Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 6

‫يقصد بالتَّربية الجنسيَّة‪ :‬إمداد الفرْ د بالمعلومات العلميَّة‪ ،‬والخبرات الصحيحة‪ ،‬واالتِّجاهات السليمة‪،‬‬

‫إزاء المسائل الجنسيَّة‪ ،‬بقدر ما يسمح به النم ّو الجسمي الفسيولوجي والع ْقلي االنفِعالي واالجتِماعي‪،‬‬
‫وفي إطار التَّعاليم الدينيَّة والمعايير االجتِماعيَّة والقيم األخالقيَّة السَّائدة في المجتمع؛ م َّما يؤ ّدي إلى‬
‫حسن توافُقه في المواقف الجنسيَّة‪ ،‬ومواجهة مشكالتِه الجنسيَّة مواجهةً واقعيَّة‪ ،‬تؤ ّدي إلى الصحَّة‬
‫‪.‬النفسيَّة"[‪]1‬‬

‫سين من منظور‬‫الج ْن َ‬
‫فالتَّربية الجنسيَّة بِهذا المعنى ال يقصد بها ت ْعليم الجنس؛ بل توجيه كال ِ‬
‫ديني‪ ‬وأخالقي نح َو المسائل الجنسيَّة‪ ،‬والتغيُّرات الجسميَّة التي يتفاجأ بها أبناؤها على حين غفلة‪،‬‬
‫سوء‪ ،‬أو عن طريق‬ ‫واالبتعاد عن التعلُّم االعتباطي الك ْيفي عن طريق أحد أص ِدقاء ال ّ‬
‫أوالدنا عندما نبت ِعد عنهم‬
‫الخاطئة التي يقع فيها ْ‬
‫ِ‬ ‫‪.‬التَّجارب‪ ‬‬

‫متى تبدأ التربية الجنسية؟‬

‫والتدرج فيها‬
‫ُّ‬ ‫‪: ‬مراحل هذه التَّربية‬
‫كنت في السَّابق م َّمن يُعارضون ب ْدء عمليَّة التَّربية في الصِّ غر؛ َّ‬
‫لكن االنتِشار الرَّهيب لنوادي‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫تزويد الطفل بِجرعات على ق ْدر فهمه أفضل‬ ‫ضن الصَّغير قبل الكبير‪ ،‬يَجعل ْ‬ ‫َّ‬
‫‪.‬اإلنترنت التي تَحت ِ‬

‫وقد ذهب البعض مذهبًا بعيدًا في التَّربية الجنسيَّة بِحيث اعتبروها تبدأ منذ الوالدة ‪ -‬اعتِقادًا منهم َّ‬
‫أن‬
‫أن اإلسالم هو السبَّاق إلى ذلك؛ إ ِذ‬ ‫أن الحقيقة التي تقضّ مضاجعهم َّ‬ ‫لهم قصب السَّبق في ذلك ‪ -‬غير َّ‬
‫ْ‬
‫اعتنى بالطّفل منذ الوالدة فجعل ِختانه من خصال الفِطرة‪ ،‬ومن سُنن الهدي النبوي‪ ،‬بل الغريب في‬
‫أن الغرْ ب توصَّل إلى أهميَّة الختان في مقاومة األمراض والتعفُّنات التي يُمكن أن تُصيب ال َّرجُل‬ ‫ذلك َّ‬
‫والمرأة على ح ٍّد سواء‪ ‬في الصَّحيحين عن أبي هُريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسو ُل هللا ‪ -‬صلَّى‬
‫هللا عليه وسلَّم ‪(( :-‬الفطرة خمس‪ِ :‬‬
‫الختان‪ ،‬واالستِحْ داد‪ ،‬وقصّ ال َّشارب وتقليم األظافر‪ ،‬ون ْتف‬
‫‪.‬اإلبط))‬

‫سن (‪ 10 - 7‬سنوات) وهي مرحلة ابتدائيَّة‪ ،‬وذلك بتعليم الصِّبيان و َمن هم‬ ‫المرْ حلة األولى‪ :‬ما بين ّ‬
‫قبل البلوغ األحْ كام ‪ -‬خاصَّة العمليَّة ‪ -‬وتدريبهم عليها‪ ،‬سواء الصَّالة والوضوء لها‪ ،‬ونواقِض‬
‫نواقضه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الوضوء وأحكام الطَّهارة‪ ،‬وكذلِك الصَّوم ‪ ...‬إلخ‪ ،‬طبعًا الطَّهارة والوضوء يترتَّب عليْه بيان‬
‫‪.‬ووسائل رفع الحدث‬

‫المضاجع))؛‬
‫ِ‬ ‫ث َّم التفريق في المضاجع؛ يقول الرَّسو ُل ‪ -‬صلَّى هللا عليْه وسلَّم ‪(( :-‬وفرِّقوا بيْنهم في‬
‫‪.‬رواه أبو داود في ُسنَنه‬

‫آداب االستِ ْئذان؛ قال تعالى‪{ :‬يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا لِيَ ْستَأْ ِذن ُك ُم الَّ ِذينَ َملَ َك ْ‬
‫ت أَ ْي َمانُ ُك ْم‬ ‫َ‬ ‫ويتعلَّم فيها األبناء‬
‫َضعُونَ ثِيَابَ ُكم ِّمنَ الظَّ ِهي َر ِة َو ِمن‬ ‫صال ِة ْالفَجْ ِر َو ِحينَ ت َ‬ ‫ت ِمن قَ ْب ِل َ‬‫الث َمرَّا ٍ‬ ‫َوالَّ ِذينَ لَ ْم يَ ْبلُ ُغوا ْال ُحلُ َم ِمن ُك ْم ثَ َ‬
‫ض ُك ْم َعلَى‬ ‫ْس َعلَ ْي ُك ْم َوال َعلَ ْي ِه ْم ُجنَا ٌح بَ ْع َده َُّن طَ َّوافُونَ َعلَ ْي ُكم بَ ْع ُ‬ ‫ت لَّ ُك ْم لَي َ‬‫الث عَوْ َرا ٍ‬ ‫صال ِة ْال ِع َشاء ثَ ُ‬ ‫بَ ْع ِد َ‬
‫ت َو ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم} [النور‪]58 :‬‬ ‫هَّللا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬
‫ك يُبَيِّنُ ُ لك ُم اآليَا ِ‬ ‫َ‬
‫ْض كذلِ َ‬‫َ‬ ‫‪.‬بَع ٍ‬

‫وغضُّ البصر وبِحيث يحرم النَّظر إلى غير المحارم‪ ،‬في قوله تعالى‪{ :‬قُل لِّ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ يَ ُغضُّ وا ِم ْن‬
‫ك أَ ْز َكى لَهُ ْم إِ َّن هَّللا َ خَ بِي ٌر بِ َما يَصْ نَعُونَ } [النور‪ ،]30 :‬فإذا وجد الطِّفل‬
‫ار ِه ْم َويَحْ فَظُوا فُرُو َجهُ ْم َذلِ َ‬ ‫أَب َ‬
‫ْص ِ‬
‫البيئة الصَّالحة التي تعامله منذ وال َدتِه معاملة صحيحة‪ ،‬فإنَّه ينمو صحيحًا‪ ،‬أ َّما إذا شبَّ الطِّفل في‬
‫فإن المشكالت الجنسيَّة تبدأ في الظّهور وتتراكم حتَّى تعبِّر عن‬ ‫أسرة ال تسمح بالنم ّو الجنسي السَّليم‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫‪:‬نفسها في مرحلة المراهقة‪ ،‬وتظهر االنحرافات الجنسيَّة‪ ،‬وهلل د ّر الشاعر إذ يقول‬
‫الـحـيَــا ِة‪َ  ‬وخَ ـلَّـفَــاهُ‪َ  ‬ذلِــيــال‬ ‫ْـس‪ ‬الـيَـتِـيـ ُم‪َ  ‬مـ ِن‪ ‬ا ْنـتَـهَـى‪ ‬أَبَ َ‬
‫ـواهُ‪ِ  ‬م ْ‬
‫ـن‪        ‬هَــ ِّم‪َ  ‬‬ ‫لَـي َ‬

‫ُـو‪ ‬الَّــ ِذي‪ ‬ت َْـلـقَــى‪ ‬لَــهُ‪        ‬أُ ّمًــا‪ ‬تَـخَ ـلَّ ْ‬


‫ــت‪ ‬أَوْ ‪ ‬أَبًـــا‪َ  ‬مـ ْشــ ُغــوال‬ ‫إِ َّن‪ ‬الـيَـتِـيـ َم‪ ‬ه َ‬

‫سن (‪ )18 - 10‬يت ّم استِحْ ضار المقدمات السابقة بشكل دائم‪ ،‬وشرح ما يطرأ‬ ‫المرحلة الثانية‪ :‬ما بين ّ‬
‫ُ‬
‫على المراهق والمراهقة من تغيُّرات فسيولوجية‪ ،‬وفي هذه المرْ حلة ال ب َّد من تضافر مجهودات اآلباء‬
‫ك ك ّل لُغز ُمحير لديْه وبضوابطَ‬ ‫والمد ِّرسين في توصيل المعلومات الصَّحيحة إلى االبْن المراهق‪ ،‬وف ّ‬
‫َّ‬
‫شرعيَّة صحيحة‪ ،‬ههُنا يكون من األجْ دى وضْ ع ما َّدة دراسيَّة في هذه المرحلة لتبْصير الطالب‪،‬‬
‫وتَحذيره في اآلن نفسه من مغبَّة اتّباع مسلكيَّات مخالفة لل َّشرع الحنيف‪ ،‬من قبيل ما نهى ع ْنه هللا ‪-‬‬
‫اح َشةً َو َساء َسبِيالً} [اإلسراء‪:‬‬ ‫ع َّز وج َّل ‪ -‬االقتِراب من ال ِّزنا في قوله‪َ { :‬والَ تَ ْق َرب ْ‬
‫ُوا ال ِّزنَى إِنَّهُ َكانَ فَ ِ‬
‫‪]32.‬‬

‫إ ًذا؛ فالتَّربية اإلسالميَّة لل ُمراهقين فيما يتعلَّق بقضيَّة ال َّشهوة الجنسيَّة هي س ُّد ك ّل َّ‬
‫الذرائع التي تهيِّج‬
‫ال َّشهوة في غير محلِّها‪ ،‬فتصيب الشابّ وال َّشابَّة باضطراب وآالم نفسيَّة وصرْ ف هذه الطَّاقة إلى‬
‫الظروف المناسبة نشجِّعهم على ال َّزواج‪،‬‬ ‫أهداف أُ ْخرى‪ ،‬والتَّسامي على ذلك إلى حينه‪ ،‬وعند توفُّر ُّ‬
‫يراعي هللا فيهم؛ وفقًا لما جاء‬
‫َ‬ ‫أن له محارم يَجب أن‬ ‫ضف إلى ذلك‪ :‬على المراهق أن يتذ َّكر دائ ًما َّ‬ ‫وأ ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ي ال َّشريف‪ ،‬عندما جاء شابٌّ إلى النَّب ِّي ‪ -‬صلى هللا عليْه وسلم ‪ -‬فقال‪ :‬يا رسو َل هللا‪:‬‬ ‫في الحديث النبو ّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أتأذن لي بال ّزنا؟ فهاج القو ُم وماجوا‪ ،‬فقال الرَّسو ُل ‪ -‬صلى هللا عليْه وسلم ‪(( :-‬دعوه‪ ،‬أقبل يا ابن‬
‫أخي))‪ ،‬فأجلسه بجواره ث َّم قال له‪(( :‬أترْ ضاه أل ِّمك؟)) فقال‪ :‬ال يا رسول هللا‪ ،‬قال‪(( :‬فكذلِك النَّاس ال‬
‫صدره ودعا له‬ ‫ِ‬ ‫‪.‬يرضونَه أل َّمهاتِهم))‪ ،‬وكرَّر عليه عددًا من األقرباء‪ ،‬ث َّم مسح على‬

‫وتنمية العفَّة والطَّهارة لدى الفرْ د؛ { َو ْليَ ْستَ ْعفِ ِ‬


‫ف الَّ ِذينَ اَل يَ ِج ُدونَ نِ َكاحا ً َحتَّى يُ ْغنِيَهُ ُم هَّللا ُ ِمن فَضْ لِ ِه}‬
‫‪[.‬النور‪]33 :‬‬

‫المرحلة الثَّالثة‪ 18 :‬سنة فما فوق‪ ،‬هُنا يظهر دوْ ر اآلباء العُلماء الو َّعاظ في شرْ ح معنى ال َّزواج‬
‫قال‪ :‬جا َء ُع َم ُر إلى َرسُو ِل‬ ‫رضي هللا عنهما ‪َ -‬‬ ‫س‪ِ -‬‬ ‫والعالقات الجنسيَّة[‪ ]2‬بصفة شمولية؛ ف َع ِن اب ِْن َعبَّا ٍ‬
‫ت[‪َ ]3‬رحْ لي[‬ ‫ال‪َ :‬ح َّو ْل ُ‬ ‫قال‪(( :‬وما أ ْهلَ َك َ‬
‫ك؟)) قَ َ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫ُول هَّللا ِ‪ ،‬هَلَ ْك ُ‬
‫هَّللا ‪ -‬صلَّى هللا عليْه وسلَّم ‪ -‬فقا َل‪ :‬يا َرس َ‬
‫ُول هَّللا‬
‫قال‪ :‬فأ ْنزَ َل هَّللا ُ على َرس ِ‬
‫‪ ]4‬اللَّيْلةَ‪ ،‬قا َل‪ :‬فلم يَ ُر َّد َعلَ ْي ِه َرسو ُل هَّللا ‪ -‬صلَّى هللا عليه وسلَّم ‪َ -‬ش ْيئًا‪َ ،‬‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأْتُوا َحرْ ثَ ُك ْم أَنَّى ِش ْئتُ ْم} [البقرة‪(( ،]223 :‬أ ْقبِلْ‬
‫‪ -‬صلَّى هللا عليْه وسلَّم ‪ -‬ه ِذه اآليَة‪{ :‬نِ َسا ُؤ ُك ْم َحرْ ٌ‬
‫والحيضة))[‪ ،]5‬إلى آخر هذه العبارات المغلَّفة بغالف األدب والوقار‬ ‫َ‬ ‫‪.‬وأ ْدبِرْ واتَّ ِ‬
‫ق ال ُّدب َُر‬

‫وبيان حاجة الكوْ ن إليه للحفاظ على النسل‪ ،‬وواجبات ال َّزوج نحو زوْ جته‪ ،‬وواجبات ال َّزوجة نحو‬
‫زوجها‪ ،‬وال نن َسى دَوْ ر األطبَّاء في القيام بال َّدورات التحسيسيَّة في المجال الصحّي ‪ -‬العلمي للح ّد من‬
‫‪.‬خطورة األمراض النَّاجمة عن العالقات الجنسيَّة في إطار ال َّزواج وخارجه‬

‫إ ًذا؛ المقصود من التربية الجنسيَّة هو تعليم الولد أو البنت وتوْ عية كلٍّ منهُما ومصارحته‪ ،‬منذ أن يعقِل‬
‫بالقضايا التي تتعلَّق بالجنس‪ ،‬وترتبِط بالغريزة‪ ،‬وتتَّصل بال َّزواج‪ ،‬حتَّى إذا شبَّ الولد‪ ،‬وتفهَّم أمور‬
‫الحياة‪ ،‬عرف ما يحلُّ وما يحرم‪ ،‬وأصبح السّلوك اإلسالمي المتميّز ُخلقًا له وعادة‪ ،‬فال يجري وراء‬
‫ال َّشهوة‪ ،‬وال يتخبَّط في طريق تحلّل‪ ،‬وتلك مسؤوليَّة اآلباء واأل َّمهات ووسائل التَّنشئة االجتِماعيَّة‪،‬‬
‫فاألب يتكلَّم مع ابنه‪ ،‬واأل ّم مع ابنتِها‪ ،‬ومؤسَّسات التنشئة توفّر ج ًّوا من الطهر والعفاف‪ ،‬ينشأ فيه‬
‫الجيل المسلم بعيدًا عن مثيرات التَّشويش واإلثارة‪ ،‬وقد صـرَّح ال َّشرع بهذه المسؤولية لمؤسَّسة‬
‫األسرة وال َّدولة وسائر أفراد المجتمع المدني؛ ف َع ِن ا ْب ِن ُع َمر ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬ع َِن النَّبِ ِّى ‪ -‬صلَّى‬
‫راع على أ ْه ِل‬ ‫راع‪ ،‬و ُكلُّ ُكم َم ْسؤُو ٌل عن َر ِعيَّتِه‪ ،‬واأل ِمي ُر ٍ‬
‫راع‪ ،‬وال َّر ُج ُل ٍ‬ ‫هللا عليْه وسلَّم ‪ -‬قا َل‪ُ (( :‬كلُّ ُكم ٍ‬
‫اع و ُكلُّ ُكم َم ْسؤُو ٌل ع َْن َر ِعيَّتِه))[‪]6‬‬
‫وولَ ِده‪ ،‬ف ُكلُّ ُكم َر ٍ‬ ‫راعيةٌ على بَ ْي ِ‬
‫ت زَ وْ ِجها َ‬ ‫‪.‬بَ ْيتِه‪ ،‬وال َمرْ أةُ ِ‬

‫‪:‬الموقف الشَّرعي من العالقة بين التَّربية الجنسيَّة والعالقات الجنسيَّة‬


‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫يقول الدكتور موريس بوكاي في كتابه ال َّشهير "القُرآن الكريم والتَّوراة واإلنجيل ِ‬
‫والعلم"‪ ،‬الذي‬
‫عشر قرنًا نزل في‬ ‫َ‬ ‫خصّص مبحثًا تحت عنوان‪ :‬القُرآن والتَّربية الجنسيَّة‪ ،‬أ َّكد فيه أنَّه ُمنذ أربعةَ‬
‫القُرآن حش ٌد من التَّفاصيل عن الحياة العمليَّة‪ ،‬وفيما يختصّ بالسّلوك الَّذي يجب أن يتَّبعه النَّاس في‬
‫يستبعد القرآن الحياة‪   ‬الجنسيَّة‬‫ِ‬ ‫‪.‬عديد من ظروف حياتِهم‪ ،‬ولم‬

‫وفي إطار ت ْقديم أمثلة على ذلك يقول‪" :‬تُشير عبارات قرآنيَّة إلى سلوك الرِّ جال في عالقتِهم األثيرة‬
‫مع نسائِهم في ظروف متنوّعة"‪ ،‬فيذكر من ذلك السّلوك الالزم في م َّدة الحيض[‪ ]7‬كما تُشير إلى ذلك‬
‫يض قُلْ ه َُو أَ ًذى فَا ْعت َِزلُوا النِّ َسا َء فِي‬ ‫اآليتان (‪ 222‬و ‪ )223‬من سورة البقرة‪َ { :‬ويَسْأَلُونَكَ ع َِن ال َم ِح ِ‬
‫طهُرْ نَ فَإِ َذا تَطَهَّرْ نَ فَأْتُوه َُّن ِم ْن َحي ُ‬
‫ْث أَ َم َر ُك ُم هَّللا ُ إِ َّن هَّللا َ يُ ِحبُّ التَّ َّوابِينَ‬ ‫يض َوالَ تَ ْق َربُوه َُّن َحتَّى يَ ْ‬
‫ال َم ِح ِ‬
‫ْ‬
‫ث لَّ ُك ْم فَأتُوا َحرْ ثَ ُك ْم أَنَّى ِش ْئتُ ْم َوقَ ِّد ُموا ألَنفُ ِس ُك ْم‪َ  ‬واتَّقُوا هَّللا َ‪َ  ‬وا ْعلَ ُموا أَنَّ ُكم‬
‫َويُ ِحبُّ ال ُمتَطَه ِِّرينَ * نِ َسا ُؤ ُك ْم َحرْ ٌ‬
‫‪ُّ .‬مالقُوهُ‪َ  ‬وبَ ِّش ِر ال ُم ْؤ ِمنِينَ } [البقرة‪]223 ،222 :‬‬

‫ت عمليةً مفيدة في َجميع شؤون الحياة بما في ذلك العالقات الجنسية البشرية؛‬ ‫فاإلسالم يعطي توجيها ٍ‬
‫ووصفَ ‪   ‬ال َّزوجين وشبَّه‬ ‫َ‬ ‫فال َّزواج هو القناة الوحيدة التي يُسمح فيها بالعالقة الجنسية بين الجنسين‪،‬‬
‫كالًّ منهما بأنَّه لباس لآلخر؛ يقول هللا تعالى‪{ :‬أُ ِح َّل لَ ُك ْم لَ ْيلَةَ الصِّ يَ ِام ال َّرفَ ُ‬
‫ث إِلَى نِ َسائِ ُك ْم ه َُّن لِبَاسٌ‬
‫‪.‬لَّ ُك ْم‪َ  ‬وأَ ْنتُ ْم لِبَاسٌ لَّه َُّن} [البقرة‪]187 :‬‬

‫والعالقات الجنسيَّة ُمحرَّمة تَما ًما خارج إطار عقد الزوجيَّة‪ ،‬وتستوْ ِجب عقوبة دنيويَّة وعقوبة‬
‫‪.‬أخرويَّة‬

‫كالزنا واللِّواط‪ ،‬واالغتِصاب‬ ‫وبذلك تنصُّ ال َّشريعة اإلسالميَّة على عقوبات شديدة ض َّد جرائم ال ِج ْنس؛ ِّ‬
‫والشذوذ؛ إليجاد المجتمع اآل ِمن والسليم الخالي من األمراض؛ يقول هللا تعالى‪{ :‬ال َّزانِيَةُ‪َ   ‬وال َّزانِي‬
‫اح ٍد ِّم ْنهُ َما ِمائَةَ َج ْل َد ٍة‪َ  ‬والَ‪ ‬تَأْ ُخ ْذ ُكم بِ ِه َما َر ْأفَةٌ فِي ِد ِ‬
‫ين هَّللا ِ إِن ُكنتُ ْم تُ ْؤ ِمنُونَ بِاهَّلل ِ‪َ  ‬و ْاليَوْ ِم‬ ‫فَاجْ لِدُوا ُك َّل‪َ  ‬و ِ‬
‫اآلخ ِر‪َ  ‬و ْليَ ْشهَ ْد َع َذابَهُ َما طَائِفَةٌ ِّمنَ ال ُم ْؤ ِمنِينَ } [النور‪]2 :‬‬ ‫‪ِ .‬‬

‫ففي مؤتَمر عالمي لمكافحة الجريمة ُعقِد سابقًا في مدينة الرّياض بالسعوديَّة‪ ،‬قام رئيس وفد إحْ دى‬
‫ال ُّدول المتقدِّمة حضاريًّا‪ ،‬فصار يعدِّد الجرائم عندهم بالماليين في السَّنة الواحدة‪ ،‬وكذلك أعدادها في‬
‫ت من جرائم الق ْتل‪،‬‬ ‫َ‬
‫ثالث حاال ٍ‬ ‫ال َّدقائق والثَّواني‪ ،‬ول َّما جلس قام رئيس الوفد في البلد المضيف‪ ،‬فذ َكر‬
‫اعترض المتكلِّم‬
‫َ‬ ‫وحوالَي ع ْشر حاالت من السَّرقة‪ ،‬مع غياب الجرائم األخرى ‪ -‬كاالغتصاب ‪ -‬هنا‬
‫سائالً بعجب‪ :‬ما الذي جعل الجرائم عندكم نادرة هكذا؟ فكان جواب المتكلِّم الثاني‪ :‬القوانين عندنا‬
‫وهذه هي ثمراتها‪ ،‬أ َّما قوانينُكم فهي ‪ - from Above -‬ليست من صنع اإلنسان بل إنَّها آتية من فوق‬
‫‪.‬من صنعكم‪ ،‬وهذا هو الفرْ ق بيننا"[‪]8‬‬

‫‪:‬األسس والضوابِط الشَّرعيَّة للتَّربية الجنسيَّة‬


‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وسن األحكام التي‪   ‬تبعد‬ ‫لقد وضع اإلسالم أُسسًا وضوابطَ لِصيانة الفرْ د والمجتمع على ح ٍّد سواء‪،‬‬
‫المرْ ء عن االنحراف‪ ،‬فحرَّم االختِالط‪ ،‬وف َرض الحجاب‪ ،‬ودعا إلى غضِّ البصر‪ ،‬ومن هذه‪  ‬‬
‫‪:‬الضَّوابط‬

‫ضبط الوسائل الحديثة‪ :‬فالقنوات الفضائيَّة[‪ ]9‬واإلنترنت‪ ،‬أو شبكة المعلومات العالميَّة ‪ -‬أحدث ‪1-‬‬
‫وسائل االتِّصال التي دخلت على األسرة في الفترة األخيرة‪ ،‬وهي وإن كان لها إيجابيَّات عديدة‪ ،‬إالَّ‬
‫الخ ْدمة‪ ،‬خصوصًا‬ ‫أن سلبيَّاتِها طغت على إيجابيَّاتها؛ من ِخالل عدم حسن تعا ُمل أفراد األسرة مع هذه ِ‬ ‫َّ‬
‫ُرف بإدمان اإلنترنت‪ ،‬حيث يقضي الكثي ُر منهم ج َّل وقته‬ ‫كثيرًا من ْ‬
‫األزواج واألبناء‪ ،‬حيث ظهر ما ع ِ‬
‫بحرًا في عوالم هذه ال َّشبكة[‪]10‬‬
‫‪.‬بعد العمل أو الم ْدرسة أمام جهاز الحاسب‪ُ ،‬م ِ‬

‫أن تح َّولت إلى نافذة من النَّوافذ التي فتحت عيون المسلمين وعيونَ أبنائهم على طوفان‬ ‫بل الخطير ْ‬
‫الفساد واإلفساد‪ ،‬واإلباحيَّة في األفالم ال َّداعرة‪ ،‬والعالقات اآلثِمة واإلثارة الرَّخيصة‪ ،‬وقد ع َّمت هذه‬
‫"فن التمثيل" أداة ووسيلة لن ْشر الفسق‬ ‫وانتشرت‪ ،‬وبِها أصبح ما يس ّمونه باسم ّ‬ ‫ْ‬ ‫البلوى وط َّمت‬
‫والفجور‪ ،‬وإشاعة الفحْ ش والتَّفحُّ ش‪ ،‬تربية لألجيال المسلِمة على معاني األسوة السيِّئة المتمثِّلة في‬
‫الممثِّلين والممثِّالت‪ ،‬الذين يقودون األ َّمة والنَّشء ‪ -‬وبإصرار واجتهاد ‪ -‬إلى الهالك[‪ ،]11‬ورحم هللا‬
‫‪:‬ال َّشاعر ْإذ يقول‬
‫َويَ ْن َشأ ُ‪ ‬نَا ِش ُ‬
‫ئ‪ ‬الفِ ْتيَا ِن‪ِ  ‬منَّا‪َ         ‬علَى‪َ  ‬ما‪َ  ‬كانَ ‪َ  ‬ع َّو َدهُ‪ ‬أَبُوهُ‬

‫البعد عن وسائل اإلثارة‪ :‬على الوالدَين والقائمين على تربية المراهقين تَجْ نيبهم ك َّل ما يؤدِّي‪ ‬إلى ‪2-‬‬
‫اإلثارة‪ ،‬ومن ذلك مراقبتُهم عند استعمال شبكة اإلنترنت والفضائيَّات‪ ،‬وتوْ جيههم إلى قراءة كلِّ ما َّدة‬
‫معرفيَّة تُرشدهم إلى ما هو أصْ وب‪ ،‬خاصَّة االشتغال بكتاب هللا ومدارسة العلوم الدنيويَّة النَّافعة‬
‫لأل َّمة‪ ،‬بدل اإلغراق في قراءة القصص الخليعة‪ ،‬واألفالم الخارجة عن حدود األدب‪ ،‬والمجالَّت التي‬
‫!تنشر الصّور المثيرة في النَّوادي وال َّشواطئ تَحت اسم التم ّدن والتحضُّ ر والحداثة واالنفتاح‬

‫لبس الحجاب بالنسبة للفتيات‪ :‬فهو صوْ ن للفتاة من األذيَّة والتحرُّ ش الجنسي‪ ،‬ووقاية لل َّشاب من ‪3-‬‬
‫تركت بعدي فتنةً أض َّر على الرِّ جال ِمن‬
‫ُ‬ ‫الفِتنة[‪]12‬؛ قال رسو ُل هللا ‪ -‬صلَّى هللا عليْه وسلَّم ‪(( :-‬ما‬
‫‪.‬النِّساء))‬

‫م ْنع الخلوة واالختِالط بين ال َّرجُل والمرأة‪ :‬ولقد حرَّم اإلسالم ال ّدخول على النّساء غير المحارم؛ ‪4-‬‬
‫لس ّد ال َّذرائع والفتنة ونزغات ال َّشيطان؛ فعن عُمر ‪ -‬رضي هللا ع ْنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسو ُل هللا ‪ -‬صلَّى هللا‬
‫فإن ال َّشيطان ثالثهما))؛ رواه أحمد ج‪18 /1‬‬
‫خلون أحدُكم بامرأ ٍة‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫‪.‬عليْه وسلَّم ‪(( :-‬ال يَ‬

‫غضّ البصر‪ :‬هو أدب نفسي رفيع‪ ،‬و ُمحاولة لالستِعالء على الرَّغبة في االطِّالع على‪   ‬المحاسن ‪5-‬‬
‫أن فيه إ ْغالقًا للنَّافذة األولى من نوافِذ الفِ ْتنة والغَواية‪ ،‬و ُمحاولة عمليَّة للحيلولة دون‬
‫والمفاتِن‪ ،‬كما َّ‬
‫‪.‬وصول السَّهم المسموم"[‪]13‬‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلَّى هللا عليْه وسلَّم ‪ -‬أنَّه قال‪(( :‬النَّظرة سهْم من سهام إبليس مسموم‪َ ،‬من‬
‫ِ‬ ‫فقد جاء عن‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫تركه مخافتي‪ ،‬أبدلته إيمانا يَجد حالوتَه في قلبه))؛ أخرجه الطبراني بسنده عن عبدهللا بن مسعود ‪-‬‬
‫‪.‬رضي هللا عنه‬
‫ِ‬

‫اعر ْإذ يقول‬ ‫‪:‬وهلل درُّ ال َّش ِ‬


‫َـر‪ ‬الـ َّشـ َر ِر‬ ‫ــر‪َ         ‬و ُمـعْـظَـ ُم‪ ‬الـنَّ ِ‬
‫ـار‪ِ  ‬م ْ‬
‫ـن‪ُ  ‬مـسْـتَـصْ ـغ ِ‬ ‫ث‪َ  ‬مـبْـدَاهَــا‪ِ  ‬مــنَ ‪  ‬الـنَّـظَ ِ‬
‫ُكـلُّ ‪ ‬الـ َحـ َوا ِد ِ‬

‫‪ ‬‬

‫ال َّزواج المب ِّكر‪ :‬وهنا يَظهر ‪ -‬بشكل كبير ‪ -‬دوْ ر األسرة وال َّدولة في تَحصين ال َّشباب‪ ،‬ولأل َسف ‪6-‬‬
‫وتأخر في نِ َسب ال َّزواج في بعض البلدان العربيَّة بشكل غير مرغوب‬ ‫ُّ‬ ‫فاإلحصاءات تُشير إلى عزوف‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫فيه‪ ،‬وال َّزواج المب ِّكر هو أحسن وسيل ٍة للتخلص من الفاحشة لِمن تيسَّرت له سبُل ال َّزواج؛ تَحقيقا لقولِه‬
‫‪ -‬صلَّى هللا عليه وسلَّم ‪(( :-‬يا معشر ال َّشباب‪َ ،‬م ِن استطاع من ُكم الباءة فليتز َّوج‪ ،‬فإنَّه أغضُّ للبَصر‬
‫‪.‬وأحصن للفرْ ج‪ ،‬و َمن لم يستطع فعليه بالصَّوم؛ فإنه له وجاء))؛ أخرجه البُخاري ومسلم‬

‫ب األُ ْخرى‪ :‬التقيُّد بآداب اإلسالم‪ ،‬االبتِعاد والتورُّ ع عن الوقوع فيما حرَّم هللا‪ ،‬والموفَّق َمن‬
‫من اآلدا ِ‬
‫‪.‬وفَّقه هللا‬

‫صراحةً الموْ ضوع طوي ٌل ومتشعِّب المحاور‪ ،‬لكن في اإلشارة ما يُ ْغنِي عن ِ‬


‫العبارة‪ ،‬وما ال يُ ْد َرك‬
‫‪:‬كلّه‪ ،‬ال يُ ْت َرك جلُّه‪ ،‬ور ِحم هللا ال َّشاعر إذ يقول‬
‫صـا‪َ         ‬والـحُـرُّ ‪ ‬تَـ ْكـفِـيـ ِه‪  ‬ا ِإل َش َ‬
‫ـار ْه‬ ‫الـ َعـبْـ ُد‪ ‬يُـ ْق َ‬
‫ـر ُ‬
‫ع‪ ‬بِـالـ َعـ َ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ‬‬
‫السيد أحمد المخزنجي‪ ،‬التَّأصيل التربوي لألبناء‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪[1] :‬‬
‫‪123. ‬‬
‫للتوسّع في الموضوع بكل تفاصيله‪ ،‬الرجوع إلى كتاب‪ :‬تحفة العروس لمجدي محمد الشهادي‪[2] ‬‬
‫‪.‬وعزيز أحمد العطار‬
‫‪. ‬كناية عن اإلتيان في القبل من الخلف‪[3] ‬‬
‫‪.‬كناية عن الزوجة‪[4] ‬‬
‫‪.‬سنن الترمذي ‪ -‬كتاب تفسير القرآن ‪ -‬باب‪ :‬ومن سورة البقرة ‪ -‬حديث رقم ‪[5] 3247‬‬
‫‪.‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب المرأة راعية في بيت زوجها‪ ،‬حديث رقم ‪[6] 5200‬‬
‫يقول الدكتور محيي الدين طالو العلبي‪ :‬يَجب االمتِناع عَن ِجماع المرْ أة الحائض؛ َّ‬
‫ألن ِجماعَها‪[7] ‬‬
‫التمزق وسريعة العطب‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ألن عروق الرَّحم تكون محتقنة وسهْلة‬ ‫يؤدِّي إلى اشتِداد النَّزف الط ْمثي؛ َّ‬
‫أن ِجدار المهبل سهْل الخدش‪ ،‬وتصْ بح إمكانيَّة حدوث االلتِهابات كبيرة م َّما يؤدِّي إلى التِهاب‬ ‫كما َّ‬
‫ال َّر ِحم أيضًا أو يَحدث التِهاب في عضْ و ال َّرجُل بسبب الخدوش التي تَحصل أثناء االنتِصاب‬
‫أن ِجماع الحائض يسبِّب اش ِم ْئزا ًزا لدى ال َّرجُل وزوجه على السَّواء بسبب وجود ال َّدم‬ ‫واالحتِكاك‪ ،‬كما َّ‬
‫‪.‬ورائحته‪ ،‬وبالتَّالي قد يؤثِّر على ال َّزوج فيُصاب بالبرود ال ِج ْنسي (العنَّة)‬
‫وجين باللَّ َّذة بسبب تم ُّدد‬
‫وجماع النُّفَساء له نفس أضرار الحائض‪ ،‬يُضاف له عدم شعور كلٍّ من ال َّز َ‬
‫‪.‬جوف المهبل خالل الوالدة‪ ،‬ويسبِّب اآلالم خالل الجماع‪ ،‬والتي تنجُم عن تنبيه تقلُّص الرحم وآالمها‬
‫د‪.‬عبدالقادر حبيطي‪ :‬حجابها صون وتكريم‪ ،‬مجلة الوعي اإلسالمي‪ ،‬العدد ‪ ،511‬ربيع األ َّول‪[8] ‬‬
‫‪ ،1429. ‬مارس ‪ ،2008‬ص‪71 :‬‬
‫فاإلعالم الذي يُالحق الجسد باإلبراز واإلشهار‪ ،‬وعمليات "القصف الجنسي" التي تالحق ال َّرجُل‪[9] ‬‬
‫في ك ّل مكان؛ إذ يستحيل أن يسير اإلنسانُ المعاصر اليوم في ال َّشارع أو يفتح جهاز التِّ ْلفاز أو المجلَّة‪،‬‬
‫عشرات من المشاهد والصُّ ور التي تعرض الج َسد العاري ‪ -‬تكون في ِغياب الحصانة‬ ‫ٌ‬ ‫تالحقَه‬
‫ِ‬ ‫دون أن‬
‫صر والتعفف من لدُن الرِّ جال سببًا في معاناة تنع ِكس آثارها‬‫ُّ‬ ‫الدينيَّة واالمتِثال لألمر اإللهي‪ ،‬بغضّ البَ َ‬
‫السلبيَّة على الحياة ال َّزوجيَّة الخاصَّة‪ ،‬نتيجة المقارنة بين ذلك النَّموذج المؤسّسي وبين شريكتِه في‬
‫‪. ‬العالقة ال َّزوجيَّة‬
‫;‪ kraut  ،1998; Brenner  ،1997‬وفي السنوات األخيرة قام عد ٌد من الباحثين األمريكيِّين‪[10] ‬‬
‫بدراسات على مستخ ِدمي اإلنترنت‪ ،‬كان من أبْرز‪Young 1996  ،1999) [Eggar  ،1999] ‬‬
‫نتائِجها تناقص التَّواصُل األسري بين أفراد األسرة‪ ،‬تضاؤُل شعور الفرد بالمساندة االجتِماعيَّة من‬
‫صحَّة النفسيَّة‪ ،‬وهذه نتائج يتوقَّع‬ ‫جانب المقرَّبين له‪ ،‬وتناقُص المؤشرات الدالَّة على التَّوافق النفسي وال ّ‬
‫أن ينتج عنها خالفات وتف ّكك داخل األسر التي تعاني من إسراف بعض أفرا ِدها في استخدام شبكة‬
‫‪.‬اإلنترنت‬
‫مجدي محمد الشهادي وعزيز أحمد العطار‪ :‬تحفة العروس‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬بدون تاريخ‪[11] :‬‬
‫‪.‬ص‪ ،206 :‬بتصرف يسير‬
‫يعرف سيطرة الصّورة‪ ،‬ومدى ترْ سيخها في ذهنيَّة المتلقِّي‪ ،‬فلم تعُد‪[12] ‬‬ ‫خاصَّة في هذا العصر الذي ِ‬
‫أزواجهن‪ ،‬بل في أيدي صانعي ْ‬
‫األزياء‬ ‫َّ‬ ‫عصمة النِّساء ‪ -‬الالئي لم يتربين تربية إسالميَّة ‪ -‬في أيْدي‬
‫‪.‬في باريس من اليهود وصانعي الفجور في العالم‬

‫‪. ‬سيد قطب‪ :‬في ظالل القرآن (‪[13] )25 /2‬‬

‫موالي المصطفى البرجاوي‬

You might also like