شرح حديث جابر في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- نسخة كاملة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫شرح حديث جابر في صفة حج النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪)1( -‬‬
‫الشيخ‪ /‬عبد الكريم الخضير‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ولي الصالحين‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬نبي أكمل هللا به الدين‪ ،‬وجعله حج ًة على الخالئق أجمعين‪ ،‬وبعثه رحم ًة للعالمين‪ ،‬فصلى هللا وسلم‬
‫وبارك عليه‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‪ ،‬ومن سار على نهجهم وسلك سبيلهم إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فيا أيها األخوة الفضالء‪ ،‬طالب العلم‪ ،‬نحييكم في مجلس من مجالس العلم‪ ،‬والى درس من دروس العلم‪ ،‬والى‬
‫عالم من أهل العلم‪ ،‬أما درسكم في هذه الليلة‪ ،‬وليلتين آتيتين ‪-‬إن شاء هللا‪ -‬فعنوانه‪ :‬شرح حديث جابر في صفة‬
‫حج رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬وأما علمنا وعالمنا في هذه الليلة فهو فضيلة الشيخ الدكتور‪ :‬عبد الكريم‬
‫بن عبد هللا الخضير‪ ،‬فحيا هللا فضيلته في هذا المسجد‪ ،‬وحيا هللا اإلخوة الكرام‪ ،‬وفي بدء المحاضرة نرحب بكم‬
‫جميعاً في هذا المجلس وقبل ذلك نشكر لفضيلة شيخنا شخوصه إلى هذا المسجد‪ ،‬وحضوره إلينا واليكم‪ ،‬ونسأل‬
‫هللا ‪-‬جل وعال‪ -‬أن يثيبه أحسن الثواب‪ ،‬وأن يجعل حضوره إلينا في ميزان حسناته‪ ،‬كما نسأل هللا ‪-‬جل وعال‪-‬‬
‫أن يلهمه التوفيق والسداد والرشد‪ ،‬وأن يوفقنا واياكم إلى ما يحب ويرضى‪ ،‬فإلى هذه المحاضرة والى هذا الدرس‬
‫الكريم‪ ،‬وفي بدء المحاضرة سأق أر حديث جابر على ما رواه اإلمام مسلم –رحمه هللا تعالى‪ -‬في صحيحه‪:‬‬
‫قال اإلمام مسلم ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ :-‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيبه واسحاق بن إبراهيم جميعاً عن حاتم قال أبو‬
‫بكر‪ :‬حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال‪ :‬دخلنا على جابر بن عبد هللا ‪-‬رضي‬
‫هللا عنه‪ -‬فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت‪ :‬أنا محمد بن علي بن حسين‪ ،‬فأهوى بيده إلى رأسي فنزع‬
‫ّ‬
‫زري األعلى ثم نزع زري األسفل‪ ،‬ثم وضع كفه بين ثديي‪ ،‬وأنا يومئذ غالم شاب‪ ،‬فقال‪ :‬مرحباً بك يا ابن‬
‫أخي‪ ،‬سل عما شئت؟ فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصالة‪ ،‬فقام في نساجة ملتحفاً بها كلما وضعها على‬
‫منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها‪ ،‬ورداؤه إلى جنبه على المشجر فصلى بنا فقلت‪ :‬أخبرني عن حجة رسول‬
‫هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬فقال بيده فعقد تسعاً فقال‪ :‬إن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬مكث تسع‬
‫حاج‪ ،‬فقدم المدينة بشر‬
‫سنين لم يحج‪ ،‬ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ّ -‬‬
‫كثير‪ ،‬كلهم يلتمس أن يأتم برسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ويعمل مثل عمله‪ ،‬فخرجنا معه حتى أتينا ذا‬
‫الحليفة فولدت أسماء بنت عميس ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬محمد بن أبي بكر ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬فأرسلت إلى‬
‫رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬كيف أصنع؟ قال‪(( :‬اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي)) فصلى رسول هللا‬
‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في المسجد‪ ،‬ثم ركب القصواء ثم إذا استوت به ناقته على البيداء‪ ،‬نظرت إلى مد‬
‫بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك‪ ،‬وعن يساره مثل ذلك‪ ،‬ومن خلفه مثل ذلك‪ ،‬ورسول هللا‬
‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬بين أظهرنا‪ ،‬وعليه ينزل القرآن‪ ،‬وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به‪،‬‬
‫فأهل بالتوحيد‪ :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك‪ ،‬وأهل‬
‫الناس بهذا الذي يهلون به‪ ،‬فلم يرد رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬عليهم شيئاً منه‪ ،‬ولزم رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬تلبيته‪ ،‬قال جابر ‪-‬رضي هللا عنه‪ :-‬لسنا ننوي إال الحج‪ ،‬لسنا نعرف العمرة‪ ،‬حتى إذا‬
‫{و َّات ِخ ُذوْا‬
‫أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثالثاً ومشى أربعاً‪ ،‬ثم نفذ إلى مقام إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪ -‬فقرأ‪َ :‬‬
‫يم ُم َصًّلى}[(‪ )521‬سورة البقرة] فجعل المقام بينه وبين البيت‪ ،‬فكان أبي يقول‪ :‬وال أعلمه ذكره إال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫من َّمَقامِ إْبَراه َ‬
‫عن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬كان يق أر في الركعتين قل هو هللا أحد‪ ،‬وقل يا أيها الكافرون‪ ،‬ثم رجع إلى‬
‫الركن فاستلمه‪..‬‬
‫بارك هللا فيك‪.‬‬
‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬أما‬
‫بعد‪:‬‬
‫ففي هذه الليالي المباركة ‪-‬إن شاء هللا تعالى‪ -‬نعرض بشيء من اإليجاز واالختصار مع التوضيح حسب‬
‫اإلمكان لحديث من أطول األحاديث في الصحيح‪ ،‬وهو حديث جابر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬في صفة حج النبي ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ ،-‬وحديث جابر حديث عظيم جليل عني به العلماء‪ ،‬وأوسعوه بحثاً‪ ،‬وألفوا فيه المؤلفات‪،‬‬
‫وهو حري بذلك وجدير‪.‬‬
‫ابن المنذر صنف كتاباً استنبط من الحديث ما يزيد على خمسين ومائة مسألة‪ ،‬وهو قابل ألكثر من ذلك‪ ،‬وشرح‬
‫الحديث في ليال معدودات إنما يكون من باب ما ال يدرك كله ال يترك جله‪ ،‬وان كان الجل أيضاً تجوز‪ ،‬إنما‬
‫نعرض بشرح الحديث بشيء من االختصار واإليجاز‪ ،‬ونقف وقوفاً نتمهل فيه قليالً عند بعض األحكام التي‬
‫تمس إليها الحاجة‪.‬‬
‫وجابر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬ضبط الحجة وأتقنها من خروجه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬من داره من المدينة إلى‬
‫رجوعه إليها‪ ،‬ولذلك يرجح كثير من أهل العلم ما يقع فيه التعارض بين حديثه وبين حديث غيره من الصحابة‪،‬‬
‫ولو كان الحديث اآلخر في الصحيح ‪-‬في البخاري مثالً‪ -‬ألن جاب اًر صارت له العناية التامة بحجة النبي ‪-‬عليه‬
‫الصالة والسالم‪ ،-‬فالحديث عظيم‪ ،‬ويحتاج شرحه واستيفاء مباحثه إلى بسط طويل‪ ،‬ووقت طويل جداً‪.‬‬
‫حديث جابر يرويه عن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬من أفعاله‪ ،‬ووصف الحجة من أولها إلى آخرها وهي‬
‫مخرجة في صحيح مسلم دون البخاري‪ ،‬فالحديث من أفراد مسلم‪ ،‬وان جاءت بعض جمله عن غير جابر من‬
‫الصحابة في الصحيح‪ ،‬وسيأتي التنبيه على شيء من ذلك ‪-‬إن شاء هللا تعالى‪.-‬‬
‫يقول اإلمام مسلم ‪-‬رحمه هللا تعالى‪" :-‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واسحاق بن إبراهيم جميعاً عن حاتم قال‬
‫أبو بكر‪ :‬حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني" الحديث يرويه اإلمام مسلم من طريق اثنين من شيوخه‪ ،‬وجرت‬
‫عادته ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬إذا روى الحديث عن اثنين أنه ينص على صاحب اللفظ‪ ،‬يبين صاحب اللفظ‪ ،‬كما أنه‬
‫يعنى عناي ًة فائقة ببيان فروق صيغ األداء بين الرواة‪ ،‬وهنا يقول‪" :‬جميعاً عن حاتم" فهل صيغة األداء هنا‬
‫العنعنة؟ هل يقصد اإلمام مسلم بقوله‪ :‬عن حاتم‪ ،‬أن كالً من أبي بكر بن أبي شيبة‪ ،‬واسحاق بن إبراهيم جميع ًا‬
‫قاال‪ :‬عن حاتم‪ ،‬يعني يرويان الحديث بصيغة العنعنة؟ ال‪ ،‬بدليل أنه قال‪ :‬قال أبو بكر‪ :‬حدثنا‪ ،‬وماذا عن‬
‫إسحاق؟ المعروف عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي‪ ،‬المعروف بابن راهويه أنه ال يقول في األداء إال أخبرنا‪ ،‬فهنا‬
‫صرح بالنسبة ألبي بكر‬‫(عن) ليس المراد بها بيان طريقة التحمل التي يعبر عنها بصيغة األداء هنا‪ ،‬نعم‪ّ ،‬‬
‫تحمله عن حاتم بن إسماعيل بطريق السماع‪ ،‬وأما إسحاق بن إبراهيم فال يقول‬
‫بقوله‪ :‬حدثنا‪ ،‬فعرفنا أن أبا بكر ّ‬
‫في صيغة األداء إال أخبرنا‪ ،‬ولذا يفسر المهمل إذا جاء إسحاق مهمالً في األسانيد‪ ،‬إذا كانت الصيغة أخبرنا‬
‫فهو إسحاق بن راهويه‪ ،‬إذا كانت الصيغة غير أخبرنا فهو غيره‪.‬‬
‫إذاً قوله‪" :‬جميعاً عن حاتم" هذا إخبار إجمالي عن الشيخين بأنهما تحمال الحديث عن حاتم بن إسماعيل من‬
‫غير تفصيل للصيغة التي نطق بها كل منهما‪ ،‬وعلى هذا إذا قال أهل العلم في كتب الرجال‪ ،‬روى عن فالن‬
‫وفالن وفالن‪ ،‬وروى عنه فالن وفالن وفالن‪ ،‬هل معنى هذا أنه ال يروي عنه إال بصيغة العنعنة؟ ال‪ ،‬هو مجرد‬
‫إثبات أن هذا الشيخ من شيوخه فالن وفالن وفالن‪ ،‬ومن تالميذه فالن وفالن وفالن‪.‬‬
‫قال أبو بكر‪" :‬حدثنا حاتم بن إسماعيل" قد يقول قائل‪ :‬لماذا أعاد اإلمام مسلم أبا بكر ولم يعد إسحاق؟ عرفنا‬
‫أن اإلمام مسلم يعنى ببيان صاحب اللفظ‪ ،‬فيقول‪ :‬حدثنا فالن وفالن‪ ،‬واللفظ لفالن‪ ،‬هنا ما ذكرها‪ ،‬لكن جاء‬
‫بأسلوب آخر‪" ،‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واسحاق بن إبراهيم جميعاً عن حاتم قال أبو بكر" أعاد أبا بكر‬
‫ألنه هو صاحب اللفظ‪ ،‬وهذه طريقة منهج له إذا أعاد أحد الرواة فإنه يكون صاحب اللفظ‪ ،‬واال فاألصل أن‬
‫اإلمام مسلم ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬يبين صاحب اللفظ فينص عليه فيقول‪ :‬واللفظ لفالن‪ ،‬وهذه مما يتميز أو يمتاز‬
‫به صحيح مسلم عن غيره‪ ،‬العناية الفائقة بذكر الفروق بين الرواة سواء كانت في المتون أو في األسانيد‪ ،‬اإلمام‬
‫البخاري ال يعتني بذلك كثي اًر‪ ،‬فال يبين صاحب اللفظ‪ ،‬ال يعنى بذلك‪ ،‬يهمه أن يكون المتن محفوظ عن من ينقله‬
‫عنه ولو بالمعنى‪.‬‬
‫إذا روى اإلمام البخاري الحديث عن شيخين ولم يبين صاحب اللفظ فابن حجر يقول‪ :‬ظهر باالستقراء من عادته‬
‫أن اللفظ يكون لألخير منهما‪ ،‬لألخير وليس لألول‪ ،‬عادة مسلم يبين صاحب اللفظ‪ ،‬البخاري يكون اللفظ لألخير‬
‫منهما‪ ،‬وهذه قاعدة ظهرت من استقراء ابن حجر لكنها أغلبية وليست كلية‪ ،‬بدليل أنه يوجد في الصحيح أحاديث‬
‫يرويها البخاري من طريق اثنين وينص الحافظ في الشرح على أن اللفظ لألول‪ ،‬لفالن‪ ،‬وهو األول في السياق‪.‬‬
‫قد يقول قائل‪ :‬إذا كان مسلم ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬يعنى ببيان صاحب اللفظ بدقة‪ ،‬ويعتني بفروق الروايات فيذكر‬
‫هذه الفروق وان كان ال يترتب عليها فائدة‪ ،‬قد يكون الفرق لفظة بدل لفظة ال يترتب عليها كبير فائدة‪ ،‬أو زيادة‬
‫حرف أو نقص حرف‪ ،‬وهذا ما يمتاز به من هذه الحيثية‪ ،‬فهل ينصح من أراد الحفظ أن يبدأ بصحيح مسلم كما‬
‫يصنعه بعضهم؛ ألن اإلمام مسلم يعنى باأللفاظ‪ ،‬ويتحرى فيها‪ ،‬ثم يأخذ ما زاد على ذلك من زوائد البخاري أو‬
‫العكس؟ اإلخوة الذين يعنون بالحفظ بل يشرفون على من يحفظ يوجهون الناس إلى البدء بصحيح مسلم‪ ،‬لما‬
‫عرفنا أنه يعتني باأللفاظ بدقة‪ ،‬ثم يأخذون ما زاد في البخاري على مسلم‪ ،‬لكن هل هذا منهج صحيح؟ أو نقول‪:‬‬
‫البداءة بالبخاري ثم تؤخذ زوائد مسلم؛ ألن البخاري أصح عند جماهير أهل العلم؟‬
‫نص ب ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننالترجيح‬
‫محمن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نند وخ ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ّ‬ ‫أول من ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننن ص ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نننف ف ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نني الص ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننحيح‬
‫ومسلم بعد‪ ..‬الخ ما قال ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ ،-‬أقول‪ :‬ال بد من العناية بالبخاري أوالً‪ ،‬ثم تؤخذ الزيادات من‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬وال يختلف اإلمام البخاري عن مسلم في جواز الرواية بالمعنى‪ ،‬كل منهما يجيز الرواية بالمعنى‪،‬‬
‫فكون اللفظ الذي بين أيدينا في صحيح مسلم اعتنى فيه مسلم ببيان فروق الروايات ال يعني أن اللفظ الموجود‬
‫في صحيح مسلم هو اللفظ النبوي‪ ،‬نعم هو اللفظ لفالن‪ ،‬ويحتمل أن يكون فالن رواه بالمعنى‪ ،‬وجمهور أهل‬
‫العلم يجيزون الرواية بالمعنى‪ ،‬شريطة أن يكون الراوي عارف بمدلوالت األلفاظ‪ ،‬وما يحيل المعاني‪ ،‬هذا قول‬
‫جمهور أهل العلم‪ ،‬فليس معنى هذا أن األلفاظ الموجودة في صحيح مسلم ومتون األحاديث هي ألفاظ النبي ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ ،-‬هي ألفاظ من نسبت إليه من الرواة بدقة‪ ،‬لكن هؤالء الرواة رووها عن النبي ‪-‬عليه‬
‫الصالة والسالم‪ -‬بالمعنى‪ ،‬وقد تكون باللفظ‪ ،‬واألمر كذلك في صحيح البخاري‪ ،‬هي مروية بالمعنى ألن جمهور‬
‫أهل العلم يجيزون الرواية بالمعنى‪ ،‬وقد يكون بعضها بلفظه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أو جله‪.‬‬
‫ومن باب االستطراد أهل العلم ينصحون المتفقه إذا أراد أن يتفقه في السنة أن يقدم أبا داوود والترمذي على‬
‫الصحيحين‪ ،‬هذا استطراد ال عالقة له بما نحن فيه‪ ،‬لقرب الفائدة منهما‪ ،‬ثم بعد ذلكم يعنى بالصحيحين‪ ،‬ثم‬
‫المرحلة الثالثة النسائي وابن ماجة‪.‬‬
‫"قال أبو بكر‪ :‬حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن أبيه" جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‬
‫طالب المعروف بالصادق‪ ،‬عن أبيه‪ :‬أبوه محمد الباقر –محمد بن علي بن الحسين بن علي زين العابدين بن‬
‫الحسين سبط رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ابن علي بن أبي طالب‪ ،‬والسند كما ترون فيه جعفر بن محمد‬
‫وأبوه جعفر الصادق ومحمد الباقر وهما ثقتان‪ ،‬مخرج لهما في الصحيح وغيره‪ ،‬وقد عظمت عليهما الفرية عند‬
‫قوم زاغت قلوبهم فأكثروا من الوضع عليهما‪ ،‬وافتروا عليهما وبنوا دينهم على ما ينقل عنهما مما كان أكثره في‬
‫عداد الموضوعات‪ ،‬وأهل السنة أهل اإلنصاف ال يقولون‪ :‬جعفر الصادق روجت عليه األحاديث ما ذنبه هو؟ فال‬
‫نروي عنه‪ ،‬يرووا عنا‪ ،‬يخرجون له في الصحيح‪ ،‬وروايته معتمدة عند أهل العلم‪.‬‬
‫"قال‪ :‬دخلنا على جابر بن عبد هللا فسأل عن القوم" ينبغي للمزور أن يسأل الزائرين أو الزائر عن اسمه ونسبه‬
‫كي ينزله منزلته‪ ،‬لحديث عائشة‪ :‬أمرنا أن ننزل الناس منازلهم‪ ،‬هكذا في مقدمة صحيح مسلم‪ ،‬وفي غيره بصريح‬
‫األمر‪(( :‬أنزلوا الناس منازلهم)) فكون الشخص يزور اآلخر ثم يخرج واآلخر ال يعرف من حاله شيء‪ ،‬وال يعرف‬
‫من هو؟ وقد يكون ممن ينبغي أن يعتنى به أو يكون عنده شيء يمكن أن يستفاد منه ويخرج كما دخل ال بد أن‬
‫يسأل وهذا من منهج السلف‪ ،‬من أنت؟ أو من القوم؟ فيعرفون بأنفسهم‪ ،‬فالن بن فالن بن فالن‪ ،‬بما يحصل به‬
‫التعريف‪.‬‬
‫ولذا قال‪" :‬فسأل عن القوم حتى انتهى إلي‪ ،‬فقلت‪ :‬أنا محمد بن علي بن حسين‪ ،‬فأهوى بيده إلى رأسي فنزع‬
‫ّ‬
‫زري األعلى ثم زري األسفل‪ ،‬ثم وضع كفه بين ثديي‪ ،‬وأنا يومئذ غالم شاب‪ ،‬فقال‪ :‬مرحباً بك يا ابن أخي"‬
‫أهوى بيده إلى رأسي يداعبه‪ ،‬ويتلطف معه‪ ،‬ويؤنسه وهذا من المودة في القربى‪ ،‬ألنه من بيت النبوة‪ ،‬فنزع زري‬
‫األعلى ثم نزع زري األسفل‪ ،‬من أجل أن يدخل يده‪ ،‬يقول‪ :‬ثم وضع كفه بين ثديي‪ ،‬شيخ كبير صحابي جليل قد‬
‫عمي يفعل هذا مع شاب‪ ،‬ومثل هذا إذا ترتبت عليه المصلحة‪ ،‬وأمنت المفسدة ال بأس به‪ ،‬إذا ترتبت عليه مثل‬
‫هذه المصلحة‪ ،‬مصلحة التأنيس ال بأس‪ ،‬لكن هل يسوغ لكل شخص أن يدخل يده أو كفه بين ثديي شاب؟ أهل‬
‫العلم صرحوا بأن النظر إلى األمرد حرام‪ ،‬جمهورهم إذا كان لشهوة وأطلق بعضهم التحريم كالنووي ولو لم يكن‬
‫لشهوة‪ ،‬لكن هذا شيخ كبير قد عمي‪ ،‬وهذا من بيت النبوة‪ ،‬يحتاج إلى مزيد عناية لوصية النبي ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ -‬بأهل بيته‪ ،‬ثم وضع كفه بين ثديي‪ ،‬في هذا ما يدل على أنه يقال‪ :‬الثدي بالنسبة للرجل كالمرأة‪ ،‬وان‬
‫قال بعضهم‪ :‬أن الثدي خاص بالمرأة‪ ،‬ويقال للرجل ثندوة‪.‬‬
‫"وأنا يومئذ غالم شاب‪ ،‬فقال‪ :‬مرحباً بك يا ابن أخي" وأنا يومئذ غالم شاب‪ ،‬بلغ الحلم واال ال؟ ال‪ ،‬يعني‬
‫صغير‪ ،‬ما يتصور أن رجل كبير قد بلغ الحلم فك أزرار وتوضع الكف بين ثدييه‪ ،‬هذا بالنسبة للكبار قد يكون‬
‫قبيح‪ ،‬لكن شاب صغير يداعب بمثل هذا ال بأس‪ ،‬بالقيد الذي ذكرناه‪ ،‬ومع أمن الفتنة‪.‬‬
‫محمد بن علي يروي الحديث وهو غالم شاب‪ ،‬ومن شرط الرواية أن يكون الراوي مكلفاً‪ ،‬أن يكون ناقل الخبر‬
‫مكلف قد بلغ الحلم‪.‬‬
‫والفقن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننه فن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نني قبن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننول ناقن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننل الخبن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننر‬ ‫أجم ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننع جمه ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننور أئم ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننة األث ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننر‬
‫أي يقظن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ناً ول ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننم يك ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننن مغف ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننال‬ ‫ب ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننأن يكن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننون ض ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننابطاً معن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نندالً‬
‫كتاب ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننه إن ك ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننان من ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننه ي ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننروي‬ ‫يحف ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننظ إن ح ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نندث حفظن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ناً يح ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننوي‬
‫إلى أن قال‪:‬‬
‫من فسق‪ ...‬الخ‬ ‫قد بلغ الحلم سليم الفعل‬
‫المقصود أن بلوغ الحلم أمر ال بد منه لقبول الرواية‪ ،‬ولذلك يشترطون في قبول الشهادة وقبول الرواية أن يكون‬
‫الراوي والشاهد مكلفاً؛ ألن الصبي ال يؤمن أن يزيد أو ينقص أو يكذب في خبره أو في شهادته؛ ألنه غير‬
‫مكلف‪ ،‬نقول‪ :‬نعم‪ ،‬هذا أمر نقل عليه االتفاق لكنه في حال األداء‪ ،‬ال في حال التحمل‪ ،‬يصح تحمل الصغير‪،‬‬
‫ويصح تحمل الكافر‪ ،‬ويصح تحمل الفاسق‪ ،‬لكن إنما يطلب الكمال وتوافر الشروط عند األداء‪ ،‬إذا أراد أن يؤدي‬
‫ما تحمل ال بد أن تكتمل شروطه‪ ،‬أما في حال التحمل فتقبل رواية الصبي إذا كان ممي اًز‪.‬‬
‫مجة مجها النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬في وجهه‬ ‫في صحيح البخاري في حديث ابن محمود الربيع أنه عقل ّ‬
‫من دلو وهو ابن أربع سنين أو خمس سنين الذي في الصحيح خمس سنين‪ ،‬جاء في بعض الروايات خارج‬
‫الصحيح ابن أربع سنين‪ ،‬ولذا جعل أهل العلم الحد الفاصل لقبول الرواية خمس‪ ،‬لكن الحديث ال يدل على‬
‫التحديد‪ ،‬كون محمود عقل وهو ابن خمس سنين ال يعني أن غيره يعقل وهو ابن خمس سنين‪ ،‬فقد يعقل قبل‬
‫ذلك‪ ،‬وقد ال يعقل إال إذا تجاوز هذا السن‪.‬‬
‫على كل حال توفر الشروط ال بد منه لكن في حال األداء‪ ،‬وأما في حال التحمل يقبل تحمل الصبي الصغير‬
‫وتحمل الكافر والفاسق‪.‬‬
‫"وأنا يومئذ غالم شاب فقال‪ :‬مرحباً" هذه كلمة تتبادل في التحية وهي سنة‪ ،‬ثبت في الصحيح أن أم هانئ بنت‬
‫أبي طالب قالت‪ :‬السالم عليك يا رسول هللا فقال‪(( :‬مرحباً بأم هانئ)) وأهل العلم يختلفون في رد التحية بمرحباً‪،‬‬
‫هل يكفي أو ال بد من أن ترد التحية بأحسن منها أو مثلها؟ فيقال‪ :‬وعليكم السالم ورحمة هللا‪ ،‬مرحباً‪ ،‬ما حفظ‬
‫عنه أنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬في حديث أم هانئ أنه قال‪ :‬وعليك السالم مرحباً‪ ،‬ولذا قال بعضهم‪ :‬يجزئ‬
‫الرد بمرحباً‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬أنه ال يجزئ بل ال بد أن ترد التحية بأحسن منها أو بمثلها‪ ،‬وكون الرواة لم ينقلوا‬
‫عنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أنه قال‪ :‬وعليك السالم‪ ،‬ال يعني أنه لم يقع‪ ،‬فإذا ثبت الحكم بدليل شرعي ال يلزم‬
‫أن ينقل في جميع األدلة‪ ،‬ال يلزم أن تتظافر عليه األدلة‪ ،‬فتركه الراوي للعلم به‪.‬‬
‫"فقال‪ :‬مرحباً بك يا ابن أخي‪ ،‬سل عما شئت‪ ،‬فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصالة‪ ،‬فقام في نساجة" في‬
‫بعض األصول الموثقة في ساجة بدون نون‪ ،‬وصححها بعضهم وخطأ النون‪ ،‬خطأ ما عندنا في نساجة‪ ،‬لكنها‬
‫ثابتة في بعض الروايات المعتمدة‪.‬‬
‫"فقام في نساجة ملتحفاً بها" يقول‪" :‬فصلى بنا" وهو أعمى‪ ،‬فصالة األعمى وامامة األعمى صحيحة ال إشكال‬
‫فيها‪ ،‬والمفاضلة بينه وبين المبصر مسألة خالفية بين أهل العلم فمنهم من يرى أن األعمى أفضل من المبصر‬
‫لإلمامة‪ ،‬ألنه ال يرى ما حوله فال ينشغل بل يقبل على صالته‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬ال‪ ،‬المبصر أولى‪ ،‬وصالته‬
‫أكمل؛ ألنه هو الذي يتحرز عن النجاسات‪ ،‬وما يؤثر على الصالة‪.‬‬
‫والقول المرجح في هذه المسألة أن مرد التفضيل إلى حديث أبي مسعود‪(( :‬يؤم القوم أقرؤهم لكتاب هللا))‪ ..‬إلى‬
‫آخر ما في الحديث‪ ،‬وليس فيه كونه مبصر‪ ،‬وال كونه أعمى‪ ،‬وبهذا نعرف ضعف من يقول من أهل العلم بأمور‬
‫بنوا عليها التفضيل وال دليل فيها‪ ،‬حتى قال بعضهم‪ :‬أفضلهم أجملهم وجهاً‪ ،‬بعضهم قال‪ :‬أكبرهم رأساً‪ ،‬بعضهم‬
‫قال‪ :‬أجمل امرأة‪ ،‬بعضهم قال‪ .. :‬الخ‪ ،‬أشياء مضحكة‪ ،‬ال وزن لها في الشرع‪ ،‬فكيف يفضل فيها في أفضل‬
‫مقام في الصالة؟!‬
‫"فقام في نساجة" النساجة كساء يشبه الطيلسان‪" ،‬ملتحفاً بها كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من‬
‫صغره ورداؤه إلى جنبه" عنده رداء آخر لكن يريد أن يبين لهم القدر المجزئ في السترة‪ ،‬وأنه ال بد أن تستر‬
‫العورة‪ ،‬وستر العورة شرط عند أهل العلم‪.‬‬
‫"كلما وضعها على منكبه" أيضاً ستر المنكب واجب في الصالة‪ ،‬وفرق بين الشرط والواجب‪ ،‬ستر العورة شرط‪،‬‬
‫وستر المنكب واجب‪ ،‬جاء في الحديث الصحيح‪(( :‬ال يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه‬
‫شيء)) والمراد هنا بالعاتق الجنس‪ ،‬بدليل الرواية األخرى‪(( :‬ليس على عاتقيه منه شيء)) فال بد من ستر‬
‫بناء على رواية‪(( :‬ليس على عاتقه)) كلما‬
‫العاتقين‪ ،‬وان كان المعروف عن اإلمام أحمد أنه يكفي أحد العاتقين ً‬
‫وضعها على منكبه رجع طرفاها‪ ،‬المنكب هو الكتف‪ ،‬أو هو مجتمع رأس العضد مع الكتف‪ ،‬رجع طرفاها إليه‬
‫من صغرها‪ ،‬ورداؤه إلى جنبه على المشجب‪ ،‬المشجب ما تعلق عليه الثياب‪ ،‬كالشماعة‪.‬‬
‫"فصلى بنا‪ ،‬فقلت‪ :‬أخبرني عن حجة رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فقال بيده فعقد تسعاً" طريقة الحساب‬
‫باألصابع جاء بعضها في المرفوع وبعضها في الموقوف‪ ،‬وهي طريقة عربية تعرف فيها األعداد من غير نطق‪،‬‬
‫باألصابع‪ ،‬أصابع اليد اليمنى لها أرقام‪ ،‬وأصابع اليد اليسرى لها أرقام‪ ،‬وعقود كل إصبع له رقم‪ ،‬كل عقد له‬
‫رقم‪ ،‬وهي طريقة مهجورة‪ ،‬هجرت‪ ،‬كانت معروفة ثم هجرت‪ ،‬من أراد معرفة شيء عنها فليرجع إلى فتح الباري‬
‫في الجزء الثالث عشر صفحة (ص‪ )801‬وسبل السالم والتلخيص وغيرها من كتب أهل العلم‪.‬‬
‫"فعقد تسعاً" يريد أن يبين أن الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬مكث تسع سنين‪ ،‬وقد بين‪.‬‬
‫"فقال‪ :‬أن الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬مكث تسع سنين لم يحج‪ ،‬ثم أذن بالناس في العاشرة" الرسول ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ -‬حج قبل الهجرة‪ ،‬وهذه الحجة على طريقة قومه مما ورثوه عن ملة إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪-‬‬
‫وان خالف قومه في الوقوف بعرفة‪ ،‬وهذه الحجة يدل عليها حديث جبير بن مطعم في الصحيح وهو أنه أضل‬
‫بعي اًر له فوجده بعرفه‪ ،‬وجد النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬واقف مع الناس وتعجب فقال‪ :‬ما بال هذا يقف هنا‬
‫وهو من الحمس؟ الحمس ال يخرجون من الحرم‪ ،‬فكونه يتعجب يدل على أنه قبل أن يسلم؛ ألن جبير بن مطعم‬
‫إنما وقر اإليمان في قلبه لما جاء في فداء أسرى بدر في السنة الثانية للهجرة‪ ،‬والحجة هذه كانت قبل الهجرة‪،‬‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لما هاجر‪ ،‬والخالف في الثانية أيضاً‪ ،‬الحجة ثانية‪ ،‬لكن هناك من النصوص ما‬
‫يدل على أنه حجة ثانية‪ ،‬وهل كانت قبل الهجرة أو بعدها؟ على كل ليست هي حجة اإلسالم‪ ،‬إنما حجة اإلسالم‬
‫التي وقعت بعد فرض الحج إنما هي التي شرحها جابر في هذا الحديث‪.‬‬
‫"فقال‪ :‬إن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن‬
‫رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬حاج" أعلم الناس‪ ،‬وأبلغوا الخبر أن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬حاج في‬
‫هذه السنة‪ ،‬يعني يريد الحج‪ ،‬من أجل أن يحضر المسلمون ليقتدوا به‪.‬‬
‫"فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ "-‬الرسول حج في السنة‬
‫العاشرة‪ ،‬والخالف بين أهل العلم في الحج هل فرض في السادسة أو التاسعة أو العاشرة معروف؟ لكن المرجح‬
‫عند أهل التحقيق أنه إنما فرض في السنة التاسعة‪ ،‬ولم يحج النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬في السنة التاسعة‬
‫بل بعث أبا بكر لكي يؤذن بالناس أن ال يحج بعد العام مشرك‪ ،‬وأن ال يطوف بالبيت عريان؛ ألن النبي ‪-‬عليه‬
‫حج كما هو الواقع‪.‬‬
‫الصالة والسالم‪ -‬يكره هذه المناظر وال يطيق مشاهدتها‪ ،‬فإذا نظف البيت من هذه المناظر ّ‬
‫يترتب على الخالف في وقت فرض الحج الخالف في الحج نفسه‪ ،‬هل هو على الفور أو على التراخي؟ من‬
‫قال‪ :‬أنه فرض سنة ست قال‪ :‬أنه على التراخي؛ ألن النبي مكث سنين ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لم يحج‪ ،‬لم‬
‫يحج إال سنة عشر‪ ،‬ومن قال‪ :‬أنه فرض سنة تسع‪ ،‬وأخر الحج عن تسع إلى عشر للعلة المذكورة أو قال‪:‬‬
‫فرض سنة عشر قال‪ :‬إن الحج على الفور‪ ،‬وكونه على الفور هو المرجح عند أهل العلم‪.‬‬
‫والحج ركن من أركان اإلسالم إجماعاً‪ ،‬لحديث عبد هللا بن عمر ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬وغيره‪(( :‬بني اإلسالم على‬
‫خمس‪ :‬شهادة أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محمداً رسول هللا‪ ،‬واقام الصالة‪ ،‬وايتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان والحج)) أو‪:‬‬
‫((والحج وصوم رمضان)) على الخالف بين الرواة في ذلك‪.‬‬
‫اإلمام البخاري ‪-‬رحمه هللا‪ -‬قدم الحج على الصيام لكونه أهم عنده‪ ،‬والرواية الثابتة عنده في تقديم الحج على‬
‫الصيام من حديث عبد هللا بن عمر أرجح من تقديم الصيام على الحج‪.‬‬
‫"يقول‪ :‬إن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬حاج فقدم المدينة بشر كثير" يقربون من مائة وعشرين ألفاً‪،‬‬
‫حزروا بهذا العدد‪ ،‬منهم من زاد ومنهم من نقص‪ ،‬لكن هذا هو المعدل بين األقوال‪ ،‬بشر كثير كلهم يلتمس أن‬
‫يأتم برسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ويعمل مثل عمله‪ ،‬هذا األصل في العبادات أن تأتي مطابقة لفعله ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ ،-‬إذ شرط كل عبادة أن تكون خالصة لوجه هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ ،-‬وأن تكون على هدي‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬واذا كان أهل العلم يوصون الحجاج‪ ،‬وهذا مستفيض في المناسك‪ ،‬أن يكون‬
‫الحاج بصحبة طالب علم أو عالم لتكون أفعاله على المطلوب شرعاً‪ ،‬فإذا كان هذا بالنسبة لمن يعرف شيئاً من‬
‫العلم‪ ،‬فكيف باالئتساء بمن أمرنا باالقتداء به واالئتساء به؟! استجاب الصحابة لما أذن بهم‪ ،‬فأعلن أن النبي ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ -‬حاج‪.‬‬
‫"فقدم المدينة بشر كثير‪ ،‬كلهم يلتمس أن يأتم برسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ويعمل مثل عمله"‬
‫يقول‪" :‬فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة‪ ،‬فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر" ولدت‪ ،‬خرجت إلى‬
‫الحج وهي على أبواب الوالدة ‪-‬مشارف الوالدة‪ -‬ولدت بعد بضعة أميال‪ ،‬وهذا من حرصهم ‪-‬من حرص‬
‫الصحابة‪ -‬على المسارعة إلى إبراء الذمة من الواجبات من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى االقتداء به ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،-‬فرصة قد ال تتكرر وقد حصل‪ ،‬لو تأخرت بسبب الحمل‪ ،‬والذي يغلب على الظن أنها قد وصلت إلى‬
‫حد الطلق قبل خروجها من بيتها‪ ،‬اآلن ومع تراخي الناس وتساهلهم في المسارعة والمبادرة إلى الخيرات تجد‬
‫الشخص يتعلل بعلل واهية‪ ،‬يتأخر عن الحج بسبب إكمال الدراسة‪ ،‬إيش عالقة الدراسة بالحج؟ يتعلل بتأخير‬
‫الحج وهو على الفور كما سمعنا بسبب الزواج مثالً‪ ،‬أو ألنه مشغول‪ ،‬وقد يتعلل بعضهم بأن وقت الحج يأتي‬
‫في إجازة‪ ،‬واإلجازة فرصة بأن يخرج هو وزمالؤه وأقرانه في رحلة مثالً‪ ،‬كل هذه علل واهية تدل على رقة في‬
‫الدين‪.‬‬
‫بعض النساء أو بعض الرجال يقول‪ :‬المرأة مجرد ما تحلل وتبين لها أنها حملت أو حبلت خالص ما يحتاج‬
‫تحج السنة هذه‪ ،‬تنتظر إلى سنة أخرى لئال يسقط هذا الحمل‪ ،‬أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر الصديق أفضل‬
‫األمة بعد نبيها‪ ،‬خرجت وولدت بعد بضعة أميال محمد بن أبي بكر‪.‬‬
‫"فأرسلت إلى رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬كيف أصنع؟ قال‪(( :‬اغتسلي واستثفري))" والسنة االغتسال‬
‫عند اإلحرام؛ ألن هذه وهي نفساء قيل لها‪ :‬اغتسلي‪ ،‬أمرت به‪ ،‬فهو في حق الطاهر آكد‪ ،‬واستثفري يعني ضعي‬
‫على موضع الدم شيئاً يمنع خروجه لئال يتلوث البدن والثوب والبقعة بالدم‪ ،‬يعني تحفظي‪ ،‬وأحرمي‪ ،‬وهذا الحكم‬
‫بالنسبة للحائض والنفساء‪ ،‬حكمهما واحد‪ ،‬تغتسالن وتحرمان وتفعالن كل ما يفعله الحاج‪ ،‬غير أنهما ال تطوفان‬
‫بالبيت‪ ،‬كما في حديث عائشة‪.‬‬
‫"فصلى رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في المسجد ثم ركب القصواء" هذه الصالة يقول النووي‪ :‬أنها صالة‬
‫الصبح؛ ألن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬صلى الظهر بالمدينة ثم خرج فصلى بالحليفة العصر والمغرب‬
‫والعشاء والفجر‪ ،‬ثم أحرم بعد ركعتي الفجر‪ ،‬الفريضة‪ ،‬هذا على قول النووي‪ ،‬والذي رجحه ابن القيم أنه انتظر‬
‫إلى الظهر‪ ،‬صلى الظهر ركعتين ثم أحرم بعدهما‪ ،‬فيكون مكث يوم وليلة في الميقات‪ ،‬وهو بضعة أميال عن‬
‫المدينة‪ ،‬قد يقول قائل‪ :‬لماذا يشق على الناس فيخرج بهم من بيوتهم ويجلس يوم كامل بعد بضعة أميال؟ هذا‬
‫فعل المعصوم ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وله فوائد‪ ،‬ولعل منها‪ :‬أن يتذكر من تذكر شيئاً نسيه‪ ،‬أو يلحق بهم من‬
‫تخلف‪ ،‬ولغير ذلك من الفوائد المرتبة على فعله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪.-‬‬
‫المقصود أن هذا هو الحاصل‪.‬‬
‫"فصلى رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في المسجد ثم ركب القصواء" الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫أحرم بعد الصالة‪ ،‬وهي صالة الصبح على قول النووي أو صالة الظهر على قول ابن القيم‪ ،‬فدل على أنه‬
‫ينبغي أن يكون اإلحرام بعد صالة‪ ،‬وجاء األمر بالصالة قبل اإلحرام‪ ،‬في صحيح البخاري‪(( :‬صل في هذا‬
‫الوادي المبارك وقل‪ :‬عمرة في حجة)) وال نعلم ما لو لم تكن أو لم يكن إحرامه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬بعد‬
‫الفريضة ماذا سيصنع؟ ولذا يرى جمهور أهل العلم أن اإلحرام له صالة فإن وقع بعد فريضة فهو أولى‪ ،‬وان لم‬
‫يقع بعد فريضة صلى ركعتين لإلحرام‪ ،‬وهذا مذهب العلماء كافة‪ ،‬كما قال النووي وابن عبد البر وغيرهما‪ ،‬نقل‬
‫الخالف عن الحسن البصري وبعض التابعين‪ ،‬من أهل العلم من يقول‪ :‬أنه ليس هناك صالة لإلحرام‪ ،‬وانما وقع‬
‫اتفاقاً أنه صلى الفريضة ثم أحرم‪ ،‬لكن األمر‪(( :‬صل في هذا الوادي المبارك)) يعني غاية ما في األمر أنها‬
‫تداخلت صالة اإلحرام مع صالة الظهر‪ ،‬ومعلوم أنه إذا اجتمع هناك عبادتان‪ ،‬صغرى وكبرى‪ ،‬لم تكن إحداهما‬
‫متعلقة باألخرى‪ ،‬وال يكون فعلها على جهة القضاء‪ ،‬فإنها تدخل إحداهما في األخرى‪ ،‬تدخل الصغرى في‬
‫الكبرى‪ ،‬وهذه قاعدة عند أهل العلم‪ ،‬على أن من الشافعية من يرى أنها صالة خاصة فال تدخل في الفرض‪ ،‬وال‬
‫تجزئ عنها الفريضة‪ ،‬بل ال بد من هاتين الركعتين لإلحرام‪.‬‬
‫على كل حال جماهير أهل العلم بل هو مذهب أهل العلم كافة فيما نقله النووي وغيره ولم يخالف في ذلك إال‬
‫نفر يسير أن اإلحرام له صالة‪ ،‬وعلى كل حال إن وافق فريضة فبها ونعمت وهو األولى واألكمل خروجاً من‬
‫الخالف‪ ،‬وان لم يوافق ويصادف فريضة وكان الوقت وقت مطلق غير وقت نهي فاألولى أن يصلي اإلنسان‬
‫ركعتين ليقع إحرامه بعد الصالة‪ ،‬إن كان الوقت وقت نهي ثبت في الصحيح عن عقبة بن عامر من حديث‬
‫عمر وغيره النهي عن الصالة في أوقات النهي‪ ،‬فال تعارض هذه النواهي بمثل هذه السنة‪.‬‬
‫طالب‪......:‬‬
‫ما يلزم‪ ،‬المقصود أنه جاء األمر‪(( :‬صل في هذا الوادي المبارك)) هل المقصود في هذا الوادي نفسه؟ بمعنى‬
‫أنه كل من مر بهذا الوادي المبارك ينبغي أن يصلي سواء أراد أن يحرم أو ال؟ قال بهذا أحد من أهل العلم؟ أو‬
‫نقول‪ :‬المراد بن(صل) في هذا الوادي صل الفريضة أو صل لإلحرام؟ احتمال‪ ،‬وأهل العلم يقولون‪ :‬إذا كان األمر‬
‫يحتمل التأسيس والتأكيد فحمله على التأسيس أولى؛ ألن التأكيد يفقده معناه‪ ،‬إيش معنى هذا الكالم؟ لو قلنا‪ :‬أن‬
‫معنى قوله‪(( :‬صل في هذا الوادي المبارك)) صلي الظهر‪ ،‬تأكيد ألوامر سابقة ال بد أن يصلي الظهر‪ ،‬واذا‬
‫قلنا‪ :‬أن المراد بقوله‪(( :‬صل في هذا الوادي المبارك)) صل لإلحرام‪ ،‬صار تأسيس حكم جديد‪ ،‬وأهل العلم‬
‫يقولون‪ :‬التأسيس خير وأولى من التأكيد؛ ألن التأكيد يفقد الحديث فائدته‪ ،‬كيف يصلي وقد أمر بالصالة؟ فهو‬
‫مصلي مصلي‪ ،‬هذا فرض ال بد أن يصلي‪.‬‬
‫وعلى كل حال البحث في هذه المسألة يطول‪ ،‬ومثل ما ذكرنا ينبغي أن يصلي اإلنسان إذا كان الوقت من‬
‫األوقات المطلقة‪ ،‬وليس من أوقات النهي‪.‬‬
‫"فصلى رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته في البيداء نظرت إلى‬
‫مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك‪ ،‬وعن يساره مثل ذلك‪ ،‬ومن خلفه مثل ذلك‪ ،‬ورسول‬
‫فأهل بالتوحيد" (فأهل) العطف على إيش؟ على‬‫هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬بين أظهرنا"‪ ...‬إلى أن قال‪ّ " :‬‬
‫ركب‪ ،‬ثم ركب فأهل‪ ،‬معنى هذا أنه لم يهل حتى ركب؛ ألن العطف بالفاء إيش يقتضي؟ الترتيب‪ ،‬معنى هذا أنه‬
‫لم يهل إال بعد أن ركب القصواء‪.‬‬
‫واستوت به على البيداء‪ ،‬وجاء في الحديث الصحيح من حديث ابن عمر‪" :‬بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على‬
‫رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فتقول‪ :‬أنه أهل من البيداء‪ ،‬إنما أهل من المسجد" فالرسول ‪-‬عليه الصالة‬
‫أهل عند الشجرة‪ ،‬جاءت بذلك الروايات في‬‫أهل على البيداء‪ّ ،‬‬
‫أهل‪ّ ،‬‬
‫والسالم‪ -‬لما صلى أهل‪ ،‬لما ركب ناقته ّ‬
‫الصحيح‪ ،‬وال تعارض بين هذه الروايات كلها‪ ،‬أهل النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لبى‪-‬عليه الصالة والسالم‪،-‬‬
‫أهل منه‪ ،‬فمن‬
‫واإلهالل رفع الصوت بالتلبية في هذه المواضع كلها‪ ،‬فكل من سمعه في مكان نقل عنه أنه ّ‬
‫سمعه أهل بالمسجد نقل أنه أهل بالمسجد‪ ،‬ومن سمعه أه ّل على البيداء بعد أن ركب الدابة حينما استوت به‬
‫دابته إنما سمعه في ذلك الوقت‪ ،‬ولم يسمعه قبل ذلك‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فال تعارض بين هذه الروايات‪.‬‬
‫طالب‪........‬‬
‫حديث ابن عمر في الصحيح‪ ،‬ما يحتاج‪.‬‬
‫طالب‪.......‬‬
‫أهل رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬من‬ ‫التي تكذبون فيها على رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬إنما ّ‬
‫أهل رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬من البيداء‪ ،‬أنه لم يهل‬
‫المسجد؛ ألنه يفهم‪ ،‬فهم ابن عمر من قولهم إنما ّ‬
‫أهل قبل ذلك‪ ،‬وال ينفي ابن عمر أنه أهل على البيداء أو إلى الشجرة‪ ،‬أو بعدما ركب‬
‫قبل ذلك‪ ،‬فأراد أن يبين أنه ّ‬
‫دابته‪ ،‬ال‪ ،‬ال ينفي هذا‪.‬‬
‫"حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري" مد نهاية البصر‪ ،‬غاية ما يدركه البصر‪،‬‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬األفصح أن يقول‪ :‬مدى بصري‪ ،‬وال يقال‪ :‬مد بصري‪ ،‬إلى مد بصري بين يديه‪.‬‬
‫إيش المشكلة؟ أيهما أصح؟‬
‫أحد المشايخ الحضور في الدرس‪ :‬منكم نستفيد يا شيخ‪.‬‬
‫ال بعض الشراح يقول‪ :‬مدى بصري أفصح من مد‪ ،‬على كل حال هي ثابتة في النص الصريح الصحيح‪.‬‬
‫"إلى مد بصري بين يديه من راكب وماشي" فالصحابة منهم الراكب ومنهم الماشي‪ ،‬بإق ارره ‪-‬عليه الصالة‬
‫اس ِباْلح ِج يأ ُْتوك ِرج ًاال وعَلى ُك ِل َض ِ‬
‫امر}[(‪ )72‬سورة الحنج] رجاالً الواو‪ :‬هنا‬ ‫ّ‬ ‫َّ َ َ َ ََ‬ ‫{وأَِّذن ِفي َّ‬
‫الن ِ‬ ‫والسالم‪ ،-‬وجاء‪َ :‬‬
‫للتخيير أو للتقسيم؟‬
‫أحد المشايخ الحضور في الدرس‪ :‬منكم نستفيد يا شيخ‪.‬‬
‫ما يمنع يا شيخ‪ ،‬شيخنا في هذا الباب‬
‫أحد المشايخ الحضور في الدرس‪ :‬ال نتكلم هنا أبداً بين يديكم‪.‬‬
‫الواو هنا للتقسيم‪ ،‬يعني قسم منهم راكب‪ ،‬قسم منهم رجال وقسم منهم ركبان‪ ،‬وهنا "بين يديه من راكب وماش"‬
‫فالحج ماشياً جائز‪ ،‬والحج راكب جائز‪ ،‬والمفاضلة بينهما عند أهل العلم معروفة‪ ،‬منهم من يفضل الحج ماشياً‪،‬‬
‫يقول‪ :‬أنه أكثر مشقة‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬الحج راكباً أفضل لكونه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬حج راكباً‪ ،‬وال شك أن‬
‫المشقة الناشئة عن المشي ليست مقصودة‪ ،‬ليست بمقصد شرعي‪ ،‬المشقة لذاتها‪ ،‬نعم إذا ثبتت تبعاً لعبادة‪ ،‬تبعاً‬
‫لما أمر به أجر عليها اإلنسان‪ ،‬فاألجر على قدر المشقة‪ ،‬على قدر النصب‪ ،‬هذا إذا كان مما أمر به‪ ،‬أو جاء‬
‫تبعاً لما أمر به‪ ،‬أما أن يقصد‪ ،‬تقصد المشقة ويقصد التعب‪ ،‬ويقصد اإلنسان بذلك األجر؟ وعلى هذا إذا‬
‫استطاع أن يركب فاألفضل في حقه أن يركب‪ ،‬وهللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬عن تعذيب هذا نفسه لغني؟‬
‫يقول‪" :‬بين يديه من راكب وماش‪ ،‬وعن يمنيه مثل ذلك‪ ،‬وعن يساره مثل ذلك‪ ،‬ومن خلفه مثل ذلك" من جميع‬
‫الجهات إال أنه لم يذكر أمامه‪ ،‬هل ذكر أمامه؟ قال‪" :‬بين يديه" وبين يديه هذا أمامه‪ ،‬بين يديه وين بيكون؟‬
‫أمامه‪ ،‬يعني من جميع الجهات مد البصر‪ ،‬خلق كثير‪ ،‬أكثر من مائة ألف جاؤوا ليحجوا معه ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ -‬ويقتدوا به ويأتسوا به‪.‬‬
‫"ورسول هللا بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن‪ ،‬وهو يعرف تأويله" نعم‪ ،‬الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬هو الذي‬
‫يعرف تأويل القرآن‪ ،‬ويتأول القرآن‪ ،‬وعليه ينزل ال على غيره‪ ،‬وتأويل النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬للقرآن يجب‬
‫المصير إليه‪ ،‬وحينئذ ال يجوز االجتهاد في التفسير مع وجود النص المرفوع عنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪.-‬‬
‫"وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به" جابر يغري بهذا السامع أن يأخذ بما يرويه جابر ‪-‬رضي‬
‫هللا عنه‪ -‬أنه ال يقول شيء عن اجتهاده‪ ،‬وانما ينقل ما عمل به النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وعملوه معه‪.‬‬
‫فأهل بالتوحيد" اإلهالل رفع الصوت‪ ،‬والتوحيد هي التلبية المتضمنة للتوحيد ونفي الشرك‪ ،‬وصيغة التلبية التي‬
‫" ّ‬
‫أهل بها ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ما ذكره جابر ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬فأهل بالتوحيد‪ :‬لبيك‪ ،‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك‬
‫ّ‬
‫ال شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك‪ ،‬ال شريك لك‪.‬‬
‫أهل الناس بهذا الذي يهلون به" زادوا على تلبيته ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫"و ّ‬
‫لزم هذه التلبية التي هي التوحيد‪ ،‬وفيها التنصيص على نفي الشرك‪ ،‬ال شريك لك‪ ،‬وهو في ذلك يخالف ما جاء‬
‫عن المشركين الذين يقولون‪ :‬إال شريكاً هو لك تملكه وما ملك‪ ،‬هذا الشرك بعينه ‪-‬نسأل هللا العافية‪ -‬فالنبي ‪-‬‬
‫يهل بالتوحيد هلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬ويقول‪ :‬ال شريك لك‪.‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ّ -‬‬
‫"وأهل الناس بهذا الذي يهلون به" فحفظ عن عمر ألفاظ وعن ابنه ألفاظ‪ ،‬وعن أبي موسى وعن غيره من‬
‫أهل الناس‬
‫الصحابة صيغ للتلبية‪ ،‬يسمعهم النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وال ينكر عليهم‪ ،‬ولذا قال جابر‪" :‬و ّ‬
‫بهذا الذي يهلون به‪ ،‬فلم يرد رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬شيئاً منه‪ ،‬ولزم رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬تلبيته" لزم رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬تلبيته التي ذكرت هنا‪ ،‬فالزيادة على هذه الصيغة مما جاء‬
‫عن الصحابة ال بأس بها؛ ألن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬سمعها وأقرها‪ ،‬وال بأس بذلك‪ ،‬لكن التزام ما أثر‬
‫عنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ولزمه ولم يزد عليه أولى‪ ،‬فكونه يقر الجائز غير كونه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫حيز الجواز‪.‬‬
‫يبدأ بالمشروع‪ ،‬ال شك أن ما حفظ عنه ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أولى مما أقره‪ ،‬وان كان الكل في ّ‬
‫قال جابر ‪-‬رضي هللا عنه‪" :-‬لسنا ننوي إال الحج‪ ،‬لسنا نعرف العمرة" ال يعرفون العمرة يعني في أشهر الحج‪،‬‬
‫واال فالرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬اعتمر قبل ذلك‪ ،‬فهم يعرفون العمرة‪ ،‬اعتمر النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫عمرة الحديبية وعمرة القضاء وعمرة الجعرانة قبل ذلك‪ ،‬فهم يعرفون أصل العمرة‪ ،‬مشروعية العمرة‪ ،‬لكن مع الحج‬
‫ال يعرفونها‪ ،‬في أشهر الحج ال يعرفونها؛ ألن العمرة في أشهر الحج عند العرب من أفجر الفجور‪.‬‬
‫"لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثالثاً ومشى أربعاً" حتى إذا أتينا البيت استلم‬
‫الركن‪ ،‬واالستالم سنة‪ ،‬يستلمه بيده‪ ،‬وان تيسر تقبيله فهو سنة‪ ،‬ومشروع إن لم يتيسر التقبيل استلمه باليد‪ ،‬إن لم‬
‫يتيسر االستالم باليد أشار إليه بما في يده من محجن ونحوه واال فباليد‪ ،‬ومع هذا االستالم يكبر‪.‬‬
‫"فرمل ثالثاً" رمل رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ثالثاً ومشى أربعاً‪ ،‬والرمل اإلسراع في المشي مع تقارب‬
‫الخطى‪ ،‬ومشى أربعاً‪ ،‬والسبب في هذا الرمل‪ ،‬المشركون في عمرة القضاء قالوا‪ :‬إنه يقدم محمد وأصحابه وقد‬
‫وهنتهم حمى يثرب‪ ،‬فجلسوا مما يلي الحجر‪ ،‬ولذا كان ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬يرمل من الركن إلى اليماني‬
‫اء عليهم‪ ،‬ثم رمل بعد ذلك من الركن إلى الركن في حجة‬
‫ويمشي بينهما‪ ،‬رمل ثالثة أشواط‪ ،‬ومشى أربعة إبق ً‬
‫الوداع‪ ،‬فأصل الرمل شرع لسبب‪ ،‬وهو قول المشركين‪ :‬يقدم محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب‪ ،‬لكن في‬
‫حجة الوداع هل هناك من يقول‪ :‬يقدم محمد‪ ...‬الخ‪ ،‬ليس هناك من يقول‪ ،‬فالحكم شرع لسبب وارتفع السبب‪،‬‬
‫وأهل العلم يقولون‪ :‬الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً‪ ،‬العلة ارتفعت والسبب انتهى‪ ،‬ليس هناك من يقول‪ :‬يقدم‬
‫محمد وأصحابه‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫لكنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬رمل في حجة الوداع من الركن إلى الركن فيكون هذا من األحكام التي شرعت‬
‫لسبب فارتفع السبب وبقي الحكم‪ ،‬كالقصر في الصالة‪ ،‬القصر في الصالة سببه الخوف‪ ،‬وقد نص عليه في‬
‫الصالَ ِة ِإ ْن ِخ ْف ُت ْم}[(‪ )101‬سورة النساء] إن خفتم بهذا القيد‪ ،‬شرع القصر‬
‫اح أَن َت ْق ُصُروْا ِم َن َّ‬
‫س َعَلْي ُك ْم ُجَن ٌ‬
‫اآلية { َفَلْي َ‬
‫بسبب الخوف في السفر ثم ارتفع‪ ،‬فصار القصر صدقة تصدق هللا بها‪ ،‬فيقصر اإلنسان وهو آمن ما يكون‪،‬‬
‫ومثله ما معنا‪ ،‬شرع الرمل لعلة فارتفعت العلة‪ ،‬ارتفع السبب وبقي الحكم‪.‬‬
‫يم ُم َصًّلى}[(‪ )171‬سورة البقرة] فجعل المقام‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{و َّاتخ ُذوْا من َّمَقامِ إْبَراه َ‬
‫"ثم نفذ إلى مقام إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪ -‬فقرأ‪َ :‬‬
‫بينه وبين البيت"‪.‬‬
‫"نفذ إلى مقام إبراهيم" المقام هو الحجر الذي فيه أثر القدمين إلبراهيم ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬والصيغة تحتمل الحجر‬
‫ومكان الحجر‪ ،‬يعني الموضع الذي قام فيه إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬أو الحجر الذي قام عليه إبراهيم ‪-‬عليه‬
‫السالم‪ ،-‬فهو مقام‪ ،‬مقامك يعني مكانك الذي قمت فيه‪ ،‬فقيل‪ :‬المراد الحجر‪ ،‬الحصاة التي فيها أثر القديمين‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬المراد به المكان‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بمقام إبراهيم جميع المشاعر التي وقف فيها إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬لكن‬
‫كونه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬يعمد إلى هذا المكان الخاص من البيت ويق أر اآلية دل على أن المقام في الحرم‪،‬‬
‫واذا قلنا‪ :‬أن المراد من المقام الحصاة تعلقت المشروعية بها‪ ،‬واذا قلنا‪ :‬أن المراد المقام المكان تعلقت المشروعية‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم} يعني المكان الذي قام فيه‪ ،‬المقام كان مالصقاً للكعبة‪ ،‬أبعد عنها في عهد عمر‬ ‫{و َّاتخ ُذوْا من َّمَقامِ إْبَراه َ‬
‫به‪َ ،‬‬
‫‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬من أجل حاجة الطائفين‪ ،‬أو أبعده السيل كما في بعض الروايات‪ ،‬المقصود أنه ليس في‬
‫مكانه األصلي‪ ،‬فإذا قلنا‪ :‬أن المراد بالمقام الحجر قلنا‪ :‬أن مشروعية الصالة خلف هذا الحجر وجعله بين‬
‫المصلي وبين الكعبة‪ ،‬ولو أخر عن الكعبة يعني لو اقتضت المصلحة أن يؤخر الحجر أيضاً عن مكانه إلى‬
‫أروقة مثالً‪ ،‬هل نقول‪ :‬أن ركعتي الطواف متعلقة بهذا الحجر؟ ولو أبعد عن الكعبة؟ أو نقول‪ :‬المراد المكان‪،‬‬
‫فنقصد المكان الذي قام فيه إبراهيم وهو مقامه فنصلي فيه بغض النظر عن الحجر الذي فيه أثر القدمين‪،‬‬
‫والصيغة محتملة‪ ،‬لكن األكثر على أن المراد بالمقام الحجر‪ ،‬وعلى هذا لو صلى اإلنسان تأخر عن أساس‬
‫{و َّات ِخ ُذوْا ِمن‬
‫الكعبة متر واحد وصلى؟ جعل المقام الحجر خلفه‪ ،‬هل نقول‪ :‬أنه أصاب السنة وامتثل األمر‪َ :‬‬
‫يم ُم َصًّلى}[(‪ )171‬سورة البقرة]؟ هذا المكان الذي قام فيه إبراهيم؟ أو نقول‪ :‬ال بد أن تستقبل هذا الحجر‬ ‫ِ ِ‬
‫َّمَقامِ إْبَراه َ‬
‫وتضعه بينك وبين الكعبة؟ أقول‪ :‬اللفظ محتمل‪ ،‬ولو قيل‪ :‬بأن المراد األمران معاً‪ ،‬الحجر الموجود في هذا‬
‫المكان‪ ،‬لئال يلزم عليه أنه لو أخرج الحجر عن الكعبة‪ ،‬لو اجتهد والي من الوالة‪ ،‬وقال‪ :‬يبعد ألنه يعوق‬
‫الطائفين فيبعد‪ ،‬اقتضى نظره ذلك‪ ،‬نتبع هذا الحجر؟ أو المراد به الحجر الموجود في هذا المكان الذي قام عليه‬
‫إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪-‬؟‪.‬‬
‫ولذا يختلف أهل العلم في جواز إبعاد المقام عن مكانه‪ ،‬إذا كان الذي أبعده أول مرة عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪-‬‬
‫اجتهد وأبعده‪ ،‬وهو خليفة راشد‪ ،‬أمرنا باالقتداء به‪(( ،‬عليكم بستني وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي))‬
‫((اقتدوا بالذين من بعدي)) خليفة راشد‪ ،‬لكن لو جاء غيره؟ وألف في المقام رسائل بين مجيز ومانع‪ ،‬فلتراجع هذه‬
‫الرسائل‪.‬‬
‫يم ُم َصًّلى} فجعل المقام بينه وبين البيت"‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{و َّاتخ ُذوْا من َّمَقا ِم إْبَراه َ‬
‫"فقرأ‪َ :‬‬
‫طالب‪.......:‬‬
‫إذاً فاتت الركعتان يأتي حكمهما ‪-‬إن شاء هللا‪.-‬‬
‫"فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول" فكان أبي جعفر الصادق يقول‪ :‬فكان أبي يعني أبوه الباقر يقول‪:‬‬
‫"وال أعمله ذكره إال عن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬كان يق أر في الركعتين قل هو هللا أحد‪ ،‬وقل يا أيها‬
‫الكافرون" وثبت الرفع صريحاً بسند صحيح عند البيهقي وغيره‪ ،‬وهنا يقول‪ :‬لما جاء فيه بلفظ العلم انتفى الشك‬
‫للتنافي وللتنافر بين الشك والعلم‪ ،‬نعم هناك تنافر بين الشك والعلم المثبت‪ ،‬لكن العلم المنفي‪ ،‬اآلن‪" :‬وال أعلمه‬
‫ذكره إال عن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬كان يق أر" هذا تفيد شك واال ما تفيد شك؟ هذا علم‪ ،‬والعلم هو‬
‫االعتقاد الجازم الذي ال يساوره أدنى شك‪ ،‬إن احتمل النقيض ولو بنسبة يسيرة نزل عن مرتبة العلم إلى الظن‪،‬‬
‫إذا استوى األمران صار شكاً‪ ،‬إذا نزل عن حد االستواء الطرف المقابل للظن هو الوهم‪ ،‬والمقابل للعلم هو‬
‫الكذب‪.‬‬
‫"فكان أبي يقول‪ :‬وال أعلمه ذكره إال عن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬كان يق أر في الركعتين قل هو هللا أحد‪،‬‬
‫وقل يا أيها الكافرون" هو يق أر في الركعتين‪ ،‬فيق أر في الركعة األولى قل يا أيها الكافرون‪ ،‬وفي الركعة الثانية قل‬
‫هو هللا أحد‪ ،‬وهنا الواو عاطفة‪ ،‬لكنها ال تدل على الترتيب‪ ،‬هي لمطلق الجمع وليست للترتيب هنا‪ ،‬كما هو‬
‫األصل فيها‪ ،‬فكان يق أر في الركعتين قل هو هللا أحد‪ ،‬وقل يا أيها الكافرون‪ ،‬وهما سورتا اإلخالص‪ ،‬يستحب‬
‫قراءتهما في ركعتي الطواف‪ ،‬وفي ركعتي الصبح‪ ،‬ركعتي المغرب‪ ،‬في آخر الوتر؛ ألن اإلنسان وهو يطوف‬
‫بالبيت والبيت من حجارة قد يتوهم متوهم أن لهذه الحجارة شيئاً من هذا العمل‪ ،‬فإذا انتهى من طوافه وصلى‬
‫الركعتين وق أر بهاتين السورتين –سورتي اإلخالص‪ -‬انتفى وارتفع ما كان يتوهمه‪ ،‬ولو من بعد‪.‬‬
‫"كان يق أر في الركعتين قل هو هللا أحد‪ ،‬وقل يا أيها الكافرون‪ ،‬ثم رجع إلى الركن فاستلمه"‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬الطواف هذا الذي طافه النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ألن الصواب في حجه على ما سيأتي أنه كان‬
‫قارناً‪ ،‬فالطواف طواف القدوم‪ ،‬وهو سنة عند جمهور العلماء‪ ،‬ويشرع فيه الرمل واالضطباع‪ ،‬والرمل أشرنا إليه‬
‫وجاء ذكره في الحديث‪ ،‬واالضطباع جعل وسط الرداء تحت اإلبط األيمن ورمي طرفي الرداء على الكتف‬
‫األيسر‪ ،‬وهو سنة‪.‬‬
‫وركعتا الطواف عن د جمهور العلماء سنة ال شيء في تركهما‪ ،‬لكنها من السنن المؤكدة‪ ،‬ومنهم من يقول‪:‬‬
‫بوجوبهما؛ ألن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬هكذا فعل وقال‪(( :‬خذوا عني مناسككم)) ومنهم من يفصل‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬هما تبع للطواف‪ ،‬إن كان الطواف واجباً فهما واجبتان‪ ،‬وان كان الطواف مسنوناً فهما سنة‪ ،‬وعلى كل‬
‫حال قول جماهير أهل العلم أنهما من السنن المؤكدة‪ ،‬ويكون فعلهما في هذا المكان خلف المقام هذا األفضل‪،‬‬
‫وفي أي مكان من الحرم فعلهما جاز‪ ،‬وفي خارج الحرم أيضاً يجوز؛ ألن عمر صالهما بذي طوى‪.‬‬
‫طالب‪.........:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{و َّاتخ ُذوْا من َّمَقامِ إْبَراه َ‬
‫يم‬ ‫ألن الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬نفذ إلى مقام إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪ -‬فق أر‪َ :‬‬
‫ُم َصًّلى}[(‪ )171‬سورة البقرة]‪ ..‬وهناك فوق الصفا قال‪(( :‬ابدؤوا ما بدأ هللا به)) –على ما سيأتي‪ -‬فقرأ‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫الص َفا‬
‫آئ ِر ِ‬
‫ّللا}[(‪ )111‬سورة البقرة]‪.‬‬ ‫واْلمروَة ِمن َشع ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫طالب‪.......:‬‬
‫الرسول فعل ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وهو القدوة‪.‬‬
‫طالب‪ :‬ثم رجع إلى الركن فاستلمه إيش المقصود من الرجوع؟‬
‫نشوفها ‪-‬إن شاء هللا‪.-‬‬
‫طالب‪........:‬‬
‫يصليهما في أي مكان‪ ،‬ألنها سنة خاصة متعلقة بفعل‪ ،‬لذا عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬صالهما بذي طوى؛ ألن‬
‫عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬طاف بعد الصبح ثم خرج من المسجد فلما وصل ذا طوى صلى الركعتين في حديث‬
‫جابر عند أحمد وغيره أنهم لم يكونوا يطوفون بعد الصبح وبعد العصر‪ ،‬وبفعل عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬استدل‬
‫البخاري على أن ركعتي الطواف ال تفعالن في وقت النهي‪ ،‬للطائف أن يطوف لكن الصالة يتأخر فيهما حتى‬
‫يخرج وقت النهي‪ ،‬وهذه مسألة يطول بحثها‪ ،‬فهذه إشارة فقط‪.‬‬
‫من العلماء من قال في قوله‪" :‬ثم رجع إلى الركن فاستلمه" أن هذا خاص بطواف القدوم‪ ،‬إذا فرغ من طواف‬
‫القدوم صلى الصالة خلف المقام رجع إلى الحجر األسود ثم استلمه‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬يسن استالمه بعد كل‬
‫طواف‪ ،‬يصلي ركعتين ثم يستلم‪ ،‬واذا طاف الشروط معروفة والهيئات أيضاً معلومة هيئة الطواف‪ ،‬والتكبير كما‬
‫جاء في الحديث الصحيح "كلما حاذ الحجر كبر" فيدخل في ذلك بداية الطواف ونهايته‪ ،‬أما بداية كل شوط فهذا‬
‫ال إشكال فيه‪ ،‬وال يخالف فيه أحد‪ ،‬لكن إذا فرغ من الطواف يكبر واال ما يكبر؟ مقتضى قوله‪" :‬كلما حاذ الركن‬
‫كبر" أنه يكبر في نهاية السابع‪ ،‬وفي حديث جابر عند أحمد‪ ،‬قال ابن حجر بإسناد حسن‪ :‬كنا نطوف مع النبي‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬فنستلم الحجر الفاتحة والخاتمة‪ ،‬يعني في بداية الطواف وفي نهايته‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫االستالم هو األصل‪ ،‬فإذا لم يتمكن الطائف من االستالم فإنه يستلم بشيء في يده إما محجن أو غيره‪ ،‬أو يشير‬
‫إذا لم يستطع ذلك‪ ،‬فاإلشارة المقرونة بالتكبير نائبة مناب االستالم‪ ،‬واذا كانوا يمسحون الركن الفاتحة والخاتمة‬
‫فعلى هذا يشرع التكبير في الفاتحة والخاتمة؛ ألنه بدل‪.‬‬
‫نقف عند السعي‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫طالب‪ :‬استقبال الحجر هل‪.......‬‬
‫جاء ما يدل على االستقبال عند البيهقي‪ ،‬لكن كون التكبير واإلشارة باليد‪ ،‬الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لما‬
‫كان راكباً يشير إلى الحجر بمحجن فهل معنى هذا أنه يقف أذا حاذ الحجر ويستقبل وهو راكب أو مجرد إشارة‬
‫فقط؟ االستقبال بجميع البدن؟ لعله لو استقبله بوجهه وأشار إليه كفاه‪.‬‬
‫اللهم صل على محمد‪.‬‬
‫طالب‪........:‬‬
‫ما يستقبله بكامل جسمه‪ ،‬لو استقبله بوجهه وأشار إليه بيده كفى‪.‬‬
‫طالب‪........:‬‬
‫هنا عندنا حديث‪ ،‬حديث النبي معنا‪ ،‬هذا الذي معنا‪ ،‬يعني لو قلنا‪ :‬بأن الواو تقتضي الترتيب دل على ما قلت‪،‬‬
‫لكن الواو لمطلق الجمع‪ ،‬ال تقتضي الترتيب‪ ،‬وبينته الرواية األخرى عند البيهقي بسند على شرط مسلم‪" :‬أنه ق أر‬
‫في األولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية‪ :‬قل هو هللا أحد"‪.‬‬
‫اللهم صل على عبدك ورسولك محمد‪.‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫شرح حديث جابر في صفة حج النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪)2( -‬‬
‫الشيخ‪ /‬عبد الكريم الخضير‬
‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله‪:‬‬
‫قال جابر بن عبد هللا ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬في صفة حج رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ " :-‬ثم خرج من‬
‫آئ ِر ِ‬
‫الص َفا واْلمروَة ِمن َشع ِ‬
‫ّللا}[(‪ )111‬سورة البقرة] ((أبدأ بما بدأ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الباب إلى الصفا‪ ،‬فلما دنا من الصفا قرأ‪ِ{ :‬إ َّن َّ َ َ ْ َ‬
‫هللا به)) فبدأ بالصفا‪ ،‬فرقي عليه‪ ،‬حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد هللا وكبره‪ ،‬وقال‪(( :‬ال إله إال هللا وحده‬
‫ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ال إله إال هللا وحده‪ ،‬أنجز وعده‪ ،‬ونصر عبده‪،‬‬
‫وهزم األحزاب وحده)) ثم دعا بين ذلك‪ :‬قال مثل هذا ثالث مرات‪ ،‬ثم نزل إلى المروة‪ ،‬حتى إذا انصبت قدماه‬
‫في بطن الوادي سعى‪ ،‬حتى إذا صعدتا مشى‪ ،‬حتى أتى على المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا‪،‬‬
‫حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال‪(( :‬لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي‪ ،‬وجعلتها‬
‫عمرة‪ ،‬فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل‪ ،‬وليجعلها عمرة)) فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال‪ :‬يا رسول‬
‫هللا ألعامنا هذا أم ألبد؟ فشبك رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أصابعه واحد ًة في األخرى‪ ،‬وقال‪(( :‬دخلت‬
‫العمرة في الحج ‪-‬مرتين‪ -‬ال بل ألبد األبد)) وقدم علي من اليمن ببدن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فوجد‬
‫ّ‬
‫فاطمة ‪-‬رضي هللا عنها ممن حل‪ ،‬ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت‪ ،‬فأنكر ذلك عليها‪ ،‬فقالت‪ :‬إن أبي أمرني‬
‫بهذا‪ ،‬قال‪ :‬فكان علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬يقول بالعراق‪ :‬فذهبت إلى رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬محرشاً‬
‫على فاطمة للذي صنعت‪ ،‬مستفتياً لرسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فيما ذكرت عنه‪ ،‬فأخبرته أني أنكرت‬
‫أهل به‬
‫أهل بما ّ‬
‫صدقت‪ ،‬ماذا قلت‪ :‬حين فرضت الحج؟)) قال‪ :‬قلت‪ :‬اللهم إني ّ‬
‫ْ‬ ‫((صدقت‬
‫ْ‬ ‫ذلك عليها فقال‪:‬‬
‫رسولك ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قال‪(( :‬فإن معي الهدي فال تحل)) قال‪ :‬فكان جماعة الهدي الذي قدم به‬
‫علي إلى اليمن‪ ،‬والذي أتى به النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬مائة‪ ،‬قال‪ :‬فحل الناس كلهم وقصروا إال النبي‬
‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ومن كان معه هدي‪ ،‬فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى‪ ،‬فأهلوا بالحج‪ ،‬وركب‬
‫رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فصلى بنا الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر‪ ،‬ثم مكث قليالً حتى‬
‫طلعت الشمس‪ ،‬وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة‪ ،‬فسار رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬وال تشك‬
‫قريش إال أنه واقف عند المشعر الحرام‪ ،‬كما كانت قريش تصنع في الجاهلية‪ ،‬فأجاز رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ -‬حتى أتى عرفة‪ ،‬فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها‪ ،‬حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء‪،‬‬
‫فرحلت له فأتى بطن الوادي‪ ،‬فخطب الناس‪ ،‬وقال‪(( :‬إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم‪ ،‬كحرمة يومكم هذا في‬
‫شهركم هذا‪ ،‬في بلدكم هذا‪ ،‬أال كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع‪ ،‬ودماء الجاهلية موضوعة‪،‬‬
‫وان أول بيت أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث‪ ،‬كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل‪ ،‬وربا‬
‫الجاهلية موضوع‪ ،‬وأول رباً أضع ربانا‪ ،‬ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله‪ ،‬فاتقوا هللا في النساء‪،‬‬
‫فإنكم أخذتموهن بأمان هللا‪ ،‬واستحللتم فروجهن بكلمة هللا‪ ،‬ولكم عليهن أن ال يوطئن فروشكم أحداً تكرهونه‪،‬‬
‫فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح‪ ،‬ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف‪ ،‬وقد تركت فيكم ما لن‬
‫تضلوا بعده إن اعتصمتم به‪ :‬كتاب هللا‪ ،‬وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟)) قالوا‪ :‬نشهد أنك قد بلغت‬
‫وأديت ونصحت‪ ،‬فقال‪ :‬بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس‪(( :‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد‪،‬‬
‫اللهم اشهد)) ثالث مرات‪.‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪:‬‬
‫تقدم في أول الحديث اإلحرام‪ ،‬وهو ركن من أركان الحج كما تقدم أيضاً الطواف‪ ،‬والطواف الذي طافه النبي ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ -‬هو طواف القدوم‪ ،‬وهو سنة عند جماهير أهل العلم‪ ،‬وقيل بوجوبه‪ ،‬ثم خرج بعد ذلك‬
‫الص َفا واْلمروَة ِمن َشع ِ‬
‫آئ ِر‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬من الباب إلى الصفا‪ ،‬فلما دنا من الصفا قرأ‪ِ{ :‬إ َّن َّ َ َ ْ َ‬
‫ّللا}[(‪ )111‬سورة البقرة] ((أبدأ بما بدأ هللا به)) هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬بدأ بالصفا ذك اًر‪ ،‬وبدأ به النبي ‪-‬عليه‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫آئ ِر ِ‬
‫الص َفا واْلمروَة ِمن َشع ِ‬
‫ّللا} فبدأ بالصفا ذك اًر وبدأ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الصالة والسالم‪ -‬فعالً‪ ،‬يقول هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ِ{ :-‬إ َّن َّ َ َ ْ َ‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬به فعالً‪ ،‬فرقي على الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة‪ ،‬واتجه اتجاه الكعبة‪،‬‬
‫ونظر إليها‪ ،‬وهذا سنة إن تيسر‪ ،‬واال فالجهة كافية؛ ألنه في هذه األزمان مع كثرة العمد‪ ،‬وكثرة البنايات قد ال‬
‫يتيسر‪ ،‬فاستقبل القبلة فوحد هللا وكبره‪ ،‬وفسر ذلك بقوله‪ :‬قال‪(( :‬ال إله إال هللا وحده ‪-‬هذا التوحيد‪ -‬ال شريك له‪،‬‬
‫له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير))‪.‬‬
‫وهذا التوحيد من أفضل ما يقوله المسلم‪ ،‬بل أفضل ما قاله النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬والنبيون من قبله‪،‬‬
‫((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة‪ ،‬وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي‪ :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‬
‫وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) ومن قال‪ :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو‬
‫ط عنه مائة‬
‫على كل شيء قدير‪ ،‬في يوم مائة مرة حصل له أمور‪ ،‬واحد منها يكفي‪ ،‬كتب له مائة حسنة‪ ،‬وح ّ‬
‫خطيئة‪ ،‬وحذر من الشيطان حتى يمسي‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫فالمحروم من حرم مثل هذه األذكار‪ ،‬والناس في غفلة عن مثل هذا‪ ،‬إذا قال‪ :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير‪ ،‬كان كمن أعتق أربع ًة من ولد إسماعيل‪ ،‬شيء ال‬
‫يكلف‪ ،‬يعني عشر مرات تقال بدون مبالغة في دقيقة‪ ،‬لكن الحرمان ال نهاية له‪ ،‬من قال‪ :‬سبحان هللا وبحمده‬
‫طت عنه خطاياه‪ ،‬خطايا جمع مضاف فيفيد العموم‪ ،‬وان كانت مثل زبد البحر‪.‬‬
‫مائة مرة ح ّ‬
‫على كل حال هذه مناسبة لذكر هذا الذكر فالنبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬يكثر من الذكر‪ ،‬والذكر في موطنه‬
‫أفضل من غيره‪ ،‬فقول‪ :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له في هذا الموضع أفضل من قراءة القرآن‪ ،‬كما أن التسبيح‬
‫بالركوع والسجود أفضل من التالوة‪ ،‬بل التالوة حرام في حال الركوع والسجود كما هو معروف‪ ،‬ال إله إال هللا‬
‫وحده‪ ،‬ال شريك له‪ ،‬أنجز وعده‪ ،‬بنصر الدين وتحقيق ما وعده هللا نبيه من إعالء كلمته‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬يعني‬
‫نفسه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬وهزم األحزاب وحده‪ ،‬في غزوة األحزاب لما تحزبوا واجتمعوا لحربه ‪-‬عليه‬
‫الصالة والسالم‪ -‬هزمهم هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪.-‬‬
‫"ثم دعا بين ذلك" صيغة التكبير‪ :‬هللا أكبر‪ ،‬كما هو معروف‪ ،‬ثم دعا بين ذلك‪ ،‬دعا بين التوحيد والتكبير‪ ،‬قال‬
‫مثل هذا ثالث مرات‪ ،‬فأعاد التوحيد والتكبير والدعاء ثالثاً‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬يوحد ويكبر ثالثاً ويدعو مرتين‪،‬‬
‫لكن الحديث صريح في كون الدعاء يكرر ثالثاً كالتوحيد والتكبير‪ ،‬ثم نزل إلى المروة‪ ،‬بدأ بالصفا‪ ،‬والسعي هذا‬
‫منه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬هو سعي الحج والعمرة‪ ،‬سعي القران‪ ،‬وهو ركن من أركان الحج‪ ،‬كما أنه ركن من‬
‫أركان العمرة‪ ،‬والقارن ال يلزمه إال سعي واحد‪ ،‬كما هو معروف‪ ،‬فهذا السعي ركن عند جماهير أهل العلم‪ ،‬وان‬
‫آئ ِر ِ‬
‫الص َفا واْلمروَة ِمن َشع ِ‬
‫ّللا َف َم ْن َح َّج‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫لم يره الحنفية ركناً‪ ،‬ومن العجب أن يستدل الحنفية بقوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ َ َ ْ َ‬
‫اح َعَلْي ِه}[(‪ )111‬سورة البقرة] يقول‪ :‬يرفع الجناح يرفع اإلثم فقط‪ ،‬ومع ذلكم يوجبون القصر‬ ‫اْلَبْي َت أ َِو ْ‬
‫اع َت َمَر َفالَ ُجَن َ‬
‫الصالَ ِة}[(‪ )101‬سورة النساء] مع أن‬ ‫صُروْا ِم َن َّ‬
‫اح أَن َت ْق ُ‬
‫س َعَلْي ُك ْم ُجَن ٌ‬
‫مع أن دليله في القرآن بهذه الصيغة‪َ { ،‬فَلْي َ‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬سعى وقال‪(( :‬خذوا عني مناسككم)) بل أمر بالسعي‪.‬‬
‫"ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى" هو يسعى من الصفا إلى المروة هذا كله‬
‫سعي‪ ،‬فكيف يقول‪" :‬حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى؟" السعي هو الجري‪ ،‬الركض‪ ،‬وجاء في‬
‫بعض الروايات أن إ ازره يرتفع عن ركبته ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬فدل على أنه سعي شديد‪.‬‬
‫"حتى إذا صعدتا مشى" فالسعي بين العلمين في الوادي فقط‪ ،‬قبله ال يسن السعي وبعده ال يسن السعي‪ ،‬كما أن‬
‫السعي خاص بالرجال‪ ،‬كما قرره جمهور أهل العلم‪ ،‬وان قال بعضهم بأن االقتداء كما هو للرجال هو أيضاً‬
‫للنساء‪ ،‬لكن النساء مطلوب منهن الستر‪ ،‬والسعي يعرضهن لما يخل بهذا الستر ويفتشه‪.‬‬
‫"صعدتا حتى إذا أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة‪"...‬‬
‫بدء من الصفا‪ ،‬وقد صعد النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬على الصفا‪" ،‬ثم أتى المروة ففعل‬
‫الخ‪ ،‬هذا السعي ً‬
‫على المروة كما فعل على الصفا" يعني صعد عليها‪ ،‬والصعود سنة عند األكثر‪ ،‬وقال بعضهم بوجوبه‪ ،‬وأنه ال‬
‫بد منه‪ ،‬وأنه من تمام السعي‪.‬‬
‫"حتى إذا كان آخر طوافه" يعني آخر سعيه بين الصفا والمروة كان آخره على المروة‪ ،‬فدل على أن الذهاب‬
‫سعية والرجوع سعية‪ ،‬واال لو كان الذهاب والرجوع سعية واحدة لكان آخر طوافه على الصفا‪ ،‬وشذ من قال بأن‬
‫السعي الذهاب والرجوع‪ ،‬كامل الذهاب من الصفا إلى المروة والرجوع من المروة إلى الصفا شوط واحد‪ ،‬شذ من‬
‫قال بهذا‪ ،‬على كل حال األدلة الصحيحة الصريحة تدل على أن الذهاب سعية من الصفا إلى المروة‪ ،‬والرجوع‬
‫من المروة إلى الصفا سعية أخرى‪ ،‬وحينئذ ينتهي السعي على المروة‪.‬‬
‫"حتى إذا كان آخر طوافه على المروة‪ ،‬قال‪(( :‬لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها‬
‫عمرة‪ ،‬فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل))"‬
‫الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬جاء عنه أنه حج مفرداً‪ ،‬وثبت أنه تمتع‪ ،‬وثبت في رواية األكثر أنه حج قارناً‪،‬‬
‫وهذا الكالم يؤيد القول بأنه كان قارناً‪ ،‬فقال‪(( :‬لو أني استقبلت من أمري لم أسق الهدي وجعلتها عمرة)) دل‬
‫على أنه لم يعتمر عمرة كاملة بطوافها وسعيها وتقصيرها والتحلل الكامل منها‪ ،‬فهذا يؤيد أنه ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ -‬كان قارناً‪ ،‬إذاً كيف يصح عنه أنه حج مفرداً؟ وكيف يثبت عن الصحابة أنهم قالوا‪ :‬تمتع رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وتمتعنا معه؟ ثم نقول هذا الكالم أنه كان قارناً؟ هل نقول‪ :‬بتعدد القصة؟ يعني مرة متمتع‬
‫ومرة قارن مرة مفرد‪ ،‬النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لم يحج إال مرة واحدة بعد فرض الحج إجماعاً‪ ،‬وأشرنا في‬
‫درس األمس أنه حج قبل الهجرة مرة أو مرتين على عادة قومه‪ ،‬وارثهم من أبيهم إبراهيم‪.‬‬
‫وحديث جبير بن مطعم في الصحيحين‪ ،‬وأنه رأى النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬بعرفة واستنكر حديث ابن‬
‫مطعم أن يقف النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وهو من الحمص‪ ،‬لكن هذه الحجة قبل حجة الوداع‪ ،‬قبل الهجرة‪،‬‬
‫إذاً الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬حج بعد فرض الحج مرة واحدة إجماعاً فال بد من التوفيق بين هذه‬
‫الروايات‪ ،‬بعض أهل العلم ممن يجبن عن توهيم الرواة يقول‪ :‬بتعدد القصة‪ ،‬كما هو الشأن في صالة الكسوف‬
‫ففي الصحيحين أنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬صلى صالة الكسوف ركعتين‪ ،‬في كل ركعة ركوعان‪ ،‬وفي صحيح‬
‫مسلم ثالث ركوعات‪ ،‬وجاء أربع ركعات‪ ،‬في سنن أبي داوود خمسة ركوعات في كل ركعة‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬بتعدد‬
‫القصة‪ ،‬وأنه صلى صالة الكسوف على وجوه وصور مختلفة‪ ،‬كما صلى صالة الخوف كذلك‪ ،‬وشيخ اإلسالم‬
‫يقسم أنه ما صالها إال مرة وأن إبراهيم لم يمت إال مرة؛ ألن النصوص كلها تنص على أنه لما مات إبراهيم‬
‫كسفت الشمس‪ ،‬فالذي يجبن تخطئة الرواة الثقاة يقول‪ :‬بتعدد القصة‪ ،‬والذي يجرؤ ويقول‪ :‬ال مانع من أن يخطئ‬
‫الثقة واألمر كذلك‪ ،‬فالراوي مهما بلغ من الحفظ والضبط واإلتقان يخطئ‪ ،‬يتطرق إليه السهو والغفلة والنسيان‬
‫ليس بمعصوم‪.‬‬
‫على كل حال جمع أهل العلم بينما ثبت عنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬في أنواع النسك الثالثة‪ ،‬من قال‪ :‬أنه كان‬
‫مفرداً نظر إلى إحرامه أوالً‪ ،‬فهم لما خرجوا من المدينة ما كانوا يعرفوا إال الحجة‪ ،‬ما كانوا يعرفون العمرة‪ ،‬يعني‬
‫مع الحج‪ ،‬نظر إلى إحرامه أوالً وأنه أحرم مفرداً ثم أمر بالقران‪ ،‬فقيل له‪( :‬صل في هذا الوادي المبارك وقل كذا)‬
‫عمرة في حجة‪ ،‬أو نظر إلى صورة فعله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬من قال أفرد نظر إلى صورة الفعل‪ ،‬وصورة‬
‫الفعل ال فرق فيها بين القارن والمفرد‪ ،‬ال فرق بين حج القارن والمفرد إال الهدي‪ ،‬لو أن شخص وصل إلى مكة‬
‫يوم عرفة‪ ،‬أو آخر يوم عرفة فخشي فوات الحج فتردد هل يحرم مفرد واال يحرم قارن؟ نقول‪ :‬ال فرق‪ ،‬في الصورة‬
‫ال فرق‪ ،‬ولن يعوقك القران عن شيء‪ ،‬اللهم إال أنه يلزمك الهدي‪ ،‬أقول‪ :‬من قال‪ :‬إن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬أفرد نظر إلى صورة الفعل‪ ،‬وأنه ال فرق بين صورة حج القارن وصورة الحج المفرد‪ ،‬من قال‪ :‬تمتع رسول‬
‫هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬نظر إلى المعنى األعم للتمتع‪ ،‬فالمعنى األعم للتمتع يشمل القران والتمتع معاً‪،‬‬
‫معنى تمتع يعني أتى بالنسكين في سفرة واحدة‪ ،‬ولذا اآلية في قوله تعالى‪َ { :‬ف َمن َت َم َّت َع ِباْل ُع ْمَرِة ِإَلى اْل َح ِّج َف َما‬
‫اس َتْي َسَر ِم َن اْل َه ْد ِي}[(‪ )191‬سورة البقرة] يشمل النسكين‪ ،‬يشمل التمتع ويشمل القران‪ ،‬فالتمتع بمعناه األعم يشمل‬ ‫ْ‬
‫النوعين‪ ،‬ومن قال‪ :‬قرن فقد حكى الواقع‪ ،‬وهذه رواية األكثر‪ ،‬فقال‪(( :‬لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت))‬
‫(لو) جاء في الحديث الصحيح أنها تفتح عمل الشيطان‪ ،‬يعني الشخص الذي يقول‪ :‬لو أني فعلت كذا‪ ،‬لو‬
‫خرجت اليوم كسبت‪ ،‬لو ما خرجت اليوم ما بردت‪ ،‬لو فعلت كذا‪ ،‬لو فعلت كذا‪ ،‬هذا مذموم؛ ألن (لو) تفتح عمل‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫هنا النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬قال‪(( :‬لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت)) هذا تمني‪ ،‬فعل خير‪ ،‬وحينئذ‬
‫ال يكره‪ ،‬فقد تمنى النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬الشهادة‪ ،‬وأنه يقتل ثم يحيا ثم يقتل‪ ،‬وال يدخل أيضاً في النهي‬
‫ِ‬
‫ّللا ِبه َب ْع َض ُك ْم َ‬
‫عَلى َب ْعض}[(‪ )27‬سورة النساء]‬ ‫{والَ َت َت َمَّن ْوْا َما َف َّض َل ّ ُ‬
‫عن التمني المذكور في قوله‪َ :‬‬
‫((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي‪ ،‬وجعلتها عمرة‪ ،‬فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل‪،‬‬
‫وليجعلها عمرة)) الذي معه الهدي أال يستطيع أن يتمتع؟ بمعنى أنه يسوق الهدي معه‪ ،‬ثم يطوف ويسعى‬
‫للعمرة‪ ،‬لكنه ال يحل؛ ألنه ال يجوز له أن يحلق رأسه حتى يبلغ الهدي المحل‪ ،‬ال يحل إال في يوم العيد‪ ،‬وليس‬
‫بينه وبين التمتع إال الحلق أو التقصير الذي نهي عنه‪ ،‬فهل يمكن لمن ساق الهدي أن يتمتع؟ ويكون الحلق مما‬
‫نهي عنه فيعذر‪ ،‬أو نقول‪ :‬من ساق الهدي يلزمه القران؟‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أمر أصحابه‪ ،‬من كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة‪ ،‬أو نقول‪ :‬من‬
‫ساق الهدي يلزمه القران؟ يجوز لمن ساق الهدي أن يتمتع؟ ونقول‪ :‬ما ال يقدر عنه يسقط عنه كالتقصير؟ نعم‬
‫يمنعه من التمتع ولم يفعل‪ ،‬وأيضاً التمتع بمعناه األخص‪ ،‬التمتع بما منع منه بين النسكين‪ ،‬وهذا الذي يحصل‬
‫له‪ ،‬وان كان التمتع بمعناه األعم كما أشرنا يشمل التمتع والقران‪ ،‬لكن بمعناه األخص ال يمكن مع سوق الهدي‪،‬‬
‫ولذا قال النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪(( :-‬لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة‪،‬‬
‫فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل)) هذا أمر‪ ،‬واألصل في األمر‪ ،‬هنا الالم الم األمر‪(( ،‬فليحل وليجعلها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم ِرِه}[(‪ )12‬سورة‬ ‫عمرة)) األصل في األمر الوجوب عند أهل العلم‪ ،‬ألدلة كثيرة‪َ { ،‬فْلَي ْح َذ ِر َّالذ َ‬
‫ين ُي َخال ُفو َن َع ْن أ ْ‬
‫النننور] عن أمره‪ ،‬فرتب على مخالفة األمر عقاب‪ ،‬إذاً األمر في هذا األمر الزم وواجب‪(( ،‬لوال أن أشق على‬
‫أمتي ألمرتهم بالسواك)) الذي لم يسق الهدي يشرع له أن يجعل نسكه عمرة‪ ،‬لكن هل يجب أو يستحب؟ قيل‪:‬‬
‫بالوجوب‪ ،‬قول ابن عباس ونصره ابن القيم‪ ،‬وقيل‪ :‬باستحبابه‪ ،‬وهذا هو المذهب عند الحنابلة كما هو معروف‪،‬‬
‫وغيرهم يقولون‪ :‬أن هذا األمر خاص بالصحابة‪ ،‬فمن أحرم بشيء لزمه إتمامه وال ينتقل إلى غيره‪ ،‬وهذا األمر‬
‫خاص بالصحابة‪.‬‬
‫"((فليحل وليجعلها عمرة)) فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال‪ :‬يا رسول هللا ألعامنا هذا أم ألبد؟" يقول‪ :‬من‬
‫ينصر الوجوب أن هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬ألهم سراقة بن مالك فسأل هذا السؤال‪ ،‬ألهمه أن يسأل هذا السؤال للرد‬
‫على من يقول‪ :‬أنه خاص بالصحابة‪ ،‬ألعامنا هذا أم ألبد؟ فقال‪ :‬ألعامنا هذا؟ المستفهم عنه؟ االنتقال من نسك‬
‫إلى نسك‪ ،‬أو التمتع؟ أو العمرة مع الحج؟ هذا الذي ألبد؟ وقلب اإلحرام؟‬
‫طالب‪.........:‬‬
‫واآلن حجته ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬كما قرر أهل العلم وجاء في الروايات الصحيحة أنه قارن‪ ،‬والعرب تعتبر‬
‫العمرة مع الحج من أفجر الفجور‪ ،‬بل تعتبر العمرة مع الحج من أفجر الفجور‪.‬‬
‫فقوله‪ :‬ألعامنا هذا أم ألبد؟ يعني فعل العمرة في أشهر الحج ألبد األبد‪ ،‬دخلت العمرة في الحج مرتين‪ ،‬دخلت‬
‫العمرة في الحج؟ أو نقول‪ :‬أنه يجوز االنتقال من مفضول إلى فاضل ألبد األبد؟ وهذا ال يختص في عامه ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ ،-‬وفي هذا رد على من يقول‪ :‬أن االنتقال من نسك إلى نسك أفضل منه خاص‬
‫بالصحابة‪ ،‬ولذا يقول من يقول بالوجوب أن هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬ألهم سراقة بن مالك من أجل الرد على مثل‬
‫هؤالء‪.‬‬
‫وعلى كل حال إذا أحرم شخص بالحج مفرداً‪ ،‬وقبل أن يبدأ بطواف القدوم وأراد أن يجعلها عمرة‪ ،‬له ذلك أو ليس‬
‫له ذلك؟ الجمهور ال‪ ،‬األكثر ال؛ ألن هذا خاص بالصحابة‪ ،‬ليزيل ما علق بأذهانهم من أعمال الجاهلية‪ ،‬لكن‬
‫أهل مفرداً أو قارناً ثم قبل شروعه بطواف‬
‫القول المرجح أن له ذلك‪ ،‬فينتقل من المفضول إلى األفضل‪ ،‬فإذا ّ‬
‫حج حجة اإلسالم سقطت عنه‪ ،‬ويريد أن يحج نفل فقلب‬‫حج قبل ذلك‪ّ ،‬‬
‫القدوم قال‪ :‬أريد أن أجعلها عمرة‪ ،‬وقد ّ‬
‫إحرامه من اإلفراد أو القران إلى عمرة مفردة‪ ،‬تحلل منها التحلل الكامل‪ ،‬فلما تحلل منها التحلل الكامل قال‪ :‬أنا‬
‫بالخيار‪ ،‬ثم رأى الزحام الشديد قال‪ :‬أنا ما بعد تلبست بالحج‪ ،‬أريد أن أرجع إلى أهلي‪ ،‬اآلن حل الحل كله‪ ،‬هل‬
‫له أن يرجع قبل أن يحرم بالحج؟‬
‫طالب‪.......:‬‬
‫يجب عليه المضي في الحج ما بعد أحرم للحج على شان نقول‪ :‬أتموا الحج؟‬
‫طالب‪.........:‬‬
‫أهل بعمرة‪ ،‬اآلن قلنا له‪ :‬يسوغ لك أن تجعل إحرامك عمرة‪ ،‬وحل الحل كله‪ ،‬بمعنى أنه‬
‫أهل بالحج هو ّ‬
‫قلنا له ما ّ‬
‫يجوز له أن يصيب من زوجته ما يصيبه الحالل‪ ،‬هل له أن يرجع؟ ألنه يقول‪ :‬أنا متطوع بالحج‪ ،‬والمتطوع أمير‬
‫نفسه‪ ،‬إذا كان ذلك على سبيل االحتيال يعامل بنقيض قصده‪ ،‬واذا كان ال على سبيل الحيلة؟‪.‬‬
‫طالب‪.........:‬‬
‫نعم هذا كالمه ‪-‬رحمه هللا‪ ،-‬من حين أحرم بالعمرة فهو متلبس بالحج‪ ،‬العمرة عمرة التمتع إذا أحرم بها فهو‬
‫متلبس بالحج قالوا‪ :‬بال نزاع‪.‬‬
‫طالب‪..........:‬‬
‫إيه جعلها عمرة‪.‬‬
‫طالب‪..........:‬‬
‫ال‪ ،‬نفترض مسألة أخرى غير هذا‪ ،‬شخص جاء من بلده يريد التمتع‪ ،‬يريد أن يحج متمتع فأحرم بالعمرة من‬
‫المحرم‪ ،‬ثم طاف وسعى وحلق أو قصر وحل الحل كله‪ ،‬ثم رأى الزحام أو سمع إشاعات أو بلغه خبر عن أهله‬
‫في بلده أو ما أشبه ذلك يقتضي رجوعه إلى بلده‪ ،‬قال‪ :‬أنا إلى اآلن متطوع‪ ،‬والمتطوع أمير نفسه‪ ،‬إلى اآلن ما‬
‫بعد تلبست بالحج‪ ،‬لكي يلزمني اإلتمام؟ نعم‪ ،‬كالم شيخ اإلسالم صريح في هذا‪ ،‬وأنه من تلبس بالعمرة التي‬
‫ينوي الحج بعدها فقد تلبس بالحج‪ ،‬شاء أم أبى‪ ،‬تحايل أو ال‪ ،‬ولذا يلزمه الهدي‪ ،‬هدي التمتع‪ ،‬وسبب الوجوب‬
‫لهدي التمتع اإلحرام بالعمرة‪ ،‬كما قرر أهل العلم في القاعدة المعروفة أن كل عبادة أو عقد له سبب وجوب‬
‫ووقت وجوب‪ ،‬كما هو معروف والقاعدة واضحة‪ ،‬معروفة‪ ،‬وذكرناها م ار اًر‪ ،‬واإلخوان ما هم غرباء‪ ،‬فنقول له‪ :‬ال‬
‫يجوز لك أن ترجع‪ ،‬ولو حللت الحل كله‪ ،‬حتى تحج‪.‬‬
‫شخص خرج من بيته من الرياض يريد أن يحج‪ ،‬لما وصل الطائف بلغته هذه اإلشاعات فرجع‪ ،‬نقول‪ :‬أنت عازم‬
‫على الحج من بلدك؟ إيش معنى هذا أنك ترجع من قرب الميقات؟ يجوز واال ما يجوز؟ يجوز؛ ألنه لم يتلبس‬
‫بالحج إلى اآلن‪ ،‬فهذه الصورة تختلف عن تلك الصورة‪.‬‬
‫"فشبك رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أصابعه واحدة في األخرى وقال‪(( :‬دخلت العمرة في الحج –مرتين‪-‬‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬بل ألبد األبد)) دخلت العمرة في الحج‪ ،‬إيش معنى دخول العمرة في الحج؟ دخولها ضمن أفعاله‬
‫بالنسبة لمن؟ للمفرد أو المتمتع؟ للقارن‪ ،‬بالنسبة للقارن‪ ،‬دخلت العمرة في الحج مرتين‪ ،‬ال‪ ،‬بل ألبد األبد‪ ،‬ومنهم‬
‫من يقول‪ :‬أن حكم العمرة دخل في حكم الحج‪ ،‬وعلى هذا ال تلزمه العمرة وال تجب‪ ،‬يجزي عنها الحج‪ ،‬والعمرة‬
‫المرجح فيها أنها واجبة‪ ،‬نعم وجوبها ليس مثل وجوب الحج‪ ،‬ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬يأثم بتركها‪ ،‬لكن األمر‬
‫فيها أخف‪ ،‬والخالف بين أهل العلم معروف‪.‬‬
‫وقدم علي من اليمن ببدن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فوجد فاطمة ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬زوجته‪ ،‬ممن حل‬
‫ولبست ثياباً صبيغاً‪ ،‬ما تصور أن الناس بيحلون قبل أن يبلغ الهدي محله‪ ،‬قبل يوم العيد‪ ،‬ولذا حلت الحل كله‪،‬‬
‫فأنكر عليها‪.‬‬
‫"فأنكر ذلك عليها‪ ،‬فقالت‪ :‬إن أبي أمرني بهذا" تعني رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬فكان علي يقول‬
‫بالعراق بعد أن ذهب إلى العراق وحال إمارته على المؤمنين‪ .‬يقول‪" :‬فذهبت إلى رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬محرشاً يغري النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬بها‪ ،‬محرشاً يغريه بها‪ ،‬انظر ما صنعت‪ ،‬حلت ولبست ثياب‬
‫صبيغة واكتحلت‪ ،‬كأنها ما تلبست بنسك‪ ،‬محرشاً على فاطمة التي صنعت مستفتياً لرسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬فيما ذكرت عنه‪ ،‬يقول‪ :‬فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال‪(( :‬صدقت صدقت)) نعم‪ ،‬من طاف وسعى‬
‫وقصر يحل الحل كله إذا لم يسق الهدي ((ماذا قلت حين فرضت الحج؟)) يعني يا علي ماذا قلت حين أهللت؟‬
‫فأخبر أنه أهل بإهالل معلق‪ ،‬اللهم إني أهل بما أهل بك رسولك ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬فيجوز اإلهالل‬
‫مطلق‪ ،‬ويصرفه لما شاء من األنساك‪ ،‬ويجوز اإلحرام معلق‪ ،‬كإحرام فالن مثالً‪ ،‬لكن إذا قال‪ :‬أحرمت بما أحرم‬
‫به زيد‪ ،‬أو أهللت بما أهل به زيد‪ ،‬ثم تبين أن زيد لم يحج؟ أو زيد ساق الهدي وهذا لم يسق الهدي‪ ،‬نقول‪ :‬يلزمه‬
‫أن يفعل مثل ما يفعل زيد‪ ،‬أو كل له وضعه؟ كل له ظرفه؟ فالنبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ساق الهدي‪ ،‬فلزمه‬
‫أهل بهما معاً‪ ،‬وعلي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬ساق الهدي كذلك‪ ،‬فلزمه القران‪ ،‬لكن أبا موسى األشعري وقد‬ ‫القران‪ّ ،‬‬
‫قال‪ :‬أهللت بما أهل به رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ولم يكن معه هدي جعلها عمرة‪ ،‬أمر بما أمر به غيره‬
‫من الصحابة أن يحل‪.‬‬
‫قال‪" :‬فإن معي الهدي فال تحل" قال‪" :‬فكان جماعة الهدي" يعني مجموع الهدي الذي قدم به علي من اليمن‪،‬‬
‫والذي أتى به النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬مائة من البدن‪ ،‬قال‪" :‬فحل الناس كلهم‪ ،‬وقصروا إال النبي ‪-‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،-‬ومن كان معه هدي" وهذا وان كان لفظه العموم حل الناس وأكد بكل‪ ،‬إال أنه ال يشمل مثل‬
‫عائشة‪ ،‬وليس معها هدي‪ ،‬لماذا؟ يقول‪" :‬فحل الناس كلهم إال الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ومن كان معه‬
‫هدي" عائشة ليس معها هدي‪ ،‬ولم تحل؛ ألنها لما حاضت خشيت فوات الحج أمرت بإدخال الحج على العمرة‬
‫فصارت قارنة‪ ،‬ولم تحج‪.‬‬
‫"فلما كان يوم التروية" وهو الثامن من ذي الحجة توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج‪ ،‬فالسنة أن يتوجه الناس يوم‬
‫ً‬
‫التروية وهو اليوم الثامن إلى منى‪ ،‬ويصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر‪ ،‬خمسة أوقات‪،‬‬
‫ويهلون في ذلك اليوم‪ ،‬واإلهالل قبل يوم التروية وبعده خالف السنة‪ ،‬وماذا عمن لم يجد الهدي؟ ويؤمر بصيام‬
‫ثالثة أيام في الحج‪ ،‬متى يصوم؟‬
‫طالب‪........:‬‬
‫قبل إحرامه بالحج؟ قبل تلبسه بالحج؟ نعم‪ ،‬هو متلبس بالحج‪ ،‬وعلى هذا يصوم الثالثة األيام في السادس‬
‫والسابع والثامن‪ ،‬ولو كان صيامه يومين قبل أن يتلبس بالحج‪ ،‬إذا أردنا أن نطبق القاعدة‪ ،‬سبب الوجوب اإلحرام‬
‫بالعمرة التي ينوي بها التمتع إلى الحج‪ ،‬ووقت الوجوب متى؟ فجر يوم العيد أو طلوع الشمس من يوم العيد؟‬
‫على الخالف المعروف عند أهل العلم‪ ،‬واذا قلنا‪ :‬يجوز الفعل بعد السبب وقبل الوقت‪ ،‬قلنا‪ :‬أنه يصوم قبل يوم‬
‫العيد‪ ،‬يوم العيد معروف حكم صيامه حرام‪ ،‬وال يستثنى أحد بخالف أيام التشريق يحرم صومها لكن يستثنى من‬
‫لم يجد الهدي ولم يستطع الصيام قبل ذلك‪ ،‬يوم عرفة يكره صيامه عند األكثر‪ ،‬وقال بعضهم بتحريم صيامه‪،‬‬
‫وجاء في الحديث وان كان فيه مقال‪ :‬نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة‪ ،‬فعلى هذا يصوم قبل عرفة‪ ،‬السادس‬
‫والسابع والثامن‪ ،‬أو يصوم قبل ذلك إن كان قد أتى إلى مكة في أول العشر مثالً‪ ،‬يصوم الثالث والرابع‬
‫والخامس‪ ،‬قبل أن يتهيأ للحج‪ ،‬إن لم يتمكن من الصيام ممن عجز عن الهدي قبل يوم عرفه يصوم أيام‬
‫التشريق‪ ،‬إن لم يتمكن في أيام التشريق فإنه متى يصومها؟ إذا رجع إلى أهله أو في مكة في الحج‪ ،‬يعني في‬
‫أشهر الحج على رأي مالك‪ ،‬أشهر الحج يوم العيد خالص انتهت عند الجمهور‪ ،‬وعن مالك تستمر إلى نهاية‬
‫الحجة‪ ،‬وعلى هذا إذا صام الثالثة األيام ال شيء عليه‪ ،‬صامها في وقتها‪ ،‬واذا عجز عن الصيام في وقته‪ ،‬هل‬
‫يرجع إلى األصل الذي هو الدم وجوباً؟ أو يصوم‪ ،‬ال سيما وقد انتقل إلى الصيام بمسوغ شرعي‪ ،‬وهو عدم القدرة‬
‫على الهدي؟ مسألة طويلة الذيول‪ ،‬ومسألة خالفية بين أهل العلم‪ ،‬لعله يتيسر شرحها إن بقي في الوقت شيء‪.‬‬
‫"فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج" أحرموا به "وركب رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫ً‬
‫فصلى بنا الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليالً حتى طلعت الشمس" هذه السنة‪" ،‬وأمر بقبة‬
‫من شعر تضرب له بنمرة‪ ،‬فسار رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ "-‬وكل هذا على سبيل االستحباب‪ ،‬يعني لو‬
‫أن شخص من غير مانع لم يحرم بالحج إال يوم عرفة‪ ،‬وخرج مباشرًة إلى عرفة‪ ،‬ما جلس بمنى وبات بها إلى‬
‫ليلة التاسع‪ ،‬وجلس بنمرة كفعله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬ال شك أن االقتداء به‪ ،‬واالئتساء به أكمل‪ ،‬لكن هذه‬
‫سنن‪ ،‬من تركها ال شيء عليه‪ ،‬من تركها ال شيء عليه‪.‬‬
‫"وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة‪ ،‬فسار رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وال تشك قريش إال أنه واقف‬
‫عند المشعر الحرام‪ ،‬كما كانت قريش تصنع في الجاهلية" يزعمون أنهم أهل الحرم‪ ،‬فال يخرجون منه وعرفة من‬
‫الحل ليست من الحرم‪ ،‬ومزدلفة كما هو معروف من الحرم‪ ،‬كانت قريش ومن يدين بدينها من الحمس يقفون‬
‫بالمشعر‪ ،‬وال يخرجون إلى عرفة‪ ،‬بينما غيرهم من القبائل يخرجون إلى عرفة‪ ،‬لكن النبي ‪-‬عليه الصالة‬
‫اس}[(‪ )199‬سورة البقرة] "حتى أتى عرفة‬ ‫يضوْا ِم ْن َحْي ُث أَ َف َ‬
‫اض َّ‬
‫الن ُ‬ ‫والسالم‪ -‬خالفهم في هذا ووقف بعرفة { ُث َّم أ َِف ُ‬
‫فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء" ونمرة بجنب عرفات وليست‬
‫منها‪ ،‬ولذا ال يجزئ الوقوف فيها‪" ،‬فنزل به حتى إذا زاغت الشمس فأمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي‬
‫‪-‬وادي عرنة‪ -‬فخطب الناس" وهو أيضاً ليس من عرفة‪ ،‬وال يجزئ الوقوف فيه عند جمهور العلماء‪ ،‬وان قال‬
‫مالك باإلجزاء مع اإلثم‪ ،‬وادعى أنه من عرفة‪ ،‬ودليل الجميع حديث واحد‪ ،‬دليل الجمهور ودليل مالك حديث‬
‫واحد‪ ،‬هو قوله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪(( :-‬ارفعوا عن بطني عرنة)) الجمهور يقول‪ :‬أمرنا بأن نرفع عنه وال‬
‫نقف فيه؛ ألنه ليس من عرفة‪ ،‬ومالك يقول‪ :‬لوال أنه من عرفة لم يذكر‪ ،‬ما يحتاج إلى ذكر لو لم يكن من عرفة‬
‫فيجزئ الوقوف فيه مع اإلثم‪ ،‬وقد يلزمون الواقف فيه بدم‪ ،‬لكن يجزئه الوقوف‪ ،‬والصواب هو قول الجمهور كما‬
‫هو معروف‪.‬‬
‫"فخطب الناس‪ ،‬وقال‪(( :‬إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم‪ ،‬كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا))‬
‫هذا تشبه‪ ،‬التشبيه بهذه الحرمات أو المحرمات المجتمعة يدل على شدة التحريم في هذه األشياء‪ ،‬في الدماء‬
‫واألموال‪(( ،‬إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) يعني التشبيه‬
‫بالمحرم شديد الحرمة يدل على شدة التحريم‪ ،‬لكن التشبيه باألمر السهل يدل على أن المشبه أمره يسير‪ ،‬يعني‬
‫ولو ظن المتكلم أنه شديد‪ ،‬كشخص قال لزوجته‪ :‬هي عليه حرام كحرمة الكالب على مكة‪ ،‬هذا وقع‪ ،‬تحرم عليه‬
‫زوجته واال ما تحرم؟ لكن هو في ظنه وزعمه أن هذا أعظم شيء؟ هذه مسألة واقعة‪ ،‬شخص قال لزوجته‪ :‬هي‬
‫حرام علي كحرمة الكالب على مكة‪،‬‬
‫طالب‪.........:‬‬
‫كيف؟ لكن هو يقصد التحريم‪ ،‬كونه أخطأ في التشبيه شيء آخر‪ ،‬ولذا يلزم بأي شيء؟‬
‫طالب‪........:‬‬
‫أو كفارة يمين؟ {يا أَُّيها َّ ِ‬
‫ّللا َل َك}[(‪ )1‬سورة التحريم] مسألة خالفية كما هو معروف‪ ،‬على‬ ‫الن ِب ُّي ل َم ُت َحِّرُم َما أ َ‬
‫َح َّل َّ ُ‬ ‫َ َ‬
‫كل حال‪.‬‬
‫"كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا‪ ،‬أال كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع" كل‬
‫شيء من أمر الجاهلية موضوع‪ ،‬بيعهم وشراؤهم‪ ،‬أنكحتهم‪ ،‬تملكم للعبيد وغيره‪ ،‬نقول‪ :‬موضوع ليس بصحيح؟ أو‬
‫هي أمور صحيحة؟ يعني مما لم يأت اإلسالم بتقريره‪.‬‬
‫"أال كل شيء من أمر الجاهلية ‪-‬هذا عموم أريد به الخصوص‪ -‬تحت قدمي موضوع" هذا تعبير على أنه ال‬
‫يستحق أي تقدير وال احترام مما فعل في الجاهلية مما يخالف اإلسالم‪" ،‬ودماء الجاهلية موضوعة‪ ،‬وأن أول دم‬
‫أضع من دماءنا دم ابن ربيعة بن الحارث" وجاء في بعض النسخ الصحيحة من صحيح مسلم‪" :‬دم ربيعة بن‬
‫الحارث" بدون ابن‪ ،‬المقتول ابن لربيعة بن الحارث‪ ،‬اسمه‪ :‬إياس‪ ،‬أو آدم‪ ،‬أو الحارث‪ ،‬كان مسترضع في بني‬
‫سعد فقتلته هذيل‪ ،‬جاءه حجر طائش فقتله‪ ،‬فمن قال‪ ،‬يعني من روى أنه دم ربيعة بن الحارث فقد عنى بذلك‬
‫المستحق للدم‪ ،‬المطالب به‪ ،‬صاحب الدم الذي يطالب به هو ربيعة بن الحارث األب‪ ،‬واال فربيعة ع ّمر وعاش‬
‫إلى خالفة عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬والمقتول ابنه كان مسترضعاً في بني سعد‪ ،‬ربيعة بن الحارث بن عبد‬
‫المطلب‪ ،‬ابن عم النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪.-‬‬
‫طالب‪........:‬‬
‫ضبطت بهذا وهذا‪ ،‬هو راضع ومرضع‪ ،‬من حيث الصياغة‪ ،‬راضع ومرضع‪ ،‬لكن السين والتاء هنا لها أثر واال‬
‫ما لها أثر؟ يعني نقول‪ :‬أنه مسترضع يعني طلب رضاعه في بني سعد؟ ليت الشيخ يسعفنا في مثل هذا؟‬
‫أحد المشايخ الحاضرين في الدرس‪ :‬منكم نستفيد يا شيخ‪.‬‬
‫لكن اإلخوان أيضاً منكم يطلبون‪ ،‬على كل حال الروايات ثبتت بهذا وهذا‪ ،‬والخطب سهل ‪-‬إن شاء هللا تعالى‪،-‬‬
‫فقتله هذيل‪" ،‬وربا الجاهلية موضوع‪ ،‬وأول رباً أضع ربانا‪ ،‬ربا العباس بن عبد المطلب" العباس عمه‪ ،‬وعم‬
‫الرجل صنو أبيه‪ ،‬مثل أبيه‪ ،‬واالبن شريك ألبيه في المال‪ ،‬فكونه رباً للعباس فهو ربا للعم والعم مثل األب واالبن‬
‫شريك لألب‪ ،‬إذاً إضافته إليه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬حقيقية‪ ،‬كونه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪" -‬أول دم أضع من‬
‫دمائنا دم ابن ربيعة" ابن عمه‪ ،‬وأول ربا يضعه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ربا عباس بن عبد المطلب‪ ،‬هذا يدل‬
‫على أن القدوة ينبغي أن يبدأ بنفسه وبأقرب الناس إليه‪ ،‬ولذا جاء في الحديث‪(( :‬لو أن فاطمة بنت محمد سرقت‬
‫لقطعت يدها)) هكذا يفعل من يريد االمتثال‪ ،‬أما الذي يأمر الناس وينهاهم ويجبرهم على أشياء هو يخالفها مثل‬
‫هذا حري وجدير بأن يخالف وال يطاع أمره‪ ،‬ولو فرض ما فرض‪ ،‬فرض األوامر بالسيف‪ ،‬إذا لم يتمثل اإلنسان‬
‫نفسه‪ ،‬ويبدأ بنفسه وأقرب الناس إليه فإن أوامره ال بد أن تعصى‪ ،‬وعلى هذا يقال لمن دعا الناس إلى الخير‬
‫ينبغي أن يكون أسبق الناس إلى فعل الخير‪ ،‬من نهاهم عن فعل المنكرات ينبغي أن يكون أبعد الناس عنها‪ ،‬وال‬
‫تتصور العصمة في غيره ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬فال إفراط وال تفريط‪ ،‬ال نقول‪ :‬أنه ال يأمر وال ينهى إال‬
‫المعصوم‪ ،‬كما أننا ال نقول‪ :‬بانفكاك الجهة من كل وجه‪ ،‬كما يقول بعض األشعرية‪ :‬ينبغي للزاني أن يغض‪ ،‬أو‬
‫يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها‪ ،‬الجهة منفكة‪ ،‬هو منهي عن الزنا ومأمور بالغض‪ ،‬ما‬
‫استطاع أن يجتنب المنهي يفعل المأمور؟ نقول‪ :‬ال‪ ،‬هذا تالعب‪ ،‬فال نطلب من اآلمر والناهي والمرشد والموجه‬
‫والمعلم والداعية أن يكون معصوماً‪ ،‬لكن عليه أن ال يأمر بشيء إال ويسارع إلى فعله ليكون قدوة ليتم االقتداء‬
‫به‪ ،‬بفعله قبل قوله‪.‬‬
‫قد يقول قائل‪ :‬هناك أشياء اآلمر والناهي ال يستطيع تركها‪ ،‬أب مدخن هل له يزجر أوالده ومن تحت يده عن‬
‫الدخان؟‬
‫طالب‪........:‬‬
‫يقول‪ :‬ال أستطيع‪ ،‬أنا أقول‪ :‬يستطيع‪ ،‬أنت تتحدث بلسان غيرك؟ هو يقول‪ :‬ال أستطيع‪.‬‬
‫طالب‪........:‬‬
‫دل عليه هذا‬
‫هو مأمور بالنهي‪ ،‬ويبذل جهده ويستفرغ وسعه في اإلقالع‪ ،‬على كل حال اآلن مثلما ذكرنا‪ ،‬مثلما ّ‬
‫الحديث العظيم‪ ،‬أن من أمر أو نهى أو أرشد أو وجه ينبغي أن يكون أسبق الناس إلى فعل ما يأمر به‪ ،‬وقد‬
‫جاء في الحديث‪ :‬الناس يرون من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر في النار‪ ،‬فيقول‪ :‬ما بالك يا فالن كنت‬
‫تنهانا عن كذا وتأمرنا بكذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬كنت آمركم بكذا وال أفعل‪ ،‬وكنت أنهاكم عن كذا وأرتكب‪ ،‬نسأل هللا‬
‫العافية‪.‬‬
‫"فإنه موضوع كله‪ ،‬فاتقوا هللا في النساء" عناية شرعية بالنساء؛ ألن الضعف مالزم لهن‪" ،‬اتقوا هللا في النساء"‬
‫فعلى المسلم أن يتقي هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬ويمتثل هذه الوصية‪ ،‬ويعنى بمن تحت يده من الضعفة‪ ،‬من النساء‬
‫والصبيان وغيره‪ ،‬فالشرع اعتنى بالبنات‪ ،‬وحث على العناية بهن‪ ،‬وكذلك أوصانا بالنساء‪(( ،‬استوصوا بالنساء‬
‫خي اًر)) ((فاتقوا هللا في النساء)) ألن المعاملة والمعاشرة تكون في البيوت غالباً ما يعز فيها البينات‪ ،‬فإذا ظلمت‬
‫المرأة في بيتها من أين لها أن تأتي ببينة لترفع الظلم عنها؟ فخوطب ضمير اإلنسان في مثل هذا‪ ،‬والمسألة‬
‫مفترضة في مسلم يتمثل األوامر ويجتنب النواهي‪(( ،‬اتقوا هللا في النساء‪ ،‬فإنكم أخذتموهن بأمان هللا‪ ،‬واستحللتم‬
‫فروجهن بكلمة هللا)) إما بكلمة التوحيد التي تحرم المسلم على الكافر والعكس‪ ،‬أو بالعقد باإليجاب والقبول أو‬
‫بذلك كله‪ ،‬نعم عليك حقوق ولك حقوق‪ّ ،‬‬
‫فأد الذي عليك‪ ،‬وعلى المرأة أن تؤدي ما عليها‪(( ،‬ولكم عليهن أن ال‬
‫يوطئن فروشكم أحد تكرهونه)) يعني ال تأذن ألحد مطلقاً أنت تكرهه ولو كان من المحارم‪(( ،‬فإن فعلن ذلك ‪-‬‬
‫يعني خالفن‪ -‬فاضربوهن ضرباً غير مبرح)) تؤدب المرأة كما يؤدب الولد‪ ،‬والمعلم يعلم المتعلم‪ ،‬لكن كل هذا‬
‫حسب التوجيه الشرعي غير مبرح‪ ،‬ال يكسر عظم‪ ،‬وال يجرح وال يخدش‪ ،‬يفعل ما يتم به المقصود من غير‬
‫زيادة؛ ألن الزيادة على ما أذن به شرعاً حرام‪ ،‬فالذي يؤدي الغرض هو المطلوب‪(( ،‬ولهن عليكم رزقهن‬
‫وكسوتهن بالمعروف)) فالكسوة والنفقة والسكنى واجبة على الزوج لزوجته‪ ،‬للزوجة على زوجها‪ ،‬كل هذا واجب‬
‫للنساء على أزواجهن‪ ،‬من تنازل عن شيء من ذلك من النساء كما لو تنازلت عن شيء من مهرها فكلوه عن‬
‫وه َهِن ًيئا َّم ِر ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يئا}[(‪)4‬‬ ‫طيب نفس‪ ،‬كل هذا عن طيب نفس من غير إكراه‪َ { ،‬فِإن طْب َن َل ُك ْم َعن َش ْيء ّمْن ُه َن ْف ًسا َف ُكُل ُ‬
‫سورة النساء] إذا تنازلت عن شيء من حقوقها بطوعها واختيارها فاألمر ال يعدوها‪.‬‬
‫"((وقد تركت فيكم ما لم تضلوا به إذا اعتصمتم به كتاب هللا))" ترك النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وهو مصون‬
‫ظو َن}[(‪ )9‬سورة الحجر] فهو‬ ‫محفوظ من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان‪ِ{ ،‬إَّنا َنحن َن َّزْلَنا ال ِّذ ْكر واَِّنا َله َلح ِ‬
‫اف ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ‬
‫كما تركه إلى أن يرفع في آخر الزمان‪ ،‬واالعتصام به هو المخرج من الفتن‪ ،‬وهو حل المشكالت والمعضالت‪،‬‬
‫وهو دواء وعالج ألمراض القلوب واألبدان‪ ،‬فمن تمسك بكتاب هللا واعتصم به لن يضل في الدنيا وال في اآلخرة‪،‬‬
‫وال يشقى في اآلخرة‪ ،‬وأنتم والكالم عن القرآن والعناية به أمر جاءت به النصوص‪ ،‬فجاء الحث على قراءة‬
‫القرآن‪ ،‬وعلى فهم القرآن‪ ،‬وعلى إقراء القرآن‪ ،‬وعلى تدبر القرآن‪ ،‬قراءة القرآن بالنسبة للمسلم أمر مطلوب‪ ،‬جاء‬
‫الترغيب فيه‪ ،‬بكل حرف عشر حسنات‪ ،‬وعلى طالب العلم على وجه الخصوص من يعنى بالعلم الشرعي آكد‪،‬‬
‫ومن المؤسف أن بعض من ينتسب إلى العلم مهمل للقرآن‪ ،‬يهمه ما يشتمل بزعمه على األحكام العملية‪ ،‬تجده‬
‫من حلقة إلى حلقة يتتبع دروس الحديث والفقه وهو هاجر لكتاب هللا‪ ،‬والعلم والنور كله في كتاب هللا‪ ،‬وزيادة‬
‫اإليمان واليقين إنما تنشأ عن تدبر القرآن‪.‬‬
‫ف ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننالعلم تح ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننت ت ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نندبر القن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نرآن‬ ‫فت ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نندبر القن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نرآن إن رم ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننت اله ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نندى‬

‫{أَ َف َال َي َت َدَّبُرو َن اْلُقْر َ‬


‫آن أ َْم َعَلى ُقُلوب أَ ْق َفاُل َها}[(‪ )74‬سورة محمد] واألمر بالتدبر في أربع آيات‪ ،‬وجاء األمر‬
‫بالترتيل‪ ،‬وعلى كل حال وضع طالب العلم بالنسبة للقرآن غير مرضي‪ ،‬كثير منهم ال أقول كلهم‪ ،‬يوجد ‪-‬وهلل‬
‫الحمد‪ -‬من له ورد يومي من القرآن‪ ،‬ال يخل به سف اًر وال حض اًر هذا موجود‪ ،‬لكن علينا أن نعنى بالقرآن‪ ،‬شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬يقول‪ :‬من ق أر القرآن على الوجه المأمور به ‪-‬يعني بالترتيل والتدبر والتفهم‬
‫والتغني وتحسين الصوت‪ -‬يورث القلب من اإليمان واليقين والطمأنينة ما ال يدركه إال من فعله" هذا شيء ذكره‬
‫شيخ اإلسالم وأكد عليه هو وابن القيم وكتبهم مملوءة من هذا‪ ،‬وغيرهم ممن يعنى بأدوية القلوب‪.‬‬
‫ولذا تجد من يتتبع األحكام في الظاهر ويغفل عن هذا الجانب المهم والعالج الناجع ألدوية القلوب تجده في‬
‫غفلة‪ ،‬كثير من الناس يشكو قسوة القلب‪ ،‬عامة الناس يشكو الغفلة وعدم الخشوع في الصالة‪ ،‬سبب هذا ومرده‬
‫هجر القرآن‪ ،‬هج اًر حقيقياً أو حكمياً‪ ،‬على كل حال القرآن والعناية به أمر مستفيض بالنصوص الشرعية وأهل‬
‫العلم أفاضوا في هذا وبينوا ولم يبق إال العمل‪.‬‬
‫يقول‪(( :‬وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟)) قالوا‪ :‬نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت" ما هذا الرجل الذي‬
‫بعث فيكم؟ من األ سئلة التي ال بد منها‪ ،‬بل من األصول التي يجب على كل مسلم معرفتها والعناية بها‪ ،‬وليس‬
‫معنى هذا أنا نرددها باللسان دون معرفة محتواها والعمل بمقتضاها‪ ،‬نشهد أن الرسول بلغ وأدى ونصح ومع ذلك‬
‫نخالفه‪ ،‬يأمر بال نأتمر‪ ،‬وينهى فال ننتهي‪ ،‬هذا التصديق باللسان إن لم يصدقه العمل فهو إلى التكذيب أقرب‪،‬‬
‫نعم التصديق باللسان مع االعتقاد أمر ال بد منه‪ ،‬والعمل أيضاً ال بد منه‪.‬‬
‫"فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس‪(( :‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد)) ثالث‬
‫مرات‪ ،‬يرفعها إلى السماء" وهذا من أدلة علو هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬على خلقه‪ ،‬وأنه بائن من خلقه‪ ،‬وأنه مستو‬
‫اء يليق بجالله ويناسب عظمته ‪-‬عز وجل‪ ،-‬واستواؤه ال ينافي نزوله كما جاءت بذلك‬ ‫على عرشه‪ ،‬استو ً‬
‫النصوص‪ ،‬كما أن نزوله ال يناقض استوائه كما هو مقرر في كتب أهل العلم كشيخ اإلسالم ابن تيمية وغيره‪،‬‬
‫وعلى كل حال العلو متواتر‪ ،‬إثبات العلو هو مذهب أهل السنة والجماعة‪ ،‬وهو مذهب سلف األئمة وأئمتها‪ ،‬وال‬
‫ينكره إال مبتدع‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫شرح حديث جابر في صفة حج النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪)3( -‬‬
‫الشيخ‪ /‬عبد الكريم الخضير‬

‫‪......‬أصحاب المطابخ إذا كانوا من المسلمين يجزئ ذبحهم‪.‬‬


‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد‪:‬‬
‫فقال جابر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬في صفة حجة النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" :-‬ثم أذن ثمم أقمام فصملى الظهمر‪ ،‬ثمم‬
‫أقام فصلى العصر‪ ،‬ولم يصمل بينهمما شميئاً‪ ،‬ثمم ركمب رسمول هللا ‪-‬صملى هللا عليمه وسملم‪ -‬حتمى أتمى الموقمف‪،‬‬
‫فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات‪ ،‬وجعل حبمل المشماة بمين يديمه‪ ،‬واسمتقبل القبلمة‪ ،‬فلمم يمزل واقفماً حتمى‬
‫ضربت الشمس‪ ،‬وذهبت الصفرة قليالً حتى غاب القرص‪ ،‬وأردف أسامة ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬خلفمه‪ ،‬ودفمع رسمول‬
‫هللا ‪-‬صمملى هللا عليممه وسمملم‪ -‬وقممد شممنق للقص مواء الزمممام حتممى إن رأسممها ليصمميب مممورك رحلممه‪ ،‬ويقممول بيممده‬
‫اليمنى‪ :‬أيها الناس السكينة السكينة‪ ،‬كلما أتى حبالً من الحبال أرخى لها قليالً حتى تصعد حتى أتمى المزدلفمة‬
‫فصلى بنا المغرب والعشاء بأذان واحمد واقمامتين‪ ،‬ولمم يسمبن بينهمما شميئاً‪ ،‬ثمم اضمطجع رسمول هللا ‪-‬صملى هللا‬
‫عليه وسلم‪ -‬حتى طلع الفجر‪ ،‬وصلى الفجر حين تبين له الصمبن بمأذان واقاممة‪ ،‬ثمم ركمب القصمواء حتمى أتمى‬
‫المشعر الحرام‪ ،‬فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده‪ ،‬فلم يزل واقفاً حتمى أسمفر جمداً‪ ،‬فمدفع قبمل أن تطلمع‬
‫الشممس‪ ،‬وأردف الفضممل بممن عبمماس ‪-‬رضمي هللا عنهممما‪ ،-‬وكممان رجمالً حسممن الشمعر أبمميض وسمميماً‪ ،‬فلممما دفممع‬
‫رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسملم‪ -‬ممرت بمه ضمعن يجمرين‪ ،‬فطفمق الفضمل ينظمر إلميهن‪ ،‬فوضمع رسمول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يده على وجه الفضل‪ ،‬فحول الفضل وجهه إلى الشق اآلخر ينظر‪ ،‬فحول رسمول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يده من الشق اآلخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق اآلخر ينظر‪ ،‬حتمى أتمى‬
‫بطن محسر‪ ،‬فحرك قليالً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج عن الجمرة الكبرى‪ ،‬حتمى أتمى الجممرة التمي عنمد‬
‫الشجرة‪ ،‬فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها‪ ،‬حصى الخذف‪ ،‬رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلمى‬
‫المنحر‪ ،‬فنحر ثالثاً وستين بيده ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬ثم أعطى علياً فنحر ما غبر‪ ،‬وأشركه في هديه‪ ،‬ثم‬
‫أمر من كل بدنة ببضعة‪ ،‬فجعلت في قدر فطبخت‪ ،‬فأكل من لحمهما وشمرب ممن مرقهما‪ ،‬ثمم ركمب رسمول هللا ‪-‬‬
‫صملى هللا عليممه وسملم‪ -‬فأفمماض إلمى البيممت فصملى بمكممة الظهممر‪ ،‬فمأتى بنممي عبمد المطلممب يسمقون علممى زمممزم‪،‬‬
‫فقال‪(( :‬انزعوا بني عبد المطلب‪ ،‬فلوال أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعمت معكمم)) فنماولوه دلمواً فشمرب منمه‬
‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫قال مسلم ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ :-‬وحدثنا عمر بن حفص بمن غيماث‪ ،‬حمدثنا أبمي حمدثنا جعفمر بمن محممد‪ ،‬حمدثني‬
‫أبممي قممال‪ :‬أتيممت جممابر بممن عبممد هللا ‪-‬رضممي هللا عنممه‪ -‬فسممألته عممن حجممة رسممول هللا ‪-‬صمملى هللا عليممه وسمملم‪-‬‬
‫وساق الحديث بنحو حديث حاتم بن إسماعيل‪ ،‬وزاد في الحديث‪ :‬وكانت العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمار‬
‫عري‪ ،‬فلما أجاز رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشك قريش أنمه سيقتصمر‬
‫عليه‪ ،‬ويكون منزله َث ّم‪ ،‬فأجاز ولم يعرض له حتى أتى عرفات فنزل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫يقننول جننابر ‪-‬رضنني هللا عنننه‪" :-‬ثممم أذن" يعننني بعنند أن انتهننت الخطبننة‪ ،‬أذن يعننني أمننر بنناألذان ثننم أقننام فصننلى‬
‫الظهننر‪ ،‬ثننم أقننام فصننلى العصننر‪ ،‬صننلى الظهننر والعصننر ركعتننين ركعتننين جمع ناً بننأذان واحنند واقننامتين‪ ،‬وهننذا هننو‬
‫األفضل‪ ،‬وهل الجمنع فني عرفنة ومزدلفنة للسنفر أو للنسنك؟ قنوالن ألهنل العلنم‪ ،‬والرسنول ‪-‬علينه الصنالة والسنالم‪-‬‬
‫اجتمننع فيننه الوصننفان‪ ،‬فهننو مسننافر يسننوغ لننه الجمننع والقصننر‪ ،‬وهننو أيض ناً متلننبس بننإحرام وبنسننك يسننوغ لننه الجمننع‬
‫والقصر عند من يقول بأن هذا الجمع للنسك‪.‬‬
‫الرسننول ‪-‬عليننه الصننالة والسننالم‪ -‬فنني مكننة لمننا سننلم مننن ركعتننين قننال‪(( :‬أتم نوا‪ ،‬فإنننا قننوم سننفر)) وهنننا فنني عرفننة‬
‫ومزدلفة لم يحفظ عنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أنه قال‪(( :‬أتموا)) فهل جميع من حضر هذه الصالة سواء كاننت‬
‫في عرفة أو في مزدلفة قصروا معه وجمعوا؟ أو اختص هذا األمر بمن كان على مسافة قصر من الموقع؟ على‬
‫كل حال هما قوالن ألهل العلم ولم يحفظ عنه ‪-‬عليه الصنالة والسنالم‪ -‬أننه أمنر أحنداً باإلتمنام‪ ،‬فالمتجنه أن الكنل‬
‫يجمع ويقصر‪ ،‬كما فعل النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ولو أمنر أحنداً بنذلك السنتفاض ونقنل‪ ،‬والفائندة منن الجمنع‬
‫وان كانت العادة المطردة منه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أنه ال يجمع إال إذا جد به السير‪ ،‬وهنا لم يجند بنه السنير‪،‬‬
‫ليتوفر له الوقت الكافي للوقوف بعرفة والدعاء والذكر‪.‬‬
‫"ولمم يصممل بينهمما شمميئاً" هنذه السنننة‪ ،‬أن ال يصنلي بنين الصننالتين المجمنوعتين "ثممم ركمب رسممول هللا ‪-‬صمملى هللا‬
‫عليممه وسمملم‪ -‬حتممى أتممى الموقممف" لكننن إذا كننان ممننن يسننوغ لننه الجمننع‪ ،‬ثننم ذكننر فائتننة هننل يصننليها بننين هنناتين‬
‫الصننالتين المجمننوعتين؟ ذكننر هننذه الصننالة الفائتننة بعنند سننالمه مننن الصننالة األولننى مننن الظهننر أو المغننرب‪ ،‬ذكننر‬
‫فائتننة‪ ،‬وأهننل العلننم يقولننون‪ :‬ويجننب قضنناء الفوائننت فننو اًر‪ ،‬أو نقننول‪ :‬أن هنناتين الصننالتين األصننل فيهمننا أن يصننليان‬
‫علننى التنوالي وال يفصننل بينهمننا؟ ابننن مسننعود كمننا فنني الصننحيح فنني جمننع مزدلفننة لمننا صننلى المغننرب وضننع الرحننل‬
‫وصننلى ركعتننين‪ ،‬لكننن ال منقننول عنننه ‪-‬عليننه الصننالة والسننالم‪ -‬والثابننت مننن فعلننه أنننه لننم يسننبح بينهمننا‪ ،‬لننم يصننل‬
‫بينهمنا‪ ،‬والعبنرة بفعلنه ‪-‬عليننه الصنالة والسنالم‪ ،-‬فهنل نقننول‪ :‬بالنسنبة لمنن ذكنر فائتننة يلزمنه أن يصنلي هنذه الفائتننة‬
‫فو اًر قبل الصالة الثانية‪ ،‬أو يصلي الثانية قبل هذه الفائتة ثم يقض هذه الفائتة؟‬
‫أهل العلم يقولون‪ :‬يجب قضاء الفوائت فو اًر‪ ،‬ويوجبون الترتيب‪ ،‬فمثل هنذا‪ ،‬أو فني مثنل هنذه الحالنة يصنلي الفائتنة‬
‫قبل الثانية أو يصلي الثانية ثم يصلي الفائتة؟ ألن عندنا شيئين‪ ،‬كون الفائتة تقضى فو اًر‪ ،‬وأيضاً الترتينب أمنر ال‬
‫بد منه‪ ،‬والفائتة قبل الصالتين معاً فضالً عن كونها قبل الثانية‪.‬‬
‫طالب‪........:‬‬
‫هنم يقولنون‪ :‬يسنقط الترتينب بنسنيانه‪ ،‬كوننه صنلى األولنى قبنل أن ينذكر الفائتنة سنقط الترتينب بنسنيانه‪ ،‬لكنن الثانيننة‬
‫ذكرها‪ ،‬فهل نقول‪ :‬يلزمه الترتيب ويقضي فو اًر؟ هنم يقولنون‪ :‬يسنقط الترتينب بنسنيانه أو بخشنية فنوات وقنت اختينار‬
‫الحاضرة‪ ،‬هذا كالم أهل العلم‪ ،‬وهنا لن يفوت وقت االختيار‪ ،‬في مثل هذه الصورة لن يفنوت وقنت االختينار؛ ألن‬
‫الص ننالة هن ننا ف نني أول وق ننت ص ننالة الظه ننر‪ ،‬فل ننن يف ننوت وق ننت االختي ننار‪ ،‬ه ننل نق ننول‪ :‬يص ننلي الفائت ننة؟ ه ننذا مس ننألة‬
‫افت ارض ننية‪ ،‬لك ننن وش الل نني يمن ننع أن تق ننع؟ يعن نني وقوعه ننا محتم ننل‪ ،‬يعن نني ك ننل م ننن س نناغ ل ننه الجم ننع ث ننم ذك ننر ب ننين‬
‫نالة فائتننة‪ ،‬ذكننر أنننه مننا صننلى الصننالة‪ ،‬صننالة البارحننة أو األمننس هننل نقننول كمننا يقننول بعضننهم‪ :‬أن‬
‫الصننالتين صن ً‬
‫الصالتين المجموعتين في حكم الواحدة‪ ،‬بحكم أجزائها‪ ،‬ولذا ال يجوز التفرينق بينهمنا؟ ال سنيما إذا كانتنا فني وقنت‬
‫األولى‪ ،‬أما في وقت الثانية يجوزون التفريق بينهما‪ ،‬هذه محل بحث‪.‬‬
‫يقول‪" :‬ولم يصل بينهما شيئاً‪ ،‬ثم ركب رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬حتى أتى الموقف‪ ،‬فجعل بطن ناقته‬
‫القصواء إلى الصخرات" إلى الجبنل فني أسنفل الجبنل المعنروف هنناك بجبنل الرحمنة‪ ،‬تسنميته استفاضنت عنند أهنل‬
‫العل نم فنني مناسننكهم‪ ،‬وان لننم يننرد بننذلك دليننل‪" ،‬وجعممل حبممل المشمماة بممين يدي مه ‪-‬يعننني مجتمننع المشنناة بننين يديننه‪-‬‬
‫واستقبل القبلة ‪-‬استقبال القبلة أمر مشروع‪ ،‬كل وقت إذا تيسر‪ -‬فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس" يعني علنى‬
‫دابتنه‪ ،‬وعلننى هنذا فننالركوب أفضننل إذا لنم يشننق علننى الدابنة‪ ،‬وعلننى هنذا نقننول‪ :‬ينبغنني ألربناب السننيارات أن يجعلنوا‬
‫تجاه السيارات إلى جهة القبلة‪ ،‬ويكون الدعاء في حال الركوب‪.‬‬
‫"فلم يمزل واقفماً حتمى غربمت الشممس‪ ،‬وذهبمت الصمفرة قلميالً حتمى غماب القمرص" هنل تنذهب الصنفرة قبنل مغينب‬
‫القننرص؟ حتننى غربننت الشننمس‪ ،‬وذهبننت الصننفرة قلننيالً يعننني بعنند غننروب الشننمس‪ ،‬ذهبننت الصننفرة قلننيالً يعننني بعنند‬
‫غننروب الشننمس‪ ،‬فقولننه‪" :‬حتمممى غممماب القمممرص" فنني بعننض الروايننات الصننحيحة فنني صننحيح مسننلم‪" :‬حننين غنناب‬
‫القرص" وعلى هذا هل يلزم أن يفعل الحاج مثلما فعل النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬فيستوعب الوقت من الزوال‬
‫إلى غروب الشمس؟ وهنل يجنزئ الوقنوف قبنل النزوال؟ وبعند غنروب الشنمس؟ وهنل يجنوز االنصنراف قبنل غنروب‬
‫الشننمس؟ أمننا الوقننوف قبننل الننزوال فقننال بننه الحنابلننة‪ ،‬والجمهننور يخننالفونهم فنني هننذا‪ ،‬وأن النبنني ‪-‬عليننه الصننالة‬
‫والسالم‪ -‬انتظر‪ ،‬ما دخنل الموقنف حتنى ازلنت الشنمس‪ ،‬وصنلى الظهنر والعصنر‪ ،‬وقنال‪(( :‬خنذوا عنني مناسنككم))‬
‫فدل على أن ما قبل الزوال ليس وقتاً للوقوف‪ ،‬الحنابلة يستدلون بحديث عروة بنن مضنرس‪(( :‬منن شنهد صنالتنا‪،‬‬
‫وكننان قنند وقننف قبننل ذلننك أيننة سنناعة مننن ليننل أو نهننار)) فأيننة سنناعة مننن نهننار تشننمل مننا قبننل الننزوال‪ ،‬هننذا دليننل‬
‫الحنابلة‪ ،‬والجمهور يقولون‪ :‬ال يصح الوقوف‪ ،‬وال يبدأ الوقوف إال من زوال الشمس‪.‬‬
‫وأما الوقوف إلى غروب الشمس فهو واجب عند أكثر العلماء‪ ،‬فمن انصرف قبل الغروب يلزمنه دم عنندهم‪ ،‬ومنن‬
‫أهل العلم من ال يلزمه بدم‪ ،‬بل يكفيه إذا وقف وانصرف قبل الغروب؛ ألنه صدق عليه أنه قف ساع ًة من نهنار‪،‬‬
‫وعلنى كنل حننال االحتيناط أن يمكننث الشنخص‪ ،‬وأن يقتنندي بنه ‪-‬عليننه الصنالة والسننالم‪ -‬فنال ينصننرف حتنى تغننرب‬
‫الشننمس‪ ،‬ويتحقننق مننن ذلننك وتننذهب الصننفرة قلننيالً‪ ،‬أربنناب الحمننالت نظ ن اًر لكث نرة حجنناجهم ويحتنناجون إلننى تنظننيم‬
‫وترتيننب ينشننغلون فنني آخننر الوقننت‪ ،‬الننذي يقننول عنننه عامننة الننناس وقننت اللننزوم‪ ،‬عشننية عرفننة‪ ،‬ينشننغلون ويشننغلون‬
‫الحجاج بالتأهب والركوع وحمل األمتعة‪ ،‬نظ اًر كونهم يحتاجون إلى ذلك واال ما اضطروا إلى التأخير‪.‬‬
‫فعلى اإلنسان أن يحتاط لنفسه‪ ،‬وأن يستغل كل لحظة من لحظات هنذا الموقنف‪ ،‬ويحنرص علنى العشني فني آخنر‬
‫النهار‪ ،‬ويجتهد في الدعاء‪ ،‬ويخلص العمل هلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬ويقدم بين يدي ذلك توب ًة نصوحاً‪.‬‬
‫"وذهبممت الصممفرة قلمميالً حتممى غمماب القممرص‪ ،‬وأردف أسممامة خلفممه" يقننول أهننل العلننم‪ :‬فنني هننذا جنواز اإلرداف علننى‬
‫الدابننة ش نريطة أن تكننون مطيق ن ًة لننذلك‪ ،‬واألدلننة عننن النبنني ‪-‬عليننه الصننالة والسننالم‪ -‬فنني ذلننك متظننافرة علننى هننذا‪،‬‬
‫أردف م ار اًر‪ ،‬ال شك أن اإلرداف يدل علنى التواضنع‪ ،‬الشنخص النذي ال يرضنى أن يركنب معنه أحند‪ ،‬أو يندنو مننه‬
‫أحد‪ ،‬من الكبر نسأل هللا العافية‪.‬‬
‫"وأردف أسامة خلفه‪ ،‬ودفمع رسمول هللا ‪-‬صملى هللا عليمه وسملم‪ -‬وقمد شمنق للقصمواء الزممام" يعنني ضنمه‪ ،‬ورد‬
‫الزمننام الننذي هننو الحبننل‪ ،‬يقننول‪" :‬حتممى إن رأسممها ليصمميب مممورك رحلممه" إذا رد الحبننل وهننو الزمننام الننذي تخطننم بننه‬
‫الناقة حتى يصيب مورك الرحل‪ ،‬لكي ال تسرع بالمشي‪.‬‬
‫"ويقممول بيممده اليمنممى‪(( :‬أيهمما النمماس‪ :‬السممكينة السممكينة))" هننذا هننو المطلننوب‪ ،‬السننكينة والرفننق‪ ،‬ال العجلننة‪ ،‬ومننا‬
‫يشاهد من كثير من الناس في وقت االنصراف من السرعة الجنونية التي تسبب الحوادث‪ ،‬هذا موجود‪ ،‬كثينر منن‬
‫الناس يصنع هذا‪ ،‬مجنرد منا تغنرب الشنمس تجنده يسنرع سنرع ًة تضنر بنه وتضنر بناآلخرين‪ ،‬والرفنق هنو المطلنوب‪،‬‬
‫واذا كننان الرفننق فنني حننال الجهنناد مطلننوب‪ ،‬الننذي فيننه بننذل النننفس‪ ،‬وفيننه التعننرض لألخطننار‪ ،‬فكيننف بحننال األمننن؟‬
‫النبنني ‪-‬عليننه الصننالة والسننالم‪ -‬يقننول لعلنني بننن أبنني طالننب يننوم خيبننر‪(( :‬انفننذ علننى رسننلك)) ألن الننذي ينفننذ علننى‬
‫رسله ويتأنى وال يستعجل يتصرف على مقتضى العقل‪ ،‬لكن الذي يستعجل في أموره تجده يتصرف في كثير منن‬
‫األحيان على خالف ما يقتضيه الشرع والعقل‪.‬‬
‫"((السكينة السكينة ‪-‬الزموا السكينة السكينة‪ -‬كلما أتى حبالً من الحبال أرخى لها قليالً" هناك حبل المشناة وهنو‬
‫مجتمعهم‪ ،‬وهنا‪ :‬كلما أتى حنبالً منن الحبنال أرخنى لهنا قلنيالً‪ ،‬وهنو الكثينب منن الرمنل‪ ،‬يعنني المرتفنع‪ ،‬هضنبة واال‬
‫شبهها‪ ،‬إما من رمل أو نحوه‪" ،‬كما أتى حبالً ممن الحبمال أرخمى لهما قلميالً"‪ ،‬يعننى أرخنى الزمنام قلنيالً لكني تسنتعد‬
‫لطلننوع هننذا المرتفننع‪ ،‬وهننذا شننيء مشنناهد‪ ،‬حتننى فنني السننيارات‪ ،‬إذا أقبلننت علننى شننيء مرتفننع تزينند فنني السننرعة قلننيالً‬
‫لكي تطلع السيارة ومثلها الدابة‪ ،‬وهي المرتفع تأخذ عزم‪.‬‬
‫"أرخى لها قلميالً حتمى تصمعد‪ ،‬حتمى أتمى المزدلفمة فصملى بهما المغمرب والعشماء" مزدلفنة وهني منن الحنرم‪ ،‬تسنمى‬
‫جمع‪" ،‬فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد واقامتين" وجاء بأذانين واقامتين‪ ،‬وجاء بأذان واقامة‪ ،‬ولذا يختلف‬
‫العلماء في اختيار األفضنل‪ ،‬لكنن األكثنر علنى اختينار منا جناء فني حنديث جنابر‪ ،‬هننا بنأذان واحند واقنامتين‪" .‬ولمم‬
‫يسبن بينهما شيئاً" وثبت في الصحيح أن ابن مسعود وضع رحله وسبح بينهما‪ ،‬لكن العبرة بما ثبت عنه ‪-‬عليه‬
‫الصالة والسالم‪.-‬‬
‫"ثم اضطجع رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬حتى طلع الفجر" بعد أن صلى المغرب والعشاء اضطجع‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬حتى طلع الفجر‪ ،‬هكنذا يقنول جنابر ‪-‬رضني هللا عننه‪ ،-‬ومفهنوم هنذا الكنالم أن النبني ‪-‬‬
‫علينه الصنالة والسننالم‪ -‬لنم يتنفننل‪ ،‬منا صنلى وال قننام منن الليننل وال صنلى وال النوتر الننذي ثبنت عنننه ‪-‬علينه الصننالة‬
‫والسننالم‪ -‬أنننه كننان ال يتركننه حض ن اًر وال سننف اًر‪ ،‬ألن األعمننال فنني يننوم النحننر كثي نرة وتحتنناج إلننى شننيء مننن المشننقة‬
‫والتعب‪ ،‬على ما سيأتي في فعله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬فيستعد لهنذا الينوم بنالنوم ليلنة جمنع‪ ،‬فهنل يشنرع النوتر‬
‫في هذه الليلة؟ أو نقول كما فعل النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وال توتر؟‬
‫ال شك أن جاب اًر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬خفي عليه كون النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أمر ونهى في تلك الليلة‪ ،‬وأذن‬
‫للضننعفة باالنص نراف‪ ،‬فكونننه لننم يننذكر الننوتر ال يعننني أنننه لننم يقننع‪ ،‬وعلننى كننل حننال العلننة معروفننة ومعقولننة‪ ،‬وهنني‬
‫االستعداد ليوم النحر بالراحة‪ ،‬فلو افترضنا أن شخصاً وضع رأسه على الوسادة فنام إلى الصبح‪ ،‬نقنول‪ :‬ال تندري‬
‫نقل جابر عن النبني ‪-‬صنلى هللا علينه وسنلم‪ -‬أننه اضنطجع حتنى طلنع الفجنر‪ ،‬نقنول‪ :‬شنخص لمنا صنلى المغنرب‬
‫والعشاء وضع رأسه في الفنراش وننام حتنى طلنع الفجنر‪ ،‬عمنالً بحنديث جنابر‪ ،‬نقنول‪ :‬أحسننت‪ ،‬وشنخص آخنر أرق‬
‫فبدالً من أن يتقلب في الفراش أو يتحدث مع الناس قام يصلي‪ ،‬نقول له‪ :‬أحسنت؛ ألن هذه الليلة يشملها ما جاء‬
‫يال ِم َن َّ‬
‫اللْي ِل َما َي ْه َج ُعمو َن}[(‪ )12‬سنورة النذاريات] واذا عرفننا العلنة أننه‬ ‫ِ‬
‫{كاُنوا َقل ً ّ‬
‫في غيرها في الحث على قيام اللينل‪َ ،‬‬
‫إنمنا نننام ‪-‬عليننه الصنالة والسننالم‪ -‬حتننى طلنع الفجننر‪ ،‬هننذا علنى القننول بأنننه منا أوتننر‪ ،‬ال يعننني هنذا أن الننوتر غيننر‬
‫{كماُنوا‬
‫مشروع‪ ،‬ثبتت به النصوص وأوجبه بعض العلماء‪ ،‬وقينام اللينل جناءت فينه النصنوص منن الكتناب والسننة‪َ ،‬‬
‫موب ُهم َع ِمن اْلم َض ِ‬
‫ماج ِع}[(‪ )11‬سنورة السنجدة] وهنذا يشنمل‬ ‫يال ِم َن َّ‬
‫اللْي ِل َما َي ْه َج ُعو َن}[(‪ )12‬سورة النذاريات] َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫{ت َت َجما َفى ُجُن ُ ْ‬ ‫َقل ً ّ‬
‫هذه الليلة أو غيرها‪ ،‬لكن المسألة في األفضل‪ ،‬إذا ننام واسنتعد علنى منا أمامنه منن أعمنال ينوم النحنر أحسنن‪ ،‬واذا‬
‫أرق وما استطاع أن ينام وقام إلى مصاله أحسن أيضاً‪.‬‬
‫"حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبن" تسن المبادرة بصالة الفجر من يوم النحر حتى يتسع وقت‬
‫الذكر بعدها قبل اإلسفار‪ ،‬حتى تبين له الصبح‪ ،‬لكن ال بد من التأكد من طلوع الصبح‪.‬‬
‫"بأذان واقامة‪ ،‬ثم ركب القصواء حتى أتى المشمعر الحمرام" المشنعر الحنرام جبنل صنغير بالمزدلفنة يقنال لنه‪ :‬قنزح‪،‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬أن جمعاً كلها يطلق عليها المشعر الحرام‪ ،‬لكن ظاهر الحديث يدل على أن المشعر غير مزدلفنة‪،‬‬
‫يعني هو في مزدلفة لكن ال يشمل مزدلفة كلها‪.‬‬
‫"ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر" لو كانت المزدلفة كلها المشعر ال يحتاج أن يقال‪ :‬ركب القصواء حتنى أتنى‬
‫المشعر‪ ،‬هو في المشعر‪ ،‬هو في مزدلفة‪ ،‬فكونه انتقل منن مكاننه حتنى أتنى المشنعر‪ ،‬دل علنى أن المشنعر شنيء‬
‫أخص من مزدلفة‪.‬‬
‫"فاسمممتقبل القبلمممة فمممدعاه ‪-‬دعننا هللا ‪-‬سننبحانه وتعننالى‪ -‬وكبمممره وهللمممه ووحمممده" أكثننر مننن الننذكر ‪-‬عليننه الصننالة‬
‫والسالم‪.-‬‬
‫"فلممم يممزل واقف ماً حتممى أسممفر جممداً‪ ،‬فممدفع قبممل أن تطلممع الشمممس" وهننو فنني ذل نك يخننالف عمننل المشننركين الننذين‬
‫ينتظرون طلوع الشمس ويقولون‪" :‬أشنرق ثبينر كيمنا نغينر"‪" .‬وأردف الفضمل بمن عبماس" هنناك بنين عرفنة ومزدلفنة‬
‫أردف أسامة‪ ،‬وهنا بين مزدلفة ومنى أردف الفضل‪ ،‬الفضل بن عبناس "وكمان رجمل حسمن الشمعر أبميض وسميماً"‬
‫وبمثلننه تفتننتن النسنناء‪" ،‬فلممما دفممع رسممول هللا ‪-‬صمملى هللا عليممه وسمملم‪ -‬مممرت بممه ُض معن" الضننعن جمننع ضننعينة‪،‬‬
‫واألصل أن الضنعينة الناقنة التني تحمنل المنرأة‪ ،‬ثنم أطلنق علنى المحمنول "ممرت بمه ضمعن يجمرين‪ ،‬فطفمق الفضمل‬
‫ين َي ُغ ُّضوا ِم ْن أَْب َص ِارِه ْم}[(‪ )20‬سورة النننور] "ينظمر إلميهن‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ينظر إليهن" والنظر غير مشروع‪ ،‬بل ممنوع { ُقل ّلْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫فوضع رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يده على وجه الفضل‪ ،‬فحول الفضل وجهه إلى الشق اآلخمر ينظمر"‬
‫وفي ذلك مخالف لألمر اإللهني‪" ،‬فحول رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم ممن الشمق اآلخمر"‪ ،‬وفني رواينة‪" :‬لنوى‬
‫عنقه"‪ ،‬فقال له العباس‪" :‬لوينت عننق ابنن أخينك"‪ ،‬لكنن هنل ينؤثر هنذا الكنالم بنالنبي ‪-‬علينه الصنالة والسنالم‪-‬؟ ال‬
‫يؤثر؛ ألن هذا من باب إنكار المنكر‪ ،‬فال ينظر فيه إلى عم‪ ،‬وال إلى ابن عم‪ ،‬ال ينظر في مثل هنذا إلنى عنم وال‬
‫إلنى ابنن عنم‪ ،‬فنإذا أمكنن إ ازلنة المنكنر باليند‪ ،‬منع األمنن منن اآلثنار المترتبنة علنى اإل ازلنة‪ ،‬المفاسند‪ ،‬تع ّنين وال يعندل‬
‫عن اإلنكار باليد إال مع العجز‪(( ،‬من رأى منكم منك اًر فليغيره بيده)) أمر‪ ،‬واألصل في األمر الوجوب‪(( ،‬فنإن لنم‬
‫يستطع فبلسانه)) أما مع القدرة فنالمتعين التغيينر باليند‪ ،‬إذا أمكنن ألحند إينش المنانع؟ إذا أمكنن بهنذا الشنرط‪ ،‬النذي‬
‫ال يمكنه التغيير باليد يكون غير مستطيع‪ ،‬وحينئذ ينتقل إلى اللسان‪ ،‬وهذا أيضاً حسب اإلمكان‪ ،‬فإذا ترتب علنى‬
‫التغيير باللسان مفسدة أعظم من هذا المنكر ينتقل إلى ما يليه‪ ،‬وهو التغيير بالقلب‪.‬‬
‫"يصرف وجهه من الشق اآلخر ينظمر‪ ،‬حتمى أتمى بطمن محسمر" واد بنين مزدلفنة ومننى‪ ،‬لنيس منن مزدلفنة وال منن‬
‫منى‪ ،‬وبعضهم يقول‪ :‬هو من منى‪ ،‬سمي بذلك ألن الفيل حسر فيه‪ ،‬أي أعيى وتعب وعجز‪.‬‬
‫"فحرك قليالً –أسرع‪ -‬ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى‪ ،‬حتى أتمى الجممرة" والجمنرة الحند‬
‫الفاصل بين مكة ومنى‪ ،‬وهنل هني فني مكنة أو فني مننى؟ خنالف بنين أهنل العلنم‪ ،‬منن الط ارئنف قنول بعضنهم أنهنا‬
‫من منى مستدالً بأن رميها تحينة مننى‪ ،‬فكينف يكنون الرمني خنارج موضنع التحينة؟ واسنتدل بعضنهم أنهنا منن مننى‬
‫قال‪ :‬ألن رميها تحية منى‪ ،‬إذاً ال بد أن تكون فني مننى واال إينش معننى تحينة مننى؟ قنال اآلخنر ‪-‬النذي أرى أنهنا‬
‫مننن مكننة‪ :-‬تحيننا والتحيننة تكننون فنني خننارج الشننيء‪ ،‬كمننا أن الط نواف تحيننة البيننت وهننو خننارج البيننت‪ ،‬هننذه مننن‬
‫الطرائف‪ ،‬وهللا المستعان‪.‬‬
‫على كل حال هي من الحرم بال شك‪ ،‬وكونها من منى أو خارج المنى االحتياط أن ال يبيت عندها‪ ،‬لينالي مننى‪،‬‬
‫وان بات عندها على القول اآلخر فال بأس حينئنذ‪" ،‬حتى أتى الجمرة التمي عنمد الشمجرة‪ ،‬فرماهما بسمبع حصميات‬
‫يكبر مع كل حصاة" هذا يدل على أن الحصى إنما ترمى متوالينة‪ ،‬وال يجنوز رميهنا دفعن ًة حا واحندة؛ ألننه لنو رماهنا‬
‫دفع ًة واحدة كان التكبير مرة واحدة‪ ،‬مثل حصى الخذف‪ ،‬مثل حبة الحمص أو الباقال من غير زينادة وال نقصنان؛‬
‫ألن الزيادة غلو ((بمثل هذا فارموا)) ((إياكم والغلو‪ ،‬فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)) وتجد بعنض الجهنال يرمني‬
‫بالحجارة الكبيرة وبالنعال وغيرهنا‪" ،‬ورمى من بطن الموادي ثمم انصمرف" رمنى منن بطنن النوادي‪ ،‬هنذه الجمنرة التني‬
‫ه نني جمن نرة العقب ننة مع ننروف أنه ننا مالص ننقة للجب ننل وال يمك ننن رميه ننا إال م ننن جه ننة واح نندة‪ ،‬ف ننالنبي ‪-‬علي ننه الص ننالة‬
‫والسننالم‪ -‬حننين رماهننا جعننل منننى عننن يمينننه‪ ،‬والبيننت عننن يسنناره واسننتقبلها فرماهننا‪ ،‬وان كننان بعضننهم يختننار أن‬
‫ً‬
‫يستقبل القبلة وهو يرمي‪ ،‬ويجعلها عن يمنيه‪.‬‬
‫وعلى كل حال إذا وقع الحصى في المرمنى أجنزى منن أي جهنة كنان الرمني‪ ،‬لكنن السننة هكنذا‪ ،‬أن يجعلهنا أمامنه‬
‫ويجعل منى عن يمنيه والبيت عن يسناره‪" ،‬رمى ممن بطمن الموادي‪ ،‬ثمم انصمرف إلمى المنحمر فنحمر ثالثماً وسمتين‬
‫بيده ‪-‬عليه الصالة والسالم ‪-‬وهذا القدر الذي جاء به من المدينة‪ -‬ثمم أعطمى عليماً فنحمر مما غبمر" يعنني النذي‬
‫جنناء بننه مننن الننيمن‪ ،‬وكلننه أو وكلننه بننه علي ناً فنحننر ‪-‬عليننه الصننالة والسننالم‪ -‬ثالث ناً وسننتين‪ ،‬عنندد سننني عم نره‪" ،‬ثممم‬
‫أعطى علياً فنحر ما غبر" ما غبر يعني ما بقي‪ ،‬عبر مضى‪ ،‬وغبر بقي‪ ،‬في كتاب اسمه‪( :‬العبنر فني خبنر منن‬
‫غبر) صح واال خطأ؟ صوابه‪ :‬من عبر‪ ،‬يعني من مضى‪ ،‬أما من غبر من بقي؟ ما يترجم لمن بقي‪.‬‬
‫"وأشركه في هديه" وقد جاء أن علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬سناق الهندي معنه‪ ،‬ولنذا لمنا أحنرم بنإحرام كإح ارمنه ‪-‬علينه‬
‫الصالة والسالم‪ -‬لم يحل‪ ،‬كما أمر النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أبا موسى األشعري‪ ،‬الذي هو اآلخر أهنل بمنا‬
‫أهل به النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لكنه لما لم يسق الهدي حل‪ ،‬جعلها عمرة‪ ،‬ثم أمر من كل بدنة ببضعة أو‬
‫بضننعة فجعلننت فنني قنندر‪ ،‬يسننن األكننل مننن الهنندي واألضننحية‪ ،‬وأوجبننه بعضننهم‪ ،‬لكننن األكننل مننن مائننة متيسننر واال‬
‫مستحيل؟ ما يمكن‪ ،‬فعلى هنذا أمنر النبني ‪-‬علينه الصنالة والسنالم‪ -‬ببضنعة يعنني بقطعنة منن كنل واحندة منن هنذه‬
‫البدن‪ ،‬فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها‪.‬‬
‫"ثم ركب رسول هللا ‪-‬صملى هللا عليمه وسملم‪ ،-‬فأفماض إلمى البيمت" مكنث فني مزدلفنة عنند المشنعر إلنى أن أسنفر‬
‫جداً ثم دفع إلى منى‪ ،‬فرمى الجمرة‪ ،‬ثم نحر‪ ،‬ثم بعد ذلكم أفاض إلى البيت‪ ،‬متنى حلنق؟ متنى حلنق النبني ‪-‬علينه‬
‫ً‬
‫الصنالة والسننالم‪-‬؟ بعنندما نحننر "فأفمماض إلممى البيممت فصمملى بمكممة الظهممر" أفنناض ذهنب إلننى البيننت فطنناف طنواف‬
‫اإلفاضننة‪ ،‬فصننلى بمكننة الظهننر‪ ،‬فعننل جميننع هننذه األعمننال‪ ،‬البركننة فنني عم نره ‪-‬عليننه الصننالة والسننالم‪ ،-‬واال مننن‬
‫يتصننور أن تننذبح مائننة بدنننة وتسننلخ ويطننبخ مننن لحمهننا ويشننرب مننن مرقهننا؟ مائننة بدنننة‪ ،‬نحننر بيننده ‪-‬عليننه الصننالة‬
‫والسالم‪ -‬ثالثاً وستين‪ ،‬متى سنلخت؟ متنى طبخنت؟ كنل هنذا بعند الرمني‪ ،‬وأفناض إلنى البينت وال تتصنور أن حالنه‬
‫مثل حال غيره‪ ،‬اآلن قدامه السيارات التي تيسر لنه الطنرق وتشنقها لنه؟ ال‪- ،‬علينه الصنالة والسنالم‪ -‬علنى دابتنه‪،‬‬
‫فأفاض‪ ،‬طاف طواف اإلفاضة قبل صالة الظهنر‪ ،‬فصنلى بمكنة الظهنر‪ ،‬هنذا حنديث جنابر‪ ،‬فني حنديث ابنن عمنر‬
‫أن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬صلى الظهر يوم النحر بمنى‪ ،‬هنا يقنول‪ :‬صنلى بمكنة الظهنر‪ ،‬فني حنديث ابنن‬
‫عمر وهنو صنحيح أيضناً‪ :‬صنلى الظهنر بمننى بعند طنواف اإلفاضنة‪ ،‬فنقنول هننا‪ :‬صنلى الظهنر بمكنة ثنم رجنع فني‬
‫أول الوقت إلى منى‪ ،‬فإما أن يكون صلى بهم ‪-‬عليه الصنالة والسنالم‪ -‬الظهنر‪ ،‬تكنون لنه نافلنة ولهنم فريضنة‪ ،‬أو‬
‫صلى معهم؛ ألن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أمر من صلى ثم أقيمت الصالة وهو موجود أن يصلي‪ ،‬وتكون‬
‫له نافلة‪.‬‬
‫"فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم‪ ،‬فقال‪(( :‬انزعوا بني عبد المطلب))" يحنثهم علنى سنقي النناس‪ ،‬ويبنين‬
‫لهننم الفضننل ((انزعموا بنممي عبممد المطلممب)) يننا بننني عبنند المطلننب ((فلموال أن يغلممبكم النمماس علممى سممقايتكم لنزعممت‬
‫معكم)) يعني شاركت معكم في النزع‪ ،‬في االستقاء‪ ،‬بإخراج الماء بالدالء من البئر‪.‬‬
‫ال شك أن النبي ‪-‬عليه الصنالة والسنالم‪ -‬لنو شناركهم لظننه النناس منن النسنك‪ ،‬صنار كنل حناج يقتندي بنه ‪-‬علينه‬
‫الصالة والسالم‪ -‬في هذا النزع‪ ،‬فيغلب الناس بني عبد المطلب على هذا‪.‬‬
‫"((فلوال أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم)) فناولوه دلواً فشمرب منمه" النبني ‪-‬علينه الصنالة والسنالم‪-‬‬
‫شرب من زمزم‪ ،‬وثبنت عننه ‪-‬علينه الصنالة والسنالم‪ -‬أننه شنرب قائمناً منن زمنزم‪ ،‬وثبنت النهني عنن الشنرب قائمناً‪،‬‬
‫ثبت األمر باالستقاء لمن شرب قائماً‪ ،‬فإما أن يقال‪ :‬هذا خاص بزمزم‪ ،‬أو ألن ما حولها من الرطوبنات ال تمكننه‬
‫من الجلوس‪ ،‬أو يقال‪ :‬أن النهي للكراهة فقط‪ ،‬والفعل لبيان الجواز‪.‬‬
‫يقول اإلمنام مسنلم‪" :‬وحمدثنا عممر بمن حفمص بمن غيماث قمال‪ :‬حمدثنا أبمي‪ ،‬قمال‪ :‬حمدثنا جعفمر بمن محممد ‪-‬يعنني‬
‫الصادق‪ -‬قال‪ :‬حدثني أبمي قمال‪ :‬أتيمت جمابر بمن عبمد هللا" جعفنر بنن محمند وهنو البناقر‪ ،‬محمند بنن علني‪ -‬قنال‪:‬‬
‫أتيت جابر بن عبد هللا‪ ،‬اآلن هذه متابعة واال شاهد؟ متابعة تامة واال قاصنرة؟ تامنة منن بداينة السنند‪ ،‬أيهمنا أعلنى‬
‫هذا السند أو الذي قبله؟ هذا السند أعلى من األول لماذا؟‬
‫طالب‪ :‬عمر بن حفص بن غياث عن جعفر الصادق عن محمد الباقر‪.......‬‬
‫عمر بن حفص بن غياث قال‪ :‬حدثني أبي‪ ،‬ها استذكر السنند األول؟ إسنحاق؟ إسنحاق بنن أبني شنيبة عنن حناتم‪،‬‬
‫العدد مستوي واال ما هو مستوي؟ عن جعفر‪.‬‬
‫طالب‪ :‬إذاً مستوي يا شيخ‪.‬‬
‫هما في العلو سواء‪ ،‬في منزلة واحدة في العلو‪ ،‬وحينئذ المتابعة تامة واال قاصرة؟‬
‫طالب‪ :‬تامة‪.‬‬
‫اآلن المدار على ماذا؟ على من؟ علنى جعفنر‪ ،‬حناتم وحفنص بنن غيناث كالهمنا عنن جعفنر‪ ،‬متنى تكنون المتابعنة‬
‫تامة؟ ومتى تكون قاصرة؟‬
‫طالب‪ :‬األول في السند تام‪.‬‬
‫اآلن من أول واال من أثنائه؟ المتابعة في أثنائه واال من أوله؟ هنا؟‬
‫طالب‪ :‬متابعة‪ ،‬عمر تابع‪.......‬‬
‫عمر وحفص تابع إسحاق وأبو بكر بن شيبة‪ ،‬واال حفص بن غياث تابع حاتم بن إسماعيل؟‬
‫طالب‪........:‬‬
‫إذاً ليسننت تامننة‪ ،‬ويقصنند منهننا التقويننة‪ ،‬تقويننة الخبننر‪ ،‬وتختلننف عننن الشنناهد‪ ،‬فالشنناهد مننا جنناء عننن صننحابي آخننر‪،‬‬
‫والمتابعة ما جاء عن نفس الصحابي منن طرينق آخنر‪ ،‬وبعضنهم يقنول‪ :‬ال ينظنر إلنى الصنحابي اختالفناً واتحناداً‪،‬‬
‫وانمننا ينظننر إلننى اللفننظ والمعنننى‪ ،‬ف نإن كانننت بنناللفظ متننابع‪ ،‬وان كانننت بننالمعنى فشنناهد‪ ،‬وعلننى كننل حننال الخطننب‬
‫سهل‪ ،‬سواء قلنا‪ :‬متابع أو شاهد المقصود به والمراد به التقوية‪.‬‬
‫"حدثني أبي قال‪ :‬أتيت جابر بن عبد هللا فسألته عن حجة رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليمه وسملم‪ -‬وسماق الحمديث‬
‫بنحممو حممديث حمماتم بممن إسممماعيل" بنحننوه‪ ،‬يعننني بلفظننه أو بمعننناه؟ إذاً معننناه‪" ،‬وزاد فممي الحممديث‪" :‬وكانممت العممرب‬
‫يدفع بهم أبو سيارة" يدفع بهم في الجاهلية‪ ،‬لما أجاز رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬من مزدلفة من المشنعر‬
‫الحرام‪ ،‬يقنول‪" :‬لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه‪ ،‬ويكون منزله ّثم" ألن العنرب النذين يخرجنون إلنى عرفنة يندفع‬
‫بهم أبو سيارة‪" ،‬على حمار عري" إيش معنى عري؟ ليس عليه سرج أو شبه‪ ،‬مما يركب علينه‪" ،‬فلما أجاز رسول‬
‫هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬من المزدلفة في المشعر الحرام لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه" ألنه من قريش‬
‫وهننو مننن الحمننس‪ ،‬والحمننس أهننل الحننرم ال يخرجننون منننه‪ ،‬لكننن هننذه شنريعة الجاهليننة‪ ،‬وجنناء النبنني ‪-‬عليننه الصننالة‬
‫والسالم‪ -‬بمخالفتهم‪ ،‬وهذه من المسائل التي خالف فيها رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أهل الجاهلية‪.‬‬
‫"لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه‪ ،‬ويكون منزله ّثم" يعني هناك "فأجاز ولم يعرض له حتى أتى عرفات فنزل"‬
‫يضموْا ِمم ْمن َحْيم ُ‬
‫مث‬ ‫يعننني جنناوز المشننعر‪ ،‬جنناوز مزدلفننة إلننى أن أتننى عرفننات فنننزل فيهننا‪ ،‬امتثنناالً لقولننه تعننالى‪ُ { :‬ثم َّمم أ َِف ُ‬
‫اس}[(‪ )199‬سورة البقرة] وهللا أعلم‪.‬‬ ‫اض َّ‬
‫الن ُ‬ ‫أَ َف َ‬
‫وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫شرح حديث جابر في صفة حج النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪)4( -‬‬
‫الشيخ‪ /‬عبد الكريم الخضير‬
‫طالب‪........:‬‬
‫ورد ((يحي نني ويمي ننت)) ف نني ذك ننر‪ :‬ال إل ننه إال هللا وح ننده ال شن نريك ل ننه المل ننك ول ننه الحم نند‪ ،‬أم ننا بالنس ننبة للمائ ننة ف ننال‪،‬‬
‫وبالنسبة للعشر التي تقال بعد صالة الصبح وبعد صالة المغرب فنعم‪.‬‬
‫طالب‪ :‬وبالنسبة ليوم عرفة؟‬
‫((أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي)) فيه يحيي ويميت؟‬
‫على كل حال الشيء المعروف‪ ،‬المائة ليس فيها يحيي ويميت‪ ،‬والعشر فيها يحيي ويميت‪.‬‬
‫طالب‪ :‬من المالحظ دقة الصحابة في الوصف‪ ،‬حدود المائة ألف أو يزيدون‪........،‬‬
‫على كل حال إذا ثبت الحكم بخبر تقوم به الحجة‪ ،‬ورفع اليدين في الدعاء متواتر‪ ،‬ما لم يكن في عبادة‪ ،‬فيحتاج‬
‫إلى نص‪ ،‬وما عدا ذلك من األدعية المطلقة يكفينا فيها األدلة التي تدل علنى رفنع اليندين فني الندعاء‪ ،‬وألفنت فينه‬
‫مؤلفات‪.‬‬
‫طالب‪ :‬أحسن هللا إليك‪ ،‬يوم الجمعة ممن وصفوا النبمي ‪-‬صملى هللا عليمه وسملم‪ -‬قمالوا‪ :‬مما كمان يرفمع إال عنمد‬
‫االستغاثة‪.‬‬
‫فقط نعم‪ ،‬ولذلك ما رفع‪ ،‬ألن هذه عبادة‪.‬‬
‫طالب‪ :‬يدعو من دون رفع اليدين‪.‬‬
‫أما خارج العبادات فارفع يديك؛ ألن الرفع مشروع تواترت بنه األحادينث فني أكثنر منن مائنة حنديث‪ ،‬والسنيوطي لنه‬
‫رسالة اسمها‪( :‬فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء) وله فيه مسائل أخرى‪ ،‬علنى كنل حنال رفنع اليندين‬
‫خارج العبادات في األدعية المطلقة مشروع‪ ،‬وأما ما كان في عبادة فيحتاج إلى نص خاص كاالستسقاء‪.‬‬

You might also like