محاولة تقييم برامج وسياسات تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية عبد المجيد قدي

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 13

‫جامعة محمد خيضر – بسكرة‬

‫الملتقى الدولي حول سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‬


‫دراسة حالة الجزائر والدول النامية‬

‫مداخلة بعنوان‪:‬‬

‫محاولة تقييم برامج وسياسات تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬


‫الجزائرية‬
‫أ‪/‬دادن عبد الوهاب (جامعة ورقلة)‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬قدي عبد المجيد (جامعة الجزائر)‬

‫تمهيد‪ :‬يزداد االهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في معظم اقتصاديات الدول النامية‪ ،‬نظرا للدور‬
‫ال ذي أص بحت تؤديه ه ذه المؤسس ات وك ذا المكانة اإلس تراتيجية ال تي تحتلها في ظل التح والت اإلقليمية‬
‫والدولية‪ .‬وتعد إش كالية تمويل المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ ،‬إلى ج انب إش كالية النم و‪ ،‬من بين أهم‬
‫الص عوبات ال تي تواجهه ا‪ ،‬وه ذا ما يس تدعي إنش اء آلي ات وسياس ات تمويل تتالءم مع طبيعة وخص ائص‬
‫هذه المؤسسات‪.‬‬

‫يربط النظام المالي بين الوحدات االقتصادية ذات الفائض وتلك التي تعاني من عجز‪ .‬والواقع أن‬
‫العالقة بين الجانبين قد تكون مباشرة وقد ال تكون كذلك‪ ،‬بحسب طبيعة االقتصاد‪ .‬ففي ظل اقتصاد تسوده‬
‫االس تدانة (إقتص اد اس تدانة)‪ ،‬ت ؤدي البن وك دورا هاما يتمثل في الوس اطة المالية‪ ،‬حيث يعت بر البنك‬
‫مس تثمرا في عالقته مع الم دخرين (الوح دات ذات الف ائض) ويعت بر م دخرا في عالقته مع المس تثمرين‬
‫(الوح دات ذات العج ز)‪ ،‬وه ذا ما نقص ده به العالقة غ ير المباش رة بين الم دخرين (عارضي األم وال)‬
‫والمس تثمرين (ط البي األم وال)‪ .‬وفي ظل اقتص اد الس وق‪ ،‬أين ت برز األس واق المالية كمح رك أساسي‬
‫للنظام الم الي‪ ،‬ف إن العالقة تبدوا مباش رة بين المؤسس ات ذات العجز والجه ات األخ رى ذات الف ائض‪ ،‬أين‬
‫يمكن اعتبار النظام المالي برمته وسيطا بسيطا‪.‬‬

‫تسعى في الوقت الحالي معظم الدول بما فيها الجزائر‪ ،‬إلى إرساء وتجسيد دعائم اقتصاد السوق‪،‬‬
‫هادفة إلى رفع القدرات التنافسية للمؤسسات وتحسين مستوى أداءها وبالتبعية تسجيل معدالت جيدة للنمو‬
‫االقتص ادي‪ .‬وض من ه ذا اإلط ار‪ ،‬وبن اءا على التج ارب والتحاليل والدراس ات ح ول ال دور ال ذي تؤديه‬
‫المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة في النمو االقتص ادي واالجتم اعي‪ ،‬فقد حظيت ه ذه األخ يرة (‪)PME‬‬
‫باالهتم ام الكب ير وذلك بتب ني ب رامج تطورية لتأهيل ه ذه المؤسس ات وتحسن أداءها وض مان ديمومتها في‬
‫ظل هذه التحوالت االقتص ادي اإلقليمية والدولي ة‪ .‬ل ذلك‪ ،‬فإننا سنحاول من خالل هذه الورقة البحثية تقييم‬
‫برامج وسياسات التمويل التي تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪.‬‬

‫‪ .I‬إشكالية تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫اعتم دت الكث ير من ال دول ومن بينها الجزائر العديد من ال برامج التنموية للنه وض بقط اع‬
‫المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ ،‬وذلك على ع دة مس تويات‪ :‬التأهي ل‪ ،‬التك وين‪ ،‬نظ ام المعلوم ات‪ ،‬الق درة‬
‫على المنافسة‪ ،‬التمويل‪...،‬‬

‫ونظ را للخصوص يات ال تي يتم يز بها قط اع المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ ،‬نعتقد أن مش كلة‬
‫التمويل تحتل مركز الص دارة ض من مجموعة الص عوبات ال تي تواجهها ه ذه المؤسس ات في الجزائ ر‪.‬‬
‫ويعود هذا في الواقع إلى سببين ‪:‬‬

‫يتمثل الس بب األول في تخلف النظ ام المص رفي وع دم موض وعية القي ود الش روط ال تي يفرض ها‬ ‫‪-‬‬
‫لتمويل القطاع الخاص‪ ،‬والتي تميل في الواقع إلى الجانب القانوني أكثر من الجانب االقتصادي‪.‬‬
‫فقد عمل النظام المصرفي في الجزائر على خدمة مؤسسات الدولة في تنمية المشاريع الضخمة‪،1‬‬
‫وبالتالي فإن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التابعة للقطاع الخاص لم تكن تنموا ولم تجد الدعم‬
‫المالي الالزم إال على هامش مشاريع القطاع العام‪ ،‬وهذا في الوقت الذي أثبتت فيه تجارب الدول‬
‫المتقدمة أن النمو االقتصادي الكلي مرده إلى المشروعات المصغرة‪ ،‬الصغيرة والمتوسطة‪ .‬فعادة‬
‫ما تت وفر ه ذه األخ يرة على س وق في حالة نمو لمنتجاتها األص لية أو لمنتج ات جدي دة في ط ور‬
‫االبتكار‪ .‬لذلك فإن النمو الداخلي يكون مناسبا لهذا النوع من المؤسسات‪.2‬‬

‫أضف إلى ما س بق‪ ،‬أن النظ ام البنكي ع ادة ما ي ولي أهمية للقط اع التج اري لالس تيراد والتص دير‬
‫على حساب القطاع الصناعي‪ ،‬وهذا الرتفاع درجة المخاطرة في هذا األخير‪ .‬ونجد كذلك مشكلة‬
‫نقص الض مانات وقلة حجم األموال الخاصة للمشروعات المص غرة‪ ،‬الص غيرة والمتوس طة يؤدي‬
‫بالبنوك إلى التخوف من التعامل معها من حيث التمويل‪.‬‬
‫ويتمثل السبب الثاني في غياب ثقافة السوق المالي في الجزائر‪ .‬وهذا ما جعل منظومة المؤسس ات‬ ‫‪-‬‬
‫الصغيرة والمتوسطة في الجزائر تعمل وفقا لنماذج التسيير التقليدي وبموارد مالية ضئيلة‪ .‬فنعتقد‬
‫أن تك ريس ثقافة الس وق الم الي في الجزائر س وف يحفز القط اع الخ اص‪ ،‬على وجه الخص وص‪،‬‬
‫على اللج وء إلى عملي ات التمويل المباش ر‪ ،‬أين تس ود مظ اهر اقتص اد الس وق وتتنحى مظ اهر‬
‫اقتصاد االستدانة‪ .‬ولقد بينت العديد من الدراسات حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة األوربية‬
‫أن اإلمكاني ات وف رض التمويل المتاحة المؤسس ات المس عرة (‪ )Cotées‬تف وق بكث ير تلك المتاحة‬
‫للمؤسس ات غ ير المس عرة (‪ .)Non cotées‬والواقع أن ت وفر س وق م الي كب ديل أم ام قط اع‬
‫المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة ي ؤدي إلى اش تقاق نش اط آخر مص احب وهو االس تثمار في‬
‫األوراق المالي ة‪ .‬ولما علمنا ب أن الس وق الم الي يعت بر مج اال لتق ييم أداء المؤسس ات المس عرة‪ ،‬ف إن‬

‫‪2‬‬
‫ذلك يعت بر ح افزا لتلك المؤسس ات للرفع من مس تويات أدائها‪ ،3‬األمر ال ذي ي ؤدي بالتبعية إلى‬
‫ارتفاع مستوى أداء االقتصاد الكلي‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك‪ ،‬أن اللجوء األسواق المالية عند الحاجة إلى التمويل‪ ،‬واالبتعاد عن التمويل البنكي‪،‬‬
‫س وف يزيد من درجة اس تقاللية المؤسس ات ذات العجز الم الي ومن ثم إمكانية االس تثمار في‬
‫مختلف المجاالت بعيدا عن شروط منح االئتمان المصرفي‪.‬‬

‫إن افتقار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية إلى وجود سوق مالي يم ّكن من القول بأنها‬
‫مؤسس ات ض عيفة الرس ملة (‪ )Sous-capitalisées‬مقارنة بباقي المؤسس ات الكبيرة وحتى بالمقارنة مع‬
‫نظيراتها في ال دول المتقدمة والمت وفرة على أس واق مالي ة‪ .‬وتنشأ في الجزائر العديد من المؤسس ات‬
‫الص غيرة والمتوس طة بالحد األدنى المس موح به قانون ا‪ ،‬حيث أنش ئت الكث ير منها ب رأس م ال ق دره‬
‫‪100.000,00‬دج‪.4‬‬

‫إجماال يمكن القول ب أن الضعف في‪/‬انعدام إمكاني ات التمويل المصرفي طويل األجل الذي تعاني منه‬
‫‪5‬‬
‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعود إلى عدة أسباب أهمها‪:‬‬
‫عدم تكيف المؤسسة الصغيرة والمتوسطة مع الميكنزمات المالية الحديثة؛‬ ‫‪-‬‬
‫الضعف الكب ير الذي يعاني منه ه ذا من المؤسس ات في مس توى الض مانات‪ ،‬بل انعدامه في بعض‬ ‫‪-‬‬
‫األحيان؛‬
‫تعقد اإلجراءات والعمليات اإلدارية وطول وقتها؛‬ ‫‪-‬‬
‫عدم كفاية األموال األموال الخاصة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يختلف م دلول مص طلح "اختي ار سياسة مالية" بش كل كب ير بين المؤسس ات من حجم كب ير‬
‫والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ .‬فتوفر المؤسسات الكبيرة على قدر معين من المالءة (‪)Solvabilité‬‬
‫وعلى هيكل متين‪ ،‬يعد عامال مساعدا على اختيار سياسة مالية معينة في المدى الطويل لتمويل النمو‪ ،‬أين‬
‫تك ون ب دائل التمويل المطروحة أم ام المؤسسة عدي دة‪ ،‬مما يزيد من درجة حرية واس تقاللية اتخ اذ ق رارات‬
‫التمويل دون ح دوث ص راع أو تض ارب بين مص الح األط راف المهتمة بحي اة ومس تقبل المؤسس ة‪ .‬بينما‬
‫تتميز المؤسسات الصغيرة بخصوصيات واضحة‪ ،‬ومن بينها ضعف الرسملة (‪،)sous-capitalisation‬‬
‫مما يؤدي إلى ظهور مشاكل وصعوبات مالية‪ ،‬حيث تعد هذه األخيرة إحدى المحددات األساسية لسياساتها‬
‫المالية‪ .‬وهذا ما يستدعي تحليل مجموعة القيود المالية التي تواجهها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمام‬
‫سعيها لتحقيق أهدافها‪ .‬وعادة ما تكون هذه األهداف متمثلة في تعظيم الربح‪ ،‬البقاء والنمو‪.‬‬

‫‪ .II‬برامج تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫عملت الدولة على إحالل مصارف وطنية محل المصارف األجنبية بعد انسحاب هذه األخيرة من‬
‫السوق الجزائرية بعد االستقالل‪ .‬وقد كانت هذه المصارف الوطنية تعمل وفقا للنظام االقتصادي الحكومي‬
‫الموجه في ب ادئ األم ر‪ .‬ل ذلك فهي تعمل وفقا لخطط التنمية ال تي تع دها الدولة بعي دا عن التفك ير في‬
‫االقتصادي الحر‪ .‬وكانت البنوك الوطنية غداة أزمة النفط‪ 6‬قد وصلت إلى مرحلة حرجة‪ ،‬مما استدعى شن‬
‫حملة إص الح عاجلة لتط وير القط اع المص رفي‪ ،‬حيث ت زامن ه ذا اإلص الح مع إص الحات أخ رى خصت‬
‫قط اع المؤسس ات العمومي ة‪ .‬وهك ذا‪ ،‬وأم ام إش كالية تخلف المنظومة المص رفية اض طرت الجزائر إلى‬
‫إص الح نظامها المص رفي ب دءا من س نة ‪ ،1988‬حيث ك انت ته دف أساسا إلى تحديثه وجعله يس تجيب‬
‫للتغيرات والتحوالت الوطنية والدولية‪.‬‬

‫أدت اإلص الحات ال تي خاض تها الجزائر منذ الثمانين ات إلى التغي ير الج ذري للسياسة االقتص ادية‬
‫باالعتماد على قوى السوق‪ ،‬كما سمحت بإعادة االعتبار للمؤسسات الخاصة واالعتراف بالدور الهام الذي‬
‫يمكن أن تؤديه في التنمية الش املة‪ ،‬مما أف رز ظ اهرة المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة كرك يزة للنمو‬
‫االقتصادي‪.7‬‬

‫والواقع أن البن وك الجزائرية ك انت تع اني من وضع م الي جد ص عب أف رزه س وء تس يير ال ديون‬
‫الممنوحة للقطاع العام‪ ،‬الذي كان آنذاك هش البنية التحتية (مختل هيكليا)‪ ،‬وهذا ما يمكن تفسيره بضعف‬
‫درجة اس تقاللية البنك المرك زي خصوصا في وض عه وتنفي ذه للسياسة النقدي ة‪ ،‬وك ذا محدودية الم وارد‬
‫المالية الالزمة لالقتص اد الوط ني‪ ،...‬األمر ال ذي أدى إلى اعتم اد التس يير الب يروقراطي للبن وك العمومية‬
‫ومركزية اتخ اذ الق رارات المتعلقة بمنح االئتم ان المص رفي‪ ،‬وقد ك ان ل ذلك آث ارا س لبية عملية تمويل‬
‫المشاريع االستثمارية‪ .‬أضف إلى ذلك عامل ضعف تأقلم التشريع مع التحول نحو اقتصاد السوق‪.‬‬

‫وفي ه ذا الس ياق‪ ،‬عملت الدولة على تجنيد اآللي ات الالزمة النطالقة ناجحة لتط وير وتأهيل‬
‫منظومة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باتباع منهجية تشاركية مع المؤسسات وبتعبئة الموارد العمومية‬
‫واالس تفادة من تج ارب ال دول المتقدمة في ه ذا المج ال‪ .‬وبداية من س نة ‪ ،1997‬ت دخلت الدولة مباش رة‬
‫لتسهيل الفعل االستثماري وتشجيع المبادرة الخاصة‪ ،‬وذلك بإنشاء جهاز لدعم ومساعدة إنشاء المشروعات‬
‫الص غيرة‪ ،‬ممثال في الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الش باب‪ .‬هذا الجهاز الذي عرف في تنظيمة إص الحات‬
‫معتبرة سنة ‪ ،2003‬كما تم في نفس السنة إعادة النظر في النظام القانوني للصندوق الوطني للتأمين عن‬
‫البطالة قصد تمكينه من تمويل المش اريع الص غيرة لفئة األش خاص البط الين ما بين ‪ 35‬و‪ 50‬س نة؛‬
‫باإلضافة إلى إنشاء الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر الموجه لألسرة المنتجة‪.8‬‬

‫‪4‬‬
‫وقد ع رفت منظومة المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة الجزائرية تح والت نوعية س ببها ص دور‬
‫الق انون الت وجيهي لترقية المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة بت اريخ ‪ 12/12/2001‬وال ذي يعت بر نقطة‬
‫انعط اف حاس مة في مس ار ه ذا القط اع‪ ،‬حيث ح دد من خالله اإلط ار الق انوني والتنظيمي ال ذي تنشط فيه‬
‫المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة وك ذا آلي ات وأدوات ترقيتها ودعمه ا‪ .‬ج اء ه ذا الق انون الت وجيهي ليجد‬
‫حل وال للعديد من اإلش كاالت ال تي تواجهها المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ ،‬وذلك بوضع مجموعة من‬
‫اآللي ات التنظيمية ال تي من ش أنها ت دعيم وترقية ه ذا النس يج من المؤسس ات‪ ،‬إذ أن اله دف من وضع ه ذا‬
‫القانون هو تحسين محيط االستثمار الداخلي واألجنبي المباشر والمساهمة في تحرير المبادرات الخاصة‪.‬‬

‫دفعت المش اكل ال تي تع اني منها منظومة المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة وفي مق دمتها إش كالية‬
‫التمويل ب الوزارة الوص ية إلى اعتم اد آلي ات تمويل تتالءم مع خصوص ية ه ذا الن وع من المؤسس ات‪ .‬فمع‬
‫بداية س نة ‪ 2004‬تم اإلعالن عن إنش اء مؤسس تين م اليتين للمس اهمة في تس هيل الحص ول على الق روض‬
‫البنكية وهي ص ندوق ض مان الق روض االس تثمارية للمؤسس ات الص غيرة والمتوس طة برأس مال ق دره ‪30‬‬
‫‪9‬‬
‫مليار دج وصندوق رأسمال المخاطر برأسمال قدره ‪ 3.5‬مليار دج‪.‬‬

‫فيعت بر المحيط ال ذي تنشط فيه المؤسس ات الص غيرة و المتوس طة مؤش را على وض عيتها‪ .‬ففي‬
‫الجزائر يم يز ه ذا المحيط الكث ير من المش اكل ال تي ت ؤخر نمو ه ذه المؤسس ات‪ .‬فباإلض افة للمحيط الم الي‬
‫ال ذي ال يتالءم كث يرا مع خصوص ية المؤسس ات الص غيرة و المتوس طة ف إن المحيط اإلداري يعت بر بطيئا‬
‫بالنظر للعديد من اإلجراءات المطلوبة سواء عند اإلنشاء أو أثناء النشاط ‪ .‬إن من أهم المشاكل التي تعاني‬
‫منها المؤسس ات مش كلة التمويل و ص عوبة الحص ول على الق روض البنكية مما دفع ب الوزارة الوص ية إلى‬
‫العمل على إح داث آلي ات مالية تتالءم و خصوص ية ه ذه المؤسس ات‪ ،‬و ب الرغم من أن البن وك العمومية‬
‫س اهمت في س نة ‪ 2003‬بتم ويالت ق درها ‪ 555‬ملي ار دج أي بنس بة ‪ %40,60‬من مجم وع التم ويالت‬
‫مقارنة بس نة ‪ 2001‬حيث ق در المبلغ آن ذاك ب ‪ 353‬ملي ار دج أي ما يمثل ‪ % 30,72‬من مجم وع‬
‫التمويالت‪.‬‬

‫وكما سبق الذكر‪ ،‬تم اإلعالن عن إنشاء مؤسستين ماليتين ستساهمان بال شك في تسهيل الحصول‬
‫على الق روض البنكية و هي ص ندوق ض مان الق روض اإلس تثمارية للمؤسس ات الص غيرة و المتوس طة‬
‫برأسمال قدره ‪ 30‬مليار دج و صندوق رأسمال المخاطر برأسمال قدره ‪ 3,5‬مليار دج‪ .‬إضافة إلى هذا و‬
‫تطبيقا لألحكام المنصوص عليها في القانون التوجيهي تم إنشاء صندوق لضمان القروض البنكية الموجهة‬
‫للمؤسس ات الص غيرة و المتوس طة (الجري دة الرس مية رقم ‪ - 74‬م‪.‬ت رقم ‪ 373 - 02‬الم ؤرخ في‬
‫‪ )11/11/2002‬الذي انطلق فعليا منذ مارس ‪ 2004‬و الذي سيساهم بدوره في التخفيف من حدة مشكل‬
‫التمويل‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫سعيا وراء تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية وتحسين قدراتها التنافسية وتمكينها‬
‫من مواكبة التط ورات والتح والت االقتص ادية الحاص لة‪ ،‬وفي ظل هيمنة التجمع ات والتكتالت االقتص ادية‬
‫الكبرى في مختلف األسواق العالمي ة‪ ،‬أع دت الوزارة الوصية برنامجا وطنيا لتأهيل المؤسس ات الصغيرة‬
‫‪10‬‬
‫والمتوسطة بقيمة ‪ 01‬مليار دينار سنويا يمتد إلى غاية سنة ‪ .2013‬ويهدف هذا البرنامج إلى ‪:‬‬
‫تحليل فروع النشاط وضبط إجراءات التأهيل للواليات بحسب األولوية عن طريق إعداد دراسات‬ ‫‪-‬‬
‫عامة كفيلة بالتعرف عن قرب على خصوصيات كل والية وكل فرع نشاط وسبل دعم المؤسسات‬
‫الص غيرة والمتوس طة بواس طة تثمين اإلمكاني ات المحلية المت وفرة وق دراتها حسب الف روع وبل وغ‬
‫ترقية وتطور جهوي للقطاع؛‬
‫تأهيل المحيط المج اور للمؤسسة عن طريق إنج از عملي ات ت رمي إلى إيج اد تنس يقي ذكي وفع ال‬ ‫‪-‬‬
‫بين المؤسسة الصغيرة والمتوسطة ومكونات محيطها القريب؛‬
‫إعداد تشخيص استراتيجي عام للمؤسسة ومخطط تأهيلها؛‬ ‫‪-‬‬
‫المس اهمة في تمويل مخطط تنفيذ عملي ات التأهيل خاصة فيما يتعلق بترقية الم ؤهالت المهنية‬ ‫‪-‬‬
‫بواسطة التكوين وتحسين المستوى في الجوانب التنظيمية وأجهزة التسيير والحيازة على القواعد‬
‫العامة للنوعية العالمية (اإليزو) ومخططات التسويق؛‬
‫تحسين القدرات التقنية ووسائل اإلنتاج‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وب ذلك‪ ،‬أنش أت الوكالة الوطنية لتط وير المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة (‪ )ANDI‬لتتكفل بمتابعة‬
‫تنفيذ ب رامج تأهيل المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة وك ذا احتض ان بنك للمعطي ات االقتص ادية‪ ،‬باإلض افة‬
‫إلى إعداد دراسات اقتصادية ومتابعة وتنسيق نشاطات مراكز التسهيل ومشاتل (حاضنات) المؤسسات (‬
‫‪ .)Pépinières des entreprises‬وينتظر من ه ذا البرن امج تنمية اجتماعية واقتص ادية مس تدامة على‬
‫المس توى المحلي والجه وي بواس طة نس يج من المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة ذات تنافس ية وفعالية في‬
‫سوق مفتوحة وإ نشاء قيم مضافة جديدة ومنتصب شغل أكثر‪.‬‬

‫فباعتب ار مس ألة التمويل تمثل ج وهر إش كالية تنمية المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة الجزائري ة‪ ،‬فقد‬
‫اعتمدت مجموعة من التقنيات في مجال منح االئتمان المصرفي أهمها‪:‬‬
‫الق روض المس تندية ‪ crédits documentaires‬كتقنية لتمويل التج ارة الخارجية اس تيرادا‬ ‫‪-‬‬
‫وتصديرا؛‬
‫السماح بمنح قروض استغالل (قصيرة األجل) وبالسحب على المكشوف ‪Découverts‬؛‬ ‫‪-‬‬
‫قروض متوسطة األجل لتمويل االستثمارات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪6‬‬
‫ونص األمر رقم ‪ 03/01‬المؤرخ في ‪ 20‬أوت ‪ ،2001‬المتعلق بتطوير االستثمارات في المادة ‪-10‬‬
‫‪ 11‬على أن االس تثمارات ال تي تنجز في المن اطق ال تي هي بحاجة إلى تنمي ة‪ ،‬وك ذا االس تثمارات ال تي‬
‫هي مهمة بالنس بة لالقتص اد الوط ني وال تي تس تعمل تكنولوجيا خاصة من ش أنها أن تحافظ على البيئة‬
‫‪11‬‬
‫تستفيد من المزايا التالية‪:‬‬
‫اإلعفاء مع دفع حقوق نقل الملكية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫تكفل الدولة – كليا أو جزئيا – بمص اريف األش غال المتعلقة بالمنش آت الض رورية إلنج از‬ ‫‪-‬‬
‫االستثمارات وذلك بعد تقييما من طرق الوكالة‪.‬‬

‫وك انت ه ذه اإلج راءات ته دف إلى إح داث مرونة وتس هيل التعامل بين البن وك والمؤسس ات الص غيرة‬
‫والمتوسطة‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية اقتحام األسواق الخارجية‪.‬‬

‫ولإلش ارة فإن ه‪ ،‬يعت بر دخ ول اتف اق الش راكة مع االتح اد األوربي وانفت اح الس وق الجزائرية على‬
‫المنافسة الدولية محف زا إلنش اء الص ندوق الخ اص بتأهيل المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ ،‬ال ذي تض منه‬
‫قانون المالية لسنة ‪.2006‬‬

‫جدول يوضح تطور تعداد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية ما بين ‪ 2004‬و ‪2005‬‬
‫‪%‬‬ ‫الزيادة‬ ‫عدد المؤسسات‬ ‫عدد المؤسسات‬ ‫نوع المؤسسة ص م‬
‫عام ‪2005‬‬ ‫عام ‪2004‬‬
‫‪9.04‬‬ ‫‪20393‬‬ ‫‪245842‬‬ ‫‪225449‬‬ ‫‪1‬‬
‫مؤسسات خاصة‬
‫‪12.33‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪874‬‬ ‫‪778‬‬ ‫‪2‬‬
‫مؤسسات عمومية‬
‫‪10.76‬‬ ‫‪3409‬‬ ‫‪96072‬‬ ‫‪86732‬‬ ‫‪3‬‬
‫الصناعة التقليدية‬
‫‪9.53‬‬ ‫‪29829‬‬ ‫‪342788‬‬ ‫‪312959‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ 1 :‬الصندوق الوطني للضمان االجتماعي؛ ‪ 2‬وزارة المساهمة وترقية االستثمار؛ ‪ 3‬غرف الصناعة التقليدية والحرف‪.‬‬

‫ويالحظ من الج دول أعاله أن أعلى زي ادة ما بين ‪ 2004‬و ‪ 2005‬ك انت في القط اع الخ اص‪ ،‬حيث‬
‫سجل إنشاء ‪ 20393‬مؤسسة‪ ،‬أي بنسبة ‪ ،%9.04‬تليها الصناعة التقليدية بزيادة قدرها ‪ 3409‬مؤسسة‪،‬‬
‫أي بمع دل ‪ ،%10.76‬ثم القط اع الع ام بمق دار ‪ 96‬مؤسس ة‪ ،‬أي بمع دل ‪ .%10.76‬وه ذا ما ي دل على أن‬
‫القطاع الخاص يضم أكبر عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪.‬‬

‫والواقع أن المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة التابعة للقط اع الع ام تتع رض ديموغرافيتها – في ه ذه‬
‫المرحلة من الخوصصة – لظاهرتين تؤثران بطريقة عكسية على تعدادها العام‪ ،‬حيث‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫أدت عملية إع ادة هيكلة المؤسس ات العمومية الك برى إلى إنش اء العديد من المؤسس ات التابعة له ا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫تتمتع باالس تقاللية التامة وهي قابلة للخوصصة والش راكة‪ ،‬وهي على العم وم مؤسس ات في ش كل‬
‫ش ركات تس يير المس اهمة الجهوية (‪ )SGP‬العاملة في قط اع البن اء واألش غال العمومية باإلض افة‬
‫إلى قطاعات أخرى ‪...‬‬
‫س اهمت عملية الخوصصة بأش كالها المختلفة (جزئية أو كلي ة) في تخفيض ع دد المؤسس ات‬ ‫‪-‬‬
‫الصغيرة والمتوسطة العمومية بسبب تغير طبيعة الملكية‪.‬‬

‫‪ .III‬التعاون الدولي في مجال ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‬

‫ق امت الجزائر – في إط ار سياسة ترقية المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة – بتوقيع اتفاقي ات بينها‬
‫‪12‬‬
‫وبين دول أخرى متقدمة في إطار التعاون الدولي‪ ،‬ونذكر في هذا المجال ما يلي‪:‬‬
‫التعاون الجزائري األلماني‪ :‬تضمن هذا التعاون‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫مشروع إرشاد وتكوين بتكلفة إجمالية تقدر بـ ‪ 3‬ماليين أورو ويستفيد قطاع المؤسسات الصغيرة‬ ‫‪-‬‬
‫والمتوسطة بتكوين ‪ 50‬متخصص و ‪ 250‬عونا مرشدا ؛‬
‫مش روع دعم وترقية المؤسس ات الص غيرة بغالف م الي يق در بـ ‪ 2.3‬ملي ون أورو هدفه ترقية‬ ‫‪-‬‬
‫الحركة الجمعوية بالمؤسسات‪.‬‬

‫التع اون الجزائ ري الكن دي‪ :‬إذ تم االتف اق على تع اون كن دي جزائ ري يتمثل في تنمية القط اع‬ ‫‪.2‬‬
‫الخ اص في الجزائر لتحس ين ش روط تنافس ية القط اع اإلنت اجي وتم توقيع ه ذا االتف اق ممثل‬
‫الخارجية الجزائ ري والوكالة الكندية للتنمية الدولية عن طريق الس فير الكن دي بتكلفة إجمالية‬
‫تقدر بـ ‪ 7.4‬مليون دوالر لمدة سنتين‪.‬‬

‫التع اون الجزائ ري اإليط الي‪ :‬حيث تم التوقيع بين وزير المؤسس ات والص ناعات الص غيرة‬ ‫‪.3‬‬
‫والمتوس طة والص ناعة التقليدية وال وزير اإليط الي للنش اطات اإلنتاجية في أفريل ‪ 2002‬من‬
‫أجل إقامة عالق ات بين رج ال األعم ال الجزائ ريين ونظ رائهم اإليط اليون‪ ،‬وك ذا إنش اء مركز‬
‫تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للجزائر بدعم من إيطاليا‪.‬‬

‫التع اون الجزائ ري النمس اوي‪ :‬تم االتف اق بين البنك الوط ني الجزائ ري والبنك المرك زي‬ ‫‪.4‬‬
‫النمساوي في إطار االستفادة من قرض بقيمة ‪ 30‬مليون أورو ‪ ،‬بعد مفاوضات دامت سنة‪،13‬‬
‫ويوضع هذا القرض تحت تصرف المتعاملين االقتصاديين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬
‫لتمويل الواردات‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ .IV‬تقييم سياسات وبرامج تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‬

‫بعد الح ديث عن إش كالية التمويل ال تي تع اني منها المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة الجزائري ة‪،‬‬
‫وبعد اإلشارة إلى أهم البرامج وسياسات التمويل التي انتهجتها واعتمدها الوزارة الوصية‪ ،‬وباالستناد إلى‬
‫نم اذج ال دول المتقدمة في مج ال تمويل المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ ،‬فإنه يمكننا تق ييم تجربة الجزائر‬
‫في هذا المجال‪ .‬والواقع أن هذا التقييم يمكنه اعتباره يعكس الصورة السياسية المنتهجة من قبل السلطات‬
‫العمومية والتي تسير في واقعين متناقضين هما‪:‬‬
‫اإلجراءات العمومية المساعدة للقطاع وأشكال الدعم المقدمة إلنشاء وتنمية هذه المؤسسات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم مالئمة وتكيف المحيط اإلداري‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إذ ت دفع الس لوكات والض غوط والبيروقراطية اإلدارية به ذا الن وع من المؤسس ات ‪ -‬الت ابع في أغلب‬
‫األحيان إلى القطاع الخاص – إلى الغش والتهرب الضريبي‪ .‬وما يمكن مالحظته أيضا أن هناك نوع من‬
‫الخي ار الحتمي أم ام قط اع المؤسس ات والص غيرة والمتوس طة‪ ،‬أال وهو اللج وء إلى ط رق التمويل التقليدية‬
‫ممثلة في القروض المصرفية‪ .‬بل نجد أن البنوك تتحفظ كثيرا عند تمويل هذا القطاع‪ ،‬والسبب في ذلك –‬
‫على حد زعم البن وك – أن خطر منح االئتم ان له ذا الن وع من المؤسس ات جد مرتف ع‪ ،‬نظ را لنقص‬
‫الضمانات وانعدام تقنيات تسيير المخاطر عند هذه المؤسسات (مخاطر الصرف‪ ،‬مخاطر تغير معدالت‬
‫الفائ دة‪ .)...،‬والمالحظ هنا أن البن وك تط الب بتط وير أس لوب التس يير الم الي للمؤسس ات الص غيرة‬
‫والمتوسطة في ظل نظام مصرفي متخلف !‬

‫وحسب تقرير للمجلس الوط ني االقتص ادي واالجتم اعي‪ ،‬ف إن الض مانات القانونية ال تي تطلبها البن وك‬
‫الجزائرية ال تعت بر كعناصر يمكن اس تخدامها في ح االت ع دم ال دفع‪ ،‬ذلك أن ص عوبة تط بيق الره ون‬
‫والعمل بها وغي اب س وق عقارية نش طة تجعل من الص عب االعتم اد على ه ذه الض مانات ذات الط ابع‬
‫العق اري‪ 14.‬وك ان هذه المشكلة سببا في اإلسراع إلى إنش اء شركة رأسمال المخاطرة ‪Capital-risque‬‬
‫والتي تم االتفاق بشأنها خالل الملتقى الوطني المنعقد في مارس ‪.2002‬‬

‫وعلى هذا األساس نقدم المالحظات اآلتية‪:‬‬

‫غياب سوق مالي منوع يسمح بالمفاضلة بين مجموعة من بدائل التمويل؛‬ ‫‪-‬‬
‫غي اب مؤسس ات مالية وبن وك محلية متخصصة في تمويل المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة ع بر‬ ‫‪-‬‬
‫كامل التراب الوطني؛‬
‫غياب صيغ تمويل مفصلة ومنظمة حسب احتياجات قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛‬ ‫‪-‬‬

‫‪9‬‬
‫استناد قرار منح القروض البنكية إلى معيار الضمانات القانونية وإ همال معايير أخرى موضوعية‬ ‫‪-‬‬
‫تتعلق بجدية وفعالية المؤسسة موض وع اإلق راض كأهمية الت دفقات المالية المس تقبلية و المكانة‬
‫اإلستراتيجية لنشاط المشروع وآليات العرض والطلب في محيط المؤسسة‪...‬؛‬
‫غياب تام لتقنيات تغطية مخاطر منح االئتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة (مخاطر الصرف‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مخاطر تقلب معدالت الفائدة‪ ،)...‬األمر الذي يؤدي بالتبعية إلى التحفظ والحذر الكبير من طرف‬
‫البنوك في منح االئتمان لهذه المؤسسات؛‬
‫اكتف اء البن وك الجزائرية باألس اليب واألدوات الكالس يكية في تق دير خطر منح االئتم ان‪ ،‬علما أنه‬ ‫‪-‬‬
‫توجد أس اليب وتقني ات حديثة وأنه تم تج اوز األس اليب والتقني ات الكالس يكية ل دى ال دول المتقدم ة‪،‬‬
‫خصوصا وأنه توجد العديد من الدول تحولت ‪ /‬في طور التحول إلى اقتصاد السوق‪ ،‬أين أص بحت‬
‫تس ود ثقافة اقتص اديات أس واق رأس الم ال ال اقتص اد االس تدانة‪ ،‬ومن ثم ف إن أدوات التحليل ال تي‬
‫كانت معتمدة في ظل اقتصاد االستدانة أصبحت اليوم جد محدودة االستعمال‪.‬‬
‫غياب سياسة مالية ديناميكية لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تبين التجربة الجزائرية أن إرادة االستثمار موجودة من خالل العدد المرتفع من المشاريع المتعهد‬ ‫‪-‬‬
‫بها (‪ 42‬ملي ار دوالر أم ريكي)‪ ،‬غ ير أن ه ذه اإلرادة تص طدم دوما بعقب ات عدي دة تعطل أو تبطل‬
‫تنفيذ المشاريع؛‬
‫انعدام بنوك المعلومات التي تسمح للمؤسسات المالية والبنوك بالمعالجة السريعة لملفات القروض‬ ‫‪-‬‬
‫المقدمة من ط رق المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ ،15‬حيث يس مح النظ ام المعلوم ات المتط ور‬
‫بتحليل أفضل لمخ اطر المؤسسة الص غيرة و‪/‬أو المتوس طة‪ ،‬ومنه إمكانية تغطية المخ اطر‬
‫المالية‪16‬؛‬

‫إذن‪ ،‬يالحظ أن المس تثمر يتحمل أعب اء كث يرة في مرحلة إنش اء المؤسس ة‪ ،‬س ببها تعقد أنظمة التس يير‬
‫وضعف‪/‬عدم مرونة المحيط ونقص المعلومات‪ ،‬كما أن تنفيذ اإلجراءات يستغرق وقتا طويال من الزمن‪،‬‬
‫باإلضافة إلى كثرة الوثائق المطلوبة وإ جراءات التوثيق‪ .‬ولو نظرنا إلى نفس اإلج راءات في بريطانيا مثال‬
‫نج دها أيسر في اإلنش اء‪ ،‬وذلك من خالل الس ماح بإنش اء مؤسس ات مس بقا تك ون ج اهزة للتش غيل ف ورا بعد‬
‫تق ديم المق اول لوثائق ه‪ ،‬وبالمقابل تق دم له التوجيه ات الالزمة إلنج اح المش روع‪ .‬أما في فرنسا فق امت‬
‫السلطات العمومية منذ أواخر السبعينيات بالعمل على تحسين محيط المؤسسات تدرجيا قصد تحرير عملية‬
‫إنشاءها‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬قدمت في سنة ‪ 1997‬عدة تدابير تهدف إلى تبسيط إجراءات اإلنشاء‪ ،‬وكمثال على‬
‫‪17‬‬
‫ذلك ‪ :‬تتم حاليا عملية القيد في السجل التجاري خالل ‪ 24‬ساعة فقط‪.‬‬

‫وفي دراسة أع دت من ط رف مركز الدراس ات والتقني ات االقتص ادية ‪ ،18Ecotechnics‬في ش كل‬


‫تحقيق حولالعراقيل الكابحة لنمو المؤسساتالجزائرية التابعة للقطاع الخاص‪ ،‬حيثشملت العينة ‪314‬‬

‫‪10‬‬
‫مؤسس ة‪ .‬وقد ن الت عوائقومش اكلالتمويل بحظ وافر ض من مجموعة العوامل المعرقلة لنمو ه ذه‬
‫المؤسسات‪،‬حيث أسفرت هذه الدراسة على أنه ‪ %80‬من هذه األخيرة نشأت بتمويل ذاتي (أموال خاصة)‪،‬‬
‫في حين أن ‪ %20‬الباقية ك ان هيكلها الم الي موزعا بين أم وال خاصة واس تدانة‪ ،‬حيث ال تمثل االس تدانة‬
‫س وى ج زء ض ئيل من مجم وع الم وارد‪ ،‬وزي ادة على ذلك ف إن ‪ %07‬فقط من ه ذه المؤسس ات (من الـ‬
‫‪ )%20‬كان لها الحظ في الحصول على قرض مالي عند اإلنشاء‪.‬‬

‫وعلي ه‪ ،‬يمكن الج زم ب أن إش كالية التمويل تحد من ف رص وإ مكاني ات تط ور المؤسس ات الص غيرة‬
‫والمتوسطة الجزائرية‪ ،‬كونها مؤسسات تفتقر إلى سوق مالي وبالتالي فهي تعتبر مؤسسات ضعيفة رأس‬
‫الم ال مقارنة بمؤسس ات ك برى أو بمثيالتها في ال دول النامية وال دول المتقدم ة‪ .‬وه ذا النقص في الرس ملة‬
‫االبتدائية له انعكاس ات آنية يتمثل في ارتف اع ع دد المؤسس ات ال تي تفتقد إلمكانية التط ور الط بيعي بس بب‬
‫استحالة‪/‬ضعف إمكانية حصولها على قروض مصرفية عند اإلنشاء‪ ،‬وبالتالي كان لهذا السبب انعكاس ال‬
‫يس تهان به على أنم اط تمويه ا‪ ،‬األمر ال ذي ي دعها إلى االس تدانة قص يرة األجل وحرمانها من ف رص النمو‬
‫على الم دى المتوسط والبعي د‪ ،‬وهو ما يمثل اختالال في االقتص اد الجزائ ري‪ ،‬ال ذي يتم يز بنس يج من‬
‫المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة غ ير ق ادرة على التغلب على تحقيق مع دالت نمو تس مح ب التغلب على‬
‫العديد من المش كالت وه ذا في ال وقت ال ذي تك ون فيه ه ذه المؤسس ات م دعوة ألداء دور ج وهري في‬
‫االقتصاد الوطني‪ ،‬خاصة في ظل التحوالت اإلقليمية والدولية الحالية‪.‬‬

‫وبإجراء مقارنة دولية في هذا الصدد‪ ،19‬فإنه يسجل أن الهيكل المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬
‫الجزائ ري أض عف بكث ير مقارنة بنظيراتها في ال دول األوربي ة‪ ،‬حيث ي تراوح مع دل االس تدانة ل دى‬
‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة األوربية ما بين ‪ 56‬و ‪ %69.5‬حسب إحصائيات سنة ‪ .201995‬كما أن‬
‫ه ذا المع دل في الياب ان يصل إلى ‪ ،%74.5‬وإ لى ‪ %54.5‬في الوالي ات المتح دة األمريكي ة‪ .‬إذ يفسر ه ذا‬
‫المع دل في الياب ان بتف ادي البن وك تمويل المؤسس ات الك برى‪ ،‬األمر ال ذي دفع بها إلى البحث عن زب ائن‬
‫جدد‪ .‬فتوجهت البنوك اليابانية بشكل مكثف إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ .‬بينما يفسر ارتفاع مع دل‬
‫االستدانة في الواليات المتحدة األمريكية بسهولة دخول هذه المؤسس ات إلى السوق المالية ومن ثم وجود‬
‫بدائل تمويل عديدة‪.‬‬

‫‪ .V‬استنتاجات وتوصيات‪:‬‬

‫بناءا على ما تقدم من تحليل ومعطيات ومقارنات في فضاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فإن‬
‫مسألة التمويل تعتبر دائما جوهر إشكالية نمو وتطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية‪ .‬والواقع‬
‫أنه بإمك ان الدول ة‪ ،‬في إط ار حركية الم وارد المالي ة‪ ،‬إعط اء األولوية (تفض يل) في التط وير لش ركات‬
‫االستثمار الجهوية المختلطة أو الخاصة‪ ،‬وذلك بإعطائها قانون خاص (‪ )Statut particulier‬يسمح لها‬

‫‪11‬‬
‫بتحريك االدخ ار المحلي واس تثماره في ذات المك ان دون تحويله إلى قن وات أخ رى‪ .‬إن مس ألة تمويل‬
‫القطاع الخاص‪ ،‬والذي يتمثل عادة في نسيج من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬تتطلب تدخال من الدولة‬
‫إلح داث ن وع من الت وازن والمقاصة (‪ )compensation‬ولو جزئيا بين مخ اطر التمويل المص رفي‬
‫للمؤسس ات الكب يرة والمؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪ .‬وعلى ه ذا األس اس فإنه يمكن تق ديم التوص يات‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫ض رورة تك ييف سياس ات التمويل حسب متطلب ات واحتياج ات المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫باعتبارها أحد المحاور الكبرى المعنية بتحقيق التنمية المستدامة؛‬
‫ض رورة إع ادة النظر في طبيعة وجنس الض مانات ال تي تتطلبها البن وك الوطنية عند منح االئتم ان‬ ‫‪-‬‬
‫المصفي لهذه المؤسسات؛‬
‫استفادة من تجارب الدول النامية‪ ،‬بإمكان السلطات العمومية – بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات‬ ‫‪-‬‬
‫والهيئ ات المالية ‪ -‬تحديد إس تراتيجية واض حة تتعلق بمس تقبل المؤسس ات الص غيرة والمتوس طة‬
‫الجزائرية؛‬
‫تك ييف النظ ام المص رفي الجزائ ري مع االحتياج ات الحالية وتط وير أس اليب وأدوات التمويل‬ ‫‪-‬‬
‫وانتهاج سياسة ديناميكية لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛‬
‫ضرورة تعدد شركات التمويل لرأس مال المخاطر ومنحها امتيازات وتحفيزات جبائية؛‬ ‫‪-‬‬
‫إعتم اد أس لوب الالمركزية في ق رارات منح الق روض المص رفية مع اح ترام األس قف المح ددة‬ ‫‪-‬‬
‫باإلجماع؛‬
‫ض رورة التفك ير في تط وير الس وق الم الي وتك ريس ثقافة االس تثمار الم الي‪ ،‬أين تص بح حركية‬ ‫‪-‬‬
‫موارد التمويل مرتفعة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫بل إن هذه األخيرة قد تعجز في األخير عن تسديد ديونها‪ ،‬األمر الذي أدى بالدولة إلى اعتماد عمليات التطهير المالي للقطاع العام‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ومن ثم فإن العيوب التي تشوب البنوك العمومية تختفي وراء تحويل الديون إلى ملكية (تحويل الديون إلى رأس مال)‪.‬‬
‫دادن عبد الوهاب‪ ،‬نحو مقاربة لتحليل المنطق المالي لنمو المؤسسات االقتصادية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2004‬ص‪.73‬‬
‫لضمان إمكانية التمويل مستقبال‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫قريشي يوسف‪ ،‬سياسات تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪ ،‬دراسة ميدانية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬غير منشورة‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫جامعة الجزائر‪.2005 ،‬‬


‫‪5‬‬
‫‪Mahmoudou Bocar Sall (2002), « La source de financement des investissements de la PME : Une‬‬
‫‪étude empirique sur données sénégalaises », In Revue Afrique et developpement, Vol. XXVII, Nos.‬‬
‫‪1&2, PP84-115.‬‬
‫‪ 6‬في منتصف الثمانينات‪.‬‬
‫وفي هذا السياق االقتصادي أنشئت في سنة ‪ 1994‬وزارة مكلفة بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتتكفل بمهمة تهيئة المحيط‬ ‫‪7‬‬

‫المالئم والظروف المواتية لترقية نشاط هذه المؤسسات‪.‬‬


‫تتميز هذه األجهزة الثالثة بخصائص أهمها‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫تقديم دعم من الدولة في شكل قرض بدون فائدة يعادل ‪ %25‬من قيمة المشروع؛‬ ‫‪-‬‬
‫إعفاءات جبائية وشبه جبائية؛‬ ‫‪-‬‬
‫مساهمة شخصية من صاحب المشروع تتراوح ما بين ‪ 3‬و‪ %10‬من قيمة المشروع؛‬ ‫‪-‬‬
‫مرافقة شخصية لتجسيد المشروع من طرف األجهزة المذكورة؛‬ ‫‪-‬‬
‫تخفيضات علة نسبة فوائد القروض البنكية التي يطلبها صاحب المشروع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بوخالفة خمنو‪ ،‬ندوة حول تنمية وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ودروس من تنظيم البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬جدة‪ 7-6 ،‬جويلية‬ ‫‪9‬‬

‫‪.2005‬‬
‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫قريشي يوسف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61‬‬ ‫‪11‬‬

‫قريشي يوسف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬ ‫‪12‬‬

‫حسب تصريحات مدير العالقات الخارجية للبنك الجزائري‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬من أجل سياسة لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائري‪ ،‬جوان ‪،2002‬‬ ‫‪14‬‬

‫ص‪.75‬‬
‫كما هو معمول به النظام المصرفي األلماني وفي النظام المصرفي الياباني‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫في أوربا أكثر من ‪ %80‬من المعلومات تتم بطريقة إلكترونية‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫قريشي يوسف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪18‬‬
‫‪Ecotechnics, enquête sur les obstacles du développement du secteur privé en Algérie, 1999.‬‬
‫بالرغم مما تنطويه عملية المقارنة على المستوى الدولي من عيوب منهجية‪ ،‬إذ المقارنة هنا تكون صعبة من حيث االختالف في‬ ‫‪19‬‬

‫تعريف المؤسسة الصغيرة والمتوسطة من جهة وفي اإلحصائيات الخاصة بها من جهة أخرى‪.‬‬
‫قريشي يوسف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬ ‫‪20‬‬

You might also like