بالدار البيضاء سابقا متقاعد العنوان 910 :شارع وادي سبو الوفاق 1الدار البيضاء الموقع في األنترنيت www.errahliahmed.com
أسس النظام اإلقتصادي اإلسالمي
في القرآن الكريم مقدمــة: النظام االقتصادي مجموعة من القواعد والمبادئ والقوانين المنظمة للنش اط االقتصادي ،وهو ما يتعلق باإلنتاج والنقود والتبادل بين الناس ك أفراد أو ش ركات ومؤسسات ودول .هناك عدة أنظمة اقتصادية وضعية حدد االقتص اديون قوانينهم ا ومؤسساتها حسب هواهم ومصالحهم كالنظام الرأسمالي والنظام االشتراكي واالقتصاد الموجه .وهناك النظام االقتصادي الذي حدد اهلل تعالى معالم ه وقوانين ه في كتب ه وشرائعه التي أنزلها للناس عبر مختلف مراحل اإلنسانية ،والقرآن الكريم هو الشريعة التي نسخ بها اهلل تعالى كل الشرائع السابقة وحدد فيه معالم نظام اقتصادي متكام ل بين فيه القواعد العامة اآلمرة وترك مسألة سن قوانين وضعية مطبقة له ا للس لطة اإلسالمية حسب تطورات المجتمع اإلسالمي والنشاط االقتص ادي والتط ور العلمي والتقني. وقد سمعت كثيرا من األصوات عبر الفضائيات تطالب المسلمين بتحديد معالم وأسس وقوانين النظام االقتصادي اإلسالمي على إثر األزمات المالي ة واالقتص ادية المتتالية في العالم ،وتلبية لهذا النداء وغيرة مني على شرع اهلل تعالى القرآن الك ريم وفي إطار مساهمتي في الدعوة اإلسالمية والدفاع عن نعمة القرآن الحكيمة الخال دة التي أنعم بها اهلل تعالى على بني آدم كلهم فإني أقدم للب احثين المح ترمين ورج ال االقتصاد والسياسية هذه الدراسة حول االقتصاد اإلسالمي .وقد اس تنبطت قوانين ه وأحكامه الشرعية من آيات القرآن الكريم ،ولها أهمية بالغة ألنها صالحة لكل زم ان ومكان .واألزمات المتتالية في مجال االقتصاد سببها الرئيسي االبتعاد عن ش رع اهلل وعدم االلتزام بالقوانين االقتصادية اإلسالمية المحددة في القرآن الك ريم وفيم ا يلي أحدد تصميم هذا البحث وهو: المبحث األول :اهلل تعالى يتحكم في اقتصاد الفرد والمجتمع. أ -اهلل تعالى هو الذي يوفر المصادر األساسية لنمو االقتصاد. ب -اهلل تعالى هو الذي يحرم الناس من المصادر األساسية لنمو االقتصاد. المبحث الثاني :القوانين االقتصادية في القرآن الكريم أ -القوانين التي تفرض على اإلنسان واجبات لتنمية االقتصاد. ب -القوانين التي تحرم على اإلنسان ما يخرب االقتصاد. المبحث األول :اهلل تعالى يتحكم في اقتصاد الفرد والمجتمع. من األحكام الشرعية الدالة على هذه الحقيقة ما يلي :ي ونس ﴿ 3إن ربكم اهلل الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام ثم استوى على الع رش ي دبر األم ر﴾ والنور ﴿ 42وهلل مل ك الس ماوات واألرض وإلى اهلل المص ير﴾ والزخ رف 85 ﴿وتبارك الذي له ملك السماوات واألرض وما بينهم ا وعن ده علم الس اعة وإلي ه ترجعون﴾ طه ﴿ 6له ما في السماوات وم ا في األرض وم ا بينهم ا وم ا تحت الثرى ﴾ آل عمران ﴿ 180وهلل ميراث السماوات واألرض﴾ والحديد ﴿ 10وم ا لكم ال تنفقوا في سبيل اهلل وهلل م يراث الس ماوات واألرض﴾ والمؤمن ون 85-84 ﴿ قل لمن األرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون هلل قل أفال ت ذكرون﴾ البق رة ﴿ 107ألم تعلم أن اهلل له ملك السماوات واألرض وما لكم من دون اهلل من ولي وال نصير﴾ المائدة ﴿ 120هلل ملك السماوات واألرض وما فيهن وهو على ك ل ش يء قدير﴾ يونس ﴿ 66أال إن هلل من في الس ماوات ومن في األرض﴾ ه ذه اآلي ات الكريمة تؤكد أن اهلل تعالى هو الذي خلق الكون وكل ما هو موجود ومنه األرض وما فيها وما عليها من أشياء ومخلوقات ومنها اإلنسان .فنحن والمنشآت واألموال وك ل مصادر االقتصاد من مواد أولية ومنتجات وغيرها ملك هلل تعالى يتصرف فينا كم ا يشاء لكن اهلل عز وجل عادل وحق وال يظلم أحدا أبدا بل يج ازي ك ل واح د عن أعماله .وأحيلكم على الفصل الثاني حول ع دل اهلل تع الى المنش ور في م وقعي المذكور. واهلل تعالى خلق اإلنسان وسخر له ما في الدنيا واس تخلفه للنياب ة عن ه في إعمار األرض وممارسة النشاط االقتصادي فيها ولكن في إطار نظ ام االس تخالف وهو شرع اهلل. والدليل الشرعي :الذاريات "﴿ "56وم ا خلقت الجن واإلنس إال ليعب دون﴾ وعبادة اهلل ليست الصالة فقط بل طاعة اهلل وااللتزام بكل أحكام الق رآن بم ا فيه ا القوانين االقتصادية .النمل "﴿ "62ويجعلكم خلفاء األرض﴾ واألنع ام ﴿ 165وه و الذي جعلكم خالئف األرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آت اكم﴾. فالحياة الدنيا دار ابتالء استخلفنا اهلل تعالى في ملكه ومنه مص ادر نم و االقتص اد واألموال ليرى من يتصرف فيها طبقا لقوانين اهلل وقرآنه ويطيع ه ب احترام نظ ام االستخالف فيحييه حياة طيبة في الدنيا واآلخرة .ومن أعرض عن القرآن يعاقب ه اهلل في الدنيا واآلخرة .فاطر "﴿ "39هو الذي جعلكم خالئف في األرض فمن كفر فعلي ه كفره وال يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إال مقت ا وال يزي د الك افرين كف رهم إال خسارا﴾ وهود "﴿ "61هو أنشأكم من األرض واستعمركم فيه ا﴾ واألع راف 129 ﴿قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في األرض فينظ ر كي ف تعمل ون ﴾ الكهف " ﴿ "7إنا جعلنا ما على األرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عمال﴾ ك ل م ا على األرض من زينة ومصادر النمو االقتصادي خلقها اهلل تعالى واستخلف اإلنس ان ليتمتع بها ولكن بشرط االلتزام بالشرع الذي نزله لكل أمة حسب مرحلتها الزمني ة، فهذا امتحان وابتالء واختبار من اهلل لإلنسان ،وعلى أساسه يختار اهلل تعالى المؤمنين الصالحين المتقين الملتزمين بنظام االستخالف ليعودوا إليه ويحيوا حياة دائمة أبدي ة بعد البعث في الجنة ،والدليل الملك 1و ﴿ 2تبارك الذي بيده الملك وهو على ك ل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عمال وهو العزيز الغف ور﴾ الحديد "﴿ "7وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ هذه اآلية دليل ق اطع على أن م ا تتصرف فيه من نشاط اقتصادي وما وفر لنا اهلل تعالى من خيرات األرض مل ك هلل ونحن ملك له ونتصرف في االقتصاد نيابة عنه إلعمار األرض وعبادة اهلل تعالى. ولكن اهلل تعالى حدد لهذا االستخالف قوانينه ونظامه في الشرائع التي أنزله ا للناس وناسخها وخاتمها القرآن الكريم ،وعلى ضوء تعامل الناس مع نظام االستخالف يتصرف اهلل تعالى في ملكه ومنه المصادر األساسية لنمو االقتصاد س واء اقتص اد الفرد أو المجتمع ،وهذا ما أبينه في النقطتين أ و ب. ـوأ -األدلة الشرعية على أن اهلل تعالى هو الذي يوفر للنـاس مصـادر نمـ االقتصاد. تأملوا إخواني آيات الكون .معمل النسيج يتوق ف نش اطه االقتص ادي على المواد األولية وهي الصوف والقطن والماء وعلى عمل اإلنسان لتحويل هذه الم واد إلى ألبسة جاهزة ،فإذا انقطع المطر عدة سنوات وانتهى االحتي اط ونف ذ ه ل ينبت القطن وهل تبقى الحيوانات التي تعطى الصوف ،إذا لم تجد ما تأكل بس بب م وت النباتات لعدم وجود الماء؟ وهل يستطلع اإلنسان العمل إذا لم يجد مص ادر الطع ام؟ طبعا يتوقف النشاط االقتصادي للمعمل. وهذا المثل ينطبق على كل القطاعات االقتص ادية األخ رى .ف إذا انه ار االقتصاد الزراعي والفالحي ينهار حتما االقتصاد الصناعي والتجاري والمالي .وم ا هو سبب ازدهار أو عدم ازدهار االقتصاد ال زراعي والفالحي؟ إن ه رزق اهلل من السماء وهو الماء ورزق األرض وهو ما ينبت فيه ا من نبات ات وزرع وأش جار وفواكه ومعادن وغيرها طبعا عمل االنسان أساسي لنم و االقتص اد .ك ل نش اط اقتصادي يتوقف على رزق اهلل من السماء واألرض بل كل المخلوقات الحية ومنه ا اإلنسان تموت إذا منع اهلل نزول الماء وبركات األرض .الطائرة تتوقف وتس قط من السماء إذا مات قائدها جوعا .هذه أدلة منطقية وحقيقية ومحققة في الواقع ومقنعة وال أحد نهائيا يملك دليال موضوعيا على ما يخالفها .ال أحد يس تطيع إن زال الم اء من السماء ،إال اهلل عز وجل .وأعطى أدلة شرعية من القرآن الكريم ألنه كالم اهلل تعالى وحق وصدق .البقرة ﴿ 22-21يا أيها الناس اعبدوا ربكم ال ذي خلقكم وال ذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم األرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء م اء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فال تجعلوا هلل أندادا وأنتم تعلمون﴾ لقمان " ﴿ "20ألم تروا أن اهلل سخر لكم ما في السماوات وما في األرض وأسبغ عليكم نعم ه ظ اهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في اهلل بغير علم وال هدى وال كتاب منير﴾ س بأ ""24 ﴿قل من يرزقكم من السماوات واألرض قل اهلل﴾ العنكبوت "﴿ "17إن الذين تعب دون من دون اهلل ال يملكون لكم رزقا فابتغوا عند اهلل الرزق واعبدوه واشكروا ل ه إلي ه ترجعون﴾ .وقال اهلل تعالى على لسان نبيه نوح عليه الصالة والسالم نوح ""12" "10 ﴿فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويم ددكم ب أموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا﴾ والحجر " ﴿ "22" "19واألرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيه ا مع ايش ومن لستم له برازقين .وإن من شيء إال عندنا خزائنه وما ننزله إال بقدر معلوم وأرس لنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين﴾ األعراف ""10 ﴿ولقد مكناكم في األرض وجعلنا لكم فيها معايش قليال م ا تش كرون﴾ .إن توف ير مصادر معيشة اإلنسان وهي الماء الذي ينزله اهلل تعالى وما ينبت بحكمته وخلقه من األرض هو المصدر األساسي لكل نشاط اقتص ادي وعلي ه تق وم ك ل األنش طة االقتصادية سواء في الفالحة أو الصناعة والتجارة ،لهذا قال اهلل تعالى عن الزوجات مما ملكت اإليمان في النور "﴿ "33وآتوهن من مال اهلل الذي آت اكم﴾ والحدي د ""7 ﴿وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ .فكل ما يهم االقتصاد من أشياء منقول ة وغ ير منقولة وأموال ملك هلل تعالى .واإلنسان متصرف فيها بالنيابة عن اهلل تعالى .اإلسراء "﴿ "7" "6وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم وإن أسأتم فلها﴾ غافر "﴿ "61إن اهلل لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس ال يشكرون﴾ فالنعم التي يتمتع بها بنوا آدم في الدنيا فضل من اهلل تعالى ورزقه إن أمسكه تم وت كل الكائنات الحية ومنها اإلنسان .والدليل :الداريات "﴿ "58إن اهلل ه و ال رزاق ذو القوة المتين﴾ فهو يرزق الناس من الماء وما ينبث في األرض ،وإن شاء وفر أسباب الرزق األخرى مكافأة للمتقين أو ابتالء وإن شاء أمسك أسباب الرزق عقابا للمجرمين أو ابتالء ،والداريات "﴿ "23" "22وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب الس ماء واألرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون﴾ فاهلل تعالى هو الذي يوفر مصادر طعام كل المخلوقات الحية ومنها اإلنسان .هود "﴿ "6وم ا من داب ة في األرض إال على اهلل رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين﴾ ،ولكن فرض اهلل تعالى العمل على كل مخلوقاته للبحث عن طعامها ومنها اإلنسان ،فالطائر ال يأتي ه طعام ه إلى عشه واإلنسان ال تأتيه التفاحة من الشجرة إلى س ريره .اهلل تع الى مص در نم و االقتصاد وتكوين األموال والدليل :الم دثر "﴿ "17" "11ذرني ومن خلقت وحي دا وجعلت له ماال ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كال إنه كان آلياتنا عنيدا سأرهقه صعودا﴾. اهلل تعالى ربط توفير مصادر الرزق ونمو االقتصاد ب التقوى أي طاع ة اهلل واحترام نظام االستخالف وهو شرع اهلل تعالى .طه "﴿ "81كل وا من طيب ات م ا رزقناكم وال تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غض بي فق د ه وى﴾ إبراهيم "﴿ "31قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصالة وينفق وا مم ا رزقن اهم س را وعالنية من قبل أن يأتي يوم ال بيع فيه وال خالل﴾ .فكل ما على األرض من خيرات أصله رزق اهلل تعالى .ومن اآليات المؤكدة لذلك غافر "﴿ "13هو الذي يريكم آيات ه وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إال من ينيب﴾ يس "﴿ "33وآي ة لهم األرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون﴾ والنمل "﴿ "64أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء واألرض أإاله مع اهلل قل هاتوا برهانكم إن كنت صادقين﴾. شجرة التفاح بدرتها األولى خلقها اهلل تعالى ولوال الماء ال ذي ال ينزل ه إال اهلل لم ا كبرت ولما أعطتنا التفاح ،ماليير البشر في الكون أصلها من آدم ،ول وال مص ادر الطعام التي يتكون منها المني لما تناسل البشر ،الدجاج ة تخل ق من البيض ة ولكن الدجاجة التي باضت البيضة األولى خلقها اهلل تعالى ،فكل مصادر الطعام والمواد التي يحتاج إليها نمو االقتصاد من خلق اهلل تعالى الذي يتصرف فيها ،واألدل ة م ا يلي: األعراف "﴿ "96ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحن ا عليهم برك ات من الس ماء واألرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون﴾ الجن "﴿ "17" "16وألو استقاموا على الطريقة ألسقيناهم ماء غذقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه ع ذابا صعدا﴾ والشورى "﴿ "26ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد﴾ والشورى "﴿ "27ولو بسط اهلل الرزق لعباده لبغ وا في األرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير﴾ ،فاسألوا التاريخ أيها الناس فكلما طغى الطغاة حطمهم اهلل بأسباب متعددة وهو على كل شيء قدير ويضع لك ل عقاب أجال .والجاثية "﴿ "5وما أنزل اهلل من السماء من رزق فأحيا به األرض بع د موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون﴾ وق "﴿ "11" "9ونزلنا من السماء م اء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نض يد رزق ا للعب اد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج﴾ الملك "﴿ "15هو الذي جعل لكم األرض ذل وال فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور﴾ النازعات " ﴿ "33" "30واألرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاع ا لكم وألنع امكم﴾ الحديد "﴿ "29لئال يعلم أهل الكتاب أال يقدرون على شيء من فضل اهلل وأن الفض ل بيد اهلل يؤتيه من يشاء واهلل ذو الفضل العظيم﴾ .وفضل اهلل تعالى هو م ا ي وفر من رزق السماوات واألرض .ولهذا أمر اهلل تعالى المسلمين بالعمل للكسب من فضل اهلل عز وجل الجمعة "﴿ "10فإذا قضيت الصالة فانتشروا في األرض وابتغوا من فض ل اهلل﴾ األعراف "﴿ "32قل من حرم زينة اهلل التي أخرج لعباده والطيبات من ال رزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفص ل اآلي ات لق وم يعلمون﴾ والبقرة "﴿ "267يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من األرض﴾ ،هذه اآلية دليل على أن عمل اإلنس ان أي نش اطه االقتص ادي ضروري لنمو االقتصاد الفردي واقتصاد المجتمع .وسوف أتعرض لألحكام الشرعية التي تفرض العمل الحالل للكسب من رزق اهلل وفضله عن دما أتع رض للق وانين االقتصادية اإلسالمية .والشعراء "﴿ "134" "132واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون﴾ والنبأ "﴿ "16" "14وأنزلنا من المعصرات ماء تجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا﴾ واألعراف "﴿ "57وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقاال سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون﴾ فالدورة المائية كم ا اكتش فها العلماء من خلق اهلل الذي خصص لها مالئكة يسيرونها بأمره. وأضيف األحكام الشرعية المؤكدة أن اهلل تعالى يتحكم في مص ادر النش اط والنمو االقتصادي ،وإني أكثرت منها لتدعيم البرهان والدليل ومنها النمل "﴿ "60أمن خلق السماوات واألرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهج ة م ا كان لكم أن تنبتوا شجرها أإاله مع اهلل بل هم قوم يعدلون﴾ والشعراء " "8" "7أو لم يروا إلى األرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم إن في ذلك آلية وما كان أك ثرهم مؤمنين﴾ .والفرقان "﴿ "50" "48وهو الذي أرسل الرياح بشرى بين يدي رحمت ه وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعام ا وأناس ي كثيرا ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إال كفورا﴾ فالماء أصل الحياة وهو المصدر األساسي والضروري لكل نشاط اقتصادي بدون الماء ال حياة وال اقتصاد. أكد ذلك اهلل تعالى في األنبياء "﴿ "30وجعلنا من الماء ك ل ش يء حي أفال يؤمنون﴾ هل يستطيع اإلنسان العيش بدون ماء وطعام هل هناك من يوفر الماء للناس إذا أمسكه اهلل تعالى؟ إن مصادر نمو االقتصاد بيد اهلل تعالى :فاتقوا اهلل أيه ا الن اس وتدبروا القرآن الكريم والتزموا ب ه ي وفر لكم اهلل تع الى رزق الس ماء واألرض. وتدبروا أيها الناس هذه اآليات التي ذكرتها ومنها عبس "﴿ "32" "24فلينظر اإلنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا األرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنب ا وقض با وزيتونا ونخال وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم وألنعامكم﴾ واإلسراء " ﴿ "70ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيال﴾ لقمان "﴿ "20ألم تروا أن اهلل سخر لكم ما في السماوات وما في األرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في اهلل بغير علم وال هدى وال كتاب منير﴾ وقريش "﴿ "4" "1إليالف قريش إالفهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خ وف﴾ .ه ذه األحك ام الشرعية التي أدليت بها في هذا البحث دليل قاطع وبرهان مؤك د على أن اقتص اد الفرد والمجتمع خاضع إلرادة اهلل تعالى ألن عوامل اإلنتاج األساسية خاض عة إلرادة اهلل تعالى وال أحد يوفرها غير اهلل عز وجل. ونستنتج ما يلي :إن قطاع التجارة والمال ال يزدهر وال ينم و إال إذا ت وفر النمو واالزدهار في قطاع الزراعة والفالحة وقطاع الصناعات بمختل ف أنواعه ا. وقطاع الصناعات يتوقف على ازدهار ونمو قطاع الزراعة والفالحة وما في األرض من مواد أولية للصناعة ومصادر الطعام لتغذية العنصر البشري ال ذي ه و عام ل أساسي من عوامل اإلنتاج .والنمو االقتصادي ومصادر الطعام يتوقف على برك ات ورزق اهلل من السماء واألرض أي الماء وما يخلق اهلل في األرض من نباتات ورزق ومعادن وغيرها ،من الخضر والفواكه .ومما يؤكد هذه الحقيقة أن اإلنسان ول و أراد العمل لكسب المعيشة ومهما تطورت وسائل عمله فإن ذلك ال يفيده شيئا إذا من ع اهلل تعالى رزق السماء واألرض ،هل هناك من ي وفره لإلنس ان؟ اهلل وح ده يتحكم في المصادر األساسية لنمو االقتصاد بل حياتنا في الدنيا خاضعة إلرادة اهلل تعالى في أية لحظة ،فآمنوا أيها الناس وأطيعوا اهلل واعملوا بأحكام الق رآن الك ريم واش كروا اهلل تعالى على نعمه وفضله وإحسانه ألن هذه القوانين االقتصادية حتمية وحقيقية ومؤكدة فعال في الواقع وعبر مراحل التاريخ البشري. ب -اهلل تعالى يمسك مصادر نمو االقتصاد عقابا أو ابتالء اهلل تعالى هو المدبر للكون وما فيه وهو الذي يوفر مص ادر رزق الكائن ات الحية ومنها اإلنسان ومن قدرته عز وجل المطلقة العادلة إمساك رزقه وفضله ونعمه عمن أراد عقابا عن السيئات والفساد أو ابتالء للناس للكش ف عن حق ائق النف وس ومدى إيمانها وصدقها وتقواها أو مدى كفرها ونفاقها ،وسأعطي كثيرا من األحك ام الشرعية الدالة على هذه الحقيقة .اهلل تعالى ال يمسك رزقه عن الن اس ظلم ا أب دا. فقضاء اهلل تعالى وقدره مطلق ولكنه عادل والدليل ق "﴿ "29ما يبدل القول لدي وم ا أنا بظالم للعبيد﴾ واألنبياء "﴿ "47ونضع الموازين القسط ليوم القيام ة فال تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾ اهلل تعالى ال يمس ك مصادر نمو االقتصاد إال بسبب ظلم الناس وابتعادهم عن شرع اهلل .القص ص ""59 ﴿وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسوال يتلوا عليهم آياتنا وم ا كن ا مهلكي القرى وإال وأهلها ظالمون﴾ والتوبة "﴿ "70فما كان اهلل ليظلمهم ولكن ك انوا أنفسهم يظلمون﴾. اهلل تعالى قادر على إمساك رزق السماوات واألرض ب ل ق ادر على إتالف وتخريب اإلنتاج وتحطيم االقتصاد عقابا أو ابتالء والدليل :يونس "﴿ "24" "23إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات األرض مما يأك ل الن اس واألنعام حتى إذا أخذت األرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليال أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن باألمس كذلك نفصل اآلي ات لق وم يتفكرون﴾ والملك "﴿ "21" "20أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إال في غرور أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لج و في عت و ونفور﴾ والروم "﴿ "51" "50فانظر إلى آثار رحمة اهلل كيف يحيى األرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ولئن أرسلنا ريحا ف رأوه مص فرا لظلوا من بعده يكفرون﴾ واألحقاف "﴿ "25" "24بل هو ما استعجلتم به ريح فيه ا عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا ال يرى إال مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين﴾ والحديد "﴿ "20اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتف اخر بينكم وتكاثر في األموال واألوالد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مص فرا ثم يكون حطاما وفي اآلخرة عذاب شديد ومغفرة من اهلل ورضوان وما الحياة ال دنيا إال متاع الغرور﴾ ،اهلل تعالى حتى ولو أعطى رزق السماوات واألرض للناس فهو قادر على معاقبتهم بإتالف وتدمير اقتصاد الفرد واقتصاد المجتمع إذا أعرضوا عن ش رع اهلل وفسدوا في األرض والدليل :الزخرف "﴿ "37" "36ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهت دون﴾ طه "﴿ "123فمن اتبع هداي فال يضل وال يشقى ومن أعرض عن ذكري ف إن ل ه معيشة ضنكا﴾ الطالق "﴿ "3" "2ومن يتق اهلل يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ال يحتسب﴾ ومحمد "﴿ "9" "7يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا اهلل ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل اهلل فأحبط أعمالهم﴾ ومحمد "﴿ "2" "1الذين كفروا وصدوا عن سبيل اهلل أضل أعمالهم وال ذين آمن وا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم﴾ فالذين آمنوا وعملوا الصالحات واتقوا اهلل والتزموا بالقرآن قوال وعمال سرا وعالنية البد أن يوفر اهلل تعالى لهم رزقه من الس ماء واألرض ولكن الب د من عملهم الحالل للكسب من رزق اهلل ،أما الذين خالفوا القرآن وفس دوا في األرض فاهلل تعالى قادر على إمساك رزقه عنهم ،ولكن يعطيهم فرصة للتوبة قبل العقاب ،والدليل يونس "﴿ "64" "62أال إن أولياء اهلل ال خوف عليهم وال هم يحزنون ال ذين آمن وا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ال تبديل لكلمات اهلل ذلك ه و الفوز العظيم﴾ واألعراف "﴿ "156ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتق ون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون﴾ وفصلت "﴿ "31" "30إن الذين قالوا ربنا اهلل ثم استقاموا تتنزل عليهم المالئكة أال تخافوا وال تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفس كم ولكم فيها ما تدعون﴾ ،هذا وعد من اهلل تعالى والقرآن صدق وحق ،األنعام "﴿ "115وتمت كلمة ربك صدقا وعدال ال مبدل لكلماته﴾ وهذه قاعدة اقتصادية ش رعها اهلل تع الى، فمن اتقى اهلل حقا وصدقا ال يحرمه من رزق الس ماوات واألرض ولكن المفس دين والمخالفين لشرع اهلل معرضون لعقاب اهلل في الدنيا واآلخرة ومن عقاب ه في ال دنيا إمساك رزقه من السماوات واألرض أو إتالف اإلنتاج والدليل الزمر "﴿ "21ألم ت ر أن اهلل أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في األرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى ألولي األلباب﴾ والمؤمنون "﴿ " 18وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في األرض وإنا على ذهاب به لقادرون﴾ هود "﴿ "44وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي﴾ والملك "﴿ "30قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين﴾ .وذكر لنا اهلل تعالى مثال رجال من علي ه بالماء وأنبت له في أرضه ما شاء فزاغ وطغى وأشرك باهلل تعالى فحطم اهلل تع الى اقتصاده الفردي وأتلف محصوله ،فتدبر أخي سورة الكهف " ﴿ "36" "34وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك ماال وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا﴾ والكهف "﴿ "44" "40ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأص بح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون اهلل وما كان منتصرا هنالك الوالية هلل الح ق هو خير ثوابا وخير عقبا﴾ والكهف "﴿ "45واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات األرض فأصبح هشيما تدروه الرياح وكان اهلل على ك ل شيء مقتدرا﴾ والقلم "﴿ "20" "14إن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتن ا ق ال أساطير األولين سنسمه على الخرطوم إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقس موا ليصرمنها مصبحين وال يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم﴾ والقلم "﴿ "27" "26فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محروم ون﴾ والقلم "﴿ "31قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين﴾ وهناك مثال آخر النح ل ""113" "112 ﴿وضرب اهلل مثال قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكف رت بأنعم اهلل فأذاقها اهلل لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون﴾. اهلل تعالى قد يعاقب الظ المين بإمس اك رزق الس ماوات واألرض فينه ار االقتصاد وقد يبتلي الناس إلظهار حقائق أنفسهم هل هم مؤمن ون حق ا أم من افقون ويعطى كذلك فرصا للتوبة .الرعد "﴿ "13ويرسل الصواعق فيصيب به ا من يش اء وهم يجادلون في اهلل وهو شديد المحال﴾ بل يرسل اهلل تعالى الفيض انات الجازف ة. والزالزل والبرد القارص وأشعة الشمس المحرقة فيتحطم المحصول الزراعي وينهار اإلنتاج الصناعي إذا انهار اإلنتاج الزراعي والفالحي وتبعا لذلك حتما يتوقف النشاط التجاري والمالي وينهار االقتصاد ،وهناك أدلة شرعية أخرى تؤكد أن اهلل تعالى ق د يمسك المصادر األساسية لنمو االقتصاد ومنها :البقرة "﴿ "266أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها األنهار له فيها من كل الثمرات وأص ابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين اهلل لكم اآلي ات لعلكم تتفكرون﴾ الواقعة "﴿ "70" "68أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتم وه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فل وال تش كرون﴾ والش ورى ""28 ﴿وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قتطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد﴾ والبقرة " ﴿ "157" "155ولنبلوكم بشيء من الخوف والج وع ونقص من األم وال واألنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا هلل وإنا إلي ه راجع ون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ اهلل تعالى يتصرف في ملكه وهو كل ما في الكون من أشياء وإنسان وغيره ،ويبتلي الن اس بإمس اك رزق السماوات واألرض إلظهار إيمانهم أو كذبهم والدليل العنكبوت "﴿ "3" "2أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ال يفتنون ولقد فتنا ال ذين من قبلهم فليعلمن اهلل ال ذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾ وآل عمران "﴿ "186لتبلون في أموالكم وأنفسكم﴾ وفاطر " ﴿ " 3" "2ما يفتح اهلل للناس من رحمة فال ممسك لها وما يمسك فال مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم﴾ والتوبة "﴿ "76" "75ومنهم من عاهد اهلل لئن آتانا من فض له لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون﴾ التوبة "﴿ " 78" "77فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا اهلل ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ،ألم يعلموا أن اهلل يعلم سرهم ونج واهم وأن اهلل عالم الغي وب﴾ النحل "﴿ "54" "53وما بكم من نعمة فمن اهلل ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون﴾ يونس "﴿ "12وإذا مس اإلنس ان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ض ر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون﴾ ويونس "﴿ "21وإذا أذقنا الناس رحم ة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل اهلل أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون م ا تمكرون﴾. تدبروا أيها الناس هذه اآليات الكريمة وما فيها من أحكام شرعية حكيمة ألنها صدرت من حكيم عليم هو اهلل تعالى ،فاالقتصاد والمال وما في الكون ومنه اإلنس ان ملك هلل تعالى خوله لإلنسان الذي استحلفه لتنميته والعمل لالستفادة من ه في مرحل ة الدنيا المؤقتة وليكون أداة امتحان واختبار لعمل اإلنسان الذي يجب أن يكون مطابق ا لنظام االستخالف في الدنيا وهو شرع اهلل تعالى ،فادرسوا أيها الباحثون المح ترمون الواقع اإلنساني وتأملوا تاريخه االجتماعي واالقتصادي والسياسي فسوف تتأكدون من حقيقة أبدية خالدة إلى أن يرث اهلل األرض ومن عليها وهي أنه عز وجل المتحكم في االقتصاد سواء بالنسبة للفرد أو المجتمع وأنه وضع له قوانينه في القرآن ،الروم " "40 ﴿اهلل الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفع ل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ والفتح "﴿ "11قل فمن يملك لكم من اهلل شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان اهلل بما تعملون خبيرا﴾ والنحل " ﴿ "40إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون﴾ والرعد " ﴿ "11إن اهلل ال يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد اهلل بقوم سوءا فال مرد له وم ا لهم من دون ه من وال﴾ واإلسراء "﴿ "83وإذا أنعمنا على اإلنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤوسا﴾ من عذاب اهلل في الدنيا إمساك الماء ورزق اهلل في األرض قد يكون هذا اإلمساك ابتالء ،والدليل السجدة "﴿ "22" "21ولنذيقنهم من العذاب األدنى دون العذاب األكبر لعلهم يرجعون ومن أظلم ممن ذكر بآيات رب ه ثم أع رض عنه ا إن ا من المجرمين منتقمون﴾ واألنعام "﴿ "42ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأس اء والضراء لعلهم يتضرعون فلوال إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قل وبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذتاهم بغتة فإذا هم مبلسون﴾ .فحتى ولو ازدهر اقتصاد الكفار أحيانا فإن ذلك ابتالء من اهلل تعالى في مرحلة مؤقتة وقد يك ون فتن ة وع ذابا لهم، والدليل التوبة "﴿ "85وال تعجبك أموالهم وأوالدهم إنما يريد اهلل أن يع ذبهم به ا في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾ .فرغم االزدهار االقتصادي والمالي فإن الكف ار يعيشون في عذاب الدنيا واالضطراب والخوف واألمراض والحروب والطغيان وعدم االستقرار النفسي والصراع من أجل إشباع الرغبات والشهوات الغ ير المش روعة بخالف المؤمنين الصالحين المتقين فإنهم يعيشون في الس عادة واالطمئن ان النفس ي ورحمة اهلل تعالى ولو كان اقتصادهم غير مزدهر مثل الكفار ،والمؤمنون الصالحون يحيون الحياة الدائمة في الجنة وسعادتها أما الكفار إذا لم يتوبوا وم اتوا كف ارا فال ينفعهم ازدهار االقتصاد ومتاع الدنيا ألن مصيرهم نار جهنم خالدين فيه ا ،وال دليل الكهف "﴿ 106" "105أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فال نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورس لي ه زؤا﴾ والبقرة "﴿ "162" "161إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئ ك عليهم لعن ة اهلل والمالئكة والناس أجمعين خالدين فيها ال يخفف عنهم العذاب وال هم ينظ رون﴾ .اهلل تعالى يبتلي الكفار فيرزقهم أحيانا مثل المؤمنين لعلهم يتوبون وق د يفتنهم بالم ال إذ تأكد من استمرار كفرهم وعدم توبتهم والدليل لقمان " ﴿ "24نمتعهم قليال ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ﴾ والمائدة "﴿ "41ومن يرد اهلل فتنته فلن تملك له من اهلل شيئا أولئك الذين لم يرد اهلل أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في اآلخرة ع ذاب عظيم﴾ والشورى "﴿ "20من كان يريد حرث اآلخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد ح رث الدنيا نؤته منها وماله في اآلخرة من نصيب﴾ وهود "﴿ "16" "15من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها ال يبخسون أولئك ال ذين ليس لهم في اآلخرة إال النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون﴾ والبقرة " ﴿ "86أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا ب اآلخرة فال يخف ف عنهم الع ذاب وال هم ينص رون﴾ واإلسراء "﴿ "19" "18من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصالها مذموما مدحورا ومن أراد اآلخرة وسعى لها سعيها وه و م ؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا﴾. فليس المهم في الدنيا ازدهار االقتصاد أو كساده وتدهوره ألن الحي اة ال دنيا ومتاعها وزينتها مؤقتة والحياة الدائمة األبدية والمتاع الدائم األبدي في جنة اآلخ رة. لهذا يجب العمل لآلخرة في الدنيا أي العم ل للكس ب من رزق اهلل ولكن في إط ار التقوى وااللتزام بشرع اهلل تعالى القرآن الكريم ،المنافقون "﴿ "9يا أيها الذين آمنوا ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن ذكر اهلل ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاس رون﴾ .ألن ازدهار اقتصاد الكفار وأموالهم ابتالء من اهلل تعالى ال ينفعهم يوم القيامة أبدا وال يقام لهم وزن أعمالهم كالمسلمين .بل قرر اهلل تعالى لهم النار في جهنم حتما إذا لم يتوبوا هلل وماتوا كفارا .والدليل آل عمران "﴿ "10إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم وال أوالدهم من اهلل شيئا وأولئك هم وقود النار﴾ وآل عمران "﴿ "116إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم وال أوالدهم من اهلل شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خال دون﴾ ويونس "﴿ " 8" "7إن الذين ال يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون﴾ والتوبة "﴿ "69كال ذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أم واال وأوالدا فاس تمتعوا بخالقهم فاس تمتعتم بخالقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخالقهم وخضتم كالذي خاض وا أولئ ك حبطت أعمالهم في الدنيا واآلخرة وأولئك هم الخاسرون﴾ وطه "﴿ "76" "74إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم ال يموت فيها وال يحيى ومن يأته مؤمنا ق د عم ل الص الحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها األنهار خالدين فيه ا وذل ك جزاء من تزكى﴾ والشعراء "﴿ "207" "205أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون﴾ .فال تغتروا أيها الناس بمتاع ال دنيا وحده بل اعملوا لمتاع اآلخرة كذلك ألنه هو الدائم ولكي تنجوا من نار جهنم وعذابها الدائم وتسعدوا برحمة اهلل تعالى في الجنة. فتدبروا إخواني المحترمين سورة األعراف "﴿ "163واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا وي وم ال يسبتون ال تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون﴾ فالثوراة حرم فيها اهلل تعالى ص يد األسماك يوم السبت ولكن اهلل تعالى بقدرته منع مجيئ األسماك إلى مكان الص يد إال يوم السبت عمدا ليبتليهم أي أهل القرية المحادية للبحر األحم ر وليخت بر إيم انهم ويظهر حقائق أنفسهم .فلو كانوا مؤمنين آنذاك حقا لما اصطادوا السمك يوم الس بت المحرم عليهم ،ولو بقوا بدون أسماك .عاقبهم اهلل تعالى عن عص يانهم البق رة ""65 ﴿ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾ األع راف " ﴿ " 166فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾ .اهلل تعالى قد يوفر مصادر ازدهار االقتصاد وهي رزقه من السماوات واألرض لينظر كيف يعمل الناس وهل يلتزمون بشرع اهلل أم ال .ولنا في قصة قارون وفرعون وهامان دليل آخر على تحكم اهلل تعالى في الكون وما فيه ومنه البشر والثروات واألموال ،القصص " " "81 ﴿ "82فخسفنا به وبداره األرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون اهلل وما ك ان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه باألمس يقولون ويكأن اهلل يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لوال أن من اهلل علينا لخسف بن ا ويكأن ه ال يفلح الك افرون﴾ قارون أتاه اهلل أمواال كثيرة وهو من قوم موسى عليه وعلى كل الرس ل ص الة اهلل وسالمه فطغى واغتر بالمال وأنكر نعم اهلل تعالى وأعرض عن ش رع اهلل الت وراة فعاقبه اهلل حيث ابتعلته األرض بداره وأمواله. فاحذروا أيها المؤمنون ابتالء اهلل عز وجل وليكن إيمانكم صلبا صادقا قوي ا والتزموا بالقرآن الكريم قوال وعمال سرا وعالني ة واعمل وا في الحالل الزده ار اقتصادكم ولكن ال يؤثر على إيمانكم وحبكم هلل ابتالء هلل لكم أو ظلم الكفار وتهدي دهم والدليل آل عمران "﴿ "186لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتس معن من ال ذين أوت وا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم األمور﴾. إن اهلل تعالى يمسك مصادر نمو االقتصاد عمن أراد في إطار الجزاء ،فاطر " ﴿ "2ما يفتح اهلل للناس من رحمة فال ممسك لها وما يمسك فال مرسل ل ه من بع ده وهو العزيز الحكيم﴾ .الروم "﴿ "37" "36وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا به ا وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون أو لم يروا أن اهلل يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك آليات لقوم يؤمنون﴾ والشورى "﴿ "27ولو بسط اهلل الرزق لعب اده لبغوا في األرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بص ير﴾ اإلس راء ""30 ﴿إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا﴾ والفجر " " "15 " 20فأما اإلنسان إذا ما ابتاله ربه فأكرمه ونعمه فيقول رب أكرمن وأما إذا ما ابتاله فقدر عليه رزقه فيقول رب أهانن كال بل ال تكرمون اليتيم وال تحضون على طع ام المسكين وتأكلون التراث أكال لما وتحبون المال حبا جما﴾ .اهلل تعالى يرسل وي وفر مصادر نمو االقتصاد أو يمسكها ويمنعها في إطار الجزاء عن أعمال الناس ،وال ينفع اإلنسان عمله لكسب طعامه مهما كانت وس ائله إذا ق رر اهلل تع الى إمس اك رزق السماوات واألرض ألنها المصدر األساسي والضروري لنمو االقتصاد بل الستمرار اإلنسان على قيد الحياة ،والزمر "﴿ "51" "49فإذا مس اإلنسان ضر دعان ا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم ال يعلم ون ،ق د قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم س يئات م ا كس بوا والذين ظلموا من هؤالء سيصيبهم سيئات م ا كس بوا وم ا هم بمعج زين﴾ .ومن المصائب التي يعاقب بها اهلل الناس عن ظلمهم ومخالفتهم للقرآن الك ريم إمس اك اهلل تعالى مصادر نمو االقتصاد وهي رزق السماوات واألرض (الماء وخيرات األرض) فيتدهور وينهار حتما إذا شاء اهلل تعالى. وهناك أيضا الزمر "﴿ "8وإذا مس اإلنسان ضر دعا ربه منيب ا إلي ه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل هلل أندادا ليضل عن سبيله ق ل تمتع بكفرك قليال إنك من أصحاب النار﴾ ولقمان "﴿ "24نمتعهم قليال ثم نض طرهم إلى عذاب غليظ﴾. تأكد لنا في هذا المبحث األول باألدلة القرآنية والمنطقية والعقلية والكونية أن اهلل تعالى مالك الكون وما فيه ومنه اإلنس ان ،واهلل تع الى ه و ال ذي يعطي رزق السماوات واألرض وأساس الحياة وهو الماء ،ومن آمن باهلل وبالقرآن وعمل بأحكامه واتقى اهلل وأطاعه ضمن اهلل تعالى له األمن واألم ان والرحم ة ورزق الس ماوات واألرض. اهلل تعالى ينفذ تدبيره للكون مباشرة أو بواسطة جن وده من المالئك ة والجن، والدليل سبأ "﴿ "12ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا ندقه من عذاب السعير﴾ التحريم "﴿ "6عليها مالئكة غالظ شداد ال يعص ون اهلل م ا أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ النحل "﴿ "2ينزل المالئكة ب الروح من أم ره على من يشاء من عباده﴾ يس "﴿ "82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيك ون﴾ ويس " "28و "﴿ "29وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا م نزلين إن كانت إال صيحة واحدة فإذا هم خامدون﴾ هلل تع الى ق ادر على حماي ة المؤم نين الصالحين المتقين الصادقين والدليل الصافات "﴿ "173" "171ولقد س بقت كلمتن ا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون﴾ وغ افر "﴿ "51إن ا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد﴾ والروم "﴿ "47وك ان حقا علينا نصر المؤمنين﴾ والشورى "﴿ "26ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد﴾ آل عمران " ﴿ "160إن ينصركم اهلل فال غالب لكم وإن يخ ذلكم فمن ذا ال ذي ينص ركم من بع ده وعلى اهلل فليتوك ل المؤمنون﴾ النمل "﴿ "53وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ فصلت "﴿ "53س نريهم آياتنا في اآلفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على ك ل شيء شهيد﴾. فتأملوا أيها الناس بصدق هذه اآليات وما فيها من أحكام شرعية وتأملوا آيات الكون وتصرف اهلل تعالى في ملكه ومخلوقاته ورزق السماوات واألرض الذي ال أحد يستطيع التحكم فيه إال اهلل تعالى .إذا بسط اهلل تعالى هذا الرزق ازدهر االقتص اد إذا عملنا بجد في إطار احترام القرآن والعمل به ،وإذا أمسك اهلل تعالى رزق الس ماوات واألرض عقابا أو ابتالء ينهار اقتصادنا ولو أردنا العمل ،بج د بأح دث الوس ائل. ونتيجة هذا المبحث أنه يجب علينا أيها الناس في كل أنحاء العالم محب ة اهلل تع الى واإليمان به بصدق وطاعته وعبادته والتقوى أي االلتزام بالقرآن الكريم لنحصل على رزق السماوات واألرض الذي يتحكم فيه اهلل تعالى حتى تتوفر مصادر عيشنا ونم و وازدهار اقتصادنا ،ولكي نفوز بمتاع اآلخرة أيضا وهي الحياة الدائمة في سعادة الجنة مع اهلل عز وجل وننجو من عذاب اهلل تعالى في الدنيا ونار جهنم في اآلخرة. ـ المبحث الثاني :القوانين االقتصادية اإلسالمية القرآن الكريم شريعة اهلل الناسخة لكل الشرائع السابقة ومنها الثوراة واإلنجيل، يتضمن القرآن القوانين المنظمة لنظام شامل للبشر منه الجانب العقائدي واالجتم اعي واالقتصادي والسياسي .وأحكام القرآن ملزمة لكل الناس في الكون .فرض اهلل تعالى فهم القرآن وتدبره وااللتزام به وأحيلكم على دراسة نشرتها في م وقعي ب االنترنيت حول فهم القرآن الكريم ،وقد بينت فيها األدلة على أن فهم القرآن وااللتزام به ق وال عمال سرا وعالنية واجب شرعي فرضه اهلل تعالى وبينت قواعد فهم القرآن الك ريم مساهمة مني في الدعوة اإلسالمية .وأذكر آية كريمة حول واجب االل تزام ب القرآن الكريم الزمر "﴿ "55واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم ال تشعرون﴾ ومن عذاب اهلل تعالى الجوع والفقر وانهيار االقتصاد ل دى الفرد والمجتمع والسجدة "﴿ "22ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إن ا من المجرمين منتقمون﴾ طه "﴿ "124" "123فمن اتبع هداي فال يضل وال يش قى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا﴾ .هذه األحكام الشرعية دليل قاطع على القوانين االقتصادية في القرآن والتي تتعلق بالجوانب االقتصادية في الدولة اإلسالمية، وسأبينها حسب ما استطعت استنباطه وتدبره من آيات القرآن الكريم ،وق د وزعته ا وقسمتها إلى مجموعتين :األولى أبين فيها القوانين االقتصادية التي تأمر بأفعال له ا عالقة بنمو وازدهار االقتصاد اإلسالمي والثانية القوانين االقتصادية التي تحرم أفعاال لها عالقة بتدهور االقتصاد وانهياره. ـ االقتصاد أ -القوانين االقتصادية اإلسالمية التي تفرض ما ينمي القوانين االقتصادية الواردة في القرآن ملزمة للناس مثل كل أحك ام الق رآن األخرى ،وأولها العمل الحالل للكسب من رزق اهلل تع الى وه و رزق الس ماوات واألرض وتوفير مصادر وعوامل نمو وازدهار النشاط االقتصادي س واء بالنس بة للفرد أو المجتمع مما خلق اهلل تعالى. أيها األخوة المحترمون إن العمل الحالل لكس ب ال رزق أول فريض ة من فرائض اإلسالم .فمن لم يأكل ثالثة أيام فأكثر ال يستطيع عبادة اهلل ال تي خلق ه من أجلها الذاريات "﴿ "56وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون﴾ بل إذا لم يعمل اإلنسان لتوفير طعامه من رزق السماوات واألرض يموت جوعا وال يقوم بعبادة اهلل تع الى الواجبة عليه. وسأعطي أدلة شرعية على هذه الحقيقة .وأحيلكم إلى الفصل الثاني حول عدل اهلل تعالى (فرض اهلل العمل الحالل) وهو منشور في موقعي الم ذكور ب اإلنترنيت، ومنها التوبة "﴿ "105وقل اعملوا فسيرى اهلل عملكم ورسوله والمؤمنون وس تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ والجمع ة "﴿ "10ف إذا قض يت الصالة فانتشروا في األرض وابتغوا من فضل اهلل واذكروا اهلل كثيرا لعلكم تفلحون﴾ هذه اآلية الكريمة قانون اقتصادي أساسي ومهم .اهلل تعالى أمر بص لوات الف رض الخمس ولكن بمجرد االنتهاء منها أمر اهلل تعالى بالعم ل الفعلي في اإلنت اج الحالل المفيد لنمو االقتصاد .فاإلنسان مجبر بأمر من اهلل تع الى بالعم ل الحالل بع د أداء الصالة لتوفير طعامه وحاجيات ومتاع الدنيا الحالل .وتذكروا وتدبروا إخواني األنفال "﴿ "60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾...كل مس لم علي ه واجب العم ل الحالل للمساهمة في إعداد القوة االقتصادية والعلمية والتقنية والعسكرية للدفاع عن اإلس الم والمسلمين ودار اإلسالم في مواجهة الكفار أعداء اهلل وأعداء اإلسالم والمس لمين .إن اهلل تعالى لم يأمر بصالة النوافل كالفرائض .والذين يشتغلون بالنواف ل وال يعمل ون لإلنتاج إذا كانت استطاعة العمل متوفرة فيهم عصوا اهلل وفسقوا عن أم ره .وهن اك أدلة أخرى النبأ "﴿ "11وجعلنا النهار معاشا﴾ النهار يعمل فيه المسلم لكسب معاش ه ويصلي في آن واحد صلوات الفرض الخمسة .أمر اهلل تعالى بالعمل المنتج من فضله ورزقه والنشاط االقتصادي وليس بجمع األموال في البورصات ودور القمار والمسير والمضاربات المالية والربا .فاالقتصاد في اإلسالم اقتصاد مادي يقوم على إنتاج السلع وليس على االقتصاد المالي والنقدي ألن الذين يعيشون على االقتصاد المالي والنقدي والربا وتجارة المحرمات يخربون االقتصاد ألنهم يستهلكون وال ينتجون وهم يعيشون بظلم المنتجين للسلع .واألدلة :اإلسراء "﴿ "12وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضال من ربكم﴾ وفضل اهلل هو رزق الس ماوات واألرض وليس اس تثمار األم وال في األبناك بالربا وفي البورصة .والبقرة "﴿ "267يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من األرض ﴾..وفاطر "﴿ "12ونرى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون﴾ فلوال إبحار السفينة لما حصل الصياد على السمك وه و فضل اهلل لإلنسان .والروم "﴿ "23ومن آياته منامكم باللي ل والنه ار وابتغ اؤكم من فضله﴾ ويس "﴿ "35" "32وآية لهم األرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثم رة وما عملته أيديهم أفال يشكرون﴾ اهلل تعالى يوفر رزق السماوات واألرض ولكن البد من عمل اإلنسان لتحويل مصادر الطعام واإلنتاج وكل ما يتعلق بالنشاط االقتص ادي المادي .هل الرضيع يستطيع االستفادة من رزق اهلل وفضله بنفسه؟ إن ه ال يس تطيع الحركة والعمل ،والبد من عمل والده أو من تكفل به لتوفير طعام هذا الرض يع وإال تعرض للموت جوعا. ولهذا فرض اهلل تعالى على األبناء البالغين اإلحسان للوالدين واإلنفاق عليهما إذا كانا محتاجين بل أمرهم بشكر الوالدين مثل شكر اهلل على فضله ونعمه وإحس انه والدليل لقمان "﴿ "14ووصينا اإلنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير﴾ ،فكل صغار اإلنسان والحيوان والطي ور وكل الكائنات الحية تتوقف حياته ا على من يطعمه ا من رزق اهلل من الس ماوات واألرض .وهذه الحقيقة المطلقة عن نمو الرضيع دليل قاطع على أن اهلل تعالى فرض العمل الحالل للكسب من رزق السماوات واألرض .فالعم ل الحالل ه و الق انون األساسي االقتصادي اإلسالمي .بدون العمل ال يمكن االستفادة من رزق اهلل وفض له. ولذلك استخلف اهلل تعالى اإلنسان لعبادته وإعمار األرض هود "﴿ "61هو أنشأكم من األرض واستعمركم فيها﴾ والحديد "﴿ "7آمن وا باهلل ورس وله وأنفق وا مم ا جعلكم مستخلفين فيه﴾ هذا االستخالف لهذه المهمة وواجب إطع ام النفس وتلبي ة حقوقه ا المشروعة ومنها الزواج الحالل المشروع والنسل يعتبران من أس س ف رض واجب العمل الحالل لتنمية اقتصاد الفرد والمجتمع .لكن العم ل يجب أن يك ون حالال وفي إطار حدود اهلل المحددة في القرآن الكريم .فمن ينتج ويبيع وينقل الخمر والمخ درات ومن يعمل في البغاء والدعارة عمله حرام وما ينتجه حرام ينال عنه عذاب اهلل تعالى وعقاب السلطة اإلسالمية ومن يعمل في الربا والمضاربات النقدية والمالي ة عمل ه حرام أيضا ألن فيها أكل أموال الناس بالباطل حرمه اهلل تع الى البق رة "﴿ "188ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس باإلثم وأنتم تعلمون﴾. ومن القوانين االقتصادية اإلسالمية ممارسة السلطة اإلسالمية من طرف األمة اإلسالمية في دار اإلسالم بحيث تنتخب من يمارس سلطة تنفيذ القوانين تحت إشرافها ومراقبتها لتنفيذ أحكام القرآن ومنه القوانين االقتصادية وإقامة العدل بين الناس ألن ه من عوامل االزدهار االقتصادي و السلم االجتماعي. فاألمة اإلسالمية ملزمة بممارسة الحكم ألنها مس ؤولة أم ام اهلل تع الى عن تطبيق منهج اهلل تعالى والدليل أن أوامر اهلل تعالى ونواهيه صدرت للمسلمين كاف ة. فتدبروا إخواني آيات القرآن الك ريم لتتأك دوا من ذل ك ومن األحك ام الدس تورية اإلسالمية التي أسندت الحكم في دار اإلسالم لألمة اإلسالمية الشورى "﴿ "38والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصالة وأم رهم ش ورى بينهم﴾ .ال يج وز أن يحكم على المسلمين إال المسلمون الذين تنتخبهم األمة اإلسالمية بناءا على تقواهم وم ؤهالتهم. المائدة "﴿ "56" "55إنما وليكم اهلل ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول اهلل ورسوله والذين آمنوا فإن حزب اهلل هم الغالبون﴾ والنساء "﴿ "58إن اهلل يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل﴾ والمائدة "﴿ "8يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين هلل شهداء بالقسط وال يجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا اهلل إن اهلل خبير بما تعملون﴾ هذه األحكام الدستورية في القرآن فرضت على المسلمين المك ونين لألم ة اإلسالمية إقامة العدل بين الناس ،وال يمكن إقامته إال بممارسة السلطة والحكم في دار اإلسالم .لهذا فرض اهلل طاعة أولي األمر والدليل النساء "﴿ "59يا أيها الذين آمن وا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم﴾ ولكن هذه القاع دة الدس تورية هي أيضا تعطي الحكم والسلطة في دار اإلسالم للحكام المسلمين الذين ننتخبهم وتختارهم األمة اإلسالمية .فتدبروا إخواني عبارة ﴿أولي األمر منكم﴾ "أي من الذين آمن وا ألن كلمة" منكم تعود لمن خاطبهم وأمرهم اهلل تعالى وهم الذين آمنوا .ولكن قيد اهلل تعالى طاعة الحكام وأولي األمر فيما ال يخالف شرع اهلل تع الى .فال طاع ة لمخل وق في معصية الخالق وهو اهلل تعالى .وهناك دليل آخ ر النس اء "﴿ "83وإلى أولي األم ر منهم﴾ أي من المسلمين .والتوبة "﴿ "105وقل اعملوا فس يرى اهلل عملكم ورس وله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ ،فالمؤمنون أعطتهم هذه القاعدة الدستورية سلطة مراقبة المسلمين وف رض اح ترامهم لمنهج اهلل ألن أعمال الناس في دار اإلسالم خاضعة لمراقب ة اهلل تع الى ومالئكت ه واألم ة اإلسالمية. والقوانين االقتصادية اإلسالمية من منهج اهلل الواجب التطبيق من طرف األمة اإلسالمية .ولهذا بينت األحكام الدستورية اإلسالمية التي تؤكد صراحة وبدون شك أن الحكم والسلطة في دار اإلسالم لألمة اإلسالمية .فهي المسؤولة عن تدبير االقتص اد وكل ما يتعلق بالنشاط االقتصادي ومؤسساته .وهي المسؤولة عن ف رض االل تزام بالقوانين االقتصادية اإلسالمية التي حددها اهلل تعالى في القرآن الكريم .ولهذا اعتبرت ممارسة األمة اإلسالمية للحكم في دار اإلسالم من القوانين الدس تورية االقتص ادية اإلسالمية .ومن األحكام الدستورية اإلسالمية أضيف قاعدة هامة وأساسية في القرآن الكريم هي التوبة "﴿ "71المؤمن ون والمؤمن ات بعض هم أولي اء بعض ي أمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصالة ويؤتون الزكاة ويطيعون اهلل ورسوله أولئك سيرحمهم اهلل إن اهلل عزيز حكيم﴾ .هك ذا بين اهلل تع الى أن المؤم نين كلهم والمؤمنات يشكلون نظاما لتدرج السلط والواليات من أجل أداء واجب مفروض عليهم شرعا وهو من فرائض اإلسالم أال وهو األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعن اه فرض االلتزام بالقرآن الكريم ألنه في أحكامه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر .ه ذا واجب ال يمكن أن يعفى منه أحد وخاصة األمة اإلسالمية صاحبة السلطة والحكم. هذه اآلية " "71من التوبة من األسس الشرعية التي تسند لألم ة اإلس المية السلطة اإلس المية والحكم في دار اإلس الم .فال يمكن النهي عن المنك ر واألم ر بالمعروف وتنفيذ هذه األوامر بدون سلطة وحكم .والقوانين االقتصادية اإلسالمية من قوانين اهلل التي شرعها في القرآن الكريم ،واألمة اإلس المية مس ؤولة عن ف رض تطبيقها وااللتزام بها. وهناك قاعدة دستورية أخرى مؤيدة ومؤكدة للتوبة " "71وهي س ورة الحج " ﴿ "41الذين إن مكناهم في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأم روا ب المعروف ونهوا عن المنكر وهلل عاقبة األمور﴾ فاألمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي تطبيق شرع اهلل المحدد للمنكر والمعروف من األسباب التي استخلف من أجله ا اهلل تع الى اإلنسان في الدنيا .واألعراف "﴿ "181وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يع دلون﴾ والحق هو القرآن الكريم وعدل اهلل تعالى .لهذا يجب على األمة اإلس المية انتخ اب أولي األمر من بين المتوفرين على الكفاءة العلمية والصحية والعلم بشرع اهلل تع الى والتقوى فالحكم بالعدل بين الناس وفرض تطبيق الق وانين االقتص ادية من عوام ل ازدهار ونمو اقتصاد الفرد والمجتمع واألمن واالستقرار .لهذا ف الحكم بالع دل بين الناس من القوانين االقتصادية اإلسالمية. وأبين األدلة على أن اهلل تعالى فرض إقامة العدل بين الناس ومنها :النح ل " ﴿ "90إن اهلل يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنك ر والبغي﴾ والنساء "﴿ "135يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء هلل ولو على أنفسكم أو الوالدين واألقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فاهلل أولى بهما فال تتبعوا اله وى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن اهلل كان بما تعملون خبيرا﴾ والمائدة "﴿ "87ي ا أيها الذين آمنوا ال تحرم وا طيب ات م ا أح ل اهلل لكم وال تعت دوا إن اهلل ال يحب المعتدين﴾ .األعراف "﴿ "29قل أمر ربي بالقسط﴾ وهو العدل واإلنصاف .والحديد " ﴿ " 25لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط﴾. فكل األمم أنزل عليها اهلل تعالى شرائعه وأمرها بالحكم بين الناس بالعدل واإلنصاف. وهذه اآلية قاعدة دستورية أخرى وقانون اقتصادي آخر يعتبر العامل األساسي بجانب العمل الحالل الزدهار ونمو اقتصاد الفرد والمجتمع ،واألساس الدستوري الذي يسند الحكم والسلطة لألمة اإلسالمية .ومن األحكام التي تفرض الع دل بين الن اس وفي العالقات االقتصادية بينهم هناك كثير من اآليات أذكر منها األعراف "﴿ "85ف أوفوا الكيل والميزان وال تبخسوا الناس أشياءهم وال تفسدوا في األرض بعد إصالحها ذلك خير لكم إن كنتم مؤمنين﴾ واألنعام "﴿ "82الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم يظلم أولئك لهم األمن وهم مهتدون﴾ فعدم ظلم الناس وإقامة الع دل بينهم من ش روط اإليم ان فالعدل شرط من شروط ازدهار االقتص اد ونم وه وتط بيق منهج اهلل من عوام ل ازدهاره أيضا .لهذا يجب االلتزام بكل أحكام القرآن الكريم وعدم تفضيل متاع ال دنيا على متاع اآلخرة الدائم .إذا التزم المسلمون بالقرآن قوال وعمال سرا وعالنية ي وفر لهم اهلل تعالى رزق السماوات واألرض وي رزقهم من حيث ال يحتس ب .وال دليل القصص "﴿ "77وابتغ فيما آتاك اهلل الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا وأحس ن كما أحسن اهلل إليك وال تبغ الفساد في األرض إن اهلل ال يحب المفسدين﴾ يونس "" "7 ﴿ "8إن الدين ال يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون﴾ والمنافقون "﴿ "9يا أيها الذين آمنوا ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن ذكر اهلل ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون﴾ األعلى "﴿ " 19" "16بل تؤثرون الحياة الدنيا واآلخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف األولى صحف إبراهيم وموسى﴾ والعصر "﴿ "3" "1والعصر إن اإلنسان لفي خسر إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾ .أقس م اهلل تع الى أن المؤمنين الصالحين المتقين الذين يعملون لمتاع الدنيا الحالل ومتاع اآلخرة ال دائم هم الفائزون في الدنيا واآلخرة والناجون من عذاب اهلل طه "﴿ "76" "74إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم ال يموت فيها وال يحيى ومن يأته مؤمنا ق د عم ل الص الحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها األنهار خالدين فيه ا وذل ك جزاء من تزكى﴾ فااللتزام بالقرآن والعمل بأحكامه الشرعية قوال وعمال سرا وعالنية من عوامل ازدهار اقتصاد الفرد والمجتمع والدليل كثير من اآليات منها الطالق " " "2 ﴿ "3ومن يتق اهلل يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ال يحتسب﴾ طه " "124" "123 ﴿فمن اتبع هداي فال يضل وال يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ض نكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ األعراف "﴿ "96ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحن ا عليهم بركات من السماء واألرض﴾ وهذه القاعدة عامة وثابتة في كل شرائع اهلل التي أنزلها للناس والدليل :األعراف "﴿ "35يا بني آدم إما ي أتينكم رس ل منكم يقص ون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فال خوف عليهم وال هم يحزنون﴾ والتقوى هي االلتزام يشرع اهلل تعالى .ومن اتقى وأصلح وعمل صالحا ضمن له اهلل تعالى األمن والسعادة في الدنيا واآلخرة ومنها ازدهار االقتصاد إال حالة االبتالء من اهلل تعالى والعقاب. ومن القوانين االقتصادية اإلسالمية فريضة أداء الزكاة على من يت وفر في ه النصاب الشرعي والدليل النور "﴿ "56وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون﴾ المزمل "﴿ "20وأقيموا الصالة وآت وا الزك اة ﴾...والبق رة ""83 ﴿وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة﴾ والنمل "﴿ "3" "1طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم باآلخرة هم يوقنون﴾ ولقمان "﴿ "5" "2تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين ال ذين يقيم ون الصالة ويؤتون الزكاة وهم باآلخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾ .والمؤمنون "﴿ "4" "1قد أفلح المؤمنون الذين هم في صالتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون﴾ والبينة "﴿ "5وما أمروا إال ليعبدوا اهلل مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيم ة﴾ هذه األحكام الشرعية تؤكد صراحة أن الزكاة أهم ف رائض اإلس الم ألن له ا دور اقتصادي واجتماعي مهم .فهي تنقد المحتاجين المس لمين ال ذين ال يت وفرون على مصدر الطعام ألسباب خارجة عن إرادتهم وفي ذلك اإلنقاد تقوية للعنص ر البش ري المنتج ولألمة اإلسالمية حيث يعتبر المؤمنون بحكم الشرع إخوة في الدين متك افلين متضامين ،فالمؤمن الذي أنقدت الزكاة حياته من خطر الجوع قد يفيد األمة في حم ل السالح والدفاع عن اإلسالم .ومن الناحية االقتصادية فإن الزك اة ق انون اقتص ادي إسالمي فرضه اهلل تعالى لمنع تكدس الثروات وتبذيرها أو استهالكها باإلس راف ألن في ذلك ضرر لالقتصاد .كما أن الزكاة تشجع على السيولة وعلى رف ع الطلب على إنتاج السلع مما يساعد على االزدهار االقتصادي. لهذا خصص اهلل تعالى عذاب الدنيا ون ار جهنم لمن رفض إعط اء الزك اة المستحقة عليه عمدا وجعلها من شروط اإليمان الصادق .والدليل :اللي ل ""11" "5 ﴿فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخ ل واس تغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى﴾ والليل ""18" "14 ﴿فأنذرتكم نارا تلظى ال يصالها إال األشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها األتقى ال ذي يؤتي ماله يتزكى﴾ .فتدبروا إخواني المحترمين هذه اآلية .فالذي يمتنع عمدا عن أداء الزكاة الواجبة عليه إذا لم يتب ويؤد ما عليه البد له من نار جهنم ولو صام وص لى مئة سنة وحج عدة مرات. فال يدخل الجنة من لم يؤد الزكاة الواجبة عليه عمدا وال ينال رحم ة اهلل في الدنيا واآلخرة .والدليل األعراف "﴿ "156ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها لل ذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون﴾ .فيا أيها الناس أدوا م ا يجب عليكم من زكاة فإن بخلتم وتحايلتم فإن اهلل يحرمكم من رحمته ويعذبكم في الدنيا واآلخ رة. ومن عذاب اهلل في الدنيا تدهور االقتصاد وكساده ألن مصادره األساسية بيد اهلل وهي رزق السماوات واألرض وال أحد نهائيا يوفره للناس إال اهلل تعالى يونس "﴿ "58ق ل بفضل اهلل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ المسد "﴿ "5" "1تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأت ه حمال ة الحطب في جيدها حبل من مسد﴾ .وعلى السلطة اإلسالمية وضع مؤسسات الزك اة تراقب تطبيق هذه الفريضة وتحدد المستحقات وإن لم يكن هناك من يستحقها تجم ع وتصرف في األعمال الخيرية والدعوة اإلسالمية والجيش .والصدقة هي أيضا قانون اقتصادي إسالمي فرضها اهلل تعالى لمصلحة المؤمنين الصالحين المحتاجين ألس باب خارجة عن إرادتهم( .سأبين األدلة على أن الزكاة والصدقة ال تعطى إال للمسلمين في الدراسة التي أبين فيها أمثلة تطبيقية عن استنباط األحكام الشرعية من القرآن الك ريم فيما بعد) ومنها األنفال "﴿ "60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾...فالحكم الشرعي الغير المنطوق في هذه اآلية الكريمة هو أنها حرمت ومنعت إعطاء الصدقة والزك اة للكفار وأية وسيلة أو فرصة للتفوق على المسلمين بمختلف أشكالها والممتحنة " ﴿ "1يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بم ا جاءكم من الحق﴾ والمجادلة "﴿ "22ال تجد قوما يؤمنون باهلل واليوم اآلخر يوادون من حاد اهلل ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم اإليمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها األنهار خال دين فيها رضي اهلل عنهم ورضوا عنه أولئك حزب اهلل أال إن حزب اهلل هم المفلحون ﴾ اهلل تعالى حرم المودة بين المسلمين و الكفار لهذا فرض اعطاء الص دقة و الزك اة لمن يستحقها من المسلمين . وللصدقة نفس اآلثار االقتصادية واالجتماعية التي ذكرتها بالنس بة للزك اة. واألدلة المؤكدة لفرض الصدقة مما هو فائض في أموال المسلمين ما يلي :الروم ""38 ﴿فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه اهلل وأولئك هم المفلحون﴾ اإلسراء "﴿ "26وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل وال تب ذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لرب ه كف ورا﴾ .ح رم اهلل تعالى تبذير الموارد االقتصادية وجعله كفرا معاقبا عليه بجهنم. ومن األدلة على فرض الصدقة الذاريات "﴿ "19وفي أموالهم ح ق للس ائل والمحروم﴾ ،فالزكاة والصدقة حكم اهلل تعالى بإعطائهما للمسلمين المحرومين ألسباب خارجة عن إرادتهم كالمعاقين والمرضى بمرض مزمن واهلل أحكم الحاكمين والدليل: الممتحنة "﴿ "10ذلكم حكم اهلل يحكم بينكم واهلل عليم حكيم﴾ الرع د "﴿ "41واهلل يحكم ال معقب لحكمه وهو سريع الحساب﴾ واألحزاب "﴿ "36وما كان لمؤمن وال مؤمن ة إذا قضى اهلل ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اهلل ورس وله فقد ضل ضالال مبينا﴾ كل أحكام القرآن الشرعية حكم اهلل تعالى وأوامره التي قضى بها ومنها فريضة الزكاة والصدقة. ومن لم ينفذ حكم اهلل فإنه معرض لعذاب اهلل عز وجل في الدنيا ومنه الكس اد والتدهور االقتصادي وعذاب نار جهنم في اآلخرة .وهذا أمر اهلل تعالى وحكمه بأداء الصدقة في سورة إبراهيم "﴿ "31قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصالة وينفقوا مم ا رزقناهم سرا وعالنية من قبل أن يأتي يوم ال بيع فيه وال خالل﴾. فالزكاة والصدقة تنمي االقتص اد وتحق ق التكام ل والتكاف ل والتض امن االجتماعي بين المسلمين ،فهي تمنع ت راكم األم وال واكتنازه ا وتنش ط ال دورة االقتصادية والسيولة النقدية وتدعم القوة الشرائية لدى الفقراء والمحرومين مما يساعد على نمو االقتصاد. واهلل تعالى أكد في عدة آيات أنه كلما التزم المسلمون بأحكام الق رآن ومن ه القوانين االقتصادية واتقوا وفر لهم مصادر نمو االقتصاد وهي الرزق الذي يوفره من السماوات واألرض. ومن القوانين االقتصادية التي فرضها اهلل عز وجل في القرآن الكريم اإلنفاق على الدعوة اإلسالمية لنشر دين اإلسالم وإقناع الناس بوجود اهلل تعالى وأن ه خ الق الكون وما فيه ومدبر أموره وأن القرآن الكريم كالم اهلل تعالى وشرعه للن اس كاف ة وأنه صدق وحق وأن كل الناس في الكون ملزمون بفهمه والعمل بأحكامه قوال وعمال سرا وعالنية .اإلنفاق على الدعوة اإلسالمية له آث ار مهم ة على نم و االقتص اد وازدهاره ألن األمة اإلسالمية تتقوى بزيادة العنصر البشري ويسود األمن والسلم في دار اإلسالم ألن المسلمين إخوة في الدين بحكم القرآن .فيجب الجهاد بالم ال والنفس للدعوة اإلسالمية والدفاع عن اإلسالم ودار اإلسالم وما خلق اهلل تعالى فيها من موارد اقتصادية .والدليل :المائدة "﴿ "35يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وابتغوا إلي ه الوس يلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون﴾ الحجرات "﴿ "15إنما المؤمنون الذين آمن وا باهلل ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اهلل أولئك هم الص ادقون﴾ واألنفال "﴿ "74والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اهلل والذين آووا ونص روا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم﴾ والصف "﴿ "13" "10يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون باهلل ورسوله وتجاهدون في سبيل اهلل بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم وي دخلكم جنات تجري من تحتها األنهار ومساكن طيبة في جنات ع دن ذل ك الف وز العظيم وأخرى تحبونها نصر من اهلل وفتح قريب وبشر المؤمنين﴾ والبق رة "﴿ "261مث ل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اهلل كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة واهلل يضاعف لمن يشاء وهلل واسع عليم﴾ .فاإلنفاق في سبيل اهلل فريض ة إس المية ويعني اإلنفاق على الدعوة اإلسالمية والجهاد للدفاع عن اإلس الم والمس لمين ودار اإلسالم في حالة االعتداء من طرف الكفار .واهلل تعالى قوي وغني وال يحتاج إلى من يدافع عنه وينفق من أجله ألنه أوجد كل ما هو موجود ويملك الكون وما في ه وه و قادر على أن يجعل كل الناس مؤمنين مسلمين وله جنود من المالئك ة والجن ول ه القدرة على حماية دار اإلسالم والمسلمين واإلسالم ولكن في إطار االبتالء واالمتحان واالختبار أسند مهمة الجهاد بالنفس والمال للمسلمين وخصص لهم رحمته في ال دنيا واآلخرة إذا أطاعوه واتقوا وفرضوا تطبيق القرآن الكريم ومنه القوانين االقتصادية. فالنشاط االقتصادي والعمل الحالل لإلنتاج فريضة على كل من تت وفر في ه االستطاعة العقلية والصحية .والدليل األنفال "﴿ "60وأع دوا لهم م ا اس تطعتم من قوة ﴾...وال يمكن إعداد القوة إال بالعم ل لتنمي ة االقتص اد واالل تزام ب القوانين االقتصادية اإلسالمية .ومن لم يساهم بالعمل الحالل لإلنتاج إذا توفرت فيه االستطاعة عصى اهلل الذي أمر بالعمل الحالل وارتكب جريمة في حق األمة اإلسالمية وك ذلك من أعطى الزكاة والصدقة للكفار وللمسلم القادر على العمل ارتكب نفس الجريمة. ب -القوانين االقتصادية اإلسالمية التي تحرم ما يخرب االقتصاد: هذه األفعال التي حرمها اهلل تعالى لها آثار سلبية على اقتصاد الفرد والمجتمع فهي تخرب االقتصاد وتدمره وتؤدي به إلى الكساد واالنهيار واألزمات االقتص ادية والمالية وقيام الحروب والنزاعات والصراع بين األفراد والجماعات والدول من أجل مصادر الطعام والبقاء على قيد الحياة .وسأتعرض لها مبينا اآليات الكريمة المحتوية على األحكام الشرعية والقوانين االقتصادية المحرمة لها حسب ما اس تطعت ت دبره واستنباطه. إن أخطر جرثومة لتخريب االقتصاد عاجال أم آجال هي الربا الذي حرمه اهلل عز وجل وجعله كفرا واعتبر كل من يتعامل به عن قصد وعلم ويقبض ه ويعطي ه مرتكبا للكبائر من السيئات مصيره نار جهنم مثل الزنا والشرك باهلل وقتل النفس بخير حق وأكل أموال الناس بالباطل إال إذا تاب توبة نصوحا صادقة بدون رجعة وع ودة إلى السيئات .والدليل :البقرة "﴿ "276" "275الذين يأكلون الربا ال يقومون إال كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأح ل اهلل البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأم ره إلى اهلل ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق اهلل الربا ويربي الص دقات واهلل ال يحب كل كفار أثيم﴾ والبقرة "﴿ "278يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وذروا م ا بقي من الربا إن كنتم مؤمنين﴾ .الربا حرمه اهلل ويعني الفائدة التي يأخذها من أقرض غ يره سواء فرد أو مؤسسة وسواء كانت هذه الفائدة نقدا أو غيره .والربح المتفاحش ال ذي يتجاوز ثلث ثمن كلفة السلعة أو الخدمة ربا هو أيض ا وك ل غبن في تق دير الثمن الحقيقي ربا محرم. الربا من العوامل األساسية التي تخرب االقتصاد في كثير من البلدان وأعطى مثال حسابيا عن آثار الربا السلبية :لنتصور مجتمعا مكونا من 100ف رد 30 ،منهم لهم رؤوس أموال يستثمرونها في األبناك بالربا ويعيشون بمداخيله ،وال يعملون ب ل يستهلكون ويبذرون .و 20فردا يعيشون من مداخيل الميسر والقمار وال يعمل ون في اإلنتاج بل يستهلكون ويبذرون و 10أفراد يعيشون من مداخيل وعائدات البورص ة والسرقة والرشوة والنصب واالحتيال وتجارة المخذرات والخمر والدعارة وتزوي ر ميزانيات اإلدارات والجماعات والمؤسسات األخرى 30 .ف ردا من ه ذا المجتم ع يعيشون هم أيضا من عائدات الخدمات الغير المنتجة باستثناء قطاع التعليم والتك وين العلمي والتقني وأذكر من هذه الخدمات الضارة اقتصاديا مثال قط اع الك رة ال ذي تصرف عليه أموال طائلة بدون أية فائدة ،خاصة وأن هذا القطاع يجمد طاقة مهم ة مؤهلة لإلنتاج وهي طاقة الشباب ال تشارك في االقتصاد الم ادي .وتنف ق وتب در وتستهلك أمواال باهضة مقابل فقط التصفيق على كرة دخلت شبكة وليس مقابل إنتاج وتصنيع دواء أو دبابة أو طائرة .وهناك من األفراد في هذا المجتمع من يس تهلكون ويبذرون عائدات المضاربات واالحتكارات واألرباح المتفاحشة ،فسكان هذا المجتمع المئة منهم 10هم الذين ينتجون ويشتغلون في االقتصاد المادي وإنتاج السلع بينما 90 الباقون يشتغلون في االقتصاد المالي النقدي وال ينتجون هل يستطيع 10أفراد إنت اج ما يطعم 90فردا ماذا يفعل 90فردا بأطنان الذهب والفضة وماليير النقود الورقي ة والمعدنية واألسهم والسندات والكمبياالت؟ إنها ال تقيدهم شيئا .بل يرتف ع الطلب على عرض السلع وترتفع األسعار وينتج التضخم والكساد االقتص ادي وتك ون الس يولة مرتفعة وال يكفي إنتاج السلع فتنشأ األزمات والحروب حول مصادر العيش فيم وت من يموت ويحيى من يحيى .أما إذا منع اهلل وأمسك رزق السماوات واألرض عقاب ا للناس فاألرض تموت والنباتات والحيوانات وأشجار الفواكه والخضر وبالتالي تموت كل المخلوقات الحية ومنها اإلنسان .فآمنوا أيها الناس والتزموا بالقرآن واتقوا واعلموا صالحا تفوزوا بسعادة الدنيا واآلخرة. حرم اهلل تعالى السرقة مثل الربا ألنها جريمة في حق من سرق له ماله وفي حق اقتصاد المجتمع والدليل المائدة ﴿ :38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ج زاء بما كسبا نكاال من اهلل واهلل عزيز حكيم﴾ وطبعا السرقة تعددت أش كالها ووس ائلها فهناك السرقة بالكمبيوتر وتزوير الميزانيات والفاتورات والنقود وهي جريمة خطيرة في حق اقتصاد الفرد والمجتمع .وحرم اهلل تعالى االحتكار والمضاربة في األم وال والسلع والدليل :التوبة "﴿ "35" "34والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل اهلل فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في ن ار جهنم فتك وى به ا جب اههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون﴾ ح رم اهلل تع الى خزن الذهب والفضة ألنهما كانا وسيلة وعملة للتب ادل وتق ييم الس لع ولكن الحكم الشرعي في هذه اآلية التوبة " "35" "34يدل على أن كل الوسائل والعمالت المستعملة في التبادل وتقييم السلع والخدمات كالنقود المعدنية والورقية والسلع نفسها ح رم اهلل تعالى اكتنازها وخزنها والمضاربة فيها ومنعها من التداول بين الناس ورفع أسعارها عمدا ألن ذلك يجمد النشاط االقتصادي واإلنتاج وي ؤدي إلى التض خم أو الكس اد واالنهيار االقتصادي .محمد "﴿ "38ها أنتم هؤالء تدعون لتنفقوا في س بيل اهلل فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه واهلل الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم ال يكونوا أمثالكم﴾ وآل عمران "﴿ "180وال يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اهلل من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة وهلل ميراث السماوات واألرض واهلل بما تعملون خبير﴾ والنساء "﴿ "37ال ذين يبخل ون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اهلل من فضله واعتدنا الكافرين عذابا مهينا﴾ والحديد "﴿ "24الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن اهلل هو الغ ني الحميد﴾ هذه حكمة اهلل تعالى وقوانينه االقتصادية التي يجب على المسلمين االمتث ال لها .حرم اهلل االحتكار في السلع واألموال والنقود لكي ال يتأثر االقتصاد ويبقى هناك التوازن بين العرض والطلب وال تنقص السيولة النقدية فينهار االقتصاد. وحرم اهلل تعالى كذلك أكل أموال الناس بالباطل كالرش وة والنص ب والغبن والظلم والدليل البقرة "﴿ "188وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس باإلثم وأنتم تعلمون﴾ والنساء " ﴿ "29يا أيها الذين آمنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾...والنساء "﴿ "30ومن يفعل ذلك ع دوانا وظلم ا فسوف نصليه نارا وكان ذلك على اهلل يسيرا﴾ هذه قاعدة قانوني ة اقتص ادية هام ة وحكمة اهلل تعالى لو طبقت في دار اإلسالم الزدهر االقتص اد اإلس المي .إن أك ل أموال الناس بالباطل مثل الربا ال يؤدي إال إلى الظلم والفحشاء .ومن يأك ل أم وال الناس بالباطل ولم يتب ولم يرد األموال إلى أصحابها فإن مصيره عذاب اهلل تع الى في الدنيا واآلخرة ولو صلى مئة سنة وحج وصام. لقد حرم اهلل تعالى كل أشكال ظلم الناس كيفما كان وضعهم والدليل :األنعام " ﴿ "82الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم األمن وهم مهتدون﴾ والشورى " ﴿ "42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في األرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم﴾ وهود "﴿ "85وال تبخسوا الناس أشياءهم وال تعثوا في األرض مفسدين﴾ والشعراء "﴿ "183وال تبخسوا الناس أش ياءهم وال تعث وا في األرض مفس دين﴾ والنساء "﴿ "10إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما ي أكلون في بط ونهم ن ارا وسيصلون سعيرا﴾ والنساء "﴿ "5وال تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل اهلل لكم قيام ا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قوال معروفا﴾ فالسفيه والمبذر يضر باالقتص اد لهذا يجب إبعاده عن األموال والتصرف فيها .والدليل اإلسراء "﴿ "27" "26وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل وال تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا﴾ وطه "﴿ "81كلوا من طيبات ما رزقناكم وال تطغوا في ه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ فالمسلم ملزم بعدم ظلم الناس في دمائهم وأعراضهم وأموالهم .فإذا كان لديه المال فعليه أن ال يطغى ويتج بر على الناس بل عليه استعمال المال في ما أمر به اهلل تعالى. والتجارة في السندات واألسهم والكمبياالت هي أيضا مضرة باالقتصاد ألنه ا تخلق فئات مبذرة ومستهلكة تعيش على عائدات المضاربات واقتصاد المال والنق ود وال تشارك في االقتصاد المادي للسلع مما يؤدي إلى نقص عرض اإلنتاج أمام الطلب وبالتالي التضخم والكساد االقتصادي. فقوة الدولة ال تقاس بما لديها من نقود وذهب وفضة ألنها وسيلة تبادل وليس استهالك .بل تقاس قوة الدول بما لديها من إنتاج فالحي وزراعي وصناعي وس الح وجيوش ومصادر الطعام وتقدم علمي وتقني فاإلنسان ال يستطيع العمل إذا كان جائعا بل يموت. وبالنسبة للقوانين االقتصادية اإلسالمية المتعلقة بعالقة المسلمين بغيرهم فق د استنبطتها من اآليات الحكيمة المتعلقة بعالقة المسلمين بغيرهم .وأحيلكم على الفصل الثاني حول عدل اهلل تعالى المنشور في موقعي المذكور باإلنترنيت. فرض اهلل تعالى على المسلمين الحذر من الكفار وعدم مودتهم وأمر بإع داد القوة الضرورية لمواجهة عدوانهم ألنهم أعداء اهلل واإلس الم والمس لمين .فت دبروا إخواني األنفال "﴿ "60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون ب ه عدو اهلل وعدوكم وآخرين من دونهم ال تعلمونهم اهلل يعلمهم وما تنفقوا من ش يء في سبيل اهلل يوف إليكم وأنتم ال تظلمون﴾ .فالحكم المسكوت عنه والغير المنط وق في األنفال " "60هو تحريم استثمار أموال المسلمين في بالد الكفار ألنها تزيدهم قوة على المسلمين ويستعملونها في الربا والمحرمات األخرى كإنت اج الخم ر والمخ درات والميسر وغيره مما حرم اهلل ألن الكفار ال يلتزمون بأحكام القرآن الكريم ،وك ذلك ال يجوز استثمار أموال الكفار في دار اإلسالم ألنها حرام فيها الربا وعائدات المحرمات وتحصد أرباحا من دار اإلسالم تقوي اقتصاد الكفار. وفي حالة الضرورة ومصلحة الدول ة اإلس المية يتم تب ادل الس لع الحالل بالمقايضة مع الكفار أي سلعة مقابل سلعة وليس مقابل النقود ألن الكفار يس تعملون السياسة النقدية إلفقار المسلمين واستنزاف خيراتهم والدليل األنفال " "60الم ذكورة. وفصلت "﴿ "19ويوم يحشر أعداء اهلل إلى النار فهم يوزعون﴾ فك ل من ال يل تزم بأحكام القرآن ومنه القوانين االقتصادية اإلسالمية عدو اهلل تعالى وع دو المس لمين محمد "﴿ "2" "1الذين كفروا وصدوا عن سبيل اهلل أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم﴾ .أموال الكفار قائمة على الربا واالستثمار في المحرمات فال يجوز ش رعا أن تكون لهم شركات واستثمار في دار اإلسالم .وكل مش اركة للدول ة اإلس المية في المؤسسات البنكية والتمويلية التي يسيطر عليها الكفار محرمة شرعا ألنها قائمة على الربا واالستثمار في المحرمات وال تجوز والية الكفار وحكمهم السياسي واالقتصادي على المسلمين .واألدلة الشرعية كثيرة في القرآن الكريم سبق ذكرها .فعلى البل دان اإلسالمية أن تتضامن وتتكافل فيما بينها ألن المسلمين طبقا للقرآن الكريم إخ وة في الدين اإلسالمي ،واالقتصاد اإلسالمي اقتصاد كل المسلمين ومن الواجب ش رعا أن يتعاونوا ويتوحدوا لتطبيق شرع اهلل تعالى القرآن الكريم .وعلى المسلمين إنشاء عملة إسالمية موحدة في دار اإلسالم ومؤسسات تمويلية إسالمية موح دة .ولكن يجب أن تكون هذه المؤسسات التي تودع فيها ودائع الناس وتعطى القروض لالستثمار ب دون فائدة نهائيا خاضعة إلدارة السلطة اإلسالمية ومراقبتها فتكون عمومية والعاملون فيها يتقاضون أجورهم من الدولة .القروض لالستثمار تعطى لمن له أهلية بدون فائدة أبدا ألنها ربا حرمه اهلل تعالى ولكن تعطى القروض مقابل ض مانة مش روعة وبش رط مراعاة المخطط االقتصادي الذي حددته السلطة اإلسالمية .وتح دث ل ذلك ش رطة اقتصادية قضائية تسهر بجد على فرض تطبيق القوانين االقتصادية اإلسالمية ومنه ا المراقبة الصارمة وحفظ التوازن بين عرض السلع والطلب عليها ومستوى الس يولة النقدية. إن النظام البنكي الخاص الحالي وقوانين االس تثمار المبني ة على الحري ة واقتصاد النقود والمال والبورصات ابتكار الكفار وهو من عوامل انهي ار االقتص اد رغم فترات النمو المؤقتة .فالحل هو العودة إلى القرآن وتطبيق قوانينه كله ا ومنه ا االقتصادية. يجب تحكم الدولة اإلسالمية في النقود واالحتياط من تزويرها أو طبعها دون مقابل في النمو االقتصادي وحاجة السيولة النقدية التي يجب أن تكون دائما مطابق ة لمستوى إنتاج السلع والمعامالت االقتصادية لهذا يجب تكوين خبراء ومهندسين أكفاء في التخطيط االقتصادي والقوانين االقتصادية اإلس المية بحيث يكون ون مؤم نين صالحين متقين يراقبون النشاط االقتصادي بتعاون مع الشرطة االقتصادية القض ائية فيجب أن يكون التوازن دائما بين سيولة النقد ومستوى إنتاج الس لع بحيث ال يك ون التضخم وال الكساد .ويجب إلغاء االقتصاد النق دي الم الي كالتج ارة في األس هم والسندات والكمبياالت والتجارة في المخدرات وكل المحرمات والربا ألنه ا تخ رب االقتصاد وتعطي مداخيل لالستهالك والتبذير دون مس اهمة بالعم ل الحالل لتقوي ة االقتصاد المادي أي إنتاج السلع الذي أمر به اهلل تعالى :فتذكروا إخواني الجمعة " "10 ﴿فإذا قضيت الصالة فانتشروا في األرض وابتغوا من فضل اهلل واذكروا اهلل كث يرا لعلكم تفلحون﴾ فهل الجلوس على طاولة وحصد وجمع األموال الطائلة من المس ير والقمار وتجارة المخدرات واألسهم والسندات والمحرمات والربا يفيد البطن ش يئا إذا توقف إنتاج الطعام؟ إن اهلل تعالى حكيم والقرآن حكمة اهلل عز وجل ش رعها للن اس لمصلحتهم ومنها القوانين االقتصادية اإلسالمية ،لهذا ف إن ح ل مش كلة االقتص اد وازدهاره ونموه تتوقف على تطبيق الشريعة اإلسالمية من طرف السلطة اإلس المية تحت مراقبة األمة اإلسالمية والتزام الناس بالقرآن قوال وعمال سرا وعالنية واإليمان الصادق باهلل تعالى وحبه والتقوى ألن اهلل تعالى مصدر نمو االقتصاد أو انهياره ألن مصادر االقتصاد رزق اهلل من السماوات واألرض .بل حياة كل إنسان بيد اهلل تعالى في أية لحظة .إن حل مشكلة االقتصاد ليست في النظام الرأسمالي وال االشتراكي وال في قوانين الكفار االقتصادية وال في تطبيق القوانين االقتصادية اإلسالمية وحدها ب ل في االلتزام بأحكام القرآن الكريم كلها قوال وعمال سرا وعالنية .إذا ترك مجال النقود والسيولة واالستثمار وتنظيم المؤسسات التمويلية للقطاع الخاص وحرية الفرد ينه ار االقتصاد بالتدريج وتتوالى األزمات االقتصادية واالجتماعي ة ألن الف رد بطبيعت ه البشرية إذا لم يكن مؤمنا صالحا متقيا ال تهمه إال مصالحه الخاصة والحص ول على الثروات المالية وتكديسها ومتاع الدنيا ،فالكفار والمن افقون هم ال ذين يتس ببون في األزمات االقتصادية ألنهم ال يلتزمون بالقرآن الكريم وقوانينه االقتص ادية وال يهمهم إال متاع الدنيا وال يستعملون األموال فيما يرضي اهلل بل حسب ش هواتهم ون زواتهم وأذكركم بالمعارج "﴿ "33" "29إن اإلنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إال المصلين الذين هم على صالتهم دائمون﴾. فاالقتصاد اإلسالمي ال يقوم على الحرية المطلقة للفرد في نشاطه االقتصادي ألن األرض والسماوات وما فيها من مصادر النش اط االقتص ادي والن اس وك ل المخلوقات ملك هلل تعالى الذي يعطي الناس من رزق السماوات واألرض أو يمس كه وال يعطيه .وهذه حقيقة مطلقة خالدة ونهائية وال أحد يستطيع إثبات ما يخالفها نهائيا. وهذا دليل قاطع على أن السلطة اإلسالمية ملزمة بإدارة النشاط االقتص ادي والتحكم فيه وتوجيهه ومراقبته مراقبة صارمة ليكون مطابقا لقوانين اهلل تع الى االقتص ادية المحددة في القرآن الكريم .واستدل بالسؤال الذي وجهه قوم ن بي اهلل ش عيب علي ه السالم هود "﴿ "87قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء﴾ لقد فضلوا عبادة األصنام والشرك باهلل واستعمال األموال حسب هواهم وشهواتهم ،فبحثت عن الجواب في كتاب اهلل العزيز في آيات كثيرة منها طه " ﴿ "81كلوا من طيبات ما رزقناكم وال تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ الحديد "﴿ "7وأنفقوا مما جعلكم مس تخلفين في ه﴾ والن ور ""33 ﴿وآتوهم من مال اهلل الذي آتاكم﴾ والقصص "﴿ "77وابتغ فيما آتاك هلل الدار اآلخ رة وال تنس نصيبك من الدنيا﴾ فالمال وما يتعلق باالقتصاد ملك هلل تعالى وحرية الن اس للتصرف في ما يملك هلل عز وجل ليست مطلقة ولكنها مقيدة بأحكام الق رآن الك ريم ومنه القوانين االقتصادية اإلسالمية. لهذا من أوجب الواجبات على األمة اإلسالمية والسلطة اإلسالمية إلزام الناس في دار اإلسالم بالقوانين االقتصادية وسائر أحكام القرآن وإال تعرض وا لع ذاب اهلل تعالى في الدنيا ومنه انهيار االقتصاد وعذاب نار جهنم في اآلخرة أيضا .والدليل كثير من اآليات منها النازعات "﴿ "41" "37فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى﴾. فإذا ترك النشاط االقتصاد لألفراد ولم تتدخل السلطة اإلسالمية بالتخطيط والمراقب ة وفرض تطبيق القوانين االقتصادية اإلسالمية ينهار االقتصاد والمجتم ع ألن تك دس األموال والثروات بدون إيمان وبدون استعمالها فيما يرضي اهلل تع الى ي ؤدي إلى الطغيان والظلم والفساد .لهذا قال اهلل تعالى في الشورى "﴿ "27ولو بسط اهلل ال رزق لعباده لبغوا في األرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خب ير بص ير﴾ .فعلى السلطة اإلسالمية مراقبة النشاط االقتصادي في دار اإلسالم ليكون مطابق ا للق رآن الكريم الستمرار نموه وازدهاره. والخاتمة التي أستخلصها من هذا البحث ح ول أس س النظ ام االقتص ادي اإلسالمي جعلتها نداء صادقا لبني آدم في كل أنحاء العالم وهو التالي :أيها الناس في كل أنحاء العالم نصارى ويهود وع رب وف رس أفارق ة وأس يويون وأمريكي ون وأوروبيون وفي كل مكان إن اهلل حق وموجود ،وهو الذي أوجد كل ما هو موج ود والمدبر ألمور الكون وما فيه وحياتكم بيده في كل لحظة .وهو معكم أينما كنتم يسمع ويرى أعمالكم ويعلم ما تسرون وما تعلنون وإشاراتكم ولغاتكم في كل لحظة .وقوانين القرآن الكريم شرعها اهلل تعالى لتلتزموا بها قوال وعمال سرا وعالنية ومنها القوانين االقتصادية التي استنبطها حسب استطاعتي .فآمنوا باهلل إيمانا صادقا واعبدوه واتق وا تسعدوا في الدنيا واآلخرة وتحيوا الحياة الدائمة الخالدة في سعادة الجنة مع اهلل تعالى وتنجوا من عذاب هلل في الدنيا ونار جهنم في اآلخرة بعد البعث وه و ح ق وحتمي. وهذه قوانين وسنن اهلل عز وجل التي يسير ويدبر بها الكون .وآخر توصية أقدمها في هذا البحث ما يلي :على األمة اإلسالمية في دار اإلسالم أن تشرع القوانين الوضعية المحكمة المطبقة لقوانين اهلل تعالى الواردة في القرآن الكريم ومنها القوانين االقتصادية التي ساهمت في توضيحها للناس .وعلى السلطة اإلسالمية المنتخبة من طرف األم ة اإلسالمية تنفيذ هذه القوانين بعدل مطلق وبصرامة .ولكن هل تكونت األمة اإلسالمية وهل انتخبت فعال أولي األمر األكفاء المؤمنين الصالحين المتقين لممارس ة الس لطة اإلسالمية وتطبيق قوانين القرآن الكريم ومنها ما يهم االقتص اد اإلس المي؟ أت رك الجواب للباحثين المحترمين والحمد هلل رب العالمين.