Professional Documents
Culture Documents
قراءة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين
قراءة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين
الميثاق الوطني هو منظومة إصالحية تضم مجموعة من المكونات واآلليات والمعايير الصالحة
لتغيير نظامنا التعليمي والتربوي وتجديده على جميع األصعدة والمستويات قصد خل##ق مؤسس##ة
تعليمية مؤهلة وقادرة على المنافسة واالنفت##اح على المحي##ط السوسيواقتص##ادي ،ومواكب##ة ك##ل
التطورات الواقعية الموض##وعية المس##تجدة ،والت##أقلم م##ع ك##ل التط##ورات العلمي##ة والتكنولوجي##ة
والسيما في مجاالت :االتصال واإلعالم واالقتصاد .ويعت##بر الميث##اق الوط##ني مش##روعا إص##الحيا
كبيرا و أول أسبقية وطنية بعد الوحدة الترابي##ة وعش##رية وطني##ة( )2010-2001لتحقي##ق كاف##ة
الغايات واألهداف المرسومة من إخراج البلد من ش##رنقة التخل##ف واألزم##ات والرك##ود وال##رداءة
إلى بل##د متط##ور ح##داثي منفتح تس##وده آلي##ات الديمقراطي##ة والج##ودة و الق##درة على المنافس##ة
والمواكبة الحقيقية#.
هذا ،ويتكون الميثاق الوطني من قسمين أساسيين :إذ خص##ص القس##م األول للمرتك##زات الثابت##ة
لنظ##ام التربي##ة والتك##وين والغاي##ات الك##برى المتوخ##اة من##ه وحق##وق وواجب##ات ك##ل الش##ركاء
والمجهودات الوطنية إلنجاح اإلصالح ،والقسم #الثاني فقد خص##ص لمج##االت التجدي##د ودعام##ات
التغيير .كم#ا قس#م القس#م الث#اني إلى س#تة مج#االت ك#برى وتس#ع عش#رة دعام#ة للتغي#ير .وه#ذه
المجاالت الستة األساسية هي:
-2التنظيم البيداغوجي.
-4الموارد البشرية.
-5التسيير والتدبير.
-6الشراكة والتمويل.
يستند الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى مجموعة من المبادئ والث##وابت كاالهت##داء بالعقي##دة
اإلسالمية وروح الوطنية و التشبث بالملكية الدستورية والتمس##ك ب##التراث الحض##اري والثق##افي
واللغ##وي المغ##ربي العري##ق والتوفي##ق بين األص##الة والمعاص##رة والس##عي ب##المغرب نح##و امتالك
ناصية المعرفة والتكنولوجيا الحديث##ة .أم##ا عن الغاي##ات الك##برى فتتمث##ل في جع##ل المتعلم مح##ور
اإلصالح والتغيير عن طريق رفع مستواه التحصيلي والمعرفي والمهاري وذلك بتلبي##ة حاجيات##ه
الذهنية والوجدانية والحركية .و العمل على تكوين أطر مس##تقبلية مؤهل##ة وم##ؤطرة كف##أة ق##ادرة
على اإلبداع والتجديد وتنمية البالد .وتسعى بنود الميث#اق إلى جع#ل المدرس##ة المغربي#ة مدرس##ة
منفتحة سعيدة مفعمة بالحياة والتنشيط وجع##ل الجامع##ة ك##ذلك جامع##ة منفتح##ة وق##اطرة للتنمي##ة.
وينبغي أن تك##ون المؤسس##ات التربوي##ة س##واء أك##انت م##دارس أم جامع##ات أفض##ية للحري##ات
والحق##وق اإلنس##انية وأمكن##ة للح##وار والتعلم ال##ذاتي .والب##د من ش##راكة حقيقي##ة م##ع الجماع##ات
المحلية و اآلباء وأولياء األمور و الشركاء اآلخ#رين للمس#اهمة في النه#وض بالقط#اع التعليمي
قصد تحقيق الج##ودة والتعميم وإجباري##ة التم##درس .ومن ثم ،س##يكون اإلص##الح ال##تربوي ميثاق##ا
وطني##ا عش##ريا ذا أهمي##ة وطني##ة ك##برى يحق##ق نتائج##ه بش##كل م##رحلي مت##درج خاض##ع للمراقب##ة
والتقويم والتتبع.
ويه#دف الميث#اق الوط##ني للتربي##ة والتك#وين في مجال##ه األول إلى نش#ر التعليم وربط##ه بالمحي#ط
االقتصادي عن طريق تعميم تعليم جيد في مدرس##ة متع##ددة األس##اليب ومحارب##ة األمي##ة في إط##ار
التربية غير النظامية للقضاء عليها تدريجيا في 2010بنسبة %20وبش##كل نه##ائي في 2015
بنس##بة %100ولن يتم ذل##ك إال في إط##ار الالمركزي##ة والش##راكة في التربي##ة بين القط##اع الع##ام
والخاص والمجتمع المدني والسلطات المحلية والمجتمع السياسي والمنظمات الحكومي##ة وغ##ير
الحكومية مع توظيف اإلعالم المرئي لتحقيق األه##داف المس##طرة للقض##اء كلي##ا على األمي##ة بك##ل
أنواعه##ا ،فض##ال عن خل##ق تالؤم أك##بر بين النظ##ام ال##تربوي والمحي##ط االقتص##ادي عن طري##ق
االندماج المتبادل بين المؤسسة التعليمي#ة والمحي#ط البي##ئي واالقتص#ادي واالجتم#اعي والثق##افي
والمهني أو ع##بر االنفت##اح ال##وظيفي على الحي##اة العملي##ة وآف##اق اإلب##داع إم##ا بواس##طة التم##رس
والتكوين بالتناوب وإما عن طريق التكوين المستمر.
ويستهدف المجال الثاني من مجاالت الميثاق التنظيم البيداغوجي وإصالحه وتغييره عن طري##ق
إعادة الهيكل#ة وتنظيم أط#وار التربي#ة والتك#وين ابت#داء من التعليم األولي و االبت#دائي والث#انوي
اإلع##دادي والت##أهيلي والج##امعي عن طري##ق تنظيم أس##الك التعليم وش##عبه وش##واهده وأهداف##ه
ومض#امينه وأس#اليب تقويم#ه م#ع مراع#اة تط#وير التعليم األص#يل والمجموع#ات ذوي الحاج#ات
الخاصة كأبناء الجالية في الخارج واليهود المغاربة .كما يستتبع اإلص##الح البي##داغوجي إص##الح
أنظمة التقويم والمراقب##ة المس##تمرة والتتب##ع والمراقب##ة بم##وازاة م##ع إص##الح التوجي##ه ال##تربوي
والمهني.
أما المجال الثالث فيسعى إلى الرفع من جودة التربية والتكوين عبر مراجعة ال##برامج والمن##اهج
والكتب المدرس##ية والوس##ائط التعليمي##ة وت##دبير بش##كل أفض##ل الس##تعماالت ال##زمن واإليقاع##ات
المدرسية والبيداغوجية وتحسين تدريس اللغة األمازيغية واس##تعمالها وإتق##ان اللغ##ات األجنبي##ة
من أج##ل امتالك مف##اتيح وآلي##ات العلم والمعرف##ة والتكنولوجي##ا والتفتح على األمازيغي##ة لمعرف##ة
مكونات الهوية الثقافية والحضارية دون أن ننس##ى االس##تعمال األمث##ل وال##وظيفي للتكنولوجي##ات
الجدي ##دة واإلعالم والتواص###ل وتش ##جيع التف###وق والتجدي###د والبحث العلمي وإنع###اش األنش###طة
الرياضية والتربية البدنية المدرسية والجامعية واألنشطة الموازية.
وفي المجال الرابع الخاص بالموارد البش##رية ،يتم الترك##يز على حف##ز الم##وارد البش##رية وإتق##ان
تكوينها وتحسين ظ##روف عمله##ا ومراجع##ة مق##اييس التوظي##ف والتق##ويم #والترقي##ة م##ع تحس##ين
الظروف المادية واالجتماعية للمتعلمين والعناي##ة باألش##خاص ذوي الحاج##ات الخاص##ة والس##يما
المع###################################################################################################################################اقين منهم.
وفي المج##ال الخ##امس المتعل##ق بالتس##يير والت##دبير،فق##د دع##ا الميث##اق الوط##ني إلى س##ن سياس##ة
الالمركزية وإقرار الالتمركز في قطاع التربية والتكوين وتحسين التدبير العام وتقويمه بطريق##ة
مس##تمرة وتوجيه##ه اعتم##ادا على سياس##ة الت##دبير ومحارب##ة الب##ذخ والتب##ذير و ترش##يد النفق##ات
والتحكم في اإلنفاق بانتهاج الشفافية والمحاس#بة والديمقراطي#ة وسياس#ة الت#وازن بين الم#وارد
والمص##اريف .ويعم##ل المج##ال ك##ذلك على تنوي##ع أنم##اط البناي##ات والتجه##يزات وض##بط معاييره##ا
ومالءمته###########ا لمحيطه###########ا وترش###########يد اس###########تغاللها وحس###########ن تس###########ييرها
ويخص المجال السادس واألخير مجال الشراكة والتمويل عن طريق حفز قط##اع التعليم الخ##اص
وض##بط مع##اييره وتس##ييره ومنح االعتم##اد ل##ذوي االس##تحقاق وتعبئ##ة م##وارد التموي##ل وترش##يد
ت#############################################################################################################################################دبيرها.
وعلى الرغم من هذه المستجدات والمجاالت وال##دعامات اإلص##الحية اإليجابي##ة والطموح##ة ال##تي
ينص عليها الميثاق الوطني للتربي##ة والتك##وين ،ف##إن الواق##ع يعطين##ا انطباع##ا مخالف##ا لم##اهو في
الميث##اق ،فب##دال من أن تتحق##ق الج##ودة التربوي##ة في مؤسس##اتنا التعليمي##ة واإلداري##ة ،فإنن##ا نج##د
ال##رداءة ت##زداد يوم##ا عن ي##وم في ش##تى المي##ادين التابع##ة لقط##اع التعليم ناهي##ك عن الالمب##االة
والتس###يب والبطء وال###روتين والتسلس###ل اإلداري المميت ،إلى ج###انب الع###زوف عن الدراس###ة
والتثقيف من قبل المتعلمين ،وانتشار األمي##ة والتفك##ير في الهج##رة إلى الخ#ارج و"الحريـــگ"
مع تنامي ظاهرة البطالة والعطالة المستمرة ،والتأثير السلبي لت#أميم التعليم والعم#ل على نش#ره
في القرى والمدن الذي اتخذ بعدا كميا وعدديا على حساب الجودة التربوية و التأهيل الكيفي.
كما أثر ترشيد النفق#ات على التعليم بش#كل س#يء حيث التس#تطيع المؤسس#ات التعليمي#ة تس#يير
نفس##ها بنفس##ها النع##دام اإلمكاني##ات المادي##ة والمالي##ة والبش##رية ،فح##تى التس##يير في إط##ار نظ##ام
Sigmaلم يتحقق على مستوى الميدان وأصبح شعارا نظريا طموحا ينتظ##ر التفعي##ل المي##داني.
ولق##د ق##دمت المغ##ادرة الطوعي##ة في مج##ال التربي##ة والتعليم تص##ورا س##يئا عن سياس##ة ال##ترقيع
والمحس##وبية واالرتج##ال العش##وائي والتفري##ط في الكف##اءات الوطني##ة والس##يما الجامعي##ة منه##ا
اس##تجابة لق##رارات البن##ك ال##دولي ال##ذي يس##تهدف تركي##ع المغ##رب وإذالل##ه وإفق##اره من الك##وادر
واألط##ر الوطني##ة ألس##باب في نفس يعق##وب من أج##ل منح##ه حفن##ة من الق##روض لت##دبير أم##وره
االستعجالية ،وهذه السياسة التتالءم أصال مع مبادئ الميثاق الوط##ني وتوجيهات##ه في الش##فافية
و الديمقراطية وترشيد النفقات والتأهي##ل الجي##د والتس##لح ب##الروح الوطني##ة واألخالقي##ة وتحقي##ق
الجودة .وأخاف كثيرا من تحول الميث##اق الوط##ني إلى ش##عارات موس##مية ومناس##باتية وسياس##ية
إيديولوجية وشكليات بيروقراطية العالق##ة له##ا ب##الواقع العملي والتنفي##ذي و الص##لة ل##ه بج##وهر
اإلصالح كما يظهر لنا ذلك جليا من خالل الواق##ع العملي وواق##ع المنت##ديات التربوي##ة اإلص##الحية
التي تسهر الوزارة المعنية على تفعيلها مركزيا وجهويا ومحليا وعلى ص##عيد المؤسس##ات ولكن
بدون أهداف تذكر( مشروع اإلصالح -مشروع المؤسسة -مفه##وم الج##ودة واالرتق##اء -الش##راكة
التربوية ،)....كما أن هذه المنتديات اإلصالحية النظرية تتغير مفاهيمها اإلصالحية من سنة إلى
أخرى بشكل عشوائي و ارتجالي سريع دون التأكد منها تطبيقيا وعمليا .وحتى إن خ##رجت ه##ذه
المنتديات -التي تشتغل على هامش الميث##اق الوط##ني -بق##رارات وم##ذكرات ومنش##ورات وزاري##ة
ومطبوع##ات فإنه##ا تبقى ح##برا على ورق النع##دام #الم##وارد المادي##ة والمالي##ة والبش##رية وتعقي##د
المس##اطير اإلداري##ة والق##وانين التش##ريعية والتنظيمي##ة كم##ا يب##دو واض##حا في تط##بيق مش##روع
المؤسسة والشراكة التربوية وتحقيق الجودة البيداغوجي#ة.وأتم#نى في األخ#ير أال يبقى الميث#اق
الوط##ني ميثاق##ا نظري##ا مس##طرا في الم##ذكرات والمنش##ورات الوزاري##ة و ملخص##ات المنت##ديات
واللق##اءات التربوي##ة وموض##وعا بين دف##تي الكتب والدراس##ات التربوي##ة النقدي##ة واإلص##الحية و
مطروحا فوق رفوف المكتبات وأرشيف المكاتب اإلداري##ة والتربوي##ة ،ب##ل الب##د أن يفع##ل مي##دانيا
ويتم إنجازه عمليا وتنفيذه إجرائيا والتحقق منه تقويما وتتبعا من دعامة إلى دعامة ومن مج##ال
إلى آخر.