حقوق ضحايا الارهاب و المصالحة الوطنية

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫حقوق ضحايا االرهاب و المصالحة الوطنية‬

‫القاضي جليل عباس علي‬

‫بعد فترة من العنف و القمع في مجتمع من المجتمعات‪ ،‬يجد المجتمع نفسه في‬
‫كثير من األحيان أمام تركة صعبة من انتهاكات حقوق اإلنسان و الجرائم ضد‬
‫االنسانية حيث تسعى عادة الدول التي تمر بمراحل من العنف جهدها للتعامل مع‬
‫جرائم الماضي رغبةً في تعزيز العدالة والسالم والمصالحة فيفكر المسؤولون‬
‫الحكوميون في انتهاج مختلف السبل القضائية وغير القضائية للتصدي لجرائم االنظمة‬
‫االستبدادية و محي اثار هذه الجرائم و تحقيق المصالحة الوطنية بشتى السبل‪.‬‬
‫و في العراق في مجتمع مزقته تركة من الحكم االستبدادي الوحشي‪ ،‬واالنتهاكات‬
‫الجسيمة لحقوق اإلنسان و التجارب الكثيرة من عدم احترام لسيادة القانون ‪.‬‬
‫فقد اعتاد مجتمعنا على اصدار العفو الصدامي بالجملة حيث ما ان يحكم المجرم و‬
‫يرسل الى السجن حتى يصدر عفو خاص او عام ليخرجه من السجن فقد كان اكثر‬
‫شيء كراهية للمقبور صدام هو ان يكون المجرمين خلف القضبان فتراه يصدر كل‬
‫شهر عفوا و مكرمة للمجرمين و بين صدور العفو و العفو بامكان المجرمين ان‬
‫يدفعوا مبلغ قدره مليوني دينار عن كل سنة سجن ليخرجو من السجن و يعودوا‬
‫ليمارسوا نشاطهم االجرامي مرة اخرى كما جاء في قرار مجلس قيادة الثورة المنحل‬
‫المرقم ‪ 13‬لسنة ‪ 1999‬و المنشور في الوقائع العراقية العدد ‪. 3761‬‬
‫و مع ان هذه االيام ولت من غير رجعة و ال يمكن بأي حال من االحوال ان تعود اال‬
‫في احالم الواهمين فاننا نسمع بين الحين و االخر من البعض ضرورة اصدار عفو‬
‫عن المجرمين و الحقيقة ان كان العفو احد العوامل التي تساعد على المصالحة‬
‫الوطنية كما حصل في جنوب افريقيا لكن التجربة الناجحة في دول ما ال يعني ان‬
‫تكون ناجحة في دولة اخرى فلكل دولة ضروفها و واقعها فالعفو ما هو اال انتهاك‬
‫لحقوق الضحايا كما ان دول العالم عادة التمنح العفو بشكل مطلق بل في اضيق‬

‫‪1‬‬
‫الحدود و عندما ال يكون هنالك حل اخر لمشاكلها ففي جنوب افريقيا نفسها عند تم‬
‫منح العفو عام ‪ 1995‬تم استبعاد الجرائم غير السياسية او التي كان الدافع من ورائها‬
‫الحقد او تحقيق المكاسب الشخصية ‪ .‬و في اليونان عام ‪ 1974‬أستبعد االشخاص‬
‫المسئولين بشكل أساسي عن الجرائم السياسية ‪ .‬و في اوغندا عام ‪ 2000‬تم تشكيل‬
‫لجنة خاصة بتلقي طلبات العفو لتقرر فيها‪ .‬و في تيمور الشرقية أوجب العفو اعتراف‬
‫طالبي العفو بما أقترفوه من جرائم و ابداء الندم و المثول امام جلسات علنية و القيام‬
‫بأعمال الزامية لخدمة المجتمع ‪ .‬كما ان البروتوكول‪ Q‬الثاني من معاهدة جنيف لعام‬
‫‪ 1949‬اشارت الى ضرورة أقتصار العفو باقصى قدر ممكن على (‪ )1‬الجرائم التي‬
‫تستحق العفو (‪ )2‬االشخاص الذين يستحقون العفو‪.‬‬
‫و من ناحية اخرى فان اي عفو يجب ان ال يضر بحقوق الضحايا ففي االرجنتين تم‬
‫احتساب التعويض للسجناء السياسين على اساس أعلى اجر يومي يحصل عليه الفرد‬
‫في االرجنتين عن كل يوم قضاه داخل السجن اما عوائل الضحايا الذين قتلوا او‬
‫اختفوا فقد حصل اطفالهم على راتب شهري حتى بلوغ ‪ 21‬سنة و للعوائل على ما‬
‫يعادل راتب مئة شهر ألعلى اجر يدفع لموضف حكومي ‪.‬‬
‫لذا فان المصالحة الوطنية يجب ان تتزامن مع المصارحة الوطنية و ابداء الندم و‬
‫االعتذار من الشعب العراقي و المثول امام المحاكم طواعية و تعويض ضحايا النظام‬
‫السابق و االرهاب تعويضا عادال و مجزيا ثم يقرر الشعب في مسالة المصالحة و تقديم‬
‫العفو لمرتكبي الجرائم بحق الشعب العراقي من البعثيين و التكفيريين ‪.‬‬
‫و افضل االقوال هو قوله تعالى في سورة النور " وليعفوا وليصفحوا أال تحبون أن يغفر‬
‫غفور رحيم "‪    ‬صدق اهلل العظيم‬
‫ٌ‬ ‫اهلل لكم واهلل‬

‫‪2‬‬

You might also like