‫السؤال‬

‫درس ت أن منهج الس لف إثب ات ص فات اهلل كم ا وردت م ع تف ويض الكيفي ة إىل اهلل‪ ،‬أي‬

‫أنن ا لس نا مفوض ة يف ب اب مع اين أمساء اهلل ولكن مفوض ة يف ب اب الكيفي ات‪ ،‬ولكن م ع‬

‫أيض ا‬
‫مراجع ة بعض أق وال الس لف الحظت أهنا تنص على أن منره ا كم ا ج اءت‪ ،‬وق رأت ً‬
‫البن اجلوزي أن ه ق ال‪ :‬م ذهب الس لف ليس اإلثب ات ولكن ت رك البحث باجلمل ة‪ ..‬أرج و‬

‫تفسري قول الس لف‪( :‬منرها كما جاءت) وهل تفيد التفويض‪ ،‬وثانيً ا أرجو التعليق على‬

‫كلمة ابن اجلوزي؟‬

‫اإلجابــة‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه‪ ،‬أما بعـد‪:‬‬

‫ف إن التف ويض يف م ذهب الس لف الص احل من الص حابة والت ابعني وت ابعيهم ومن س ار على‬

‫طريقتهم هو تفويض العلم بكيفية ذات اهلل تعاىل‪ ،‬وكيفية صفاته سبحانه‪.‬‬

‫أما معناه عند اخللف –أهل الكالم قدمياً وحديثاً‪ -‬فإنه تفويض معاين النصوص الشرعية‬

‫الثابت ة ال يت تع ارض قواع دهم وعقائ دهم ال يت مل جيدوا هلا ت أويالً ومل يس تطيعوا رده ا م ع‬

‫اعتقادهم أن ظاهر النص غري مراد‪.‬‬

‫وعلى ه ذا يت بني الف رق الكب ري يف مع ىن التف ويض عن د الس لف واخلل ف‪ ،‬فالس لف يعلم ون‬

‫مع اين النص وص ويؤمن ون هبا إذا دل عليه ا ظ اهر النص‪ ،‬ويفوض ون علم الكيفي ة إىل اهلل‬

‫تعاىل‪ .‬قال اإلمام‪ ‬مالك‪ :‬االستواء معلوم والكيف جمهول والسؤال عنه بدعة واإلميان به‬

‫واجب‪ ،‬وهبذا يت بني خط أ‪ ‬ابن اجلوزي‪ ‬يف كت اب (دف ع ش بة التش بيه) يف قول ه‪ :‬م ذهب‬

‫السلف تفويض علم هذه املعاين وترك البحث‪.‬‬

‫إذ مل يعرف القول بالتفويض هبذا املعىن يف القرون الثالثة األوىل‪ ،‬بل ظهر يف القرن الرابع‪،‬‬

‫كما قال‪ ‬ابن تيمية‪ ‬وقال‪ :‬وأول من قال به أبو منصور املاتريدي –املتويف ‪333‬هـ‪ -‬وأبو‬

‫احلسن األشعري –املتويف ‪ 324‬يف حماولة للتوس ط بني منهج السلف يف إثبات النصوص‬

‫وبني املنهج العقلي املس تمد من الفلس فة اليوناني ة‪ ...‬وإمنا أت وا من حيث ظن وا أن طريق ة‬

‫السلف هي جمرد اإلميان بألفاظ القرآن واحلديث من غري فقه لذلك‪ ،‬مبنزلة األميني الذين‬

‫اب إِالَّ أ ََم ايِن َّ َوإِ ْن ُه ْم إِالَّ يَظُنُّو َن‪ .‬انتهى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق ال اهلل تع اىل فيهم‪َ :‬ومْن ُه ْم أ ُِّميُّو َن الَ َي ْعلَ ُم و َن الْكتَ َ‬
‫بتصرف‪.‬‬

‫أما معىن قول السلف منرها كما جاءت‪ :‬منرها بال كيف وال نتعرض لكيفيتها ألنه ال يعلم‬

‫كيفيتها إال اهلل عز وجل‪ ،‬روى اخلالل يف السنة عن‪ ‬الوليد بن مسلم‪ ‬قال‪ :‬سألت سفيان‬

‫واألوزعي ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه األحاديث فقالوا‪ :‬منرها كما جاءت‪.‬‬
‫ق ال اخلالل‪ :‬ه ذا يف أح اديث الص فات وه و م ذهب الس لف إثب ات حقيقته ا ونفي علم‬

‫الكيفية‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫قال اإلمام‪ ‬الطحاوي‪ :‬منرها كما جاءت ونؤمن هبا وال نقول كيف وكيف‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫وقوهلم كما جاءت يدل على إثباهتم للمعاين وإمياهنم هبا وتفويضهم للكيف إذ أهنا ألفاظ‬

‫عربي ة ج اءت ملع ان فنمره ا كم ا ج اءت بإثب ات‪ ‬تل ك املع اين وتف ويض كيفيته ا إىل الع امل‬

‫بذلك وهو اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬راجع الفتوى رقم‪.50216:‬‬

‫واهلل أعلم‪.‬‬