Professional Documents
Culture Documents
تدبير الموارد البشرية الجماعية
تدبير الموارد البشرية الجماعية
2015/2014
1
تقديم :
تحتاج اإلدارة عموما من اجل تجسيد ق ارراتها إلى وسائل مادية وأخرى بشرية؛ هذه األخيرة
التي تعد الحجر األساس لقيام أي إدارة بمهامها وتدبير شؤونها .والعنصر البشري هو
بمثابة الركيزة األساسية لتطور اإلدارة وتحقيق أهدافها ،لذلك نجد أن مختلف اإلدارات
العمومية والخاصة تسعى دائما إلى تعزيز القدرات التنظيمية وتمكينها من استقطاب
وتأهيل الكفاءات الالزمة والقادرة على مواكبة التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه
اإلدارة.1
وهكذا أضحت الموارد البشرية إحدى الدعامات األساسية التي تملكها اإلدارة ،إذا ما تمت
العناية بها؛ وتنميتها بوضع السياسات والبرامج التكوينية المناسبة؛ واستثمارها االستثمار
األمثل لتقوم بالمسؤوليات الموكولة إليها على أحسن وجه.
وقد حاول المغرب منذ حصوله على االستقالل بناء إدارة محلية وتمكينها من الموارد
البشرية الضرورية بهدف ضمان تحقيق التنمية المحلية وتجاوز مختلف اإل كراهات
القانونية واالقتصادية واالجتماعية التي تعرفها الجماعات المحلية.
وباعتبار الجماعات المحلية تشكل دعامة أساسية لكل تقدم وتطور؛ تم منحها الشخصية
المعنوية واالستقالل المالي واإلداري ،لتحقيق وبلورة األهداف الملقاة على عاتقها ،ولتكون
شريكا فعليا للدولة في تحقيق الكفاءة وتطوير التنمية وترسيخ الحكامة.
فالجماعات المحلية ال يمكن أن تقوم بتسيير شؤونها والقيام بالمهام المنوطة بها إال عن
طريق شخص طبيعي يعبر عن إرادتها ،هذا الشخص يتمثل أساسا في الموظف الجماعي،
الذي بدونه ال يمكن أن تشتغل اإلدارة الجماعية ،وليقوم الموظف الجماعي بأداء مهامه
وااللتزام بواجباته بكفاءة وفعالية ونجاعة ،البد أن تسهر الجماعة على حسن تدبير هذه
الموارد البشرية.
ويقصد بتدبير الموارد البشرية كل ما يتعلق بشؤون األفراد العاملين من حيث التعيين
والتأهيل والتدريب وتطوير الكفاءات وكذلك وصف أعمالهم ،كما تعرف بأنها" فن اجتذاب
1محمد الكراعة ،تدبير الموارد البشرية بالجماعات المحلية الموارد البشرية بعمالة اقليم شيشاوة نموذجا ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون
العام ،جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية ،االقتصادية واالجتماعية مراكش ،2010/2009ص .1
2
العاملين واختيارهم وتعينهم وتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم وتهيئة الظروف التنظيمية
المالئمة من حيث الكم والكيف الستخراج أفضل ما لديهم من طاقات وتشجيعهم على بدل
اكبر قدر ممكن من الجهد والعطاء".2
ويكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة تكمن في الدور الذي تلعبه الموارد البشرية في تحقيق
التنمية المحلية ،إال أن اإل كراهات التي يعرفها تدبير هذه الموارد تحول دون تحقيق هذا
الدور ،ومن هنا يجب على الجماعات المحلية تطوير سياسة التوظيف المحلي ،وتبني
مقاربة جديدة في مجال التكوين والتأهيل وذلك قصد النجاح في رفع التحديات ،وبالتالي
تمكين العنصر البشري من تدبير الشأن المحلي وتنفيذ المهام الملقاة على عاتقه بفعالية
ونجاعة.
وسنعتمد في اإلجابة عن هذه اإلشكالية أساسا على المنهج التحليلي ،من خالل تحليل
النصوص القانونية والوقوف عند جوانب القصور فيها والتي يجب تجاوزها ،واالكراهات
التي تعترض تطبيقها على ارض الواقع.
2النمر ،سعود محمد واخرون" ،االدارة العامة االسس والوظائف" ،الرياض مطابع الفرزدق ،1994،ص.74
3
المبحث االول :تشخيص واقع تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية
المطلب االول :االطار القانوني لتدبير الموارد البشرية الجماعية
الفقرة االولى :التأطير القانوني للموارد البشرية الجماعية
الفقرة الثانية :التأطير القانوني للموارد البشرية بالعماالت واألقاليم
الفقرة الثالتة :التأطير القانوني للموارد البشرية للجهة
المطلب الثاني :اكراهات تدبير الموارد البشرية
الفقرة االولى :على مستوى التدبير
الفقرة الثانية :على مستوى التوظيف
الفقرة الثالتة :على مستوى عدم مالئمة التكوين
المبحث الثاني :تحديث تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية
المطلب األول :تأهيل الموارد البشرية للجماعات الترابية
الفقرة األولى :تأهيل المنتخبين
الفقرة التانية :تأهيل الموظفين
المطلب الثاني :حكامة تدبير الموارد البشرية
الفقرة األولى :اعتماد نظام جديد للتكوين المستمر
الفقرة الثانية :تقييم األداء
4
المبحث االول :تشخيص واقع تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية
وتسري على الموظفين الجماعيين نفس القوانين واألنظمة األساسية التي تسري على
موظفي الدولة خاصة الظهير الشريف رقم 1.58.008الصادر بتاريخ 24فبراير 1958
بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية ،كما تسري عليهم المقتضيات الخصوصية
التي نص عليها المرسوم رقم 2.77.738الصادر بتاريخ 19شوال 27( 1397
شتنبر )1977بمثابة النظام األساسي لموظفي الجماعات.
هذا وتجدر اإلشارة أن السلطة الرئاسية للرئيس المنتخب ال تسري فقط على الموظفين
المرتبين في ساللم الجور من 1إلى 9وانما كذلك على األطر الملحقة أو العاملة
بالجماعات الترابية ،كما يتولى الرئيس و ضع الهياكل اإلدارية لإلدارة الجماعية ،ويباشر
التعيين في مهام الكاتب العام للجماعة ،و رئيس القسم ،رئيس المصلحة.
و ذلك بمقتضى مقرر يصادق عليه وزير الداخلية ،وقد تم توسيع هذه االختصاصات
بمقتضى الميثاق الجماعي الجديد.3
ال شك أن المقتضيات القانونية والتنظيمية السالفة الذكر قد أعطت اختصاصات واسعة في
مجال تدبير الموارد البشرية لرئيس مجلس الجماعة الحضرية والقروية ،وهي
االختصاصات التي يتوفر عليها الوالي أو العامل .فبموجب المقتضيات القانونية الجديدة
التي جاء بها القانون رقم 78.00المتعلق بالميثاق الجماعي خاصة الفصل 54
3محمد الكراعة ،تدبير الموارد البشرية بالجماعات المحلية ،الموارد البشرية بعمالة إقليم شيشاوة نموذجا.بحث لنيل
ماستر السياسات العامة و الحكامة المحلية ،جامعة القاضي عياض مراكش .2009.2010ص .7
5
والفصول من 121إلى ،130فإن المشرع قد جاء بمقتضيات قانونية جديدة في مجال
توسيع تدبير الموارد البشرية بالنسبة للجماعات الحضرية و القروية ومقتضيات قانونية
تخص تدبير شؤون الموظفين العاملين بالمقاطعات بالنسبة للمدن الكبرى التي ستعرف
هذا النظام ،وأصبح بذلك رؤساء الجماعات الحضرية والقروية يتوفرون على اختصاصات
واسعة في مجال تدبير الموارد البشرية.
و قد تم إسناد هذا االختصاص بموجب الفصل 54من الميثاق الجماعي لرئيس المجلس
ليشمل تسيير جميع أصناف الموظفين خاصة األطر العليا المرتبة في ساللم األجور 10
و 11و خارج السلم ،كما أسند إليهم اختصاص التعيين في الوظائف العليا بالجماعة،
وقد حال هذا الفصل على نص تنظيمي فيما يخص النظام األساسي الذي سيطبق على
الموظفين التابعين للجماعات الحضرية و القروية ،و كذا فيما يتعلق بالشروط النظامية
للتعيين في الوظائف العليا بالجماعة و التعويضات الخاصة بهده الوظائف .
كما أسند المشرع إلى رؤساء المجالس الجماعية اختصاص وضع هياكل تنظيمية لإلدارة
الجماعية بمقتضى قرار يؤشر عليه وزير الداخلية بالنسبة للجماعات الحضرية والعامل
بالنسبة للجماعات القروية.
6
ولقد كان من المفروض من خالل مراجعة نظام العماالت واألقاليم بمقتضى القانون رقم
79.00المتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم الذي صدر بتاريخ 3أكتوبر 2002أن يسد
هذا الفراغ القانوني ،غير أنه لم يتضمن أي مقتضيات تهم تدبير الموارد البشرية
بالعماالت واألقا ليم ،في الوقت الذي تتجه فيه السياسات العامة نحو عدم التركيز اإلداري
والى منهجية التدبير عن قرب ،بحيث إذا كان العامل مؤسسة دستورية ويمثل الدولة
ويسهر على تنفيذ القوانين ،وتطبيق القرارات الحكومية و تدبير المصالح الخارجية التابعة
لمختلف الوزارات.
ورغم هده المكانة الدستورية للعامل ،فإنه ال يتوفر على اختصاصات في مجال تدبير
الموارد البشرية التابعة له ،خاصة فيما يتعلق بالتعيين في المناصب المالية ،حيث يضل
اختصاص تدبير الموارد البشرية العاملة بالعمالة أو اإلقليم على مستوى وزارة الداخلية
ويترتب عن هذه الوضعية عدة انعكاسات سلبية على إدارة الموارد البشرية بهذا النوع من
الجماعات الترابية:
فحسب المادة 51من القانون المتعلق بالتنظيم الجهوي ،فإن الجهة تتوفر على هيئة من
الموظفين تتكون من الكاتب العام للجهة و المكلفين بالدراسات والمكلفين بالمهام.
4محمد باهي،تدبير الموارد البشرية باإلدارات العمومية ،الطبعة األولى ،2002ص .36
7
هذا؛ وان أهم ركائز اإلدارة الجهوية التي سوف تتوقف عليها فعالية هده الخيرة هو الكاتب
العام للجهة ،وذلك من خالل الدور الذي يمكن أن يقوم به في مجال اإلشراف على
التسيير العادي لإلدارة الجهوية ،وفي مجال التنسيق والتنشيط بين مختلف الفاعلين على
الصعيد الجهوي سواء داخل اإلدارة الجهوية أو بين هده األخيرة وباقي المتدخلين على
الصعيد الجهوي ،خاصة مع مصالح العامل مركز الجهة المكلف بتنفيذ مقررات الجهة،
واألمر بالصرف لميزانية الجهة والمصالح المركزية والخارجية للو ازرات ،الشيء الذي
يتطلب أن يكون ذا مستوى عال وذا تجربة إدارية في مجال الشأن المحلي ،وله إلمام
بجميع مظاهر الحياة الجهوية ،خاصة إذا علمنا أن أغلب رؤساء مجالس الجهات غير
متفرغين لمهام الجهوية.
وقد صدر في هذا الشأن المرسوم رقم 2.00.1043الصادر بتاريخ 22غشت 2000
يحدد شروط التعيين في مهام الكاتب العام للجهة و المكلفين بالدراسات والمكلفين بمهام،
وذلك من أجل اختيار العنصر الذي تتوفر فيه جميع المؤهالت العلمية والخبرة اإلدارية
الالزمة ،حتى يتمكن من اإلشراف على التسيير اليومي للعمل الجهوي وعلى توجيه
المكلفين بالدراسات .
أما فيما يتعلق بباقي فئات الموظفين سواء منهم اإلداريين أو التقنيين ،فإن القانون
التنظيمي الجهوي لم ينص على السلطة التي لها صالحية توظيفهم و تسييرهم ،بحيث
أن الجهات تحتاج لمثل هده األطر ،نظرا ألن المكلفين بالمهام و الدراسات ال يمكن لهم
القيام بالتسيير اليومي لشؤون الجهة ،فإن المشرع لم يحسم في من له صالحية تسيير
هذه الفئة من الموظفين ،الشيئ الذي أصبحت معه ضرورة سد هذا الفراغ القانوني سواء
من خالل إجراء تنظيمي مؤقت في انتظار مراجعة قانون التنظيم الجهوي.
يمثل الهيكل التنظيمي اإلطار العام الذي بمقتضاه يتم رسم سلوك جميع أفراد اإلدارات
دون اعتبار لواقعهم التنظيمية ,علما أن الهيكل التنظيمي ال يشكل في حد ذاته هدفا إنما
8
يشكل أداة تعكس فلسفة اإلدارة في تحديد االسسس التي من خاللها يتم تحديد مكوناته
الرئيسية.
إذ يستند التنظيم على مكونات أساسية ال تخرج عن األفراد العمل ومراكزه والعالقات
والتنظيم القادر على التعامل بفاعلية مع هده المكونات وعلى تحقيق التوازن فيما بينها
هو التنظيم الذي يترجم مدخال ته إلى نتائج على مستوى األداء واألهداف.
إال أن التنظيم باإلدارة العمومية تعرف عدة صعوبات تنعكس سلبا على إدارة الموارد
البشرية ومن أهم هده الصعوبات: 5
ومن جهة أخرى خضوع الرؤساء لضغط كبير من طرف المرؤوسين ،وبالتالي فان عدم
بيان انجاز المهام اإلدارية المختلفة ينعكس سلبا على مستوى األداء اإلداري ويؤدي إلى
عزوف المشرفين والمرؤوسين عن انجاز العديد من األنشطة اإلدارية وعدم القيام بأي
عمل ما لم يكن لديهم أوامر صريحة ومحددة من رؤسائهم.
5كامل بربر ،إدارة الموارد البشرية وكفاءة األداء التنظيمي.المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،لطبعة األولى .1997
9
-غياب نظام فعال لتوصيف الوظائف المتواجدة داخل الوحدات اإلدارية .
-مسالة تضخم الموظفين واألعوان داخل المصالح اإلدارية وضعف الكفاءة لدى
بعضهم.
-إضافة إلى التقسيم الغير السليم للعمل مابين الموظفين واألعوان داخل الوحدات
اإلدارية .
-سوء فهم السلطة.
السلطة تعطي الحق للفرد والدعم الالزم لطلب تصرف ما من الغير وهو بهدا الحق
يملك القدرة على التصرف ,أما القوة فتعني استخدام صاحب السلطة لكافة األنظمة
المعمول بها في اإلدارة لتحقيق التصرفات المطلوبة .
أما المسؤولية فيمكن النظر إليها على أنها التزام الستخدام السلطة من اجل تحقيق أو
انجاز تصرف معين كما تعني المسؤولية مبدأ المسألة أمام الغير.
ويعاني مفهوم السلطة من عدة اختالالت على المستوى العملي تختلف درجات حدتها من
إدارة ألخرى ،سواء بإساءة بعض الموظفين في فهم السلطة وتصورها أوفي وضع هده
السلطة في أيد ال تتوفر فيها الكفاءة الضرورية لتسيير اإلدارة ،أضف إلى عدم تناسب
أنظمة الحوافز المادية والمعنوية التي تمنحها اإلدارة مع المسؤوليات الملقاة على عاتق
اإلداريين6. الرؤساء والمشرفين
إلى جانب العديد من المعوقات التواصلية مثل مبدأ التدرج اإلداري ومبدأ وحدة الرئاسة
واآلمر ،وقاعدة احترام تسلسل المستويات ،أضف إلى بعض التقاليد اإلدارية السائدة في
بعض اإلدارات.
6محمد باهي ،تدبير الموارد البشرية باإلدارة العمومية مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء الطبعة األولى .2002
10
الفقرة الثانية :على مستوى التوظيف
يشكل العنصر البشري احد العناصر األساسية لبناء التنمية ،ومن تم فان حسن أو سوء
تدبير هدا العنصر يشكل احد المؤشرات المتحكمة في العملية التنموية ،ولدا فأوجه الخلل
الذي يميز تدبير العنصر البشري بالجماعة ال يمكن أن يكون سوى احد مظاهر الخلل
االقتصادي واالجتماعي والثقافي وتعتبر عملية التوظيف من أهم العمليات التي تدخل في
صميم وظيفة تدبير الموارد البشرية كوظيفة استرتيجية ألنها تهدف إلى توفير أفضل
العناصر من دوي الكفاءات والمؤهالت الممتازة ،وتهدف إلى تحقيق أكبر قدر من التوافق
ال تركز على بين متطلبات المنظمة وخصائص الفرد,غير أن أنواع هده التوظيفات
استقطاب الكفاءات والمهارات الالزمة ومطابقتها لمستلزمات ومتطلبات المناصب والوظائف
الموجودة داخل هده الجماعات مما ينتج عنه مساوئ وعيوب تؤدي إلى عدم تطابق
وتفاوت الكفاءة مع الوظيفة المزاولة.
يعد التوظيف العملية الدقيقة التي تحدد توجهات ومستقبل كل المنظمات مهما كان حجمها
وطبيعتها ،وبالتالي فنوعية التوظيفات تؤثر بشكل كبير على تطور أو تدهور سير اإلدارات
العمومية منها أو الجماعية.
ومما يساعد على تكريس هده الوضعية ،عدم وضوح األهداف باإلدارة أو تجاهلها ،وكدا
عدم وجود هيكل تنظيمي واضح ودليل تنظيمي للوحدات اإلدارية ،فضال عن عدم وصف
تحليلي للوظائف وصعوبة قياس المردودية باألنشطة اإلدارية وعدم توفر معلومات كافية
عن معدالت األداء للفرد.
باالض افة إلى تعدد الجهات المتدخلة في تدبير الموارد البشرية وضعف التنسيق بين
أجهزتها .
11
-عدم مالئمة اختبارات التوظيف
إال أن النصوص التنظيمية لم تهتم بالتوفيق مابين متطلبات وواجبات الوظائف المختلفة
وبين مؤهالت وخصائص األشخاص المتقدمين لشغلها.
أمام التحديد السليم الحتياجات اإلدارة من الموظفين واألعوان ،وعدم استعمال وسائل
وأساليب االختيار العلمية لشغل الوظائف العمومية ،فان السلطات اإلدارية العليا تقوم
بتشغيل وتوزيع الموظفين بين مختلف الوحدات والمصالح اإلدارية دون مراعاة الحاجيات.
وقد أدى هدا الوضع إلى وجود عدد من الظواهر التي تؤثر في كفاءة األداء الجهاز
اإلداري.
وبما أن نظام التوظيف يتسم بازدواجية واضحة تتمثل في قيامه على قاعدتي التوظيف
المباشر والتوظيف عن طريق المبارة ،فان هاتين القاعدتين ال تخلوان من بعض الثغرات،
فالتوظيف المباشر لم يعد له مبرر في الوقت الراهن بدليل أن اإلدارات العمومية تعتمد
7تنظم الجماعات المباريات واالمتحانات طبق الشروط المحددة في المرسوم الملكي رقم 401.67بتاريخ 13ربيع األول 1387الموافق ل 22
يونيو 1967الخاص بسن نظام عام للمباريات واالمتحانات الخاصة بولوج أسالك ودرجات ومناصب اإلدارات العمومية ,الجريدة الرسمية عدد
28, 2852يونيو 1967ص .1432-1429
12
أسلوب االنتقاء درءا لكل الشبهات وسعيا لتوظيف أكفئ العناصر ،أما أسلوب المبارة فانه
يشكو بدوره من تعدد المباريات التي تنظمها الوزارات مما يترتب عنه ارتفع في تكلفتها
مقارنة مع عدد التوظيفات.
يتضمن التشريع المغربي مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية التي تعالج مختلف
جوانب الحياة اإلدارية للموظف الجماعي ،واعتبارا للمكانة التي يحتلها التكوين في المسار
الوظيفي ،إال أن الهياكل والمؤسسات المكلفة بتكوين موظفي الجماعات الترابية تعرف
بعض النواقص الناتجة عن تعددها وضعف التنسيق فيما بينها .8
يحتل التدريب أهمية قصوى كعنصر رئيسي في عملية التنمية اإلدارية ويتضمن ,تنمية
المعرفة والمعلومات وكدا المهارات والقدرات واالتجاهات لدى الموظفين واألعوان.
إال أن عملية التدريب تواجهها عدة عقبات داخل اإلدارة العمومية ومن أهم هده
الصعوبات :
13
المبحث الثاني :تحديث تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية
أحد األوراش الكبرى ذات األولوية في برنامج يشكل تحديث تدبير الموارد البشرية
اإلصالح اإلداري 9باعتباره مفتاح النجاح في تحقيق األهداف المرسومة والتغيير المنشود
كما جاء في الخطابات الملكية ،حيث أكد الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة
2000على األهمية التي يكتسيها العنصر البشري " ...ومن ثمة كان توجهنا لإلستثمار
في الموارد البشرية باعتبار الرأسمال البشري رافعة للتقدم وخلق الثروات ،ونظرا لدوره في
تمويل وادماج االستثمار في مسيرة التنمية "...
ومن هنا فأن عملية تحديث الموارد البشرية تقوم باألساس على تأهيل الموارد البشرية (
المطلب األول) وكذا حكامة تدبيرها( المطلب الثاني)
يعتبر التكوين المستمر إحدى اآلليات األساسية لتأهيل الموارد البشرية لإلدارة المحلية
الجماعية أو اإلقليمية والجهوية بأصنافها ،تأهيل المنتخبين( الفقرة األولى) .وتأهيل
الموظفين( الفقرة الثانية) ،بحيث التكوين هو السبيل األمثل لتحسين العمل الجماعي
وتجاوز السلبيات المعيقة لتطور الالمركزية.
يعد المنتخب إحدى الدعائم الرئيسية لتدبير الشأن المحلي ،األمر الذي يفرض ضرورة
توفره على مستوى ثقافي معرفي ،وتكوين يتالءم والمهمة التي يتقلدها .خاصة وأن
الوظائف التنموية للجماعات المحلية في تطور مستمر بفعل ما تعرفه الالمركزية من
تطورات مهمة.
9الراجي نور الدين ،الجهوية ومسألة التنمية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام .جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية
واإلقنصادية واإلجتماعية ،مراكش،السنة الجامعية ،2010 – 2009 ،ص.95،
14
وبالتالي عدم كفاءة المنتخبين وقلة إلمامهم بالمقتضيات القانونية والتدبيرية سينعكس
على العملية التنموية للجماعات.
وتجد دوافع االهتمام بتكوين المنتخب مبرراتها في طبيعة المهام وحجم االختصاصات
وتأثيرها على مسار التنمية والالمركزية بصفة عامة والتي تستلزم توفير التكوين المالئم
والضروري .في ظل توسع أنشطة المجالس المحلية والجهوية وتعقدها.
فضعف خبرة وتكوين المنتخبين ال يرجع فقط إلى مستواهم الثقافي ،بل إلى عدم إمامهم
بالمشاكل المحلية والجهوية وعدم معرفتهم بالقضايا المطروحة.
والمشكل المطروح هو انصراف المنتخب إلى شؤونه الخاصة دون إكتراته للمسؤولية التي
أخدها على عاتقه.
لهذا ال بد من تبني خطة لإلعداد الجيد والتأهيل المناسب لفئة المنتخبين انسجاما مع
االختصاصات التنموية للجماعات الترابية باإلضافة إلى القيام بسياسة تحفيز الموارد
البشرية.
هذه السياسة تدفع المنتخبين للعمل بفعالية في تنشيط العمل المحلي والجهوي والمساهمة
في صياغة المشاريع التنموية للجماعة الترابية.10
كما أن المجتمع المدني يقوم بدور مهم في تكوين المنتخبين وتوسيع معارفهم ،وذلك
بتأسيس جمعيات وطنية وجهوية خاصة بهم.
حيث أن العمل الجمعوي يعتبر ألية لتحفيز المنتخبين لالنخراط في المشروع المحلي
والجهوي كأحد المقومات األساسية للتنمية االقتصادية واالجتماعية وبالتالي تعميق الوعي
الجهوي.
10خديجة اإلدريسي ،التحفيز اإلداري نحو تصور جديد للتحفيز اإلدارة العمومية المغربية ،مجلة شؤون إدارية ،عدد ،11 ،م.س.ص .29 -28
15
إن بلورة الممارسة المحلية والجهوية يبقى رهين بوضع مقاربة جديدة لتكوين المنتخبين
تكون مبنية على تنمية قدراتهم التدبيرية ومهاراتهم الفنية وذلك حتى يتمكنوا من أداء
مهام الموكولة لهم ،والقيام بوظائفهم كمثلثين للمواطنين من جهة وكفاعلين مسئولين عن
التنمية من جهة أخرى.11
ال يقل تكوين الموظفين أهمية عن تأهيل المنتخبين ،على اعتبار أن هناك عالقة تكاملية
بينهما والتي تتجلى في بناء أسس إدارة جماعية في مستوى الرهانات التنموية الالمركزية.
وفي سياق التطور الذي عرفته الالمركزية ،سيعرف تكوين الموظفين اهتماما متزايدا حيث
يشكل أحد المواضيع الرئيسية لتوصيات المناظرات الوطنية للجماعات المحلية.
ويمثل الموظف الجهوي إحدى الدعامات الرئيسية للنهوض بالشأن اإلداري ،لذا يعتبر
تكوين الموظفين إحدى األولويات اإلستراتيجية.
وذلك للتجاوب مع الوظائف االقتصادية للجماعات الترابية وخاصة الجهة حيث تعتبر
المجال األنسب واألفضل للنهوض بالتنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية
للجهة ،حيث تعتبر الجهة قاطرة لتحقيق التنمية.12
وللنهوض بالتنمية ،البد من تأهيل الموظفين الذين يقومون بدور حيوي في إعداد
وصياغة المشروع التنموي.
ويتجلى هذا التأهيل في تكوين موظفي وأطر الجماعات المحلية (المادة 8من قانون
)47.96وذلك عن طريق القيام بدورات تكوينية لفائدة الموظفين.
11علي أمجد ،الموارد المالية والبشرية :مقومات أساسية لالمركزية الجهوي ووسيلة لتطويرها ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد
،2007 ،74ص125 ،
-12علي أمجد ،الموارد المالية والبشرية ،مقومات أساسية الالمركزية الجهوية ووسيلة لتطويرها .مرجع سابق ،ص 125
16
هذا باإلضافة إلى أن الجهات يمكن أن تستفيد من استراتيجياتها للتكوين من المعاهد
والمراكز المتخصصة في التكوين والتأهيل المتاحة على الصعيد الوطني كالمدرسة الوطنية
لإلدارة ...
ــ ضرورة تبني إستراتيجية للتحفيز المادي والمعنوي للموظفين حيث يعتبر الحافز المادي
الذي يشمل األجور والمكافئات عامال مهما للنهوض الموظف بمهامه على أكمل وجه.
أما الحافز المعنوي فيهدف إلى إعطاء الموظف هامش من الحرية ليثبت ذاته وتحقيق
طموحاته النفسية...
وعموما يعتبر تطوير الموارد البشرية من موظفين ومنتخبين إحدى األساسية التي تتوقف
عليها الممارسة التنموية للجماعات الترابية.
وفي هذا الصدد يعتبر التكوين محدد أساسي للنهوض بالعنصر البشري بإعتباره عامال
أساسيا لبلورة الالمركزية ،وتحقيق األهداف المتوخاة منها.
تقتضي حكامة الموارد ىالبشرية للجماعات الترابية ،تفعيل عنصرين أساسيين يتجلى األول
في ضرورة اعتماد نظام جديد للتكوين المستمر( الفقرة االولى) والتاني يتمثل في ضرورة
اعتماد نظام لتقييم األداء.
يعد التكوين اإلداري من ضمن العناصر األساسية لتدبير الموارد البشرية ،وحلقة رئيسية
لتحقيق إستراتيجية التنمية اإلدارية والنهوض بالعنصر البشري على مستوى اإلدارة
الجماعية ،وجعله يستجيب لكل التحوالت االقتصادية واالجتماعية التي يعرفها المحيط
17
المحلي ،لهذا فإن أي عملية لإلصالح اإلداري ترتبط وترتكز على تأهيل الفرد والرفع من
كفاءته المهنية.
ومن هذا المنطلق أصبحت أهمية التكوين اإلداري ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى،
ألنها مسألة مرتبطة حاليا بالقدرة على الوجود واالستمرار في سوق المنافسة مع االنفتاح
الذي تعرفه كل الدول في إطار العولمة ،فالجودة وحسن تدبير الوقت أصبحا من
الضروريات في القطاعين العام والخاص.
إن عملية تطوير اإلدارة الجماعية وتنمية قدرات العاملين بها هو أمر تقتضيه ظروف
التنمية الشاملة للجماعات ،عن طريق نهج سياسة تتسم باإلستراتيجية في التكوين وذلك
بتحويل هذا األخير من تكوين من أجل االستهالك إلى تكوين من أجل االستثمار [ ،]16أي
جعل التكوين ينسجم مع المعطيات الحالية والمستقبلية للجماعات وذلك من خالل االهتمام
بالموظف الجماعي ،أي إعادة تكوينه وصقل مواهبه وقدراته ومطابقتها مع مجال عمله
وتخصصه ،وجعل كل من سيلج الوظيفة الجماعية يمر عبر مركز للتكوين اإلداري أو
التقني ،وبالتالي التخلي عن التوظيف بدون اجتياز مرحلة تكوينية بالمراكز المخصصة
لذلك ،فأغلبية الجماعات حاليا وخاصة الجماعات القروية ال يخضع أغلبية موظفيها
لعملية التكوين ،باإلضافة إلى ذلك البد من تجاوز إشكالية قلة مراكز تكوين الموظفين
الجماعيين وذلك بجعلها تساير التطور العددي لكل الموارد البشرية الجماعية ،لهذا فقلة
المراكز جعلها ال تستجيب لحاجيات الجماعات من التكوين ،مما يتوجب على الوزارة
الوصية تغطية هذا النقص بإحداث مركزين للتكوين ،أحدهما يخصص للتكوين اإلداري
والثاني للتكوين التقني ،األمر الذي سيمكن شيئا ما من تجاوز مركزية التكوين ،فحاليا
تظل وزارة الداخلية هي المسؤول الوحيد عن تلك المراكز على صعيد كل المجاالت كتحديد
البرامج التدريبية واعداد المراكز وتجهيزها وأداء مستحقات المكونين ،في حين تظل
الجماعات وهي المعني األول غائبة عن المشاركة في عملية التكوين.
إن هذه المقترحات ال يمكن أن تجد طريقها إلى التحقيق بدون تخصيص موارد مالية
للتكوين اإلداري ،فالمتفحص لميزانيات أغلبية الجماعات ال يجدها تخصص موارد مالية
للتكوين ،وبالتالي يرجع مصدر التمويل الفعلي لسياسة التكوين الحالية إلى ميزانية الوزارة
18
الوصية ،ومن هنا تبرز أهمية إشراك كل األطراف المعنيين في هذا المجال وخاصة
الجماعات للتخفيف من استحواذ هذا الممول الوحيد فيما يخص كل هذه السياسة .لهذا
ف على الجماعات ،حتى يتناسب تكوين موظفيها مع واقع الالمركزية اإلدارية أن تخلق
شراكة فيما بينها وتؤسس مراكز لتكوين موظفيها يتم تمويلها من خالل ميزانيات هذه
الجماعات المكونة للشراكة ،كما أنه يجب توظيف الجانب التطبيقي أكثر من الجانب
النظري بالنسبة للتكوين.
واضافة إلى ما سبق يجب ربط التكوين بالتحفيز ،خاصة على مستوى التكوين المستمر،
فما يالحظ هو غياب االهتمام والرغبة في إجراء التكوين ،ألنه ال يرتبط بأي حافز مادي،
لهذا يجب أن يقترن التكوين بالترقية ،حتى يتم تشجيع الموظفين لإلقبال عليه ،وتوليد
الرغبة لديهم في التحصيل ،كما أنه يجب االهتمام بالمدة المخصصة للتكوين ،أي جعلها
كافية إلكمال كل البرامج التدريبية.
إن التكوين ال يكتمل بتوظيف وتشغيل األطر المكونة بأسالك أحد مراكز التكوين ،بل يمتد
األمر إلى ما بعد التوظيف ،لهذا فأمام التطور الذي يعرفه دور الجماعات المحلية في
ميادين مختلفة تكون هذه األخيرة بحاجة مستمرة لتجديد المعلومات المهنية لموظفيها
وتطوير مؤهالتهم وهذا ال يتم إال باستكمال تكوينهم ،وفي الوقت الراهن تضطلع مديرية
تكوين األطر بممارسة تنظيم وتمويل بعض الندوات والدورات التكوينية في إطار ما يسمى
باستكمال تكوين موظفي الجماعات ،وبالتالي فنجاح هذه الدورات التكوينية يبقى رهين
بمدى النجاح في تحديد ومعرفة االحتياجات التكوينية.
أما فيما يخص المناظرات الوطنية للجماعات المحلية ،فقد أكدت كلها على أهمية تكوين
الموظف الجماعي على اعتبار أنه األداة التي تمكن من ترجمته اختيارات وقرارات المجلس
الجماعي ،هكذا أوصت لجنة الموارد البشرية بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية الخامسة
للجماعات المحلية ،بضرورة اتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتدعيم تكوين الموظفين الجماعيين
من خالل ما يلي:
19
-مراعاة المعطيات الجهوية بمختلف مكوناتها في جميع برامج تكوين الموظفين
الجماعيين.
-إشراك األطر المتخصصة والكفأة التي تتوفر عليها الجماعات في تأطير مدارس التكوين
وذلك من أجل ضمان تكوين عملي يستوحي مواده ومنهجيته من التجارب المعاشة في
الجماعات.
كما أن المناظرة الوطنية السادسة للجماعات المحلية ،والتي انعقدت بتطوان تم تخصيصها
لموضوع التكوين ،حيث تم اقتراح خلق مصلحة لتكوين الموظفين الجماعيين على مستوى
الجماعات ،الشيء الذي سيسمح لهذه األخيرة من لعب دورها في وضع سياسة تكوينية
تتالءم مع خصوصياتها ،كما دعت كذلك إلى إحداث المعهد العالي للجماعات المحلية،
لتكوين األطر العليا في مجال التسيير الجماعي .باإلضافة إلى ذلك دعت المناظرة الوطنية
السابعة للجماعات المحلية إلى فتح مجال التكوين المستمر لألطر الجماعية والمنتخبين
ليشمل تخصصات جديدة لمسايرة التطور العملي والحاجيات الحقيقية لإلدارة الجماعية
خاصة في ميدان المعلوميات ،التسيير المحاسبي ،التخطيط ،المجال البيئي والمحافظة
على الصحة...
إذن فتحقيق التكامل بين االختصاصات وتعزيز وتطوير الوسائل والطاقات لمن شأنه أن
يجعل من الجماعات أداة فعالة قادرة على الرفع من مستوى مردوديتها وتأثيرها في التنمية
االقتصادية واالجتماعية والثقافية ،والمساهمة بالتالي في إغناء الديمقراطية المحلية
والدفع بها نحو آفاق أرحب وأوسع.
13محمد باهي ،تدبير الموارد البشرية باالدارة العمومية ،مرجع سابق ،ص 126-125
20
الفقرة الثانية :تقييم األداء
تعتبر عملية تقييم األداء نشاطا مهما من أنشطة إدارة الموارد البشرية بشكل عام ،فهي
ليست فقط وسيلة لحث الموظفين بالجماعات الترابية على بدل أقصى الجهود والتفاني في
العمل ،و الكشف عن نقط القوة و الضعف لديهم.
وتوصف عموما عملية تقييم األداء بأنها "نشاط مهم من أنشطة الموارد البشرية يستهدف
التأكد من مدى كون الفرد العامل في المنظمة يؤدي عمله بشكل فاعل". 14
كما تعد عملية تقييم األداء عملية مستمرة وشاملة غير محدودة في الزمن وال تقتصر على
فرد أو مجموعة بعينها ولكنها تشمل جميع الموظفين في اإلدارة فضال على أنها تشمل
جميع جوانب األداء.
واذا كان تقييم األداء الحالي باإلدارات العمومية والجماعية يقتصر فقط على تحديد
الموظفين المستحقين للمكافآت والترقيات والعال وات الدورية ،فإن أهميته وأهدافه أكبر من
ذلك ،أي أنه يكتسي أهمية إستراتيجية على صعيد المنظمات ،لهذا فتقييم األداء اإلداري
يجب أن يتعدى مفهومه الضيق المعمول به على مستوى اإلدارات العمومية والجماعية
ليمتد إلى مجاالت وظيفية أخرى والتي يمكن أن يسهم في تطويرها وحسن أدائها ،ومن
هذه المجاالت ما يلي :
-اختبار مد ى نجاح عملية سياسات االختيار والتعيين ،فمن خالل تقويم أداء الموظفين
الجدد والوقوف على كمية ونوعية إنتاجهم وأدائهم ومعرفة التقديرات التي حصلوا عليها
من خالل تقويم األداء.
14خالد عبد الرحيم مطر الهيتي ،إدارة الموارد البشرية مدخل استراتيجي ،الطبعة األولى ، 2000-1999 ،ص ، 177أوردته بشرة داني ،
تأهيل الموارد البشرية بالجماعات المحلية دراسة حالة جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام جامعة
القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،مراكش ،سنة . 2011_2010
21
-تحديد احتياجات الموظفين من التدريب ومن ثم قياس فاعلية البرامج التدريبية.
وتستخدم تقارير قياس الكفاءة واألداء في تشخيص نقاط القوة والضعف لدى
الموظفين ،وبالتالي معرفة المجاالت التي تنقصهم فيها الكفاءة .وفي ضوء ذلك يتقرر
مدى حاجتهم إلى التدريب ونوع البرنامج التدريبي الذي يالئمهم ومدته ومكانه .كما
تستخدم هذه التقارير في تقويم التدريب ذاته حيث يمكن معرفة مدى فاعلية البرامج
التدريبية التي شارك فيها الموظفون من خالل مقارنة التقارير المرفوعة عنهم قبل التدريب
وبعده ومدى التغيير الذي تعرضوا له بسبب هذه البرامج.
-تقرير نوع الحوافز التي تقدم للموظفين ومعرفة مستحقيها ،فالموظف الجيد يحتاج دوما
إلى اهتمام ورعاية اإلدارة لتحفزه على االستمرار والمضاعفة من جهده وعطائه .والموظف
الضعيف هو أيضا يحتاج إلى تشجيع اإلدارة لتجاوز ضعفه ورفع مستواه .ولكن األسلوب
المتبع مع الموظف األول ال ينبغي استخدامه مع الموظف الثاني .فقد يحفز المجدون
بترقيتهم أو بمنحهم مكافئة مادية وتقديم شهادة شكر لهم .بينما يحفز المقصرون من
خالل تدريبهم وتحسين ظروف عملهم أو إشعارهم برغبة اإلدارة في تطويرهم لذاتهم
واللحاق بزمالئهم .واال فإن الحوافز السلبية يمكن أن تكون هي السبيل األفضل.
والى جانب أساليب تقييم األداء اإلداري ،توجد جهات هي التي تسهر على هذه العملية،
وتتمثل أساسا في رئيس المجلس الجماعي ،وبالتالي فهو السلطة الرئاسية باإلدارة
الجماعية ،وبالتالي يتمتع بسلطات واسعة تسمح له بترجيح إرادته على إرادة المرؤوسين
الذين يمثلون قاعدة الهرم ،لهذا فعملية التقييم في غالب األحيان تتأثر بمجموعة من
الظواهر السلبية كالمحسوبية والزبونية ،كما يمكنها أن تصطدم ببعض األخطاء الغير
مرئية ،ولعالج األخطاء المترتبة عن التقييم أو التخفيف منها نقترح ما يلي:
-تدريب المقومين واطالعهم على مفهوم التقويم وطرقه المختلفة ومشكالته المحتملة
والتأكيد خالل التدريب على وسائل دعم الموضوعية والدقة.
-التركيز على النتائج المحققة وعدم االستجابة لحادث أو حادثين عرضيين في األداء.
22
-تحديد مستوى األداء المطلوب مقدما ليكون مرشدا ودليال لمقارنته بالنتائج الفعلية ،وأن
يكون الموظف على علم بذلك مقدما ،وأن تكون أسس المقارنة واضحة لديه ،وتستخدم
بثبات من موظف إلى آخر ،ومن مدة إلى أخرى.
-البحث عن سبب التباين بين معدالت األداء المستهدفة واألداء الفعلي واالستماع إلى
وجهة نظر الموظف حولها ،واخذ الظروف غير الطبيعية بنظر االعتبار.
-مناقشة الموظف المعني بالتقويم لتحديد نقاط الضعف لمساعدته على تجنبها وتحديد
نقاط القوة ،لتعزيزها وتطويرها مستقبال.
وختاما فلكي يكون تقويم األداء وسيلة فعالة وهادفة لتحقيق األغراض المتوخاة منه
ويتجنب السلبيات والثغرات ،فإن عددا من الخصائص ينبغي توفرها في أي نظام يتم
تصميمه لقياس أداء العام لين ،وأن عددا من المتغيرات يجب أن يشملها هذا النظام .وفي
ما يلي أهم هذه الخصائص والمتغيرات:
-أن يكون التقويم دوريا ومستمرا ومتواصال وتتم المقارنة بين نتائجه السابقة والحالية،
وتوضع نتائجه بين يدي العاملين وتتاح لهم فرصة الحوار والنقاش مع رؤسائهم.
-أن يعت مد التقويم على معلومات وافية ودقيقة وحديثة توثق في سجالت وملفات أو
تخزن في أجهزة إلكترونية يسهل الرجوع إليها.
-أن تتضح المبادئ واآلليات التي تحكم عملية التقويم ويتم إصدارها بقرار أو بنظام من
أعلى سلطة مختصة ،وبفضل تعدد النماذج واألساليب المستخدمة تبعا لتعدد المستويات
أو المهن.
23
مما تقدم يمكن القول بأن نظام تقويم األداء للعاملين بالجماعات الترابية أصبح ضرورة
من ضرورات اإلدارة الحديثة المتطورة باعتبارها الوسيلة لتحقيق العدالة المهنية والوظيفية
بين العاملين ولرفع كفاءة الموارد البشرية وزيادة إنتاجيها.
وختاما ،يمكن القول أن الجماعات الترابية ستكون في مستوى دورها الجديد المتمحور
حول توفير شروط تنمية متواصلة ،متوازنة وعادلة ،إن هي توفرت على آليات العمل
وضمنها الموارد البشرية القادرة على جعل الجماعات المحلية مدخل المغرب لمواجهة
التحديات العالمية الكبرى وتحقيق كافة الرهانات ،ولن يتأتى لها ذلك اال بنهج كل الشركاء،
دولة وجماعات ترابية؛ ووسائط سياسية ،لسياسة متواصلة لتأهيل الموظفين الجماعيين؛
وتكوين المنتخبين المحليين.
.
24
الئحة المراجع:
الكتب
محمد باهي ،تدبير الموارد البشرية باإلدارات العمومية ،الطبعة األولى .2002
كامل بربر ،إدارة الموارد البشرية وكفاءة األداء التنظيمي.المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع ،لطبعة األولى .1997
الرسائل :
محمد الكراعة ،تدبير الموارد البشرية بالجماعات المحلية ،الموارد البشرية بعمالة
إقليم شيشاوة نموذجا.بحث لنيل ماستر السياسات العامة و الحكامة المحلية ،جامعة
القاضي عياض مراكش .2009.2010
الراجي نور الدين ،الجهوية ومسألة التنمية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
العام .جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واإلقنصادية واإلجتماعية،
مراكش،السنة الجامعية.2010 – 2009 ،
المقاالت
علي أمجد ،الموارد المالية والبشرية :مقومات أساسية لالمركزية الجهوي ووسيلة
لتطويرها ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 2007 ،74
بشرة داني ،تأهيل الموارد البشرية بالجماعات المحلية دراسة حالة جهة العيون
بوجدور الساقية الحمراء ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام جامعة
القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،مراكش ،سنة
. 2011-2010
خديجة اإلدريسي ،التحفيز اإلداري نحو تصور جديد للتحفيز اإلدارة العمومية
المغربية ،مجلة شؤون إدارية ،عدد ،11 ،م.س.
النصوص القانونية:
ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم 1.84.165صادر في 6محرم 2( 1405
أكتوبر )1984المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.76.583بتاريخ 5
شوال 30(1396سبتمبر )1976المعتبر بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي،
الجريدة الرسمية عدد 3753الصفحة .929
25
ظهير شريف رقم 1.11.10صادر في 14من ربيع األول 18( 1432فبراير
2011بتنفيذ القانون رقم 50.05بتغيير وتتميم الظهير الشريف
رقم 1.58.008الصادر في 4شعبان 24( 1377فبراير )1958بمثابة النظام
األساسي العام للوظيفة العمومية ،لجريدة الرسمية عدد .5944
ظهير شريف رقم 1.63.273بشأن تنظيم العماالت واألقاليم ومجالسها ،الجريدة
الرسمية عدد 2655بتاريخ 1963/09/13الصفحة .2151
القانون رقم 47.96المتعلق بتنظيم الجهات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
1.97.84في 23من ذي القعدة 2( 1417أبريل ،)1997الجريدة الرسمية عدد
4470بتاريخ 03أبريل 1997الصفحة .556
26