Professional Documents
Culture Documents
تقرير عن الاخلاق في الاسلام
تقرير عن الاخلاق في الاسلام
بحث عن /
(األخالق في االسالم)
اعداد/
اشراف/
أقسام األخالق:
يوجد العديد من أقسام لألخالق ،وذلك تبعا ً لعدة أمور ،هي كما يلي :األخالق من حيث المصدر تنقسم األخالق من مصدرها
فيك َخلَّ َتي ِ
ْن إلى قسمين ،هما :األخالق الغريزية :األخالق التي فُ طر عليها اإلنسان ،والدليل على ذلك الحديث النبوي( :إنَّ َ
ك عليهما .قال : الحم ُد ِ
هلل هللا ! أنا أَ َت َخلَّ ُق بهما أَ ِم هللاُ َج َبلَنِي عليهما ؟ قالَ :ب ِل هللاُ جبل َ
ُي ِح ُّبهُما هللاُ الح ِْل ُم واألناةُ .قال : يا رسو َل ِ
ْن ُي ِحبُّهما هللاُ ورسولُه) .األخالق المُكتسبة :األخالق التي يحصُل عليها اإلنسان عن طريق التعود
الذي َج َبلَنِي على َخلَّ َتي ِ
والتعلّم ،والدليل على ذلك من الس ّنة ،قول الرسول صلى هللا عليه وسلّم( :إ َّنما العل ُم بال َّتعلَّ ِم) األخالق من حيث المعامالت تنقسم
األخالق اإلسالمية بمن ُتمارس معه إلى ثالثة أقسام ،هي :ال ُخلق مع هللا عز وجلّ :يُقصد في هذا النوع من األخالق األسس
والقواعد التي تح ُك م عالقة اإلنسان بربه ،باإلضافة إلى اآلداب التي يتحلى بها اإلنسان ،وممارساته الباطنة والظاهرة .ال ُخلق
مع النفس :هو ما يلتزم به اإلنسان مع نفسه من األخالق واآلداب .ال ُخلق مع ْ
الخلق :هو األمر الذي يلتزم به اإلنسان من
ّ
وتتمثل هذه القيم في ال ُخلق أخالق وسلوكيات مع اآلخرين ،وهي القواعد األخالقية التي تضبط عالقة اإلنسان مع من حوله،
مع الوالدين ،وال ُخلق مع األنبياء ،وال ُخلق مع الك ّفار ،وال ُخلق مع المؤمنين.
تميز األخالق في اإلسالم بخصائص انفردت بها عن اليهودية أو المسيحية أو كليهما ،وهي الخصائص التي جعلتها صالحة
.لكل األفراد وكل الطبقات وكل األجناس ،وكل البيئات ،وكل األزمان ،وكل األحوال
أولى هذه الخصائص أنها برئت من الطابع التعبدي التحكمي الذي عرفت به اليهودية ،والذي ظنه بعض الباحثين في األخالق
الزما ذاتيا ألسلوب الدعوة األخالقية في األديان جميعا ،وجهل هؤالء أن اإلسالم على عكس ذلك تماما .إنما يعتمد دائما على
الحكم المعقولة ،والعلل المقبولة ،مخاطبا العقل القويم ،والوجدان السليم ،مبينا المصالح من وراء ما يأمر به ،والمفاسد من
.جراء ما ينهى عنه ،مفصال تارة ،ومجمال تارة
اقرأ في التعليل التفصيلي( :وأقم الصالة ،إن الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر)( ،كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من
.قبلكم لعلكم تتقون)( ،وال تستوي الحسنة وال السيئة ،ادفع بالتي هي أحسن ،فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)
.وفي التعليل اإلجمالي( :فاسعوا إلى ذكر هللا ،وذروا البيع ،ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)( ،أو لحم خنزير فإنه رجس)
أخالق عالمية
واألخالق في اإلسالم إنسانية عالمية ،ال تبيح لجنس ما تحرمه على آخر ،العرب والعجم فيها سواء ،بل المسلمون وغيرهم
أمام أخالقها سواسية ،الربا حرام مع المسلم والكافر ،والسرقة حرام لمال المسلم والكافر ،والزنا حرم بالمسلمة وغير المسلمة،
:والعدل واجب مع المسلم وغير المسلم ،والعدوان حرام على المسلم وغير المسلم .وفي هذا يقول القرآن
)ال يجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا ،اعدلوا هو أقرب للتقوى(
وبهذا تنزهت األخالق اإلسالمية عن النزعة العنصرية القومية التي اتسمت بها األخالق اليهودية ،واألخالق القبلية والبدائية
.على وجه العموم
مالءمة الفطرة
جاء اإلسالم في مجال األخالق بما يالئم الفطرة والطبيعة البشرية ويكملها ،ال بما يصادرها ويصدمها فما كان هللا ليخلق
.اإلنسان على طبيعة ثم يكلفه أن يقهرها ويقتلها ،أو يبطل أثرها ويجمدها
ومن هنا اعترف اإلسالم بالكائن اإلنساني ،كما خلقه هللا ،بدوافعه النفسية ،وميوله الفطرية ،وكل ما صنعه أنه هذبها وسما بها،
ووضع لها الحدود التي تصان بها مصلحة المجتمع ،ومصلحة الفرد ذاته .ولهذا أباحت الشريعة التمتع بالطيبات والزينة،
.وشرعت الملكية الخاصة ،ولم تنظر للغرائز على أنها رجس من الشيطان
.رغب اإلسالم في النظافة والزينة ،وجعلهما من مقدمات الصالة وشروطها (خذوا زينتكم عند كل مسجد)
.أنكر القرآن بشدة على الذين يحرمون (زينة هللا التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)
".فإذا كانت المسيحية ترى أن الغنى ال يدخل ملكوت السموات ،فاإلسالم يقول" :نعم المال الصالح للرجل الصالح
وإذا كانت المسيحية قد أنشأت نظام الرهبانية العاتي بما فيه من قسوة على الجسد ،ومصادرة للنوازع الفطرية ،فاإلسالم ينهى
عن التبتل ،ويحض على الزواج ،ويرى أن الدنيا متاع ،وخير متاعها المرأة الصالحة ،بل يعتبر السعي على العيال ،والقيام
.على شؤونهم ضربا من الجهاد في سبيل هللا
ولكن اإلسالم في كل ما أباحه ـ مراعيا الطبيعة البشرية ـ قد وضح له الضوابط والحدود التي تقف عند حد االعتدال ،وال
.يستحيل باإلفراط والغلو إلى انطالق حيواني ذميم
مراعاة الواقع
ومن خصائص األخالق اإلسالمية :أنها أخالق واقعية ،ال تصدر أوامرها ونواهيها ألناس يعيشون في أبراج عاجية ،أو
يحلقون في أجواء المثالية المجنحة ،إنما تخاطب بشرا يمشون على األرض ،لهم دوافع وشهوات ،ولهم مطامع وأمال ،ولهم
.مصالح وحاجات ،ولهم من دوافع الجسد ما ينزع بهم إلى األرض ،كما لهم من أشواق الروح ما يرتفع بهم إلى السماء
لم يكلف القرآن اإلنسان أن يحب أعداءه ،وأن يبارك العنيه ـ كما أمر اإلنجيل ـ فهذا شيء ال تطيقه النفس البشرية ـ إال شذوذا
ـ وإنما أمر القرآن المؤمنين أن يعدلوا مع أعدائهم ،وال تحملهم عداوتهم وبغضهم على االعتداء عليهم (وال يجرمنكم شنآن قوم
على أال تعدلوا ،اعدلوا هو أقرب للتقوى) ،وهذا هو المقدور للبشر ،وأنه مع ذلك لقمة ال يرتقي إليها إال المؤمنون ولم يقل
القرآن ما قال اإلنجيل" :من ضربك على خدك األيمن فأدر له خدك األيسر ،ومن سرق قميصك ،فأعطه إزارك" فهذا ال
يستطيعه ـ كما يشهد الواقع ـ كل الناس ،وال في كل األحوال .بل قال القرآن( :وجزاء سيئة سيئة مثلها ،فمن عفا وأصلح،
فأجره على هللا وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ،ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) فأقر مبدأ العدل ،ثم فتح الباب
للمتطلعين إلى السمو والكمال ،ليعفوا ويصفحوا .الشيء الذي يحرمه اإلسالم هو العدوان( :وال تعتدوا إن هللا ال يحب
.المعتدين) وبذلك وفق اإلسالم بين عدل التوراة وسماحة اإلنجيل ،وهذه هي الواقعية المالية المتوازنة
لم يقل القرآن ما قال اإلنجيل" :إذا أعثرتك عينك فاقلعها ،وألقها عنك ،فإنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك من أن يلقى بدنك
كله من جهنم" ،بل أمر المؤمنين والمؤمنات أن يغضوا من أبصارهم ،كما أمرهم بالتوبة مما قد يبدر منهم ،فقال( :وتوبوا إلى
هللا جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) ،وعفا الرسول عن نظرة الفجاءة ،وقال" :ال تتبع النظرة النظرة فإنما لك األولى،
وليست لك اآلخرة
ومن واقعية األخالق اإلسالمية أنها لم تفترض في المؤمنين المتقين أن يكونوا مالئكة أولى أجنحة ،ال تسول لهم أنفسهم سوءا
يوما ،وال يتورطون في أوحال الرذيلة أبدا ،كال إن اإلنسان خلق على طبيعة مزدوجة ،جمعت بين طين وحمإ مسنون ،وبين
نفخة من روح هللا .فليس بمستنكر أن يذنب ،ثم يتوب .إنما المنكر أن يتمادى في الذنوب ويستمرئ الرذيلة والعصيان .لقد
أذنب آدم ـ أبو البشر ـ وتاب فتاب هللا عليه ،فال غرابة أن يكون بنوه مثله ،لهذا جعل القرآن من أصناف المتقين( :والذين إذا
فعلوا فاحشة ،أو ظلموا أنفسهم ذكروا هللا ،فاستغفروا لذنوبهم ،ومن يغفر الذنوب إال هللا؟ ،ولم يصروا على ما فعلوا وهم
يعلمون)
كما فرق القرآن بين كبائر اإلثم وفواحشه ،وبين صغائر السيئات ولمم الذنوب التي قلما يسلم منها أحد ،فهي في دائرة
المسامحة والغفران ما اجتنبت الموبقات( :إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ،وندخلكم مدخال كريما)
:اإليجابية
ومن واقعية األخالق اإلسالمية أنها قدرت للضرورات قدرها ،وراعت األعذار والظروف المخففة ،ولم تتزمت تزمت
المثاليين المتطرفين الذين يقبلون أي استثناء .ولهذا بعد أن ذكر القرآن محرمات األطعمة ،عقب عليها بقوله( :فمن اضطر
غير باغ وال عاد فال إثم عليه إن هللا غفورا رحيم)
ومن خصائص األخالق في اإلسالم :أنها أخالق إيجابية ،فهي ال ترضى من المتحلي بها مسايرة الركب ،أو المشي مع التيار،
أو العجز واالستسالم لألحداث توجه قياده كالريشة في مهب الريح .إنما تحث على القوة والكفاح ،ومواصلة السعي في ثقة
.وأمل ،وتقاوم العجز واليأس ،والتماوت والكسل ،وكل أسباب الضعف .وفي القرآن الكريم( :خذ الكتاب بقوة)
وفى الحديث" :احرص على ما ينفعك واستعن باهلل وال تعجز ،وال تقل :لو أنى فعلت كذا لكان كذا ،ولكن قل :قدر هللا وما شاء
".فعل ،فإن "لو" تفتح عمل الشيطان
ويوصي الرسول بالعمل لعمارة الحياة حتى آخر لحظة في عمر الدنيا ،ولو لم ينتفع بثمرة العمل أحد ،ولكن احترام لقيمة
".العمل في ذاته" ،إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة يريد أن يغرسها ،فإن استطاع أال تقوم حتى يغرسها فليغرسها
يرفض اإلسالم اإلتكالية المنهزمة التي نراها في قول أصحاب موسى له( :فاذهب أنت وربك فقاتال ،إنا ههنا قاعدون) ،ولكن
".يريد اإليجابية الفعالة التي تتمثل في قول أصحاب محمد" :اذهب أنت وربك فقاتال ،إنا معكما مقاتلون
لم يكتف اإلسالم من المسلم أن يكون مستقيما في نفسه ،حتى يعمل على استقامة غيره ،ولم يقبل المرء في عداد الفضالء
الصالحين إذا صلح هو ،ولم يأبه لفساد المجتمع من حوله ،بل فرض على كل مسلم ـ بقدر كفايته واستطاعته ـ الدعوة إلى
،الخير واألمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،والتواصي بالحق ،والتواصي بالصبر والمرحمة ،والنصيحة في الدين
واالهتمام بأمر المسلمين( :كنتم خير أمة أخرجت للناس ،تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ،وتؤمنون باهلل)( ،والعصر،
إن اإلنسان لفي خسر ،إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات ،وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)" ،الدين النصيحة"" ،من لم يهتم
".بأمر المسلمين فليس منهم
بهذا رفض اإلسالم السلبية أمام الفساد االجتماعي والسياسي ،والتحلل الخلقي والديني ،وطلب إلى المسلم أن يغير المنكر بيده،
.فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه ،وذلك أضعف اإليمان
.والتغيير بالقلب ليس سلبيا كما يظن ،ولكنه تعبئة نفسية وشعورية ضد الفساد ،ال بد أن تتجسد يوما في عمل ملموس
الشمول
ومن خصائص األخالق اإلسالمية أنها أخالق شاملة مستوعبة ،فإذا ظن بعض الناس أن األخالق في األديان تنحصر في أداء
الشعائر التعبدية ونحو ذلك ،فهذا إن صح في أخالق دين ما ،ال يصح أن يوصف به قانون األخالق في اإلسالم .فإن هذا
القانون لم يدع للنشاط اإلنساني من ناحيتيه :الفردية واالجتماعية مجاال حيويا ،أو فكريا ،أو أدبيا ،أو روحيا ،إال رسم له منهجا
للسلوك وفق قاعدة معينة ،بل تخطى عالقة اإلنسان بنفسه عالقته ببني جنسه ،فشمل عالقته بالكون في جملته وتفصيله،
ووضع لذلك كله ما شاء هللا من اآلداب الراقية ،والتعاليم السامية ،وهكذا جمع ما فرقه الناس باسم الدين ،وباسم الفلسفة ،ثم
.كان له عليهما المزيد
وعقال :له مواهبه وآفاقه( :قل انظروا ماذا في السموات واألرض)( ،إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا هلل مثنى وفرادى ثم
تفكروا)
ونفسا :لها مشاعرها ودوافعها وأشواقها( :قد أفلح من زكاها ،وقد خاب من دساها)( ،وفي أنفسكم أفال تبصرون
ومن أخالق اإلسالم ما يتعلق بالمجتمع
)وال تصعر خدك للناس وال تمش في األرض مرحا( )،ال تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها(
وفي اقتصاده ومعامالته( :ويل للمطففين ،الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ،وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)( ،اتقوا هللا
".وذروا ما بقي من الربا ،إن كنتم مؤمنين)" ،من غش فليس منا
وفى سياسته وحكمه( :إن هللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها ،وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)" ،الدين النصيحة.
.هلل ولرسوله ولكتابه وألئمة المسلمين وعامتهم
فال انفصال في شرعة اإلسالم بين السياسة واألخالق ،وال بين االقتصاد واألخالق ،كما تنادي بذلك بعض االتجاهات الحديثة
.في العالم الغربي
"ومن أخالق اإلسالم ما يتعلق بغير العقالء من الحيوان والطير" :في كل كبد رطبة أجر"" ،دخلت امرأة النار في هرة حبستها
ومنها :ما يتعلق بالكون والحياة( :وسخر لكم ما في السموات وما في األرض جميعا منه إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون)
وقبل ذلك كله ما يتعلق بحق الخالق العظيم سبحانه وتعالى ،الذي ال يعبد غيره وال يستعان سواه( :إياك نعبد وإياك نستعين)
التوازن
ومن خصائص األخالق اإلسالمية :التوازن الذي يجمح بين الشيء ومقابله في اتساق وتناسق ،بال غلو وال تفريط
من ذلك :التوازن بين حق الجسم وحق الروح ،فال حرمان للجسم يصل إلى حد التعذيب ،كما في البرهمية الهندية ،والمانوية
الفارسية ،والرواقية اليونانية ،والرهبانية المسيحية ونحوها .وال إغفال ألمر الروح ،كما في اليهودية إلى حد كبير ،ثم في
المذاهب المادية التي لم تعترف للروح بوجود ،فضال عن أن يكون لها حق .ولهذا قال الرسول لبعض أصحابه الذين عزم
أحدهم أن يقوم الليل فال ينام أبدا ،وعزم الثاني أن يصوم النهار فال يفطر أبدا ،وعزم الثالث أن يعتزل النساء فال يتزوج أبدا:
""إنما أنا أعلمكم باهلل ،وأخشاكم له ،ولكني أقوم وأنام ،وأصوم وأفطر ،وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتي فليس مني
ومن ذلك :التوازن بين الدنيا واآلخرة ،فإذا كانت اليهودية تجعل أكبر همها هذا العالم األرضي الحاضر ،والمسيحية تحصر
كل توجيهها في ملكوت السماء حيث العالم اآلخر ،فاإلسالم يزاوج بين النظرتين ،ويمزج بين الحياتين ،فهذه مزرعة لتلك،
وهللا قد استخلف الناس في األرض ،واستعمرهم فيها ،فال ينبغي أن يخربوها أو يعطلوها ،والسعيد من فاز
بحسنة الدنيا وحسنة اآلخرة( :ربنا آتنا في الدنيا حسنة ،وفى اآلخرة حسنة)( ،وابتغ فيما أتاك هللا الدار اآلخرة ،وال تنس
.نصيبك من الدنيا)
ومن ذلك التوازن بين الحقوق والواجبات ،فال تدليل للفرد بكثرة الحقوق وإطالق العنان له باسم الحرية ،فيسترخي ويطغى
.وينحرف ويفسد ..وال إرهاق له بكثرة الواجبات واألعباء ،وان ناء بها ظهره ،وخارت قواه ،ال باسم المجتمع ،وال باسم غيره
ومن ذلك :التوازن بين الواقعية والمثالية ،فمع االعتراف بالواقع الذي يعيشه أكثر الناس ،يدع المجال مفتوحا ـ مع الترغيب
:والتشويق ـ ألصحاب السبق والهمم ،للسمو واالرتفاع والمسارعة في الخيرات ،فإن درجات الناس تختلف
فمنهم ظالم لنفسه ،ومنهم مقتصد ،ومنهم سابق بالخيرات بإذن هللا (والسابقون السابقون ،أولئك المقربون(
إن الناظر إلى توازن األخالق اإلسالمية ،وتناسقها المعجز ،يأخذه العجب كيف اجتمعت فيها الفضائل المتقابلة ،التي يحسب
الكثيرون أن التقاءها ضرب من المحال .ولهذا يتعذر على الباحث أن ينسبها إلى لون أو مذهب من األلوان أو المذاهب
األخالقية ،التي عرفها الناس قديما وحديثا :أهي أخالق قوة أم أخالق محبة؟ هل هي أخالق زهد أم أخالق حياة؟ أهي أخالق
روحية أم أخالق مادية؟ أهي أخالق ربانية أم أخالق إنسانية؟ أهي أخالق عقلية أم أخالق دينية؟ أهي أخالق مثالية أم واقعية،
أهي أخالق فردية أم اجتماعية؟
والحق أنها ليست واحدة من هؤالء ،ولكنها كل أولئك جميعا ،ألن فيها قدرا من كل نوع من هذه األنواع ،هو خير ما فيها ،مع
.تنزهها عن مساوئه وتطرفاته .فالحق الذي ال ريب فيه أنها :أخالق متكاملة متوازنة :ألنها أخالق إسالمية
:المصادر