ،‬أي مع السلطة(الحكام)‪،‬‬
‫ويجب على الصحافة أن تقوم بخدمة الحكومة بتبليغ الشعب بما تريد الحكومة‪ ،‬أي أنها تؤمن‬
‫باإلنسان على أنه جزء من المجتمع‪ ،‬وأن قيمته في هذا المعنى(‪ .)5‬واثر هذا يرى كثير من‬
‫الباحثين أن أفالطون في جمهوريته قد وضع األساس الفلسفي لنظم الحكم الشمولية‪ ،‬وأنه جعل‬
‫الدولة هي المصلحة العليا‪ ،‬ومصلحة الفرد دونها‪ ،‬وأنه صرف جل اهتمامه إلى الدولة وجعل كل‬
‫القوى مسخرة في سبيلها(‪ .)6‬ويمتد هذا الطرح الفكري ليشمل جميع نظم الحكم الشمولية‪ ،‬وقد‬
‫جسدها فيما مضى االتحاد السوفياتي عبر النظرية الماركسية‪ ،‬كما يمكن إسقاطها على جميع‬
‫نظم الحكم التي تشتط في الحد من حرية اإلعالم‪ ،‬عبر حصر ملكية وسائله في الدولة‬
‫والمؤسسات التابعة لها‪.‬‬

‫إن االتجاه السلطوي يجد سنده كذلك منذ القدم في نظرية الحق اإللهي‪ ،‬التي حكم من‬
‫خاللها أباطرة العالم القديم السيما في أوروبا‪ ،‬ومعناه ببساطة أن الحقيقة مصدرها الحاكم‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس يعرف الخبر أنه كل ما يقرر الحاكم أن يكتب أو ينشر‪ ،‬وهو بذلك أقرب إلى‬
‫الدعاية الحاكمة منه إلى الواقعة في حد ذاتها‪ ،‬ويصير في النهاية خبر المواقع وليس خبر‬
‫الوقائع‪ ،‬بمعنى أن مدار اهتمام األخبار هو شخصيات لها مواقعها الخاصة في الهرم السلطوي‬
‫ضمن الدولة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫ب‪ -‬االتجاه الليبرالي‪.‬‬

‫يؤمن أصحاب االتجاه الليبرالي بحرية الفرد وسعادته إيمانا مطلقا‪ ،‬حيث يعتبر هدف‬
‫المجتمع بشكل عام‪ ،‬وأن اإلنسان بإمكانه تنظيم أمور حياته من خالل النقاش والحوار‪ ،‬وتعتبر‬
‫بناء على ذلك ملكية وسائل اإلعالم ملكية شخصية‪ ،‬ضمن التنافس الحر والشريف بين األفراد‪،‬‬
‫ولذلك تطورت المؤسسات الصحفية إلى صناعة من أضخم الصناعات الحديثة‪ ،‬واحتاجت إلى‬
‫رؤوس أموال كبيرة(‪.)7‬‬

‫يسيره العقل ال العاطفة وال المصلحة الضيقة‪ ،‬ومن‬


‫إن الليبراليين يرون أن اإلنسان مخلوق ّ‬
‫هذا المنطلق ينبغي أن تكون للصحافة قاعدة كبيرة من الحرية‪ ،‬كي تساعد الناس في بحثهم عن‬
‫الحقيقة‪ ،‬ولكي يصل اإلنسان إلى الحقيقة عن طريق العقل ينبغي أن تتاح له حرية الوصول إلى‬
‫المعلومات واألفكار‪ ،‬وهو يستطيع أن يميز فيما تقدمه له الصحافة بين الحقيقي والزائف‬
‫باستخدام عقله(‪.)8‬‬

‫إن مصدر الحقيقة‪ -‬إذن‪ -‬وفق المذهب الليبرالي هو العقل‪ ،‬وبناء عليه تم إقصاء الحكومة‬
‫من كل تدخل قد يعيق انسيابية تدفق األخبار وتداولها في المجتمع‪ ،‬وانقسم إثر هذا مفهوم الخبر‬
‫حسب مدرستين‪ ،‬األولى وهي المدرسة االحترافية أو المهنية‪ ،‬التي تركز على األحداث التي‬
‫وقعت ويهم القارئ معرفتها‪ ،‬والثانية هي مدرسة اإلثارة الصحفية التي‪ -‬بدورها‪ -‬تركز على ما‬
‫يثير اهتمام القارئ بإزاء األحداث‪ ،‬وهي وفق هذا التوصيف معنية بكل ما هو غريب وشاذ في‬
‫األحداث التي تقع‪ ،‬وتسمى هذه الصحافة بالصحافة الفضائحية أو صحافة االستثناء‪.‬‬

‫إن المبالغة في النزعة الفردية لدى أصحاب المذهب الليبرالي‪ ،‬والتي أفرزت في النهاية‬
‫نوعا من الصحافة الهابطة (الفضائحية)‪ ،‬قد حتم إجراء نوع من التعديل على هذا المذهب‪،‬‬
‫فظهرت بذلك نظرية المسؤولية االجتماعية‪ ،‬إثر تشكيل لجنة حرية الصحافة المكونة من اثني‬
‫عشر أستاذا أكاديميا‪ ،‬وقد ضمت بين أعضائها أبرز نقاد الصحافة األمريكية‪ ،‬وأجرت دراستها‬
‫على الصحافة األمريكية بتمويل من مجلة التايم ودائرة المعارف البريطانية‪ ،‬وقدمت تقريرها في‬
‫كتاب أعدته اللجنة عام ‪ 1947‬بعنوان‪ :‬صحافة حرة مسؤولة(‪.)9‬‬

‫‪18‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫وهو ما يؤكد قطعا االنزياح نحو المجتمع ابتعاداً عن الفرد‪ ،‬الذي أصبحت تترتب عليه‬
‫واجبات أخالقية في عالقته بنقل األحداث وصياغة األخبار‪ ،‬وبالتالي فالخبر وفق هذه النظرية‬
‫هو كل جديد يهم الناس‪ ،‬وتكون معرفته ضرورية لهم‪.‬‬

‫ج‪ -‬المذهب اإلسالمي(‪.)10‬‬

‫يمكن فهم الخبر الصحفي ضمن المذهب اإلسالمي من خالل جملة الخصائص التي‬
‫يتصف بها‪ ،‬والتي بدورها تتمحور حول خاصية أساسية وهي الصدق‪ ،‬حيث تقابل كلمة الصدق‬
‫اصطالح الموضوعية في األدبيات البحثية الغربية‪.‬‬

‫إن الخبر من وجهة نظر هذا المذهب هو تزويد الناس بالمعلومات والحقائق التي تفيد‬
‫المجتمعات‪ ،‬وتعمل على تكوين رأي عام إسالمي‪ ،‬ينبنى على األمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬والدعوة إلى الخير‪ ،‬انطالقا مما ورد في القرآن الكريم من آيات‪  :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا‬

‫ّللاَ َوقُولُوا قَ ْو ًل َس ِديدًا ‪.)11( ‬‬


‫اتَّقُوا َّ‬

‫فينبغي بالتالي‪:‬‬

‫❖ صدق الخبر‪ :‬االلتزام بالحقيقة كاملة‪.‬‬


‫❖ صدق الصياغة‪ :‬االبتعاد عن التهويل والشائعات‪.‬‬
‫❖ صدق الحكم‪ :‬تزويد الناس بما هو مفيد ومعين على تكوين رأي صائب‪.‬‬

‫إن اختالف المذاهب والتيارات الفكرية‪ ،‬ال يلغي مطلقا إمكانية تحديد تعريف قاعدي للخبر‬
‫الصحفي‪ ،‬حيث تظل تلك المذاهب تعبر عن االستعمال الذاتي لموضوع الخبر‪ ،‬ولذلك يمكن‬
‫تعريف الخبر الصحفي بأنه‪:‬‬

‫العملية التي يتم من خاللها تزويد األفراد بالمعرفة الحقيقية حول جوهر ما يجري من‬
‫أحداث‪ ،‬في المناحي المختلفة بالمجتمع‪ ،‬في فترة زمنية معينة(‪.)12‬‬

‫‪ -2‬خصائص الخبر الصحفي‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫تتضح خصائص الخبر الصحفي من خالل التعريف الذي نضعه له‪ ،‬والذي وجب أن‬
‫يكون األكثر شمولية للمعنى اإلخباري‪ ،‬وبناء على تعريفنا السابق‪ ،‬فإن خصائص الخبر‬
‫الصحفي(‪ ،)13‬تمسي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬الخبر كعملية‪ :‬رغم أن جوهر الخبر الصحفي هو الحدث أو الحادثة أو الواقعة‪ ،‬فإن الطابع‬
‫العام الذي يكتسيه جهد رواية هذه الواقعة هو السيرورة التي يتموضع عبرها الصحفي‪ ،‬فثم‬
‫تشابك عوامل عديدة‪ ،‬منها مستوى تكوين الصحفي وطبيعة شخصيته من األساس‪ ،‬والخط‬
‫السياسي للمؤسسة الصحفية‪ ،‬إضافة إلى العمليات المختلفة المرتبطة أصال بطبيعة الوقائع‬
‫اليومية أو القضايا عموما‪.‬‬

‫‪ -2‬الخبر كمعرفة‪ :‬يتشكل جوهر الخبر الصحفي من المعلومات وعلى هذا األساس تتشكل‬
‫المعرفة‪ ،‬بقطع النظر عن نوعيتها‪ ،‬وتتسع الخريطة اإلدراكية للفرد بناء على المعارف‬
‫(المعلومات) التي يتلقاها كماً وكيفاً‪ ،‬ومن هذا تأتي‪-‬مثالً‪ -‬وظيفة مراقبة البيئة التي تضطلع‬
‫بها وسائل اإلعالم‪ ،‬حيث تجعل الفرد متحكما في محيطه وعلى توافق مع أعضاء مجتمعه‪.‬‬

‫‪ -3‬النسبية‪ :‬ترتبط خاصية النسبية بطبيعة الخبر من حيث هو معرفة (معلومات)‪ ،‬فهذه األخيرة‬
‫يتباين إد اركهما من شخص آلخر‪ ،‬مثلما هو الحال في مدى تطابقها مع الواقع‪ ،‬حسب رؤية‬
‫الصحفي أو الصحيفة‪ ،‬وكذلك حسب اإلمكانات المتاحة لتغطية الحقائق‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫يمكن اعتبار هذه الخاصية على درجة عالية من األهمية‪.‬‬

‫السمة الجمعية للخبر الصحفي‪ :‬ال يتوجه الخبر الصحفي – بأي حال‪ -‬إلى الفرد‪ ،‬حتى‬
‫‪ّ -4‬‬
‫وان تعلق ضمن حالة ما بأحد األفراد‪ ،‬لكنه موجه إلى الضمير الجمعي بحكم الطبيعة‬
‫الجماهيرية للمؤسسة الصحفية‪.‬‬

‫‪ -5‬احتمالية الصدق والكذب‪ :‬إن إمكانية الصدق أو عدمه ثابتة من حيث المبدأ في أي رواية‬
‫أو قصة مهما كان نوعها‪ ،‬وينسحب ذلك على القصة اإلخبارية‪ ،‬السيما تحت ضغط‬
‫متطلبات اإلنتاج الجماهيري‪ ،‬أين تضغط عوامل السرعة والتوقيت واإلمكانات المادية‬
‫وغيرها‪ ،‬فينتج من ذلك زيادة عدم اليقين وضرورة مضاعفة التدقيق‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -6‬النتيجة أو العاقبة‪ :‬حيث تتفاوت أهمية األخبار بناء على درجة تأثيرها في الواقع المعاش‬
‫وينشأ عن األخبار ذات األهمية البالغة أن لها تداعيات قد تستمر مدة طويلة‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعام ‪ 2001‬في مدينة نيويورك األمريكية‪.‬‬

‫‪ -3‬أنواع األخبار‪.‬‬

‫هناك عدة تقسيمات للخبر الصحفي‪ ،‬أنتجت في النهاية عدداً من أنواع الخبر وأشكاله‪،‬‬
‫(‪)14‬‬
‫أبرزها‪:‬‬ ‫وقد تنوعت هذه التقسيمات وفقا للعديد من االعتبارات‬

‫❖ اعتبار المكان ‪.‬‬


‫❖ اعتبار الزمان‪.‬‬
‫❖ اعتبار الموضوع الرئيسي‪.‬‬
‫❖ اعتبار ما يقدم للقارئ‪.‬‬
‫❖ اعتبارات مهنية‪.‬‬
‫❖ اعتبار ما يحمله الخبر من وقائع‪.‬‬

‫‪ -1‬اعتبار المكان‪ :‬المقصود بالمكان هو موطن وقوع الحدث أو ما يسمى بالموطن الجغرافي‬
‫للخبر‪ ،‬وينقسم حسب هذا االعتبار الخبر إلى خبر داخلي – خبر خارجي‪.‬‬

‫ويمكن تقسيمه في ضوء ذلك حسب االنتماء‪ ،‬كأن تكون أخبار الجالية الجزائرية‪ -‬مثال‪-‬‬
‫في فرنسا هي أخبار داخلية‪ ،‬بالنسبة ألهل الجزائر‪ .‬ولعل هذا كان منطلقا لبعض الباحثين كيما‬
‫يطلقوا على هذا االعتبار وصف التصنيف التقليدي‪ ،‬نظ اًر لتداخل المحلي والقومي في العصر‬
‫الحديث(‪.)15‬‬

‫‪ -2‬اعتبار الزمان‪ :‬وهو الوقت الذي وقع فيه الحدث‪ ،‬وتنقسم في ضوئه األخبار إلى‪:‬‬

‫❖ أخبار متوقعة‪.‬‬
‫❖ أخبار مفاجئة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫فاألخبار المتوقعة يعرف الصحفي مسبقا موعدها‪ ،‬نظ ار لعوامل عديدة ومتنوعة لها ارتباط‬
‫بظروف مهنته‪ ،‬ومن هذه األخبار الزيارات البروتوكولية الدبلوماسية للمسؤولين الخارجيين التي‬
‫يعلن عنها مسبقا‪ ،‬وحتى زيارة المسؤولين الداخليين الروتينية‪ ،‬أما األخبار المفاجئة فهي التي تقع‬
‫دون أن يكون للصحفي استعداد مسبق لها‪ ،‬ويمكن التدليل على مثل هذه األخبار بالزيارات‬
‫المفاجئة التي يجريها مسؤولون أمريكيون السيما العسكريون منهم‪ ،‬لكل من العراق وأفغانستان‬
‫كونهما تحت االحتالل‪.‬‬

‫‪ -3‬اعتبار الموضوع الرئيسي‪ :‬ويؤخذ فيه موضوع الخبر أساسا لتحديد النوع‪ ،‬فينقسم وفقا لذلك‬
‫الخبر إلى‪ :‬خبر رياضي وخبر سياسي وآخر اقتصادي أو ثقافي‪ ،‬إلى غير ذلك من مجاالت‬
‫الحياة اإلنسانية‪ ،‬والجدير بالمالحظة أن الخبر قد يتضمن في اآلن ذاته اإلشارة إلى أنواع‬
‫شتى من المواضيع‪ ،‬ولذلك يصنف تبعا للموضوع الرئيسي‪ ،‬المتعلق حص اًر بأهم حقيقة في‬
‫الخبر‪.‬‬

‫إن معيار هذا التقسيم يقوم على تساؤل فحواه‪ :‬هل يقدم الخبر للقارئ‬
‫‪ -4‬اعتبار ما يقدم للقارئ‪ّ :‬‬
‫معلومات تضيف له الجديد‪ ،‬أم بقصد اإلبداع والتسلية ؟ هل نشر الخبر كما جرى أم أدخلت‬
‫عليه تعديالت ؟ وينقسم بناء على ذلك الخبر إلى‪:‬‬

‫❖ أخبار جادة‪.‬‬
‫❖ أخبار خفيفة‪.‬‬
‫ملونة‪.‬‬
‫❖ أخبار ّ‬

‫‪ -5‬االعتبارات المهنية‪ :‬وهي أسس يختص بها العمل داخل الصحيفة‪ ،‬والخبر تبعا لذلك يتفرع‬
‫إلى‪:‬‬
‫❖ أخبار جاهزة‪.‬‬
‫❖ أخبار مكتشفة‪.‬‬

‫فالجاهزة تأتي عادة من وكاالت األنباء أو جهات أخرى‪ ،‬أما المكتشفة فيحصل عليها‬
‫الصحفي بمجهوده الخاص من مكان وقوع الحدث‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -6‬إعتبار ما يحمله الخبر من وقائع‪ :‬تنقسم األخبار حسب هذا المعيار إلى‪:‬‬

‫❖ أخبار بسيطة (تحمل حادثة واحدة)‪.‬‬


‫❖ أخبار مركبة (تحمل أكثر من حادثة)‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المراجع والهوامش‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ – )1‬ستيوارت آالن‪ ،‬ثقافة األخبار‪ ،‬تر‪ :‬هدى فؤاد‪ ،‬ط‪ ،1‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.51‬‬
‫‪ – )2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬المجلد‪ ،2‬ج‪ ،14‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.1090‬‬
‫‪ – )3‬المعجم الوسيط‪ ،‬ط‪ ،4‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ج م ع‪ ،2004 ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪ – )4‬نقال عن‪ :‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬الخبر في الصحافة واإلذاعة والتلفزيون واألنترنت‪ ،‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ – )5‬محمد سلمان الحتو‪ ،‬مناهج كتابة األخبار اإلعالمية وتحريرها‪ ،‬ط‪ ،1‬دار أسامة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪ -‬عمان‪ ،2012 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ – )6‬محمد سيد محمد‪ ،‬الصحافة سلطة رابعة كيف‪...‬؟‪ ،‬مطابع دار الشعب‪ ،‬القاهرة‪،1979 ،‬‬
‫ص ‪.26‬‬
‫‪ – )7‬محمد سلمان الحتو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫سيد محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ – )8‬محمد ّ‬
‫‪ – )9‬محمد حسام الدين‪ ،‬المسؤولية االجتماعية للصحافة‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار المصرية اللبنانية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،2003 ،‬ص‪.54‬‬
‫– يمكن االستناد لفهم هذا المذهب على أبحاث عزي عبد الرحمان‪ ،‬السيما كتابه‪:‬‬ ‫‪)10‬‬
‫دراسات في نظرية االتصال‪ ،‬ط‪ ،1‬م د و ع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ديسمبر ‪.2003‬‬
‫– القرآن الكريم‪ ،‬األحزاب‪ ،‬اآلية ‪.70‬‬ ‫‪)11‬‬
‫– عبد الفتاح إبراهيم‪ ،‬سوسيولوجيا الخبر الصحفي‪ ،‬العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪)12‬‬
‫‪ ،1989‬ص ‪.24‬‬
‫– أورد هذه الخصائص عبد الفتاح إبراهيم في كتابه سوسيولوجيا الخبر الصحفي –‬ ‫‪)13‬‬
‫أنظر المرجع السابق‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫– تم االستناد في تلخيص اعتبارات تقسيم الخبر إلى أنواع على كتاب‪ :‬حسين نصر‬ ‫‪)14‬‬
‫وسناء عبد الرحمان‪ ،‬التحرير في عصر المعلومات ‪ ،‬الخبر الصحفي‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪،‬‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪،2009 ،‬‬
‫– نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪)15‬‬

‫‪25‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المحاضرة الرابعة‪:‬‬
‫طرق الحصول على األخبار‬
‫تمهيد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الكم الهائل من األخبار‬
‫إذا تساءلنا بداية حول كيفية حصول وسائل اإلعالم على ك ّل هذا ّ‬
‫التي تزود به المتلقي‪ ،‬سنجد أنفسنا أمام سلسلة مركبة وبالغة التعقيد‪ ،‬من الحلقات التي يمر بها‬
‫ومن خالل ها الخبر‪ ،‬من لحظة وقوعه وحتى وصوله إلى الجمهور‪ ،‬وعلى هذا األساس تنبني‬
‫أهمية المصدر في النشاط اإلخباري‪ ،‬فهو عامل حيوي ليس فقط الستم اررية النشاط الصحفي‪،‬‬
‫بل لمدى االلتزام المهني للصحيفة المبني على مصداقيتها ووثوقية معلوماتها‪ .‬لذلك قد يحتاج‬
‫التثبت من أخباره عبر أكثر من مصدر‪ ،‬ويمكن تبعا لذلك أن يحصل على األخبار‬
‫الصحفي إلى ّ‬
‫عبر إحدى الطرق التالية‪:‬‬

‫❖ التواجد في موقع الحث‪.‬‬


‫❖ إبالغ الصحفي بالخبر‪.‬‬
‫❖ يمكن أن يكون بالصدفة‪.‬‬
‫❖ من خالل التصريحات الخاصة‪.‬‬
‫❖ من خالل التصريحات المعلنة‪.‬‬
‫❖ دفع أموال‪ ،‬إشاعة‪ ،‬جوسسة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫وبناء على هذه الطرق المتنوعة والمتعددة في الحصول على المعلومات اإلعالمية‪ ،‬ينبغي‬
‫لمجموعة من االعتبارات الشخصية أن تتوفر في الصحفي‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬

‫❖ الحس الصحفي أو الموهبة التي ينبغي أن تصقل باإلطار النظري والخبرة‪.‬‬


‫❖ حب االستطالع‪.‬‬
‫❖ مرونة الشخصية‪.‬‬
‫❖ القدرة على الربط بين األحداث واستنتاج دالالتها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫❖ تنوع الثقافة وسعة اإلطالع‪.‬‬


‫❖ القدرة على إقامة العالقات والصداقات‪ ،‬والحرص على زيادة المصادر وتنويعها‪.‬‬

‫إن أهم ما ينبغي أن نشير إليه بعد توضيح االعتبارات الشخصية المذكورة‪ ،‬هو أن األصل‬
‫في الحصول على الخبر وتقديمه إلى الصحيفة هو الصحفي‪ ،‬وبذا يعتبر العنصر البشري هو‬
‫العامل الحاسم واألصل في العملية اإلخبارية ّبرمتها ومنذ بدايتها‪ ،‬وعليه يتوقف المجهود الذي‬
‫يرمي إلى تصنيف المصادر اإلخبارية وقبل ذلك تعريفها‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف المصدر اإلخباري والمعلومات اإلعالمية‪:‬‬

‫يقصد بمصدر الخبر الصحفي‪ ،‬اإلشارة إلى األداة التي تحصل من خاللها الصحيفة على‬
‫الخبر الصحفي(‪ .)1‬وهو ما يجعل الصحيفة في وارد المؤسسة التي تهتم حص اًر باستقاء‬
‫المعلومات ونشرها‪ ،‬حيث تكتسي هذه العملية نوعا من الخصوصية يرتبط في اآلن نفسه بطبيعة‬
‫المعلومات المستقاة‪ ،‬وطبيعة الطرف الذي ستوجه له هذه المعلومات‪ .‬فطبيعة المعلومات هي‬
‫إعالمية أو كما يسميها البعض بالمعلومات الصحفية‪ ،‬التي تعتبر المعين أو المادة الخام التي‬
‫ثم‬
‫يسعى اإلعالمي أو المحرر الصحفي إلى اللجوء إليها وجمعها ومراجعتها واستكمالها‪ ،‬ومن ّ‬
‫تنقيحها وصياغتها بشكلها النهائي‪ ،‬أو عرضها على الجهة المعنية بالنشر ورئيس التحرير‬
‫المسؤول‪ ،‬لكي يقرر صالحياتها للنشر والتقديم‪.‬‬

‫ولغرض أن تعطي المعلومات اإلعالمية نتائج أو ردود فعل جيدة ومؤثرة فالبد من أن‬
‫تتوفر فيها ركائز وسمات عدة منها‪:‬‬
‫❖ الدقة ‪ :‬أن تكون دقيقة‪ ،‬أو باألحرى على درجة عالية من الدقة وخالية‪ -‬قدر اإلمكان‪-‬‬
‫من األخطاء أو التشويه للحقائق التي تشتمل عليها‪.‬‬
‫❖ التمثيل ‪ :‬أيضا أن تكون ممثلة للواقع بالمعاني واألفكار التي تحملها‪.‬‬
‫❖ الشمولية ‪ :‬أن تكون شاملة‪ ،‬ولكن دون زيادة أو إضافة تعيق التلقي‪.‬‬
‫❖ التنسيق ‪ :‬أن تكون منسقة فيما بينها دون تعارض أو تناقض‪.‬‬
‫❖ التوقيت ‪ :‬مناسبة لالستخدام الزمني‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫❖ الهدف ‪ :‬أن يكون لها هدف محدد(‪.)2‬‬

‫أما طبيعة من توجه إليه هذه المعلومات المشروطة‪ ،‬فهو الجمهور الذي تتقاطع في تكوينه‬
‫عديد الفئات والشرائح االجتماعية‪ ،‬بمراكزها ومستوياتها المتعددة معنويا وماديا‪ ،‬وتبعا لذلك " قد‬
‫يكون المصدر شخصا مثل كبار الشخصيات الرسمية والشعبية أو نجوم الحياة االجتماعية‬
‫الحية‪.‬‬
‫والمشاهير‪ ،‬أو كبار الشخصيات األجنبية التي تزور البالد وغير ذلك من المصادر ّ‬

‫وقد يكون هذا المصدر جهة مثل وكاالت األنباء‪ ،‬واإلذاعات الدولية أو المحلية‪ ،‬والصحف‬
‫المحلية واألجنبية‪ ،‬واإلعالنات والنشرات الرسمية والشعبية‪ ،‬والو ازرات والهيئات والمؤسسات العامة‬
‫والخاصة‪ ،‬وغير ذلك من المصادر"(‪.)3‬‬

‫‪ -2‬تصنيف المصادر اإلخبارية‪:‬‬

‫صنف الباحثون مصادر األخبار في الصحف إلى مصدرين أساسيين‪:‬‬


‫ّ‬

‫األول ‪ :‬المصادر الذاتية‪ ،‬وهي تلك المصادر التي تعتمد فيها الصحيفة على هيئة تحريرها‬
‫في الحصول على األخبار مثل المندوب الصحفي والمراسل الخارجي‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬المصادر الخارجية‪ ،‬ويقصد بها المصادر التي تعتمد عليها الصحيفة من غير‬
‫هيئة تحريرها مثل وكاالت األنباء واالتفاقات الخاصة واإلذاعات المحلية واألجنبية‪ ،‬والصحف‬
‫األجنبية والمحلية والنشرات والوثائق‪ ،‬وغير ذلك من شبكات المعلومات واألنترنت وغيرها‬
‫‪...‬إلخ(‪.)4‬‬

‫وعموما ينبني تصنيف المصادر اإلخبارية عبر النظر في طبيعة الوساطة التي تتم من‬
‫أجل استحصال المعلومات‪ ،‬حول األحداث أو وقوعها من أساسه‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -1-2‬المصادر الذاتية‪.‬‬

‫يعتبر المصدر اإلخباري ذاتيا وكذلك يسمى داخليا‪ ،‬إذا كانت العالقة بين األحداث أو‬
‫الواقع وبين الصحيفة مباشرة‪ ،‬أي أن الحصول على المعلومات تم باإلمكانات الخالصة للصحيفة‬
‫دون أي تدخل لجهة ثانية ال تربطها بالصحيفة عالقة انتماء‪.‬‬

‫ترتبط المصادر الذاتية لألخبار بالنسبة للصحيفة بتأسيس وتشكيل قوة الصحيفة‪ ،‬وذلك‬
‫نابع تماما من طبيعة تواجد الصحيفة‪ ،‬أي من طبيعة عمل الصحافة الذي يلتصق في الغالب‬
‫بمواطن صنع القرار السياسي واالجتماعي وغيرهما‪ ،‬وبالتالي "فعندما يصبح اإلنسان مؤتمنا على‬
‫أسرار الناس الذين يمارسون هذه السلطة بنجاح‪ ،‬فإنه يسهل عليه فهم مشاكلهم ومن ثم التعاون‬
‫معهم‪ ،‬وارتباطه بهم‪ ،‬واستمتاعه بدور الوسيط بين مراكز السلطة المختلفة"(‪.)5‬‬

‫وعلى هذا األساس يمكن تقديم المصادر الذاتية في شكلين رئيسيين وشهيرين كذلك من‬
‫مصادر األخبار الصحفية وهما‪:‬‬

‫❖ المندوب الصحفي‪.‬‬
‫❖ المراسل الصحفي‪.‬‬

‫أ‪ -‬المندوب الصحفي‪:‬‬

‫هو ذلك الشخص الذي تنتدبه الجهة اإلعالمية كوكيل أو نائب أو ممثل لها لجلب‬
‫المعلومات واألخبار من أماكنها المحلية‪ ،‬وعليه فهو يتوجه يوميا إلى األماكن الموكل إليه‬
‫تغطيتها إعالميا‪ ،‬إما بتكليف من رئيس قسم األخبار أو من رئيس التحرير مباشرة‪ ،‬أو لمعرفته‬
‫مسبقا باألحداث المتوقع حدوثها‪ ،‬أو لعمل الزيارات الروتينية المعتادة لتلك األماكن‪ ،‬لتلمس‬
‫أخبارها وتنمية عالقته بمصادره المعتادة بها(‪.)6‬‬

‫إن المندوب الصحفي هو بمثابة المخبر أو جامع األخبار الذي يتعامل على النطاق‬
‫المحلي القريب‪ ،‬أي في نفس المدينة التي تصدر عنها الصحيفة‪ ،‬و"غالبا ما يتخصص في‬

‫‪29‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫تغطية مجال معين من مجاالت نشاط الصحيفة‪ ،‬سواء أكان ذلك في مجال و ازرات الحكومة أو‬
‫مصالحها أو الهيئات المختلفة‪ ،‬فيختص كل مندوب بو ازرة أو مصلحة أو هيئة من الهيئات‬
‫العامة العاملة في المجتمع الذي تصدر به الصحيفة‪ ،‬حيث أن تخصص المندوب الصحفي في‬
‫مجال معين من مجاالت عمل الصحيفة يمكنه من معرفة كل كبيرة وصغيرة به‪ ،‬فيكتب أخباره‬
‫وهو على دراية واسعة بكل أبعاد الخبر وتفاصيله‪ ،‬كما يسمح له بتوطيد عالقاته بالمسؤولين‬
‫والعاملين من الجهة التي يمثل الصحيفة بها‪ ،‬ومما يساعد المندوب على أداء عمله قراءة‬
‫الصحف الصباحية والمسائية والمجالت األسبوعية‪ ،‬وأال يهمل قراءة صحيفته بطبيعة الحال"(‪.)7‬‬

‫ب‪ -‬المراسل الصحفي‪:‬‬

‫يعتبر المراسل الصحفي مخب اًر أو جامعا لألخبار والمعلومات حول األحداث والقضايا‬
‫المتعددة‪ ،‬في نفس القطر الذي تعمل به صحيفته أو خارجه‪ ،‬دون أن يتموقع بيروقراطيا داخل‬
‫مقر مؤسسته األصلية‪ ،‬وبناء على هذا االعتبار‪ ،‬فإن المراسلين الصحفيين "هم إما مراسلون‬
‫محليون‪ ،‬معينون من طرف المؤسسة الصحفية ويقيمون بالمدن الكبرى وعواصم الواليات المهمة‬
‫لنفس القطر‪ ،‬أي على أرض الوطن‪ ،‬أو مراسلون خارجيون يعملون لصالح الجهة اإلعالمية‬
‫ثم‬
‫ولكنهم متواجدون في أماكن متفرقة من العالم‪ ،‬ويكون مجال عملهم خارج حدود الوطن‪ ،‬ومن ّ‬
‫يقيمون في عواصم البلدان األخرى وبخاصة العواصم المؤثرة في صناعة األحداث المهمة"(‪.)8‬‬

‫ففيما يخص المراسل المحلي‪ ،‬فقد يكون عامال بالمؤسسة الصحفية منتميا لها بشكل كلي‪،‬‬
‫كما قد ال يكون ذلك إالّ بشكل جزئي عن طريق التعاقد‪ ،‬حيث يرتبط حجم وجود المراسلين‬
‫بمؤسسة صحفية ما‪ ،‬بحجم قوتها االقتصادية وكذا طابع الجغرافيا القطرية‪ -‬اإلدارية‪ ،‬التي تتيح‬
‫مزايا معينة لمناطق داخل الوطن دون أخرى‪.‬‬

‫مما‬
‫أما المراسل الخارجي‪ ،‬فقد يكون موفداً لمؤسسته الصحفية ضمن هذا البلد أو ذاك‪ّ ،‬‬
‫يعني أن مهمته ستكون موقوتة بطبيعة الحدث أو القضية التي أوفد من أجلها‪ ،‬وقد يكون دائما‬
‫عين به لينقل المعلومات الصحفية منه إلى صحيفته‪ ،‬وفي هذه‬
‫بحيث يستقر في البلد الذي ّ‬

‫‪30‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫الحالة قد يكون المراسل الخارجي وطنيا‪ ،‬أي ابن البلد الذي تصدر منه صحيفته‪ ،‬أو أجنبيا أي‬
‫ابن البلد الذي يرسل منه األخبار الصحفية‪ ،‬ولكل صنف سلبياته وايجابياته بالنسبة للصحيفة‪.‬‬

‫‪ -2-2‬المصادر الخارجية‪.‬‬

‫نعتبر المصدر خارجيا أو عاما كلما كانت آلية الوساطة في الحصول على المعلومة‬
‫الصحفية غير مباشرة‪ ،‬والمعنى أن هناك وسيط بين الوساطة اإلعالمية ذاتها للمؤسسة الصحفية‬
‫وبين واقع األحداث والقضايا‪ ،‬والحال هذه يعتبر أهم وأشهر وسيط لجلب المعلومات الصحفية‬
‫وتقديمها للصحف هو وكاالت األنباء‪ ،‬فضال عن أي جهة أخرى السيما إن كانت إعالمية‪ ،‬على‬
‫غرار المؤسسات اإلذاعية أو التلفزيونية‪ ،‬فضائية كانت أو أرضية‪ ،‬أو حتى بعض الصحف التي‬
‫تكون في بعض األحيان مصد اًر لمعلومات صحفية تزود بها غيرها من الصحف‪ ،‬وتعتبر بالنسبة‬
‫لها مصد اًر خارجياً‪.‬‬

‫تورد المعلومات الصحفية للصحف أو‬


‫• وكاالت األنباء‪ :‬تمثل وكالة األنباء أبرز جهة أو هيئة ّ‬
‫الجرائد‪ ،‬وقد نشأت خصيصا لهذا الغرض‪ ،‬ولها تعاريف عدة‪ ،‬لعل أبرزها هو أنها مؤسسة‬
‫إعالمية تقوم بجمع األنباء وتحريرها واعادة توزيعها على مختلف األجهزة اإلعالمية األخرى‬
‫من صحف واذاعات ومحطات تلفاز وغيرها‪ ،‬فتغذي مختلف األجهزة اإلعالمية بالصور‬
‫واألنباء على مدار الساعة‪ ،‬وتطلعها لحظة بلحظة على كل ما يستجد من األحداث‬
‫وتطوراتها‪ ،‬مرفقة بذلك الصور إلى جانب المعلومات‪ ،‬وتؤدي وكاالت األنباء دو اًر مهما‬
‫بتأثيرها في تفكير الناس وآرائهم وطريقة تصورهم لألشياء‪ ،‬ونظرتهم إلى مختلف األمور‬
‫والقضايا"(‪.)9‬‬

‫إن تأثير وكاالت األنباء على الجمهور يحصل من خالل عمل الصحافة‪ ،‬ألن وكاالت‬
‫األنباء ال تتعامل مباشرة مع الجماهير‪ ،‬فلغتها تقنية خالصة يتم التعامل معها حص اًر في قاعات‬
‫تحرير ومعالجة األخبار في الصحف‪ ،‬حيث يتم التعامل بين هذه األخيرة والوكاالت من خالل‬
‫البرقيات اإلخبارية‪ ،‬التي تصل تباعا إلى الصحيفة حول أحداث وقضايا متنوعة‪ ،‬مش ّكلة ملفات‬

‫‪31‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫عديدة‪ ،‬يعمد الصحفيون إلى تصفيتها وتحريرها بما يتناسب والخط االفتتاحي للصحيفة‪ ،‬ورغم‬
‫ثم على الرأي العام‪.‬‬
‫ذلك تبقى قوة وكاالت األنباء لها أثرها على تدفق المعلومات الصحفية‪ ،‬ومن ّ‬

‫تتنوع وكاالت األنباء في العالم حسب العديد من التصنيفات‪ ،‬ومن بين التصنيفات‬
‫المتعارف عليها‪ ،‬ذلك الذي يقسمها إلى‪:‬‬

‫❖ وكاالت قومية أو وطنية (محلية)‪.‬‬


‫❖ وكاالت شبه دولية‪.‬‬
‫❖ وكاالت دولية (عالمية)‪.‬‬

‫وتتميز وكاالت األنباء الدولية على غرار ‪ AFP‬الفرنسية و ‪ AP‬و ‪ UPI‬األمريكيتين‬


‫ورويترز البريطانية بكثرة العاملين فيها وانتشار مكاتبها في العالم بأسره‪ ،‬واتساع اتصاالتها وكثافة‬
‫إرسالها وتنوعه‪ ،‬فضال عن ضخامة رساميلها‪ ،‬ألنها تحاول‪ -‬بإمكاناتها هذه‪ -‬اإلحاطة بمجريات‬
‫تحكمها‬
‫ّ‬ ‫أحداث العالم كله‪ ،‬والتمكن من تغطيتها وارسالها إلى الصحافة"(‪ .)10‬وهنا يبرز طابع‬
‫اإلخباري عالميا وحتى إقليميا‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المراجع والهوامش‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ – )1‬عبد الجواد سعيد ربيع‪ ،‬فن الخبر الصحفي دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفجر للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ – )2‬عامر قنديلجي‪ ،‬مصادر المعلومات اإلعالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.44‬‬
‫‪ – )3‬أشرف فهمي خوخة‪ ،‬الصحفيون ومصادر األخبار‪،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر العربية‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ص ‪.18،19‬‬
‫‪ – )4‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ – )5‬هربرت سترنز‪ ،‬المراسل الصحفي ومصادر األخبار‪ ،‬ترجمة‪ :‬سميرة أبو سيف‪ ،21 ،‬الدار‬
‫الدولية للنشر والتوزيع‪ ،1989 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ – )6‬نعمات عثمان‪ ،‬الخبر ومصادره في العصر الحديث‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر‬
‫العربية‪ ،2008 ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ – )7‬أشرف فهمي خوخة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ – )8‬نعمات عثمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ – )9‬نقال عن‪ :‬سهام الشجيري‪ ،‬وكاالت األنباء والتحكم اإلخباري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار أسامة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان األردن‪ ،2014 ،‬ص ‪.15‬‬
‫– نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪)10‬‬

‫‪33‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المحاضرة الخامسة‪:‬‬
‫تقنيات الكتابة الصحافية‬
‫تمهيد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫سمي باألسئلة‬
‫ّ‬ ‫عما‬
‫تتشكل القصة اإلخبارية الصحفية من خالل قيام الصحفي باإلجابة ّ‬
‫الصحفية‪ ،‬أو شقيقات الخبر الصحفي‪ ،‬وهي مجموعة من األسئلة المرجعية التي تعتبر دليال‬
‫للصحفي حينما يجيب عنها تتكون شبكة متماسكة من المعلومات‪ ،‬ولذلك تعتبر مرحلة اإلجابة‬
‫عن األسئلة الصحفية المرجعية (الشقيقات) بمثابة التخطيط للكتابة اإلخبارية‪ ،‬والهدف هو التاثير‬
‫في القارئ بما يتناسب وطبيعة الموضوع أو الحدث‪ ،‬وتتمثل األسئلة المطلوب اإلجابة عنها في‪:‬‬

‫تبين جوهر الحدث ذاته‪.‬‬


‫❖ السؤال ماذا؟ واإلجابة عنه ّ‬
‫❖ السؤال من؟ واإلجابة عنه تكشف عن الفاعل الرئيسي أو الذي تدور حوله األحداث‪.‬‬
‫❖ السؤال أين؟ يتوضح بعد اإلجابة عنه اإلطار المكاني للحدث‪.‬‬
‫❖ السؤال متى؟ يتم عبر اإلجابة عنه تحديد زمن الحدث‪.‬‬
‫تتبين بعد اإلجابة عنه الطريقة التي تم بها الحدث‪.‬‬
‫❖ السؤال كيف؟ ّ‬
‫❖ السؤال لماذا؟ وتنكشف إثر اإلجابة عنه األسباب الكامنة وراء وقوع الحدث‪.‬‬

‫يتمكن الصحفي بعد تحقيق اإلجابة الميدانية عن هذه األسئلة كلها أو بعضها على األقل‪،‬‬
‫محددة‬
‫من صياغة قصته اإلخبارية بما توافر له من معطيات‪ ،‬حيث تتم هذه الصياغة وفق طرق ّ‬
‫ومن خالل قوالب جاهزة‪ ،‬والمقصود بها جميعا األشكال أو النماذج التي تحتذى عند كتابة‬
‫كم المعلومات المتوفّر فيها‪ .‬ويتم تبعا لهذا صياغة األخبار‬
‫األخبار‪ ،‬وكذا األطر التي يوضع ّ‬
‫بالسرد اإلخباري‬
‫السرد‪ ،‬وهو سرد له خصوصيته التي تجعلنا نصطلح على تسميته ّ‬
‫وفق آلية ّ‬
‫السرد الخاص ضمن تشكيل فني جاهز يسمى بالقالب اإلخباري‪.‬‬
‫(اإلعالمي)‪ ،‬ويوضع هذا ّ‬

‫‪34‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -1‬طرق الصياغة اإلخبارية‪.‬‬

‫هناك العديد من طرق الصياغة اإلخبارية‪ ،‬التي تستخدم وفق الحاجة التي يمليها الموقف‬
‫الميداني الذي يواجهه الصحفي‪ ،‬وعلى هذا األساس تشتهر ثالثة طرق للصياغة اإلخبارية وهي‪:‬‬

‫❖ طريقة السرد‪.‬‬
‫❖ طريقة الحديث المنقول‪.‬‬
‫❖ طريقة السرد والحديث المنقول‪.‬‬

‫السرد‪.‬‬
‫‪ -1-1‬طريقة ّ‬

‫تعتبر هذه الطريقة أيسر الطرق الفنية على اإلطالق(‪ ،)1‬وتشمل ذكر الوقائع والمعلومات‬
‫بطريقة من يقص على اآلخرين شيئا رآه أو عرفه‪ ،‬ويحكي لهم عنه أو ينقله إليهم‪ ،‬وهذا يعني‬
‫السرد في هذه الحالة مرتبط حص ار باألحداث‪ ،‬حيث يتعرف القارئ على صورة متكاملة‬
‫هنا أن ّ‬
‫للحدث كما وقع بالفعل من خالل سرد وقائع الحدث(‪.)2‬‬

‫‪ -2-1‬طريقة الحديث المنقول‪.‬‬

‫في هذه الطريقة من طرق نشر الخبر تظهر عناية الصحيفة بالخطب والبيانات والرسائل‪،‬‬
‫يسجلها الصحفي(‪ ،)3‬بحيث تشكل أقوال المصدر مادة الخبر ومصدر‬
‫ونحوها من المواد التي ّ‬
‫أهميته(‪.)4‬‬

‫السرد والحديث المنقول‪.‬‬


‫‪ -3-1‬طريقة ّ‬

‫السرد‪ ،‬كما تنقل عن المتحدثين أو‬


‫تجمع هذه الطريقة بين الطريقتين السابقتين‪ ،‬وتستخدم ّ‬
‫الخطب والبيانات‪ ،‬وهذا يعني ببساطة أنها تجمع بين سرد الوقائع وسرد التصريحات‪ ،‬ألن طريقة‬
‫الحديث المنقول ليست سوى سرداً لمنطوق شخصية ما أو رسالة ما(‪.)5‬‬

‫‪35‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -2‬قوالب الصياغة اإلخبارية‪.‬‬

‫تتعدد القوالب الفنية التي تصب فيها المعلومات اإلخبارية الصحفية‪ ،‬لكن الشائع عند‬
‫أساتذة الصحافة هو وجود ثالثة قوالب فنية هي‪:‬‬

‫❖ قالب الهرم المقلوب‪.‬‬


‫❖ قالب الهرم المقلوب المتدرج‪.‬‬
‫❖ قالب الهرم المعتدل (‪.)6‬‬

‫أن‬
‫أن استخدام هذه القوالب يتشابك مع طرق الصياغة‪ ،‬بحيث يمكن القول ّ‬
‫ومن الواضح ّ‬
‫ويصح هذا حين نقابل بين طريقة‬
‫ّ‬ ‫ك ّل طريقة من الطرق السابقة تقابل قالبا فنيا بعينه تقريبا‪،‬‬
‫السرد والحديث المنقول مع قالب الهرم المقلوب‬
‫السرد وقالب الهرم المقلوب‪ ،‬وكذلك طريقة ّ‬
‫ّ‬
‫المتدرج‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ -1-2‬قالب الهرم المقلوب‪.‬‬

‫يقوم هذا القالب الفني على أساس تشبيه البناء الفني للخبر الصحفي بالبناء المعماري‬
‫للهرم مقلوبا‪ ،‬بحيث ينقسم الخبر إلى جزأين اثنين فقط هما‪ :‬قمة الهرم وجسم الهرم‪ .‬وتأتي أهم‬
‫المقدمة‪ ،‬وهي هنا قاعدة الهرم‪ ،‬أما تفاصيل‬
‫ّ‬ ‫حقيقة أو معلومة في الخبر أو أبرز واقعة به في‬
‫الخبر فهي تأتي بعد ذلك لتشكل جسم الخبر‪ ،‬وتبدأ بمعلومات مهمة وان كانت أقل أهمية من‬
‫المعلومة أو الواقعة التي تضمنتها المقدمة‪ ،‬وتتلوها بعد ذلك المعلومات أو الوقائع األقل أهمية‪،‬‬
‫حتى نصل إلى نهاية الخبر أو إلى قمة الهرم المقلوب حيث أقل المعلومات أو الوقائع أهمية (‪.)7‬‬

‫يمكن تلخيص ذلك في اآلتي‪:‬‬

‫❖ ما هو أساسي وجوهري أوال‪.‬‬


‫❖ ما هو هام ثانيا‪.‬‬
‫❖ ما هو إضافي أخي اًر ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫وذلك وفق الشكل اآلتي‪:‬‬

‫مقدمة – صدر‬
‫األهـم‬ ‫استهالل‬
‫استهالل‬

‫جسم‬
‫المهـم‬
‫الخبر‬

‫جسم الخبر‬
‫إضافات‬
‫األقل أهمية‬

‫شكل رقم (‪ :)01‬قالب الهرم المقلوب للخبر الصحفي‬

‫السرد‪ ،‬وسرد‬
‫يتوافق استخدام هذا القالب الفني في الكتابة الصحفية اإلخبارية مع طريقة ّ‬
‫(‪)8‬‬
‫الوقائع تحديداً‪ ،‬حيث يتضح ذلك عبر المثال اآلتي‪:‬‬

‫عرس جماعي لـ ‪ 24‬شابا بغرداية‪.‬‬

‫احتضن حي مرماد بمدينة غرداية‪ ،‬ليلة األربعاء إلى الخميس الطبعة ‪ 17‬لحفل زفاف‬
‫تزوج بفتاة من والية‬
‫جماعي‪ ،‬ضم ‪ 24‬شابا من مختلف بلديات الوالية من بينهم شاب تونسي ّ‬
‫غرداية‪ ،‬وهذا تحت إشراف رابطة جمعيات حي مرماد الكبير والجمعية الدينية أبو بكر الصديق‬
‫بمدرسة غباني محمد‪ ،‬حيث تضمن الحفل تنظيم وليمة حضرها المئات من المواطنين وشيوخ‬
‫مساجد الوالية وكذا السلطات المحلية‪ ،‬وكذا تكريم حفظة القرآن وشيوخه‪ ،‬وتقديم هدايا للعرسان‬
‫وأيضا السلطات المحلية التي ساهمت في استتباب األمن وانجاح هذا المشروع الخيري‪ ،‬تحت‬
‫أنغام فرقة صوت "السراج المنير" باألغواط‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫وتشهد المنطقة في هذه الفترة الربيعية‪ ،‬تنظيم أعراس جماعية بكل من حي الحاج مسعود‬
‫وضاية بن ضحوة والعطف وأيضا الق اررة تجمع العشرات من الشباب في تقليد سنوي مازال قائما‬
‫في المنطقة‪.‬‬

‫▪ شرح الخبر‪:‬‬

‫تتدرج المحاور الرئيسية للخبر السابق تنازليا حسب أهميتها من األكثر أهمية إلى األقل‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬العرس الجماعي لـ ‪ 24‬شابا الذي جرت وقائعه بأحد أحياء مدينة غرداية‪ ،‬في إطار عادة‬
‫مألوفة‪ ،‬حيث يتضمن هذا المحور اإلجابة عن السؤال ماذا؟ وهو هنا األساس الذي يدور‬
‫حوله الخبر‪ ،‬لذلك ورد في العنوان والمقدمة‪.‬‬

‫‪ -2‬إشراف الجمعيات الخيرية الدينية على مراسم إجراء العرس الجماعي وتنظيم الوالئم وتكريم‬
‫المشايخ وحفظة القرآن والسلطات المحلية التي حفظت األمن‪ ،‬حيث كان الجو العام إنشاديا‪،‬‬
‫وضمن هذا المحور إجابة عن السؤال كيف؟ بعد اإلجابة عن السؤال الرئيسي ماذا؟‬
‫‪ -3‬الخلفية االجتماعية (السنوية) للمناسبة‪ ،‬حيث تشمل هذه الجزئية إيضاحات يمكن غالبا‬
‫تأجيلها على األقل‪ ،‬أو االستغناء عنها إذا كانت المساحة غير كافية‪.‬‬

‫المتدرج‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2-2‬قالب الهرم المقلوب‬

‫يقوم هذا القالب الفني على أساس تشبيه البناء الفني للخبر الصحفي بالبناء المعماري‬
‫المتدرجة على شكل هرم مقلوب‪ ،‬وفيه‬
‫للهرم المقلوب المتدرج‪ ،‬وهو بذلك يأخذ شكل المستطيالت ّ‬
‫تتصدر الذروة أيضا مقدمة الخبر‪ ،‬حيث تتضمن أهم واقعة أو معلومة تهم القارئ‪ ،‬وترتب‬
‫المعلومات أو الوقائع أو التصريحات األخرى ترتيبا تنازليا‪ ،‬ويستخدم هذا القالب بكثرة في‬
‫األخبار التي استخلصت من التصريحات أو البيانات أو الخطب أو المؤتمرات (‪.)9‬‬

‫‪38‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫ويسلك الصحفي في كتابتها طريقة المستطيالت الصغيرة والكبيرة‪ ،‬حتى ينتهي من نقل هذه‬
‫المادة‪ ،‬وتمثل المستطيالت الصغيرة الكالم المنقول بنصه تماما‪ ،‬كما تمثل المستطيالت الكبيرة‬
‫(‪)10‬‬
‫ملَ ّخص هذا الكالم وشرحه للق ّراء‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫ذروة الخبر وتتضمن أهم التصريحات‬

‫أقوال مقتبسة‬

‫ملخص يشرح جانبا من التصريحات‬

‫أقوال مقتبسة‬

‫ملخــــص‬

‫أقــــــــوال‬

‫ملخــــــــــــص‬

‫شكل رقم (‪ :)02‬قالب الهرم المقلوب المتدرج للخبر الصحفي‬

‫يتضح أن هذا القالب الفني يتوافق مع طريقة الصياغة المتمثلة في السرد والحديث‬
‫ّ‬
‫المنقول‪ ،‬حيث يختلط سرد الوقائع وكذا المعلومات ذات االرتباط والعالقة مع بيان أو تصريح‬
‫منقول‪ ،‬يتم في اآلن نفسه سرد تلخيص لبعض أجزائه والبعض اآلخر يتم سرده حرفيا‪ ،‬إلى آخر‬
‫(‪)11‬‬
‫التفاصيل التي يمكن االستغناء عنها‪ ،‬وذلك وفق المثال اآلتي‪:‬‬

‫وصفتها بالجيدة أو األكثر نجاعة في مجال مكافحة اإلرهاب‪.‬‬


‫ماريان لوبان تشيد باألجهزة األمنية الجزائرية‬
‫مقدمة‬
‫ّ‬ ‫المتطرف ومرشحة االنتخابات الفرنسية‬
‫ّ‬ ‫❖ أشادت زعيمة اليمين‬
‫فيها‬ ‫ماريان لوبان‪ ،‬بنجاعة عمل األجهزة األمنية الجزائرية فيمـا‬
‫أهم‬ ‫يخص مكافحة اإلرهاب‪ ،‬قائلة إنه في حال انتخابها كرئيسة‬
‫التصريحات‬ ‫لفرنسا سوف تعمل جاهدة على توسيع رقعة التعاون األوروبي في‬

‫‪39‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫مجال محاربة اإلرهاب إلى خارج دول المنظمة األوروبية لتشمل الجزائر‬
‫جيدة وكذا األجهزة األمنية السورية ‪.‬‬
‫ألن هذه األخيرة ّ‬

‫ردها على سؤال"جون جاك بوردين" على القناة‬


‫قالت ماريان لوبان في ّ‬
‫أقوال‬ ‫التلفزيونية الفرنسية "بي أف أم تي في"‪ ،‬بعد يوم من الهجوم اإلرهابي‬
‫الذي ضرب قلب العاصمة البريطانية لندن "التعاون األوروبي‬
‫مقتبسة‬ ‫لطالما كان موجوداً فيما يتعلق بمكافحة اإلرهاب‪ ،‬لكنني أرغب في‬
‫توسيعه إلى خارج دول اإلتحاد األوروبي ليشمل العمل مع األجهزة األمنية‬
‫الجزائرية‪ ،‬كما يجب التعاون أيضا مع نظيرتها السورية ألنهما أكثر‬
‫نجاعة وجودة‪.‬‬

‫ملّخص‬ ‫كما ترغب المرشحة في غلق الحدود وعدم السماح للمهاجرين و‬


‫يشرح‬ ‫أن اإلرهاب يتسلل بينهم‪ ،‬ووعدت بنزع‬
‫الالجئين بدخول فرنسا‪ ،‬زاعمة ّ‬
‫جانب‬ ‫الجنسية الفرنسية من العائدين من مسارح الجهاد حتى ولو كانوا من‬
‫من‬ ‫األصول الفرنسية‪ ،‬مع طرد المولودين فوق التراب الفرنسي المنحدرين‬
‫التصريحات‬ ‫من أصول مغاربية وعربية‪...‬‬

‫وهكذا نزوال إلى أدق التفاصيل في تصريحات الشخصية‪ ،‬يتم االقتباس والتلخيص من‬
‫كم المعلومات المتحصل عليها من التصريح أو البيان‪ ،‬حيث يتعامل معها‬‫أقوالها‪ ،‬حسب ّ‬
‫الصحفي حسب الخط االفتتاحي لصحيفته‪.‬‬

‫‪ -3-2‬قالب الهرم المعتدل‪.‬‬

‫أن الخالصة ال تأتي في المقدمة بل تأتي في‬


‫يعتبر هذا القالب عكس القالب األول بمعنى ّ‬
‫الخاتمة‪ ،‬باإلضافة إلى كونه يتكون من ثالثة أجزاء هي المقدمة والجسم والخاتمة‪ ،‬بينما يتكون‬
‫القالب األول من مقدمة وجسم فقط‪ ،‬ويرى الباحث فاروق أبو زيد أنه سمي بهذا اإلسم على‬

‫‪40‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫أساس تشبيه البناء الفني للخبر الصحفي بالبناء المعماري للهرم المعتدل بحيث ينقسم الخبر إلى‬
‫ثالثة أجزاء‪:‬‬

‫يمهد للموضوع ولكن ال يحتوي على أهم ما فيه على‬


‫▪ المقدمة‪ :‬وتحتل قمة الهرم وهي مدخل ّ‬
‫نحو ما كان سابقا (في المثالين السابقين)‬

‫▪ الجسم‪ :‬وبه تفاصيل هامة حول الحدث أو الخبر أو الواقعة‪.‬‬

‫▪ الخاتمة‪ :‬وتحتل قاعدة الهرم‪ ،‬حيث تتضمن أهم المعلومات في الخبر أو الواقعة‪ .‬وهنا‬

‫يكون ترتيب المعلومات تصاعديا بمعنى من المهم إلى األكثر أهمية‪ ،‬كما يتضح من الشكل‬
‫(‪)12‬‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫مقدمـة‬
‫(تعديل للحدث)‬

‫الجسـم‬
‫يتضمن معلومات هامة‬

‫الخاتمـة‬
‫أهـم المعلومـات‬

‫شكل رقم (‪ :)03‬قالب الهرم المعتدل للخبر الصحفي‬

‫وال يتناسب –في العادة‪ -‬استخدام مثل هذا القالب الفني في األخبار العادية التي تخضع‬
‫الملّح‪ ،‬ولذلك فإن استخدامه يخضع العتبارات خاصة لعل أبرزها اآلتي‪:‬‬
‫لسلطان التوقيت ُ‬

‫❖ األخبار المتعلقة بالقصص اإلنسانية أو األحداث العاطفية والجرائم المثيرة‪ ،‬وفيها يطيب‬
‫المحررين أن يستخدموا أسلوب الكتابة القصصية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لبعض‬

‫‪41‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫التخيل والترقب والتوقع من بداية توجيه نظره إلى الموضوع‬


‫ّ‬ ‫❖ يتيح للقارئ فرصة‬
‫اإلخباري(‪.)13‬‬

‫أن هذا القالب الفني يستخدم في الغالب األعم مع األنواع الصحفية األخرى‪ ،‬على‬
‫كما ّ‬
‫أن مضمونه ال يتعلق بالضرورة بحدث ينبغي‬
‫غرار التقرير والروبورتاج والمقال االفتتاحي‪ ،‬ذلك ّ‬
‫سريعا معرفته‪ ،‬بل بمجموعة من التفاصيل والتعقيدات البد من التروي من أجل اإللمام بها‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المراجع والهوامش‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ – )1‬عبد اللطيف حمزة‪ ،‬المدخل في فن التحرير الصحفي‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1965‬ص ‪.96‬‬
‫‪ – )2‬إسماعيل إبراهيم‪ ،‬فن التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفجر للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،1998 ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ – )3‬عبد اللطيف حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪ - )4‬إسماعيل إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ – )5‬يمكن أن نستخلص ذلك مباشرة من التقاطعات التي ترد عبر مختلف المراجع العلمية‬
‫بخصوص طرق وقوالب الصياغة اإلخبارية‪.‬‬
‫‪ – )6‬محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬المدخل في فن الخبر الصحفي وتطبيقاته العملية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،2011 ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪ – )7‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ – )8‬صحيفة الخبر‪ ،‬عدد‪ /26 :‬جمادى الثانية‪ 1438 /‬هـ ‪2017/03/25 -‬م‪.‬‬
‫‪ - )9‬محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪ -)10‬عبد اللطيف حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪ -)11‬صحيفة الخبر‪ ،‬نفس العدد السابق‪.‬‬
‫‪ -)12‬محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.173-172‬‬
‫‪ -)13‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.174‬‬

‫‪43‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المحاضرة السادسة‪:‬‬
‫المقدمات اإلخبارية‬
‫العناوين و ّ‬
‫تمهيد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تتشكل البنية األساسية للخبر الصحفي من العنوان والمقدمة‪ ،‬وذلك وفقا لطرق وقوالب‬
‫الصياغة اإلخبارية المتعارف عليها في ميدان الكتابة اإلعالمية‪ ،‬وتبعا لهذا فإن مضمون البنية‬
‫كون تلقائيا من خالل اإلجابة عن شقيقات الخبر الصحفي‪ ،‬أو األسئلة الصحفية‬
‫اإلخبارية سيتُ ّ‬
‫الم رجعية المعروفة‪ ،‬والتي تستجيب بدورها للضوابط اللغوية ضمن أي نسيج ثقافي كان‪ ،‬حيث‬
‫يتم التساؤل دوما حول الحدث من خالل السؤال ماذا؟‪ ،‬وحول الفاعل الرئيسي للحدث أو فيه من‬
‫خالل السؤال من؟ وحول ظروف الزمان والمكان من خالل السؤالين متى؟ وأين؟ وحول األسباب‬
‫من خالل السؤال لماذا؟ وأخي اًر يتم التساؤل حول طريقة وقوع الحدث من خالل السؤال كيف؟‬

‫وتتمثل مهمة الصحفي (الكاتب) حين تعامله مع األسئلة الستة في تقديم اإلجابة عنها‬
‫حسب أهميتها في الحدث‪ ،‬ويتم ذلك عبر العنوان أوالً ثم المقدمة‪ ،‬وتأتي التفاصيل بعدها لتجيب‬
‫جدا‪ ،‬وذلك طبعا على وفق الخصوصية‬
‫عما يكون قد بقي من تساؤالت ذات ارتباطات ثانوية ّ‬
‫ّ‬
‫‌‬ ‫اإلخبارية للحدث المعالج‪ ،‬التي تتح ّكم في عملية تقديم وتأخير المعلومات داخل الخبر الصحفي‪.‬‬

‫‪ -1‬العنوان في الخبر الصحفي‪.‬‬

‫‪ -1-1‬تعريف‪.‬‬

‫يتأسس فهم العنوان في الصحافة المكتوبة على ما جرت به العادة في كل ميادين الكتابة‪،‬‬
‫فهو من حيث المبدأ عالمة لغوية تتموقع في واجهة النص لتؤدي مجموعة من الوظائف يمكن‬
‫تلخيصها في اآلتي‪:‬‬

‫❖ تحديد النص (تعيينه وتسميته)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫❖ الداللة على محتواه‪.‬‬


‫❖ إغراء الجمهور المقصود‪ ،‬أي جذب انتباهه واثارة اهتمامه(‪.)1‬‬

‫وعلى هذا يمكن تعريف العنوان اإلخباري بأنه " الكلمة أو مجموعة الكلمات التي تمثل‬
‫عبارة واحدة‪ ،‬أو أكثر من عبارة مقسمة على أكثر من سطر‪ ،‬يتناسب طولها مع طول المادة‬
‫التحريرية التي ترتفع فوقها‪ ،‬وتكون شديدة الصلة بمضمونها قوية الداللة عليه‪ ،‬مختصرة له‬
‫ومركز وواضح‪،‬‬
‫ومبرزة لبعض جوانب األهمية فيه‪ ،‬ممثلة وحدة تحريرية بذاتها‪ ،‬ذات نسيج قوي ّ‬
‫( ‪)2‬‬
‫فنا كبي اًر‬
‫ويكتبها الخطاط بحروف أكبر من حروف الخبر نفسه" ‪ ،‬ويعتبر العنوان تبعا لهذا ّ‬
‫ومهما جداً‪ ،‬وهو آخر ما يكتب في الخبر‪ ،‬لذلك فمن الضروري أن يكتب بعد كتابة الخبر‪ ،‬والبد‬
‫المقدمة‪ ،‬وهذا ال يعني أن العنوان يكرر ما جاء في المقدمة‪ ،‬واّنما يستوحي معناه‬
‫أن يتناسب مع ّ‬
‫وللمقدمة بالذات(‪ .)3‬ويمكننا تعريفه بعد هذا إجرائيا‬
‫ّ‬ ‫من محتوياتها‪ ،‬فهو المدخل الحقيقي للخبر‬
‫بأنه سطر أو مجموعة أسطر تسبق الخبر‪ ،‬وتدل عليه‪ ،‬وتشير إلى مضمونه‪ ،‬وبالتالي فإن أي‬
‫إهمال للعنوان‪ -‬من حيث حسن الصياغة والبناء‪ -‬يعني إهمال الخبر ك ّكل‪ ،‬والتأثير على أهميته‬
‫أن العنوان هو تاج الخبر‪ ،‬وما دام كذلك فهو متعلق حص ار بأهم‬
‫بدفع المتلقي إلى تجاوزه‪ ،‬إذ ّ‬
‫معلومة في الخبر‪ ،‬والتي ستتوفّر‪-‬بال شك‪ -‬من خالل اإلجابة عن إحدى شقيقات الخبر‬
‫الصحفي‪ ،‬وتلك مهمة متروكة للصحفي ومدى ارتباطه بحقيقة الحدث‪ ،‬فهذا االرتباط سيتيح‬
‫للصحفي صياغة عنوانه الخبري عبر مرحلتين‪:‬‬

‫‪ -‬األولى‪ :‬معالجة الفكرة‪ ،‬وتتضمن صياغة فكرة العنوان المستمدة من األفكار الواردة في‬
‫موضوع الخبر‪.‬‬

‫‪ -‬الثانية‪ :‬المعالجة األسلوبية والداللية‪ ،‬وتتضمن التعبير عن فكرة العنوان بكلمات وجمل دالة‬
‫محدد (‪.)4‬‬
‫وفق نسق وسياق ّ‬

‫َفلِ ُك ّل فكرة رموزها اللغوية التي تكون أصدق وأبلغ في التعبير عنها‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -2-1‬شروط وخصائص كتابة العنوان‪.‬‬

‫يتحقق نجاح العنوان اإلخباري إذا ما تم بناؤه وفق السياق الطبيعي لعالقته بكل من القصة‬
‫اإلخبارية(النص اإلخباري) والقارئ‪ ،‬وال يكون ذلك إالّ وفق شروط ومواصفات وجب أن يصطبغ‬
‫بها عنوان الخبر الصحفي‪ ،‬وأبرز هذه المواصفات هو اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬يشمل أهم حقيقة في الخبر‪.‬‬


‫‪ -‬يشمل أكثر األحداث إثارة في الخبر‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون مقيدا بأقل عدد من الكلمات ومعب ار تماما عن مضمون الخبر‪.‬‬
‫‪ -‬أن يجيب عن أحد األسئلة الستة المعروفة‪.‬‬
‫‪ -‬يبتعد عن التهويل والتضخيم‪.‬‬
‫‪ -‬أن يبتعد عن إظهار أي شبهة للرأي فيه‪ ،‬حتى ال يفقد صفته كعنوان إخباري بعد فقدان‬
‫موضوعيته(‪.)5‬‬
‫‪ -‬أال يكون محتوى العنوان طباقا أو جناسا‪ ،‬أو ك ّل ما تعلّق بالمجاز أو البيان‪ ،‬وهذا ممكن في‬
‫بعض الحاالت الخاصة ضمن أنواع صحفية بعينها‪.‬‬
‫المكررة أو المهجورة وغير‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تجنب استعمال العناوين التساؤلية والنافية وذات األسماء واأللفاظ‬
‫المتداولة‪.‬‬
‫‪ -‬الحذر من األخطاء‪ ،‬سواء في المحتوى أو في األسماء‪ ،‬إذ هناك من سجن لخطأ في تسمية‬
‫رئيس دولة‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال الفعل المضارع والمبني للمعلوم‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب استعمال األعداد في العنوان‪ ،‬وان لزم األمر ينصح كتابتها حرفياً (‪.)6‬‬
‫ويمكن التدليل على هذه المواصفات والمعايير من خالل بعض األمثلة‪:‬‬
‫المثال ‪ -1‬بريطانيا‪.‬‬
‫مظاهرات حاشدة ضد القوات األمريكية في البالد‪.‬‬
‫نظم اآلالف من أعضاء الحركة السلمية المناهضة لألسلحة النووية في بريطانيا مظاهرات‬
‫واسعة أمس األحد‪ ،‬شملت العديد من القواعد األمريكية في البالد‪ ،‬وتأتي هذه المظاهرات الواسعة‬

‫‪46‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫التي تستمر حتى وقت متأخر من مساء اليوم‪ ،‬احتجاجا على نقل أربعة قاذفات صواريخ كروز‬
‫النووية من قاعدة "غرين هام كومون" إلى القاعدة "ساليز بوري" البريطانية‪.‬‬

‫المثال ‪-2‬‬

‫مروان البرغوثي ضمن صفقة لتبادل األسرى بين حماس و "إسرائيل"‪.‬‬

‫أعلنت حركة المقاومة اإلسالمية في فلسطين المحتلة ضمن بيان لها نشر على األنترنت‬
‫توصلها إلى اتفاق مع"إسرائيل" عبر الوسيط األلماني يقضي بإدراج مروان‬
‫ليلة البارحة عن قرب ّ‬
‫البرغوثي ضمن صفقة تبادل األسرى المرتقبة‪.‬‬

‫المثال ‪-3‬‬

‫الجامعة العربية تعقد قمتها المقبلة في بغداد‪.‬‬

‫تحد منها للظروف األمنية في العراق‪ ،‬تعقد جامعة الدول العربية قمتها المقبلة في‬
‫في ّ‬
‫تردد أنباء صحفية عن إمكانية استبعاد هكذا احتمال نظ ار‬
‫العاصمة العراقية بغداد‪ ،‬يأتي هذا بعد ّ‬
‫لتردي األوضاع األمنية في العراق منذ سقوط بغداد واحتالل العراق على يد القوات األمريكية‬
‫والبريطانية‪.‬‬

‫تأتي هذه األمثلة الثالث لتؤكد على أمر جامع فيما يرتبط بعنوان الخبر الصحفي‪ ،‬وهو‬
‫ضرورة اشتماله على أهم حقيقة يعالجها الخبر‪ ،‬من خالل اإلجابة عن أحد األسئلة الصحفية‬
‫المرجعية‪ ،‬وهو األمر الذي تزيد فعاليته من خالل االلتزام بتحقيق باقي مواصفات وشروط العنوان‬
‫الفعال والناجح‪.‬‬

‫‪ -3-1‬أنواع العناوين‪.‬‬

‫التنوع يخضع لعملية تصنيف‪ ،‬وبهذا الشأن‬


‫هناك أنواع عديدة للعنوان اإلخباري‪ ،‬لكن هذا ّ‬
‫يمكن تصنيف أنواع العناوين حسب مؤشرين رئيسيين‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -‬األول‪ :‬حسب أشكالها‪.‬‬


‫‪ -‬الثاني‪ :‬حسب طبيعة مضمونها‪.‬‬

‫(‪)7‬‬
‫أ‪ -‬حسب أشكالها ‪ ،‬تنقسم إلى األنواع اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬العنوان الدائري أو المونشيت (‪.)Manchette‬‬

‫وهو العنوان الرئيسي الذي يتصدر الصفحة األولى في الجريدة‪ ،‬بحيث يكون خاصا بالخبر‬
‫الرئيسي فيها‪ ،‬وقد يكون هناك أكثر من مونشيت ألكثر من خبر رئيسي‪ .‬وكلمة مونشيت هي‬
‫أن القارئ حين مسكه‬
‫كلمة أجنبية تطلق على ردن القميص الذي يدور حول معصم اليد‪ ،‬ذلك ّ‬
‫للصحيفة وطيها على شكل دائري‪ ،‬فإن العنوان الرئيسي فيها يصبح دائريا‪.‬‬

‫إن هذا الشكل من العناوين هو في الحقيقة نوع من الالفتات أو النداءات التي تدعو القارئ‬
‫وتغريه بالمطالعة‪ ،‬أو هي النوافذ التي يطل منها على الصحف‪.‬‬

‫العنوان الرئيسي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يمكن اعتباره عنوانا رئيسيا ك ّل ما كان دون المونشيت في الحجم وسعة الخط‪ ،‬كما أن‬
‫المونشيت مكانه الصفحة األولى‪ ،‬وباقي صفحات الجريدة مليئة بالعناوين الرئيسية‪ ،‬التي تمتد‬
‫عادة ألكثر من عمودين‪ ،‬وتأتي جملة إسمية خبرها جملة فعلية‪ ،‬ويرتبط به أحيانا ما يسمى‬
‫بعنوان اإلشارة‪ ،‬بحيث يسبقه في الموقع ويصغره في الحجم (أنظر المثال ‪.)01‬‬

‫‪ -‬العنوان الفرعي‪.‬‬

‫العناوين الفرعية خاصة‪-‬في العادة‪ -‬بأجزاء الخبر‪ ،‬وبأجزاء المادة الصحفية عموما حين‬
‫يكون لها عنوانها الرئيسي‪ ،‬وتبعا لهذا فهي ال تمتد ألكثر من عمودين على صفحات الجريدة‪.‬‬

‫إن لهذه األشكال من العناوين في الصحافة المكتوبة أشكاال طباعية‪ ،‬السيما مع ظهور‬
‫الحوسبة واستخدامها في عملية اإلخراج الصحفي‪ ،‬ولذلك تجد من العناوين ما هو على شكل هرم‬

‫‪48‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫مقلوب ومنها ما يأتي على شكل الهرم المعتدل‪ ،‬أو العنوان الذي يكون في شكل أسطر متساوية‬
‫في البداية والنهاية وغيرها‪.‬‬

‫(‪)8‬‬
‫ب‪ -‬حسب طبيعة مضمونها‪ .‬تنقسم العناوين حسب هذا المؤشر إلى اآلتي من العناوين‪:‬‬

‫‪ -‬عنوان وصفي‪.‬‬

‫يقدم لنا وصفا مباش ار للخبر‪.‬‬

‫مثال‪ :‬احتفاالت واسعة في العاصمة الجزائرية‪.‬‬

‫عنوان ملّخص‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يتكون من جملة واحدة تلّخص الفحوى اإلخباري ومثاله‪:‬‬

‫مقتل ثالثين جنديا أمريكيا في العراق‪.‬‬

‫ارتفاع نسبة االنتحار في صفوف الجيش اإلسرائيلي‪.‬‬

‫مركب‪.‬‬
‫عنوان ّ‬ ‫‪-‬‬

‫مكملة للثانية‪ ،‬التي تعتبر بمثابة العنوان‬


‫يتكون من جملتين متكاملتين‪ ،‬حيث تكون األولى ّ‬
‫الرئيسي‪.‬‬

‫غزة‪.‬‬
‫مثال‪ :‬فصائل المقاومة في ّ‬

‫ال تنازل عن حق العودة‪.‬‬

‫عنوان اقتباس‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ومثاله‪ :‬أردوغان أمام البرلمان‪.‬‬

‫نحن بشر نحن فانون‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -2‬المقدمة في الخبر الصحفي‪.‬‬

‫تعتبر المقدمة مدخل القارئ للخبر الصحفي‪ ،‬ومن ثم فالبد أن تتوفر على كل اإلمكانات‬
‫تقدم للقارئ أهم ما في هذا الخبر‪ ،‬وأن تتوفّر لها الجاذبية الستهوائه ودفعه‬
‫التي تحقق لها أن ّ‬
‫إلى متابعة الخبر حتى نهايته‪.‬‬

‫‪ -1-2‬تعريف‪.‬‬

‫مقدمة الخبر هي الفقرة التي تأتي في بدايته بحيث تلّخص أهم ما جاء فيه‪ ،‬أي العنصر‬
‫(‪)9‬‬
‫(الشقيقات)‬ ‫البارز فيه‪ ،‬وتترك التفاصيل للجسم‪ ،‬وهي بدورها تجيب عن بعض األسئلة الخبرية‬
‫إن اإلجابة عن شقيقات الخبر الصحفي في المقدمة مرتبط بخبرة الصحفي‪ ،‬بحيث يشترط فيه‬
‫الموازنة بين األهم والمهم‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإما أن تجيب المقدمة عن السؤال من؟ وتتعلق‬
‫بالشخص المتسبب بالحدث (أنظر المثال ‪،)02‬أو أن تركز المقدمة على مكان وقوع الحدث‬
‫ثم‬
‫فتجيب عن السؤال أين (أنظر المثال ‪ ،)03‬أو أن تتعلّق رأسا بالحدث أو الواقعة‪ ،‬فتجيب من ّ‬
‫عن السؤال ماذا؟ (أنظر المثال ‪ )01‬ويمكن أن تتعلق المقدمة بسبب وقوع الحدث ومثاله كاآلتي‪:‬‬

‫بعد أن يئس من الشفاء قرر المريض في العمارة رقم ‪ 06‬بمستشفى مصطفى باشا وضع‬
‫ّحد لحياته بأن ابتلع ‪ 100‬قرص من الحبوب‪.‬‬

‫وتتعلق أحيانا المقدمة اإلخبارية باإلجابة عن السؤال كيف؟ وهو المرتبط بالطريقة التي‬
‫وقع بها الحدث ومثاله كاآلتي‪:‬‬

‫بواسطة اإلبر الصينية نجح أول طبيب عربي في تخدير مريض أجريت له جراحة قلب‪.‬‬

‫‪ -2-2‬خصائص المقدمة الخبرية‪.‬‬


‫مقدمات األخبار بخصائص هي‪:‬‬
‫تتميز ّ‬
‫وتشده إلى متابعة الخبر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أن تجذب اهتمام القارئ‬ ‫‪-‬‬
‫مما قد يشتّت ذهن القارئ‪.‬‬
‫‪ -‬أالّ تزدحم بالمعلومات ّ‬
‫‪ -‬أال تكون أكبر من الخبر حجما‪ ،‬فهي تقبض على جوهر الحدث‪ ،‬بحيث تستقطب القارئ‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫‪ -‬تجمع بين أمرين مختلفين‪ ،‬كيفية الوصول إلى جوهر الخبر‪ ،‬وكيفية اإلغراء لمتابعة‬
‫الخبر(‪.)10‬‬
‫‪ -‬تكون في الغالب فقرة بسيطة ال تتعدى ثالثة أسطر‪ ،‬حسب المساحة(‪.)11‬‬

‫بالصدر أو االستهالل الذي يتموقع في قاعدة الهرم‬


‫ّ‬ ‫وهي بهذه الخصائص تسمى أيضا‬
‫المقلوب العادي أو المتدرج‪ ،‬ويأتي الجسم في المرتبة الثالثة بعد العنوان والمقدمة‪ ،‬ويتضمن‬
‫ولخصته المقدمة‪ ،‬ثم الخاتمة التي تكون في جسم الخبر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تفاصيل الخبر الذي أشار إليه العنوان‬
‫جدا‪ ،‬التي يمكن االستغناء عنها دون أن يؤثر ذلك على معنى الخبر‬
‫وتحوي التفاصيل الثانوية ّ‬
‫أو على أهميته (‪.)12‬‬

‫‪ -3-2‬أنواع المقدمات‪.‬‬

‫أن المقدمات‬
‫محددة‪ ،‬كما ّ‬
‫توجد العديد من األنواع للمقدمات اإلخبارية‪ ،‬بناء على تصنيفات ّ‬
‫تتنوع أيضا ولذات السبب حسب طبيعة مضمونها أو الوظيفة التي تبدو أنها تستخدم ألجلها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وسنعتمد في تقسيم المقدمات الخبرية إلى أنواع على ما ذهب إليه الباحث الجزائري عبد العالي‬
‫رزاقي(‪ ،)13‬وفق اآلتي‪:‬‬

‫مقدمة االقتباس‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تنقل مباشرة من تصريح شخصية ما‪ ،‬أهم ما ورد في تصريحه‪ ،‬ويفضل أن تختار الجمل‬
‫التي تبدأ بأفعال حتى تكون المقدمة قوية‪.‬‬

‫مقدمة السؤال أو األسئلة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫هي مقدمة تطرح سؤاال أو أكثر لموضوع يشكل حدثا آنيا‪.‬‬

‫كان يقال مثالً‪:‬‬


‫كيف يمكن للجزائر أن تقلّص من حوادث المرور؟‬

‫هذا هو محور اجتماع إطارات و ازرة النقل المنعقد اليوم بقصر المعارض‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫مقدمة المفارقة أو التناقص‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تعتمد على إبراز التناقضات في الخبر‪ ،‬مثال‪:‬‬
‫وتبين من التحقيقات األولية أنه ابن‬
‫ألقت الشرطة القبض على رئيس عصابة مخدرات‪ّ ،‬‬
‫مدير سابق لمكافحة المخدرات‪.‬‬

‫مقدمة االستهالل الوصفي‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تعتمد على وصف الحدث بالدرجة األولى‪ ،‬مثال‪.‬‬
‫كان محمد بوضياف رئيس الدولة الجزائرية يمد يده ليطوي ملف األزمة الجزائرية‪ ،‬وكان‬
‫الخطاب مباش ار على التلفزيون‪ ،‬حين فاجأه أحد حراسه بوابل من الرصاص‪.‬‬

‫مقدمة استهالل الخلفية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يقدم في الوقت ذاته خلفياتها‪،‬‬


‫يقدم العنصر الهام في الواقعة‪ ،‬يحاول أن ّ‬
‫وهو استهالل ّ‬
‫ومثاله‪:‬‬

‫مات أبو العديد دودو الكاتب الساخر بعد ‪ 30‬سنة من رفع أحد الطلبة دعوى قضائية‬
‫ضده‪ ،‬بسبب أوصاف لبطل قصته تقاطعت مع أوصافه فاعتبرها مساسا بسمعة عائلته ‪ .‬حيث‬
‫الخلفية هنا هي رفع الدعوى من طرف الطالب قبل أن وقع الحدث‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المراجع والهوامش‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ – )1‬أكرم فرج الربيعي‪ ،‬الكفاءة االتصالية في صياغة عناوين األخبار‪ ،‬دار آمنة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان األردن‪ ،2014 ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ – )2‬ساعد ساعد‪ ،‬فنيات التحرير الصحفي‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،2012 ،‬ص‪.73‬‬
‫‪ – )3‬محمد جمال الفار‪ ،‬معجم المصطلحات اإلعالمية‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،2014 ،‬ص ‪.234‬‬
‫‪ - )4‬أكرم فرج الربيعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.40-39‬‬
‫‪ – )5‬محمد جمال الفار‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.235‬‬
‫‪ – )6‬ساعد ساعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.75-74‬‬
‫‪ – )7‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬الخبر في الصحافة واإلذاعة والتلفزيون واألنترنت‪ ،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ص ‪.103 ،101‬‬
‫‪ - )8‬ساعد ساعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ – )9‬محمد لعقاب‪ ،‬الصحفي الناجح‪ ،‬ط‪ ،3‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -)10‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -)11‬ساعد ساعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -)12‬محمد لعقاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -)13‬أنظر‪ :‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.115 ،114‬‬

‫‪53‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المحاضرة السابعة‪:‬‬
‫القيـم اإلخباريـة‬
‫تمهيد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تتمثل المهمة األساسية للصحافة في البحث عن الحقيقة‪ ،‬ومن ثم كشفها‪ ،‬و هذه المهمة‬
‫يضطلع بها ميدانيا الصحفي‪ ،‬وسيكون هذا أدعى ألن تكون الحقيقة واحدة‪ ،‬طالما هناك واقع‬
‫متعددا حين انتقاله إلى‬
‫ّ‬ ‫واحد تغطيه الصحافة‪ ،‬لكننا نجد غالبا أن هذا الواقع الواحد يصير‬
‫صفحات الجرائد‪ ،‬بمعنى تغطيته من طرف الصحفي‪ ،‬ومرد ذلك نحصره في الخريطة اإلدراكية‬
‫تتعدد‬
‫للصحفي‪ ،‬التي يتحكم فيها الخط السياسي واأليديولوجي للصحيفة‪ ،‬فمن هذا المنطلق ّ‬
‫بتعدد مصدرها‪ ،‬وهذا األخير يضبطه المذهب الفكري الذي يمتلك رؤية خاصة للكون‬
‫الحقيقة ّ‬
‫والوجود‪ ،‬وعليه فمصدر الحقيقة في المذهب السلطوي هو الحاكم‪ ،‬ومصدرها في المذهب‬
‫أما مصدرها في المذهب اإلسالمي فهو الواقع مع بعض الضوابط الشرعية‬
‫الليبرالي هو العقل‪ّ ،‬‬
‫ويتغير تبعا لكل مذهب تعريف الخبر الصحفي‪ ،‬ويرجع ذلك إلى طبيعة القيم التي بها‬
‫ّ‬ ‫أحيانا‪،‬‬
‫يقاس إجرائيا‪ ،‬وبحسب المذاهب دوما‪ ،‬التي تعتبر منبع تقييم الواقع‪ ،‬وعلى إثر ذلك (أي‬
‫تكرست مع الزمن في ميدان العمل‬
‫المذاهب) ظهرت المدارس المفاهيمية للصحافة‪ ،‬تبعا لتجارب ّ‬
‫الصحفي‪ ،‬فهذه مدرسة االحترافية الصحفية التي تهتم لقيم بعينها في عملية جمع األخبار‪ ،‬وتلك‬
‫مدرسة اإلثارة الصحفية التي ال تبالي بقيم االحترافية بقدر ما ترّكز على ما يخالفها وهكذا‪.‬‬

‫إن هذا الوضع اإلعالمي يملي ضرورة فهم ماهية القيم الصحفية اإلخبارية‪ ،‬وكذلك أبرز‬
‫‌‬ ‫هذه القيم على اختالف تصنيفاتها‪ ،‬وأخي ار فيم تفيد دراسة هذه القيم‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف القيم اإلخبارية‪.‬‬

‫إن كلمة القيمة ‪-‬التي انتشر استعمالها في عصرنا بمعنى الكلمة الفرنسية (‪‌-)Valeur‬‬

‫تدل أصال على اسم النوع من الفعل قام‪ ،‬بمعنى وقف واعتدل وانتصب وبلغ واستوى(‪ .)1‬وبهذا‬
‫نقر بأن اإلنسان يرغب‪ ،‬ويتطلّع‪ ،‬ويعلم‪،‬‬
‫المعنى اللغوي الذي تحمله كلمة قيمة نستطيع أن ّ‬
‫‪54‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫ويبحث‪ ،‬ويحب‪ ،‬ويريد‪ ،‬فإذا اتفقنا على تسمية هذه الميول كلّها بالقيمة‪ ،‬فإن ك ّل شيء يصير‬
‫قيمة بالنسبة لإلنسان‪ ،‬ألن ك ّل شيء يمكن أن يصير موضوعا للميل‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإنه ال توجد قيمة‬
‫تتعدد‪ ،‬وتنقسم بالنسبة إلى ك ّل إنسان إلى قيم حقيقية وأخرى غير حقيقية(‪.)2‬‬
‫واحدة‪ ،‬بل إن القيم ّ‬
‫ولعل هذا ما يجعل التغطية الصحفية للواقع تختلف باختالف الصحف‪ ،‬بمعنى مجموعة القيم‬
‫ّ‬
‫التي تتبناها الصحيفة وتبني عليها معالجتها لألحداث‪ ،‬وهي في أبسط تعاريفها مثلما يوضح‬
‫الباحث عبد العالي رزاقي‪:‬‬

‫خصائص أو صفات أو عناصر أو مقاييس أو أسس أو مبادئ أو مواصفات أو معايير‬


‫أو مفاهيم أو سمات تحدد موقع الخبر في المؤسسة اإلعالمية‪ ،‬ومكانته في نشرات األخبار(‪.)3‬‬

‫وهناك من يسمي هذه القيم أركان الخبر أو عناصره‪ ،‬وهي إجماال بمثابة األسس النظرية‬
‫التي يبنى عليها الخبر الصحفي حيث تقوم عملية اإلبداع الصحفي في الخبر بمراحلها المختلفة‬
‫وتتوجه بقيم أ ّكدت الممارسة الصحفية العالمية صحتّها‪ ،‬وتحاول أن‬
‫ّ‬ ‫على أسس ثابتة‪ ،‬وتسترشد‬
‫تتقيد بشروط وقواعد تثري الخبر الصحفي وتزيد فعاليته وتأثيره‪ ،‬وغالبا ما يطلق على هذه‬
‫األسس أو الشروط أو المفاهيم اسم‪ :‬القيم اإلخبارية‪.‬‬

‫التعرف على هذه القيم ضمن المادة الصحفية هي أداة تحليل المحتوى‪ ،‬والذي هو‬
‫ووسيلة ّ‬
‫بمثابة التحليل الظاهر لمحتوى االتصال‪ ،‬أما المنهج الذي نعرف به المحتوى الباطن‪ ،‬فهو‬
‫المنهج السيميائي الذي من خالله نعرف المعنى دون المبنى‪.‬‬

‫‪ -2‬تصنيف القيم اإلخبارية‪.‬‬

‫توجد العديد من القيم اإلخبارية في مجال العمل الصحفي‪ ،‬لكن بعضها يختلف عن بعض‬
‫بحسب الخلفية الثقافية أو السياسية‪ ،‬أو غيرها من الخلفيات التي تصلح لتصنيف مختلف القيم‪،‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫يمكن أن ننتبه إليه هو ذاك الذي يقسم القيم كمعايير إلى‪‌ ‌ :‬‬ ‫وأفضل تصنيف‬
‫❖ معايير زمنية‪.‬‬
‫❖ معايير مهنية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫❖ معايير إنسانية‪.‬‬
‫❖ معايير أخالقية‪.‬‬

‫‪ -1-2‬المعايير الزمنية‪.‬‬

‫وتقرر أهمية خبر من األخبار في‬


‫ّ‬ ‫وهي تلك التي ترتبط بعنصر الوقت أو عامل الزمن‪،‬‬
‫ضوء حالته التاريخية وعمره(‪ ،)5‬وتتمثل في القيم اآلتية‪:‬‬

‫الجدة أو الحالية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫بمعنى الحداثة واآلنية‪ ،‬وتقضي هذه القيمة بأن يدور الخبر حول حدث راهن وآني‪ ،‬وأن‬
‫أن‬
‫يقدم وقائع ومعلومات جديدة عنه‪ ،‬وهو عامل هام وحاسم في جلب األخبار ونشرها‪ ،‬ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫الخبر يولد ليموت كما يقال‪ ،‬وهو ما يجعل المنافسة بين الصحف غالبا ما تقوم على السبق‬
‫الصحفي‪.‬‬

‫‪ -‬االستمرارية‪.‬‬

‫محددة بنشره فقط خالل عدد واحد من أعداد‬


‫تعني هذه القيمة أال تكون نهاية الخبر ّ‬
‫مما ينبثق عنه أو يتفرع عدة أخبار أخرى وبصفة مستمرة‪ ،‬بحيث يربط‬
‫الصحيفة‪ ،‬وانما يكون ّ‬
‫تطوراتها ويعمل على متابعتها(‪.)6‬‬
‫بينها الخيط اإلخباري الذي يشد القارئ إليه‪ ،‬ويجعله ينتظر ّ‬
‫(مثال‪ :‬حوادث‪ 09/11‬في الواليات المتحدة األمريكية)‪.‬‬

‫‪ -2-2‬المعايير المهنية‪.‬‬

‫ترتبط القيم اإلخبارية ضمن هذا المعيار بطبيعة العمل الصحفي بحد ذاته‪ ،‬بمعنى كل ما‬
‫ينظم وجوده وديمومته كنشاط روتيني‪ ،‬ولذلك تتعلق القيم المنظوية تحت المعيار المهني‬
‫بالمضمون الصحفي بما هو مضمون إخباري يجب أن يصل إلى القارئ و يؤثر فيه‪ ،‬وأبرز القيم‬
‫في هذا الشأن هو اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬الضخامة أو البروز (األهمية)‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫ومعناه كلما تعلق الخبر بحدث هام‪ ،‬أي تُ ْع َنى به أوسع شريحة مجتمعية كان أدعى ألن‬
‫يكون أقوى في التأثير بعد االنتشار‪ ،‬فقيمة الخبر ترتفع كلّما زادت نسبة اهتمام الناس به‪ ،‬ومثال‬
‫ذلك أخبار أسعار المواد االستهالكية األساسية‪ ،‬وقوائم السكن االجتماعي في الدول النامية وما‬
‫شابه ذلك‪ .‬وليس المقصود بالضخامة هنا التهويل أو المبالغة‪.‬‬

‫القرب أو المحلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يحتل عنصر القرب أو المحلية أو المكانية أو العرقية مرتبة مهمة في قياس الخبر‪،‬‬
‫فاالشتراك في المكان أو األحاسيس أو األديان أو األيديولوجيات أو الجنس هو عامل أساس في‬
‫نشر األخبار‪.‬‬

‫فخبر يتعلق بالعرب يعني المسلمين والمسيحيين واليهود العرب‪ ،‬وخبر يتعلق بالمسلمين‬
‫يعني ‪ 1‬مليار و ‪ 400‬مليون مسلم‪ ،‬بعض النظر عن األعراف والجنسيات(‪.)7‬‬

‫‪ -‬التشويق‪.‬‬

‫الصحفي في دفع القارئ إلى متابعة نص الخبر حتى نهايته‪،‬‬


‫ّ‬ ‫تعني هذه القيمة أن ينجح‬
‫تطوراته وتداعياته‪ ،‬ويفترض أن التشويق كقيمة إخبارية يختلف عن الغ اربة بما هي‬
‫بل ومتابعة ّ‬
‫خروج عن المألوف‪ ،‬فتلك نظرة مدرسة اإلثارة الصحفية إلى قيمة التشويق‪.‬‬

‫‪ -‬السياسة التحريرية‪.‬‬

‫هناك من يرى أن أهم قيمة إعالمية مشتركة بين وسائل االتصال الجماهيرية هي سياساتها‬
‫المختلفة‪ ،‬وهي الخط السياسي الذي يضعه مالك المؤسسة اإلعالمية‪ ،‬ويلتزم به ويتم االتفاق‬
‫القراء أو‬
‫حوله بين الشركاء وفق المصالح الشخصية أو القناعات الفردية‪ ،‬أو بهدف كسب ّ‬
‫الجمهور‪ ،‬ويتعهّد الطاقم الصحفي بتنفيذ هذه السياسات‪ ،‬بل يجب على ك ّل صحفي أن يخلع‬
‫بمجرد دخوله عتبة المؤسسة اإلعالمية ويرتدي عباءتها‪ ،‬ويدافع عن‬
‫ّ‬ ‫أفكاره وميوله السياسية‬
‫اختيارها حتى لو كان غير مقتنع بذلك(‪.)8‬‬

‫‪57‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫النتائج واآلثار‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إن جانبا كبي اًر من أهمية الخبر الصحفي هو مدى ما يثيره لدى القارئ من توقع‪ ،‬لما ينتج‬
‫عنه أو يثيره من احتماالت وايحاءات لديه وكذا ما يطرحه في ذهنه من تساؤالت عن نتائج‬
‫وعواقب هذا الخبر سواء على القارئ نفسه أو على المجتمع الذي يعيش فيه أو الوطن الذي‬
‫ينتمي إليه(‪.)9‬ومثال ذلك أخبار االنخفاض الحاد في أسعار البترول عالميا‪ .‬وقد اقتضت العادة‬
‫تبعا لهذه القيمة أن يكون الجانب السلبي في الخبر معيا ار حاسما في تحقيق جماهيريته‪.‬‬

‫‪ -‬األسماء البارزة‪.‬‬

‫حد ما هي التي تصنع األخبار أو تساهم في صنعها‪ ،‬وقد تسمى‬


‫إن األسماء البارزة إلى ّ‬
‫هذه القيمة أحيانا بالنخبوية في الصحافة‪ ،‬فالخبر الذي يتضمن أسماء هامة ومعروفة ومسؤولة‬
‫ومختصة ومشهورة‪ ،‬يكون أكثر تأثي ار من الخبر الذي يتضمن أسماء شخصيات عادية‪ ،‬ومثله‬
‫المؤسسات‪.‬‬
‫حال البلدان والشركات و ّ‬

‫‪ -‬المنافسة‪.‬‬

‫تنتشر أكثر األخبار التي لها قيمة تنافسية‪ ،‬كما أن المنافسة بين الصحف تفرض ضرورة‬
‫تقديم الوقائع بأقصى سرعة ممكنة‪ ،‬وهو ما يحقق زيادة توزيع الصحيفة‪ ،‬ليزداد بعدها نفوذها‬
‫الفكري وتأثيرها السياسي‪ .‬وهكذا ترتبط قيمة المنافسة مع السرعة مع قيمة زيادة التوزيع‪.‬‬

‫‪ -3-2‬المعايير اإلنسانية‪.‬‬

‫ترتبط القيم اإلخبارية ضمن المعيار اإلنساني بكل ما يشترك فيه جميع الناس‪ ،‬والمعنى أن‬
‫األخبار حين تتضمن قيما إنسانية فإنها تتوجه مباشرة للتأثير على مراكز االهتمام اإلنساني‬
‫والجانب الوجداني والعاطفي النفسي العام‪ ،‬وأبرز هذه القيم هو اآلتي‪:‬‬

‫الصراع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪58‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫إن الصحافة المتوازنة تقتضي أن يكون في ك ّل قصة طرفين‪ ،‬وعندما يكون هذان الطرفان‬
‫في حالة صراع يكون هناك إحساس بالفورية في األحداث والسرعة‪ ،‬كما يتم أيضا التركيز على‬
‫مصالح معينة من خالل تقديم األحداث في صورة درامية(‪ .)10‬ومثاله أخبار أقلية الروهينغا‬
‫المسلمة في ميانمار‪ ،‬أو مقتل أطفال ونساء في هجوم بالسالح الكيماوي كالذي حدث في سوريا‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام اإلنساني‪.‬‬

‫يحرك ويثير العواطف‬


‫يكتسب الخبر أهمية خاصة إذا توافر فيه العنصر اإلنساني‪ ،‬ألنه ّ‬
‫اإلنسانية عند القارئ‪ ،‬سواء بالحب أو العطف أو الشفقة أو الكره أو الخوف‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫العواطف اإلنس انية المتباينة‪ ،‬ومن ذلك مصرع عروسين في ليلة زفافهما‪ ،‬والطفلة التي خرجت‬
‫من تحت األنقاض بعد يومين دون خدش وعمرها ثالثة سنوات(‪.)11‬‬

‫يمكن أن تبرز من خالل قيمتي الصراع واالهتمام اإلنساني قيم أخرى ذات صبغة إنسانية‬
‫أيضا‪ ،‬مثل القيمة الدرامية التي عبرها تتم مسرحة أحداث الحياة في األخبار الصحفية‪ ،‬وضمن‬
‫هذه المسرحة تبرز قيمة الطرافة على غرار الخبر الذي يروي توقف مجريات مباراة كرة قدم‬
‫هرة إلى الملعب‪ ،‬وضمن سياق القيم الخبرية ذات البعد اإلنساني‪ ،‬يمكن أيضا أن‬
‫بسبب دخول ّ‬
‫تتجلى قيمة الجنوسة‪ ،‬بما هي روايات لقصص إخبارية تصنع أحداثها النساء‪.‬‬

‫‪ -4-2‬المعايير األخالقية‪.‬‬

‫تحيل المعايير األخالقية إلى الشروط التي يجب أن تتوفّر في الخبر الصحفي من الناحية‬
‫المسمى‬
‫ّ‬ ‫المعيارية الصرفة‪ ،‬حيث تتداخل هذه المعايير مع الجانب المهني للصحافة في الفرع‬
‫أخالقيات المهنة‪ ،‬وأبرز قيمه اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬الصدق أو الموضوعية‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫فيقدم الوقائع بعيدا عن التشويه والتحريف‬


‫معنى هذه القيمة أن يخدم الخبر الحقيقة وفقط‪ّ ،‬‬
‫والكذب‪ ،‬وضمن االرتباطات التي تجعل السياق واضحا‪ .‬وهذه هي الموضوعية في الفهم الغربي‬
‫والصدق في المسمى اإلسالمي‪ ،‬والموضوعية تعني كذلك التزام الحياد‪ ،‬وفصل الرأي عن‬
‫الواقعة‪ ،‬وعموما يتحقق معنى الموضوعية من خالل جملة الشروط اآلتية‪:‬‬

‫❖ تقديم األنباء في حياد تام‪.‬‬


‫❖ تقديم األنباء الصادقة‪.‬‬
‫❖ فصل األنباء عن اآلراء‪.‬‬
‫❖ ذكر مصادر األنباء بوضوح‪.‬‬
‫❖ عرض وجهات النظر المختلفة‪ ،‬في حال وجود آراء متباينة حول موضوع الخبر‪.‬‬
‫أي خبر يحتوي على الرأي(‪.)12‬‬
‫❖ وضع مصدر الرأي في ّ‬

‫‪ -‬البساطة‪.‬‬

‫ترتبط أهمية الحدث ارتباطا نسبيا بمدى وضوحه وبعده عن الغموض‪ ،‬وعندئذ تكون‬
‫حدها األدنى(‪ .)13‬والبساطة هنا مرتبطة‬
‫االختالفات بين التفسيرات المختلفة لهذا الحدث عند ّ‬
‫مباشرة بطبيعة اللغة اإلعالمية‪ ،‬فهي من أبرز صفاتها‪ ،‬كما تبرز تبعا لذلك قيمة أخرى وهي‬
‫الملموسة التي تتقاطع بدورها مع قيمتي الدقة والوضوح‪ ،‬وذلك طالما أن لغة الصحافة عموما‬
‫هي لغة الواقع‪.‬‬

‫‪ -3‬أهمية دراسة القيم اإلخبارية‪.‬‬

‫تتعدد القيم اإلخبارية‪ ،‬ومن المؤ ّكد أن الخالف بين المدارس الصحفية يبرز ويتجسد في‪‌ :‬‬

‫❖ ما هي القيم التي يجب إبرازها في الخبر؟‬


‫❖ كيفية فهم هذه القيم‪ ،‬وما هو المضمون الذي يوضع فيها؟‬
‫❖ كيفية تطبيق هذه القيم عمليا‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫أي من‬
‫إن الكثير من االنحرافات في الممارسة الصحفية‪ ،‬تنبثق من اإلجابة الخاطئة عن ّ‬
‫هذه األسئلة الثالثة السابقة‪.‬‬

‫إن النظرة العلمية للواقع‪ ،‬والممارسة العلمية للصحافة تفرضان النظرة الشمولية للحدث‪،‬‬
‫وبالتالي للخبر الصحفي الذي يغطي هذا الحدث‪.‬‬

‫ولكنها ليست‬
‫أن هذه القيم اإلخبارية موجودة كلّها أو معظمها في الخبر الصحفي‪ّ ،‬‬
‫صحيح ّ‬
‫موجودة بالنسبة ذاتها وبالمقدار ذاته ومن ثم باألهمية ذاتها‪ ،‬ولذلك ففي الوقت الذي يجب فيه‬
‫الحرص على تقديم الخبر بطريقة تحقق التوازن بين هذه القيم‪ ،‬يجب أيضا أن تعطى أهمية‬
‫خاصة للخبر أو للقيم اإلخبارية األكثر برو اًز فيه‪ ،‬بحسب طبيعة الخبر وشخصية الصحيفة‬
‫ونوعية جمهورها‪.‬‬

‫إنه من الطبيعي‪-‬مثال‪ -‬أن تحرص ك ّل صحيفة على تقديم الجديد وعلى تحقيق السبق‬
‫الصحفي‪ ،‬فإذا ما حصلت الصحيفة على معلومات هامة من مصادرها الخاصة عن وصول وفد‬
‫عسكري أجنبي إلى البلد‪ ،‬أو عن ظهور إصابات بمرض السيدا في إحدى الواليات‪ ،‬أو عن‬
‫توقيع قرار يقضي بزيادة أسعار بعض السلع الغذائية‪ ،‬واقتصرت فيه حين النشر على قيمة واحدة‬
‫على غرار السرعة والسبق الصحفي‪ ،‬فإن ذلك قد يلحق الضرر بمصلحة البلد والمجتمع‪ ،‬فالخبر‬
‫األول قد يلحق أض ار ار أمنية بالبلد‪ ،‬والثاني قد يؤدي إلى إحداث حالة من الذعر والهلع‪ ،‬في حين‬
‫أن الخبر الثالث من شأنه التأثير على حالة االستقرار االجتماعي واالقتصادي‪ .‬لذلك البد من‬
‫النظر إلى مصلحة الوطن والمجتمع‪ ،‬والبد من وضع ك ّل حدث من هذه األحداث ضمن سياقه‬
‫العام‪ ،‬وبالتالي البد من الموازنة بين القيم اإلخبارية‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫المراجع والهوامش‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫بوحبه‪ ،‬الجسد بين النسق القيمي‬
‫‪ – )1‬محمد مرتضى الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬نقال عن‪ :‬حسن ّ‬
‫وسلطة الصورة اإلعالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،2013 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ – )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ – )3‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬الخبر في الصحافة واإلذاعة والتلفزيون واالنترنت‪ ،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ – )4‬وهو تصنيف الباحث المصري محمود أدهم‪.‬‬
‫‪ – )5‬محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬فنون التحرير الصحفي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،2011 ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ – )6‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪– )7‬عبد العالي رزاقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪ – )8‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ – )9‬محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫– ستيوارت آالن‪ ،‬ثقافة األخبار‪ ،‬تر‪ :‬هدى فؤاد‪ ،‬ط‪ ،1‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪)10‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.123‬‬
‫– محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬ ‫‪)11‬‬
‫– عبد الحليم موسى يعقوب‪ ،‬الموضوعية والقيم اإلخبارية في اإلعالم‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار‬ ‫‪)12‬‬
‫العالمية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص ص ‪. 65 ،64‬‬
‫– ستيوارت آالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬ ‫‪)13‬‬

‫‪62‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ )2‬إسماعيل إبراهيم‪ ،‬فن التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفجر للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬
‫‪ )3‬أشرف فهمي خوخة‪ ،‬الصحفيون ومصادر األخبار‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر العربية‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ )4‬أكرم فرج الربيعي‪ ،‬الكفاءة االتصالية في صياغة عناوين األخبار‪ ،‬دار آمنة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان األردن‪.2014 ،‬‬
‫‪ )5‬جبارة عطية جبارة‪ ،‬علم اجتماع اإلعالم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوفاء لدنيا النشر والطباعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ )6‬حسن بوحبة‪ ،‬الجسد بين النسق القيمي وسلطة الصورة اإلعالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪.2013 ،‬‬
‫‪ )7‬حسين نصر وسناء عبد الرحمان‪ ،‬التحرير في عصر المعلومات‪ ،‬الخبر الصحفي‪ ،‬دار‬
‫الكتاب الجامعي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪.2009 ،‬‬
‫‪ )8‬ساعد ساعد‪ ،‬فنيات التحرير الصحفي‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪.2011 ،‬‬
‫‪ )9‬ستيوارت آالن‪ ،‬ثقافة األخبار‪ ،‬تر‪ :‬هدى فؤاد‪ ،‬ط‪ ،1‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫سهام الشجيري‪ ،‬وكاالت األنباء والتحكم اإلخباري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪)10‬‬
‫عمان األردن‪.2014 ،‬‬
‫صفاء جبارة‪ ،‬الخطاب اإلعالمي بين النظرية والتحليل‪ ،‬ط‪ ،1‬دار أسامة‪ ،‬عمان‪-‬‬ ‫‪)11‬‬
‫األردن‪.2009 ،‬‬
‫عامر قنديلجي‪ ،‬مصادر المعلومات اإلعالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪،‬‬ ‫‪)12‬‬
‫‪.2011‬‬

‫‪63‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫عبد الجواد سعيد ربيع‪ ،‬فن الخبر الصحفي دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفجر‬ ‫‪)13‬‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2005 ،‬‬
‫عبد الحليم موسى يعقوب‪ ،‬الموضوعية والقيم اإلخبارية في اإلعالم‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار العالمية‬ ‫‪)14‬‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫عبد العالي رزاقي‪ ،‬الخبر في الصحافة واإلذاعة والتلفزيون واألنترنت‪ ،‬دار هومة‪،‬‬ ‫‪)15‬‬
‫الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫عبد العزيز شرف‪ ،‬األساليب الفنية في التحرير الصحفي‪ ،‬دار قباء‪ ،‬القاهرة‪.2000 ،‬‬ ‫‪)16‬‬
‫عبد الفتاح إبراهيم‪ ،‬سوسيولوجيا الخبر الصحفي‪ ،‬العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪)17‬‬
‫‪.1989‬‬
‫عبد اللطيف حمزة‪ ،‬المدخل في فن التحرير الصحفي‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪)18‬‬
‫‪.1965‬‬
‫عزي عبد الرحمان‪ ،‬دراسات في نظرية االتصال‪ ،‬ط‪ ،1‬م د و ع‪ ،‬بيروت‪.2003،‬‬ ‫‪)19‬‬
‫عمر الدسوقي‪ ،‬نشأة النثر الحديث وتطوره‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬ ‫‪)20‬‬
‫ليلى عبد المجيد ومحمود علم الدين‪ ،‬فن التحرير الصحفي للوسائل المطبوعة‬ ‫‪)21‬‬
‫وااللكترونية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار السحاب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫محمد جمال الفار‪ ،‬معجم المصطلحات اإلعالمية‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪)22‬‬
‫األردن‪.2014 ،‬‬
‫محمد حسام الدين‪ ،‬المسؤولية االجتماعية للصحافة‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار المصرية اللبنانية‪،‬‬ ‫‪)23‬‬
‫القاهرة‪.2003 ،‬‬
‫محمد سلمان الحتو‪ ،‬مناهج كتابة األخبار اإلعالمية وتحريرها‪ ،‬دار أسامة للنشر‬ ‫‪)24‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪ -‬عمان‪.2012 ،‬‬
‫محمد سيد محمد‪ ،‬الصحافة سلطة رابعة كيف‪...‬؟‪ ،‬مطابع دار الشعب‪ ،‬القاهرة‪.1979 ،‬‬ ‫‪)25‬‬
‫محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬المدخل في فن الخبر الصحفي وتطبيقاته العملية‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪)26‬‬
‫دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪.2011 ،‬‬

‫‪64‬‬
‫فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة‬ ‫محاضرات في‪:‬‬

‫محمد عوض وعبد السالم إمام‪ ،‬فنون التحرير الصحفي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪)27‬‬
‫‪.2012‬‬
‫محمد لعقاب‪ ،‬الصحفي الناجح‪ ،‬ط‪ ،3‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬ ‫‪)28‬‬
‫المعجم الوسيط‪ ،‬ط‪ ،4‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ج م ع‪.2004 ،‬‬ ‫‪)29‬‬
‫نصر الدين لعياضي‪ ،‬اقترابات نظرية من األنواع الصحفية‪ ،‬د م ج‪ ،‬الجزائر‪.1999 ،‬‬ ‫‪)30‬‬
‫نعمات عتمان‪ ،‬الخبر ومصادره في العصر الحديث‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر‬ ‫‪)31‬‬
‫العربية‪.2008 ،‬‬
‫هربرت سترنز‪ ،‬المراسل الصحفي ومصادر األخبار ‪ ،‬ترجمة‪ :‬سميرة أبو سيف‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪)32‬‬
‫الدار الدولية للنشر والتوزيع‪.1989 ،‬‬

‫‪65‬‬

You might also like