Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 5

‫عالم جديد‬

‫الهوية القلقة‬
‫يف مراحل التحول‬

‫د‪ .‬رفيق حبيب‬

‫أوراق تحليلية‬

‫يناير ‪2021‬‬

‫النص‬
‫الهوية القلقة‬

‫الدول ودخوله يف مرحلة التحول من نظام إل‬


‫ي‬ ‫حسب تصورنا عن تحوالت النظام‬
‫آخر فإن عودة مسألة الهوية القومية أو الحضارية لصدارة المشهد تعد جزءا من تلك‬
‫التحوالت ودليال عليها‪.‬‬
‫يف مراحل التحول يعود سؤال الهوية من جديد يف محاولة إلعادة تعريف هوية‬
‫وف نفس الوقت إعادة التأكيد‬
‫الشعوب واألمم وكجزء من إعادة التأكيد عىل الهوية ي‬
‫عىل الجذور التاريخية لتلك الهوية‪.‬‬
‫يف كل مراحل التحول يكون هناك قطاع يف المجتمع مع التحول وآخر ضد هذا‬
‫القطاعي يحدث‬
‫ر‬ ‫وبي هذين‬
‫التغيي ر‬
‫ر‬ ‫التحول ويميل لتأييد الوضع القائم ويرفض‬
‫اختالف حول تعريف الهوية‪.‬‬
‫السياس فإن هذا‬
‫ي‬ ‫بتغيي النظام‬
‫ر‬ ‫التغيي ويطالب‬
‫ر‬ ‫عندما يميل قطاع من المجتمع إل‬
‫القطاع يميل إل إعادة تعريف الهوية بصورة مختلفة عما هو سائد أما القطاع الرافض‬
‫للتغيي فيتمسك بتعريف الهوية السائد‪.‬‬
‫ر‬
‫إذا وجد قطاع من المجتمع كما يحدث يف المجتمعات الغربية يرفض النخبة‬
‫تغييها فهو يف الوقت نفسه يرفض تعريف تلك النخبة لهوية‬
‫السياسية ويحاول ر‬
‫المجتمع ويطرح تعريفا جديدا‪.‬‬
‫مع إعادة تعريف الهوية من قبل قطاع من المجتمع فإن المجتمع ينقسم حول‬
‫تعريف الهوية كما ينقسم حول تصور المستقبل مما يحدث انقساما مجتمعيا حادا‬
‫التغيي والمستقبل‪.‬‬
‫ر‬ ‫حول‬
‫التغيي وما يصاحبها من رغبة يف إعادة تعريف أو توكيد الهوية‬
‫ر‬ ‫مع ظهور الرغبة يف‬
‫الثقاف والحضاري يحض بقوة ألن تعريف الهوية يقوم يف‬
‫ي‬ ‫فإن االختالف مع اآلخر‬
‫جانب منه عىل تأكيد االختالف عن اآلخر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الهوية القلقة‬

‫عملية تأكيد وإعادة تعريف الهوية تظهر كل االنقسامات داخل المجتمع الواحد كما‬
‫تظهر ما إذا كان المجتمع موحدا حول تعريف الهوية أم أنه مشكل من عدة هويات‬
‫فرعية لم يتم توحيدها‪.‬‬
‫التغيي واستعادة الهوية التاريخية رييز التداخل يف الهويات والقوميات عىل‬
‫ر‬ ‫مع عملية‬
‫الدول‬
‫ي‬ ‫الت أخمدت قرسا بفعل النظام‬
‫الحدود ربي الدول مما يعيد إشعال الضاعات ي‬
‫القائم لتتجدد الضاعات مرة أخرى‪.‬‬
‫الت‬
‫المواطني من أصول أجنبية واحدة من القضايا ي‬
‫ر‬ ‫تمثل قضية المهاجرين أو‬
‫التغيي كما تظهر بوضوح عملية إعادة تعريف الهوية باعتبارها‬
‫ر‬ ‫تكشف عن مراحل‬
‫التغيي‪.‬‬
‫ر‬ ‫جزءا مهما من عملية‬
‫استعادة الهوية القومية الغربية بوصفها هوية الرجل األبيض يمثل عالمة مهمة يف‬
‫معتي من المجتمعات الغربية الخروج عىل هوية‬
‫ر‬ ‫الغرب حيث يحاول جزء‬ ‫ري‬ ‫التاري خ‬
‫العولمة الغربية‪.‬‬
‫قامت العولمة الغربية عىل أساس أن القيم الغربية عالمية ويمكن أن تضم العديد‬
‫من األعراق رغم أنها تأسست عىل يد الغرب إال أنها أصبحت هوية عالمية تناسب‬
‫مختلف الشعوب‪.‬‬
‫بروز القومية الغربية كهوية للرجل األبيض يعيد ربط الهوية الغربية بعرق محدد‬
‫يعت رفض عالمية‬
‫ويرفض ضمنا أن تكون تلك الهوية الغربية هوية ألي عرق آخر مما ي‬
‫القيم الغربية‪.‬‬
‫فريقي ورغم اتفاقهما عىل القيم الغربية‬
‫ر‬ ‫أصبحت المجتمعات الغربية منقسمة إل‬
‫الغرب ومن‬
‫ري‬ ‫إال أنهما يختلفان حول عالقة تلك الهوية بالعرق ربي ما يربطها بالعرق‬
‫يتصور أنها عالمية عابرة لألعراق‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الهوية القلقة‬

‫إذا كانت عملية إعادة تعريف الهوية ر‬


‫تنترس يف العديد من المناطق ويصاحبها عودة‬
‫الت أخدمت قرسا فإن العالم بكل مكوناته يدخل مرحلة‬
‫العديد من الياعات القومية ي‬
‫إعادة تعريف الذات‪.‬‬
‫وه تعيد تعريف ذاتها تتشكل مرة أخرى الحدود الثقافية‬
‫حسب توجهات الشعوب ي‬
‫والحضارية ربي الدول وربما تتشكل حدود التنوع واالختالف داخل الدول‬
‫والمجتمعات أيضا‪.‬‬
‫عىل الحدود ربي الثقافات والحضارات تظهر نقاط التماس والضاع وتظهر الخريطة‬
‫الحضارية والثقافية للعالم مما يفتح المجال إلعادة تشكيل التقسيمات العالمية من‬
‫جديد‪.‬‬
‫الدول الجديد يتشكل عىل أساس تعدد النماذج الحضارية وتعدد‬ ‫ي‬ ‫ألن النظام‬
‫األقطاب القائدة فإن بروز الخرائط الثقافية والحضارية يعد أمرا أساسيا يف هذه‬
‫التحوالت رغم ما تؤدي له من رصاعات‪.‬‬
‫اليقي مثل‬
‫ر‬ ‫الدول يؤدي إل مراحل من القلق وعدم‬
‫ي‬ ‫تغي النظام‬
‫يف كل األحوال فإن ر‬
‫والتغي وبروز القلق عىل الهوية يعد عالمة من عالمات التحول‬
‫ر‬ ‫كل مراحل التحول‬
‫الدول الواسع‪.‬‬
‫ي‬
‫عىل الحدود ربي الدول كما عىل الحدود ربي فئات المجتمع تظهر ر‬
‫الرسوخ العميقة‬
‫تغي نظرا‬
‫الدول يف مرحلة ر‬
‫ي‬ ‫والت أدت أساسا إل دخول النظام‬
‫عي العقود ي‬ ‫المياكمة ر‬
‫لعدم المساواة ربي فئات المجتمع‪.‬‬
‫يف عملية إعادة تعريف الهوية سنجد أن كل قطاع من المجتمع يعرف نفسه طبقا‬
‫وبي من‬
‫لمصالحه ويظهر الفرق ربي من يحاول الحفاظ عىل مصالحه المتحققة ر‬
‫يحاول تحقيق مصالحه المهدرة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الهوية القلقة‬

‫داخل المجتمعات كما ربي الدول تظهر خريطة المصالح ونجد أنها مثل خريطة‬
‫الهويات فعىل الحدود الفاصلة ربي الهويات أو التعريفات المختلفة للهوية الواحدة‬
‫نجد فروقا جوهرية يف المصالح المتحققة‪.‬‬
‫الت أهدرت مصالحها‬
‫تظهر الهويات المتنحية أو يعاد تعريف الهوية داخل الفئات ي‬
‫والت ساهمت‬
‫الت تحقق مصالحها تتمسك بتعريف الهوية السائد ي‬
‫حي أن الفئات ي‬‫يف ر‬
‫يف وضعه وتحديده‪.‬‬
‫المتمية حت تخرج من إطار العولمة وتقدم‬‫ر‬ ‫تتجه بعض الشعوب لتأكيد هويتها‬
‫متمية تتيح لها دورا عالميا وتقاوم بذلك النظام‬
‫ر‬ ‫تجربتها الخاصة بوصفها تجربة‬
‫تغيه‪.‬‬
‫الغرب وتحاول ر‬
‫ري‬ ‫الدول‬
‫ي‬
‫أكي كلها تقوم أساسا عىل إعادة‬
‫محاولة تحصيل المصالح المهدرة أو تحقيق مصالح ر‬
‫تعريف الذات مما يسمح بتعريف المصالح الذاتية الجماعية وهو ما يجعل رصاع‬
‫الهوية هو أيضا رصاع المصالح‪.‬‬
‫ه أيضا‬
‫غرب إل نظام يقوم عىل تعدد الحضارات ي‬
‫دول ر ي‬
‫مرحلة التحول من نظام ي‬
‫وه ليست‬‫مرحلة قلق الهوية وإعادة اكتشاف الهوية للعديد من الدول والشعوب ي‬
‫تغيي للهوية بل إعادة تعريف لها‪.‬‬
‫مرحلة ر‬
‫الكيى المؤثرة‬
‫الت تشكل القوى ر‬‫ه ي‬ ‫يف مراحل التحول عامة نجد أن الهوية الناهضة ي‬
‫الدول ولكن الهويات المتنحية أو المفككة‬
‫ي‬ ‫الت تشكل النظام‬‫الدول أو ي‬
‫ي‬ ‫يف النظام‬
‫فيفرض عليها التبعية لألقوى‪.‬‬
‫لت تحاول كل القوى‬
‫اإلسالم هو ساحة الضاع األهم وا ي‬
‫ي‬ ‫العرب والعالم‬
‫ري‬ ‫يظل العالم‬
‫فرض التبعية عليه ومنع نهوض هويته من جديد حت يظل ساحة لفرض النفوذ‬
‫الكيى‪.‬‬
‫والضاع بالوكالة ربي القوى ر‬

‫‪4‬‬

You might also like