المؤسسات العقابية في المغرب

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫اسم الطالبة‪ -:‬فاطمة احمد غانم‬

‫‪5/29/2020‬‬

‫الجامعة العراقية _ كلية القانون والعلوم‬


‫)قسم القانون(‬

‫بحث عن‪ -:‬المؤسسات العقابية في المغرب‬


‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫عرفت المؤسسات العقابية منذ أقدم العصور‪ ،‬ففي المجتمعات القديمة لم يكن‬
‫اإلشراف على السجون منوطا بأمر السلطة العامة‪ .‬وإنما كان يتواله أفراد‬
‫عاديون‪ ،‬فالسجون في تلك الفترة من الزمن كانت مجرد أماكن للتحفظ على‬
‫المتهم أثناء محاكمته‪ ،‬أو تمهيدا لتنفيذ العقوبة فيه‪ ،‬ولم يكن هناك أي اهتمام‬
‫بأمر هذه المؤسسات العقابية – السجون – وال بظروف من يودع فيها من‬
‫المجرمين‪ .‬والسجانون كانوا يحصلون على أجورهم من النزالء أنفسهم أو من‬
‫أسرهم ‪ .‬ولهذا كانت تتفاوت معاملة النزالء بتفاوت قدراتهم المالية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى قسوة الحياة داخل هذه المؤسسات العقابية وغياب الرعاية الصحية للنزالء‬
‫وعدم اإلهتمام بهم وتكدسهم فيها دون تميز أو تصنيف‬
‫ورغم وجود السجون التي تسيطر عليها الدولة بجانب السجون الخاصة فإن‬
‫تلك الوضعية المتردية للسجون ظل مستمرا في روما‬
‫وبظهور الديانة المسيحية وانتشار تعاليمها أنشئت السجون الكنيسة‪ .‬وكان‬
‫رجال الكنيسة ينظرون للمجرم على أساس أنه شخص عادي يحتاج للعون‬
‫والمساعدة‪ .‬وخالفا على ذلك‪ ،‬فقد تفاقم حال السجون المدنية بسبب تأخرها‬
‫ونتيجة لتقرير عقوبة سلب الحرية لجرائم قليلة الخطورة مثل جرائم التسول‬
‫والتشرد مما أدى إلى زيادة عدد السجناء وازدحامهم و أصبحت هذه المؤسسات‬
‫‪.‬العقابية مدارس اإلجرام‬
‫وحتى القرن السابع عشر بقيت مهمة السجون هي أماكن لتنفيذ العقوبات غير‬
‫الخطيرة فكانت عقوباتها بدنية قاسية‪ ،‬وقد تم إلغاؤها فيما بعد و استبدالها‬
‫بعقوبات السجن‪ .‬ولكن التشريعات أرادت أن تكون عقوبة السجن المستحدثة‬
‫والبديلة للعقوبات البدنية تظهر بمظهر العقاب الصارم القاسي الذي يناسب‬
‫‪1‬‬
‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫خطورة اإلجرام‪ .‬أما المجرمون الخطرون فكانوا يرسلون إلى السجون الخاصة‬
‫وكانت تلك السجون جد رديئة ومكدسة بالنزالء مما ترتب عليه تفشي‬
‫األمراض وانتشار األفعال الالأخالقية بينهم‬
‫وفي القرن الثامن عشر شهدت المؤسسات العقابية تطورا ملموسا تحت تأثير‬
‫كتابات المفكرين الفرنسيين أمثال روسو وفولتير و مونتسكيو والتي أثرت على‬
‫النظرة إلى المجرم‪ .‬ومن هنا تم اهتمام الدولة بالمؤسسات العقابية وبمعاونة‬
‫‪ .‬المحكومين في السجون في مختلف النواحي التعليمية والصحية‬
‫وهكذا أصبحت السجون تدخل في صميم وظيفة الدولة األساسية بهدف‬
‫المحكومين‬ ‫الوصول إلى إصالح‬
‫‪.‬‬
‫وأمام تنامي حركة حقوق اإلنسان في العصر الحديث زاد اإلهتمام بالمؤسسات‬
‫العقابية و أوضاعها لتحقيق أهداف التنفيذ العقابي في تأديب المحكوم عليهم‪،‬‬
‫ووجود توفر كل مؤسسة على أخصائيين في مختلف النواحي الطبية‬
‫واالجتماعية والثقافية والدينية لإلشراف على التنفيذ العقابي فيما يخص كل‬
‫‪.‬األساليب المادية والمعنوية‬
‫وما يهمنا في هذا الموضوع هو إصالح هذه الفئة بشتى الطرق التي تجعلنا‬
‫نحصل في النهاية تطبيق أساليب المعاملة الجزئية الرامية إلى إصالح المحكوم‬
‫عليهم على فئة نادمة على األفعال اإلجرامية التي اقترفتها وبالتالي اإلندماج‬
‫‪.‬داخل المجتمع بصورة عادية‬

‫‪2‬‬
‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫والذي نتوخاه في بحثنا هذا هو دراسة المؤسسات العقابية بالمغرب والدور‬


‫الذي تلعبه في تأهيل المحكوم عليهم‪ ،‬لكن الذي ينبغي طرحه في هذا الجانب‬
‫هو‪ :‬هل هذه المعاملة تمكن من إصالح المحكوم عليهم فعال؟ وبالتالي نعتبر هذه‬
‫المعاملة ناجحة وسليمة يجب إتباعه‪ ،‬أم أنها عبارة عن عود ثقاب يجد ظروف‬
‫االشتعال كلما فلت المحكوم عليهم من المؤسسات العقابية الشيء الذي يجعلهم‬
‫يمهدون لجرائم جديدة فيعودون من جديد لهذه المؤسسات وفي هذه الحالة يجب‬
‫تغيير المعاملة لكون نتائجها وخيمة وغير صالحة للتأهيل وبالتالي البحث عن‬
‫‪.‬سبل أخرى للتأهيل‬
‫كانت وال تزال المؤسسات العقابية بالمغرب تلعب دورا فعاال في الوقوف‬
‫حجرة عثرة أمام الجناة و المدنيين للمضي في طريق الجريمة أو الجنحة أو‬
‫المخالفة‪ .‬فكانت لهذه المؤسسات الدور المهم في إعادة إدماج هؤالء المنحرفين‬
‫داخل المجتمع عن طريق اإلصالح و التأهيل و التربية التي يتلقونها داخل‬
‫المؤسسات العقابية‪ ،‬وباعتبار هذه المؤسسات من مؤسسات الدولة و رغم‬
‫محاولتنا لوضع تعريف محدد المؤسسات العقابية‪ ،‬فإننا لن نجد هناك تعريفا‬
‫دقيقا متفقا عليه‪ ،‬بل نجد تعاريف كثيرة‪ .‬ونذكر على سبيل المثال تعريف ”‬
‫اندري أرما زيت ” حيث نظر إلى المؤسسات العقابية بأنها أنشئت لتأدية وظيفة‬
‫محددة وذلك بالتعريف اآلتي ” السجن بناء مقفل‪ ،‬ويوضع فيه األشخاص‬
‫المتهمون في انتظار محاكمتهم أو تنفيذ األحكام الصادرة عنهم ” وباعتبار‬
‫أندري أرما زيت ينتمي إلى المدرسة الوظيفية فإن هذه المدرسة عرفت‬
‫المؤسسات العقابية بمهمتين مزدوجتين في آن واحد‪ .‬اإلعتقال المؤقت والتنفيذ‬
‫‪ .‬النهائي للعقوبة السالبة للحرية‬

‫‪3‬‬
‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫لقد تعرضت السجون لمحاوالت اإلصالح بعد الجهود األولى التي تمثلت في‬
‫التأثير الديني للكنيسة والدور الذي عرفته من إخراج السجون من وضعها‬
‫القديم‪ ،‬وذلك بإنشاء عدد من السجون في الكنيسة حيث عمدت إلى تبني نظام‬
‫السجن اإلنفرادي عام ‪1817‬بقرار من مجلس القساوسة بمدينة ” إيكس الشبيل‬
‫“على أساس فكرة التوبة الدينية‪ ،‬وبفضل هذه الجهود تم الفصل بين الجنسين و‬
‫أنشء مستشفى خاص بالسجناء عام‪ .‬وقد ساعد على إنشاء هذه المؤسسات‬
‫جهود الفالسفة والمفكرين على رأسهم ” جون هوارد ” و الذي نشر في عام‬
‫‪ 1777‬كتابا بعنوان ” حالة السجون في انجلترا وويلزا ” وناد فيه بضرورة‬
‫إصالح المؤسسات العقابية وكذا معاملة المسجونين معاملة إنسانية الئقة‪ .‬كما‬
‫دعم ” بنتام ” هذه الفكرة بدعوته إلى إصالح السجون حيث اقترح على الجمعية‬
‫التأسيسية الفرنسية في عهد الثورة مشروع سجن جديد يحقق أغراض العقوبة‪.‬‬
‫وقد عرفت حركة إصالح السجون أثرا مهما سواء في أوربا أو الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث أن األنضار اتجهت إلى إنشاء السجون وفقا للتعاليم‬
‫واإلقتراحات التي نادى بها المصلحون‪ ،‬وذلك بانقاد مؤتمرات دولية مناقشة أهم‬
‫‪.‬مشكالت السجون‬
‫عرف المغرب في هذه المرحلة نظام السجن كما عرفه باقي العالم اإلسالمي‬
‫فكانت توجد قرب محاكم القضاة بعض الدور أو الخزائن المرممة مخصصة‬
‫لوضع األشخاص المنحرفين فيها‪ ،‬وحبسهم مدة معلومة ليقوموا بتنفيذ عقوبة‬
‫الحبس التي أصدرها القاضي في حقهم‪ ،‬وكانت معاملة السجناء كما عرفت هذه‬
‫المرحلة مدى شدة اإلهتمام بمؤسسات السجينة بالمغرب وخير دليل على ذلك‬
‫العصر العلوي الذي ركز اهتماما كبيرا بشؤون السجون و السجناء وذلك نظرا‬
‫ألهمية هذه المؤسسات في حياة المجتمع ولدور اإلجتماعي الذي تقوم به في‬
‫إصالح الفرد المنحرف و العمل على تقويته و ترشيده…‪ .‬كما تم تنظيم المبادئ‬
‫األساسية العامة للسجون في المغرب و التي احتوت على قواعد متطورة‬
‫استوحتها السلطات التنفيذية للسير على هديها في تسير وتنظيم السجون و‬
‫السهر على وضعية المساجين و على هذا األساس التنظيمي كانت سجون‬
‫‪4‬‬
‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫المملكة قائمة منتظمة قبل الحماية كفيلة بردع العابثين وجزر المجرمين‪ ،‬وفي‬
‫هذا المجال يقول ‪“ :‬ابن زيدان” ‪(:‬كانت وافية بالمرام في توطيد دعائم العدل و‬
‫النظام‪ ،‬انتفت بوجودها القصاصات المشجية و أنواع التعذيب الوحشية‪ ،‬وكانت‬
‫‪ .‬الملوك تسعى جهدها لسير نظامها وتمشيته على أساس العدل وقاعدة المساواة‬
‫ولقد تم تقسيم المغرب إلى ثالث مناطق‪ ،‬وعلى غرار هذا التقسيم فإن‬
‫المؤسسات العقابية السائدة آنذاك كانت تميز بين المنحرفين المغاربة و األجانب‬
‫و األوروبيين لذلك أنشأة سلطات الحماية نوعين من السجون‪ ،‬أحداهما‬
‫‪ .‬للمغاربة‪ ،‬و اآلخر للفرنسيين و األجانب‪ .‬وكانت السجون آنذاك‬
‫مهتمة فقط باالعتقال وتنفيذ العقوبات ال غير و يؤكد هذا أن سلطات الحماية لم‬
‫تهتم بالسجون في هذه الفترة إال مكونها من معازل يعزل فيها األشخاص‬
‫المجرمون بهدف معاقبتهم وراحة المجتمع من جرائمهم‪ .‬باإلضافة إلى هذا فإن‬
‫الجانب اإلنساني واإلجتماعي عرف تهاونا وقصورا من طرف سلطات‬
‫الحماية‪ .‬مما يدل على أن هذه السلطات تنظر إلى هذه المؤسسات في تلك الفترة‬
‫بنظرة انتقامية ال إصالحية وقد كان على رأس هذه المؤسسات مفتش يدير‬
‫‪:-‬أربعة سجون مختلفة هي‬
‫الدار المركزية بالقنطيرة ‪ -2‬دارعلي مؤمن ‪ -3‬سجن العدير ‪ -4‬سجن افران‪1-‬‬
‫وقد قامت إدارة السجون بعدة إصالحات في تلك المؤسسات‪ ،‬كما قامت ببناء‬
‫مؤسسات أخرى حلت محل بعض السجون القديمة مثل سجن آسفي‪ ،‬ثم المركب‬
‫‪.‬السجني بسال ثم المركب السجني بعكاشة الذي يعد أكبر سجن في إفريقيا‬
‫وما يجب اإلشارة إليه أن المؤسسات العقابية في المغرب عرفت تطورا كبيرا‬
‫ظاهر وملموس سواء في وضعيتها اإلدارية و التنظيمية البحث‪ ،‬وفي ميدان‬
‫التشريع القانوني وقد دل ذلك على كل اإلهتمام الذي أولته السلطات المسؤولة‬
‫لهذه المؤسسات العامة في حياة المجتمع‪ ،‬وكذا إدخال طرق جديدة لمعاملة‬
‫وتربية السجناء وقد تم كل ذلك في إطار متماثل مع تقدم ونمو الفكر الحضاري‬
‫‪.‬و اإلجتماعي في البالد بعد اإلستقالل‬

‫‪5‬‬
‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫وتتوفر كل مؤسسة عقابية في المغرب على مجموعة من الحراس و‬


‫المفتشون يلعبون دورا مهما داخل المؤسسة وهؤالء لهم أدوار مختلفة‪،‬‬
‫حيث أن الحراس هم موظفون عسكريون يقومون بالحراسة و السهر‬
‫‪.‬على حسن النظام داخل المؤسسة ومنع الهروب‬
‫أما المفتشون فيتجلى دورهم في مراقبة العمل داخل المؤسسة السجنية‬
‫ولنظر إلى مدى مطابقتها للقانون‪ ،‬باإلضافة إلى مراقبة نظافة المؤسسة‬
‫‪.‬وصالحية األغذية المقدمة للسجين‬
‫لكن المالحظ أن هناك تواطئ واضح بين المفتشين واإلدارة‪ ،‬مما يكشف‬
‫أن هؤالء ال يقومون بمهمتهم على أحسن وجه‪ ،‬وتبقى اإلدارة هي‬
‫‪ .‬المسيطرة على كل المجاالت‬
‫‪.‬تتضمن هذه المصالح عدة مكاتب حيث نجد ضمنها‬
‫مكتب الضبط‪ :‬يتولى مهمة مسك السجل الخاص بأسماء جميع المعتقلين –‬
‫الموجودين في مختلف المؤسسات العقابية‪ ،‬ويتبع يوميا مستجدات أوضاع‬
‫المحكوم عليهم كما يقوم بمهمة النظر في بعض الشكاوي من طرف المعتقلين‬
‫‪.‬أو عائالتهم‬
‫مكتب الدراسات‪  :‬هو مكتب يقوم بدراسات قانونية وتقديم اقتراحات بإصالح –‬
‫وتشيد مراكز جديدة إليواء المحكوم عليهم‪ ،‬كما يشرف على تنظيم واستكمال‬
‫التكوين المهني لموظفي المؤسسات العقابية‪ ،‬كما يقوم باتصاالت مختلفة مع‬
‫‪.‬مصالح وإدارات مختلفة‪ ،‬باإلضافة إلى قسم خاص باإلحصاءات‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫‪7‬‬
‫‪7‬‬

‫لالتعال‬

‫‪8‬‬

You might also like