Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫نور الدني علوش‬ ‫الــتــرجــمــة‬ ‫مجتمع االحتقار ‪ :‬نحو نظرية نقدية جــديــدة‬

‫إمكانية للنظرية النقدية للحفاظ على رابط‬ ‫مجتمع االحتقار ‪ :‬نحو نظرية نقدية‬
‫املمارسة املؤسسة على مشروع التحرر‪.‬‬ ‫جديدة‬
‫إذن ي ـع ـت ـمــد اك ـس ـي ــل ه ــون ـي ــث ف ــي نـظــريـتــه‬
‫النقدية الجديدة على براكسيس يرتكز على‬
‫الطابع الصراعي ملا هو اجتماعي‪.‬‬ ‫ترجمة نورالدني علوش‪ -‬المغرب‬
‫ل ـه ــذا ن ـج ــده ي ـع ــود إلـ ــى أسـ ـت ــاذه هــابــرمــاس‬
‫الــذي وطــد العالقة بين النظرية واملمارسة‬
‫يعتبر الـفـيـلـســوف األملــانــي اكـسـيــل هونيث‬
‫لـلـحـفــاظ عـلــى ال ـطــابــع ال ـتــواف ـقــي ال ـتــذاوتــي‬
‫‪ ,‬م ــن ابـ ــرز مـمـثـلــي ال ـج ـيــل ال ـثــالــث ملــدرســة‬
‫مـقــابــل الـعـقــل االدات ـ ــي‪ .‬حـيــث ت ــم تـعــويــض‬
‫فـرانـكـفــورت الـتــي يــديــرهــا اآلن بعد أسـتــاذه‬
‫بـراديـغــم اإلن ـتــاج ( عـنــد مــاركــس) بـبـراديـغــم‬
‫هابرماس‪.‬‬
‫التواصل عند هابرماس؛ لكن هذا األخير لم‬
‫يبرز جيدا الطابع الصراعي ملا هو اجتماعي‪.‬‬ ‫اصــدر أخـيـرا كـتــابــا جــديـرا بــالـقـراءة عنونه‬
‫«م ـج ـت ـمــع االحـ ـتـ ـق ــار‪ :‬ن ـح ــو ن ـظ ــري ــة ن ـقــديــة‬
‫مــع ذل ــك فــإب ـراز ه ــذا املـفـهــوم ال ــذي يسمح‬
‫جــديــدة «عــن مـنـشــورات االك ـت ـشــاف سنة‬
‫بتعريف ما هو اجتماعي بطريقة كافية أي‬
‫‪.2006‬‬
‫استثمار حقل الصراعات واملواجهات التي‬
‫ت ـك ــون م ــادت ــه األس ــاس ـي ــة‪ ,‬ال ـت ــي ت ـت ـمــوقــع فــي‬ ‫فانطالقا من مفهوم االعتراف ( الصراع من‬
‫أصــولــه‪ .‬مــع العلم أن فوكو اقـتــرب مــن هذا‬ ‫اجــل االع ـت ـراف ‪ ) 2000‬فـتــح أفــاقــا جــديــدة‬
‫املفهوم لكن بطريقة دقيقة ‪ ,‬ال�شيء الذي‬ ‫ف ــي ال ـن ـظــريــة ال ـن ـقــديــة ع ــام ــة وفـ ــي ب ـرادي ـغــم‬
‫يـجـعــل اكـسـيــل هــونـيــث ي ـن ــدرج ف ــي الـتـقـلـيــد‬ ‫ال ـتــواصــل ال ــذي طـ ــوره هــابــرمــاس خــاصــة‪.‬‬
‫األمل ــان ــي الـفـلـسـفــي ‪ :‬ـك ــارل م ــارك ــس وهـيـغــل‬ ‫لألسف هذا األخير لم يبرز بما فيه الكفاية‬
‫وزيمل‪.‬‬ ‫الـطــابــع الـصـراعــي ملــا هــو اجـتـمــاعــي‪ ,‬فــي حين‬
‫أن ال ـف ـي ـل ـســوف اك ـس ـيــل هــون ـيــث أك ــد ا ن‬
‫فمن خالل ديالكتيك الصراع ‪,‬يرى اكسيل‬
‫الـصـراع من اجــل االعـتـراف» يعني بالدرجة‬
‫ه ــون ـي ــث ام ـك ــان ـي ــة ف ـه ــم م ــا ه ــو اج ـت ـم ــاع ــي ‪.‬‬
‫األول ــى إرادة الــوجــود الـتــي تكشف وتشجب‬
‫بالفعل ففهم هــذا األخـيــر مــن خــال اللغة‬
‫األم ـراض االجـتـمــاعـيــة واملـفــارقــات الناشئة‬
‫‪,‬يعتبر حسب هونيث اج ـراء اخـتـزالــي وذاتــي‬
‫للمجتمع الرأسمالي‪.‬‬
‫وهو في األخير خطا ابستيمولوجي ؛ متناسين‬
‫دع ــوة أش ـك ــال الـت ـفــاعــل غـيــر ال ـخـطــابــي أي‬ ‫في رأي اكسيل هونيث ‪,‬فادورنو بعمله على‬
‫جميع التعابير االشارية والرمزية والجسدية‬ ‫اخــذ مسافة على مــا هــو اجتماعي وبالتالي‬
‫للتفاعل االجتماعي‪.‬‬ ‫حقل أفعال قابلة بان يكون سلطة مضادة‬
‫مل ـب ــدأ الـهـيـمـنــة الـ ــذي ع ـمــل ع ـلــى وق ــف أيــة‬
‫فيما يخص األســس املمكنة لنظرية نقدية‬
‫العدد األول جولية ‪2012‬‬ ‫‪143‬‬ ‫مجلة‬
‫نور الدني علوش‬ ‫الــتــرجــمــة‬ ‫مجتمع االحتقار ‪ :‬نحو نظرية نقدية جــديــدة‬

‫هــو الــا وج ــود باملعنى االجـتـمــاعــي للكلمة (‬ ‫جــديــدة يــؤكــد هــونـيــث عـلــى حـضــور مفهوم‬
‫ص‪.)225‬‬ ‫االع ـت ـراف عـلــى أس ــاس االع ـت ـراف والـخـطــاب‬
‫‪,‬بالنسبة لــه ايــة نظرية اجتماعية تشتغل‬
‫فهذا الالوجود أو الوجود غير املرئي حسب‬ ‫على عكس هذا املفهوم فهي في الواقع تنكر‬
‫هــون ـيــث ‪,‬ي ـم ـكــن ف ـه ـمــه ب ــاع ـت ـب ــاره ال تـمـثـيــل‬
‫معيش املجتمع‪.‬‬
‫لآلخر أو باال حرى فهذا الدخول املسدود إلى‬
‫تمثيل اآلخــر‪ :‬يعني أن اآلخــر ليس له وجود‬ ‫من خالل أمراضه االجتماعية يفهم هونيث‬
‫ألنه مشار إليه انه غير قــادر على ان يذكر‬ ‫« الـعــاقــات وال ـت ـطــورات االجـتـمــاعـيــة الـتــي‬
‫بانه موجود او ما هو اشد ‪:‬غير قادر على ان‬ ‫تؤثر على تحقيق ال ــذات»( ص‪ )179‬فهذه‬
‫يكون معينا النه شفاف عير مرئي‪.‬‬ ‫األمـراض تظهر على شكل استيالب اي من‬
‫ف ــي ال ـف ـصــل ال ـس ــاب ــع ح ـيــث ي ـع ــرف ال ـكــاتــب‬ ‫خــال اغـتـراب ذواتـنــا عــن نفسها ‪ ,‬هــذا من‬
‫م ـف ـه ــوم االع ـ ـ ـت ـ ـ ـراف‪ ,‬انـ ـط ــاق ــا مـ ــن صـ ــورة‬ ‫خ ــال ش ــروط حـيــاتـنــا وعــاقـتـنــا م ــع اآلخ ــر‬
‫ممثلة ملا هو غير مرئي معالجا بإيجاز سريع‬ ‫ومــع الـعــالــم‪ .‬فـهــذه الـفـكــرة تــواجــه التقليد‬
‫االسـتـعــارة املـقـلــوبــة أي مـفـهــوم املــرئــي‪ .‬هــذا‬ ‫الذي رسخته مدرسة فرانكفورت بسيطرة‬
‫األخير يتضمن شكال أوليا لتحقيق الذات‪.‬‬ ‫العقل االداتي‪.‬‬
‫فاالعتراف املرئي االجتماعي يستلزم بالتالي‬ ‫ونفس األمــر ينطبق على اسـتــاذه هابرماس‬
‫اعـتـرافــا اجـتـمــاعـيــا‪ .‬وفــي نـفــس الــوقــت يقيم‬ ‫الذي شخص جيدا استعمار العالم املعيش‬
‫هونيث بالتمييز بين عــرف واعـتــرف ؛حيث‬ ‫من طرف األنساق في إطار عقالنية اداتية‪.‬‬
‫يشير إلى أن االعتراف بشخص يتضح أكثر‬
‫باالعتراف «يقيمته االجتماعية»‪.‬‬ ‫ف ـم ــا ي ــري ــد ه ــون ـي ــث إبـ ـ ـ ـرازه ب ــاالع ـت ـم ــاد عـلــى‬
‫مفهوم االعـتـراف وبمحاولته إب ـراز العالقة‬
‫ب ــرج ــوع ــه إلـ ــى أسـ ــس م ـي ـتــا فــزي ـقــا األخ ـ ــاق‪,‬‬ ‫بين الالعدالة واإلمراض االجتماعية هو ان‬
‫يــذكــرنــا هــون ـيــث ب ــاالح ـت ـرام الـ ــذي يــدعــو له‬ ‫‪:‬تطور املجتمع النيو ليبرالي يندرج في سياق‬
‫كانط ‪.‬وباعتماده على أعمال لويس اتوسير‬ ‫تـصـبــح ش ــروط تـحـقـيــق ال ــذات عـلــى األقــل‬
‫يــذكــرنــا هــونـيــث بــان هــذا األخـيــر اهـتــدى إلــى‬ ‫ملوثة وربما تشكل نقطة الالعودة‪.‬‬
‫أن اي م ـم ــارس ــة ل ــاع ـت ـراف الـ ـع ــام يـشـكــل‬
‫فــي األخ ـيــر املـيـكــانـيــزم امل ـع ـيــاري لـكــل أشـكــال‬ ‫فـهــذا الـتــوجـيــه جـعـلــه يبقى فــي إط ــار تقليد‬
‫االيدولوجيا(ص‪.)246‬‬ ‫فـلـسـفــي أمل ــان ــي يــرت ـكــز ع ـلــى جــدل ـيــة كــائــن ‪/‬‬
‫وج ــود أو بــاال حــرى عـلــى الـجــدل السلبي أو‬
‫ب ــال ــرج ــوع إلـ ــى ال ــدالل ــة املـ ــزدوجـ ــة ل ـلــذات ـيــة‪,‬‬ ‫االنفصال‪ .‬فمفهوم الهوية أو الالهوية هو‬
‫خ ـلــص ال ـتــوس ـيــر إل ــى أن ال ـف ــرد يـصـيــر ذات ــا‬
‫الــذي يقدم لنا مفهوم االعتراف‪ .‬بالتحديد‬
‫عندما يخضع ملعايير اجتماعية و انتظارات‬
‫إبراز الطابع الذاتي املشار اليه ‪ .‬فالالعتراف‬
‫مجتمعية الـتــي تـشـكــل مــع انـتـظــارت أخــرى‬
‫العدد األول جولية ‪2012‬‬ ‫‪144‬‬ ‫مجلة‬
‫نور الدني علوش‬ ‫الــتــرجــمــة‬ ‫مجتمع االحتقار ‪ :‬نحو نظرية نقدية جــديــدة‬

‫فـنـحــن أيـضــا أم ــام ذات أصـبـحــت متعددة‬ ‫للفرد هويته االجتماعية‪.‬‬


‫األبعاد‪ .‬فقدرة هذه األخيرة على تدبير هذه‬
‫الـهــويــات املـتـعــددة هــو الــرهــان األكـبــر الــذي‬ ‫فـ ـ ـ ــي الـ ـ ـفـ ـ ـص ـ ــل املـ ـ ـخـ ـ ـص ـ ــص ل ـ ـت ـ ـنـ ــاق ـ ـضـ ــات‬
‫تــواج ـه ـهــا أمـ ــام االن ـش ـط ــارت والـتـقـطـعــات؛‬ ‫الرأسمالية (ص ‪)275-303‬يقترب كثيرا من‬
‫التي ال تتوانى عن قلب توازنها بوضعها أمام‬ ‫تحليالت بــارســونــز الــذي يعتبر ان قــدرات‬
‫اختيار دائم الذي يلتزم باتيقاها الشخصية‬ ‫تحول املجتمع الرأسمالي ال تكمن فقط في‬
‫وسبب وجودها‪.‬‬ ‫حــاجــة التقويم املنهجي لـلـرأسـمــال بــل فــي ما‬
‫يسمى « فائض املصداقية» االتي من دوائر‬
‫املراجع‪ :‬اكسيل هونيث الصراع من اجل‬ ‫االع ـت ـراف ‪ .‬حـســب هــونـيــث يـمـكــن الـحــديــث‬
‫االعتراف منشورات سيرف ‪2000‬‬ ‫أالن عن ثورة نيوليبرالية من شانها تشجيع‬
‫ظ ـهــور نـتــائــج مـتـنــاقـضــة عـلـيـنــا مــواجـهـتـهــا‪. .‬‬
‫ج ــورج زيـمــل فلسفة امل ــال بــاريــس‬ ‫ف ـهــذه اآلثـ ــار الـجــانـبـيــة لـهــا تــأثـيــر عـلــى مـبــدأ‬
‫‪1999‬‬ ‫الفردانية‪.‬‬
‫هكذا يذكرنا هونيث بمفهوم فيبر للعقالنية‬
‫وتأثيرها على املجال االجتماعي والعاطفي‪ ,‬في‬
‫حين أن مفهوم الفردنة لدى دوركايم يرجع‬
‫إلى صيرورة استقاللية األفراد في مجتمعهم‬
‫وهـ ــذا م ــا يـشـكــل بــالـنـسـبــة لــزي ـمــل إمـكــانـيــة‬
‫األفراد في التعبير عن أفكارهم وقناعاتهم‪.‬‬
‫ه ــذه ال ـحــريــة املـكـتـسـبــة بــالـنـسـبــة لـهــونـيــث‬
‫كما ذكر جورج زيمل ‪,‬من شانها أن توصلنا‬
‫إل ــى قـيــم عــابــرة أو قـيــم خ ـي ــارات‪ .‬نـحــن اآلن‬
‫أمــام «عــودة الفرد» التي ترتكز أساسا على‬
‫ص ـي ــرورة ال ـف ــردن ــة؛ ف ـهــذه ال ـص ـيــرورة عمل‬
‫هــون ـيــث ع ـلــى رب ـط ـهــا ب ــال ـت ــواف ــق م ــع نـظــريــة‬
‫ال ـعــاقــة امل ــوض ــوع مل ـفـهــوم ال ـهــويــة م ــا بعد‬
‫الحداثة‪.‬‬
‫بــالـنـسـبــة لـهــونـيــث ال ـت ـطــورات االجـتـمــاعـيــة‬
‫فرضت على الفرد تكيفا و عودة إلى الذات‬
‫مطورا انفتاحه على العالم ومرونة داخلية‪.‬‬
‫فــإذا كنا أمــام «انــا «أكثر حياة وأكثر ثــروة ‪,‬‬

‫العدد األول جولية ‪2012‬‬ ‫‪145‬‬ ‫مجلة‬

You might also like