المنشور - عدد خاص - الحراك الشعبي في لبنان - خريف ٢٠١٥

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 26

‫‪1‬‬

‫خريف ‪٢٠١٥‬‬

‫نعم نحن نحرض على‬


‫تجذير الصراع الطبقي بهدف‬
‫إسقاط النظام الرأسمالي والطائفي‬
‫والذكوري والقمعي والعنصري‬
‫نحو المساواة والعلمانية والعدالة اإلجتماعية‬
‫‪2‬‬

‫نعم نحن نحرض على تجذير‬


‫الصراع الطبقي بهدف‬
‫إسقاط النظام الرأسمالي‬
‫والطائفي والذكوري‬
‫والقمعي والعنصري‪،‬‬
‫نحو المساواة والعلمانية‬
‫والعدالة اإلجتماعية‬
‫هيئة حترير املنشور‬

‫انفجر الصراع احلالي بسبب أزمة النفايات التي بدأت ظاهريا منذ‬
‫أكثر من سنة عندما انتهى عقد شركة سوكلني مع احلكومة التي‬
‫مددت التعاقد مع الشركة ولم تس َع إلى إيجاد حلول بديلة طوال هذه‬
‫املدة الزمنية‪.‬‬

‫وكيف ال‪ ،‬وهذا النظام حامي استغالل الشركات اخلاصة ومن ضمنها‬
‫شركة سوكلني‪ ،‬ألموال البلديات التي تأتي من ضرائب ي‪/‬تدفعها‬
‫املواطنون‪/‬ات‪ ،‬فضال عن استغالل الشركة عينها للعمال اللبنانيني‬
‫واألجانب فيها‪ .‬ومن هذه القضية بالذات يظهر كيف أن النظام‬
‫بالسطو على قيادة هيئة التنسيق وبالتالي إخماد جذوة احلراك‪.‬‬ ‫والشركات يسيران على نفس اخلط القائم على احملاصصة الطائفية‬
‫وحماية االستغالل‪.‬‬
‫كما أن هذا النظام الطائفي لم يكتف بضرب احلراك النقابي وحسب‪،‬‬
‫بل حافظ على أسس النظام املتشكل منذ والدة دولة لبنان الكبير‬ ‫إن أزمة النفايات ليست إال مثاال عن األزمات التي لن يتوقف النظام‬
‫ورفض إلغاء الطائفية السياسية (باحلد األدنى) املذكورة يف املادة‬ ‫الرأسمالي عن انتاجها‪ ،‬بسبب طبيعته القائمة على حتقيق األرباح‬
‫‪ 95‬من دستور الطائف وإقرار قانون مدني موحد لألحوال الشخصية‬ ‫وتسيير مصالح القلة املسيطرة املستغلة على حساب احلقوق البديهية‬
‫ورفض اعطاء املرأة احلق مبنح اجلنسية ألوالدها فضال عن إفراغ‬ ‫كاحلق يف التعليم والصحة وغيرها من احلقوق‪ .‬هذه احلقوق التي‬
‫قانون مناهضة العنف ضد املرأة من مضمونه‪.‬‬ ‫سلعنها النظام وحولها إلى صفقات تتم حتت غطاء النظام الطائفي‬
‫القائم والذي ميتلك أدوات القمع األمنية والعسكرية‪ ،‬حيث لم يتردد‬
‫لم تتوقف احلراكات الشعبية باملطالبة بإسقاط النظام على مدى‬ ‫هذا النظام أيضا باستعمال القوة املباشرة ضد التحركات املطلبية يف‬
‫الفترة املاضية مرورا بهذا احلراك‪ ،‬فقد أصبح من الواضح أن أزمة‬ ‫محطات عديدة منذ احلرب األهلية‪ ،‬نذكر منها إعتداء اجليش على‬
‫النفايات ساعدت على فضح هذه الطبقة احلاكمة بكل أحزابها وأمنها‬ ‫املتظاهرين عند جسر املطار سنة ‪ ،1993‬وأيضا يف حي السلَم سنة‬
‫ونظامها البرجوازي‪ ،‬وبرهنت أن طريق االصالح مسدود‪ .‬فليأت لنا‬ ‫‪ ،2004‬ومار مخايل سنة ‪ 2008‬ويف تغطيته العتداء مناصري ميشال‬
‫املثقفون وراكبو االمواج مبثل واحد على تراجع هذا النظام عن قرارات‬ ‫عون على العمال املياومني املضربني عن العمل يف مؤسسة كهرباء‬
‫ِ‬
‫وليأت لنا االصالحيون‬ ‫اتخذها وقوانني أصلحها رأفة باملواطنني‪،‬‬ ‫لبنان سنة ‪ ،2012‬وصوال إلى القمع الهمجي ضد احلراك الشعبي‬
‫مبعركة واحدة كسبوها‪.‬‬ ‫احلالي‪.‬‬

‫لكل ذلك‪ ،‬نحن نعتبر أن هذا احلراك هو جزء من السيرورة الثورية‬ ‫إدراكا من النظام خلطورة العمل النقابي‪ ،‬قام بشكل ممنهج بتدمير‬
‫يف املنطقة العربية والعالم‪ .‬بدءا من تونس وصوال الى سوريا‪ .‬وكما‬ ‫االحتاد العمالي العام بواسطة وزراء العمل البعثيني والقوميني الذين‬
‫ووجهت هذه الثورات بالقمع وبطش األجهزة األمنية والتخوين واالتهام‬ ‫فرخوا الكثير من النقابات واالحتادات العمالية الوهمية الحتواء أي‬
‫باالنتماء إلى منظمات إرهابية‪ ،‬يتم التعامل بنفس الطريقة مع هذا‬ ‫حراك نقابي محتمل‪ ،‬وكما كان واضحا يف اآلونة األخيرة أثناء حراك‬
‫احلراك‪ .‬فلقد مت اتهامنا باالندساس تارة وبتعطيل االقتصاد تارة‬ ‫هيئة التنسيق النقابية‪ ،‬حيث قامت السلطة بواسطة أحزابها الطائفية‬
‫‪3‬‬

‫كل الثروة والسلطة للشعب‬

‫أخرى‪ ،‬أو باحتواء جماعات إرهابية تخطط لسحق البالد وترهيب الناس وقتلهم وذبحهم‪،‬‬
‫يف وقت نواجه فيه بأشرس الطرق القمعية من األجهزة األمنية وميليشيات األحزاب‬
‫احلاكمة‪ .‬لكن اجلزء األهم يف هذه التحركات هو تفاعل الناس معها والتضامن الذي من‬
‫املأمول أن يتسع أكثر فأكثر‪ ،‬حني نردد شعارات رنينها آت من صوت قاشوش الثورة السورية‬
‫مثل شعار "يلال انزل عالشارع" على حلن "يلال ارحل يا بشار" وشعار "هيدي قضية شعبية"‬
‫على حلن "سوريا بدها حرية"‪.‬‬

‫نعم نحن نحرض على جتذير الصراع الطبقي بهدف إسقاط النظام الرأسمالي والطائفي‬
‫والذكوري والقمعي والعنصري‪ ،‬نحو املساواة والعلمانية والعدالة اإلجتماعية‪ .‬ولذلك نرى‬
‫أنه من الضروري إعادة الزخم إلى الشارع عبر تنظيم االعتصامات والتحريض على‬
‫اإلضرابات العمالية والنقاشات يف الشارع‪ ،‬حتى تكون الدميقراطية والشرعية الفعلية‬
‫للحراكات واملطالب االقتصادية االجتماعية آتية من الشعب وجميع القاطنني‪/‬ات على‬
‫األراضي اللبنانية من مواطنني‪/‬ات والجئني‪/‬ات ■‬
‫‪4‬‬

‫السنوات من املعاناة الصحية املزرية يستوجب حتقيق االستقرار‬


‫االجتماعي واالقتصادي والنفسي واألمان الوظيفي متاما كبقية‬
‫زمالئهم بالدولة اللبنانية من عمال بلديات وموظفي الدولة‪.‬‬
‫طه نصار‪ :‬نعم لتفعيل‬
‫العمل النقابي في‬
‫ملاذا لم تشارك النقابة كما عمال شركة سوكلني باحلراك الشعبي؟‬
‫مواجهة هذا النظام‬
‫كنقابة شاركنا باحلراك ونزلنا إلى الساحات‪ ،‬كما نؤيد كل املطالب‬
‫احملقة املطروحة فيه‪ .‬لكننا نتمنى أن يتم تنظيم هذا احلراك بشكل‬
‫مقابلة مع رئيس نقابة سائقي سيارات نقل‬
‫أفضل‪ ،‬بحيث تتوحد كل احلمالت حتت شعارات واحدة‪ ،‬فضال عن‬
‫النفايات يف لبنان‪ ،‬طه نصار‬
‫تنسيقها أكثر مع قوى سياسية تطمح إلى التغيير اجلذري لهذا النظام‬
‫متيم عبدو وإيليا اخلازن‬
‫ولكامل الطقم احلاكم‪.‬‬

‫ما اخلطوات واخلطط املستقبلية للنقابة؟‬

‫نحن نترقب األوضاع بعض الشيء‪ ،‬ونحاول تنظيم الشباب أكثر فأكثر‪،‬‬
‫دون أن ننسى العديد من العوامل املؤثرة يف عملنا كنقابة‪ ٫‬خاصة‬
‫ما هو موقف النقابة من خطة شهيب؟‬
‫تأثير األحزاب املذهبية والطائفية التي تشجع على حتويل العمال‬
‫إلى مجرد رقم أو آلة ضمن حساباتها‪ .‬ال شك بأن دور النقابة هو‬
‫نحن نشهد واقعا مأساويا على املستوى البيئي‪ ،‬هذا األمر هو استهتار‬
‫حترير العمال من قبضة التبعية‪ ،‬ولكن يحصل ذلك ضمن إمكانياتنا‬
‫وإهانة إلنسانية املواطنني والسائقني والعاملني واملستخدمني بقطاع‬
‫املتوفرة‪ .‬هذه النقابة تعرضت منذ العام‪ 2003 ‬ألشرس‪ ‬حرب معنوية‬
‫النفايات بلبنان‪ .‬ونحمل احلكومة بشكل عام ووزارة البيئة بشكل‬
‫وغير معلنة من قبل بعض األحزاب التي تدعي التدين‪ ،‬فحاربونا‬
‫خاص كامل املسؤولية املادية والصحية واملعنوية الناجتة عن اإلهمال‬
‫من داخل نقاباتهم املمسوكة وعبر بعض الدوائر اإلدارية يف وزارة‬
‫والالمباالة يف موضوع معاجلة النفايات الصلبة‪ .‬ألننا نعتبر أنه من‬
‫العمل‪  ‬وعلى‪ ‬رأسهم‪ ‬بعض‪ ‬وزراء‪ ‬العمل‪ ،‬ما عدا الوزير السابق شربل‬
‫أولى واجبات احلكومة وضع السياسة الوطنية الشاملة بالتعاون مع‬
‫نحاس‪ .‬أمام هذه التدخالت تبقى إمكانيات النقابة محدودة‪ ،‬ال شك‬
‫اجلهات التنفيذية كمجلس اإلمناء واإلعمار وإعطاء البلديات دورها‬
‫بأننا نحظى بدعم من االحتاد الوطني لنقابات العمال واملستخدمني‬
‫الفعلي ملعاجلة هذه النفايات بشكل متكامل‪ ،‬على أن ترتكز على‬
‫برئاسة كاسترو عبد اهلل لكنهم متكنوا من مصادرة احتاد الوالء‬
‫مبدأ الفرز من املصدر‪ ،‬ألنه احلل األنسب‪ .‬فضال عن ضرورة إغالق‬
‫لنقابات النقل واملوصالت يف لبنان الذي أسسناه‪ .‬كما حاولوا مصادرة‬
‫جميع املكبات احلالية واستبدالها مبراكز معاجلة يف جميع األقضية‬
‫النقابة [التي يرأسها] وبفضل االحتاد الوطني تخلصنا من ذلك‪ .‬من‬
‫واحملافظات تتولى عملية فرز وتخمير النفايات‪ ،‬على أن تخضع املطامر‬
‫هنا من الضروري تنظيم العمال حتت عنوان احلق بتوظيفنا يف‬
‫الصحية للشروط واملواصفات البيئية السليمة يف أماكن ال تؤثر على‬
‫البلديات إسو ًة بأي موظف بالدولة‪.‬‬
‫املياه اجلوفية ومينع فيها التمدد العمراني إلى محيطها‪.‬‬
‫وصلنا اليوم إلى مرحلة بات يتكلم فيها النقابيون واحلزبيون مع‬
‫العمال من وراء مكاتبهم وهذا ما ساهم يف تخريب احلركة العمالية‬ ‫ما اجلديد مبا خص قضية الصرف التعسفي بحق عمال شركة‬
‫والنقابية‪ .‬يف املاضي‪ ،‬كان التضامن العمالي أمنت‪ ،‬فيمتد إضراب‬ ‫سوكلني؟‬
‫سائقي سيارات األجرة ليشمل قطاعات عمالية وطالبية مختلفة‪،‬‬
‫فضال عن إضرابات وتظاهرات االحتاد العمالي العام التي كانت تهدد‬ ‫نحن اليوم أمام مشهد إنساني مأساوي حيث يعمل زمالؤنا السائقون‬
‫سلطة احلكومة بشكل فعلي‪ .‬اليوم حتكمنا ثقافة التفكك والتفرد‪.‬‬ ‫والعمال واملستخدمون يف قطاع النفايات على جمع ونقل النفايات بكل‬
‫لذلك‪ ،‬نتمنى أن تعود احلركة العمالية إلى سابق عهدها كقوة ضغط‬ ‫ما تتضمنه هذه املهنة من مواد سامة‪ ،‬حيث يتعرضون لظروف صحية‬
‫بوجه هذا النظام‪ ،‬وسنؤيد أي حترك بهذا االجتاه وسنشارك فيه ■‪ ‬‬ ‫مزرية ناجتة عن انعدام الوقاية الصحية‪ .‬ال شك أن تنشقهم لغبار‬
‫النفايات واملواد السامة خاصة يف مطمر الناعمة أدى إلى إصابتهم‬
‫مبختلف األمراض املهنية كاجللطات وااللتهابات الرئوية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫الديسك الذي ينتج عن دوام العمل املرهق‪ ،‬فضال عن قيادة بعض‬
‫اآلليات‪ ،‬هذا عدا عن حوادث العمل الطارئة‪ ،‬فالكثير من الشباب‬
‫نطمح إلى التغيير الجذري‬ ‫تعرضوا إلصابات خطيرة‪ ،‬واحد منهم اضطر إلى تغيير وركه‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬نرى أنه من غير املنصف أن يبقى زمالؤنا السائقون والعمال‬
‫واملستخدمون يف قطاع النفايات بلبنان محرومني من حقهم بالتثبيت‬
‫للنظام ولكامل الطقم الحاكم‪.‬‬ ‫ومنحهم صفة املوظفني الدائمني‪ ،‬وإنصافهم مبعاش تقاعدي لضمان‬
‫شيخوخة الئقة ومشرفة‪ ،‬ألنهم ميارسون عملهم بكل كفاءة‪ .‬وعلى كل‬
‫مسؤول يف هذه السلطة الفاشلة والفاسدة ال زال ميتلك "ضميرا" أن‬
‫يكرس حقهم اإلنساني واألخالقي والشرعي والقانوني بدميومة عمل‬
‫وضمان انتقالهم إلى الشركة‪/‬الشركات اجلديدة بعد سوكلني أو إلى‬
‫مالك البلديات‪ .‬ألن مبدأ املساواة والعدالة باالستخدام بعد كل هذه‬
‫‪5‬‬

‫عن خطة شهيب‬


‫االلتفافية‬
‫والحراك‬
‫الشعبي‬
‫هاني عضاضة‬

‫ملف كان‪ ،‬تتنافى مع مبدأ اخلصخصة‬ ‫احل ّل‪ .‬فاحللول الفعلية‪ ،‬يف أي ٍ‬ ‫أحزاب ع ّدة يف السلطة مطالب احلراك و"باركتها"‪ ،‬خوفاً‬ ‫ٌ‬ ‫بعدما تبنّت‬
‫‪ -‬احملاصصة‪ ،‬وتقلّل من نسبة أرباح الشركات املستفيدة واملرتبطة‬ ‫املناصرة حتت تأثير رياح التغيير‬‫ِ‬ ‫من تس ّرب أجزاءٍ من قواعدها‬
‫بالطبقة احلاكمة‪ ،‬ليصبح املطمر يف الناعمة‪ ،‬الناجت عن خطة شه ّيب‬ ‫التي بدأت تلفح وجوه كل املتض ّررين من النظام القائم‪ ،‬أتت خطة‬
‫عام ‪ ،1997‬أمراً واقعاً‪.‬‬ ‫شه ّيب لتقلّب الرأي العام وتضلّله‪ ،‬بهدف إضعاف احلراك ووضعه‬
‫ّ‬
‫‪ 2-‬على املستوى الشعبي‪ :‬تع ّرضت اخلطة لرفض أهالي القرى‬ ‫أمام األمر الواقع‪ :‬االبتزاز يف صحة الناس‪ ،‬والتذ ّرع بإنقاذهم من‬
‫واملناطق املتض ّررة من مطمر الناعمة ‪ -‬عني درافيل‪ ،‬بعدنا ف ّرطت‬ ‫خطة ترقيعية‪ ،‬ال ترقى إلى مستوى املعاجلة‬ ‫ٍ‬ ‫اخلطر الداهم‪ ،‬عبر‬
‫ّ‬
‫اخلطة‬ ‫السلطة بصحتهم وصحة أوالدهم ملدة ‪ 18‬عاماً‪ .‬كما رفض‬ ‫وتؤجل األزمة وتُفاقمها يف الس ّر مستبدلةً‬ ‫ّ‬ ‫البيئية واحلل احلقيقي‪،‬‬
‫أهالي املناطق امله ّددة بإقامة مطامر جديدة يف مجدل عنجر وع ّكار‬ ‫املطمر الواحد بعدة مطامر‪ ،‬متجاهل ًة وضع استراتيجية وطنية إلدارة‬
‫وبرج حمود‪ ،‬وذلك بالرغم من اجلهود احلثيثة التي بذلتها السلطة‪،‬‬ ‫النفايات الصلبة‪ ،‬ويف صلبها حقّ البلديات برفع يد سلطة احملاصصة‬
‫وعلى رأسها الوزير شه ّيب‪ ،‬يف محاولة إغراء السكان واألهالي‪،‬‬ ‫الفاسدة عن أموالها‪ ،‬وفتح حساب خاص باسم الصندوق البلدي‬
‫فخطة شهيب‬ ‫ّ‬ ‫بالكهرباء واملال واخلدمات (احلقوق البديهية!)‪.‬‬ ‫املستقل‪ ،‬يضمن توزيع عائدات البلديات‪ ،‬ويكفل قدرتها الذاتية على‬
‫تستهدف املناطق امله ّمشة واألكثر فقراً واحملرومة من اخلدمات‪،‬‬ ‫معاجلة أزمة النفايات ولعب دورها الطبيعي يف التنمية احمللية‪ .‬هو‬
‫ثم تعتمد منطق الرشوة‪ ،‬مقلّب ًة األهالي ضد احلراك الشعبي وضد‬ ‫نفسه األسلوب الذي اعتمده النظام ِلل َ ِّي ذراع هيئة التنسيق النقابية‬
‫حقّهم باملطالبة باحللول املستدامة‪ ،‬عبر مفاتيح السلطة من فعاليات‬ ‫يف حراكها املطلبي عام ‪ 2014‬بعدما بدأت حت ّركاتها بتهديد مصالح‬
‫وبلديات وشخصيات تربطها بهذا الزعيم‪/‬احلزب أو ذاك عالقات‬ ‫الهيئات اإلقتصادية وجمعية املصارف‪ :‬التذ ّرع بإنقاذ مستقبل الطالب‬
‫نفعية زبائنية‪.‬‬ ‫خلل‬
‫عبر إعطائهم إفادات‪ ،‬وبالتالي ضرب الشهادة الرسمية وإحداث ٍ‬
‫ضت اخلطة من قبل اخلبراء البيئيني‬‫ّ‬ ‫‪ 3-‬على املستوى البيئي‪ُ :‬رفِ َ‬ ‫أعمق يف البنية التربوية املختلّة‪ ،‬والتي ينبغي جتاوزها أساساً‪ .‬هكذا‬
‫املناهضني للفساد‪ ،‬والذين وضعوا حتفظاتهم األساسية عليها‪:‬‬ ‫ينت ُج النظام السياسي الطائفي األزمات عاماً بعد عام‪ ،‬معتمداً على‬
‫التناقض بني املرحلة االنتقالية واملرحلة املستدامة‪ ،‬وإعادة فتح‬ ‫ديناميكيته الطائفية إلثارة االنقسامات العمودية وتفتيت احلركات‬
‫مطمر الناعمة واستحداث مطامر جديدة بدل التركيز على الفرز من‬ ‫املطلبية على اختالفها‪.‬‬
‫املصدر‪ ،‬كما إعادة تلزمي "سوكلني" بكنس وجمع ونقل النفايات خالل‬ ‫تنطلق خطة شه ّيب (‪ 9‬أيلول ‪ )2015‬من تص ّو ٍر سياسي ض ّيق ومحدود‬
‫املرحلة اإلنتقالية‪ ،‬إضافة إلى ردم البحر وإحياء مشروع "لينور"‪ .‬كما‬ ‫األفق‪ ،‬ال يخرج عن سياق تدوير الزوايا املعهود‪ ،‬محاوالً لعب دور‬
‫طرح خبراء بيئيون‪ ،‬بصفتهم مو ّكلني من احلراك الشعبي‪ ،‬خط ًة بديلة‬ ‫املخلّص للنظام املأزوم‪ ،‬مه ّرباً إياه من مأزقه السياسي‪ ،‬ولكن عبثاً‪.‬‬
‫يف ‪ 28‬أيلول ‪ ،2015‬لم تل َق جتاوباً من السلطة‪.‬‬ ‫سقطت خطة شه ّيب‪ ،‬خالل أيام قليلة من طرحها‪ ،‬وعلى أكثر من‬
‫‪ 4-‬على املستوى اإلداري‪ :‬تكليف مجلس اإلمناء واإلعمار اتخاذ‬ ‫مستوى‪:‬‬
‫إجراءات جتهيز وتشغيل املواقع املقترحة للمعاجلة والتخلص من‬ ‫ّ‬
‫اخلطة‪ ،‬أكرم شه ّيب‪،‬‬ ‫‪ 1-‬على مستوى الثقة‪ :‬من املعروف أن صاحب‬
‫النفايات وهو غير خاضع للرقابة واحملاسبة‪ ،‬متاماً كالهيئة العليا‬ ‫كان وزير البيئة عام ‪ ،1997‬وهو الذي وضع بنفسه "خطة الطوارئ"‬
‫اخلطة سلفة خزينة مببلغ ‪150‬‬ ‫ّ‬ ‫صص لها بحسب‬ ‫لإلغاثة والتي خُ ّ‬ ‫يومها‪ ،‬والتي أ ّدت إلى إيجاد "مطمر الناعمة ‪ -‬عني درافيل"‪ ،‬بعدما‬
‫مليار ليرة لبنانية إلقامة مشاريع تنمية ملنطقة البقاع‪ ،‬واستكمال‬ ‫أقدم أهالي العمروسية على إحراق "محرقة العمروسية" التي كانت‬
‫التعدي على االنتظام العام يف املؤسسات وعدم تفعيل دور البلديات‬ ‫بحل حقيقي ومستدام ألزمة‬ ‫وصحتهم وبيئتهم‪ ،‬واعداً ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ته ّدد حياتهم‬
‫على مستوى إدارة النفايات خالل املرحلة "االنتقالية"‪.‬‬ ‫النفايات‪ .‬لم يتحقّق احل ّل‪ ،‬ولم تقم احلكومات املتعاقبة بتقدمي أي‬
‫‪ 5-‬على املستوى االقتصادي‪ :‬استكمال نهج الفساد الذي أ ّدى إلى‬ ‫حلول طبعاً‪ ،‬وكان التمديد غير الشرعي واملستمر لـ"سوكلني" هو‬
‫‪6‬‬

‫سرقة وهدر مليارات الدوالرات‪ ،‬ووضع اليد على أموال البلديات‬


‫الشتاء‬ ‫عبر التمنّع عن فتح حساب خاص للصندوق البلدي املستقل وبالتالي‬
‫استمرار استبعاد خيار تطبيق الالمركزية اإلدارية‪ .‬ارتفاع الفاتورة‬
‫قادم‪،‬‬ ‫الصحية الناجتة عن التأخر يف تطبيق خطة الطوارئ التي يطالب بها‬
‫احلراك‪ .‬غياب طرح إعادة تدوير النفايات لالستفادة منها يف مجاالت‬
‫والربيع أيض َا‬ ‫اخلطة هو استحداث املطامر‬ ‫ّ‬ ‫التصنيع وإنتاج الطاقة‪ ،‬فالبديل يف‬
‫أجراها متيم عبدو وعلي جمول‬ ‫بشكل يخرجها من نطاق الدورة االقتصادية‪.‬‬‫ٍ‬ ‫والتخلّص من النفايات‬

‫خطة وزير الزراعة أكرم شه ّيب‪ ،‬كانت ر ّد الطبقة احلاكمة على‬


‫"الشتاء قادم"‪ ،‬هذه العبارة لم تعد تقتصر على ما كان يردده نيد‬ ‫تصب‬
‫ّ‬ ‫إسقاط احلراك املطلبي الشعبي للمناقصات‪ ،‬والتي كانت‬
‫ستارك يف مسلسل ‪ ،Game of Thrones‬لكنها أصبحت تذكرنا‬ ‫ٍ‬
‫شركات ميلكها عدة متم ّولني متحزّبني أو مرتبطني‬ ‫يف مصلحة عدة‬
‫بشكل دائم بأنه عندما تأتي الشتوة األولى‪" ،‬رح تقلب جد"‪.‬‬ ‫بأحزاب السلطة‪ .‬املناقصات كانت نتيجة األزمة‪ ،‬لذا أتت خطة شه ّيب‬
‫فكما يقول الباحث واحملاضر يف اجلامعة األميركية قي بيروت‪،‬‬ ‫كمحاولة لاللتفاف على احلراك إنقاذاً للنظام السياسي الطائفي من‬
‫روالن رياشي يف حديثه لـ"املنشور" إنه "نظراً للتكون اجليولوجي يف‬ ‫أشكال مختلفة‪ ،‬منها‬
‫ٍ‬ ‫أزمته البنيوية التي حتكمه‪ ،‬والتي تتمظهر يف‬
‫لبنان الذي هو مبعظمه من صخور كلسية‪ ،‬ذات قدرة نفاذ عالية‪،‬‬ ‫أزمة النفايات البالغة اخلطورة على املستويني البيئي والصحي‪ ،‬بعد‬
‫حتتاج عصارة النفايات يف فصل الشتاء إلى عدد قليل من الساعات‬ ‫‪ 23‬عاماً من الفساد والسرقة واخلصخصة يف ملف النفايات ■‬
‫لتصل إلى املياه اجلوفية"‪ ،‬ويضيف رياشي أن "هذا ال يقتصر على‬
‫النفايات التي نراها اليوم يف شوارع املدن‪ ،‬إمنا أيضاً يشمل العدد‬
‫الهائل من املكبات العشوائية يف املناطق والبلدات وقرب األنهر‪،‬‬
‫التي تغذي مصادر مياه املدن والبلدات"‪ .‬ويشير رياشي إلى أنه‪،‬‬
‫وباإلضافة للملوثات اجلرثومية التي تسبب األمراض املتناقلة عبر‬
‫أتت خطة شه ّيب‬
‫املياه من إسهال وضيق نفس وأمراض جلدية وصوالً إلى الكوليرا‪،‬‬
‫"فإن تسرب عصارة النفايات مبا فيها من معادن ثقيلة كالرصاص‬ ‫لتق ّلب الرأي العام وتض ّلله‪،‬‬
‫بارتفاع مضطرد يف نسبة انتشار السرطانات‬‫ٍ‬ ‫والزنك والنحاس كفيلة‬
‫يف املناطق املتضررة‪ ،‬كما تثبت دراسات األثر الصحي التي أجريت‬
‫يف نابولي (إيطاليا) عقب أزمة تراكم نفايات يف شوارعها شبيهة مبا‬ ‫بهدف إضعاف الحراك‬
‫نعانيه اليوم يف لبنان"‪.‬‬
‫ومن املعروف أن املسؤول املباشر عن مراقبة ومتابعة صالحية املياه‬
‫والغذاء لضمان سالمة قاطني هذا البلد‪ ،‬وهو املختبر املركزي يف عني‬ ‫ووضعه أمام األمر الواقع‬
‫التينة‪ ،‬املقفل منذ مدة ألسباب أمنية متعلقة بسالمة "الشخصيات"‬
‫القاطنة يف املنطقة‪ .‬فتستبدل السلطة سالمة الناس بسالمة اآلنف‬
‫‪7‬‬

‫ويضيف رياشي‪ ٫‬إلى أنه ناهيك عن التدمير الواسع للنظم البيئية‬ ‫ذكرهم من "الشخصيات"‪ .‬وانسجاما مع خطط اخلصخصة‪ ،‬تتم‬
‫والقضاء على التنوع البيولوجي‪ ،‬والقضاء على القيمة الثقافية ملغارة‬ ‫االستعاضة عن هذا املختبر بعقود عبثية وغير شفافة مع مختبرات‬
‫جعيتا التي ستقطع عنها املياه وعن بيروت بسبب سد جنة‪ ،‬وطمر‬ ‫خاصة‪ .‬فيما أودعت معدات املختبر املركزي يف حاوية شحن يف مرفأ‬
‫املناطق األثرية باملياه كما يف س ّدي بسري واملسيلحة‪ .‬وما يزيد من‬ ‫بيروت وال ندري أين يداوم موظفوه‪.‬‬
‫سوء ذلك واقع التغيير املناخي الذي نشهده‪ ،‬إن لناحية انخفاض‬ ‫تبقى السلطة اليوم مص ّر ًة‪ ،‬بحسب رياشي‪ ،‬على جتاهل مصالح الناس‬
‫كمية املتساقطات أو ازدياد درجات احلرارة‪ ،‬يحتّم التوجه نحو اعتماد‬ ‫يف صحتهم وبيئتهم يف أزمة النفايات التي يشتعل الشارع احتجاجاً‬
‫أجندات احلد من السدود وليس إقامة املزيد منها كما يف أجندات‬ ‫عليها وعلى النظام الذي ينتجها‪ ،‬وتبقى أيضاً مص ّرة على سياسات‬
‫مشاريع السلطة!‬ ‫اخلصخصة وزيادة أرباح الشركات يف احللول غير البيئية واملكلفة‬
‫الترويج للسدود على أنه احل ّل ألزمة املياه يف لبنان‪ ٫‬يتجاهل كلياً أن‬ ‫اقتصادياً‪ ،‬لكن أزمة النفايات هذه وانعكاساتها على سالمة املياه‬
‫نطاق واسع وبشكل عشوائي‪ ٫‬األمر‬ ‫ٍ‬ ‫املياه اجلوفية تستثمر حالياً على‬ ‫اجلوفية قبيل فصل الشتاء يفتح الباب على مصراعيه على ٍ‬
‫ملف أكثر‬
‫الذي يتوجب إدارة رشيدة الستخراج املياه اجلوفية تكامال مع الينابيع‬ ‫خطورة وفساداً أال وهو املياه‪.‬‬
‫واملسطحات املائية‪ .‬وهذا الترويج يتجاهل أن نسبة كبيرة من املياه‬ ‫فاالستراتيجية الوطنية للمياه‪ ،‬التي تعتبر إحدى أهم اإلجنازات‬
‫املنتجة تذهب هدراً يف الشبكات‪ ،‬وأن معامل تكرير الصرف الصحي‬ ‫ال عن توجيهات‬ ‫املزعومة التي تتبجح بها السلطة بجميع ألوانها‪ ،‬فض ً‬
‫الستخدامها يف الري‪ ،‬التي كلفت هي األخرى مبالغ ضخمة‪ ،‬ال تعمل‬ ‫اللجنة النيابية املعنية‪ ،‬فتقوم على استيراد املياه‪ ،‬وتوجيهات جلهة‬
‫حالياً يف معظم املناطق‪ .‬فضال عن أن النسبة األكبر من الوظائف‬ ‫تخفيض استهالك املياه‪ ،‬وصوال إلى مشاريع السدود الفاشلة‪ ،‬التي‬
‫العامة يف هذا القطاع شاغرة؛ كل ذلك يسببه النظام للمضي قدما يف‬ ‫ال تخزن املياه نظراَ ألن ‪ 70‬باملئة من طبيعة األرض يف لبنان كلسية‪،‬‬
‫خصخصة قطاع املياه إ ّما عن طريق املؤسسات االستثمارية احلالية‬ ‫ما أثبته االنخفاض الكبير يف مستوى املياه يف بحيرة القرعون وسد‬
‫يف الشمال واجلنوب والبقاع وبيروت‪-‬جبل لبنان ‪ ٫‬التي تعمل كل منها‬ ‫أن األخير‬
‫بريصا وسد شبروح الذي تشير الدراسات‪ ،‬بحسب رياشي‪ّ ،‬‬
‫بعقد مختلف ومبجلس إدارة خاص بها أو على طريقة "بلو غولد" التي‬ ‫يس ّرب أكثر من ‪ 200‬ليتر يف الثانية‪.‬‬
‫ال تطرح ما هو مختلف عن االستراتيجية الوطنية للمياه‪.‬‬ ‫كما ال تأخذ التوصيات‪ ٫‬ببناء السدود‪ ٫‬بعني االعتبار املنطقة الزلزالية‬
‫لكن ال بأس بكل ذلك يف اخلطاب السياسي اليومي ويف اإلعالم املرئي‬ ‫التي يقع فيها لبنان‪ ،‬التي مت احلديث مؤخراً عن حركة الصفائح‬
‫واملسموع املهيمن‪ .‬فمافيا السدود‪ ،‬كما مافيا النفايات يف لبنان قد‬ ‫التكتونية فيها‪ ،‬املسببة للفوالق املنتشرة يف لبنان من اليمونة إلى روم؛‬
‫أسست نفسها اقتصادياً وفكرياً ضمن أحزاب السلطة وأدواتها وعبر‬ ‫وبناء هذه السدود املرتفعة ‪ -‬نظراَ لعمق الوديان يف لبنان‪ -‬قد يحرك‬
‫اإلعالم واألكادمييا التي تروج للسدود وكأنها خشبة اخلالص‪ .‬متاماَ‬ ‫تلك الصفائح بقدر ما قد يتأثر بحركتها مسببا الكوارث‪ ،‬متجاهلة‬
‫كما تر ّوج للمطامر واحملارق كأنها اخلالص ألزمة النفايات‪ ،‬متجاهل ًة‬ ‫متاماً أن الوزارة نفسها تساهم بالتحضير للتنقيب عن النفط الذي‬
‫احللول البيئية والصحية األقل كلفة واألكثر استدامة ■‬ ‫يساهم أيضاً يف زعزعة القشرة األرضية وزيادة مخاطر الزالزل‪.‬‬
‫كما أن هذه السدود ذات اجلدران املرتفعة‪ ،‬يؤكد رياشي‪ ٫‬لن جتمع‬
‫مياهاً قياسا إلى تكلفة إنشائها وقياسا إلى ما يجمعه سد أسوان يف‬
‫مصر من مياه بارتفاع أقل بكثير من تلك املقامة واملقترحة يف لبنان‪.‬‬
‫شهادات‬
‫نسوية من‬
‫الميدان‬

‫يف مرأة فتحت متها لتحكي‬


‫يف مثقف قالها باللك هاملوضوع‬
‫يف مرأة قالت عنها هبلة‬
‫يف نايب قلها بال عنترياتك‬
‫يف مثقف تاني نظرلها كالمها‬
‫يف وزير عيطلها "كارولني"‬
‫يف مثقف تالت حط ايده عطيزها يف ناشط قلها حاج تاخدي االمور‬
‫شخصية‬
‫يف نهار نزلت قالتلن‬
‫‪#‬طلعت‪-‬ريحتكم‬
‫‪ ٢٩‬آب ‪ -٢٠١٥‬نقال عن صفحة صوت النسوة على الفايسبوك‬

‫"ليل أمس‪ ،‬أقدم شبان من املتظاهرين أمام وزارة البيئة على طرد امرأتني متح ّولتني جنسي ًا‪ ،‬فشتموهما ورموا عليهما القناني‬
‫البالستيكية الفارغة‪ .‬كانت املرأتان تقوالن للشبان‪ :‬نحن هنا مثلكم‪ ،‬نتظاهر‪ ،‬يجب أن تكونوا فخورين بنا أننا جئنا ندعمكم‬
‫ونقف الى جانبكم‪ .‬حاولت التدخل أنا وبعض الرفيقات والرفاق والتكلم مع املتظاهرين الشبان‪ ،‬لكن املرأتني لم تتمكنا من‬
‫احتمال الضغط‪ ،‬فغادرتا‪ .‬أقول هذا ألشدد أن معركتنا ليست ذات وجه واحد فقط‪ .‬هي ليست فقط ضد "النظام" بل ضد كل‬
‫أفكاره وقيمه القمعية البالية التي أنتجها‪ ،‬واحداها مفهوم الذكورة‪.‬‬
‫يوم أمس أيض ًا‪ ،‬علّقت احدى املتظاهرات بالقول "ما مشكلة هؤالء النسويات‪ ،‬يقفزن ويتدخلن كلما سمعن هتاف ًا ذكوري ًا؟"‬
‫أقول لها‪ ،‬نعم‪ ،‬سوف نستمر بذلك‪ ،‬وسنظل نواجه ونقارع الهتافات الذكورية والتصرفات القمعية يف امليدان وخارجه‪ ،‬ألننا نريد‬
‫أن نبني بدي ًال حقيقي ًا عن النظام‪ ،‬ونخلق عالقات اجتماعية جديدة‪".‬‬
‫‪ ١‬أيلول ‪ -٢٠١٥‬نقال عن صفحة الشعب يريد على الفايسبوك‬

‫"ألننا ما زلنا نناضل كي نسمع وكي يكون رأينا ذو أهمية كالرجل حتى بوسط الناشطني واملظاهرات‪ .‬فالرجال‬
‫باالجتماعات ما زالوا يقاطعون النساء خالل التكلم مثال‪ ،‬وإذا سلطنا الضوء على كالم أو أي تصرف ذكوري‬
‫باالجتماع أو باملظاهرة‪ ،‬يكون الرد أو بغض النظر أو بأقوال مثل‪" :‬مشينا هأل‪ ،‬يف أشياء أهم نركز عليها‪ ،‬ليش عم‬
‫تاخدي األمور شخصية‪ ،‬ليه حساسة؟" إذا هجمنا على القوى األمنية كمان مثال بقولوا‪" :‬ليش منفعلة؟" أما إذا‬
‫الشب هجم‪ ،‬معليش‪.‬‬
‫وضع املرأة لم يتحسن‪ ،‬ما زلنا نناضل فقط كي نستطيع أن نعيش يوم بآمان من دون عنف أو حترش‪.‬‬
‫عم بنزل تقول فشر‪ ،‬نحن ما بقى نسكت وال باجتماع وال على األرض أو بالبيت‪ ،‬نحن رح نسترجع املساحة على‬
‫األرض‪ ،‬وبكل مكان آخر‪".‬‬
‫‪ ٢٨‬آب ‪ -٢٠١٥‬نقال عن صفحة صوت النسوة على الفايسبوك‬

‫"نازلة ألنو معظم جتاربي بالتعاطي مع مؤسسات الدولة كامرأة غير لبنانية ساكنة وعاملة يف لبنان كانت تتراوح بني‬
‫العنصرية واالستهزاء والتحرش واالستعالء‪ ،‬ألنو يف ‪ ٢‬مليون أو أكتر غير لبنانيني عايشني بهالبلد (البعض ولد‬
‫هون ورح ميوت هون) وعم يتنفسو نفس الزبالة ويدفعو نفس ضريبة الفساد زائد جرعة عنصرية وغربة‪ .‬ألنو ياما‬
‫شفنا قمع املؤسسات العسكرية‪ ،‬ومش أول مرة منتعاطى مع العرصات ورصاصهم‪ ،‬ألنو قلبي من احلامض الوي"‪.‬‬
‫‪ ٢‬ايلول ‪ -٢٠١٥‬نقال عن صفحة صوت النسوة على الفايسبوك‬
‫‪9‬‬

‫نقاش حول المرأة‬


‫والمساحة‬
‫العامة والحراك‬
‫الشعبي‬
‫وليد ضو‬

‫يف هذا اإلطار تتحطم هذه الثنائية (خاص‪/‬عام)‪ .‬فسالمة تشير إلى‬ ‫عالقة املرأة مع املدينة متشعبة املواضيع من بينها اخلوف واألمان‬
‫مفارقة أن البيت فيه خطر وعنف وهو أمر سياسي‪ .‬وعندما تستعمل‬ ‫داخل املساحات العامة‪ .‬هكذا بدأت الباحثة دنيا سالمة يف تعاونية‬
‫املرأة املساحات العامة يلقى اللوم عليها ألنه عليها االنتباه ألنها هنا‬ ‫الضمة* ندوتها "املرأة واملساحة العامة" ضمن سلسلة من الندوات‬
‫هي "ضيفة" على املكان العام‪ ،‬وعندما تتولى زمام املبادرة وتشارك‬ ‫األسبوعية التي نظمها "مشروع األلف" حول سياسات اجلنسانية‬
‫املرأة يف املظاهرات‪ ،‬يتم التحرش بها لتنظيم وتأكيد السيطرة على‬ ‫طوال شه َري آب‪/‬أغسطس وأيلول‪/‬سبتمبر ‪.2015‬‬
‫هذه املساحة العامة وهذا الشيء هو مسألة سياسية بامتياز‪.‬‬
‫مساحات عامة وخاصة‬
‫يف املدن نتعلم التعايش مع اآلخر‬
‫تعترف سالمة بأن للمساحات العامة واخلاصة عدة تعريفات مختلفة‬
‫اخلوف هو أمر واقع يف املدينة‪ ،‬يترافق مع فكرة التعايش فيها‪ ،‬وهذا‬ ‫والفرق بينهما غير واضح‪ .‬فإذا جردنا املوضوع وقولبناه يف إطار‬
‫أمر إيجابي‪ .‬وأحد أدوار النسوية تبيان أن خوف املرأة يف املساحات‬ ‫قانوني يصبح التعريف كالتالي‪ :‬املساحات العامة هي امللك العام‬
‫العامة هو سياسي‪ .‬وسالمة باتت نسوية بفعل اخلوف يف املدينة‬ ‫كالشوارع واألرصفة واحلدائق العامة والشاطئ‪ .‬املساحات اخلاصة‬
‫ليست فقط انطالقا من جتربة شخصية إمنا من جتربتها كامرأة‪.‬‬ ‫هي كل الباقي‪ .‬ولكن عندما تدخل عوامل أخرى إلى هذا التجريد‬
‫وتسأل سالمة‪ :‬العنف احلقيقي يكمن أين؟ تشكل املدينة لقاء الناس‬ ‫تتغير هذه الصورة فاملساحات العامة ميكن أن تكون كاحلانات واملراكز‬
‫من كل األماكن‪ ،‬كلما اتسعت كلما زاد من ال نعرفهم‪ .‬لكن التحرش‬ ‫التجارية وهي ملكيات خاصة ولكن استعمالها عام‪ ،‬وتتطلب صرف‬
‫داخل البيت يتم التستر عليه‪ ٫‬أما يف اخلارج وألنه يتم على "يد"‬ ‫أموال وبالتالي هي مساحات رأسمالية‪ ،‬وهنا يحصل نوع من اإلقصاء‬
‫اآلخر فيُعطى املوضوع حجما أكبر من األول (الذي ميكن أن يكون‬ ‫من هذه املساحات والفرز داخلها‪ ،‬ليس فقط على أساس طبقي إمنا‬
‫أكثر وحشية)‪ .‬لذا‪ ،‬تقول سالمة‪ ،‬إن األذى "اآلمن" غير مقبول أيضاً‪.‬‬ ‫أيضا على أساس عنصري‪.‬‬
‫وضمن املساحات العامة‪ ،‬تضيف سالمة‪ ،‬يحصل أيضا فرز غير‬
‫أبعد من احلراك الشعبي الراهن‪ ،‬وأكثر من نقد ذاتي‬ ‫واضح‪ .‬وهو فرز يظهر خالل غياب فئات من سكان املدينة‪ ،‬بينها‬
‫النساء‪ ،‬يف أمكنة وأوقات محددة‪ ،‬حيث يصبح عدد النساء أقل يف‬
‫النقاش حول احلراك الشعبي الراهن استغرق وقتا ليس بقليل‬ ‫الليل‪ ،‬بسبب اخلوف من العنف أو التحرش كل ذلك مينع التواجد‬
‫من الندوة‪ .‬وقد تركزت أغلب املداخالت على مسألة عالقة املرأة‬ ‫ضمن هذه املساحة‪ .‬فتف ُرز مساحات املدينة بني املوجود وغير املوجود‬
‫باحلراك والتحديات املطروحة أمامه‪ .‬األكيد أن هناك عدة حاالت‬ ‫وحتدد املرئي وغير املرئي فيها‪.‬‬
‫حترش حصلت؛ وهو ليس أمرا استثنائيا ومقتصرا على املظاهرات‪،‬‬
‫إمنا هو تكتيك متبع يف كل األمكنة القصاء املرأة عن املساحة العامة‬ ‫تاريخ املساحات العامة واخلاصة‬
‫وهذا ما تعيشه كل يوم املرأة‪ ،‬وبالتالي ليس تصرفاً فردياً‪ ،‬إمنا هو‬
‫جزء من صورة شاملة‪.‬‬ ‫سالمة أشارت‪ ،‬وخالل حملة عامة‪ ،‬إلى أن هذا الفرز نشأ مع‬
‫كما متحور النقاش حول أهمية وضرورة توثيق حاالت التحرش يف‬ ‫الرأسمالية يف أوروبا‪ .‬ففي انكلترا‪ ،‬وخالل القرن ‪ ،16‬حيث كانت‬
‫املظاهرات‪ ،‬األمر الذي قد يسبب ضغطا على النساء للكالم‪ ،‬بحسب‬ ‫صناعة البيرة تتوالها املرأة يف كل منزل داخل الباحة اخللفية له‪٫‬‬
‫إحدى املشاركات يف النقاش‪ ،‬حيث ثمة ضرورة العطاء املرأة الفترة‬ ‫وذلك جلني األموال إلى جانب عملها "العادي" (خياطة…)‪ .‬وقد شكل‬
‫الزمنية للكالم‪ .‬لكن التوثيق السياسي هو أساسي للمواجهة مع آليات‬ ‫ذلك فسحة اللتقاء األصحاب واجليران يف هذه املساحة‪ .‬بني عامي‬
‫اإلقصاء املمنهجة سواء من النظام الرأسمالي والطائفي والذكوري‬ ‫‪ 1300‬و‪ 1700‬انتشرت هذه الصناعة بشكل كبير‪ ،‬إلى أن حتولت إلى‬
‫والقمعي بشكل عام‪ ،‬وبواسطة أجهزته األمنية والعسكرية‪ ،‬أو من‬ ‫صناعة كبيرة يقوم بها الرجل خارج املنزل‪ .‬هذا التحول االقتصادي‬
‫داخل احلراك نفسه حيث عبارة "نحنا منحميك" تعبر عن حمائية‬ ‫ترافق مع خطاب وعظي يحرض ضد الشرب يف البيوت‪ ٫‬مدعيا‬
‫ذكورية مباشرة‪ .‬أكثر من ذلك‪ ،‬فإن ما ستتعرض له املرأة سيكون‬ ‫ان ذلك يجلب العار وعدم النظافة والسكر ‪٫‬وبالتالي يجب فصل‬
‫مضاعفاً فيما لو كانت سورية أو فلسطينية‪.‬‬ ‫االقتصاد عن البيت‪ ،‬فأصبحت املساحات العامة خارج املنزل‪،‬‬
‫ال شك بأن اإلقصاء يحصل أيضاً بصورة مستترة من خالل تكليف‬ ‫والبيت هو مكان العائلة والرعاية واألمان‪ ،‬بحسب اخلطاب نفسه‪.‬‬
‫املرأة بقراءة البيانات يف حني أن كتابتها هي من اختصاص الذكور‪،‬‬ ‫يف حني ارتبطت املساحات العامة بالنقاش السياسي‪ .‬وبذلك حصل‬
‫ويف ذلك إشارة من احلضور إلى أنه داخل املجموعات اليسارية يتم‬ ‫هذا الفصل بني املساحة العامة التي هي مكان السياسة واالقتصاد‬
‫إسكات النساء (أو على األقل إقصائهن) قبل الوصول إلى املساحة‬ ‫املخصصة للرجال‪ ،‬واملساحة اخلاصة البيت والعائلة و ُربِطت املرأة بها‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫* الض ّمة‪ :‬تهدف إلى بناء تعاونية للنساء والترانس‪ ،‬وتطوير وممارسة النشاط‬ ‫العامة‪ .‬بكل تأكيد هذا الكالم ال يأتي من فراغ‪ ،‬فتجربة حراك هيئة‬
‫السياسي نحو العدالة االجتماعية واالقتصادية والبيئية واجلندرية‪ ،‬وإلى متكني‬ ‫التنسيق النقابية‪ ،‬حيث تتشكل قاعدة الهيئة من أغلبية نسائية ساحقة‬
‫وتنمية هذه التعاونية للتأثير على األنظمة السياسية والثقافية واالجتماعية‬ ‫يف حني كانت نسبة الرجال داخل الروابط املكونة للهيئة كبيرة جدا‪.‬‬
‫واالقتصادية يف املجتمعات‪ .‬تُبنى هذه التعاونية على القيم واملبادئ املتّفق عليها‬
‫وتعمل على ترجمة وتطوير هذه املبادئ إلى سياسات وممارسات يف هيكلية‬
‫ويف وقت تل ّمس اجلميع كفاحية عالية املستوى على صعيد القاعدة‬
‫التعاونية وادارتها ونشاطاتها•‬
‫ومبشاركة نسائية فعالة‪ ،‬كانت القيادة ترهن قرار كل احلراك جلزء‬
‫من الطبقة احلاكمة (بري وعون)‪.‬‬
‫وبالنسبة للمجموعات اليسارية‪ ،‬التقليدية منها‪ ،‬وغير التقليدية‬
‫أيضا‪ ،‬عليها أن تسائل نفسها حول آليات اإلقصاء بحق املرأة داخلها‪.‬‬
‫وإذا كانت املجموعات التقليدية قد ذهبت بعيدا يف غيبوبتها‪ ،‬على‬
‫املجموعات اليسارية غير التقليدية أن تعيد النظر ليس فقط بأي‬
‫استراتيجيا أو تكتيك ميكن أن تشكل تهميشا للمرأة‪ ،‬ولو بشكل‬
‫موارب‪ ،‬إمنا أيضا يف واقع املمارسة اليومية التي تشكل أساس‬
‫التكتيكات واالستراتيجيات ■‬

‫صوت النسوة‪:‬‬
‫النظام األبوي‬
‫قاتل‪ ،‬وينبغي‬
‫اسقاطه أيضا!‬
‫اجرتها يارا نحلة‬

‫قدم اخلطاب النسوي قراءة للحراك وللمطالب من خالل منظور‬ ‫‪ -1‬كيف تصنّفن دور املرأة ومشاركتها يف هذا احلراك مقارنة بالتحركات‬
‫جندري‪ ،‬وهو ال يُعنى فقط بالنساء (رغم أننا يف صوت النسوة نركز‬ ‫السابقة يف لبنان؟‬
‫اهتمامنا على النساء)‪ ،‬بل ينتقد الرجولية املسيطرة واللغة الذكورية‬
‫املستعملة‪ ،‬وعنف السلطة والسياسات التي تعتمدها مع الشرائح‬ ‫يتمحور هذا احلراك حول مطالب اجتماعية‪-‬سياسية عامة‪ .‬وقد بدأ‬
‫امله ّمشة‪ .‬يفسر اخلطاب النسوي الديناميات اجلندرية يف تقاطعها‬ ‫يظهر فيه حضور لنساء يطالنب بتغيير جذري ونسوي يربط بني هذه‬
‫مع الطبقة االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬واجلنسانية‪ ،‬واإلثنية والعوامل‬ ‫املطالب والنظام األبوي الذكوري اللبناني‪ .‬قد شاركت النساء تاريخياً‬
‫ألن جتربة الفرد يف ساحة االعتصام‪ ،‬ومتكنه\ها من إيصال‬ ‫األخرى‪ّ ،‬‬ ‫يف العديد من احلراكات والنضاالت االجتماعية االقتصادية والسياسية‬
‫صوته\ها بشكل يختلف بفعل تباين العوامل التي ذكرناها‪ .‬لذا يركز‬ ‫وقد ناضلن كي يُسمع صوتهن وحقوقهن‪ .‬رصدنا استعمال النساء يف‬
‫اخلطاب النسوي على عالقات القوى من خالل إطار تقاطعي وعميق‪.‬‬ ‫احلراك احلالي بطريقة أكثر رمزية‪ ،‬كوجود نسائي‪ ،‬يف العديد من‬
‫إن احلراك النسوي وانخراط النساء يف احلراكات املطلبية ليس جديداً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املجموعات التي بدأت تتشكل‪ .‬ال تشغل النساء حاليا العديد من املواقع‬
‫َ‬
‫لكن هذه التجارب لم تُوثق بشكل كاف‪ ،‬وما حصل هو أنه مت إدراج‬ ‫القيادية‪ ،‬وكما ال يبدو لنا أن جتاربهن ومساهمتهن قد أخذت إلى اآلن‬
‫وامتصاص أصوات وجتارب النساء ضمن حراكات "أوسع"‪ ،‬مما أدى‬ ‫على محمل اجل ّد‪ .‬كما ملسنا وجود أجواء غير مرحبة وآمنة يف بعض‬
‫إلى طمسها وذوبانها‪ ،‬وبالتالي لم يب َق منها إال جتارب الرجال التي يتم‬ ‫األحيان خالل املظاهرات واالجتماعات التحضيرية‪ ٫‬األمر الذي يقلل‬
‫إن طرح اخلطاب النسوي كخطاب وموقف مستقل‬ ‫تداولها وتذ ّكرها‪ّ .‬‬ ‫من عدد النساء ومشاركتهن‪ .‬النساء ما زلن يناضلن ملساحة وصوت كما‬
‫غير تابع ألي من احلمالت املوجودة يف احلراك يؤدي إلى إظهار العوامل‬ ‫يف السابق‪ ،‬وما زال حضورهن ومطالبهن ثانوياً‪.‬‬
‫والعالقات املباشرة بني املطالب الشعبية وذكورية السلطة‪ .‬أهمية هذه‬
‫اخلطوة تكمن يف مقاربة املوقع املطلبي العام نسويا واالستفادة من‬ ‫‪ -2‬ما أهمية طرح اخلطاب النسوي يف حراك مطلبي من هذا النوع؟‬
‫جو احلراك للمساهمة يف إشراك النساء يف القرار وفرض معايير‬ ‫هل حدث هذا سابق ًا؟‬
‫‪11‬‬

‫‪ -6‬ما هي األسباب الكامنة وراء حوادث التحرش التي حدثت‬ ‫نسوية للمستقبل‪ .‬تكمن قوة اخلطاب النسوي يف اعتماده وتقديره‬
‫خصوص ًا خالل التحركات األخيرة؟ وهل ميكن مقارنتها بالتجربة‬ ‫للتجربة الشخصية فهو ال يخاف االختالف وال يعمم التجربة بل‬
‫املصرية يف هذا اخلصوص؟‬ ‫يسعى إلى التشجيع على التحليل والتساؤل حول ما يبدو بديهيا يف‬
‫الوهلة األولى‪ ،‬كما يركز على أولئك الذين يُستغلّون من قبل السلطة‬
‫احلراك يف مصر يختلف عما يجري يف لبنان‪ ،‬وجتربة التحرش‬ ‫دون أن ميثلهم اخلطاب بطريقة مثالية ايضا‪.‬‬
‫تختلف كذلك‪ .‬نسعى إلى التعامل مع كل حالة حترش تصلنا بجدية‬
‫وال نبتعد عن املقارنة التلقائية مع حاالت أخرى‪ .‬ومع أننا نستفيد من‬ ‫‪ -3‬ما عالقة النظام السياسي القائم والعنف الذي استخدمته أجهزة‬
‫خبرات النسويات يف مصر واملوارد التي أنتجنها ومن دعمهن‪ ،‬لكننا‬ ‫الدولة بالنظام األبوي؟‬
‫نفضل التعامل مع موضوع التحرش يف لبنان كإشكالية لبنانية‪ ،‬وهي‬
‫تتمثل بسلوكيات سلطوية بنيوية لطاملا كانت منتشرة بطبيعة احلال‪،‬‬ ‫إن العنف املباشر من أجهزة الدولة يقع ضمن العنف البنيوي للنظام‬ ‫ّ‬
‫ولطاملا ألقينا الضوء عليها كإحدى مظاهر العنف اليومي ضد النساء‪.‬‬ ‫األبوي القمعي والعنصري‪ .‬هذا النظام هو ذاته الذي تشكل على مبدأ‬
‫إن سبب التحرش يف احلراك هو نفسه الكامن وراء التحرش اليومي‬ ‫اقصاء النساء وعلى قمع جنسانيات وهويات جندرية معينة وعلى‬
‫احلاصل خارج احلراك‪ ،‬الذي هو النظام األبوي الذي يحمي املتحرش‬ ‫تخصيص أدوار ضيقة (يعتبرها املجتمع ثانوية‪/‬غير أساسية) للنساء‪.‬‬
‫ويعطيه شرعية‪ ،‬يف وقت يتم التشكيك فيه بالنساء اللواتي يتعرضن‬ ‫هو نفسه الذي يعاقب كل من يخرج عن هذه املنظومة املعتمدة من‬
‫للتحرش واملضايقة والتهميش وذلك عقابا للنساء اللواتي يخرجن‬ ‫خالل العنف أو سحب االمتيازات والتهميش والتخجيل‪ .‬يعيد النظام‬
‫عن الدور التقليدي املرسوم لهن‪ .‬التحرش هو إحدى أشكال األبوية‬ ‫انتاج نفسه من خالل العنف البنيوي (القوانني واملمارسات التمييزية)‬
‫الذكورية التي ال ترى القهر يف استباحة جسد ومشاعر وخصوصية‬ ‫وعبر العنف املباشر‪ .‬النظام القائم هو نظام أبوي وأجهزته أثبتت ذلك‬
‫األخريات انطالقا من قيمة أبوية تتعاطى مع اجلسد األنثوي وغير‬ ‫بالعنف املمارس خالل االعتقاالت األخيرة‪ ،‬متاما كما أثبت زعماء‬
‫احملدد جندريا كموضوع دوني‪.‬‬ ‫هذا النظام أبو ّيتهم من خالل تشويه القوانني والتعتيم على القضايا‬
‫الرفيقات واملناضالت يف مصر قد ذقن املرار يف مواجهة العنف‬ ‫النسوية وجتاهلها‪ ،‬كما يف نظام التوريث السياسي‪.‬‬
‫اجلنسي املوجه ضدهن يف املجال العام‪ ،‬ومقارنة التحرش يف لبنان مع‬
‫ذلك احلاصل يف مصر؛ أوالً‪ ،‬يفرغ الوقائع من مضمونها‪ ،‬أي يحولها‬ ‫‪ -4‬يف املظاهرة األخيرة التي شاركت فيها النسويات عبر بلوك واحد‬
‫إلى موضوع للمقارنة‪ ،‬وثانياً‪ ،‬يهدف إلى تسخيف الوقائع يف البلدين‪،‬‬ ‫وحتت عنوان "النظام األبوي قاتل"‪ ،‬هل استقطب البلوك النسوي‬
‫وثالثا‪ ،‬يحول دون ممارسة التضامن مع النساء يف البلدين‪ .‬إن أي رد‬ ‫متظاهرين‪/‬ات من خارج الدائرة النسوية؟ مبعنى آخر‪ ،‬هل ساهمت‬
‫فعل على التحرش يف أي مكان من العالم‪ ،‬يجب أن يقابل عبر التضامن‬ ‫الالفتة بفتح نقاش بهذا اخلصوص مع أشخاص غير ضليعني يف‬
‫مع النساء وفتح سبل مواجهة التحرش‪ ،‬ال التفكير يف أي شكل من‬ ‫النسوية؟‬
‫التحرش احلاصل وإذا كان أكثر أو أقل عنفا من ذلك احلاصل يف‬
‫مكان آخر‪ ،‬أو ما هي أسبابه‪ .‬إن التحرش اجلنسي ال يقارن وال يبرر‪،‬‬ ‫لفت الظهور العلني للبلوك النسوي حتت راية "النظام األبوي قاتل"‬
‫بل يتم التعاطي معه والتفكير به كاستراتيجية ممنهجة‪ .‬من املهم‬ ‫انتباه الكثيرين‪ ،‬واستقطب متظاهرات ومتظاهرين‪ ،‬من بينهن مث ً‬
‫ال‬
‫أيضا أن نفهم أن النظام األبوي ليس نظاما مستقال له بنية مميزة‬ ‫أشخاص قد ال يع ّرفن عن أنفسهن كنسويات لكنهن معنيات مبحاربة‬
‫عن املجتمع‪ ،‬ولكنه نظام قيم وممارسات تعيد تعزيز نفسها من خالل‬ ‫النظام األبوي وعنفه ومتييزه‪ .‬وحصلت أيضا نقاشات مباشرة حول‬
‫السلوكيات واملظاهر الفردية واجلماعية واملجتمعية‪.‬‬ ‫اليافطة معنا يف أوقات متعددة من االعتصام يف ساحة الشهداء‬
‫ويف التظاهرة كان هناك عدد كبير من األشخاص يف مساحة واحدة‪.‬‬ ‫وحلظنا مناقشات جانبية بني أشخاص حني حملوها‪ .‬وقد بدأ البلوك‬
‫لكننا ال نستطيع املقارنة مع مصر ألن التحرش ال يأخذ الشكل ذاته‪،‬‬ ‫النسوي يستقطب العديد من األشخاص اللواتي يردن املشاركة‬
‫ال يف احتفاالت العيد‬‫ويف مصر كان هناك حترش قبل املظاهرات (مث ً‬ ‫يف االعتصامات واالحتجاجات ولم يجدن مكانا مناسبا لهن يف‬
‫واملناسبات الكبيرة)‪ .‬كذلك ال نستطيع أن نحسم بعد إن كان هناك‬ ‫املجموعات التي تشكلت‪.‬‬
‫استراتيجية واضحة ممنهجة ملنع النساء من الوجود يف املساحات‬
‫العامة يف لبنان‪ .‬ثم ال ميكننا اجلزم بأن التحرش حصل فقط يف‬ ‫‪ -5‬هل تلقينت نقدا بسبب طرحكن للخطاب النسوي؟‬
‫أن النساء جئن إلينا للتبليغ عن التحرش‬ ‫حترك واحد‪ .‬ما نعرفه هو ّ‬ ‫متحور النقد من خالل التعامل مع املطالب النسوية كقضايا ثانوية‬
‫يف املظاهرة األخيرة(‪ ٢٠‬أيلول )‪ ،‬لكن من املعقول أن يكون هناك‬ ‫أو فرعية ضمن قضية أكبر‪ ،‬كمطالب ليس لها أي صلة أو عالقة‬
‫حاالت أخرى من التحرش حصلت يف التحركات السابقة‪ .‬أسباب‬ ‫باملطالب االجتماعية واالقتصادية املطروحة من كهرباء أو ماء‬
‫التحرش هي األبوية‪ ،‬وهي حتصل يف األمكنة العامة واخلاصة كل‬ ‫أو نفايات‪ .‬كما ظهر أخيرا الكثير من النقد الساخر على توثيقنا‬
‫يوم وليس يف املظاهرة فقط وال ميكن مقارنتها بالتجربة املصرية‬ ‫لشهادات التحرش التي حصلت خالل املظاهرات‪ ،‬وذلك عبر التهجم‬
‫الختالف الواقعني واختالف طبيعة التح ّرش‪.‬‬ ‫والتشكيك واالستهتار بتجارب النساء‪ ،‬أو الطلب منهن "عدم املبالغة"‬
‫يف اخلتام‪ ،‬نود التأكيد على تضامننا املطلق مع النساء يف مصر‬ ‫يف سرد جتاربهن‪ .‬وقد تصاعد النقد الساخر والرافض لطرح‬
‫ولبنان■‬ ‫اخلطاب النسوي عندما أصبح البلوك النسوي‪ ،‬والوجود النسوي‬
‫ككل‪ ،‬أكثر مرئية وتأثيرا فتحول العديد من املشجعني والداعمني إلى‬
‫* صوت النسوة‪ :‬مجموعة مهتمة بانتاج املعرفة النسوية وبناء حركة نسوية قادرة‬ ‫منتقدين لشرعية اخلطاب ككل‪ ،‬كخطاب مبالغ فيه وثانوي‪ ،‬أو يسبب‬
‫على خلق مساحة لنساء عابرة لألجيال واجلماعات‪ .‬ونحن نؤمن أن النساء قادرات‬ ‫االنشقاق يف صفوف احلراك‪ ،‬حسب قولهم‪.‬‬
‫على خلق مجتمعات أكثر انسانية وعدالة‪ ،‬وأن أدوات الترهيب لن تردع النساء من‬ ‫لكن جتدر اإلشارة إلى أن عملنا وتواجدنا يف املظاهرات ينتج أيضاً‬
‫رفع الصوت واالنخراط يف احلراك الشعبي كشريكات متساويات قادرات على‬
‫التغيير وعلى حتقيق العدالة اجلندرية واالجتماعية‪.‬‬
‫نقداً مهماً هو عبارة عن تساؤالت عن قراءتنا للوضع يف لبنان‪ ،‬هذا‬
‫عدا عن ترحيبنا بكل االقتراحات‪ ٫‬ونعتبر ذلك أمرا إيجابيا لناحية‬
‫تبادل اآلراء والنقاشات النسوية‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫االقصاء‬ ‫خريطة التحرش‬


‫"األخالقي" في‬ ‫تأسف من التناول غير‬
‫الحراك الشعبي‬ ‫المهني من بعض‬
‫وايديولوجيا‬ ‫الجهات اإلعالمية‬
‫الطبقة الحاكمة‬ ‫لجريمة التحرش‬
‫أنطوني ر‪.‬‬ ‫الجنسي‬‬

‫أظهرت السيرورة الثورية اجلارية يف املنطقة‪ ،‬بشكل أكثر وضوحا‬ ‫تأسف مبادرة خريطة التحرش ملا شهدته يف األيام السابقة من التناول‬
‫من قبل‪ ،‬االنقسامات االجتماعية "األخالقية"‪ ،‬التي هي يف جذورها‬ ‫املؤسف واملخزي لبعض وسائل اإلعالم املصرية وبعض الصفحات‬
‫انقسامات مادية‪ ،‬خلقتها الرأسمالية بيننا‪ .‬ومع تزايد حدة احلرب‬ ‫الرسمية وغير الرسمية على وسائل التواصل اإلجتماعي جلرمية‬
‫الطبقية‪ ،‬يزيد‪ ،‬كذلك‪ ،‬اضطهاد وقمع أولئك الذين وضعهم النظام‬ ‫التحرش اجلنسي والتفاعل املجتمعي معها‪ ،‬على سبيل املثال‪ :‬التعليق‬
‫القائم على هامش املجتمع‪ ،‬سياسيا‪ ،‬اقتصاديا واجتماعيا‪ .‬الثورة‬ ‫على احلراك اللبناني بصورة مخلة تلخصت يف تصوير تقارير اخبارية‬
‫املضادة‪ ،‬يف مصر وسوريا خاصة‪ ،‬عززت هذه االنقسامات وأحاطت‬ ‫يف الشارع ونشر أخبار للتعليق فقط على السيدات ومالبسهن‪ ،‬وهو‬
‫نفسها بستار من الدخان‪ :‬هؤالء الـ"شواذ" الذين يسببون خطرا‬ ‫ما ترفضه خريطة التحرش وتهيب باإلعالميني املصريني ضرورة‬
‫أخالقيا‪ ،‬ودينيا‪ ،‬وبالتالي خطرا أمنيا "ينبغي التخلص منه"‪ .‬لذا‬ ‫احترام تقاليد العمل املهني وعدم الترويج جلرمية التحرش اجلنسي‬
‫علينا توخي احلذر من استراتيجية النظام القائم وأجهزته اإلعالمية‬ ‫يف املجتمعات األخرى بدال من املساعدة يف القضاء عليها‪‬.‬‬
‫لتقسيم احلراك والعمال على أسس "أخالقية"‪.‬‬
‫يف مصر‪ ،‬مثال‪ ،‬جاء تقسيم العمل على أساس جنسي‪ ،‬بفعل النظام‬ ‫‫تشدد املبادرة على أن التناول غير ‬املهني‫ جلرمية التحرش اجلنسي‬
‫الرأسمالي نفسه‪ .‬ويتمظهر ذلك أيضا عبر عمليات االغتصاب‬ ‫وتصويره على أنه أمر مثير للضحك أو لإلثارة اجلنسية أو التشجيع‬
‫والتحرش اجلماعي ومحاوالت طرد النساء واملثليني وغير املنضبطني‬ ‫على التحرش اجلنسي مثل استضافة أشخاص غير مختصني‬
‫جندرياً من السيرورة الثورية من قوى الثورة املضادة‪ .‬كذلك يف‬ ‫للتحدث للرأي العام عن جرمية التحرش أمثال املجموعات التي تدعو‬
‫سوريا‪ ،‬حيث‪ ،‬كما يف بقية الدول التي تخوض هذه السيرورة‪ ،‬لم‬ ‫الرجال للتحكم يف مالبس النساء أو معاقبتهن بناء على أشكالهن‪.‬‬
‫تكن هذه الوسائل حكرا على نظام األسد القائم ومت استخدامها‬ ‫على السادة اإلعالميني أن يعلموا أن تأثير تناول جرمية التحرش‬
‫من قوى املعارضة اإلسالمية وغير اإلسالمية‪ ،‬التي قامت بفرض‬ ‫اجلنسي بهذا الشكل يُصعب إيجاد احللول العملية خللق بيئة رافضة‬
‫التعاليم الدينية املتشددة ووصلت إلى ما وصلت إليه من استعباد‬ ‫جلرمية التحرش اجلنسي‪‬.‬‬
‫للنساء وقتل للمثليني وغير املنضبطني جندرياً‪ .‬يف لبنان بدأنا نرى‬
‫هذا النمط عبر تصنيف شباب املناطق املهمشة املعبرين عن غضبهم‬ ‫‫ندعو اإلعالميني املصريني لالرتقاء مبستوى النقاش العام جلرمية‬
‫من النظام القائم كـ"مندسني"‪ ،‬وهو كذلك تصنيف "أخالقي" له أبعاده‬ ‫التحرش اجلنسي وعدم اإلجنرار وراء الدعوات غير ‬املهنية‫ من‬
‫االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية والسياسية‪.‬‬ ‫البعض ونبذ التناول غير ‬املهني‫ وعدم التقليل من التأثير االجتماعي‬
‫يف اآلونة األخيرة‪ ،‬رأينا يف لبنان تزايدا يف العسكرة‪ ،‬إلى جانب‬ ‫والنفسي جلرمية التحرش اجلنسي‪‬.‬‬
‫التعامل البوليسي‪ ،‬األمر الذي أدى إلى تزايد اضطهاد املرأة وغير‬ ‫خريطة التح ّرش هي مبادرة اجتماعية قائمة على التطوع‪ ،‬مهمتها‬
‫املنضبطني جنسانيا وجندريا‪ .‬هذا االضطهاد غير متساو ‪ -‬حيث‬ ‫إشراك كل فئات املجتمع بهدف خلق بيئة رافضة للتحرش اجلنسي‬
‫يستهدف الطبقة العاملة وليس الطبقة احلاكمة‪ ،‬البروليتاريا وليس‬ ‫يف مصر‪ .‬املبادرة تعمل من خالل نهج متكامل يجمع بني تكنولوجيا‬
‫اإلبالغ عبر الرسائل القصيرة (‪ )SMS‬وعبر اخلريطة االلكترونية‪،‬‬
‫األبحاث‪ ،‬وحمالت االتصال‪ ،‬باإلضافة ملئات املتطوعني يف برنامج‬
‫هذا النظام هو ذاته‬ ‫التوعية املجتمعية وبرنامج املدارس واجلامعات اآلمنة يف مختلف‬
‫محافظات اجلمهورية لتشجيع االفراد على الوقوف ضد التحرش‬
‫واالعتداء اجلنسي ■‬
‫الذي تشكل على‬
‫‪ ١‬أيلول ‪ -٢٠١٥‬خريطة التحرش (مصر)‬
‫مبدأ اقصاء النساء وعلى‬
‫قمع جنسانيات وهويات‬
‫جندرية وعلى تخصيص‬
‫أدوار ضيقة للنساء‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫فيه‪ .‬الطبقة التي متلك وسائل اإلنتاج املادي ووسائل تصريفه‪ ،‬لديها‬ ‫البرجوازية‪ ،‬العمال وليس أصحاب امللكية‪ ،‬فضال عن االستهداف‬
‫يف الوقت عينه السيطرة على وسائل االنتاج الذهني‪ .‬باختصار‪ :‬أفكار‬ ‫التاريخي لالجئني ‪ -‬وتخلق وسائل االعالم السائدة الذعر "األخالقي"‬
‫الذين ال ميتلكون وسائل االنتاج الفكري تبقى محصورة فيهم وحدهم‪.‬‬ ‫الذي تستخدمه السلطة لتبرير القمع واالستغالل االقتصادي لهذه‬
‫األفكار املسيطرة ليست أكثر من انعكاس لعالقات السيطرة املادية يف‬ ‫الفئات‪ .‬فوسائل االعالم هذه هي سوط مرئي للطبقة احلاكمة‪.‬‬
‫املجتمع‪ ،‬ليست أكثر من هذه العالقات متمثلة ذهنيا"‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬تكمن أهمية االستثمار باالعالم الثوري البديل والناجت بشكل‬
‫من هنا يظهر أن األيديولوجيا املهيمنة يف كل مجتمع رأسمالي طبقي‬ ‫أساسي بجهد من املتظاهرين أنفسهم‪.‬‬
‫هي أيديولوجيا الطبقة احلاكمة (من الوطنية والذكورية والعنصرية‬ ‫تعيد هذه االنقسامات انتاج نفسها يف احلراك الشعبي الراهن عبر‬
‫وغيرها)‪ ،‬حيث أن الطبقة احلاكمة نفسها التي تستحوذ على املوارد‬ ‫طرق واضحة وضمنية‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬مت طرد امرأة عاملة‪/‬ترانس‬
‫املادية والبشرية (وسائل اإلعالم‪ ،‬الشرطة‪ ،‬اجليش‪ ،‬ويف حالتنا‪،‬‬ ‫(قامت بتحويل جنسها أو جندرها) من الساحة‪ ،‬باإلضافة إلى التحرش‬
‫امليليشيات) تفرض أيديولوجيتها‪ ،‬وكذلك "أخالقها"‪.‬‬ ‫اللفظي واجلسدي مبتظاهرات خالل التحركات الشعبية األخيرة‪.‬‬
‫ضمنيا‪ ،‬تطرح التحركات‪ ،‬حتى اآلن‪ ،‬موضوع الوطنية اللبنانية بشكل‬
‫ما العمل؟‬ ‫إقصائي‪ ،‬لشرائح سكانية متضررة من النظام اللبناني‪ ،‬كالالجئني‬
‫السوريني والفلسطينيني وعامالت املنازل وسواهم‪ .‬أو عبر خطاب‬
‫التضامن الطبقي هو املسار الوحيد للتغيير اجلذري والثوري يف‬ ‫مباشر يعتبر أن "احلراك يوحد اللبنانيني"‪.‬‬
‫املجتمع‪ ،‬ويتم ذلك عبر التضامن ما بني العمال اللبنانيني وغير‬ ‫خالل حتركات آب‪/‬أيلول ‪ ،2015‬التي أعادت ساحة رياض الصلح‬
‫اللبنانيني‪ ،‬الذكور واإلناث‪ ،‬وبني املنضبطني وغير املنضبطني جنسيا‬ ‫وشارع املصارف إلى الشعب اللبناني‪ ،‬رأينا كذلك مناهضة لبعض هذه‬
‫وجندريا‪ .‬لذلك‪ ،‬تكمن أهمية طرح إشكاليات الذكورية‪ ،‬والعنصرية‪،‬‬ ‫التقسيمات‪ ،‬خالل الهتافات والشعارات ضد الذكورية أو مناهضة‬
‫والوطنية‪ ،‬ومختلف أنواع التمييز التي تُست َغل لتفريق الطبقة العاملة‬ ‫هتافات مثل "لوطي! لوطي!"‪ ،‬باإلضافة إلى تشكيل بلوك نسوي يف‬
‫واملنتفضة‪ .‬على حد قول روزا لوكسمبورغ (‪" :)1912‬الطبقة البرجوازية‬ ‫املسيرات حتت شعار "النظام األبوي قاتل!"‪ .‬وكذلك سجلت مشاركة‬
‫تدافع بتعصب وشراسة عن استغالل واستعباد الطبقة العاملة التي‬ ‫واضحة ألشخاص غير منضبطني جنسيا وجندريا‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تتلقى بطريقة غير مباشرة معاني وجودها االجتماعي غير املجدي" ■‬ ‫بعض الناشطني السوريني أو الفلسطينيني بشكل منظم أو كجزء من‬
‫املجموعات والتحالفات املتحركة مساهمني يف مناهضة الشعارات‬
‫والهتافات االقصائية على أساس عنصري‪ .‬لذلك‪ ،‬علينا صرف جهد‬
‫أكثر‪ ،‬لتوسيع هذا النوع من التنظيمات وتفكيك التفكير واخلطاب‬
‫الـ"أخالقي" حسب النماذج املفروضة من فوق‪.‬‬
‫من يقف وراء هذه االنقسامات "األخالقية"؟ كتب ماركس وإجنلز‪ ،‬يف‬
‫األيديولوجيا األملانية‪:)1846 -184٥( ،‬‬
‫"إن افكار الطبقة احلاكمة هي األفكار املسيطرة يف كل العصور‪ ،‬أي أن‬
‫الطبقة املتحكمة ماديا يف املجتمع هي نفسها الطبقة املتحكمة فكريا‬
‫‪14‬‬

‫إنتخابات طالبية دميقراطية‪ ،‬وعدم وجود بنية بحثية‪-‬منتجة للجامعة‪،‬‬


‫ومحاولة زيادة األقساط‪ ،‬واالرتفاع يف أسعار الكتب‪ ،‬وقمع أي حركة‬ ‫الطالب‬
‫مستقلة عن األحزاب املسيطرة‪ ،‬وتزايد يف نسبة العاطلني عن العمل‬
‫من املتخ ّرجني‪ ،‬إلخ‪ .‬ك ّل تلك املشاكل جتعل من طالب اجلامعة اللبنانية‬
‫نبض‬
‫يف كل الفروع‪ ،‬ضحايا املنظومة القائمة‪ ،‬لذلك كان تعبيرهم عن رفض‬
‫هذا الواقع األكثر راديكال ّية يف احلراك‪ ،‬إ ّما عبر الهتافات أو خالل‬
‫"الشارع"‬
‫مواجهتهم لقمع القوى األمنية بأجسادهم‪ ،‬مع أبناء طبقتهم الذين أتوا‬ ‫حسني بغدادي‬
‫من أفقر املناطق اللبنانية‪ .‬لكنهم‪ ،‬يف الوقت عينه‪ ،‬يواجهون صعوبات‬
‫تعطل حرك ّيتهم‪ ،‬فهناك ضغط يصل بعض األحيان إلى تهديد‬ ‫ميكن أن ّ‬
‫من قبل التنظيمات الطائفية املسيطرة على اجلامعة ملنع الطالب من‬
‫ينتقلون من غرف املختبرات العلمية اجلامعية إلى ساحات حتقيق‬
‫املشاركة أل ّنها تخشى أن يتح ّرر هؤالء من التبعية‪ ،‬فأي حراك مستق ّل‬
‫ماض بعيد ليجدوا أنفسهم‬ ‫املمكن‪ .‬يهربون من املسرح الذي يع ّبر عن ٍ‬
‫يش ّكل ضربة مباشرة ملصالح تلك التنظيمات‪ .‬لذلك هناك تخ ّوف عند‬ ‫ّ‬
‫يلعبون أدوار حقيقية يف احلاضر‪ .‬يغلقون كتب التاريخ املغطاة بغبار‬
‫املنظمني يف األحزاب املسيطرة على‬ ‫ّ‬ ‫بعض طالب اجلامعة من قدرة‬
‫بأشكال ال تخدم إال املنتجني‬
‫ٍ‬ ‫الطبقة املسيطرة‪ ،‬من أجل صنع تاريخهم‬
‫إعاقة مستقبلهم العلمي والعملي‪ ،‬أو حتى من اعتداءات ميليشياوية‬
‫املعدمني‪ ،‬ال اآللهة وال احل ّكام‪ .‬يغنّون بأصوات رافضة للواقع املقيت‪،‬‬
‫ميكن أن حتصل‪ .‬لكن رغم ذلك‪ ،‬ال يزال الطالب عازمني على‬
‫يرسمون مستقبلهم على جدران املدينة بعد أن شاركوا بإعادة الروح‬
‫ضحى الرفيق فرج اهلل حنني‬ ‫استكمال مهام احلراك الشعبي‪ ،‬فكما ّ‬ ‫إليها‪ .‬يناضلون‪ ،‬رغم السلطة األبو ّية التي تش ّكل عائقا أمام حت ّررهم‪،‬‬
‫يضحون بكل‬‫ّ‬ ‫بحياته من أجل تأسيس اجلامعة اللبنانية‪ ،‬طالبها اليوم‬
‫ض ّد ك ّل ما تق ّدسه العائلة يف املجتمع‪ ،‬من تبعية للزعيم أو للطائفة‬
‫شيء من أجل إسقاط النظام الذي خلق أزمة اجلامعة ذاتها‪.‬‬
‫أو للعشيرة‪ .‬يقاومون‪ ،‬رغم غسيل الدماغ الذي يتلقّونه يف محاضرات‬
‫حداثية عن أهم ّية 'الرأسمالية'‪ ،‬املنظومة التي تنتج ظروف االستغالل‬
‫ملشاركة الطالب أهم ّية على كا ّفة الصعد‪ ،‬لكن الفكرة األبرز هي ّ‬
‫أن‬
‫الطبقي‪ ،‬ويف بعض األحيان‪ :‬أسباب انتحارهم‪ .‬الطالب‪ ،‬بشعاراتهم‬
‫معظمهم من جيل ما بعد احلرب األهل ّية‪ ،‬لذلك الصراع أيضاً يأخذ‬
‫وهتافاتهم املتن ّوعة‪ ،‬بحماسهم ومت ّردهم‪ ،‬باسهاماتهم املكتوبة‬
‫منحى آخر‪ ،‬بني القدمي واجلديد‪ ،‬بني من ذبح وقتل وجزّر حلماية‬
‫واملسموعة واملرئية‪ ،‬هم عصب احلراك الشعبي اليوم‪.‬‬
‫منظومة النهب القائمة وبقي جزءا من السلطة السياسية بعد احلرب‪٫‬‬
‫وبني من يريد أن يقضي على نهج جيل ما قبل احلرب الذي ميارس‬
‫فجر املجتمع بسبب أزمة النفايات‬ ‫منذ األ ّيام األولى للحراك الذي ّ‬
‫حكمه الطبقي لكن بطريقة أكثر 'توافقية'‪ .‬بني من يه ّمه إبقاء اجلامعة‬
‫املرتبطة بفشل سياسات اخلصخصة يف نظام احملاصصات الطائفية‪،‬‬
‫اللبنانية وطالبها يف بؤرة بائسة ملصلحة دكاكني التعليم اجلامعي‬
‫أي نفس السياسات التي ه ّمشت اجلامعة الوطنية والتعليم الرسمي‪،‬‬
‫اخلاص وبني من يريد تطوير التعليم الرسمي وحترير اجلامعة من‬ ‫ّ‬ ‫والطالب من مختلف اجلامعات يشاركون بق ّوة يف عملية التغيير‪ .‬كان‬
‫محتلّيها الفاسدين‪ ،‬بني من يريد تأبيد العالقات العشائرية والطائفية‬
‫واضحا الدور السياسي‪-‬املطلبي الذي أعطوه ألنفسهم‪ ،‬فقد ع ّبروا‬ ‫ً‬
‫لتمرير مشاريع النهب مثل اخلصخصة وغيرها‪ ،‬وبني من يريد بناء‬
‫واملوجه ض ّد سلطة الفساد‪ ،‬إ ّما بشكل فردي‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫عن غضبهم املعقلن‬
‫دولة العدالة االجتماعية واملساواة والعلمانية‪.‬‬
‫عفوي‪ ،‬وإ ّما عبر االنخراط يف مجموعات طالبية مختلفة ذات خبرة‬
‫هذه هي معركة الطالب اليوم‪ .‬هم وحدهم من يقدر‪ ،‬إ ّما على‬
‫يف النضال لتحقيق مطالب جامعية مع ّينة (تخفيض األقساط) أو‬
‫قتل احلراك‪ -‬إذا متوضعوا يف بلوكات طائفية نتيجة الضغوطات‪،‬‬
‫سياسية‪-‬اجتماعية (زيادة أجور املوظفني واألساتذة‪ ،‬رفض التمديد‪،‬‬
‫أو خضعوا لرغبة العائلة "املقدسة" بالتراجع والقيام بدور املشاهد‬
‫املطالبة بقانون انتخابي نسبي)‪ ،‬كالنادي العلماني ونادي السنديانة‬
‫فقط‪ ،-‬وإ ّما على الدفع نحو مراحل أكثر تقدما من الصراع حيث‬ ‫احلمراء يف اجلامعة األميركية ً‬
‫مثل‪ ،‬حيث استطاع الطالب من خالل‬
‫يصبح احلراك بك ّل مك ّوناته يف موقع قادر على انتزاع حقوق الناس من‬
‫هذين اإلطارين تقدمي عقلية تقدم ّية جديدة تساعد احلراك على‬
‫الطبقة احلاكمة بالق ّوة‪ ،‬بعد قطيعة شاملة مع السلطة‪ ،‬وبالتالي تنتقل‬
‫انتاج مشروع ثوري شامل‪ ،‬قائمة على أفكار ومواقف مضا ّدة لكل‬
‫السلطة الفعلية‪ ،‬كما حدث يف أوروبا عام ‪ ،1968‬إلى الشارع املشتعل‪،‬‬
‫أشكال اإلستغالل والقمع يف املجتمع (ذكورية‪ ،‬متييز جنسي…) لطاملا‬
‫وموظفيه ومناضليه وفنانيه■‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بطلبه ومثقفيه ونقابييه وع ّماله‬
‫اعتبرها اليسار التقليدي أفكار "ليبرالية" أو ثانوية ال أهم ّية لها يف‬
‫السيرورة الثورية‪ ،‬وقد استطاع الطالب يف املجموعتني‪ ،‬على الرغم‬
‫من االختالفات األيديولوجية‪-‬السياسية التي تبرز يف النقاشات‬
‫أو عند قضايا مصيرية‪ ،‬أن يعمال كجسم واحد‪/‬متماسك‪/‬متناغم‬
‫يف احلراك‪ .‬حتّى داخل اجلماعة ذاتها‪ ،‬أكثر الندوات والنقاشات‬
‫ينظموها مرتبطة بشكل مباشر مبسار احلراك‬ ‫والتح ّركات التي ّ‬
‫نفسه‪ ،‬ومبواضيع مثل معاجلة أزمة النفايات أو آلية سيطرة املصارف‬
‫على االقتصاد اللبناني‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬املشاركة الطالبية األكبر يف احلراك كانت من نصيب‬
‫طالب اجلامعة اللبنانية‪ ،‬األكثر تع ّرضاً لالضطهاد الطبقي يف لبنان‪،‬‬
‫حيث يأتي معظمهم من بيئة اجتماعية فقيرة‪ ،‬ليدخلوا إلى مكان‬
‫مي ّثل صورة مصغّرة عن كيفية إدارة جهاز الدولة للمؤسسات واملجتمع‬
‫على قاعدة التقسيمات الطائفية‪ ،‬ليروا بأعينهم‪ ،‬ال بل يختبرون‬
‫تلك العالقات الزبائنية التي تربط الطالب منذ تسجيله حتّى حلظة‬
‫معي‪ ،‬إضافة إلى غياب‬ ‫تخ ّرجه‪ ،‬بزعيم طائفي أو حزب سلطوي ّ‬
‫‪15‬‬

‫عبثا‬
‫يحاولون‬
‫اطفاءنا‬
‫إسالم اخلطيب‬

‫على القيد ُحريتهم‪ ،‬أوليس رسم احلرية ‪ -‬أي التخطيط لها ‪ -‬بداية‬ ‫تالحظ‪/‬ين الفرق‪ ،‬تالحظ‪/‬ين متسك البعض بانتمائه احلزبي أكثر‬
‫لهدم من حرمها؟‬ ‫فأكثر وتخلي آخرين عنه بشكل تدريجي‪ .‬تسمع‪/‬ين طالبا يخبر‬
‫إن انتفاضة طالب وطالبات اجلامعة اللبنانية كفيلة بإحداث‬ ‫أصدقاءه بصوت عال عن جتربته يف احلراك‪ .‬هو نفسه الذي كان يف‬
‫ارجتاجات تهد املنظومة الطائفية كلها‪ .‬فاجلامعة اللبنانية حتضن‬ ‫العام املاضي ال يستطيع مناقشة أي موضوع "سياسي" مع مجموعته‬
‫كل ضحايا النظام‪ :‬حتضن ابن‪/‬ة العاملة البروليتارية‪ .‬حتضن كل‬ ‫إال بصوت خافت‪ ،‬ال يستطيع ذكر اسم أي زعيم إال بعد أن يتلفت‬
‫من فرض عليه‪/‬ا نظام النهب والتفقير اللجوء إلى اﻷحزاب لتأمني‬ ‫حوله ليتأكد أن ال أحد يراقبه‪ .‬هو نفسه كان يوم بداية العام اجلامعي‬
‫الطبابة واملسكن‪ .‬حتضن الالجئني‪/‬ت الذين أرهقت نفوسهم من‬ ‫اجلديد يف كلية احلقوق والعلوم السياسية ال يكاد أن ينطق اسم زعيم‬
‫اخلطابات العنصرية واالنتهاكات اليومية‪ .‬حتضن الطبقة اﻷكثر‬ ‫ما حتى تلحق به كلمة "فاسد"‪.‬‬
‫عرضة للتحقير والتهميش‪.‬‬ ‫وهنا أتساءل كيف ميكن حلراك كهذا أن يحدث تغييرا جذريا يف حياة‬
‫إذا كان احلراك قد علمنا شيئا كطالب وطالبات اجلامعة اللبنانية‪،‬‬ ‫كل طالب يف هذا احلرم اجلامعي؟‬
‫فهو أن ال نرضخ لتناقضاتنا بعد اﻵن‪ ،‬وأن نقف بوجه كل من قسم‪،‬‬ ‫اجلواب واضح‪ .‬كيف ميكن لطالب وطالبات اجلامعة اللبنانية أن‬
‫وما زال‪ ،‬اجلامعة الرسمية الوحيدة إلى ساحات معارك بني اﻷحزاب‪،‬‬ ‫ال يطالبوا بانتخابات طالبية؟ كيف ميكن لطالب وطالبات اجلامعة‬
‫وبالتالي أن نرفض سياسات التدجني والتدريب على الطاعة املتبعة‬ ‫اللبنانية أن ال يحاسبوا كل من نهب جيوبهم‪/‬ن بحجة مشاريع تنموية‬
‫من قبل الطبقة احلاكمة‪ .‬هل ميكن ملن غضب ومترد أن يرضخ من‬ ‫لم ينفذ منها شيئا بعد؟ كيف ميكن لطالب وطالبات اجلامعة اللبنانية‬
‫جديد؟ محال أن تستعيد الطبقة احلاكمة سيطرتها التامة علينا‪.‬‬ ‫أن ال يطالبوا بتطبيق نظام الـ‪ LMD‬الذي ما زال حتى يومنا هذا‬
‫نحن النور الذي يُضيء كل دياجير عتمتهم الرجعية‪ ،‬عبثا يحاولون‬ ‫مجرد حبر على ورق؟ كيف ميكن أن ال يطالبوا بتعيني الدكاترة‬
‫اطفاءه ■‬ ‫واملوظفني على أساس الكفاءة واجلدارة ال على حسب احملسوبيات‬
‫الطائفية؟ كيف ميكن أن ال يرفعوا سقف مطالبهم عاليا وأن ال‬
‫يطالبوا باسقاط النظام الطائفي الذي جعل من اجلامعة اللبنانية‬
‫ضحية أخرى للمحاصصات الطائفية؟ كيف ميكنهم أن ينزلوا إلى‬
‫الشارع للمطالبة مبحاسبة احلكام وانتخابات نيابية جديدة دون أن‬
‫يطالبوا بكل ما ذكر؟‬
‫هذا التناقض لم يعد ممكنا بعد اﻵن‪ .‬فإن مبدأ "إمشي جنب احليط‬
‫وقول السترة" واخلوف الذي لطاملا اجتاح عقول الطالب والطالبات‬
‫بدأ بالتفكك‪.‬‬
‫وعلينا أن نعي "خطورة" هذا اﻷمر‪ ،‬فالطبقة احلاكمة لطاملا بثت‬
‫وعيها الزائف وأسقطت إيديولوجيتها على الطبقة العاملة من خالل‬
‫اجلامعة واملدارس الرسمية ومؤسساتها اﻹعالمية‪ ،‬ولطاملا ربطت‬
‫القيود حول أعناق وأيدي الطالب‪ ،‬ونحن اﻵن نرى هؤالء ينحتون‬
‫‪16‬‬

‫عن العالقة‬
‫المستجدة‬
‫بين الجامعة‬
‫والشارع‬
‫إياد ريا‬

‫ال عودة من الشارع‪ .‬الصورة ليست مثالية‪ ،‬واحلركة الطالبية تبقى‬ ‫ماض حافل باحلركات الطالبية ونضالها الف ّعال ضمن‬ ‫ٍ‬ ‫رغم‬
‫بعض من‬
‫تنازع بني االصطفافات الطائفية‪ ،‬لكن االمتياز اجلديد هو ٌ‬ ‫اجلامعات وخارجها‪ ،‬إال أن احلاضر يشهد أن هذه الصورة تغ ّيرت‬
‫املمارسة‪ ،‬وهذا ينعكس بشكل إيجابي يف اجلسم الطالبي وقد يشكل‬ ‫جذرياً‪ .‬األحزاب بتعددها الطائفي باتت هي هي الطالب‪ .‬رغم‬
‫خرقاً يف املعادالت القائمة‪.‬‬ ‫محاوالت محدودة يف جامعات متعددة لتشكيل مجموعات طالبية‬
‫بعيدة عن أحزاب السلطة إال أن املشهد اجلامعي العام بات يعكس‬
‫كثيراً ما يستحوذ موضوع الطالب اهتماماً خاصاً‪ ،‬والربط بني الشباب‬ ‫الكل اإلجتماعي بكل تعقيداته‪ .‬محدودية اجلهود الطالبية تنعكس‬
‫والطالب تلقائي‪ ،‬ومما ال ريب فيه أن زخم احلراك هو الشباب‪ .‬كثر‬ ‫ال سياسياً وعجزاً يف حماية حقوق الطالب مبا يشمل األقساط‬ ‫شل ً‬
‫هم الذين شكل لهم احلراك جتربتهم األولى وبها تل ّمسوا دور الدولة‬ ‫والقوانني اجلائرة بشكل عام‪ .‬هذا الواقع وإن كان أش ّد يف اجلامعة‬
‫كأداة حتمي النظام ويف املقابل قدرة اجلماعة‪ ،‬تلك التي تشكلت يف‬ ‫الرسمية حيث ألحزاب السلطة كلمة الفصل‪ ،‬إال أن األمر مياثله من‬
‫الشارع‪ ،‬على املواجهة والضغط‪ .‬اخلوف لدى طالب يف حراكه داخل‬ ‫ناحية األفق يف اجلامعات اخلاصة‪.‬‬
‫اجلامعة محدود بالفصل (هذا اذا استثنينا اجلامعات حيث تسيطر‬
‫أحزاب السلطة باحلديد والنار)‪ ،‬أما يف الشارع فاخلوف أكبر وكذلك‬ ‫لطاملا تشكلت مجموعات طالبية بديلة على هامش هيمنة أحزاب‬
‫الغضب‪ .‬حني يعود الطالب إلى حرمه لن يكون احتكاكه بالسلطة‬ ‫السلطة‪ .‬هي هامشية يف متثيلها للطالب‪ ،‬لكنها تقوم بالعمل‬
‫املفروضة ُمحدداً بالشروط التي كانت سابقاً ثابتة‪ .‬مفهوم "اجلماعة"‬ ‫الطالبي بأكمله من مواجهة األقساط املتزايدة إلى ربط اجلامعة‬
‫كقوة دفع فعلي نحو التغيير استُحدث ومفهوم "املواجهة" بات مادياً‪.‬‬ ‫بالسياق املجتمعي األوسع عبر محاوالتها تخطي أسوار اجلامعة‪.‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬للطالب وقدرتهم على املواجهة انعكاس إلى خارج اجلامعة‬ ‫هذه املجموعات بانت يف احلراك الشعبي األخير واملستمر إلى‬
‫حيث اجلميع يجهد باملواجهة واحملافظة على زخم الشارع‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬ومن أبرزها ناديي السنديانة احلمراء والعلماني يف اجلامعة‬
‫األميركية يف بيروت ومجموعة راديكال يف اجلامعة اللبنانية‪ .‬ظهرت‬
‫اجلامعة بطبيعة تكوينها وبفعل العالقات املباشرة بني الطالب هي‬ ‫هذه املجموعات إن عبر املشاركة يف التحركات اإلحتجاجية أم يف‬
‫مكان مناسب لكسر التأطير الطائفي والعنصري‪ .‬وأما االحتكاك مع‬ ‫التشبيك مع مجموعات أوسع من خارج اجلامعة حيث تطمح للعب‬
‫الشارع بكافة مكوناته فهو إدراك لالمتيازات وابتعاد عن فوقية قد‬ ‫دور أكثر فاعلية‪ ،‬قاطع ًة بذلك املسافة الوهمية بني اجلامعة والشارع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫يحملها الطالب على الشارع أو حتى استشراق جتاه "الفقراء غير‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫االصطدام بالشارع وجديته يشكل مدخال جديدا للطالب إن كأفراد‬
‫املرئيني"‪ .‬للطالب يف احلراك فع ٌل ومسؤولية‪ .‬اجلامعات كمساحات‬ ‫أو كمجموعات‪ .‬كما خرج الشارع عن فولكلورية التظاهر السلبي‪،‬‬
‫للعلم واملعرفة ‪ -‬وإن ال تخرج باملجمل عن ثقافة السائد ‪ -‬أرضية‬ ‫ينعكس هذا الواقع اجلديد على احلركة الطالبية‪ .‬قد يكون نعتها‬
‫جاهزة إلدخال النقاش النقدي فيما يخص احلراك كضرورة ألي‬ ‫بـ"حركة" همساً إال أن مقومات تفعيلها أو قل إنشائها بدأت تتشكل‪.‬‬
‫تغيير‪ .‬يبقى للحركة الطالبية املسؤولية يف تفعيل هذا النقاش وفرض‬ ‫قد يكون الطالب إلى اآلن لم يُدخلوا احلراك إلى جامعاتهم‪ ،‬لكنهم‬
‫احلراك كواقع يشمل اجلامعة ومرتاديها ال كحالة اجتماعية تُد ّرس‬ ‫يتلمسون نبض الشارع ويشعرون بنضوج مشهد لطاملا بدا نظرياً‪،‬‬
‫وال ُتارس‪ .‬للطالب القدرة على دفع النقاش إلى خواتيمه والتي‬ ‫مشهد ترابط احلركة الطالبية مع احلركة االجتماعية األوسع‪ ،‬وال بد‬
‫تُش ّرع أبواب اجلامعات على الشارع‪ ،‬فيغدو احلرم تالمساً مع النظرية‬ ‫من أن يتسلل بعض ذاك الزخم إلى داخل أسوار اجلامعة‪ .‬إلى جانب‬
‫إمنا من موقع الشارع وألجله ■‬ ‫ذلك‪ ،‬ما يتم تكوينه أيضاً هو وعي سياسي مادي بفعل االحتكاك مع‬
‫الواقع بعيداً عن رفاهية الالموقف أو حتى سذاجة املوقف‪ ،‬وبهذا‬
‫‪17‬‬

‫ريد"‪:‬‬
‫عب يُ ْ‬ ‫ّ‬
‫"الش ُ‬
‫علمانية‪،‬‬
‫مساواة‪ ،‬عدالة‬
‫اجتماعية‬

‫مختلف الطبقات واملناطق على الرغم من استماتة النظام لتشويه‬ ‫نعود مجدداً الى الشوارع والساحات العامة التي سلبتنا اياها السلطة‪.‬‬
‫حتركاتنا واخراجنا منها بالق ّوة والعنف‪.‬‬ ‫نعود لنستعيدها ونح ّررها بفعل حت ّركاتنا وحراكنا واحتجاجاتنا‬
‫وحناجرنا من أنظمة اخلصخصة ورأس املال والشركات اململوكة من‬
‫وان كان النظام ميتلك أدوات املال واالعالم وامليليشيات‪ ،‬ويضع يده‬ ‫رؤوس النظام‪ ،‬الذين يط ّوعون القانون والقوى األمنية والعسكرية‬
‫بطريقة غير شرعية على مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية‬ ‫لسلب املال العام وحماية مصاحلهم‪ .‬فمحاوالت السلطة لطمرنا‬
‫والقضائية والعسكرية واألمنية‪ ،‬فان طريق حت ّررنا وكسب معركتنا‬ ‫وحدت احلراك الشعبي من اجلنوب الى‬ ‫بنفايات فسادها ونهبها ّ‬
‫يكون من خالل تنظيم أنفسنا يف أطر غير اقصائية وغير متييزية‪،‬‬ ‫الشمال‪ ،‬مروراً ببيروت والبقاع وجبل لبنان‪ ،‬معيد ًة الينا األمل بقدرتنا‬
‫نناضل من خاللها من أجل دولة علمانية‪ ،‬مدنية قائمة على العدالة‬ ‫يتوسل زرع احلواجز‬‫ّ‬ ‫على صنع التغيير رغماً عن أنف النظام الذي‬
‫االقتصادية واالجتماعية واملساواة‪ ،‬تكون فيها السلطة والثروة ملك‬ ‫الطائفية واملناطقية والعنصرية لبث التفرقة بيننا وتعزيز سطوته‪.‬‬
‫حلفنة من الفاسدين ومجرمي احلرب‪.‬‬‫ٍ‬ ‫للشعب وليس‬
‫ان حراكنا الذي أطلقت شرارته كارثة النفايات التي خنقتنا حرفياَ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ومجموعات يف اطار مجموعة‬ ‫ويف ضوء هذا الواقع‪ ،‬نتج ّمع أفراداً‬ ‫ٍ‬
‫بسرعة ليطال مختلف أزماتنا احلياتية التي أنتجها هذا‬ ‫أخذ ميت ّد‬
‫"الشعب يريد" لتصعيد احلراك النضالي والثوري يف مواجهة النظام‬ ‫النظام طيلة عقود من الزمن‪ .‬بات حراكنا يحمل عناوين حقوقنا‬
‫سياسي يرتكز على مطالب الشارع‪ .‬وتهدف‬ ‫ٍ‬ ‫بديل‬
‫ٍ‬ ‫القائم‪ ،‬وبلورة‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والسياسية كاحلق يف االستشفاء والتأمني‬
‫حركتنا الى بناء حراك طويل الن َفس واألمد‪ ،‬يعتمد استراتيجية‬ ‫الصحي وأجور عادلة‪ ،‬وقوانني أحوال شخصية مدنية تضمن احلريات‬
‫اسقاط النظام القائم ومؤسساته الفاسدة والطائفية ومصاحله‬ ‫الشخصية‪ ،‬وفرص عمل وكهرباء وماء وسكن وتعليم كرمية‪ ،‬وقانون‬
‫الطبقية‪ ،‬بالتعاون املستمر مع مختلف املجموعات التي تشاركنا الرؤية‬ ‫انتخاب دميوقراطي خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية‪،‬‬
‫والنضال‪ ،‬من أجل تكوين نظام بديل من قلب مجتمعنا ■‬ ‫واحلق بالتعبير عن الرأي واملشاركة يف صناعة القرار السياسي من‬
‫دون قمع أمني ومالحقة واعتقال تعسفي‪ .‬األزمة ليست مجموعة‬
‫ملفات منفصلة‪ ،‬بل هي أزمة نظام‪.‬‬

‫وعلى الرغم من ارهاب السلطة واشهارها أدواتها البوليسية واألمنية‬


‫لالعتداء على املتظاهرين‪/‬ات مستخدم ًة القمع املمنهج واالعتقاالت‬
‫التعسفية منذ ‪ 22‬آب املاضي‪ ،‬لم نرتدع ولم نخف ولم نتراجع‪ .‬لقد‬
‫ّ‬
‫اشت ّدت عزميتنا لنستم ّر يف حراكنا التغييري الثوري‪ ،‬ويف فضح خوف‬
‫النظام وتخ ّبطه أمام انتفاضتنا‪ .‬لقد جنحنا حتى اللحظة يف احراج‬
‫النظام واخافته‪ ،‬ويف استقطاب املزيد من الناس الى حراكنا‪ ،‬ويف‬
‫رفع مستوى التنظيم الداخلي بيننا‪ ،‬ويف فضح االعالم املتواطئ مع‬
‫السلطة‪ ،‬ويف الصمود يف الشارع‪ .‬كذلك متكنّا يف وقت قصير من‬
‫استعادة املكان العام الذي منعتنا عنه سياسات النظام الرأسمالية‬
‫صخصة واألمنية‪ ،‬ففتحنا ساحات وسط بيروت وعدنا اليها من‬ ‫املخ َ‬
‫َ‬
‫‪18‬‬

‫اإلعالم‬
‫البديل في‬
‫مواجهة آلة‬
‫القمع‬
‫محمد زبيب‬

‫التواصل االجتماعي ويفرض على من يالحقهم توقيع تعهدات "باطلة"‬ ‫يعتقد الكثير من الناس أننا نقيم يف دولة متيل إلى أن تكون "بوليسية"‪،‬‬
‫تق ّيد حرية الرأي والتعبير والنشر‪ ... ،‬الخ‪.‬‬ ‫تستبيح خصوصياتنا وحرياتنا الشخصية وال حتترم حقوقنا وحرياتنا‬
‫يف التجربة الشخصية‪ ،‬ميكنني القول أن أكبر عدد من التحذيرات‪،‬‬ ‫العامة‪ .‬قد ال يكون وصف "الدولة البوليسية" يف لبنان دقيقا‬
‫التي تلقيتها منذ استدعائي إلى النيابة العا ّمة التمييزية بعد نشر‬ ‫باالستناد إلى قواميس املصطلحات ومعاييرها‪ ،‬وال سيما أن الدولة‬
‫صورة شيك يربط وزير الداخلية نهاد املشنوق بفضيحة بنك املدينة‬ ‫هنا ال حتتكر وحدها العنف‪ ،‬وهي خاضعة يف إدارتها للشأن العام‬
‫الشهيرة‪ ،‬يتعلق بالتنصت‪ ،‬كأن حصوله بديهيا‪ .‬وثم املخاوف من‬ ‫الى تنظيمات دون مرتبتها‪ ،‬طائفية‪ -‬حزبية وطبقية‪ .‬ولكن ردود فعل‬
‫السجن‪ ،‬باعتبار أن ذلك ميكن أن يحصل تعسفيا أو عبر حكم قاض‬ ‫الناس وتعبيراتهم جتعل من هذا الوصف معبرا عن جتارب واقعية‬
‫غير نزيه‪ .‬وبعدهما تأتي نصائح "عدم الذهاب بعيدا"‪ ،‬ألن يف ذهن‬ ‫ميرون بها وال يعكسها اإلعالم بصورة كافية أو واضحة‪ ،‬بل يتجاهلها‬
‫الناس أن املنظومة القائمة قادرة أيضا على ممارسة البلطجة من‬ ‫أحيانا كثيرة جتاهال تاما‪ ،‬أو يبررها‪ ،‬تبعا ملصالح املسيطرين عليه‬
‫التلفيق حتى األذية اجلسدية‪.‬‬ ‫وتهديدات النافذين وإرضاء ملصادر التمويل واخلوف من العقاب‪.‬‬
‫يربط البعض هذه احلالة "البوليسية" بالفساد املستشري‪ ،‬باعتبار أن‬ ‫ال تنحصر هذه التجارب مبا تواجهه احلركة االحتجاجية اجلارية من‬
‫اصحاب النفوذ‪ ،‬سواء كانوا زعماء أو اثرياء أو عصابات أو رجال دين‬ ‫ممارسات قمعية موصوفة تهدف إلى وأدها ومنع تطورها‪ ،‬بل هي‬
‫أو وزراء أو نواب أو ضباط أو قضاة أو موظفني عامني أو مسؤولني‬ ‫جتارب يومية حتصل هنا وهناك يف أماكن العيش والعمل وعلى ما‬
‫حزبيني‪ ...‬ميتلكون قوة الدولة ويستخدموها على هواهم ويف‬ ‫تبقى من احليز العام واملشترك‪ ،‬من دون أن تثير ر ّدات فعل تتناسب‬
‫خدمتهم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬هم يسيطرون على القضاء وأجهزة إنفاذ القانون‬ ‫معها‪.‬‬
‫واالعالم‪ .‬يعينون األتباع يف املواقع الرئيسة أو عبر شراء الذمم وبيع‬ ‫هناك‪ ،‬مثال‪ ،‬مئات املعتقلني واملعتقالت يف السجون من دون محاكمات‪.‬‬
‫الوالءات أو عبر اإلخضاع‪ ،‬وميارسون من خالل ذلك سلطة حاسمة‬ ‫وتقوم أجهزة إنفاذ القانون مبمارسات تعسفية موصوفة بحق األفراد‬
‫خارجة على القانون‪ .‬ولكن هذه احلالة كما هي قائمة تبدو أكثر من‬ ‫غير اخلاضعني حلماية قانونية خاصة أو حلماية الزعماء وقوى األمر‬
‫حالة فساد‪ .‬ال شك أن الفساد شرط أساس لها ولكنه غير كاف‪ .‬ففي‬ ‫الواقع ومراكز النفوذ‪ .‬وتوجد أدلة كثيرة على انتهاج التعذيب خالل‬
‫لبنان‪ ،‬كما يف الكثير من الدول التي تصف نفسها أنها "ليبرالية"‪،‬‬ ‫التحقيق ويف السجون وامتهان الكرامة الشخصية للموقوفني والتع ّرض‬
‫تقوم أمناط مختلفة من القمع االجتماعي املقنّع‪ ،‬بهدف مكافحة‬ ‫خلصوصياتهم وإجبارهم على إجراء الفحوص الشرجية أو فحوص‬
‫أي تهديد‪ ،‬مهما كان‪ ،‬ملصالح الطبقة احلاكمة ودميومة حكمها‪ .‬هو‬ ‫املخدرات‪ .‬ويخشى املتضررون واملتضررات من اللجوء إلى القضاء‬
‫موجها‬
‫ّ‬ ‫قمع أيديولوجي بالدرجة األولى‪ ،‬ولذلك ال يكون معمما بل‬ ‫لتحصيل حقوقهم خوفا من االنتقام‪ .‬وتخضع األعمال الفنية لرقابة‬
‫ومدعوما بآلة ثقافية وإعالمية شديدة التأثير‪.‬‬ ‫مسبقة يتوالها جهاز أمني‪ ،‬ويق ّيد حق التجمع بالترخيص املسبق‪ ،‬ال‬
‫يلعب اإلعالم دورا مهما يف عمل هذه اآللة‪ .‬ال يتولى التبرير فحسب‪،‬‬ ‫سيما حق التنظيم النقابي واالنضمام إلى النقابات‪ .‬وتترسخ قناعة‬
‫بل التمهيد للقمع أيضا‪ .‬لعل بث الكراهية والعنصرية ورهاب املثلية‬ ‫عامة أن حرية التخابر غير مصانة واخلصوصية غير محترمة‪ ،‬فما‬
‫والتحريض املذهبي ومناهضة النسوية واحتقار الفقراء ووصمهم‬ ‫زالت داتا االتصاالت تُسلّم كاملة إلى احملكمة الدولية وأجهزة امنية‬
‫بالعار والعنف واإلجرام وتعاطي املخدرات وتسخيف الطبقية وشيطنة‬ ‫محلية‪ .‬ويعمل جهاز مشكوك بشرعيته‪ ،‬حتت مس ّمى "مكتب مكافحة‬
‫اليسارية وتصويرها من عالم آخر غريب‪ ،...‬كلها أمثلة عن وظيفة‬ ‫جرائم املعلوماتية"‪ ،‬على مراقبة النشاطات على االنترنت وشبكات‬
‫‪19‬‬

‫حرية الصحافة وعبر توفير الدعم الكامل لكاشفي الفساد وأصحاب‬ ‫اإلعالم يف جعل ممارسة القمع االجتماعي أمرا عابرا‪ ،‬أو مطلبا عاما‬
‫الرأي املعرضني واملعرضات للمالحقات القضائية‪ .‬وثالثا‪ :‬عبر دعوة‬ ‫متاما كمطلب القضاء على "عبدة الشيطان"‪ ،‬الذي تتخصص به وزارة‬
‫الصحافيني والصحافيات لالنخراط أكثر يف احلركة وخلق وسائل‬ ‫الداخلية بني احلني واآلخر لتعيد من خالله جتنيد األسر يف ضبط‬
‫إعالم بديلة ال تتطلب إدارتها أكالفا مالية باهظة‪.‬‬ ‫أوالدها وبناتها واحلد من "انحراف" الشباب والشابات نحو حتدي‬
‫تشير التقديرات املقبولة إلى أن ‪ 60٪‬من املقيمني يف لبنان يستخدمون‬ ‫قواعد االنتظام العام واأليديولوجيا املسيطرة‪.‬‬
‫االنترنت‪ 90٪ .‬منهم يستخدمونه يوميا‪ ،‬و‪ 75٪‬منهم يستخدمون‬ ‫على الرغم من االستثناءات احملدودة (املؤسسة اللبنانية لالرسال‬
‫شبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬وال سيما الفايسبوك وتويتر‪ .‬ويوجد‬ ‫واجلديد) ألسباب ليس هنا مجال التطرق إليها‪ ،‬لعب اإلعالم دوره‬
‫يف لبنان نحو ‪ 2.5‬مليون اشتراك يف خدمات اجليل الثالث (والرابع)‬ ‫يف التمهيد لقمع احلركة االحتجاجية اجلارية‪ ،‬من إشاعة وجود‬
‫على الهواتف اخللوية‪ ،‬قسم كبير منهم يستخدم الواتسآب وتطبيقات‬ ‫"املندسني" و"املشاغبني" إلى ربط بعض الناشطني والناشطات‬
‫االتصال األخرى باإلضافة إلى شبكات التواصل االجتماعي املعروفة‬ ‫بالسفارات واألجندات االجنبية مرورا بتمويالت "الدولة العربية‬
‫وتطبيقات األخبار‪ .‬مبعنى ما‪ ،‬يوفر االنترنت فرصا ثمينة جدا الزدهار‬ ‫الصغيرة" وأهداف "الشيوعيني املنقرضني"‪ .‬إال أن األهم أن اإلعالم‬
‫إعالم بديل‪ .‬إال أن شروط حتقق هذه الفرص كثيرة‪ ،‬أهمها (رمبا)‪:‬‬ ‫(من دون استثناءات) أ ّدى وظيفة سلبية بتحويل احلركة االحتجاجية‬
‫استخدام احلركة االحتجاجية نفسها لفرض مقاربة مختلفة يف مجال‬ ‫من برنامج مطالب اجتماعية إلى برنامج "تلفزيون الواقع"‪ .‬حتى‬
‫حماية "حرية إبداء الرأي قوالً وكتابة وحرية الطباعة وحرية االجتماع‬ ‫فصول القمع واستخدام العنف واالعتقاالت العشوائية التعسفية‬
‫وحرية تأليف اجلمعيات"‪ ،‬التي كفلتها املادة ‪ 13‬من الدستور كلها‪،‬‬ ‫وممارسة التعذيب واإلهانة للكرامة الشخصية ومالحقة املتظاهرين‬
‫وإمنا "ضمن دائرة القانون"‪ .‬يبدو الوقت مناسبا للعمل من أجل انتزاع‬ ‫واملتظاهرات لم تخرج عن كونها مشاهد تنطوي على تطورات درامية‬
‫حق مستخدمي االنترنت باحلماية من املالحقة األمنية أو القضائية‬ ‫كما يف االفالم‪ .‬ال يكفي البث املباشر وتخصيص صفحات ع ّدة يف‬
‫عند تداولهم األخبار واملعلومات والوثائق واآلراء واألفكار‪ ،‬أقلّه التي‬ ‫الصحف واملجالت كي يكون اإلعالم ايجابيا‪ .‬احملتوى هو األساس‪،‬‬
‫تتناول شأنا عاما أو شخصا عاما‪.‬‬ ‫وهذا ما افتقدته احلركة االحتجاجية حتى اآلن يف عالقة اإلعالم‬
‫وللحديث تتمة ■‬ ‫معها‪ ،‬وهذا ما استفادت منه الطبقة احلاكمة على الرغم من توترها‬
‫وخوفها من خروج األمور عن سيطرتها‪.‬‬
‫ال يوجد يف لبنان وسائل إعالم مستقلة‪ ،‬واحلرية الصحافية‪ ،‬كجزء‬
‫من احلريات العا ّمة‪ ،‬مق ّيدة بالقانون‪ .‬إال أن احلركة االحتجاجية‪،‬‬
‫أو أي حركة‪ ،‬حتتاج إلى اإلعالم كي تتمكن من الوصول إلى الناس‬
‫ومواجهة أيديولوجيا الطبقة احلاكمة وفضحها وتدميرها‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫تبدو ساحة اإلعالم ساحة مه ّمة ال بد من خوض معاركها من أجل‬
‫حماية احلركة وتق ّدمها نحو حتقيق أهدافها‪ ،‬أوال‪ :‬من خالل السعي‬
‫إلى كسر احتكار وسائل اإلعالم عبر محاولة فرض كسر نظام‬
‫االمتيازات احلصرية‪ .‬وثانيا‪ :‬من خالل االنخراط يف معارك انتزاع‬

‫يلعب اإلعالم دوره في التمهيد لقمع الحركة‬

‫االحتجاجية الجارية‪ ،‬من إشاعة وجود "المندسين"‬

‫و"المشاغبين" إلى ربط بعض الناشطين والناشطات‬

‫بالسفارات واألجندات االجنبية مرورا بتمويالت "الدولة العربية‬

‫الصغيرة" وأهداف "الشيوعيين المنقرضين"‬


‫‪20‬‬

‫الحراك الشعبي‬
‫ومعركة‬
‫توسيع الحيز‬
‫العام‬
‫فرح قبيسي‬

‫وبحقنا به‪ .‬وهذا الطرح ليس بجديد‪ ،‬بل تصاعد يف السنوات األخيرة‬ ‫أحدث تدفق آالف املتظاهرين‪/‬ات خالل شهري آب‪/‬أغسطس وأيلول‪/‬‬
‫على شكل حمالت منظمة مثل "احلملة األهلية للحفاظ على دالية‬ ‫سبتمبر إلى الشوارع إيقاعا جديدا للمدينة‪ ،‬باتت احلياة‪ ،‬ونشرات‬
‫الروشة" و"هذا البحر لي" وغيرهما‪ ،‬وبطرق غير منظمة بل عفوية‬ ‫األخبار ووجوه الناس أقل رتابة‪ ،‬واكتسبت السياسة مع حركتهم رمزية‬
‫متثل بالتحول التدريجي ملنطقتي برج حمود والدورة إلى مكان التقاء‬ ‫ومضامني جديدة‪ ،‬يتعلق جانب منها ببدء معركة توسيع املشاركة يف‬
‫العمال والعامالت من مختلف اجلنسيات‪ ،‬وهذا ما أعتب ُرهُ شكال من‬ ‫صناعة احليز العام‪.‬‬
‫أشكال استعادة احليز العام لفئات مهمشة تاريخيا‪.‬‬ ‫فقد جنح النظام بسياساته االقتصادية واالجتماعية بتفكيك وتفتيت‬
‫أما احلراك الشعبي ففتح هامشا إضافيا يف هذه املعركة‪ .‬وتبلور‬ ‫املساحات املشتركة للنضال التي شكلت سابقا أطرا جامعة ألعداد‬
‫هذا األمر من خالل عدة حتركات منها تعطيل عدادات البارك‬ ‫كبيرة حول مصالح اقتصادية واجتماعية وسياسية‪ .‬فتم على سبيل‬
‫ميتر على طول كورنيش عني املريسة منعا لتحويله إلى مكان إضايف‬ ‫املثال‪ ،‬تطييف وإفراغ ممنهج للمساحات التي انتظم من خاللها العمال‬
‫ملراكمة الربح‪ ،‬ومن خالل توجه املتظاهرين واملتظاهرات الى الدالية‬ ‫والعامالت‪ ،‬والطالب يف اجلامعة اللبنانية وغيرها من اجلامعات‪.‬‬
‫يف الروشة ونزع السياج الشائك عنها مثبتني موقعها كمساحة عامة‬ ‫وليس من املبالغة القول بأن احليز العام‪ -‬أي املساحة التي يخلقها‬
‫بعد وضع مالكي األرض سياجا يف محاولة منهم لتحويلها إلى مكان‬ ‫ويتفاعل معها الناس حول مشاكلهم ومصاحلهم املشتركة واملتعارضة‪-‬‬
‫خاص‪ .‬فتحت إذا هذه املعارك‪ ،‬على محدوديتها‪ ،‬النقاش حول امللكية‬ ‫هو حيز ُمصا َدر من قبل سلطات األمر الواقع‪ ،‬من امليليشيات احلزبية‬
‫اخلاصة واملنفعة العامة وسيطرة األولى على الثانية بشكل يصل إلى‬ ‫الطائفية واملصالح الرأسمالية‪ ،‬التي (أي السلطات واملصالح) تتداخل‬
‫حد خنقها‪.‬‬ ‫ببعضها البعض حتى حدود التالشي‪ .‬فاملسار النيوليبيرالي الذي أخذ‬
‫كما شكل احلراك يف الشارع بنفسه حيزا عاما‪ .‬إال أنه علينا العمل‬ ‫بالتوسع بعد انتهاء احلرب األهلية‪ ،‬كان بحاجة آللية لضبط الشارع‬
‫على دمقرطة هذا احليز بشكل أكبر لفتحه أمام الفئات األكثر تضررا‬ ‫وكبحه‪ ،‬فلعبت امليليشيات احلزبية الطائفية هذا الدور‪ .‬فاألخيرة هي‬
‫من هذا النظام من نساء وعمال والجئني‪ .‬فهنالك من يتبجح اليوم‬ ‫األذرع السياسية واألمنية للبرجوازية يف لبنان‪.‬‬
‫مبشاركة النساء يف احلراك‪ ،‬وبالصور التي التقطت لهن خالل‬ ‫إذا‪ ،‬مت إغالق احليز العام بشكل كبير يف بيروت‪ ،‬إن عبر سطوة‬
‫مواجهتهن للعنف األمني‪ ،‬كدليل على "حترر النساء" يف لبنان‪ ،‬إال أنه‬ ‫امليليشيات أو ما يسمى بقوى األمر الواقع على أحيائها‪ ،‬أو عبر‬
‫يُطلَب منهن السكوت متى علت أصواتهن رفضا للتحرش اجلنسي الذي‬ ‫خصخصة األماكن العامة من شواطئ وحدائق فجرى هدمها أو‬
‫تعرضن له يف الشوارع منعا لـ"تشويه صورة احلراك"‪ .‬كما أن اخلطاب‬ ‫ردمها وتشييد مبان وموالت جتارية وبنى عمالقة للشركات احمللية‪،‬‬
‫السياسي الذي يشدد على "لبنانية" احلراك‪ ،‬يستثني مئات اآلالف‬ ‫اإلقليمية والعاملية‪ .‬أما املساحات العامة املتبقية‪ ،‬فلم تعد متاحة‬
‫من غير اللبنانيني من املتضررين واملتضررات من هذا النظام والذين‬ ‫للعامة بشكل كامل بعد وضعها حتت أعني كاميرات املراقبة وشركات‬
‫يعانون ما يعاني منه اللبنانيون‪ ،‬وأكثر‪ ،‬من أزمات اقتصادية واجتماعية‬ ‫األمن اخلاص‪ .‬أي أنها لم تعد موضوعة فعليا بخدمة قضايا عامة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى عنصرية ممأسسة شديدة البشاعة‪ .‬أما انخراط فئات‬ ‫فحاجة الرأسمال إلى البحث املستمر عن أرضية ُمربحة بهدف‬
‫اجتماعية جديدة يف املواجهة مع السلطة مثل شبان ُمف َقرين ومعطلني‬ ‫مراكمة فائض القيمة‪ ،‬وما رافق ذلك من ارتفاع يف أسعار األراضي‬
‫من األحياء الشعبية فواجهته أصوات تتهمهم بـ"االندساس" مع ما‬ ‫واإليجارات دفع ويدفع بسكان العاصمة من العمال والفقراء إلى‬
‫يحمله هذا التعبير من مضامني طبقية وعنصرية ساهمت يف املزيد‬ ‫خارجها بشكل مستمر؛ أي إلى الضواحي أو خارج حدود املدينة حيث‬
‫من توسيع لدائرة االستثناءات بدل من تضييقها‪ .‬لذا من واجبنا‬ ‫تستكمل قوى األمر الواقع مسار الضبط والسيطرة على الناس‪.‬‬
‫مقاومة أي نزعة لتسلط "احلراك" على احليز العام‪ ،‬وتشجيعه ليكون‬ ‫لذا‪ ،‬فإن احلراك الشعبي أعاد طرح مسألة عالقتنا باحليز العام‬
‫‪21‬‬

‫مصاحلها وإعادة رسم احلدود بينها أو جتاوزها‪ .‬ال شك أن احلراك‬ ‫أكثر انفتاحا وأكثر متثيال لكافة الفئات يف املجتمع‪ ،‬خاصة تلك التي‬
‫الشعبي اليوم مكننا‪ ،‬ولو بهامش ال يزال ضيقا من استرجاع جزء‬ ‫تقع ضمن مستويات متعددة من االستغالل واالضطهاد‪ .‬فليس من‬
‫مما نطمح أن تكون عليه مساحاتنا املشتركة‪ ،‬خاصة بعد أن صادرها‬ ‫املقبول أن نعيد انتاج نفس املمارسات السلطوية للنظام من داخل‬
‫التحالف الدموي للبرجوازية وميليشيات السلطة‪ .‬إال أن املعركة ما‬ ‫احلراك الذي يشكل إطارا ملواجهته‪.‬‬
‫زالت طويلة‪ ،‬وإن مستمرة‪ ،‬من أجل مدينة أكثر دميقراطية بعالقتها‬ ‫ختاما‪ ،‬هناك حاجة لتعميق النقاش العام حول أي مدينة نريد‪.‬‬
‫مع قاطنيها وأكثر ترحيبا بهم على اختالف تنوعاتهم اجلنسية‪،‬‬ ‫فالصراع حول اكتساب املزيد من احليز العام هو صراع اجتماعي‬
‫والطبقية وأصولهم الوطنية ■‬ ‫تنخرط فيه طبقات اجتماعية مختلفة حتاول كل منها الدفاع عن‬

‫ألجل دولة علمانية‬


‫ديمقراطية تحقق‬
‫العدالة االجتماعية‬
‫والمساواة‬
‫املنتدى االشتراكي‬

‫‪ -‬الدعوة النتخاب جمعية تأسيسية‪ ،‬على اساس االنتخاب النسبي‬ ‫يطرح "املنتدى االشتراكي"‪ ،‬املشارك يف حراك الشبيبة املتمردة‪ ،‬التي‬
‫غير الطائفي‪ ،‬ولبنان دائرة واحدة‪ ،‬تضع دستوراً جديداً للبلد‪.‬‬ ‫تتعرض للقمع البشع من القوى العسكرية التابعة لهذه السلطة‪ ،‬تصوراً‬
‫‪ -‬محاكمة مجرمي احلرب‪ ،‬ووضع حد لواقع اإلفالت من العقاب‬ ‫برنامجياً أساسياً ويتض َّمن النقاط التالية‪:‬‬
‫الذي كرسه قانون العفو يف نهاية احلرب األهلية االخيرة‪ ،‬والكشف‬ ‫‪ -‬رفض تلزمي موضوع النفايات للشركات اخلاصة‪ ،‬وجعل املسؤول عن‬
‫عن مصير كل املخطوفني‪ ،‬واملفقودين‪ ،‬خاللها‪.‬‬ ‫التعامل معها للبلديات‪ ،‬بالذات‪ ،‬على اساس الفرز من املصدر‪ ،‬واعتماد‬
‫‪ -‬إقراراحلقوق املدنية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والسياسية لالجئني‬ ‫عملية التدوير السائدة يف البلدان املتقدمة‪ ،‬واالستفادة يف سياق ذلك‬
‫الفلسطينيني‪ ،‬وتأمني مساكن الئقة لهم‪ ،‬مكان املخيمات املخجلة التي‬ ‫منها يف إنتاج الطاقة‪ ،‬مبا يتفق متاماً مع قواعد حماية البيئة‪.‬‬
‫يتم حشرهم فيها‪.‬‬ ‫‪ -‬محاكمة ناهبي املال العام أمام قضاء نزيه‪ ،‬وخاضع للمحاسبة‬
‫‪ -‬إقرار احلقوق اإلنسانية لالجئني السوريني‪ ،‬وإعطاؤهم صفة‬ ‫الصارمة‪ ،‬والتطهير املستدام من املرتشني فيه والفاسدين‪ ،‬مع استعادة‬
‫ال من صفة النازحني‪ ،‬وبالتالي تأمني حقوقهم‬ ‫الالجئني بحق‪ ،‬بدي ً‬ ‫املنهوبات‪ ،‬يف شتى املجاالت‪ ،‬مبا فيها االمالك البرية والبحرية العامة‪.‬‬
‫يف معيشة إنسانية الئقة‪ ،‬بعيداً من أي متييز عنصري ‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن‬ ‫‪ -‬وقف اخلصخصة بالكامل‪ ،‬وحماية القطاع العام ووضعه حتت الرقابة‬
‫السماح بدخولهم لبنان من دون تأشيرة‪.‬‬ ‫العمالية‪ ،‬وإخضاعه للمحاسبة باستمرار‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء املوظفني دون استثناء حق التنظيم النقابي‪ ،‬وكل احلريات‬
‫إن ما يجري اآلن يف لبنان هو تباشير انتفاضة شعبية وعلى جميع‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير‪ ،‬مع حق العسكريني يف‬
‫املتضررين من هذا النزول إلى الشوارع والساحات‪ ،‬بغض النظر عن‬ ‫االنتخاب‪.‬‬
‫انتمائهم الطائفي أو املذهبي‪ ،‬للمشاركة يف سيرورة طال انتظارها‪،‬‬ ‫‪ -‬إقرار السلَّم املتحرك لالجور وضريبة تصاعدية على الدخل‪.‬‬
‫إلرساء سلطة علمانية دميقراطية حتقق املساواة للجميع‪ ،‬رجاالً‬ ‫‪ -‬إلغاء قانون اإليجارات التهجيري اجلديد‪ ،‬واالستعاضة منه بقانون‬
‫ال عن احلرية‬‫ونسا ًء‪ ،‬ومن كل املذاهب والشرائح االجتماعية‪ ،‬فض ً‬ ‫يحفظ حقوق املستأجرين‪ ،‬ويضمن حق السكن الكرمي للجميع‪.‬‬
‫والكرامة اإلنسانية‪ ،‬والعدل االجتماعي‪ .‬وهو حراك سيترك انعكاساته‬ ‫‪ -‬إقرار الضمان الصحي الشامل‪.‬‬
‫التقدمية على أوضاع املنطقة ■‬ ‫‪ -‬إلغاء اجلزء من الدين العام املتعلق بديون املصارف على اخلزينة‬
‫اللبنانية‪ ،‬وتأميم املصارف والتجارة اخلارجية‪.‬‬
‫بيروت ‪٢٠١٥-٨-٢٩‬‬ ‫‪ -‬إقرار العلمنة الشاملة‪ ،‬ومن ضمنها قانون مدني لالحوال الشخصية‬
‫يضمن فيما يضمن احلق يف الزواج املدني‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫ريحته‪ :‬متل‬
‫ريحتن‬
‫هيئة حترير املنشور‬

‫النور يف العتمة التي فرضتها‪ .‬يضيف حزب اهلل أيضاً إلى رصيده‬ ‫خالل احلراك الشعبي األخير واملستمر الذي فجرته أزمة النفايات يف‬
‫يف خذالن الناس املطالبني بحقوقهم‪ ،‬حتالفه الذي يعتز به مع كل‬ ‫وجه السلطة بجميع رموزها‪ ،‬برز يف اخلطاب السياسي اليومي حديث‬
‫من التيار العوني وحركة أمل اللذين وقفا رأس حربة يف هجومهما‬ ‫عن استثناء حزب اهلل من القائمة السياسية املسؤولة عن األزمة‬
‫على التوالي على كل من مياومي شركة كهرباء لبنان خالل إضرابهم‬ ‫احلالية وعن اخلراب الذي وصلت إليه البالد‪ ،‬وأن احلزب املذكور‬
‫واملتظاهرين يف وسط بيروت خالل االحتجاجات الراهنة‪ .‬وحلزب‬ ‫غير معرض للمساءلة ومنزه ونقي‪ .‬ولكن‪ ،‬نحن كاشتراكيني ثوريني‬
‫اهلل أيضا دور مساهم ضمن حتالف السلطة يف لبنان لضرب االحتاد‬ ‫نحدد موقفنا من كل حزب بنا ًء ملوقعه من الصراع الطبقي‪.‬‬
‫العمالي العام‪ ،‬والنقابات وهيئة التسيق النقابية‪ ،‬وعدم إقرار سلسلة‬ ‫يكاد يكون ترافق ظهور حزب اهلل كجماعة مسلحة هو يف حربه مع‬
‫الرتب والرواتب وسائر املطالب النقابية والشعبية‪ ،‬لم يكن هذا‬ ‫حركة أمل‪ ،‬آخذين بعني االعتبار عملياته ضد االحتالل الصهيوني‬
‫املوقف‪-‬الفعل مفاجئاً‪ ،‬إمنا ينسجم متاماً مع موقعه من الصراع‬ ‫والقوات املتعددة اجلنسيات يف بداية الثمانينيات‪ .‬حربه مع "أمل"‬
‫الطبقي‪ .‬هذا دون أن ننسى ارتباط العديد من املؤسسات التعليمية‬ ‫أودت بحياة آالف القتلى واجلرحى كنتيجة مماثلة للخسائر التي‬
‫والصحية باحلزب التي تشكل جزءاً ال يتجزأ من املنظومة املتحكمة‬ ‫سببتها حروب "اإللغاء" و"توحيد البندقية"‪ ،...‬دون أن ننسى أيضاً‬
‫والتي ترهن حقوق الناس البديهية مبذاهبها وطوائفها‪.‬‬ ‫حرب حزب اهلل وأمل معاً على القوى اليسارية يف ما كان يعرف‬
‫ومع بداية السيرورة الثورية يف املنطقة‪ ،‬فاضل حزب اهلل بالوقوف‬ ‫باملنطقة الغربية‪.‬‬
‫مع بعض الثورات العربية انسجاما مع مصاحله الطبقية وموقعه‬ ‫هذا بالنسبة ملسؤولية حزب اهلل خالل احلرب األهلية‪ .‬أما يف فترة‬
‫من الصراع االقليمي‪ .‬فوقف‪ ،‬ظاهريا‪ ،‬مع الثورة الليبية واملصرية‪.‬‬ ‫السلم األهلي املفروض مبوجب اتفاق تسوية بني ميليشيات احلرب‬
‫لكنه ساند أنظمة قمعية طبقت اخلصخصة والنيوليبرالية كالنظام‬ ‫بوحي من االتفاق السعودي‪-‬‬‫ٍ‬ ‫األهلية يف الطائف‪ ،‬السلم الذي ساد‬
‫السوري‪ ،‬عندما بدأت مصاحله‪ ،‬ومصلحة النظام اإليراني‪ ،‬تتضرر‬ ‫السوري‪-‬األميركي آنذاك حول إعادة تشكيل السلطة السياسية‬
‫إثر تقدم الشعب السوري يف ثورته‪.‬‬ ‫وتوزيع النفوذ السياسي واالقتصادي‪ ،‬فقد انخرط حزب اهلل يف‬
‫ً‬
‫إن هذه السيرورة التي شهد لبنان شكال منها من خالل‪ :‬حراك‬ ‫السلطة التشريعية على قاعدة تسليمه احلدود ليقوم بعمليات املقاومة‬
‫إسقاط النظام الطائفي عام ‪ ،2011‬واحلراك الشعبي احلالي الذي‬ ‫ضد العدو الصهيوني‪ ،‬مقابل أن يسلّم احلزب املذكور حقوق الناس‬
‫انفجر مع أزمة النفايات‪ ،‬إذا ُقيِد لها النجاح واالستمرار والوصول‬ ‫االقتصادية واالجتماعية لسلطة املصارف والهيئات االقتصادية‬
‫إلى دولة دميقراطية علمانية حتقق املساواة والعدالة االجتماعية‪ ،‬ال‬ ‫واحلريرية السياسية واالحتالل السوري‪ .‬تلك املرحلة راكمت الضغط‬
‫بد لها من أن تشتبك مع كل مكونات النظام البرجوازي وحماته ومن‬ ‫محطات عدة على شكل‬ ‫ٍ‬ ‫واألعباء املعيشية على الناس وتفجرت يف‬
‫ضمنهم حزب اهلل‪ .‬يف ظل حتريض وزارة الداخلية وإعالم السلطة‬ ‫انتفاضات مطلبية شعبية واجهتها السلطة بالرصاص وحزب اهلل‬ ‫ٍ‬
‫على املتظاهرين وشيطنتهم وصوالً التهامهم باالرتباط بداعش‪ ،‬هل‬ ‫بالتخوين وتهم العمالة واالندساس‪.‬‬
‫يصبح من املقبول يف املستقبل القريب‪ ،‬أن ترمى مظاهرة منطلقة من‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬ويف املرحلة التي تلت اغتيال احلريري وانسحاب اجليش‬
‫برج حمود إلى ساحة النجمة‪ ،‬التي تشبه‪ ،‬إلى هذا احلد أو ذاك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫انتخابات نيابية‬ ‫السوري‪ ،‬دخل حزب اهلل إلى احلكومة بعدما خاض‬
‫املظاهرات التي جابت مدينة حلب‪ ،‬بالبراميل؟! ■‬ ‫رباعي مع أمل واملستقبل وجنبالط‪ .‬انخرط حزب اهلل يف‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫بتحالف‬
‫هذه املرحلة وبقوة‪ ،‬على طاولة مجلس الوزراء كما يف وزاراته‪ ،‬يف‬
‫سياسات اخلصخصة وتشركة ما تبقى من مؤسسات عامة‪ ،‬وأبرزها‬
‫خطة محمد فنيش للكهرباء التي ما زلنا‪ ،‬حتى الساعة‪ ،‬نبحث عن‬
‫‪23‬‬

‫رفيق الحريري‬
‫يتمشى في‬
‫غابة وسط‬
‫بيروت عام‬
‫‪١٩٨٣‬‬

‫"يبلغ األربعني أو يكاد‪ .‬مستدير وضخم‪ ،‬مشيته مطمئنة‪ ،‬شعره كثيف‬


‫أسود‪ .‬شارباه سميكان‪ .‬يلفت النظر بعينيه الكبيرتني اليقظتني‬
‫الالمعتني‪ ،‬وابتسامته الضارية والساحرة يف آن‪ ،‬وقربه الودود‪ .‬لقد‬
‫حاز رفيق احلريري‪ ،‬املولود يف صيدا‪ ،‬من عائلة متواضعة‪ ،‬دبلوم‬
‫محاسبة مكنه من السفر إلى السعودية الغنية‪ .‬وحني كانت أحداث‬
‫لبنان يف بداياتها‪ ،‬جنح‪ ،‬يف وقت يسير‪ ،‬أن يُنجز واحداً من أهم‬
‫نسهِ‬
‫أعمال اململكة السعودية‪ ،‬وأن يُكوِ ن ثروة ضخمة‪ ،‬إال أن ذلك لم يُ ِ‬
‫بلده األصلي‪ ،‬بل كان يتطلع‪ ،‬وقد بدا أن السالم يعود‪ ،‬إلى أن يرجع‬
‫إليه مع طموح املشاركة يف إعادة إعماره‪ .‬وقد طلب إلي أن أرافقه‬
‫ألدله على وسط املدينة الذي لم يعرف منه‪ ،‬يف مراهقته‪ ،‬إال أطرافاً‪،‬‬
‫وأن أعرض له مشروع إعادة إعماره‪.‬‬
‫كان ميشي الهوينا ويداعب بالنظرة واحلركة‪ ،‬بنا ًء هنا‪ ،‬قد دمر‬
‫تدميراً شديداً لكنه ما زال قائماً وكومة هناك من الركام‪ ،‬وكأنه‬
‫مالك لهذا وذاك‪ .‬كان على األرجح‪ ،‬ووحده تقريباً يحلم بإعادة إحياء‬
‫تلك املدينة شبه امليتة‪ ،‬ويكتشفها مختلفة عما كانت عليه‪ ،‬ويجتهد‪،‬‬
‫بقدر ما أمعن يف الشرح والوصف‪ ،‬أن يستعيد‪ ،‬على طريقته‪ ،‬مرأى‬
‫املباني والشوارع والساحات بصورةٍ ما كان يتمنى أن يبعثها بها‪.‬‬
‫قال لي‪" :‬أترى ذلك الشارع‪ ،‬عند زاوية "التياترو الكبير"‪ .‬ذاك هو‬
‫احلد الذي لم أستطع تخطيه وأنا شاب‪ ،‬ألنه لم يكن لدي الوسائل‪.‬‬
‫وأنا اليوم‪ ،‬وللمرة األولى‪ ،‬يف اجلانب اآلخر الذي لم أعرفه والذي‬
‫باستطاعتي‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬أن أعيد إعماره"‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫كنا‪ ،‬يف أثناء ذلك‪ ،‬قد قفلنا راجعني‪ ،‬بعد أن وصلنا إلى مدخل‬
‫سوق الطويلة‪ ،‬وسوق أياس‪ ،‬وسوق ا َ‬
‫جلمِ يل‪ ،‬حيث كانت تُ ْع َرض‪ ،‬يف‬
‫املاضي‪ ،‬كل بضائع العاصمة‪ ،‬الشعبية منها والفاخرة‪ .‬لم يب َق من‬
‫األبنية الصغيرة املتواضعة‪ ،‬املكونة من طابق أو طابقني‪ ،‬وال من‬
‫الدكاكني التي حتاذي املمرات‪ ،‬سوى اجلدران وقناطر احلجر‪ .‬رأيت‬
‫يومها "أبو بهاء"‪ ،‬هكذا كان يدعى‪ ،‬يفتح ذراعيه كما لو أنه ميسح كل‬
‫صلُح هنا كموقع مثالي ملجمع حديث‬ ‫ما يحيط به‪ِ ،‬ليُ ِس َر لي‪" :‬أال يَ ْ‬
‫كبير للمكاتب والشركات؟" ■‬

‫هنري إده‪ ،‬املال‪ ...‬إن حكم‪ ،‬تر‪ :‬يوسف بن علي‪ ،‬شركة املطبوعات‬
‫للتوزيع والنشر (ص‪)١٤-١٣ .‬‬
‫‪24‬‬

‫تضامنا مع‬
‫‫دعما للحراك‬
‫انتفاضة‬
‫الشعبي‬
‫الجماهير‬
‫في لبنان‬
‫اللبنانية‬ ‫بيان مشترك‬

‫يشهد لبنان يف اآلونة األخيرة تظاهرات واحتجاجات سلمية تطالب‬ ‫‪ --‬بيان مشترك صادر عن احلزب العمال االشتراكي (بريطانيا)‪-‬‬
‫باسقاط النظام وتنظيف البلد من سياسييه قبل نفاياته‪ ،‬مطالبة‬ ‫العصبة الشيوعية الثورية (بلجيكا)‪ -‬احلزب اجلديد املناهض‬
‫بإسقاط احلكومة ومجلس النواب املمدد له وأمراء احلروب‪ ،‬وكامل‬ ‫للرأسمالية (فرنسا)‪ -‬حركة تضامن (سويسرا)‪ -‬السياسة االشتراكية‬
‫النظام السياسي الطائفي والفاسد‪ ،‬واستبداله بآخر يعبر حقا عن‬ ‫البديلة ‪ -‬بال حدود (هولندا)‪ -‬االشتراكيون األمميون (هولندا)‪-‬‬
‫تطلعات جماهير الشعب ومصاحله‪.‬‬ ‫جمعية السالم (بلجيكا)‪ -‬نافبال (املجلس الكردي يف بلجيكا)‪ -‬معا‬
‫لكن‪ ،‬هناك دكتاتورية سياسية ارتأت أن جتابه التظاهرات بالعنف‬ ‫(فرنسا)‪--‬‬
‫العاري‪ ،‬اذ أطلقت قوات األمن على املتظاهرين الرصاص احلي‬ ‫خالل األسابيع األخيرة‪ ،‬تكثفت املظاهرات يف بيروت ضد إدارة‬
‫واملطاطي والقنابل املسيلة للدموع وسيارات فض الشغب‪ .‬مما أدى‬ ‫احلكومة الكارثية مللف النفايات‪ ،‬وامتدت لتشمل كل املناطق‪ .‬يف هذه‬
‫إلى وقوع إصابات يف صفوف الشباب الثائر‪ .‬كما مت اعتقال عدد‬ ‫احلالة‪ ،‬تسببت اإلدارة الليبرالية والتي تعتمد سياسة اخلصخصة يف‬
‫من املعتصمني يف محاولة منها لكسر عزمية الشعب الذي أعلنها‬ ‫معاجلة النفايات والتي كانها لها نتائج بيئية كارثية أصابت بالدرجة‬
‫ثورة ضد الفساد‪ .‬تختلف األسباب واألسماء‪ ،‬لكن أنظمتنا تتشابه‬ ‫األولى سكان املناطق واألحياء األكثر فقرا يف البلد‪ :‬املنطقة األولى‬
‫بطبيعتها فهي أنظمة مستبدة تخدم مصالح طغمة حاكمة ومالكة‬ ‫التي تضررت من ذلك كانت مدينة الناعمة‪ ،‬حيث أغلق مكبها بسبب‬
‫واحدة‪ ،‬فهي يف كل البلدان العربية متارس االستبداد والنهب والفساد‬ ‫عدم قدرته على استيعاب املزيد من النفايات وبعد احتجاجات لسكان‬
‫لصالح أقلية ضيقة على حساب عرق وجهد واستغالل األغلبية‬ ‫املنطقة‪ ،‬أدى ذلك إلى انتشار النفايات يف كل املناطق وصوال إلى‬
‫الساحقة من الشعب الذي يزداد قمعه وافقاره‪.‬‬ ‫العاصمة‪ .‬يقترح النظام احلالي حال يتمثل بإقامة مكبا جديدا يف‬
‫لكن هذه األنظمة الفاسدة تتناسى حقيقة صارخة أثبتتها ثورات‬ ‫منطقة عكار الفقيرة‪ :‬يف محاولة من الطبقة احلاكمة لتحميل وزر‬
‫السنوات االخيرة؛ أنه إذا الشعب يوما أراد احلياة فال بد أن يستجيب‬ ‫الفشل للطبقة األكثر هشاشة يف املجتمع‪.‬‬
‫القدر‪ .‬والشعب أيضا يف لبنان‪ ،‬كما هو احلال يف العراق‪ ،‬يلتحق‬ ‫يف احلقيقة‪ ،‬مسألة إدارة النفايات هي أحدث فضيحة لنظام يف‬
‫بالثورات التي اجتاحت منطقتنا حتت شعار‪ :‬الشعب يريد‪ ...‬إسقاط‬ ‫حالة أزمة مستدامة‪ .‬حيث تؤثر السياسات النيوليرالية واخلصخصة‬
‫النظام‪ ،‬ومن اجل احلرية والكرامة واملساواة والعدالة االجتماعية‪.‬‬ ‫واإلفراط يف املضاربات العقارية فضال عن انعدام األمن االجتماعي‬
‫يعبر تيار اليسار الثوري يف سوريا عن تضامنه الكامل مع أشقائنا‬ ‫واالقتصادي على حياة الغالبية العظمى من سكان لبنان‪ .‬يخدم‬
‫وشقيقاتنا من الشباب واجلماهير الشعبية الثائرة يف وجه النظام‬ ‫اخلطاب الطائفي واملذهبي الدائم احلضور على لسان الطبقة‬
‫السياسي واالجتماعي الفاسد والعفن يف لبنان‪ ،‬الذي فاضت رائحة‬ ‫احلاكمة استراتيجية النظام القائمة على سياسة الشرذمة والتحكم‪،‬‬
‫تعفنه‪ .‬وآن أوان اخلالص منه‪ ،‬أيضا ■‬ ‫ولكنه يهدد يف الوقت عينه بانزالق البالد إلى حرب أهلية‪ .‬يف هذا‬
‫الوقت تصدعت املؤسسات الدميقراطية يف النظام احلاكم‪ ،‬وتقاسمت‬
‫أعداؤنا مشتركون‬ ‫األحزاب الطائفية السلطة وسعت لـ"احتواء" قواعدها الشعبية خدمة‬
‫ونضالنا مشترك‬ ‫للرأسماليني حتى يستمرون يف نهب موارد البالد‪.‬‬
‫ودوما مع كفاح اجلماهير الشعبية من أجل حتررها‬ ‫جذرية التظاهرات التي خرجت إلى الشوارع خالل األسابيع األخيرة‬
‫كل السلطة والثروة للشعب‬ ‫والتي شاركت فيها الطبقات االجتماعية املسحوقة تعكس حالة نفاذ‬
‫صبرها وعدم رضوخها للقمع الذي أوقع مئات اجلرحى‪ ،‬وحلمالت‬
‫تيار اليسار الثوري يف سوريا‬ ‫التشويه التي تسعى إلى تقسيم احملتجني إلى جيدين وسيئني‪ .‬يف هذا‬
‫‪ ٢٣‬آب ‪٢٠١٥‬‬ ‫الوقت‪ ،‬أصبحت مسألة إدارة النفايات حافزا إضافيا للسكان للوقوف‬
‫ضد أي حل يقوم على معايير طائفية ومذهبية‪ ،‬حيث أن النظام‬
‫السياسي‪ ،‬كما اجلميع يذكر‪ ،‬أرساه النظام االستعماري الفرنسي‪.‬‬
‫لذلك من املنطقي أن يطالب احملتجون‪/‬ات بإسقاط النظام الطائفي‬
‫واملذهبي‪.‬‬
‫كل التضامن مع حملة "الشعب يريد"‪ ،‬التي يشارك املنتدى االشتراكي‬
‫يف لبنان فيها‪ ،‬وندعم املطالب التي عبر عنها املتظاهرون‪/‬ات وندعم‬
‫أي مبادرة للتضامن األممي من أجل إقامة دولة دميقراطية علمانية‬
‫حتقق العدالة االجتماعية واحلرية واملساواة ■‬

‫‪ ٤‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪ -٢٠١٥‬ترجمة وليد ضو‬


‫‪25‬‬

‫بيان تضامني‬
‫من حزب العيش‬
‫والحرية (مصر) مع‬
‫الحراك الشعبي‬
‫في لبنان والعراق‬

‫سرعان ما تطورت احلركة نحو مهاجمة الفساد الذي يستشري يف‬ ‫إلى العراق حيث جتمع عشرات اآلالف يف ساحة التحرير ببغداد‬
‫احلكومة التي تتقاسمها القوى الرجعية والطائفية منادية مبساواة‬ ‫حتركهم روح شابة تهتف بدولة علمانية وإلى لبنان مأل ساحات‬
‫وحرية طاملا منعتا عن الشعبني‪.‬‬ ‫عاصمتها عشرات آالف آخرين يهتفون بإسقاط النظام الطائفي‬
‫نتفهم صعوبة الوضع يف البلدين حيث ال تدخر القوى الرجعية ودوائر‬ ‫تتوسطهم قوى يسارية شابة ومجموعات نسوية دؤوبة ‪ -‬يسعون‬
‫الفساد جهداً لتشويه احلراك أو االنقضاض عليه بوسائل مختلفة ‪-‬‬ ‫جميعاً إلى أوطان أكثر عدالة ومساواة يحظى فيها املواطنات‬
‫مثلما حدث يف كل بالد املنطقة خالل األعوام املاضية ‪ -‬كما نتفهم‬ ‫واملواطنون بالكرامة وبحقوقهن‪/‬هم التي طاملا سلبت منهم‪ -‬نوجه‬
‫صعوبة الظرفني ببلدين مثقلني بآثار احلروب السابقة وبتهديد احلرب‬ ‫حتية وتضامن‪.‬‬
‫الدائرة يف سوريا ومناطق من العراق وبأعداد ضخمة من الالجئني‪.‬‬ ‫نتابع باهتمام شديد يف األيام واألسابيع األخيرة تطورات احلراك‬
‫ال يسعنا إال النظر للشعبني بإعجاب وتقدير لشجاعة ونضال قواهما‬ ‫الشعبي يف كل من لبنان والعراق متضامنني مع القوى الصاعدة‬
‫الشابة وبأمل يف حرية وعدالة ومساواة لكل شعوب املنطقة ■‬ ‫التي تضخ الدماء يف املجال السياسي يف كل من البلدين ‪ -‬بأشكال‬
‫ودرجات مختلفة ‪ -‬وتسعى خللق مساحات للعمل والنضال من أجل‬
‫‪ ٧‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪ -٢٠١٥‬حزب العيش واحلرية (مصر)‬ ‫حقوق الشعبني خارج محاصصات القوى الرجعية والطائفية‪.‬‬
‫رغم أن املظاهرات والفعاليات‪ ،‬يف البلدين‪ ،‬خرجت أساساً معترضة‬
‫على تردي اخلدمات األساسية من كهرباء ومياه ونظافة‪ ،‬إال أنه‬
‫‫إلى باسم شيت‪،‬‬
‫رسالة ثانية‬
‫بعد عام‬‬
‫باسل صالح‬

‫عام على الرحيل‪ ،‬ولم ترحل‪ .‬يراك اجلميع يف أزقة بيروت‪ ،‬يف الشوارع الضيقة‪ ،‬بشكل يومي‪ ،‬يرى مالمح وجهك تهيم بني الناس يف‬
‫الشوارع التي انتفضت‪ ،‬وإن بشكل مرحلي‪ .‬عام على الرحيل‪ ،‬وها هي احملاولة الثانية‪ ،‬بعد محاولة اسقاط النظام الطائفي‪ ،‬تخط‬
‫مالمحها على امتداد املناطق‪ ،‬ويف األزقة‪ ،‬ويف الشوارع الضيقة‪ ،‬وكأن قرار املواجهة بدأ يتبلور أكثر من السابق‪ .‬وكأن جيوش املضطهدين‬
‫والعاطلني عن العمل تعي سبب مأزقها املتمثل يف سلطة تعلم جيداً آلية االلتفاف على مصالح الناس‪ ،‬من خالل تراشق االتهامات‪ ،‬يف‬
‫محاولة منها لتضييعهم وتشعيب املسؤولية‪ ،‬بحيث يضيع معها السبب احلقيقي الكامن‪ ،‬أي يضيع معها الثابت الوحيد خلف هذه املعادلة‪،‬‬
‫وهو أنها سلطة سياسية تع ّبر عن مصالح طبقة واحدة تابعة كانت قد أرسست أسسها وبنت مقوماتها حمالت االستعمار املتتالية‪‬.‬‬

‫‫عام على الرحيل والنفايات اآلن تنتشر يف شوارع لبنان‪ ،‬حيث أخذت املعركة طابعاً محتدماً بني أناس غير مستفيدين من القائم‪ ،‬وقلة‬
‫مستفيدة حتارب بكل ما أوتيت من قوة‪ .‬فالطابع الطبقي للمعركة‪ ،‬كان قد خطه نقوال شماس‪ ،‬أي ممثل الطبقة التي تدير مصالح نفسها‬
‫وتتحكم برقاب الناس‪ ،‬والتي تع ّبر عنها طبقة سياسية حاكمة موزعة بني تيارين يقسمان الناس على أساس طائفي ظاهرياً وطبقي‬
‫بنيوياً‪ .‬فاالنتقال من األول إلى الثاني هو انتقال من أحد أوجه التورية إلى الشكل احلقيقي املباشر‪ ،‬إلى السبب الكامن خلف كل محاوالت‬
‫التشتيت‪ .‬فالبالد التي تعرفها لم تعد كما كانت‪ ،‬بل أصبحت أقرب إلى ما يجب أن يكون‪ ،‬بات عدد من ناسها يف صدام مباشر مع املعيق‬
‫لتطور حياتهم والتمتع بأبسط حقوقهم االنسانية‪‬.‬‬

‫‫عام على الرحيل وكأننا عشية محاولة ‪ 1905‬التي أسست إلى انتصار ثورة ‪ .1917‬وكأن كل محاوالت التحرر تعاد من جديد‪ ،‬ليس لتعيد‬
‫نفس التاريخ بشكل مأساة أو مهزلة‪ ،‬بل لتخط انتصار املضطهدين على من يق ّوض حريتهم وحياتهم وطموحاتهم وآمالهم‪ .‬ويف غمرة‬
‫كل هذا ما زالت بعض املجموعات حتارب عن هذا الطرف أو ذاك‪ ،‬وفق املنطق ذاته‪ ،‬وفق معايير مذهبية ترى أن الزعيم خارج إطار‬
‫الفساد وذلك على خالف بقية الزعماء‪ .‬وهو أمر ليس بجديد‪ ،‬بل متو َّقع ألنه دائم‪ ،‬فاألكثرية لم تكن يوماً قوة تغييرية‪ ،‬بل إن أولئك‬
‫الذين ينتفضون هم دائماً من يحارب عن اجلميع‪ ،‬وهم دائماً من يفتح الطريق أمام االنتهازيني واملنافقني وكل آفات املجتمع الطبقي‪‬.‬‬

‫‫عام مضى‪ ،‬واألصدقاء الذين كانوا على الهامش يحاولون من جديد‪ ،‬فمنهم من أعاد إحياء مجموعة قدمية يف نفس جديد‪ ،‬ومنهم من‬
‫انخرط يف مجموعات كانت ناشطة أساساً‪ ،‬ومنهم من يحاول املواجهة املباشرة التي أ ّدت‪ ،‬ولو لدقائق معدودة‪ ،‬إلى عودة مؤسسات‬
‫الشعب إلى الشعب نفسه‪ .‬فاجلميع ناشط‪ ،‬منهم من نتفق معه‪ ،‬ومنهم من نختلف‪ .‬لكن‪ ،‬وكما دائماً أيضاً‪ ،‬كان من الضروري أن تخوض‬
‫هذه املجموعات جتاربها‪ ،‬وأن تتصادم مع من يق ّوض حياتها‪ .‬فالتجارب هي التي تراكم الوعي عبر التاريخ‪ ،‬وهي التي تكشف عن السبب‬
‫احلقيقي الكامن‪ ،‬بعد أن تزيل‪ ،‬وبشكل تدريجي‪ ،‬كل القشور التمويهية‪‬.‬‬

‫‫كل هذا وأكثر‪ ،‬كل ما كنا نعتقد أنه سيأتي بدأ يظهر يف األفق‪ ،‬فاليسار العاملي بدأ يكتسح الساحات‪ ،‬واليسار احمللي بدأ يخط مشروعه‬
‫يف املمارسة‪ ،‬وينعكس‪ ،‬ولو بشكل خجول‪ ،‬على مستوى النظرية‪ .‬عام مضى وألول مرة منذ سنوات‪ ،‬تتفق عموم املجموعات الشعبية‬
‫وتتصادم القوى السياسي التي لم تتصادم من قبل‪ .‬إنها الظاهرة األكثر وضوحاً اآلن‪ ،‬القوى السياسية املكونة للنظام تتراشق االتهامات‬
‫يف حني أن املضطهدين يف الشارع يوجهون أصابع االتهام عليهم بالتساوي‪‬.‬‬

‫‫عام مضى‪ ،‬والرقص الثوري بدأ بحنجلة الناس يف الشارع‪ .‬فهناك على تخوم املناطق‪ ،‬ويف قلب العاصمة‪ ،‬تنتصب مجموعات احلراسة‬
‫لتحمي مناطقها من القاذورات‪ ،‬بعد أن تخلت عنها كل املؤسسات الرسمية‪ ،‬وكل الهيئات التمثيلية بداي ًة من البلديات وصوالً إلى السلطة‬
‫التنفيذية‪ .‬وكأنها تنسيقيات‪ ،‬أو كومونات‪ ،‬ارتأت أن تسهر يف الشارع وليس يف املنازل حيث ال مياه وال كهرباء‪ ،‬وحيث تنتشر روائح‬
‫النفايات واجلراثيم والفيروسات املتطورة جينياً‪‬.‬‬

‫‫عام مر على ‪ 1‬تشرين أول ‪ 2014‬يوم تو ّقف قلبك بعد أن قرر االنتقال إلى أحد أشكال احلياة األخرى‪ ،‬وها نحن نحاول مسايرتك‪ ،‬وخوض‬
‫الطريق الطويل املنطلِق من مملكة الضرورة إلى مملكة احلرية ■‬

‫رسم الغالف‪ :‬نضال الخيري‬

You might also like