‫احملور الثالث) الثورة الفرنسية‪.

‬‬
‫متهيد‪:‬‬
‫تعترب الثورة الفرنسية اليت إنطلقت شرارهتا األوىل يف العام " ‪4021‬ه‪4871-‬م" من أهم‬
‫األحداث ليس يف تاريخ فرنسا فحسب بل يف تاريخ أوروبا كلها‪ ،‬ومثة عوامل تضافرت جمتمعة يف‬
‫فرنسا أدت اىل حدوث هذه الثورة و ميكن التعرف عليها من خالل إطاللة سريعة على أحوال‬
‫فرنسا قبيل العام ‪4871‬م"‪.‬‬
‫على صعيد األحوال اإلجتماعية والسياسية كانت فرنسا تعيش حالة من االستقرار يف ظل حكم‬
‫لويس الرابع عشر والذي اهتم بالفنون واآلداب ونال حب الشعب واحترامه‪ ،‬ولكن بعد وفاته‬
‫و انتقال العرش اىل رجال أقل منه شأنا بدأ العبء يزنلق تدرجييا عن كاهل امللك ووزرائه اىل‬
‫كاهل الطبقة املتوسطة اليت كانت قد بدأت تربز للوجود وخباصة يف عهد لويس السادس عشر‬
‫الذي اتسم بضعف الشخصية‪.‬‬
‫والذي قامت يف عهده الثورة ومت إعدامه فيها يف ‪ 04‬جانفي ‪ ،4811‬وكان أفراد هذه الطبقة‬
‫املتوسطة متعلمني و ميسوري احلال ومن مث بدئوا يشعرون بعدم الرضا عن املكانة الدنيا اليت‬
‫كانوا حيتلوهنا بالقياس اىل طبقة النبالء‪ ،‬و أصحاب املقام الرفيع يف الكنيسة ‪،‬فكان تذمرهم‬
‫على هذه األوضاع من العوامل اليت أشعلت فتيل الثورة بالتحالف مع العامة أو من يسموهنم‬
‫بالطبقة الثالثة اليت كانت ترزح يف أوضاع سيئة يف ظل النظام االقتصادي السائد آنذاك‪.‬‬
‫الثورة الفرنسية و أسباهبا‪:‬‬
‫تعريف الثورة الفرنسية‪:‬‬
‫تعترب فترة حتوالت سياسية واجتماعية ميزت التاريخ السياسي والثقايف لفرنسا وأوروبا بوجه‬
‫عام ابتدأت سنة ‪ 4871‬م وانتهت تقريبا سنة ‪4811‬م‪ ،‬عملت حكومات الثورة الفرنسية على‬
‫الغاء امللكية املطلقة واالمتيازات اإلقطاعية للطبقة األرستقراطية والنفوذ الديين الكاثوليكي‪.‬‬
‫تعترب الثورة الفرنسية أول الثورات الربجوازية وكذلك من أهم احلوادث يف تاريخ أوروبا‬
‫احلديث حيث كان هلا األثر املباشر على الثورات اليت حدثت بعدها واليت اقتبست مبادئها‬
‫وهي‪ :‬احلرية‪ ،‬اإلخاء واملساواة‪.‬‬
‫‪ -‬بداية الثورة‪:‬‬
‫بدأت الثورة الفرنسية يف عام ‪4871‬م وشهدت السنة األوىل من الثورة يف شهر يونيو باهلجوم‬
‫على سجن الباستيل يف جانفي وصدور اعالن حقوق اإلنسان واملواطنة يف أغسطس واملسرية‬
‫الكربى حنو البالط امللكي يف فرساي خالل شهر أكتوبر مع اهتام النظام امللكي اليميين مبحاولة‬
‫إحباط إصالحات رئيسية ومت إعالن إلغاء امللكية مث إعالن اجلمهورية الفرنسية األوىل" أي‬
‫النظام اجلمهوري" يف سبتمرب ‪ 4810‬م وأعدم امللك لويس السادس عشر يف العام الثاين وكانت‬
‫التهديدات اخلارجية قد لعبت دورا هاما يف تطور األحداث إذ سامهت انتصارات اجليوش‬
‫الفرنسية يف إيطاليا واملناطق الفقرية املنخفضة الدخل غرب هنر الراين يف رفع شعبية النظام‬
‫اجلمهوري كبديل عن النظام امللكي الذي فشل يف السيطرة على هذه املناطق‪ ،‬اليت شكلت حتديا‬

‫‪52‬‬
‫للحكومات الفرنسية السابقة لعدة قرون رغم ذلك عرفت نوعا من الديكتاتورية شابت الثورة يف‬
‫بدايتها‪.‬‬
‫فقد قضي بني ‪ 400222‬اىل ‪ 120222‬مواطن فرنسي يف هذه الفترة املمتدة بني ‪4811‬م‬
‫و‪4811‬م على يد "جلنة السالمة العامة" إثر سيطرة روبسري على السلطة يف عام ‪4811‬م‬
‫وصل نابليون األول اىل السلطة و أعقبت ذلك إعادة النظام امللكي حتت إمرته وعودة االستقرار‬
‫اىل فرنسا‪ ،‬استمر عودة احلكم امللكي و استبداله بنظام مجهوري لفترات ممتدة خالل التاسع‬
‫عشر بعد خلع نابليون قامت اجلمهورية الثانية "‪ "4780-4717‬تلتها عودة امللكية "‪-4780‬‬
‫‪."4782‬‬
‫أسباب الثورة الفرنسية‪:‬‬
‫للثورة الفرنسية عدة أسباب ميكن تقسيمها اىل أسباب اجتماعية‪ ،‬واقتصادية وسياسية‪ ،‬وأسباب‬
‫ثقافية‪.‬‬
‫‪-4‬األسباب االقتصادية ‪:‬‬
‫ان النظام االقتصادي يف فرنسا نظام إقطاعي ‪ ،‬عشية الثورة سادت اوضاع و أزمات سيئة جدا‬
‫من مميزات و مظاهر هذا الوضع‪ :‬ظهور البطالة‪ ،‬التضخم املايل وغالء املعيشة‪.‬‬
‫‪-0‬األسباب االجتماعية ‪:‬‬
‫عشية الثورة النظام االجتماعي يف فرنسا نظام طبقي وراثي وكانت هناك فجوات اجتماعية‬
‫كبرية بني الطبقات حيث كان اجملتمع الفرنسي مقسم اىل طبقات حسب امتيازات النظام‬
‫اإلقطاعي وهي‪:‬‬
‫أ‪-‬الطبقة األوىل‪ :‬وهم رجال الدين هلم مجيع احلقوق وليس عليهم واجبات وحيصلون على‬
‫مجيع االمتيازات اإلقطاعية مثل‪ :‬املشاركة السياسية‪ ،‬عدم دفع الضرائب‪ ،‬اقتطاعات واسعة‬
‫حتت سيطرهتم‪ ،‬مناصب رفيعة وعالية يف الدولة ‪.‬‬
‫هذه الطبقة سيطرت على مخس األراضي‪ ،‬وأخذت ضريبة العشور من الفالح ومل تستغل األموال‬
‫هلدف ديين وأمهلت واجبها الديين فتعرضت لالنتقاد من الطبقات األخرى‪ ،‬هنالك فروق‬
‫اجتماعية وداخلها حيث وجد رجال الدين الكبار ورجال الدين الصغار الذين نظروا للكبار‬
‫بنظرة عدوانية هلذا فإن هذه الطبقة مل تكن كتلة واحدة‪.‬‬
‫ب‪-‬الطبقة الثانية‪ :‬وهم النبالء هلم مجيع احلقوق وليس عليهم واجبات‪ ،‬حيصلون على مجيع‬
‫االمتيازات اإلقطاعية مثل‪ :‬املشاركة السياسية كتسلم مناصب عالية ورفيعة يف الدولة‪،‬‬
‫احلصول على اقتطاعات واسعة تكون حتت سيطرهتم‪ ،‬إعفائهم من الضرائب‪.‬‬
‫قسمت هذه الطبقة اىل جمموعتني ‪:‬‬
‫‪ -‬نبالء املقاطعات‪ :‬اعتمدوا على الفالحني للعمل بأرضهم‪ ،‬هذه مل تكن كتلة واحدة ومتردوا‬
‫أحيانا ضد حكم امللك املطلق ‪.‬‬
‫شكلت الطبقة االوىل والثانية نسبة ‪ % 0‬من عدد السكان يف فرنسا‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ج‪-‬الطبقة الثالثة‪ :‬وهم الربجوازيون والعمال والفالحون عليهم مجيع الواجبات و ليس لديهم‬
‫حقوق‪ ،‬شكلت الطبقة الثالثة نسبة ‪ % 17‬من عدد السكان‪.‬‬
‫قسمت الطبقة الثالثة اىل ثالث فئات وهي ‪:‬‬
‫أ‪-‬الربجوازية‪ :‬وهم اصحاب احلرف‪ ،‬البنوك‪ ،‬التجار‪ ،‬أرباب الصناعة‪ ،‬األدباء‪ ،‬األطباء‪،‬‬
‫االساتذة وغريهم ‪.‬‬
‫ساهم هؤالء يف إنعاش االقتصاد الفرنسي وأصبحت فرنسا دولة صناعية وجتارية بفضلهم كان‬
‫يقع على كاهلها عبء معظم الضرائب هلذا مل تكن راضية عن االوضاع السياسية وطالبت‬
‫بإشراكها يف أمور الدولة السياسية مث ان هذه الطبقة أيدت نظرية مسيث اليت تدعوا اىل‬
‫حرية الفرد االقتصادية‪ ،‬وقادت هذه الطبقة الثورة الفرنسية واستفادت من مكاسبها وميكن‬
‫اعتبار الثورة الفرنسية ثورة برجوازية‪.‬‬
‫‪-0‬الربوليتالية "طبقة العمال"‪ :‬ظهرت هذه الطبقة العاملة كنتيجة لتطور الصناعة والتجارة‬
‫وترتكز عملها يف املدن واملصانع من الصباح وحىت املساء‪ ،‬طالبت هذه الفئة بإلغاء الضرائب‬
‫املباشرة والغري مباشرة اليت فرضت عليهم وقفوا اىل جانب الفالحني ضد جنود الثورة‪.‬‬
‫‪-1‬الفالحون‪ :‬وهم يشكلون االغلبية الساحقة ضمن األمة الفرنسية ¾ سكان فرنسا وكان بعض‬
‫هؤالء ميلكون قطع صغرية ال تسد حاجتهم العائلية‪ ،‬ومنهم من مل ميلك أرضا هلذا عملوا يف‬
‫اراضي النبالء أو الكنيسة وفرضت عليهم ضرائب وواجبات فوق طاقتهم فكان الفالح يدفع‬
‫ضريبة الرأس وضرائب غري مباشرة مثل ضريبة امللح‪ ،‬ضريبة تصليح الطرق وال ننسى ضريبة‬
‫العشور اليت دفعوها للكنيسة‪ ،‬كما ألزم الفالح بطحن الطحني يف مطحنة سيده وعليه أن خيبز‬
‫يف فرن سيده‪ ،‬وكان للنبالء حق الصيد يف حقول الفالحني‪ ،‬باإلضافة لذلك عاشوا حتت وطأة‬
‫شروط سكنية رديئة وكانت نسبة الوفيات لديهم كثرية ومعظمهم جيهل القراءة والكتابة وكانت‬
‫األعمال يدوية بدائية حيث كانت مستعدة ألي انتفاضة لتغيري وضعها االجتماعي السيئ‬
‫وإزالة احلمل الثقيل عن اكتافها من هنا نرى أن الوضع االجتماعي والتفاوت الطبقي الذي كان‬
‫سائدا يف فرنسا كان سببا رئيسيا يف نشوب الثورة الفرنسية‪.‬‬
‫‪ -1‬الثورة الثقافية‪:‬‬
‫إ ن الوضع الثقايف عشية الثورة الفرنسية يقترب اىل درجات منخفضة من العلم واملعرفة‬
‫وخاصة ان االمتيازات اإلقطاعية سلبت فرصة التعليم واملعرفة من ابناء الطبقة الثالثة ورغبة‬
‫التغيري يف مبىن اجملتمع والقوانني الفرنسية أما العوامل اليت ساعدت يف إنتشار الوعي والنضوج‬
‫الفكري فهي كالتايل‪:‬‬
‫أ‪-‬ظهور الكثري من الفالسفة واملفكرين واملتنورين أمثال‪ :‬جان جاك روسو وفولتري‪ ،‬هوبز‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫ب‪-‬ظهور الصالونات‪ :‬وهذه تعترب اساس النهضة الفكرية يف فرنسا حيث انتشرت هذه الظاهرة‬
‫يف بيوت النبالء يف مدينة باريس إذ قامت نساء النبالء باستقبال جمموعة من النبالء‬
‫واملفكرين كما استضافت الربجوازيون بنقل هذه األفكار العامة للشعب الذين تواجدوا يف املقاهي‬
‫واحلوانيت وهكذا انتشرت األفكار اجلديدة‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ج‪-‬عودة اجلنود الفرنسيني اىل وطنهم من القارة األمريكية بعد أن حاربوا اىل جانب الثوار‬
‫األمريكان‪ ،‬إن حكايات اجلنود عن العامل اجلديد اثارت مشاعر الفالحني وغريهتم من احلياة‬
‫هناك فأثرت على أفكارهم ووعيهم و إدراكهم كم هم مظلومني‪.‬‬
‫‪-1‬األسباب السياسية‪ :‬لقد كان النظام يف فرنسا ملكي فردي وراثي مطلق دكتاتوري اختاذ‬
‫القرارات فقد بيد امللك يشاركه يف بعض االحيان رجال الدين والنبالء لذلك كان يف فرنسا‬
‫جملس يسمى جملس طبقات األمة وهو عبارة عن برملان أقيم للمحافظة على امتيازات الطبقة‬
‫األوىل والثانية‪ ،‬فكان يسن القوانني ويتخذ قرارات مصريية‪ ،‬أغلق ما يقارب ‪082‬سنة وفتح‬
‫عشية الثورة بسبب أزمات فرنسا االقتصادية‪.‬‬
‫اجمللس مركب كالتايل‪:‬‬
‫أ‪-‬رجال الدين وهلم ‪ 122‬عضو مقابل صوت واحد‪.‬‬
‫ب‪-‬النبالء هلم ‪ 122‬عضو مقابل صوت واحد (مصاحل النبالء ورجال الدين‪ ،‬كانت مشتركة‬
‫وعدوهم الفالح)‪.‬‬
‫ج‪-‬الفالحون والربجوازيون والعمال هلم ‪ 022‬عضو مقابل صوت واحد‪.‬‬
‫إن عدم انعقاد هذا اجمللس كل هذه املدة يدل على أن صالحيات امللك واسعة غري حمدودة الن‬
‫جملس طبقات األمة كان جممد‪.‬‬
‫النبالء طالبوا بعقد هذا اجمللس لرفضهم دفع الضرائب ولتقييد صالحيات امللك وحماولة‬
‫إقصائه‪ ،‬والن عملية التصويت ستكون لصاحلهم ‪ 0‬مقابل ‪4‬‬
‫مالحظة‪ :‬إذا نستخلص من هذا أن أسباب صحوة ابناء الطبقة الثالثة هي‪:‬‬
‫‪-4‬الوضع االقتصادي السيئ و أزمات فرنسا االقتصادية‪.‬‬
‫‪-0‬الوضع االجتماعي الطبقي الظامل‪.‬‬
‫‪-1‬الوضع السياسي املتعسف‪.‬‬
‫‪-1‬ظهور الكتب والكتاب والفالسفة واملفكرين‪.‬‬
‫‪-8‬ظهور الصالونات‪.‬‬
‫‪-0‬الثورة األمريكية وتأثريها على اجملتمع الفرنسي‪.‬‬
‫‪-8‬رجوع اجلنود الفرنسيني من أمريكا بأفكار جديدة‪.‬‬
‫أهم األحداث املركزية اليت حدثت خالل الثورة‪:‬‬
‫احلدث األول‪ :‬سقوط حصن البالستيل ‪:‬‬
‫تعاظمت األزمة االقتصادية ووصلت إشاعات تقول بأن امللك يستعد للقضاء على اجلمعية‬
‫الوطنية و قمع الثورة‪ ،‬ووصلت إشاعات بان اجلنود حياصرون باريس بأمر من امللك كل هذه‬
‫الظروف دفعت اجلماهري الفرنسية و باألخص مجهور باريس من فالحني وعمال ملهامجة حصن‬
‫البالستيل الكائن يف وسط باريس والذي كان يستخدمه امللك كسجن خلصومه السياسيني من أجل‬

‫‪52‬‬
‫التزود بالسالح لكي تدافع عن اجلمعية الوطنية وقد سيطرت اجلماهري يف ‪ 41‬متوز على احلصن‬
‫وهدمته و أطلق سراح السجناء عندها أمر امللك جنوده باالنسحاب ورفعت اجلماهري العلم‬
‫الثوري األمحر واألزرق واألبيض وكان لسقوط البالستيل معناه سقوط احلكم امللكي املطلق ومن‬
‫اجلدير الذكر أن فرنسا حتتفل كل سنة يف ‪ 41‬متوز الذي يعترب عيدا قوميا وطنيا‪.‬‬
‫احلدث الثاين‪ :‬زوال نظام اإلقطاع‪:‬‬
‫بعد سقوط البالستيل تشجعت اجلماهري الفرنسية من فالحني وعمال مبهامجة أراضي وقالع‬
‫النبالء اإلقطاعيني‪ ،‬هذه اجلماهري الثائرة حرقت ودمرت وسرقت املستندات‪ ،‬وتعترب هذه‬
‫األحداث أحداث أسابيع الفزع الكبري وبأعقاب ذلك هرب الكثري من اإلقطاعيني خارج فرنسا‬
‫عندها اعلنت اجلمعية الوطنية عن إلغاء امتيازات اإلقطاعيني‪ ،‬وهذا اجناز هام من اجنازات‬
‫الثورة الفرنسية‪.‬‬
‫احلدث الثالث‪ :‬مصادرة امالك الكنيسة‪.‬‬
‫متتعت الكنيسة يف ظل النظام القدمي بامتيازات واسعة بعد إلغاء نظام اإلقطاع جترأت اجلمعية‬
‫الوطنية وقررت الغاء امتيازات الكنيسة‪ ،‬حيث قامت مبصادرة مدخوالت الكنيسة "ضريبة‬
‫العشور" لصاحل الدولة حبجة سد العجز املايل‪ ،‬كذلك صودرت أمالك وأراضي الكنيسة‪ ،‬وأصدرت‬
‫اجلمعية سندات الدين من أجل سداد الديون وأصبح رجال الدين عبارة عن موظفي دولة بعد‬
‫أن كانوا دولة‪ ،‬كذلك اجرب رجال الدين على تقدمي ميني الوالء وهكذا الغيت امتيازات هذه‬
‫الطبقة وهذا إجناز هام من إجنازات الثورة‪.‬‬
‫احلدث الرابع ‪ :‬اهلجوم على قصر فرساي‪.‬‬
‫بعد أ سابيع اخلوف الكبري وبعد هروب اإلقطاعيني وبعد تعاظم األزمة اإلقتصادية وبعد وصول‬
‫إشاعات تقول بان عصابات اجنبية تقترب وان جيشا أجنبيا على وشك الدخول اىل فرنسا‬
‫هبدف القضاء على الثورة وهي يف املهد والوقوف اىل جانب امللك واإلقطاعيني الذين هربوا‪،‬‬
‫كذلك وصلت إشاعات تقول ان امللك قام بتمزيق العلم الثوري ويف ظل هذه الظروف قامت‬
‫اجلماهري الغاضبة من فالحني وعمال ونساء وأطفال باهلجوم على قصر فرساي رمز احلكم‬
‫املطلق حيث طالبت هذه اجلماهري باخلبز‪ ،‬امللكة تساءلت عن سبب هذه الضوضاء وعندما‬
‫عرفت ان هؤالء يطلبون اخلبز يقال أهنا قالت‪" :‬إذا مل جيدوا اخلبز فلماذا ال يأكلون‬
‫البسكويت"‪ ،‬مل يتجرأ امللك بإعطاء األوامر للجنود واحلرس بإيقاف اجلماهري عندها قام قائد‬
‫احلرس امللكي "الفيييت" بإقناع امللك باخلروج من القصر واإلنتقال اىل باريس وبالفعل غادر‬
‫امللك القصر و نقل قصره اىل العاصمة و أقام يف قصر التويلري وهكذا احنىن امللك وخضع‬
‫إلرادة الشعب‪ ،‬وهذا إجناز من إجنازات الثورة الفرنسية‪.‬‬
‫احلدث اخلامس‪ :‬إعالن وثيقة حقوق اإلنسان واملواطن‪.‬‬
‫هذه الوثيقة من أهم إجنازات الثورة الفرنسية جاء يف هذه الوثيقة احلقوق والواجبات اليت‬
‫جيب ان يقدمها املواطن للدولة أو املصلحة العامة‪.‬‬
‫إذا نظ رنا اىل هذه الوثيقة نرى أن أفكار الفالسفة أمثال روسو ومونتسيكو تظهر بوضوح يف هذه‬
‫الوثيقة‪ ،‬كذلك تأثرت هذه الوثيقة بوثيقة االستقالل األمريكية‪ ،‬وجاءت هذه الوثيقة لتؤكد‬
‫احلرية االقتصادية وحرية العمل ومنها نستطيع أن نؤكد ان هذه الوثيقة خدمت الفئة‬
‫‪52‬‬
‫الربجوازية ذلك ألهنا منحت الفرد احلرية االقتصادية‪ ،‬وبناء على هذه الوثيقة أصبحت‬
‫الدولة وسيلة لتامني حقوق اإلنسان ومن النقاط اليت وردت يف الوثيقة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -4‬الناس يولدون متساوون يف احلقوق الطبيعية املقدسة اليت ال ميكن انتزاعها من الفرد وهي‬
‫حق احلياة‪ ،‬حق التملك‪ ،‬حق التصدي لالضطهاد‪.‬‬
‫‪-0‬الشعب هو صاحب السيادة والدولة مقيدة بواسطة حقوق الفرد وخاضعة للقانون‪.‬‬
‫‪-1‬احلرية هي أن يعمل الفرد على ما يشاء طاملا ال يضر يف عمله احلقوق املشروعة للغري‪.‬‬
‫‪-1‬مجيع املواطنون متساوون أمام القانون‪.‬‬
‫‪-8‬حرية التعبري عن الرأي حق مقدس للفرد‪.‬‬
‫‪-0‬كل إنسان برئ حىت تثبت إدانته فال ميكن إنتقاد فرد أو سجنه اال حسب القانون‪.‬‬
‫احلدث السادس ‪ :‬دستور سنة ‪.4814‬‬
‫يعترب هذا الدستور من اإلجنازات اهلامة للثورة الفرنسية وقد وضع هذا الدستور بعد ان انتهت‬
‫اجلمعية التأسيسية مناقشتها‪ ،‬اما اهم ما جاء يف هذا الدستور‪:‬‬
‫‪-4‬فرنسا دولة ملكية وراثية‪.‬‬
‫‪ -0‬يتمتع امللك بصالحيات واسعة باألخص يف الشؤون السياسية واخلارجية‪ ،‬أما صالحياته‬
‫الداخلية فقد حددت و قلصت‪.‬‬
‫‪-1‬فصل السلطات‪ :‬جيب انتخاب ثالث سلطات تنفيذية‪ ،‬تشريعية وقضائية‪ ،‬فالسلطة األوىل‬
‫"التشريعية" وهي عبا رة عن هيئة ممثلني يقوم الشعب بانتخاهبم مرة كل سنتني ويكون حق‬
‫االنتخاب والترشح للمواطن الذي يدفع ضرائب مباشرة اما السلطة الثانية فهي مكونة من امللك‬
‫و جمموعة من الوزراء يعينهم امللك‪ ،‬هذه السلطة تنفذ قرارات السلطة التشريعية‪.‬‬
‫‪ -1‬شدد الدستور على حرية العمل واحلرية االقتصادية واحلرية الدينية‪.‬‬
‫‪ -8‬تستطيع اجلمعية القومية ان تزنع الثقة من احلكومة والوزراء الذين يستعني هبم امللك‪.‬‬
‫‪-0‬قسمت فرنسا حسب هذا الدستور اىل ‪ 71‬دائرة "وحدة إدارية" وكل دائرة اىل نواحي و‬
‫يدير هذه الوحدات اإلدارية موظفون يقوم السكان الدوائر بإنتخاهبم لتسهيل احلكم‪.‬‬
‫ــ الثورة و الكنيسة‪:‬‬
‫كانت الكنيسة الكاثوليكية مالك لألراضي يف البالد ‪ 42‬باملئة من األراضي الفرنسية هي ملك‬
‫شخصي للكنيسة الكاثوليكية‪ ،‬سوى ذلك فقد كانت معفاة من الضرائب وهلا حق ادارة العشور‪،‬‬
‫اي دفع املواطن الكاثوليكي ‪ 42‬باملئة من دخله ليعاد توزيعه على االكثر فقرا ومن ال دخل هلم‪،‬‬
‫وسلسلة امتيازات تشريفية أخرى‪ ،‬كانت جمموعة من الفرنسيني تثري ثروة الكنيسة حفيظتها‪ ،‬و‬
‫كانت أقلية من املفكرين الفرنسيني خالل عصر التنوير أمثال فولتري وجدت صداها يف اجلماهري‬
‫فتشويه مسعة الكنيسة الكاثوليكية كان كافيا لزعزعة استقرار النظام امللكي و كما يقول املؤرخ‬
‫"جون مكمانرس"‪ ( :‬يف اململكة الفرنسية خالل القرن التاسع عشر كانت حتدث مشاكل وخالفات‬
‫‪03‬‬
‫بني العرش والكنيسة‪ ،‬لكنها يف حتالف وثيق إهنيارمها يف وقت واحد هو الربهان النهائي على‬
‫ترابطهما)‪.‬‬
‫هذا االستياء من الكنيسة اضعف قوهتا خالل افتتاح اجلمعية الوطنية يف مايو ‪4871‬م عندما‬
‫مت إعالن اجلمعية الوطنية كممثل للشعب يف يونيو ‪4871‬م‪ ،‬صوت اغلب رجال الدين مع ممثلي‬
‫الطبقة الثالثة غري أن ذلك مل يقلل من االستياء و النقمة‪.‬‬
‫يف ‪ 1‬أغسطس‪4871‬م‪ ،‬مت إلغاء سلطة الكنيسة يف فرض العشور‪ ،‬و يف خطوة حلل االزمة املالية‬
‫أعلنت اجلمعية يف ‪ 0‬نوفمرب ‪4871‬م أن مجيع ممتلكات الكنيسة هي حتت تصرف االمة‪ ،‬مع‬
‫طرح عملة جديدة يف السوق‪.‬‬
‫كان ذلك يعين فعليا تغطيت قيمة ممتلكات الكنيسة املنقولة والغري منقولة للعملة اجلديدة‪.‬‬
‫يف ديسمرب دخل القرار حيز التنفيذ بأن بدأت اجلمعية الوطنية تبيع األراضي و العقارات‬
‫التابعة للكنيسة ملن يدفع " سعر أعلى" ويف خريف ‪4871‬م‪ ،‬ألغيت قوانني تشجيع احلركة‬
‫الرهبانية ويف ‪ 41‬فرباير‪ 4812‬مت حل مجيع اجلماعات الدينية يف البالد ومسح للرهبان‬
‫والراهبات ترك األديرة‪ ،‬غري أن نسبة قليلة منهم خرجت من األديرة يف هناية املطاف‪.‬‬
‫يف ‪ 40‬يوليو‪4812‬م‪ ،‬أصدرت اجلمعية "نظام احلقوق املدنية لرجال الدين" أعترب مبوجبه رجال‬
‫الدين "موظفي حكومة" وأنشات اجلمعية نظاما حديثا للكهنة واآلساقفة والرعايا‪ ،‬كما حددت‬
‫اجورهم مبوجب النظام اجلديد‪.‬‬
‫يف نوفمرب ‪ 4812‬م‪ ،‬طالبت اجلمعية الوطنية من مجيع رجال الدين‪ ،‬قسم ميني الوالء املدين‬
‫الفرنسي‪ ،‬مما خلق انقسام يف أوساط رجال الدين‪ ،‬بني اداء اليمني املطلوبة‪ ،‬وبني أولئك الذين‬
‫رفضوا وحافظوا على وفائهم للبابوية يف احملصلة من رجال الدين أقسموا اليمني ‪.%24‬‬
‫نتائج الثورة الفرنسية‪:‬‬
‫‪-‬النتائج السياسية‪ :‬وضح حد لالستبداد‪ ،‬الغاء الفيدرالية‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬دستور‪ ،‬فصل‬
‫السلطة‪ ،‬احلرية واملساوة يف الضرائب‪.‬‬
‫‪-‬توحيد فرنسا‪ :‬سياسيا‪ ،‬إقتصاديا ‪،‬إداريا و لغويا‪.‬‬
‫‪-‬التأثري على أوروبا وأمريكا الالتينية‪.‬‬
‫هذا يعين بانه ظهر ألول مرة النظام اجلمهوري‪ ،‬رغم اإلقرار حبقوق اإلنسان وفصل الدين عن‬
‫الدولة والغاء احلقوق الفيدرالية واعتبار السيادة لالمة‪ ،‬وتوحيد الشعب الفرنسي واعتبار‬
‫الفرنسية اللغة املتداولة‪.‬‬
‫‪-‬النتائج االقتصادية‪ :‬استفادت الربجوازية من إلغاء النظام الفيدرايل يف فرنسا و الغاء‬
‫احلواجز اجلمركية‪ ،‬وتشبثت باحلرية االقتصادية وتوحيد املكيال واالوزان واملقاييس‬
‫الغاء الضرائب الفيدرالية وخلق ضرائب جديدة على الثورة‪.‬‬
‫أصبحت امليزانية تقترح من طرف احلكومة ويصادق عليها الربملان‪.‬‬

‫‪03‬‬
‫‪-‬النتائج االجتماعية‪ :‬عرف امليدان االجتماعي حتوال كبريا‪ ،‬حيث اصبحت الربجوازية هي‬
‫مركز الثقل االقتصادي‪ ،‬حيث سيطرت على اغلب األراضي وحصلت على ارباح كبرية نتيجة‬
‫للحرية االقتصادية والغاء احلواجز‪.‬‬
‫مل يستفد القرويون والفالحون كثريا بل حتولوا مع الوقت اىل عمال زراعيني ونفس الشيء‬
‫بالنسبة لسكان املدن حتولوا اىل عمال صناعيني بدون حقوق‪.‬‬
‫يف ميدان التعليم تبنت الثورة إلزامية التعليم وجمانيته وعلمانيته‪.‬‬
‫يف التعليم العايل اعيد تنظيم اعلى املؤسسات العلمية الكرب كاملدرسة املتعددة الفنون ومدرسة‬
‫القناطر و الطرق‪.‬‬
‫انفصلت الكنيسة عن الدولة وأصبحت مراسيم الزواج تتم يف اجلماعات وأصبح الطالق مباحا‬
‫والقضاء جماين وهو من مهام الدولة‪.‬‬
‫إختذت الثورة الفرنسية مبادئها من أفكار الفالسفة "جان جاك روسو" و"فولتري" و"مونتيسكيو"‬
‫ورفعت عبارة‪( :‬احلرية‪ ،‬اإلخاء‪ ،‬املساواة) كشعار هلا‪ ،‬ولكن ألي مدى التزمت الثورة هبذا الشعار‬
‫سواء على صعيد الداخل الفرنسي إبان الثورة أو على صعيد سياسة حكوماهتا اخلارجية فيما‬
‫بعد؟‬
‫يعلق "روبرت دارنتون" استاذ تاريخ أوروبا احلديث يف جامعة "برنستون" يف ذكرى احتفال فرنسا‬
‫مبرور مائيت عام على سقوط البالستيل‪ ،‬وازاحة اإلقطاع اعالن حقوق االنسان واملواطن‪ ،‬فإن‬
‫الوضع يف فرنسا يف الفترة اليت قامت فيها الثورة مل يكن يف حقيقة األمر على كل ذلك القدر‬
‫من السوء كما يعتقد الكثريون‪.‬‬

‫‪05‬‬