Professional Documents
Culture Documents
المؤسسة العسكرية في عهد محمد علي باشا
المؤسسة العسكرية في عهد محمد علي باشا
E- Mail/:Aldrwesh566@gmail.com
0
: اﻟﻣﻠﺧص
ﯾﺳﺗﻣد اﻟﻣوﺿوع اﻫﻣﯾﺗﻪ ﻣن ﻛون ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ادت
، ﺑل ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌرب اﻟﺣدﯾث واﻟﻣﻌﺎﺻر، دو ار ﻛﺑﯾ ار ﻟﯾس ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺻر وﺣدﻫﺎ
ﻟﻘد ﻧﺟﺢ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺑﻧﺎء دوﻟﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
وﻛﺎن ﺟل اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ طوال ﻋﻬدﻩ اﻟذي ﯾﻘﺗرب ﻣن. واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
ﻧﺻف ﻗرن ﻣن ﺧﻠق ﺗوازن اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﺑﯾن اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﻼدارة اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل
وﻫﻛذا ﻧﺟﺢ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﺧﻠق دوﻟﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ وﻣرﻛز ﺳﯾﺎﺳﻲ. اﻟذاﺗﻲ – اﻟﻣﺻري
ﻓﻌﺎل ﻣﺗﯾﺣﺎ ﻧﺻف اﯾرادات دوﻟﺗﻪ ﻛﺗﺧﺻﯾﺻﺎت ﻟﻠﺟﯾش واﻗﺎﻣﺔ اﻟﺗﺣﺻﯾﻧﺎت واﻧﺗﺎج
. اﻻﺳﻠﺣﺔ واﻻﺳطول اﻟﺑﺣري
Abstract :
The subject derives its importance from the fact that
Mohammed Ali Pasha historical political figure played a
significant role in the history of Egypt is not alone, but in the
history of modern and contemporary Arab, the great
Muhammad Ali has succeeded in building a state had a political,
social and economic institutions. The bulk of his interest in the
military establishment throughout his reign, which is close to
half a century of creating a strategic balance between the central
administration of the Ottoman self - Egyptian and
independence. Thus Muhammad Ali succeeded in creating a
military and political center of the state effectively allowing half
of state revenues Kt_khasisat army and the establishment of
fortifications and weapons production and maritime fleet.
1
اﻟﻣﻘدﻣﺔ
ﯾﺳﺗﻣد اﻟﻣوﺿوع أﻫﻣﯾﺗﻪ ﻣن ﻛون ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻋﺳﻛرﯾﺔ ادت دوراً ﻛﺑﯾراً
ﻟﯾس ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺻر وﺣدﻫﺎ ،ﺑل ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌرب اﻟﺣدﯾث ،ﻓﻘد ﻧﺟﺢ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء
دوﻟ ﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد وﺧططﻬﺎ ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل ورﻛز ﺟل اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻣؤﺳﺳﺔ
اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺣﺗﻰ اﺳﺗطﺎع طوال ﻋﻬدﻩ اﻟذي ﯾﻘﺗرب ﻣن ﻧﺻف ﻗرن ،ﻣن ﺧﻠق ﺗوازن إﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﺑﯾن
ﻣرﻛزﯾﺔ اﻻدارة اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ – اﻟﻣﺻري ﺑﺣﯾث ﺣﻘق وﻓق ﻣﻧظور ﺗﻛﺗﯾﻛﻲ اﺳﺗﻘرار
ﺳﯾﺎﺳﻲ اﺗﺎح ﺧﻼﻟﻪ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺑراﻣﺞ واﻟﺧطط اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻻﻗﺗﺻﺎد واﻻﺟﺗﻣﺎع ﻣﻌﺗﻣداً ﺑذﻟك
اﺳﺎﺳﺎً وﻣﺣوراً ﻋﻠﻰ ﺗطوﯾر اﻟﯾﺎﺗﻪ وﻋﻧﺎﺻرﻩ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧدﻣﺗﻪ ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻛﯾﺎﻧﻪ
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،واﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗوﺳﻊ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻲ ﻋﻠﻰ اطراف ﻋدﯾدة .
ﯾﻌد اﺳﺗﻘﻼل ﻣﺻر ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻋن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ أول اﻧﺟﺎز اﻛﺗﺳﺑﻪ واطر ﻣدﯾﺎت اﻟﻣزﯾد
ﻣن اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﺣق اﻟﻣﻛﺗﺳب ،ﺑل وﻛﺎن ﺗﻬدﯾدﻩ ﻟﻠﻌﺎﺻﻣﺔ اﺳطﻧﺑول ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ
اﺷﺎرة ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻻﺣت ﺑﺎﻻﻓق ﺑﺎﻻﻧذار واطﻼق اﻟﺿوء اﻻﺣﻣر ﻟﻠدول اﻻورﺑﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ اﺛر ﻫذا
اﻻﻧذار ﻏﯾر اﻟﻣﺗوﻗﻊ ﻓﻘد ﺳﺎرﻋت اورﺑﺎ اﻟﻰ ﻧﺟدة ) اﻟرﺟل اﻟﻣرﯾض ( .
وﻫﻛذا ﻧﺟﺢ اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ ﺧﻠق دوﻟﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ وﻣرﻛز ﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻌﺎل ﻣﺗﯾﺣﺎً ﻧﺻف اﯾرادات دوﻟﺗﻪ
ﻛﺗﺧﺻﯾﺻﺎت ﻟﻠﺟﯾش واﻗﺎﻣﺔ اﻟﺗﺣﺻﯾﻧﺎت واﻧﺗﺎج اﻻﺳﻠﺣﺔ واﻻﺳطول اﻟﺑﺣري .
ﻗﺿﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧﺎﺻر واﻻﺟﻬزة اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ راﺳﻬم اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك واﻟﻣﺷﺎﯾﺦ وزﻋﻣﺎء اﻟﻘﺑﺎﺋل ،ﺣﺗﻰ
اﺻﺑﺢ ﺑﻣﻘدورﻩ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﺑﻬﺔ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻋﺎم 1807م ﻓﺿﻼً ﻋن اﻧﺗﺻﺎراﺗﻪ اﻟﻣﺗﻼﺣﻘﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺷﺎم
واﻟﺣﺟﺎز واﻟﺣﯾرة واﻟﺧﻠﯾﺞ اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻓﺷﻌرت ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﺑﺎﻟرﻋب ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻘوة اﻟﻣﺗزاﯾدة واﻟﻣﺗﺻﺎﻋدة ،
ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﺣﺳب ﺑل ﺟﺎﺑﻬت اﻟدول اﻻورﺑﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﺳﺎرﻋت ﻟﻠﻌﻣل ﻣن اﺟل ﺗﺣﺟﯾم
ﻫذا اﻟﺟﯾش اﻟﻘوي ﻓرﺿت ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻌﺎﻫدة ﻟﻧدن 1840م اﻟﺗﻲ ﺣﺻرت ﻧﺷﺎطﻪ ﻓﻲ ﻣﺻر ..
2
ﻗﺳم اﻟﺑﺣث اﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺻول وﻛل ﻓﺻل ﯾﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺑﺎﺣث وﻣﻘدﻣﺔ وﺧﺎﺗﻣﺔ ﻧﺳﺗﻌرض ﺑﻬﺎ
اﻫم اﻻﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت ﻋن اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻲ زﻣن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﺛم ﺑﻌد ذﻟك ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﺻﺎدر
واﻟﻣراﺟﻊ .
ﻛﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ واﻟﯾﺎً ﻋﺛﻣﺎﻧﯾﺎً وﻣؤﺳﺳﺎً أول دوﻟﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر ،وﻫو ﻣﺣﻣد
ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﺑن اﺑراﻫﯾم ﺑن ﻋﻠﻲ ،وﻟد ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ) ﻗوﻟﻪ( اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﯾوﻧﺎن اﻟﯾوم ﻣن اﺻل اﻟﺑﺎﻧﻲ
ﻣﺳﺗﻌرب ﻟم ﯾﺗﻠق اي ﺗﻌﻠﯾم ﻓﻲ ﺣﯾﺎة وﻻ ﻓﻲ ﺷﺑﺎﺑﻪ ﻓﻛﺎن اﻣﯾﺎً ﻟم ﯾﺗﻌﻠم اﻟﻘراءة واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻻ ﻓﻲ
اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ واﻻرﺑﻌﯾن ،وﻗﺎد دﻓﺔ اﻟﺣﻛم ﻋﺷر ﺳﻧوات وﻫو ﻋﻠﻰ اﻣﯾﺗﻪ ،اﺗﺧذ ﻣن ﺗﺟﺎرة اﻟﺗﺑﻎ ﻣﻬﻧﺔ ﻟﻪ
ﺑﺎدئ ﻓﻛﺎﻧت ﺗدر ﻋﻠﯾﻪ ﺛروة ﻛﺑﯾرة ).(1
دﺧل ﻓﻲ اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﺗرﻛﯾﺔ وﻗﺎد اﻟﺟﻧود اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﯾن اﻟذي ﻛﺎﻧوا ﯾﺣﺎرﺑون اﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠطﺎن
ﺿد اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﻋﺎم 1799م وﻗد ﺗﺂﻣر ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن اﻻﺗراك ﻓﻲ ﻣﺻر ﻋﻠﻰ ﻧﺣو
ﻓﻌﺎل ﺣﺗﻰ ان اﻟﺳﻠطﺎن ﻋﯾﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺿض ﺣﺎﻛﻣﺎً ﻋﺎم 1805م .وﺗﻧﺎزل ﻟﻪ ﻋن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻋﻠﻰ اﻧﺣﺎء ﻣﺻر ﻛﺎﻓﺔ ﻋﺎم 1811م ).(2
ﻋﺎش ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ طﻔوﻟﺔ ﯾﺗﯾﻣﺔ ﻣﺗرﻋرﻋﺎ ﻓﻲ اﺣﺿﺎن اﺳرة ﻏرﺑﯾﺔ ،وﻋﻧد ﻣﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺛﻼﺛﯾن
ﻣن اﻟﻌﻣر اﻟﺣق ﺑﻛﺗﯾﺑﺔ اﻟﺑﺎﻧﯾﺔ ،واظﻬر ﻓﻲ اﻟﺟﯾش ﻣوﻫﺑﺔ وذﻛﺎء وﺷﺟﺎﻋﺔ وﻗدرة ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎدة ﻓﻐدا
ﻗﺎﺋداً ﻟﻠﻘوات اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ دﺧﻠت ﻓﻲ ﻋداد اﻟﺟﯾوش اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣرﺳﻠﺔ اﻟﻰ ﻣﺻر ). (3
ﻛﺎن اﺑوﻩ ) اﺑراﻫﯾم اﻏﺎ ﺑن ﻋﻠﻲ ( ﻣن ﺗرﻛﯾﺎً ﯾﻘوم ﺑوظﯾﻔﺔ رﺋﯾس اﻟﺣرس ﻓﻲ ) ﻗوﻟﺔ ( ﻓﻠﻣﺎ
ﻣﺎت ﻛﻔﻠﻪ ﻋﻣﻪ ) طوﺳون( ،ﺛم ﻟﻣﺎ ﻣﺎت طوﺳون ﺑﻌد ﻓﺗرة وﺟﯾزة ﻛﻔﻠﻪ ﺣﺎﻛم اﻟﻣدﯾﻧﻪ او
) اﻟﺷورﺑﺟﻲ ( وﻫﻛذا ﺗرﺑﻰ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣﻊ اﺑن اﻟﺷورﺑﺟﻲ ﻋﻠﻰ اﻋﻣﺎل اﻟﻔروﺳﯾﺔ ﻛرﻛوب اﻟﺧﯾل
واﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﯾف .
3
وﻣن اﻟذﯾن اﻛرﻣوا ﻣﺛوى اﻟوﻟد اﻟﯾﺗﯾم وﻋطﻔوا ﻋﻠﯾﻪ اﯾﺎم ﺻﺑوﺗﻪ ﺗﺎﺟر ﻓرﻧﺳﻲ اﺳﻣﻪ
) اﻟﻣﯾﺳو ﻟﯾون ( ﻣن ﻣرﺳﯾﻠﯾﺎ ،ﻛﺎن ﯾﺗﺎﺟر ﻓﻲ اﻟدﺧﺎن ﻓﻲ ) ﻗوﻟﺔ ( ﻣﻧذ ﺳﻧﻪ 1771م ،ﻓﻛﺎن
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻰ ﯾﺗردد ﻋﻠﯾﻪ وﯾﺗﻌﻠم ﻣﻧﻪ اﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﺟﺎرة .
وﻫﻧﺎك ﺣﻛﺎﯾﺔ ﯾذﻛرﻫﺎ اﻟﻣؤرﺧون واﻟﺗﻲ اظﻬرت ﻋﺑﻘرﯾﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻰ ﻣن اﻟدﻫﺎء واﻟﺣزم واﻟﺟراة،
ﺣﯾث ان اﻫل ﻗرﯾﺔ ) ﺑروﺳطﺔ ( اﻣﺗﻧﻌوا ﻋن دﻓﻊ اﻟﻣﺎل اﻟﻣطﻠوب ،ﻓﺎﺳﺗ ﻌﺻﻰ اﻟﺷورﺑﺟﻲ ﺣل
ﻫذﻩ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﺗﻘدم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺣل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺿﻠﺔ ﺑطرﯾﻘﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ ).(4
ﻟذﻟك وﻟﻣﺎ اظﻬرﻩ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣن اﻟﻬﻣﺔ وﺑﻌد اﻟﻧظر واﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻻﻣور ﻛﺎﻓﺄﻩ اﻟﺣﺎﻛم ﺑرﺗﺑﻪ
))ﯾوز ﺑﺎﺷﻲ(( وزوﺟﻪ ﺑﺎﺣدى ﻗرﯾﺑﺎﺗﻪ وﻛﺎﻧت ارﻣﻠﻪ ذات ﺛروة ﻓوﻟد ﻣﻧﻬم ﺧﻣﺳﺔ ﻣﻧﻬم ﺛﻼﺛﺔ ذﻛور
وﻫم :اﺑراﻫﯾم وطوﺳون واﺳﻣﺎﻋﯾل ،اﻻول ﺳﻣﺎﻩ ﺑﺎﺳ م واﻟدﻩ ،واﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺎﺳم ﻋﻣﻪ واﻟﺛﺎﻟث ﺑﺎﺳم
ﻣرﺑﯾﻪ اﻟﺷورﺑﺟﻲ .وﺑﺳﺑب اﻟﺛروة اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻟزوﺟﺗﻪ زاول ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣﻬﻧﺔ اﻟﺗﺟﺎرة ﻓﻲ اﻟﺳﻠﻌﺔ
اﻟﺗﻲ اﺷﺗﻬرت اﻟﺑﻼد ﺑﺎﻧﺗﺎﺟﻬﺎ وﻫﻲ اﻟدﺧﺎن .
وﻗد ﻗﺿﻰ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺳﻧﯾن طوﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﯾﺷﺔ ﻣﻧزﻟﯾﺔ ﻫﺎدﺋﺔ ،ﻣﺟدا ﻣﺛﺎﺑ ار ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة ،
ﻋﺎﻣﻼ ﺑﻛل اﺧﻼص وﺟﻬد وﻣﺛﺎﺑرة ﻋﻠﻰ ﺗرﺑﯾﺔ اﺑﻧﺎﺋﻪ وﺑﻧﺎﺗﻪ ،ﺣﯾث ﻟم ﯾﺧطر ﺑﺑﺎﻟﻪ ﻗط ،اﻧﻪ
ﺳﯾﺎﺗﻲ ﯾوم ﯾﻬﺟر ﻓﯾﻪ اﻟﺗﺟﺎرة واﻟوطن وﯾﻘوم ﻓﻲ ﺣﻣﻠﻪ ﺣرﺑﯾﺔ اﻟﻰ ﺑﻠد ﺑﻌﯾد).(5
ﺣﯾن ﺟﺎء ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ اﻟﻰ اﻟﻘﺎﻫرة ،وﻛﺎن ﺿﺎﺑطﺎ ﻓﻲ اﻟﻔرﻗﺔ اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ارﺳﻠﻬﺎ
اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻧﻪ 1799م ﻟﺗﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻣﻠﺔ ﺑوﻧﺎﺑرت .وﻛﺎن اﻧذاك ﺷﺎﺑﺎ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﯾن ﻣن
ﻋﻣرﻩ ،وﻟم ﺗﻛن ﻣوﻫﺑﺔ اﻟﻔذﻩ ﻗد اﻛﺗﺷﻔت ﺑﻌد .وﻗد ﻫزم ﻧﺎﺑﻠﯾون اﻻﻟﺑﺎﻧﯾن ﻣن ﻏﯾر ﻣﺷﻘﺔ ،وﻣﻊ
ذﻟك ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﺗﻠك اﻟﻬزﯾﻣﻪ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ أﺗﺎﺣت ﻟﻣﺣﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻔرﺻﺔ ،ﻓﺗﺳﻠم ﻗﯾﺎدة اﻟﻔرﻗﺔ ،ووﺟد
ﻧﻔﺳﻪ – ﺣﯾث ﺟﻼ اﻟﻔرﻧﺳﯾون ﻋن ﻣﺻر ﻋن ذﻟك ﺑﻌﺎﻣﯾن ﻋﻠﻰ رأس ﺟﯾش ﺻﻐﯾر ،وﻓﻲ
ﻣﻧﺻب ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻪ اﻟﺣﻛم واﻟﻧﻔوذ – ﻓﺎﻧﺗﻬز ﻫذﻩ اﻟﻔرﺻﺔ واﺳﺗﻐﻠﻬﺎ ﻟﻔﺎﺋدﺗﻪ ،واﺗﺑﻊ ﺑذﻛﺎﺋﻪ ودﻫﺎﺋﻪ
4
ﺟﻣﯾﻊ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ اظﻬرت ﻣواﻫﺑﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻣﻘدرﺗﻪ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ،وﻣﺎ ان واﻓت اﻟﻔرﺻﺔ ﺳﻧﺔ
1805م ﺣﺗﻰ اﺻﺑﺢ ﺻﺎﺣب اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺻر واﻋﺗرف ﻟﻪ ﺑﻠﻘب اﻟواﻟﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ).(6
وﻓﻲ ﻣﺻر ،رﺳم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ وﺧطط ﻟﻛﻲ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ راﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﯾوم ﻣن اﻻﯾﺎم ﻓﺗﺣﺎﻟف
ﻣﻊ )اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ( ) ، (7ﻣﻌﻠﻧﺎ ،ﻣﻌﻬم ﺣرﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺷوات اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﯾن وﻗد اﻧﺗﻬت اﻟﺣرب ﻓﻲ ﺷﻬر
ﻛﺎﻧون اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺎم 1804م ﺑﻬزﯾﻣﻪ اﻻﺗراك اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﯾن ،ﻓﺗﻣﻛن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻣن ﻓرض ارادﺗﻬم ﻓﻲ
ﻣﺻر ﻻول ﻣرة ﺑﻌد ﻋﺷرات اﻟﺳﻧﯾن ﻋﺎﺷوا ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت واﻻﻧﻘﺳﺎﻣﺎت واﻟﺻراﻋﺎت
اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻘد اﺳﺗﻌﺎدوا ﺳﻠطﺗﻬم وﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﻬم ﻣن ﺧﻼل ذﻟك ﻓﺎﺑﻌدوا اﻻﺗراك .وﺑدأوا ﺑﻧﻬب
اﻟﺷﻌب ﺑرﺋﺎﺳﺔ ﻋﺛﻣﺎن اﻟﺑردﯾﺳﻲ اﻟذي وﻗف ﺿد اﻻﻧﻛﻠﯾز ﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﯾﻠﻬم اﻟﻣﻣﻠوك )ﻣﺣﻣد
اﻻﻟﻔﻲ( اﻟذي أﺑﯾدت ﻛﺗﯾﺑﺗﻪ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻣﺎم اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ،وﻫرب ﺑﻧﻔﺳﻪ اﻟﻰ اﻟﺻﺣراء ) .(8ﻟﻘد اﻧﻔﺟرت
اﻟﺛورة ﺿد اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻣن ﻗﺑل اﺑﻧﺎء اﻟﺷﻌب اﻟﻣﺻري ﺑطﺑﻘﺎﺗﻬم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﺛر ﺗﺎﺛرﻫم
ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﺎﺋرة اﻟﺗﻲ اﺗﺑﻌوﻫﺎ اﻻﻗطﺎﻋﯾون اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻓﺎﻧﺗﻬز ﻣﻔﺟر اﻟﺛورة ﺗﻠك اﻻﻧﻘﺳﺎﻣﺎت اﻟﻣوﺟودة
داﺧل ﻣﻌﺳﻛر اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ راﺳﻬم ﺷﯾوخ اﻻزﻫر ﻣن اﻟرﺟﺎل اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وﺟرى اﻟﺗﺧطﯾط
ﺑﺎﻣﺗﻧﺎع اﻟﺳﻛﺎن ﻋن دﻓﻊ اﻟﺿراﺋب ﻓﻲ وﻗت واﺣد وﺑدأوا ﺑﻘﺗل اﻟﺣﯾﺎة ،ﻓدارت رﺣﻰ ﺣرب اﻟﺷوارع
ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﻪ اﻟﻘﺎﻫرة ،وﻗد ﺣوﺻر ﻗﺻر زﻋﯾم اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻋﺛﻣﺎن اﻟﺑردﯾﺳﻲ ودﻣر ﻓﻲ ﯾوم 12اذار
1804م وﻓر اﻟﺑردﯾﺳﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻣن ﺣﻠﻔﺎء اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻓﻲ اﻻﻣس اﻟﻘرﯾب ﻣن اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﯾن وﻓﻲ
ﻟﺣظﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت اﻟﺛورة ﻛﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎرﻋﺎ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎرﻫم ﻟﻛﻲ ﯾﻧﺣﺎز اﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺛورة
ﺑﻌد ادراﻛﻪ ﺗﻌﺎظم ﻧﻔوذﻫم ﻓﻲ اﻟﺷوارع اﻟﺗﻲ ﺗؤدي ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ اﻟﻰ ﻣراﻛز اﺷﻌﺎﻋﻬم ﻣن اﻟﺟﺎﻣﻊ
اﻻزﻫر) .(9ﻓوﺻل ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻟﻛﻲ ﯾﻠﻘﻲ ﻫﻧﺎك ﺧطﺎﺑﺎ ﻓﻲ اﺟﺗﻣﺎع ﻛﺎن ﯾﻌﻘدﻩ اﻟﺷﯾوخ اﻟﻛﺑﺎر ،
وﻗد وﻋدﻫم ﺑﺑذل ﺟﻬودﻩ ﻻﻟﻐﺎء اﻟﺿراﺋب ﻋن ﻛﺎﻫل اﻟﺟﻣﺎﻫﯾر اﻟﻣﺻرﯾﺔ وان ﯾﻛون ﺣﺎﻣﯾﺎ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ،ﻣوﺟﻬﺎ ﻛﺗﺎﺋﺑﻪ اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﻘوﯾ ﺔ ﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ،وﻛﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻣﺻﻣﻣﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻗوة اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻓﻲ ﻣﺻر وﻣﺣﺎرﺑﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت وﻓﻌﻼً أوﻗﻊ ﺑﻬم اﻟﻬزاﺋم ،اﻣﺎ
اﻟذﯾن ﻛﺎﻧوا ﻗرﯾﺑﯾن ﻣﻧﻬم ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫرة ﻓﺎﻧﻪ دﻋﺎﻫم اﻟﻰ وﻟﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻌﺔ وﻗﺗﻠﻬم ﺟﻣﯾﻌﺎ .
5
وﺑﻌد ان اﺗم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺗﺣطﯾم اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﺗﺟﻪ اﻟﻰ ﺑذل اﻟﺟﻬد واﻟﻧﺷﺎط ﻟﺑﻧﺎء دوﻟﺔ ﻗوﯾﺔ
وﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر (10) .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﻠم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي
ﻛﺎﻧت ﻓﯾﻪ ﺗﻌﯾش ﻋﺻر اﺷﺑﻪ ﺑﺎﻟﻌﺻور اﻟوﺳطﻰ ﻣن ﻛل اﻟﻧواﺣﻲ ،ﻟذﻟك ﺣﺎول ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ
اﻟﺧروج ﺑﻣﺻر ﻣن ﺗﻠك اﻟﻌﺻور ﺑﺎﺗﺑﺎع وﺳﺎﺋل اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻷورﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺟﺎﻻت
اﻣﺑرطورﯾﺔ ﻣﺻرﯾﺔ ﻟﺗﺣل ﻣﺣل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ
ا اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﺑﻧﺎء
اﻟﺷرق (11).ﻓﻘد ﺣﺻل اﻟﺷﻌب ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﻧﻔﺳﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﺣﺳﺎﺳﻪ ﺑذاﺗﯾﺗﻪ ﺑﻌد اﻟﺣرب ﺿد
ﻗوات ﻧﺎﺑﻠﯾون وﺗﺿﺣﯾﺎﺗﻪ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻣن اﺟل اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻔرﻧﺳﻲ .وﻛﺎﻧت ﺗﺣدد ﻣﻌﺎﻟم
ظروف اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣوﻛﻠﺔ ﻟﻪ .واوﻟﻰ ﻣﻬﺎﻣﺔ ان ﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﻌﺻﺎﺑﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻟﻔﻬﺎ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك
وﺑﺳطت ﺳﯾطرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎطق ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ اﻟﺑﻼد وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوﺟﻪ اﻟﻘﺑﻠﻲ وﻟو ﻛﺎن اﻟﺷﻌب اﻟف
ﻛﺗﺎﺋب ﻧظﺎﻣﯾﺔ وﺧﻠق ﻗﯾﺎدة ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻛﺗﺎﺋب ﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻰ ﺟﻧود اﻻرﻧﺎوؤط اﻟذﯾن
ﻗﺎدﻫم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ،وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻰ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺳﻪ اﻟذي ﯾﻣﻠﻛﻪ اﻓراد ﻣن ﻫذا
اﻟﺷﻌب وﻻ ﯾﻛون ﺟﯾﺷﺎً ﯾﻘف ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك (12) .اﻟﺛورات اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣدﺛت ﺿد ﺣﻛم
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻫﻲ ارﺑﻊ ﺛورات .
ﺷﻬدت اﻟﻘﺎﻫرة ﺛورة ﺳﻧﺔ 1822م اﻟﺗﻲ ﻧﻔﻲ ﻣن اﺟﻠﻬﺎ اﻟﺳﯾد ) ﻋﻣر ﻣﻛرم ( ) ، (13وﺛورة
ﻓﻲ ﻣﻧوف ﻓﻲ ﻣﺎﯾو ﺳﻧﺔ 1823م وﺛورة ﻓﻲ ﻣﻧﻔﻠوط ﻓﻲ ﻣﺎرس ﺳﻧﺔ ، 1838وﺛورة ﻓﻲ اﺳﯾوط ﻓﻲ
ﻓﺑراﯾر وﻣﺎرس ﺳﻧﺔ 1839م ،وﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد ان اﺧطرﻫﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎً ﻛﺎﻧت ﺛورة اﻟﻔﻼﺣﯾن اﻟﺻﺎﻣﺗﺔ ﺿد
ﺳﯾﺎﺳﺔ اﺣﺗﻛﺎر اﻷرض واﻟﺣﺎﺻﻼت وﺗﺣوﯾﻠﻬﺎ واﻫﺎﻟﯾﻬﺎاﻟﻰ رﻗﯾق ﻟﻠواﻟﻲ (14) .وﻟﻛﻧﻧﺎ ﻣﻊ ﻫذا ﻻ
ﻧﻘول اﻧﻪ ﻟو ﻟم ﯾﺷرع ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ اﻧﺷﺎء ﺟﯾش ﻣن اﺑﻧﺎء اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻟﻣﺎ اﻧﺷﺊ ﻫذا اﻟﺟﯾش ،ﻟﻛن
اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري اﻟﺧﺎﻟص ﺳﯾﻧﺷﺄ وﻟﻛن ﺑرﻏﺑﺔ اﻟﻣﺻرﯾﯾن اﻧﻔﺳﻬم ،ﻻﺑوﻗﻊ اﻟﺳﯾﺎط اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﻧزل
ﺑﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ ظﻬورﻫم ،واﻟﺳﺑب اﻟﻣﺑﺎﺷر اﻟذي ﺳﯾﺣﻣل اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻋﻠﻰ اﻧﺷﺎء اﻟﺟﯾش ﻫو
اﻧﻬم أروا ﺟﯾوش ﻓرﻧﺳﺎ واﻧﺟﻠﺗ ار ﻓﻲ ﺑﻼدﻫم ،واﺻطدﻣوا ﺑﻬﺎ اﺻطداﻣﺎً ﻣروﻋﺎً ،وﻋﺎﯾﻧوا اﺳﻠﺣﺗﻬﺎ .
6
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺣﻛم ﻣﺻر ﺑﺎﻟﺣدﯾد واﻟﻧﺎر 44ﺳﻧﺔ وﻣﺎت ﻣﺟﻧوﻧﺎً ،ﻻﻧﻪ ﻟم ﯾﺳﺗطﯾﻊ ان ﯾﻘﻬر
اﻟﻣﺻرﯾﯾن وﯾﺟﻌﻠﻬم ﻋﺑﯾداً ﻛﻣﺎ اراد .ﻟﻘد ﺗوﺗرت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻣﺻر واﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﺑﺳﺑب
ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻋن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﺗوﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎﺑﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﯾن اﺻطﻔت
اﻟدول اﻻورﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟوﻗوف اﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ اﻟﺣﯾوﯾﺔ ﻓﻲ اﻻراﺿﻲ
اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ وﻋﻘدت ﻣﻌﺎﻫدة ﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺑﯾن اﻧﻛﻠﺗ ار وﺗرﻛﯾﺎ ﻋﺎم 1838م .ﺑﺣﯾث ﺗوﺗرت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ
ﺗرﻛﯾﺎ ﻟدرﺟﺔ اﻟﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻋﺎم 1839م وﺟرت ﻣﻌرﻛﺔ ﻛﺑﯾرة ﻗرب ﻧﺻﯾﺑن وﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗدﺧل
اﻻورﺑﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻟﻧدن ﻋﺎم 1840م ،ﻟﻠﺣد ﻣن ﻧﺷﺎط ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ واﻧﻛﻔﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻣﺻر وﻛﺎن ﻣن اﻫم
ﺑﻧودﻫﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
-1ﺟﻌل ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم ﻣﻠﻛﻲ وراﺛﻲ ﻣﺣﺻور ﺑﺎﺳرة ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر .
-2ﺗﺳﻠﯾم ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺗﻲ اﺳﺗوﻟﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ .
وﺑﻬذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﺟﻌل اﻟﺷﻌب اﻟﻣﺻري ﯾدﻓﻊ اﻟﺛﻣن ﺑﺎﻫﺿﺎً ﺑﺎﻻرواح واﻻﻣوال ﻓﻲ ﺣﻣﻼت ﻣﺣﻣد
ﻋﻠﻲ وﺑﻧﺎء اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺗﺣدﯾداً ). (15
ادرك ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ،ان ﺑﻘﺎءﻩ ﻓﻲ ﻣﺻر وﻧﺟﺎﺣﻪ ﻓﻲ ﺗدﻋﯾم ﺣﻛﻣﻪ ﻓﯾﻬﺎ ﻟن ﯾﺗوﻗف ﻓﻘط ﻋﻠﻰ
رﺿﺎ اﻻﻫﺎﻟﻲ او ﻋطف اﻟﺳﻠطﺎن ،او ﺳﻛوت اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ،واﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗﻣد ﻗﺑل ﻛل ﺷﻲء ﻋﻠﻰ ﻧﺟﺎﺣﻪ
ﻓﻲ ﺑﻌث اﻟﻘوى اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺑﻼد :وذﻟك ﺑﺗﻧظﯾم اداراﺗﻬﺎ وﺗﻧﻣﯾﺔ ﻣواردﻫﺎ ،وﺗﻌﻠﯾم اﺑﻧﺎﺋﻬﺎ
وﺗﻛوﯾن ﻗوة ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻧظﺎﻣﯾﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻻرﻫﺎب ﺧﺻوﻣﻪ ،وﺗوطﯾد ﺣﻛﻣﻪ وﺻد اﻟﻐزو اﻻﺟﻧﺑﻲ واﻗرار
ﻋﻠﻰ ﻣﺻر ﺑﺎﻟدوﻟﺔ وﺑﻬذا ﯾﻛون اﺳﺗﻛﻣﺎل اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺑﻧﺎء دوﻟﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ،وﻟﻬذا ﻛﺎن اﻟﻧظﺎم
اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺣﯾث اﺻﺑﺢ اﻟﺗﻌﻠﯾم واﺟﺑﺎً ﻣن اﺳﻣﻰ اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻬض ﺑﻬﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ
ووﺟﻪ اﻟﺑﻼد ﻧﺣو اﻟﺣﺿﺎرة اﻷورﺑﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻛﺎﻧت ﻣﺻر ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ اﻻﻣم اﻟﺷرﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻧﯾت
ّ
7
ﺑﺎﻟﺗﻌﻠﯾم ،اذ ﻛﺎﻧت ﺳﺑﺎق اﻟﻰ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟدﯾﻧﻲ ﺑﺎﻧﺷﺎء اﻻزﻫر ،وﻛذﻟك اﻧﺷﺎء اﻟﻣدارس اﻟﺣدﯾﺛﺔ واﻟﺗﻲ
ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻫم اﻟﻌواﻣل ﻓﻲ ﺑﻌث اﻟروح اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﻓﻼول ﻣرة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺻر اﻟﺣدﯾث
وﻟﻲ اﻟﻣﺻرﯾون اﻟﻣﺗﻌﻠﻣون ﻛﺛﯾراً ﻣن ﺷؤون ﺑﻼدﻫم ،ﻓﺎﺻﺑﺢ ﻣﻧﻬم اﻟﺿﺑﺎط ﻓﻲ اﻟﺟﯾش واﻻﺳطول
اﻟﺑﺣري واﻻطﺑﺎء واﻟﻣﻬﻧدﺳون واﻟﻣﻌﻠﻣون ورﺟﺎل اﻻدارة (16).
وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﺻر ﺗﻣﺗﻠك اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺑﻧﺎء دوﻟﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ،ﻣن ﺗﻧوع اﻟﻣوارد ووﻓرة اﻟﺳﻛﺎن
،ﻓﺈذا اﺣﺳن اﻟﺣﺎﻛم اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﻘوﻣﺎت ﺑﺗﻧظﯾم ﻫذﻩ اﻟﻣوارد واﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺧﯾر اﻟﺑﻼد ،
وﻋﻠﯾﻪ ﻛﺎﻧت ﺳﯾﺎﺳ ﺔ اﻟﺑﺎﺷﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدﺗﯾن :
-1ان ﺗﺳﯾطر اﻟدوﻟﺔ – واﻟدوﻟﺔ اذ ذاك ﺗﺗﻣﺛل ﺗﻣﺎﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﺑﺎﺷﺎ – ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣراﻓق اﻟﺑﻼد
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،وﻫذا ﯾﺧﺎﻟف ﺗﻣﺎم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻣﺎ ﺟرى ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ اﻟﻣﻣﻠوﻛﻲ ﻣن
ﺗرك اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت اﻟﺑﻼد ﻣن زراﻋﺔ وﺻﻧﺎﻋﺔ وﺗﺟﺎرة ﻣن ﻏﯾر ﺗﻧظﯾم ﺣﻛوﻣﻲ ،ﻓﻛﺎﻧت
ﺧطﺔ اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺗدﻗﯾق ﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣراﻓق اﻟﺑﻼد .
-2ان ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة ﻣوارد اﻟﺛروة ،وﺑذﻟك ﯾزداد دﺧل اﻟﺣﻛوﻣﺔ وﺗﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ
ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻻﺻﻼح وﻣواﺟﻬﺔ اﻻﻋﺑﺎء اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ (17).
وأدت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟزراﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺣﯾث ﻓرض ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼﺣﯾن زراﻋﺔ
اﻟﺣﺎﺻﻼت اﻟﺟدﯾدة اﻟﺗﻲ ادﺧﻠﺗﻬﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ او ﺗوﺳﻌت ﻓﻲ زراﻋﺗﻬﺎ ﻛﺎﻟﻘطن وﻗﺻب اﻟﺳﻛر ،
وﻗد ﻗﺻد ﺑﻬﺎ اﻟﺑﺎﺷﺎ اﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻏراض ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ وﺗﺟﺎرﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﺎﻻﻋﻣﺎل اﻟﻬﻧدﺳﯾﺔ
ﻟﻼﻓﺎدة ﻣن ﻣﯾﺎﻩ اﻟﻔﯾﺿﺎن ،وادﺧﺎل اﻟري اﻟداﺋم ﻓﻲ ﻣﺻر ﺛورة ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟري واﻟزراﻋﺔ ﺑﻐﯾﺔ
اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ﻓﺎﻧﺷﺎ ﻟﻬذا اﻟﻐرض اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﻛﺑﯾرة وﻗﺎم ﻋﻠﻰ ﺗزوﯾدﻫﺎ
ﺑﺎﻻﻻت واﻟﻌﻣﺎل واﻟﻣواد اﻟﺧﺎم ،وﻫﻧﺎك اﻫم اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻫﻲ اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت
اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻟﻧﺳﯾﺞ (18).
وﻫﻛذا ،وﺟد ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻣﺻر ﻣﻔﺗوﺣﺔ ﻛﻠ ﻬﺎ اﻣﺎﻣﻪ دون ﻣﻧﺎزع ،وﻟﻛﻧﻪ ﻛﺎن ﯾﺧﺷﻰ
ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟذﯾن ﺳﻬل اﻣﺎﻣﻪ ﻣطﺎردﺗﻬم .واﺧﯾراً ﻧظم ﻣذﺑﺣﺔ اﻟﻘﺎﻫرة ﻓﻲ اذار 1811م ﺛم
ﻣذﺑﺣﺔ ﺳﻧﺎ ﺑﻌد ﻋﺎم ﻓﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﻬم ﻗﺿﺎءاً ﻣﺑرﻣﺎً ﻟم ﺗﻘوم ﻟﻬم ﺑﻌد ذﻟك ﻗﺎﺋﻣﺔ .
8
وﻟم ﯾﺗﺧﻠص ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻣن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻓﺣﺳب ،ﺑل اﺳﺗطﺎع ﯾوﻣﺎ ﺑﻌد اﺧر ﻣن
اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ﻧﻔوذ اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ وﻋﻠﻣﺎء اﻟدﯾن وﻧﻘﯾب اﻻﺷراف ﺑﻌد ان ﻛﺷف ﻣﺧﺎطرﻫم وﻧﻘﺎط
ﺿﻌﻔﻬم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﺳﻠطﺔ ﻣﻌﺎً ﻓﺎﺳﺗطﺎع ان ﯾﺑﻌدﻫم وﯾﻔرﻗﻬم واﺣداً ﺑﻌد اﻻﺧر(19) .
ﻛﺎﻧت ﻣﺻر ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﺗﻛﺎد ﺗﻛون ﺑﻠدا ز ارﻋﯾﺎً ﺧﺎﻟﺻﺎ .وﻛﺎن ﻣﺻدر
دﺧﻠﻬﺎ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻫو )) اﻟﻣﯾري (( او ﺿرﯾﺑﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ .وﻛﺎﻧت ﺟﺑﺎﺑﺔ ﻫذﻩ اﻟﺿراﺋب
ﯾﻌﻬد ﺑﻬﺎ اﻟﻰ طﺎﺋﻔﺔ ﻣن ﺟﺑﺎة اﻟﺿراﺋب ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬم اﺳم )) اﻟﻣﻠﺗزﻣﯾن (( ﻛﺎﻧوا ﯾﻣﻧﺣون ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل
ﺧدﻣﺎﺗﻬم اﻗطﺎﻋﯾﺎت ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻻراﺿﻲ ﻣﻌﻔﺎة ﻣن اﻟﺿراﺋب ﻣﻊ ﺣق ﺗﺳﺧﯾر اﻟﻔﻼﺣﯾن ﻓﻲ زراﻋﺗﻬﺎ
ﻟﻬم .
وﻛﺎن اﻟﺷﯾﺦ او رﺋﯾس اﻟﻘرﯾﺔ ﻣﺳؤﻻ ﻋن ﺟﺑﺎﯾ ﺔ اﻟﻣﯾري اﻟﻣﻔروض ﻋﻠﻰ اﻟﻘرﯾﺔ ﻛﻠﻬﺎ وﻗد ﺟرد
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ اﻟﻣﻠﺗزﻣﯾن ﻣن اﻗطﺎﻋﯾﺎﺗﻬم ،واﻟﻐ ﻰ ﻧظﺎم اﻻﻟﺗزام ﻓﻘد زرﻋﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﻣﻌرﻓﺗﻪ
او ﻣﻧﺣﻬﺎ ﻻﻋﺿﺎء اﺳرﺗﻪ او ﻟﻛﺑﺎر اﻟﻣوظﻔﯾن .وﻗد اﻣر ﺑﻌﻣل ﻣ ﺳﺢ ﻋﺎم ﻟﻼراﺿﻲ اﻟزراﻋ ﯾﺔ
ﺣﺻر ﺑﻪ ﻣﺳﺎﺣﺎت اﻻراﺿﻲ اﻟﺗﻲ اﻋطﻰ اﻟﻣزارﻋﯾن ﺣق اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﻬﺎ .ﺛم ادﺧل ﻧظﺎﻣﺎً ﺟدﯾدا
ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺣﺎﺻﯾل اﻟﺗﺻدﯾر اﻟﺗﻲ ﺗدر اﻛﺑر ﻗدر ﻣن اﻟرﺑﺢ ،ﯾﻘﺿﻲ ﺑﯾﻊ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﺻﯾل ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ
ﺑﺎﺳﻌﺎر ﺗﺣددﻫﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ذاﺗﻬﺎ .وﻛﺎﻧت اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﻌد ذﻟك ﺗﺑﯾﻌﻬﺎ ﺑﺛﻣن اﻋﻠﻰ ﻟﻠﺗﺟﺎر اﻷﺟﺎﻧب
ﻟﺗﺻدﯾرﻫﺎ ﻟﻠﺧﺎرج ،وﻛذا ﻟﻠﺗﺟﺎر اﻟﻣﺣﻠﯾن ﻟﺗﺳوﻗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺳوق اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ .وﻗد طﺑق ﻧظﺎم اﻻﺣﺗﻛﺎر
ﻫذا اﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺳﻠﻊ اﻟواردة .
وﻗد ﻛﺎن اﻟﻬدف اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻣن ﻧظﺎم اﻻﺣﺗﻛﺎر ﻫو ﺗزوﯾد ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻷﻣوال اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎﺟﻬﺎ
ﻟﺗﻣوﯾل ﻧﻔﻘﺎﺗﻪ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻟﺑﺣرﯾﺔ .اﻻ ان ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻟم ﯾﺣﻘق ﺷﻲء ﻣن ذﻟك ،ﺑﺳﺑب ﻛراﻫﯾﺔ
اﻟﻔﻼﺣﯾن ﻟﻧظﺎم اﻻﺣﺗﻛﺎر ﺣﯾث ان اﻟﺟﻬد اﻟﻣﺑذل ﻣن ﻗﺑﻠﻬم ﻓﻲ زراﻋﺔ اﻟﻣﺣﺎﺻﯾل ﻻ ﯾﺟﻧون ﻣن
وراﺋﻪ ﺳوى رﺑﺢ ﺿﺋﯾل ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻻﻟزاﻣﯾﺔ واﻻﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺟرد
اﻟﻘرى ﻣن اﻟرﺟﺎل اﻟﻘﺎدرﯾن (20) .وﻗد ارﻫﻘﻬم ﺑﺗﻛﺎﻟﯾف ﺣروﺑﻪ وﻣﺷروﻋﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ دون رﺣﻣﺔ .ﻟﻘد
ﻛﺎن اﻟدﺧل ﻓﻲ ﻣﺻر ﻓﻲ ﻋﺎم 1800م ﯾﻘدر ﺑﺣواﻟﻲ 75,810ﻣن اﻟﺟﻧﯾﺎت اﻟﻣﺻرﯾﺔ ،ﻓﺎرﺗﻔﻊ
9
ﻓﻲ ﻋﺎم ﻋﺎم 1847م اﻟﻰ 800ر200ر 4ﺟﻧﯾﻪ ﻣﺻري .وﻛﺎن ارﺑﻌﺔ ا ﺧﻣﺎس ﻫذا اﻟﻣﺑﻠﻎ ﺗﻛون
ﻣن اﻟﻣﯾري ،و ﺿرﯾﺑﺔ اﻟرؤوس وﻛﺎن ﻣﺎ ﯾﻘرب ﻣن ﺛﻠث ﻫذا اﻟدﺧل ﯾﺻرف ﻋﻠﻰ اﻟﺟﯾش (21) .
وﻣن ﺟرى ﻣﺟراﻫم وﻧظﺎﻣﻬم اﻟﺣرﺑﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘدﯾم اﻟذي ﻛﺎن ﻣﺗﺑﻌﺎ ﻓﻲ اﻻزﻣﻧ ﺔ اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ
ﻋﻧد اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﻠﯾﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻗﺑل اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،وﻛﺎﻧت ﻣﺻر وﻗﺗﺋذ ﻟﻼﺗراك اﺳﻣﺎ واﻟﻣﻣﺎﻟﯾك
ﻓﻌﻼ ). (27
ودوﻟﺔ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻫﻲ اﺧر دوﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟوﺳطﻰ واﺷدﻫﺎ ﻏراﺑﺔ ،وﻗد
ﻋﻘﺑت اﻟدوﻟﺔ اﻻﯾوﺑﯾﺔ اﻟﻣﻧﺳوﺑﺔ ﻟﺻﻼح اﻟدﯾن وﺗﺄﻟﻔت ﻣن أﺳرﺗﯾن اﻟﺑرﺟﯾﺔ واﻟﺟرﻛﺳﯾﺔ ) – 1382
1517م ( واﻟﺑﺣرﯾﺔ ) 1382-1250م ( ﻓﺎﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻛﺎﻧوا ﻛﻣﺎ ﯾدل اﺳﻣﻬم ارﻗﺎء ﻣن ﻣﺧﺗﻠف
اﻻﺟﻧﺎس واﻟﻌﻧﺎﺻر ﺷﻛﻠوا ﺣﻛوﻣﺎت ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد ﻫم ﻓﯾﻬﺎ ﻏرﺑﺎء ،وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻋﻧﺎﯾﺗﻬم ﺑﺎﻟﻔن
واﻟﻌﻣﺎرة ﺗﺿﺎﻫﻲ اﻫم دوﻟﺔ ﻣﺗﻣدﻧﻪ ﺑﺣﯾث ﺻﺎرت اﻟﻘﺎﻫرة ﻣن اﺟﻣل اﻟﻣدن اﻟﻌﺎﻟم اﻻﺳﻼﻣﻲ .وﻟم
ﺗﻛن اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك وراﺛﯾﺔ ﺑل ﻛﺎﻧت ﻣن ﺣق اﻻﻗوى ،وﺑدات اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ
اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟﻰ ﻧﺷوب اﻟﺣرب ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻛﺔ ﺑرج داﺑق ﺑﯾن ﺟﯾوش اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﺑﻘﯾﺎدة ﻗﺎﻧﺻوة
اﻟﻐوري ) 1516-1500م( وﺟﯾوش اﻟﺗرك ﺳﻧﻪ 1516م ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﺣﻠب اﻧﺗﺻر ﻓﯾﻬﺎ
اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾون ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻻن ﺗﺟﻬﯾزاﺗﻬم ﺑﺎﻟﻣﻌدات اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﻟﻔﯾﻔﺎ ﻣن
اﻟﺑدو واﻟﺳورﯾﯾن ﻟم ﺗﻛن ﻟﻬم ﺧﺑرة ﻓﻲ اﻟﺳﻼح اﻟﺣدﯾث ) (28ﻛﺎﻧوا اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟﻘوة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﻲ
11
اﻟﻌرش ،ﻓﻬم ﻟذﻟك ﻓرﺳﺎن وﻣﻐﺎوﯾر واﺑطﺎل ﺷﺟﻌﺎن ،ﻫم ﺟﯾش اﻟدوﻟﺔ او اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺗﻘﻧﻧوا
ﻓﻲ اﺳﺎﻟﯾب اﻟﺣرب وأﻧواع اﻷﺳﻠﺣﺔ ،وﻋﺎﺷوا ﺣﯾﺎة ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﺻر .ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺣرب
ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن واﻟﺻﻠﯾﺑﯾن ﻓﻲ ﻣﺻر ﺣﺗﻰ ﻻﯾﻘﻊ اﻻﺿطراب ﻓﻲ ﺻﻔوف اﻟﺟﻧد ،واﺳﺗﻣرت
ﻫﻲ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺧطﺔ اﻟﺣرﺑﯾﺔ واﻻﺷراف ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ وﻣراﻗﺑﻪ ﺳﯾر اﻟﻣﻌرﻛﺔ وﻣد اﻟﻘواد ﺑﺎ ارﺋﻬﺎ
وﺑذﻟك اﻧﺗﺻر اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﯾﺑﯾن ﻓﻲ ﻓﺎرﺳﻛور ﺳﻧ ﺔ 648ﻫـ وﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول ان ﻋﺻر
اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻛﺎن ﻟﻪ اﻷﺛر اﻟﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة اﻟﻣﺻرﯾﯾن ،ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ظروف ظﻬرت ﺟﻠﯾﺔ ﻓﻲ ادﺑﻬم
وﺳﻠوﻛﻬم وﻋﺎداﺗﻬم وظﻬورﻫم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎرح اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،واذ ان اﻻﻛﺛﺎر ﻣن ﺟﻠب ﻫؤﻻء اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك
وطرﯾﻘﺔ ﺗرﺑﯾﺗﻬم وﻋزﻟ ﺗﻬم ،واﻏداق اﻻﻣوال اﻟطﺎﺋﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻧﺷﺋﺗﻬم ﻧﺷﺎة ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﺗﺧدم ﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﺣﻛﺎم .وﺗﺗﻐﯾر اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻓﻼ ﻫﻲ ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﺻرﻓﺔ وﻻ ﻣدﻧﯾﺔ ﺧﺎﻟﺻﺔ ،ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧرى
ان ﻫؤﻻء اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﯾﺻدون ﻏﺎرات اﻟﺻﻠﯾﺑﯾن واﻟﻣﻐول .
واذا ﻛﺎن اﻻﯾوﺑﯾون وﻏﯾرﻫم ﻣن اﻟوﻻة واﻟﺧﻠﻔﺎء ارادوا ﻣن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ان ﯾ ﻛوﻧوا ﺣﻣﺎة
ﻋروﺷﻬم ،ﻓﺎﻻوﻟﻰ ﺑﺳﻼ طﯾن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ان ﯾﺿﺎﻋﻔوا ﻣن ﺗﻠك اﻟﻔﺋﺔ وﯾ ﻛﺛروا ﻣن ﺟﻠﺑﻬﺎ ،وﻫﻧﺎ ﻧرى
ان ﺳﻼطﯾن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﯾﻬﺗﻣون ﺑﻬؤﻻء اﻻﺟﻼب وﯾﻬﺗﻣون ﺑﺗرﺑﯾﺗﻬم ،وازاداد ﻋدد اﻟرﻗﯾق ﻓﻲ ﻋﺻر
اﻟﺳﻼطﯾن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك زﯾﺎدة ﺑﺎﻟﻐﺔ ،ورﺑﻣﺎ ﻛﺎن ﻣرﺟﻊ ذﻟك ﻋدا ﺗﻛوﯾن ﺟﯾش ﯾﻘوي دﻋﺎﺋم اﻟﻣﻠك ،
وﯾداﻓﻊ ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺑﻼد ﺿد اﻟﺧطر اﻟﺧﺎرﺟﻲ ان ﻫؤﻻء اﻟﺳﻼطﯾن اﻻﺟﺎﻧب ﻗد ارادوا ان ﯾﻛون
ﻟﻬم ﻋﺻﺑﯾﺔ ﯾﻌﺗﻣدون ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﺑﻼد ،وﺧﺎﺻﺔ ان ﻣﻌظم وظﺎﺋف اﻟدوﻟﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻛﺎن
ﯾﺣﺗﻠﻬﺎ اﻣراء اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اذﻫم اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ) (29وﻟﻣﺎ ﺗوﻟﻰ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﺣﻛم ﻣﺻر ﻛﺎن ﻧظﺎﻣﻬم
اﻟﺣرﺑﻲ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻻﻗطﺎع اﻟﺣرﺑﻲ ،ﻓﻌﻧدﻫﺎ ﯾﺑﻠﻎ اﻟﻣﻣﻠوك ﺳن اﻟرﺷد ﯾﺷرع ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻣﻪ ﻓﻧون اﻟﺣرب
اﻟﻣﻣﺛﻠﺔ اﻟرﻣﻲ ﺑﺎﻟﻧﺷﺎب واﻟﻠﻌب ﺑﺎﻟرﻣﺢ ورﻛوب اﻟﺧﯾل ،وﺑﻌد وذﻟك ﯾﻧﺗﻘل ﻫذا اﻟﻣﻣﻠوك ﻓﻲ ﺳﻠك
اﻟﺧدﻣﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﺗدرج ﻓﻲ رﺗﺑﻬﺎ ﻣن ﺟﻧدي اﻟﻰ اﻣﯾر وﯾﺗراوح اﻗطﺎع اﻟﺟﻧدي ﻣﺎ ﺑﯾن 5،7،10دﯾﻧﺎر
ﻓﻲ اﻟﺷﻬر ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗراوح اﻗطﺎع اﻟﺿﺎﺑط ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن زﻣﺎم ﻗرﯾﺔ وﻧﺻف ،وﯾﺻل اﻗطﺎع اﻻﻣﯾر
ﻣﺎﺑﯾن ﻗرﯾﺔ وﻋﺷرة ﻗرى .وﻟﻘد ادﺧل اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﺑﻌض اﻻﻧظﻣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺟﯾش ﻣﻧﻬﺎ ) دﯾوان
اﻻﻧﺷﺎء ( وﻫو اﻟذي ﯾﻣﻧﺢ اﻟﺟﻧد ورﻗﺔ ﺗﺣدد ﺣدود اﻗطﺎﻋﺔ وﯾﺳﻣﻰ ﻫذا اﻟدﯾوان ﺑﻌد ذﻟك ) ﺑدﯾوان
12
اﻻﻗطﺎع ( .واﻧﺷﻲ دﯾوان اﻟﺟﯾش ﻛﺎن ﻣﺳؤﻻ ﻋن اﻟﺗﺟﻧﯾد ،وﻫذا ﻓﺿﻼ ﻋن دﯾوان ﻣﺳﺗوﻓﻲ
اﻟﺟﯾش ،وﻫو اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺗﺣدﯾد ﻣرﺗﺑﺎت اﻟﺟﻧد .وﺗﻛون اﻟﺟﯾش ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻣن ﺛﻼﺛﺔ ﻓرق
اﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﻣﺛل اﻻوﻟﻰ طﺎﺋﻔﺔ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟﺳﻠطﺎﻧﯾﺔ اي ﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ،وﯾﻣﺛﻠون
اﻋظم اﻟﺟﻧد وﺗﺿم اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻣﺎﻟﯾك اﻻﻣراء اي اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟذﯾن اﺳﺗﺷﺎرﻫم اﻻﻣراء اﻟﻣﺣﯾطون
ﺑﺎﻟﺳﻠطﺎن ،اﻣﺎ اﻟﻔرﻗﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻓﺗﻣﺛل طﺎﺋﻔﺔ أﺟﻧﺎد اﻟﺣﻠﻘﺔ وﻫم اﻟذﯾن ﯾﻣﺛﻠون ﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟﺳﻼطﯾن
واﻻﻣراء اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن (30) .
ﺷرع ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻓو ار ﻣﻧذ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻠم ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻧﺷﺎء ﺟﯾش ﻧظﺎﻣﻲ .وﻟﻛن
ﻗﻠت اﻟﻛوادر واﻻﺳﻠﺣﺔ ﺟﻌﻠت اﻻﻣور ﺗﺳﯾر ﺑﺑطء .وﻛﺎن اﻟﻌﺳﺎﻛر اﻻﻟﺑﺎﻧﯾون ﻧواة اﻟﺟﯾش اﻟﺟدﯾد ،
وﻟم ﯾﺟﻧدوا اﻟﻣﺻرﯾون ﻓﯾﻪ وذﻟك ﺑﺗﺣﯾز اﻻﺗراك واﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻛﺎن ﻻ ﯾزال ﻗوﯾﺎ ﺟدا وﻣﻊ ذﻟك ﻓﻘد ﻗرر
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺗﺟﻧﯾد اﻟﻔﻼﺣﯾن اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﺟﯾش ﺑﻌد اﻟﺣﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟزﯾرة اﻟﻌرﺑﯾﺔ )-1811
1819م( وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺣﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣورة ) 1828 – 1824م( وﻛﺎن ﻓﯾﻬﺎ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺟﻧود
اﻻﻓرﯾﻘﯾون .
ﻗﺎم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻻوﻟﻰ ﻣن ﺣﻛﻣﻪ ﺑﺗدرﯾب اﻟﺟﯾش اﺧﺻﺎﺋﯾون ﻋﺳﻛرﯾون
اﺟﺎﻧب .وﺑﻌد ذﻟك اﺳس ﻣﻌﺳﻛ ار ﺗدرﯾﺑﯾﺎ ﻓﻲ أﺳوان ﺗﺣت اﺷراف ﻣدرﺑﯾن ﻓرﻧﺳﯾن واﯾطﺎﻟﯾﯾن ،
وﻗﺎم اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺑﻔﺗﺢ اﻟﻣدارس اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻻﻋداد اﻟﻘﯾﺎدﯾﯾن اﻟﻣﺻرﯾﯾن ،ﻛﻣدرﺳﺔ ﻣﺷﺎة ﻓﻲ دﯾﻣﯾﺎط
وﻣدرﺳﺔ اﻟﺧﯾﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺟﯾزة (31) .وﻣدرﺳﺔ اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ ﻓﻲ طرة ) ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﻘﺎﻫرة ( وﻋﺎم 1826م
أﻧﺷﺄت أﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ اﻷرﻛﺎن اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﺗرﺟﻣﺔ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﻰ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻛﺎﻧت ﻛﺎﻓﺔ
ﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﺟﯾش ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﺟﯾش ﻧﺎﺑﻠﯾون .ﺣﯾث اﻧﻬﺎ ﻣﺟﻬزة ﺑﻣدﻓﻌﯾﺔ ،وﻛﺎﻧت ﺗﺷﺗري اﻻﺳﻠﺣﺔ
ﻣن اورﺑﺎ .وﯾﺻﻧﻊ ﻗﺳم ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺻر .وﻓﻲ اﻟﺛﻼﺛﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر اﺗﺳﻊ ﺣﺟم
اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري اﻟﻧظﺎﻣﻲ ﺑﺣﯾث ﻋﺎم 1833م ﻛﺎن ﯾﺿم 36ﻓوج ﻣن اﻟﻣﺷﺎة ،وﻛل ﻓوج ﯾﺣﺗوي
ﻋﻠﻰ 3اﻻف ﺟﻧدي وارﺑﻌﺔ ﻋﺷر ﻓوج ﻣن اﻟﺣرس ﯾﺑﻠﻎ ﺗﻌددﻫﺎ 150اﻟف ﺟﻧدي و 15ﻓوج ﻣن
13
اﻟﺧﯾﺎﻟﻪ ﺗﺗﻛون ﻣن ) ( 500ﺧﯾﺎﻟﺔ ،و 5اﻓواج ﻣن اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ ﺗﻌدادﻫﺎ ) ( 1000ﺟﻧدي وﺑﻬذا
ﯾﻛون اﻟﻣﺟﻣوع اﻟﻌﺎم ) (180اﻟف ﺟﻧدي .ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ وﺣدات ﻏﯾر ﻧظﺎﻣﯾﺔ ﺗﺑﻠﻎ ارﺑﻌﯾن اﻟف
ﺷﺧص (32) .وﻓﻲ ﺑﯾﺎن ﻋن ﻣﯾزاﺗﯾﻪ اﻟﺟﯾش اﯾﺎم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ،ﻧﺷرﻩ ﻋﻣر طوﺳون اﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت
1.156.95ﺟﻧﯾﻬﺎ و ) ( 300اﻟف ﺟﻧﯾﻪ ﻟﻠﺑﺣرﯾﺔ .وﻫذا ﻣن ﻣﯾزاﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻠﻐت ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻌﺎم ) ﺳﻧﺔ 1833م ( 2.525.275ﺟﻧﯾﻬﺎ أي ان ﻣﯾزاﻧﯾﺔ اﻟﻘوات اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻗﺎرﺑت ﻧﺻف اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ
،وﻫذا ﻏﯾر ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻧﻔق ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت اﻟﺣرﺑﯾﺔ اﻟﺑﺣرﯾﺔ .واﻟﻘوات اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﻋﻬد ﻣﺣﻣد
ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ،وﻓﻲ ازﻫﻰ اوﻗﺎﺗﻪ ،زادت اﻟﻰ 125اﻟف رﺟل وﻟﻛﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﻣوزﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق واﺳﻊ
،ﺑﺣﯾث ﻟم ﯾزد ﻣﺎ ﯾﺑﻘﻰ ﻣﻧﻬﺎ ﺑﻣﺻر ،اﻣﺎ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻓﻔﻲ اﻟﺳودان اﻟﻰ اﻟﺣﺟﺎز اﻟﻰ اﻟﯾﻣن اﻟﻰ ﺳورﯾﺔ
اﻟﻰ ﻛرﯾت .وﻛﺎﻧت اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻘﯾﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻟﺣراﺳﺗﻪ ﻣﻧﺗﻘﺎة ﻣن رﺟﺎل ﻣوﺛوق
ﺑﻬم ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺧﺷﯾﺔ ان ﯾﻧﻘﺿوا ﻋﻠﯾﻪ .وﻗد ﺣدﺛت ﻣﺣﺎوﻻت ﻻﻏﺗﯾﺎل ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣن اﻓراد اﻟﺷﻌب .
وﻟﻛﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﻧﺟﺢ ،وﻫﻛذا ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ان اﻟﻔﻼح اﻟﻣﺻري ﺗﺣول اﻟﻰ )ﺧﯾر اﺟﻧﺎد اﻷرض ( ﻛﻣﺎ
وﺻﻔﻪ اﻻﻗدﻣون ،وﺗﺣول اﻟﻰ اﻣﻬر اﻟﺻﻧﺎع وذﻟك ﺑﻣﺟرد وﺟود ﺣﻛوﻣﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ ﻗﺿت ﻋﻠﻰ
ﻋﺻﺎﺑﺎت اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ،وﻓﺗﺣت اﻟطرﯾق اﻣﺎم ﻣﻬﺎرات اﻟﺷﻌب ﻟﻛﻲ ﺗؤدي دورﻫﺎ اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻓﻲ ﺑﻧﺎء
اﻟﺣﺿﺎرة ) (33ادرك اﻟﺑﺎﺷﺎ ان ﻧﺟﺎﺣﻪ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺷروﻋﺎﺗﻪ اﻟواﺳﻌﺔ وأﺧﺻﻬﺎ ﺗوطﯾد ﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ
ﻣﺻر واﻗرار ﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺑﺎب اﻟﻌﺎﻟﻲ ﯾﺗطﻠب ﻗوة ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺎﻟﯾب اﻻورﺑﯾﺔ وﻣزودة
ﺑﺄﺳﻠﺣﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ،وﻗﯾﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﻣداد ﻫذﻩ اﻟﻘوة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎج اﻟﯾﻪ ﻣن ﻋﺗﺎ د وﻟﺑﺎس وﻏذاء ،
وﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج اﻟﯾﻪ اﻓرادﻫﺎ ﻣن دوام اﻟﺗدرﯾب واﻟﺗﻌﻠﯾم واﻛﺗﻣﺎل اﻟﺻﺣﺔ .ﻟم ﯾﻛن ﻟدى اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ اواﺋل
ﺣﻛﻣﻪ – ﺳوى ﻓرﻗﺔ اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﺔ ،وﻗد ﻛﺎﻧو ﻋدﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ ﺧﺻوﻣﻪ وﻗد ﻓﺗﺣوا ﻟﻪ ﺑﻼد اﻟﻌرب
واﻟﺳودان ،وﻫم ﺟﻧدﻩ وﻋﺗرﺗﻪ ،وﻟﻛﻧﻬم اﺑوا ان ﯾﺧﺿﻌوا ﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗدرﯾب اﻟﺣدﯾث اﻟذي اراد
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ان ﯾﺎﺧذﻫم ﺑﻪ .ﻓﺛﺎروا ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫرة واﻋﺗﺻﻣوا ﻓﻲ اﺣدى ﺣروب ﺑﻼد اﻟﻌرب ﻓﻲ
ﺳﻧﻪ 1817م .وﻟم ﯾﻛن اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻣطﻣﺋﻧﺎ اﻟﻰ اﺧﻼﺻﻬم ﻟﻪ واﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟزﻣن ﻓﻲ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن
ﻧﻔوذﻫم .وﻓﻲ ﺧﻼل ذﻟك ﺑدأ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﺳﺎس ﺟدﯾد :ﺑدا ﺑﺗﻛوﯾن اﻟﺿﺑﺎط ﻷﻧﻬم
ﻋﺻب اﻟﺟﯾش ،واﻋد ﻟﻬذا اﻟﻐرض ﻣﻣﺎﻟﻛﯾﻪ وﻣﻣﺎﻟﯾك ذوي ﻗرﺑﺎﻩ وﻛﺑﺎر ﻗوادﻩ اﻣﺎ اﻟﺟﻧد ﻓﯾﻘدﻣون
14
ﻣن ﺑﻼد اﻟﺳودان ،اﻣﺎ اﻟﻣﺻرﯾون ﻓﻠﯾﺗرﻛﻬم ﯾﻔﻠﺣون اﻷرض وﯾﻘدﻣون ﻟﻪ ﻣن ﺧﯾراﺗﻬﺎ (34) .
وﻧﺷط اﻟﻛوﻟوﻧﯾل) ﺳﯾف ( – ﺳﻠﯾﻣﺎن ﺑﺎﺷﺎ اﻟﻔرﻧﺳﺎوي – ﻓﻲ اﻋداد اﻟﺿﺑﺎط ﻓﻲ اﺳوان ،وﻣﻠﺋت
ﻣﻌﺳﻛرات اﻟﺗدرﯾب ﺑﺷﺑﺎب اﻟﺳودان ،وﻟﻛن اﻟﻌﻧﺻر اﻻﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﻣﺻرﯾﯾن،
وﻧﺟﺣت اﻟﺗﺟرﺑﺔ وﺗﺿﺧم اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ،واﺛﺑت اﻟﻣﺻرﯾون اﻧﻬم ﯾﻣﻠﻛون اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻼزﻣﺔ
ﻟﺗﻛوﯾن اﻟﺟﯾوش اﻟﺣدﯾﺛﺔ .وﻛﺎﻧت اﻟﺣرب ﻓﻲ ﻣورة اول ﺣرب اﺷﺗرك ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﻓﻲ
ﻋﻬد ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ،ﺛم ﺗﻠﺗﻬﺎ وﻗﺎﺋﻊ اﻟﺷﺎم اﻟﻌظﯾﻣﺔ ،وﻗد ارﺳﻠت ﻣﻧﻪ ﺣﺎﻣﯾﺎت اﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﻌرب
واﻟﺳودان وﻛرﯾت.
اﺳﺗﻘدم اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﻌﺛﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ اﻟﺟﻧرال ) ﺑواﺑﯾﻪ( ﻟﺗدرﯾب اﻟﺟﯾش
واﻧﺷﺎء اﻟﻣدارس اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻟﺗﺧرﯾﺞ اﻟﺿﺑﺎط ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻻﺳﻠﺣﺔ.
ﻻﺷك ﻓﻲ ان اﻟﻣﺟﻬود اﻟﺿﺧم اﻟذي ﺑذﻟﻪ اﻟﻣﺻرﯾون ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺷروﻋﺎت اﻟﺑﺎﺷﺎ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻛﺎن
ﻣرﻫﻘﺎ ،ﺣﯾث اﻻراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ ﯾﻌوزﻫﺎ اﻻﺻﻼح واﻟﺗﻌﻣﯾر ،واﻟﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﺣﺗﺎج اﻟﻰ اﻟﻌﻣﺎل
،وﻧظﺎم اﻟﺗﺟﻧﯾد اﻻﺟﺑﺎري ،ﻛل ﻫذﻩ اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت ﻻﺗﻌﺎدل اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻻﯾﺟﺎﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﺗﺟﻬﺎ ﺗﻛوﯾن اﻟﺟﯾش
اﻟﻣﺻري اﻟذي ادى ﺗﻐﯾﯾر اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺧطﯾر ،اذ ﻏرس ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظﺎم وﺣب
اﻟوطن واﻟدﻓﺎع ﻋﻧﻪ ،واﻛﺳﺑت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻔﻼﺣﯾن ﻋﺎدات ﺣﺳﻧﺔ ،ﻛﺎﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺑﻧظﺎﻓﺔ اﻟﺑدن
واﻟﻠﺑﺎس واﻟﻣﺳﻛن واﻟﻣﺄﻛل).(35
رأى ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣﻧذ ﻛﺎن ﯾﻘﺎﺗل اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﻓﻲ ) اﻟرﺣﻣﺎﻧﯾﺔ( ﻓﺿل اﻟﻧظم اﻟﺣرﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ
وﻋرف ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ ﻋﻧد ﻣﺳﺎﻋدة ) دورﻓﻲ( ﻟﻪ أﺛﻧﺎء ﺣﻣﻠﺔ ) ﻓرﯾزر( ﻋﻠﻰ ﻣﺻر ﺳﻧﺔ 1807م ﻓﺻﻣم
اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻋﻠﻰ ان ﯾﺳﻌﻰ ادﺧﺎل اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد ،واول ﺷﻲء ﻋﻣﻠﻪ اﻗﻧﺎع ﻗواد ﺟﻧودﻩ ﺑﺎﻓﺿﻠﯾﺔ اﻟطرق
اﻷورﺑﯾﺔ ،وﻟﻛن ﻟم ﯾﺄت ذﻟك ﺛﻣرة ﻓﺑدأ ﺑﻣﺷروﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﯾر رﻏﺑﺔ اﻟﺟﻧد وﺑدأ ﺑﺗﻣرﯾن اﺣدى اﻟﻔرق
وﻛﺎن ﻋﻠﻰ أرﺳﻬﺎ وﻟدﻩ اﺳﻣﺎﻋﯾل .ﻓﺗﺣزب اﻟﺟﻧد واﻟﻘواد واﺗﻔﻘوا ﻋﻠﻰ اﻟﻐدر ﺑﺎﻟﺑﺎﺷﺎ ،اﻧﻘﺿوا ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﻠد واﻧﺗﺷروا ﻟﻠﺳﻠب واﻟﻧﻬب ،ﻛﻌﺎدﺗﻬم ،وﺳﻠك اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻣﺳﻠﻛﺎً ﺟدﯾداً ﯾﻧطوي ﻋﻠﻰ اﻟﻌدل واﻟﺣﻛﻣﺔ،
وذﻟك وﻓﻲ ﺻﺑﯾﺣﺔ اﻟﯾوم اﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﻠﻧﻬب دﻋﺎ اﻟﺳﯾد ﻣﺣﻣد اﻟﻣﺣروﻗﻲ رﺋﯾس ﺗﺟﺎر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ واﻣرﻩ
15
ﺑﺎﻋداد ﻗواﺋم ﺑﺎﺳﻣﺎء اﻟﺗﺟﺎر وﺗﻘدﯾر ﺧﺳﺎﺋرﻫم ،ﻓطﻣﺄن اﻟﻧﺎس واﺳﺗﺑﺷروا ﺑﻬذا اﻟﻌﺻر اﻟﺟدﯾد .واﻣﺎ
ﻣﻌﺎرض اﻟﺟﻧود اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﯾن ﻓﺎرﺳﻠﻬم اﻟﻰ ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺣرب ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻌرب وﻓﻲ ﺳﻧﺎر ،وﺑذﻟك ﺗﺧﻠص
ﻣن ﺟزء ﻋظﯾم ﻣﻧﻬم ،وﻟو ﻛﺎن اﻟﺑﺎﺷﺎ اﺗﻛل ﻋﻠﻰ اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﯾن ﻟﺣرﻣﻪ اﻟﺳﻠطﺎن ﺗﺟﻧﯾدﻩ ﺟﻧودﻩ ﻣن
ﺑﻼدﻫم ﻛﻣﺎ ﺣرم اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﺷراء اﻟرﻗﯾق ﻣن ) ﺟورﺟﯾﺎ( واورﺑﺎ ﻓﻛﺎن ﻣن ﺣﺳن طﺎﻟﻊ اﻟﺑﺎﺷﺎ ان
اﻻﻟﺑﺎﻧﯾﯾن ﻗﺎوﻣوا اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد وﻟم ﯾﻘﺑﻠوﻩ ﻻﻧﻬم ﻟو ﻗﺑﻠوﻩ ﻟﻛوﻧوا ﻧواة اﻟﺟﯾش اﻟﺟدﯾد ﻟﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ
وﻟﻘﻠﻠوا آﻣﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﻧﺟﺎح).(36
وﻟﻣﺎ ﻋﺎد اﺑراﻫﯾم ﻣن ﺣرب اﻟوﻫﺎﺑﯾﯾن ﻣﻧﺗﺻ ار ﻓﻛر ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻧﺷﺎء اﻟﻧظﺎم
اﻟﻌﺳﻛري اﻟﺟدﯾد وﺻﺎدف ﻋزﻣﻪ ﻫذا ﺣﺿور ) اﻟﻛوﻟﻧﯾل ﺳﯾف ( اﻟﻰ اﻟﻘﺎﻫرة ﻓﻌﻬد اﻟﯾﻪ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ
ﻓﻲ ﻣﻬﻣﺔ ﺗﻛوﯾن اﻟﺟﯾش اﻟﺟدﯾد وﻛﺎن ) ﺳﯾف( ﺗرﻗﻰ ﻣن ﺟﻧدي ﺻﻐﯾر ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺟﯾش اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻣدة اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻻوﻟﻰ اﻟﻰ ان اﺻﺑﺢ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1815م ) ﯾﺎوراً( او أﻣﯾﻧﺎ ﻟﻠﻣﺷﯾر) ﻧﺎي( وﻟﻣﺎ
اﻧﻬزم ﻧﺎﺑﻠﯾون ﻓﻲ واﺗرﻟو اﺷﺗﻐل ﺳﯾف ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة ﺛم ﻗدم اﻟﻰ اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺑﺧطﺎب ﺗوﺻﯾﺔ ﻓﺎﺧﺗﺑرﻩ اﻟﺑﺎﺷﺎ
ﻓوﺟد ﻣﻧﻪ اﺧﻠص واﻛﻔﺎ ﺧﺎدم ﻟﻪ ﻓﻲ ﺟﯾﺷﻪ اﻟﺟدﯾد وﻗﺎم ﺑﺗدرﯾب ﺑﻌض اوﻻد اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟذﯾن ﻛﺎﻧوا
ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ وﻣﻌﻬم اﺑ راﻫﯾم ﻟﯾﻛون ﻣﺛ ﻼً ﺣﺳﻧﺎ ﻟﻠطﺎﻋﺔ واﻻﺳﺗﻔﺎدة.
ﺑدأت ﺗظﻬر ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺗذﻣر وأ ﺧذ اﻟﻌﻠﻣﺎء ﯾ ﻐرون اﻟﺷﺑﺎن ﺑﻌدم اﻻﻧﺻﯾﺎع ﻟﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟﻔرﻧﺟﺔ،
ﻓرأى اﻟﺑﺎﺷﺎ ان ﺧﯾر طرﯾﻘﺔ ﻟﺗﻼﻗﻲ اﻟﻔﺗﻧﺔ وﺗﻧﻔﯾذا ﻻﻏراﺿﻪ ﻫو ان ﯾرﺳل ) ﺳﯾف( وﻣﻌﻪ أرﺑﻌﻣﺎﺋﺔ
او اﻛﺛر ﻣن اوﻻد اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟﻰ اﺳوان ﻓﯾدرﺑﻬم ﻫﻧﺎك ﺑﻌﯾدﯾن ﻋن اﻟدﺳﺎﺋس واﻟﻘﺎل واﻟﻘﯾل وﻛﺎن
ﻫؤﻻء اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻣن اﻟﺷﺑﺎن اﻟﻧﺎﺑﻬﯾن اﺧﺗﺎرﻫم اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻟﯾﻛوﻧوا ﺑﻌد ان ﯾﺗﺧرﺟوا ﻧواة اﻟﺟﯾش اﻟﺟدﯾد،
ﻓﺎﺷﺗﻐل ﺳﯾف ﺑﺗﻌﻠﯾﻣﻬم ﺛﻼث ﺳﻧوات ﺑﺎﺛ ﺎً ﻓﻲ ﻧﻔوﺳﻬم روح اﻻﺧﻼق اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻔﺔ ﺿﺎرﺑﺎً ﻟﻬم
اﻻﻣﺛﺎل داﺋﻣﺎً ﺑﺳﯾرة ﻧﺎﺑﻠﯾون وﺳﯾر ﻗوادﻩ) .(37واﻧﻣﺎ ﺗﺄﺧرت اﻋﻣﺎل اﻟري واﻟﻘﻧﺎطر واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻫم
ﻣن ﻏﯾرﻫﺎ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻼﻫﺎﻟﻲ وﻟﺗﻛﺛﯾر اﯾراد اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ﻻن ﻏﯾرﻫﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت
اﻫم ﻣﻧﻬﺎ وﻫو اﯾﺟﺎد اﻟﻌﺳﺎﻛر وﺗﻛﺛﯾرﻫم واﻻﺣﺗﯾﺎج اﻟﯾﻬم ﻟﺗﺻﻣﯾم ﻣﻠﻛﻪ واﻻﻣن ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﻪ وﺣﻣﺎﯾﺔ
اﻟوطن ،ﻓﻛﺎﻧت ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻋرﺿ ﺔ وﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺑﻬﺎ ﺗﺻﻣﯾم ﻛرﺳﻲ اﻟ دﯾﺎر اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟم ﯾﻠﺗﻔت ﻟرواج اﻟزراﻋﺔ اﻟﺑﻠدﯾﺔ اﻻ اﻟﺗﻔﺎﺗﺎ ﺛﺎﻧوﯾﺎً ،وﻟم ﯾﺻرف
16
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اواﺋل ﺣﻛﻣﻪ اﻻ ﻣﻘﺎدﯾر ﻏﯾر ﺟﺳﯾﻣﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺎ ﺻرﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺎﺳﯾس اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ وﻣﻊ ﻗﻠﺔ
اﻻﯾرادات اذ ذاك ﻓﻛﺎن ﯾﺣﺳن ﺗدﺑرﻩ وﯾﻘﻧن اﯾرادﻩ ﻋﻠﻰ ﻗدر ﻣﺻرﻓﻪ ﻓﻠﻬذا ﻟم ﺗﻛن ﺗﺣﺳﯾﻧﺎت اﻟﺗرع
واﻟﺟﺳور ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ﺣﻛﻣﻪ ﻣﺗﺳﻌﺔ ﺑل ﻛﺎن ﯾﻘﺗﺻر ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺿروري ﻣﻧﻬﺎ).(38
راى اﻟﺑﺎﺷﺎ ان ﯾدرﺑﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﻔرﻧﺳﺎوي اﻟذي اﺗﺑﻌﻪ ﻧﺎﺑﻠﯾون ﺑوﻧﺎﺑرت ﻓﻲ ﻏزواﺗﻪ واﺧذﺗﻪ
ﻋﻧﻪ دول اورﺑﺎ .ﻓﺣﺎول ذﻟك ﻣ ارراً ﻓﻌظم ﻋﻠﻰ رﺟﺎﻟﻪ وﻻﺳﯾﻣﺎ اﻻﻧﺎؤوط وﻋﺻوا أواﻣرﻩ ﻓﯾﻪ ﻷﻧﻬم
اﻋﺗﺑروا ذﻟك ﺑ دﻋﺔ وﻛل ﺑدﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ وﻛل ﺿﻼﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺎر .وﻟﻣﺎ اﻟ ﱠﺢ ﻋﻠﯾﻬم ﺛﺎروا وﺗﺟﻣﻬروا اﻟﻰ
اﻟﻘﻠﻌﺔ ﯾطﻠﺑون اﻟرﻓق ﺑﻬم ﻓ أرى ﻣن اﻟدراﯾﺔ واﻟﺣزم ان ﯾﻌﺎﻣﻠﻬم ﺑﺎﻟﺣﺳﻧﻰ ﻓﺎﺟﺎﺑﻬم اﻟﻰ ﻣﺎ أرادوا واﺧذ
ﯾدﺧل ذﻟك اﻟﻧظﺎم روﯾداً روﯾدا ﺑﺎﻟﺣﯾﻠﺔ ﻓ ﺎﻧﺗﺧب ﻓﺗﯾﺎﻧﺎً ﻛﺎن ﻗد ﻗﺑض ﻋﻠﯾﻬم ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺑﺿﻪ ﻣن
أﻣوال اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟذﯾن ذﺑﺣﻬم وﻛﺎن ﻗد ﺟﻌل اوﻟﺋك اﻟﻔﺗﯾﺎن ﻣن ﺣراﺳﺔ واﺳﺗﺑﻘﻰ ﺻﻐﺎرﻫم ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻌﺔ
ﯾﺗرﺑون ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺎري اﻟﻌﺎدة ﻣن ﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻐﻠﻣﺎن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻌﻬد اﺳﺗﻌدادا ﻟﻠﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ
او ﻏﯾرﻫﺎ ﻓﻛﺎﻧوا ﯾﺣﻔظوﻧﻬم اﻟﻘرآن وﯾﻌﻠﻣوﻧﻬم اﻟﺧط واﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗرﻛﯾﺔ واﻟرﯾﺎﺿﺔ اﻟﺑدﻧﯾﺔ ﻓﻠﻣﺎ ﻋزم ﻋﻠﻰ
ﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻧد اﻧﺗﺧب اﻛﺑر اوﻟﺋك اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك وارﺳﻠﻬم اﻟﻰ اﻟﺻﻌﯾد ﯾﺗ ﻌﻠﻣون اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺳﻛري اﻟﺣدﯾث
ﻋﻠﻰ اﺳﺎﺗذة اﻻﻓرﻧﺞ ،ﺛم ارﺳل ﻏﻠﻣﺎﻧ ﺎً اﻟﻰ اﻧﻛﻠﺗ ار ﻟدرس اﻟﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﯾﺎت وﺳﻠك اﻻﺑﺣر وﻧواﻣﯾس
اﻟﺳﺎﺋﻼت ،ﺛم أﺣس ﺑﺣﺎﺟﺗﻪ اﻟﻰ ﻣدرﺳﺔ طﺑﯾﺔ ﺗﺧرج اﻻطﺑﺎء ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﺟﻧود (39) .وﻓﻲ اول
اﻻﻣر ،ﻛﺎﻧت ﻧواة اﻟﺟﯾش ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺳواﻋد اﻗرﺑﺎء ﻟﻧﺎﺋب اﻟﻣﻠك ،واﺑﻧﺎء ﻣوظﻔﯾﻪ ﺑﻣﺎ ﻻﯾزﯾد 300او
400ﺷﺧص ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻣوع ،وﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ ،ﺑﺗﺄﺛﯾر )ﺳﯾف( وﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ﺷﺟﺎﻋﺔ واﻧدﻓﺎع ﺳﯾزداد ﻫذا
اﻟﻌدد .وﻣﻧذ ﻋﺎم 1823م ﻛﺎن ﻓﻲ وﺳﻊ ﻧﺎﺋب اﻟﻣﻠك ان ﯾﺟﻌل ﻗﻧﺎﺻل ﻓرﻧﺳﺎ واﻧﺟﻠﺗ ار دروﻓﺗﻲ
وﺳﺎﻟت اﻟذﯾن ﺻﺣﺑوﻩ اﻟﻰ ﻣﺻر اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﯾﻌﺣﺑون ﺑﺎﻟﻣﻧﺎورات اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺛﻼﺛون اﻟف رﺟل ﺗﻌﻠﻣوا
اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد ،ﺑﺎﻻﺿﺎﻗﺔ اﻟﻰ اﺗﺧﺎذ ﻗرار ﯾﺟﻌل اﻟﺗﺟﻧﯾد ﯾﻣﺗد اﻟﻰ اﻫل اﻟﺑﻠد اﻧﻔﺳﻬم ،ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺻرﯾﯾن ،وذﻟك اﻧﻪ ﯾﺧﺗﺎر اﻧﺷﺎء ﺟﯾش وطﻧﻲ ،وﻫذﻩ اﻟﻣرة اﻻوﻟﻰ ،ﻋﻠﻰ اﻻﻗل ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ اﻟزﻣﺎن
اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺻل ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣواطن اﻟﻣﺻري ﻋﻠﻰ ﺣق ا ﻣﺗﺷﺎق اﻟﺳﻼح وﺣﺗﻰ ﻫذا اﻟﺣﯾن ،ﻛﺎن اﻟﺟﯾش
اﻟﻔﺎﻋل ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﻏرﯾﺑﺎ ﻋن اﻫﻠﻬﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎ .ﻛذﻟك ﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻣﻌوﻧﺔ وﻣﺳﺎﻋد ة ﻣن ﺣﻛوﻣﺔ ﻟوﯾس
اﻟﺛﺎﻟث ﻋﺷر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﺳﻠﺣﺔ واﻻﻋﺗدة ،وﯾﺑﻘﻰ اﻻﻣر اﻟﻬﺎم ﻫو ان اﻟﻧﻣوذج اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻻﻧﺷﺎء
17
ﻫذا اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﻫو اﻟﻧﻣوذج اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻧﻔﺳﻪ وﻛذﻟك اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﻌد ان
ﺗﻣت ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﺑﻔﺿل ﻫذا اﻟﻧظﺎم وﻓﻲ ﻋﺎم 1833م ﯾﻘدر ﻟدﯾﻪ ﺣواﻟﻲ ) (98000ﺟﻧدي
اﻟﻣﺷﺎة (40) . ﻣن
اﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ﻋﺎم 1829م ﻓﺎن )ﻛﺎد اﻟﻔﯾن( و)ﺑروﺧﯾري( ﯾﺣﺻﯾﺎن اﻷﻋداد ﺑﺻورة
اﻗرب اﻟﻰ اﻟﯾﻘﯾن وﻓﯾﻬﺎ :
= 101000 اﻟﻣﺟﻣوع
ﺑﯾد ان اﻟﻌبء اﻟﻌﺳﻛري اﻟﻣﻔروض ﻣن ﻗﺑل ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺑﻪ ،ﺑدا ﯾﺻﺑﺢ ﻣرﻫﻘﺎ
ﺟدا ،اﻣﺎ دﻋوة اﻟﻣﺟﻧدﯾن ﻓﺳوف ﺗﻌﺎش ﻣن ﻗﺑل اﻟﻔﻼﺣﯾن (41) .
18
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث :ﺑﻧﺎء اﻟﻣدارس واﻟﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﺣرﺑﯾﺔ :
ﻟﻣﺎ اﺗﺳﻌت داﺋرة اﻟﺗﺟﻧﯾد اﺳﺗدﻋﻰ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ طﺎﺋﻔﺔ ﻣن ﻛﺑﺎر اﻟﺿﺑﺎط ﻟﯾﻌﺎوﻧوﻩ
ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ،ﻓﺗﻛوﻧت طواﺋف اﻟﺿﺑﺎط اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن اﻻورﺑﯾن ،
وارﺳل طﺎﺋﻔﺔ ﻣن اﻟﺷﺑﺎن اﻟﻰ أورﺑﺎ ﻹﺗﻣﺎم دروﺳﻬم اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻫﻧﺎك ،ﻓﻌﺎدوا اﻟﻰ ﻣﺻر ﺑﻌد ان
ﺣذﻗوا اﻟﻌﻠوم واﻟﻔﻧون اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ،وﺣﻠوا ﻓﻲ اﻟﻣدارس اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻣﺣل اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن اﻻﺟﺎﻧب .
-1ﻣدرﺳﺔ اﺳوان
ان ﻣدرﺳﺔ ) اﺳوان ( ﻫﻲ اول ﻣدرﺳﺔ ﺣرﺑﯾﺔ اﺳﺳﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﻧظﺎم اﻟﺣدﯾث ،وﻗد اﺳﺳت ﻣدرﺳﺔ ﺣرﺑﯾﺔ اﺧرى ﻓﻲ ﻓرﺷوط ،وﻣﺛﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺧﻠﯾﺔ وأﺧرى
ﻓﻲ اﯾﺎر ) ﺟرﺟﺎ (
-2ﻣدرﺳﺔ ﻗﺻر اﻟﻌﯾن
اﻧﺷﺄت ﺳﻧﻪ 1825م ﻣدرﺳﻪ اﻋدادﯾﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﺣرﺑﻲ ﺑﻘﺻر اﻟﻌﯾن ،ﻛﺎﻧت ﺗﻌرف
ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﻬزﯾﺔ اﻟﺣرﺑﯾﺔ ،وﻋدد طﻠﺑﺗﻬﺎ ﻧﺣو ) ( 50ﺗﻠﻣﯾذ ﯾﻌدون ﻟدﺧول اﻟﻣدارس
اﻟﺣرﺑﯾﺔ واﻟﻣ درﺳﺔ اﻟﺑﺣرﯾﺔ ﺛم ﻟﻠﻣدارس اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻷﺧرى وﻧﻘﻠت اﻟﻰ اﺑﻲ زﻋﺑل ﺑﻌد ان
ﺧﺻص ﻗﺻر اﻟﻌﯾﻧﻲ ﻟﻣدرﺳﺔ اﻟطب وﻗد زارﻫﺎ اﻟﻣﺎرﺷﺎل ﻣﺎرﻣون ﺳﻧﻪ ) 1834م ( ﻓﺎﻟﻔ ﻰ
ﺑﻬﺎ ﻣن اﻟﺗﻼﻣﯾذ ) ( 1200ﺗﻠﻣﯾذ وﯾﻘول اﻟﻣﺳﯾو ﺗﺟﺎن ان ﺑﻬذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻛﺎﻧت
ﺗﺣﺗوي ) ( 1837اﻟﻰ ) ( 1500ﻣﺟﻠد (42) .
-3ﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺷﺎة ﺑﺎﻟﺧﺎﻧﻛﺔ ﺛم ﺑدﻣﯾﺎط ﺛم ﺑﺎﺑﻲ زﻋﺑل
وﺟﻪ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻋﻧﺎﯾﺗﻪ ﻟﺗﻧظﯾم ﻓرق اﻟﻣﺷﺎة ) اﻟﺑﯾﺎدة ( ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ،
واﻧﺷﺎ ﻟﺗﺧرﯾﺞ ﺿﺑﺎط ﻫذﻩ اﻟﻔرق ﻣدرﺳﺔ ﺣرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ) اﻟﺧﺎﻧﻛﺔ ( ﻋﻠﻰ اﺣدث ﻧظﺎم ﺑﻠﻎ
ﺗﻼﻣﯾذﻫﺎ ) ( 400ﺗﻠﻣﯾذ ﻓﻘﺳﻣوا اﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺑﻠوﻛﺎت ،ﯾﺗﻌﻠﻣون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗﻣرﯾﻧﺎت واﻻدارة
اﻟﺣرﺑﯾﺔ .واﻟﻠﻐﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﺗرﻛﯾﺔ واﻟﻔﺎرﺳﯾﺔ ﺛم ﻧﻘﻠت اﻟﻣدرﺳﻪ اﻟﻰ دﻣﯾﺎط ﺳﻧﻪ ) 1834م (
19
وﻛﺎن ﻧﺎظرﻫﺎ ﺿﺎﺑطﺎً ﻣن ﻣﻘﺎطﻌﺔ اﻟﺑﯾﻣوﻧت ﺑﺈﯾطﺎﻟﯾﺎ واﺳﻣﻪ اﻟﻣﯾﺳﯾو ﺑوﻟوﺗﯾن ﻛﺎن ﻣن
ﺿﺑﺎط اﻻﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟ ﻧﺎﺑ ﻠﯾوﻧﯾﺔ ﻓﺎﺳﺗﺧدﻣﻪ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ورﻗﺎﻩ اﻟﻰ رﺗﺑﺔ ﻗﺎﺋﻣﻘﺎم .ﺛم ﻧﻘﻠت
اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻰ اﺑﻲ زﻋﺑل ) 1841م (
-4ﻣدرﺳﺔ اﻟﻔرﺳﺎن ﺑﺎﻟﺟﯾزة
ذﻛر ﻛﻠوت ﺑك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ ان ﺗﺷﻛﯾل ﻓرق اﻟﻔرﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﻟم ﯾﺑدأ
ﺑﺣﺳب اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد ﺑﻌد ﻋودة اﻟﺟﯾش ﻣن ﺣرب اﻟﻣورة ،وذﻟك ان اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ ﻗد ﺷﺎﻫد
ﻓﻲ ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﺣرب ﺣﺳن ﻧظﺎم اﻟﺧﯾﺎﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳ ﯾﯾن ﻓﺄدرك أﻫﻣﯾﺔ ﺗﻧظﯾم اﻟﻔرﺳﺎن ،وﻋﻠﻰ
ﻋودﺗﻪ اﻟﻰ ﻣﺻر ﺷرع ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﻓرق اﻟﺧﯾﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻻوروﺑﻲ واﺳﺗدﻋﻰ ﻟﻬذا
اﻟﻐرض ﻋدداً ﻣن اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن اﻻورﺑﯾﯾن .
اﻧﺷﺎت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻔرﺳﺎن ﺑﺎﻟﺟﯾزة ﻓﻲ ﻗﺻر ﻣراد ﺑك ﻓﺣول ﺛﻛﻧﺔ ﺟﻣﯾﻠﺔ
ﻟﻠﻔرﺳﺎن ،وﺗوﻟﻰ ﺗﻧظﯾم اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟ ﻣﺳﯾوﻓﺎرن ﻣن ﺿﺑﺎط اﻻﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﻧﺎﺑﻠﯾوﻧﯾﺔ
واﻟﻣﺎرﺷﺎل ﺟوﻗﯾون ﺳﺎﺗﯾر وﺗﻼﻣﯾذﻫﺎ ﻣن اﻟﺷﺑﺎن ﯾﺗﻌﻠﻣون ﻣﻧﺎورات اﻟﻔرﺳﺎن وﺣرﻛﺎت
اﻟﻣﺷﺎة وﯾﻠﺑﺳون ﻗﯾﺎﻓﺔ ﺗطﺎﺑق ﻣﻼﺑس اﻟﻔرﺳﺎن اﻟﻔرﻧ ﺳﯾﯾن ﻣﺎﻋدا اﻟﻘﺑﻌ ﺔ .وﯾﺗوﻟﻰ اﻟﺗدرﯾﺳﯾن
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﺿﺑﺎط ﻟﻘﯾﺎدﺗﻬم وﻣدرﺳون ﯾدرﺳون ﻟﻬم اﻟﻠﻐﺗﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﺗرﻛﯾﺔ (43) .
درﺳﺔ ﺳوﻣور اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﺑﻔرﻧﺳﺎ اﻻ ﺑﻌض ﺗﻌدﯾﻼت طﻔﯾﻔﺔ
وﻛﺎﻧت اﻟﻣدرﺳﺔ ﺗﺗﺑﻊ ﻧظﺎم ا
اﺳﺗﻠزﻣﺗﻬﺎ اﻟظروف اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻓﯾﻬﺎ اﺳﺗﺎذﻩ ﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ واﻟرﺳم واﻟﻣﺑﺎرزة
وﺗروﯾض اﻟﺧﯾل ،وﻓﯾﻬﺎ رﺋﯾس اﻹدارة اﻟﺣرﺑﯾﺔ ،وﯾﺗﻌﻠم ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﻠﺑﺔ ﻓوق ﻣﺎ ﺗﻘدم اﺳﺗﻌﻣﺎل
اﻟﻧﻔﯾر وﺳﺎﺋر ﺿروب اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻓرق اﻟﻔرﺳﺎن وطﻠﺑﺗﻬﺎ ﺧﻠﯾط ﻣن اﻟﺷﺑﺎن
اﻟﻣﺻرﯾﯾن واﻟﺗرك ﯾﺗﺧرﺟون ﻣﻧﻬﺎ ﺿﺑﺎط ﻟﻔرق اﻟﻔرﺳﺎن وﻛﺎن ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻧﺎظر ﯾﻘوم
ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم ﻓﯾﻬﺎ وﻟﻪ ﺗوﻗﯾﻊ اﻟﺟزاءات ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﺳﺗﺣﻘون اﻟﻌﻘﺎب ﻣن ﻣرؤوﺳﯾﻪ وﺗوزﯾﻊ
اﻷﻏذﯾﺔ واﻟﻌﻠف وﯾﺗﺻل ﺑﻧﺎظر اﻟﺣرﺑﯾﺔ وﯾﺗﺑﻊ اواﻣرﻩ .وﻗد زار اﻟﻣرﺷﺎل ﻣﺎرﺟون ﻫذﻩ
اﻟﻣدرﺳﻪ ) 1834م ( وﻛﺎﻧﻲ ﺑﻬﺎ اذ ذاك ) ( 360ﺗﻠﻣﯾذا ﻓﺎﻋﺟب ﺑﻬﺎ وﻛﺗب ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ
رﺣﻠﺗﻪ ﻣﺎﯾﻠﻲ :
20
))ﻋﻧدﻣﺎ ﺷﺎﻫدت ﻫؤﻻء اﻟطﻠﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان ﯾﻘوﻣون ﺑﺎﻟﻣﻧﺎورات ﺧﯾل ﻟﻲ اﻧﻲ أﻣﺎم طﺎﺑور
ﻣن اﻟﺧﯾﺎﻟﺔ ﻋﻧدﻧﺎ وﻟن ﯾﻧﻘص اﻟﻣدرﺳﺔ ﻟﺗﺻل اﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﻛﻣﺎل ﺑﻌض اﻟدروس ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ
واﻟرﺳم وﻏﯾر ذﻟك وﻟﻛن ﻣﻣﺎ ﻻﻧزاع ﻓﯾﻪ اﻧﻬﺎ ﻣن ﺟﻬﺔ ﺗﻧظﯾم اﻟﻔرﺳﺎن ﻻﯾﻧﻘﺻﻬﺎ ﺷﻲء
ﻓﺎﻟطﻠﺑﺔ ﯾﺟﯾدون رﻛوب اﻟﺧﯾل .واﻟﻣﻧﺎورات اﻟﺗﻲ ﯾﻘوﻣون ﺑﻬﺎ ﺗﺟري ﺑدﻗﺔ واﺣﻛﺎم وﻧظﺎﻣﻬم
وﻫﻧداﻣﻬم ﻋﻠﻰ اﺣﺳن ﻣﺎﯾﻛون واﻟروح اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ﻓﯾﻬم ﻋﻠﻰ ﻣﺎﯾرام ،ﻓﻬم ﺟﻧود ﺑﻛل ﻣﻌﺎﻧﻲ
اﻟﻛﻠﻣﺔ ،وﺣﻣﻠﺔ اﻻﺑواق ﯾؤدون ﻋﻣﻠﻬم ﺑﺎﺗﻘﺎن((.
-5ﻣدرﺳﺔ اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ ﺑطرة
ﺷﻛﻠت اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ اﻟﻧظﺎﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﻧظﻣت ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺷﺎة ﻋﻠﻰ اﻟطراز اﻟﺣدﯾث
وﺗوﻟﻰ ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﺿﺑﺎط اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن وﻋﺎوﻧﻬم ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺿﺑﺎط ﻣن اﻟﻣﺻرﯾﯾن
وﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻬم اﻟﺿﺎﺑط اﻟﻘدﯾر )ادﻫم ﺑك ﺑﺎﺷﺎ( اﻟذي اﺳس ﺗرﺳﺎﻧﻪ اﻟﻘﻠﻌﺔ وﺗوﻟﻰ ادارة
اﻟﻣﻬﻣﺎت اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﺛم راﺳﻪ دﯾوان اﻟﻣدارس ) وزارة اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ(
واﻧﺷﺄت ﻓﻲ )طرﻩ( ﻣدرﺳﺔ ﺣرﺑﯾﺔ ﻟﻠطوﺑﺟﯾﺔ ) اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ( ﺗوﻟﻰ ادارﺗﻬﺎ ﺿﺎﺑط
اﺳﺑﺎﻧﻲ ﯾدﻋﻰ اﻟﻛوﻟوﻧﯾل ) اﻟﻣﯾراﻻي( أﻧدي اﻧطوﻧﯾو دي ﺳﯾﺟ ار وﻫو اﻟذي ﻋرض ﻋﻠﻰ
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ اﻧﺷﺎءﻫﺎ ﻟﺗﺧرﯾﺞ ﺿﺎﺑط اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ ) (44ﻟﻠﺟﯾش اﻟﻣﺻري ،وﻋرض ﻣﺷروﻋﻪ
اﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ ﻗﺎﺋد اﻟﺟﯾش اﻟﻌﺎم ﻓﻧﺎل ﺗﺎﯾدﻩ ﻣن ﺛم اﻧﺷﺄت اﻟﻣدرﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ
اﻟذي اﻗﺗرﺣﻪ اﻟﻣﯾراﻻي ﺳﯾﺟ ار ،وﻗد ذﻛر اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻣﺑﺎرك ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻓﻲ
ﻛﻼﻣﻪ ﻋن )طرﻩ( ﻓﻘﺎل " :وﻛﺎن ﺑطرﻩ ﻣدرﺳﺔ اﻟطوﺑﯾﺟﯾﺔ وﻫﻲ ﻣدرﺳﺔ ﺟﻠﯾﻠﺔ ﻣن اﻧﺷﺎءات
اﻟﻌزﯾز ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺗرﺑﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻻﻣراء ﺑرﻋ وا ﻓﻲ ﻓﻧون اﻟطوﺑﺟﯾﺔ "
وﻗد اﺧﺗﯾر ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻣن اﻟﺗﻼﻣﯾذ ﺛﻠﺛﻣﺎﺋﺔ ﻣن ﺧرﯾﺟﻲ ﻣدرﺳﺔ ﻗﺻر اﻟﻌﯾن
اﻻﻋدادﯾﺔ اﺧذوا ﯾﺗﻠﻘون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣدارس اﻟﺣرﺑﯾﺔ واﻟﻠﻐﺗﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﺗرﻛﯾﺔ واﻟﺣﺳﺎب واﻟﺟﺑر
واﻟﻬﻧدﺳﺔ واﻟﻣﯾﻛﺎﻧﯾك واﻟرﺳم واﻻﺳﺗﺣﻛﺎﻣﺎت ،وﯾﺗﻣرﻧون ﻋﻠﻰ اﻟرﻣﻲ ﺑﺎﻟﻣداﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﯾد
ﻣﻌﻠﻣﯾن ﺣرﺑﯾﯾن .وﻛﺎن ﻟﻠﻛوﻟوﻧﯾل ﺳﯾﺟ ار ﻧﻔﺳﻪ ﯾﻌﻠﻣﻬم دروس اﻟرﯾﺎﺿﺔ واﻟرﺳم .وﻗد ﺗﻘدﻣوا
ﻓﻲ ﻋﻠوﻣﻬم وﺑرﻫﻧوا ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎﯾﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﺳورﯾﺔ وﺗﺑﺎرت اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ اﻟﺛﻘﻠﯾﺔ واﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ
21
اﻟﺧﻔﯾﻔ ﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط واﻟﺟدارة ﻗﺎل ﻣﺎﻧﺟﺎن :ﺿﺑﺎط اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ اﻟﻣﺗﺧرﺟون ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ
ﻣﺗﻌﻠﻣون ﻣﺛﻘﻔون .
وﻟم ﯾﻐرب ﻋن ﺑﺎل ﻣﺣﻣد ﺑﺎﺷﺎ اﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻓﺄراد أن ﯾرى ﺑﻧﻔﺳﻪ ﺳﯾر اﻟﺗﻌﻠﯾم
ﻓﯾﻬﺎ ﻓزارﻫﺎ واﺧﺗﺑر ﺷؤوﻧﻬﺎ ﻓﺎﺑدى ارﺗﯾﺎﺣﻪ وﺳرورﻩ ﻣن اﺳﺗﺎﺗذﺗﻬﺎ وﺗﻼﻣﯾذﻫﺎ وﻣﻌداﺗﻬﺎ.
وﻛﺎﻓﺄ اﻟﻛوﻟوﻧﯾل ﺳﯾﺟﯾ ار ﺑﺎﻻﻧﻌﺎم ﻋﻠﯾﻪ ﺑرﺗﺑﻪ اﻟﺑﻛوﯾﺔ ﻣﻊ ﻟﻘب ﻟواء ٕواﻟﺣق ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اورطﺔ
ﻟﻠﻣدﻓﻌﯾﺔ اﻟﻣﺷﺎة واورطﺔ اﺧرى ﻟﻠﻣدﻓﻌﯾﺔ اﻟرﻛﺑﺎن .واﻧﺷﺊ ﻟﻬﺎ ﻣﯾدان ﻟﺿرب اﻟﻧﺎر ﻟﻠﺟﻧود
واﻟﺗﻼﻣﯾذ .وﺿﻊ ﺑﻪ ارﺑﻊ وﻋﺷرﯾن ﺑطﺎرﯾﺔ ﻣن اﻫداف ﻟﻠﺗﻣرﯾن ﻋﻠﯾﻬﺎ .
وﻛﺎن ﻟﻠﻣدرﺳﺔ ﻣﺷﻔﻰ ﺧﺎص ﯾدﯾرﻩ طﺑﯾب ﯾﺳﺎﻋدﻩ ﺻﯾدﻟﻰ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣرﺿﻰ )(45
– 6ﻣدرﺳﺔ ارﻛﺎن اﻟﺣرب ﺑﺎﻟﺧﺎﻧﻛﺔ ،اﻧﺷﺎت ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﺑﺎﻟﺧﺎﻧﻛﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻗﺗراح
) ﻋﺛﻣﺎن ﻧور اﻟدﯾن ﺑﺎﺷﺎ( ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﻣﻌﺳﻛر اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺟﯾش ،وﻗد ذﻛرﻫﺎ اﻟﻣﯾﺳو دور
ﻣن ﻛﺗﺎﺑﻪ ﻋن اﻟﺗﻌﻠم اﻟﻌﺎم ﺑﻣﺻر وﻛﻠوت ﺑك وﻟم ﯾذﻛر ﺗﻔﺻﯾﻼت ﻋﻧﻬﺎ .وﯾﺳﻣﯾ ﻬﺎ رﻓﺎﻋﺔ
ﺑك راﻓﻊ ﻣﻛﺗب اﻟرﺟﺎل ﺑﺎﻟﺧﺎﻧﻛﻪ .
-7ﻣدرﺳﺔ اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ
ﻗرر ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺗﻧظﯾم اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﻋﻠﻰ ﻣﺛﺎل اﻟﺟﯾوش اﻻورﺑﯾﺔ ﻣن ﻛل
وﺟﻪ ﻓﺄﻣر ﺑﺎﻋداد طﺎﺋﻔ ﺔ ﻣن اﻟﻣوﺳﯾﻘﯾﯾن ﻟﻛل اﻵﻻت .اﺣﺿر اﻟﻣدرﺳﯾن اﻻورﺑﯾﯾن ﻟﺗﻌﻠﯾم
اﻟﻣﺻرﯾﯾن اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻻﻓرﻧﺟﯾﺔ اﻟﺣرﺑﯾﺔ .ﻓﺎﻧﺷﺎ ﻓﻲ ) اﻟﺧﺎﻧﻛﺔ ( ﻣﻌﻬدا ﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ
اﻻﻓرﻧﺟﯾﺔ اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻓﺎﻧﺷﺎ ﻓﻲ ) اﻟﺧﺎﻧﻛﺔ ( وﻣﻌﻬدا ﻟﺗﻌﻠﯾ م اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ ﯾﺳﻊ 130ﺗﻠﻣﯾذا ﺗوﻟﻰ
اﻟﺗدرﯾس ﻓﯾﻪ ارﺑﻌﺔ ﻣن اﻟﻣوﺳﯾﻘ ﯾﯾن واﻟﻔﻧﯾﯾن وﻋﯾن اﻟﻣﺳﯾو ﻛﺎرﯾﺔ ﻣدﯾر ﻟﻪ .وﻛﺎﻧت ﺗدرس
ﻓﯾﻪ اﯾﺿﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﯾد أﺳﺎﺗذة ﻣﺻرﯾﯾن وﻗد أﺑدى اﻟﺗﻼﻣﯾذ اﻟﻣﺻرﯾﯾن اﺗﻘﺎﻧﺎً
وﺑراﻋﺔ وﻧﺑوﻏﺎً ﻓﻲ ﻓﻧون اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ ﺷﻬد ﺑﻬﺎ اﻻﻓرﻧﺞ .ﻗﺎل اﻟﻣﺳ ﯾو ﻣﺎﻧﺟﺎن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد
.ان اوﻟﺋك اﻟﺷﺑﺎن اﻟﻔﻼﺣﯾن ﻗد اﺑدوا ﻣن اﻟﺳﻬوﻟﺔ ﻓﻲ ﺗوزﯾﻊ اﻷﻟﺣﺎن اﻟﺻﻌﺑﺔ ﻣن اﻟﻧوﺗﺎت
ﻣﺎادﻫش اﻟﻌﺎرﻓﯾن ﺑﺎﻟﻔن وﺧﺎﺻﺔ اﻻﻓرﻧﺞ اﻟذﯾن اﺟﺗذﺑﻬم اﻟﻰ وادى اﻟﻧﯾل ﺷﻬرة ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ
وﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﺧرج اﻟﻣوﺳﯾﻘﯾﯾن اﻟذﯾن ﯾﺣﺗﺎج اﻟﯾﻬم اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري وﻟﻛن اﻟدﻛﺗور
22
23
ﻛﻠوت ﺑك ﻻﺣظ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ ان ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻗﺎم ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة ﺧﺎطﺋﺔ .ذﻟك اﻧﻪ ﺗﺿﻣن
ﻧﻘل اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻻورﺑﯾﺔ ﺑﻧﻐﻣﺎﺗﻬﺎ وأﻧﺎﺷﯾدﻫﺎ اﻷورﺑﯾﺔ اﻟﻰ ﻧ ﻐﻣﻪ ﺷرﻗﯾﺔ ﻟم ﺗﺗﻌود اﻷﻟﺣﺎن
اﻷورﺑﯾﺔ ﻓﻠم ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﺗﻼﻣﯾذ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻔﻧﻲ اﻟﻣطﻠوب وﻟم ﺗﺗﺣرك ﻟﻬﺎ ﻗﻠوﺑﻬم .وان
اﻟواﺟب ﻛﺎن ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﺣﺿﺎر ﻓﻧﺎﻧﯾن ﻋﺎزﻓﯾن ﺑﺎﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﯾؤﻟﻔوا ﻣﻧﻬﺎ وﻣن اﻻﻟﺣﺎن
اﻷورﺑﯾﺔ ﻣوﺳﯾﻘﻰ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺗﺄﺛر ﻟﻬﺎ ﻧﻔوس اﻟﻣﺻرﯾﯾن (46) .وﯾﻘول ان اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻬد
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ذاﺗﻪ ﻗد اﻟﻐت ﻣﻌﻬد اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ ﺑﺎﻟﺧﺎﻧﻛﺔ ﻣﻊ اﻧﻪ ﺧرج ﻋددا ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ ﻣن
اﻟﻣوﺳﯾﻘﯾن اﻟﻘﺎدرﯾن واﺳﺗﻌﺎﺿوا ﻋﻧﻪ ﺑﺎن ﺟﻌﻠوا ﻟﻛل ﻣن اﻟﺟﯾش ﻣﻌﻠﻣﺎ اورﺑﯾﺎ .وﻟﻛن ﻟم
ﯾﻛن ﻣن اﻟﻣﯾﺳور ﻟﻣﻌﻠم واﺣد ان ﯾﺿطﻠﻊ ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻟذﻟك ﻟم ﺗﺻل اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺣرﺑﯾﺔ
ﻓﻲ ﻣﺻر اﻟﻰ ﻣﺟﺎرة اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻻورﺑﯾﺔ
-8ﻣﺻﺎﻧﻊ اﻷﺳﻠﺣﺔ واﻟﻣداﻓﻊ ﺑﺎﻟﻘﻠﻌﺔ
رأى ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ان اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﺟﻠب اﻟﺳﻼح ﻣن اﻟﺧﺎرج ﯾﻌرض ﻗوة اﻟدﻓﺎع
اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺧطر وﯾﺟﻌل اﻟﺟﯾش واﻟﺑﻼد ﺗﺣت رﺣﻣﺔ اﻟدول اﻻﺟﻧﺑﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﺑذل ﺟﻬدﻩ ﻓﻲ
اﻧﺷﺎء ﻣﺻﺎﻧﻊ اﻻﺳﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﻓﺄﺳس ﻗﺎﺋد اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ ادﻫم ﺑك ﺗرﺳﺎﻧﻪ اﻟﻘﻠﻌﺔ ﻟﺻﻧﻊ
اﻷﺳﻠﺣﺔ وﺻب اﻟﻣدﻓﻊ وﺗوﻟﻰ إدارﺗﻬﺎ وﺗطورت واﺗﺳﻌت أرﺟﺎء اﻟﻣﻌﻣل ﻓﺄﺻﺑﺣت ﺗﻣﺗد
اﻟﻰ ﻗﺻر ﺻﻼح اﻟدﯾن اﻟﻰ ﺑﺎب اﻻﻧﻛﺷﺎرﯾﺔ اﻟذي ﯾطل ﻋﻠﻰ ﻣﯾدان اﻟرﻣﯾﻠﺔ ،وﻛﺎن ﺑﻬﺎ
900ﻣن اﻟﻌﻣﺎل ﻟﺻﻧﻊ اﻻﺳﻠﺣﺔ ،وﯾﺻﻧﻊ ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﺷﻬر ﻣن 600اﻟﻰ 650ﺑﻧدﻗﯾﺔ ،
ﺗﺗﻛﻠف ﻛل ﺑﻧدﻗﯾﺔ اﺛﻧﻰ ﻋﺷر ﻗرﺷﺎ ﻣﺻرﯾﺎ
وﻛﺎن ﺑﻬﺎ ﻗﺳم ﺧﺎص ﻟﺻﻧﻊ زﻧﺎد اﻟﺑﻧﺎدق ،واﻟﺳﯾوف واﻟرﻣﺎح ﻟﻠﻔرﺳﺎن ،وﺣﻘﺎﺋب اﻟﺟﻧود ،
ﺣﻣﺎﺋل اﻟﺳﯾوف ،وﻛل ﻣﺎ ﯾﻠزم ﻟﺗﺳﻠﯾﺢ اﻟﺟﻧود ﻣن اﻟﻣﺷﺎة اﻟﻰ ﺻﻧﺎدﯾق اﻟﺑﺎرود وﻣواﺳﯾر
اﻟﺑﻧﺎدق.
-9ﻣﻌﻣل ﺻب اﻟﻣداﻓﻊ :ﻛﺎن اﻫم ﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﺗرﺳﺎﻧﻪ واﻛﺛرﻫﺎ ﻋﻣﻼ ،ﺗﺻﻧﻊ ﻓﯾﻪ ﻛل ﺷ ﻬر
ﺛﻼﺛﺔ ﻣداﻓﻊ أو ارﺑﻌﺔ ﻣن ﻋﯾﺎر ارﺑﻌﺔ وﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ارطﺎل ،وﺗﺻﻧﻊ ﻓﯾﻪ اﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣداﻓﻊ اﻟﻬﺎون
ذات اﻟﺛﻣﺎﻧﻲ ﺑوﺻﺎت وﻣداﻓﻊ ﻗطرﻫﺎ 24ﺑوﺻﺔ وﻻﯾﻘل ﻋﻣﺎل ﻫذﻩ اﻟﺗرﺳﺎﻧﺔ ﻋن 1500
23
ﻋﺎﻣل وﺗﺳﺗﻬﻠك ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﺷﻬر ﻛﻣﯾﺔ ﻋظﻣﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﺣم واﻟﺣدﯾد .اﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ﻣﺧﺎزن
اﻟﺑﺎرود واﻟﻘﻧﺎﺑل ﻓﻘد اﻋد ﻟﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣﻛﺎﻧﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺢ اﻟﻣﻘطم (47) .
24
وﻋﻧدﻣﺎ ﺿرﺑت اﻟدوﻟﺔ اﻻﺟﻧﺑﯾﺔ ﺣﺻﺎ ار ﻓﻧﯾﺎ ﺣول ﻣﺻر ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺷﺗري ﺳﻔﻧﻬﺎ ﻣﻧﻬﺎ ،
واﻏروا اﻟﻔرﻧﺳﻲ ) ﺳرﺑزي ( ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻘﺎﻟﺔ ﻣن ﻋﻣﻠﻬم ﻓﻲ اﻟﺑﺣرﯾﺔ .ﻗﺎم ﻫؤﻻء اﻟﻣﺻ رﯾون
ﺑﺎﻟﻣﻬﻣﺔ ﺑﺟد وﻧﺷﺎط واﺗﻘﺎن ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻐت ﻋﻣﺎرة اﻟﺳﻔن اﻟﻣﺻرﯾﺔ درﺟﺔ واﻫﻣﯾﺔ ﻋظﯾﻣﺗﯾن
ﺟدا ،وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﻔوق اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻓﻲ ﻫﻧدﺳﺔ اﻟﺳﻔن وﻗﯾﺎدﺗﻬﺎ اﻻ ان ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ
ﻛﺎن ﯾرﻛن ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻗﯾﺎدة اﻟﺳﻔن ورﺋﺎﺳﻪ اﻟورش اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﻰ ﻋﻧﺎﺻر اﺟﻧﺑﯾﺔ او
اﻟﺑﺎﻧﯾﻪ ). (49
25
اﻟﻔﻼﺣﯾن اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻟﻠﺧدﻣﻪ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ وﺟرى اﻻﻧﺧراط ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﺑﺣﻣﺎس ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ وﻗﺎم
ﻋدد ﻣن اﻟﺷﯾوخ اﻟﺑﺎرزﯾن ﺑﺎرﺗداء زي اﻟﻧظﺎم ﻻﺛﺎرة ﺑﻌض اﻟﺣﻣﺎس ﺑﯾن اﻟﻔﻼﺣﯾﯾن (51) .
ﻻن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﺗﺎﺛر ﺗﺎﺛﯾ ار ﻛﺑﯾ ار ﺑﺎﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻧﺎﺑﻠﯾوﻧﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻛﺎن ﺑوﻧﺎﺑرت ﻣﺗﻔوﻗﺎ ﻓﻲ
ﻋﻘﻠﻪ ،وﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ طﺑﻊ ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺑطﺎﺑﻊ اﻟﻌﺑﻘرﯾﺔ .
ان ﻣﻌرﻓﺗﻪ ﺑﺎﻟﻧﺎس واطﻼﻋﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻧظﻣﺔ ﻣﻛﻧـﺎّﻩ ﻣن اﻟﻣزج واﻟﺗرﻛﯾب ،وﻫﻣﺎ ) ﻫﺑﺔ اﻟﻬﯾﺔ (
ﻓﻲ ﺣﻘل اﻻﺳﺗراﺗﺟﯾﺔ واﻟﺗﻛﺗﯾك اﻟﻠ ذﯾن ﺗﺑﻌد دراﺳﺗﻬﻣﺎ ﻋن ان ﺗﻘدم ﻣﻧﺎورة ﻧﻣوذﺟﯾﺔ ﺑل اﻧﻬﺎ ﺗﻌرض
اﻋظم اﻣﺛوﻟﺔ ﺗوﺿﯾﺣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺣدﯾث (52) .ﺣﯾث ﻛﺎﻧت ﺣﻣﻠﺔ ﻧﺎﺑﻠﯾون اﻟﻰ ﻣﺻر
ذات اﺛر ﻋظﯾم ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﻘوم ﻓﻲ ﻣﺻر واﻟﺷﺎم اﻓﻬﻣﺗﻬم ان زﻣﺎن ﻋﻧﺗرة اﻟﻌﺑﺳﻲ ﻗد وﻟﻰ وان
اﻟﺳﯾف ﻻ ﯾﻧﻔﻊ أﻣﺎم اﻟﻣدﻓﻊ وان ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ طرﻗﺎ ﺟدﯾدة اﺻﻠﺢ ﻣن طرﻗﻬم ،ﻫذا ﻣﺎ ﺗوﻻﻩ اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ
اﻟﺗﺧطﯾط واﻻﻋداد ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻌرﺑﻲ ﺣﺗﻰ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ
ﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗرﻛﯾﺔ وﻛﺎد ﯾﻧﺟﺢ ﻟوﻻ اﻧﻪ طﻣﺢ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺎﺿول وﻏﯾرﻩ ﻣن وﻻﯾﺎت
اﻟدوﻟﺔ ﻓﺧﺎف ﺷرﻩ اﻻورﺑﯾﯾن ﻟﺋﻼ ﯾؤﺳس دوﻟﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﻣﺗﺣدة ﺗﻘوم ﻣﻘﺎم اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗرﻛﯾﺔ اﻟﻣﻧﺣﻠﺔ واﻟﺗﻲ
ﻛﺎﻧت اﻟﻌوﺑﺔ ﺑﺎﯾدﯾﻬم (53) .وﻓﻲ ﺳﻧﻪ 1845م زار ﻧﺟدا ﺑﺣﺎﺛﺔ ﻓﻧﻠﻧدي ﺳوﯾدي ﯾدﻋﻰ ) ﺟورج
اوﻏﺳطس ﻓﺎﻟﯾن ( ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺑﻌض اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ وذﻟك ﺑﺎﻣر ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﺑﻌد ان اﺧﻔق ﻓﻲ
ﻣﺳﺎﻋﯾﺔ ﻟﻼﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎم ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻣﻬﺎم ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺎطق ﺟﺑل ّﺷ ﻣر .
أدرك ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ اﻻﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻟﻬذﻩ اﻟﺻﻠﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻻوﻟﻰ ﻓﺷرع ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ
اﻟﺗﻌﻠﯾم ﺑدﻋوة اﻟﺿﺑﺎط ﻣن اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن وﻏﯾرﻫم ﻣن اﻫل اورﺑﺎ ﻟﺗدرﯾب ﺟﯾﺷﻪ ،ﺑل ذﻫب اﻟﻰ أﺑﻌد ﻣن
ذﻟك ﻓﺎرﺳل ﺑﻌﺛﺎت ﻣن اﻟطﻠﺑﺔ ﻟﻠدرس واﻟﺗدرﯾب ﻓﻲ اورﺑﺎ .وﻗد ﺟرى ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻣﻧوال اﻻﺗراك
اﻟذﯾن ﺳﺑﻘوﻩ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﺑﯾل ،وﻛﺎﻧت ﻧﻘطﺔ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻛﻠﺗﺎ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺳﻛري –
وﻟﻛن اﻟﻠﻐﻪ وﻫﻲ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺗدرﯾب اﻟﻌﺳﻛري اذا اﺗﻘﻧت ﻛﺎن ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﻔﺗﺎح ﻟذﺧﺎﺋر اﻟﻣﻌرﻓﺔ –
اﻟﻔﻛر اﻟﻐرﺑﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ وﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟوطﻧﯾﺔ (54) .
26
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺣروب ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ :
ﺑدا ﺑﻧﺎء اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻓﻲ اﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻣﻊ ﻏزو اﻟﺳودان ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺳﻧﺔ
1820م .وﻗد ﻛﺎن اﻟﻐرض ﻣن اﻟﻐزو ﺟﻠب ﺛروة اﻟﺳودان اﻟﻰ ﻣﺻر ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﯾد ﻋﺎﻣﻠﺔ
ﻟﺗﺟﻧﯾدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري وﺑﯾﻌﻬﺎ ﻓﻲ أﺳواق اﻟرﻗﯾق اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،وﻣن اﻟذﻫب ،وﻣﺎﺷﯾﺔ ،وﻋﺎج
وﺻﻣﻎ ،وﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺣﺎﺻﯾل اﻟزراﻋﯾﺔ .وﻗد ﺗﺎﺳس اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺻري ،ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻬذا اﻟﻐزو ،ﻓﻲ
ﻣﻌظم اﻟﺳودان اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ .اﻻ ان اﻻدارة اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻬد ﻣﺣﻣد ﻋﻠ ﻲ ﻟم ﺗﻧﺟﺢ ﻓﻲ ﻣد ﺣﻛﻣﻬﺎ
ﺑﻌﯾدا ﻓﯾﻣﺎ وراء اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻘد اﺣﺗﻠت ووﺿﻌت ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﺎﻣﯾﺎت أﺛﻧﺎء ﺣﻣﻼت اﻟﻔﺗﺢ
اﻻوﻟﻰ .ﻓﻔﻲ اﻟﻐرب ظﻠت ﺳﻠطﻧﺔ دارﻓور ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ .وﻓﻲ اﻟﺷرق ادى اﻟﺗﻘدم داﺧل اﻗﻠﯾﻣﻲ ﺗﺎﻛﺎ
) ﻛﺳﻼ ( واﻟﻘوﻧﺞ fungاﻟﻰ ﺗورط اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻓﻲ اﺷﺗﺑﺎﻛﺎت ﻣﺳﺗﻣرة ﻣﻊ اﻻﺣﺑﺎش ﻋﻠﻰ طول
اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﻣﺗدة ﻣن اﻟﺑﺣر اﻷﺣﻣر اﻟﻰ ﻧﻬر اﻟﺳوﺑﺎط ،واﻟﺗﻲ ﺗﺑﻠﻎ ﺳﺑﻌﻣﺎﺋﺔ ﻣﯾل .وﻫﻲ ﻣﻧطﻘﺔ
ﺣدود ﻟم ﺗﻛن ﻣﺣدودﻩ وﻟم ﺗﺣﻛﻣﻬﺎ ﺗﻌﺎﻗدات ﺑﯾن اﻟﺣﺑﺷﺔ واﻟﺳودان .
اﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب ﻓﺎن ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻣﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﺳﺗﻧﻘﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻐص ﺑﺎﻟﻧﺑﺎﺗﺎت ﻓﻲ
ﻣﻧطﻘﺔ أﻋﺎﻟﻲ اﻟﻧﯾل ،وﻋداء اﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾش ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺑﻲ اﻟﻧﻬر ،ﻗد اوﻗف اﻣﺗداد اﻟﻧﻔوذ
اﻟﻣﺻري اﻟﻰ اﻻرض اﻟﻣﺟﻬوﻟﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﻓﻲ اوﺳﺎط اﻓرﯾﻘﯾﺎ واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻣﺛل اﻟﻣﺳﺗودع اﻟﻛﺑﯾر ﻟﻠﻘوة
اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻻﻓﯾﺎل اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻐذي ﺗﺟﺎرة اﻟرﻗﯾق واﻟﻌﺎج .
وﻓﻲ ﺳﻧﻪ 1820م ﺣذر )ﻫﻧري ﺳﺎﻟت (henry saltاﻟﻘﻧﺻل اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﻣﺻر
،واﻟذي ﻛﺎن ﻣن ﻗﺑل ﻗﻧﺻﻼ ﻓﻲ اﻟﺣﺑﺷﺔ ،ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻣن اﯾ ﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻐزو اﻟﺣﺑﺷﺔ اﺛﻧﺎء ﻏزو
اﻟﺳودان .وﻗد اﺳﺗﺟﺎب ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻟﻬذا اﻟﺗﺣذﯾر .وﻟﻛن اﻻﺣﺗﻼل اﻟﻣﺻري ﻟﻠﺳودان أدى اﻟﻰ
ﺣﺎﻟﺔ داﺋﻣﺔ ﻣن اﻟﺗوﺗر ﺑﯾن ﻣﺻر واﻟﺣﺑﺷﺔ ﻋﻠﻰ طول اﻟﺣدود اﻟﻣﺗﻧﺎزع ﻋﻠﯾﻬﺎ (55) .ﻣﺎذا ﯾﻌﻣل
اﻟﺑﺎﺷﺎ وﻗد ﻋﺎد اﻟﯾﻪ ﺟﻧودﻩ اﻻﻟﺑﺎﻧﯾون ﻣﻧﺗﺻرﯾن ﻣن ﺑﻼد اﻟﻌرب أﯾﺳﻣﺢ ﻟﻬم ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫرة
ﻓﯾﻌﯾدوا ﻋﻬد اﻟﺛورات واﻟﻧﻬب واﻟﺳﻠب وﯾﺷﻐﻠوا ﻋن اﺻﻼﺣﺎﺗﻪ ورﺑﻣﺎ وﻗﻔوا اﻣﺎم ﻣﺷروع اﻟﻧظﺎم
اﻟﺟدﯾد ﻣوﻗﻔﻬم ﺳﻧﻪ 1815م ﻻﺷك ﻓﻲ ان اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺗﺣﺗم ﻋﻠﯾﻪ ان ﯾرﺳل ﻫؤﻻء )أرﻧﺎؤوط( اﻟﻰ
ﻣﯾدان ﺟدﯾد ﻓﯾﺳﺗرﯾﺢ ﻣن ﻣﺷﺎﻏﺑﺗﻬم وﯾﻘﻠل ﻣن ﻋددﻫم .ﻓﻔﻛر ﻓﻲ ﺗﺟﻬﯾز ﺣﻣﻠﺔ اﻟﺳودان ﻟﯾطﺎرد
27
ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟذﯾن اﺳﺗوطﻧو اﻗﻠﯾم دﻧﻘﻠﻪ وﻧﺻﺑوا اﻧﻔﺳﻬم ﻓﯾﻪ ﺣﻛﺎﻣﺎ وﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﯾﺗﺣدﺛون ﻓﻲ ذﻟك
اﻟوﻗت واﻟﺑﺎﺷﺎ ﯾﻌﺗﻘد اﯾﺿﺎ ان ﻓﻲ اﻟﺳودان ﻣﻧﺎﺟم ﻏﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟذﻫب واﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ ،ﻓظن اﻻﻟﺑﺎﻧﯾون
ان ﻫﻧﺎك ﻣﻧﺟﻣﺎً ﻋظﯾﻣﺎ ﯾﺟب اﻻ ﯾﻔﻠت ﻣن ﺑﯾن أﯾدﯾﻬم ﻓرﺣﺑوا ﺑﻔﻛرة اﻟﺑﺎﺷﺎ ،ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﺣﺎﺟﺔ
اﻟﺑﺎﺷﺎ اﻟﻰ اﺳﺗﯾراد ﺟﻧود ﺟدﯾدة ﻟﺟﯾﺷﻪ اﻟﺟدﯾد ﺟﻌﻠﺗﻪ ﯾطﻣﻊ ﻓﻲ ﻓﺗﺢ اﻻﺻﻘﺎع اﻟﻣﺟﺎورة ﻟﻣﺻر ﻛﻲ
ﯾﺗﻣﻛن ﻣن ادﻣﺎج ﺷﺑﺎن ﺗﻠك اﻟﺑﻼد ﻓﻲ ﺟﯾﺷﻪ ،ﻛذﻟك ان ﯾﺑﺳط ﺳﻠطﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺳواﺣل اﻟﺑﺣر
اﻻﺣﻣر اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،واﻫﺗﻣﺎﻣﻪ وﻋﻧﺎﯾﺗﻪ ﺑﺎﻣر اﻟﻧﯾل ،ﺣﯾث اﻟﻐرض ﻣن اﻟﺣﻣﻠﺔ اﺳﺗﻛﺷﺎف ﻣﻧﺎﺑﻊ اﻟﻧﯾل،
وارﺳل اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻣﻊ اﻟﺣﻣﻠﺔ ﻋﻠﻣﺎء ﻓرﻧﺳﯾﯾن ﻟﯾﻣدوا اﺑﻧﻪ اﺳﻣﺎﻋﯾل ﻗﺎﺋد اﻟﺣﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ
واﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌدﯾن).(56
وﻋﻠﯾﻪ وﻣن اﺟل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺟﺎزات اﻟﺗﻲ ﺑﻧ ﺎﻫﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ،وﺣﺗﻰ ﯾﺳﯾروا
اوﻻدﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺟﻪ وﯾﺑﻘﻰ اﻟﻣﻠك ﻣﺣﺻو ار ﺑﻬذﻩ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﺧﺎﺻﺔ اﺑﻧﻪ اﺳﻣﺎﻋﯾل ﺑﺎﺷﺎ ،ﺣﯾث اﺳﺗطﺎع
ﻓﻲ اﺷﻬر ﺗﻌد ﻋﻠﻰ اﻻﺻﺎﺑﻊ ،ﻣن اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻰ اﺛﻧﻲ ﻋﺷر اﻗﻠﯾﻣﺎ وﻣﻣﻠﻛﺔ ﺑﺟﯾش ﺻﻐﯾر
ﻻﯾﺗﺟﺎوز ﻋددﻩ ارﺑﻌﺔ اﻻف ﻋﺳﻛري ﺣرﻣوا ﻛل ﺷﻲء ﺣﺗﻰ اﻟﻣؤن اﻟﻐذاﺋﯾﺔ ،ﻓﻲ رﺣﻠﺗﻪ اﻋﻣﺎق
اﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣن ﺳﻧﺔ 1819م اﻟﻰ ﺳﻧﺔ 1823م .وﻛﺎن اﻟوﺣﯾد اﻟذي اﺳﺗطﺎع ﺑﻣﺎ ﺗواﻓر ﻟﻪ ﻣن
ﺗﻠك اﻟﻣزاﯾﺎ ان ﯾرﻓﻊ ﻋﻠﻣﺎً ﺷرﻗﯾﺎً ﻋﻠﻰ ﻣرﺗﻔﻌﺎت اﻟﺟﺑﺎل اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻔرس وﻻ اﻟروﻣﺎن ان
ﯾﺻﻠوا اﻟﯾﻬﺎ .وﻟﻘد اﺷﺗرك ﺑﻌض اﻻروﺑﯾن ﻓﻲ اﻋﻣﺎل ﻫذﻩ اﻟﺣرب وﺗﻛﺑدوا ﻣﺷﺎﻗﻬﺎ ،ﻓﻼ اﺣد ﻣﻧﻬم
اﻻ ﻟﻬﺞ ﻟﺳﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺣﻣد واﻟﺛﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﺳﻣﺎﻋﯾل وأطرى ﺑﺎﺧﻼﻗﻪ اﻟﻛرﯾﻣﺔ وﻛﺎن اﺳﻣﺎﻋﯾل ﯾﺑﺎﺷر ﺑﻧﻔﺳﻪ
ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﺳﻧﺎر ﺗدرﯾب ﻣدﻓﻌﯾﺗﻪ ،ﻓﻛﺎن ﯾﻌﻣر اﻟﻣداﻓﻊ ﺑﻣﻬﺎرة وﺣﺿور ذﻫن ﻻﻧظﯾر ﻟﻬﻣﺎ .وﻛﺛﯾ ار
ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾطﻠب اﻟﯾﻪ اﻟﻣﺳﯾﺑو ﻛﺎﻟﯾو ﻟﯾﻘول ﻟﻪ ) -:ﻣن اﻟواﺟب ان ﺗﺗﻌﻠﻣوا ﻣﺛﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﻋﻠﻰ ﺗدﺑﯾر
اﻟﻣداﻓﻊ ،ﻓﻘف اذن ﺑﺟواري ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻛﺔ اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ ،ﻓﺎذا ﺷﺎء ﺣﺳن اﻟطﺎﻟﻊ او ﺷؤﻣﻪ ان ﺗﻛون
اﻻﺧﯾرﯾن ﺑﻌد ﻓﻧﺎء اﻟﺟﯾش ﻛﻠﻪ ﻓﻼ اﻗل ﻣن ان ﻧﺟد وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن اﻧﻔﺳﻧﺎ( ).(57
ﻋﻧدﻣﺎ ﺧطط اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺑﺎﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ ﻣن اﺟل اﻟﻧﻬوض ﻓﻲ ﺗﺎﺳﯾس دوﻟﺔ ﻗوﯾﺔ وﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ
اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟزراﻋﯾﺔ واﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻌﻣراﻧﯾﺔ ،ﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن اﯾﺟﺎد ﻣﺻدر ﺟدﯾد ﻻﻋداد اﻟﻣﺎل
اﻟﻼزم ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺗﻠك اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ ،ﻣن اﻟﺑﺣث واﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋن اﻟﻣﻌﺎدن ﻓﻲ اﻟﺳودان .ﻛﻣﺎ ان اﻟﻌﻼﻗﺎت
28
اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺑﯾن ﻣﺻر واﻟﺳودان ﻗد ﺗدﻫورت اﻟﻰ درﺟﺔ ﺑﻌﯾدة ﻗﺑل اﻟﻔﺗﺢ اﻟﻣﺻري ﻟﻠﺳودان ،ﻓﻣن
اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟظروف ان ﯾﺷﺗد ﻧﺷﺎط اﻟﻠﺻوص وﻗطﺎع اﻟطرق وﺑذﻟك ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺔ
اﻟﺗﺟﺎرة ﺑﯾن ﻣﺻر واﻟﺳودان ،ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻟﺿراﺋب اﻟﺗﻲ ﻓرﺿﻬﺎ ﻣﻠوك وﺷﯾوخ اﻟﺳودان ﻣن
اﻟﺗﺟﺎر ،وﺑﻬذا ﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺣﻘﯾق ﺑﻌض اﻷﻏراض ﻣن ﻓﺗﺢ اﻟﺳودان ،ﻓﻘد ﻫﻠك ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺟﻧود
اﻻرﻧﺎؤد اﻟذﯾن ارﺳﻠو ﻟﻔﺗﺢ اﻟﺳودان ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺳوء طﻘس اﻟﺑﻼد وﻋدم ﻣﻼءﻣﺗﻪ ﻟﻬم ،وﺑﻬذا اﺳﺗطﺎع
اﻟﺧﻼص ﻣﻧﻬم ،ﻛذﻟك اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك اﻟذﯾن ﻫرﺑوا ﻣن ﻣﺻر ﻟﻠﺳودان ﻓﺎﺿطروا ﻟﻠﺗﺳﻠﯾم ﻟﻘوات ﺟﯾش
اﻟﻔﺗﺢ ﻓﻲ )ﺷﻧدي( وﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺗﺟﺎرة اﺳﺗطﺎع ﺗﺣﻘﯾق ﺷﯾﺋﺎ ﻣن اﻟﻧﺟﺎح ،ﻏﯾر اﻧﻪ ﻓﺷل ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق
ﻏرﺿﯾﻪ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺗﯾن ﻣن اﻟﻔﺗﺢ اﻟﻌﺑﯾد واﻟﻣﻌﺎدن وﺧﺎﺻﺔ اﻟذﻫب وﯾﻌﺗﻘد ﺑﻌض اﻟﻣؤرﺧﯾن اﻟﻌرب
واﻻورﺑﯾن ان اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻛﺎن ﯾرﻣﻲ اﻟﻰ ﺗﻛوﯾن اﻣﺑراطورﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﺗﺿم ﻛل اﻟﺑﻠدان اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ
ان ﻓﺗﺢ اﻟﺳودان ﻛﺎن ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل ﺗﻛوﯾن ﻫذﻩ اﻻﻣﺑراطورﯾﺔ). (58
ﺻﻣم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ واﺳﺗﻌد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرة ﻟﻠزﺣف ﻋﻠﻰ اﻟدﯾﺎر اﻟﺷﺎﻣﯾﺔ وﺿﻣﻬﺎ اﻟﻰ ﺑﻼدﻩ،
ﻓﺎﺗﻔق ان ﺑﻌض اﻟﻣﻠﺗزﻣﯾن ﻣن اﻫل ﻣﺻر ﻫرﺑوا اﻟﻰ ﻋﻛﺎ وﻧزﻟوا ﻓﻲ ﺟوار )ﻋﺑد اﷲ ﺑﺎﺷﺎ اﻟﺟ ازر(
واﻟﯾﻬﺎ ﻓ ار ارً ﻣن اﻟﺑﺎﺷﺎ ،ﻓﺎرﺳل اﻟﺑﺎﺷﺎ اﻟﻰ اﻟﺟ ازر ﻋﻠﻰ ان ﯾرد اﻟﯾﻪ اﻟﻬﺎرﺑﯾن ﻣﻧﻪ ،ﻟﻛن اﻟﺟ ازر رﻓض
ذﻟك ،ﻟذﻟك اﻗﺳم اﻟﺑﺎﺷﺎ ان ﯾﺳﯾر ﻋﺳﻛرﻩ اﻟﻰ ﻋﻛﺎ ﻟﻘﺗﺎل اﻟﺟ ازر وﯾﺿم ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺑﻼد اﻟﺷﺎﻣﯾﺔ اﻟﻰ
ﻣﺻر وﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1247ﻫـ ﻓﻲ 16ﺟﻣﺎدي اﻻوﻟﻰ ،ﺧرﺟت اﻟﺟﯾوش اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻣن اﻟﻘﺎﻫرة ﺗرﯾد
ﻋﻛﺎ وﻣﻘدﻣﻬﺎ اﻻﻣﯾر اﺑ راﻫﯾم وﻣﻌﻪ ﺳﻠﯾﻣﺎن ﺑﺎﺷﺎ اﻟﻔرﻧﺳوي ،وﻛﺎن ﻋددﻫم زﻫﺎء ارﺑﻌﺔ وﻋﺷرﯾن اﻟﻔﺎ،
ﻓﺳﺎروا اﻟﻰ اﻟﺻﺎﻟﺣﯾﺔ ﻓﺎﻟﻌرﯾش ﻓ ﻐزة ورﻛب اﻻﻣﯾر اﺑراﻫﯾم وﺣﺎﺷﯾﺗﻪ اﻟﺳﻔر اﻟﻰ ﯾﺎﻓﺎ ،ﻓﻠم ﯾدرك ﯾﺎﻓﺎ
ﺣﺗﻰ اﺳﺗوﻟت ﻋﺳﺎﻛرﻩ ﻋﻠﻰ ﻏزة وﯾﺎﻓﺎ ﺑﻌد دﻓﺎع ﺧﻔﯾف ﻓﺳﺎر ﺑﻬم اﻟﻰ ﻋﻛﺎ ﺣﺎﺻرﻫﺎ ﺑراً وﺑﺣراً ،
وﺑﻌد ذﻟك اﻗﺗﺣﻣوا اﺳوارﻫﺎ وﺣﺻوﻧﻬﺎ .ﺛم اﺗﺟﻬوا اﻟﻰ ﺣﺻﺎر ﺑﻌض اﻟﻣدن اﻻﺧرى ﻛﺻور
وﺻﯾدا وﺑﯾروت ،واﺷﺗدت ﻋزﯾﻣﺔ اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﺑﻣﺎ ﻧﺎﻟوﻩ ﻣن اﻟﻧﺻر اﻟﻣﺗﺗﺎﺑﻊ ،ﺛم رﺳم اﻟوزﯾر ﻋﺛﻣﺎن
ﺑﺎﺷﺎ ﺑﺎﻟﺧروج ﻓﻲ ﺟﯾش ﻋظﯾم ﻟﻘﺗﺎل اﺑراﻫﯾم واﺳﺗﺧﻼص ﻣﺎﺑﯾدﻩ ﻣن ﺑﻼد وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻋﻛﺎ ،ﻓﻠﻣﺎ اﻟﺗﻘﻰ
اﻟﺟﻣﻌﺎن اﻗﺗﺗﻼ ﻗﺗﺎﻻً ﻋﻧﯾﻔﺎً ﻓﺎﻧﻬزم اﻟوزﯾر ﻋﺛﻣﺎن ﺑﺎﺷﺎ ﺑﻌﺳﻛرﻩ ﺷر ﻫزﯾﻣﺔ ﻓﻐﻧم اﻟﻣﺻرﯾون ﻣﺎ ﻛﺎن
29
ﻣن ﻣﻌﺳﻛرﻫم ﻣن ﻋﺗﺎد واﺳﻠﺣﺔ وﻋﺟل اﻻﻣﯾر اﺑراﻫﯾم ﺑﻌﺳﻛرﻩ اﻟﻰ ﻣدﯾﻧﺔ ﺣﻣص ﯾرﯾد ﺣﺻﺎرﻫﺎ
ﻓوﻗف ﻟﻪ اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري وﻗﺎﺗﻠوﻩ ﻓﻬزﻣوﻩ ﻣرة ﺛﺎﻧﯾﺔ ). (59
ﺷﻛل اﻻﺣﺗﻼل اﻟﻣﺻري ﻟﺳورﯾﺔ )1840-1831م( ﻋﻬدا ﺟدﯾدا ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﻼد اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ،
ﻓﻘد زﻋزع اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ ﺳﻠطﺔ اﻟزﻋ ﻣﺎء اﻻﻗطﺎﻋﯾﯾن اﻟﻣﺣﻠﯾﯾن وطﺑق ﻓرض اﻟﺿراﺋب اﻟﻣﻧظﻣﺔ وارﻏم
اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗراف ﺑﺣﻘوق ﻏﯾر اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ اﻟوظﺎﺋف اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ دواﺋر اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ،
وﻛﺎن ﻣﻧﺷوراً ﺳﻧﺔ 1839م اﻟذي ﯾﻘول ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻓراد ﺟﻣﯾﻊ اﻟطواﺋف اﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون وﻗد طﺑق
وﻧﻔذ ﺣﺎﻻ ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻧﺷورات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺻدر ﻋن اﻟﺳﻼطﯾن اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾن ،وﻟم ﯾﺗردد ﻓﻲ
اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻘوة ﻣﻊ ﻣﺳﻠﻣﯾن دﻣﺷق وﺣ ﻔز اﻟذﯾن اﻋﺗرﺿوا ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯾﯾر ﺣﺎﻟﺔ ﻣواطﻧﯾﻬم اﻟذﻣﯾﯾن
وارﻏﻣﻬم ﻋﻠﻰ ﻗﺑول اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد ،وﻛﺎن اﺛر ﻫذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟدﯾدة واﻟﺣرﯾﺔ واﻻﻣن ان اﺧذ
اﻻروﺑﯾون ﯾﻔدون اﻟﻰ اﻟﺑﻼد اﻛﺛر ﻣن ﻗﺑل .وﻗد اﺧذ ﻣؤﺳس ﻣﺻر اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺑﺎﻧﺷﺎء ﻣدارس ﻓﻲ
ارض وطﻧﻪ ﻻ ﻟﻠﻌﻠوم اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﺣﺳب ﺑل ﻟﻠطب واﻟﺻﯾدﻟﺔ واﻟﻬﻧدﺳﺔ واﻟزراﻋﺔ ). (60
ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل ﻛﺎن )ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب( ) (61اﻟذي وﻟد ﻋﺎم 1110ﻫـ وﻟﻣﺎ ﺷب ﺗﻔﻘﻪ وﺣﺞ ﺛم
اظﻬر دﻋوﺗﻪ ،ﻓﺗﻘﺑﻠﻬﺎ ﺟﻣﻊ ﻣن اﺑﻧﺎء ﻧﺟد واﻟﺣﺟﺎز اﻟﻰ ان ﺗوﻓﻲ 1205ﻫـ ،ﻓﺎﺳﺗﻣر اﺗﺑﺎﻋﻪ ﻓﻲ
اﻋﻣﺎﻟﻬم ﺣﺗﻰ ﺳﻧﺔ 1224ﻫـ ،ﻓﻛﺎﻧوا ﺗﺣت ﻗﯾﺎدة اﻻﻣﯾر ﺳﻌود .
وﻗد اﺻﺑﺣت ﺣدود ﻣﻣﻠﻛﺗﻬم ﻣن اﻟﺷﻣﺎل ﺻﺣراء ﺳورﯾﺎ وﻣن اﻟﺟﻧوب ﺑﺣر اﻟﻌرب وﻣن
اﻟﺷرق اﻟﺧﻠﯾﺞ اﻟﻌرﺑﻲ وﻣن اﻟﻐرب اﻟﺑﺣر اﻻﺣﻣر ،ﻓﻠم ﯾر اﻟﺑﺎب اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺑداً ﻣن ﺗﻛﻠﯾف ﺑطل ﻣﺻر
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ ردﻋﻬم ﻓﺄﺟﺎب اﻟطﺎﻋﺔ وﺟﻬز اﻟﺣﻣﻠﺔ اﻻ اﻧﻪ ﺧﺎف ﻣن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ان ﯾﻌودوا
اﻟﻰ ﺧﻠق اﻟﻘﻼﻗل ﺑﻣﺻر ﻓﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻗﺗﻠﻬم وﺣﺎﺻرﻫم ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻌﺔ واﻏﻠﻘت اﻻﺑواب وﻫﺟﻣوا ﻋﻠﯾﻬم
ﺑﻐﺗﺔ ﻓﺣﺎوﻟوا اﻟﻔرار ﻓﺎدرﻛﺗﻬم اﻟﺟﻧود ﺑﺎﻟﺑﻧﺎدق ﻣن اﻟﺷﺑﺎﺑﯾك وﻛﺎن ﻋدد اﻟﻣدﻋوﯾن ﻟﻠوﻟﯾﻣﺔ داﺧل
اﻟﻘﻠﻌﺔ ﻣن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﺣواﻟﻲ ارﺑﻌﻣﺎﺋﺔ ﻓﻠم ﯾﻧﺞِ ﻣﻧﻬم اﻻ اﺛﻧﺎن وﻟﻣﺎ ﺧﻠت اﻟﺑﻼد ﻣن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ﺳﯾر
اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺣﻣﻠﺔ ﺑﻘﯾﺎدة اﺑﻧﻪ طوﺳون ﻋﻠﻰ اﻟوﻫﺎﺑﯾﯾن ﻓرﻛﺑوا اﻟﺑﺣر ﻣن اﻟﺳوﯾس ﺣﺗﻰ اﺗوا ﯾﻧﺑﻊ ﻓﺗﻣﻠﻛوﻫﺎ
وﺳﺎروا ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻰ ﺻﻘر وﻓﯾﻬﺎ ﻣﻌﺳﻛر اﻟوﻫﺑﯾﯾن وﻗد ﺗﺎﻫﺑوا ﻟﻠدﻓﺎع ﻓﻬﺎﺟﻣوﻫم ﻓﺎﻧﻬزم اﻟوﻫﺎﺑﯾن اوﻻ
30
اﻻ اﻧﻬم ارﺗدوا ﻋﻠﻰ اﻟﺟﯾوش اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻓﺎﻧﻬزم ﻫؤﻻء ﺗﺎرﻛﯾن ﻣؤﻧﻬم وذﺧﺎﺋرﻫم) . (62ﻓﻠﻣﺎ ﻋﻠم ﺑذﻟك
اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻣد اﺑﻧﻪ ﺑﺟﯾش ﻓﺎﺷﺗد ازر طوﺳون وﺟﻣﻊ اﻟﻘوﺗﯾن وﺳﺎر ﺣﺗﻰ اﺗﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻓﺎﻓﺗﺗﺣﻬﺎ ﻓﺎﻧﺗﺷر
ﺧﺑر ﻓﺗﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺟﺎز.
وﻓﻲ 28ﻣﺣرم ﺳﻧﺔ 1230ﻫـ ﺣﺻﻠت ﻣوﻗﻌﺔ ﻋظﯾﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺻرﯾﯾن واﻟوﻫﺎﺑﯾﯾن ال اﻻﻣر
ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻰ اﻧﺗﺻﺎر اﻟﻣﺻرﯾﯾن ،وﻋﻧدﻣﺎ رﺟﻊ اﻟﺑﺎﺷﺎ اﻟﻰ ﻣﺻر ﺑﻌد ﻓﺗﺢ اﻟﺣرﻣﯾن ،ارﺳل اﺑﻧﻪ اﺑراﻫﯾم
ﺑﺎﺷﺎ ﺑﺣﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻘﺎﻫرة ﻓﻲ ﺷوال ﺳﻧﺔ 1231ﻫـ وﻧزل ﻓﻲ اﻟﻧﯾل اﻟﻰ ﻗﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﺣراء اﻟﻰ اﻟﻘﺻﯾر
وﻣﻧﻬﺎ رﻛب اﻟﺑﺣر اﻟﻰ ان وﺻل ﯾﻧﺑﻊ وﻣﺎزال ﻓﻲ ﻫﺟوم ودﻓﺎع ﻣﻊ اﻟوﻫﺎﺑﯾﯾن اﻟﻰ ان ﻗﺑض ﻋﻠﻰ
زﻋﯾﻣﻬم ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﺳﻌود وارﺳﻠﻪ اﻟﻰ واﻟدﻩ اﻟذي ارﺳﻠﻪ ﻓﻲ 20ﻣﺣرم ﺳﻧﺔ 1234ﻫـ اﻟﻰ
اﻻﺳﺗﺎﻧﺔ ﺣﯾث ﻋذب ﻓﯾﻬﺎ ﻣدة ﺛم ﻗﺗل ،وﺧﻠﻊ اﻟﺳﻠطﺎن ﻋﻠﻰ اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ ﺧﻠﻌﺔ اﻟﺷرف ﻣﻛﺎﻓﺄة ﻟﻪ
وﺟﻌﻠﻪ واﻟﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺔ واﻧﻌم اﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﺑﯾﻪ ﺑﻠﻘب ﺧﺎن ﻣﻛﺎﻓﺄة ﻹﺧﻼﺻﻪ وﺑﺳﺎﻟﺗﻪ(63).
وﻫﻛذا ﻛﺳروا ﺷوﻛﺔ اﻟوﻫﺎﺑﯾﯾن واﺳﺗرﺟﻌوا اﻟﺣﺟﺎز ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1812م وﻓﻲ أواﺋل 1815م
اﻧﺗﺻر اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻋﻠﯾﻬم ﻓﻲ واﻗﻌﺔ ) ﺑﯾﺳﺔ ( اﻟﻣﺷﻬورة ،واﺳﺗوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ طوﺳون ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺻﯾم ،واﻧﺗﻬت ﺣرﻛﺎت ﺟﯾش ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ ﻧﺟد ﺑﻌد ﺣﻣﻠﺔ ﺷﺎﻗﺔ ﺑﺎﺳﺗﺳﻼم ﻋﺑد اﷲ ﺑن
ﻣﺳﻌود) .(64وﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻫذﻩ اﻟﺣﻣﻠﺔ أن اﺳﺗﻧﻔذت ﺧزاﺋن ﻣﺻر ،وﻟﻛن اﻟﺑﺎﺷﺎ اﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﻬﺎ ﻓﺎﺋدة
ﻋظﯾﻣﺔ ﺣﯾث اﺗﺧذﻫﺎ ﻣﺑرراً ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﻗوة ﺑﺣرﯾﺔ وﻓﻲ رﻓﻊ ﺷﺄن ﻣﺻر ﻓﻲ ﻧظرة اﻟﻌﺎﻟم اﻻﺳﻼﻣﻲ
)( 65
ووﺿﻊ ﻧواة إﺻﻼﺣﺎﺗﻪ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ .
ﻟم ﯾﺳﻊ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ اﻻ اﻻذﻋﺎن ﻷواﻣر ﻣﺗﺑوﻋﻪ اﻷﻋﻠﻰ ﺧوﻓﺎً ﻣن ان ﯾؤدي اﻣﺗﻧﺎﻋﻪ
ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺻﯾﺎن واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻷﻣر اﻟذي ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻗواﻩ اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﺗﺳﺎﻋدﻩ ﻋﻠﻰ اﺗﻣﺎﻣﻪ وﻓﻲ اﻟﺣﺎل
أﺻدر أواﻣرﻩ ﺑﺎﺳﺗﻌداد ﺳﺑﻌﺔ ﻋﺷر أﻟف ﺟﻧدي ﻛﻠﻬم ﻣﺻرﯾون ﻣن اﻟﻣﺷﺎة ﻟﻠﺳﻔر ،وﻋدد ﻣن
اﻟﻔرﺳﺎن واﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ وﻋﯾن ﺑﻛر أوﻻدﻩ ﻣﺧﺿﻊ اﻟوﻫﺎﺑﯾﯾن وﻓﺎﺗﺢ اﻟﺳودان ﻗﺎﺋداً ﻋﺎﻣﺎً ﻟﻬذﻩ اﻟﺣﻣﻠﺔ
وراﻓﻘﻪ اﻟﻛوﻟوﻧﯾل )ﺳﯾف( اﻟﻔرﻧﺳﺎوي ﻣﻧظم اﻟﺟﯾوش ﻟﯾﺳﺎﻋدﻩ ﺑﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﻪ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺻل
31
ﻋﻠﯾﻬﺎ أﺛﻧﺎء وﺟودﻩ ﺿﻣن ﺟﯾوش ﻧﺎﺑﻠﯾون ﻓﺎﺳﺗﻌدت ﻫذﻩ اﻻرﺳﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺳﻔر ﻣن اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ ﺗﺣت
ﻗﯾﺎدة اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 16ﯾوﻟﯾو ﺳﻧﺔ 1824م ﻋﻠﻰ ﺳﻔن ﻣﺻرﯾﺔ ،ﻓﺳﺎرت اﻟﺳﻔن اﻟﻰ ﺟزﯾرة
)رودس( ﻟﻼﺟﺗﻣﺎع ﺑﺎﻟدوﻧﺎﻧﻣﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ .ﺛم ﺗرك اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﺳﻠﯾﻣﺎن ﺑك اﻟﻔرﻧﺳﺎوي ﻣﻊ
ﺣﺎﻣﯾﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ وﻗﺻد ﻫو ﺟزﯾرة )ﻛرﯾد( ﻓﺎﺣﺗﻠﻬﺎ .وﻣﻧﻬﺎ اﻟﻰ ﺳواﺣل ﺑﻼد )ﻣورﻩ( وﺑﻌد اﻟﻌﻧﺎء اﻟﺷدﯾد
ﺗﻣﻛن اﻧزال ﻗواﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﯾﻧﺎء )ﻣودون( .
وﻟم ﯾﻠﺑث اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ أن أﻣد ﻣدﯾﻧﺔ )ﻛورون( اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﺣﺎﺻرﻫﺎ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾون ﺑﺎﻟرﺟﺎل
واﻟذﺧﺎﺋر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 23ﻣﺎرس ﺳﻧﺔ 1825م ﺛم ﻓﺗﺢ ﻣدﯾﻧﺔ )ﻧﺎورﯾن( اﻟﺷﻬﯾرة ﺑﻌد ﺣﺻﺎر ﺷدﯾد ﻓﻲ
/16ﻣﺎﯾو 1925/م وﺑﻌد ﻣدة ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻓﺗﺢ ﻣدﯾﻧﺔ )ﻛﻼﻣﺎﺗﺎ( وﻓﻲ /23ﻣﺎﯾو1825/م واﺣﺗل ﻣدﯾﻧﺔ
)ﺗرﯾﺑوﻟﺗﺳﺎ( ﺛم اﺳﺗدﻋﺎﻩ رﺷﯾد ﺑﺎﺷﺎ اﻟذي ﻛﺎن ﻣﺣﺎﺻراً ﻣدﯾﻧﺔ )ﻣﯾﺳوﻟوﻧﺟﻲ( ﻟﻣﺳﺎﻋدﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺗﺣﻬﺎ
وﻛﺎﻧت ﻗد أﻋﯾﺗﻪ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺣﯾل ﻟوﻗوﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣر ووﺻول اﻟﻣواد ﺗﺑﺎﻋﺎً ﻣن ﺟﻬﺔ اﻟﺑر ﺑﺗﺎرﯾﺦ
/22أﺑرﯾل1826/م وﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻓﺗﺢ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾون ﻣدﯾﻧﺔ )آﺗﯾﻧﺎ( وﻗﻠﻌﺗﻬﺎ اﻟﺷﻬﯾرة )أﻛروﺑول(
رﻏﻣﺎً ﻋن دﻓﺎع اﻟﻠورد ﻛوﺷوان اﻟﻘﺎﺋد اﻟﺑﺣري اﻻﻧﻛﻠﯾزي اﻟذي ﻋﯾن ﻣن ﻗﺑل اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﯾن ﻗﺎﺋداً ﻋﺎﻣﺎً
ﻟﺟﯾوﺷﻬم اﻟﺑرﯾﺔ واﻟﺑﺣرﯾﺔ .
وﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎن اﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺷﺎ ﯾﺳﺗﻌد ﻟﻔﺗﺢ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣن ﺑﻼد اﻟﯾوﻧﺎن ﻓﻲ أﯾدي اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﯾن اذ
ﺗدﺧﻠت اﻟدول ﺑﯾن اﻟﺑﺎب اﻟﻌﺎﻟﻲ وﻣﺗﺑوﻋﯾﺔ ﺑﺣﺟﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﯾن ﻓﻲ اﻟظﺎﻫر وﻟﻔﺗﺢ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ
اﻟﺷرﻗﯾﺔ وﺗﻘﺳﯾم اﻟﺑﻼد ﺑﯾﻧﻬم ﻓﻲ اﻟﺑﺎطن ( 66) .
وﺑﻬذﻩ أﺻﺑﺣت ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺛورة اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻟﻬﺎ أﺛر ﺟﻠﯾل وﺑﻌﯾد ﻓﻲ أورﺑﺎ ﻓﻧﺟﺎح اﻟﺛورة ﻓﻲ
اﻟﯾوﻧﺎن ﻛﺎﻧت اﻟﺿرﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ اﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟﺗﺿﺎﻣن اﻷورﺑﻲ اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺣﻛم أورﺑﺎ ﺣﻛﻣﺎً ﻣﻠﻛﯾﺎً
ﻣطﻠﻘﺎً ،ﻛﻣﺎ أن ﻧﺟﺎح اﻟﺛورة ﻛﺎﻧت ﺿرﺑﺔ ﻣوﺟﻌﺔ ﺳددت ﻟﻺﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ وﺑﻧﺟﺎح اﻟﺛورة
اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻧﺟﺣت اﻟروح اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻓﻲ أول ﻣﻌرﻛﺔ ﻟﻬﺎ وﻣن اﻟﯾوﻧﺎن ﺳوف ﺗﻧﺗﻘل اﻟﻰ ﺑﻘﯾﺔ أﻗطﺎر
)(67
. اﻟﻌﺎﻟم
32
)(68
وذﻟك ﺑﺎﻗﺎﻣﺔ وﻗد ﺑدأت ظﻬور رد ﻓﻌل ﻟﻬذﻩ اﻟﺛورة ﻋﻧد )اﻟﺳﻠطﺎن ﻣﺣﻣوداﻻول(
ﺗﻧظﯾﻣﺎت ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﺟﻧﯾد اﻟﻌﺳﻛري اﻹﺟﺑﺎري ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻼﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن
اﺳﺗﺧدام اﻟﻣرﺗزﻗﺔ وﺗﺟﻬﯾزﻫﺎ ﺑﺎﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ وﺗدرﯾﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺣدث اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ وﺗﻐﯾﯾر
ﻧظﺎم اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻻﻗﺗﺑﺎس ﻣن اﻟﻐرب ﻟﺗﻘوﯾﺔ ﻗﺑﺿﺔ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ وﺟﺎﺑﻬﺔ أﻋداء اﻟدوﻟﺔ
ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج واﻟداﺧل ،وﻗد ﺑدأت ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ اﻻﺻﻼﺣﯾﺔ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺛورة اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻋﺎم 1821م
ٕواﺛر اﻻﻧﺗﺻﺎرات اﻟﺗﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﺿد اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﯾن ﺑﻔﺿل ﺟﯾﺷﻪ اﻟﺣدﯾث ).(69
أﺳﻬﻣت اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛوﻧﻬﺎ اﻟﺑﺎﺷﺎ ﺑﺎدوار ﻋدﯾدة ،وﻋدت ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧب ﻛﺑﯾر ﻣن
اﻻﻫﻣﯾﺔ وﺑﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﺳوداء اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾر اﻫﻠﻬﺎ أي ﻣظﺎﻫر اﻟﺗطور اﻟﺣﺿﺎري اﻟﻣﻌﺎﺻر،
ﻓﻘﺎم ﻫذا اﻟﺟﯾش ﺑﺎﯾﻣﺎن ﻣن اﻧﺗﻣﺎﺋﻪ اﻟﻰ ﻗﺎرﺗﻪ اﻟﻣﻐﻠوﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻣرﻫﺎ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺿﺔ
ﻫذﻩ اﻟﻘﺎرة اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺗﺣﺿر ،ﻓﻠم ﯾﻛن ﻫﻧﺎك ادﻧﻰ ﺻﻠﻪ ﺑﯾن اواﺳط اﻟﻘﺎرة
اﻻﻓرﯾﻘﯾﺔ وﺑﯾن اورﺑﺎ ،وﻟﻛن اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري اﻟﺣدﯾث اﺳﺗطﺎع ان ﯾﻛﺷف اﻟﻐ ﻣوض اﻟذي ﺧﯾم
ﻋﻠﻰ اواﺳط ﻫذﻩ اﻟﻘﺎ رة ﺑﻔﺿل ﺣﻣﻼت اﻟﻛﺷﻔﯾﺔ اﻟﻌدﯾدة ،رﻏم ﻫذﻩ اﻻﻋﻣﺎل اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ اﻟﻬﺎﻣﺔ وﻣﺎ
ﺗﻛﺑدﻩ ﻣن ﺧﺳﺎﺋر ﻓﺎدﺣﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ اﻓرادﻩ وﻋﺗﺎدﻩ ،اﻻ اﻧﻪ ﺧرج ﻣن اﻓرﯾﻘﯾﺎ دون ان ﯾﺟﻧﻲ ﺛﻣﺎر
ﺟﻬدﻩ ،وﻟم ﯾﻛن ﻫذا اﻟﺟﯾش ﻫو اﻟﻣﺳؤول ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻛﺎرﺛﺔ ﻓﻲ اﺟﺑﺎرﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠﯾﻪ ﻋن ﻣواﻗﻔﻪ ﻓﻲ
اﻓرﯾﻘﯾﺎ (70).واﺧذت اﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻫداﻓﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻏﯾر اﻧﻬﺎ ﺧﻠﻘت ﻓﻲ اﻟﺷﻌب
اﻟﻣﺻري اﺛ ار ﻋﻣﯾﻘﺎ ،ﻓﺎن اﻟﺧدﻣﺔ أﯾﻘظت اﻟﻛراﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻔﻼﺣﯾن واﻟطﺑﻘﺔ اﻟدﻧﯾﺎ ﻣن اﺑﻧﺎء اﻟﻣدن ،
) ( 71
ﻛﺎن طﻣوح ﻣﺣﻣد وﺑﻌث اﻻﻧﺗﺻﺎرات اﻟﺗﻲ رﺑﺣوﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻛﺎﻣﻬم اﻻﺗراك ﺛﻘﺗﻬم ﺑﺎﻧﻔﺳﻬم .
اﻣﺑرطورﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﻣن ﺑﯾن اﻟﺑﻼد اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺎن ،ﻓﻘد
ا ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ ان ﯾﻘطﻊ ﻟﻧﻔﺳﻪ
) (72
وان ﻛﺎن ﻗد اوﺷك ان ﯾﺣﻘق ﻫذا ﺗﺣطﻣت اﻣﺎﻟﻪ ﺣﯾن اﺻطدﻣت ﺑﻣﻌﺎرﺿﺔ ) ﺑﺎﻟﻣرﺳﺗون ( *
اﻻﻣﺑرطورﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ
ا اﻟﻣطﻣﺢ ﺣﯾن ﻓﺗﺢ ﺑﻼد اﻟﺷﺎم ﺣﯾث اﺻﺑﺣت ﺧطط ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻻﻗﺎﻣﺔ ﻫذﻩ
اﻻﻣﺑرطورﯾﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ
ا ﺗﻠﻘﻰ ﻋﻧﺎﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻧﺎس وﻟﻛن اﻟﺳﺑب اﻟذي اﻋﺗرﺿﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻗﺎﻣﺔ
اﻟﺳﺑب اﻷول ﺑﻣﻌﺎرﺿﺔ )ﺑﺎﻟﻣرﺳﺗون( واﻟﺳﺑب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫو ﻓﻘدان اﻟوﻋﻲ اﻟﻘوﻣﻲ ﺑﯾن اﻟﻌرب .
33
وﻫﻛذا ﻛﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ اﻟذي ﻛﺎد ،ﻟوﻻ ﺗدﺧل اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ ،أن ﯾﻘﺑض ﻋﻠﻰ زﻣﺎم
اﻟﺣﻛم واﻟﺧﻼﻓﺔ ،وﯾﺳﺗﺧﻠﺻﻬﺎ ﻣن ﯾدي ﺳﯾد ﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺳطﻧطﯾﻧﯾﺔ ،ﻓﯾؤﺳس ﺑذﻟك اﻣﺑراطورﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ
ﻗوﯾﺔ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﻧطرح اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ :ﻟﻣﺎذا رﻛز ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺷؤون اﻟﺣرب وﺣدﻫﺎ
دون اﻟﺗﻔﺎت ﺻﺎدق اﻟﻰ أي ﻧﺎﺣﯾﺔ اﺧرى .واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ان روح اﻟﻌﺻر ﻛﺎﻧت ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﻪ ذﻟك
ﻓرﺿﺎً وﺗﻣﻠﯾﻪ اﻣﻼء .ﻟﻘد ﻛﺎن اﻟرﺟل ﯾﻌﯾش ﻓﻲ ﻋﺻر ﻧﺎﺑﻠﯾون ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﺣروب واﻟﺛورات
واﻻﻧﺗﺻﺎرات واﻟﻬزاﺋم ،ﻓﻲ ﻋﺻر ا ﻧﺻرﻓت ﻓﯾﻪ ﻗوى اﻟدﻧﯾﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻧﺣو اﻟﺣروب واﻟﺟﯾوش
واﻻﺳﺎطﯾل .وﻣﺎذا ﻓﻌﻠت ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺳﻧوات اﻻوﻟﻰ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر اﻋداد اﻟﺟﯾوش
ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ وﺗﺳﯾرﻫﺎ ﻧﺣو اﻟﻣﯾﺎدﯾن .وﻣﺎذا ﺗﻌﻣل ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻏﯾر اﻋداد اﻟﺟﯾوش وﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ وﺗﺳﯾﯾرﻫﺎ
ﻧﺣو اﻟﻣﯾﺎدﯾن .وﻣﺎذا ﺗﻌﻣل ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻏﯾر ﺗﻧظﯾم اﻻﺳطول واﻋداد اﻟﺟﻧود وارﺳﺎﻟﻬم ﯾﺣﺎرﺑون ﻓﻲ
ﻧواﺣﻲ اﻟﻘﺎرة اﻻورﺑﯾﺔ.
ﺑﯾﺎ
ﺑل ﻛﺎن ﻗﯾﺻر اﻟروس واﻣﺑراطور اﻟﻧﻣﺳﺎ ﯾﻌﻣﻼن ﻫﻛذا ﻛﺎﻧت اﻟدﻧﯾﺎ اﻻ ﻣﺟداً ﺣر ً
وﻧظﺎﻣﺎً ﻋﺳﻛرﯾﺎ ،ﺑل ﻟم ﯾﻛن ﻟﻪ ﻋن ﻫذا اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻣﻧﺻرف وﻫو ﺳﻠﯾل اﻣﺔ ﺣرﺑﯾﺔ ﻟم ﺗﻌرف اﻟﺣﯾﺎة
اﻻ ﻓﻲ ظﻼل اﻟﺳﯾوف ﺑل ﻟم ﯾﻛن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻟﯾدﺧر ﻻﻣﺗﻪ ﻣن اﻟﻘوة اﺣﺳن ﻣن ﺟﯾش ﻗوي ﯾرﻫب
ﺑﻪ ﺟﯾراﻧﻪ.
اﻣﺎ وﺳﺎﺋل وﻏﺎﯾﺎت ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻓﺄﻧﻧﺎ ﻧﻼﺣظ ان ﻫﻧﺎك ﺧﻼﻓﺎً ﺟﺳﯾﻣﺎ ﺑﯾن وﺳﺎﺋﻠﻪ وﻏﺎﯾﺎﺗﻪ
ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻻﺣﯾﺎن ﻓﺗﻧظﯾم اﻟﺑﻼد واﺳﺗﺻﻼح ارﺿﻬﺎ وﺗﻌﻠﯾم اﻫﻠ ﻬﺎ وﺗﻘوﯾﺔ ﻣراﻓﻘﻬﺎ ﺷﻲء ..
وﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻔﺗﺢ واﻻﺗﺳﺎع واﻧﺷﺎء اﻻﻣﺑراطورﯾﺎت ﺷﻲء اﺧر واﻟﺷﯾﺋﺎن ﻻﯾﺗوﻗﻔﺎن ﺑل ﯾﺗﻌﺎرﺿﺎن ﻓﻛﯾف
ان ﺗﻧﺗظم اﻟزراﻋﺔ وﯾﺳود اﻟرﺧﺎء وﻫو ﻟم ﯾﺑق ﻣواطﻧﺎً ﻗوﯾﺎً اﻻ ﻗذف ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﻘﺗﺎل ،وﻛﯾف
ﯾذﺧر اﻟﻣﺎل ﻟﻼﺻﻼح وﻣن وراﺋﻪ ﺟﯾش ﯾﺣﺗﺎج اﻟﻰ ﻣﯾزاﻧﯾﺔ ﺗﻌﺎدل ﻣﯾزاﻧﯾﺔ ﻣﺻر ﻋﺷرات اﻟﻣرات
) ( 73
. وﻛﯾف ﯾرﻗﻲ ﺑﻧﻔوس اﻟﻧﺎس وﯾرﻓﻊ ﻣﻌﻧوﯾﺎﺗﻬم وﻫو ﯾﺣﺻد ﺷﺑﺎﺑﻬم ﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺣروب
34
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ :
أﺳﻬم اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﺑدور ﺣﺿﺎري ﺑﺎرز ﻓﻲ اﻧﺟﺎز اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻌﺑﯾد اﻟطرق وﺗﻣﻬﯾدﻫﺎ ،وﺣﻔر اﻟﺗرع واﻗﺎﻣﺔ اﻟﺟﺳور ،وﻛذﻟك ﻓﻲ اﻻﻋﻣﺎل اﻟزراﻋﯾﺔ،
وﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻻﺧرى .وﻟم ﯾﻘﺗﺻر اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ وﻗت اﻟﺳﻠم ﻓﻘط ،ﺑل ﯾﺑدو
اﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﺣث اﻧﻪ ﻛﺎن ﯾﺧﺻص اﻟﺑﺎﺷﺎ ﻋدداً ﻣن اﻟﺟﻧود اﻟذﯾن ﻻﯾﺻﻠﺣون ﻟﻠﺧدﻣﺔ
اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ،ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻣدﻧﯾﺔ وﺑﺎﻟﻔﻌل ﻧﺟﺢ ﻫؤﻻء اﻟﺟﻧود اﻟﻣﺻرﯾون ﻓﻲ
اﻧﺟﺎز اﻋﻣﺎل ﻛﺛﯾرة ﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﺻر ﻓﺣﺳب ،وﻟ ﻛن ﻓﻲ اﻟﺳودان اﯾﺿﺎ .ﻓﻘد ﺳﺎﻫم ﻫؤﻻء اﻟﺟﻧود
ﺑﺻورة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﻠب اﻟﻣﺎﺷﯾﺔ اﻟﺳوداﻧﯾﺔ اﻟﻰ ﻣﺻر ،وﺑﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧدﻣﺎ أﺻﯾﺑت اﻟﻣﺎﺷﯾﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ
ﺑﺎﻟﻔﻧﺎء ﺑﺳﺑب اﻟﻘﺣط اﻟذي ﺣل ﺑﺎﻻرض اﻟﻣﺻرﯾﺔ وﺑﺳﺑب اﻟﺣروب اﻻﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﺗﻬﺎ ﻣﺻر ﻓﻲ
ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر وﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،وﺑﺳ ﺑب اﻧﺗﺷﺎر ﻣرض اﻟطﺎﻋون ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن ﻫذﻩ
وﻛذﻟك ﺳﺎﻫم ﻫذا اﻟﺟﯾش ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟزراﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ زراﻋﺔ اﻻراﺿﻲ اﻟﻣﺎﺷﯾﺔ.
ﺑﻣﺣﺎﺻﯾل ﻟﯾﺳت ﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻻﻗﺎﻟﯾم اﻻﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺳودان ﺧﺎﺻﺔ .وﻛذﻟك ﺳﺎﻫم ﻫؤﻻء اﻟﺟﻧود
ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻌﻣراﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ اﻗﺎﻣﺔ اﻟﻣدن ﻓﻲ اﻟﺳودان ،وﻓﻲ ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻗﺎﻟﯾم اﻓرﯾﻘﯾﺎ
اﻟﺷرﻗﯾﺔ ،وﻓﻲ اﻋﺎﻟﻲ اﻟﻧﯾل .وﻛذﻟك ﺳﺎﻫم اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﻓﻲ ﻧﻘل اﻟﺑرﯾد وﻣد ﺧطوط اﻟﺳﻛك
اﻟﺣدﯾدﯾﺔ اﻟﺳوداﻧﯾﺔ ،ﻛذﻟك ﺗﻛوﯾن اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري اﻟذي ادى اﻟﻰ ﺗﻐﯾﯾر اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺧطﯾر ،اذ
ﻏرس ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظﺎم وﺣب اﻟوطن واﻟدﻓﺎع ﻋﻧﻪ وﺗﻠﻘﺣت اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑﻠﻘﺎح
اﻟﻔﻛر اﻻورﺑﻲ اﻟﺣدﯾث ﻣن ﺧﻼل ﺗﺳرﯾب اﻻﻓﻛﺎر اﻟﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎع
وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻻراء اﻟﺣدﯾﺛﺔ ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ واﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ،واﺻﺑﺣت اﻟﯾﻘظﺔ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣت ﻟﻠﺷرق اﻟﻌرﺑﻲ وﻧﻘﻠﺗﻪ ﻣن ﻋﺻورﻩ اﻟﻣظﻠﻣﺔ ﺑﻔﺿل ﺗﺄﺛﯾ رات اﻻورﺑﯾﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ.
35
اﻟﻣراﺟﻊ واﻟﻣﺻﺎدر
(1ﺣﻣﯾد اﻟﺟﻣﯾﻠﻲ و ﺣﻣﯾد ﻣﺟﯾد ﻫدو ،ﻣوﺳوﻋﺔ ﺑﯾت اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻻﻋﻼم اﻟﻌرب ﻓﻲ اﻟﻘرﻧﯾن اﻟﺗﺎﺳﻊ
ﻋﺷر واﻟﻌﺷرﯾن ،ج ،1ط ) ، 1اﻟﻌراق :ﺑﯾت اﻟﺣﻛﻣﺔ 2000 ،م ( ،ص. 499
(2اﻻن ﺑﺎﻟﻣر ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣدﯾث ،ج ،2ﺗرﺟﻣﺔ ﺳوﺳن ﻓﯾﺻل اﻟﺳﺎﻣر وﯾوﺳف ﻣﺣﻣد
اﻣﯾن ) ،ﺑﻐداد :دار اﻟﻣﺎﻣون ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ واﻟﻧﺷر 1992 ،م ( ،ص. 95
(3ﺟﻼل ﯾﺣﯾﻰ ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺣدﯾث ) ،ﺑﯾروت :دار اﻟراﺋد ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ 1975 ،م (
،ص. 236
( 4ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟراﻓﻌﻲ ،ﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ وﺗطور ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﺻر ،ج) ، 2
اﻟﻘﺎﻫرة :دار اﻟﻣﻌﺎرف 1987 ،م ( ،ص76
( 5اﺑراﻫﯾم اﺣﻣد ﺷﻠﺑﻲ ،ﺗطور اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟدﺳﺗوري ﻓﻲ ﻣﺻر ) اﻟﻘﺎﻫرة :دار اﻟﻔﻛري
اﻟﻌرﺑﻲ 1974 ،م ( ،ص 55
( 6ﺟورج اﻧطوﻧﯾوس ،ﯾﻘظﺔ اﻟﻌرب ،ﺗرﺟﻣﻪ د.ﻧﺎﺻر اﻟدﯾن اﻻﺳدود .اﺣﺳﺎن ﻋﺑﺎس ،ط، 5
) ﺑﯾروت :اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﯾﯾن 1978 ،م ( ،ص . 81
(7اﻟﻣﻣﺎﻟﯾـك :ﻫـم ﻓـﻲ اﻻﺻـل ﻣـن اﻟﻌﺑﯾـد اﻟﻌﺳـﻛر ﺑـﯾن اﻷﺗـراك ،وﻓـﻲ ﻋـﺎم1250م ﺗـوﻟﻰ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾـك اﻟﺳـﻠطﺔ ﻋﻠـﻰ
اﻟﻧﯾل وﻗد اﺳﺗﻣروا ﺑـذﻟك ﺣﺗـﻰ ﻋـﺎم 1257م ﺣﯾـث ﺗـم اﻓﺗﺗـﺎح اﻟﻘـﺎﻫرة ﻣـن ﻗﺑـل اﻟﺳـﻠطﺎن ﺳـﻠﯾم اﻟﻌﺛﻣـﺎﻧﻲ ،وﻗـد
اﺳﺗطﺎﻋت طﺑﻘﺔ اﻟﻣﻣﺎﻟﯾـك اﻟﺣﻔـﺎظ ﻋﻠـﻰ ذاﺗﻬـﺎ واﻟﺗ ﻛـﺎﺛر طﺑﻘـﺎً ﻟﻠﻣﺑـﺎدئ اﻟﺗﺎﻟﯾـﺔ :ﯾﻌﺗﺑـر ﻣﻣﻠوﻛـﺎً ﻛـل ﻣـن ﻟـم ﯾﻛـن
ﻣﺳﻠﻣﺎً وﻓﻲ ﺑﻠد ﻏﯾر اﺳﻼﻣﻲ وﻗد ﻧﺷﺄ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟظروف ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻏﯾر ﺣـر ﺛـم اﻧﺗﻘـل اﻟـﻰ ﺧدﻣـﺔ أﺣـد اﻟﻣﻣﺎﻟﯾـك
ﺳواء ﻛﺎن ﺳﻠطﺎﻧﺎً أو أﻣﯾراً ،وﻣن ﺛم ﯾﻘوم اﻷﻣﯾر ﺑﺗﻧﺷﺋﺗﻪ وﺗرﺑﯾﺗﻪ إﺳﻼﻣﯾﺎً ﺛم ﯾﻘوم ﺑﺈﻋﺗﺎﻗﻪ .
ﻛﻠوس ﻛرﯾز وﻓﺎرﻧردﯾم وﻫﺎﻧس ﺟورج ﻣﺎﯾر ،ﻣﻌﺟم اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺗرﺟﻣﺔ د.ج ﻛﺗورة ،ط، 2
)ﺑﯾروت :اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ1998 ،م( ،ص.644 – 642
36
( 8اﻟدﻛﺗور ﺟﻼل ﯾﺣﯾﻰ ،اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ،ص. 236
(9ﺳﺎطﻊ اﻟﻣﺻري ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼد اﻟﻌرﺑﯾﺔ ) ،ﺑﯾروت :دار اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﯾﯾن ،
1970م ، ( ،ص 125
( 11ﻋﻠﻲ ﺣﯾدر ﺳﻠﯾﻣﺎن ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﺿﺎرة اﻻورﺑﯾﺔ ) ،اﻟﻌراق 1991 :م ( ،ص . 426
(12ﻣﺣﻣد ﺻﺑﯾﺢ ،ﻛﻔﺎح ﺷﻌب ﻣﺻر ) ،ﻣﺻر :د .ت ( ،ص 193
( 13ﻋﻣر ﻣﻛـرم ﺑـن ﺣﺳـﯾن اﻟﺳـﯾوطﻲ )1822 -1755م( وﻟـد ﻓـﻲ أﺳـﯾوط ،اﻟﺗﺣـق ﺑـﺎﻷزﻫر ﻓـﻲ ﻣطﻠـﻊ ﺷـﺑﺎﺑﻪ
وﺗﺧرج ﻓﯾﻪ ،اﺳﻧدت إﻟﯾﻪ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷﺷراف ﻋﺎم 1793م ،ﯾﻣﺛل ﻋﻣر ﻣﻛرم اﻟزﻋﺎﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﯾن اﻟـدﯾن
واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟواﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ارﺗﻔﻌت ﻓوق اﻟﻣطﺎﻣﻊ واﻷﻫواء ،واﻟﺗﻲ آﻣﻧت ﺑﺣق اﻟﺷﻌب وداﻓﻌت ﻋﻧﻪ وﺣرﺻت ﻋﻠﻰ
اﻟوﻗوف ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن ظﻠم اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ،واﺳﺗﺑداد اﻷﺗراك ،وطﻐﯾﺎن اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن.
اﻧور اﻟﺟﻧدي ،ﺗراﺟم اﻷﻋﻼم اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ط) ، 1اﻟﻘﺎﻫرة :ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻻﻧﺟﻠو
اﻟﻣﺻرﯾﺔ1970 ،م( ص.343 -331
(15ﺳﯾﺎر ﻛوﻛب ﻋﻠﻲ اﻟﺟﻣﯾل ،ﺗﻛوﯾن اﻟﻌرب اﻟﺣدﯾث ) ، 1916-1516اﻟﻣوﺻل 1991 :
م ( ،ص. 288
( 16ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗدرﯾس ) ﻛﻠﯾﺔ اﻻداب – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓؤاد اﻻول( ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌرب ،ط ) ،1/ﻣﺻر :
ﺷرﻛﺔ وﻣﻛﺗﺑﺔ وﻣطﺑﻌﺔ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺑﺎﻧﻲ اﻟﺣﻠﻲ 1942 ،م ( ،ص. 308
37
( 19ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟﺟﺑرﺗﻲ ،ﻋﺟﺎﺋب اﻻﺛﺎر ﻓﻲ اﻟﺗراﺟم واﻻﺧﺑﺎر ،ج ) ، 3اﻟﻘﺎﻫرة 1951 :م
( ،ص. 182
( 20ﺟون ﻣﺎرﻟو ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧﻬب اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﻟﻣﺻر ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﺑد اﻟﻌظﯾم رﻣﺿﺎن )،ﻣﺻر :
اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب 1976 ،م ( ،ص . 118
( 22اﻟﺳــﻠطﺎن ﺳــﻠﯾم اﻷول )1520 -1470م( ،ﺗرﺑــﻊ اﻟﺳــﻠطﺎن ﺳــﻠﯾم اﻷول ﻋﻠــﻰ اﻟﻌــرش اﻟﻌﺛﻣــﺎﻧﻲ ﻓــﻲ ﻋــﺎم
1512م ،وﻗد أظﻬر ﺳﻠﯾم ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ ﺣﻛﻣﻪ ﻣﯾﻼً اﻟﻰ ﺗﺻﻔﯾﺔ ﺧﺻوﻣﻪ وﻟو ﻛـﺎﻧوا ﻣـن إﺧوﺗـﻪ وأﺑﻧـﺎﺋﻬم ،وﻛـﺎن
ﯾﺣــب اﻷدب واﻟﺷــﻌر اﻟﻔﺎرﺳــﻲ واﻟﺗــﺎرﯾﺦ ،ورﻏــم ﻗﺳــوﺗﻪ ﻓﺈﻧــﻪ ﯾﻣﯾــل اﻟــﻰ ﺻــﺣﺑﺔ رﺟــﺎل اﻟﻌﻠــم وﻛــﺎن ﯾﺻــطﺣب
اﻟﻣؤرﺧﯾن واﻟﺷﻌراء اﻟﻰ ﻣﯾدان اﻟﻘﺗﺎل ﻟﯾﺳﺟﻠوا ﺗطورات اﻟﻣﻌﺎرك وﯾﻧﺷروا اﻟﻘﺻﺎﺋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛـﻲ أﻣﺟـﺎد اﻟﻣﺎﺿـﻲ.
وﻗـد وﺻـﻠت اﻟدوﻟــﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾـﺔ اﻟـﻰ ﻣﻔﺗــرق اﻟطـرق ،ﻫـل ﺗظــل ﻋﻠـﻰ ﻫـذا اﻟوﺿــﻊ وﻫـذا اﻟﻘـدر ﻣــن اﻻﺗﺳـﺎع دوﻟــﺔ
ﺑﻠﻘﺎﻧﯾﺔ أﻧﺎﺿـوﻟﯾﺔ ؟ أو ﺗﺳـﺗﻣر ﻓـﻲ اﻟﺗوﺳـﻊ اﻻﻗﻠﯾﻣـﻲ ﻓـﻲ أورﺑـﺎ ؟ او ﺗﺗﺟـﻪ ﻧﺣـو اﻟﻣﺷـرق اﻹﺳـﻼﻣﻲ؟ واﻟواﻗـﻊ أن
اﻟﺳﻠطﺎن ﺳﻠﯾم اﻷول ﻗد أﺣدث ﺗﻐﯾﯾراً ﺟذرﯾﺎً ﻓﻲ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ اﻟﺟﻬﺎدﯾﺔ ﻓﻘد ﺗوﻗـف ﻓـﻲ ﻋﻬـدﻩ اﻟزﺣـف
اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ﻧﺣو اﻟﻐرب اﻷورﺑﻲ واﺗﺟﻬت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻧﺣو اﻟﻣﺷرق اﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣد اﻟﺻﻼﺑﻲ ،اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻋواﻣل اﻟﻧﻬوض واﻟﺳﻘوط ،ط) 2ﺑﯾروت :دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ
،(2005 ،ص.199 - 198
(23ﻟوﺗﻛﺳﻲ ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻻﻗطﺎر اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾث ) ،ﻣوﺳﻛو :دار اﻟﺗﻘدم ، ( 1971 ،ص 57
(25أرﻧــﺎؤوط :اﻷﻟﺑــﺎن ﻫــم اﺣـد اﻟﺷــﻌوب اﻟﻣﻌروﻓــﺔ ﺟﻧــوب ﺷــرق أوروﺑـﺎ )اﻷﻟﺑــﺎن ﯾﻘــﺎل ﻟ ﻬــم ﺑﺎﻷﻟﺑﺎﻧﯾــﺔ وﺑﺎﻟﺗرﻛﯾــﺔ
أرﻧﺎؤوط( .ﺑدأت ﺣرﻛﺔ اﻷﺳﻠﻣﺔ ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻷﻟﺑﺎن ﻣﻊ ﺑداﯾﺔ اﻟﻔﺗوﺣﺎت اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ وﻗد اﻗﺗﺻرت أول اﻷﻣر ﻋﻠﻰ
اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ آﻧذاك ،واﻟﺗﻲ ﺗوﻟﻰ ﺑﻌض اﻓرادﻫﺎ ﻣراﻛز ﻫﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﯾش وﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ .ﺑل أن ﻣﻌظم
اﻟﺟﻧد اﻟﻣرﺗزﻗﺔ اﻟذﯾن ﺗﺄﻟف ﻣﻧﻬم اﻟﺟﯾش اﻻﻧﻛﺷﺎري ﻛﺎﻧوا ﻣن اﻷﻟﺑﺎن .
38
ﻣﻌﺟم اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ،اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ،ص.73 – 72
( 26اﻻﻧﻛﺷــﺎرﯾﺔ ﻧﻣ طــﺎً ﻣــن اﻟﺣــرس اﻟﺧــﺎص اﻟﻣﻛﻠــف ﺑﺣﻣﺎﯾــﺔ ﻛﺑــﺎر رؤوس اﻟدوﻟــﺔ .وﻗــد ﺗــﺄﻟف ﻫــذا اﻟﺟــﯾش ﻓــﻲ
ﻣﻌظﻣــﻪ ﻣــن اﻻﺣﺗﯾــﺎط اﻟﺑﺷــري اﻟﻣﺗــوﻓر ﻓــﻲ رﻋﺎﯾــﺎ اﻟدوﻟــﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾــﺔ ،وﻗــد ﺗــﺄﻟف اﻟﺟــﯾش اﻻﻧﻛﺷــﺎري ﻣــن اﺑﻧــﺎء
اﻟﺷﻌوب اﻟﺑﻠﻘﺎﻧﯾﺔ – اﻟﺳﻼﻓﯾﺔ ،وﻣن اﻷﻟﺑﺎن واﺣﯾﺎﻧﺎً ﻣن اﻟﯾوﻧﺎن .ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺟﻧدي اﻻﻧﻛﺷﺎري ﻋﺳﻛرﯾﺎً ﻣدى اﻟﺣﯾﺎة
وﯾﻣﻧـﻊ ﻣـن اﻟــزواج ،ﻟـذﻟك ﻛــﺎن ﻫـذا اﻟﺟــﯾش ﻋـﺎدة ﻋﺑـﺎرة ﻋــن ﻓـرق ﻣﺧﺗــﺎرة ﯾﺻـﻌب ﺿــﺑطﻬﺎ او إﻟزاﻣ ﻬـﺎ ﺑﺎﻟﻧظــﺎم
وﻫﻲ ﻓرق ﻣﺟﻬزة ﻛﻠﯾﺎً وﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد داﺋـم ﻟﻠﻣﺷـﺎرﻛﺔ ﺑﺎﻟﻣ ﻌـﺎرك واﻣـﺎ ﻋـن اﺳـﺑﺎب ﺗﺟﻧﯾـد اﻟﺟـﯾش اﻻﻧﻛﺷـﺎري ﻓـﻲ
اﻟﺗوﺳﻊ اﻟذي ﺣﻘﻘﺗﻪ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ارﺟﺎء اﻟﺑﻠﻘﺎن.
(27ﺟرﺟﻲ زﯾدان ،ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺻر اﻟﺣدﯾث ،ج ، 2ط ) ، 3/ﻣﺻر 1925 :م ( ،ص. 182
(28ﻓﻠﯾب ﺣﺗﻲ ،اﻟﻌرب ،ﺗﺎرﯾﺦ ﻣوﺟز ) ،ﺑﯾروت :دار اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﯾﯾن ( ،ص . 252
(29اﺣﻣد ﺻﺎدق اﻟﺟﻣﺎل ،اﻻدب اﻟﻌﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻣﻣﻠوﻛﻲ ) ،اﻟﻘﺎﻫرة :اﻟدار
اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ 1966 ،م ( ،ص 17
(30ﯾوﺳف ﻧﺻر ،اﻟدور اﻟﺣﺿﺎري ﻟﻠﺟﯾش اﻟﻣﺻري ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،ط ) 1اﻟﻘﺎﻫرة :
ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣدﺑوﻟﻲ 1983 ،م ( ،ص 16
39
( 36ﻣﺣﻣد رﻓﻌت ،اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ،ص .54
(38رﻓﺎﻋﺔ ﺑك راﻓﻊ ،ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻻﻟﺑﺎب اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻻداب اﻟﻌﺻرﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ اﻋﺿﺎء
ﻣﺟﻠس اﻟﻘوﻣﯾﺳون ) ،ﻣﺻر 1286 :ﻫـ ( ،ص.151
(40ﺟﯾﻠﯾﺑر ﺳﯾﻧوﯾﺔ ،اﻟﻔرﻋون اﻻﺧﯾر ،ﺗرﺟﻣﻪ ﺣﺎﻓظ اﻟﺟﻣﺎﻟﻲ ) ،دﻣﺷق 2005 :م ( ،ص
.200
(42ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟراﻓﻌﻲ ﺑك ،ﻋﺻر ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ،ط ) ، 3/اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻧﻬﺿﺔ
اﻟﻣﺻرﯾﺔ ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻔﻛرة 1951 ،م ( ،ص. 386
40
(50اﻟﻘﯾﺻر ﺑطرس اﻷﻛﺑر1725 – 1672) :م( ،اﻣﺑراطور روﺳﯾﺎ )1725 – 1721م( وﻗﯾﺻرﻫﺎ )1862
– 1725م( ،ﻣؤﺳس اﻟدوﻟﺔ اﻟروﺳﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ظﻬرت ﻓﻲ ﺳن ﺻﻐﯾرة ﻣوﻫﺑﺔ ﺑطرس ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎدة ،واﯾﻘظ ﻣﻌﻠﻣﺎﻩ ﻓﻲ
ﻧﻔﺳﻪ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺑﻧﺎء أﺳطول ٕوادﺧﺎل اﻟﻧظم اﻟﻌﺻرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﯾش ،وﺟﻌل ﺑطرس ﻫدﻓﻪ اﻷﻛﺑر اﻣﺗﻼك ﻣﻧﺎﻓذ ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﺣر اﻟﺑﻠطﻲ اﻟذي ﻛﺎﻧت ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳوﯾد وﻗﺗﺋذ ،واﻟﺑﺣر اﻷﺳود اﻟذي ﻛﺎﻧت ﺳواﺣﻠﻪ ﻣﻠﻛﺎً ﻟﺗرﻛﯾﺎ وذﻟك ﻟﺗﺻﺑﺢ
روﺳﯾﺎ دوﻟﺔ ﺗﺟﺎرﯾﺔ وﺑﺣرﯾﺔ ﻛﺑرى ،درس طرق اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ وﺧﻠق اﻧظﻣﺔ ﺟدﯾدة ﻟﻺدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ،وﺟﻌل اﻟﺿراﺋب
ﻋﺎﻣﺔ ،ووﺣد اﻟﻌﻣﻠﺔ ،وأﺳس اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت وﻣدارس اﻟطب وﻣﺻﺎﻟﺢ إطﻔﺎء اﻟﺣراﺋق ،وﺷﺟﻊ اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ
وﻧﻬض ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة.
اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﯾﺳرة ،اﻟﻣﺟﻠد اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ط ) 3ﺑﯾروت :اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ ، (2009 ،
ص .724 – 723
( 51ﻣﺣﻣد ﺷﻔﯾق ﻏرﺑﺎل ،ﻋﺻر ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ) ،ﻣﺻر :دار اﻟﻣﻌﺎرف ﺑﻣﺻر ،ﻋﺎم
1945م ( ،ص . 202
( 52ﻓرﻧﺎن ﺷﻧﯾدر ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻧون اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﻪ ﻓرﯾد اﻧطوﻧﯾوس ،ط ) 1 /ﺑﯾروت :
ﻣﻧﺷورات ﻋوﯾدات ، ( 1970 ،ص . 46
( 53دروﯾش اﻟﻣﻘداري ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻻﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ) ،ﺑﻐداد :ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻣﻌﺎرف ، ( 1931 ،
ص. 635
( 56ﻣﺣﻣد رﻓﻌت ،ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺻر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻻزﻣﻧﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ج ،1ط ) ،1ﻣﺻر :ﻣطﺑﻌﺔ
اﻟﺷﻌب1916 ،م ( ،ص.53
( 57ادوار ﺟوان ،ﻣﺻر ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻣﺣﻣد ﻣﺳﻌود ،ط ) ،2ﻣﺻر :
ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗﺟﺎرة واﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ، ( 1931 ،ص.652
41
( 58ﺣﺳن اﺣﻣد اﺑراﻫﯾم ،ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺳودان ) ،اﻟﺳودان :ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺧرطوم ،دار
اﻟطﺑﺎﻋﺔ ( ،ص.23
( 59ﻣﯾﺧﺎﯾل ﺷﺎروﺑﯾل ،اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺻر اﻟﻘدﯾم واﻟﺣدﯾث ،ج ) ،4ﻣﺻر اﻟﻣﺣﻣﯾﺔ ،
اﻟﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻛﺑرى اﻻﻣﯾرﯾﺔ ،ﺑوﻻق ، ( 1900 ،ص.49
(60ﻓﯾﻠﯾب ﻣﺗﻲ ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌرب ،ج ) ،1ﺑﯾروت :دار اﻟﻛﺷﺎف ، (1949 ،ص.178
(61ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ) 1792 – 1703م( وﻫو ﻣؤﺳس اﻟوﻫﺎﺑﯾﺔ .درس ﻓﻲ اﻟﻣدﯾﻧﺔ وﻋـﺎش ﻓـﻲ اﻟﺧـﺎرج ﻟﻌـدّة
ﺳــﻧوات ،ﺑﻣــﺎ ﻓﯾﻬــﺎ أرﺑــﻊ ﺳــﻧ وات ﻓــﻲ اﻟﺑﺻ ـرة ،اﻟﻌ ـراق .وﻗــد دﻋــﺎ ﻋﺑــد اﻟوﻫــﺎب اﻟــﻰ ﻣﺣﺎرﺑــﺔ اﻟﺑــدع واﻟﻛﻔــر ،ﻣﺛــل
اﻟطــرق واﻟﻣﻌﺗﻘــدات اﻟﺻــوﻓﯾﺔ .ﻛﺗــب ﻛﺗــﺎب اﻟﺗوﺣﯾــد ،وﺳــﻣﻲ اﺗﺑﺎﻋــﻪ اﻹﺧ ـوان واﻟﻣوﺣــدﯾن .وﻗــف ﻋﺑــد اﻟوﻫــﺎب
ﺑﺻراﻣﺔ ﺿد اي ﺑدﻋﺔ ،ﻟﻣﺎ وﻗف ﺿد اﻻﻓﺗراض ﺑﺄن ﻫﻧﺎك وﺳﯾطﺎً ﺑـﯾن اﷲ واﻹﻧﺳـﺎن ،ﻛـذﻟك ﺗـزﯾﯾن اﻟﻣﺳـﺎﺟد.
طــرد ﻋﺑــد اﻟوﻫــﺎب ﻓــﻲ ﻋــﺎم 1744م ﻣــن ﻋﯾﯾﻧــﺔ واﺳــﺗﻘر ﻓــﻲ اﻟدرﻋﯾــﺔ ،اﻟﺗــﻲ اﺻــﺑﺣت ﻓﯾﻣــﺎ ﺑﻌــد ﻋﺎﺻــﻣﺔ اﺑــن
ﺳﻌود .واﻟوﻫﺎﺑﯾﺔ :ﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ﻣؤﺳﺳﻬﺎ ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ،ﺷـﻐﻠت ﺟـزءاً ﻣﻬﻣـﺎً ﻣـن ﺗـﺎرﯾﺦ ﺷـﺑﻪ اﻟﺟزﯾـرة اﻟﻌرﺑﯾـﺔ
ﺑﺄﻓﻛﺎرﻫﺎ اﻟﺗﻲ اﺳﺗوﺣﺎﻫﺎ ﻣن اﺑن ﺗﯾﻣﯾـﻪ )1328 – 1263م( وﺗﻠﻣﯾـذﻩ اﺑـن اﻟﻘـﯾم اﻟﺟوزﯾـﻪ )1350 – 1292م(
ﻓﺄطﻠق ﻋﻠﯾﻪ وﻋﻠﻰ اﺻﺣﺎﺑﻪ )اﻟﻣوﺣدﯾن( ﻓﻲ ﺣﯾن اطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﺧﺻوﻣﻪ واﻟرﺣﺎﻟﺔ واﻟﻣؤﻟﻔون اﺳم اﻟوﻫـﺎﺑﻲ وﻋﻠـﻰ
اﺻــﺣﺎﺑﻪ اﺳ ــم اﻟوﻫــﺎﺑﯾﯾن ،ﻟﺑ ــﻰ اﺑ ــن ﺳــﻌود اﻟ ــدﻋوة اﻟوﻫﺎﺑﯾ ــﺔ وﺑــدأ ﺑﺎﻟﻔﺗوﺣ ــﺎت اﻟﺗ ــﻲ ﺗﺎﺑﻌﻬــﺎ اوﻻدﻩ واﻟﺗ ــﻲ اﻧﺗﻬ ــت
)(61
ﺑﺗﺄﺳﯾس اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث.
اﺣﻣد اﻟﻣوﺻوﻟﻲ ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺣرﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ٕواﯾران وﺗرﻛﯾﺎ ،ط) . 1ﺑﯾروت
:ﻣرﻛز دراﺳﺎت اﻟوﺣدة اﻟﻌرﺑﯾﺔ 2004 ،م( ،ص 123 – 122؛ ﻋﺑد اﻟﻌﺎل وﺣﯾد ﻋﺑود
اﻟﻌﯾﺳﺎوي ،اﻟﻐزوات اﻟوﻫﺎﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌراق ﻓﻲ ﺳﻧوات اﻻﻧﺗداب اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ 1932 – 1920م ،ط1
) .اﻟﻧﺟف اﻻﺷرف :ﻣطﺑﻌﺔ اﻟراﺋد2010 ،م( ،ص . 13
(62ﺗرﺑﻲ اﺑو اﻟﻌز ،اﻟدر اﻟﻣﻧﺗﺧب ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺻرﯾﯾن واﻟﻌرب ،ج ) ،2ﻣﺻر :ﻣطﺑﻌﺔ
اﻟﺗﺎﻟﯾف ﺑﺷﺎرع اﻟﻔﺟﺎﻟﺔ 1994 ،م ( ،ص.78
42
(64ﻣﺣﻣد ﻓرﯾد ﺑك اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﻠﯾﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﺗﺣﻘﯾق اﻟدﻛﺗور اﺣﺳﺎن ﺣﻘﻲ ،
ط )، 5ﺑﯾروت :دار اﻟﻧﻔﺎﺋس 1986 ،م ( ،ص. 414
(65اﺣﻣد اﻟﺧﻧﺳﻪ ،ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ) ،ﻟﺑﻧﺎن :اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﯾﺔ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق
واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ 1982 ،م ( ،ص. 125
(66ﻣﺣﻣد ﺳﻬﯾل طﻘوش ،اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾون ﻣن ﻗﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ اﻟﻰ اﻻﻧﻘﻼب ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼﻓﺔ ،ط) ، 1
ﺑﯾروت :دار ﺑﯾروت اﻟﻣﺣروﺳﺔ 1995 ،م ( ،ص. 330
( 67اﻟﻣﺳﺗر ﺳﺗﯾﻔن ﺟﯾﻣﺳﻠﻲ ﻟوﻧﻛرﯾك ،أرﺑﻌﺔ ﻗرون ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌراق اﻟﺣدﯾث ،ﺗرﺟﻣﺔ ﺟﻌﻔر
اﻟﺧﯾﺎط ،ط ) ، 4اﯾران :اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﯾدرﯾﺔ ( ،ص. 278
(68اﻟﺳ ــﻠطﺎن ﻣﺣﻣ ــود اﻷول )1758 – 1730م( :ﺗ ــوﻟﻰ اﻟﺣﻛ ــم ﺑﻌ ــد أن ﻫ ــدأت اﻷﺣـ ـوال ﺑﺳ ــﺑب اﺿ ــط راﺑﺎت
اﻻﻧﻛﺷﺎرﯾﺔ ،ﻓﻘرر اﻟﺳﻠطﺎن ﻣﺣﻣود اﻷول اﺳﺗﻘدام ﻣﺳﺗﺷﺎر أورﺑـﻲ ﻓرﻧﺳـﻲ ﻟﻠﺷـؤون اﻟﻌﺳـﻛ رﯾﺔ واﺳـﻣﻪ )أﻟﻛﺳـﻧدر
اﻟﻛوﻧت دي ﺑوﻧﻔﺎل( وﻗد ﻋﻬد إﻟﯾﻪ ﺑﺈﺣﯾﺎء ﻓرﻗﺔ اﻟﻣدﻓﻌﯾﺔ ،وأدﺧﻠت اﻧظﻣﺔ ﺟدﯾـدة ﻟﻠﺧدﻣـﺔ اﻟﻌﺳـﻛرﯾﺔ ﻋﻠـﻰ أﺳـس
ﻓرﻧﺳﯾﺔ وﻧﻣﺳﺎوﯾﺔ ﺑﻬدف ﺟﻌل اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻣﻬﻧﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ،وذﻟك ﺑﺗوﻓﯾر اﻟﻣرﺗﺑﺎت واﻟﻣﻌوﻧﺎت ،واﻫـﺗم ﻛـذﻟك
ﺑﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻣداﻓﻊ واﻟﺑﺎرود واﻟﺑﻧﺎدق واﻻﻟﻐﺎم ،إﻻ أن اﻻﻧﻛﺷﺎرﯾﺔ ﻋﺎرﺿوا ﻛل اﻟﻣﺷروﻋﺎت.
ﻋﻠﻲ ﺣﯾدر ﺳﻠﻣﺎن ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ط )، 2ﺑﻐداد :ﻣطﺑﻌﺔ دﻧﻛ ور اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،
1933م ، ( ،ص. 621
(70ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻧوار ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌرب اﻟﻣﻌﺎﺻر ) ،ﺑﯾروت :دار اﻟﻔﻛر 1973 ،م( ،ص 182
(71ﺟورج اﻧطوﻧﯾوس ،ﯾﻘظﺔ اﻟﻌرب ،ﺗرﺟﻣﻪ اﻟدﻛﺗور ﻧﺎﺻر اﻟدﯾن اﻻﺳد واﻟدﻛﺗور اﺣﺳﺎن
ﻋﺑﺎس ،ط ) ، 5 /ﺑﯾروت :دار اﻟﻣﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﯾﯾن ، ( 1978 ،ص . 81
43
(72ﺑﺎﻟﻣرﺳﺗون ،ﻫﻧري ﺟون ﺗﻣﺑل )1865 – 1784م( :ﺳﯾﺎﺳﻲ اﻧﺟﻠﯾزي .دﺧل اﻟﺑرﻟ ﻣـﺎن ﻋﺿـواً ﻣﺣﺎﻓظـﺎً ﻋـﺎم
1807م ،وﻋــﯾن وزﯾ ـراً ﻟﻠﺣ رﺑﯾــﺔ )1828 – 1809م( واﻧﺷــق 1830م ﻋﻠــﻰ ﺣــزب اﻟﻣﺣــﺎﻓظﯾن ﻟﺣﺿــﻪ ﻋﻠــﻰ
إدﺧـﺎل إﺻــﻼﺣﺎت ﺑرﻟﻣﺎﻧﯾـﺔ ،واﻧ ظــم اﻟـﻰ ﺣــزب اﻻﺣ ـرار اﻟـذي ﻋﯾﻧــﻪ وزﯾـراً ﻟﻠﺧﺎرﺟﯾــﺔ )1841 – 1830م( ﻗــدم
ﻟ ــﺑﻌض اﻟ ــدول اﻷورﺑﯾ ــﺔ ﻣﺳ ــﺎﻋدة ﻛﺑﯾـ ـرة ﻓ ــﻲ ﺗﺣﻔﯾ ــزﻫم ﻟﻼﺳ ــﺗﻘﻼل .ﻋ ــﺎون – ﺑﺎﻟﺗﺣ ــﺎﻟف ﻣ ــﻊ ﻓرﻧﺳ ــﺎ وروﺳ ــﯾﺎ –
اﻟﯾوﻧـﺎﻧﯾﯾن ﻓـﻲ ﻧـﯾﻠﻬم اﻻﺳـﺗﻘﻼل 1831م ،وﻓـﻲ وﻗـف زﺣــف ﺟﯾـوش ﻣﺣﻣـد ﻋﻠـﻲ ﻋﻠـﻰ اﻻﺳـﺗﺎﻧﺔ ،وﺣرﻣﺎﻧـﻪ ﻣــن
)(72
ﻓﺗوﺣﺎﺗﻪ اﻟواﺳﻌﺔ )1841 – 1839م(.
( 73ﺣﺳﯾن ﻣؤﻧس ،اﻟﺷرق اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ، ،ط ) ،2اﻟﻘﺎﻫرة :ﻣطﺑﻌﺔ ﺣﺟﺎزي
1938 ،م ( ،ص ، 140ص . 146
44
Military institution
In the era of Muhammad Ali Pasha
E- Mail/:Aldrwesh566@gmail.com
45