Professional Documents
Culture Documents
ISSN 1112-9255 دلجملا 6 ددعلا، 2 - ربمسيد 0291
ISSN 1112-9255 دلجملا 6 ددعلا، 2 - ربمسيد 0291
ISSN 1112-9255
المجلد،6العدد – 2ديسمبر 0291 OEB Univ. Publish. Co.
The current paper focuses on the يتمحور هذا المقال حول مفهوم االغتراب
concept of alienation at work, its
effects and consequences on both الوظيفي وآثاره المختلفة على الفرد كلبنة
individual and human collectivity. We أساس في أي مجتمع بشري؛ تناولنا فيه
tried to explain what is « alineation at
work » and discuss a sample of بالشرح ماهية االغتراب الوظيفي ،ومناقشة
theories that had part in explaning its
تفسير حاولت التي النظريات بعض
processus, and causes. Then, concluded
by some strategies that can overcome سيرورته ،وأسباب حدوثه وختمنا بتناول
its effects.
Keywords :alienation,Functional بعض السبل التي تفيد في التغلب على آثاره،
alienation, Individual , society واستبداله بما هو إيجابي للفرد وللمجتمع.
الكلمات المفتاحية :االغتراب ,االغتراب
الوظيفي ,الفرد ,المجتمع
مقدمة:
على الرغم مما وصلت إليه الحضارة اإلنسانية من تقدم ورقي؛ إال أن هذا التقدم قد صاحبه العديد
من الظواهر التي أضرت باإلنسان ،وبالبيئة في اآلن ذاته ،وكانت االضطرابات واألمراض النفسية من
أهم ما نتج عن تلك الظواهر ،ومع تبدل الحضارة اإلنسانية من حضارة زراعية ،فصناعية ،فمعرفية
مؤخ اًر اتسع سوق العمل ،وتغير النمط المعيشي لإلنسان من النمط البسيط الهادئ المحدود إلى النمط
المعقد ،والمركب ،والمزدحم داخل تجمعات متنوعة في األعراق واأليديولوجيات؛ فنتج عن هذا النمط
المعيشي اتساع مهول في بيئة العمل ودخول الصراعات الثقافية والعقدية والديموغرافية في جميع
المستويات.
نتج االغتراب الوظيفي كرد فعل لما واجه الكثير من ضغوط ومشكالت جمة ،مما أثر بالسلب على
الفرد كعضو في مؤسسة عمالية ،وعلى المجتمع بطبيعة الحال كون هذا الفرد عضواً في عائلة في تجمع
بشري محدود داخل المجتمع الجغرافي المنتمي إليه ،ثم المجتمع البشري بصياغة عصر المعرفة
والكونية.
وقد تناول الكثير من الباحثين والمؤلفين على اختالف جنسياتهم وخلفياتهم ظاهرة االغتراب
الوظيفي وآثارها ((هيجل ،Durkheim.,Mary ,Hegelفروم هورني) (مسعود ، )7002،حامد زهران
(زهران ، )8991،ريتشارد شاخت (شاخت ، )7008،فيصل الشهراني (الشهراني ،)7082,عالية طحطوح
(طحطوح ،)7082،منصور بن زاهي (بن زاهي ، )7002،وليد شالبي (شالبيReid, ، )7082،
))Seeman.1990( Seeman, M ،)Richard.2015( Schacht, Richard ، )Reid(James
وسوف نستعرض بحثنا هذا في مطالب أربع (ماهية االغتراب ،أهم النظريات المفسرة لالغتراب
أسباب االغتراب الوظيفي وسماته ،سبل التغلب على االغتراب الوظيفي) باقتضاب شديد في محاولة منا
إليصال مضمونها للقارئ الكريم بسهولة ويسر متجنبين النقول من المصادر والمراجع قدر المستطاع،
وسوف نبدأ بالمطلب األول الخاص بماهية االغتراب الوظيفي متبعين األسلوب المنطقي لفهم كينونة
الظاهرة التي نتناولها بالبحث لغة واصطالحاً ،ولقد حاولنا إيراد بعض التعريفات من علوم مختلفة نظ اًر
لدخول إشكالية بحثنا ضمن نطاقها جميعاً؛ فجميعها قد اهتم باألساس باإلنسان وبكل الظواهر التي
تعتريه ضمن نطاق المجتمع ،سواء كانت اجتماعية بحتة ،أو فلسفية ،أو ثقافية ،أو سياسية ،أو
اقتصادية.
.8ماهية االغتراب:
إن لفظة "اغتراب" مشتقة من الجذر الثالثي "غ ر ب" ،وقد فصل بن منظور (ت 288ه) القول
الم ْغ ِر ُ
ب. ب خالف الشرق ،وهو َ
الغ ْر ُ الم ْغ ِر ُ
ب :بمعنى واحد .ابن سيدهَ : بوَ الغ ْر ُ
بَ :"غ َر ُ
فيها ،حيث أوردَ :
االجتماعي وقد صنفه علماء النفس كمرض؛ حيث أن هذه الوضعية عكس الطبيعة اإلنسانية السوية
المنخرطة في المجتمعات البشرية صغيرة كانت أم كبيرة .اهتم سيجموند فرويد (ت )8929باالغتراب
حيث غربة الذات في الالوعي ،وصنفه كاضطراب مرضي انتقل بصاحبه من الشعور إلى الالشعور،
ولُقب هيجل بأبي االغتراب نظ اًر لتأسيس داللته لهذا المصطلح على الجانب األنطولوجي المنبثق عن
الوجود اإلنساني ،واستخدم هيجل مصطلحين في اللغة األلمانية للداللة على مفهوم االغتراب؛ أحدهما
إيجابي ،وهو " "Entaeusserungويعني :تخارج أو اغتراب ،واآلخر سلبي وهو ""Entfremdung
ويعني :اغتراب بانفصال أو انقسام وانعدام إدراك الذات.
وتبعه ماركس وغيره في تقنين المفهوم وتطبيقه على الواقع المعاش من خالل العلوم اإلنسانية
وخاصة علم االقتصاد بالنسبة لالقتصاديين واالشتراكيين الذين أكدوا على فداحة دور الرأسمالية في خلق
ظاهرة االغتراب الوظيفي والذي عرفه محمد بأنه "يشير إلى انفصال العامل عن عمله ،وعدم اهتمامه أو
اكتراثه به بمعنى أن يشعر العامل بأن العمل الذي يقوم به ال معنى وال قيمة له" (مريم ,7002,ص
.)872ومن ثم االغتراب اإلنساني بشكل عام مما يؤدي إلى تحول اإلنسان إلى آلة ضمن آالت وحدات
العمل لفائدة القلة القليلة من رجال األعمال واألباطرة .وبالنظر في داللة االغتراب لدى األنثروبولوجيين؛
نجد أنهم قد ذهبوا إلى أن االغتراب ينتج بسبب تناقض المعاني والقيم الروحية السامية المتجاوزة للواقع
المادي إلى المجال الرمزي كأثر لضياع أهداف فردية معنوية وحسية في محيط المغترب والتي تؤدي به
إلى االنعزال واالنطواء تجنباً ألي فشل مماثل مستقبالً.
ونظ اًر لتركيز هذا العمل على االغتراب الوظيفي؛ فإن االقتصاديين قد اهتموا بمعان ثالث رئيسة
لالغتراب حيث أنهم ركزوا على اشتقاق االغتراب من األصل غرب بمعنى غريب ودخيل وآخر ،كما أنه
قد ُيقصد منه شكل من أشكال النقل أو التحويل االقتصادي للملكية ،ثم نجد أهم داللة له لديهم :أنه عبارة
عن حالة من االنفصال أو االغتراب عن بيئة العمل المنخرط فيها ،مع التأكيد على مدى االضطراب
والتشويش الحاصلين للفرد العضو في منظمة عملية ما كأثر واضح جلي لتلك الظاهرة( .شاخت,7008,
ص )22واهتمت جل الكيانات االقتصادية مؤخ اًر بدراسة تلك الظاهرة دراسة جادة للقضاء عليها ،أو على
األقل للحد منها ومن آثارها السلبية على األفراد وعلى بيئات العمل في اآلن ذاته .وعلى الرغم من دور
ماركس البارز في هذا المضمار؛ إال أن دعوته لم تلق قبوالً وانتشا اًر في حيز التطبيق باألسواق العالمية
للحد من الرأسمالية وآثارها المدمرة على األفراد التي اعتمدت مبدأ األتمتة حتى في العنصر البشري ،فنجد
موقف ماركس إزاء ذلك في مقولته" :إن ظروف العمل التي أوجدها المجتمع الرأسمالي تؤدي إلى اغتراب
العامل أي ال تعطيه الفرص ،واإلمكانيات الكافية لتحقيق الرفاهية االقتصادية واالجتماعية التي يسعى
من أجلها؛ فالعامل هو شخص مغترب عن وسائل اإلنتاج طالما أنه ال يحصل على القناعة والسعادة من
عمله ،وال يحصل على ثمرة مجهوده وأتعابه( ".الجاسور ,7009,ص)22
إن االغتراب ظاهرة اجتماعية يمتد تاريخها إلى الماضي السحيق وشملت الكثير من الميادين
حيث أدت إلى انسالخ الفرد عن القيم السائدة في مجتمعه وكذلك المعتقدات والعادات والتقاليد لهذا
المجتمع ،وكان منها االغتراب اإليجابي؛ كاعت ازل األنبياء والصالحين مجتمعاتهم المنحلة ،وكان منها
االغتراب السلبي الذي أدى إلى ظهور اآلفات واالنحالل األخالقي بمختلف صوره ،أو القضاء على الفرد
ذاته مرضياً؛ نفسياً أو عقلياً أو كالهما معاً.
.2أهم النظريات المفسرة لالغتراب الوظيفي:
قام بعض العلماء على غرار (فرويد و فروم ,هورني ,فرانكل ,و سارتر )....بصياغة نظريات
ترشدنا إلى كشف لُبس الظاهرة واإلفادة منها في فهم وادراك كافة العوامل المؤدية لها مما يدعم الدور
العلمي في العمل على إصالح الخلل الحاصل وادراك الحلول الناجعة األصلح لجبر الخلل الناتج عن
تلك الظاهرة أو القضاء على آثارها السلبية ،ولقد قمنا بعد استقرائنا للعديد من المراجع القيمة (الشتا:
,8992عاطف ,8919 :عفاف ,8911 :عالء ,8911 :زهران ,8910 :المحمداوي )7002 :الى
إجمال و عرض أهم أربع نظريات حاولت تفسير االغتراب الوظيفي واالغتراب بشكل عام.
8.7نظرية سمات الشخصية :تقول هذه النظرية أن الشخصية عبارة عن مجموعة من النظم التي تعمل
بآلية وتوافقية للجهاز البيولوجي والنفسي في اآلن ذاته وتنتج سمات متفردة ونادرة التطابق ،أو أن تتكرر
في أفراد حتى ولو كانوا من نفس األسرة وحاملين تقريباً لنفس الجينومات .وتلك النظم الداخلية تظهر
جلية على سلوك الفرد وتؤثر على فكره ودوافعه الموجهة ألي سلوك منفصل ،أو بالمشاركة مع اآلخرين
حال وجود مقاربات متسقة مع سماتهم الشخصية .ولقد ساهمت تلك النظرية في اإلرشاد النفسي ومرحلة
التوجيه ،عبر دراسة السلوك الفردي على حدة ،مع التركيز على الطرق والمتغي ارت التي تالئم شخصية
كل فرد .وبناء عليه؛ فإن االغتراب ينشأ كمظهر من مظاهر الخلل الذي ينتج عن عدم فهم الفرد لماهية
شخصيته ومكنوناتها.
7.7نظرية الذات :تعد وظيفة مفهوم الذات وظيفة دفاعية دورها األساس هو العمل على خلق مناخ من
التكامل والتوافق المنظم لبيئة الخبرات والتجارب المنخرط فيها الفرد كعضو من أعضائها ،وبناء عليه؛
يقوم الفرد بتنظيم مقومات ذاته الداخلية لتتوافق مع ذوات اآلخرين في نفس المؤسسة بغية الوصول إلى
الغايات المرجوة للخطط؛ قريبة وبعيدة المدى ،ومن االفتراضات األولية لهذه النظرية أن الشخص ينشأ
على النضال بغية الوصول إلى المفهوم المالئم لذاته واظهار سماتها لتبدو جلية له كرمز لألنا أمام باقي
أفراد المؤسسة أو المجتمع؛ فهي البصمة الجينية التي تمثله ككائن بيولوجي مفكر.
2.7نظرية التحليل النفسي :ذهب سارتر إلى أن االغتراب -العام والوظيفي -متأصل في الوجود
اإلنساني حيث أنه يندرج ضمن الصفات الوجودية األساس؛ فوجود اإلنسان سابق على ماهيته ،وهذا
يظهر لنا عبر مراحل اإلنسان العمرية المختلفة ،فقد بزغ اإلنسان في صورته األولى كنطفة ثم جنين،
كنتيجة لرغبة غيره –األبوين-وليس بناء على رغبته الذاتية ،فليس له اختيار لبدء وجوده البيولوجي،
وليس له أدنى اختيار في الجينومات الوراثية التي سيصطبغ بأغلبها من والديه وأسالفهما ،ولم يكن له
بالتأكيد أي رغبة في كل ما سلف ،أو حتى إرادة؛ فكل هذا خارج عن إرادته ومفروض عليه ،مما يؤكد
على سمة االغتراب المالزمة له منذ البدايات وعبر مسيرة حياته ،ولذا؛ فال يستطيع أن ينهي هذا
االغتراب حيث أنه حقيقة ُمعاشة في الوعي والعمل اإلنساني ومتجذر في ماهية الحرية .إن تلك الحرية
هي التي تفرض عليه االنفصال عن الذات أو بمعنى أدق السمات التي فُرضت على الذات والتي لم يكن
له فيها أدنى اختيار ليفصل بين ماضيه ومستقبله ،فاالغت ارب بال شك ظاهرة تاريخية في كل المجتمعات
منذ األزل ،كما أنها أضحت ظاهرة في مجاالت العمل المختلفة كنتيجة للصراعات بين القوى المنتجة
ووسائل اإلنتاج والعاملين الذين أصبحوا بدورهم فريسة لالغتراب الوظيفي ،حيث أن الفرق الوحيد بين
االغتراب الذاتي واالغتراب الوظيفي هو أن األول تاريخي وحتمي منذ وجود المجتمع اإلنساني األول ،في
حين أن االغتراب الوظيفي ناتج عن سياسات بعينها قام بها البعض المتسلط على إدارة المؤسسات
العمالية ضد السواد األعظم من العاملين ،أي أنه كرد فعل لفعل يمكن العمل على إدراك مقدماته ،وفهمها
فهماً مناسباً ُيمكننا من تغيير النتائج السلبية التي أخرجت لنا االغتراب وآفاته لدى العاملين.
2.7النظرية السلوكية :تفسر النظرية السلوكية االغتراب كظاهرة نتجت عن استجابات خاطئة لمثيرات
شخصية سبق وأن اكتسبها الفرد ارتكا اًز على السلوك اإلنساني المكتسب من خالل التعلم أو المحاكاة في
البيئات المختلفة التي احتك بها ،وقد دعمت هذه النظرية نزوع الفرد إلى تكرار االستجابات للمواقف
المتشابهة التي سلك فيها سلوك معين ُدعم بالثواب كرد فعل مجتمعي أو عملي ،ولذا؛ فالفرد يدخل في
دوامة االغتراب عن ذاته عندما يصبح عضواً داخل مؤسسة عمل ليس له فيها أدنى مستويات حرية
االختيار أو حتى طرح نقاشات في صلب نشاط مؤسسته ،أو محاوالت طرحه ألفكار إبداعية ،مما
وهويته الخالقة والمبدعة ،من ثم
يضطره إلى الرضوخ للسلطة اإلدارية العليا واالنسالخ عن ذاته ُ
االستغراق في غيابة االغتراب الوظيفي واالضمحالل.
.3أسباب االغتراب الوظيفي وسماته:
بعد محاولتنا اإلجابة على التساؤل الفلسفي لكينونة إشكالية البحث في المطلب األول ،والتعريف بأهم
النظريات المفسرة لالغتراب الوظيفي في المطلب الثاني؛ سوف نتطرق في هذا المطلب إلى أسباب
االغتراب الوظيفي أو العوامل التي تؤدي إليه ،وسماته أو خصائصه التي تنتج عنه ،ولقد قمنا بعد
استقرائنا للعديد من المراجع القيمة (المحمداوي ,7002 :زهران ,7002 :زهران ,8991 :السيد,7008 :
سري )7002 :في هذا المجال إلى تقسيم تلك األسباب إلى ثالثة أقسام رئيسة :القسم األول هو األسباب
النفسية ،والقسم الثاني هو األسباب االجتماعية ،والقسم الثالث هو الالئحة المنظمة لبيئة العمل ،وسوف
نسهب الحديث في كل قسم منها كالتالي:
3.3القسم األول -األسباب النفسية:
الخبرات السيئة :وهي الخبرات الشخصية السابقة للفرد والتي تبقى ذكرى دائمة تظل حاضرة نصب عينه
في الوعي والالوعي للذات ،والتي تكون بمثابة عامل محبط للمرحلة اآلنية ،وحتى المستقبلية؛ حيث
يستسلم لها الفرد في غالب األحيان موقناً بهزيمة محققة وفشل ذريع ألي مخطط إيجابي يحاول الرفع من
قيمته اإلنتاجية في محيط عمله .وقد يؤدي به هذا الشعور إلى االستسالم لعملية الميكنة التي تفرضها
عليه وسائل اإلنتاج الحديثة ،وسوء التنظيم في بعض المؤسسات.
الحرمان :هو عامل نفسي اجتماعي ،من الممكن أن يبدأ مع الفرد من الصغر من خالل حرمانه من
عاطفة األبوة والتوجيه ،أو األمومة التي تعني في المقام األول الرعاية المثلى لصغارها ،وعلى الرغم من
عدم وجود صلة وثيقة بين بيئة العمل وبين عامل الحرمان األسري؛ إال أنه مع ما يجده هذا الفرد من
عدم االهتمام والالمباالة في محيط عمله ،والتعامل معه كرقم ضمن أرقام أخرى نكرة مثله مثل آالت
العمل الجامدة ،دون مراعاة الجانب الروحي له ،وتطلعاته النفسية واالجتماعية.
اإلحباط :هو عامل من الممكن أن ينتج نتيجة تضارب المصالح الخاصة بالفرد والخطط الموضوعة
للمؤسسة العمالية المنضوي فيه ،وقد يكون كنتيجة تلقائية للسببين السابقين من خبرات سيئة ،وحرمان
نفسي واجتماعي من األسرة أو من بيئة العمل المنخرط فيها .ويمتد الالشعور باإلحباط إلى تحقير الذات
والشعور بالقهر وأحياناً العجز التام حيث يتراءى له أنه مجرد بيدق ُيحرك من قبل اإلداريين والكوادر
التنظيمية العليا في المؤسسة العمالية الت ابع به ،وأنه ال حول له وال قوة في إثبات قدرات الذات الكامنة
للتغلب على هذا الوضع وللخروج من تلك الحالة النفسية المثبطة للهمم.
2.3القسم الثاني -األسباب االجتماعية:
اضطرابات التنشئة االجتماعية :حيث تنعكس اآلثار المدمرة لالضطرابات األسرية والمدرسية والمجتمعية
بشكل عام.
الضعف األخالقي :الناتج عن انعدام الوازع الديني أو الثوابت األخالقية المتعارف عليها ،أو األعراف
والتقاليد المنظمة لحياة المجتمع الذي يحيى به.
فساد القيم :ويحدث هذا في الغالب عندما تنفصم العروة بين األجيال السابقة واألجيال الالحقة ،بسبب
بعض القيم الدخيلة ،أو ما يسمى بالقيم الكونية ،والغربية منها خاصة.
سوء األحوال االقتصادية :حيث تتجلى الصعوبات المتعلقة بالحصول على الضرورات الحياتية األساسية،
من كرامة في العيش ،وحرية ،والحصول على الغذاء الصحي ،والمياه ،والسكن ،والخدمات األساسية في
البنية التحتية.
إشكالية األقليات :بسبب اختالف العرق أو الدين أو الثقافة ،مما يؤدي إلى التحيز والمحاباة لفصيل عما
عن غيره ،دون مراعاة المعايير والقدرات واإلمكانيات الالزم توفرها في عضو المؤسسة العمالية المراد
إدماجه بها ،كما أن ثقافة التخلف وعدم قبول اآلخر الشريك في المجتمع ذاته هو ما يؤدي إلى رفضه
في بيئات عمل معينة ،أصبحت ضمنياً حك اًر على العرق األساس واألرقى من وجهة نظر المسؤولين
والمسيرين للمؤسسة العمالية.
الضغوط المجتمعية :وهي تلك الضغوط التي تنتج عما سبق من أسباب اجتماعية من قصور في التنشئة
االجتماعية ،وفساد أخالقي ،ففساد في القيم الكلية والجزئية ،متبوعة بسوء األحوال االقتصادية وتفشي
الفاقة والعجز عن الوصول إلى حياة كريمة تتوفر فيها الحاجيات األساسية لكل فرد من أفراد المجتمع
دون تمييز عرقي أو ديني أو طائفي .وهذا ما يمكن أن نسميه بـ"العشوائية وانفجار طنجرة الضغط"؛
فطنجرة الضغط كما تتسارع فيها التدافعات الداخلية لفترة زمنية محددة ال يمكن ان تتعداها واال تنفجر
وتُلحق الضرر بكل ما في داخلها ،أضف إليه الضرر البالغ الذي يصيب المحيطين .والحل الوحيد هو
التخفيف من تلك التفاعالت الناتجة عن تلك الضغوط المختلفة حرصاً على سالمة الجميع في المحيط
المجتمعي أو الوظيفي.
القسم الثاني -الالئحة المنظمة للمؤسسة العمالية: 3.3
تكون األسباب التالية بطبيعة الحال مرتبطة بالطرف المشغل أو اإلدارة المكلفة بتدبير النظم التسييرية في
بيئة عمل ما ،ويمكن لنا أن نحصرهم في ستة أسباب رئيسة كالتالي:
التدرج الهرمي الحاد :حيث أن الفرد ُيعد رقماً مجرداً في سجالت العاملين في جل إن لم يكن كل
الدرجات الهرمية السفلى واألساسية في اآلن ذاته في نمو وازدهار العمل ،وعلى الرغم من ذلك؛ فإن
السواد األعظم من هؤالء الموظفين هم من يتحصلون على الفتات في سلم األجور والمداخيل ،كما أن
مشارك تهم اإلدارية تكون شبه منعدمة إن لم تكن منعدمة في تلك المؤسسات المتسلطة عتيقة الطراز
التسييري ،فينتُج بالتالي فقدان المشاركة الفعالة والتي كان من الممكن أن تدفع بعجلة تقدم العمل
وازدهاره ،ويصبح الفرد في تلك الدرجات القاعدية من الهرم منفذ لألوامر والتعليمات اإلدارية فقط مما
يؤدي إلى القضاء على روح المنافسة واإلبداع واالبتكار والتطوير.
أسلوب القيادة المتسلطة :وذلك عندما يتعامل الرؤساء والمسيرين باستعالء على مرؤوسيهم والدخول في
نزاعات تحكمية يغلب عليها نزعة الفخر بالذات والقدرات التأطيرية لديهم في مقابل هشاشة تكوين
المرؤوسين ،وضعف الملكات الالزمة ألداء الدور المنوط إليهم باإلضافة إلى عجزهم في بلوغ منصة
للتواصل البناء والمثمر مع رؤسائهم.
المركزية والالمركزية :وهي تفويض مطلق لصالحيات الفئة األقل عدداً وربما النادرة في بيئة العمل،
والتي بدورها تتجبر على باقي العاملين وتفرض عليهم تنفيذ األوامر دون نقاش أو استبصار آلرائهم،
والتي تكون من القيمة بمكان نظ اًر لكونها مدعمة بتجاربهم وخبراتهم قصيرة كانت أم طويلة في مجال
العمل في المؤسسة ذاتها ،أو في غيرها من المؤسسات التي سبق للعاملين االنخراط فيها.
التخصص الدقيق في المهام :وهذا عندما يتم تقسيم المهام الوظيفية في الكثير من األحيان إلى مهام
متناهية في الصغر دون ربط بين العاملين ومراحل تطور المنتج إلى الوصول إلى الشكل النهائي له عبر
مراحل تكون أحياناً معقدة وغامضة
الصرامة في الشكليات الرسمية :حيث تُتبع منهجية صارمة في الحفاظ على الشكليات من حيث الوقت
الالزم لتواجد العاملين فيه وبدايته ونهايته ،بغض النظر عن الناتج النهائي من وراء تلك الشكليات،
ومردودية تلك الشكليات على تطوير العمل ،وتحقيق خطط ربحية جيدة في فترات زمنية ُمرتب لها مسبقاً،
وتتبع مدى تطبيق تلك الجداول المستقبلية ،وجني ثمارها كنتيجة دالة على نجاحها .وهذا ما دفع الكثير
من الدول إلى اعتماد قوانين الخصخصة في العقود الماضية.
طبيعة العالقات بين العاملين :فكنتيجة حتمية لما سبق ذكره؛ نجد الفشل الذريع في إحداث المناخ
التفاهمي واإليجابي ،الذي كان من المفترض أن يسود في أي بيئة عمل؛ بغية تحقيق النجاحات المأمولة
عبر سلسلة من المخططات التراكمية والزمكانية في اآلن ذاته؛ وهذا عكس ما اعتمدته سالسل مؤسسات
االمتيازات العالمية حيث أنه بتجنبها كل تلك السلبيات في اللوائح المنظمة للعمل وللعاملين قد وصلت
إلى نسب نجاح تقارب %91ألي وحدة تشغيلية جديدة تابعة لها.
.4سبل التغلب على االغتراب الوظيفي:
نشير هنا قبل أن نستطرد في السبل المالئمة للتغلب على االغتراب الوظيفي ،أنه من الممكن أن
يكون االغتراب الوظيفي لدى البعض ناتج عن بعض أو كل ما سبق التطرق إليه من اغتراب نفسي أو
اجتماعي أو فلسفي ،وبعيد كل البعد عن المؤثرات الوظيفية المباشرة داخل بيئة العمل ،وفي هذه الحالة
وجب العمل على إصالح الخلل الحاصل في المناخ االجتماعي لهذه األفراد عبر دورات تكوينية لفائدة
تلك النماذج بغية دعمهم للخروج من بوتقة االغتراب بصفة عامة ،إلتاحة الفرصة لهم في اإلسهام
بمشاركة إيجابية وفعالة في إحداث مناخ عمل أفضل وايجابي ومثمر.
أما بخصوص هؤالء الذين نضعهم في بؤرة هذا المطلب والمعنيين باالستقراء الجيد لتلك السبل في
محاولة للتغلب على االغتراب الوظيفي وآثاره السلبية على المؤسسات العمالية والمجتمع ككل؛ فسوف
نسرد بعض أهم تلك السبل (بحري ،7009،ص ص )882-887التي سوف تساعد المؤسسات العمالية
المختلفة عبر خلق مناخ تنظيمي بضوابط ومخططات تسهم في القضاء على ظاهرة االغتراب الوظيفي،
أو الحد من آثارها السلبية قدر المستطاع.
8.2إشباع الحاجات :وهذا من خالل سعي المؤسسات العمالية إلى مساعدة العاملين بها على إشباع
حاجاتهم الوظيفية المشروعة التي يطمح لها الجميع باختالف مؤهالتهم ودرجاتهم الوظيفية؛ كالحاجات
االجتماعية ،واألمان ،والتأمين الصحي واالجتماعي ،ودعم إنجاز األفكار المبدعة والخالقة ،وزيادة دعم
األمان.
7.2تدريب العاملين :حيث يلزم تلك المؤسسات العمل الجاد من أجل خلق برامج تدريبية متطورة تهدف
إلى تحسين مهارات العاملين النظرية والتطبيقية ومسايرة كل المستجدات في هذا الشأن عبر شراكات مع
جهات بحثية أكاديمية وازنة في هذا المجال .أضف إلى ذلك العمل على التدريب المستمر لكافة كوادر
المؤسسة والعمل على خلق مناخ تشاركي فيما بينهم وبناء لبنات أسرة مؤسساتية ذات وشائج وعالئق
وثيقة.
2.2العدالة التنظيمية :وهذا يعد من أهم األدوار التي تقوم بها اللجنة المنظمة للمؤسسة؛ فمسألة العدالة
واإلنصاف في الفرص والمكافئات يدعم خلق مناخ نزيه وشفاف يؤدي إلى المنافسة المحمودة بين جميع
العاملين جاعلين إعالء مكانة المؤسسة التابعين لها من أولوياتهم لما يعني هذا علو مكانتهم ضمنياً.
2.2المشاركة في اتخاذ الق اررات :إن دعم العاملين نفسياً ومادياً بفتح المجال لهم للمشاركة الهادفة في
نمو مؤسستهم وتطويرها عنصر هام من العناصر الواجب توفرها للقضاء على معضلة االغتراب
الوظيفي ،وعلى الرغم من الرابح األول في هذه المسألة هو المؤسسة ذاتها؛ إال أن العاملين سوف يزيد
لديهم في اآلن ذاته االنتماء والوالء لمؤسستهم مما يستأصل االغتراب وآثاره من نفوسهم.
1.2االستقرار الوظيفي :مما ال شك فيه أن االستقرار الوظيفي للعاملين مؤشر هام ورئيس على استقرار
المؤسسة ذاتها ،ونجاح المؤسسات واستم ارريتها يعتمد اعتماداً شبه كلي على هذا العنصر ،بخالف
المؤسسات المضطربة التي تزرع في نفوس عامليها عدم الرضا والقلق والتوتر الدائم من وضعية عدم
االستقرار هاته؛ ويوجد تناسب طردي لمحوري المعادلة هنا ،فالمؤسسة المستقرة خارجياً والسائرة بخطى
ثابتة في مسيرتها العملية مع عمالئها تعتمد بشكل أساس على االستقرار الوظيفي ،وتحقق أفضل
النتائج ،وهذا االستقرار الوظيفي يؤدي إلى وصول العاملين بها إلى حاالت الرضا والسعادة النخراطهم
في نجاح مؤسستهم والذي يعني نجاحهم الشخصي ووصولهم إلى جميع احتياجاتهم المرجوة ،وحتى التي
يحلمون بها.
2.2الرضا الوظيفي :وهو الغاية المطلوب تحقيقها ،وما كانت الوسائل السابقة إال حلقات أولية من
حلقات بناء مناخ مميز داخل المؤسسة لتحقيق الرضا والسعادة والقناعة للعاملين بها ،وعند الوصول إلى
تلك الغاية تصير معادلة المؤسسة والعامل معادلة رابح -رابح؛ حيث أن الجميع يصل إلى الغاية
المأمولة من هذا التعاون وهذه الجهود المبذولة سواء كانت معنوية أو مادية.
وفي الختام؛ نؤكد على الخطأ الفادح الذي غلب على فكرنا كشعوب عربية كون سبب تخلفنا
متجذر فينا وفي تراثنا وثقافاتنا ،فمن الواجب علينا محاربة األثر السيء لتلك الدعوات الصادرة عن بعض
المفكرين الذين يتصدرون المشهد الثقافي والفكري العربي سواء كان بعضهم ينتقد بموضوعية وحياد آمالً
في التغيير اإليجابي للشعوب العربية ،أو أولئك الذين جعلوا آراء بعض المستشرقين مطية لهم لدس السم
في العسل.
إن المواطن العربي يتساوى مع أي مواطن آخر في شتى بقاع األرض وخاصة في تلك الدول التي
وصلت إلى درجة عالية من التقدم والرقي ،سيما في دراساتهم العلمية القويمة بشأن ظاهرة االغتراب
الوظيفي وتخليق حلول ناجعة أدت إلى التغلب عليها والوصول إلى حد الرضا للعاملين في مختلف
المؤسسات العمالية ،ويظهر لنه هذا جلياً في انتشار آالف عالمات االمتياز التجاري التي عبرت البحار
والمحيطات لتصل إلى مئات اآلالف من الوحدات التجارية ،والتي تضم الماليين من العاملين مع
اختالف ألسنتهم وأيديولوجياتهم.
ِ
تكتف أردنا هنا أن ننقض تلك الظاهرة الخطيرة التي شاعت لدى عدد من المفكرين العرب ،والتي لم
بالقول بأن في الثقافة العربية قيماً وتقاليد وعادات فاسدة تقليدية ومتأصلة فيه هي التي حالت دون التنمية
والتقدم في مختلف المجاالت ،وخاصة المجال التنظيمي للموارد البشرية في شتى المجاالت؛ بل ذهبت
إلى ما هو أبعد من هذا ،حيث قالت أن مفاسد الثقافة العربية –والعقل العربي ،-هي مفاسد ال يمكن
إصالح الخلل فيها؛ فقد الزمت الثقافة العربية –والعقل العربي-منذ النشأة وعبر المراحل الزمنية
المتعاقبة ،وكانت من أسباب ضعفها وانحاللها .وتكاد هذه االتجاهات تعتبر أن ثمة مفاسد ثقافية قائمة
ومستوطنة في العقل العربي نفسه ،ومن تلك المفاسد التي ذكرتها تلك الدراسات على سبيل المثال ال
الحصر:
روح اإلتباع والماضوية والغيبية. -
روح التمركز حول الذات وما يرافقها من أنانية مفرطة. -
ضعف اإلحساس بالزمن. -
غلبة اللفظ على الفكر. -
تقديم الفرضيات الفكرية المجردة على الواقع والتجربة. -
-شاخت ،ريتشارد ،)7008(.مستقبل االغتراب ،ترجمة :وهبة أبو العال ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية،
الطبعة األولى
-شالبي ،وليد ،)7082(.دور الوالء التنظيمي في تنمية سلوك المواطنة التنظيمية لدى عينة من موظفي
اإلدارة المحلية بوالية مسيلة ،رسالة ماستر ،جامعة محمد خيضر،الجزائر
-الشهراني ،فيصل،)7082(.االغتراب الوظيفي وعالقته بالوالء التنظيمي من وجهة نظر ضباط
المديرية العامة للجوازات ،بحث رسالة ماستر ،جامعة نايف للعلوم األمنية ،الرياض
-طحطوح ،عالية ،)7082(.تأثير أنماط القيادة اإلدارية على سلوك المواطنة التنظيمية؛ دراسة تطبيقية
على موظفات جامعة الملك عبد العزيز بجدة ،رسالة ماستر ،جامعة الملك عبد العزيز ،جدة
-مريم محمد ،)7002(.دراسات في اإلدارة التعليمية ،النهضة المصرية ،القاهرة.
-محمد مسعود،)7002(.االغتراب ماهيته ،أبعاده ،نظرياته ،مجلة الجامعي ،مج ،2ع.82
-مجمع اللغة العربية ،)7002(.المعجم الوسيط ،مكتبة الشروق الدولية ،القاهرة ،الطبعة الرابعة
-ابن منظور ،أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي األنصاري اإلفريقي المصري288( .ه)،
لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،الطبعة الثالثة8282 ،ه
ثالثا – المراجع باللغة األجنبية:
- Reid, James. (1972), Alienation; Rectorial Address, University of Glasgow
Publications, printed by Thomson Litho, East Kilbride, Scotland
- Schacht, Richard. (2015), Alienation, Psychology, Taylor and Francis Group, London
and New York
- Seeman, M.(1990), Alienation and Anomie, In: J.P.R. Robinson and L.S. Rightsman
(Eds) Measures of Personality and Psychological Attitudes vol. 1 pp. 291-371. New
York Academic Press