‫في ه ذا البحث‪ ،‬س أبحث عن المقال ة تحت الموض وع "أهمي ة ال دعوة إلى هللا‬

‫وخصائصها"‪ .‬أختر هذه المقالة ألنها متعلقة بما أدرس من المادة ’مناهج الدعوة‘‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{:‬وما تفرقوا إال من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ۚ ول وال كلم ة س بقت‬

‫من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم ۚۚ وإن الذين أورث وا الكتٰب من بع دهم لفي ش ك من ه‬

‫فلذلك فادع ۖ واستقم كما أمرت ۖ وال تتبع أهواءهم ۖ وقل ءامنت بما أن زل هللا من‬
‫مريب۝ ٰ‬

‫كتب ۖ وأمرت ألعدل بينكم ۖ هللا ربنا وربكم ۖ لنا أعمٰلنا ولكم أعمٰلكم ۖ ال حجة بينن ا وبينكم‬
‫ٰ‬

‫هللا يجمع بيننا ۖ وإليه المصير۝} (‪)۱٤:٤۲-۱٥‬‬

‫تدل اآليت ان القرآني ة اآلتيت ان إلى أس باب ال دعوة‪ ،‬والص فات المطلوب ة لل داعي‪.‬‬

‫تقسم هذه المقالة إلى بعض أقسام ليبين النطقات اآلتية بالتفص يل وهم أس باب لض رورية‬

‫الدعوة‪ ،‬والمراد بها‪ ،‬وبعض خصائص الداعي‪ ،‬وبعض وسائل الدعوة ومناهجها‪.‬‬

‫المبحث األول هو أسباب لضرورية الدعوة‪ .‬الدعوة مطلوبة لتعليم الحق‪ .‬وأرسل‬

‫هللا النبي محمد صلى هللا عليه وسلم لهذا الغرض‪ .‬ينبغي علينا أن ننظر إلى رس الة الن بي‬

‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ومن مهمات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هي إنذار الناس‬

‫العامة عن النتيجات من أفعالهم وأعمالهم السيئة وأنه صلى هللا عليه وسلم ق د دع اهم إلى‬
‫عبادة هللا تعالى وحده‪ .‬قال هللا سبحانه وتعالى‪{:‬يا أيها النبي إنا أرس لنٰك ش ٰهدا ومبش را‬

‫ونذيرا۝ وداعيا إلى هللا بإذنه وسراجا منيرا۝}(‪.)٤٥:٣٣-٤٦‬‬

‫وأن الغاية في الدعوة هي إرشاد الناس إلى القرآن الكريم ال تي تك ون إرش ادا في‬

‫كتب أنزلنٰه إليك لتخرج الن اس‬

‫إخراجهم من الظلمات إلى النور كما في قوله تعالى‪{:‬الرۚ ٰ‬

‫من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صرٰط العزيز الحميد۝}(‪)۱:۱٤‬‬

‫أمر هللا تعالى المسلمين ألداء الواجبات نفس أمر رسوله‪ .‬إن إرس ال الن بي ص لى‬

‫هللا عليه وسلم لشاهد الحق‪ ،‬واآلن هذه المسئوليات ترتكز على أمة المسلمين كما ق ال هللا‬

‫تعالى‪{:‬هو سمٰكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا ش هداء‬

‫على الناس}(‪ .)٧٨:۲۲‬إن الدين نص يحة‪ .‬وهي واجب ة لك ل المس لم أن ينص ح وي دعو‬

‫األخرين إلى هللا سبحانه وتعالى‪ .‬قال هللا تعالى‪{:‬والعصر۝إن اإلنسان لفي خسر۝إال‬

‫لحت وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر۝}‬

‫الذين ءامنوا وعملوا الصٰ ٰ‬

‫(‪ .)۱:۱٠٣-٣‬وإضافة ل ذلك‪ ،‬أن بعث ة الرس ول ص لى هللا علي ه وس لم لينق ذ الن اس عن‬

‫عقاب بدعوة الجاهلين والمضلين إلى الصراط المستقيم‪.‬‬

‫بعد معرف ة أهمي ة ال دعوة‪ ،‬يجب علين ا أن نع رف م ا هي ال دعوة إلى هللا تع الى‪.‬‬

‫الدعوة األول وأساسيتها هي الدعوة إلى هللا‪،‬أي ليعبده وال يشرك به ش يئا‪ .‬ق ال هللا تع الى‬

‫في كتابه العزيز‪{:‬قل إنما أمرت أن أعبد هللا وال أشرك بهۚ إليه أدع وا وإلي ه مئ اب۝}(‬

‫‪)٣٦:۱٣‬‬

‫الدعوة إلى هللا بمعنى الدعوة إلى اإلسالم أيضا‪ ،‬ليقن ع الن اس ب أن يجب عليهم أن‬

‫يعيشوا فيما ال يتعارض اإلسالم وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر‪ .‬واألم ران المهم ان‬

‫في ال دعوة إلى هللا هم ا ال دعوة إلى رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم وإلى كالم هللا أي‬

‫القرآن الكريم‪.‬‬

‫النبي محمد صلى هللا عليه وسلم هو رسول هللا وتعاليمه نفس تع اليم الرس ل قبل ه‪.‬‬

‫معجزة النبي صلى هللا عليه وسلم هو الق رآن الك ريم‪ .‬وأن الق رآن معج ز بحس ب عج ز‬

‫البشر أجمعين عن اإلتيان بمثله‪ ،‬وقد ثبت إعجازه بتح دي الق رآن للع رب المخ الفين عن‬

‫اإلتيان بسورة واحدة من سوره فعجزوا‪ ،‬ق ال تع الى‪{:‬وإن كنتم في ريب مم ا نزلن ا على‬

‫عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون هللا إن كنتم ص ادقين ف إن لم تفعل وا‬

‫ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين}‬
‫(‪ .)۲:۲٣-۲٤‬فلما ثبت عجزهم ثبت أن القرآن النازل بلغ ة الع رب ه و كت اب هللا‪ ،‬وأن‬

‫محمد صلى هللا عليه وسلم هو رسول هللا حقا‪.‬‬

‫الجانب المهم األخرمن الدعوة هو دعاء الناس إلى طاع ة هللا وطاع ة رس وله في‬

‫كل األشياء‪ .‬قوله تعالى‪{:‬يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرس ول وأولي األم ر‬

‫منكم}(‪ .)٥٩:٤‬ويجب على ال داعي أن ي دعو الن اس إلى الخ ير وي دعو إلى األم ر‬

‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬كما في قوله تعالى‪{ :‬ولتكن منكم أم ة ي دعون إلى الخ ير‬

‫ويأمرون يالمعروف وينهون عن المنكرۚ وأولئك هم المفلحون}(‪)۱٠٤:٣‬‬

‫بعد أن عرفنا ما الدعوة إلى هللا‪ ،‬دعنا أن ننظ ر إلى بعض الخص ائص والص فات‬

‫المهمة للداعي‪ .‬أوال‪ ،‬يجب على ال داعي أن يمل ك اإلعتق اد الس ليم واإليم ان الق وي ب أن‬

‫اإلس الم ه و دين الح ق‪ .‬ثاني ا‪ ،‬ال ب د على ال داعي أن يتحلى نفس ه بالص فات المحم ودة‬

‫والقدوة الحسنة‪ .‬ثالثا‪ ،‬على الداعي أن يعرف العلوم المختلفة المعاص رة تتعل ق بدعوت ه‪.‬‬

‫ومن العلوم الضرورية للداعي‪ :‬العلوم الش رعية وعل وم الق رآن وعل وم الح ديث وعل وم‬

‫التاريخ وعلوم النفس وعل وم اإلجتم اع وعل وم التكنولوجي ا والتقني ة وغيره ا ألغ راض‬

‫ال دعوة‪ .‬رابع ا‪ ،‬ينبغي على ال داعي أن يك ون واع بمش كالت المجتم ع ال ذي ي دعوهم‬

‫فيساهم في معالجة هذه المشكالت‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬ال ب د على ال داعي أن يش ترك المنظم ة ليمنح ال دعوة وعلي ه أن يع د‬

‫التصميم المناسب قبل تبلي غ ال دعوة‪ .‬سادس ا‪ ،‬ج ودة جي دة األخ رى لل داعي هي التق وى‬

‫وينبغي أن يط ور العالق ة القوي ة برب ه ويطلب اإلس تعانة والمس اعدة من هللا س بحانه‬

‫وتع الى‪ .‬ق ال تع الى‪{:‬ي ا أيه ا ال ذين ءامن وا اتق وا هللا ح ق تقات ه وال تم وتن إال وأنتم‬

‫مسلمون}(‪ )۱٠۲:٣‬وقوله تعالى‪{:‬يا أيها ال ذين ءامن وا اس تعينوا بالص بر وصلۈۚة إن هللا‬

‫مع الصابرين}(‪ .)۱٥٣:۲‬سابعا‪ ،‬ال بد على الداعي أن يستخدم قوال معروف ا وال يج وز‬

‫له أن يستعمل قوال قاس ا‪ .‬ثامن ا‪ ،‬علي ه أن ينف ق أموال ه في س بيل هللا لتق رب إلي ه لقول ه‬

‫سبحانه وتعالى‪{:‬ومن األعراب من يؤمن باهلل واليوم األخر ويتخذ من ينف ق قرب ات عن د‬

‫هللا وصلوات الرسول أال إنها قربة لهم}(‪)٩٩:٩‬‬

‫وال يج وز لل داعي أن يش ترك في المناقش ة م ع ال ذين يخوض ون في اآلي ات‬

‫القرآنية‪ .‬كما قال هللا تعالى‪{:‬وإذا رأيت الذين يخوضون في ءاياتنا ف أعرض عنهم ح تى‬

‫يخوضوا في حديث غيره}(‪ .) ٦٨:٦‬وينهاه عن إهانة المخالفين واستخدام قول ازدرائي‬

‫لدى األخرين‪ .‬قوله تعالى في ذلك‪{:‬وال تسبوا الذين يدعون من دون هللا فيسبوا هللا عدوا‬

‫بغ ير علم}(‪ .)۱٠٨:٦‬وعلي ه أن يتجنب عن إجاب ة األس ئلة ال تي س يؤدي إلى إهان ة‬

‫األخرين‪.‬‬
‫ال بد علينا أن ننظر إلى بعض مناهج الدعوة ووسائلها المستخدمة‪ .‬يمكن لل داعي‬

‫أن يُ ْع َمل على الواحد أو ك ّل القواعد التّالية في الدعوة وهم‪ i((:‬واحد إلى واحد‪،‬‬

‫(‪ )ii‬المجموعة إلى واحد‪ )iii( ،‬واحد إلى المجموعة‪)iv( ،‬المجموعة إلى المجموعة‪،‬‬

‫(‪ )v‬بالمقاالت والمؤلّفات‪ )vi( ،‬بالصّور‪ ،‬وسمع ّي‪ ،‬والفيديو والتليفزيون‪،‬‬

‫(‪ )vi‬باإلنترنيت‪ )vii(،‬وبالخدمة العامة أو الخدمة اإلجتماعية‪.‬‬

‫الوسيلة المؤثرة جدا هي دعوة الواحد إلى الواح د‪ .‬الم راد هن ا ه و ي دعو ال داعي‬

‫الواحد المدعو الواحد في الوقت الواحد المناسب‪ .‬في ه ذه الوس يلة‪ ،‬يس تطيع الم دعو أن‬

‫يستقبل ويلقى مضمون الدعوة بسهولة‪ .‬الوسيلة المؤثرة األخرى هي تشكيل مجموعة من‬

‫الناس ثم يبلغ الدعوة إلى الفرد‪ .‬وفي هذه المجموعة‪ ،‬األعضاء يساندون ويقوون بعض هم‬

‫بعض‪ .‬في الوس يلة ’واح د إلى واح د‘‪ ،‬يجب على ال داعي أن يتح دث على الموض وع‬

‫الذي تتفق على التقدم فقط أو في محل اهتمام من المصالح العامة كفي تعليم الق رآن وفي‬

‫الحلق ة الدراس ية وفي الن دوات مثال‪ .‬وفي الوس يلة ’المحموع ة إلى المحموع ة‘‪ ،‬يتكلم‬

‫الدعاة المختلف ة عن ج وانب ال دعوة المختلف ة س واء ك انت في وقت واح د أم ام جماع ة‬

‫المشاهدين المختلفين أو يتكلم الداعي بعد األخرين أم ام نفس جماع ة المش اهدين كم ا في‬

‫المؤتمر‪ ،‬واالجتماعات العامة‪ ،‬والنقاشات‪ ،‬والندوات‪.‬‬

‫الحياة مزدحمة ج ًّدا في هذا اليوم‪ ،‬فلذلك معظم الن اس ال يس تطيعون أن يش اركوا‬

‫في اإلجتماع‪ .‬أفض ل وس يلة لتص ل إليهم هي خالل بس معي‪ ،‬أوبالفي ديو أوب التليفزيون‪.‬‬

‫الوسيلة الجديدة الحديثة في تبليغ الفكرة والرسالة إلى كل أفراد المجتم ع هي ب اإلنترنيت‪.‬‬

‫أفيد وسيلة الدعوة هي الخدم ة اإلجتم اعي‪ .‬وال ب د على ال داعي أن ي ورط ويش ارك في‬

‫رفاهة المجتمع توريطا ومشاركة تامة‪ .‬على الداعي أن يكون صديق للمجتمع س واء في‬

‫الوقت اليسير أو في والوقت العسير‪.‬‬

‫قال هللا تعالى‪{ :‬ادع إلى سبيل ربك بالحكم ة والموعظ ة الحس نة وج ادلهم ب التي‬

‫هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهت دين}(‪ .)۱۲٥:۱٦‬ه ذه‬

‫اآلية تدل إلى ثالثة الوسائل الختلفة للدعوة وهم بالحكمة وبالموعظ ة الحس نة وبالمجادل ة‬

‫الطيب ة‪ .‬يس تخدم ال داعي الحكم ة إذا يتخ ذ المن اهج والوس ائل المتع ددة طبق ا ألوق ات‬

‫واألمكان المختلفة‪ .‬والحكمة محصول من هللا تع الى‪ ،‬ق ال هللا تع الى‪{:‬ي ؤتي الحكم ة من‬

‫يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}(‪ .)۲٦٩:۲‬إذن‪ ،‬يجب على الداعي أن يمد‬

‫الدعوة في الوقت المناسب وفي الفرصة المناسبة ويبلغها إلى الذين يرغبون إليه بصرف‬

‫النظر عن مواقفهم ومراتبهم كما في قوله تعالى‪{:‬كال إنها تذكرة۝فمن شاء ذكره۝}(‬

‫‪.)۱۱:٨٠-۱۲‬‬
‫على الداعي أن يقدم الموعظة الحس نة‪ .‬والم راد هن ا ه و أن يره ق لكي يك ون‬

‫كريما حتى لمن الذين يعارضونه لقوله تعالى‪{:‬ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن يعلم بما‬

‫يصفون}(‪ )٩٦:۲٣‬وال يجوز له إن يبذر الوقت فيمن ال يستجيب دعوته لقوله تعالى‪{:‬ال‬

‫إكراه في الدين}(‪)۲٥٦:۲‬‬

‫في العام‪ ،‬ال يجوز للداعي أن يشارك في المناقشة والمن اظرة ولكن إذا ك ان يجب‬

‫عليه أن يشارك فيها‪ ،‬ال بد عليه أن يأتي بالمجادلة الحسنة والطيبة ويره ق أن يبتع د عن‬

‫إهانة األخرين‪ .‬قال هللا تعالى في القرآن الكريم‪{:‬وال تجادلوا أه ل الكت اب إال ب التي هي‬

‫أحسن إال الذين ظلموا منهم}(‪.)٤٦:۲٩‬‬

‫خالصة القول‪ ،‬إن ال دعوة إلى هللا س بحانه وتع الى مهم ة ج دا في تبلي غ الرس الة‬

‫اإلسالمية‪ ،‬وفيه بعض األم ور المهم ة ال تي ينبغي على ك ل ال دعاة أن يع رفهم ويفهمهم‬

‫معرفة تامة كم ا بحث المؤل ف في ه ذه المقال ة‪ .‬وال ب د على ال دعاة أن يتحل ون أنفس هم‬

‫بالعلوم المختلفة واآلدوات المتعددة والقدوة الحسنة لتصبح الدعوة مؤثرة على األخرين‪.‬‬