Professional Documents
Culture Documents
010203 الفلسف مقارنة بين الاحساس والادراك
010203 الفلسف مقارنة بين الاحساس والادراك
إن الذات اإلنسانية كيان مركب ومعقد ,يحمل كثيرا من التفاعالت و الوظائف التداخلة ,حيث يصعب تحديد
وفهم العمليات العضوية ,بعيدا عما يصاحبها من أحوال نفسية ودالالت انفعالية ,ومن بين أهم هذه الوظائف
والعمليات :عمليتا اإلحساس و اإلدراك ,وهما وظيفتان غالبا مايخلط الناس بينهما .وهذا ما يدفعنا للتساؤل :
كيف نميز بين اإلحساس و اإلدراك وما الفرق بينهما ؟
:محاولة حل المشكلة
:أوجه اإلختالف
تذهب المواقف التقليدية خاصة بين العقالنيين والتجريبيين إلى التفرقة بين اإلحساس و اإلدراك والنظر إليهما
كعمليتين مختلفين من الضروري التمييز بينهما ,لكن كل ينتصر لجانبه الذي ينتمي إليه
فاإلحساس من حيث المفهوم هو حادثة فيزيولوجية وظاهرة عضوية وانفعالية تعبر عن أعضاء الحس -
بواسطة المؤثرات الخارجية ,وما يصاحب ذلك من شعور بالتغير والتبدل لدى الذات الحاسة وانطباعاتها ذلك
أما اإلدراك فهو عملية عقلية ونوعا من البناء الذهني تتداخل فيه الكثير من العمليات النفسية كالذاكرة والتخيل
.والذكاء ....لهذا يعد اإلدراك عملية إنشائية متشابكة ومعقدة ذات طبيعة معنوية مجردة
على عكس اإلحساس كعملية بسيطة أولية ومباشرة بين الكائن الحي المؤثر بال واسطة أو عالقات بينهما - ,
"فهو حادثة تلقائية تحركها شروط بسيطة "المؤثر ,الذات الحاسة ,اإلنطباع النفسي
من ناحية أخرى نجد أن اإلدراك خاصية إنسانية خالصة تؤسس لمضمون الوعي اإلنساني وفعليات العقل-
المختلفة كالتفكير ,والتصور والتخيل ,والفهم والحكم ...وغيرها من العمليات الذهنية التي ال تتكون المعرفة
إال بها .أما اإلحساس فهو عملية يشترك فيها اإلنسان و الحيوان ,ألنه يمثل حاجة حيوية للتكيف و االتصال
بالمحيط الطبيعي ,وتكييف مختلف المنبهات الخارجية مع حاجات الكائن الحي ,ومساعدته على توفير
الشروط المالئمة لحياته وكيفيات تأقلمه مع بيئته وطبيعتها لهذا نجد الحيوانات تكاد تعتمد في تكيفها على
حواسها وحدها ,وكذلك الطفل في السنوات األولى من حياته ,وعليه كان اإلحساس و األدوات الحسية هي
نواف يطل منها الكائن الحي على العالم الخارجي أو نقاط العبور إليه والتعامل معه فهو تجربة مباشرة مع
األشياء ووسيلة من وسائل المعرفة لكنها تتوقف عند إثارة العقل وتحريك انتباهه ,ألن اإلحساس مجرد
.انطباعات أولية وليست معرفة
أما اإلدراك فهو معرفة ووظيفة في بناء المعرفة وتكوينها ,فهو يمضي بنا إلى ما خلف المحسوسات بعد
تحولها إلى معنى من المعاني ( المعرفة ) ,فاإلدراك فهم وتفسير وتحديد لمعاني األشياء ومميزاتها ,فالمعرفة
.إدراك ينشئه العقل
:أوجه التشابه
إن عمليتا اإلحساس و اإلدراك ال يمكن أن تقوما إال من خالل وجود ذات تنفعل وتتفاعل مع الموضوعات -
المختلفة في نطاق الحاضر الراهن كما أن كالهما يلعب دورا في المعرفة التكيف مع المحيط الطبيعي
وموضوعاته ,كما أنهما قدرتان تبرزان في الذات اإلنسانية وفعالياتها المختلفة ,زيادة على أنهما عمليتان
.تفسيريتان تحكمهما شروط وقوانين
كما أنهما وسيلتان عند اإلنسان يعتمدهما لمعرفة العالم الخارجي والتواصل معه برغم محدوديتهما ما -
يصالن إليه
:أوجه التداخل
إن اإلحساس واإلدراك من قدرات الذات اإلنسانية التي تتفاعل وتتداخل فيما بينها ,من هنا تبرز عملية
التداخل والتأثير المتبادل بينهما ,فاإلحساس يعتبر مقدمة اإلدراك ألنه تجربة مباشرة مع األشياء تقدم معطيات
وانطباعات أولية ومادة خام ال تحصل المعرفة وإدراك األشياء إال بها ,فأدوات اإلحساس هي وسائط اإلدراك
إلى العالم الخارجي .كما أن التأثيرات الحسية وانطباعاتها ال يكون لها دور وقيمة إال من خالل اإلدراك الذي
يستقبلها ويفسرها ويضفي المعاني المجردة عليها .وبالتالي تكوين المعرفة وفق أطر عقلية محددة ,وبالتالي
.هناك عالقة تكامل وظيفي بين اإلحساس و اإلدراك
:حل المشكلة
إن عمليتا اإلحساس و اإلدراك عمليا متكاملين ومن الصعب الوقوف على حدود ونشاط كل منهما ,فحواسنا
تنفعل لمداركنا وتشكل لها معينا من المعطيات ,وفي نفس الوقت تتفاعل مداركنا معها ,قبل وأثناء وبعد
.األتصال بالعالم الخارجي