Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 33

‫التحكيم الدولي‬

‫وتسوية منازعات المشروعات الدولية المشتركة‬

‫أوال التعريفات اللغوية والفقهية والقضائية للتحكيم ‪:‬‬

‫التحكيم مصدر الحكم يقال حكمت فالنا في مالي إذا فوضت إليه الحكم فيه‬
‫فاحتكم علي في ذلك فالتحكيم معناه لغة التفويض في الحكم ويقال حكموه‬
‫بينهم أى أمروه أن يحكم بينهم ‪.‬‬

‫المحكم هو الشيخ المجرب المنسوب الي الحكمة والحكمة هي العدل ‪.‬‬


‫كلمة تحكيم في اللغة الفرنسية هي من فعل حكم وهي من األصل الالتيني‬
‫وتعنى التدخل والحكم بصفته حكم والتحكيم في خالف او نزاع والفصل فيه‬

‫اما التحكيم شرعا فيقصد به التعريف االصطالحي الذى ذهب اليه الفقهاء@‬
‫عن التحكيم وهو ال يختلف عن المعنى اللغوي والذى يفيد أطالق اليد في‬
‫الشئ او تفويض األمر للغير ‪.‬‬

‫وفي المغنى البن قدامة " اذا تحاكم رجالن الي رجل حكماه بينهما‬
‫ورضياه وكان معا يصلح للقضاء فحكم بينهما جاز "‬

‫ويتضح من عبارات الفقهاء@ ان التحكيم هو " تولية وتقليد وتفويض من‬


‫طرفي الخصومة لطرف ثالث ليفصل فيما تنازعاه "‬

‫وعلي ذلك التحكيم يمال بثالث مراحل ‪:‬‬


‫‪ -1‬المرحلة األولي االتفاق علي التحكيم كبديل عن القضاء@ قبل وقوع‬
‫النزاع او بعده ‪.‬‬
‫‪ -2‬المرحلة الثانية االتفاق بين الخصوم والشخص الذى سيتولى الفصل‬
‫في النزاع اى منحه سلطة الفصل في النزاع ‪.‬‬
‫‪ -3‬المرحلة الثالثة تبدأ بإجراء وتنتهي بحكم‬
‫وفي ذلك يقول األستاذ الدكتور ‪ /‬محسن شفيق " ان التحكيم هو في الحقيقة‬
‫نظام مختلط يبدأ باتفاق ثم يصير إجراء ثم ينتهي بقضاء ‪.‬‬

‫ويذهب األستاذ ‪ Robert/‬في تعريف التحكيم بأنه منظمة العدالة الخاصة‬


‫بفضلها تسلب المنازعات من سلطان القانون لتحسم بواسطة أفراد ممنوحين‬
‫مهمة قضائية ‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكده المستشار الدكتور محمد أبو العينين ان التحكيم هو اتفاق بين‬
‫طرفين او أكثر علي أخراج نزاع او عدد من النزاعات من اختصاص‬
‫القضاء@ العادي وان يعهد الي هيئة تتكون من محكم او أكثر للفصل فيه‬
‫بقضاء ملزم ‪.‬‬

‫وعرفه جانب من الفقهاء انه االتفاق علي طرح النزاع علي أشخاص‬
‫معينيين يسمون محكمين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة أصال بتحقيقه‬
‫والفصل في موضوعه وقد يكون االتفاق علي التحكيم في نزاع معين بعد‬
‫نشأته ويسمى عندئذ مشارطة تحكيم وقد يتفق ذوو الشأن مقدما وقبل قيام‬
‫النزاع علي عرض النزاعات التى قد تنشأ بينهم في المستقبل خاصة بتنفيذ‬
‫عقد معين علي المحكمين ويسمى االتفاق عندئذ شرط التحكيم ‪.‬‬

‫وفي ذات اإلطار تصدرت أحكام القضاء لتعريف التحكيم فقد عرفت‬
‫المحكمة الدستورية العليا التحكيم بانه عرض نزاع معين بين طرفين علي‬
‫محكم من االغيار يعين باختيارهما المحكم في ذلك النزاع بقرار نائيا عن‬
‫شبهة المماالة مجرداً من التحامل@ وقاطعا ً لدابر الخصومة في جوانبها الى‬
‫أحالها@ الطرفان اليه بعد ان يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيالً من خالل‬
‫ضمانات@ التقاضي الرئيسية ‪.‬‬

‫كما عرفته محكمة النقض بأنه اتفاق علي عرض نزاع معين علي محكمين‬
‫والترود علي حكمهم ‪.‬‬
‫وبانه طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي‬
‫العادية ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وفي حكم حديث لها رددت هذا التعريف وقالت ان التحكيم طريق لفض‬
‫الخصومات@ قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية بما تكفله من‬
‫ضمانات@ ‪.‬‬

‫وبذات المعنى عرفته محكمة التمييز ( النقض) بدبي بأنه طريق استثنائي‬
‫لفض المنازعات@ يتعين ان يتم االتفاق عليه صراحة ‪.‬‬

‫وقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي الي ان التحكيم يتمثل في سلطة القرار التي‬
‫يعترف بها لطرف ثالث والتسليم بصفة قضائية لقرار المحكم ‪.‬‬

‫كذلك عرفته المحكمة اإلدارية العليا في مصر انه اتفاق علي طرح النزاع‬
‫علي شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة‬

‫ومن ثم التحكيم هو سلطة الفصل@ في النزاع بواسطة محكم أو أكثر يختاره‬


‫األطراف ينزلون علي ما يصدر من أحكام ملزمة ‪.‬‬
‫وهذا التعريف يوضح ان التحكيم طريق مستقل لتسوية المنازعات وله‬
‫ذاتيته كما يؤكد حجية األحكام التي تصدر عن المحكم أو هيئة التحكيم‬
‫وإلزامية تنفيذها ‪.‬‬

‫ثانيا نبذة تاريخية عن التحكيم ‪:‬‬

‫كان التحكيم معروفا لدى المجتمعات القديمة وكان عرفا وشريعة لدى‬
‫العرب قبل اإلسالم كما كان اللجوء إليه اختياريا وحكم المحكم كان ينفذ‬
‫طواعية واختيارا األمر الذى كان يؤدى في اغلب األحوال الي تناحر‬
‫األفراد ونشوب القتال بين القبائل بعضها البعض ‪.‬‬

‫عرف التحكيم في عهد اإلغريق في المنازعات المدنية والتجارية وكان‬


‫علي كل مواطن من مواطني أثينا ان يسجل اسمه في قوائم المحكمين للقيام‬
‫بدوره في فض المنازعات@ لكثرة القضايا واذا اخفق المحكم في فض‬

‫‪3‬‬
‫المنازعة اصدر قرارا مشفوعا بقسم مما يكون معه قابال لالستئناف أمام‬
‫المحاكم الشعبية والتى بدورها تحيله الي هيئة المحكمين ‪.‬‬

‫وفي مجال العالقات الخارجية عرف اإلغريق ايضا نظام التحكيم وتم انشأ‬
‫مجلس دائما للتحكيم تكون مهمته الفصل بين المدن اليونانية في المنازعات‬
‫المدنية والتجارية او المنازعات المتعلقة بالحدود ‪.‬‬

‫عند الرومان كان األمر متروكا للتحكيم الخاص حيث تم انشأ وظيفة خاصة‬
‫يتوالها حاكم يسمى البريتور والذ ى يقتصر دوره علي سماع ادعاءات‬
‫الخصوم وتسجيلها ثم رفع النزاع الي المحكم الذى يختاره الخصوم ليفصل‬
‫في نزاعهم وكانت قرارات تفتقر الي السلطة والقوة التنفيذية وفي حالة‬
‫امتناع احد الخصوم عن تنفيذ قرار التحكيم توقع عليه غرامة او عقوبة‬
‫مالية بموجب شرط في اتفاق التحكيم ‪.‬‬

‫وقد عرف العرب قبل اإلسالم التحكيم فيما يثور بين األفراد والقبائل من‬
‫منازعات وكان يتولي مهمة التحكيم عادة شيخ القبيلة وكان يتولي التحكيم‬
‫أفراد آخرين غير شيخ القبيلة ممن يتصفون بأصالة الرأي وسعة المدارك‬
‫ورجاحة العقل ويقظة الضمير ‪.‬‬

‫وقد ظهرت صور غير مألوفة للتحكيم عند العرب قبل اإلسالم فقد احتكموا‬
‫الي الكهنة اعتقادا منهم بان الكائن يعلم الغيب ومن ثم يعلم الظالم والمظلوم‬
‫وصاحب الحق وغيره كما احتكم العرب ايضا الي النار اعتقادا ان النار‬
‫تأكل الظالم وان البرئ ال تمسه النار بسؤ فضال عن احتكامهم الي األزالم‬
‫كوسيلة لفض المنازعات وقد حرم هللا تعالي هذه الوسيلة ‪.‬‬

‫ثالثا مالمح التحكيم في اإلسالم ‪:‬‬

‫عرفت الشريعة اإلسالمية نظام التحكيم كبديل عن القتال والقوة الغاشمة‬


‫لتسوية المنازعات بخالف طريق القضاء وقد تعددت تعاريفات المذاهب‬
‫الفقهية لمعنى التحكيم وكلها كانت تدور حول ان التحكيم هو عرض النزاع‬
‫الذى قد ينشب بين طرفين او أكثر علي طرف محايد ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ويطلق علي الطرف الذى يحال اليه النزاع اصطالحا الحكم او المحكم وهو‬
‫شخص عادل يتمتع بمواصفات@ ومؤهالت القاضي@ ويكون مشهودا له‬
‫بالتقوى والورع والعلم بأحكام الشريعة ويحظى بثقة أطراف النزاع ‪.‬‬

‫قد أجمعت المذاهب الفقهية في صفات@ المحكم الذى يتولي منازعات األفراد‬
‫‪ -1‬ان يكون رجال قد بلغ سن الرشد‬
‫‪ -2‬ان يكون مسلما ويتمتع بالقدرة علي حل المشاكل والخالفات@‬
‫‪ -3‬ان يكون حرا ويتصف بالعدالة ويجب إال يكون اعمي أو اخرس أو‬
‫أصم ‪.‬‬

‫ويشترط المذهب المالكي ان تتوافر صفة الحياد ‪.‬‬

‫ويقر فقها المذهب الحنبلي ضرورة ان تحوز أحكام التحكيم الحجية التى‬
‫تتمتع بها أحكام القضاء وان تنفذ تنفيذ جبري ‪.‬‬

‫ويذهب فقها المذهب الشافعي ان اللجوء الي التحكيم في حالة عدم وجود‬
‫محاكم لنظر النزاع واال يتم ذلك اال في المنازعات لمالية فقط ‪.‬‬

‫ويجب في جميع المذاهب موافقة المحكم لممارسة مهمة التحكيم ‪.‬‬

‫تنتهي مهمة المحكم بانتهاء المدة المحددة للتحكيم او فقده احد الشروط‬
‫الواجب@ توافرها في المحكم او بإصدار حكم التحكيم او بتراجع األطراف‬
‫عن موافقتهم علي تعيين المحكم أو بموته أو مرضه مرضا شديداً يعوقه عن‬
‫اداء مهمته في الفصل في النزاع ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫التحكيم الدولي ‪:‬‬

‫التحكيم الدولي ينطوي علي ثالثة عناصر تميزه عن غيره من الوسائل‬


‫الدبلوماسية لفض المنازعات فهو تسوية للنزاع بواسطة قضاة من أطراف‬
‫النزاع ومحض أرادتهم كما انه تسوية تقوم علي أساس من احترام القانون‬
‫فضال عن ان الحكم الصادر فيه يتمتع بالقوة اإللزامية حيث انه ملزم‬
‫لألطراف ‪.‬‬

‫يتضح من تعريف التحكيم الدولي انه يرتكز علي مبدأ الرضائية ومبدأ‬
‫إلزامية لحكم ‪.‬‬

‫أوال الرضائية ‪:‬‬

‫اللجوء الي التحكيم الدولي يقوم علي رضاء وتالقي ارادة األطراف‬
‫المتنازعة وعرض النزاع الذى يتم بإرادة األطراف في صورة اتفاق انما‬
‫يكون عند نشء النزاع وبمناسبته ‪.‬‬

‫ثانيا إلزامية الحكم ‪:‬‬

‫القرار الصادر في التحكيم الدولي يصدر في شكل الحكم القضائي فهو‬


‫ينطوى علي الحيثيات@ والمنطوق ويصدر باألغلبية وعلي ذلك فهو قرار‬
‫ملزم ألطراف النزاع طالما ان القرار لم يتجاوز او يخالف نصوص االتفاق‬
‫الذى يعطى والية الفصل وهذا اإللزام ال يتطلب قبوال من أطراف النزاع‬
‫فضال عن ان الحكم الصادر في التحكيم الدولي ال يتمتع اال بحجية نسبية‬
‫فاآلثار المترتبة عليه ال تتعدى أطراف النزاع او تجاوز حدود موضوع‬
‫النزاع ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫كما يتمتع الحكم الصادر في التحكيم الدولي بالنهائية فهو ينهي النزاع‬
‫الصادر بشأنه بيد انه يكون قابال للطعن فيه من قبل أطراف النزاع في‬
‫حاالت نادرة كالغموض الذى يشوب منطوق احكم او في حالة تجاوز هيئة‬
‫التحكيم للحدود والسلطات الممنوحة لها بإرادة األطراف وبموجب اتفاق‬
‫الذى يتم بينها ‪.‬‬

‫تطور التحكيم الدولي ‪:‬‬

‫عرف في العصر القديم ( دول الشرق ‪ ،‬بابل وآشور ) وانتشر في المدن‬


‫اليونانية القديمة في المنازعات التجارية والدينية والحدودية كما عرفته‬
‫القبائل العربية وفي اإلسالم وفي العصر الحديث االتفاقيات@ الدولية‬
‫والمعاهدات الدولية ‪.‬‬

‫التحكيم الدولي والعصر الحديث ‪:‬‬

‫تعد البداية الحقيقية لنظام التحكيم الدولي اعتبارا من السنوات األخيرة من‬
‫القرن الثامن عشر وذلك بتوقيع اتفاقية الصداقة والتجارة والمالحة بين‬
‫الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا في ‪19/11/1794‬م والتى تسمى‬
‫معاهدة جاى والتى نصت صراحة الي اللجوء الي التحكيم في صورة لجان‬
‫مشتركة لتسوية الخالفات@ التى نصت عليها ‪.‬‬

‫وكان لهذه المعاهدة األثر الكبير في تطور نظام التحكيم في إطار العالقات@‬
‫الدولية حيث تم تشكيل ‪ 117‬محكمة تحكيم أطلق عليها اسم لجان المطالبات@‬
‫المختلطة وقد تناولت هذه اللجان النظر في العديد من المنازعات الخاصة‬
‫بمطالبات األفراد وأخرى تتعلق بمسائل سياسية وأخرى بشأن النزاع علي‬
‫الحدود ‪.‬‬

‫ويعتبر تحكيم األلباما ابرز مثال علي التحكيم الدولي الحديث واصطباغه‬
‫بالصبغة القضائية في سنة ‪1872‬م ويتلخص في اتهام الواليات المتحدة‬
‫األمريكية بريطانيا بانتهاك مبدأ الحياد خالل الحرب@ األهلية األمريكية حيث‬

‫‪7‬‬
‫قامت بريطانيا ببناء سفن للواليات المتحدة األمريكية الجنوبية وذلك مساعدة‬
‫منها في الحرب@ ضد الواليات المتحدة الشمالية وحيث تم االتفاق بين‬
‫الدولتين بموجب معاهدة واشنطون عام ‪1871‬م علي قواعد معينة بشأن‬
‫حقوق وواجبات الدول المحايدة فقد بادرت الدولتان الي تكوين محكمة‬
‫تحكيم وأصدرت حكما في هذه القضية الشهيرة بإدانة بريطانيا في‬
‫‪14/9/1872‬م وبعد ذلك انتشرت حاالت التحكيم وأصبحت المعاهدات‬
‫واالتفاقيات@ تتضمن شرط التحكيم ‪.‬‬
‫ثم حقق التحكيم الدولي خطوة مهمة من خالل اتفاقية الهاي ‪1899‬م حيث‬
‫سعت وفود الدول الي أنشاء محكمة دولية حقيقية وبالفعل وافق مؤتمر‬
‫الهاي في ‪29/10/1899‬م علي االتفاقية الخاصة بفض المنازعات الدولية‬
‫بالطرق السلمية بواسطة المساعي الحميدة والوساطة والتحكيم وتضمن‬
‫االتفاقية علي أنشاء محكمة دولية دائمة للتحكيم ‪.‬‬

‫التحكيم الدولي بعد الحرب العالمية األولي ‪:‬‬

‫بعد الحرب العالمية األولي سعت الدول الي إنشاء تنظيم دولي بهدف تسوية‬
‫المنازعات الدولية بالطرق السلمية ونجحت الدول في إنشاء عصبة األمم‬
‫وجاء في هذا االتفاق انه كلما ثار نزاع بين أعضاء العصبة يرون انه قابل‬
‫للتسوية بطريق التحكيم او القضاء@ وكان هذا النزاع ال يمكن تسويته بدرجة‬
‫مرضية بالطريق الدبلوماسي فأنهم يعرضون الموضوع برمته علي التحكيم‬
‫او القضاء@ ‪.‬‬

‫ونظرا الن فكرة التحكيم القت اعتراضا عند مناقشتها في مؤتمرات الهاي‬
‫فان واضعي عهد األمم قد تعمدوا عدم اإلشارة الي اللجوء الي التحكيم‬
‫االجبارى سواء كان ذلك صراحة او ضمنا ً ‪.‬‬

‫وفي عام ‪1920‬م وضعت عصبة األمم إطارا لنظام قضائي دولي وذلك‬
‫بإنشاء محكمة عدل دولية دائمة ‪.‬‬

‫وفي عام ‪1924‬م نجحت عصبة األمم في التوصل الي الموافقة علي‬
‫بروتوكول جنيف للمساعدة المتبادلة وعد االعتداء والذى يقوم علي مبدأ‬
‫مؤداه ( ال امن بدون تحكيم ) ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫لم تتوقف مساعي عصبة األمم في سبيل إرساء وتحقيق مبدأ اللجوء الي‬
‫التحكيم الي ان توصلت في ‪26/9/1928‬م الي الموافقة علي ميثاق عام‬
‫للتحكيم في صورة اتفاقية عامة للتسوية السلمية للمنازعات الدولية ‪.‬‬

‫وفي ‪21/11/1947‬م قررت الجمعية العامة لألمم المتحدة تشكيل لجنة‬


‫للقانون الدولي بهدف تقنين وتطوير وتوحيد القانون الدولي وكان موضوع‬
‫التحكيم الدولي من الموضوعات التى حظيت بعناية واهتمام اللجنة الي ان‬
‫انتهت في عام ‪1958‬م الي وضع نموذج لقواعد إجراءات التحكيم ليكون‬
‫دليال ومرشدا للدول عند التوقيع علي تعهدات باللجوء الي التحكيم ‪.‬‬

‫الطبيعة القانونية للتحكيم ‪:‬‬

‫أوال النظرية العقدية ‪:‬‬

‫اعتبر البعض التحكيم عقداً رضائيا ملزما للجانبين من عقود المعاوضة‬


‫ويرى انصار هذا االتجاه ان حكم التحكيم يعتبر جزءا ال يتجزا من اتفاق‬
‫التحكيم بل انه يندمج ويذوب فيه والمحكمون هم أفراد يعهد إليهم بمهمة‬
‫تنفيذ االتفاق وال يرتقوا الي مرتبة القضاة ‪.‬‬

‫وقد وجد هذا االتجاه صدى لدى محكمة النقض الفرنسية حيث أيدت الطبيعة‬
‫التعاقدية للتحكيم وانسحاب هذه الطبيعة الي كل من اتفاق التحكيم وحكم‬
‫التحكيم وذلك في حكمها الصادر في ‪27/7/1937‬م والذى جاء فيه ان‬
‫قرارات التحكيم الصادرة علي أسس مشارطة التحكيم تكون وحدة واحدة مع‬
‫هذه المشارطة وتشاركها في صفتها التعاقدية ‪.‬‬

‫ويميل القضاء@ المصري الي ترجيح هذه النظرية بقوله ان قوام التحكيم‬
‫الخروج عن طرق التقاضي العادية ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ثانيا النظرية القضائية ‪:‬‬

‫يرى أنصار هذه النظرية ان الطابع القضائي@ يغلب علي طبيعة التحكيم‬
‫وذلك انه قضاء اجبارى ملزم للخصوم متى اتفقوا عليه وان المحكم ال‬
‫يعمل بإرادة الخصوم وحدها وان عمله هو عمل قضائي شانه شأن العمل‬
‫القضائي@ الصادر من السلطة القضائية للدولة ‪.‬‬

‫ثالثا الطبيعة المختلطة ‪:‬‬

‫أصحاب@ النظرية يرون ان للتحكيم طبيعة مختلطة فهو عقد بالنظر الي‬
‫الوجوه التى تشتق من أصل التحكيم وهو العمل اإلرادي لألطراف وهو‬
‫قضاء بالنظر الي كون الحكم الصادر يلزم األطراف بقوة غير القوة الملزمة‬
‫للعقد ‪.‬‬

‫والواقع انه من الصعب النظر للتحكيم كعقد فالعقد في حد ذاته ال يحسم‬


‫النزاع كما ان العقد ليس هو جوهر التحكيم بدليل عدم وجوده في التحكيم‬
‫االجبارى ‪.‬‬

‫والواقع ايضا ان النظرية القضائية ال تتفق وطبيعة التحكيم الن القضاء@‬


‫سلطة عامة من سلطات الدولة ال يتوالها اال القاضي فالمحكم ال يتمتع بما‬
‫يتمتع به القاضي@ من سلطة توقيع غرامات علي الخصوم او الشهود فضال‬
‫عن ان اإلجراءات قد تختلف من نزاع الي اخر ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫والقول الصائب ان التحكيم له طبيعته الخاصة وذاتيته المستقلة التى تميزه‬
‫عن العقود وكذلك عن أحكام القضاء فالتحكيم أداة متميزة لحل المنازعات‬
‫فيه اتفاق وفيه قضاء وفيه ما يميزه عنهما وليس هناك ما يدعو او يبرر‬
‫لزج به في أحضانه أنظمة قانونية يتشابه معها في أمور يتخلف عنها في‬
‫أمور أخرى ‪.‬‬

‫أنواع التحكيم الدولي ‪:‬‬

‫أوال التحكيم االختياري والتحكيم االجبارى ‪:‬‬

‫قد يأخذ التحكيم الدولي إحدى صورتين صورة التحكيم االختياري وهو‬
‫الشائع في المعامالت التجارية واالقتصادية وصورة التحكيم االجبارى مثل‬
‫االتفاقية المبرمة سنة ‪1961‬م والمتعلقة بنقل البضائع بالسكك الحديدية حيث‬
‫أسندت االتفاقية ال محكمة التحكيم سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة‬
‫بالسكك الحديدية بين رعايا الدول المتعاقدة وغير المتعاقدة ‪.‬‬

‫والتحكيم االجبارى يستفاد منه انعدام اإلرادة وهي جوهر التحكيم حيث ان‬
‫التحكيم مصدره االتفاق وهذا النوع من التحكيم االجبارى يعتبر منافيا‬
‫لألصل والتحكيم ال يتولد اال عن اإلرادة الحرة وال يتصور إجراؤه تسلطا‬
‫او كرها والواقع ان التحكيم االجبارى لم يعد له مكانة تذكر خاصة بعد‬
‫انهيار االنظمة االشتراكية فقد انهار مجلس المعونة االقتصادية المتبادلة‬
‫المعروف باسم الكوميكون سنة ‪1991‬م وبالتالي اتفاقية موسكو سنة‬
‫‪1972‬م بشأن التحكيم االجبارى بين المؤسسات االقتصادية للدول األعضاء‬
‫في هذا المجلس ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ثانيا التحكيم الخاص والتحكيم المؤسسي ‪:‬‬

‫التحكيم الخاص ‪:‬‬

‫هو ذلك التحكيم الذى يتولي األطراف أقامته في نزاع معين ويكون لهم‬
‫مطلق الحرية في اختيار المحكمين واإلجراءات والقواعد التى تطبق بشأن‬
‫هذا النزاع ‪.‬‬

‫التحكيم المؤسسي ‪:‬‬

‫فهو الذى تتواله منظمة او مركز من هيئات او منظمات او مراكز التحكيم‬


‫الدائمة والتى انتشرت في أعقاب الحرب العالمية األولي وفي هذا التحكيم‬
‫النظامي يكون فض المنازعة وفقا لقواعد وإجراءات موضوعة سلفا لحكم‬
‫عمل هذه الهيئات وبالنسبة لهذه الصورة األخيرة فهي السائدة في منازعات‬
‫التجارة الدولية وسبب الشيوع للسهولة واليسر فهذه المنظمات لديها قوائم‬
‫بالمحكمين من كافة الخبرات مما ساعد أطراف النزاع علي اختيار المحكم‬
‫المناسب كما ان لهذه المنظمات لوائح تنظم إجراءات التحكيم وهي‬
‫إجراءات سهلة وغير مكلفة ‪.‬‬

‫ورغم االيجابيات التى يتسم بها التحكيم النظامي اال انه له بعض السلبيات‬
‫وهى ان المنظمات والمراكز التى تتولي االضطالع بالتحكيم قد نشأت في‬
‫كنف الدول الصناعية ومن ثم فكثيرا ما كانت نظم ولوائح هذه المنظمات‬
‫تبغي رعاية مصالح الدول المتقدمة علي حساب الدول النامية ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تمييز التحكيم عن الوسائل األخرى لتسوية المنازعات ‪:‬‬

‫التمييز بين التحكيم الدولي والقضاء‪ G‬الدولي ‪:‬‬

‫أوال أوجه التشابه ‪:‬‬

‫يتفق كل من التحكيم الدولي والقضاء@ الدولي في الهدف حيث ان لكل منهما‬


‫هدفه تسوية المنازعات بين الدول علي أساس من القانون او بعبارة أخرى‬
‫ان كالهما طريقة قانونية لحل المنازعات الدولية وكالهما يستند الي القانون‬
‫في حل تلك المنازعات ‪.‬‬

‫ثانيا أوجه االختالف ‪:‬‬

‫يعد التحكيم الدولي وسيلة مؤقتة ومتجددة في الوقت نفسه حيث ان تشكيل‬
‫هيئة التحكيم يتم باتفاق أطراف النزاع وحسب ظروف كل نزاع ومن قضاة‬
‫يتم اختيارهم بإرادة أطراف النزاع بينما نجد القضاء@ الدولي وسيلة دائمة‬
‫تختص بالنظر في عدد غير محدد من النزاعات ووهي محكمة قائمة بالفعل‬
‫قبل نشوب النزاع وال دخل إلرادة أطراف النزاع في تشكليها ‪.‬‬

‫دور التحكيم الدولي اقل بكثير من دور القضاء الدولي الذي يعمل علي‬
‫إرساء مبادئ القانون الدولي ويسهم في إرساء الكثير من القواعد والسوابق‬
‫القضائية الدولية ‪.‬‬

‫ان القضاء@ الدولي يفوق التحكيم الدولي من حيث درجة عدم تسييسه‬
‫فالتحكيم الدولي ال يعتبر إجراء فعاال من إجراءات تحقيق العدالة الدولية‬
‫إنما يؤدى أيضا وظيفة سياسية ‪.‬‬

‫ان التحكيم الدولي يتميز بالسهولة واليسر في اإلجراءات بينما اللجوء إلي‬
‫القضاء@ الدولي يقتضي إجراءات معقدة تتمثل في شروط يجب توافرها في‬
‫التقاضي@ وانعقاد المحكمة واالختصاص ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫التمييز بين التحكيم الدولي والوسائل الدبلوماسية ‪:‬‬

‫التحكيم الدولي يعد وسيلة دبلوماسية لفض المنازعات بين الدول غير انه‬
‫يختلف عن غيره من الوسائل الدبلوماسية األخرى باعتباره وسيلة لتسوية‬
‫النزاع بواسطة قضاة يتم اختيارهم من قبل أطراف النزاع كما انه تسوية‬
‫تقوم علي أساس من احترام القانون والنية الحسنة فضال عن ان الحكم‬
‫الصادر فيه يعد ملزما لألطراف ‪.‬‬

‫أوال المفاوضات ‪:‬‬

‫المفاوضات هو الوسيلة التى يتم بموجبها تبادل وجهات النظر بين دولتين‬
‫متنازعتان بقصد التوصل الي تسوية النزاع القائم بينهما وتبادل وجهات‬
‫النظر يتم عن طريق االتصال المباشر بين رؤساء الدول او وزراء‬
‫الخارجية او ممثلي الدولتين المتنازعتين وتعد هذه الوسيلة ناجحة لتسوية‬
‫المنازعات الدولية اذا ما توافرت النويا الحسنة لدى األطراف المتنازعة‬
‫خاصة وان المفاوضات تتسم بالمرونة وكسر الحاجز@ النفسي بين الدولة‬
‫المتنازعة ‪.‬‬

‫ثانيا التحقيق ‪:‬‬

‫قد يكون جوهر النزاع خالفا علي وقائع معينة بحيث ان الفصل في صحة‬
‫هذه الوقائع يؤدى الي التوصل الي تسوية النزاع وديا ً ومن ثم تتفق الدولتان‬
‫المتنازعتان علي إحالة هذه الوقائع الي لجنة تحقيق لفحص هذه الوقائع‬
‫والتثبت من صحتها ويقتصر دور لجنة التحقيق علي تقصي الحقائق‬
‫والمالبسات الخاصة بالوقائع موضوع التحقيق ووضع ذلك في تقرير يرفع‬
‫الي الدولتين المتنازعتين ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ثالثا الوساطة ‪:‬‬

‫وهو قيام دولة محايدة او منظمة دولية بنشاط لتقريب وجهات النظر‬
‫والمصالح المتضاربة بين دولتين متنازعتين للتوصل الي تسوية النزاع‬
‫القائم بينهما ويتم ذلك عن طريق االشتراك في المفاوضات التى تتم بين‬
‫الدولتين والوسيط عادة يكون من الشخصيات المرموقة كرؤساء الدول‬
‫ووزراء الخارجية ‪.‬‬

‫رابعا المساعي الحميدة ‪:‬‬

‫وتعني قيام دولة بمحاولة التقريب بين دولتين متنازعتين وحثهما علي‬
‫الدخول في مفاوضات لفض نزاع قائم بينهما دون ان تشترك هذه الدولة في‬
‫تلك المفاوضات بطريقة مباشرة مثل المساعي األمريكية في منطقة الشرق‬
‫األوسط لتحقيق السالم ‪.‬‬

‫خامسا التوفيق ‪:‬‬

‫ويقصد به أحاله النزاع القائم بين دولتين الي لجان أطلق عليها اسم لجان‬
‫التوفيق وهي لجان محايدة مهمتها التمهيد لحل هذا النزاع عن طريق فحص‬
‫وحصر الوقائع موضوع النزاع واقتراح التسوية المناسبة ‪.‬‬

‫سادسا المنظمات الدولية واإلقليمية ‪:‬‬

‫تضطلع منظمة األمم المتحدة بدور فعال في تسوية المنازعات الدولية حي‬
‫ثان ميثاقها أجاز لألعضاء االلتجاء الي مجلس األمن في حالة قيام خالف‬
‫أو نزاع بينهم يهدد السلم واألمن الدولي كما ان لمجلس األمن الحق في ان‬
‫يتدخل اذا ما ارتأى ان الوضع قد يهدد السلم واألمن الدولي وذلك بناء علي‬
‫قرار يصدره المجلس أو بناء علي طلب األمين العام لألمم المتحدة او بناء‬
‫علي طلب عضو من أعضاء األمم المتحدة ‪.‬‬

‫أشار ميثاق األمم المتحدة الي المنظمات اإلقليمية ودورها في حل‬


‫المنازعات الدولية بالطرق الودية والسلمية أشارت المادة ‪ 52‬من الميثاق‬
‫الي انه يتعين علي الدول األعضاء في المنظمات اإلقليمية بذل جهودها‬

‫‪15‬‬
‫لتدبير الحل السلمي لمنازعاتها المحلية عن طريق هذه المنظمات وذلك قبل‬
‫عرضها علي مجلس األمن وقد وضعت المنظمات اإلقليمية كمنظمة الوحدة‬
‫اإلفريقية والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي@ أنظمتها القانونية‬
‫والتي تضمنت نصوصا لحل ما يثور بين أعضائها من منازعات بالوسائل‬
‫السلمية ‪.‬‬

‫التنظيم الدولي للتحكيم في منازعات المشروعات الدولية المشتركة ‪:‬‬

‫دور المعاهدات الدولية في تسوية منازعات المشروعات الدولية‬


‫المشتركة ‪:‬‬

‫كان للمعاهدات المختلفة دور ملموس وواضح في التنظيم التشريعي للتحكيم‬


‫الدولي ووضع األسس والضوابط التي تحكمه من الناحية الدولية سواء فيما‬
‫يتعلق باإلجراءات@ أو القانون الواجب التطبيق ‪.‬‬

‫أوال اتفاقية نيويورك لسنة ‪1958‬م بشأن االعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم‬
‫األجنبية ‪:‬‬

‫تتكون هذه االتفاقية من ست عشرة مادة وهي تقتصر علي معالجة مسألة‬
‫االعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم األجنبية في إقليم الدولة المنضمة اليها‬
‫وتأخذ االتفاقية بمعيار مكان إصدار الحكم لمعرفة الحكم األجنبي بالنسبة‬
‫للدولة المراد االعتراف وتنفيذ الحكم فيها عمال بالفقرة األولي من المادة‬
‫األولي من االتفاقية وكذلك ال تشترط لتطبيقها ان يكون حكم التحكيم قد‬
‫صدر في دولة منضمة اليها فيجوز ان يكون قد صدر في دولة غير منضمة‬
‫الي االتفاقية وتسرى االتفاقية ايضا علي أحكام التحكيم التى يكون أطراف‬
‫النزاع من أشخاص القانون العام كالمؤسسات او أشخاص القطاع‬
‫االشتراكي عند ممارستها للنشاط التجاري او عند تعاقدها بموجب عقود‬
‫تتعلق بمعامالت تجارية ‪.‬‬

‫كما اوجبت االتفاقية ان يكون شرط التحكيم او مشارطة التحكيم مكتوبا كأن‬
‫يكون ذلك في العقد نفسه او في الرسائل المتبادلة بين األطراف سواء اكان‬

‫‪16‬‬
‫ذلك قبل وقوع النزاع او بعده وبالتالي فان ذلك ينطبق علي االتفاقية المنشئة‬
‫للمشروع الدولي المشترك ‪.‬‬

‫من مالمح تلك االتفاقية السهولة واليسر في اإلجراءات@ الخاصة بطلب‬


‫االعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم في الدول المنضمة اليها ويمكن القول ان‬
‫تلك االتفاقية يمكن االستناد اليها في تسوية منازعات المشروعات الدولية‬
‫المشتركة ‪.‬‬

‫ثانيا االتفاقية األوربية للتحكيم التجاري الدولي لسنة ‪1961‬م ‪:‬‬

‫تعالج تلك االتفاقية كافة المسائل التى يثيرها التحكيم بدءا باالتفاق علي‬
‫اللجوء الي التحكيم لحين تنفيذ الحكم او رفض تنفيذه وتسرى بصورة‬
‫اوضح في العمليات@ التجارية الدولية ‪.‬‬

‫تشترط تلك االتفاقية ان يكون اتفاق التحكيم مكتوب كما نصت علي صحة‬
‫اتفاق التحكيم اذا كان غير مكتوب بين دول ال تشترط قوانينها ان يكون‬
‫اتفاق التحكيم مكتوبا ً ‪.‬‬

‫تتسم تلك االتفاقية بإطالق حرية األطراف في اختيار المحكمين وتنظيم‬


‫عملية التحكيم وأكدت علي ذلك لمادة الرابعة من االتفاقية وكذلك حرية‬
‫األطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع وقانون‬
‫اإلجراءات@ لتنظيم سير عملية التحكيم وكذلك تعيين مكان التحكيم وفي حالة‬
‫عدم االتفاق للمحكم ان يقرر اإلجراءات التى سوف يتبعها أثناء التحكيم ‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر ان االنضمام لتلك االتفاقية ال يقتصر علي الدول‬


‫األوربية فقط حيث انضمت اليها كوبا وفولتا العليا حيث ال يوجد شرط يمنع‬
‫ذلك في نصوص االتفاقية ‪.‬‬

‫ثالثا اتفاقية واشنطون لتسوية المنازعات المتعلقة باالستثمارات بين‬


‫الدول ومواطني الدول األخرى عام ‪1965‬م ‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫تولي البنك الدولي لإلنشاء والتعمير اعداد تلك االتفاقية عام ‪1965‬م وذلك‬
‫بهدف تشجيع االستثمارات الدولية الخاصة في مجال التعاون الدولي مما‬
‫يؤدى الي تحقيق التنمية االقتصادية خاصة في الدول النامية ‪.‬‬

‫ال تطبق هذه االتفاقية علي أطراف النزاع اال بمحض أرادة هذه األطراف‬
‫ويكون اللجوء الي حسم النزاع وفقا لالتفاقية بطلب كتابي ‪.‬‬

‫أخذت االتفاقية بمبدأ سلطان اإلرادة او بعبارة أخرى حرية األطراف في‬
‫تحديد القانون الواجب@ التطبيق علي موضوع النزاع وعلي اإلجراءات@ وفي‬
‫حالة اختالف األطراف تتولي المحكمة تطبيق قانون الدولة المتعاقدة التى‬
‫هى طرف في النزاع بما في ذلك القواعد الخاصة بتنازع القوانين كما تطبق‬
‫أيضا مبادئ القانون الدولي التى تتعلق بموضوع النزاع ‪.‬‬

‫وقد أقرت االتفاقية في أحكامها ان حكم التحكيم يكون ملزما لألطراف‬


‫وغير قابل للطعن اال في الحاالت@ المنصوص عليها في االتفاقية كما تعترف‬
‫كل دولة ان جميع األحكام الخاصة الصادرة وفق االتفاقية ملزمة وتضمن‬
‫تنفيذها علي إقليمها اما عن مكان اإلجراءات فهي تتم في مقر المركز غير‬
‫انه يجوز لألطراف ان تتفق علي ان تجرى اإلجراءات في مقر محكمة‬
‫التحكيم الدائمة واى اختالف في تفسير وتطبيق االتفاقية تتولي الفصل@ به‬
‫محكمة العدل الدولية ‪.‬‬

‫رابعا القانون النموذجي الذي وضعته لجنة األمم المتحدة للتحكيم التجاري‬
‫الدولي ‪:‬‬

‫شرط التحكيم النموذجي ‪:‬‬

‫وضعت لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي صيغة نموذجية لشط‬
‫التحكيم نصت علي كل نزاع او خالف او مطالبة تنشأ عن هذا العقد او‬
‫تتعلق به او بمخالفة أحكامه او نسخه او بطالنه يسوى بطريق التحكيم وفقا‬
‫لقواعد التحكيم الذى وضعته لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي كما‬
‫هي سارية المفعول حاليا ً ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وقد أشارت اللجنة في نموذج شرط التحكيم الي ملحوظة مفادها انه قد‬
‫يرغب الطرفان في إضافة بيانات أضافية كتحديد سلطة التعيين وعدد‬
‫المحكمين سواء كان محكم او ثالثة وتحديد مكان التحكيم واللغة أو اللغات@‬
‫التى تستخدم في إجراء التحكيم ‪.‬‬

‫إجراءات التحكيم ‪:‬‬

‫تبدأ إجراءات@ التحكيم بإخطار يرسله المدعي الي الطرف اآلخر المدعي‬
‫عليه وتبدأ اإلجراءات@ من تاريخ تسلم المدعي عليه أخطار التحكيم فاذا كان‬
‫عدد المحكمين ثالثة يختار كل طرف محكما واحداً ويختار المحكمان‬
‫المعينان علي هذا النحو المحكمة الثالث وهو الذى يتولي رئاسة هيئة‬
‫التحكيم ‪.‬‬

‫اما في حالة أخطار احد الطرفين للطرف األخر باختيار محكم ولم يقم هذا‬
‫األخير خالل ثالثين يوما من تاريخ استالم األخطار بأخطار الطرف األول‬
‫بالمحكم الذى اختاره ففي هذه الحالة يجوز للطرف األول ان يطلب ذلك من‬
‫سلطة التعيين ان كان هناك اتفاق عليها بين الطرفين إما اذا لم توجد جاز‬
‫للطرف األول ان يطلب من األمين العام لمحكمي التحكيم الدائمة بالهاي‬
‫تسمية سلطة التعيين وعندئذ يطلب من هذه الجهة تعيين المحكم الثاني ‪.‬‬

‫رد المحكمين ‪:‬‬

‫يجوز رد المحكمين اذا وجدت شكوك تحول دون حياده او استقالله وهذا‬
‫الرد مقيد بشرط ألسباب لم يتبينها طالب الرد اال بعد تعيين هذا المحكم ‪.‬‬

‫استقاللية شرط التحكيم ‪:‬‬

‫ان شرط التحكيم شرط مستقل عن باقي شروط العقد األخرى وان كل قرار‬
‫يصدر من هيئة التحكيم ببطالن العقد ال يترتب عليه بطالن لشرط التحكيم‬
‫وتختص هيئة التحكيم بالفصل في الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها ولها ان‬
‫تستمر في إجراءات التحكيم وان تفصل في الدفع بعدم االختصاص في‬
‫قرارها النهائي ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫خامسا تسوية منازعات المشروع المشترك وفقا للتشريعات الداخلية‬
‫لبعض الدول العربية ‪:‬‬

‫كانت مصر اول دولة عربية تصدر نصوصا تشريعية لتنظيم التحكيم‬
‫ضمنتها المواد ‪702‬الي ‪ 727‬من قانون المرافعات عام ‪1883‬م وفي‬
‫مجموعة المرافعات@ عام ‪1949‬م وردت نصوصا التحكيم أكثر تنظيما‬
‫وتفصيال المواد من ‪818‬الي ‪ 850‬كما تضمنت مجموعة المرافعات الحالية‬
‫نصوص تنظم التحكيم في المواد من ‪501‬الي ‪. 513‬‬
‫وحدثت الطفرة التشريعية في مصر عام ‪1994‬م حين أصدرت القانون‬
‫الخاص بالتحكيم رقم ‪27‬لسنة ‪1994‬م ‪.‬‬
‫هذا وقد أصدرت بعض الدول العربية قوانين حديثة للتحكيم علي النحو‬
‫التالي ‪:‬‬

‫‪ -1‬اليمن عام ‪1992‬م بموجب القانون رقم ‪ 22‬لسنة ‪1992‬م‬


‫‪ -2‬تونس عام ‪ 1993‬بموجب قانون التحكيم رقم ‪ 42‬لسنة ‪1993‬م‬
‫‪ -3‬سلطنة عمان سنة ‪1997‬م بموجب المرسوم رقم ‪47‬لسنة ‪1997‬م‬
‫‪ -4‬البحرين سنة ‪1994‬م بموجب القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪1994‬م‬
‫‪ -5‬األردن سنة ‪1953‬بموجب القانون رقم ‪18‬لسنة ‪1953‬م‬
‫‪ -6‬المغرب سنة ‪1974‬م بموجب قانون التحكيم رقم ‪ 28‬لسنة ‪1974‬م‬
‫‪ -7‬السعودية المرسوم رقم ‪46‬في ‪12/3/1403‬هجرية ز‬

‫دور مراكز التحكيم الدولية في تسوية منازعات المشروعات الدولية‬


‫المشتركة ‪:‬‬

‫أوال غرفة التجارة الدولية في باريس ‪:‬‬

‫كان لغرفة التجارة الدولية في باريس السبق في انشاء المركز الدولي‬


‫للتحكيم ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫أهم قواعد الغرفة ‪:‬‬

‫‪ -1‬أوصت الغرفة األطراف الذين يرغبون في اللجوء@ إليها للتحكيم في‬


‫المنازعات التى تنشب في العقود الدولية ان تتضمن عقودهم الشرط‬
‫التالي ‪:‬‬

‫جميع الخالفات التى تنشأ عن هذا العقد يتم حسمها نهائيا وفقا لنظام‬
‫المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية بواسطة حكم او عدة حكام يتم‬
‫تعيينهم طبقا لذلك النظام ‪.‬‬

‫‪ -2‬أتاحت الغرفة في حالة رغبة األطراف في جعل الغرفة هي سلطة‬


‫تعيين المحكمين ان تشمل عقودهم الشرط التالي ‪:‬‬

‫يسوى اى نزاع أو خالف أو مطالبة تنشأ عن هذا العقد او عن خرقه أو‬


‫إنهائه او بطالنه او عن طريق التحكيم وفقا لنظام لجنة القانون التجاري‬
‫للتحكيم كما هو ساري حاليا تكون سلطة التعيين لغرفة التجارة الدولية التى‬
‫تتصرف تبعا لإلجراءات التى اعتمدتها الغرفة ‪.‬‬

‫‪ -3‬كما عنيت الغرفة بإنشاء المركز الدولي للخبرة الفنية وذلك ليقدم‬
‫الخبرة الفنية ألطراف العقود الدولية الذى يرغبون في حل النزاعات‬
‫التى تنشأ بشأن تطبيق هذه العقود من النواحي الفنية ‪.‬‬

‫‪ -4‬نظام التوفيق الذى وضعته الغرفة في حالة رغبة أطراف العقد‬


‫الدولي في تدخل طرف ثالث محايد في حالة حدوث نزاع بشأن‬
‫تطبيق او تنفيذ بنود العقد وذلك من اجل مساعدتهم في الوصول الي‬
‫حل لهذا النزاع وتسوية سلمية دون اللجوء للتحكيم ‪.‬‬

‫وقد أوجدت الغرفة نظاما للتوفيق كبديل لنظام التحكيم وفي هذا تقرر‬
‫الغرفة قواعد التوفيق االختياري والتى تضمن تعيين لجان التوفيق‬
‫لتقترح علي األطراف شروط تسوية النزاع القائم بينهم ويشترط لبدء‬
‫التوفيق اتفاق األطراف علي ذلك ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫نظام التوفيق بغرفة التجارة الدولية ‪:‬‬

‫يقوم رئيس غرفة التجارة بتشكيل لجنة توفيق لكل نزاع وهذه اللجنة‬ ‫‪-1‬‬
‫تتكون من ثالثة أعضاء عضوين من ذات جنسية الطرفين صاحبي‬
‫النزاع وعضو من جنسية دولة ثالثة يعمل كرئيس لجنة التفاوض ‪.‬‬
‫يجب علي كل طرف في العقد الدولي ان يقدم خمس نسخ من‬ ‫‪-2‬‬
‫مذكراته الدفاعية حول موضوع نزاعه مع الطرف األخر وبنود‬
‫العقود الخاصة بهذا النزاع وعلي كل طرف ان يضمن طلب التوفيق‬
‫ملخصا إجماليا@ لوجه نظره ومذكرة تفصيلية عن مطالبه لتسوية‬
‫النزاع وصور من كل األوراق والوثائق ذات العالقة بالنزاع ‪.‬‬
‫يتبادل األطراف المذكرات المكتوبة والمرافعات@ الشفوية إثناء‬ ‫‪-3‬‬
‫الجلسة والتى يحضرها جميع األطراف او ممثلوهم القانونيين ‪.‬‬
‫ينتهي التوفيق اما بالحل وفي هذه الحالة تضع اللجنة توصياتها‬ ‫‪-4‬‬
‫لألطراف بشأن االتفاق علي تسوية ودية لحل النزاع ومن االتفاق‬
‫الشفوي يتم تحرير اتفاق مكتوب بنتائج التوفيق وأسلوب تسوية‬
‫النزاع وقد ينتهي التوفيق بالفشل وفي هذه الحالة يلجا األطراف إلي‬
‫التحكيم أو الي القضاء@ بناء علي نصوص العقد الدولي ‪.‬‬

‫إجراءات التحكيم في غرفة التجارة الدولية ‪:‬‬

‫يتمتع األطراف بالحرية الكاملة في النظام الذى وضعته الغرفة بشأن نظام‬
‫التحكيم سواء من حيث اختيار المحكمين واختيار مكان التحكيم لغرفة‬
‫التجارة الدولية في اى مكان في العالم وبكل لغات العالم الرسمية ‪.‬‬

‫ثانيا مركز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي ‪:‬‬

‫وفق ما جاء في االجتماع للدورة التاسعة عشر المنعقدة في قطر تمت‬


‫الموافقة علي إنشاء أول مركزين إقليميين للتحكيم التجاري الدولي في‬
‫القارتين المعينتين واختيرت كل من كواالالمبور عاصمة ماليزيا والقاهرة‬

‫‪22‬‬
‫العاصمة المصرية مقرا للمركز االقليمى وبعد مفاوضات@ بين األمانة العامة‬
‫للجنة االستشارية األسيوية واالفريقية والحكومة المصرية علي أساس ان‬
‫يغطي نشاط مركز القاهرة الدول العربية في غرب أسيا وأفريقيا واى دول‬
‫أخرى في أفريقيا ترغب في اللجوء إليها وتم االتفاق أخيرا علي االحتفاظ‬
‫بالمركز اإلقليمي علي نحو دائم ‪.‬‬

‫وتحددت العالقة بين اللجنة القانونية االستشارية األسيوية األفريقية بوصفها‬


‫الجهة التابع لها المركز وبين الحكومة المصرية بوصفها الدولة المضيفة‬
‫في صورة خطابين متبادلين موقعين بتاريخ ‪15/11/1983‬م جاء فيهما ما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫يستمر مركز التحكيم ليضطلع بالوظائف المناطة به في البالد‬ ‫‪-1‬‬


‫والمناطق التى يتم تحديدها من حين ألخر بالتشاور بين الحكومة‬
‫المصرية وبين السكرتير العام للجنة ‪.‬‬
‫يكون المركز منظمة دولية لها تنظيمها الدولي الخاص بها ويمارس‬ ‫‪-2‬‬
‫اختصاصاته بصفة عامة تحت رعاية اللجنة من خالل سكرتيرها‬
‫العام ‪.‬‬
‫ان المركز يعمل كمؤسسة تحكيمية من اجل تقديم التسهيالت بشأن‬ ‫‪-3‬‬
‫منازعات التحكيم طبقا لقواعد المركز ‪.‬‬
‫تعد اللجنة االستشارية القانونية األسيوية واإلفريقية قائمة دولية‬ ‫‪-4‬‬
‫للمحكمين بقصد مساعدة األطراف في اختيار المحكم المناسب‬
‫بحسب حالة النزاع ‪.‬‬

‫وقد انشأ المركز معهد المركز لالستثمار والتحكيم في يوليو عام ‪1989‬م ‪.‬‬

‫ثالثا جهاز تسوية المنازعات بمنظمة التجارة الدولية ‪:‬‬

‫يعتبر نظام حسم المنازعات التابع لمنظمة التجارة العالمية نظاما غير‬
‫مسبوق وان كان نبع وتطور من المادتين ‪ 23 ،22‬من اتفاقية الجات ويحكم‬
‫هذا النظام مجموعة من القواعد يتضمنها ما اصطلح علي تسميتها مذكرة‬
‫التفاهم اى التفاهم حول قواعد وإجراءات تسوية المنازعات وذلك من خالل‬
‫جهاز تسوية المنازعات@ إلدارة القواعد واإلجراءات@ للتفاهم وأيضا لتقديم‬
‫مساعي خدمات التوفيق والمصالحة والمساعي الحميدة ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وللجهاز سلطة إنشاء فرق تحكيم للنظر في المنازعات وتبنى قراراتها‬
‫وكذلك القرارات@ التى تصدر في االستئناف ومراقبة تنفيذ القرارات@‬
‫والتوصيات والترخيص بإيقاف االمتيازات الممنوحة للدول الخاسرة‬
‫وغيرها من االلتزامات األخرى التى تنص عليها اتفاقيات@ الجات ‪.‬‬

‫االتفاق علي التحكيم الدولي في منازعات المشروعات الدولية المشتركة ‪:‬‬

‫الصور الخاصة باالتفاق علي التحكيم كوسيلة لتسوية منازعات‬


‫المشروعات الدولية المشتركة ‪:‬‬

‫أوال شرط التحكيم ‪:‬‬

‫ويقصد به ذلك الشرط الذى يرد ضمن تنظيم عالقة قانونية معينة او يرد‬
‫ضمن نصوص عقد معين وبمقتضي هذا الشرط يتفق أطراف العالقة‬
‫األصلية قبل نشوب اى نزاع ان يتم تسوية اى نزاع عن طريق التحكيم ‪.‬‬

‫مشارطة التحكيم قد يرد في صورة معاهدات تحكيم خاصة وهو ما يعرف‬


‫بمعاهدات التحكيم الدائمة قبل نشوب النزاع أيضا ‪.‬‬

‫شرط التحكيم في االتفاقات المنشئة للمشروعات المشتركة ‪:‬‬

‫أوال الطبيعة القانونية للشرط ‪:‬‬

‫شرط التحكيم هو نص وارد ضمن نصوص عقد معين بموجبه يتم اللجوء‬
‫الي التحكيم لفض ما قد يثور من منازعات مستقبالً بين أطراف هذا العقد ‪.‬‬

‫ثانيا مبدأ استقالل شرط ومشارطة التحكيم ‪:‬‬

‫أقرت محكمة النقض الفرنسية استقاللية اتفاق التحكيم او سلطان اتفاق‬


‫التحكيم بنوعيه ( شرط التحكيم ومشارطة التحكيم ) عن العقد األصلي‬
‫استقالال قانونيا تاما ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫والقضاء@ الفرنسي في تقريره لمبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي‬
‫قد تأثر بالقضاء الهولندي الذى يعتبر أول من قرر صراحة هذا المبدأ فقد‬
‫أصدرت المحكمة الهولندية حكما ً في ‪27/12/1935‬م يقضي بأن ليس هناك‬
‫ما يمنع المحكم من الفصل@ في النزاع رغم احتمال عدم صحة العقد الذي‬
‫تضمنه شرط التحكيم ثم اصدر القضاء األلماني حكما في ‪14/5/1952‬م‬
‫يقضي بأن شرط التحكيم ينفصل تماما عن العقد الذي يتضمنه ‪.‬‬

‫موقف القضاء االنجليزي ‪:‬‬

‫اقر القضاء االنجليزي صراحة استقاللية اتفاق التحكيم وذهب الي انه اذا تم‬
‫فسخ العقد او إنهائه لسبب من األسباب فان ذلك ال يؤثر علي شرط التحكيم‬
‫وإذا ما شاب العقد األصلي بطالن نسبي أو خالف حول أرادة األطراف في‬
‫تفسير العقد األصلي فذلك ال يؤثر علي شرط التحكيم بينما يأخذ شرط‬
‫التحكيم حكم العقد األصلي اذا لم يبرم العقد األصلي أصال أو لم يكن له‬
‫وجود قانوني بالفعل كما لو كان باطال بطالنا مطلقا ً ‪.‬‬

‫موقف القضاء المصري ‪:‬‬

‫حسم قانون التحكيم المصري رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬م هذه المسألة حيث قرر‬
‫هذا المبدأ وهو استقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي فنصت المادة ‪23‬‬
‫بأنه يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقال عن شروط العقد األخرى وال يترتب‬
‫علي بطالن العقد أو فسخه أو إنهائه ‪.‬‬

‫ثالثا أنواع شرط التحكيم التى يمكن تضمينه اتفاق المشروع المشترك ‪:‬‬

‫‪ -1‬شرط التحكيم من حي المجال ‪:‬‬


‫ينقسم شرط التحكيم من حيث المجال الي شرط تحكيم عام وشرط تحكيم‬
‫خاص ‪.‬‬

‫‪ -1‬شرط التحكيم العام ‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫وهو النص الذى بموجبه تلتزم األطراف المتعاقدة بإحالة اى نزاع يتعلق‬
‫باى نقطة في العقد األصلي الي التحكيم دون استثناء أو مع وجود استثناءات‬
‫محدودة ومتفق عليها صراحة ‪.‬‬

‫‪ -2‬شرط التحكيم الخاص ‪:‬‬

‫وهو النص الوارد بالعقد األصلي والذي تلتزم بموجبه األطراف بإحالة أية‬
‫خالفات@ تثور مستقبال الي التحكيم بشأن مسألة معينة أو مسائل محددة علي‬
‫سبيل الحصر ‪.‬‬

‫شرط التحكيم من حيث ترتيبه وتنظيمه للتحكيم ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ -1‬التعهد التحضيرى ‪:‬‬

‫هو ان ينص شرط التحكيم بإحالة ما قد يثور من منازعات مستقبال بشأن‬


‫العقد األصلي الي التحكيم دون تنظيم او ترتيب وهذا يعنى انه بمجرد وقوع‬
‫النزاع البد من اتفاق ثان بين األطراف لوضع اتفاق تحكيم خاص او بعبارة‬
‫أخرى ان مجرد وقوع النزاع البد من تنظيم للتحكيم متفق عليه ‪.‬‬

‫‪ -2‬التعهد المنظم ‪:‬‬

‫بمعنى ان شرط التحكيم ال ينص فقط علي مجرد اللجوء الي التحكيم عندما‬
‫يثور النزاع مستقبالً بل يتضمن شرط التحكيم أيضا نصوصا ً منظمة‬
‫للتحكيم بشأن تشكيل المحكمة وعدد المحكمين والعدد الذى يقوم كل طرف‬
‫بتعيينه وكيفية اختيار رئيس المحكمة وجنسيته المحكمين واإلجراءات‬
‫الواجب@ إتباعها في حالة عدم اتفاق األطراف علي تشكيل المحكمة ‪.‬‬

‫مشارطة التحكيم في اتفاقيات المشروعات الدولية المشتركة ‪:‬‬

‫مشارطة التحكيم هي اتفاق دولتين او أكثر هلي تسوية نزاع بينهم قد نشأ‬
‫بالفعل وذلك عن طريق التحكيم ومشارطة التحكيم تعد معاهدة دولية تخضع‬
‫في إبرامها للقواعد العامة في أبرام المعاهدات الدولية وفقا إلحكام ومبادئ‬
‫القانون الدولي العام ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫معاهدة التحكيم الدائمة في تسوية منازعات المشروعات الدولية‬
‫المشتركة ‪:‬‬

‫هي معاهدة بين دولتين أو أكثر تعالج موضوعا واحداً وهو تسوية‬
‫المنازعات بين األطراف الموقعة علي هذه المعاهدة ويطلق بعض الفقه‬
‫عليها تعبير معاهدة التحكيم االجبارى وهي تتضمن شرط تحكيم ذا تطبيق‬
‫عام بين األطرف وهو تسوية ما قد يثور من خالفات بين األطراف وال‬
‫يوجد فيها اى نص أخر غير النصوص المتعلقة بتسوية الخالفات@ ‪.‬‬

‫أركان االتفاق علي التحكيم كوسيلة لتسوية منازعات المشروعات الدولية‬


‫المشتركة ‪:‬‬

‫األهلية ‪:‬‬

‫يقصد باألهلية في مجال العالقات@ الدولية الصالحيات للقيام باألعمال‬


‫القانونية الدولية وهذه الصالحية ال تتمتع بها الوحدات القانونية الطبيعية في‬
‫المجتمع الدولي كافة علي حد سواء فهذه الصالحيات قد تتمتع بها بعض‬
‫الوحدات بصورة كاملة وبعضها يتمتع بصالحية ناقصة والبعض األخر ال‬
‫يتمتع بصالحية ‪.‬‬

‫الدول ‪:‬‬
‫أوال الدولة كاملة السيادة ‪:‬‬

‫هي الشخص القانوني الذى يتمتع بأهلية اللجوء@ الي التحكيم ألنها تتمتع‬
‫بالشخصية القانونية الدولية اى أهلية اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‬
‫وألنها تمتلك اإلرادة للقيام بالتصرفات@ القانونية في إطار العالقات@ الدولية‬
‫ويفترض لذلك وجود ثالثة عناصر وهي الشعب واإلقليم والسلطة السياسية‬

‫‪27‬‬
‫ثانيا الدول ناقصة السيادة ‪:‬‬
‫هناك بعض الوحدات القانونية الطبيعية في المجتمع الدولي التى ال تتمتع‬
‫باألهلية الكاملة او بعبارة أخرى فان هذه الوحدات تصطبغ بصبغة قانونية‬
‫خاصة او تتمتع بوضع قانوني خاص كمثال لذلك ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الدول األعضاء في االتحادات الدولية ( الدول االتحادية ) ‪:‬‬

‫الدول الفيدرالية لها نظام اتحادي تفنى فيه الشخصية الدولية للدول األعضاء‬
‫وتتمثل في شخصية دولية واحدة وهال االتحاد الفيدرالي وتنشأ شخصية‬
‫قانونية واحدة لالتحاد ومن ثم يكون للدولة االتحادية حق أبرام المعاهدات‬
‫وتبادل التمثيل الدبلوماسي واالنضمام إلي المنظمات الدولية وتحمل‬
‫المسئولية الدولية ‪.‬‬

‫الدولة الخاضعة للحماية ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫الحماية هى نظام قانوني بمقتضاه تضع دولة ( الدولة المحمية) نفسها نتيجة‬
‫اتفاق أو رغما عنها في كنف دولة أخرى تقوم بحمايتها وفي مقابل ذلك‬
‫تتنازل الدولة المحمية عن كل أو بعض مظاهر السيادة والحماية قد تكون‬
‫اختيارية ( اتفاقية) أو مفروضة ( استعمارية) ‪.‬‬

‫‪ -1‬الحماية االختيارية ( االتفاقية) ‪:‬‬

‫وهذه الحماية هي نتيجة اتفاق بين دولتين تضع بموجبه آحادهما نفسها تحت‬
‫حماية دولة أخرى اى اتفاق دولي توقعه دولة تتمتع بالشخصية الدولية‬
‫بمقتضاه تخضع نفسها لحماية دولة أخرى ‪.‬‬

‫‪ -2‬الحماية المفروضة االستعمارية ‪:‬‬

‫وهذه الحماية تتم بعمل من جانب الدولة الحامية وحدها وقد يكون هذا العمل‬
‫غزواً عسكريا ً او بعبارة أخرى ان الدول الحامية تفرض الحماية علي‬
‫الدول المحمية بالقوة وتكون الحماية في الغالب@ باحتالل عسكري ‪.‬‬

‫وعلي هذا األساس الدول الخاضعة للحماية بشكليها اختيارية ومفروضة ال‬
‫تتمتع بأهلية اللجوء الي التحكيم الدولي ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الدول التابعة ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫الدولة التابعة كانت في األصل جزءا من إقليم دولة معينة ثم اكتسبت السيادة‬
‫الداخلية وبعضا من السيادة الخارجية ومن ثم تم ربطها الدول المتبوعة‬
‫رابطة خضوع ووالء ‪.‬‬

‫الدولة الخاضعة لنظام االنتداب أو الوصاية ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫الغرض من هذه األنظمة هو المساعدة والمساهمة في إدارة ورقابة األقاليم‬


‫الموضوعة تحت االنتداب او الوصاية من اجل تقدمها السياسي‬
‫واالقتصادي والحصول علي االستقالل التام ‪.‬‬
‫والدولة الخاضعة لالنتداب او المشمولة بالوصاية ال تخضع لسيادة الدولة‬
‫المنتدبة أو التى تباشر الوصاية وال للهيئة الدولية التى أسست النظام‬
‫(عصبة األمم المتحدة) ‪.‬‬

‫وجاءت األمم المتحدة وابتدعت نظام الوصاية بهدف تحقيق األهداف التى‬
‫نصت عليها المادة (‪ )76‬من ميثاق األمم المتحدة وهي ‪:‬‬

‫‪ -1‬توطيد السلم واألمن الدولي‪.‬‬


‫‪ -2‬العمل علي تقدم سكان األقاليم المشمولة بالوصاية في مجاالت‬
‫السياسة واالجتماع واالقتصاد والتعليم وتطورهم المطرد نحو الحكم‬
‫الذاتي أو االستقالل حسبما يتفق والظروف الخاصة بكل إقليم‬
‫ورغبات شعوبه التى تعرب عنها بملء حريتها وطبقا لما ينص عليه‬
‫اتفاق الوصاية ‪.‬‬
‫‪ -3‬تشجيع احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للجميع بال تمييز‬
‫بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ‪.‬‬
‫‪ -4‬كفالة المساواة في المعاملة في الشئون االجتماعية واالقتصادية‬
‫والتجارية لجميع أعضاء األمم المتحدة ومواطنيها ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -5‬مدينة الفاتيكان ‪:‬‬

‫تكونت مدينة الفاتيكان بعد معاهدة التران الموقعة في ‪11/2/1929‬م‬


‫حيث قضت المادة الثالثة من المعاهدة بإعادة سيادة البابا عليها وبعض‬
‫من الفقه يرى ان مدينة الفاتيكان تعتبر دولة بالمعنى القانوني الدولي‬
‫بينما ينفي عنها البعض اآلخر هذه الصفة ومن المتفق عليه ان هذا الرأي‬
‫األخير يتفق والعمل الدولي وان مدينة الفاتيكان ال تملك أهلية اللجوء@ الي‬
‫التحكيم الدولي ألسباب يعبر عنها بأنها تقليدية ترجع الي المالئمة ‪.‬‬

‫الهيئات الدولية العامة ‪:‬‬

‫هي الهيئة التى تضم مجموعة من الدول واألشخاص االعتبارية العامة‬


‫من دول مختلفة علي نحو دائم سعيا وراء تحقيق أغراض ومصالح‬
‫مشتركة بينها وتتمتع هذه الهيئة باستقالل وأهلية للتعبير عن أرادة ذاتية‬
‫في المجال@ الدولي ‪.‬‬

‫الرضا ‪:‬‬

‫يعتبر الرضا الشرط الثاني لصحة مشارطات التحكيم فاألهلية ال تكفي‬


‫وحدها لكى تكون المعاهدة صحيحة بل يجب ان يكون قبول الدول نابعا‬
‫من ارادة حرة بمعنى ان يكون رضاء الدولة بالمعاهدة غير مشوب بأحد‬
‫العيوب المفسدة للرضا كالغلط او الغش او اإلكراه وللدولة التى تشكو‬
‫من احد هذه العيوب ان تعتبر هذه المعاهدة باطلة او تطالب ببطالنها‬
‫والحقيقة ان الدول التى ترغب في حل خالفاتها عن طريق التحكيم‬
‫الدولي وتبرم مشارطات التحكيم عادة ما تفوض ممثليها في أبرام هذه‬
‫المعاهدات تفويضا صحيحا وخاليا من عيوب الرضا@ ‪.‬‬

‫الموضوع ‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫ال يكفي لصحة اتفاق التحكيم ان يتم خاليا من العيوب بل يجب ان يكون‬
‫مشروعا من الناحية الموضوعية وهذا يستلزم من جهة ان يرد االتفاق‬
‫علي مسألة تقبل الفصل فيها عن طريق التحكيم وان يتم بين طرفين‬
‫يجوز لهما االلتجاء إلي التحكيم كوسيلة لتسوية منازعتهما ومن ثم يتعين‬
‫ان يكون الموضوع من الخالفات الدولية القابلة للتحكيم والخالف حسب‬
‫تعريف محكمة العدل الدولية هو عدم االتفاق حول مسألة من الواقع أو‬
‫القانون وبمعنى أخر هو تعارض في الدعاوى القانونية أو المصالح ‪.‬‬

‫ولكى يتم اللجوء الي التحكيم الدولي يجب اتفاق األطراف علي قابلية‬
‫الخالف للعرض علي هذا الطريق لتسويته ويطلق علي مسألة قابلية‬
‫الخالف للعرض علي التحكيم وهى ما يعبر عنه في الفقه الحديث‬
‫المشكلة التحكيمية ‪.‬‬

‫وفي مجال المشروعات الدولية المشتركة يجرى تضمين االتفاقيات‬


‫المنشئة لها تحديداً دقيقا ً لموضوع النزاع ومثال ذلك النص الوارد في‬
‫نموذج االتفاقيات الدولية المشتركة في مجال البترول في مصر والذي‬
‫يجرى نصه علي اآلتي ‪:‬‬

‫يحسم اى نزاع أو خالف أو مطالبة تنشأ بين المقاول والهيئة عن هذه‬


‫االتفاقية أو فيما يتعلق بها أو باإلخالل بها أو إنهائها أو إبطالها بطريق‬
‫التحكيم طبقا لقواعد تحكيم المركز اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي‬
‫بالقاهرة ( المركز) السارية في تاريخ هذه االتفاقية ويعتبر حكم‬
‫المحكمين نهائيا وملزما لألطراف ‪.‬‬

‫مقدم من ‪ /‬أيمن محمد عاطف حامد‬

‫‪31‬‬
32
33

You might also like