الاشتراكى

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 20

‫النظام االقتصادي االشتراكي‬

‫‪ .1‬مفهوم النظام االقتصادي االشتراكي ونشأته‬

‫تعريف النظام االقتصادي االشتراكي‬

‫يطلق لفظ االشتراكية ‪ Socialism‬للتعبير عن الكثير من‬


‫المعاني المختلفة‪،‬‬
‫فأحيانا ً يطلق على مجرد تدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫وبذلك تكون‬
‫االشتراكية نقيضا ً لسياسة الحرية االقتصادية‪ .‬كما يطلق‪ ،‬أحياناً‪،‬‬
‫للتعبير عن‬
‫تدخل الدولة في حياة العمال‪ ،‬والطبقات الفقيرة‪ ،‬بهدف سن‬
‫التشريعات‬
‫االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬التي تخفف معاناتهم‪ ،‬وتمنحهم بعض‬
‫المزايا‪.‬‬
‫إال أن االشتراكية‪ ،‬من الناحية العلمية‪ ،‬تعني النظام الذي تؤول فيه‬
‫ملكية‬
‫مواد اإلنتاج‪ ،‬واألراضي‪ ،‬واآلالت‪ ،‬والمصانع للدولة‪ .‬بمعنى‬
‫آخر‪ ،‬فإن‬
‫االشتراكية‪ ،‬على خالف ما تقتضيه الرأسمالية‪ ،‬تقوم على الملكية‬
‫الجماعية‬
‫لعناصر اإلنتاج المختلفة‪.‬‬
‫أخذت االشتراكية‪ ،‬في الفكر االقتصادي والتطبيق الفعلي‪،‬‬
‫صورتين‪ ،‬صورة‬
‫االشتراكية الخيالية‪ ،‬وصورة االشتراكية الماركسية نسبة إلى كارل‬
‫ماركس‪ .‬فقبل‬
‫ظهور االشتراكية الماركسية‪ ،‬كان المنادون باالشتراكية يحاولون‬
‫تصوير عالم‬
‫خيالي‪ ،‬تسود فيه مبادئ االشتراكية الخيالية‪ ،‬وتنعدم فيه مساوئ‬
‫النظم‬
‫االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬السائدة‪ ،‬محاولين إقناع األفراد‪،‬‬
‫والحكومات‪،‬‬
‫بالمشاركة في إقامة هذا العالم الخيالي‪ .‬وكان اعتمادهم‪ ،‬في ذلك‪،‬‬
‫على التأثير‬
‫العاطفي المصحوب بسر ٍد للمساوئ االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬التي‬
‫كانت سائدة في‬
‫تلك الفترة‪ .‬ومن هذا المنطلق فإن االشتراكية الخيالية لم تكن ذات‬
‫أساس علمي‬
‫تحليلي‪ ،‬وإنما كانت مجرد تخيالت وأحالم‪ ،‬ليس لها أساس علمي‪.‬‬
‫أما الصورة‬
‫الثانية من صور االشتراكية فكانت االشتراكية الماركسية‪ ،‬أو‬
‫االشتراكية‬
‫العلمية‪ ،‬التي حاول كارل ماركس بناءها على أساس علمي‪،‬‬
‫محاولة لتميزها عن‬
‫االشتراكية الخيالية‪ ،‬ولدحض حجج الرأسمالية‪ ،‬التي اعتمدت‬
‫المنهج العلمي أداة‬
‫رئيسية في تحليلها للقضايا االقتصادية المختلفة‪.‬‬

‫‪ .2‬الجذور التاريخية للمذهب االشتراكي‬


‫يرجع الكثير من مؤرخي الفكر االقتصادي المذهب االشتراكي إلى‬
‫الفيلسوف‬
‫اليوناني أفالطون‪ ،‬الذي ص ّور في كتابه (الجمهورية) مجتمعا ً‬
‫مثاليا ً يعيش فيه‬
‫الناس حياة ملؤها السعادة‪ ،‬والحرية‪ ،‬والعدالة‪ .‬وقد بنى أفالطون‬
‫هذا المجتمع‬
‫على ثالث فئات من الناس هي‪:‬‬
‫الفئة األولى‪ :‬فئة الصناع‪ ،‬الذين يبنون المنازل‪ ،‬وينتجون الطعام‪،‬‬
‫والمالبس‪.‬‬
‫الفئة الثانية‪ :‬فئة المحاربين‪ ،‬الذين يدافعون عن الوطن ضد‬
‫العدوان الخارجي‪.‬‬
‫الفئة الثالثة‪ :‬فئة الحكام الفالسفة‪ ،‬الذين يتم اختيارهم بكل عناية‬
‫ودقة‪،‬‬
‫ويحرم عليهم كل أنواع الملكية الخاصة‪ ،‬حتى ينصرفوا إلى‬
‫رعاية حكمهم وإقامة‬
‫العدل بين الناس‪.‬‬
‫وقد كان أفالطون يهدف‪ ،‬من وراء ذلك‪ ،‬إلى تصوير مدينة‬
‫مثالية‪ ،‬يعيش فيها‬
‫الناس سعداء متحابين‪ ،‬وتزول منها كل صور الظلم االجتماعي‪،‬‬
‫والسياسي‪،‬‬
‫واالقتصادي‪ .‬ورغم أن أفكاره ظلت أفكاراً خيالية بعيدة عن‬
‫التطبيق الواقعي‪،‬‬
‫إال أنها ظلت حاضرة في أذهان الكثير من الفالسفة والمفكرين‪.‬‬
‫فمنذ عهد‬
‫أفالطون‪ ،‬لم يمر جيل إال ويظهر فيه مفكر‪ ،‬أو فيلسوف‪ ،‬يحاول‬
‫مقاومة مساوئ نظام‬
‫الملكية الخاصة‪ ،‬عن طريق تصوير مجتمع خيالي تنعدم فيه‬
‫الملكية الخاصة‪ ،‬ويعيش‬
‫فيه الناس أحراراً من كل القيود المادية والمعنوية‪ .‬فقد أفضت‬
‫القرون‪ ،‬التي‬
‫فصلت بين عهد أفالطون‪ ،‬وعصر اإلصالح الديني بالكثير من‬
‫األفكار التي تدعو‬
‫للمساواة‪ ،‬والملكية العامة للمجتمع‪ ،‬وغير ذلك من األفكار‪ ،‬التي‬
‫تدعو للعدالة‬
‫االجتماعية ألكبر عدد ممكن من المواطنين‪ .‬وقد تبنى هذه األفكار‬
‫الكثير من‬
‫الفالسفة‪ ،‬والشعراء‪ ،‬والقساوسة‪ ،‬اعتقاداً منهم بأن شيوعية‬
‫المجتمع هي الحالة‬
‫الطبيعية‪ ،‬وأن القانون الوضعي‪ ،‬الذي أوجد عدم المساواة والملكية‬
‫الخاصة‪،‬‬
‫والفروق الطبقية بين الناس‪ ،‬ليس هو التفسير السليم لقانون‬
‫السماء‪.‬‬
‫أما في عصر اإلصالح الديني‪ ،‬في أوربا‪ ،‬في القرن السادس‬
‫عشر‪ ،‬فقد أثار‬
‫مارتن لوثر الشكوك حول الملكية الخاصة‪ ،‬وع ّدها من السيئات‬
‫التي يجب أن يتخلص‬
‫منها المجتمع‪ .‬إال أن هذه اآلراء ظلت محبوسة في اإلطار‬
‫التخيلي‪ ،‬بعيدة عن‬
‫التطبيق على أرض الواقع‪ ،‬خاصة في ظل النفوذ القوي‪ ،‬الذي‬
‫كان يتمتع به الملوك‬
‫واألمراء‪ .‬واستمر الحال على هذا المنوال‪ ،‬حتى وضع كارل‬
‫ماركس أساس االشتراكية‬
‫العلمية‪ ،‬التي كانت تهدف إلى تقويض مبادئ الرأسمالية‪ ،‬وساندها‬
‫في ذلك التفاوت‬
‫الطبقي‪ ،‬واالضطهاد الكبير‪ ،‬الذي عانته طبقة العمال‪ ،‬في الدول‬
‫األوربية‪ ،‬خالل‬
‫القرن التاسع عشر‪ .‬وقد أخذت االشتراكية صوراً مختلفة حيث‬
‫راوحت بين‬
‫االشتراكية الخيالية‪ ،‬واالشتراكية اإلصالحية‪ ،‬مروراً باالشتراكية‬
‫الماركسية‬
‫أو العلمية‪ .‬ومما الشك فيه أن إسهام مفكري هذا المذهب قد أثرى‬
‫الفكر‬
‫االقتصادي‪ ،‬وساعد في تطوره‪ ،‬خاصة أنها قد أخذت على عاتقها‬
‫البحث عن نواقص‬
‫النظام الرأسمالي وعيوبه‪.‬‬

‫‪ .3‬عيوب النظام االقتصادي االشتراكي‬

‫من الصعب أن يخلو نظام اقتصادي من العيوب‪ ،‬ومهما نجح هذا‬


‫النظام في‬
‫عالج عيوب ما قبله من نظم‪ ،‬إال أن هناك بعض العيوب التي‬
‫تشوب هذا النظام ومن‬
‫أهمها‪:‬‬
‫عدم وجود الحافز القومي لضمان مزيد من تشجيع العمال على‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي‬
‫إمكانية حدوث نوع من التراخي من جانب بعض المسؤولين عن‬
‫إدارة أمور المشروع‬
‫في ظل النظام االشتراكي‪ ،‬وكذلك ضرورة توفير جهاز إداري‬
‫ورقابي ضخم‪ ،‬ألن‬
‫الدولة هي المسؤول عن المشروعات في ظل النظام االشتراكي‪،‬‬
‫ويؤدى ذلك إلى‬
‫زيادة تكاليف اإلنتاج من خالل وجود مزيد من اإلجراءات‬
‫الروتينية وتعطيل‬
‫العمل داخل الجهاز اإلداري للدولة‪.‬‬
‫عدم كفاءة أسلوب التخطيط المركزي إلدارة االقتصاد القومي‪ ،‬فقد‬
‫أثبتت‬
‫التجربة والواقع انه رغم المزايا المتعددة التي يحققها التخطيط‬
‫االقتصادي‪،‬‬
‫إال أنه يحتوي على عيوب متعددة أهمها‪ :‬أن السلطات التي تتولى‬
‫التخطيط قد ال‬
‫تملك المعلومات الكافية الالزمة للتخطيط على النحو األكمل‪،‬‬
‫فضالً عن أن‬
‫الواقع قد اثبت أن التخطيط يجر معه ذيوالً من البيروقراطية‬
‫الخانقة‪ ،‬ويمهد‬
‫لسيطرة الحزب الواحد في السلطة‪ .‬كذلك فإن التخطيط كان يتم‬
‫كثيراً على حساب‬
‫فعالية اإلنتاج القومي وكفاءته والسلوك االقتصادي القويم‪.‬‬
‫ومن العيوب كذلك عدم وجود الحافز الستخدام وسائل إنتاجية‬
‫حديثة؛ األمر الذي‬
‫أدى ذلك إلى تخلف المعدات واآلالت المستخدمة في العمليات‬
‫اإلنتاجية وما‬
‫لذلك من آثار سلبية على جودة اإلنتاج‪ ،‬وكذلك عدم الخبرة الكافية‬
‫في مجال‬
‫العالقات التجارية الخارجية‪ .‬كذلك ضعف جودة السلع التي تنتجها‬
‫الدول‬
‫االشتراكية مقارنة بالدول الرأسمالية الصناعية‪ .‬وبإحالل الملكية‬
‫الجماعية‬
‫والتخطيط االقتصادي الشامل‪ ،‬فإن أفكاراً مثل المنافسة وقوى‬
‫العرض والطلب‬
‫وجهاز األثمان لتوجيه الموارد وحافز الربح الشخصي ال تجد لها‬
‫مكانا ً في‬
‫االقتصاد االشتراكي‪ .‬فبدالً من المنافسة بين المشروعات يكون‬
‫هناك التنسيق‬
‫المتكامل بينها‪ .‬ويتم تخطيط المشروعات وتنفيذها وتوجيه الموارد‬
‫في المجتمع‬
‫عموماً‪ ،‬وفقا ً ألهداف عينية مادية وليس نقدية‪ ،‬ويكون الهدف‬
‫تحقيق اإلنتاج‬
‫وإنجازه‪ ،‬وليس الربح الشخصي‪ .‬نخلص من هذا أن للنظام‬
‫الرأسمالي مزاياه‬
‫وعيوبه‪ ،‬كما أن للنظام االشتراكي مزاياه وعيوبه‪.‬‬

‫‪ .4‬الحزب الشيوعي في روسيا‪ ،‬البداية والنهاية‬

‫في مارس عام ‪ ،1898‬انعقد المؤتمر األول لحزب العمال‬


‫االشتراكي‬
‫الديمقراطي الروسي‪ ،‬الذي أصبح فيما بعد الحزب الشيوعي‪ ،‬وقد‬
‫تكون هذا المؤتمر‪،‬‬
‫من ‪ 9‬مندوبين فقط يمثلون أربعة اتحادات عمالية‪ ،‬وعمال إحدى‬
‫الصحف‪ ،‬وعصبة‬
‫اليهود االشتراكية الديمقراطية‪ .‬وقد اجتمع هؤالء المندوبون‬
‫التسعة في مدينة‬
‫منسك في األيام الثالثة األولى من مارس‪ ،‬واعتبروا أنفسهم حزباً‪،‬‬
‫ودعوا إلى‬
‫اإلطاحة بحكم آل رومانوف‪ ،‬ثم عادوا إلى منازلهم حيث اعتقل‬
‫ثمانية منهم على‬
‫الفور‪ .‬وقد تمكن خلفاؤهم بعد أقل من ‪ 22‬عاما ً من اإلطاحة‬
‫بالحكومة الروسية‪،‬‬
‫معتمدين في ذلك على عبقرية رجل لم يكن من بين هؤالء‬
‫التسعة‪ ،‬ولم يحضر اجتماع‬
‫منسك الشهير‪ ،‬هو فالديمير أوليانوف‪ ،‬الذي سمى نفسه (لينين)‬
‫كما اختار لنفسه‬
‫أيضا ً أسماء مختلفة‪ ،‬في أوقات متعددة‪.‬‬
‫ولد لينين ألب كان مدرساً‪ ،‬عالي الثقافة‪ ،‬إال أنه طرد من‬
‫المدرسة بسبب‬
‫اشتراكه في أعمال االحتجاج الطالبية‪ .‬وبينما كان لينين يتعلم في‬
‫بيته‪ ،‬اكتشف‬
‫أعمال كارل ماركس‪ ،‬التي تبشر بانهيار الرأسمالية‪ ،‬وسقوط‬
‫إمبراطورياتها‪ ،‬ورغم‬
‫أن لينين قد حصل على ليسانس في القانون‪ ،‬إال أن ولعه‬
‫بالماركسية قاده إلى‬
‫سويسرا‪ ،‬التي نشأت في أحضانها الماركسية الروسية‪ ،‬حيث التقى‬
‫بليخانوف‪ .‬وبعد‬
‫عودة لينين إلى روسيا‪ ،‬تم اعتقاله‪ ،‬ومحاكمته‪ ،‬والحكم عليه‬
‫بالسجن في سيبريا‪،‬‬
‫ولذلك فقد كان لينين بعيدا حينما ولد حزب العمال االشتراكي‬
‫الديمقراطي في‬
‫منسك عام ‪1898‬م‪ .‬وفي عام ‪1900‬م هرب من سيبريا‪،‬‬
‫وجمع قواه مع بليخانوف مرة‬
‫أخرى‪ ،‬وأسس في ميونخ جريدة بعنوان الشرارة‪ ،‬كانت بعثا ً جديد‬
‫لحزب العمال‬
‫االشتراكي الديمقراطي الروسي‪ .‬وكانت جريدة لينين‪ .‬وفي عام‬
‫‪1903‬م عقد مؤتمر‬
‫جديد لحزب العمال االشتراكي الديمقراطي الروسي‪.‬‬
‫وأطلق لينين على حزبه اسم (طليعة الطبقة العاملة ومنقذها)‪.‬‬
‫وبعد العديد‬
‫من المناقشات‪ ،‬والمناوشات‪ ،‬واالنشقاقات انقسم الحزب إلى‬
‫جزأين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫(البالشفة) أي األغلبية‪ ،‬و(المناشفة)‪ ،‬أي األقلية‪ .‬وكان هذا‬
‫االنقسام تعبيراً‬
‫عن االختالف في اإلستراتيجية الثورية لكال الطرفين‪ .‬وانحاز‬
‫لينين إلى‬
‫البالشفة‪ ،‬بينما انضم بليخانوف إلى المناشفة وإن ظل الطرفان‬
‫ينتميان إلى حزب‬
‫واحد هو حزب العمال االشتراكي الديمقراطي الروسي‪.‬‬
‫وقد خاض البالشفة والمناشفة كل بطريقته حربا ً ثورية‪ ،‬طويلة‪،‬‬
‫ضد حكم آل‬
‫رومانوف القيصري‪ .‬وحينما اندلعت ثورة عام ‪1905‬م قاد‬
‫تروتسكي ـ وهو أحد‬
‫المناشفة البارزين ـ أول تنظيم سوفيتي عمالي في مدينة سان‬
‫بطرسبورج‪ .‬وبعد سحق‬
‫هذه الثورة ونفي تروتسكي إلى سيبريا‪ ،‬إال أنه سرعان ما هرب‬
‫إلى الخارج‪.‬‬
‫وفي عام ‪1912‬م كان لينين وجماعته قد قويت شوكتهم‪ ،‬وتمكنوا‬
‫من طرد‬
‫المناشفة خارج الحزب‪ .‬وقامت الحرب العالمية األولى وبسبب‬
‫مظالم آل رومانوف‪،‬‬
‫وفسادهم‪ ،‬ثم هزيمتهم أمام جحافل الجيوش األلمانية‪ ،‬ثارت ضدهم‬
‫الجماهير‪،‬‬
‫وأسقطت حكم القيصر نيقوال الثاني في مارس عام ‪1917‬م‪.‬‬
‫وفي هذا المناخ الثوري‬
‫ظهر لينين وأطلق صيحته الشهيرة‪:‬‬
‫(إن الجماهير تريد األرض والخبز ولكن الحكومة الثورية التي‬
‫خلفت القيصر‬
‫ال تحقق لها هذه المطالب ولذلك فالبد أن يقاتل البالشفة من أجل‬
‫الثورة‬
‫االشتراكية)‬
‫وكانت هذه الظروف الثورية في صالح البالشفة‪ ،‬الذين أصبحوا‬
‫يعدون بمئات‬
‫األلوف‪ .‬وقد حدث في ذلك الحين أن ترك تروتسكي صفوف‬
‫المناشفة لينضم إلى بالشفة‬
‫لينين‪ .‬ودعا البالشفة إلى ثورة مسلحة إلطاحة حكومة كيرنسكي‪،‬‬
‫الثورية وفي ‪8‬‬
‫نوفمبر عام ‪1917‬م تمكنوا من االنتصار‪ ،‬وشكلوا الحكومة‬
‫وحدهم برئاسة لينين‪،‬‬
‫وعين ترويسكي وزيراً للخارجية في هذه الحكومة‪.‬‬
‫في العام نفسه أجريت انتخابات الجمعية التأسيسية‪ ،‬ففاز البالشفة‬
‫بنسبة‬
‫‪ 25%‬فقط من مجموع األصوات بينما فازت األحزاب‬
‫االشتراكية المعتدلة األخرى‬
‫بنسبة ‪ %62‬من األصوات‪ ،‬أما النسبة المتبقية وهي ‪ %13‬فقد‬
‫فازت بها األحزاب‬
‫البورجوازية‪ .‬وبعد أول اجتماع عقدته الجمعية التأسيسية‪ ،‬قرر‬
‫لينين حلها كما‬
‫قرر حظر نشاط جميع األحزاب باستثناء حزبه البلشفي‪ ،‬الذي‬
‫أطلق عليه اسم (الحزب‬
‫الشيوعي السوفييتي) وفرض لينين هذا الحظر بالقوة‪ ،‬وأعمال‬
‫العنف‪ ،‬واالغتياالت‬
‫ضد زعماء هذه األحزاب وكوادرها‪ ،‬دون تفرقة بين االشتراكيين‬
‫والبورجوازيين‪.‬‬
‫وتم ذلك كله تحت شعار (مطاردة منظمات الثورة المضادة)‪.‬‬
‫وفي عام ‪1919‬م عقد الحزب الشيوعي السوفيتي مؤتمره‬
‫الثاني‪ ،‬الذي أعطى‬
‫الحزب الهيمنة المطلقة على كل شئ في االتحاد السوفيتي‪ ،‬ورغم‬
‫أن تروتسكي كان‬
‫قد عقد (صلح برست ليتوفسك) مع األلمان‪ ،‬إال أن ثمن هذا‬
‫الصلح كان باهظاً‪ ،‬حيث‬
‫تضمن فصل بولندا‪ ،‬وجمهوريات البلطيق وكذلك أوكرانيا عن‬
‫روسيا السوفييتية‪.‬‬
‫وتدخلت إنجلترا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬واليابان‪ ،‬والواليات المتحدة‪ ،‬لمحاولة‬
‫إسقاط السلطة‬
‫السوفييتية‪ ،‬دون جدوى‪ ،‬وتم جالء قوات البلدان األربعة فيما بعد‬
‫عن األراضي‬
‫السوفيتية‪ .‬وأقبل السوفييت على تأميم كل االقتصاد السوفيتي في‬
‫الصناعة‪،‬‬
‫والزراعة‪ ،‬وإلغاء كل مظاهر الملكية الخاصة تقريبا ً‪ .‬وفي عام‬
‫‪1920‬م شعر‬
‫السوفيت بالمأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه‪ ،‬حيث انخفض اإلنتاج‬
‫بنسب واضحة‪ .‬وفي‬
‫عام ‪1921‬م قتلت المجاعة الماليين من أبناء الشعوب‪ .‬وأمام‬
‫هذه الكارثة‪ ،‬تراجع‬
‫لينين عن التأميم الكامل لوسائل اإلنتاج‪ ،‬واتبع ما سماه باسم‬
‫(السياسة‬
‫االقتصادية الجديدة)‪ ،‬وأعاد الملكية الخاصة في كثير من‬
‫القطاعات اإلنتاجية‪.‬‬
‫وأصيب لينين بأزمة قلبية وظلت صحته في تدهور حتى توفي‬
‫عام ‪ 1924‬عن ‪ 53‬عاما ً‬
‫فقط‪.‬‬
‫وقد ترك لينين الحزب الشيوعي السوفيتي وهو منقسم بشأن‬
‫السياسة‬
‫االقتصادية الجديدة‪ ،‬التي كان تروتسكي وغيره ينتقدونها‪،‬‬
‫باعتبارها عودة إلى‬
‫الرأسمالية‪ .‬وكان تروتسكي الوريث الطبيعي للينين‪ ،‬ولكن آلة‬
‫الحزب كلها كانت‬
‫في يد السكرتير العام‪ ،‬جوزيف ستالين‪ ،‬الذي كان قد اكتسب‬
‫أهميته النضالية‪ ،‬من‬
‫تدبيره وتنفيذه لعدة سرقات مسلحة‪ ،‬من أجل تمويل الحزب‪ ،‬أثناء‬
‫الكفاح ضد‬
‫القيصرية‪.‬‬
‫وقد طالب لينين في وصيته خلفاءه تنحية ستالين‪ ،‬ولكن ستالين‬
‫استطاع أن‬
‫يسرق السلطة من الجميع‪ ،‬بمساعدة اثنين من رفاق لينين الكبار‪،‬‬
‫هما "كاسينيف"‬
‫و"زينوفيف"‪ .‬ثم انقلب ستالين عليهما‪ ،‬هما اآلخران‪ ،‬بعد ذلك‪،‬‬
‫وتحالف مع كل من‬
‫"بوخارين" و"ريكوف"‪ ،‬وهما من الشيوعيين المحافظين‪ .‬وفي‬
‫عام ‪1936‬م أصبح ستالين‬
‫قيصر روسيا الذي ال ينازع‪.‬‬
‫وطوال هذه الفترة‪ ،‬ظل الحزب الشيوعي حزب أقلية‪ ،‬حيث لم‬
‫يكن عدد أعضائه‬
‫يتجاوز عشرة في المائة من الناخبين الروس‪ .‬وقد عطل ستالين‬
‫الحزب كله‪ ،‬حيث لم‬
‫يعقد مؤتمر للحزب خالل الفترمن من ‪ 1929‬إلى ‪1952‬م‪،‬‬
‫ضل أن يدير األمور‬ ‫وف ّ‬
‫بنفسه‪ .‬وفي عام ‪1953‬م توفي ستالين‪ ،‬وخلفه في أمانة الحزب‬
‫الشيوعي نيكيتا‬
‫خروشوف‪ ،‬الذي حاول تصحيح سياسات ستالين‪ ،‬إال أن حركات‬
‫التمرد ضد الشيوعيين في‬
‫كل من بولندا‪ ،‬والمجر‪ ،‬في عام ‪1956‬م‪ ،‬اضطرته إلى التخلي‬
‫عن سياسته الجديدة‪،‬‬
‫والعودة إلى النظام القديم‪.‬‬
‫وفي عام ‪1964‬م‪ ،‬أطيح خروشوف‪ ،‬وخلفه ليونيد بريجينيف‪،‬‬
‫الذي قمع ثورة‬
‫تشيكوسلوفاكيا في عام ‪1968‬م‪ ،‬وغزا أفغانستان عام ‪1979‬م‪،‬‬
‫ووضع دستوراً أشد‬
‫تطرفا ً في عام ‪1977‬م ينص على أن الحزب الشيوعي هو القوة‬
‫القائدة والمرشدة‬
‫للمجتمع السوفيتي‪ .‬واستمر الحال في االتحاد السوفيتي حتى جاء‬
‫ميخائيل‬
‫جورباتشوف‪ ،‬رئيسا ً لالتحاد السوفييتي في عام ‪ ،1985‬وأعلن‬
‫سياسة‬
‫البيريسترويكا‪ .‬وتعني هذه السياسة إجراء اإلصالحات‬
‫االقتصادية‪ ،‬وفقا ً للخيار‬
‫االشتراكي‪ ،‬أي أنها ال تعني التحول نحو النظام الرأسمالي‪ ،‬كما‬
‫يعتقد البعض‪.‬‬
‫وفي هذا الخصوص يقول جورباتشوف‪" :‬إننا نقوم بإصالحاتنا‬
‫وفقا ً للخيار‬
‫االشتراكي‪ ،‬ونحن نبحث داخل االشتراكية‪ ،‬وليس خارجها‪ ،‬عن‬
‫إجابات لكل األسئلة‬
‫المطروحة‪ ،‬ونحن نق ّوم نجاحاتنا وأخطاءنا على السواء‪ ،‬بمعايير‬
‫اشتراكية‪،‬‬
‫والذين يأملون بأننا سنبتعد عن الطريق االشتراكي سيصابون‬
‫بخيبة أمل كبيرة‪.‬‬
‫ولهذا السبب فإن كل قسم من برنامج البيريسترويكا يرتكز على‬
‫مبدأ مزيد من‬
‫االشتراكية‪ ،‬ومزيد من الديموقراطية‪ .‬إن االشتراكية نظاما ً‬
‫اجتماعيا ً فنيا ً‬
‫وبصفتها طريقة للحياة‪ ،‬تملك إمكانيات ضخمة للتطور الذاتي‪،‬‬
‫واإلتقان الذاتي‪،‬‬
‫وعلينا أن نكشف عنها‪ ،‬وتملك إمكانيات ضخمة‪ ،‬كذلك‪ ،‬لحل‬
‫المشكالت الرئيسية‬
‫للتقدم العلمي‪ ،‬والتكنولوجي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والفكري‪،‬‬
‫للمجتمع‬
‫المعاصر‪ ،‬ولتطوير اإلنسان الفرد‪ ،‬وهذا ما يشير إليه الطريق‪،‬‬
‫الذي اختارته‬
‫بالدنا منذ أكتوبر ‪1917‬م‪ ،‬الطريق‪ ،‬الذي كان مليئا ً بصعوبات‬
‫عديدة‪ ،‬وأحداث‬
‫فاجعة‪ ،‬وعمل مجهد‪ ،‬كما كان مليئا ً في الوقت نفسه بانتصارات‬
‫وإنجازات عظيمة"‪.‬‬
‫ونتيجة لهذا اإليمان العميق بقدرة االشتراكية‪ ،‬بصفتها نظاماً‪ ،‬على‬

‫إصالح الخلل االقتصادي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬الذي كان يعانيه االتحاد‬


‫السوفيتي‪ ،‬فقد‬
‫فضل الرئيس السوفيتي جورباتشوف خطة االقتصادي السوفييتي‬
‫"ستانيسالف شاتالين"‪،‬‬
‫التي كانت تقوم على مبدأ السلطة االقتصادية للشعب وتتضمن‬
‫تحويل أكثر من ثالثة‬
‫أرباع االقتصاد السوفيتي إلى القطاع الخاص‪ ،‬وتحويل الشركات‬
‫الكبرى إلى شركات‬
‫مساهمة‪ ،‬وبيع المنشآت الصغيرة إلى القطاع الخاص والسماح‬
‫للمزارعين باإلنسحاب‬
‫من المزارع الجماعية‪ ،‬التي سيتم تفكيكها‪ ،‬وتسليم قطعة من‬
‫األرض وقدر من رأس‬
‫المال‪ ،‬لكل مزارع‪ ،‬دعما ً للمبادرات الفردية‪.‬‬
‫وفي ‪ 19‬أكتوبر عام ‪1990‬م حظي الرئيس السوفييتي بموافقة‬
‫مجلس السوفيت‬
‫األعلى على خطته االقتصادية‪ ،‬التي تتضمن خطة شاتالين‪،‬‬
‫وترمي إلى التحول من‬
‫أسلوب التخطيط المركزي القديم‪ ،‬إلى االقتصاد الحر‪ ،‬مؤكداً أن‬
‫ذلك ليس خروجا ً‬
‫على االشتراكية‪ ،‬ولكنه في الواقع تقوية لها‪ .‬وقد كانت هذه الخطة‬
‫تسعى إلى خفض‬
‫عجز الموازنة‪ ،‬وخفض اإلنفاق العام‪ ،‬وزيادة إنتاج السلع‬
‫االستهالكية‪ ،‬وزيادة‬
‫اإلنتاج الزراعي فضالً عن رفع األسعار بنسبة ‪.%70‬‬
‫ورغم القوة النظامية‪ ،‬التي كانت تتمتع بها هذه الخطة‪ ،‬إال أن‬
‫رياح‬
‫التغيير التي شهدها العالم االشتراكي لم تتح الفرصة لتحقيق‬
‫التطبيق الكامل‬
‫للخطة‪ .‬فقد انتعشت القوميات‪ ،‬والعرقيات‪ ،‬وأخذت تسعى إلى‬
‫االستقالل‪ .‬وانتهى‬
‫األمر مع بزوغ فجر عام ‪1992‬م إلى تحول اإلمبراطورية‬
‫السوفيتية إلى خمس عشرة‬
‫جمهورية مستقلة على رأسها جمهورية روسيا‪.‬‬

‫‪ .5‬صور أخرى من التحول عن االشتراكية‬


‫لقد أعطى جورباتشوف الضوء األخضر‪ ،‬لجماهير أوربا الشرقية‪،‬‬
‫التي خرجت في‬
‫حشود ضخمة تؤيد ما يطالب به من إصالح للنظام السياسي‬
‫واالقتصادي في المجتمع‬
‫الشيوعي‪ .‬أما ما كان يحدث في حكومات أوربا الشرقية فهو ـ‬
‫طبقا لمبدأ‬
‫جورباتشوف ـ أمر يخص سيادة كل دولة‪ .‬وفيما يلي التطورات‬
‫الهامة في الخريطة‬
‫السياسية ألوربا الشرقية‪:‬‬
‫في بولندا‬
‫أطاحت حركة (تضامن) بالحكومة الشيوعية‪ ،‬وحكمت البالد‬
‫عناصر غير شيوعية‬
‫ألول مرة‪ ،‬وأصبح الحزب الشيوعي هامشيا ً‪.‬‬
‫في المجر‬
‫تم حل الحزب الشيوعي المجري‪ ،‬وقيام حزب اشتراكي‬
‫ديمقراطي خلفا ً له‪،‬‬
‫يؤمن بالتعددية الحزبية‪ ،‬وبالديمقراطية‪ ،‬وتبنى قوانين السوق‪ ،‬كما‬
‫أعيدت كتابة‬
‫الدستور وخرج إلى حيز الوجود بعض أحزاب المعارضة‪.‬‬
‫في تشيكوسلوفاكيا‬
‫خرجت الجماهير في مظاهرات ضخمة تنادى باإلصالح‪ ،‬واختفى‬
‫وجه الزعيم‬
‫الشيوعي التشيكى ميلوس جاكيس‪ ،‬الذي كان قد وافق عام‬
‫‪ 1968‬على الغزو السوفيتي‬
‫للعاصمة براغ بعد إطاحة دوبتشيك‪ .‬ودعا فاتسالف هاقل‪ ،‬رئيس‬
‫تشيكوسلوفاكيا‬
‫الجديد‪ ،‬إلى محو كل آثار النظام الشيوعي السابق في البالد‪ ،‬الذي‬
‫كان استمر ‪44‬‬
‫عاماً‪ ،‬وتعهد بإقامة دولة جديدة تحترم فيها حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫في رومانيا‬
‫خرجت جماهير الشعب في مظاهرات تطالب باإلصالح‪ ،‬وانتهت‬
‫بإعدام الرئيس‬
‫شاوشيسكو بعد مصادمات عنيفة مع حرسه الخاص‪ ،‬بعد اتهامه‬
‫بالخيانة‪ ،‬ونهب أموال‬
‫الدولة‪ .‬وفي يوليو ‪1990‬م‪ ،‬وافق برلمان رومانيا من حيث‬
‫المبدأ على خطة تع ّد‬
‫اللبنة األولى نحو التحول إلى نظام االقتصاد الحر‪ .‬وقد نصت‬
‫الخطة على توزيع‬
‫نسبة عشرين في المائة من القيمة التقديرية للصناعات المملوكة‬
‫للدولة‪ ،‬على‬
‫الشعب‪ ،‬على أن يتم هذا التوزيع في صورة سندات‪ ،‬أو صكوك‬
‫تطرح للتداول في سوق‬
‫لألوراق المالية‪ ،‬يتم تشكيلها في حينه‪.‬‬
‫في بلغاريا‬
‫استقال أقوى وأصلب رجال الحكم في صوفيا الرئيس‪ ،‬تيدور‬
‫جينيكوف‪ ،‬بعد أن‬
‫تولى رياسة الحزب والدولة زهاء ‪ 35‬عاماً‪ ،‬وقد بدأت رياح‬
‫التغيير تعصف بالنظام‬
‫الشيوعي هناك‪.‬‬
‫في ألمانيا الشرقية‬
‫انتهت األزمة‪ ،‬التي أحاطت بها‪ ،‬إلى االستسالم للدعوة إلى‬
‫التطور‬
‫والديموقراطية‪ ،‬فاستقال الرئيس هونيكر الشيوعي المتشدد‪ ،‬من‬
‫جميع مناصبه‪،‬‬
‫واختارت اللجنة المركزية للحزب إيجون كرينتس خلفا ً له‪ .‬وكان‬
‫البد من هذه‬
‫التوجهات المستجدة على المسرح السياسي رغم عناد ومعارضة‬
‫هونيكر ألي إصالح‪ ،‬إذ‬
‫لم تكتف الجماهير بالتظاهر‪ ،‬والمناداة بالحرية‪ .‬هذا في الوقت‬
‫الذي كان فيه‬
‫ألوف األلمان الشرقيين يغادرون بلدهم‪ ،‬هربا ً إلى ألمانيا الغربية‬
‫عن طريق‬
‫المجر‪ ،‬أو تشيكوسلوفكيا‪ ،‬أو بولندا أو غيرها من المنافذ‪ .‬كما‬
‫تهاوى جدار‬
‫برلين‪ ،‬وعاد شعب ألمانيا الشرقية ليعيش خلف ما تبقى من هذا‬
‫الجدار‪ .‬ورغم ما‬
‫يقال عن أن فترة حكم إيجون كرينتس كانت مرحلة انتقالية‪ ،‬إال‬
‫أنه أمام التيار‬
‫الجارف اضطر إلى االعتراف بأن ألمانيا الشرقية ال يمكن أن‬
‫تعيش بمعزل عن‬
‫التغيير الذي يجتاح أوربا‪ ،‬وأن بيريسترويكا جورباتشوف‬
‫ضرورية لمواجهه الموقف‪.‬‬
‫وفي مساء ‪ 30‬يونيه ‪1990‬م جاء اإلعالن عن دمج النظامين‬
‫االقتصاديين في‬
‫دولتي ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية‪ ،‬بعد أن قررت األخيرة‬
‫جعل المارك‬
‫األلماني الغربي العملة الرسمية فيها‪ ،‬واتباع نظام اقتصاد السوق‬
‫الحرة‪ .‬وقد‬
‫تمت فعالً هذه الوحدة االقتصادية بين الدولتين في أول يوليو‬
‫‪1990‬م‪ ،‬لتكون‬
‫خطوة تاريخية‪ ،‬على طريق التوحيد السياسي الشامل لأللمانيتين‪.‬‬
‫وفي ‪ 31‬أغسطس‬
‫‪1990‬م تم التوقيع المبدئي على معاهدة توحيد شطري ألمانيا‪،‬‬
‫في مدينة برلين‬
‫الشرقية‪ ،‬بعد التوصل إلى تسوية آخر العقبات أمام هذه الوحدة‪.‬‬
‫وتحدد المعاهدة‬
‫الشروط القانونية لتوحيد شطري ألمانيا‪.‬‬

You might also like