Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 66

‫علم النفس‬

‫التردد اسبابه وعالجه‬

‫إذ ًا ما هو التردد؟‬

‫‪1‬‬
‫التردد صفة تلزم معظم األشخاص‪ ،‬وقد تمنعهم من وصولهم إلى الهدف الذي يسعون وراءه‪ ،‬وهو عبارة عن‪ :‬عدم‬
‫استطاعة الشخص اتخاذ القرار* الذي يتناسب مع موقفه‪ ،‬وال يستطيع تحمل النتائج المترتبة على اتخاذ هذا القرار؛*‬
‫لذلك يخذل الشخص نفسه ومن حوله في هذا الموقف‪.‬‬

‫تظهر بعض األعراض على الشخص المتردد؛ فعند ظهور مشكلة ما‪ ،‬أو موقف معين‪ ،‬يحتاج فيه إلى أخذ قرار‬
‫مناسب‪ ،‬يبدأ الشخص المتردد في تأجيل اتخاذ القرار‪ *،‬ومن ثم الهروب منه‪ ،‬ويبدأ في إهدار الوقت المسموح له في‬
‫اتخاذ قراره‪ ،‬ويترتب على ذلك إهدار الفرص التي قد ال تتكرر مرة أخرى في حياته؛ لذلك يعاني دائم ًا الشخص‬
‫المتردد من عدم استغالل الفرص‬

‫أسباب التردد في اتخاذ القرار بواسطة‪:‬‬

‫كيفية التخلص من التردد في اتخاذ قرار‬

‫تعريف اتخاذ القرار*‬

‫مهارات اتخاذ القرار‬

‫خطوات اتخاذ القرار اتخاذ القرار‬

‫تع ّد عملية صنع القرار* واتّخاذه واحد ًة من االستراتيجيات التي يقوم عليها التفكير‪ ،‬والتي تشمل البحث في عمق‬
‫المشاكل والمسائل المطروحة وإيجاد الحلول المناسبة لها وإنتاج مفاهيم جديدة‪ ،‬وقد تعامل الباحثون مع عملية‬
‫اتّخاذ القرار مع ك ٍّّ*ٍل من البحث والتفكير واإلنتاج التي تسبق صنع القرار* بصور ٍة تستق ّل فيها الواحدة عن األخرى‪،‬‬
‫وذلك لشمولها على العمليّات المتعدّدة والمختلفة وتطلّبها الستخدام المهارات ذات الكفاءة العالية من التفكير‪ ،‬والتي‬
‫تعمل على التحليل واالستنتاج وطرح األفكار‪ ،‬كما أنّ عمليّة اتّخاذ القرار* تُصنّف ضمن العمليات المر ّكبة للتفكير‪،‬‬
‫وتنقسم هذه العمليّة إلى قسمين رئيسين‪:‬‬

‫األ ّول هو تحديد الهدف المنشود بصور ٍة واضحة‪،‬‬

‫والثّاني هو إيجاد جميع الحلول والبدائل التي يُمكن تقبّلها‪.‬‬

‫[‪ ]١‬أسباب التردد في اتخاذ القرار ُجبلت النّفس البشريّة على خصائص ال مناص من وجودها عند ك ّل واح ٍد من‬
‫شخص آلخر‪ ،‬فالبعض قد‬
‫ٍ‬ ‫البشر‪ ،‬ولع ّل التردّد في اتّخاذ القرار واح ٌد من الخصائص البشريّة‪ ،‬لكنّها قد تختلف من‬
‫يُزاوله تر ّد ٌد عابرٌ واآلخر قد يُبالغ في تردّده‪ ،‬فينعكس ذلك بالسوء عليه‪،‬‬

‫فمن أسباب التردد في اتخاذ القرار أن يكون ذلك من طبيعة المرء‪ ،‬أو يكون نتاج المشاكل النفسيّة التي يتعرض لها‬
‫المرء من القلق النفسي والتوتر الدّاخلي‪،‬‬

‫ومن األسباب التي تجعل المرء متر ّددًا في اتّخاذ قراره‬

‫‪2‬‬
‫ٍي يغلب نفسه‪ ،‬والذي يدفع صاحبه إلى البحث عن األفضل دومًا‪ ،‬ممّا يجعله كثير‬ ‫وسواس قهر ٍّّ*‬
‫ٍ‬ ‫أن يكون صاحب‬
‫التدقيق وال يقبل الخطأ مهما كان كبيرً ا أم صغيرً ا‪،‬‬

‫كما أنّه ال يمكن أن يسامحه نفسه في األخطاء الصّ غيرة بسيطة الحدوث‪ ،‬فيلجأ إلى تضخيمها وإدراجها ضمن‬
‫مشاكل كبيرة‪ ،‬األمر الذي يجعل منه غير قادر على اتّخاذ القرار المناسب بعد التردّد في صنعه أساسًا‪]٢[.‬‬
‫‪Volume 0%‬‬

‫فن اتخاذ القرار الخوض في الحديث عن أسباب التردد في اتخاذ القرار‬

‫يقتضي وجوبًا الخوض في الحديث في الطرق التي قد تم ّكن المرء من صنع القرار األمثل‪ ،‬والذي من خالله‬
‫يستطيع المرء تغيير حياته أو كان مُنخرطًا به نحو األفضل‪ ،‬ومن أجل الوصول إلى القرارات النّاجحة سيت ّم ذكر‬
‫بعض النصائح في فنّ اتّخاذ القرار‪ ]٣[:‬خوض غمار التحدّيات‪:‬‬

‫فاتّخاذ القرار يستوجب قلبًا قوًيًّّ*ا قادرً ا على تحويل الطّاقة التي يحتويها المرء داخله إلى طاقة إيجابيّة‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل التفاؤل وتقليص الحلول المناسبة باختيار األنسب واألمثل بينهم‪ .‬تفعيل الخط ّ الفاصل‪*:‬‬

‫ويكون الخط ّ الفاصل ما بين االختيارات األمثل مع ما قد يُغادر مرحلة التصفيات التي يم ّر بها صنع القرار‪ *،‬وبعد‬
‫ي‬ ‫إيجاد الح ّد الفاصل بين االختيار الصحيح والخاطئ يقوم المرء باالمتثال لقراره بكامل بُنيانه الجسد ّ‬
‫ي والعقالن ّ*‬
‫ي ونحو ذلك‪ .‬التوقيت والمقاومة‪ :‬فالصبر وعدم التسرّ ع في اتّخاذ أ ّ‬
‫ي قرار تُع ّد من أه ّم مقومات القرارات*‬ ‫والعاطف ّ*‬
‫النّاجحة‪ ،‬ومن أه ّم السبل التي تودي إليها‪ ،‬وكذلك األمر أن يُقاوم المرء وساوسه القهريّة ونفسه األمّارة بالسوء‬

‫سيكولوجية التردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات‬

‫اهتم علماء النفس والفالسفة منذ فترة طويلة بنظرية ما وراء المعرفة‪ ،‬أي قدرة الفرد على إمعان النظر في أفكاره‬
‫ي دومًا في‬
‫وسلوكياته وقراراته وتقييمهما‪ .‬لذلك كان موضوع "اتخاذ القرارات"* و"التردد" حاضرً ا بشك ٍل أساس ّ‬
‫ي والسيكولوجي‪ ،‬جنبًا إلى جنب مع ما يرافقه من نظريات حول معرفة الذات وحريتها الفردية وقلقها‬‫النقاش الفلسف ّ‬
‫الوجود ّ‬
‫ي وميلها للتأجيل‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬

‫وبما أنّ الاليقين هي سمة أساسية من سمات الحياة‪ ،‬بد ًءا من أبسط األشياء إلى أكثرها تعقيدًا‪ ،‬فيرى الفالسفة* أنّ‬
‫اإلنسان سيبقى دومًا غار ًقا في عذاب االختيار‪ ،‬فهو يواجه ما يطلقون عليه مصطلح "القلق الوجوديّ"‪ ،‬أي قلقه من‬
‫ب اآلخر‪ ،‬خو ًف ا من مآالته ونتائجه التي يحيطها الاليقين والمجهولية من جميع‬ ‫أ ّ‬
‫ي اختيار قد يختاره على حسا ِ‬
‫الجهات‪.‬‬

‫يعمل التردد بمثابة مكابح مؤقتة تساعد في تمديد وقت اتخاذ القرار للسماح لمزيد من األدلة والمعلومات بالتراكم‪،‬‬
‫ما يعني اتخاذ قرارات أفضل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وبعيدًا عن الفلسفة‪ ،‬فيرى علم األعصاب أنّ العديد من أجزاء الدماغ ترتبط ارتباطًا مباشرً ا بقدرته على اتخاذ‬
‫ي‬
‫نظام إدراك ّ‬
‫ٍ‬ ‫القرارات* العقالنية‪ ،‬دون الوقوع في الشكّ والحيرة‪ ،‬أو االنحصار في دائرة التردد التي ال تنتهي‪ ،‬في‬
‫ي يقوم الدماغ من خالله بتحديد المعلومات واألفكار ورسم خرائط معينة للتفكير تصبح فيما بعد مرجعًا‬
‫ومعرف ّ‬
‫لألحداث المكررة أو اليومية‪ .‬وتلعب التفاعالت بين تلك األجزاء أدوارً ا* محددة عندما يحتاج الشخص أن يقرر بين‬
‫هدف معيّن‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عدة خيارات متاحة أمامه للقيام بأحد السلوكيات الموجهة نحو نحو‬

‫يرى علم النفس أنّ التردد في اتخاذ بعض القرارات هو أمرٌ طبيعيّ‪ ،‬ال سيّما في حال واجهتنا الخيارات الصعبة‪،‬‬
‫إذ يحدث هنا إبطا ٌء في عمل الروابط الواقعة بين القشرة الدماغية ومنطقة الدماغ المعروفة باسم النواة تحت‬
‫المظلية‪ ،‬والتي تلعب دورً ا في عملية اتخاذ القرارات* بشك ٍل عام‪ .‬والبطء في السرعة ذاك يعمل بمثابة مكابح مؤقتة‬
‫تساعد في تمديد وقت اتخاذ القرار للسماح لمزيد من األدلة والمعلومات بالتراكم‪ ،‬ما يعني اتخاذ قرارات أفضل‪.‬‬

‫التردد هو سمة حتمية لآلليات العصبية التي تدعم عملية اتخاذ القرار‬

‫وبالتالي نستطيع القول أنّ التردد واإلحساس المؤلم الناتج عن الصراع بين خيارين قد ال يكون بالضرورة أمرً ا‬
‫سيئًا؛ إنما هي طريقة الدماغ إلبطاء األمور واتخاذ القرار بشك ٍل أفضل والح ّد من العواقب السلبية التي قد تنشأ‬
‫على إثره وتتبعه‪ ،‬ما يؤ ّكد على أنّ التردد هو سمة حتمية لآلليات العصبية التي تدعم عملية اتخاذ القرار‪ .‬ومن هذه‬
‫الزاوية‪ ،‬كيف يمكننا النظر إلى التردد المبالغ فيه والذي قد يكون مرضيًّا في كثير من األحيان؟‬

‫التحليل النفسي‪ :‬التردد كمشكلة متج ّذرة في الطفولة‬

‫ترتكز فكرة التحليل النفسي على أنّ مشاكل حياتنا الحالية غالبًا ما تعود جذورها إلى مراحل حياتنا المب ّكرة‪ ،‬ال‬
‫وقت الحق‪ ،‬حتى في‬
‫ٍ‬ ‫نمط معيّن بالتعامل مع أمور حياتنا ث ّم نميل للتمسك به في‬
‫سيّما الطفولة‪ ،‬حيث نبدأ بتطوير ٍ‬
‫كثير من األحيان قد‬
‫ٍ‬ ‫ي مبرر أو حاجة فعلية لإلقدام على ذلك التصرف أو النمط‪ ،‬خاصة وأنه في‬ ‫حال عدم وجو ِد أ ّ‬
‫يجلب تكاليف باهظة‪.‬‬

‫ي هنا سؤااًل غريبًا ولكنه في الوقت‬


‫في ضوء حديثنا عن التردد أو تأجيل اتخاذ القرارات؛ قد يسأل المحلل النفس ّ‬
‫قرار ما أو لكبح نفسه عن‬
‫ٍ‬ ‫نفسه مفي ٌد للغاية قد يكشف الكثير‪ ،‬لماذا قد يجد الطفل* نفسه أكثر مياًل للتردد في اتخاذ‬
‫استخدام ما يتوافر في دماغه الصغير من معلومات إلسقاطها* بطريقة منسقة على ما هو فيه من وضع يحتاج‬
‫لالختيار والقرار؟ وببساطة أكثر؛ لماذا قد يرغب الطفل* بالتردد؟ وتبعًا لذلك؛ لماذا تستمر النسخة البالغة من هذا‬
‫الطفل بالتردد وعدم القدرة على اتخاذ القرار؟‬

‫ي أنّ إدراكنا لديناميات الطفولة هو السبيل لتحرير أنفسنا من مشاكل الماضي والتخلص من‬
‫يرى التحليل النفس ّ‬
‫االستراتيجيات الدفاعية التي طورناها فيما يتعلق بالتهديدات التي لم تعد موجودة‬

‫‪4‬‬
‫قد يكون الجواب أنّ ذلك الطفل دائ َم الشعور بالخطر وعدم األمان المرتبطين باختياراته وقدرته على اتخاذ القرار‪.‬‬
‫احتماالت عديدة؛ سلطوية الوالديْن‪ ،‬سخرية األخوة األكبر سنًّا‪ ،‬شعور الوالديْن‬
‫ٍ‬ ‫وبناء عليه نستطيع أنْ نضع هنا‬
‫ي تصرف أو قرار قد يقوم به الطفل* ويكون مصحوبًا بالفشل‪ ،‬فيبدآن باتخاذ قراراته‬ ‫بالخوف والذعر حيال أ ّ‬
‫بنفسيهما دون أ ّ‬
‫ي اعتبار لرغبات الطفل‪*.‬‬

‫االحتماالت السابقة جميعها قد تؤدي بطريق ٍة أو بأخرى إلى تخريب قدرة الطفل على الثقة بقدراته الخاصة‬
‫وإمكانيته على االختيار واتخاذ القرار‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى شعوره بالتهديد في حال أقدم على أ ّ‬
‫ي خطو ٍة من هذا‬
‫النوع‪ ،‬ويتطوّ ر الشعور مع الوقت حتى يصبح جزءًا من شخصيته وأسلوب حياته‪.‬‬

‫ي أنّ إدراكنا* لديناميات الطفولة هو السبيل لتحرير أنفسنا من مشاكل الماضي‬


‫ومن هذه النقطة‪ ،‬يرى التحليل النفس ّ‬
‫والتخلص من االستراتيجيات الدفاعية التي طورناها فيما يتعلق بالتهديدات التي لم تعد موجودة‪ ،‬وبالتالي يمكننا‬
‫خوف من أنْ يقوم شخصٌ أو شي ٌء ما بتهديد خياراتنا‬
‫ٍ‬ ‫التجرؤ أكثر‪ ،‬هنا‪ ،‬على اتخاذ قراراتنا بسهولة‪ ،‬دون ترد ٍد أو‬
‫والسخرية منها‪.‬‬

‫شلل اإلرادة والقدرة على اتخاذ القرار‬

‫ي بمصطلح "أبولومانيا" أو‬


‫على صعي ٍد آخر‪ ،‬قد يتحوّ ل األمر إلى معضلة مرضية يُطلق عليها في عالم الطب النفس ّ‬
‫ي واضح‪ ،‬بدءًا‬ ‫ي يُظهر فيه الفرد عدم القدرة* على اتخاذ القرار بشك ٍل مرض ّ‬
‫"شلل اإلرادة"‪ *،‬وهو اضطرابٌ عقل ّ‬
‫من أبسط خياراته في الحياة إلى أكثرها تعقيدًا وصعوب ًة‪ ،‬ما يؤدي إلى تع ّرضه لمشاكل نفسية هائلة ترتبط بالقلق‬
‫وصحة قراراته واأللم النفسي الناتج عن ذلك‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫ّ‬ ‫والتوتر واالكتئاب الناتج عن وسواسه القهر ّ*‬
‫ي بدقة‬
‫ي بشك ٍل طبيعيّ‪.‬‬
‫ي والمهن ّ‬
‫تؤثر تلك المشاكل بشدة على قدرة الفرد* على األداء االجتماع ّ‬

‫ي واضح‪ ،‬بدءًا من أبسط‬


‫ي يُظهر فيه الفرد عدم القدرة* على اتخاذ القرار* بشك ٍل مرض ّ‬‫أبولومانيا هو اضطرابٌ عقل ّ‬
‫خياراته في الحياة إلى أكثرها تعقيدًا وصعوب ًة‬

‫قرار ما‪ ،‬إال أنه نادرً ا ما‬


‫ٍ‬ ‫فعلى الرغم من أن العديد من األفراد يعانون من التردد ويحتاجون بعضً ا من الوقت التخاذ‬
‫يصل إلى درجة الهوس‪ ،‬أما المصابون بمتالزمة األبولومانيا " ‪ "Aboulomania‬فيرجع عجزهم الدائم في اتخاذ‬
‫القرارات* إلى حاجتهم للتأكد كل ًيّا وبشك ٍل ٍ‬
‫تام ودقيق من قرارهم قبل اتخاذه‪ ،‬وبالتالي فمن الممكن أن يصبحوا‬
‫مشلولين من ناحية قدرتهم على إشباع إرادتهم بشكل حرّ ومريح عند وجود التعددية في الخيارات‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫َ‬
‫فأنت حين ترى هذا السؤال البسيط الذي قد‬ ‫تخيّل مثاًل أنْ تسأل المريض به إنْ كان يشرب الشاي بس ّكر أو بدونه‪.‬‬
‫يحتمل خياريْن فقط ال غير‪ ،‬إمّا نعم أو ال‪ ،‬فإنّ ذلك الفرد سيدخل في نوب ٍة من شلل التفكير ناتجة عن فرط حاجتهم‬
‫لتحليل كال الخياريْن وكأنهما حاالت حرجة تستدعي التفكير العميق والمطوّل‬

‫أسباب التردد وطريقة التخلص منه‬

‫يمر االنسان بأوقات عصيبة‪ ،‬تجعله مجبرا على اتخاذ قرارات معينة‪ ،‬من الممكن أن تغير مسار حياته ومستقبله‪،‬‬
‫ولذلك يفكر الشخص كثير ًا قبل اتخاذ أي قرار‪ ،‬نظر ًا لما يترتب عليه هذا القرار من نتائج قد تبدو له جيدة أو سيئة‪.‬‬
‫ولكن قد نسمع عبارات كثيرة‪ ،‬مثل‪ :‬أنا ال أستطيع أخذ القرار‪ .‬أو أنا ال أستطيع التفكير في القرار‪ .‬أو أنا ال‬
‫أستطيع تحمل نتائج اتخاذ هذا القرار‪ ،‬وهنا تكمن المشكلة لصاحبها ويقال عليه شخص متردد!!‪.‬‬

‫إذ ًا ما هو التردد؟ وكيف يتغلب عليه الشخص؟ هذا ما سوف نسرده في هذا المقال‪:‬‬

‫التردد صفة تلزم معظم األشخاص‪ ،‬وقد تمنعهم من وصولهم إلى الهدف الذي يسعون وراءه‪ ،‬وهو عبارة عن‪ :‬عدم‬
‫استطاعة الشخص اتخاذ القرار* الذي يتناسب مع موقفه‪ ،‬وال يستطيع تحمل النتائج المترتبة على اتخاذ هذا القرار؛*‬
‫لذلك يخذل الشخص نفسه ومن حوله في هذا الموقف‪.‬‬

‫تظهر بعض األعراض على الشخص المتردد؛ فعند ظهور مشكلة ما‪ ،‬أو موقف معين‪ ،‬يحتاج فيه إلى أخذ قرار‬
‫مناسب‪ ،‬يبدأ الشخص المتردد في تأجيل اتخاذ القرار‪ *،‬ومن ثم الهروب منه‪ ،‬ويبدأ في إهدار الوقت المسموح له في‬
‫اتخاذ قراره‪ ،‬ويترتب على ذلك إهدار الفرص التي قد ال تتكرر مرة أخرى في حياته؛ لذلك يعاني دائم ًا الشخص‬
‫المتردد من عدم استغالل الفرص‪.‬‬

‫من أسباب التردد‪:‬‬

‫‪ -‬قد يرجع التردد إلى سبب ديني‪ ،‬وهو عدم التوكل على هللا حق التوكل‪ ،‬فالمؤمن القوي* هو من يفكر في‬
‫ت َف َتوَ َّكلْ عَ َلى اللّ ِه ِإنَّ اللّ َه يُحِبُّ‬
‫القرار السليم‪ ،‬ويتوكل على هللا كما قال هللا تعالى في كتابه العزيز‪َ { :‬ف ِإ َذا عَ زَ مْ َ‬
‫ا ْل ُمتَوَ ِّكلِينَ } آل عمران ‪.159‬‬

‫كما أمرنا رسول هللا ـ صلى هللا عليه وسلّم ـ في حديث أنس بن مالك‪ :‬أنه جاء رجل إلى رسول هللا ـ صلى هللا‬
‫عليه وسلّم ـ فقال‪ :‬يا رسول هللا أعقلها وأتوكل‪ ،‬يعني ناقته‪ -‬فقال له رسول هللا ـ صلّى هللا عليه وسلّم ـ‪" :‬اع ِقلها‬
‫وتو ّكل"(رواه الترمذي وغيره وحسنه األلباني)‪.‬‬

‫أو قد يرجع إلى سبب نفسي‪ ،‬أو اضطراب* في شخصية المتردد‪ ،‬فهناك بعض األشخاص تعاني من الخوف‬ ‫‪-‬‬
‫والحذر الزائد عن اللزوم من الفشل او الوقوع في الخطأ‪*.‬‬

‫‪6‬‬
‫كاف‪ ،‬يستطيع اإلقدام‬
‫ٍ‬ ‫أو قد يرجع إلى عدم ثقة الشخص المتردد في نفسه‪ ،‬وعدم تحمله مسؤولية ذاته بشكل‬ ‫‪-‬‬
‫به على اتخاذ أي قرار يتعلق به‪ ،‬أو قد نجد الشخص المتردد ال يستطيع التركيز على أهدافه‪ ،‬وال يستطيع التفكير‬
‫لبعض الوقت‪ ،‬عن ماذا يريد؟ وما النتائج التي سوف يحصل عليها‪ ،‬عند اتخاذ القرار* بالرفض أو القبول بحسب ما‬
‫يتناسب معه‪.‬‬

‫كيف يستطيع الشخص التغلب على التردد‪:‬‬

‫‪ -‬قد يخسر الشخص المتردد أهم الفرص التي تأتي له خالل حياته‪ ،‬حين ال يستطيع استغاللها بالشكل السليم‪،‬‬
‫وبالتالي قد ال يستطيع الوصول إلى أهدافه‪ ،‬وبهذا ال يستطيع الشخص التقدم في حياته بكافه تفاصيلها‪ ،‬ولذلك البد‬
‫أن يتخذ الخطوات السليمة والفعالة في الحد من هذه المشكلة والتغلب عليها ومن أهم هذه الخطوات‪:‬‬

‫‪ .1‬التوكل على هللا‪ ،‬والتفاؤل* بالخير دائم ًا ‪ ،‬فكل ما نتخذه من قرارات هو اجتهاد شخصي فقط‪ ،‬ولكن نتيجة هذا‬
‫القرار تكون من عند هللا تعالى‪ ،‬ودائم ًا قضاء هللا هو األفضل للشخص‪ ،‬ويجب على الشخص عدم الندم والرضا‬
‫بما قسمه هللا تعالى له‪.‬‬

‫‪ . 2‬وضع بعض األهداف التي يتمنى الشخص الوصول إليها‪ ،‬وهذا يساعد الشخص في أخذ القرار المناسب‬
‫للوصول لهذه األهداف‪.‬‬

‫‪ . 3‬زيادة الثقة بالنفس‪ ،‬والتعود على تحمل مسؤولية الشخص لنفسه‪ ،‬واالعتماد على ذاته‪ ،‬حتى يستطيع أن يفكر‬
‫جيد ًا في النتائج المترتبة على اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪ .4‬االبتعاد عن الخوف من الفشل؛ حتى نستطيع أخذ القرار* الالزم‪ ،‬والتعلم جيد ًا أن الفشل هو بداية النجاح و‬
‫ليس آخر الحياة‪ ،‬فجميعنا يجب أن نتعلم من أخطاءنا وفشلنا في بعض األمور‪ ،‬حتى نستطيع الوصول إلى أهدافنا‪.‬‬

‫‪ .5‬دائم ًا ذكر نفسك بأنك شخص تستطيع أن تصل ألهدافك بكل الطرائق الصحيحة والممكنة أمامك‪ ،‬فهناك حكمة‬
‫تقول‪" :‬القائد العظيم هو ذلك الشجاع الذي يتخذ القرار* عندما يكون الجميع متردد ًا"‪.‬‬

‫‪ . 6‬التفكير العميق في القرار‪ ،‬وما يترتب عليه من أضرار ومنافع‪ ،‬مع تحديد حجم هذه المنافع واألضرار‪ ،‬هذا‬
‫يساعد في اتخاذ القرار‪*.‬‬

‫‪ .7‬تحمل مسؤولية هذا القرار* أيا كانت النتائج‪ ،‬وعدم الهروب منه‪ ،‬فال بد أن يأخذ الشخص قرارا بتحمل‬
‫مسؤولية اتخاذه‪ ،‬سواء كان في صالح أهدافه أو ضدها‪ ،‬و يجب أن يحدد الشخص الوقت الكافي التخاذ القرار‪*.‬‬

‫‪ . 8‬استشير بعض األشخاص المقربين إليك‪ ،‬والذين من الممكن أن يساعدوك في اتخاذ القرار* السليم‪ ،‬فهناك‬
‫حكمة قالها نيل هولوي‪ :‬ـ مدير إداري* تنفيذي بشركة مايكروسوفت ـ "عندما أحتاج إلى اتخاذ قرار ما‪ ,‬فإنني‬
‫أقضي الكثير جد ًا من الوقت في مجرد التنقل والتحدث إلى أشخاص أذكياء"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬الحياة مليئة بالفرص التي قد توصلك إلى تحقيق أكثر مما تتمنى الوصول إليه؛ لذلك ال تضيع هذه الفرص من‬
‫خالل التردد أو إهدار الوقت في التفكير دون جدوى‪ ،‬فكر دائم ًا أنه لديك أهداف‪ ،‬تستطيع الوصول إليها بالتفكير‬
‫السليم‪ ،‬واتخاذ القرار المناسب‪ ،‬وأيا كان قرارك أو كانت النتيجة البد من تقبلها بصدر رحب‪ ،‬وال تهدر وقتك في‬
‫الحزن أو االكتئاب الذي قد يصيبك‪ ،‬عندما تجد أهدافك ال تتحقق‪" ،‬فربما تكون أهدافك في الطريق للوصول إليك‪،‬‬
‫ولكن البد من الفشل حتى تفكر جيد ًا في الطريق‬

‫كيف تتغلب على التردد؟!‬

‫التردد من أهم المشكالت التي يعاني منها الكثير من الناس‪ ،‬وتتمثل في الفشل في اتخاذ قرار والتقدم‬ ‫‪‬‬
‫خطوة لألمام نحو تحقيق األهداف‬
‫الكثير من الناس يفقدون فرص ًا ثمينة في حياتهم بسبب عدم اتخاذهم لقرار والمضي فيه في الوقت‬ ‫‪‬‬
‫المناسب‪..‬ما يميز الناجحون هو اغتنام الفرص في حينها‬
‫من أسباب التردد غياب الرغبة الحقيقة في اإلقدام على عمل أو فقدان الثقة في النفس أو الحرص على‬ ‫‪‬‬
‫جمع المزيد من المعلومات بصورة غير متناهية‬
‫كلما زاد التردد وعدم اإلقدام على تحقيق األهداف يتعزز عند اإلنسان الشعور بالعجز وعدم القدرة‪...‬وتبدأ*‬ ‫‪‬‬
‫أحالمه في االضمحالل ويسيطر القلق عليه‬
‫إذا كنت تريد الوصول للتميز في حياتك العملية أو الدراسية أو الشخصية فال بد أن تتخلص من مخاوفك‬ ‫‪‬‬
‫وتتغلب على التردد‪...‬فيما يلي بعض اإلرشادات‬
‫للتغلب على التردد‪ ،‬ضع هدف ًا أو أهداف ًا لحياتك تريد تحقيقها‪...‬وركز على تلك األهداف‪...‬فللهدف قوة‬ ‫‪‬‬
‫وطاقة محركة توجه جهودنا وتركزها في اتجاهه‬
‫بعد تحديد أهدافك‪...‬ضع خطة عملية لتحقيقها‪..‬والخطة ال بد أن تحتوي على مهام واضحة إنجاز كل واحد‬ ‫‪‬‬
‫منها يقربك لهدفك‪...‬تذكر‪ :‬اإلنجاز يقود لإلنجاز‬
‫تخلص من المخاوف والشكوك في قدرتك على المضي في إنجاز المهام التي تقربك من هدفك‪..‬ال يمكن أن‬ ‫‪‬‬
‫تختبر قدرتك الحقيقية إال بالمبادرة وبدء العمل‬
‫ابتعد تمام ًا عن المثالية المفرطة‪..‬ال يمكن أن تجمع "جميع" المعلومات التي تحتاجها التخاذ القرار‬ ‫‪‬‬
‫والمضي فيه‪..‬ال بد أن تتحمل درجة من المخاطرة*‬
‫ترددت بسبب الخوف من الخطأ فأنت تحكم على حياتك بالفشل‪...‬األخطاء شيء حتمي في حياتنا‪...‬وال‬‫َ‬ ‫إذا‬ ‫‪‬‬
‫بد أن نتقبلها ونوظفها لتحسين عملنا ال لنتوقف‬
‫جابه المخاوف بشجاعة‪...‬ال تجعل الخوف من انتقاد اآلخرين أو تجنيهم مبرر ًا للتوقف عن العمل‪..‬رضا*‬ ‫‪‬‬
‫الناس غاية ال تدرك وأنت المعني دائم ًا بأهدافك‬
‫تحمل المسؤولية وال تتهرب منها‪...‬ال يمكن أن يمضي النسان في أي عمل أو يحقق أي إنجاز في حياته إال‬ ‫‪‬‬
‫إذا شعر أنه مسؤول مسؤولية كاملة عنها‬

‫‪8‬‬
‫لكي تتغلب على التردد افهم نفسك جيد ًا‪..‬ما األسباب التي تجعلك متردد ًا في اتخاذ القرار* وتنفيذه‪...‬أحيانا‬ ‫‪‬‬
‫نوهم أنفسنا أننا غير قادرين دون مبرر‬
‫للتغلب على التردد فكر‪ :‬ما أسوأ شيء يمكن أن يحصل إذا فشلت؟ الحرج من اآلخرين‪..‬سخريتهم‪..‬عدم‬ ‫‪‬‬
‫رضاهم‪...‬ال يهم ألنك قد حاولت وتعلمت من المحاولة‬
‫للتغلب على التردد‪...‬فكر‪ ،‬ما عاقبة عدم القيام* بالعمل‪...‬مالخسائر التي ستلحق بك بسبب التردد‪...‬وما‬ ‫‪‬‬
‫الفرص الضائعة عليك‪....‬هذا سيحفزك للتقدم‬
‫تعود أن تفكر قبل اتخاذ القرار‪...‬ضع خيارات‪...‬وحدد المنافع واألضرار من كل منها‪...‬فهذا سيزيد من‬ ‫‪‬‬
‫ثقتك في نفسك ويساعدك للتغلب على التردد‬
‫ضع لنفسك وقت ًا محدد ًا ال تخاذ القرار* والبدء‪...‬قل لنفسك‪..‬ال بد أن أتخذ قراري قبل يوم كذا‪..‬وعندما تصل‬ ‫‪‬‬
‫للوقت المحدد ابدأ في العمل وال تتردد‬
‫اجبر نفسك على عمل أشياء جديدة‪...‬فتنوع الخبرات يعودك على التعامل الفعال مع أوضاع جديدة ويبني‬ ‫‪‬‬
‫ثقتك في نفسك ويقوي قدرتمك على اتخاذ القرار‬
‫أفضل عالج للتردد هو بناء ثقة اإلنسان في نفسه والعزم والتوكل على هللا عز وجل‪...‬فاإلنسان يبذل‬ ‫‪‬‬
‫األسباب ويحسن العمل والنتيجة في علم الغيب‬

‫الخوف من الفشل يضعف القدرة على اتخاذ القرار‬

‫عديد من األشخاص يتملّكهم التردّد عند اتخاذ أي قرار سواء أكان مصيريا أم عاديا‪ ،‬وآخرون يطبع شخصيتهم‬
‫عدم الثقة بالنفس؛ إذ يبدو عليهم التوتر والقلق بشأن هيأتهم أو قدرتهم على حسم أمورهم اليومية والعملية‪.‬‬

‫اختصاصيّون يجمعون على أن الخلل في التنشئة األسرية والفشل المصاحب ألمر ما في حياة الشخص تخلق‬
‫شخصية مهزوزة غير واثقة بنفسها ومترددة في اتخاذ قرار يخصهم‪.‬‬

‫العشرينية فاطمة تصرح “أشعر بأنني لست على قدر كاف من الجمال يخولني للذهاب إلى العمل‪ ،‬معترفة بأن ثقتها‬
‫بنفسها مهزوزة”‪.‬‬

‫وتحاول فاطمة مواكبة الموضة والعصر بعدة طرق لتظهر بشكل مقبول‪ ،‬وفق قولها رغم الضيق الذي تشعر به؛‬
‫بسبب ما ترتديه من لباس كالتنورة القصيرة التي تقيد حركتها‪ ،‬إال أنها مجبرة على ارتدائها مجاراة لزميالتها‬
‫بالعمل ولتظهر ثقتها بنفسها أمامهن‪.‬‬

‫من جهتها تقول جمانة حسن (‪ 27‬عاما) “أعاني من مشكلة التردّد في اتخاذ القرار* وعدم الثقة بنفسي‪ ،‬وأحتاج‬
‫دائما ألن يمتدحني أحد ويثني عليّ”‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫جمانة األ ّم لثالثة أطفال تشكو من شخصيتها المهزوزة ما يؤثر ذلك‪ ،‬في كثير من األحيان‪ ،‬في فقدانها المتعة‬
‫بالحياة‪ ،‬وتعترف أن زوجها يقف إلى جانبها‪ ،‬ويأخذ بيدها في أي أمر بحاجة إلى قرار”‪.‬‬

‫وفي السياق نفسه يشير اختصاصي علم االجتماع د‪ .‬فايز الصياغ إلى أن “التردّد الزائد وعدم الثقة بالنفس قد‬
‫ينتجان من خلل في طبيعة الشخص األساسية التي تشكل تربية األسرة عامال أساسيا في تكوّ نها”‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بحاجة اإلنسان إلى سماع كلمات التقدير فيبيّن الصياغ “أنها حاجة فطرية تولد معه‪ ،‬وهي من أشد‬
‫حاجات اإلنسان”‪ ،‬مؤكدا‬

‫“أن الثناء على الشخص المصدر األول للتقدير المعنوي‪ ،‬ومن ثم زرع الثقة بالنفس”‪ ،‬الفتا إلى أن “األسرة تأتي‬
‫بالمرتبة األولى‪ ،‬السيما الوالدان‪ ،‬ليأتي بعدهما األصدقاء واألقارب وزمالء الدراسة والعمل”‪.‬‬

‫وعن طريقة األهل في نقدهم لألبناء فيرى د‪.‬الصياغ أن “كثرة النقد ليست الطريق إلى إصالح العيوب واالرتقاء‬
‫باألداء”‪ ،‬مشيرا إلى أن اتباع‬

‫هذا األسلوب ال يخلّف في النفس إال دواعي المقاومة* التي تمثل السلوك السلبي‪ ،‬ومن ثم تدهور األداء وعدم القيام*‬
‫بالعمل المطلوب‪.‬‬

‫وفي اإلطار نفسه يرجع اختصاصي الطب النفسي الدكتور سعيد أحمد الرواجفة السبب في شعور عديد من‬
‫األشخاص بعدم القدرة على اتخاذ قرار إلى “نقلة نوعية في حياتهم‪ ،‬ووجود عقدة تتشكل منذ الطفولة‪ *،‬وتمثل حاجز‬
‫ثقة سلبية بالنفس”‪.‬‬

‫وفيما يتعلق باألسباب األخرى التي تؤثر في شخصية الفرد* فيعزوها د‪.‬الصياغ إلى عوامل جينية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫التربية التي قد ال ترى في المرء روح الطموح‪ ،‬والمبادرة في أنماط سلوكية ومنظومات تتجاوز حدود الواقع‪.‬‬

‫ويضيف أن “الثقة بالنفس هي التي تربي اإلحساس بالمبادرة والتجديد والحركة إلى األمام في اتجاهات جديدة في‬
‫سلوكه على مختلف األصعدة؛ النفسية والفردية واالجتماعية”‪.‬‬

‫عقدة الطفولة المتمثلة بالفشل؛‬

‫حيث يقوم الشخص بعمل ويفشل فيه تشكل فيما بعد فكرة تنعكس على ذاته‪ ،‬ومن ثم يتردّد باتخاذ القرار في‬
‫ضح أن ذلك‬
‫األعمال المشابهة‪ ،‬األمر الذي يشكل لديه إحساسا بالعجز ومواجهة المجتمع‪ ،‬وفق د‪.‬الرواجفة* الذي يو ّ‬
‫قد يتسبّب في خلق شخصية مهزوزة وخجولة مردّها إلى ظروف غامضة في الطفولة‪ *،‬وهو ما يطلق عليه‬
‫بـ”الوضع النفسي العصابي”‪ ،‬حيث يشعر الشخص بالرغبة في الحصول على استحسان اآلخرين‪ ،‬وتصبح لديه‬
‫حساسية وردود فعل متباينة تجاه اآلخرين يتصورها مسبقا‪*.‬‬

‫ومن ناحية أخرى يمكن أن يصدر السلوك عن نظرة واقعية مثل إدراك المرء أن ما يقوم به من عمل يفوق قدراته‪،‬‬
‫وهذا ما يطلق عليه‬

‫‪10‬‬
‫“نمو الشخصية التردّدية”‪ ،‬وهو ما ينطلق من المقولة المأثورة “رحم هللا امرأ عرف قدر نفسه”‪ ،‬بحسب د‪.‬الصياغ‪.‬‬

‫ويتابع د‪.‬الصياغ أنه في كثير من األحيان يؤدي عدم معرفة الفرد* لقدراته‪ ،‬ومن ثم الفشل في تأدية االلتزامات‬
‫المترتبة على ذلك إلى االحباط؛ إذ يراوح المرء مكانه‪ ،‬ويصاب بما يسمى عادة “بالقصور الذاتي”‪ ،‬ويصبح غير‬
‫قادر على المبادرة بأنماط سلوكية وقيم جديدة يستهدي بها في سلوكه الفردي* واالجتماعي‪.‬‬

‫من جهتها تشير االختصاصية التربوية ريم السرحان إلى أن الثقة بالنفس “أمر مكتسب من البيئة التي نشأنا بها‪،‬‬
‫وال يمكن أن تولد مع أي شخص كان”‪.‬‬

‫وعن أسباب عدم الثقة بالنفس فتحيلها السرحان إلى تهويل األمور والمواقف؛ حيث يشعر الشخص بأن من حوله‬
‫يركزون على ضعفه‪ ،‬ويراقبون كل حركة غير طبيعية يقوم بها‪ ،‬األمر الذي يدفعه للخوف والقلق من أن يصدر منه‬
‫تصرف مخالف للعادة حتى ال يواجهه اآلخرون باللوم أو االحتقار‪.‬‬

‫ولتعزيز الفرد ثقته بنفسه ينصح د‪.‬الصياغ ضرورة الحصول على المزيد من التدريب والخبرة العملية في األمر‬
‫الذي يطمح المرء للنجاح بها‪ ،‬ومحاولة تجاوز الواقع وااللتحاق بدورات ومساقات جديدة تحفّزه وتنمّي فيه الطاقة‬
‫اإليجابية‪.‬‬

‫وللتخلص من هذه الحالة ينصح د‪.‬الرواجفة أن يقاوم الشخص‪ ،‬ويطرد عنه عدم الثقة بالنفس‪ ،‬ويدرك وضعه الذي‬
‫يعاني منه‪ ،‬وأن تكون هناك معايير موضوعية واضحة وثابتة لتقويم أداء أي عمل يقوم به‪.‬‬

‫مضيفا أنه قد يلجأ في الحاالت المتفاقمة إلى الطبيب النفسي؛ لمعرفة السبب وراء الشخصية المهزوزة وقلة الثقة‬
‫بالنفس‪ ،‬وبناء عليها يعطى العالج الالزم‪*.‬‬

‫وتؤكد السرحان أهمية التركيز على حب الذات وعدم االنتقاص منها‪ ،‬وتجاهل الماضي ونسيان األحداث المزعجة‬
‫والتركيز على المزايا والقدرات الخاصة داخل الشخص وكيفية تحقيقها‪*.‬‬

‫وتتابع “البد من التسامح مع من أخطأ في حقنا أو انتقدنا‪ ،‬وأن ال يكون الشخص مرهف الحس إلى درجة الحقد أو‬
‫تهويل األمر”‪ ،‬منوهة إلى ضرورة “التأقلم مع من ينتقدنا‪ ،‬فليس كل من ينتقدنا هو بالطبيعة يكرهنا؛ ألن التفكير‬
‫بهذه الطريقة يقود للشعور بالنقص”‪.‬‬

‫وتلفت إلى أن مساعدة اآلخرين تحقّق الثقة بالنفس‪ ،‬كما أن الظهور بمظهر الئق ينعكس إيجابا على حياة الفرد‬

‫عالج التردد في اتخاذ القرار ب‪ 7‬خطوات‬

‫‪11‬‬
‫يعتبر التردد من أكثر المشاكل التي تواجه عدد كبير من األفراد أثناء اتخاذ بعض القرارات الهامة التي قد تحدد‬
‫مصيرهم‪ ،‬لذا فسنعرض لكم من خالل موقع “صناع المال”* عالج التردد في اتخاذ القرار للتخلص من هذا األمر‬
‫بشكل نهائي‪ ،‬حيث أنه قد يؤثر على تغيير هيكل حياتك بشكل كلي‪.‬‬

‫كيفية عالج التردد في اتخاذ القرار‬

‫يمكن تلخيص عالج وحل مشكلة التردد في عدة نقاط يجب اتباعها من أجل التخلص من هذه المشكلة التي قد‬
‫تتسبب في القلق الزائد وعدم الراحة‪ ،‬ومن أبرز طرق العالج ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬التوازن بين العقل* والقلب‬

‫من المعروف أن هناك بعض األفراد قد تلجأ إلى العقل فقط في اتخاذ قرارتها المصيرية بينما يلجأ البعض األخر‬
‫إلى ترجيح كافة القلب في إيجاد الحل‪ ،‬وبالطبع سواء من يستخدم العقل فقط أو القلب فقط يرتكب خطأ شديد حيث‬
‫أنه يجب أن يرجح كافتي القلب والعقل في اتخاذ أي قرار‪.‬‬

‫حيث أن العقل* هو بيت الحكمة الذي يقوم بتحليل الموقف بشكل جيد من أجل منحه القرار* الصحيح بينما يقوم القلب‬
‫بمنح العقل* القرار* العاطفي‪ ،‬وعقب إجراء عدة تحليالت وجدنا أن التوازن بين العقل والقلب يمنح المخ اإلشارات‬
‫الصحيحة من أجل اتخاذ القرار الصحيح دون تردد‪.‬‬

‫‪ -2‬وضع عدد من االختيارات‬

‫عند ظهور مشكلة ما يجب اللجوء إلى حيلة تساعدك في التخلص من مشكلة التردد بشكل نهائي واتخاذ قرار حاسم‬
‫في اتخاذ القرار الصحيح‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق وضع عدد كم االختيارات أمامك ووضع احتماليات نتيجة كل‬
‫اختيار في المستقبل من خالل رؤيتك للموقف ككل‪.‬‬

‫حيث أن هذا األمر يسهل عليك الكثير في اتخاذ واختيار القرار دون تردد‪ ،‬وانتظار نتيجته التي قد قمت بتحليلها‬
‫في المستقبل‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم تضخيم األمور‬

‫‪12‬‬
‫قد يصعب الوصول إلى القرار الصحيح والحاسم دون تردد بسبب القلق الزائد الذي ينتج عن تضخيم سلبيات‬
‫القرار‪ ،‬فبالتالي يساعد تضخيم األمور على التردد في اتخاذ القرار مما ينتج عنه قلق وتوتر لحين الوصول إلى‬
‫قرار سليم‪.‬‬

‫لذا يجب أن تقوم بالتخلص فور ًا من هذا األمر حتى يتسنى لك رؤية األمور بمنتهى الوضوح‪ ،‬ويجب التخلص من‬
‫الطاقة السلبية المصاحبة للموقف واتخاذ القرار‪ ،‬كما يجب رؤية الموقف ككل بسلبياته وإيجابيته دون تضخيم أي‬
‫منهم فقط قم بالتوازن بين كافة عناصر الموقف لتتمكن من اتخاذ قرار حاسم‪.‬‬

‫‪ -4‬التمكن من السيطرة على الخوف‬

‫دائم ًا يصاحب أي موقف يحتاج لقرار خوف من اإلخفاق وتحقيق الفشل في هذا القرار* والقلق الشديد الذي يشوش‬
‫تمام ًا على القدرة* على التفكير‪ ،‬مما يؤدي إلى عدم القدرة* على اتخاذ القرار* أو القيام* بأي فعل نهائي وال اتخاذ أي‬
‫خطوة تجاه الحل‪.‬‬

‫حيث أن الخوف والقلق من أكثر المسببات التي تعمل على عرقلة تطور فكر اإلنسان لذا يجب تخطي هذه المشكلة‬
‫فور ًا‪ ،‬ويجب ترك الخوف من الفشل الزائد؛ ألنه حتم ًا سيؤدي إلى اإلخفاق وسيجعلك تدخل بنفسك في دائرة‬
‫األفكار السلبية‪.‬‬

‫لذا فيجب التقليل من القلق الزائد حيال أي أمر تود اتخاذ قرار بشأنه وعدم االكتراث بالفشل أو الخوف منه وترك‬
‫األمور تسير وفق ترتيبك وتفكيرك أنت‪ ،‬ويجب النظر إلى النواحي اإليجابية دون تضخيمها‪.‬‬

‫‪ -5‬نسيان إخفاق الماضي‬

‫يجب نسيان أي موقف قد طرأ عليك في حياتك السابقة جعلك تفقد الثقة في أي قرار تتخذه يجب نسيان الماضي‬
‫بكل ما فيه‪ ،‬حيث أن التردد في اتخاذ القرار* هو الذي أدى بك إلى القرارات العشوائية الغير حاسمة لذا يجب‬
‫وضع الثقة في نفسك وفي تفكيرك‪.‬‬

‫واعرف جيد ًا أن القلق والتوتر والتردد هم أسباب فشلك في الفترات السابقة وليس أنت بشخصك‪ ،‬كما يجب‬
‫التفكير في المستقبل والشعور بمدى أهميته وكيفية اتخاذ القرار* المالئم دون تردد أو خوف أو التفكير في أي شيء‬
‫قد مضى‪.‬‬

‫‪ -6‬التوكل على هللا‬

‫‪13‬‬
‫من المعروف أن كل شيء بيد هللا وأن هللا يوفق المرء الذي لجأ إليه في أي أمر من األمور لذا يجب عند ترددك‬
‫في اتخاذ أي قرار أن تلجأ إلى هللا عز وجل وأن تستخيره وتستشيره في كافة أمورك‪ ،‬ثم قم باختيار القرار* وأنت‬
‫كلك ثقة أن هللا معك وهو الذي جعلك تتخذ هذا القرار‪.‬‬

‫وادعو هللا أن يوفقك دائم ًا في كافة اختياراتك ودع الخوف؛ ألن هللا هو من بيده المستقبل وهو من بيده كافة‬
‫أمورك‪.‬‬

‫‪ -7‬التفكير العميق وتحمل المسئولية‬

‫يجب التفكير بشكل عميق في كافة أمورك ويجب أن تقوم بتحديد منافع ومضار كل اختيار حيث أن هذا األمر‬
‫سيساعدك أكثر في اتخاذ قرار حاسم‪ ،‬كما يجب أن تتحمل مسئولية أي أمر من األمور مهما كانت النتيجة فثق‬
‫بنفسك وال تهرب من قرارك وواجه نفسك حتى وإن كانت النتائج ليست في صالحك‪.‬‬

‫فهذا هو طبع الحياة يو ٌم لك ويو ٌم عليك وليس من الضروري أن تكون كافة اختياراتك صحيحة فأنت بشر وكل بشر‬
‫خطاء‪.‬‬

‫وفي ختام موضوعنا عن عالج التردد في اتخاذ القرار* فاقدم فقط على الحل دون خوف من الغد دون قلق أو‬
‫تضخيم حجم السلبيات‪ ،‬وتوكل على هللا وقل بسم هللا وسير في الطريق دون خوف‬

‫‪ 13‬نصيحة هامة للقضاء على التردد المعطل‬

‫لتردد جزء طبيعي في أي شخص‪ ،‬خاصة حين يكون مقبالً على موقف‪ ،‬أو قرار‪ ،‬أو اختيار جديد لم يخبره من‬
‫قبل؛ لذا فليس كل تردد مشكلة‪.‬‬

‫متى يصبح التردد مشكلة؟‬

‫التردد يصبح مشكلة حينما‪:‬‬

‫يتحول من مجرد انتظار طبيعي حتى يتم جمع معلومات حول موضوع ما‪ ،‬أو استشارة أهل الخبرة فيه؛ لدرجة‬ ‫‪‬‬
‫تعطل صاحبها عن القيام* باختيار له وقت محدد‪ ،‬أو قد اتضحت مالمحه بعد مشاورات‪.‬‬
‫‪ -‬حينما يصبح التردد صديقا مالزما لإلنسان يزوره في كل تفاصيل حياته الصغيرة اليومية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -‬حينما يصاحبه خوف‪ ،‬وتوتر‪ ،‬ومعهما المزيد من جمع المعلومات التي تم التأكد منها من قبل‪ ،‬أو تكرار‬ ‫‪‬‬
‫السؤال عنها ذاتها‪ ،‬ولكن بمزيد من تفاصيل التفاصيل‪.‬‬
‫‪ -‬يصبح التردد مشكلة أيض ًا حينما نرتعب من فكرة المخاطرة‪ ،‬أو المغامرة التي هي جزء أصيل في الحياة‬ ‫‪‬‬
‫بدونه تفقد الحياة رونقها‪ ،‬وحين يظل الشخص فترة طويلة نسبيا ليتخذ قرارا صار واضحا عن ذي قبل؛ فيخسر‬
‫فرصا حقيقية‪.‬‬

‫صور واقعية للتردد المعطل*‬

‫والحقيقة أنني وجدت من خالل العيادة أن الشخص نفسه يشعر بنفسه حين يقع أسير ًا للتردد‪ ،‬وحينها يشعر بدرجة‬
‫‪ -‬تتفاوت ‪ -‬من المعاناة* التي تكدر عيشه‪ ،‬وهذا ال يتسق مع التردد الطبيعي‪ ،‬والمشروع جدا قبل القيام بخطوة‬
‫جديدة؛ فهذه ترتعب موتا حين تضطر التخاذ قرار بالموافقة على عريس متقدم لها رغم توافر المعلومات التي تنبئ‬
‫بالخير‪ ،‬ولن يتطلب منها األمر سوى موافقة مبدئية يقبلها والداها‪ ،‬والعريس المتقدم‪ ،‬وهذا ينتظر وقتا طويال قبل أن‬
‫يقرر الموافقة على قبول العمل في مكان ما رغم دراسته مميزات وعيوب هذا العمل‪ ،‬ورغم أن هذا العمل كان في‬
‫السابق حلم ًا من أحالمه‪ ،‬وذاك يتردد قبل إجراء عملية ليست بالخطيرة أو المخيفة‪ ،‬ولكنها مهمة له اآلن قبل‬
‫تدهور صحته‪ ،‬وهناك من يتردد أمام دوالب مالبسه حتى يختار ما يرتديه رغم أنه سيخرج لمقابلة أصدقائه‬
‫المعتادين‪ ،‬وهذه بعض األمثلة‪ ،‬وهناك عشرات غيرها تبعد عن التردد الطبيعي‪.‬‬

‫خطواتك للتخلص من ترددك‬

‫وهنا أقول لمن يتردد مثل هذا التردد الذي يصاحبه شعور عميق بالخوف‪ ،‬وتوتر زائد عن الحد‪ ،‬ورهبة من‬
‫المجازفة ألمر ليس عظيما؛ مما يجعله يهرب‪ ،‬ويهرب من االختيار‪ ،‬حتى لو كان الهروب في صورة نقل اتخاذ‬
‫القرار لشخص آخر بأشكال مختلفة تحت مسمى شيك مثل‪" ..‬مباركة األهل"‪ ،‬أو "فالن أدرى"‪ ،‬أو "الضغط‬
‫المستتر بعدم اتخاذ قرار حتى يأخذه غيره"‪ ،‬أو "الهروب من الموقف تماما تحت ادعاء يبدو حقيقي ًا"‪ ،‬الخ‪ ..‬لكل‬
‫هؤالء أقول خطواتك للسيطرة على ترددك ستمر على مستويات األفكار‪ ،‬والمشاعر‪ ،‬والسلوك‪..‬‬

‫وهذه النصائح األساسية التي تساعدك في التخلص من التردد‪:‬‬

‫‪ - 1‬ترددك هو المالءة التي تخفي وراءها حقيقة خوفك‪ ،‬أو رفضك للخطأ‪ ،‬أو رفضك للخسارة‪ /‬الفقد‪ *،‬أو رفضك‬
‫لعدم الكمال من وجهة نظرك‪ ،‬أو رفضك لتحمل المسؤولية؛ وإذا كان األمر كذلك فلتس ِ ّم األشياء بأسمائها‪ ،‬ولتبدأ‬
‫أولى خطوات تحررك باعترافك لنفسك‪ ،‬وأمام نفسك بأنك خائف جدا‪ ،‬أو رافض جدا للخطأ‪ ،‬أو رافض جدا‬
‫للخسارة‪ ،‬أو رافض جدا ألي نقص‪ ،‬أو رافض للمسؤولية‪.‬‬

‫‪ - 2‬تحتاج اآلن بعد هذا االعتراف الصادق أن "تقبل" نفسك كما هي‪ ،‬وقبولك هذا ال يعني الموافقة على ما يرهقك‬
‫نفسيا‪ ،‬وال يعني استسالمك له بمزيد من التخبط واالنهزام‪ ،‬كما ال يعني الشجار معه؛ وتوقفك عن الشجار يجعلك‬

‫‪15‬‬
‫تتفادى* الصراع الذي ال ينتهي إال بنفس النتيجة‪ ..‬وكل ما عليك فعله هو أن تقبل بصدق ما وجدت وما اعترفت به‬
‫اآلن لنفسك دون حكم على نفسك‪ ،‬وهذا هو القبول الصحي‪.‬‬

‫‪ - 3‬أيا كان االعتراف الذي اعترفت به لنفسك (من االعترافات السابق ذكرها) فإن وراء هذا االعتراف "قلة‬
‫نضوج نفسي" نتج عن أفكار غير حقيقية صدقتها في عمق أعماقك‪ ،‬وجاء الوقت اآلن بعد قبولك لنفسك أن تنقحها؛‬
‫لتكون واقعيا تلمس قدماك أرض الواقع؛ فالشخص الذي يخاف شخص طبيعي‪ ،‬ويحتاج لإلطمئنان واختبار قدرته‬
‫على المسئولية؛ فلتطمئن بالبحث‪ ،‬واالستشارة مستعين ًا بعدد محدود من أهل الخبرة والثقة‪ ،‬ويفضل لو كان شخص ًا‬
‫واحد ًا ‪ ،‬وأن تتدرب على خوض تجربتك الذاتية في المعرفة‪ ،‬واالختبار الذاتي مهما كلفك األمر؛ فأنت تتعلم‪.‬‬

‫‪ -4‬ال أحد يفوز دوم ًا‪ ،‬أو ينجح دوم ًا‪ ،‬أو يعرف حقيقة األمور دوم ًا‪ ..‬هذا الشخص وهم في رأسك وحدك بال دليل؛‬
‫مهما وجدت أشخاص ًا ناجحين‪ ،‬متفقين‪ ،‬واثقين في اختياراتهم؛ فقد سبق هذا الكثير من التعلم من خالل الخطأ‪،‬‬
‫والفشل‪ ،‬وأوقات الضعف‪.‬‬

‫‪ -5‬ترددك‪ ،‬المالءة التي حاولت أن تحتمي بها‪ ،‬لم تح ِمك من األلم‪ ،‬وال المعاناة‪ ،‬وال شعورك العميق بالضعف‪ ،‬أو‬
‫العجز؛ فماذا ستخسر حين تبدأ خطوات تجربتك الذاتية أكثر من هذا؟‬

‫‪ - 6‬تذكر أنك لم تولد هكذ مترددا‪ ،‬ولكن لسبب ما وصلت لك فكرة أنك "ال تستطيع"‪ ،‬أو "ال يجب أن تخطئ"‪ ،‬أو‬
‫ال يجب أن "تجرب"‪ ،‬أو ال يجب "أن تبذل جهدا"‪ ،‬أو غير ذلك من األفكار التي تهزم حقيقة بشريتك؛ وقد آن‬
‫األوان أن توقف تلك األفكار‪ ،‬وأن تسمح لنفسك أن تكون "إنسان ًا"‪ ..‬يخطىء؛ ليتعلم‪ ،‬ويفشل؛ لينجح؛ ويقبل‬
‫المحدودية والعجز؛ ليتقن‪.‬‬

‫‪ -7‬أنت وأنا وهو وهي مجموعة نتائج لقرارات؛ فلتحظ َ بالتعرف إلى حقيقتك التي لم تترك لها نافذة لتتنفس منها‬
‫خوفا من الخطأ‪ ،‬أو الفشل‪ ،‬أو حكم اآلخرين؛ فاآلخرون مثلك تماما حتى وإن ظهروا من الخارج مختلفين‪.‬‬

‫‪ - 8‬ابدأ بدوائر صغيرة لتكون "بروفة" لك‪ ،‬أو بأشياء صغيرة حدد فيها ما تحتاجه‪ ،‬وحدد مواصفاته‪ ،‬وحدد لك وقتا‬
‫للحصول عليه‪ ،‬وال تتنازل‪ ،‬أو تلتفت ألي شيء خارج ما حددته‪ ،‬وتوكل على هللا‪ ،‬ونفذ سامح ًا لنفسك بالتعلم‪.‬‬

‫‪ - 9‬كلما تدرجت؛ اسمح لنفسك أن تخوض مساحة أكبر‪ ،‬وكلما وجدت نفسك خائفا صادق خوفك‪ ،‬واقبله دون‬
‫استسالم‪ ،‬وال شجار‪ ،‬وتذكر أنه يمكن أن يكون رفيقا حاضر ًا دون أن يعطلك‪ ،‬وأنه كلما رافقك مع عدم العطلة‪،‬‬
‫كلما قل حجمه‪ ،‬وكلما تنفست‪ ،‬وأحببت اتخاذ القرارات‪ ،‬والمسؤولية‪.‬‬

‫‪ - 10‬ال تنسحب مهما حدث في صراعك القديم مع أفكارك المشوشة‪ ،‬وأقبل وجودها ولكنها لم تعد في الصدارة*‬
‫كالسابق‪ ،‬ولكنها صارت في ركن بعيد‪ ،‬ال يسمح لها بالعبث مجددا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ - 11‬شارك مشاعرك‪ ،‬وخطواتك‪ ،‬وأفكارك مع شخص تطمئن على نفسك معه دون حكم عليك‪ ،‬أو مقارنة‪ ،‬أو لوم‪،‬‬
‫وأجعله واحة لراحتك من هموم تنغص عليك في باقي أوقاتك‪.‬‬

‫‪ -12‬اسمح لنفسك بالقيام بأنشطة تحمل طابع المخاطرة* المحسوبة؛ لتساعدك من جانب آخر‪.‬‬

‫‪ - 13‬إن كان ترددك يصاحبه أعراض أخرى مرضية كالوساوس‪ ،‬أو نوبات الهلع‪ ،‬أو غير ذلك من األعراض‬
‫الغير طبيعية الواضحة؛ فلتقم بزيارة متخصص؛ ألنك تحتاج أكثر من تلك الخطوات التي ذكرناها‪.‬‬

‫نصائح للتخلُّص من التردد في اتخاذ القرارات‬


‫يُعتبر التردد واحد ًا من أكثر المشاكل* التي يُعاني منها اإلنسان في حياته‪ ،‬ال سيما التردُّد الذي ينتابه أثناء اتخاذه‬
‫لبعض القرارات* المصيرية التي تخصُّ جوانب مهمة في حياته مما يُع ِّرضه لتفويت العديد من الفرص المهمة التي‬
‫قد ال تتكرر على اإلطالق‪ ،‬لهذا سنرشدك فيما يلي لبعض النصائح المهمة التي يجب أن تتقيَّد بها لتتخلَّص من‬
‫مشكلة التردد في اتخاذ القرارات‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تو َّكل على هللا‬

‫لكي تمتلك القدرة على اتخاذ القرارات* السليمة بشك ٍل سريع بعيد ًا عن التردد الذي قد ي ِ‬
‫ُفوّ ت عليك العديد من‬
‫الفرص المهمة‪ ،‬عليك أن تتو َّكل على هللا سبحان ُه وتعالى‪ ،‬وأن تؤمن بأن هللا سيختار لك الخير بشك ٍل دائم‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ال تخف من الفشل‬

‫لتتخذ القرارات الصحيحة والسريعة في الوقت المناسب ودون أي تأخير أو تردد عليك أاَّل تخف‪ ،‬وأن تتحلَّى‬
‫بالشجاعة الضرورية‪ ،‬وف ِّكر دائم ًا بالنجاح قبل أن تفكر بالفشل‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬تحمَّل نتائج قراراتك‬

‫لكي تتخلَّص من مشكلة الترد في اتخاذ القرارات* السريعة في األوقات التي تتطلَّب ذلك‪ ،‬عليك أن تتحمَّل النتائج‬
‫أشخاص آخرين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫التي قد تترتب على تلك القرارات‪ ،‬عوض ًا عن التهرُّ ب منها وتحميلها إلى‬

‫رابع ًا‪ :‬استشر أحد المقربين‬

‫في حال كنت تشعر بالخوف والضعف وعدم القدرة على التفكير الصحيح التخاذ القرار المناسب‪ ،‬ننصحك بأن‬
‫تطلب المساعدة من أحد األقرباء أو األصدقاء المقربين الذين الذين تث ُق بهم وبقدرتهم على توجيهك نحو الطريق‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫خامس ًا‪ :‬حدد أهدافك‬

‫تلعبُ األهداف دور ًا فعاالً في تحريض اإلنسان على اتخاذ القرارات السريعة بعيد ًا عن القلق والتردد‪ ،‬لهذا عليك‬
‫أن تحرص دوم ًا على تحديد أهدافك بشك ٍل واضح والسعي وراء تحقيقها في الوقت المناسب دون أي تأخير‪.‬‬

‫سادس ًا‪ :‬ف ِّكر بشك ٍل إيجابي‬

‫كي تنجح في اتخاذ القرارات* السليمة بشك ٍل صحيح بعيد ًا عن التردد والخوف عليك أن تف ِّكر بشك ٍل إيجابي حيال‬
‫كل أمور ومواضيع الحياة‪ ،‬وأن تبتعد عن التفكير السلبي الذي يُعيقك عن اتخاذ أي قرار سليم وصائب في الحياة‪،‬‬
‫كما عليك أن تبتعد عن األشخاص السلبيين وعن األخذ برأيهم‪.‬‬

‫سابع ًا‪ :‬تقبَّل الخطأ‬

‫لتتَّخذ قرارات سليمة في حياتك بعيد ًا عن التردد والخوف‪ ،‬عليك أن تؤمن بفكر ٍة مهمة وهي أنَّ كل إنسان على هذه‬
‫األرض مُعرَّ ض للوقوع في الخطأ‪ ،‬وأن الخطأ هو أمرٌ وارد وطبيعي‪ ،‬لهذا عليك أن تتقبَّل أخطاءك وأن تعمل على‬
‫تصحيحها عوض ًا عن التهرُّ ب منها أو تحميلها لغيرك‪.‬‬

‫ثامن ًا‪ :‬ثق بنفسك‬

‫لكي تتَّخذ القرارات الصحيحة بشك ٍل سريع بعيد ًا عن التردد عليك أن تُن ِّمي ثقتك بنفسك‪ ،‬وأن تؤمن بالقدرات* التي‬
‫تمتلكها مهما كانت بسيطة‪ ،‬وتأ َّكد بأنَّ الثقة هي مفتاح النجاح بالنسبة لكل إنسان‪.‬‬

‫التردد وليد الخوف من الندم‬

‫‪18‬‬
‫التحلي بالثقة في النفس ونصائح باالستفادة* من القرارات الخاطئة‬

‫إن الكثير من األشخاص يتخوفون من اتخاذ القرارات في حياتهم المهنية أو الشخصية‪ ،‬مؤكدا أن التردد يكون‪،‬‬
‫غالبا‪ ،‬بسبب وقوف الشخص أمام خيارات كثيرة‪.‬‬

‫‪ ،‬أنه من أجل التخلص من التردد‪ ،‬البد من اتخاذ القرارات بسرعة‪ ،‬حتى لو كانت تهم الحياة اليومية البسيطة “إذا‬
‫كان الشخص يجد صعوبة في اتخاذ القرارات* البسيطة‪ ،‬فمن الصعب اتخاذ القرارات المصيرية”‪ ،‬قبل أن يضيف‬
‫أن الخوف من ارتكاب األخطاء من األسباب التي تؤثر على اتخاذ القرارات‪*.‬‬

‫وكشف المتحـــدث ذاتــه أن التردد من اتخــاذ القــرار* يتولــد بسبب الخــوف من الندم‪ ،‬قبل أن يضيف أنه من‬
‫المهم أن يضغط الشخص علــى نفســه التخاذ القرارات واإلسراع في ذلك “هذه الطريقة ال تساعد على اتخاذ‬
‫القرارات* الصحيحة‪ ،‬لكن الكتساب مهارة وعادة اتخاذ القرارات بسرعة ودون تردد”‪.‬‬

‫‪ ،‬في حديثه مع “الصباح” أنه لتجاوز مشكـــل التــردد‪ ،‬وجب وضع أهداف يومية‪ ،‬حتى إذا لم تكن كبيرة‪،‬‬
‫والحرص على تطبيقها يوميا‪ ،‬مشيــــرا إلى أن اتخــاذ قــرارات مصيرية التي تتعلــق بشكــــل خــاص بالماديــات‬
‫وااللتزاماتــة من قبيل اقتنــاع العقــارات* أو الزواج البد من العــودة* إلى التجربة الشخصية أو تجـــربة أشخــاص‬
‫آخــرين مع الحرص على أخذ الوقت الكافــي‪ ،‬قبل اتخاذ القرارات المصيرية‪.‬‬

‫ويرى االختصاصيون أنه من أسباب التردد في اتخاذ القرار* أو العدول عنه وتبديله عدة مرات قبل الوصول إلى‬
‫القرار النهائي‪ ،‬الخوف من تكرار خطأ سابق ارتكبه الشخص‪ ،‬وهنا يجب مراجعة الخطأ والتعلم منه‪ ،‬وعدم‬
‫استخدامه حجة لعدم اتخاذ أي قرارات مستقبلية‪ ،‬والخوف من تبعات القرار وتحمل أي سلبيات تنتج عنه‪ ،‬أو‬
‫الخوف من تحمل المسؤولية‪ ،‬وتفضيل إلقاء هذا الدور على شخص آخر حتى يتحمل مسؤولية االختيار‪.‬‬

‫ومن بين األسباب أيضا‪ ،‬الخوف من التغيير‪ ،‬إذ يرتاح بعض األشخاص في التكرار والروتين ويخشون حدوث أي‬
‫تغيير في الحالة السائدة‪ ،‬إلى جانب ضعف الثقة بالنفس‪ ،‬والمبالغة في تحليل البدائل واالحتماالت المتاحة وإضاعة‬
‫الوقت بكتابة تفاصيل في غاية الدقة غير محتملة الحدوث‪.‬‬

‫الشخصية االنهزامية‪ :‬تعريفها‪ ،‬وسماتها‪ ،‬وأسبابها‪ ،‬وطرق‬


‫عالجها‬
‫ُحبطة‪ ،‬وال يستطيع أن يرى الخير في أي أمر مقبل عليه‪ ،‬ويتوَّ قع السلبية دوم ًا‪،‬‬
‫يتبنَّى األفكار السلبية والمشاعر الم ِ‬
‫ويشك دوم ًا بنوايا اآلخرين‪ ،‬وال يفترض حسن النية على اإلطالق‪ ،‬ويحترف استفزاز اآلخرين وإخراج أسوء ما‬
‫لديهم من صفات‪ ،‬ومن ث َّم يتقمص دور الضحية ويجعل من اآلخرين أشرار ًا وشياطين‬

‫‪19‬‬
‫ما هي الشخصية االنهزامية؟‬ ‫•‬

‫صفات الشخصية االنهزامية‬ ‫•‬

‫أسباب تكون الشخصية االنهزامية‬ ‫•‬

‫عالج الشخصية االنهزامية‬ ‫•‬

‫إنَّه بارع في قلب الحقائق وإلقاء الالئمة على اآلخر هرب ًا من مواجهة أخطائه وهفواته ونقاط ضعفه‪ ،‬إذ يحو ُل‬
‫انعدام ثقته بذاته واضطراب شخصيته ومشاعره بينه وبين الحياة‪ ،‬وال يستطيع بناء عالقة صداقة حقيقية معها؛‬
‫فبد ً‬
‫ال من أن يفتح قلبه وعقله للعالم الحقيقي وأشخاصه‪ ،‬يهرع إلى منصات العالم االفتراضي لكي يع ِبّر عن ذاته‬
‫ومشاعره من وراء شاشة هاتفه‪ ،‬هارب ًا من مسؤولية وأهمية التعبير أمام الناس والمجتمع‪.‬‬

‫ين ُف ُر اآلخرون منه بسبب شكواه وتشكيكه الدائ َم ين في صدق مشاعرهم تجاهه؛ فهو ال يأخذ باألسباب المتاحة‬
‫أمامه‪ ،‬بل يداوم على تصوراته السلبية عن المستقبل‪ ،‬وال يُق ِدم على أي خطوة في حياته بحجة أنَّه ما من شيء‬
‫يدعو إلى التفاؤل‪*.‬‬

‫دائم التركيز على نصف الكوب الفارغ‪ ،‬وال يعير أ َّ‬


‫ي انتباه إلى الجزء المآلن منه؛ فرغم وجود مئات النعم في‬
‫حياته‪ ،‬إاَّل أنَّه يبقى متشائم ًا ومُحبَط ًا وشاكي ًا‪ ،‬جالب ًا عدم االستقرار إلى المحيطين به؛ فبد ً‬
‫ال من أن يكون األب الواثق‬
‫والمعطاء وقوي الشخصية‪ ،‬والمتفائل في الحياة وفي األشخاص‪ ،‬واآلخذ بكل األسباب المتاحة أمامه‪ ،‬والمس ِلّم ما‬
‫ال يستطيع تغييره إلى اللَّه‪ ،‬والطامح دوم ًا إلى األفضل‪ ،‬والمُذ ِلّل لكل التحديات أمامه؛ يميل الشخص االنهزامي إلى‬
‫تعطيل َملَ كات عقله‪ ،‬والتقليل من شأن قدراته‪ ،‬والتشكيك الدائم في الغد والناس؛ ممَّا يجعل واقعه وواقع من حوله‬
‫من أطفال وزوجة أسود ًا‪.‬‬

‫ما هي الشخصية االنهزامية؟‬

‫اضطراب في الشخصية‪ ،‬حيث تتبنَّى الشخصية االنهزامية أسلوب حياة قائم على التشاؤم والسلبية وسوء الظن‬
‫وضعف اإلرادة؛ فهي تميل إلى السوداوية في كل شيء تُق ِدم عليه‪ ،‬وترفض أن ترى آفاق الحياة األخرى‪ ،‬وتفشل‬
‫في اإلحساس بنعم الحياة وبما تملكه من قدرات و َملَكات‪ ،‬ويسيطر عليها إحساس العجز والهزيمة في كل مناحي‬
‫الحياة‪.‬‬

‫ال تمتلك الشخصية االنهزامية الثقة بنفسها‪ ،‬وتُق ِلّل من شأن ذاتها‪ ،‬وتجلدها باستمرار؛ األمر الذي يعيقها عن التقدم‬
‫في الحياة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫عاد ًة ما تُك ِث ر هذه الشخصية من الكالم والشكوى واالنتقاد‪ ،‬وال تأخذ أي خطوة جدية نحو التغيير والتطوير‪ ،‬وتصب‬
‫جام فشلها على الظروف واألشخاص‪ ،‬وال تقوى على مواجهة أخطائها وتقبُّلها والبدء من جديد بداية قوية واثقة‬
‫وصادقة‪.‬‬

‫إقرأ أيض ًا‪ 5 :‬عالمات تدل على اإلصابة باضطرابات الشخصيّة‬

‫صفات الشخصية االنهزامية‪:‬‬

‫‪ .1‬تو ُّقع الشر‪:‬‬

‫تميل الشخصية االنهزامية إلى تو ُّقع الشر في كل أمر تُق ِدم عليه في الحياة؛ فهي ال تقوم بأي خطوة في حياتها ألنَّها‬
‫تفترض الفشل مسبق ًا ‪ ،‬وتكون دائمة التركيز على السلبيات‪ ،‬وال تعترف بوجود جانب آخر مشرق لكل أمر في‬
‫الحياة‪.‬‬

‫‪ .2‬عدم الثقة بالنفس‪:‬‬

‫تنظر الشخصية االنهزامية نظرة انتقاص إلى ذاتها وقدراتها‪ ،‬وتق ِلّل من قيمة نفسها؛ األمر الذي ينعكس سلب ًا على‬
‫ضل استخدام‬
‫تعاطيها مع الحياة واألشخاص؛ فهي تخشى التعبير عن ذاتها بكل صراحة ووضوح وجرأة‪ ،‬وتف ِ ّ‬
‫وسائل التواصل االجتماعي على التواصل الحقيقي مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪ .3‬الشكوى الدائمة‪:‬‬

‫تنزع الشخصية االنهزامية إلى الشكوى الدائمة؛ فهي تتلذذ بتقمص دور الضحية والشخص العاجز‪ ،‬وتعشق‬
‫نظرات الشفقة المرتسمة على وجوه اآلخرين؛ فهي تمتلك مفهوم ًا مشوه ًا لالحترام‪ ،‬وتجد أنَّ احترافها لدور‬
‫ُكسبها رضا الناس واحترامهم لها‪.‬‬
‫المغلوب على أمره سي ِ‬

‫‪ .4‬االستفزاز‪:‬‬

‫ُخرج أسوأ ما لديهم من صفات‪ ،‬طمع ًا في التأكد من حبهم لها وصبرهم‬


‫تستفز الشخصية االنهزامية اآلخرين‪ ،‬وت ِ‬
‫عليها؛ فهي دائمة التشكيك في نوايا اآلخرين نحوها‪ ،‬وينبع شكها فيهم من ثقتها المهزوزة بنفسها؛ فهي ال تحترم‬
‫نفسها من الداخل‪ ،‬وتجد أنَّها ال تستحق معاملة صادقة وآمنة‪.‬‬

‫بعد أن تنجح الشخصية االنهزامية في استفزاز اآلخرين‪ ،‬تتهمهم بعدم اهتمامهم بها‪ ،‬وتجريحهم القاسي لها؛ وذلك‬
‫ُظهر في مراحل متطورة من المرض النفسي رغبة عارمة‬
‫بهدف إشعارهم بتأنيب الضمير والشفقة عليها؛ كما قد ت ِ‬
‫في اإلحساس بالمهانة والذل‪ ،‬بحيث تجدها تميل إلى خلق المشكالت مع اآلخرين إلشباع رغبتها في سماع الشتائم‬
‫والسُباب واأللفاظ النابية‪.‬‬

‫‪ .5‬قلة اإلنجاز‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫تلتزم الشخصية االنهزامية بسياسة "الكالم الكثير والفعل* القليل"؛ فهي محترفة في إلقاء الالئمة على الظروف‬
‫واألشخاص‪ ،‬وال تُبا ِدر إلى القيام* بأي خطوة إيجابية من شأنها أن تغ ِيّر واقعها‪ ،‬وال تعترف بسياسة "األخذ‬
‫باألسباب وتسليم ما تبقَّى إلى اللَّه"؛ بل إنَّها شخصية ضعيفة من الداخل ال تمتلك جرأة االعتراف بأخطائها وتقبُّلها‬
‫والسعي إلى تجاوزها‪.‬‬

‫أسباب تكون الشخصية االنهزامية‪:‬‬

‫‪ .1‬التسلط األسري‪:‬‬

‫عندما يتعرَّض الطفل* إلى تسلط كبير من أحد أبويه‪ ،‬يزداد احتمال إصابته باضطراب الشخصية االنهزامية‪ ،‬حيث‬
‫إنَّ أنواع ًا معينة من الممارسات‪ ،‬مثل السيطرة التامة على الطفل‪ ،‬وكبح جماح شخصيته‪ ،‬وتعطيل قدرته على‬
‫التعبير والتحليل‪ ،‬وكسر حريته وحقه الطبيعي في رفض أو قبول أي أمر في حياته‪ ،‬والتحكم الجائر في مجرى‬
‫حياته وقراراته دون اتباع سياسة اإلقناع‪ ،‬تخلق طف ً‬
‫ال* مهزوز الثقة‪ ،‬ومش َّوه الداخل‪ ،‬وضعيف اإلرادة‪ ،‬ومشلول‬
‫اإلدراك؛ فتختلط عليه األمور‪ ،‬ويخلق تصور ًا خاطئ ًا بأنَّ تقمصه لدور المظلوم يكسبه رضا الناس ويحميه من‬
‫جورهم ومكرهم؛ فهو يُس ِقط شكل التعامل المشوه بينه وبين أبويه على كل عالقاته االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .2‬األفق المحدود‪:‬‬

‫تؤ ِ ّدي النظرة المحدودة للمستقبل‪ ،‬وتب ِنّي سياسة "الخيار الوحيد" إلى اإلصابة باضطراب الشخصية االنهزامية؛‬
‫فعندما يعتقد اإلنسان أنَّ خيارات الحياة محدودة وفرصها قليلة جد ًا‪ ،‬تنخفض عزيمته‪ ،‬ويتح َّول إلى إنسان روتيني‬
‫وتقليدي وتابع أعمى للظروف والموروثات السلبية المعرقلة‪.‬‬

‫ُعطي االنفتاح على الحياة ومساراتها نظرة أكثر شمولية عن الحياة‪ ،‬وإدراك ًا* وتفاؤالً وثقة أكبر‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬ي ِ‬
‫بالذات‪ ،‬ووعي ًا بأنَّ الحياة مألى بالفرص والخيارات‪ ،‬وإرادة للسعي وإثبات الذات‪.‬‬

‫‪ .3‬البعد عن اللَّه تعالى‪:‬‬

‫يُؤ ِ ّد ي عدم تبني سياسة "األخذ باألسباب‪ ،‬وعيش اللحظة" إلى اإلصابة باضطراب الشخصية االنهزامية‪ ،‬فالمؤمن‬
‫الحقيقي هو َمن يعي أهمية السعي في الحياة وفق ًا لإلمكانات المتاحة لديه‪ ،‬ويُس ِلّم باقي األمور التي ال يستطيع‬
‫تغييرها إلى اللّه‪ ،‬ويثق ثقة تامة أنَّ اللَّه معه ويدعمه دوم ًا؛ وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ي ِ‬
‫ُدرك أنَّ الماضي انتهى والمستقبل‬
‫يأت بعد‪ ،‬فيعيش لحظته بكامل استمتاعه وقوته وتفاؤله‪.‬‬ ‫لم ِ‬

‫واع لرحلة الحياة وتحدياتها وما تتطلَّبه من صبر وإيمان وسعي؛‬


‫الشخص االنهزامي شخص غير ناضج‪ ،‬وغير ٍ‬
‫فتجده دائم الشكوى والتذمر والرفض‪ ،‬وال يثق بالغد وال باآلخر‪.‬‬

‫إقرأ أيض ًا‪ 7 :‬نصائح ِ‬


‫لتقوّ ي صلتك باهلل سبحانه وتعالى‬

‫عالج الشخصية االنهزامية‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫تكمن أول خطوة في عالج الشخصية االنهزامية في اعتراف الشخص بما يعانيه من اضطراب‪ ،‬ورغبته‬ ‫‪.1‬‬
‫الصادقة في التخلص منه‪.‬‬

‫التدرب على مواجهة المخاوف بدالً من الهروب منها‪ ،‬فعلى الطبيب النفسي مساعدة الشخص االنهزامي‬ ‫‪.2‬‬
‫على البوح بتجربة طفولته القاسية وما يعانيه من مخاوف وأفكار سلبية؛ حيث يبدأ بهذا تعبيره عن ذاته الظهور من‬
‫جديد‪ ،‬وتزداد ثقته بنفسه وباآلخرين‪.‬‬

‫على الشخص االنهزامي التفكر أكثر في خلق الكون والهدف األساسي من وجودنا على األرض‪ ،‬وفي‬ ‫‪.3‬‬
‫أوامر اللَّه؛ وإدراك حقيقة أنَّ السعي هو الرسالة األسمى في الحياة‪ ،‬بحيث يأخذ اإلنسان بكل األسباب المتاحة‬
‫أمامه‪ ،‬ويثق أنَّ اآلتي أفضل وأكثر بركة‪ ،‬ويعيش لحظته بمتعة دون ندم على الماضي أو خوف من المستقبل‪.‬‬

‫على الشخص االنهزامي أن يتعلم حب ذاته‪ ،‬فلن يستطيع أن يحب أي شيء على وجه األرض إن لم‬ ‫‪.4‬‬
‫يعشق ذاته ويحترمها؛ ويبدأ ذلك من اكتشاف نقاط قوته والعمل على تطويرها‪ ،‬والبحث عن نقاط ضعفه والعمل‬
‫على إدارتها لتصبح في صالحه‪.‬‬

‫على الشخص االنهزامي أن يُغ ِيّر بوصلة تركيزه؛ فبدالً من التركيز على السلبيات‪ ،‬عليه إدراك النصف‬ ‫‪.5‬‬
‫المآلن من الكأس‪ ،‬واالحتفاء به‪ ،‬والعمل على تعزيزه؛ إذ إنَّنا نحصل دائم ًا على ما نر ِّكز عليه‪.‬‬

‫على الشخص االنهزامي السعي إلى بناء عالقات حقيقية وراقية مع أناس حقيقيين‪ ،‬واالبتعاد عن العالم‬ ‫‪.6‬‬
‫االفتراضي‪ ،‬والعمل على التعبير الحر والواعي عن ذاته بين الناس‪ ،‬واالبتعاد عن استفزازهم‪ ،‬والثقة من جديد‬
‫بذاته ومهاراته‪ ،‬وباآلخرين وقدرتهم على احتوائه‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫تع ُّد عملية تطور اإلنسان الروحية والنفسية والفكرية عملية تراكمية؛ لذلك اسعَ إلى الخطو خطوة يومي ًا في طريق‬
‫االرتقاء بذاتك والتطور والسعي إلى األفضل؛ إذ تنشأ الهزيمة النفسية من عدم وعيك بقدسية "السعي"‪ ،‬والذي‬
‫يمثل بدوره الهدف األسمى من وجودنا وحياتنا‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫امتله عن مشاكل التردد‬
‫أعاني من كثرة التردد في اتخاذ القرارات‬ ‫‪.1‬‬
‫السؤال‬

‫أما عن مشكلتي‪ ،‬فأنا ال أدري ـ حقيقة ـ أهي مشكلة نفسية أم ضعف في الشخصية أم ماذا؟ أرجو منكم السماح إذا‬
‫أطلت عليكم‪.‬‬

‫أنا بعمر ‪ 25‬سنة‪ ،‬ومتعبة جد ًا مما أنا فيه‪ :‬فأنا إنسانة مترددة إلى أقصى حد في كل أمور الحياة‪ ،‬ال أستطيع أن‬
‫أتخذ القرار* المناسب‪ ،‬مع أني من النوع الذي يفكر في كل شيء يحدث لي‪ ،‬أو أنا أقوم به‪ ،‬والجميع يقر بأني ذات‬
‫شخصية متفهمة‪ ،‬ورزينة والحمد هلل‪ ،‬ومع ذلك ال أحس أني أستطيع أن أستفيد من هذه الصفات التي لي في أمور‬
‫حياتي!‬

‫كل شيء أريد أعمله ـ كالوظيفة مثالً ـ ال أدري ماذا أقرر! وإن قررت على اختيار وظيفة ما أندم‪ ،‬وهذه مشكلتي‬
‫األخرى‪ ،‬حتى إن قررت أو اتخذت خطوة ما‪ ،‬أندم وأشد الندم‪ ،‬مع كوني مقتنعة بما فعلته‪.‬‬

‫أسرتي دائم ًا يقولون‪ :‬إني بألف رأي‪ ،‬وال أدري! وينعتونني بالمعقدة نفسي ًا‪ ،‬فعالً بدأت أحس بذلك كثير ًا؛ مما يزيد‬
‫ألمي وحزني على ما أنا فيه‪ ،‬فعالبدأت أحس بذلك كثير ًا‪ ،‬وإذا كنت مقتنعة بشيء ما‪ ،‬مثال‪ :‬شيء أريد أن ألبسه‪،‬‬
‫فإذا أحد قال لي أنه غير مناسب‪ ،‬فال ألبسه أبد ًا مرة أخرى‪ ،‬فعالً ال أستطيع أن أتخذ قرارا بنفسي‪ ،‬يجب أن أخبر‬
‫أحد ًا ليساعدني على القرار‪*.‬‬

‫ما زاد مشكلتي أنه تقدم لي خاطب‪ ،‬وكنت ال أريده‪ ،‬وعندما انتهى الموضوع ولم يحدث نصيب ندمت أشد الندم‬
‫عليه‪ ،‬وأصبحت أفكر كيف أضعته! مع أني كنت مقتنعة كثير ًا به‪ ،‬ومشكلة أخرى‪ :‬تقدم شخصان في نفس الوقت‪،‬‬

‫‪24‬‬
‫وهللا لم أستطع اتخاذ القرار‪ *،‬وأصبحت آذاني صاغية لآلراء التي حولي‪ ،‬تارة أوافق على األول‪ ،‬وأحيان ًا أكون‬
‫موافقة عليه‪ ،‬وأعود وأقول ال‪ ،‬غير مناسب في أمور معينة‪ ،‬وتارة على اآلخر‪ ،‬وهكذا إلى أن أضعت االثنين لطول‬
‫انتظارهم في الرد‪.‬‬

‫وهللا إني إنسانة ال أردي ما بي! وهذه مشكلتي أيض ًا إذا أردت شيئ ًا أتمنى حدوثه‪ ،‬فعندما يقترب حدوث الشيء‬
‫تصبح عندي رغبة أن ال يحدث هذا الشيء! نعم ـ وهللا ـ إني إنسانة ال تدري ماذا تريد‪ ،‬ماذا أتمنى‪ ،‬كلما أتمنى‬
‫ال تقدم لخطبتي‪ ،‬واآلن أحس بأني ال أريده‪ ،‬ولم تتحرك‬ ‫شيئ ًا ‪ ،‬فال أرغب به‪ ،‬كنت أتمنى أن يتقدم لي ابن عمي‪ ،‬وفع ً‬
‫مشاعري تجاهه‪.‬‬

‫صرت أصدق ما يقول لي أهلي من أني معقدة‪ ،‬وال رأي لي!! ساعدوني ألفهم نفسي‪ ،‬وليكون لي القدرة* على اتخاذ‬
‫القرار الصائب في حياتي دون الندم على كل شيء أفعله‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫أوالً ‪ :‬أود أن أؤكد لك أنك لست إن شاء هللا بضعيفة اإليمان‪ ،‬وال تعانين من ضعف الشخصية‪ ،‬إنما التردد هو سمة‬
‫من السمات التي نشاهدها كثير ًا‪ ،‬خاص ًة فيما يعرف بالشخصية الوسواسية‪ ،‬ويُعالج هذا بتطوير المهارات‬
‫االجتماعية‪ ،‬والتي من أهمها أن تعلمي نفسك التمهل في دراسة األمور‪ ،‬فعلى سبيل المثال تقررين مع نفسك أنك‬
‫أمر ما‪ ،‬وحتى لو كنت وصلت إلى القرار* في اليوم األول‪ ،‬فأرجو‬
‫ستعطيها مدة ثالثة أيام على األقل لدراسة ٍ‬
‫اإلصرار على ذاتك أنك البد أن تجري المزيد من الدراسة‪.‬‬

‫مثل هذه التمارين النفسية البسيطة ُوجد أنها تساعد كثير ًا‪ ،‬كما أن هنالك أمر ًا آخر أثبت جدواه وفعاليته فيما ال يدع‬
‫مجاالً للشك‪ ،‬وهو االستخارة في األمور‪ ،‬وهذا أمر كثير ًا ما نجهله‪ ،‬وقد ذكر أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم أن الرسول عليه الصالة والسالم كان يعلمهم االستخارة في كل األمور‪ ،‬وقد أجرينا دراسة منذ مدة اتضح‬
‫فيها أن اإلنسان الذي يستخير ويستشير يوفق فيما يتخذ من قرار مهما كان متردد ًا ومتشكك ًا‪ ،‬فأرجو أن تجعلي من‬
‫ذلك منهج ًا لنفسك ‪.‬‬

‫هنالك أبحاث تُفيد أيض ًا أن تناول األدوية المضادة للوساوس يُساعد كثير ًا في التقليل أو اختفاء مثل هذه األعراض‪،‬‬
‫وعليه ننصح لك بتناول عقار يعرف باسم فافرين‪ ،‬وجرعة البداية هي ‪ 50‬مليجرام لي ً‬
‫ال‪ ،‬بعد األكل لمدة أسبوعين‪،‬‬
‫تُرفع بعدها الجرعة إلى ‪ 50‬مليجرام أخرى‪ ،‬وتستمري على هذه الجرعة لمدة شهر‪ ،‬ثم ترفع الجرعة إلى ‪200‬‬
‫مليجرام يومي ًا ‪ ،‬لمدة ثالثة أشهر أخرى‪ ،‬ثم يمكن أن تخفضي الجرعة بمعدل ‪ 50‬مليجرام كل أسبوعين‪ ،‬وتكون مدة‬
‫العالج قد اكتملت مع الشفاء الكامل بإذن هللا ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الشك المستمر وسوء الظن عطال مسيرة حياتي‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫السؤال‬

‫السالم عليكم‪.‬‬

‫أعاني من الشك الدائم منذ الصغر‪ ،‬فإذا تحدث شخصان أو مجموعة أشخاص‪ ،‬أشك أنهم يتكلمون عني ويسخرون‬
‫مني‪.‬‬

‫تركت عملي لعدم اندماجي مع الزمالء‪ ،‬وألني لست اجتماعيا‪ ،‬وال أتقبل المزاح‪ ،‬فسوء الظن دمر حياتي‪ ،‬أصدقائي‬
‫محدودون جدا‪ ،‬ال أقيم عالقات صداقة جديدة‪ ،‬وأنفر من الناس‪ ،‬وال أحضر المناسبات‪ ،‬حتى عرفت بذلك‪ ،‬فأصبح‬
‫البعض ال يدعوني لمناسبة‪ ،‬وحتى عندما يزورني أحد في منزلي‪ ،‬أكون منقبضا‪ ،‬ال أتبسط مع الناس‪ ،‬ولست عفويا‬
‫بل متحفظا‪ ،‬ال أزور الجيران وال األرحام‪ ،‬منعزل مستوحش‪ ،‬أيامي كئيبة روتينية مملة‪ ،‬متجهم في وجوه البشر‪.‬‬

‫في الفترة األخيرة ازدادت عزلتي‪ ،‬وآخر وليمة كانت في بيتي منذ سنتين لضيف عابر‪ ،‬أريد أن أشعر باألنس‬
‫واالجتماع مع الناس‪ ،‬وأن أنبسط بحضورهم لمنزلي‪ ،‬وأن أكون اجتماعيا محبوبا حسن الخلق‪ ،‬أرتاح في صحبة‬
‫الناس واجتماعهم‪ ،‬مبتسما للناس والحياة‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫أخي‪ :‬كل الناس لديها شيئًا من الشكوك حيال نوايا اآلخرين‪ ،‬وهذا النوع من الشك نعتبره ش ًّكا محمودًا‪ ،‬بمعنى أن‬
‫اإلنسان يحتاج ألن يحمي نفسه من خالل درجة من االنضباط الداخلي الذي يجعله يتحوط من الناس‪ ،‬لكن طبعًا هذا‬
‫ال يصل لمرحلة عدم الثقة أو سوء الظن بالناس‪ ،‬إذا تطور األمر وأصبح اإلنسان يتصرف حسب شكوكه في‬
‫تعامله مع الناس هنا تُصبح الحالة نستطيع أن نقول أنها ظنانية أو أنها مرتبطة بالشخصية‪ ،‬هنالك شخصية ظنانية‪،‬‬
‫متوِجسة‪ ،‬هنالك شخصية ال تُحسن الظن‪ ،‬وهذه أحيانًا تُسمَّى بالشخصية البارونية‪ ،‬وتسمَّى‬
‫ّ* ِّ‬ ‫هنالك شخصية‬
‫بالشخصية الظنانية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أنا طبعًا ال أريد أن أكون عجوالً وأقول لك أنه ربما يكون لديك شيء من سمات هذه الشخصية‪ ،‬ألن السمات‬
‫َ‬
‫وأصبحت أنت تتصرف في عالقاتك االجتماعية تحت تأثير فكر‬ ‫َ‬
‫تفضلت –‬ ‫ظهرت عندك منذ الصغر – كما‬
‫الشكوك والظنان حول مقاصد الناس‪.‬‬

‫يعني‪ :‬من المفترض أن تُجرى لك بعض االختبارات النفسية المتعلقة بالشخصية‪ ،‬ومن المفترض أن تكون هنالك‬
‫مقابلة أو مقابالت مع المختص النفسي والطبيب النفسي‪ ،‬حتى نستطيع أن نقول هل لديك شخصية بارونية أم ال‪.‬‬

‫لكن على العموم‪ :‬نسب ًة ألن هذه اآلليات الفحصية التي ذكرتُها قد ال تكونُ سهلة‪ ،‬وإن كان من الممكن أن تذهب‬
‫وتقابل طبيبًا نفسيًّا‪ ،‬لكن م َّم ا هو مطروح في استشارتك أنا أعتقد أن تناول جرعة صغيرة من أحد األدوية التي‬
‫تُساعد على القضاء على الشكوك الظنانية سوف يُساعدك‪.‬‬

‫توجد دراسات كثيرة ج ًّدا تُشير أن عقار (رزبريادون) بجرعة صغيرة يُساعد الشخصية التي لديها سمات الظنان‪،‬‬
‫وفي ذات الوقت األمر قد يكون مصحوبًا بشيء من الوسوسة – كما ذكرت – وقطعًا هذا االنعزال االجتماعي‬
‫الناشئ من هذا الفكر الظناني يؤدي إلى عُ سر في المزاج‪ ،‬لذا وجدنا أيضً ا أن إضافة عقار مثل الـ (بروزاك)‪،‬‬
‫يعني‪ :‬البروزاك الذي يُسمَّى علميًا (فلوكستين) بجرعة صغيرة تُضاف له جرعة صغيرة من عقار رزبريادون‬
‫ستكون مفيدة ج ًّدا‪.‬‬

‫فيا أخي الكريم‪ :‬إن كان ما ذكرتُه لك مُقنعًا فيمكن أن تبدأ في تناول الرزبريادون بجرعة واحد مليجرام ليالً لمدة‬
‫شهر‪ ،‬ثم اجعلها اثنين مليجرام ليالً لمدة شهرين‪ ،‬ثم اجعلها واحد مليجرام ليالً لمدة ستة أشهر‪ ،‬هذه جرعة صغيرة‬‫ٍ‬
‫شهر‪ ،‬ثم توقف عن‬
‫ٍ‬ ‫ج ًّد ا من هذا الدواء‪ ،‬وبعد انقضاء الستة أشهر اجعل الجرعة واحد مليجرام يومًا بعد ٍ‬
‫يوم لمدة‬
‫تناول الرزبريادون‪.‬‬

‫يوم لمدة‬
‫أ َّما بالنسبة للبروزاك فتناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر‪ ،‬ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد ٍ‬
‫شهرين‪ ،‬ثم توقف عن تناول الدواء‪.‬‬

‫كال الدوائين من األدوية السليمة‪ ،‬خاصة بهذه الجرعات‪ ،‬وأسأل هللا تعالى أن ينفعك بها‪.‬‬

‫األمر اآلخر‪ :‬طبعًا ال بد أن تبذل جهدًا في أن تحقّر هذا الفكر* الشكوكي‪ ،‬وتسعى ألن تُحسن الظن بالناس‪،‬‬
‫صل رحمك‪ ،‬ال بد من‬
‫وأنصحك بأن تقوم بواجباتك االجتماعية‪ ،‬لبّي الدعوات‪ ،‬امشي في الجنائز‪ ،‬زر المرضى‪ِ ،‬‬
‫هذه األمور‪ ،‬هذه فيها خير كثير لك‪ ،‬حتى ولو كان هناك شكوك وظنون‪ ،‬لكن عليك ر َّد هذه الشكوك والظنون وال‬
‫تقبلها أبدًا لنفسك‪ ،‬وإذا شككت فال تتحقق‪ ،‬ألن في بعض الظن إثم‪ ،‬أمر هللا تعالى بأن نجتنب كثيرا من الظن فقال‪:‬‬
‫{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرً ا من الظن إن بعض الظن إثم}‪ ،‬هذه هي األسس العالجية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫أحس دائما بالنقص وأن الناس أفضل مني‪ ..‬أريد حال‬ ‫‪.3‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة تعالى وبركاته‬

‫أنا شاب عمري ‪ 25‬سنة‪ ،‬أشكو منذ زمن من رهاب اجتماعي‪ ،‬أخاف أن أتكلم أمام الناس والوقوف أمام الكاميرا‪،‬‬
‫وشخصيتي ضعيفة‪ ،‬وأصبحت ال أستطيع التبول في الشارع في اآلونة األخيرة‪ ،‬وأحس دائما بنقص وأن الناس‬
‫أفضل مني‪ ،‬دائما أفشل‪ ،‬سبق ونجحت في الجيش وبسبب انتقادهم لي تركت وخسرت الوظيفة‪.‬‬

‫ي‪ ،‬يمكن يعود ذلك الشعور إلى نحافتي‪ ،‬دائما أقول في‬
‫أخاف دائما من سخرية اآلخرين‪ ،‬أظن أن الناس تتكلم ف ّ‬
‫نفسي أني ضعيف البنية‪ ،‬وأصحابي يقولون لي أنت نحيف؛ مما يسبب لي التنمر والقلق النفسي‪ ،‬وزني ‪ 65‬وطولي‬
‫‪ 187‬سم‪ ،‬كثير األفكار السلبية‪ ،‬والخوف من الحوادث واألمراض مع أني دائما أحلم بمستقبل جميل‪ ،‬وأنا أمتلك‬
‫أحالما كثيرة‪ ،‬ووجدت الكثير من الفرص الوظيفية‪ ،‬لكن هذه العوامل* النفسية أعاقتني‪ ،‬والعامل األساسي هو‬
‫النحافة‪ ،‬وأيضا أصبحت أشكو النسيان‪ ،‬وقلة الصبر‪ ،‬والعصبية وعدم التأقلم مع األوضاع الصعبة‪ ،‬وتدني الثقة‬
‫بالنفس‪ ،‬والتأثر باآلخرين إيجابا وسلبا‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫من مجمل استشارتك واضح أنك تعاني من مشاكل في الشخصية في المقام* األول‪ ،‬أنت شخص حسَّاس ج ًّدا‪،‬‬
‫وحسَّاس بالذات لما يقوله عنك اآلخرين‪ ،‬وعندك عدم ثقة في النفس‪ ،‬وتعزو ذلك إلى أنك نحيف‪.‬‬

‫أخي الكريم‪ :‬النحافة قد تكون نعمة في هذا الزمن‪ ،‬فكثير من الناس يشتكون من زيادة الوزن‪ ،‬ومعظم األمراض‬
‫والمشاكل تأتي مع زيادة الوزن – أخي الكريم – وبالذات بعد أن يتقدّم بك العمر ستُدرك أن النحافة نعمة من هللا‪،‬‬
‫وكما ذكرت فإن كثيرا من الناس ينفقون مبالغ ضخمة في التخلص من أوزانهم الزائدة خو ًفا من األمراض المترتبة‬
‫على زيادة الوزن مثل الضغط والسكري وأمراض القلب‪.‬‬

‫أخي الكريم‪ :‬أنت في حاجة إلى عالج نفسي ليزيد ثقتك في نفسك‪ ،‬وليزيل عنك الحساسية الزائدة‪ ،‬ويُساعدك في‬
‫التوافق مع نفسك‪ ،‬واالنسجام معها وقبول نفسك‪ ،‬وبالذات قبول جسدك ووزنك؛ ألن هذا هو مفتاح قبولك لنفسك‪،‬‬
‫وهناك طبعًا اآلن عالج نفسي يُسمَّى (تقوية الذات)‪ ،‬وهو يتكون من جلسات‪ ،‬تُعطى فيها جلسات لتقوية الذات‪،‬‬
‫وتقوية النفس‪ ،‬والتخلص من الحساسية المفرطة تجاه الناس وزيادة الثقة في النفس‪*.‬‬

‫فإذا استطعت أن تتواصل مع معالج نفسي لعمل هذه الجلسات فهذا يكون الشيء األمثل واألفضل لك‪ ،‬ولكن‬
‫ال بأن تبدأ بفعل أشياء صغيرة‪ ،‬وظيفة صغيرة مث ً‬
‫ال‪ ،‬واالستمرار عليها يزيدك‬ ‫عمومًا‪ :‬أنصحك – أخي الكريم – أو ً‬
‫ثقة في النفس‪ ،‬ابدأ بعالقات بسيطة أيضً ا‪ ،‬وال ضرورة أن يكون لك أصدقاء ُكثر‪ ،‬صديق أو صديقين‪ ،‬كلما بدأت‬

‫‪28‬‬
‫بأشياء صغيرة واستطعت أن تنفذها وتداوم عليها‪ ،‬فهذا يزيد ثقتك في نفسك‪ ،‬والنجاحات تبدأ دائمًا باألشياء‬
‫الصغيرة‪ ،‬ال تندم على الماضي‪ ،‬ابدأ اآلن حياة جديدة‪ ،‬ابحث عن عمل‪ ،‬أي عمل مهما كان بسيطًا وأجره غير‬
‫كاف‪ ،‬ولكن تحتاج ألن تعمل لترجع ثقتك بنفسك – أخي الكريم – ولتتعايش مع المجتمع بشكل طبيعي‪.‬‬

‫ما سبب تضارب الشعور بين الثقة وضعف الثقة بالنفس؟‬ ‫‪.4‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم‪..‬‬

‫أعاني من ضعف الثقة بالنفس‪ ،‬ولكن في بعض األحيان أشعر بالثقة التامة بالنفس فما سبب ذلك؟ وهل هو انفصام‬
‫في الشخصية؟ وهل أحتاج لمقابلة طبيب نفسي؟‬

‫اإلجابــة‬

‫انفصام في‬
‫ٍ‬ ‫رسالتك مختصرة‪ ،‬لكن من خالل ذلك يمكن أن نفيدك بأنه ال توجد لك أي مؤشرات تد ُّل على‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫هذا التقلُّب المزاجي من الشعور بالثقة في النفس – الثقة المفرطة نسب ًًّيّ*ا – وبعد ذلك يحدث انخفاض في تلك الثقة؛‬
‫غالبًا مرتبطة بالمزاج‪ ،‬هنالك بعض األشخاص لديهم شخصية نُس ِّميها بـ (شخصية متقلبة المزاج) تُسمَّى‬
‫باإلنجليزية (‪ ،)syclothymia‬وهذه الشخصية يُعرف عنها تقلُّب المزاج‪ ،‬واإلنسان حين يكون في مزاج جيد‬
‫مزاج اكتئابي أو شبه اكتئابي تخت ُّل ثقته في‬
‫ٍ‬ ‫تكون طاقاته النفسية والجسدية وثقته بنفسه مرتفعة‪ ،‬وحين يكون في‬
‫نفسه؛ ألن طاقاته النفسية وطاقاته الجسدية قد تضعف‪.‬‬

‫أيها الفاضل* الكريم‪ :‬سيكون من الجيد إذا قابلت طبيبًا نفسيًّا أو أخصائيًا نفسيًّا للمزيد من االستقصاء‪ ،‬والمزيد ممَّا‬
‫يمكن أن نسمّيه بالمناظرة* اإلكلينيكية المفيدة* ليصل الطبيب أو المختص النفسي للتشخيص الدقيق لحالتك‪ ،‬لكن ممَّا‬
‫أؤكده لك أنه ال يوجد لديك انفصام في الشخصية‪ ،‬هذا هو المهم‪ ،‬وأرجو أن تعيش حياتك بصورة عادية ج ًّدا‪،‬‬
‫وتكون أكثر ثقة في نفسك‪ ،‬وأن تُحسن إدارة وقتك‪ ،‬وأن تُحسّن الدافعية لديك‪ ،‬هذا مه ٌّم ج ًّدا‪ .‬وَ ا ْ‬
‫سعَ لمقابلة المختص‬
‫كما ذكرتُ لك‪.‬‬

‫التردد يعيق حياتي فساعدوني‬ ‫‪.5‬‬

‫‪29‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم‬

‫أشكركم على هذا الموقع الرائع‪ ,‬وعلى ما تقدمونه من استشارات وخدمات‪ ,‬جزاكم هللا خيرا‪.‬‬

‫أود أن أعرض مشكلتي عليكم‪ ,‬وهي مشكلة تؤرقني كثيرا‪ ,‬وتسببت في خسارتي ألشياء كثيرة في حياتي‪ ,‬وهي‬
‫مشكلة التردد‪ ,‬وعدم اتخاذ القرار‪ ,‬والوسواس بعد اتخاذ القرار‪ *,‬والندم عليه‪.‬‬

‫أنا ال أستطيع أن أتخذ قرارا إال بعد فترة طويلة جدا‪ ,‬وقد أتخذ القرار* بعدما يكون الوقت قد فات‪ ,‬وأندم بعد ذلك‬
‫لماذا لم أتخذ القرار مبكرا‪.‬‬

‫أيضا المشكلة الكبري هي أنني أخاف جدا من اتخاذ القرارات‪ ,‬وأتمنى أال أتخذ أي قرار في حياتي‪ ,‬ودائما أفكر أن‬
‫هناك أفضل‪ ,‬وأنني تسرعت في اتخاذ أي قرار‪ ,‬وكان ال بد أن أنتظر قليال‪.‬‬

‫على سبيل المثال حينما كنت أذهب لشراء مالبسي كان ال بد أن أستشير أحد أصدقائي‪ ,‬فإذا قال لي‪ :‬إن هذا‬
‫القميص غير مناسب أتركه وال أشتريه‪ ,‬وإذا قال لي‪ :‬إنه مناسب أشتريه على الفور‪*.‬‬

‫وقد قمت منذ فترة بشراء موبايل‪ ,‬وبعد شرائه شاهده أحد زمالئي بالعمل وقال لي‪ :‬لماذا اشتريت هذا الموبايل؟ إن‬
‫صوته منخفض وغير جيد‪ ,‬ومنذ تلك اللحظة فكرت في كلماته‪ ,‬وبدأت أشعر فعال بأن الموبايل صوته منخفض‪,‬‬
‫وقمت بعمل إعالن على اإلنترنت لبيع الموبايل‪ ,‬على الرغم من أنني اشتريته منذ يوم واحد فقط‪ ,‬وبعته بالفعل‪,‬‬
‫وخسرت فيه حوالي ‪ 300‬جنيه‪ ,‬وقمت بشراء تليفون مستعمل بدال منه لمجرد أن صوته عا ٍل‪ ,‬كما قال لي زميلي‪.‬‬

‫أيضا من بين المواقف التي تسببت في خسارة كبيرة لي بسبب التردد هي أنني قمت بشراء الب توب بحوالي‬
‫‪ 4000‬جنيه‪ ,‬وقد قمت بشرائه بعدما قمت بدراسة جميع أنواع الالب توب على اإلنترنت لمدة شهرين‪ ,‬حتى أستقر‬
‫على النوع األفضل‪ ,‬ثم بعد ذلك ذهبت لشرائه‪ ,‬وبعد شرائه بيوم واحد‪ ,‬شعرت أنني تسرعت‪ ,‬وأن هناك أفضل من‬
‫هذا الموديل‪ ,‬وكان ال بد أن أختار الموديل اآلخر‪.‬‬

‫ذهبت للبائع وقلت له إنني ال أريد الجهاز فسألني هل هناك عيب فيه؟ قلت له ال‪ .‬ولكنني أريد الموديل األفضل‪,‬‬
‫فقال لي سوف تخسر في هذا الجهاز ‪ 500‬جنيه؛ ألنك قمت باسترجاعه‪ ,‬فوجدت نفسي أقول له موافق‪ ,‬وقمت‬
‫باسترجاع الجهاز‪ ,‬واشتريت موديال آخر‪ ,‬ولوال أن الحرج منعني لكنت قد قمت باسترجاع الموديل الثاني أيضا‪,‬‬
‫وهكذا‪*....‬‬

‫أيضا‪ :‬من ضمن األمور التي أفسدها التردد في حياتي هي أنني قمت بخطبة إحدى زميالتي في العمل‪ ,‬وبعد‬
‫خطبتها بيوم واحد بدأ الوسواس يتسلل إلى نفسي أنها غير جميلة‪ ,‬وأنني تسرعت‪ ,‬وكان ال بد أن أنتظر لعلي أجد‬
‫من هي أجمل وأفضل!‬

‫‪30‬‬
‫وبدأت المعاملة تسوء مع خطيبتي‪ ,‬فال أحب أن أكلمها‪ ,‬وال أراها‪ ,‬وأتجنب الذهاب إلى بيتها‪ ,‬وإلى عائلتها حتى‬
‫اكتشفت أنني ال أعطيها باال؛ فقررت فسخ الخطبة فورا‪ ,‬وقالت لي‪ :‬أنت إنسان متردد ال يدري ماذا يريد!‬

‫وأخيرا‪ :‬قمت منذ شهر بشراء شقة جيدة بعد تفكير طويل‪ ,‬وتردد طويل‪ ,‬ولكن منذ أن اشتريتها وأنا ال أنام‪,‬‬
‫فالوسواس ال يتركني‪ ,‬ويقول لي أنت تسرعت‪ ,‬لماذا اشتريت هذه الشقة في هذه المنطقة‪ ,‬كان ال بد أن تنتظر قليال‬
‫لكي تجد شقة أفضل في منطقة أفضل‪ ,‬يا خسارة لقد تسرعت‪ ,‬ولكن ماذا ستفعل اآلن؟‬

‫لدرجة أنني فكرت أن أذهب لصاحب العمارة‪ ,‬وأطلب منه استرجاع نقودي‪ ,‬وإلى اآلن يراودني هذا الشعور‪,‬‬
‫ولكنني فضلت أن أكتب لكم لعلي أجد حال لتلك المشكلة التي تهدم حياتي يوما بعد يوم‪ ,‬خصوصا وأنني حاليا‬
‫أخطب فتاة ملتزمة ومتدينة‪ ,‬ويراودني نفس التردد الذي حدث مع الفتاة السابقة‪ ,‬فماذا أفعل؟‬

‫أصبحت أخاف الزواج‪ ,‬وأتمني لو يتم تأخيره إلي وقت بعيد‪.‬‬

‫بقي شيء أخير‪ ,‬وهو أنني أقوم باالستخارة فعال قبل اتخاذ أي قرار‪ ,‬ولكنني أحيانا أظل مترددا بعد االستخارة‬
‫أيضا‪ ,‬وأقول لنفسي‪ :‬لقد استخرت‪ ,‬لماذا أنت متردد؟ فيكون الوسواس هو‪ :‬من قال لك أن هللا قد قبل استخارتك؟‬
‫لعل هللا يعاقبك ويختار لك شيئا سيئا ليعاقبك؛ ألنك غير منتظم في الصالة‪ ,‬ومقصر في قراءة القرآن‪.‬‬

‫أنا أعرف أن هذا ليس صحيحا‪ ,‬وأنني ال بد أن أكون حسن الظن باهلل سبحانه وتعالى‪ ,‬ولكن هذا ما يحدث لي‬
‫بالفعل‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬أنا أتناول دواء يسمي ( بروزاك ) كبسولة يوميا منذ أسبوعين‪ ,‬ولكنني لم أشعر بتحسن قوي حتى اآلن‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫مناح‪ ،‬ووساوس التردد من الوساوس المزعجة لصاحبها‪ ،‬وتتطلب‬ ‫ٍ‬ ‫أتفق معك أن الوساوس القهرية قد تأخذ عدة‬
‫جهدا عالجيا‪ ،‬لكن في نهاية األمر نتائج العالج رائعة ج ًّدا‪ ،‬وأنا أفضل ويا حبذا لو ذهبت وقابلت طبيبا نفسيا‪ ،‬هذا‬
‫أفضل من حيث المتابعة‪ ,‬وترتيب العالج النفسي والدوائي‪.‬‬

‫أما إن لم تكن تستطيع أن تذهب فأقول لك‪ :‬تعامل مع هذه الوساوس على أنها شيء سخيف‪ ،‬والشيء السخيف ال بد‬
‫أن يُحقّر ويقاوم وال يتبعها أبدًا‪ ،‬وعليك أن تدخل في تجارب أو نوع من الدراما* التي من خاللها تتصور وتتخيل‬
‫وتمثل أنك تريد اختيار شيء معين‪ ،‬وكان هذا االختيار في وجهة نظرك هو األفضل‪ ،‬ولكن بعد فترة غيّرت رأيك‬
‫وندمت على هذا االختيار‪ ،‬وهنا يجب أن تصر على موقفك أن ما اعتبرته خاط ًئا ليس خاط ًئا‪ ،‬إنما هو الوسواس هو‬
‫الذي يقول لك ذلك (وهكذا)‪ .‬إذن أنت محتاج لتمارين معرفية لصد الوساوس‪.‬‬

‫النقطة الثانية وهي مهمة ج ًّدا‪ :‬هي أال تُجري حوارات وسواسية‪ ،‬نقاش الوساوس ومحاورتها من أكبر المعززات‬
‫للوساوس‪ ،‬وأنت أمامك مثال واضح ج ًّدا وهو موضوع االستخارة‪ ،‬االستخارة مطلوبة في حالتك ج ًّدا‪ ،‬لكن‬

‫‪31‬‬
‫الوسواس أقنعك من خالل الحوار معه أنه ال جدوى منها‪ ،‬فأغلق على الوساوس‪ ،‬وحين يأتيك الدافع واالندفاع نحو‬
‫مناقشة الوساوس وتحليلها ومحاولة تفسيرها وإخضاعها للمنطق‪ ،‬قل للفكرة (أنت فكرة وسواسية حقيرة‪ ،‬لن‬
‫أناقشك) وهكذا‪.‬‬

‫بقي موضوع العالج الدوائي‪ :‬الدواء مهم في حالتك‪ ،‬وهذا النوع من الوساوس يستجيب للدواء استجابة جيدة‪ ،‬فإن‬
‫ذهبت إلى الطبيب –كما ذكرت لك– هذا جيد‪ ،‬وإن لم تذهب فهنالك الدواء الذي يعرف تجاريًا باسم (بروزاك)‬
‫واسمه العلمي (فلوكستين) يعتبر دوا ًء جيدًا وفعا ً‬
‫ال في مثل هذه الحاالت‪ ،‬لكن الدواء حتى يؤدي فعاليته يجب أن‬
‫تصبر على جرعته‪ ,‬وتتناوله بانتظام‪ ,‬وتكمل مدة العالج‪ ،‬وبفضل من هللا تعالى هذه األدوية سليمة‪ ،‬وغير إدمانية‪،‬‬
‫وهذا يُشجع تمامًا على االستمرار فيها وإكمال* فترة العالج‪.‬‬

‫البروزاك يتم تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا بعد األكل لمدة عشرة أيام‪ ،‬بعد ذلك تجعلها كبسولتين في اليوم‪،‬‬
‫صباحا ومسا ًء‪ ،‬استمر على هذه الجرعة لمدة شهر‪ ،‬ثم بعد ذلك اجعلها‬
‫ً‬ ‫يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة أو كبسولة‬
‫ثالث كبسوالت في اليوم‪ ،‬تناول واحدة في الصباح واثنين ليالً‪ ،‬استمر عليها لمدة ثالثة أشهر‪ ،‬ثم خفض الجرعة‬
‫إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر‪ ،‬ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثالثة أشهر‪ ،‬ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة‬
‫شهر‪ ،‬ثم يتم التوقف عن تناول الدواء‪.‬‬

‫هذا الدواء ليس له أي آثار جانبية مزعجة‪ ،‬فقط بالنسبة للمتزوجين قد يؤخر اإلنزال المنوي قليالً‪ ،‬لكنه ال يؤدي‬
‫إلى عقم أو شيء من هذا القبيل‬

‫هذا هو الذي أراه‪ ،‬وبالنسبة للعالج الدوائي‪ :‬توجد أدوية أخرى كثيرة‪ ،‬لكن البروزاك ربما يكون أفضلها وأسهلها‬
‫استعما ً‬
‫ال‪.‬‬

‫بالنسبة لموضوع االستخارة‪ :‬ال بد أن تكون هي أحد السبل التي تستعين بها وتأخذ أمرها بجدية تامة بعد تدارس‬
‫الموقف‪ ،‬وال توسوس حول االستخارة ذاتها‪ ،‬وارجع إلى حديث جابر بن عبدهللا ‪-‬رضي هللا تعالى عنه– حين قال‪:‬‬
‫(كان رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم– يعلمنا االستخارة في األمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن)‪*.‬‬

‫تأمل في هذا الكالم الطيب الجميل‪ ،‬وهذا سوف يعطيك ًّ‬


‫حيزا استيعابيًا كبيرً ا تتفهم من خالله عظمة االستخارة‪ ،‬وال‬
‫تتردد حولها‪ ،‬وال تعطي للوساوس أي فرصة لتصرف انتباهك‪ ,‬وتجعلك تحاور نفسك لتدخل في المزيد من‬
‫الوساوس‪.‬‬

‫لدي خوف وتردد وأخاف من المواجهة حتى عند االختالف!‬ ‫‪.6‬‬


‫السؤال‬

‫‪32‬‬
‫أنا شاب عمري ‪ 28‬عاما‪ ،‬مواظب على الصلوات الخمس منذ حوالي ‪ 5‬أشهر‪ ،‬وهدفي أن أتقي هللا في كل شيء‪،‬‬
‫وال أؤذي أحدا‪.‬‬

‫عندي مشكلة نفسية بأنني دائما أتأذى نفسيا بعد كل مناقشة أو حديث عندما نكون مختلفين في الرأي‪ ،‬ودائما أشعر‬
‫بالخوف أن أكون خاطئا‪ ،‬ودائما عندي شك‪ ،‬هل أنا على صواب أم على خطأ‪ ،‬أخاف وأتردد كثيرا‪ ،‬وأخاف دائما‬
‫من المستقبل‪ ،‬وأخاف من أشياء كثيرة‪ ،‬وأشعر دائما بالفشل‪ ،‬وأحاول االستسالم‪ ،‬وأخاف المواجهة‪ ،‬ماذا أفعل؟‬
‫فأنا في هذه المشكلة طيلة حياتي‪ ،‬وأشعر أن عمري يسرق مني‪ ،‬ولم أقدر على فعل أي شيء؛ ألني أخاف أن‬
‫أفشل‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫إن شاء هللا مشكلتك بسيطة‪ ،‬بالفعل هي مزعجة‪ ،‬حيث إن التردد واإلحساس بالذنب بعد المناقشات حتى وإن لم‬
‫تكن مُخط ًئ ا‪ ،‬وأن تتراكم حساسيات الشخصية‪ ،‬تجعل اإلنسان في حيرة من أمره في كثير من األحيان‪ ،‬وهذا قد‬
‫يؤدي إلى شعور اكتئابي ثانوي‪ ،‬يُخفض من مقدرة اإلنسان كثيرً ا على اتخاذ القرارات* السليمة وعلى التركيز‪.‬‬

‫اإلنسان يجب أن يُدرب نفسه حقيقة‪ ،‬أن يقبل الناس كما هم ال كما يريد‪ ،‬ودائمًا نعرف أن آرائنا التي نقولها قد ال‬
‫تكون مقبولة لدى كثير من الناس في بعض األحيان‪ ،‬أو على األقل جزءا منها‪ ،‬ونحن أيضً ا بنفس المستوى يجب أن‬
‫نتقبّل أن ما يقوله اآلخرين يجب أن نحترمه‪ ،‬حتى وإن اختلفنا معه‪.‬‬

‫فاألمر هو عملية تدريب نفسي متواصلة‪ ،‬أقب ُل اآلخر كما هو‪ ،‬ال كما أريده أنا‪ ،‬ال كما أتمناه أنا؛ ألن هذا مستحيل‬
‫أن يتحقق حتى أقرب الناس إليك‪ ،‬حتى أقربائك‪ ،‬حتى في بعض األحيان أبنائك‪ ،‬يجب أاّل تروَّ ض فكرك على‬
‫وتصرُّ على ذلك؛ ألن ذلك يتصادم كثيرً ا مع الواقع‪ ،‬إ ًذا نقبل‬
‫ِ‬ ‫مستويات مُعيّنة‪ ،‬أو على ِطباع مُعيّنة في الناس‪،‬‬
‫الناس‪ ،‬دائمًا نقبلهم كما هم‪ ،‬وليس من الضروري أبدًا أن نتأثر بفكره‪ ،‬أو بسلوكه‪ ،‬خاصة إذا كان مُخط ًئا‪ ،‬يجب أاَّل‬
‫نتأثر به أبدًا‪.‬‬

‫أنا أعتقد أن لديك نمطا وسواسيا واضحا ج ًّد ا في طريقة التفكير‪ ،‬لذا يكون التردد‪ ،‬يكون التأنيب‪ ،‬يكون الخوف من‬
‫أشياء كثيرة‪ ،‬وهذا كلُّه يؤدي إلى الخوف من الفشل‪ ،‬وأراك في حاجة لعالج دوائي بسيط جدًا‪ ،‬هنالك أدوية ممتازة‬
‫تُساعد في مثل هذه الحاالت؛ ألن المشكلة هي على مستوى التفكير أكثر ممَّا هي على مستوى التطبيق على الواقع‪.‬‬

‫إن كان باإلمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد‪ ،‬وإن لم يكن ذلك ممكنًا فعقار (سيرترالين) والذي يُسمّى‬
‫تجاريًا (لسترال) سيكون مفيدًا ج ًّد ا بالنسبة لك‪ ،‬والدواء غير إدماني‪ ،‬وقليل اآلثار الجانبية ج ًّدا‪.‬‬

‫بما أن عمرك ثمانية وعشرين عا ًم ا فالجرعة المناسبة لك هي أن تبدأ بنصف حبة ‪ -‬أي خمسة وعشرين مليجرامًا‬
‫‪ -‬من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرا ًما‪ ،‬تتناول هذه الجرعة األولية يوميًا لمدة أسبوع‪ ،‬ثم تجعلها حبة‬
‫واحدة يوميًا لمدة شهر‪ ،‬ثم تجعلها حبتين يوميًا لمدة شهرين‪ ،‬ثم تخفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين أيضً ا‪،‬‬
‫يوم لمدة أسبوعين آخرين‪ ،‬ثم تتوقف عن تناول الدواء‪.‬‬
‫ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين‪ ،‬ثم نصف حبة يومًا بعد ٍ‬

‫‪33‬‬
‫الدواء سوف يفيدك كثيرً ا ‪-‬إن شاء هللا تعالى‪ ،-‬وط ِبّق اإلرشاد السلوكي الذي نصحتك به‪ ،‬وحاول أن تقوم‬
‫نسيجا اجتماع ًيّا جيدًا‪ ،‬وصلة الرحم يجب أن تكون على رأس اهتماماتك فيما يتعلق‬
‫ً‬ ‫بواجباتك االجتماعية‪ ،‬وأن تبني‬
‫بالتواصل االجتماعي‪.‬‬

‫أنا سعيد ج ًّّ*ًدا أنك محافظ على صلواتك‪- ،‬وإن شاء هللا تعالى‪ -‬هذا يكون عونًا لك في الدنيا واآلخرة‪ ،‬واحرص في‬
‫األذكار والورد القرآني اليومي‪ ،‬هذا مه ٌّم جدًا‪ ،‬والصحبة الطيبة دائمًا تُشعرك إن شاء هللا بالطمأنينة كثيرً ا‪.‬‬

‫ما تفسير الحوار الذي يدور في عقل اإلنسان بينه وبين نفسه؟‬ ‫‪.7‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم‪.‬‬

‫عندما أمر بموقف سواء جدال مع شخص أو شجار أو حتى مناقشة‪ ،‬وبعد أن ينتهي الموقف تأتيني أحاديث في‬
‫عقلي رهيبة ومستمرة تقول لي لماذا لم تقل كذا‪ ،‬ولماذا لم تدافع عن نفسك بكذا‪ ،‬وكان من األفضل عندما قال لك‬
‫كذا أن تقول كذا‪ ،‬وأنك أنت الذي على الحق لألسباب كذا وكذا وكذا‪ ،‬ويدور في بالي كالم كثير من هذا القبيل‪،‬‬
‫وكأنه سيناريو رواية أو قصة يقرأه أحد في أذني أو عقلي‪ ،‬مما يسبب لي اإلحباط والندم أني لم أدافع عن نفسي‬
‫بكذا وكذا‪ ،‬وأني ضعيف وما شابه‪ ،‬وال أحسن التصرف والكالم‪*.‬‬

‫ما طبيعة هذه األفكار التي تأتيني؟ وما عالجها؟ وهل عقار فافارين ينفع في هذه الحالة؟ ألن الدكتور محمد عبد‬
‫العليم ‪-‬حفظه هللا‪ -‬وصفه لي في هذه استشارة خاصة بي‪ ،‬ولكني لم أبدأ فيه بعد‪ ،‬وسأبدأ فيه قريبا ‪-‬بإذن هللا‪،-‬‬
‫هذا هو رقم االستشارة‪ ،)2405796( :‬برجاء مطالعتها لعل هناك صلة بينها وبين استشارتي‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫الحوار الذي يدور داخل اإلنسان ويتكرر‪ ،‬ويف ّكر في أشياء حصلت من قبل‪ ،‬ويح ِلّل ويُراجع ما فعله وما لم يفعله‪:‬‬
‫هذا عند بعض الناس الذين ال يكونون تلقائيين في أفعالهم‪ ،‬ال بد لهم من اجترار أي شيء قبل الفعل وبعد الفعل‪،‬‬
‫عكس الناس الذين يندفعون في تصرفاتهم وال يف ّك رون قبل التصرف وال بعد التصرف‪ ،‬وهذا الشيء قد يكون جز ًء‬
‫من شخصية اإلنسان‪ ،‬ولكنه إذا استمرَّ بهذا الشكل وأخذ وقتًا طويالً فإنه يكون مُتعبًا ومُرهقًا ويحتاج لعالج‪.‬‬

‫وقد يكون حديث النفس جزءًا من الوسواس القهري‪ *،‬إذ الشخص يُك ِّرر أفكارً ا مُعيَّنة‪ ،‬تتكرَّ ر بصورة مستمرة‪،‬‬
‫يحاول أن يُقاومها فال يستطيع‪ ،‬وت ُ‬
‫ُحدث له قلقًا وتوترً ا‪ .‬هذا هو الوسواس القهري‪*.‬‬

‫عالجا نفسيًّا‪ ،‬أمَّا إذا كان جزءًا من‬


‫ً‬ ‫إذا كان حديث النفس عبارة عن جزء من الشخصية‪ ،‬فهنا يكون العالج‬
‫عالجا دوائيًا‪ ،‬والفافرين يكونُ فعّاالً في هذه الحالة‪.‬‬
‫ً‬ ‫الوسواس القهري* فالعالج يكون‬

‫‪34‬‬
‫أخي الكريم‪ :‬واضح من خالل ما ذكرته يجعلني أميل إلى أنك تعاني من مشكلة في الشخصية أكثر من وسواس‬
‫قهري‪ ،‬ولكن الفافرين قد يفيد‪ ،‬ولكن ليس لوحده‪ ،‬ال بد لك من عالج نفسي مع تناول الفافرين ‪ -‬أخي الكريم ‪ -‬حتى‬
‫تستطيع أن تتخلص من هذه الحوارات التي تدور داخل نفسك‪ ،‬الفافرين زائد عالج نفسي مع متابعة معالج نفسي‪.‬‬

‫هل يمكن أن يكون سبب التردد عندي الديون؟‬ ‫‪.8‬‬

‫السؤال‬

‫السالم عليكم‪..‬‬

‫أنا أعمل سائقا‪ ،‬ودائما في حيرة من أمري‪ ،‬ومتردد‪ ،‬عندما أفعل أي شيء؛ فعندما أعمل في النهار أقول العمل في‬
‫الليل أحسن‪ ،‬وعندما أعمل في الليل أقول النهار أحسن‪ ،‬فهل الدين الذي يقلقني هو سبب ترددي؟‬

‫اإلجابــة‬

‫بارك هللا فيك – أخي العزيز – وأهالً وسهالً ومرحب ًا بك في الموقع‪ ,‬وأسأل هللا تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب‬
‫ويرضى ويرزقنا سعادة اآلخرة واألولى‪.‬‬

‫‪ -‬ما ينتابك –حفظك هللا ووفقك– ال يخلو أن ينحصر في مشاعر التردد في العمل فحسب‪ ,‬وهذا أمر طبيعي نتيجة‬
‫الضعف البشري أو اإلحساس بالقلق العادي؛ بسبب ضغوط الحياة اليومية‪ ،‬سواء ما ابتليت به من ديون أو غيرها‪,‬‬
‫إال أنه من غير الطبيعي أن يكون هذا القلق زائد ًا عن الحد حتى يطال أمور حياتك عامة في العمل وغيره‪ ,‬أو غير‬
‫واقعي حيث ال توجد له مبررات واقعية‪ ,‬مما قد يصيبك بالتوتر واالضطراب حتى تحتاج إلى مراجعة الطبيب‬
‫النفسي المختص‪.‬‬

‫وأما إن كان التردد فيما ذكرت فحسب من موضوع اختيار الوقت المناسب للعمل فاألمر – كما سبق –‬ ‫‪‬‬
‫في حدود الطبيعي فيلزمك التالي‪:‬‬
‫‪ -‬اللجوء إلى هللا تعالى بالدعاء ولزوم الذكر واالستغفار‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬لزوم الصحبة الصالحة المتحلية بالحكمة والعقل* واألمانة وحسن المشورة؛ ذلك أن التحقق من األمور في‬ ‫‪‬‬
‫معرفة مصالحها ومفاسدها يقوي البصيرة‪ ،‬وبالتالي يقوي اإلرادة على الفعل‪*.‬‬
‫الهمّة وقوة اإلرادة* قبل وأثناء الشروع في العمل وعدم‬
‫‪ -‬ضرورة التحلي بالحزم والصبر والثقة بالنفس وعلو ِ‬ ‫‪‬‬
‫االستعجال في طلب النتائج أو اليأس من الفشل‪.‬‬

‫لصابر"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫" ألستسهلن الصعب أو أدرك المُنى ** فما انقادت* اآلمال إال‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬وقد صح في مسلم ‪( :‬المؤمن القوي خير وأحب إلى هللا من المؤمن الضعيف‪ ..‬احرص على ما ينفعك‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫ي فكن‬
‫واستعن باهلل وال تعجز)‪ ,‬قال تعالى‪( :‬فإذا عزمت فتوكل على هللا إن هللا يحب المتوكلين)‪.‬إذا* كنت ذا رأ ٍ‬
‫ذا عزيم ٍة ** فإن فساد الرأي أن تترددا"‪.‬‬
‫يتق هللا‬
‫‪ -‬حسن الظن باهلل تعالى والتحلي بالطموح والتفاؤل* مع االستعانة باهلل وتقواه* والتوكل عليه (ومن ِ‬ ‫‪‬‬
‫يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ال يحتسب)‪.‬‬
‫‪ -‬ومما يساعد على قوة اإلرادة* ودفع أسباب التوتر واالضطراب والقلق‪ :‬تعميق اإليمان بلزوم الذكر والطاعات‬ ‫‪‬‬
‫وطلب العلم النافع واالهتمام بالوقت فيما يعود عليك بالفائدة* والمنفعة في دينك ودنياك والحرص على التعفف‬
‫عن سؤال الناس والبعد عن الشهوات المحرمات وما يثيرها في وسائل التواصل واإلعالم والحرص على توفير‬
‫المستقبل األفضل لنفسك وأهل بيتك ومجتمعك‪.‬‬
‫أشعر أنني ضائعة ومشتتة‪ ،‬فأنا* متقلبة المزاج!‬ ‫‪.9‬‬
‫السؤال‬

‫منذ وقت طويل وأنا أشعر بتقلبات في المزاج على مدار اليوم‪ ،‬أكثر من حالة شعورية أمر بها‪ ،‬أحيانا أشعر بحزن‬
‫شديد غير مصاحب لسبب‪ ،‬وأحيان ًا بسبب‪ ،‬ولكن بشكل مبالغ فيه‪ ،‬أما حاالت الفرح الشديد تكون بال مبرر أو‬
‫سبب‪ ،‬مترددة في قراراتي‪ ،‬أحيانا أتحمس كثيرا للقاء اجتماعي أو مناسبة اجتماعية‪ ،‬وعندما تأتي أغير رأيي‪،‬‬
‫وأحب الجلوس وحدي بعيدة عن أي أحد‪.‬‬

‫مرات قليلة أحب االجتماع بالناس‪ ،‬ومرات كثيرة أكره أي أحد يكلمني‪ ،‬أحزن وأفرح في اليوم ألف مرة‪ ،‬تنتابني‬
‫مشاعر منخفضة في تقدير الذات‪ ،‬وأحيانا تكون عالية جدا وبدون سبب‪.‬‬

‫تمر علي أوقات أعمل وأنجز فيها‪ ،‬وغالبا تكون قليلة في مدة محددة‪ ،‬وتمر شهورا علي أكره القيام* بها بأي شيء‪،‬‬
‫أحس أنني ضائعة ومشتتة‪ ،‬وفاقدة للتركيز‪ ،‬وال أعرف كيف أتحكم بالذي أشعر به‪ ،‬وال أعرف نفسي وال تقلباتي‬
‫المزعجة‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫تقلبات المزاج التي تُصاحب الشخص لفترة طويلة قد تكون مشكلة من مشاكل الشخصية‪ ،‬وقد تكون مرضً ا نفس ًيّا‪،‬‬
‫الفرق أنها إذا كانت جز ًءا من المرض النفسي تبدأ في تاريخ مُحدد‪ ،‬وتُصاحبها أعراض أخرى‪ ،‬وهي قد تكون‬
‫جزء من االكتئاب أو االضطراب الوجداني‪ ،‬أو هو اضطراب بنفسه‪ ،‬ولكن النشرات التي ذكرتها في استشارتك‬
‫يذهب إلى أنها جزء من المشاكل الشخصية التي تعاني منها‪ ،‬وبالذات هناك مشاكل أخرى مثل عدم تقدير الذات‬
‫وفقدان التركيز وعدم التح ّكم في األمور‪ ،‬كل هذا – أختي الكريمة – يؤشّر إلى أن هناك مشاكل في الشخصية‪.‬‬

‫عالجا نفسيًّا‪ ،‬تحتاجين إلى عالج نفسي على مد ً‬


‫ى طويل – أختي الكريمة – حتى‬ ‫ً‬ ‫ولذلك العالج الرئيسي هنا يكون‬
‫تتعلمي كيفية التخلص من تقلبات المزاج‪ ،‬وحتى ذلك الوقت قد تحتاجين إلى بعض األدوية للمساعدة‪ ،‬والدواء هنا‬
‫الذي يُساعد في تقلبات المزاج هو التجراتول‪ ،‬التجراتول أو الكاربامازبين‪ ،‬مائتي مليجرام‪ ،‬مرتين في اليوم‪ ،‬قد‬
‫‪36‬‬
‫يفيد مع العالج النفسي للسيطرة على تقلبات المزاج‪ ،‬وتحتاجين طبعًا لالستمرار في الكاربامازبين – أو التجراتول‬
‫– لفترة طويلة قد تمت ّد إلى ستة أو تسعة أشهر أو حتى سنة‪ ،‬مع العالج النفسي‪ ،‬حتى تختفي هذه التقلبات وتعيشين‬
‫حياة طبيعية‪ ،‬ويمكنك بعد ذلك التوقف عن التجراتول‪.‬‬

‫أشعر أن الناس تراقبني‪ ،‬فكيف أتخلص من هذا الشعور؟‬ ‫‪.10‬‬


‫السؤال‬

‫السالم عليكم‪.‬‬

‫أعاني من فكرة سلبية وهي أن الناس تراقبني‪ ،‬وأعلم بأنها خطأ وغير صحيحة‪ ،‬وعندما تأتيني أرد عليها بإيجابية‪،‬‬
‫لكنها تأتي شديدة جدا وتصبح مزعجة‪ ،‬فتسبب لي االكتئاب‪ ،‬أيضا أعاني من قلة التركيز وتشتت الذهن في‬
‫المحاضرات‪ ،‬فهل هناك عالقة بينهما؟‬

‫اإلجابــة‬

‫في استشارة سابقة ذكرت أيض ًا أنك تحسين أنك تحت المراقبة‪ ،‬وقد قام األخ األستاذ الدكتور عبد العزيز باإلجابة‬
‫على استفسارك هذا‪ ،‬وقد نصحك بإرشادات وتوجيهات وعالجات معينة‪ ،‬فأرجو أن تأخذي بما نصحك به‪.‬‬

‫األفكار الظنانية حين يكون اإلنسان مدرك ًا لها ويعرف أنها غير حقيقية تكون وسواسية المنشأ‪ ،‬لكن اإلنسان إذا لم‬
‫يدرك أنها غير حقيقية أو صدقها أو قام باتباعها وتصرف حسب محتواها‪ ،‬هناك تكون ناتجة من مرض ذهاني أي‬
‫مرض عقلي‪ ،‬ال أعتقد أن ذلك ينطبق عليك أبد ًا ‪-‬أيتها الفاضلة الكريمة‪ ،-‬أعتقد أن األمر أمر وسواسي‪ ،‬لكن‬
‫أريدك أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي وال تتأخري أبد ًا ‪ ،‬ألن التدخل النفسي المبكر يأتي بنتائج عالجية رائعة‬
‫جد ًا‪ ،‬أما الحاالت التي تترك لتكون مزمنة تتعقد األحوال فيها‪.‬‬

‫قلة التركيز ناتجة من انشغالك بهذه التوجسات والهواجس حول أنك مراقبة من قبل اآلخرين‪ ،‬هذا بالفعل يشتت‬
‫التركيز‪ ،‬ألنه يؤدي إلى إجهاد نفسي‪ ،‬فأنا أراك بخير وأريدك أن تذهبي إلى الطبيب‪ ،‬وإن كان هنالك أي قلق‬
‫اكتئابي بسيط أو بالفعل لديك أفكار ظنانية‪ ،‬هذه كلها يجب أن تعالج وتعالج بصورة فاعلة جد ًا‪ ،‬واألدوية تلعب دور ًا‬
‫كبير ًا في عالج مثل هذه الحاالت‪.‬‬

‫أرجو أيتها الفاضلة أن ال تتأخري من الذهاب إلى الطبيب المختص‪ ،‬أرجو أن تتواصلي معي بعد أن تذهبي وتقابلي‬
‫الطبيب لتطلعيني على الدواء الذي وصفه لك‪.‬‬

‫أعاني من مشكلة التناقضات* في اتخاذ* القرارات‬ ‫‪.11‬‬


‫‪37‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم‬

‫أعاني من مشكلة منذ وعيت على هذه الدنيا‪ ،‬ال أجد معنى لتناقض تصرفاتي‪ ،‬الجميع يتناقضون مع أنفسهم لكنهم‬
‫يجدون الحلول في كبح أنفسهم والمحاولة‪.‬‬

‫أما أنا فمتناقضة دون أن أعي ذلك‪ ،‬أقوم باتخاذ قرارات لست أهالً لها‪ ،‬لكني كنت أعتقد عند اتخاذي لهذه‬
‫القرارات* أنها تصلح لي بنسبة ‪ ٪100‬وأكون متيقنة من ذلك‪.‬‬

‫أنا سئمت من نفسي‪ ،‬وال أجد أي مخرج أمامي‪ ،‬مزاجي متقلب حاد‪ ،‬يوم ًا أبكي بدون سبب واليوم اآلخر كأني‬
‫إنسانة أخرى‪ ،‬أستيقظ أكون سعيدة جد ًا بدون سبب أيض ًا‪.‬‬

‫في هذه الدقيقة أنت أعز أصدقائي وبعد دقيقة ال‪ ،‬لست كذلك! وأنت غريب تمام ًا عني‪ ،‬األغلب لديهم ميول قليلة‪،‬‬
‫أما أنا فميولي متعدد‪ ،‬وأبدع في كل شيء لكني ال أستطيع االستمرار في شيء واحد‪.‬‬

‫إنسانة مهزوزة حتى مبادئها ومعتقداتها تتغير بين يوم وليلة!‬

‫خسرت أمواالً طائلة على مشاريع كثيرة غيرت رأيي فيها‪ ،‬ولم تعد تهمني فجأة!‬

‫ذات مرة استيقظت من النوم وأنا فرحة جد ًا دون سبب‪ ،‬وأمسكت بالمقص وقصصت شعري نصفه‪ ،‬لم أتهيأ لذلك‪،‬‬
‫ولم أخطط‪ ،‬وال أعلم ما السبب وراء هذا التصرف‪ ،‬وذات مرة استمريت في جمع مبلغ كبير مدة ‪ 3‬سنوات‪ ،‬وكنت‬
‫أخطط أن أستثمره في شيء مفيد لي ثم بال سابق إنذار أذهب للتسوق وأشتري كل شيء دون فائدة أمامي!‬

‫حياتي ضاعت‪ ،‬وأنا متقلبة متناقضة ال أعرف االستمرار في شيء‪ ،‬أكتب معضلة حياتي وأنا أبكي‪ ،‬لكن احتمال لو‬
‫فأنت طبيعية! ثم أشعر‬
‫ِ‬ ‫قرأتها غد ًا سأضحك وأقول لنفسي ال ال‪ ،‬أنا ال أعاني بتات ًا من كل هذا‪ ،‬لماذا تبالغين‬
‫بالغضب؛ ألن ال شيئا يتحرك في حياتي غير رقم عمري‪ ،‬وأنا واقفة مكاني ال أعلم ماذا أفعل‪ ،‬وما هو هدفي؟!‬

‫أصبحت مثاالً على الشخص المتناقض‪ ،‬أضحوكة للجميع‪ ،‬وهذه األمثلة كلها غيض من فيض‪ ،‬لم أكمل شيئ ًا في‬
‫حياتي للنهاية‪ ،‬وال حتى للوسط‪ ،‬ولو أجبرت نفسي على إنهاء األعمال لمتُّ من الشعور باالختناق‪ ،‬وكأني تحت‬
‫الماء أو داخل أنبوبة غاز‪ ،‬كل شعور في حياتي مؤقت بشكل مبالغ فيه‪.‬‬

‫أنا أحاول أن أكون أنا لكن ال أعلم من أنا‪ ،‬فلو أعجبت بشخصية مثالً من الممكن أن أستنسخ صفاتها بالكامل* لي‬
‫من أول نظرة‪ ،‬حتى لو تطلب األمر أن أفعل بعض المحرمات وأعترف بأشياء كاذبة‪ ،‬وفي المقابل هذا الشخص‬

‫‪38‬‬
‫يتعجب ويعجب بي هو اآلخر لشدة تشابهنا‪ ،‬وكل هذا ال يكون لفترة طويلة‪ ،‬فإعجابه بي يبرد في وقت قصير ألنه‬
‫مبني على كذب‪.‬‬

‫عمري ذهب ضحية تساؤالت وقرارات متهورة بشكل سريع‪ ،‬حتى في الدراسة والتخصصات‪ ،‬ال أتوب منها وال‬
‫أتعظ‪ ،‬ما هي مشكلتي إذا كانت هناك مشكلة؟ وما عالجها؟‬

‫فكرة االنتحار تسيطر علي‪ ،‬وأشعر بالضغط من نفسي بأني هذه المرة ال أستطيع االستمرار في حياتي‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫كنتُ أتمنى أن تذكري عمرك‪ ،‬ألن هذا له أهمية‪ ،‬مع نوعية األعراض التي وردتْ في رسالتك‪.‬‬

‫وصفك لحالتك بليغ ج ًّدا‪ ،‬فيه رصانة تعبيرية‪ ،‬وما يتعلَّق أيضً ا بالمعاني ومشاعرك الحقيقية‪ ،‬أرى أن الرسالة‬
‫انعكاس حقيقي لشخصيتك‪ ،‬وكذلك لما يدور في وجدانك ومشاعرك‪.‬‬

‫نحن هنا – في إسالم ويب – نُق ِ ّد م هذه االستشارات االلكترونية بهدف توضيح بعض المعالم للناس‪ ،‬وقد ال نصل‬
‫لتشخيص نهائي‪ ،‬والحاالت التي نرى أنها تستحق أن يذهب اإلنسان إلى الطبيب المختص نقوم بتوجيه هذا النصح‪.‬‬

‫الب ِيّنات الموجودة أمامي‪ ،‬وهي رصينة كما ذكرتُ لك‪ ،‬تد ُّل على أن علَّتك الرئيسية تتمركز في البناء النفسي‬
‫لشخصيتك‪.‬‬

‫يوضح أن العلَّة تكمن في أبعاد شخصيتك‪ ،‬والسمات التي وردتْ تتطابق مع المعايير‬
‫ِّ‬ ‫ما وصفته – وبدقة ممتازة –‬
‫التشخيصية لما يُعرف بـ (الشخصية الحدّية) أو (الشخصية البيْنيَّة)‪ ،‬وأراها من النوع البسيط إلى المتوسط‪ ،‬ليس‬
‫من النوع الشديد أو الحادّ‪.‬‬

‫هذا النوع من الشخصيات بالفعل يُم ِيّزهم الشعور بالتقلب المزاجي الشديد‪ ،‬وهيمنة الخواء الداخلي‪ ،‬والتص ُّرف‬
‫االندفاعي واالنفعالي‪ ،‬وكل هذا متوفر عندك‪ ،‬وعدم االستمرارية في العالقات أيضً ا يُميّز الشخصية الحدّية‪.‬‬

‫اإلضرار بالذات من خالل محاوالت االنتحار وخالفه أيضً ا نُشاهده في نحو ‪ %50 - 40‬من الذين يُعانون من‬
‫اضطراب الشخصية الحدّية‪ ،‬ويكونُ هنالك أيضً ا شيء من االكتئاب النفسي وعُ سر المزاج‪.‬‬

‫أيتها الفاضلة الكريمة‪ :‬أنا أؤكد لك أنه يمكن مساعدتك بصورة ممتازة ج ًّدا‪ ،‬من خالل العالج النفسي السلوكي‬
‫المنضبط‪ ،‬وهذا ال يمكن أن يتوفر إاَّل من خالل الذهاب إلى طبيب نفسي‪ ،‬فالذي أنصحك به أن تذهبي إلى الطبيب‬
‫النفسي مباشرة‪.‬‬

‫العالج له مسارات أربعة‪ :‬هنالك العالج النفسي السلوكي‪ ،‬وهنالك العالج االجتماعي‪ ،‬وهنالك العالج اإلسالمي‪،‬‬
‫وهنالك العالج الدوائي‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫هذه المسارات األربعة حين تلتقي ‪ -‬ويلتزم بها اإلنسان الذي يحتاج للمساعدة النفسية – تكون النتائج رائعة ج ًّدا‪،‬‬
‫وأنا أراك إن شاء هللا تعالى ستلتزمين بكل اإلرشادات والتعليمات الطبية التي سوف يقوم المختص بإخطارك بها‪.‬‬

‫فكرة االنتحار – كما ذكرتُ لك – مرتبطة بالتقلُّب المزاج‪ ،‬لكن بفضل هللا تعالى ق َّل مَن ي ْق ِد ُم على هذا الفعل*‬
‫وأنت إن شاء هللا تعالى في حفظ هللا تعالى ورعايته‪ ،‬ح ِّقري هذا الفكر* تمامًا‪ ،‬والحياة طيبة وجميلة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الشنيع‪،‬‬
‫وأرجو أن تذهبي وتقابلي الطبيب المختص‪.‬‬

‫أشعر أنني إنسانة تافهة بال هدف في الحياة وال أفهم ذاتي‪ ،‬ساعدوني‬ ‫‪.12‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫أنا فتاة عمري ‪ 22‬عاما‪ ،‬خجولة جدا وغير اجتماعية منذ صغري‪ ،‬ال أستطيع تكوين صداقات بسهولة‪ ،‬وقلما‬
‫أتحدث مع األشخاص‪ ،‬لذلك صداقاتي محدودة للغاية‪ ،‬ومتغيرة من مرحله ألخرى‪ ،‬كما أنني شديدة الحساسية تجاه‬
‫النقد والكالم* الجارح‪ ،‬وقد كنت دائمة البكاء في صغري‪ ،‬إال أنني اآلن أصبحت قادرة ‪-‬إلى حد ما‪ ،-‬على السيطرة‬
‫على مشاعري أمام اآلخرين‪.‬‬

‫منذ حوالي ثالث سنوات أصبحت أشعر بتذبذب شديد في مشاعري تجاه المقربين مني‪ ،‬من الممكن في لحظات أن‬
‫أحبهم جدا‪ ،‬وبعد دقيقة أكرههم جدا لتصرف بسيط‪ ،‬أو كلمة صغيرة ذكروها في حديثهم معي‪ ،‬وال أشعر بما‬
‫يحاولون إظهاره* لي من حب‪ ،‬فإذا قالوا أنهم يحبونني‪ ،‬أشعر في داخلي أن كالمهم ثقيل على قلبي‪ ،‬وبال معنى‪،‬‬
‫ولكنني أحاول قدر المستطاع ان أسيطر على تلك المشاعر لكي ال يشعروا بها‪ ،‬وأضطر لمحاولة إظهار حبي لهم‪،‬‬
‫إال أن ذلك يؤثر كثيرا على نفسيتي‪ ،‬ويدخلني في حالة من الضيق الشديد والغضب من كل شيء‪ ،‬ويبقى كل ذلك‬
‫في داخلي‪ ،‬ويجعلني مزاجية بشكل أكبر‪.‬‬

‫كثيرا ما اشعر بأنني ال أحب أصدقائي‪ ،‬أو أكرههم‪ ،‬وال أشعر تجاههم بشيء محدد‪ ،‬بالرغم من أن وجودهم شيء‬
‫جيد وممتع‪ ،‬إال أنني كثيرا ما أفضل الوحدة والعزلة‪ ،‬مع العلم أن أصدقائي في الوقت الحالي رغم قلتهم إال أنني‬
‫أثق في حبهم الشديد لي‪ ،‬لكنني أتصنع حبي لهم‪ ،‬وأشعر بالفراغ في داخلي‪.‬‬

‫أحب دائما أن أعيش في عالمي الخاص‪ ،‬من هم حولي يصفونه بأنه مريب وغريب‪ ،‬وهذا صحيح بالفعل‪ ،‬ألنني‬
‫أنجذب لكل ما هو "غريب" من وجهة نظرهم‪ ،‬حبي دائم ًا يكون لشخصيات خيالية أراها في األفالم‪ ،‬وغالبا ما‬
‫تكون عدوانية‪ ،‬أتعلق بها‪ ،‬وأحب ان أغوص في نفسية األشخاص الذين يتصرفون بغرابة‪ ،‬وأقرأ عن شخصيات‬
‫‪40‬‬
‫حقيقية كانت تمثل حاالت غريبة ومختلفة‪ ،‬أشعر كأنني مهووسة بكل ما هو غريب منذ صغري‪ ،‬زاد ذلك كثيرا‬
‫عندما كبرت‪.‬‬

‫ومن األمور التي تبعث الضيق في نفسي أنني ال أستطيع إيجاد هواية أو هدف محدد أسعى لتحقيقه‪ ،‬فبالرغم من‬
‫حبي للرسم‪ ،‬إال انني أمل كثيرا من ممارسته‪ ،‬ومررت بفترة من النشاط والحيوية لممارسة تلك الهواية‪ ،‬وكنت‬
‫أمكث في الرسم عدة ساعات‪ ،‬إال أنني أشعر بالعجز عن الرسم‪ ،‬والملل فال أكمل الرسمة‪ ،‬وكذلك الملل من كل‬
‫األشياء التي أحبها‪.‬‬

‫أشعر أنني إنسانة تافهة بال هدف في الحياة‪ ،‬وال أفهم ذاتي‪ ،‬وأتمنى منكم المساعدة‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫في البداية أود أن أثني على شعورك بالرغبة في التغيير‪ ،‬وهذا دليل على رفض داخلي لسلبيات شخصيتك السابقة‪،‬‬
‫وشعورك بأهمية التفاعل‪ ،‬والتواصل مع المجتمع بشخصية قوية جذابة محبة‪ ،‬وبأفضل الطرق ووسائل التواصل‬
‫الفعال‪*.‬‬

‫إن بداية أي مشكلة تعترض اإلنسان يعود علماء النفس في حلها لسنوات الطفولة* األولى‪ ،‬إذ أن جذور المشاكل‬
‫النفسية تنبت في السنوات األولى من طفولة اإلنسان وتنمو وتكبر معه‪ ،‬إذا لم يلتفت األهل إليها‪ ،‬ولم يسارعوا في‬
‫عالجها‪ ،‬بل قد تكون األخطاء التربوية التي يقع بها األبوان دون قصد سبب ًا في تفاقم المشكلة وتعقيدها‪ ،‬فأنت في‬
‫رسالتك رسمت أبعاد ًا* لشخصيتك‪ ،‬بأنك شخصية خجولة‪ ،‬غير اجتماعية‪ ،‬تميل إلى العزلة واالنطواء‪ ،‬ال تبالي‬
‫بمحبة اآلخرين لها رغم يقينها بصدق هذه المشاعر‪ ،‬تميل إلى الشخصيات الخيالية والمريبة‪.‬‬

‫جميل أن تستطيعي توصيف مشكلتك وتشخيصها‪ ،‬ألنك بذلك تكونين قد وصلت لمنتصف الطريق‪ ،‬بقي علينا أن‬
‫نتعرف على األسباب التي أدت إلى هذه المشاكل لديك‪ ،‬ومن ثم ننطلق في رحلة العالج ‪-‬بإذن هللا‪ ،-‬ومن أسباب‬
‫الخجل واالنطواء والميل إلى العزلة‪:‬‬

‫تربية األبوين غير الصحيحة‪- ،‬كما ذكرت‪ -‬آنف ًا‪ ،‬حيث يكون الوالدان* شديدي الحرص على الطفل‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فيكثران من التنبهات والتحذيرات‪ ،‬فيشعر الطفل أنه مقيد‪ ،‬يخاف من األشخاص الذين ال يعرفونهم‪ ،‬وال‬
‫يأنس إليهم‪ ،‬فينشأ محب ًا للعزلة‪ ،‬ال يحب االختالط باآلخرين‪ ،‬عاجز ًا عن التواصل معهم‪ ،‬وبناء عالقات‬
‫صداقة‪.‬‬
‫اإلدمان على التلفاز أو األنترنت أو األلعاب االلكترونية‪ ،‬حيث يرى الطفل* العالم فقط من خالل هذه‬ ‫‪‬‬
‫النافذة‪ ،‬فيحب الشخصيات الخيالية‪ ،‬ويتعايش معها‪ ،‬وتغنيه عن الواقع وبناء العالقات االجتماعية السليمة‪.‬‬
‫ضعف الشخصية‪ ،‬والتركيز على نقاط الضعف‪ ،‬حيث ال يجد في نفسه القدرة على مجاراة من حوله‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فيؤثر الصمت والعزلة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫* الحلول والعالج‪:‬‬

‫أنت اآلن فتاة واعية مدركة تمام ًا لمشكلتك‪ ،‬تبلغين من العمر ‪ 22‬سنة‪ ،‬لديك رغبة قوية في التغيير‪ ،‬وبناء شخصية‬
‫اجتماعية متميزة وجذابة‪ ،‬وهذا واضح من خالل رسالتك‪ ،‬وهذه الرغبة كافية لتطوي صفحات الماضي بكل ما‬
‫فيها‪ ،‬من خجل وانطواء‪ ،‬ومحبة وكره‪ ،‬وحساسية مفرطة اتجاه النقد‪ ،‬وكذا التعلق بالشخصيات الخيالية‪ ،‬وغير ذلك‬
‫ال للتخلص منها نهائي ًا‪ ،‬واستبدالها بعادات إيجابية‪،‬‬
‫من النقاط* السلبية التي ذكرت‪ ،‬واالنطالق في عالجها عالج ًا فعا ً‬
‫وصفات تجعل شخصيتك متميزة‪ ،‬ولتحقيق ذلك أنصحك بما يلي‪:‬‬

‫وضع قائمة بالعادات* السلبية التي تريدين التخلص منها‪ ،‬الخجل‪ ،‬االنطواء‪ ،‬التعلق بالشخصيات الخيالية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وغير ذلك من العادات السلبية‪ ،‬وأفضل الطرق للتخلص من العادات* السلبية‪ ،‬هي أن تتخيلي نفسك‬
‫بالوضع األفضل‪ ،‬فمثالً لعالج الخجل تخيلي نفسك أنك شخصية منطلقة‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬قادرة على التواصل‬
‫مع اآلخرين بأريحية‪ ،‬وقفي أمام المرآة وتخيلي هذه المواقف ومثليها تمام ًا‪ ،‬وغوصي مع أدق التفاصيل‪،‬‬
‫وردة فعلك‪ ،‬وطريقتك في التعامل مع ردود فعل الطرف اآلخر‪ ،‬وتحدثي بجرأة ووضوح‪ ،‬وارفعي صوتك‪،‬‬
‫فالخيال سيساعدك على التخلص من الرهاب االجتماعي الذي تعانين منه‪.‬‬
‫االبتعاد عن العزلة والوحدة‪ ،‬وحذار الجلوس لوحدك لساعات طويلة‪ ،‬فهذا يعزز الشعور بالوحدة‪ ،‬بل‬ ‫‪‬‬
‫ألزمي نفسك دائم ًا على الجلوس مع العائلة‪ ،‬أو زيارة األقارب‪ ،‬أو تنظيم مشاريع ترفيهية مع صديقاتك‪ ،‬أو‬
‫من خالل المشاركات في فعاليات اجتماعية تطوعية‪ ،‬وغير ذلك مما يساعدك على االندماج مع المجتمع‬
‫أكثر فأكثر‪.‬‬
‫االبتعاد عن الجلوس أمام التلفاز* أو األلعاب االلكترونية‪ ،‬أو وسائل التواصل االجتماعي لفترات طويلة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فهذه من أكثر األسباب التي تجعلك تميلين للعزلة‪ ،‬وتصنعين لنفسك عالمك الخاص‪ ،‬استبدليها بقراءة‬
‫رواية مشوقة‪ ،‬أو كتاب عن فنون التواصل الفعال‪ ،‬أو كتب عن تطوير الذات‪ ،‬أو التعامل مع اآلخرين أو‬
‫غير ذلك من الكتب المفيدة‪ ،‬التي تزيد من رصيدك المعرفي والثقافي‪ ،‬وتعطيك طرق وأساليب وأفكار‬
‫لتكوني شخصية اجتماعية متميزة‪ ،‬ولتزيدي الحماس لديك للقراءة واالستفادة‪ *،‬من الممكن أن تتفقي مع‬
‫صديقاتك على قراءة كتاب كل أسبوع مث ً‬
‫ال أو شهر‪ ،‬ومن ثم تناقشون ما جاء فيه من فوائد وقيمة‪ ،‬فذلك‬
‫سيعطيك الحماس والدافعية من جهة ومن جهة أخرى سيجعلك تستفيدين أكثر مما تقرئين‪.‬‬
‫ملء أوقات فراغك بالعمل المفيد‪ ،‬فالفراغ عدو اإلنسان األول‪ ،‬فيبدو أنك لديك الكثير من وقت الفراغ مما‬ ‫‪‬‬
‫جعلك تفكرين كثير ًا في اآلخرين ومشاعرهم‪ ،‬وكالمهم‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فأنت لم تذكري في رسالتك إن كنت‬
‫حاصلة على شهادة جامعية أو ال‪ ،‬بكل األحوال إن كنت لم تحصلي على شهادة جامعية‪ ،‬أنصحك أن‬
‫تضعي لنفسك خطة وتعودي للدراسة من جديد‪ ،‬فأنت في مقتبل العمر‪ ،‬والمستقبل بانتظارك‪ ،‬حام ً‬
‫ال لك‬
‫الكثير من المفاجآت واألشياء الجميلة‪ ،‬ولكن عليك أن تكوني مستعدة‪ ،‬وآخذة باألسباب‪ ،‬وإن كنت ال‬
‫تجدين في نفسك الميل للدراسة ال بأس‪ ،‬ضعي خطة لتطوير مهارات‪ ،‬من خالل دورات الحاسوب‪ ،‬أو‬
‫تعلم اللغات‪ ،‬أو األعمال اليدوية‪ ،‬أو الخياطة‪ ،‬أو حياكة الصوف‪ ،‬أو غير ذلك من المهارات التي تفتح لك‬

‫‪42‬‬
‫مجاالً للعمل والكسب‪ ،‬حينها ستجدين نفسك تنشغلين بشكل تلقائي عن كل المشاعر السلبية التي تشعرين‬
‫بها اتجاه اآلخرين‪ ،‬وعن تعلقك بالشخصيات الغريبة والمريبة‪ ،‬وتفكيرك سيصبح أكثر إيجابية‪.‬‬
‫عودي نفسك على إحسان الظن باآلخرين فهذا سيعينك كثير ًا في التخلص من الحساسية اتجاه النقد‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ودائم ًا خذ كالم اآلخرين على المنحنى اإليجابي‪.‬‬
‫تقوية الجانب اإليماني لديك‪ ،‬من خالل المحافظة على الصلوات في أوقاتها‪ ،‬والتزام حلقات العلم في‬ ‫‪‬‬
‫المسجد‪ ،‬وأيض ًا المحافظة على االستغفار وأوراد الصباح والمسكن‪ ،‬سيشعرك بالراحة النفسية وسكون‬
‫القلب‪.‬‬

‫أنا شخص متردد كثيرا وأجد صعوبة في اتخاذ القرارات‪ ،‬فما توجيهكم؟‬ ‫‪.13‬‬

‫السؤال‬

‫أنا مشكلتي في التردد‪ ،‬أنا إنسان متردد كثير ًا في حياتي وبصعوبة بالغة جد ًا أتخذ القرارات‪ *،‬وهذا األمر يزعجني‬
‫كثير ًا‪.‬‬

‫أنا اآلن مقبل على الزواج‪ ،‬بحثت عن فتاة ذات دين وخلق وأريد أن أتزوجها‪ ،‬صليت استخارة ولكني ما زلت‬
‫متردد ًا في الذهاب إلى بيتها لطلب يدها من أبيها‪ ،‬وصرت في حيرة بالغة من أمري‪ ،‬بماذا تنصحوني للتخلص من‬
‫هذا التردد؟ وكيف أتغلب عليه؟‬

‫اإلجابــة‬

‫فلقد وصفت نفسك في رسالتك أنك إنسان متردد‪ ،‬تجد صعوبة في اتخاذ القرار‪ *،‬والتردد عند اإلنسان ينتج غالب ًا‬
‫عن ضعف الثقة بالنفس‪ ،‬وقلة التجربة‪ ،‬وقلة الثقافة واالطالع‪ ،‬فيصعب على اإلنسان حينها اتخاذ القرار‪ *،‬لعدم‬
‫وضوح الرؤية لديه‪ ،‬وعدم قدرته على رؤية أبعاد الموضوع الذي يفكر فيه‪ ،‬ومن ثم يعجز عن اتخاذ القرار‪*.‬‬

‫فصناعة القرار* قد تكون من أكثر األمور التي يستصعبها الكثير من الناس‪ ،‬وكذلك مهارة إدارة* الوقت تعتبر من‬
‫أكثر المهارات التي يحتاج اإلنسان إلى إتقانها؛ ألنها مهمة في إدارة* شؤون حياتنا‪ ،‬فبعض األشخاص يعمل ويجتهد‬
‫ويجد وحين يصل إلى قطف ثمار تعبه يحجم ويبتعد ألنه غير قادر على اتخاذ القرار السليم في الوقت السليم مما‬
‫يجعل جهده ووقته يضيع سدى‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫وقد يكون مرد ذلك يعود إلى ضعف شخصيته‪ ،‬أو خطأ تربوي في صغره؛ فوالداه* لم يعوداه على اتخاذ القرار‬
‫وتحمل المسؤولية‪ ،‬فكانا دائما ينوبان عنه في اتخاذ القرار في أبسط أموره الشخصية‪.‬‬

‫إن عملية اتخاذ القرار* تحتاج إلى القيام بعدة خطوات للوصول إلى القرار الصائب والصحيح‪،‬‬

‫لذا أنصحك بالخطوات اآلتية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أهم خطوة هي‪ :‬تحديد الموضوع األساسي الذي يحتاج إلى اتخاذ القرار* وتحليله ومعرفة المشاكل التي تتعلّق‬
‫به‪ ،‬فأنت ذكرت في رسالتك أنك مقبل على الزواج‪ ،‬وأنك بحثت عن فتاة ذات خلق ودين‪ ،‬وتريد أن تتزوجها‪ ،‬ومع‬
‫أنك استخرت إال أنك مازلت متردد ًا في الذهاب إلى بيتها لطلب يدها من أبيها‪ ،‬فهنا أنت حددت الموضوع‪.‬‬

‫بداية أنا معك فموضوع الخطبة والزواج ليس بالقرار* السهل ويحتاج إلى الكثير من التأني والتفكير‪ ،‬ولكن خطواتك‬
‫األولى هي خطوات سليمة مئة بالمئة أال وهي البحث عن ذات الخلق والدين واالستخارة‪ ،‬فما عليك اآلن إال أن‬
‫تنطلق إلى الخطوة الثانية ليستريح قلبك ويزول عنك هذا التردد وهي‪:‬‬

‫‪ 2‬ـ أن تسأل عن عائلة الفتاة وعن أبيها وإخوانها‪ ،‬وتطلب من والدتك أن تسأل عن الفتاة* وأمها‪ ،‬فما سيأتي من‬
‫أخبار عنهم سيعينك في اتخاذ القرار* ويتالشي التردد الذي لديك إن كانت أخبار خير‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ثم ينبغي أن تطلب من أمك أن تزور أهل الفتاة* زيارة تعارف‪ ،‬فهذه الزيارة تمهد كثيرا لألمر‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ عليك بسنة االستخارة في هذه المرحلة‪ ،‬فإن يسر هللا لك هذا األمر فهذا دليل خير‪ ،‬وإن تعسر فيكون ذلك‬
‫دليالً واضح ًا على أنه ال خير فيه‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ أما االنشراح التام وزوال التردد نهائي ًا فإنما يكون بعد رؤيتك للفتاة والتحدث معها بوجود أهلها وبشروط‬
‫الرؤية الشرعية فإما أن ينشرح قلبك ويسكن‪ ،‬وإما أن ينقبض ‪ ،‬فهنا يكون اتخاذ القرار* أمر ًا سهالً بالنسبة لك‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ التزام الدعاء خالل هذه الفترة وتحري ساعات اإلجابة وأحسن الظن باهلل‪ ،‬وركز على الجوانب اإليجابية‬
‫لموضوع الزواج‪ ،‬وأنها انطالقة لتكوين أسرة صغيرة‪ ،‬حيث الطمأنينة والسكن‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ وأبعد عن تفكيرك أي تجارب سلبية أو نماذج فاشلة سمعت بها أو مرت معك في حياتك‪ ،‬بل ركز على‬
‫التجارب الناجحة التي تراها أمامك‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ أخلص النية في الزواج‪ ،‬وأنك تريد صون نفسك وعفتها عن الحرام‪ ،‬وإنشاء أسرة صالحة كريمة‪ ،‬وأن تربي‬
‫أطفا ً‬
‫ال صالحين ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫لدي تردد في اتخاذ القرارات وخوف من المستقبل‬ ‫‪.14‬‬

‫السؤال‬

‫أنا مهندس‪ ،‬عمري ‪ 28‬سنة‪ ،‬ال أحب عملي الحالي‪ ،‬وأتمنى أن أعمل عمال آخر به خبرة ومتعة أكثر؛ لذلك أبحث‬
‫عن عمل آخر منذ سنتين‪ ،‬وبالفعل* تأتيني فرص أخرى وأقبل بأشغال أخرى بها خبرة أكثر‪ ،‬وبعد أن أتفق مع‬
‫الشركات األخرى على العمل معهم‪ ،‬أتراجع في قراري وأعود لعملي الذي ال أحبه‪.‬‬

‫عندي مشكلة كبيرة في القدرة* على اتخاذ القرارات والخوف من المستقبل‪ ،‬الشعور باالستقرار في عملي‪ ،‬رغم‬
‫أني ال أطيقه ومستواي العملي فيه ضعيف‪ ،‬بالرغم أني ‪-‬الحمد هلل‪ -‬ذكي ومجتهد منذ صغرى‪ ،‬هذا الشعور‬
‫باالستقرار يعيقني عن أي مغامرة وأي مخاطرة‪*.‬‬

‫وها أنا اآلن عدت في قراري عن الوظيفة الجديدة‪ ،‬وأشعر بخذالن من نفسي ليس له حد‪ ،‬وأشعر بإحباط وخيبة‬
‫أمل كبيرة‪ ،‬لدرجة أني تنتابني حاالت عصبية وخفقان* في القلب وضيق تنفس‪ ،‬فما هو الحل للتغلب على التردد‬
‫وعدم القدرة* على اتخاذ القرار؟‬

‫وكيف أتغلب على حالتي النفسية السيئة حتى أجد عمال آخر بإذن هللا؟‬

‫اإلجابــة‬

‫شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال‪ ،‬والذي هو ليس بالغريب أبدا‪ ،‬فالتردد في تغيير العمل أو االنتقال لعمل أو‬
‫مكان آخر ليس بالسهل‪ ،‬وكثير من الناس يجد صعوبة في حسم األمر بشكل قاطع‪.‬‬

‫وأحيانا نحن أكثر ما نتردد عندما ال نكون واثقين جدا من القرار* أو الخطوة التي نحن مقبلون عليها‪ ،‬وبالتالي فحل‬
‫مشكلة هذا التردد الذي ورد في سؤالك‪ ،‬ربما يكون عن طريق مرحلتين‪.‬‬

‫األولى‪:‬‬

‫أن تتأكد من صواب قرارك بالعمل الجديد الذي تريد االنتقال* إليه‪ ،‬وعلى فكرة أنت ال تحتاج أن تكون متأكدا مائة‬
‫بالمائة‪ ،‬ففي كثير من األمور في الحياة ليس فيها شيء ‪ ،٪100‬ولكن أن يغلب على ظنك أن هذا العمل الجديد‬
‫يناسبك‪ ،‬وال بأس هنا من االستعانة بآراء صديق صدوق يعرفك‪.‬‬

‫والثانية‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫بعد أن تطمئن من أن العمل الجديد يناسبك أو ترغب به‪ ،‬أن تستعين ببعض اإلجراءات التي تعينك على التنفيذ‬
‫وعدم التراجع‪ ،‬ومنها مثال‪:‬‬

‫بعد أن تتفق على إدارة العمل الجديد‪ ،‬وتحصل على القبول‪ ،‬أن تستقيل من عملك الحالي‪ ،‬والذي ال تحبه‬ ‫‪‬‬
‫أو ترغب به‪ ،‬أي أن تس ّد على نفسك العودة للعمل الحالي‪.‬‬
‫أن تشارك في قرارك هذا‪ ،‬وخطوتك هذه أحد األصدقاء ممن يمكن أن يرافقك في هذه الخطوة الجديدة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ولو فقط من الناحية النفسية‪.‬‬
‫‪ -‬أن تصلي صالة االستخارة لييسّر هللا تعالى لك هذا العمل الجديد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬أن تتوكل على هللا‪ ،‬فقد اتخذت األسباب‪ ،‬واألمر هلل تعالى‪ ،‬وال تنس أن هللا تعالى يريد أن يفتح لك‬ ‫‪‬‬
‫األبواب‪ ،‬ولكن عليك أن تطرق األبواب وتدخلها‪ ،‬وتذكر أن من عوامل سعادة اإلنسان ونجاحه في الحياة أن‬
‫يكون في عمل يحبه ويرغب به‪ ،‬وفقط في الحاالت التي ال يجد فيها بدائل عن العمل الذي ال يحبه يمكنه‬
‫االستمرار به‪ ،‬ولكن حتى تتاح له فرصة أفضل‪ ،‬والحياة فرص كثيرة‪ ،‬ولكن علينا حسن استغاللها‪.‬‬
‫التردد في اتخاذ القرارات والخوف االجتماعي والشعور بالدونية‬ ‫‪.15‬‬

‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا!‬

‫أنا شاب متزوج‪ ،‬ويوجد لدي تردد في كل شيء‪ ،‬أتجنب االجتماعات‪ ،‬وأشعر بخوف من كل شيء! حاولت أن‬
‫أقاوم نفسي وأقنعها‪ ،‬لكن دون فائدة! أخاف من مواجهة اآلخرين عندما يعتدون علي‪ ،‬وأصبح عاجز ًا عن الدفاع‬
‫عن نفسي‪ ،‬وقد يسلبوني حقي‪ ،‬وأنا ال أستطيع أن أعمل شيئ ًا!‬

‫وأصاب بتعرق ودوخة أحيان ًا ‪ ،‬وهناك شعور داخلي بأني ألوم نفسي‪ ،‬وأصفها بأني جبان‪ ،‬ولماذا ال أقاوم؟ أتمني‬
‫أن أقوم بأفعال يمتدحها الناس‪ ،‬مثل األبطال‪ ،‬أو الشجعان‪ ،‬وأدافع عن حقي‪ ،‬وإذا حدثت لي مشكلة في مكان ما‬
‫كالسوق مث ً‬
‫ال‪ ،‬أصبح أكره هذا المكان‪ ،‬والمرور عليه‪ ،‬وأتجنبه!‬

‫ال أحب الناس أن يتكلموا في المشاكل‪ ،‬وإذا تكلموا في مشكلة أتصور أنها لو حدثت لي فماذا سأفعل؟ وأشعر أني‬
‫عاجز أمامها! هناك من يصفني بأني مسكين‪ ،‬وأكره ذلك‪.‬‬

‫هناك حادثة لم أنسها‪ :‬أرسلني والدي لجلب أغراض‪ ،‬وفي الطريق تعرض لي ابن الجيران ‪-‬وهو أصغر مني‪ -‬فقام‬
‫بضربي‪ ،‬وأخذ األغراض مني‪ ،‬وذهبت إلى والدي‪ ،‬وأخبرته‪ ،‬فشتمني‪ ،‬وأهانني‪ ،‬ووصفني بالجبان‪ ،‬ولم يكلم ابن‬
‫الجيران؛ فأصبحت أخاف منه‪ ،‬لم أنس الحادثة حتى اآلن‪ ،‬وقد كبر‪ ،‬وأتمنى االنتقام منه اآلن!‬

‫قرأت الكثير من الردود في الموقع‪ ،‬وقد وجدت نفسي في الكثير منها‪ ،‬وقمت بشراء عالج وصفه طبيب ألحد‬
‫القراء‪ ،‬واسمه (الزيروكسات)‪ ،‬وبدأت االستعمال منذ أسبوع‪ ،‬بنصف حبة‪ ،‬واألسبوع الثاني بدأت بحبة‪ ،‬وما زلت‬

‫‪46‬‬
‫مستمر ًا ‪ ،‬وأشعر بتعب ونعاس وآالم بسيطة بجانب الرأس األيسر‪ ،‬ولكني مستمر حتى اآلن‪ ،‬ولم أشعر بتحسن‪ .‬لذا‬
‫آمل النصيحة‪ ،‬وماذا أعمل؟‬

‫اإلجابــة‬

‫أوالً ‪ :‬يا أخي! أنت لديك الكثير من الشعور بالدونية‪ ،‬كما أنك تقلل من قيمة ذاتك‪ ،‬وهذا في حد ذاته يزيد القلق‬
‫والتوتر‪ ،‬وضعف الكفاءة النفسية‪.‬‬

‫نحن نعتقد ‪-‬يا أخي‪ -‬أنك أفضل مما تعتقده أنت‪ ،‬فقط لم تستفد من طاقاتك النفسية واالجتماعية‪ ،‬وأرجو أن تجلس‬
‫مر ًة أخرى مع نفسك‪ ،‬وتجرد حياتك‪ ،‬وترى ما هي اإلنجازات التي قمت بها في هذه الحياة‪ ،‬وسوف تجد إن شاء‬
‫هللا أن إنجازاتك وإيجابياتك أكثر من اإلخفاقات‪.‬‬

‫هذا الشعور المعرفي السلبي لن يساعدك أبد ًا‪ ،‬وعليه أرجو أن تسعى لتغيير خارطة التفكير لديك‪.‬‬

‫بالنسبة للعالج الدوائي‪ ،‬أعتقد أنك قد وفقت في اختيارك للزيروكسات‪ ،‬حيث أنه العالج األفضل‪ ،‬ولكن ربما ال‬
‫يناسب األقلية من الناس‪ ،‬وأرجو أن تكون أنت من الذين يناسبهم‪.‬‬

‫الشيء الهام جد ًا أن تصبر على العالج‪ ،‬وأن تكون مدة العالج كافية‪ ،‬حيث أن هذا الدواء ال يؤدي إلى فعالية‬
‫حقيقية قبل أسبوعين إلى ثالثة ‪.‬‬

‫كما أن الجرعة المطلوبة في مثل حالتك يجب أن ال تقل عن ‪ 40‬مليجرام‪ ،‬والبد أن تكون مدة العالج هي ستة‬
‫أشهر‪ ،‬فأرجو اتباع هذه اإلرشادات البسيطة‪ ،‬واالستمرار في تناول الدواء‪ ،‬ويمكن أن نسمع منك مر ًة أخرى كيف‬
‫سارت األمور بالنسبة لك؟‬

‫كيف أتقن فن التجاهل وال أحلل المواقف؟‬ ‫‪.16‬‬

‫السؤال‬

‫‪ .‬أنا إنسان أحلل المواقف‪ ،‬فكيف يمكنني التجاهل وعدم التحليل‪ ،‬لقد تعبت وكلما حاولت التجاهل فشلت‪ ،‬كيف أتقن‬
‫فن التجاهل؟ كيف يمكن لي عدم االهتمام والتجاهل وعدم التدقيق بصغائر األمور؟‬

‫اإلجابــة‬

‫‪47‬‬
‫شكرا لك على هذه األسئلة‪ ،‬في سؤالك هنا موضوع تحليل للمواقف والكالم‪ *،‬والرغبة في أن تصبح غير مبا ٍل‬
‫بالمواقف واألحداث وبعيدا عن التحليل‪.‬‬

‫وقد شرحت لك في سؤالك األول كيف أن بعض أفعالك وصفاتك متعلقة بصفة شدة الحساسية‪ ،‬مما يفسّر هذه‬
‫السلوكيات‪.‬‬

‫وشرحت لك كيف أنك شاب حساس‪ ،‬وأنه من الطبيعي أن يميل بعض الشباب إلى شيء من الحساسية في‬
‫شخصيتهم‪ ،‬حيث تتأثر باألحداث والمواقف والكالم الذي يجري من حولك‪ ،‬وتفكر فيه مليا‪ ،‬ونرى عادة هذا‬
‫الشخص يفكر طويال فيما جرى أو فيما قيل له أو أمامه‪ ،‬ويرتبك أمام اآلخرين‪ ،‬ولذلك فأنت دائم التحليل المستمر‪.‬‬

‫ومعك الحق في الرغبة في التغيير ألن كثرة التحليل مع الحساسية أمر متعب جدا‪.‬‬

‫وما يعينك على تحقيق هذا التغيير عدة أمور‪ ،‬كمحاولة التفكير بأن للناس همومهم الخاصة فليس عندهم وقت‬
‫ليضيعوه في تتبع أمورك‪ ،‬وكما يُقال* عندهم ما يكفيهم‪ ،‬فهذه الفكرة يمكن أن تبعد عنك شبح التحليل الزائد‪ ،‬وشبح‬
‫مراقبة الناس لك والحساسية لكالمهم‪ ،‬فهم منشغلون عنك‪ ،‬وأنت لست مركز اهتمامهم‪ ،‬وبالتالي يخفف عنك هذا‬
‫من ارتباكك أمامهم‪ ،‬ولكن أرجو االنتباه ألمر هام هنا‪ ،‬وهو أننا عندما نحاول إن نغير أمرا أو ننساه فشدة محاولتنا‬
‫تجعلنا نتذكر ما نريد نسيانه أكثر من أن ننساه‪ ،‬فمثال إذا قلت لك ال تتخيل فيال أزرق‪ ،‬فالشيء الوحيد الذي خطر‬
‫في مخيلتك هو هذا الفيل األزرق! ولذلك فاألفضل محاولة التغيير ولكن ليس بشدة هذه المحاولة‪.‬‬

‫األمر الثاني الذي يمكن أن يعينك وهو أن تذكر أنك في مرحلة الشباب من العمر‪ ،‬ولذلك فأمامك الوقت لتتجاوز‬
‫هذا الحال‪ ،‬وخاصة إن بادرت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذه الحساسية المفرطة‪*.‬‬

‫‪48‬‬
‫أشعر بأن الكل يراقبني ويتصيد أخطائي مما جعلني ال أستطيع ممارسة حياتي بشكل‬ ‫‪.17‬‬
‫طبيعي‪ ،‬فما الحل؟‬

‫السؤال‬

‫السالم عليكم‪..‬‬

‫أعاني من شعور بأن الكل ينظر إلي‪ ،‬فال أستطيع أن أتصرف على طبيعتي‪ ،‬فلو مشيت أخاف من السقوط وأن‬
‫يضحك الناس علي‪ ،‬وأخاف إن تكلمت أن يضحك الناس على كالمي وأنه غير مهم‪ ،‬ال أقدر أن أمارس حياتي‬
‫بشكل عادي‪.‬‬

‫كما أحس بكالم الناس قبل أن يقولوه‪ ،‬فلو رأيت شخصا يتحدث وشعرت بأنه يتحدث عني أجده فعال كذلك‪ ،‬وبعض‬
‫الناس أعرفهم من عادتهم النميمة‪ ،‬لدرجة أنه أي فكرة تسيطر على دماغي تصبح كأنها حقيقة‪.‬‬

‫مرة كنت أخيط بآلة الخياطة فتخيلت لو كسرت اإلبرة وأتت في عيني فأحسست بالموقف وكأنه صار حقيقة‪،‬‬
‫فاستعذت باهلل من الشيطان الرجيم‪.‬‬

‫األوهام تسيطر علي لدرجة أني ال أستطيع الخروج وحدي‪ ،‬وال ممارسة حياتي بشكل عادي‪ ،‬وصرت أكره الناس‬
‫لما يأتيني من أفكار عنهم تسيطر علي‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫بارك هللا فيك وجزاك هللا خير ًا ‪ ،‬نرحب بك في استشارات الشبكة اإلسالمية‪ ،‬وأن نتقدم لك بخالص التهنئة لحلول‬
‫شهر رمضان المبارك تقبل هللا طاعتكم وصيامكم‪..‬‬

‫أيتها الفاضلة الكريمة‪ :‬أنا تدارست رسلتك‪ ،‬وإن شاء هللا الذي بك أمر بسيط‪ ،‬وأتفق معك أنه مزعج‪ ،‬لكن إن شاء‬
‫هللا تعالى يمكن أن يعالج‪.‬‬

‫أنت لديك ما يعرف بقلق المخاوف الظنانية‪ ،‬تأملي في هذه الكلمات الثالثة‪ :‬قلق‪ ،‬ومخاوف‪ ،‬وظنان أي (شكوك)‪،‬‬
‫وهذه الحاالت موجودة‪ ،‬ونجدها أحيان ًا مالزمة للشخصية الحساسة‪ ،‬أنا طبع ًا ليس لدي اإلدراك بخلفيتك من حيث‬
‫البناء النفسي لشخصيتك‪ ،‬لكن أقول لك أن مثل أعراضك تكثر عند األشخاص الحساسين وكذلك القلقين‪ ،‬والذين‬
‫لديهم نوع من التطبع الوسواسي خاصة في تحليالتهم وتفسيراتهم لألمور الحياتية أو عالقتهم مع اآلخرين‪.‬‬

‫فيا أيتها الفاضلة الكريمة‪ :‬أقول لك ال تقلقي‪ ،‬ال تتوتري‪ ،‬حاولي أن تعبري عن نفسك أوال بأول‪ ،‬اجتهدي في أن‬
‫ال داخل أسرتك‪ ،‬ويجب أن تحسني الظن بالناس‪ ،‬ويا حبذا لو انضممت إلى أي عم ً‬
‫ال خيري‪ ،‬أو‬ ‫تكوني شخص ًا فعا ً‬

‫‪49‬‬
‫عمل اجتماعي‪ ،‬وهذا يؤدي إلى تحسن التواصل والنسيج االجتماعي لديك‪ ،‬مما ينتج عنه إن شاء هللا تعالى بناء‬
‫جديد لشخصيتك‪ ،‬وأريدك أيض ًا أن تذهبي إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن هذه المراكز حقيقة عظيمة جد ًا‪.‬‬

‫الهدف األول‪:‬‬

‫هو أن يتدارس اإلنسان القرآن ويتعلم منه شيء حتى ولو قليال‪ ،‬وفي ذات الوقت البيئة االجتماعية التي يدرس فيها‬
‫اإلنسان القرآن* لديها عائد نفسي إيجابي عظيم جد ًا ‪ ،‬التعرف على الدارسات‪ ،‬التعرف على الداعيات من خالل هذا‬
‫المحيط تستطيعين إن شاء هللا تعالى أن تحسني الظن في اآلخرين‪.‬‬

‫وعليك بالدعاء خاصة أذكار الصباح والمساء هي من المنجيات‪ ،‬وهي من المطمئنات وهي من الباعثات على‬
‫السرور للنفس الغير مطمئنة‪.‬‬

‫أيتها الفاضلة الكريمة‪ :‬البشرى الكبرى التي أود أن أسوقها لك هي أن حالتك هذه تستجيب بصورة ممتازة لبعض‬
‫األدوية النفسية البسيطة‪ ،‬أتمنى أن تستطيعي أن تذهبي إلى الطبيب النفسي وتعرضي عليه حالتك وسوف يقوم‬
‫بوصف بعض األدوية لك‪ ،‬هنالك دواء ممتاز يسمى رزبيريادول أنت تحتاجين لتناوله بجرعة ‪ 1‬مليجرام فقط لمدة‬
‫‪ 6‬أشهر تتناولين هذه الجرعة ليالً ‪ ،‬دواء ممتاز لعالج الظنان الشكوكية والتتابع الوسواسي‪ ،‬يضاف إليه دواء آخر‬
‫يعرف باسم زيروكسات أو ديروكسات هذا تتناوليه بجرعة ‪ 10‬مليجرام أي نصف حبة ليالً أو نهار ًا لمدة أسبوعين‬
‫ثم تجعليه حبة واحدة يومي ًا لمدة ‪ 6‬أشهر‪ ،‬ثم نصف حبة يومي ًا لمدة شهر‪ ،‬ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة شهر‬
‫آخر‪ ،‬ثم تتوقفين عن تناول الدواء‪.‬‬

‫هذه أدوية بسيطة وجرعة صغيرة وسليمة‪ ،‬قد يصفها لك الطبيب أو قد يصف أي دواء آخر مناسب يراه‪،‬‬

‫أعاني من التردد والتشاؤم طيلة حياتي‪ ،‬فكيف أتخلص من ذلك؟‬ ‫‪.18‬‬

‫السؤال‬

‫أنا شاب حديث التخرج‪ ،‬أعاني طوال حياتي من التردد في اتخاذ القرار‪ ،‬والتشاؤم والقلق المستمر‪ ،‬وأغلب حياتي‬
‫في عزلة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫وبالرغم من ذلك‪ ،‬فأنا مجتهد في دراستي‪ ،‬وإيجابي‪ ،‬ونشيط جدا مع اآلخرين‪ ،‬أخطط لهم‪ ،‬وأنصحهم‪ ،‬وأساعدهم‬
‫في اتخاذ قرارتهم وأهتم بهم‪.‬‬

‫التردد الذي أعاني منه‪ ،‬كنت أستطيع السيطرة عليه خالل المراحل الدراسية‪ ،‬لكن بعد التخرج فشلت تماما في‬
‫السيطرة عليه‪ ،‬وضاعت مني عدة فرص مهمة في حياتي‪ ،‬كالدراسات* العليا‪ ،‬أو الحصول على وظيفة‪ ،‬وأريد‬
‫التخلص من تلك المتالزمة لكي أعيش بقية حياتي في توازن‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫ال شك أن التردد أمر متعب‪ ،‬وكما ورد في رسالتك قد يفوّ ت الفرص الكثيرة على اإلنسان‪ ،‬فالبد من العمل على‬
‫التخلص منه‪ ،‬أو التخفيف منه قدر اإلمكان‪.‬‬

‫ي‪ ،‬فكثير منه له فوائد كثيرة‪ ،‬وبحيث يصرف‬


‫ولكن في الوقت ذاته‪ ،‬وقد يبدو هذا تناقضا‪ ،‬بأن التردد ليس كله سلب ّ‬
‫عنا أمرا سيئا ربما لم ندرك حقيقته في حينها‪ ،‬ولهذا الموضوع عالقة وثيقة بما نسميه الذكاء العاطفي‪ ،‬حيث يشعر‬
‫اإلنسان في أعماق نفسه‪ ،‬ولسبب غير واضح‪ ،‬يشعر بشيء ما يجعله ينفر من أمر معين‪ ،‬ويتردد وال يدري سبب‬
‫هذا النفور‪ ،‬ويقال عادة في تفسير هذا األمر‪ ،‬أن اإلنسان الذي يُعرض عليه أمر ما‪ ،‬فإنه يستخدم ومن حيث ال‬
‫يدري‪ ،‬وبشكل ال شعوري كل تجاربه السابقة‪ ،‬ومعلوماته كلها‪ ،‬في سبيل القيام* باالختيار الصحيح واتخاذ القرار‪*،‬‬
‫حيث تخدمه كل هذه التجارب والمعلومات السابقة‪ ،‬وبشكل سريع في اتخاذ قرار يشعر به في أعماقه‪ ،‬وإن لم‬
‫يستطع تفسيره‪.‬‬

‫نعم‪ ،‬مما هو مطلوب منا أيضا أن نتعلم من تجاربنا السابقة‪ ،‬وبحيث نتعلم اإليجابيات والسلبيات‪ ،‬فنعزز األولى‬
‫ونبتعد‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬عن الثانية‪ ،‬ومن الطبيعي أن تنزعج مما قد يحصل من فشل محاوالت تجاوز التردد‪ ،‬فهذا‬
‫أحيانا خارج سيطرة اإلنسان‪.‬‬

‫طبعا قد ال يوجد شيء ‪ ،% 100‬فمال من المستحيل أن نجد إنسانا ال يتردد أبدا‪ ،‬أو أن نجد إنسانا يتردد في كل‬
‫شيء‪ ،‬ولكن يحاول اإلنسان‪ ،‬وقدر المستطاع‪ ،‬اتخاذ القرار* األقرب للصواب‪.‬‬

‫ومما يمكن أن يعين على اتخاذ القرار* وقلة التردد األمور التالية‪:‬‬

‫االستعانة بوجهة نظرة والديك‪ ،‬وأسرتك‪ ،‬ومن حولك‪ ،‬فهذا مفيد في كثير من الحاالت‪ ،‬ولكن في النهاية أنت من‬
‫سيقرر‪ ،‬وأحيانا يفيد تحديد وقت محدد التخاذ القرا‪ *،‬ومهما كان هذا القرار‪ ،‬وأن كان ما يقال أحيانا من أن ال قرار‬
‫أفضل من قرار خاطىء‪ ،‬وهذا يتوقف على طبيعة الموقف الذي أمامنا‪.‬‬

‫إن ما يمكن أن تتخذيه من قرارات‪ ،‬سواء خاطئة أو صحيحة‪ ،‬إنما هي من اختيارنا‪ ،‬ففي اإلسالم اإلنسان مخيّر‬
‫وليس مسيّر‪ ،‬وإنما ما يحدث في الحياة إنما هو بتوفيق هللا تعالى لنا‪ ،‬ومن هنا كان الدعاء وكانت االستخارة‪ ،‬وما‬

‫‪51‬‬
‫صرفه هللا عنك إنما هو لخير‪ ،‬وإن كنا قد ال نرى هذا في حينها‪ ،‬وأمر المؤمن كله خير‪ ،‬فإن أصابه السراء‬
‫شكرر‪ ،‬وإن أصابه الضراء‪ ،‬صبر‪.‬‬

‫فهيا ثق بنفسك‪ ،‬وال تجعل نتائج التجارب السابقة تضعف من ثقتك بنفسك‪ ،‬فال شك أن عندك الكثير من الصفات‬
‫الطبيبة واإليجابية‪ ،‬وربما واجهتك في الفترة* الماضية ظروف خاصة‪ ،‬جعلتك تردد بينما انتفت اآلن هذه الظروف‪.‬‬

‫مترددة في اتخاذ* القرارات حتى في أتفه األمور‬ ‫‪.19‬‬


‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫عمري ‪ 23‬سنة‪ ،‬متزوجة‪ ،‬كنت أعاني من االكتئاب والوسواس القهري* منذ عمر ‪ 15‬سنة‪ ،‬لم أذهب للطبيب‪ ،‬ومع‬
‫السنوات خفت األعراض كثيرا‪ ،‬واآلن أعاني من التردد في قراراتي كثيرا‪ ،‬حتى لو كان األمر بسيطا‪ ،‬بالسابق‬
‫فيما يخص أموري البسيطة كنت أقرر وأحسم األمر‪ ،‬وأقول في نفسي لو كان قراري غير صحيح فال ضرر‪،‬‬
‫ولكن في القرارات* المصيرية أتردد كثيرا‪ ،‬ألنني أخاف أن أندم‪ ،‬وبالنهاية اكتشف بأنني اتخذت القرار الخاطئ‪،‬‬
‫وأتحسر وأشعر بالندم‪ ،‬وتتوقف حياتي على هذا الشيء‪ ،‬وآخر قرار ندمت عليه هو اسم ابني‪ ،‬عمره اليوم أربعة‬
‫أشهر وإلى اليوم وأنا نادمة‪ ،‬حينما أخطط للقرار ال أندم‪ ،‬ولكن حينما يكون األمر مفاجئا أندم كثيرا‪ ،‬فأنا أتعب‬
‫وأتردد كثيرا بهذا الوضع‪ ،‬والحظ أهلي ذلك‪ ،‬وأخبروني بأنني موسوسة‪ ،‬فبماذا تنصحوني؟‬

‫اإلجابــة‬

‫لمرض‪ ،‬وهنا يكون عرضً ا لالكتئاب‬


‫ٍ‬ ‫التردد في القرارات* قد يكون سمة من سمات الشخصية‪ ،‬وقد يكون عرضً ا‬
‫ذكرت أنها كانت في‬
‫ِ‬ ‫النفسي أو الوسواس‪ ،‬و‪-‬الحمد هلل‪ -‬واضح أنك ال تعانين من أعراض اكتئاب شديدة اآلن‪،‬‬
‫ِسنّ ٍ مبكرة‪ ،‬واآلن ال تعانين من أعراض اكتئاب شديد‪ ،‬وقد يكون اآلن أصبحَ جز ًء من شخصيتك التردد في‬
‫القرارات‪ *،‬وهذا ما دفع أهلك ألن يصفونك بالموسوسة وبالمترددة‪*.‬‬

‫منهاجا معيَّنًا التخاذ القرارات‪ ،‬حتى ال يكون هناك ندم‬


‫ً‬ ‫على أي حال‪ :‬نصيحتي لك ‪-‬يا أختي الكريمة‪ -‬أن تضعي‬
‫في اتخاذ القرارات‪ *،‬واتخاذ القرار* يجب أن يكون مبنيًا على المشكلة نفسها‪ ،‬فإذا كان الشيء الذي تحاولين اتخاذ‬
‫قرار فيه حكم شرعي فيجب عليك االلتزام بالحكم الشرعي‪ ،‬وال يكون هناك ندم بعد ذلك‪ ،‬بل بالعكس يحس‬
‫الشخص بالراحة بعدها‪.‬‬

‫وإذا كان الشيء الذي يجب فيه اتخاذ قرار فيه حكم علمي فيجب عليك بأخذ الطرق العلمية أيضً ا في اتخاذ القرار‬
‫المعيَّن‪ ،‬أما إذا لم يكن فيه حكم شرعي أو حكم علمي فاتخذي القرار حسب ما تحسين وترتاحين إليه‪ ،‬وهذا مهم‬
‫‪52‬‬
‫ج ًّدا‪ ،‬وال يهمك ما يقوله اآلخرون طالما* ِ‬
‫أنت في جانب الشرع أو جانب العلم أو جانب ما ترتاحين إليه‪ ،‬فيجب‬
‫عليك أال تنظري إلى شيء آخر‪ ،‬وهكذا تدريجيًا ‪-‬إن شاء هللا‪ -‬يذهب التردد وتحصل الراحة النفسية‪.‬‬

‫مترددة في اتخاذ* القرارات في شؤون حياتي كلها‪ ،‬ماذا أفعل؟‬ ‫‪.20‬‬

‫السؤال‬

‫أنا فتاة‪ ،‬مشكلتي أنني ال أملك إرادة لتحقيق ما أريد‪ ،‬حتى أنني أحيان ًا ال أعلم ما الذي أريد تحقيقه في حياتي‪ ،‬فمثال‪:‬‬
‫أرغب في اتباع نظام ًا صحي ًا إلنقاص وزني‪ ،‬وتغيير أسلوب حياتي‪ ،‬كما أود أن أستيقظ مبكر ًا‪ ،‬وأقوم بعمل‬
‫التمارين الرياضية‪ ،‬وأتناول طعام ًا صحي ًا‪ ،‬وأقول‪ :‬أنني سأقوم باتباع نظام ًا غذائي ًا‪ ،‬وسأبدأ من الغد‪ ،‬أو من اليوم‪،‬‬
‫وأكون مستعدة تمام ًا لفعل ذلك‪ ،‬وفي غاية الحماس والرغبة لفعله‪ ،‬وأعزم علي فعله‪ ،‬وأخطط كيف سأبدأ‪ ،‬وماذا‬
‫سأفعل بكل حماس‪ ،‬ولكن بعد ذلك بعدة دقائق أشعر بأن ذلك أمر صعب‪ ،‬ومجرد التفكير بأنني سأفعل هذه األشياء‬
‫يشعرني بالخمول والكسل‪ ،‬ولن أستطيع القيام به‪ ،‬فال أفعل شيء مما خططت له‪.‬‬

‫هذا التردد في اتخاذ القرار ينطبق على أمور حياتي كلها‪ ،‬أحيان ًا أريد أن أعمل وأكون متحمسة للفكرة كثير ًا‬
‫وفرحة بها‪ ،‬لدرجة أنني أفكر عندما آخذ راتبي من هذا العمل ماذا سأفعل‪ ،‬وماذا سأشتري‪ ،‬ولكن أيض ًا سرعان ما‬
‫يذهب ذلك الحماس والرغبة‪ ،‬هذا التقلب يحدث في كل شيء أخطط له في حياتي تقريب ًا‪ ،‬حتى الخروج للتسوق‪،‬‬
‫ولشراء المالبس أشعر بأنني سأكون متعبة‪ ،‬وأشعر بالخمول والكسل‪ ،‬وأقوم بتأجيل مواعيد كل شيء‪ ،‬فكيف‬
‫يحدث هذا التقلب بهذه السرعة؟ وهل يوجد شيء أفعله لينهي هذا؟ ألن بسبب هذه التقلبات أصبحت حياتي صعبة‬
‫جدا‪ ،‬وال أستطيع أن أفعل شي ًئا مما أريده‪ ،‬أو أحلم به‪ ،‬أو أنوي تحقيقه‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫‪53‬‬
‫النفس البشرية ُجبلت على التراخي في بعض األحيان‪ ،‬لذا تُرك التغيير لإلنسان بنفسه‪ ،‬ولذلك قال هللا تعالى‪{ :‬إن‬
‫هللا ال يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}‪ ،‬يعني أن هللا تعالى قد وهب لنا طاقات ومهارات وخبرات وإمكانات‪*،‬‬
‫وقال‪{ :‬ال يكلف هللا نفسًا إال وسعها}‪ ،‬وقال‪{ :‬فاتقوا هللا ما استطعتم}‪ ،‬فلو لم يقل أنه بوسعنا وباستطاعتنا ما كلفنا‪،‬‬
‫وال وجب علينا من واجبات‪ ،‬ومن خالل االستطاعة والوسع يمكننا أن نتغير‪.‬‬

‫أيتها الفاضلة الكريمة‪ :‬االندفاع الشديد نحو األشياء في بعض األحيان قد يؤدي إلى التراخي الالحق‪ ،‬لكن إذا نوى‬
‫اإلنسان لما يُريد أن يقوم به بواقعية ومنطق‪ ،‬وفعل آلياته الموجودة يستطيع أن يُنجز ذلك‪ ،‬وفي حالتك أنت محتاجة‬
‫أن تُركزي على شيء واحد أو شيئين إلنجاز ما تنوين إنجازه‪ ،‬وتضعي خططًا واضحة وعملية‪ ،‬ويمكن قياس‬
‫اإلنجاز‪ ،‬مثالً فيما يتعلق بتخفيف الوزن‪ :‬البد أن تضعي شرطًا أنك في خالل أسبوع يجب أن تُنقصي مثالً كيلو أو‬
‫اثنين كيلو من الوزن‪ ،‬يعني أنه البد أن يكون هنالك مقاس* لإلنجاز‪ ،‬هذا وجد أنه من أفضل الطرق التي تُشجع‬
‫الناس على اإلنجاز‪ ،‬وخذي بالنصيحة السلوكية التي تقول أن اإلنسان هو أفكار ومشاعر وأفعال‪ ،‬هذا المثلث‬
‫بأضالعه الثالثة واضح ج ًّدا‪ ،‬فالذين يترددون وال يُنجزون يجب أن يُفعّلوا* ضلع األفعال‪ ،‬بغض النظر عن ضلعي‬
‫األفكار والمشاعر‪ ،‬هذه الوسيلة الوحيدة التي يجب أن يُنجز اإلنسان من خاللها‪.‬‬

‫أوقات معينة في اليوم‪ ،‬الصباح دائ ًما فيه خير كبير‪ ،‬قال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪:-‬‬
‫ٍ‬ ‫ثانيًا‪ :‬حاولي أن تستفيدي من‬
‫(بورك ألمتي في بكورها)‪ ،‬حتّمي على نفسك مثالً أنك بعد صالة الفجر سوف تقومين بكذا وكذا‪ ،‬هذا مهم ج ًّدا‪،‬‬
‫النوم الليلي المبكر‪ ،‬وممارسة الرياضة والتنظيم الغذائي‪ ،‬وُ جد أنها تجعل اإلنسان أكثر ثباتًا‪ ،‬وأكثر اندفاعً ا‬
‫وطموحا فيما يريد إنجاز ما يقوم به‪ ،‬هذا أيضً ا مهم‪ ،‬أن تأخذي نوعً ا من األمثلة أو النماذج العظيمة في الحياة‪،‬‬
‫ً‬
‫وتتبعيها‪ ،‬هذا أيضً ا وجد أنه مفيد‪ ،‬بر الوالدين يؤدي إلى الثقة بالنفس‪.‬‬

‫فيا ‪-‬أيتها الفاضلة الكريمة‪ :-‬هذا كله سيكون مفيدًا ج ًّد ا بالنسبة لك‪ ،‬وأرجو التقيد به‪ ،‬وال تستعجلي التغيير‪ ،‬لكن‬
‫يجب أال يكون هنالك تراخي مزمن‪ ،‬هذا هو الذي أنصحك به‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫لدي تردد شديد عند االنخراط في العمل وغيره‪ ..‬ساعدوني‬ ‫‪.21‬‬

‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫أحمد هللا وأشكره وأثني عليه‪ ،‬أن أرشدني إلى هذا الموقع المبارك الذي لن أنسى أطباء استفدت منهم كثيرً ا في‬
‫حياتي‪ ،‬وعلى رأسهم الدكتور محمد عبد العليم‪ ،‬وفقه هللا وسدد خطاه‪.‬‬

‫دكتور محمد‪ :‬لدي مشكلة في حياتي‪ ،‬وهي أنني ( كثير التردد في أموري الحياتية) كثيرً ا ما أتردد بأشياء تحصل لي‬
‫على سبيل المثال‪:‬‬

‫( كنت أسعى جاهدًا أن أعمل لدى فندق راق في مدينتنا‪ ،‬وفعلت األسباب ‪-‬والحمد هلل‪ -‬تم قبولي في الفندق‬
‫المقصود‪ ،‬وعندما بدأت بالعمل ألول يوم في الفندق أتتني ضيقة صدر بأنني سأترك العمل‪ ،‬وأنه ال يعجبني‪.‬‬

‫عل ًم ا أنه في السابق كنت أريد العمل به‪ ،‬فلما تيسر العمل به كرهته‪ ،‬وأتتني ضيقة صدر‪ ،‬وفعال تركت الفندق‬
‫وتمنيت أنني لم أتركه ‪.)...‬‬

‫فهذا كثيرً ا ما يزعجني عند التقدم ألي وظيفة‪ ،‬أو أمور أخرى تأتيني ضيقة وكره للوظيفة‪ ،‬وتردد شديد بترك وكره‬
‫ي في حياتي الزوجية وفي األمور األخرى‪.‬‬
‫العمل‪ ،‬فهذا سوف يوثر عل ّ‬

‫فما عالج حالتي ‪-‬دكتور محمد‪ -‬من فضلك؟ وما سبب ذلك؟‬

‫علم ًا انني لست متزوجا وأخشى أن يمضي بي األمر في األمور األخرى‪ ،‬من اختيار زوجة ونحو ذلك‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫أخي الكريم‪ :‬التردد في اتخاذ القرارات* إذا كان لدرجة ُم ِخلَّ ٌة فهذا نالحظه لدى األشخاص الذين لديهم ميول‬
‫وسواسية‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب أن يُذكر السبب‪ ،‬وهو الوسواس‪ ،‬ويُعالج‪.‬‬

‫أما الترددات العادية فهذه تحدث‪ ،‬وقد يكون القرار أصالً ليس مدروسًا‪ ،‬وليس بالكيفية السليمة‪ ،‬لذا يتردد صاحبه‪،‬‬
‫بل يستدرك أن القرار* لم يكن سليمًا‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫كثير منها‪ ،‬واإلنسان إذا أقدم على‬
‫ٍ‬ ‫اإلنسان أيضً ا الذي ليس لديه صبر على تحمُّل بعض األمور قد يكون مترددًا في‬
‫عم ٍل ورأى أن هذا العمل عمل مُلزم له قد يتردد حياله‪.‬‬

‫أيها الفاضل* الكريم‪ :‬أنا أريدك أوالً أال تتخذ أي قرارات أساسية حين يكون مزاجك ليس معتدالً‪ ،‬هذا أمر مه ٌّم‪.‬‬

‫واألمر الثاني‪ :‬عليك باالستخارة‪ ،‬االستخارة عظيمة ج ًّدا‪ ،‬وهي تفتح لإلنسان آفاقاكبيرة‪ ،‬وتُي ِ ّ‬
‫سر أمره؛ألنه –‬
‫وببساطة – يكون اإلنسان قد أوكل أمره لمن بيده الخير ليختار له‪ ،‬ما هو جيد وحسن وصالح بالنسبة له‪.‬‬

‫صحيحا‪ ،‬ويُطبقه‪ ،‬هذه هي‬


‫ً‬ ‫كما أريد أن تكون هناك عزيمة وشكيمة وإصرار حين يتخذ اإلنسان قرارً ا ويراه‬
‫العالجات الرئيسية التخاذ القرار‪*.‬‬

‫أيها الفاضل* الكريم‪ :‬إذا كان هناك أثر نفسي أدى إلى هذا التردد‪ ،‬هذا يجب أن يُعالج‪ ،‬وهذا في حالة الوسواس‪،‬‬
‫األمر اآلخر‪ :‬أن يتم تدارس األمر بدقة‪ ،‬واألمر الثالث‪ :‬اللجوء إلى االستخارة‪.‬‬

‫أخي الكريم‪ :‬في موضوع الزوجة‪ :‬أوالً أنت تعرف أن المواصفات مطلوبة‪ ،‬لكن ليس من الضروري أن يجد‬
‫اإلنسان الزوجة التي ينطبق عليها كل المواصفات‪ *،‬هذا أمر ليس سه ً‬
‫ال‪ ،‬فهنا استخير واستشر‪ ،‬استشر أهلك‬
‫وأخواتك مثالً ‪ ،‬وبعد ذلك توكل على هللا‪ ،‬وعليك بالدعاء‪ ،‬سل هللا أن يوفقك للزوجة الصالحة‪ ،‬وهذا من وجهة‬
‫نظري أمرٌ جيد‪ ،‬بل ممتاز‪ ،‬فبالدعاء تنال ما لم تكن تأمله أو تتوقعه‪.‬‬

‫وفي ذات الوقت – أخي الكريم – يجب أال تكون هنالك مدة طويلة ما بين اختيار الزوجة والزواج‪ ،‬في مثل هذه‬
‫الحالة األفضل التعجيل بالزواج بعد أن يقع االختيار على الزوجة‪.‬‬

‫ثقتي في نفسي ضعيفة فهل حبوب سبرالكس مفيدة؟‬ ‫‪.22‬‬


‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫‪56‬‬
‫أنا فتاة في السنة الثانية من المرحلة الجامعية‪ ،‬مشكلتي هي عدم ثقتي في نفسي‪ ،‬وصلت إلى الجامعة وال أستطيع‬
‫الكالم بسبب خوفي من أن يضحك الناس على كالمي! أرتبك دائم ًا وأكون صامتة‪ ،‬ليس باستطاعتي الكالم‪ *،‬فأنا‬
‫أشعر بأن اآلخرين يتحدثون عني‪ ،‬وال يرغبون بوجودي‪.‬‬

‫شخصيتي في البيت عند أهلي مختلفة تمام ًا‪ ،‬أكون عادية جد ًا‪ ،‬أضحك وأتكلم بشكل طبيعي‪ ،‬ولكن أمام الناس نبرة‬
‫صوتي تتغير‪ ،‬ومن يراني يظن بأن أعصابي مشدودة‪ ،‬هذه األمور أبعدت عني البنات‪ ،‬وصاروا يطلقون علي عدة‬
‫ألقاب‪ ،‬يصل بي الحال أحيان ًا بأن ال أستطيع المشي أمام مجموعة البنات‪ ،‬وإذا مشيت أمشي مسرعة‪ ،‬أشعر بأنهم‬
‫يتكلمون عني‪ ،‬هل تنصحونني باستخدام حبوب (سبرالكس)؟* فأنا أريد التخلص من هذه الحالة‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫أيتها الفاضلة الكريمة‪ :‬حالتك هذه ربما تكون ناتجة عن نوع من المخاوف االجتماعية البسيطة‪ ،‬والتي أفقدتك الثقة‬
‫في نفسك‪ ،‬لكن أيض ًا قد تكون ناتجة من حالة شكوكية ظنانية‪ ،‬أنك ذكرت أنك تحسين أن البنات يتكلمون عنك‬
‫ويطالعونك‪ ،‬هنا أقول لك أن عقار (سبرالكس)‪ *،‬قد ال يكون الدواء األفضل‪ ،‬الشيء الصحيح هو أن تذهبي وتقابلي‬
‫الطبيب النفسي‪ ،‬ألن حالتك تحتاج للمزيد من االستفسارات واالستقصاء‪ ،‬وعلى ضوء ذلك توضع لك الخطة‬
‫العالجية الصحيحة فيما يتعلق باألدوية والوسائل األخرى‪.‬‬

‫وبصفة عامة نصيحتي لك‪ ،‬هو أن تحقري هذه األعراض تمام ًا‪ ،‬وأن ال تهتمي بها‪ ،‬وأن تتجاهليها‪ ،‬وتخيري صديقة‬
‫واحدة كوني قريبة منها‪ ،‬وبعد ذلك وسعي من شبكتك االجتماعية‪ ،‬كوني مع المزيد من الصديقات‪ ،‬البنات ذوات‬
‫األخالق الرفيعة والمتميزات‪ ،‬سوف تحسين بطمأنينة أكثر حين تكونين معهن وهكذا‪ ،‬تزيدي من تواصلك‬
‫االجتماعي‪ ،‬مع تحقير فكرة أنهم يضحكون عليك‪ ،‬أو أنهم يتكلمون عنك‪ ،‬هذه ليست صحيحة‪ ،‬وفي ذات الوقت‬
‫تواصلي مع الدكتورة أو األستاذة في الجامعة‪ ،‬ألن األستاذة ال يمكن أن تكون أبد ًا من الذين يضحكون عليك أو‬
‫يستهزئون بك‪ ،‬وتحدثي معها حول هذا الموضوع‪ ،‬وأنا متأكد أنك سوف تجدين منها الكثير من المساندة في أثناء‬
‫الفصل الدراسي‪ ،‬اجلسي دائم ًا في الصفوف األمامية‪ ،‬وحاولي أن تكون لك مشاركات إيجابية هذا مهم جد ًا‪ ،‬النشاط‬
‫المنزلي جيد‪ ،‬وتفاعلك األسري ممتاز‪ ،‬وهذا أيض ًا سوف يساعدك كثير ًا‪ ،‬أرى أن الحالة بسيطة لكن مقابلة الطبيب‬
‫النفسي مفيدة أيض ًا‬

‫أعاني من الخوف عند مواجهة اآلخرين وأشعر بالفشل‬ ‫‪.23‬‬

‫‪57‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم‬

‫أنا فتاه بعمر ‪ 18‬عام ًا ‪ ،‬أعاني من خوف شديد عند الجلوس مع الناس‪ ،‬وأخاف إلى درجة أني ال أستطيع الجلوس‪،‬‬
‫وأشعر بأن الجميع يتحدث عني في نفسه‪ ،‬فأضطر لالنسحاب من الجلسة سريع ًا! قطعت عالقتي بأقاربي‪ ،‬وأذهب‬
‫إليهم في الشهر مرة منع ًا إلحراج والدي‪*.‬‬

‫أدرس في السنة األولى من الجامعة‪ ،‬لكن في الجامعة ليس لدي الرهاب بالصورة الشديدة التي أجدها مع أقاربي‪.‬‬

‫شخصيتي بالجامعة مناقضة لشخصيتي الرهابية تمام ًا ‪ ،‬بدأت أفكر في االنسحاب من الجامعة؛ ألني ال أستطيع فعل‬
‫شيء‪ ،‬فأنا فاشلة جد ًا في حياتي جميعها‪ ،‬دائم ًا أفكر وأقول‪ :‬حتى وإن أكملتي دراستك فالرهاب سيمنعك من‬
‫الوظيفة‪.‬‬

‫لدي صديقات ال بأس بعددهن‪ ،‬وأستطيع الحوار والضحك والمزاح معهن‪ ،‬وأستطيع أن أتحدث بصوت عالي‪ ،‬فال‬
‫يهمني من يلتفت إليّ‪.‬‬

‫أواجه مشكلة حقيقة‪ ،‬وهي أنه عندما يطلب مني شرح دروس ال أستطيع إلقاء درس أو كلمة قصيرة على مجموعة‬
‫كبيرة من الطالبات‪ ،‬حيث تظهر لدي جميع عوارض الرهاب‪ ،‬فأصبحت ال ألقي شيئ ًا من ذلك‪ ،‬لكني أتألم في‬
‫داخلي‪ ،‬فدرجاتي فقدتها بسبب رهابي‪ ،‬والجميع يسألني عن سبب تجاهلي للشرح‪ ،‬ويحذروني من فقد درجاتي‪،‬‬
‫لكني أبدي لهم أني مهملة‪ ،‬وليس لدي الوقت للتحضير‪.‬‬

‫معلمتي أصبحت تسخر مني أمام صديقاتي‪ ،‬وتصفني بالمهملة‪ ،‬لكني أقابل كلماتها بابتسامة‪ ،‬وال أحب أن يعرفوا‬
‫أني أعاني من الرهاب‪.‬‬

‫أيض ًا قبل أنا أشارك في الصف أستخير عدة مرات قبل اإلجابة‪ ،‬فأنا ال أثق في نفسي مطلق ًا‪ *،‬وأرتبك كثير ًا إن‬
‫خرجت للحل في السبورة أمام الطالبات‪ ،‬مع أني أكون فاهمة للحل‪ ،‬لكني أنسى كل شيء بمجرد التقدم للحل‪.‬‬

‫أنا في مرحلة حرجة من حياتي‪ ،‬أريد التفوق الجامعي‪ ،‬لكن مهما فعلت فالرهاب يمنعني من كل شيء‪.‬‬

‫أرجوكم أريد حالً عاجالً غير آجل‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫طرحت على والدتي فكرة الذهاب إلى دكتور نفسي لكنها رفضت ذلك‪ ،‬قلت لها‪ :‬احضري لي فقط الدواء‪ ،‬ال يهم إن‬
‫ذهبت إلى دكتور أو لم أذهب‪ ،‬فرفضت أيض ًا‪ ،‬وقلت ألبي ذلك فرفض أيض ًا؛ ألنهم يروني فتاة عادية‪ ،‬وال يرون أن‬
‫ما أعانيه هو مرض يجب التخلص منه‪.‬‬

‫أنا في المنزل أتكلم وأضحك مع الجميع إال أخواتي فأعراض الرهاب تأتيني أمامهن‪ ،‬لكن أمي وأبي وأخي أتحدث‬
‫وأضحك وأتخاصم معهم‪ ،‬ويقولون‪ :‬أنت تعاندين نفسك‪ ،‬ولو جربت تشرحين لما فشلت‪ ،‬وأنا وهللا ال أعاند‪.‬‬

‫أرجوكم أنقذوني‪ ،‬ال أحد يريد مساعدتي من أهلي‪ ،‬وأتمنى لو تُق ِّّ*ِدرون حاجتي إليكم‪ ،‬فأنتم أملي الوحيد بعد هللا‪ ،‬وكم‬
‫فرحت ‪-‬وهللا‪ -‬كثير ًا عندما علمت بوجود مكان لالستشارات في موقعكم‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫نحن نُق ِ ّدر مشاعرك ج ًّدا‪ ،‬ونق ِ ّدر أيضً ا موقف والديك‪ ،‬حيث إنهما ال يُحبذان استعمالك ألي دواء خاصة األدوية‬
‫النفسية‪ ،‬وفي هذا األمر نحن ال نلوم والديك أبدًا؛ ألن الطب النفسي بكل أسف ارتبط بشيء من السلبية في تفكير‬
‫بعض الناس‪ ،‬كما أن ما يُسمى بالوصمة االجتماعية أيضً ا لعبت دورً ا في هذا السياق‪ ،‬وقطعًا أنت صغيرة في السن‬
‫ويخاف والداك أن تستمري على األدوية النفسية لفترة طويلة‪.‬‬

‫أنا أرجو أن تتحدثي مرة أخرى إلى والديك؛ ألنك تعانين بالفعل من نوع من الخجل االجتماعي الذي ال بد أن‬
‫يُعالج‪.‬‬

‫أنت أيضً ا لديك عرض مهم ج ًّد ا‪ ،‬وهو أنك تتجنبين اآلخرين؛ ألنه يأتيك الشعور بأنهم يتحدثون عنك‪ ،‬هذا ليس من‬
‫الرهاب االجتماعي‪ ،‬هذا نوع من الشكوكية والظنانية‪ ،‬حتى وإن كانت بسيطة‪ ،‬فيجب أن تُعالج‪ ،‬وأنا ‪-‬أيضً ا‪ -‬أرى‬
‫أن شخصيتك تحمل قليالً من صفات الشخصية التجنبية‪ ،‬هذه كلها تُعالج‪.‬‬

‫اذكري هذه الحقائق التي ذكرتها لك لوالدك ووالدتك األكارم‪ ،‬وأنا متأكد أنهم سيقدرون وضعك‪ ،‬ويذهبون معك إلى‬
‫الطبيب؛ ليضع لك الخطة العالجية بعد أن يضع التشخيص المناسب‪.‬‬

‫هذه الحاالت بسيطة ج ًّدا‪ ،‬وتُعالج تما ًما‪ ،‬وليس من الضروري أن يكون العالج دوائيًا لوحده‪ ،‬فهناك برامج سلوكية‪،‬‬
‫وحتى إن اضطر الطبيب أن يُعطيك دوا ًء فسيكون دوا ًء بسيط ًا وسلي ًما وغير إدماني وغير تعودي‪ ،‬أرجو أن تقنعي‬
‫والديك بأهمية الذهاب من أجل العالج‪ ،‬هذا هو الذي ننصحك به‪.‬‬

‫أعاني من انعدام* الشخصية واعتقاد مراقبة الناس لي‪ ،‬فما هو تشخيص حالتي؟‬ ‫‪.24‬‬

‫‪59‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫مشكلتي ‪-‬يا دكتور‪ -‬إلى اآلن ال أعرف ألي صنف تنتمي‪ ،‬لكن في الغالب قد تكون فصاما بارونيا‪ ،‬لكن أتمنى أن‬
‫أعرف حقيقة مرضي من حضرتكم‪.‬‬

‫منذ أن كنت صغيرا وأنا أعاني من انعدام الشخصية‪ ،‬واعتقادات خاطئة بأني من أرذل المخلوقات‪ ،‬وكنت أخاف‬
‫كثيرا من أقراني‪ ،‬وفي فترة المراهقة بدأت أنعزل كثيرا‪ ،‬وأبتعد عن األصدقاء؛ ألني ال أستطيع مجاراتهم في‬
‫المهارات االجتماعية‪.‬‬

‫وحاليا أبلغ من العمر ‪ 29‬سنة‪ ،‬ال أخرج من البيت العتقادي بأن الناس تراقبني في كل خطوة أخطوها‪ ،‬وأحس‬
‫أيضا أن الناس يكرهونني وال يحبون رؤيتي‪ ،‬أعتقد أن الناس حينما يرونني في الشارع يسبونني في قرارة‬
‫أنفسهم‪ ،‬خصوصا بعض الناس من الجيران الذين ال ألقي عليهم السالم‪.‬‬

‫أنا أعرف أن هذه ضالالت ال صحة لها لكنها تعيقني‪ ،‬فهي تؤثر على توازني النفسي والحركي‪ ،‬فحينما أخرج‬
‫لضرورة فإني أجد صعوبات كثيرة أثناء المشي‪ ،‬أخرج فقط في المساء؛ ألني متأكد أن الناس ال تراني‪ ،‬أما في‬
‫النهار فأجد صعوبات شديدة‪.‬‬

‫أرجو أن تصف لي حالتي‪ ،‬وما أعاني منه بالضبط‪ ،‬حاليا أتناول اوالنزابين ‪ 10‬مغ‪ ،‬لكني لن أستمر عليه؛ ألنه‬
‫باهظ الثمن‪ ،‬أتمنى ‪-‬يا دكتور‪ -‬أن تصف لي دواء متكامال لحالتي‪ ،‬وجزاكم هللا خيرا‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫قد وصفت حالتك بصورة جيدة جد ًا ‪ ،‬والذي أراه أن مشكلتك األساسية في الشخصية؛ حيث أن الشخصية تميل إلى‬
‫الظنانية وسوء التأويل‪ ،‬أو ما يسمى بالبارونية‪ ،‬قد ال تكون حالتك وصلت لدرجة الفصام‪ ،‬لكن انعزالك االجتماعي‪،‬‬
‫وعدم تفاعلك بصورة صحيحة‪ ،‬وسوء تقديرك لذاتك هذا أضر بك كثير ًا‪.‬‬

‫أيها الفاضل* الكريم‪ :‬أنا متأكد أن العالج الدوائي سوف يفيدك كثير ًا‪ ،‬اوالنزابين دواء رائع لكن اتفق معك أنه مكلف‬
‫وباهظ الثمن‪ ،‬وقد يزيد الوزن أيض ًا‪ ،‬هنالك أدوية أقل منه تكلفة وذات فائدة عظيمة جد ًا‪ ،‬منها‪ :‬عقار رزبريادال‬
‫‪ Risporidal‬فأرجو أن تراجع الطبيب وتتحدث معه حول التكلفة الباهظة‪ ،‬وسوف ينقلك الطبيب إلى رزبريادال‬
‫‪ Risporidal‬مثالً ‪ ،‬أو ايميسلبرايد‪ ،‬أو الدواء القديم الذي يعرف باسم استيالزين‪ ،‬هذه أدوية ممتازة وفاعلة‪ ،‬وقد‬
‫تحتاج فقط أن تتناول معها دواء ليمنع آثارها الجانبية؛ ألن معظم األدوية التي ذكرناها قد تؤدي إلى رجفة بسيطة‪،‬‬
‫أو شعور بانشداد عضلي من النوع البسيط‪ ،‬عموم ًا هذه فنيات بسيطة معروفة لدى األطباء‪.‬‬

‫إذ ًا أيها الفاضل الكريم‪ :‬يجب أن تواظب على العالج‪ ،‬وفي ذات الوقت يجب أن يكون لديك اإلصرار على التفاعل‬
‫االجتماعي‪ ،‬اكتب برامج يومية تدير من خاللها وقتك‪ ،‬وال بد أن تشمل هذه البرامج على أنشطة اجتماعية مث ً‬
‫ال‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫زيارة أحد األرحام‪ ،‬زيارة مريض في المستشفى‪ ،‬الحرص على صالة الجماعة في المسجد‪ ،‬هذه تفاعالت‬
‫اجتماعية ممتازة‪ ،‬واسعَ لتقبل نفسك‪ ،‬واعلم أن هللا تعالى قد كرمك وأنك لست بأقل من اآلخرين‪ ،‬احكم على نفسك‬
‫بأفعالك وليس من خالل مشاعرك‪ ،‬لذا أريدك أن تكون شاب ًا مجتهد ًا ومجاهد ًا‪ ،‬وأن تبني نفسك‪.‬‬

‫أعاني من الرهاب االجتماعي وتقلب المزاج‪ ..‬هل الظنان هو السبب؟‬ ‫‪.25‬‬


‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫مشكلتي هي الظنان الذي أعاني منه منذ فترة‪ ,‬حتى أني إذا رأيت شخصا يضحك أو سمعت شخصا يضحك أظنه‬
‫يضحك علي‪ ,‬وعندي أيضا رهاب اجتماعي‪ ،‬أعتقد أنه بسبب هذا الظنان‪ ,‬وأيضا مزاجي متقلب قليال‪ ،‬وأنا حساس‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫بالفعل أنت حساس؛ لذا أصبحت سريع التأثر‪ ،‬وتأتيك هذه التأويالت الظنانية‪ ،‬والتي يجب أن تتخلص منها من‬
‫خالل إحسان الظن باآلخرين‪ ،‬وأن تعرف أن هذا نوع من الوسوسة الظنانية‪ ،‬وال تُكثر من الحوار والنقاش حول‬
‫محتويات ومكونات هذه المواضيع الشكوكية التي تنتابك‪.‬‬

‫المبدأ الذي ينبغي أن تعمل به هو أن تحسن الظن في الناس‪ ،‬وأن تتجاهل مثل هذا الفكر السلبي‪ ،‬وعليك أن تتفاعل‬
‫مع الناس‪ ،‬ابدأ بأسرتك‪ ،‬كن أكثر نشاطًا* وأكثر تواجدًا وفعالية‪ ،‬والمشاركة واالهتمام بشؤون األسرة‪ ،‬نظم وقتك‬
‫وابن عالقات اجتماعية نافذة ونافعة‪ ،‬مارس الرياضة‪...‬‬
‫ِ‬ ‫واجتهد في دراستك‪،‬‬

‫هذا كله يصرف انتباهك تما ًم ا عن هذا النوع من التفكير‪ ،‬وعليك أن تتفاعل مع الناس‪ ،‬بعد أن تقضي الصالة في‬
‫المسجد مثالً قف مع بعض الشباب لدقائق‪ ،‬تسألهم ويسألونك عن أحوالك‪ ،‬وتتجاذبون أطراف الحديث‪ ،‬هذا يحسّن‬
‫‪-‬إن شاء هللا تعالى‪ -‬من الظن عندك‪ ،‬وهذه األفكار عليك أن تُكثر من االستغفار حين تأتيك‪ ،‬مع تجاهلها كما ذكرت‬
‫لك‪.‬‬

‫أنا ال أعتقد أن مصاب بمرض حقيقي‪ ،‬هذه مجرد تأويالت ناتجة من حساسيتك‪ ،‬وكما ذكرت لك من الضروري‬
‫التواصل االجتماعي والتحدث عمّا بداخلك‪ ،‬ألن التفريغ النفسي مهم ج ًّدا‪.‬‬

‫في ظرف شهرين إلى ثالثة وبعد أن تطبق ما ذكرته لك إذا لم تتحسن أحوالك أرجو أن تذهب وتقابل الطبيب‬
‫النفسي بعد التشاور مع ذويك‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫التسرع في الكالم وسوء الظن سبب لي مشاكل كثيرة مع الناس‬ ‫‪.26‬‬
‫السؤال‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا‬

‫لدي مشكلة بسيطة بالنسبة للبعض وقد تكون بالنسبة لي أيض ًا‪ ،‬لكن في أوقات أخرى تكون لي هما ال يزول‪،‬‬
‫مشكلتي تكمن في أني متسرعة بالكالم وال أحسب عواقب الحديث بعده‪ ،‬ليست لدي ثقة كافية مع أني أثق بمن‬
‫حولي أكثر من نفسي‪ ،‬األمر ال يعود لإليجابيات فلدي العديد منها‪ ،‬كثير ًا ما أفسر األمور على حسب مزاجي‪،‬‬
‫فتصرفات من حولي أفسرها سريع ًا بتفسير سلبي‪ ،‬والمشكلة هنا أنني أتحدث عن الفكرة* لمن حولي ثم تحصل‬
‫العواقب!‬

‫ال أستطيع أن أٌبرر لمن حولي‪َ ،‬ف أحيانا عندما أتصل لصديقتي ولم تجب أقول أنها ال تريد أو ‪ ...‬إلخ‪ ،‬وعندما ألتقي‬
‫بها أقول أنها تتعمد ذلك‪ ،‬وباألصل هي لم تكن عند الهاتف أو مشغولة‪ ،‬أحب اجتماع الصديقات كثير ًا وأحب‬
‫االختالط بالناس‪ ،‬يتولد لدي شعور رائع عندما أكون بينهم أو أمشي وأتحدث معهم‪ ،‬لكن البعض يقول بأني سلبية‬
‫كثير ًا‪َ ،‬فيفسرون تصرفاتي بأنني فتاة مغرورة وطائشة والمبالية بمن حولي!‬

‫أريد حال لمشكلة الشك وعدم تفهم من حولي‪ ،‬فهي تتعبني كثير ًا عندما أكون وحدي وأفكر بما فعلته معهم‪ ،‬كيف لي‬
‫أن أكسب الصديقات* وأدخل لهم من مدخل مناسب؟! كيف لي أن أبني ثقتي بنفسي؟ مع أنني فتاة ‪ -‬وهلل الحمد ‪-‬‬
‫مثقفة كثير ًا ومتفهمة لوضع المجتمع‪ ،‬لكن أوقات أنسلخ من نفسي وأفعل أشياء أندم عليها الحق ًا‪.‬‬

‫اإلجابــة‬

‫نرحب بك ‪ -‬ابنتنا الفاضلة ‪ -‬في الموقع‪ ،‬ونشكر لك حسن العرض للمشكلة‪ ،‬ونشكر لك هذا الترتيب والفهم للقضية‬
‫التي تتحدثين عنها‪ ،‬ونؤكد أن هذا الشعور هو البداية الصحيحة للتصحيح‪ ،‬فشعور اإلنسان أن مواقفه سلبية مع‬
‫اآلخرين هو أكبر دافع له ألن يكون إيجابيًا‪ ،‬ويُسعدنا أن نؤكد لك أن اإلنسان ما ينبغي أن يكون دائم الجلد لنفسه‬
‫ولومها وعتابها وانتقاصها‪ ،‬وأرجو أن تتعاملي مع الموضوع بشيء من الهدوء والروية‪ ،‬كذلك ينبغي أن تهدئي قبل‬
‫أن تتكلمي‪ ،‬فإن عقل العاقل قبل لسانه‪ ،‬ال يتكلم بكلمة إال إذا وزنها‪ ،‬فإن كانت هلل وفي الخير أمضاها‪ ،‬وإن كانت‬
‫في غير ذلك استبدلها وتوقف منها‪.‬‬

‫ولذلك اجعلي دائ ًم ا عقلك قبل اللسان وليس العكس‪ ،‬فإن بعض الناس عقله بعد لسانه‪ ،‬يتكلم بالكلمة ثم يندم عليها‪،‬‬
‫وال يستطيع أن يُرجعها‪ ،‬واإلنسان يملك س َّره ويملك التصورات ويملك الكلمات‪ ،‬فإذا أذاعها ونشرها أصبحت مل ًكا‬
‫‪62‬‬
‫لغيره‪ ،‬ولذلك نتمنى أن تعودي نفسك الصبر‪ ،‬وأن تحاولي أن تُجيدي التواصل وتحسني الظن في صديقاتك‪ ،‬ألن‬
‫سوء الظن مرفوض من الناحية الشرعية‪ ،‬وفيه ظلم لإلنسان‪ ،‬وال يُديم لإلنسان عالقات‪ ،‬خاصة إذا حول سوء‬
‫الظن إلى تصرفات ومناقشات وتحقيقات مع الزميالت‪ ،‬ونسأل هللا تبارك وتعالى أن يعينك على الخير‪ ،‬وحاولي‬
‫أيضً ا أن تشجعي نفسك بتسليط األضواء على إيجابياتها‪ ،‬فإن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث‪.‬‬

‫مترددة في اتخاذ* القرار‪ ..‬أين الخلل؟‬ ‫‪.27‬‬


‫السؤال‪ :‬دائما أشعر بمشكلة في اتخاذ أي قرار‪ ،‬أستغرق وقتا طويال جدا في التفكير‪ ،‬ولكني دائما ما أتردد‪ ،‬وحتى‬
‫بعد أخذ قراري أعاود التفكير في العودة فيه رغم تأكدي من قراري‪ ،‬لكن هذا فقط في القرارات* المصيرية كالعمل‬
‫أو الزواج‪ ،‬باقي القرارات ال أعاني أي تردد فيها‬

‫أشكرك يا بسنت على سؤالك؛‬

‫طبيعى جد ًا أن نتردد فى اتخاذ قراراتنا الحياتية المصيرية‪ ،‬وأن نفكر كثيرا قبل اتخاذ القرار‪ *،‬ولكن هناك شيئين‬
‫هامين أود لفت نظرك إليهما‪:‬‬

‫‪ -‬أوالً يجب أن تعلمى ما هو السبب أو األسباب وراء ترددك‪ ،‬هل هو الخوف من الفشل؟ هل الخوف من‬
‫المسؤولية؟ هل تجارب سابقة؟ وهنا أنصحك بأن تسمحي لنفسك بالتجربة‪ ،‬وتمنحي نفسك حق الخطأ‪ ،‬وتقدمي‬
‫على اتخاذ قراراتك الهامة بشجاعة‪ ،‬واستعداد لتحمل المسؤولية والتعلم الدائم من الخطأ‪ ،‬وهذه هي طبيعتنا‬
‫اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ ،‬هل بدأ هذا التردد في التأثير على حياتك وعملك وعالقاتك؟ هل بدأت تعانين من ترددك وتأخرك في اتخاذ‬
‫القرارات؟* هل بدأ ذلك يؤثر على انتظامك في العمل‪ ،‬أو قربك من األهل واألصدقاء؟ لو كانت اإلجابة بنعم‪،‬‬
‫فأنصحك ببعض الجلسات اإلرشادية أو العالجية لدى طبيب أو معالج نفسي متخصص‪ ،‬يساعدك على تعلم بعض‬
‫مهارات اتخاذ القرارات* الحياتية الهامة‪.‬‬

‫فقدان الثقة بالنفس والخوف من المجهول‬ ‫‪.28‬‬


‫السؤال‪ :‬منذ أن كنت صغيرا وانا أعاني من فقدان الثقة بالنفس والخوف من المجهول اما اآلن وإضافة إلى ذلك‬
‫أصبحت أعاني من نقص إن لم أقل انعدام في التركيز مع سرعة النسيان وصعوبة بالغة في االستيعاب إضافة إلى‬

‫‪63‬‬
‫أعراض أخرى كالرهاب االجتماعي‪ ،‬التوتر‪ ،‬القلق‪ .‬احيطكم علما بأنني اجريت فحصا بجهاز الرنين المغناطيسي‬
‫وتبين أنني ال أعاني من أي مرض ارجو منكم اإلجابة وشكرا‪.‬‬

‫تحية طيبة وبعد‪..‬‬

‫القلق من أكثر األمراض النفسية الشائعة في البشر‪ ،‬وخصوصا هنا في مجتمعنا العربي فهو يسبب مشاعر عميقة‬
‫من الرعب الذي تختلف درجاته عند األشخاص وقد تصل حد العجز‪ ،‬وهو يجعل الشخص في حالة حذر وانتباه‬
‫لمكروه سوف يحدث له دون أن يميز الشخص ما هو هذا األمر‪ ،‬وال من أي مساحة سيأتي‪ ،‬وبالطبع ال يعرف متى‬
‫سيحدث‪ ،‬فيحاول الجهاز النفسي لدى الشخص القلق قلقا مرضيا أن يتحمل كل تلك المشاعر الصعبة؛ فيصاب‬
‫بارتباك يكون قادرا فيه على تحمل مشاعر أقل من مشاعر القلق المرضية؛ فيتأثر دخول المعلومات وحفظها‪ ،‬أو‬
‫تتأثر قدرة الشخص في التواصل مع الناس‪ ،‬أو تتكرر أفكار تتسلط على رأس المريض ليتوه عن حقيقة قلقه‪ ،‬أو‬
‫غيره من تلك األعراض واألمراض‪.‬‬

‫وما تعاني منه منذ سنوات طفولتك وحتى اآلن هو القلق يا أخي الكريم؛ ونحن نولد بداخلنا األمان‪ ،‬ولكن نحتاج منذ‬
‫نعومة أظافرنا أن يؤكد االطمئنان بداخلنا‪ ،‬ويثبت رسوخه من قبل الوالدين؛ حتى نشعر بالقبول لألحداث‪ ،‬والعالم‬
‫كما هو‪ ،‬ونتمكن من التقدم في الحياة‪ ،‬ومع البشر بارتياح‪ ،‬وثقة‪ ،‬واستقرار‪ ،‬ولكن حين ال يتمكن اإلنسان من‬
‫الحصول على هذا الدعم‪ ،‬وترسيخ هذا األمان ينمو الشخص ولديه خلل تتوقف قوته‪ ،‬وإعاقته للشخص عن القيام‬
‫بأدواره المختلفة في الحياة حسب تكوينه النفسي‪ ،‬والمناخ من حوله‪ ،‬واألشخاص المؤثرة فيه‪ ،‬وطريقة تفكيره‪ ،‬وما‬
‫قد يحمله من جزء وراثي‪.‬‬

‫وفهم كل هذا يساعد كثيرا في استيعاب عدم وجود أسباب عضوية رغم وجود أعراض حقيقية يشعر بها الشخص‪،‬‬
‫وكذلك يساعد المريض في تفعيل إرادته لدعم أمانه الداخلي الموجود في فطرته بنفسه‪ ،‬أو بمساعدة متخصص‬
‫يضع يده على بداية وأسباب فقدان هذا األمان‪ ،‬والعمل على استعادته من خالل خطة تشمل عالجا لألفكار‪،‬‬
‫وجلسات التنفيس النفسي‪ ،‬وبعض الخطط السلوكية‪ ،‬وقد يشمل بعض األدوية التي تخفف من التوتر‪ ،‬واالكتئاب‬
‫الذي يصاحب القلق عادة‪.‬‬

‫عزيزي‪ ،‬أقترح عليك التواصل مع متخصص نفسي ليساعدك‪ ،‬وستجد اختالفا ملحوظا بإذن هللا‪ ،‬وحتى يحدث ذلك‬
‫أقترح عليك كتابة أفكارك التي تعطلك‪ ،‬والمشاعر التي تشعر بها وقت ظهور تلك األفكار‪ ،‬والتعرف على مدى‬
‫صحتها‪ ،‬ووضع أفكار جديدة بديلة‪ ،‬ومراقبة تغير مشاعرك‪ ،‬فمثال‪ ...‬أنا فاشل في أي عمل أقوم به‪ ..‬فأشعر‬
‫بالدونية‪ ،‬واإلحباط والحزن‪ ..‬الفكرة* البديلة‪ ..‬أنا نجحت في عمل كذا‪ ..‬وسجل مشاعرك الجديدة‪ ،‬التي قد تكون حزنا‬

‫‪64‬‬
‫أقل‪ ،‬أو فخرا بسيطا‪ ،‬وهكذا‪ ..‬وبمرور الوقت سترى كيف تتقدم‪ ،‬أو أين مساحة التعطيل‪ ،‬أو ما هي األفكار‬
‫المتكررة المعطلة‪ ...‬إلخ‪ ،‬وعلى بساطة هذا التدريب إال أنه بالصدق مع النفس سترى ما ال تنعم به اآلن‪ ..‬دمت‬
‫بخير‬

‫عمل جديد‪ ..‬وخوف من الفشل‬ ‫‪.29‬‬


‫السؤال‪:‬‬

‫أنا حاليا اتقبلت في شغل‪ ،‬وكنت قعدت حوالى ‪ 3‬سنين مشتغلتش‪ ،‬أنا مشاعري متلخبطة‪ ،‬ساعات أحس إني ممكن‬
‫أفشل‪ ،‬ومعرفش أتعامل مع حد‪ ،‬وخاصة إني بعدت عن كتير من أصحابي التالت سنين اللي فاتت‪ ،‬فحاسة إني‬
‫ممكن أفشل وطاقة صبري مع الناس غير زمان ألني شوفت وحش كتير‪ ،‬أعمل إيه؟‬

‫عزيزتي‪..‬‬

‫أشكرك على سؤالك وخالص التهانى بعملك الجديد‪..‬‬

‫ما تشعرين به هو أمر طبيعي للغاية فى بداية أية وظيفة أو مهنة جديدة‪ ..‬الخوف من الجديد‪ ،‬والغريب‪ ،‬والمستقبل‬
‫المجهول‪ ..‬الخوف من الفشل‪ ..‬وأحيان ًا الخوف من النجاح‪ ..‬رهبة الموقف والناس واألحداث‪ ..‬كل هذا طبيعي خاصة‬
‫كنت متوقفة عن العمل لمدة ثالث سنوات سابقة‪.‬‬
‫أنك ِ‬

‫لكن ما أريد التحدث معك فيه يا عزيزتي هو درجة (خوفك من الفشل)‪ *..‬فكلنا نخاف‪ ..‬وكلنا نفشل‪ ..‬لكن ال يجب أبد ًا‬
‫أن يمنعنا ذلك من خوض التجربة‪ ،‬واإلقدام على العمل‪ ،‬واالختالط بالناس‪ ..‬مهم جد ًا أن تقبلي خوفك‪ ،‬بمعنى أن‬
‫تعطيه حجمه الطبيعي‪ ،‬وال تسجني نفسك فيه‪.‬‬

‫مهم أيض ًا أن تقبلي كل االحتماالت بما فيها الفشل‪ ،‬فيحررك ذلك من الحسابات والتعقيدات الخانقة التي قد تدفعك‬
‫للفشل فع ً‬
‫ال‪.‬‬

‫الخوف شعور إنساني طبيعي يا صديقتي‪ ،‬ال تقاوميه‪ ،‬فذلك يزيده قوة‪ ..‬وال تستسلمي له‪ ..‬فذلك يزيده تأثير ًا‪ ..‬فقط‬
‫اعترفي بوجوده‪ ،‬وبحجمه الحقيقي‪ ،‬وتجاوزيه‪ ..‬والفشل تجربة إنسانية ثرية وهامة‪ ،‬قد تحمل داخلها منح ًا كثيرة‪ ..‬ال‬
‫تجعليه يكسرك‪ ..‬وال تستقبليه على أنه نهاية العالم‪ ..‬فقط قفي عنده لحظة‪ ..‬وتأمليه‪ ..‬وحاولي أال تكرريه في ما بعد‪.‬‬

‫خوضي التجربة‪ ..‬خوضيها بخوفك وقلقك ورهبتك‪ ..‬خوضيها بماضيك وحاضرك‪ ..‬خوضيها بألمك وأملك‪ ..‬ودعي‬
‫األمر في يد هللا‪..‬‬

‫‪65‬‬
66

You might also like