Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 26

‫‪‬‬

‫عوائق الطلب‬
‫للشيخ‬
‫صالح بن عبد العزيز آل الشيخ‬
‫‪-‬حفظه اهلل تعاىل‪-‬‬
‫[شريط مفرغ]‪‬‬

‫‪‬‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪2‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫احلمد هلل حق محده وأوافه‪ ،‬وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا حممد وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم تسليما كثريا‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫أسأل اهلل جل وعال أن جيعلين وإياكم ممن صلحت هلم األقوال واألعمال‬
‫والقلوب‪ ،‬وساروا يف ذلك على ما حيب ويرضى‪ ،‬كما نسأله أن يوفقنا إىل عمل‬
‫صاحل وإىل قول صاحل يكون لنا حني نلقى ربنا جل جالله‪.‬‬
‫مث إننا نفتتح هذا الفصل بعد انقطاع طويل ابتداءً هلذه الدروس اليت نرجو اهلل جل‬
‫وعال أن تكون نافعة مللقيها ولسامعها وللمبلَّغ هبا‪.‬‬
‫كما جرت به العادة فإ ّن افتتاح الدروس يف كل فصل يكون فيه كلمة تتعلق‬
‫بالعلم واحلض عليه‪ ،‬واحلذر من العوائق اليت تعوق يف مسري طالب العلم‪.‬‬
‫والشك أن كل طالب علم أنِس هلذا السبيل وسلَك هذا الطريق‪ ،‬فإنه يرى أن‬
‫العلم هو أهم املهمات؛ ألن العلم هو العلم باهلل جل وعال‪ ،‬والعلم باهلل جل وعال هو‬
‫أعظم ما يستفيده املرء يف هذه احلياة‪ ،‬فبقدر علمه بربه جل جالله ومعرفته خبالقه‬
‫وإهله ومعبوده يكون قُربه من مواله؛ ألن أقرب الناس إىل اهلل جل وعال هم أعلم‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم «إني ألعلمكم باهلل‬
‫الناس هبم سبحانه وتعاىل‪ ،‬هلذا قال النيب َ‬
‫وأخشاكم هلل وأتقاكم هلل‪ ،‬فمن رغّب عن سنتي فليس مني» أو كما جاء عنه َعلَْي ِه‬
‫والسالَ ُم‪.‬‬
‫الصالَةُ َّ‬
‫َّ‬
‫واألنبياء ارتفعت منازهلم ألجل علمهم برهبم جل وعال وبشريعته وما حيب جل‬
‫جالله‪.‬‬
‫وهذا العلم يُدرك كل طالب علم أنه من أهم املهمات وأعظم املطالب‪ ،‬فالواجب‬
‫على كل طالب علم أن جيعل أكثر حياته فيه‪ ،‬وأن يَقسم حياته ما بني تعلم أو تعليم‬
‫‪3‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫أو أداء للنصح لعباد اهلل أو ملن له ِوالية عليه كلٌّ حبسب ما هو فيه‪ ،‬وهذا هو معىن‬
‫الربكة اليت تكون يف أهل العلم‪ ،‬فإن أهل العلم مباركون‪َ ،‬جعل اهلل جل وعال يف‬
‫صانِي‬ ‫أقواهلم وأعماهلم الربكة كما قال جل عال ﴿ َو َج َعلَنِي ُمبَ َار ًكا أَيْ َن َما ُك ُ‬
‫نت َوأ َْو َ‬
‫ت َحيًّا﴾[مرمي‪ ]31:‬قوله ﴿ َو َج َعلَنِي ُمبَ َار ًكا﴾ يعين أن عيسى عليه‬ ‫الز َك ِاة َما ُد ْم ُ‬
‫الصاَل ِة َو َّ‬
‫بِ َّ‬
‫السالم جعله مباركا بتعليم العلم أينما كان‪ ،‬فأينما كان يعلم ويرشد ويدعو إىل ما‬
‫حيب اهلل جل وعال ويرضى‪ ،‬وبقدر االزدياد من هذه الصفة يزداد املرء قربا من اهلل‬
‫جل وعال ويزداد بركة يف أقواله وأعماله‪ ،‬واألنبياء لذلك جعل عليهم الربكة‬
‫والسالَ ُم «قولوا‪ :‬اللهم‬
‫الصالَةُ َّ‬ ‫﴿ َوبَ َار ْكنَا َعلَْي ِه َو َعلَى إِ ْس َح َق﴾[الصافات‪ ،]113:‬وقال َعلَْي ِه َّ‬
‫صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد‬
‫مجيد‪ ،‬وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في‬
‫العالمين إنك حميد مجيد» وآل حممد على أحد األقوال هم املتبعون له من أهل‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪.‬‬
‫التقوى‪ „،‬فيدخل فيه كل مؤمن متّبع لسنة النيب َ‬
‫وهذا املطلب يدركه كل طالب العلم الذين أنسوا للعلم وشرح اهلل جل وعال‬
‫صدورهم له‪.‬‬
‫ومعلوم أن العبادات النوافل مراتب‪ ،‬والعلم منه ما هو فرض ومنه ما هو نفل‪،‬‬
‫والعلم الذي هو فرض قد يكون فرض عني وقد يكون فرضا على الكفاية‪ ،‬وإذا‬
‫نظرنا اليوم فإننا جند الناس مل يقم فيهم بالعلم من يكفي‪ ،‬وخاصة العلم السلفي‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫الصحيح الذي يعتمد فيه صاحبه على كتاب اهلل وسنة رسوله َ‬
‫وعلى هنج السلف الصاحل فإن الذين يتبعون هذا السبيل اليوم أقل القليل‪ ،‬وهذا يؤكد‬
‫على كل طالب العلم يف هذا السبيل أن حيرص على نفسه وأن ال يضيّعها وأن يزداد‬
‫من العلم حبسبه وأن يكون متقلبا ما بني التعلم أو التعليم‪ ،‬وما بني التأثري بالعلم أو‬
‫التأثري بالدعوة يف أي مكان كان‪ ،‬حبسب قدرته وحبسب ما أُعطي‪.‬‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪4‬‬
‫األمم يف التاريخ؛ بل أمة اإلسالم يف تارخيها مر هبا فنت كثرية ومرت هبا إحن‪،‬‬
‫ومرت هبا باليا‪ ،‬ومرت هبا ابتالءات عظيمة‪ ،‬فمرة يكون بأسها بينها شديد‪ ،‬ومرة‬
‫يسلّط عليها عدوا من غريها فينال منها ما يناله حبسب قدر اهلل جل وعال‪ ،‬قد حصل‬
‫يف ذلك يف زمن اإلسالم وتاريخ اإلسالم الشيء الكثري كما تعلمون‪ ،‬إذا نظرت إىل‬
‫القرن األول وجدت فيه أشياء كثرية ما حصل من القتال والفنت اليت كانت بني‬
‫الصحابة‪ ،‬مث ما كان يف عهد األمويني من فنت كبرية‪ ،‬مث يف عهد العباسيني‪.‬‬
‫حىت أتت الفتنة الكبرية من تسلّط الدولة العبيدية املسماة الفاطمية على كثري من‬
‫بالد اإلسالم وساموا أهل السنة سوء العذاب‪ ،‬حىت أهنم رمبا أتوا العامل فأرادوه على‬
‫قول شيء خيتارونه فإذا أىب مشطوه باحلديد مشطا‪ ،‬وقال الذهيب يف موضع‪ :‬وقد نُزع‬
‫عن فالن جلده حىت يكون نكاال لغريه مما فعله أولئك‪.‬‬
‫وهكذا يف احلروب الصليبية املعروفة فوقعت‪ ،‬وجاءت حروب التتار الكبرية‬
‫وحصل ما حصل يف تاريخ اإلسالم‪.‬‬
‫وهذا كله إذا نظرت إليه نظر تاريخ وجدت أ ّن أهل العلم يف تلك احلقب وتلك‬
‫األزمان مل يتخلوا فيها عن العلم والتعليم‪ ،‬ومل ينصرفوا عن العلم والتعليم إىل أمور‬
‫أخرى؛„ ألن العامل وطالب العلم يؤثر حبسب ما يستطيع‪ ،‬وينفع حبسب ما يستطيع؛‬
‫لكن النفع الباقي له ولغريه هو العلم؛ ألنه ينفع اهلل به أمما كثرية‪.‬‬
‫وكثريون ساءت ظنوهنم بالعلم ألجل ما يبتلي اهلل به العباد من أمور كثرية يف‬
‫أرض اهلل جل جالله‪.‬‬
‫وهلذا ينبغي التنبيه على‪:‬‬
‫جملة من العوائق التي تُعيق عن طلب العلم‬
‫أو مسّها‪:‬‬
‫المخ ّدرات التي تجعل كثيرين يسيئون ظنا بالعلم وهذا السبيل‬
‫‪5‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫أو مسّها‪:‬‬
‫الحجب التي تجب عن رؤية العلم الصحيح‬
‫أولها‪َ :‬‬
‫ض ْعف اهلمة‪.‬‬
‫وهذه دائمة فإن العلم حيتاج إىل مهة قوية‪ ،‬وأهل العلم هم أكثر الناس مهّة فيما‬
‫حيب اهلل جل وعال ويرضى‪ ،‬وبرؤية للمصاحل واملفاسد املتعلقة بالشخص نفسه‬
‫واملتعلقة بغريه أيضا‪.‬‬
‫هلذا جند أن أكثر الناس مهة هم األنبياء عليهم صلوات اهلل وسالمه‪ ،‬وإذا نظرنا سري‬
‫األنبياء يف القرآن جند أن مهمهم عظيمة يف تبليغ رساالت اهلل ويف أداء الواجب الذي‬
‫أوجبه اهلل جل وعال عليهم من بيان حقه جل وعال يف عبادته وحده ال شريك له‪،‬‬
‫الرد على أهل الباطل مقالتهم وجمادلتهم‬ ‫وبيان حقه سبحانه من أمسائه وصفاته‪ ،‬يف ّ‬
‫ويف بيان شريعة اهلل والتودد إىل اخللق يف بيان هذه الشريعة لعل النور يدخل إىل‬
‫النفوس‪.‬‬
‫وهذا ظاهر يف سرية مجيع األنبياء‪.‬‬
‫هذا نوح عليه السالم أي مهة كان عليها وهو يعض قومه ليال وهنارا وصباحا‬
‫ومساءا وهو يسر هلم ويعلن هلم تارة‪ ،‬ويدعوهم مدة كم؟ ألف سنة إال مخسني عاما‬
‫َخ َذ ُه ُم الطُّوفَا ُن َو ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ث فِي ِهم أَل َ ٍ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ْف َسنَة إِاَّل َخ ْمس َ‬
‫ين َع ًاما فَأ َ‬ ‫وحا إِلَى َق ْومه َفلَب َ ْ‬ ‫﴿ َولََق ْد أ َْر َسلْنَا نُ ً‬
‫ِ‬
‫ين﴾[العنكبوت‪.]15-14:‬‬ ‫ِ‬ ‫الس ِفينَ ِة َو َج َعلْنَ َ‬
‫اها آيَةً لِّل َْعالَم َ‬ ‫اب َّ‬
‫َص َح َ‬
‫َنج ْينَاهُ َوأ ْ‬
‫ظَال ُمو َن (‪ )14‬فَأ َ‬
‫وأي مهة كان عليها إبراهيم عليه السالم وهو ينظر إىل قومه وهم يعبدون األصنام‬ ‫ّ‬
‫وحاجهم بالدفع ودعا‬ ‫ّ‬ ‫وحاجهم بالعقل‬ ‫ّ‬ ‫اليت ينحتوهنا بأيديهم‪ ،‬مث هو يف ذلك صابر‬
‫األبعدين ودعا والده واألقربني‪ ،‬وكان يف ذلك متنقال مرة يف مصر‪ „،‬مرة يف مكة‪،‬‬
‫ومرة هنا وهنا‪ ،‬هذا كله لنشر رسالة اهلل جل وعال‪ ،‬هذه مهة وال شك وال تستغرب‬
‫ألن أهل العزم مههم عالية‪.‬‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪6‬‬
‫وإذا نظرت إىل سري بقية األنبياء فستجد ذلك باقيا‪ ،‬فمن قرأ بعض الكتب اليت‬
‫أُلفت يف علو اهلمة فإنه سيجد من ذلك الشيء الكثري‪.‬‬
‫فطالب العلم ال يصلح أن يكون ضعيف اهلمة‪ ،‬خائر العزم‪ ،‬متواكال؛ بل جيب‬
‫عليه إن أراد سلوك هذا السبيل أن يكون قوي اهلمة‪ ،‬ال يقنع بالدون‪.‬‬
‫وتأيت على قدر الكرام املكارم‬ ‫على قدر أهل العزم تأيت العزائم‬
‫وتصغر يف عني العظيم العظائم‬ ‫الصغري صغارها‬ ‫و َت ْعظُم يف عني َّ‬
‫قد يأيت أحد وينظر إىل كتاب فيقول كيف أقرأ أنا هذا الكتاب الكبري ألجل‬
‫ضعف اهلمة؛ لكن مع علو اهلمة يفتح اهلل جل وعال له‪.‬‬
‫وقد طلبت مرة من األستاذ حممود حممد شاكر رمحه اهلل تعاىل األديب املعروف‬
‫وحمقق أجزاء كثرية من تفسري الطربي‪ ،‬طلبت منه أن يرشدين إىل كتاب يف اللغة‬
‫العربية ألقرأه‪ ،‬فقال يل‪ :‬اقرأ لسان العرب‪ .‬فقلت‪ :‬لسان العرب عشرين جملد كيف‬
‫أقرأه؟ فقال‪ :‬إذن اذهب لصنعة أخرى للتجارة أو للوظيفة ال تصلح للعلم‪ ،‬إيش‬
‫عشرين جملد ‪-‬هذه عبارته‪ -‬قرأناه على شيخنا مرتني ‪-‬أظن أن شيخه يقصد به‬
‫املرصفي‪ -‬ويف الثالثة ما أكملناها‪.‬‬
‫وهكذا صنيع العلماء‪ ،‬احلافظ ابن حجر قرأ البخاري على شيخه يف عشرة أيام‬
‫كل البخاري‪ ،‬وقرأ صحيح مسلم يف ثالثة أيام‪ ،‬وقرأ سنن ابن ماجة يف يوم‪.‬‬
‫وهكذا صنيع أهل العلم يف كثري ممن األحناء‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية ألّف عددا‬
‫من كتبه ورسائله اليت اآلن تدرس وتشرح يف جلسة‪ ،‬مثل ما فعل يف الواسطية ويف‬
‫احلموية يف التدمرية ويف أشباه ذلك‪.‬‬
‫ضعف‬ ‫علو اهلمة‪ ،‬فأول خمدِّر وعائق وحجاب هو َ‬ ‫سبب ذلك قوة العلم‪ ،‬مث ّ‬
‫اهلمة‪ ،‬فإذا حتركت اهلمم جاء اهلل جل وعال بالفتوح من عنده سبحانه‪ ،‬وهذا نوع‬
‫‪7‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫من اجملاهدة لقوله ﴿والَّ ِذين ج َ ِ‬
‫ين﴾‬‫َّه ْم ُس ُبلَنَا َوإِ َّن اللَّهَ ل ََم َع ال ُْم ْحسن َ‬
‫اه ُدوا فينَا لََن ْهد َين ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫[العنكبوت‪.]69:‬‬
‫وقد ذكر ابن اجلوزي رمحه اهلل يف كتابه صيد اخلاطر أنه إذا جاءه مجاعة من‬
‫البطّالني ويَقصد هبم الذين يريدون اجللوس للكالم والقيل والقال واألخبار وحنو‬
‫اشتغلت أثناء جميئهم يف بري األقالم وقص األوراق وجتهيزها‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬قال‪ :‬إذا جاءوا‬
‫مهة يف هذا السبيل‪ ،‬فالذي يريد أن‬ ‫للكتابة‪ .‬وهذا الشك أنه ال يكون إال مع علو ٍ‬
‫ّ‬
‫حيصل ألنه‬
‫يكون العلم يف وقت دون وقت‪ ،‬ويف حال دون حال‪ ،‬هذا مع الزمن ال ّ‬
‫مع الزمن تكثر األمور‪.‬‬
‫وهذا هو العائق الثاين من العوائق واحلجاب الثاين وهو أن يكون املرء أو طالب‬
‫مسودا‪.‬‬
‫العلم َّ‬
‫كما قال عمر َر ِض َي اهللُ عْنهُ فيما علّقه البخاري يف صحيحه‪ :‬تفقهوا قبل أن‬
‫تزوج بدأ ذلك‪،‬‬ ‫َّس ِويد؛ يعين أن يكون املرء سيدا يبدأ بتزوجيه‪ ،‬فإذا ّ‬ ‫تُ َس َّو ُدوا ويبدأ الت ْ‬
‫هلذا قال البخاري رمحه اهلل فيها قال أبو عبد اهلل‪ :‬وبعد أن تسودوا‪ .‬يعين أن يطلب‬
‫العلم وان يتفقه قبل أن يكون ذا سيادة وأمر وهني وسيادة وبعد أن يكون‪ ،‬والناس‬
‫يتنوعون يف ذلك قد تكون الوالية بالزواج واألوالد‪ ،‬وقد تكون الوالية بأن يكون‬
‫مدرسا معلما‪ ،‬فيكون عنده الشيء الكثري من مما يبذله يف تدريسه ويف تعليمه ويف‬
‫األنشطة اليت تكون يف املدارس‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬وقد يكون يف القضاء‪ ،‬وقد يكون يف‬
‫وظيفة‪ ،‬وقد يكون مديرا للعمل مما حيتاجه يف دنياه‪ ،‬وقد يكون أكرب من ذلك‪.‬‬
‫فالسيادة الشك إهنا حجاب عن االستمرار يف العلم‪ ،‬وهلذا قال أبو عبد اهلل‬
‫البخاري منبّها الطالب عن ذلك قال‪ :‬وبعد أن تسودوا؛ ليحرك فيهم العزمية على أن‬
‫ال يتقطع عن العلم بشيء من ذلك‪.‬‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪8‬‬
‫قد كان بعض أهل العلم ينظر يف املسائل مدة طويلة‪ ،‬وهي يف نفسه يريد هلا‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم وودنا‬ ‫ِ‬
‫حال‪ ،‬كما قال عمر َرض َي اهللُ عْنهُ‪ :‬قد مات رسول اهلل َ‬
‫أنا سألناه عن أبواب من الربا‪ .‬والصحابة َر ِض َي اهللُ عْن ُهم متنوا أن لو سألوا عن كذا‬
‫وكذا من أبواب العلم‪ ،‬سألوا عمر‪ ،‬أو سألوا عليا‪ ،‬يف قصص معروفة‪.‬‬
‫يفرط يف‬ ‫وكذلك ما حيصل من أن طالب العلم قد يكون عنده مما يُشغله ما ِّ‬
‫سؤال أهل العلم عما يشكل‪ ،‬ويف مطالعة العلم قبل أن يذهب أهله‪ ،‬فإنه ال يدري‬
‫مىت الناس حيتاجون إليه‪ ،‬وابن عباس رضي اهلل عنهما كان صغريا‪ ،‬وكان يسأل‬
‫الصحابة ويتلقف العلم من هنا وهناك حىت رجع الناس إليه‪ ،‬قال له صاحب له من‬
‫صلَّى اهللُ‬
‫األنصار‪ :‬أتظن يا عبد اهلل أن الناس حيتاجون إليه وهؤالء صحابة رسول اهلل َ‬
‫ِ‬
‫وحصل ونظر حىت بعد أن توىل الواليات‪،‬‬ ‫َعلَْيه َو َسلَّ َم بينهم‪ .‬فهذا ابن عباس استمر ّ‬
‫وقد واله علي َر ِض َي اهللُ عْنهُ إمرة الكوفة ومكث فيها زمانا‪ ،‬مث رجع إىل مكة وتوىّل‬
‫أيضا والية أخرى‪ „،‬وكذلك غريه؛ ولكن مسرية العلم واحدة‪ ،‬ويف العمر ‪-‬عمر‬
‫اإلنسان‪ -‬قد يعوقه هذا العائق من حيث يشعر ومن حيث ال يشعر‪ ،‬فإذا كان طالب‬
‫العلم صاحب عزمية‪ ،‬فإنه جيعل األصل عنده استمراره يف العلم‪ ،‬بأي نوع خيتاره لكن‬
‫ال يتقطع عن العلم‪ ،‬مث غريه مما يكلف به أو مما يعينه عن أمر دينه ودنياه من أنواع‬
‫األعمال ال تصده عن ذلك‪ ،‬وكذلك أهله وأسرته وحنو ذلك‪ ،‬يأخذ من كل شيء‬
‫بقدر ويعطي كل ذي حق حقه‪.‬‬
‫من احلجب أيضا قول بعضهم‪ :‬العلم يصرف عن الدعوة والناس اليوم حيتاجون‬
‫إىل الدعوة‪ ،‬وأما العلم فال حيتاجون إليه‪.‬‬
‫وهذا خمدر كبري‪ ،‬أدرك كثريين فأصاهبم‪ ،‬وهو أهنم يقولون‪ :‬العلم الدعوة أهم‬
‫منه‪ ،‬تصاحب الشباب تذهب معهم‪ ،‬ختالط تذهب تعظ أو تشتغل يف شيء؛ لكن‬
‫العلم ليس مؤثرا‪ ،‬أو مىت ستؤثر بالعلم بعد سنني طويلة جدا‪ ،‬وهذا خمدر وحجاب‬
‫‪9‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫كبري‪ ،‬وناشئ من غلط فهم العلم والعمل األصل أن العلم يتجزأ وأن الدعوة أيضا‬
‫متبعضة ومتجزئة‪ ،‬فالعلم ال يأيت مجيعا‪ ،‬والدعوة أيضا ال تأيت مجيعا‪.‬‬
‫فطالب العلم إذا علِم علَّم ودعا حبسب ما يُفتح له من هذا الباب‪ ،‬فيجعل ميدانه‬
‫يف العلم ويف التأثري حبسب ما يُعطى‪ ،‬واالنشغال عن العلم بالدعوة يو ِرث أن تكون‬
‫الدعوة على جهل‪ ،‬وهذا هو الذي أصاب الكثري من الناس‪.‬‬
‫الناس يف هذا أصبحوا ثالث طوائف‪:‬‬
‫إما أن ينقطع للعلم وال يؤثر شيئا‪.‬‬
‫وإما أن يتجه للدعوة وهو جاهل أو شبه اجلاهل‪.‬‬
‫وهذا مذموم وهذا مذموم؛„ ألن العلم الذي ال ينفع صاحبه وال ينفع به غريه هذا‬
‫قل أن يعلم وحيفظ هذا العلم يف األمة‪،‬‬ ‫غري نافع يعين للناس‪ ،‬وطالب العلم إذا علم ّ‬
‫فإذا صار معك العلم فإن الدعوة تكون حبسب ما أويت العبد من العلم‪.‬‬
‫فالدعوة متبعضة والعلم هو أساس الدعوة ال ميكن أن يدعو العبد بدون علم‪،‬‬
‫يدعو إىل ما علم وأما ما ال يعلمه فإنه حينئذ يكون ممن قفا ما ليس له به علم‪ ،‬وقد‬
‫قال جل جالله ﴿قُ ْل َه ِـذ ِه َسبِيلِي أَ ْدعُو إِلَى الل ِّه َعلَى بَ ِص َير ٍة﴾[يوسف‪ ،]108:‬والبصرية هي‬
‫العلم‪ ،‬أدعو إىل اهلل على علم‪ ،‬فالعلم يتجزأ‪ ،‬إذن فالدعوة تتجزأ‪ ،‬إذا علم شيئا بدليله‬
‫ووضح عنده فإنه يدعو إىل ذلك يعلّمه حبسب ما ينفع‪.‬‬
‫وبعض الناس يظن أن الدعوة ال تكون إال باملواعظ‪ ،‬أو ال تكون إال باحملاضرات‪،‬‬
‫أو بالذهاب إىل القرى‪ ،‬أو باإللقاء الكلمات وحنو ذلك‪ ،‬يف األمور العامة اليت يتكلم‬
‫الناس فيها‪ ،‬هذا عري صحيح؛ ألن األنبياء هم أكمل الدعاة‪ ،‬وكالم األنبياء إمنا كان‬
‫يف حق اهلل جل وعال وتوحيده وعبادته‪ ،‬فإذا علّم طالب العلم‪ ،‬فقد دعا؛ ألنه بتعليمه‬
‫يدعو إىل اهلل جل وعال‪ ،‬يدعو نفسه ويدعو غريه أيضا؛ لكن الناس مقامات وكل‬
‫يفتح له حبسبه‪.‬‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪10‬‬
‫قد سئل مالك رمحه اهلل على انقطاعه للعلم وتركه أبواب أخر من أبواب اجلهاد‬
‫فقال‪ :‬إن من الناس من فُتِح له أبواب الصالة‪ ،‬منهم من فتح له فتح له باب الصدقة‬
‫ومنهم من فتح له باب احلج والعمرة‪ ،‬ومنهم من فتح له باب اجلهاد‪ ،‬ومنهم من فتح‬
‫له باب العلم‪ ،‬وأنا فتح يل باب العلم ورضيت مبا فتح اهلل يل‪.‬‬
‫وهذا بقي أثر اإلمام مالك إىل اليوم يف ذلك لشدة حاجة الناس إىل بقاء العلم‬
‫النافع يف هذا‪.‬‬
‫فإذن ال يسوغ االلتفات إىل هذا اخلاطر أو احلجاب الذي هو من كيد الشيطان‬
‫يف أنه ال تنشغل بالعلم؛ ألن الدعوة‪ ،‬أهم وقد قاهلا من قبلنا أناس من قبلنا مخسة‬
‫عشر هذا عشرين سنة وملا تقدمت هبم السن صاروا ضعيفني يف العلم‪ ،‬فال أحسنوا‬
‫العلم وال أحسنوا الدعوة بعد ذلك‪ ،‬العلم سالح يف يدك حتاج به وجتاهد به تبلغه‬
‫تدعو به‪ ،‬حبسب ما قسم اهلل جل وعال للعبد‪.‬‬
‫يقسي القلب‪.‬‬‫احلجاب الرابع أو املخ ّدر الرابع قول كثريين‪ :‬العلم ّ‬
‫وهذه تسمع ويقوهلا بعض أشباه اجلهال والعياذ باهلل‪ ،‬وإذا كان العلم يقسي القلب‬
‫فال نعلم شيئا يلني القلب بعد العلم‪ ،‬العلم ما هو؟‬
‫الصحابة هم أولو العرفان‬ ‫العلم قال اهلل قال رسوله قال‬
‫هذا العلم كما عرفه ابن القيم يف النونية‪ ،‬العلم مصدره ودليله قال اهلل قال‬
‫رسوله‪ ،‬القرآن كله مبا فيه من العلم باهلل والعلم برسوله والعلم مبا وراء الغيب ‪-‬اجلنة‬
‫والنار وما أع ّد اهلل‪ -‬والعلم باألحكام الشرعية واحلالل واحلرام‪ ،‬هذا كله الذي يف‬
‫َّاس قَ ْد َجاءتْ ُكم َّم ْو ِعظَةٌ ِّمن‬
‫القرآن مساه اهلل جل وعال موعظة فقال جل وعال ﴿يَا أ َُّي َها الن ُ‬
‫ض ِل الل ِّه َوبَِر ْح َمتِ ِه فَبِ َذلِ َ‬
‫ين (‪ )57‬قُ ْل بَِف ْ‬‫الص ُدو ِر و ُه ًدى ور ْحمةٌ لِّل ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫ْم ْؤمن َ‬
‫ََ َ ُ‬ ‫َّربِّ ُك ْم َوش َفاء لِّ َما في ُّ َ‬
‫َفلَْي ْف َر ُحواْ ُه َو َخ ْي ٌر ِّم َّما يَ ْج َمعُو َن﴾[يونس‪ ،]58-57:‬وفضل اهلل ورمحته القرآن‪ ،‬واملوعظة‬
‫اليت جاءت القرآن‪ ،‬والشفاء ملا يف الصدور الذي جاء واهلدى والرمحة هو القرآن‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫فالقرآن موعظة بكل ما فيه‪ ،‬فالعلم هو أكرب موعظة‪ ،‬العلم النافع ال يقسي القلب‪،‬‬
‫العلم النافع خيشع معه القلب ويلني؛ لكن خشوع قلب العامل أو طالب العلم ليس‬
‫كخشوع قلب العابد اجلاهل‪ ،‬فإن ذاك قد يأتيه من اخلواطر أو من اإلميانيات ما جيعله‬
‫يف الظاهر ألني قلبا؛ لكن ذلك يف احلقيقة ألني قلبا وأخشع وأخضع‪ ،‬كما هو ظاهر‬
‫من حال الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬كانوا أقوى ومن بعدهم كانوا إذا تليت عليهم‬
‫بعض اآليات أو إذا ذكرت عليهم بعض القصص والرقائق رمبا خر بعضهم مغشيا‬
‫عليه ألجل رقّة قلبه‪ ،‬ورقة القلب ولينه ليس هو األمر احملمود؛ بل البد أن تكون رقته‬
‫ولينه على وفق ومقتضى العلم النافع‪.‬‬
‫وهلذا قال مجاعة من أهل العلم منهم ابن تيمية وغريه قالوا‪ :‬إن من غُ ِشي عليه من‬
‫وضعف القلب عن االحتمال‪.‬‬ ‫السلف ووجود هذا فيهم ألجل قوة الوارد َ‬
‫وهذا صحيح فإنه إذا صار الوارد قويا والقلب ليس فيه من قوة العلم ما حيجبه أو‬
‫يكون قويا على هذا الوارد فإنه قد يسقط صاحبه‪ ،‬وهلذا قلب طالب العلم لنّي خاشع‬
‫خاضع حبسب حاله وحبسب ما أعطاه اهلل؛ لكن أيضا هو على بصرية من الدين‪.‬‬
‫قلوب واألهواء إىل ٍ‬
‫قلوب فيها لني وليس عندها حتصني بالعلم‬ ‫تُسرع البدع إىل ٍ‬
‫والسالَ ُم «أتاكم أهل اليمن هم أر ّق أفئدة» وهذا ظاهره‬ ‫النافع‪ ،‬قد قال َعلَْي ِه َّ‬
‫الصالَةُ َّ‬
‫املدح هلم وفيه ما يشري إىل أنه تسرع فيهم األهواء ألجل رقة تلك األفئدة‪ ،‬فالفؤاد‬
‫الرقيق أو العاطفي أو تقول املتحمس أو كثري الوجل واخلوف قد يأتيه أهل األهواء‬
‫وأما العلم فإنه يعطي اخلشية ويورث اخلشية لكنها خشية العلماء وليست‬ ‫فيجرفونه‪ّ ،‬‬
‫خشية العباد اجلهلة‪.‬‬
‫وهلذا جاء يف األثر أو يف اخلرب‪ :‬عامل واحد أشد على الشيطان من ألف عابد‪ .‬هذا‬
‫وإن كان يف إسناده مقال؛ لكن رمبا يصح موقوفا‪ ،‬وظاهره معناه الصحة ألن العامل ال‬
‫يستطيعه الشيطان ال من جهة الشبهات وال من جهة االستمرار على الشهوات‪ ،‬قد‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪12‬‬
‫يغلبه يف شهوة أو قد يغلبه يف شبهة؛ لكنه يستبصر فيعود يف بصرية من جهة بيان‬
‫احلق يف الشبهة‪ ،‬ومن جهة سالمة القلب من الشهوة باالستغفار واإلنابة‪.‬‬
‫فإذن العلم يورث خشوع القلب وال يورث قسوة القلب والعياذ باهلل‪ ،‬ومصداق‬
‫اهلل ذلك يف قوله تعاىل ﴿إِنَّ َما يَ ْخ َشى اللَّهَ ِم ْن ِعبَ ِاد ِه الْعُلَ َماءُ﴾[فاطر‪ ،]28:‬يعين أن أهل‬
‫اخلشية احلقيقة هم العلماء هذا جاء على سبيل احلصر ﴿إِنَّ َما يَ ْخ َشى اللَّهَ ِم ْن ِعبَ ِاد ِه‬
‫الْعُلَ َماءُ﴾ يعين إمنا خيشى من عباد اهلل جل وعال العلماء‪ ،‬كأن البقية ليسوا من أهل‬
‫كمال يف اخلشية‪ ،‬وخشية العلماء ختتلف حبسب حاهلم‪ ،‬وحبسب ما هم عليه‪.‬‬
‫فإذن إذا كان طالب العلم وجد يف قلبه شيئا من قسوة أو إقبال على ذنب أو‬
‫تفريط يف أمر اهلل فال يُرجع لك إىل العلم فيسيء الظن بالعلم‪ ،‬أو ينظر إليه غريه‬
‫فيجده كذلك فريجع ذلك غلى العلم حاشا وكال‪.‬‬
‫وإمنا مرجع ذلك غلى شهوة خفية وإىل مرض يف النفس‪ ،‬قد يكون مع العلم‪،‬‬
‫هناك مرض يف النفس مع العلم‪ ،‬إما مرض شهوة يالزمها‪ ،‬وإما مرض شك يكون‬
‫معه‪ ،‬وإما مرض شهرة‪ ،‬وإما مرض جاه‪ ،‬وإما مرض تكرب وأشباه ذلك‪.‬‬
‫حىت إ ّن من أهل العلم من كان ال يرضى أن يسمى أن خياطب إال بامللك يعين يف‬
‫الزمن األول‪ ،‬كما قيل ملك العلماء فالن‪ ،‬وملك النحاة فالن‪ ،‬كان ال يرضى أن‬
‫يسميه أحد بأيب فالن أو بالعامل أو العالمة حىت يقال ملك النحاة‪ ،‬هذه شهوة خفية‬
‫تكون يف اإلنسان‪ ،‬وهذا ال يكون مرد عدم اخلشية إىل العلم ولكن ألجل مرض يف‬
‫النفس‪ ،‬وهذا يعاجل حبسب ما هو عليه‪.‬‬
‫أما العلم فإنه يو ِرث اخلشية‪ ،‬وإذا مل يورث يف طالب العلم اخلشية واإلنابة‬
‫والرجوع إىل اهلل واألنس به واالستغفار ومالزمة التقوى‪ ،‬فإنه جيب أن حياسب نفسه‬
‫على ذلك‪ ،‬وأن جيعل العلم الذي معه حجة له يف الرجوع إىل الصراط املستقيم‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫ومن العوائق اليت تذكر يف هذا السبيل واملخدرات اليت خت ّدر عن طلب العلم‬
‫وتثبط قول كثريين‪ :‬إن العلماء هم أقل الناس أو أبعد الناس تأثيرا في األحداث‬
‫إذا وقعت وأنهم يرغبون الصمت والسالمة‪.‬‬
‫وهذا يدل حبسب كالمهم أن العلم يؤدي إىل التثبيط وعدم اجلهاد أو األمر‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر أو قول كلمة احلق وحنو ذلك‪.‬‬
‫هذا من وساوس الشيطان‪ ،‬ومن إلقاء أهل األهواء ألجل أن ال يقتدي الناس‬
‫بالعلماء‪ ،‬ومل حيدث هذا مرة؛ بل كلما حدثت فتنة منذ زمن السلف إىل يومنا هذا‪،‬‬
‫وكلما حدث خالف فإنه يعيب اجلاهل على من صمت بصمته‪.‬‬
‫وما أحسن كلمة اخللفية عمر بن عبد العزيز رمحه اهلل تعاىل حيث وصف‬
‫الصحابة ومن سلف بقوله‪ :‬إهنم على علم وقفوا وببصر نافذ ك ّفوا‪ .‬مبعىن أهنم حني‬
‫يتكلمون يتكلّمون بعلم‪ ،‬وحني يكفون عن الكالم وعن املقال فإهنم يكفون ببصر‬
‫نافذ بشرع اهلل جل وعال‪.‬‬
‫وكان السلف يف الفنت يكثرون الصمت ويُِقلُّون الكالم‪ ،‬وهلذا كانت كلماهتم‬
‫حتفظ فتنقل‪ ،‬وأما كالم اخللف فهو كثري‪ ،‬ويف الفنت يكون أكثر‪ ،‬وهذا من قلة العلم‬
‫مبنهج السلف يف ذلك‪.‬‬
‫استمرت حنوا من‬
‫كلمات اإلمام أمحد مثال كانت قليلة يف فتنة خلق القرآن اليت ّ‬
‫عشرين سنة أو أكثر من عشرين سنة؛ ولكنها ُحفظت ونُقلت ولو كان يف العشرين‬
‫سنة اليت استحكمت فيها هذه الفتنة كل يوم يقول كالما ويصدر كالما ويتناقلها‬
‫الناس ألصبح ذلك يف جملدات‪ ،‬ولكن مل يكن هدي السلف ذلك‪.‬‬
‫قال اإلمام مالك رمحه اهلل سئل‪ :‬الرجل تكون عنده السنة أجيادل عليها؟ فقال‪:‬‬
‫ال‪ ،‬خيرب بالسنة فإن قبلت منه وإال سكت‪ .‬أل ّن الواجب البيان‪ّ ،‬أما إصالح العباد هذا‬
‫س َعلَْي َك ُه َد ُاه ْم َولَ ِـك َّن اللّهَ َي ْه ِدي َمن يَ َشاء﴾[البقرة‪ ،]272:‬وقد‬ ‫َّ‬
‫إىل اهلل جل وعال ﴿ل ْي َ‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪14‬‬
‫أشار إىل هذه املسألة احلافظ ابن رجب يف رسالته املشهورة فضل علم السلف على‬
‫علم اخللف وقال يف ضمن كالمه‪ :‬كالم السلف قليل كثري الفائدة وكالم اخللف‬
‫كثري قليل الفائدة‪.‬‬
‫وإذا وزنا هذا بامليزان يف وقت الفنت واألمور واملتقلبة فإننا جنده ظاهرا يف أن‬
‫املؤصل املستدل له هو الذي ينفع وأما غريه فإنه كثري لكن يُنسي بعضه‬ ‫الكالم القليل ّ‬
‫بعضا‪ ،‬فإذا قال قائل‪ :‬ما الذي قال فالن؟ نسي ألن الكالم كثري وهو تكلم عشر‬
‫مرات عشرين مرة ثالثني مرة وحنو ذلك‪.‬‬
‫وهلذا نقول‪ :‬إن العلماء يؤثرون ويغرّي ون يف األحداث والفنت؛ لكن التأثري والتغيري‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم «من رأى منكم منكرا فليغيره‬
‫الشرعي‪ ،‬أنظر إىل قول النيب َ‬
‫بيده فإن لم يستطع فلسانه» يعين فليغريه بلسانه «فإن لم يستطع بقلبه» يعين‬
‫فليغريه بقلبه وذلك بكراهة هذا األمر‪ ،‬وهذا صحيح يف ميدان التأثري والتغيري‪ ،‬فإنه‬
‫ليس العربة أن يكون هناك تغري على وفق ما يريد صاحب احلق؛ لكن العربة أن يقول‬
‫كلمة حق تبقى‪ ،‬وأن يؤثر حبسب ما يعلمه من كتاب والسنة وهدي السلف‪ ،‬وهذا‬
‫يبقى وسيتذكره الناس ولو بعد حني‪ ،‬وكم مرة يف الفنت بقي الكالم ‪-‬كالم العامل‪-‬‬
‫هو احملفوظ الذي كان قليال الذي مرجعه الكتاب والسنة ونُسي غريه‪ ،‬وهذا هو‬
‫الذي حفظ على مدار الزمان وعلى مدار أيام اهلل جل وعال‪.‬‬
‫املطلوب من أهل العلم ومن طلبة العلم أن يكونوا مؤثرين يف األحداث؛ لكن مبا‬
‫ال حُي دث فتنة‪ ،‬ومبا ال يكون قوال على اهلل بال علم؛ ألنه قد يبتلى هو يف نفسه من‬
‫جراء ما يقول بكالم مل يتق اهلل فيه‪ ،‬مبعىن مل جيعله مؤصال راجعا يف كل كلمة حيرص‬ ‫ّ‬
‫على أن تكون خمتارة أو مما بعلم أهنا حق يف نفسها‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫أهل العلم ‪-‬كما ذكرنا لكم من قبل‪ -‬من السلف الصاحل يؤثرون يف األحداث‬
‫مبقتضى العلم الذي معهم‪ ،‬وال يتأثرون هبا‪ ،‬فرمبا كان قليل كالمهم أبلغ‪ ،‬ورمبا كان‬
‫إعراضهم أبلغ‪ ،‬وكلٌّ حبسبه وكل يف جماله‪.‬‬
‫هلذا طلبة العلم ينبغي هلم يف خضم األحداث أو تغريت أن يبتعدوا عن‬
‫االجتهادات الفردية‪ ،‬إذا كانوا سيتكلمون أو يقولون‪ ،‬فإهنم ال يتّجه هو إىل شيء‬
‫فيعلنه يف األمة‪ ،‬فيعلنه يف الناس‪ ،‬وما أكثر اليوم وسائل اإلعالم خاصة اإلنرتنت‬
‫بأسهل سبيل؛ بل ينبغي له أن يتقي اهلل وأن يتأخر شيئا فشيئا حبيث يستشري ويرجع‬
‫ويكون معه حجته فيما يقول‪.‬‬
‫ومن العوائق أيضا يف سبيل العلم قول القائل‪ :‬إن العلم يحتاج إلى عمر طويل‪،‬‬
‫تفرغ‪ ،‬وإلى زمن‪ ،‬وأنا ال يسعني القدرة على التفرغ‪ ،‬وال على أن أكون‬
‫وإلى ّ‬
‫كذلك‪.‬‬
‫وهذا صحيح من جهة؛ من جهة أن العلم حيتاج إىل أن يبقى مع اإلنسان؛ لكن‬
‫ال تدري ما الذي يفتح اهلل جل وعال لك‪ ،‬العامل أنفاسه له‪ ،‬وطالب العلم يف مشيه‬
‫يكتب له فهو يف عبادة عظيمة‪ ،‬وكم من إنسان مل يأنس يف نفسه يف العلم قوة مث‬
‫بعد ذلك طلب العلم وصرب عن ذلك حىت ّبرز فيه‪ ،‬وكم منهم من كان يف الدراسة‬
‫وسطا أو دون الوسط وكان غريه من الذين يأخذون تقديرات عالية كانوا أفهم‬
‫وأسبق منه وأحفظ؛ لكن بقي هذا طالب علم ينفع‪ ،‬وأولئك مشوا يف احلياة فلم‬
‫ينفعهم ذلك التميز‪.‬‬
‫والسبب يف ذلك هو أنه يعلم أن طلب العلم أنه عبادة عظيمة حممودة‪ ،‬وإذا‬
‫عرفوا املطلوب حقر ما بذل فيه‪ ،‬بقدر االستمرار تكون العاقبة‪ ،‬ال تستخسر وقتا‬
‫متضيه يف جلسة علمية وال تستخسر وقتا متضيه يف قراءة كتاب ومساع شرح كتاب‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪16‬‬
‫يف شريط أو حنوه ألن هذا يورثك حب العلم ويورثك حب أهله ويسهل عليك‬
‫العلم شيئا فشيئا‪.‬‬
‫وقد ذكرت لكم قبل الليلة أن أحد أهل احلديث كما رواه اخلطيب البغدادي يف‬
‫كتابه اجلامع يف أخالق الراوي وآداب السامع‪ ،‬قال‪ :‬كان شاب يطلب احلديث‬
‫فع ُسر عليه‪ ،‬فبينما هو عند صخرة أو عند حجر‪ ،‬فإذا املاء يتقاطر عليها شيئا فشيئا‬
‫َ‬
‫قطرة قطرة وقد حفر فيها حفرة‪ ،‬فقال هذه عربة لك يا فالن‪ ،‬ليس قلبك بأقصى من‬
‫احلجر‪ ،‬وليس العلم بأخف من املاء‪ ،‬فرجع صار من أهل احلديث ومن رواته وهذا‬
‫صحيح‪.‬‬
‫ومن العوائق يف ذلك ‪-‬لعلنا خنتم هبا‪ -‬أن يقول القائل‪ :‬هل تظن أنك ستبلغ‬
‫مبلغ الشيخ فالن‪ ،‬أو العالم فالن أو الداعية فالن أو فالن المشهور بالعلم‪،‬‬
‫هؤالء فعلوا‪ ،‬وهؤالء كان لهم كذا‪.‬‬
‫فيضرب له أمثلة من املشاهري لكي حيجزه عن الوصول إىل هذه املراتب العليا‬
‫وهذا من وساوس الشيطان الكبرية ألن العلم يف ذاته حممود ويف مآالته يف الدنيا‬
‫واآلخرة حممود‪ ،‬وليس الغرض من طلب العلم أن يكون املرء إماما لكل الناس‪ ،‬أو أن‬
‫يكون عاملا يشار إليه؛ بل إذا قصد ذلك ونواه فنيته فاسدة؛ بل الغرض من العلم هو‬
‫أن ي يكون ما بينك وبني اهلل جل وعال عامرا‪ ،‬وأن تكون عاملا باهلل تعرف ربك‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬
‫جل وعال وإذا قرأت يف الكتاب عرفت حق اهلل وحق رسوله َ‬
‫وأنست بفهم الكتاب والسنة‪ ،‬وأعظم أنس وأعظم طمأنينة يف هذه الدنيا هي‬
‫طمأنينة اإلميان‪ ،‬وخاصة يف حال قراءتك للقرآن أنت تعلم ما تقرأ‪ ،‬ومساعك للسنة‬
‫وأنت تعلم ما تسمع‪ ،‬وأنت تصلي وتعلم الصالة وما تقول فيها وأحكامها‪ ،‬وترى‬
‫حركة الناس وتعلم أحكام ذلك هذه من أعظم الطمأنينة اليت يرجع إليها العبد‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫فلهذا إياك واملخدر الذي يأيت به الشيطان ويثبط عن العلم بأنه لن تكون العامل‬
‫فالن‪ ،‬ليس األمر كذلك‪.‬‬
‫األنبياء صلوات اهلل وسالمه عليهم مجيعا هل كانوا على مرتبة واحدة ﴿تِل َ‬
‫ْك‬
‫ض ُهم َدرج ٍ‬
‫ات﴾[البقرة‪]253:‬‬ ‫ض ِّم ْن ُهم َّمن َكلَّ َم اللّهُ َو َرفَ َع َب ْع َ ْ َ َ‬
‫ض ُه ْم َعلَى َب ْع ٍ‬ ‫الر ُس ُل فَ َّ‬
‫ضلْنَا َب ْع َ‬ ‫ُّ‬
‫هل كانوا مجيعا من أويل العزم؟ ال‪ ،‬أويل العزم منهم مخسة‪ ،‬وهل اخلمسة هؤالء على‬
‫مرتبة واحدة؟ ليس األمر كذلك‪.‬‬
‫الو َهم يف أن يقول قائل يف طلب العلم لن أطلب حىت أكون كامال مدركا‪،‬‬ ‫فإذن َ‬
‫كيف طلبت العلم ال أعرف أخرج املسائل الفقهية‪ ،‬وال أخرج احلديث وال أعرف‬
‫كيف ألقي كلمة سليمة وحنو ذلك‪ ،‬ال يشرتط ليس العلم املقصود منه ذلك‪ ،‬العلم‬
‫نيته الصاحلة كما ذكرت لكم مرارا أن تنوي رفع اجلهل عن نفسك‪ ،‬فإذا تعلمت‬
‫وترفع اجلهل عن نفسك وتكون عاملا باهلل فإنه يرجى أن يكون لك أثر فضل العلم‬
‫آمنُوا ِمن ُك ْم‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫والعلماء وهو أهنم مرفوعون؛ ألن اهلل جل وعال قال ﴿ َي ْرفَ ِع اللَّهُ الذ َ‬
‫ات﴾[اجملادلة‪ ،]11:‬وبقدر ما تؤتى من العلم يرفعك اهلل جل وعال‬ ‫والَّ ِذين أُوتُوا ال ِْعلْم َدرج ٍ‬
‫َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫درجات‪ ،‬مث املرء يوم القيامة مع من أحب‪ ،‬وتقام ويوم القيامة ألوية‪ ،‬فمع من يكون‬
‫اإلنسان؟ يكون مع أشبه الناس به‪ ،‬وإذا كنت نفسه معلقة بفالن وفالن فإنه يرجى‬
‫أن يكون معهم؛ ألن العلم ُوصلة وسبيل يف ذلك‪ ،‬قال جل وعال يف الظاملني‬
‫شروا الَّ ِذين ظَلَموا وأَ ْزواج ُهم وما َكانُوا ي ْعب ُدو َن (‪ِ )22‬من ُد ِ‬
‫ون اللَّ ِه فَ ْاه ُد ُ‬
‫وه ْم إِلَى‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ َ َ َ ْ ََ‬ ‫﴿ ْ‬
‫اح ُ ُ‬
‫وهم إَِّنهم َّمسئُولُو َن﴾[الصافات‪ ،]24-22:‬قوله ﴿اح ُ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اط ال ِ‬ ‫صر ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ش ُروا الذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْجح ِيم (‪َ )23‬وق ُف ُ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اج ُه ْم﴾ من هم األزواج؟ هم النّظراء واألمثال واألشباه‪ ،‬فيحشر الظامل مع‬ ‫ظَلَ ُموا َوأَ ْز َو َ‬
‫مثيله‪ ،‬القاتل مع القاتل‪ ،‬واملشرك الذي يعبد الوثن مع الوثن‪ ،‬والذي يعبد الصنم مع‬
‫الصنم‪ ،‬والذي يعبد النيب مع الذي يعبد النيب‪ ،‬فالذي حيشر‪ :‬حيشر الظامل مع شبيهه‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪18‬‬
‫ونظريه ومثيله‪ ،‬قال بعض أهل العلم‪ ،‬وكذلك أهل اإلميان األمثال مع بعضهم بعضا‬
‫ألنه يكون أطمن لقلوهبم وأبلغ يف ذلك‪.‬‬
‫هبذا نقول يف فاحتة هذه الدروس‪ :‬جيب علينا مجيعا املتحدث واحملدَّث أن حنرص على‬
‫العلم النافع‪ ،‬وأن ال يشغلنا عنه شاغل وهو الباقي‪ ،‬وأما عوارض الدنيا تزول‪ ،‬واملرء‬
‫بقدر مسريه فيه يعطيه اهلل جل وعال‪ ،‬وحياسب نفسه‪ ،‬وبقدر حماسبته لنفسه يعطيه اهلل‬
‫جل وعال من فضله‪.‬‬
‫نسأل اهلل جل وعال أن يقينا وإياكم العثار‪ ،‬وأن جيعلنا من أهل اآلثار إنه سبحانه‬
‫جواد كرمي‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا حممد‪.‬‬
‫[األسئلة]‬
‫س‪ /1‬إذا أخطأ عامل من علماء أهل السنة أو طالب علم يف بعض مسائل علمية‪،‬‬
‫ما الضوابط الشرعية اليت يعمل هبا طالب العلم يف التعامل معهم؟‬
‫ج‪ /‬أوال املسائل الشرعية نوعان‪:‬‬
‫دل عليها بظهور‪.‬‬‫مسائل ظاهرة بينة يف أن الدليل َّ‬
‫والنوع الثاني مسائل اجتهادية متعلقة بالنوازل ومبا يكون‪.‬‬
‫أما الكالم يف الويل وما خيتلف الناس فيه يف املسائل اليت فيها دليل ظاهر بني‬
‫فاخلطأ ظاهر والصواب ظاهر ألجل ظهور الدليل يف ذلك‪.‬‬
‫وأما املسائل االجتهادية وهي اليت تكون فيها النوازل أو يكون فيها الدليل فيها‬
‫غري ظاهر مما حيصل فيه اخلالف عمن طريق االجتهاد‪ ،‬فهذه قد اختلف السلف وما‬
‫عاب بعضهم بعضا‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫وهلذا نقول‪ :‬إن طالب العلم جيب عليه أن يتحرى احلق‪ ،‬وأن ال يستعجل إذا‬
‫اشتبه عليه األمر‪ ،‬مث ينظر إىل حتقيق املصاحل الكربى ودرء املفاسد‪ ،‬والناس طلبة العلم‬
‫قد يتقاربون يف فهم األدلة ويف فهم املسائل؛ لكن قد خيتلفون يف أمرين‪:‬‬
‫أما األول يف حتقيق املناط‪ ،‬وما من مسألة شرعية نازلة إال والنظر فيها يكون من‬
‫جهتني ‪-‬كما قال الشاطيب‪ -‬يف املوافقات‪:‬‬
‫األولى من جهة حمل الدليل يعين من جهة الدليل يف نفسه وما دل عليه‪.‬‬
‫والثانية يف حتقيق املناط وهو إدراك املسألة إلحلاقها وجعلها حتت دليل‪ ،‬فإذا كان‬
‫الدليل موجودا ولكنه مل يدرك حتقيق املناط فيها وقع االختالف‪ ،‬وأكثر ما يقع‬
‫االختالف يف النوازل ويف األمور االجتهادية هو يف حتقيق املناط‪ ،‬هل هذه تلحق هبذا‬
‫أو تلحق هبذا‪ ،‬وهنا يتفاوت أهل العلم والنظر يف ذلك‪ ،‬فإذا وقع هذا األمر فإن‬
‫املسألة‪ ،‬إذا كان ليس فيها دليل ظاهر بني فإنه ال مشاحة يف أن خيتلف الناس أو‬
‫خيتلف طلبة العلم أو خيتلف العلماء‪ ،‬األمر فيه سعة وينصح بعضهم بعضا ويناصح‬
‫بعضهم بعضا حىت يصريوا إىل أمر؛ لكن ينبغي أن ال يتكلم الواحد والواحد يف هذه‬
‫املسائل االجتهادية والنوازل؛ بل تكون هذه من اختصاص اهليئات واختصاص‬
‫جمموعة من أهل العلم جيتمعون ويبحثوهنا ويسدد بعضهم بعضا فيها؛ ألن من سنة‬
‫السلف كفعل عمر أنه إذا جاء فيه مسألة مجع هلا أهل بدر‪ ،‬وهو اخلليفة الراشد‪،‬‬
‫وهكذا كان كثري من أهل العلم يستشري وال يستقل باألمور يف األمة‪.‬‬
‫فإذا وقع اختالف يف املسائل االجتهادية‪ ،‬قد يكون فيه سعة؛ ألن هذا نص‬
‫وقصده خريا إن شاء اهلل يف بابه وهذا نظر من جهة وقصده خري إن شاء يف بابه؛‬
‫لكن ما ينبين عليه عمل‪ ،‬وينبين عليه مصري األمة‪ ،‬فإنه جيب أن يكون لعلماء األمة‬
‫الكبار جيتمعون ويصدرون عن رأي واحد يف ذلك‪ ،‬وأن ال يكون هذا ألفراد طلبة‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪20‬‬
‫العلم ألهنا إذا حدثت الفنت والنزاعات واألقوال ملا يرتتب عليه عمل‪ ،‬فإن هذا يكون‬
‫مدعاة حلدوث أشياء‪.‬‬
‫فإذا كانت مسائل علمية ولو كان يتعلق باالعتقاد وموقف احلدث الفالين قد‬
‫خيتلف الناس‪ ،‬هؤالء ينظرون من جهة‪ ،‬وهؤالء ينظرون من جهة‪ ،‬وكل جمتهد يف‬
‫اخلري إن شاء اهلل‪ ،‬فإذا وقع هذا فال ينبغي أن يضلل بعضهم بعضا إذا مل خيالف الدليل‬
‫أو كان وجهته يف حتقيق املناط قريبة ليست بعيدة‪ ،‬وال ينبغي أن يضلل بعضهم بعضا‬
‫وأن يبغي بعضهم على بعض؛ ألنه من أعظم ما يكون من نتيجة الفنت أن يبغي بعض‬
‫األمة على بعض‪ ،‬وخاصة طلبة العلم وأهل العلم‪ ،‬كوهنم خيتلفون يف مسألة‪ ،‬يروح‬
‫هذا يسب هذا وهذا يسب اآلخر ويذم بعضهم بعضا‪ ،‬وكل جيرم اآلخر وحيمل قوله‬
‫على فساد يف النية وعلى فساد يف القصد وعلى فساد‪ ،‬دون رؤية حبقيقة األمر‪ ،‬وما‬
‫توخاه هذا وما توخاه ذاك‪ ،‬وما جعله يف حتقيق مناط احلكم هنا وهنا إن هذا يوقع يف‬
‫البغي‪.‬‬
‫وكما ذكر شارح الطحاوية ومر معنا يف أواخر شرح الطحاوية أنه ما وقعت‬
‫االختالفات يف األمة وال وقع بأس األمة بعضها على بعض إال من سببني عظيمني‪:‬‬
‫األول التأويل‪.‬‬
‫والثاني البغي‪.‬‬
‫يتأول مث بعد ذلك يبغي بعضهم على بعض‪.‬‬
‫لقي الشافعي رمحه اهلل تعاىل عاملا من علماء احلنفية أو حنو ذلك‪ ،‬عاملا من‬
‫العلماء‪ ،‬فناظره يف مسألة فلم يتفقا‪ ،‬فلما تقابال ‪-‬وقد ذكرها الذهيب يف سري أعالم‬
‫النبالء يف ترمجة الشافعي يف أول اجمللد العاشر‪ -‬فلما تقابال أخذ الشافعي مبتدرا يد‬
‫أخيه وقال‪ :‬له أال نكون إخوانا وإن اختلفنا يف مسألة‪ ،‬ما الذي يضر‪ ،‬إذا مل يكن‬
‫خمالفة لدليل ظاهر بنّي ‪ ،‬إمنا يف حتقيق املناط اختلفوا متثيل‪ ،‬اختلفوا يف رؤية املصاحل‪،‬‬
‫‪21‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫أال يكون إخوانا طلبة اعلم البد أن يكونوا كلهم على شكل واحد وقول واحد‪ ،‬هذا‬
‫قد ال يتيسر‪.‬‬
‫فهنا إذا اختلف أهل العلم يعذر بعضهم بعضا إذا كانت املسألة يف املسائل‬
‫االجتهادية‪ ،‬وفيما ال يرتتب عليه عمل للناس ويرتتب عليه فتنة وحنو ذلك‪ ،‬وهذا‬
‫أيضا قاله اإلمام أمحد رمحه اهلل قال‪ :‬إسحاق أخونا وإن كان خيالفنا يف مسائل‪.‬‬
‫ردا عليه‪ ،‬أو‬‫وهلذا ينبغي أن يتعلّم طالب العلم ويوطّن نفسه أن يتلقى من غريه ّ‬
‫أن يتلقى من طالب العلم اآلخر نقدا له وختطئة ورمبا شدة عليه‪.‬‬
‫حممد بن احلسن كتب رد على سري األوزاعي‪ ،‬ومالك رد على ابن أيب ذئب وابن‬
‫أيب ذئب رد على مالك‪ ،‬وهكذا العلماء‪ ،‬وقصد اجلميع احلق؛ لكن ال يؤول ذلك إىل‬
‫أن يبغي بعضهم على بعض؛ ألنه إذا وقع ذلك فقد أصاهبم الشيطان‪ ،‬إذا وقعوا يف‬
‫التأويل‪ ،‬فهذا قصده كذا‪ ،‬هذا يريد كذا‪ ،‬هذا يعمل ألجل كذا وحنو ذلك من‬
‫التأويالت الباطلة‪ ،‬إذا دخل التأويل مث بغى بعضهم على بعض وقت الفنت األعظم‬
‫وهي تنافر القلوب وعدم الثقة‪.‬‬
‫وهلذا ينبغي أن حُي رص على الدليل‪ ،‬وأنه بعد النظر يف األدلة حيقق املناط الذي‬
‫تناط املسألة به مث بعد ذلك تلحق بالدليل وبالقواعد الشرعية واألصول املناسبة هلا‪.‬‬
‫س‪ /2‬ظهرت ظاهرة يف أوساط طلبة العلم وهي أن العلم وخصوصا علم التوحيد‬
‫والعقيدة ال يؤخذ إال من أهل هذا البلد؛ بل وأهل جند خصوصا‪ ،‬وإذا ظهر أحد‬
‫العلماء من غري هذا البلد‪ ،‬وكان مربزا يف علوم كثرية بدؤوا برميه بالتهم وما هو منه‬
‫براء وما توجيهكم واهلل حيفظكم‪.‬‬
‫ج‪ /‬أوال العلم ليس له بلد‪ ،‬العلم قال اهلل قال رسوله قال الصحابة‪ ،‬من أخذ العلم‬
‫على منهج السلف يف التوحيد واالعتقاد وتفقه يف الكتاب والسنة يف ذلك‪ ،‬فهو أهل‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪22‬‬
‫أن يؤخذ عنه‪ ،‬وليس من شرطه أن يصيب يف كل مسألة‪ ،‬فإذا أخذ عنه وغلط يف‬
‫مسألة فإنه يسدد‪ ،‬وكم أفاد الطالب شيخه فيما غاب عنه‪.‬‬
‫وقد ذكر أن العالمة الشيخ حممد أمني الشنقيطي صاحب تفسري أضواء البيان‪،‬‬
‫أول ما قدم كان ال يعرف مذهب السلف‪ ،‬تكلم بكلمة خبالف مذهب السلف‬
‫فأرشده أحد العلماء إىل أنه البد أن يطّلع على كتب السلف وكتب الشيخني ابن‬
‫تيمية وابن القيم وكتب الشيخ حممد بن عبد الوهاب وتالمذته‪.‬‬
‫فقرأها قال يف أسبوع واحد مر عليها مجيعا‪.‬‬
‫وحدثين الشيخ محاد األنصاري رمحه اهلل تعاىل قال‪ :‬أنه بعد أسبوع قال‪ :‬ما يف‬
‫هذه الكتب حق‪.‬‬
‫وهذا أصبح يدافع على مذهب السلف ويدافع عليها ويؤصلها بتأصيالت قوية‬
‫متينة‪.‬‬
‫فالقول أن العلم السلفي الصحيح التوحيد والعقيدة أن هذا يؤخذ من بلد ليس‬
‫كذلك؛ بل الدعوة السلفية جيب أن جنعلها للمسلمني مجيعا‪ ،‬وأن ال جنعلها لفئة‬
‫خمصوصة؛ ألن الدعوة السلفية هي دين اهلل جل وعال‪ ،‬فإذا كان كذلك ال حنصرها‬
‫يف فئة‪ ،‬حنصرها يف بلد‪ ،‬وإمنا نوسعها حبسب اإلمكان‪ ،‬بقدر اإلمكان نوسعها‪ ،‬قد‬
‫يكون التوسيع يف بلد‪ ،‬وقد يكون حىت يف اإلنسان نفسه؛ يف العامل‪ ،‬يقول‪ :‬واهلل أنت‬
‫قلت كذا وكذا توافق األدلة وجزاك اهلل خريا إىل آخره‪ ،‬وفيه مسألة كذا هذه الدليل‬
‫فيها كذا‪ ،‬وفيه مسألة كذا احلق فيها كذا‪.‬‬
‫ومن نظر إىل رسائل الشيخ حممد بن عبد الوهاب إىل املخالفني‪ „،‬وجد أن فيها‬
‫إرشاد‪ ،‬إال املعاندين منهم‪.‬‬
‫فإذن هنا توسيع الدائرة واإلرشاد أوىل من احلكم كما ذكر السائل‪ ،‬فإهنم‬
‫يرموهنم ويتنقصوهنم‪ ،‬هذا ال يسوغ بل يرشد حىت يكون شهابا يرمى به أعداء‬
‫‪23‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫العقيدة والتوحيد‪ ،‬ال أن يقال فيه كذا‪ ،‬ويتربأ منه؛ ألن اإلنسان ضعيف‪ ،‬فال يكن‬
‫طالب العلم ومن عنده بصر يف مسائل العقيدة ال يكن عونا للشيطان على العامل أو‬
‫طالب العلم؛ بل يرشده ويسدده باللني ألن قصده هو احلق‪.‬‬
‫هذه مسألة مهمة بينة‪.‬‬
‫الشك أن علماء هذه البالد وخاصة علماء يف جند صار هلم من االختصاص يف‬
‫تدريس التوحيد والعقيدة وكثرة تداول الكتب املؤلفة يف ذلك وكثرة قراءة كتب‬
‫السلف ما صار هلم مزيد اختصاص وفهم لتفاصيل املسائل يف هذا‪.‬‬
‫هلذا يرجع إليهم يف هذين العلمني؛ ألهنم أهل اختصاص فيه لكثرة ما قرؤوا‬
‫وتدارسوا فيما بينهم من هذه املسائل‪.‬‬
‫س‪ /3‬هل يشرتط للحكم على رجل معني باخلروج‪ :‬اخلروج على ويل األمر‪ .‬أم‬
‫يشرتط‪ :‬أن يكفر صاحب الكبرية؟‬
‫ج‪ /‬املسألة هذه حتتاج إىل صياغة من جديد وهي‪ :‬هل يشرتط للحكم على رجل‬
‫معني بأنه على مذهب اخلوارج ‪-‬مو باخلروج‪ -‬على مذهب اخلوارج خبروجه على‬
‫ويل األمر أم يشرتط أن يكفر صاحب الكبرية؟‬
‫املقصود أن من هو على مذهب اخلوارج من اعتقد اعتقاد معتقد اخلوارج ومعتقد‬
‫اخلوارج فيهم خروج على ويل األمر إذا ارتكب كبرية‪.‬‬
‫ملاذا خيرجون عليه؟ ألهنم يعتقدون أنه كفر بارتكابه الكبرية‪ ،‬فهذه صفة؛ ولكن‬
‫ال يقال إن فالن إذا قال أنه ال بأس باخلروج على ويل األمر يقال إنه من اخلوارج‪،‬‬
‫ولكن يقال إنه يرى اخلروج على ويل األمر أو يرى السيف‪ ،‬أو وافق اخلوارج يف‬
‫هذه املسألة أو شابه اخلوارج يف هذه الصفة‪.‬‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أليب ذر «إنك امرؤ فيك‬
‫واألصل يف ذلك كله قول النيب َ‬
‫جاهلية» فدل على أن الصفات تتبعض رجل يكون سلفيا ورمبا كان فيه خصلة‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪24‬‬
‫جاهلية‪ ،‬ويكون فقيها ويكون فيه صفة من صفات اخلوارج أو خصلة من خصاهلم‪،‬‬
‫وهذا حبسب احلال‪.‬‬
‫فالوصف بأنه خارجي‪ ،‬هذا البد أن يكون معتقدا معتقد اخلوارج؛ لكن يقال‬
‫هذا يرى اخلروج على ويل األمر هذا ال يقتضي أن يكون من اخلوارج؛ ألن املعتزلة‬
‫يرون اخلروج على ويل األمر وبعض املذاهب أيضا ترى اخلروج على ويل األمر‬
‫ملصلحة كما يزعمون‪.‬‬
‫واألدلة املتظاهرة من الكتاب والسنة توجب طاعة والة األمور وعدم اخلروج‬
‫عن طاعتهم ما داموا مسلمني‪.‬‬
‫س‪ /4‬هل هناك قواعد تأصيلية لتوعية الناس عن الكالم يف أعراض العلماء وعدم‬
‫عصمتهم من اخلطأ؟‬
‫ج‪ /‬املسألة هذه رمبا تكونون على علم هبا‪ ،‬لكن بدر يل إىل أن أنبه على مسألة‬
‫وهي‪:‬‬
‫أن بعض الناس يقول يف العامي إذا خالف قوله قول العامل يقول العامل غري‬
‫معصوم‪ „،‬أول ما يبدأ مبخالفته بقول العامل‪ ،‬إذا قيل له الشيخ فالن يقول كذا‪ ،‬أو‬
‫العامل الفالين أو شيخ اإلسالم يقول كذا هذا غري معصوم„ مباشرة‪ ،‬وهذه حيلة‬
‫شيطانية لكي ال يذهب إىل البحث يف احلق نفسه‪ ،‬وإمنا يصادر القول اآلخر ويغلطه‬
‫ألنه أصال غري معصوم فأصال وقع يف خطأ قبل أن يبحث‪ ،‬وهذه حيلة شيطانية‪،‬‬
‫والواجب أنه ينظر ويسمع ما يقول العامل بدليله‪ ،‬وإذا مل يتضح له كالم العامل فإنه‬
‫يسمع مرة أخرى‪ „،‬أو يذهب ويسأله ويبحثه ويبحث معه حىت تظهر له املسألة يف‬
‫ذلك لعله أن يوافقه يف هذا‪.‬‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه‬
‫العلماء أعراضهم حرام؛ ألهنم أعلى األمة مقاما؛ يعين بعد نبيها َ‬
‫َو َسلَّ َم‪ ،‬والعلماء ورثة األنبياء؛ ألهنم هم حيفظ الكتاب والسنة ودين اهلل جل وعال‪،‬‬
‫‪25‬‬
‫عوائق الطلب‬
‫إذا كانت حلوم املؤمنني مجيعا وأعراضهم حرام فيعظم الوزر بعظمة أو بازدياد رفعة‬
‫من ُوقع يف عرضه؛ ألجل شدة ترتّب األثر على ذلك‪.‬‬
‫مثال شخص من الناس وقع يف عرضه لكن الوقيعة فيه حرام «إن دماءكم‪U‬‬
‫وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا»‪« ،‬المسلم أخو المسلم‬
‫ال يظلمه وال يخذله»‪ ،‬إذا كان يف عامة الناس حرام يعظم باملفسدة املرتتبة على هذا‬
‫القدح‪ ،‬والناس مقامات فإذا كان هناك مفسدة أكرب فإنه تكون هنا الوقيعة أكرب؛‬
‫يعين اجلرم أكرب أو اإلمث أكرب‪.‬‬
‫مثال ابن مع والده يف بيته‪ ،‬اثنني ابن وابن يأتون ويقدحون يف والدهم‪ ،‬هذا أعظم‬
‫أو تناول عرض األخ‪ ،‬اثنني من اإلخوان يف أخيهم‪ ،‬هذا عظيم وهذا أعظم‪ ،‬أعظم‬
‫اثنني مثال يغتابون خادما عندهم هنا حرام أيضا إذا كان مسلما؛ ولكن األثر يزداد‬
‫بازدياد املكانة‪.‬‬
‫العلماء أرفع الناس مكانة‪ ،‬وهلذا القدح فيهم خيلي الناس ال يثقون بنقلة الشريعة‬
‫وحفاظها وهو اآلن حاصل وقبل اآلن نسأل اهلل العصمة من الضالل‪.‬‬
‫س‪ /‬هذا شبيه بالسؤال‪ :‬كثر طعن الناس يف هذه األحداث يف املشايخ السلفيني‬
‫إىل آخره‪ ،‬التعليق على األنباء؟‬
‫ج‪ /‬يريدون العلماء يعلقون على األنباء‪ ،‬صحيح ولذلك يقرتح أن يكون للعلماء‬
‫ووش يسمونه عندكم سياسيا؟ ناطق رمسي‪ ،‬كل يوم يأيت يعلّق‪ :‬هذا كالم‪ ،‬عشان‬
‫يرتاح الناس‪ ،‬ليس هو املنهج‪ ،‬املنهج العامل إذا نكلم مرة أخذ كالمه‪ ،‬يرجع فيه‬
‫لألصول‪ ،‬ما هو كل مرة الزم يتكلم‪ ،‬تكلم مرة خالص انتهى‪ ،‬يُبني‪ ،‬وليس البد أن‬
‫يكون على حنو ما إذا بينه بعض أهل العلم وأقره اآلخرون انتهى أيضا ذلك‪ ،‬ال يلزم‬
‫أن كل واحد يتكلم بنفسه فإذا تكلم بعضهم وقام بواجب بعض‪ ،‬احلمد هلل املسألة‬
‫ظاهرة‪.‬‬
‫للشيخ صالح آل الشيخ‬ ‫‪26‬‬
‫نكتفي هبذا القدر احفظ األسئلة الباقية وإن شاء اهلل نلتقي السبت القادم بإذن اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫‪‬‬
‫أع ّد هذه املادة‪ :‬سامل اجلزائري‬

You might also like