Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 43

‫كتاب خآص‬

‫يف النيات‬
‫في بياف حقيقة النية وكيفيتها وتكثيرىا‬
‫والحكايات تتعلق بها‬

‫اعتناء‬
‫الفقير الحقير ذي الخذالف أبي محمد نوفل البناري‬
‫غفر اهلل لو ولوالديو ولمشايخو ولجميع المسلمين‬
‫آمين‬

‫يطلب من ‪:‬‬
‫المعهد اإلسالمي السلفي مفتاح الهدى‬
‫راكوكالمفيتاف ‪ -‬باتي أليت – جفارا – جاوى الوسطى‬

‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالـ على أشرؼ األنبياء والمرسلين‬
‫سيدنا محمد النبي األمي وعلى آلو وصحبو أجمعين ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فهذا الكتاب الذي بأيدينا فيو ما يحتاج إليو كل مسلم في حياتو ألنو يشتمل‬
‫على مسائل النية التي ىي أساس األعماؿ ‪ ،‬وبها تزكو جميع األفعاؿ ‪ ،‬وال يرفع‬
‫عمل إلى اهلل تعالى إال بالنية ‪ .‬وعن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو قاؿ ‪ :‬سمعت‬
‫اؿ بِالنِّػيَّات ‪َ ،‬وإِنَّ َما لكل اِ ْم ِر ٍئ َما‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪ « :‬إِنَّ َما األَ ْع َم ُ‬
‫ت‬‫ت ِى ْج َرتُوُ إِلَى اللَّوِ َوَر ُسولِ ِو فَ ِه ْج َرتُوُ إِلَى اللَّوِ َوَر ُسولِ ِو ‪َ ،‬وَم ْن َكانَ ْ‬ ‫نَػ َوى ‪ ،‬فَ َم ْن َكانَ ْ‬
‫اج َر إِلَْي ِو »‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ى ْج َرتُوُ ل ُدنْػيَا يُصيبُػ َها أَ ِو ْام َرأَة ينك ُح َها فَ ِه ْج َرتُوُ إِلَى َما َى َ‬
‫واعلم أيها الناظر على ىذا الكتاب ‪ :‬أنو ليس لي فيو إال النقل من كالـ العلماء‬
‫األخيار ‪ ،‬ومعظم مواد ىذا الكتاب مقتبس من كتاب األربعين في أصوؿ الدين‬
‫للغزالي والمنهج السوى للحبيب زين بن إبراىيم بن سميط وغيرىما ‪ ،‬باإلختصار ‪،‬‬
‫فمن أراد معرفة مسائل النية مفصلة فلينظر في ىذين الكتابين المذكورين ‪.‬‬
‫والمقصود من ىذا الكتاب تنبيو للطالبين القاصرين كأمثالي على حسن النية‬
‫وإرادة وجو اهلل تعالى في جميع أعمالهم ‪( .‬اللهم أصلح نياتنا ومقاصدنا) ‪.‬‬
‫والمرجو من اهلل تعالى أف يجعل سعينا خالصا لوجهو الكريم ‪ ،‬وأف ينفع بهذا‬
‫الكتاب النفع العميم ‪ ،‬إنو ىو السميع العليم ‪ ،‬وال حوؿ وال قوة إال باهلل العلي‬
‫العظيم ‪.‬‬
‫الباب األوؿ‬
‫حقيقة النية‬
‫‪2‬‬
‫حقيقة النية ىي ‪ :‬اإلرادة الباعثة للقدرة المنبعثة عن المعرفة ‪ .‬وبيانو ‪:‬‬
‫أف جميع أعمالك ال تصح إال بقدرة وإرادة وعلم ‪ .‬والعلم يهيج اإلرادة‬
‫واإلرادة باعثة للقدرة والقدرة خادمة اإلرادة بتحريك األعضاء ‪.‬‬
‫مثالو ‪ :‬أنو خلق فيك شهوة الطعاـ ‪ ،‬إال أنها قد تكوف فيك راكدة‬
‫كأنها نائمة ‪ ،‬وإذا وقع بصرؾ على طعاـ حصلت المعرفة بالطعاـ ‪،‬‬
‫فانتهضت الشهوة للطعاـ ‪ ،‬فامتدت إليو اليد ‪ ،‬وإنما امتدت اليد بالقوة التي‬
‫فيها المطيعة إلشارة الشهوة ‪ ،‬وانتهضت الشهوة بحصوؿ المعرفة‬
‫المستفادة من طليعة الحس ‪ .‬وكما خلق فيك شهوة إلى األشياء الحاضرة ‪،‬‬
‫خلق فيك أيضا ميل إلى اللذات اآلجلة ‪ ،‬ينتهض ذلك الميل بإشارة المعرفة‬
‫الحاصلة من العقل‬
‫والقدرة أيضا تخدـ ىذا الميل بتحريك األعضاء ‪ ،‬فالنية عبارة عن‬
‫الميل الجازـ الباعث للقدرة ‪ ،‬والذي يغزو قد يكوف الباعث لو ميال إلى‬
‫الماؿ فذلك نيتو ‪ ،‬وقد يكوف الباعث ميال إلى ثواب اآلخرة فذلك نيتو ‪،‬‬
‫فإذا ‪ ،‬النية عبارة عن اإلرادة الباعثة ‪ ،‬ومعنى إخالصها ‪ :‬تصفية الباعث عن‬
‫الشوب‪. 1‬‬

‫‪ 1‬الشوب ‪ :‬ما اختلط بغريه من األشياء‬


‫‪3‬‬
‫وإذا حصل العمل بباعث النية ‪ ،‬فالنية والعمل بهما تماـ العبادة ‪،‬‬
‫فالنية أحد جزئي العبادة ‪ ،‬لكنها خير الجزئين ‪ ،‬ألف األعماؿ بالجوارح‬
‫ليست مرادة إال لتأثيرىا في القلب ‪ ،‬ليميل إلى الخير ‪ ،‬وينفر عن الشر ‪،‬‬
‫فيتفرغ للفكر والذكر الموصولين إلى األنس والمعرفة اللذين ىما سبب‬
‫سعادتو في اآلخرة ‪.‬‬
‫فليس المقصود من وضع الجبهة على األرض ‪ ،‬وضع الجبهة على‬
‫األرض ‪ ،‬بل حضوع القلب ‪ ،‬ولكن القلب يتأثر بأعماؿ الجوارح ‪ ،‬وليس‬
‫المقصود من الزكاة إزالة الملك ‪ ،‬بل إزالة رذيلة البخل ‪ ،‬وىو قطع عالقة‬
‫القلب من الماؿ ‪ ،‬وليس المقصود من الضحية لحومها وال دماؤىا ‪ ،‬ولكن‬
‫استشعار القلب للتقوى بتعظيم شعائر اهلل‬
‫اعلم أف النية ال تدخل تحت اإلختيار ‪ ،‬فال ينبغي أف تغتػر فتقوؿ‬
‫بلسانك وقلبك ‪ :‬نويت من القعود في المسجد كذا وكذا ‪ ،‬وتظن أنك قد‬
‫نويت ‪ ،‬إذ عرفت من قبل أف النية ىي الباعث المتحرؾ الذي لواله لم‬
‫يتصور وجود العمل ‪.‬‬
‫والنية المتكلف ة كقوؿ القائل ‪ :‬نويت أف أحب فالنا وأعشقو وأعظمو‬
‫‪ ،‬أو نويت أف أعطش أو أجوع أو أشبع ‪ ،‬فإف لكل ىذه دواعى وصوارؼ‬
‫وتحققها أسبابها ‪ ،‬إذ ال يتصور حصولها دوف أسبابها ‪ .‬وقوؿ القائل ‪ :‬نويتها‬

‫‪4‬‬
‫قبل تحققها حديث نفس ال نية ‪ .‬فمن وطئ لغلبة شهوة الوقاع من أين ينفعو‬
‫قولو ‪ :‬نويت الوطء لحراثة الولد وتكثير عدد من بو المباىاة ‪ ،‬ال تظفر‬
‫بانبعاث ىذه النيات من قلبك إال إذا قوي إيمانك وتمت معرفتك بحقارة‬
‫الحظوظ العاجلة وعظم ثواب اآلخرة ‪ ،‬حتى إذا غلب ذلك عليك انبعث‬
‫منك الرغبة ضرورة في كل ما ىو وسيلة إلى ثواب اآلخرة ‪ ،‬وإف لم ينبعث‬
‫فال نية لك ‪.‬‬
‫ولمثل ىذا توقف السلف في جملة من الخيرات ‪ ،‬حتى روي أف‬
‫محمد بن سيرين لم يصل على جنازة الحسن البصري ‪ ،‬وقاؿ ‪ :‬ليس‬
‫يحضرني النية ‪ .‬وقيل لطاوس ‪ :‬أدع لنا ‪ ،‬فقاؿ ‪ :‬حتى أجد لو نية ‪ .‬وقاؿ‬
‫بعضهم ‪ :‬أنا في طلب نية لعيادة رجل منذ شهر ‪ ،‬فما صحت لي نية بعد ‪.‬‬
‫ومن عرؼ حقيقة النية وعلم أنها روح العمل ‪ ،‬فال يتعب نفسو بعمل‬
‫ال روح لو ‪ ،‬ويػ حقق ذلك أف المباح قد يصير أفضل من العبادة إذا حضرت‬
‫فيو نية ‪ ،‬فمن لو نية في األكل والشرب ليقوى على العبادة ‪ ،‬وليس تنبعث‬
‫لو نية الصوـ في الحاؿ ‪ ،‬فاألكل أولى لو ‪ ،‬ومن مل من العبادة ‪ ،‬وعلم أنو‬
‫لو ناـ عاد نشاطو ‪ ،‬فالنوـ أفضل لو ‪ ،‬بل لو علم مثال أف الترفو – بدعابة‬
‫وحديث مزاح في ساعة – يرد نشاطو ‪ ،‬فذلك أفضل من الصالة مع المالؿ‬

‫‪5‬‬
‫‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬إف اهلل ال يمل حتى تملوا) ‪ . 2‬وقاؿ أبو‬
‫الدرداء ‪ :‬إني ألستجم‪ 3‬نفسي بشيء من اللهو ‪ ،‬فيكوف ذلك عونا لي على‬
‫الحق ‪ .‬وقاؿ علي كرـ اهلل وجهو ‪ :‬روحوا النفوس ‪ ،‬فإنها إذا أكرىت‬
‫عييت‪. 4‬‬

‫الباب الثاني‬
‫ال عمل إال بالنية‬

‫اعلم – رحمك اهلل – أف النية ىي أساس األعماؿ ‪ ،‬وبها تزكو جميع‬


‫األفعاؿ ‪ ،‬وال يرفع عمل إلى اهلل تعالى إال بالنية ‪ .‬قاؿ ابن عباس رضي اهلل‬

‫وم َها َوال ِد َما ُؤ َىا َولَ ِك ْن يَػنَالُوُ‬


‫اؿ اللَّوَ لُ ُح ُ‬
‫عنهما – في قولو تعالى ‪( :‬لَ ْن يَػنَ َ‬
‫التَّػ ْق َوى ِم ْن ُك ْم) [الحج‪ – . ]37 :‬قاؿ ‪ :‬ولكن ينالو النيات ‪.‬‬
‫وعن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو قاؿ ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل صلى‬
‫اؿ بِالنِّػيَّات ‪َ ،‬وإِنَّ َما لكل اِ ْم ِر ٍئ َما نَػ َوى ‪،‬‬
‫اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪ « :‬إِنَّ َما األَ ْع َم ُ‬

‫‪ 2‬قولو ‪( :‬ال ديل حىت متلوا) ‪ ،‬معناه ‪ :‬أن اهلل ال ديل أبدا مللتم أو مل متلوا ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن اهلل ال يرتك‬
‫الثواب عنكم حىت ترتكوا عبادتو ‪ ،‬فإن من مل شيئا تركو ‪.‬‬
‫‪ 3‬يقال ‪ :‬استجم نفسو ‪ :‬أراحها‬
‫‪ 4‬كتاب األربعني يف أصول الدين لإلمام أيب حامد حممد بن حممد الغزايل ص ‪ 165-161‬حبدف‬
‫‪6‬‬
‫ت‬‫ت ِى ْج َرتُوُ إِلَى اللَّ ِو َوَر ُسولِ ِو فَ ِه ْج َرتُوُ إِلَى اللَّ ِو َوَر ُسولِ ِو ‪َ ،‬وَم ْن َكانَ ْ‬
‫فَ َم ْن َكانَ ْ‬
‫اج َر إِلَْي ِو »‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ى ْج َرتُوُ ل ُدنْػيَا يُصيبُػ َها أَ ِو ْام َرأَة ينك ُح َها فَ ِه ْج َرتُوُ إِلَى َما َى َ‬
‫قاؿ سيدنا اإلماـ عبد اهلل بن علوي رضي اهلل عنو ‪ :‬وخص الهجرة‬
‫عليو الصالة والسالـ من بين سائر األعماؿ ‪ ،‬تنبيها على الكل بالبعض ‪،‬‬
‫ألف المعلوـ عند أولى األفهاـ أف اإلخبار ليس خآصا بالهجرة ‪ ،‬بل ىو عاـ‬
‫في جميع شرائع اإلسالـ ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫قاؿ اإلماـ النووي رحمو اهلل ‪ :‬وىذا الحديث من أصوؿ اإلسالـ ‪،‬‬
‫مجمع على عظيم موقعو وجاللتو ‪ ،‬وىو إحدى قواعد اإليماف وأوؿ دعائمو‬
‫‪ .‬قاؿ الشافعي رحمو اهلل ‪ :‬يدخل في ىذا الحديث سبعوف بابا من الفقو ‪،‬‬
‫وقاؿ أيضا ‪ :‬ىو ثلث العلم ‪ .‬وقد ابتدأ بو إماـ أىل الحديث بال مدافعة ‪:‬‬
‫أبو عبد اهلل البخاري في صحيحو ‪ ،‬ونقل جماعة أف السلف كانوا يستحبوف‬
‫افتتاح الكتب بهذا الحديث ‪ ،‬تنبيها للطالب على حسن النية وإرادة وجو‬
‫اهلل تعالى في جميع أعمالو ‪ :‬البارزة والخفية ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫وقاؿ اإلماـ السيوطي رحمو اهلل في (األشباه والنظائر) ‪ :‬اعلم أنو قد‬
‫تواتر النقل عن األئمة في تعظيم قدر حديث النية ‪ .‬قاؿ أبو عبيدة ‪ :‬ليس‬
‫في أخبار النبي صلى اهلل عليو و سلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة منو ‪.‬‬
‫واتفق اإلماـ الشافعي وأحمد بن حنبل وابن مهدي وابن المديني وأبو داود‬

‫‪7‬‬
‫والدارقطني وغيرىم على أنو ثلث العلم ‪ ،‬ووجو البيهقي كونو ثلث العلم ‪:‬‬
‫بأف كسب العبد يقع بقلبو ولسانو وجوارحو ‪ ،‬فالنية أحد أقسامها الثالثة‬
‫وأرجحها ألنها قد تكوف عبادة مستقلة وغيرىا يحتاج إليها ومن ثم ورد ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫(نية المؤمن خير من عملو)‬
‫وقاؿ رحمو اهلل في موضع آخر من الكتاب المذكور ‪ :‬وقد قيل في‬
‫قولو صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬نية المؤمن خير من عملو) ‪ :‬إف المؤمن يخلد‬
‫في الجنة وإف أطاع اهلل مدة حياتو فقط ألف نيتو أنو لو بقي أبد اآلباد‬
‫الستمر على اإليماف ‪ ،‬فجوزي على ذلك بالخلود في الجنة ‪،‬كما أف‬
‫الكافر يخلد في النار وإف لم يعص اهلل إال مدة حياتو فقط ‪ ،‬ألف نيتو الكفر‬
‫ما عاش ‪ .‬وعن الحسن البصري ‪ :‬إنما خلد أىل الجنة في الجنة وأىل النار‬
‫في النار بالنيات ‪ .‬انتهى كالـ السيوطي ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬إف دخوؿ الجنة بثالثة أشياء ‪ ،‬ودخوؿ النار بثالثة أشياء ‪ ،‬أما‬
‫ثالثة الجنة ‪ :‬فدخولها برحمة اهلل ‪ ،‬واستحقاؽ منزلػ ػػها باألعماؿ ‪ ،‬والخلود‬

‫‪ 5‬قولو ‪( :‬نية املؤمن خري من عملو) أى أن أجره يف نيتو أكثر من أجر عملو ‪ ،‬ألن القول والعمل‬
‫يدخلهما الفساد أى العجب والرياء ‪ ،‬والنية ال يدخلها (ىامش كتاب األربعني ص ‪)162‬‬
‫‪8‬‬
‫فيها لنية عدـ مفارقة اإليماف ‪ .‬وكذا ثالثة النار ‪ :‬فدخولها بعدؿ اهلل ‪،‬‬
‫واستحقاؽ منزلػ ػػها باألعماؿ ‪ ،‬والخلود فيها لنية عدـ مفارقة الكفر‪. 6‬‬
‫وأفاد سيدنا اإلماـ العارؼ باهلل عيدروس بن عمر الحبشي رضي اهلل‬
‫عنو – على قولو صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬نية المؤمن خير من عملو) ‪ : -‬أف‬
‫النية من أعماؿ القلب ‪ ،‬وأعماؿ القلب أتم وأكمل من أعماؿ الجوارح ‪،‬‬
‫وتكوف ىذه المخايرة عند اجتماع العمل والنية ‪ ،‬وأما مع خلو العمل عن‬
‫النية فهو ال شيء ‪ ،‬والنية بال عمل ‪ -‬وإف كاف لها فضل – فهو بالنسبة‬
‫إلى من لم يكن لو نية وال عمل ‪ ،‬وأما العمل المقروف بالنية فال لحوؽ للنية‬
‫المفردة بو ‪ ،‬فضال عن أف تكوف خيرا منو ‪ ،‬واإلستشهاد بهذا الحديث –‬
‫عند فوات العمل بهذا اإلعتبار – في غير محلو ‪ .‬انتهى‬

‫الفصل الثالث‬
‫النية مناط الجزاء‬

‫‪ ‬يثاب العبد بنيتو ولو لم يفعلها ‪:‬‬

‫‪ 6‬حكايا الصوفية ص ‪242‬‬


‫‪9‬‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬من أتى فراشو وىو ينوي أف‬
‫يقوـ فيصلي من الليل ‪ ،‬فغلبتو عينو حتى يصبح ‪ ،‬كتب لو ما نوى ‪ ،‬وكاف‬
‫نومو صدقة عليو من ربو)‬
‫وقاؿ عليو الصالة والسالـ ‪( :‬أكثر شهدآء أمتي أصحاب الفرش ‪،‬‬
‫ورب قتيل بين الصفين اهلل أعلم بنيتو) ‪ .‬وورد أيضا ‪( :‬من غزا وىو ال ينوي‬
‫إال عقاال‪ 7‬فلو ما نوى)‪ .‬وعن أبي ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬من توضأ فأحسن وضوءه ‪ ،‬ثم راح فوجد الناس قد‬
‫صلوا ‪ ،‬أعطاه اهلل عز وجل مثل أجر من صالىا وحضػرىا ‪ ،‬ال ينقص ذلك‬
‫من أجرىم شيئا)‬
‫ِ‬
‫اؿ ‪:‬‬ ‫ُح ِّدثُ ُك ْم َحديثًا فَ ْ‬
‫اح َفظُوهُ قَ َ‬ ‫قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ :‬وأ َ‬
‫الدنْػيا ألَربػع ِة نَػ َف ٍر ‪َ :‬ع ْب ٍد رَزقَوُ اللَّوُ ماالً و ِعلْما فَػ ُهو يػت َِّقى فِ ِيو ربَّوُ وي ِ‬
‫ص ُل‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َ ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫« إِنَّ َما ُّ َ َْ َ‬
‫ض ِل ال َْمنَا ِزِؿ ‪َ ،‬و َعبْ ٍد َرَزقَوُ اللَّوُ ِعل ًْما َولَ ْم‬
‫فِ ِيو َرِح َموُ َويَػ ْعلَ ُم لِلَّ ِو فِ ِيو َح ِّقا فَػ َه َذا بِأَفْ َ‬
‫ْت مثل َع َم ِل فُالَ ٍف‬ ‫َف لِى َماالً لَ َع ِمل ُ‬
‫وؿ ‪ :‬لَ ْو أ َّ‬ ‫اد ُؽ النِّػيَّ ِة ‪ ،‬يَػ ُق ُ‬
‫يػرُزقْوُ ماالً فَػهو ص ِ‬
‫َْ َ َُ َ‬
‫َج ُرُى َما َس َواءٌ ‪َ ،‬و َعبْ ٍد َرَزقَوُ اللَّوُ َماالً َولَ ْم يَػ ْرُزقْوُ ِعل ًْما فَػ ُه َو‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬فَػ ُه َو بِنِيَّتِو ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ص ُل فِ ِيو َرِح َموُ َوالَ يَػ ْعلَ ُم لِلَّ ِو‬‫ط فِى مالِ ِو بِغَْي ِر ِعل ٍْم والَ يػت َِّقى فِ ِيو ربَّوُ والَ ي ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫يَتخب ُ َ‬
‫‪ 7‬قولو ‪( :‬إال عقاال) قال الطييب ‪ :‬العقال حبل يشد بو ركبة البعري ‪ .‬وىو مبالغة يف قطع النظر عن‬
‫الغنيمة ‪ ،‬بل يكون غزوه خالصا هلل غري مشوب بغرض دنيوي ‪ ،‬فإنو ليس لإلنسان إال ما نوى ‪.‬‬
‫(ىامش كتاب األربعني ص ‪)162‬‬
‫‪11‬‬
‫ث ال َْمنَا ِزِؿ ‪َ ،‬و َعبْ ٍد لَ ْم يَػ ْرُزقْوُ اللَّوُ َماالً َوالَ ِعل ًْما فَػ ُه َو يَػ ُق ُ‬
‫وؿ‬ ‫فِ ِيو ح ِّقا فَػ َه َذا بِأَ ْخب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َف لِى َماالً مثل فالف لَ َع ِمل ُ‬
‫ْت مثلو ‪ ،‬فَػ ُه َو بِنِيَّتِ ِو ‪ ،‬و ِو ْزُرُى َما َس َواءٌ »‬ ‫‪ :‬لَ ْو أ َّ‬
‫قاؿ سيدنا اإلماـ عبد اهلل بن علوي الحداد رضي اهلل عنو في كتابو‬
‫"الفصوؿ العلمية" ‪ :‬مهما سمعت بفضيلة من الفضائل أو عمل من أعماؿ‬
‫الخير ‪ ،‬ال تستطيع العمل بو ‪ ،‬أو تستطيعو لكن ال تتمكن منو إال بترؾ ما‬
‫أنت قائم بو ومالبس لو من خير آخر ىو أولى لك وأصلح في حقك ‪،‬‬
‫فينبغي لك أف تنوي ذلك الخير وتعزـ على فعل ذلك الفضل أو العمل‬
‫الصالح مهما تمكنت منو وفرغت لو ‪ ،‬فتكوف بنيتك الصالحة في جملة‬
‫العاملين والمقيمين لو ‪ .‬ونية المؤمن خير من عملو ‪ ،‬ويبلغ بها ما ال يبلغ‬
‫بالعمل ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫وقاؿ سيدنا اإلماـ عبد اهلل بن محسن العطاس رضي اهلل عنو ‪ :‬وقد‬
‫ينوب عن فعل عذر شرعي ‪ ،‬فيحصل الثواب بال فعل ‪ ،‬فإذا نويت فعل‬
‫شيء من الخير ومنعك منو مانع شرعي ‪ ،‬فإنو يحصل لك ثواب ما نويت‬
‫فعلو ‪ ،‬ألف النية قد برزت وصارت في حكم الظاىر فتعلقت بو األحكاـ‬
‫الخمسة ‪ ،‬أو كما قاؿ ‪.‬‬
‫يروى أف رجال في بني اسرائيل مر بكثباف رمل في أياـ قحط ‪ ،‬فقاؿ‬
‫في نفسو ‪ :‬لو كاف لي ىذا الرمل طعاما لقسمتو بين الناس ‪ ،‬فأوحى اهلل إلى‬

‫‪11‬‬
‫نبيهم ‪ :‬قل لو ‪ :‬إف اهلل تعالى قد قبل صدقتك وشكر حسن نيتك ‪ ،‬وأعطاؾ‬
‫ثواب ما لو كاف طعاما فتصدقت بو ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّوُ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫وعن زيد بن ثابت رضي اهلل عنو قاؿ ‪َ :‬سم ْع ُ َ ُ‬
‫الدنْػيَا َى َّموُ فَػ َّر َؽ اللَّوُ َعلَ ْي ِو أ َْم َرهُ ‪َ ،‬و َج َع َل فَػ ْق َرُه‬
‫ت ُّ‬ ‫َعلَ ْي ِو َو َسلَّ َم يَػ ُق ُ‬
‫وؿ ‪َ ( :‬م ْن َكانَ ْ‬
‫الدنْػيا إَِّال ما ُكتِب لَو ‪ ،‬ومن َكانَ ْ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ْاآلخ َرةُ نِيَّتَوُ‬ ‫َ ُ ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫بَػ ْي َن َع ْيػنَػيْو ‪َ ،‬ولَ ْم يَأْتو م ْن ُّ َ‬
‫الدنْػيا و ِىي ر ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫اغ َمةٌ)‬‫َج َم َع اللَّوُ لَوُ أ َْم َرهُ ‪َ ،‬و َج َع َل غنَاهُ في قَػلْبو َوأَتَػتْوُ ُّ َ َ َ َ‬
‫المنقطع عن الجماعة لعذر من أعذارىا ‪ ،‬إذا كانت نيتو حضورىا لوال‬
‫العذر ‪ ،‬يحصل لو ثوابها كما اختاره في الكفاية ونقلو عن التلخيص‬
‫للروياني قاؿ في المهمات ونقلو في البحر عن القفاؿ وارتضاه وجزـ بو‬
‫الماوردي في الحاوي والغزالي في الخالصة وىو الحق انتهى ‪ .‬واختار‬
‫السبكي ‪ :‬أف معتاد الجماعة إذا تركها لعذر يحصل لو أجرىا ‪ ،‬قاؿ ابنو في‬
‫التوشيح ‪ :‬ىذا أبلغ من قوؿ الروياني من وجو ‪ ،‬ودونو من وجو فأبلغ من‬
‫جهة أنو لم يشترط فيو القصد بل اكتفى بالعادة السابقة ‪ ،‬ودونو من جهة أنو‬
‫اشترط فيو العادة ‪ ،‬وممن اختار ذلك البلقيني أيضا والمصحح في شرح‬
‫المهذب ‪ :‬أنو ال يحصل لو األجر ‪ ،‬ولكن المختار األوؿ ‪ ،‬واألحاديث‬
‫الصحيحة تدؿ لذلك ‪ .‬انتهى ‪ .‬من كتاب "األشباه والنظائر" لإلماـ‬
‫السيوطي ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫كاف بعض الصحابة تخلف عن غروة بدر كعثماف بن عفاف وطلحة بن‬
‫عبيد اهلل وسعيد بن زيد رضي اهلل عنهم ‪ ،‬لكنهم يعدوف من حضرىا وضرب‬
‫لهم النبي صلى اهلل عليو وسلم بسهمهم لعذرىم ‪ ،‬وبهذا استدؿ العلماء عن‬
‫أنو من تخلف عن حضور مجلس خير لعذر يحصل لو ثواب الحضور‪. 8‬‬
‫العذر إنما معناه ‪ :‬سقوط الحرج عن المعذور ‪ ،‬وقد حصل الثواب‬
‫مع إسقاط الحرج لمن كاف عذره صادقا وىو يود أنو لو استطاع الحضور‬
‫بأي ممكن لحضر ويقع في قلبو لعدـ حضوره حزف وتعب على ما فاتو من‬
‫طاعة ربو وتعظيم حرمتو‪. 9‬‬

‫‪ ‬يؤاخذ اإلنساف على سوء قصده وخبث نيتو ‪:‬‬


‫عن أبي بكرة رضي اهلل عنو أف النبي صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪ ( :‬إذا‬
‫التقى المسلماف بسيفهيما فالقاتل والمقتوؿ في النار) ‪ ،‬قلنا يا رسوؿ اهلل ‪،‬‬
‫ىذا القاتل ‪ ،‬فما باؿ المقتوؿ؟ قاؿ ‪ :‬إنو كاف حريصا على قتل صاحبو ‪.‬‬
‫والمعنى أف القاتل يدخل النار بالنية والعمل ‪ ،‬والمقتوؿ يدخلها بالنية فقط ‪،‬‬
‫بخالؼ ما إذا استسلم أحدىما فقتلو اآلخر ‪ ،‬أو لم يكن قصد المقتوؿ إال‬

‫‪ 8‬السرية النبوية ص ‪ 181-182‬مبعناه‬


‫‪ 9‬النصائح الدينية ص ‪125‬‬
‫‪13‬‬
‫الدفع عن نفسو دوف قتل صاحبو ‪ ،‬فإنو يسلم ‪ ،‬ويبوء القاتل باإلثم كما قص‬
‫اهلل في ابني آدـ ‪.‬‬
‫وعن صهيب رضي اهلل عنو مرفوعا ‪ :‬أَيُّ َما َر ُج ٍل تَػ َزَّو َج ْام َرأَ ًة ‪ ،‬فَػنَػ َوى أَ ْف‬
‫اف ‪َ ،‬وأَيُّ َما َر ُج ٍل ا ْشتَػ َرى‬ ‫وت و ُىو َز ٍ‬ ‫ص َداقِ َها َش ْيئًا ‪َ ،‬م َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات يَػ ْوَـ يَ ُم ُ َ َ‬ ‫ال يُػ ْعطيَػ َها م ْن َ‬
‫وت َو ُى َو‬
‫ات يَػ ْوَـ يَ ُم ُ‬ ‫ِم ْن َر ُج ٍل بَػ ْيػ ًعا‪ ،‬فَػنَػ َوى أَ ْف ال يُػ ْع ِطيَوُ ِم ْن ثَ َمنِ ِو َش ْيئًا ‪َ ،‬م َ‬
‫َخائِ ٌن‬
‫وفيو أيضا عن حديث ميموف الكردي ‪ ،‬عن أبيو ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬سمعت‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪ « :‬أيما رجل تزوج امرأة على ما قل‬
‫من المهر أو كثر ليس في نفسو أف يؤدي إليها حقها خدعها ‪ ،‬فمات ولم‬
‫يؤد إليها حقها لقي اهلل يوـ القيامة وىو زاف‪ ، 10‬وأيما رجل استداف دينا ال‬
‫يريد أف يؤدي إلى صاحبو حقو خدعو ‪ ،‬أخذ مالو ‪ ،‬فمات ولم يؤده لقي اهلل‬
‫وىو سارؽ‪» 11‬‬
‫(تنبيو) ‪ :‬ذكر الفقهاء رحمهم اهلل ‪ :‬لو تعاطى اإلنساف فعل شيء مباح‬
‫لو في نفس األمر وىو يعتقد عدـ حلو فهو آثم ‪ ،‬وذلك كمن وطىء امرأة‬

‫‪ 12‬أي ملتبس بإمث مثل إمث الزاين ‪ ،‬والزاين يف النار (فيض القدير ج ‪3‬ص ‪)181‬‬
‫‪ 11‬أي حيشر يف زمرة السارقني وجيازى جبزائهم ‪ .‬فيض القدير ج ‪ 3‬ص ‪)181‬‬
‫‪14‬‬
‫ويعتقد أنها أجنبية وأنو زاف بها ‪ ،‬فإذا ىي حليلتو ‪ ،‬أو قتل من يعتقده‬
‫معصوما فباف أنو يستحق دمو ‪ ،‬أو أتلف ماال لغيره فباف ملكو‬
‫قاؿ الشيخ عز الدين ‪ :‬يجري عليو حكم الفاسق لجرأتو على اهلل ألف‬
‫العدالة إنما شرطت لتحصيل الثقة بصدقو وأداء األمانة وقد انخرمت الثقة‬
‫بذلك لجرأتو الرتكاب ما يعتقده كبيرة ‪ .‬قاؿ ‪ :‬وأما مفاسد اآلخرة فال‬
‫يعذب تعذيب زاف وال قاتل وال آكل ماال حراما ألف عذاب اآلخرة مرتب‬
‫على ترتب المفاسد في الغالب كما أف ثوابها مرتب على ترتب المصالح في‬
‫الغالب ‪ .‬قاؿ ‪ :‬والظاىر أنو اليعذب تعذيب من ارتكب صغيرة ألجل جرأتو‬
‫وانتهاؾ الحرمة بل عذابا متوسطا بين الصغيرة والكبيرة ‪ .‬وعكس ىذا ‪ :‬من‬
‫وطئ أجنبية وىو يظنها حليلة لو ال يترتب عليو شيء من العقوبات‬
‫المؤاخذات المترتبة على الزاني اعتبارا بنيتو ومقصده ‪ .‬انتهى من األشباه‬
‫والنظائر‬

‫‪ ‬حسن األعماؿ من حسن النيات واألحواؿ ‪:‬‬


‫قاؿ السيد العالمة أحمد بن زيني دحالف رحمو اهلل في كتابو "تقريب‬
‫األصوؿ" ‪ :‬واعلم أف العارفين باهلل تختلف نياتهم ومقاصدىم فيما يأتوف‬
‫ويذروف ‪ ،‬فال يأتوف شيئا إال بنية صالحة تقربهم إلى اهلل تعالى ‪ ،‬وال يتركوف‬

‫‪15‬‬
‫إال كذلك ‪ ،‬فمنهم من كاف يؤثر البذاذة وخشونة العيش واللباس إذا كانت‬
‫نفسو لها حظ في خالفو ولم يجد لو فيو نية صالحة ‪ ،‬ومنهم من يجد لو نية‬
‫صالحة ‪ ،‬واألعماؿ بالنية ‪.‬‬
‫ومما يستند إليو من يؤثر البذاذة وخشونة العيش واللباس قولو صلى‬
‫اهلل عليو وسلم (البذاذة من اإليماف) ‪ ،‬وقولو صلى اهلل عليو وسلم في‬
‫الحديث الحسن ‪( :‬من تَػر َؾ اللِّباس تَػو ُ ِ‬
‫اض ًعا للَّ ِو َو ُى َو يَػ ْق ِد ُر َعلَْي ِو َد َعاهُ اللَّوُ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫وس ال َ ِ‬ ‫يَػ ْوَـ ال ِْقيَ َام ِة َعلَى ُرءُ ِ‬
‫س َها)‬ ‫ْخالَئ ِق َحتَّى يُ َخيِّػ َرهُ م ْن أَي ُحلَ ِل الجنة َش َ‬
‫اء يَػلْبَ ُ‬
‫‪ ،‬ثم قاؿ ‪ :‬وأما الذين فعلوا خالؼ ذلك وحسنت نياتهم فإنهم أرادوا إظهار‬
‫الشكر هلل تعالى ‪ ،‬لقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬إِ َّف اللَّوَ يُ ِح َّ‬
‫ب أَ ْف َيرى أَثَر‬
‫يل يُ ِح ُّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ب‬ ‫ن ْع َمتو َعلَى َع ْبده ) ‪ ،‬وقاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬إ َّف اللوَ َجم ٌ‬
‫ب النَّظَافَةَ)‬ ‫إف اللَّوَ نَ ِظ ٌ‬
‫يف يُ ِح ُّ‬ ‫اؿ) ‪ ،‬وفي رواية ‪َّ ( :‬‬
‫ْج َم َ‬
‫ال َ‬
‫وحاصلو ‪ :‬أف األوؿ محموؿ على من آثر ذلك للتواضع واإلقتداء‬
‫بالسلف ‪ ،‬والثاني على من قصد بو إظهار نعمة اهلل تعالى عليو ‪ ،‬وكال‬
‫األمرين إذا كاف بنية حسنة فهو حسن ‪ ،‬واألعماؿ بالنية ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫وقاؿ ابن القيم في "الهدي" ‪ :‬قاؿ بعض السلف ‪ :‬كانوا يكرىوف‬
‫الشهرتين من الثياب ‪ :‬العالي والمنخفض ‪ .‬وفي السنن عن ابن عمر ‪ ،‬يرفعو‬
‫إلى النبى صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬من لبس ثوب شهرة ألبسو اهلل يوـ القيامة‬

‫‪16‬‬
‫ثوب مذلة ثم يتلهب فيو في النار) ‪ ،‬وىذا لمن قصد بو اإلختياؿ والفخر ‪،‬‬
‫فعاقبو اهلل بنقيض ذلك فأذلو ‪ ،‬كما عاقب من أطاؿ ثيابو خيالء بأف خسف‬
‫بو األرض فهو يتجلجل فيها إلى يوـ القيامة ‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن ابن عمر قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫وسلم ‪( :‬من جر ثوبو خيالء لم ينظر اهلل إليو يوـ القيامة) قاؿ ‪ :‬وكذلك‬
‫لبس الدني من الثياب يذـ في موضع ويحمد في موضع ‪ ،‬فيذـ إذا كاف‬
‫شهرة وخيالء ‪ ،‬ويمدح إذا كاف تواضعا واستكانة كما أف لبس الرفيع من‬
‫الثياب يذـ إذا كاف تكبرا وفخرا وخيالء ‪ ،‬ويمدح إذا كاف تجمال وإظهارا‬
‫لنعمة اهلل ‪ ،‬ففي صحيح مسلم مرفوعا ‪( :‬ال يدخل الجنة من كاف في قلبو‬
‫مثقاؿ حبة خردؿ من كبر) ‪ ،‬فقاؿ رجل ‪ :‬يا رسوؿ اهلل ‪ :‬إني أحب أف يكوف‬
‫ثوبي حسنا ونعلي حسنة أفمن الكبر ذاؾ ؟ فقاؿ ‪ :‬ال ‪ ،‬إف اهلل جميل يحب‬
‫الجماؿ ‪ ،‬الكبر بطر الحق وغمط الناس )‬
‫قلت ‪ :‬فعلم مما مر أف اإلنساف حسب ما نوى يثاب ويجزى ‪ :‬إف‬
‫خيرا فخيرا وإف شرا فشرا ‪ ،‬فمن حسنت نيتو حسن عملو ‪ ،‬ومن خبثت نيتو‬
‫خبث عملو ‪ ،‬فاعلم ذلك وافهم ‪.‬‬
‫ومن حكم سيدنا اإلماـ القطب عبد اهلل الحداد رضي اهلل عنو ‪ :‬من‬
‫أصلح نيتو بلغ أمنيتو ‪ ،‬وإذا صلحت المقاصد لم يخب القاصد ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الباب الرابع‬
‫في قلب المباحات إلى طاعات باقترانها بالنيات الصالحات‬

‫ذكر العلماء أف النية الصالحة تقلب العادة إلى عبادة ‪ ،‬فإذا احترؼ‬
‫اإلنساف حرفة بقصد التعفف عن الحراـ ‪ ،‬واإلنفاؽ على أىلو وعيالو ‪ ،‬أو‬
‫أكل أو شرب بقصد التقوي على طاعة اهلل ‪ ،‬كاف عملو عبادة يثاب عليها ‪.‬‬
‫ك لَن تُػنْ ِف َق نَػ َف َقةً إِالَّ أ ِ‬
‫ت‬
‫ُج ْر َ‬ ‫واألصل في ذلك قولو صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬إِنَّ َ ْ‬
‫ك) ‪ ،‬وقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫ض ُع َها في فِي ْام َرأَتِ َ‬‫فِ َيها َحتَّى اللُّ ْق َمة تَ َ‬
‫ص َدقَةٌ‪)...‬‬ ‫ض ِع أ ِ‬ ‫ِ‬
‫َحد ُك ْم َ‬‫( َوفى بُ ْ َ‬
‫سئل سيدنا العارؼ باهلل عيدروس بن عمر الحبشي رضي اهلل عنو ‪،‬‬
‫عن قوؿ بعض السلف الصالح ‪ :‬إني لم أفعل مباحا مدة عمري ‪ ،‬أو نحو‬
‫ىذا ‪ ،‬وىو مع ذلك ال بد لو مما ىو من لوازـ البشر من أكل أو شرب‬
‫ونحو ذلك من ضروريات اإلنساف ما بقي في ىذه الحياة ‪.‬‬
‫فأجاب ‪ :‬بأنو يتناوؿ من األمور البشرية ما يتناولو غيره ‪ ،‬ولكن يقلب‬
‫ذلك بالنية الصالحة إلى حيز القربات ‪ ،‬ويخرجو من قسم المباحات إلى‬
‫الطاعات ‪ ،‬فقد قلب عين المباحات طاعات وقربات ‪ ،‬فهذا ىو القلب‬

‫‪18‬‬
‫لألعياف الذي تتفاخر بو أكابر األعياف ‪ ،‬ال قلب الحجر ذىبا أو فضة ‪.‬‬
‫تكوف الدنيا بأسرىا لو صارت ذىبا أو فضة فهي فانية وما عليها فاف ‪ ،‬وأما‬
‫من منحو اهلل ىذه العطية والموىبة الكبرى السنية ‪ ،‬وىو قلب المباحات‬
‫ات َخ ْيػ ٌر ِعنْ َد‬
‫الصالِ َح ُ‬ ‫طاعات ‪ ،‬فذلك من الباقيات الصالحات ‪َ ( ،‬والْبَاقِيَ ُ‬
‫ات َّ‬
‫ك ثَػ َوابًا َو َخ ْيػ ٌر أ ََمال) ( الكهف ‪ . )46:‬أو كما قاؿ ‪.‬‬
‫َربِّ َ‬
‫قاؿ سيدنا القطب الشيخ اإلماـ عبد اهلل بن علوي الحداد رضي اهلل‬
‫عنو ‪ :‬األمور المباحة ينبغي أف يتحرى لها اإلنساف نية ‪ ،‬فإف لم يجدىا من‬
‫نفسو فليسأؿ عنها أىل العلم المأمونين ‪ ،‬وأخبره بأمرؾ الذي تريد فعلو من‬
‫بناء دار أو خلع نخل وغير ذلك ‪ ،‬وكانوا يتحروف النية ويتعلمونها كما يتعلم‬
‫الصغار القرآف ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫قاؿ سيدنا اإلماـ أحمد بن حسن العطاس رضي اهلل عنو ‪ :‬ينبغي لمن‬
‫أراد أف يباشر أمرا دنيويا ‪ ،‬كحراثة أرض أو سفر لطلب معيشة أو بناء ‪ ،‬أف‬
‫ينوي بو العوف على الطاعة والخير ‪ ،‬ليثاب عليها وتتيسر أموره ويدخل في‬
‫جملة القربات ال مجرد التلذذ والراحة ونحوىما ‪ ،‬والعادة تنقلب عبادة‬
‫بالنية ‪ .‬انتهى‬
‫ومن كالـ سيدنا اإلماـ الحبيب محمد بن زين بن سميط نفع اهلل بو ‪:‬‬
‫حقيقة الدنيا كل شيء لم يرد بو وجو اهلل تعالى والدار اآلخرة ‪ ،‬وإف كانت‬

‫‪19‬‬
‫صورتو عبادة فهي بالحقيقة دنيا ‪ ،‬حيث لم يقصد بو وجو اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫ْحيَاةِ ُّ‬
‫الدنْػيَا َواط َْمأَنُّوا‬ ‫ين َال يَػ ْر ُجو َف لِ َقآ َءنَا َوَر ُ‬
‫ضوا بِال َ‬
‫َّ ِ‬
‫قاؿ اهلل تعالى ‪( :‬إِ َّف الذ َ‬
‫ين ُى ْم َع ْن آَيَاتِنَا غَافِلُو َف) (يونس ‪ . )7 :‬وقاؿ تعالى في اآلية‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ب َها َوالذ َ‬
‫ادةِ‬
‫صالِ ًحا َوال يُ ْش ِر ْؾ بِ ِعبَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخرى ‪( :‬فَ َم ْن َكا َف يَػ ْر ُجوا ل َقآ َء َربِّو فَػلْيَػ ْع َم ْل َع َمال َ‬
‫َح ًدا) (الكهف ‪ . )110 :‬ثم قاؿ رضي اهلل عنو ‪ :‬فمن صح قصده في‬ ‫ِ‬
‫َربِّو أ َ‬
‫كل ما يتناولو ويتعاطاه من أمر الدنيا التقوى بو على طاعة اهلل سبحانو‬
‫واإلستعانة على محابو ومراضيو ‪ ،‬فقد انتفى عن طلب الدنيا المذمومة شرعا‬
‫‪ ،‬وانقلب ذلك بنيتو آخرة ‪ ،‬فقد علم بذلك أف الدنيا واآلخرة ىما قصد‬
‫اإلنساف فقط ‪ ،‬فقصده بما يتعاطاه هلل تعالى ىي اآلخرة كائنا ذلك ما كاف ‪،‬‬
‫وقصده بذلك التمتع من غير اهلل عز وجل ىي الدنيا ‪ .‬انتهى‬
‫قاؿ سيدنا اإلماـ أحمد بن حسن العطاس نفع اهلل بو ‪ :‬لإلنساف في‬
‫اليوـ والليلة أربعة وعشروف ألف نفس ‪ ،‬في كل ساعة ألف نفس ‪ ،‬فإذا نوى‬
‫أف يطيع اهلل فيها صارت أعمالو كلها صالحة ‪ ،‬وإذا نوى أف يعصي اهلل فيها‬
‫صارت أعمالو كلها فاسدة ‪.‬‬
‫وقاؿ سيدنا اإلماـ عبد اهلل بن علوي الحداد رضي اهلل عنو ‪ :‬الناس‬
‫في طلب الدنيا على أربعة أقساـ ‪ :‬طالب يطلبها على نية الخير واإلستعانة‬
‫بها عليو ‪ ،‬وطالب يطلبها للتمتع بالمباحات والشهوات ‪ ،‬وطالب يطلبها‬

‫‪21‬‬
‫للتوصل بها المعاصي ‪ ،‬إما على اإلنفراد وإما مع غيرىا ‪ ،‬وطالب يطلب‬
‫لذاتها ‪ ،‬وىذا من الشياطين ‪ .‬انتهى‬

‫الباب الخامس‬
‫في مسائل شتى في النية‬

‫األولى ‪ :‬لو نوى مع العبادة غيرىا ‪ ،‬كسفر الحج والتجارة ‪ ،‬أو نوى‬
‫الوضوء أو الغسل والتبرد ‪ ،‬أو نوى الصوـ والتداوي ونحو ذلك ‪ ،‬فالذي‬
‫اختاره ابن عبد السالـ أنو ال أجر لو مطلقا تستاوى القصداف أـ ال ‪ .‬واختار‬
‫الغزالي اعتبار الباعث على العمل ‪ ،‬فإف كاف القصد الدنيوي ىو الباعث لم‬
‫يكن فيو أجر ‪ ،‬وإف كاف الديني أغلب كاف لو األجر بقدره ‪ ،‬وإف تساويا‬
‫تساقطا ‪ .‬واختار ىذا القوؿ أيضا السيوطي كما في كتابو " األشباه" ‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬
‫ففي "الصحيح" وغيره أف الصحابة تأثػموا أف يتجروا في المواسم بمنى ‪،‬‬
‫ض ًال ِم ْن َربِّ ُك ْم) (البقرة ‪ )198 :‬في‬
‫اح أَ ْف تَػبْتَػغُوا فَ ْ‬
‫س َعلَ ْي ُك ْم ُجنَ ٌ‬
‫فنزلت ‪( :‬لَْي َ‬
‫موسم الحج ‪ .‬انتهى‬
‫قلت ‪ :‬واعتمد ابن حجر الهيتمي من المتأخرين ‪ ،‬حصوؿ الثواب‬
‫بقدر النية مطلقا قل أو ساوى أو غلب ‪ .‬واهلل سبحانو وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الثانية ‪ :‬سئل سيدنا اإلماـ العارؼ باهلل عيدروس بن عمر الحبشي‬
‫رضي اهلل عنو ونفع بو عن التحية والسالـ المعتاد من الناس على بعضهم ‪،‬‬
‫واإلجابة عليو ‪ :‬أنهما قد يكوناف مع غفلة عن مشروعيتهما ويكوناف على‬
‫جهة العادة ‪ ،‬ويدخل في ىذا الباب غيره مما شاكلو من المطلوبات شرعا ‪،‬‬
‫فهل يثاب على ىذا العمل لكونو مطلوبا شرعا أو ال يثاب لكونو أتى بو على‬
‫جهة العادة مع غفلتو عن مشروعيتو ؟‬
‫فأجاب ‪ :‬بأف األعماؿ بالنيات ‪ ،‬فال يثاب إال إف نوى بو السنة‬
‫وطلب الثواب عليو على مذىب إمامنا الشافعي ‪ ،‬وأما على مذىب اإلماـ‬
‫أبي حنيفة فيثاب ويكوف ىذا العمل قد شملتو نية اإلسالـ ‪ .‬انتهى معنى من‬
‫"النهر المورود"‬
‫الثالثة ‪ :‬قاؿ الحبيب عبد اهلل بن حسين بن طاىر رضي اهلل عنو في‬
‫"مجموعو" ‪ ،‬عند الكالـ على ذـ اإلسراؼ ‪ :‬ولعمري ‪ ،‬وقع من كثير من‬
‫الصالحين المعروفين بالوالية من أنفق جميع مالو واستداف بعد ذلك شيئا‬
‫كثيرا بطريقو ووجهو ‪ ،‬فأنفقو على عيالو وسائر وجوه الخير بنية صالحة ‪،‬‬
‫ولم ينفق منو حبة في فضوؿ ‪ ،‬فهؤالء يسلم لهم ولمن كاف مثلهم ‪ ،‬فقد‬
‫ذكر سيدنا الغزالي في "اإلحياء" ‪ :‬أف بعضهم فعل وليمة عظيمة أسرج فيها‬
‫ألف سراج ‪ ،‬فأنكر عليو واحد وقاؿ ‪ :‬ىذا اسراؼ ! فقاؿ لو ‪ :‬كل سراج‬

‫‪22‬‬
‫أسرجتو لغير اهلل فأطفئو ‪ ،‬فاجتهد ذلك المنكر على سراج واحد فلم يقدر ‪.‬‬
‫انتهى‬

‫الرابعة ‪ :‬وأفاد الحبيب عيدروس بن عمر الحبشي نفع اهلل بو أيضا ‪،‬‬
‫أف بعض العلماء يقوؿ ‪ :‬إف نية اإلسالـ تشمل بقية أعماؿ البر ‪ ،‬فالمرجو‬
‫أف من عمل عمال من أعماؿ البر المشروعة على لساف النبي صلى اهلل عليو‬
‫وسلم ‪ ،‬أنو ال يحرـ الثواب عليها وإف لم تحضره نية لذلك العمل بخصوصو‬
‫‪ ،‬ويكوف استحضار النية فيو للكماؿ ال ألصل الثواب ‪ .‬انتهى‬
‫الخامسة ‪ :‬قاؿ اإلماـ حجة اإلسالـ الغزالي رحمو اهلل في "األربعين‬
‫األصل" ‪ :‬إف المباح قد يصير أفضل من العبادة إذا حضرت فيو نية ‪ ،‬فمن‬
‫لو نية في األكل والشرب ليقوى على العبادة ‪ ،‬وليس تنبعث لو نية الصوـ‬
‫في الحاؿ ‪ ،‬فاألكل أولى لو ‪ ،‬ومن مل من العبادة ‪ ،‬وعلم أنو لو ناـ عاد‬
‫نشاطو ‪ ،‬فالنوـ أفضل لو ‪ ،‬بل لو علم مثال أف الترفو – بدعابة وحديث مباح‬
‫في ساعة – يرد نشاطو ‪ ،‬فذلك أفضل من الصالة مع المالؿ ‪ ،‬قاؿ صلى‬
‫اهلل عليو وسلم ‪( :‬إف اهلل ال يمل حتى تملوا) ‪ .‬وقاؿ أبو الدرداء ‪ :‬إني‬

‫‪23‬‬
‫ألستجم‪ 12‬نفسي بشيء من اللهو ‪ ،‬فيكوف ذلك عونا لي على الحق ‪ .‬وقاؿ‬
‫علي كرـ اهلل وجهو ‪ :‬روحوا النفوس ‪ ،‬فإنها إذا أكرىت عييت ‪ .‬انتهى‬
‫قلت ‪ :‬وعلى ما ذكره يحمل ما جاء عن األفاضل من أمور قد ينكرىا‬
‫الجاىل ‪ ،‬فإنهم يقلبوف المباحات طاعات بالنيات الصالحات ‪ ،‬فهم مثابوف‬
‫على جميع الحركات والسكنات ‪.‬‬

‫‪ 12‬يقال ‪ :‬استجم نفسو ‪ :‬أراحها‬


‫‪24‬‬
‫الباب السادس‬
‫‪13‬‬
‫في فضل تكثير النيات الصالحات وتعديدىا‬

‫قاؿ سيدنا الحبيب القطب عبد اهلل بن علوي الحداد رضي اهلل عنو‬
‫في رسالة المعاونة ‪ :‬اعلم أنو يتصور أف يجتمع في العمل الواحد نيات كثيرة‬
‫‪ ،‬ويكوف للعامل بكل نية ثواب تاـ‬
‫مثالو من الطاعات ‪ :‬أف ينوي بقراءة القرآف مناجاة اهلل تعالى ‪ ،‬فإف‬
‫القارئ مناج ربو ‪ ،‬وينوي استخراج العلوـ من القرآف ‪ ،‬فإنو معدنػػها ‪ ،‬وينوي‬
‫نفع نفسو والسامعين ‪ ،‬إلى غير ذلك من النيات الصالحات الحسنة ‪.‬‬
‫ومثالو من المباحات ‪ :‬أف تنوي باألكل امتثاؿ أمر ربك في قولو‬
‫تعالى ‪( :‬يآ أَيُّػ َها الَّ ِذين ءامنُوا ُكلُوا ِمن طَيِّب ِ‬
‫ات َما َرَزقػْنَا ُك ْم) (البقرة ‪)172:‬‬‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وتنوي بو التقوي على طاعة اهلل تعالى ‪ ،‬وتنوي التسبب في استخراج الشكر‬
‫منك لربك ‪ .‬إذ يقوؿ سبحانو ‪ُ ( :‬كلُوا ِم ْن ِر ْز ِؽ َربِّ ُك ْم َوا ْش ُك ُروا لَوُ) (سباء ‪:‬‬
‫‪ ، )15‬فقس على ىذين المثالين ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫‪ 13‬ىذه أمثلة على تكثري النيات باإلختصار فمن أراد معرفة أمثلة تكثري النيات مفصلة فلينظر كتاب‬
‫"املنهج السوي" للحبيب زين بن إبراىيم بن مسيط ‪ ،‬وكتاب النيات للسيد حممد بن علوي العيدروس‬
‫امللقب بـ ـ ـ (سعد)‬
‫‪25‬‬
‫قاؿ اإلماـ الغزالي رحمو اهلل في " األربعين في أصوؿ الدين" ‪ :‬إذا‬
‫عرفت فضل النية وأنها تحل حدقة المقصود فيؤثر فيها ‪ ،‬فاجتهد أف‬
‫تستكثر من النية في جميع أعمالك ‪ ،‬حتى تنوي بعمل واحد نيات كثيرة ‪.‬‬
‫ولو صدقت رغبتك ىديت لطريقو ‪ ،‬ويكفيك مثاؿ واحد ‪ ،‬وىو أف الدخوؿ‬
‫في المسجد والقعود فيو عبادة ‪ ،‬ويمكن أف تنوي فيو ثمانية أمور ‪:‬‬
‫أ ولها ‪ :‬أف تعتقد أنو بيت اهلل عز وجل ‪ ،‬وأف داخلو زائر اهلل تعالى ‪،‬‬
‫فتنوي ذلك ‪ ،‬قاؿ عليو السالـ ‪( :‬من قعد في المسجد فقد زار اهلل تعالى ‪،‬‬
‫وحق المزور إكراـ زائره) ‪.‬‬
‫ثانيها ‪ :‬نية المرابطة ‪ ،‬لقوؿ اهلل تعالى ‪( :‬وصابروا ورابطوا) (آؿ‬
‫عمراف ‪ ، )200 :‬قيل ‪ :‬معناه انتظار الصالة بعد الصالة ‪.‬‬
‫ثالثها ‪ :‬اإلعتكاؼ ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬كف السمع والبصر واألعضاء عن‬
‫الحركات المعتادة ‪ ،‬فإنو نوع صوـ ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬رىبانية‬
‫أمتي القعود في المساجد) ‪.‬‬
‫رابعها ‪ :‬الخلوة ودفع الشواغل للزوـ السر للفكر في اآلخرة ‪ ،‬وكيفية‬
‫اإلستعداد لها ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫خامسها ‪ :‬التجرد للذكر وسماعو أو إسماعو ‪ ،‬لقولو صلى اهلل عليو‬
‫وسلم ‪( :‬من غدا إلى المسجد يذكر اهلل تعالى أو يذكر بو كاف كالمجاىد في‬
‫سبيل اهلل تعالى) ‪.‬‬
‫سادسها ‪ :‬أف يقصد إفادة علم ‪ ،‬وتنبيو من يسيء الصالة ‪ ،‬ونهيا عن‬
‫منكر وأمر بمعروؼ ‪ ،‬حتى يتيسر بسببو خيرات ‪ ،‬ويكوف شريكا فيها ‪.‬‬
‫سابعها ‪ :‬أف يترؾ الذنوب حياء من اهلل عز وجل ‪ ،‬بأف يحسن نيتو في‬
‫نفسو وقولو وعملو ‪ ،‬حتى يستحيي منو من رآه أف يقارؼ ذنبا ‪.‬‬
‫ثامنها ‪ :‬أف تستفيد أخا في اهلل ‪ ،‬فإف ذلك غنيمة وذخيرة لدار اآلخرة‬
‫‪ ،‬والمسجد يعشعش أىل الدين والمحبين هلل وفي اهلل ‪ .‬وقس على ىذا‬
‫سائر األعماؿ‬
‫فباجتماع ىذه النيات تزكو األعماؿ وتلتحق بأعماؿ المقربين ‪ ،‬كما‬
‫أنو بنقيضها يلتحق بأعماؿ الشياطين كمن يقصد من القعود في المسجد‬
‫التحدث بالباطل ‪ ،‬والتفكو بأعراض الناس ‪ ،‬ومجالسة أخداف اللهو واللعب‬
‫‪ ،‬ومالحظة من يجتاز بو من النسواف والصبياف ‪ ،‬ومناظرة من ينازعو من‬
‫األقراف على سبيل المباىات والمراءات ‪ ،‬باقتناص قلوب المستمعين‬
‫لكالمو وما يجرى مجراه ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫وكذلك ال ينبغي أف ال يغفل في المباحات عن حسن النية ‪ ،‬ففي‬
‫الخبر ‪ :‬إف العبد يسأؿ يوـ القيامة عن كل شيء حتى عن كحل عينيو ‪ ،‬عن‬
‫فتات الطين بأصبعو ‪ ،‬وعن لمسو ثوب أخيو ‪ .‬ومثاؿ النية في المباحات ‪:‬‬
‫أف من يتطيب يوـ الجمعة يمكنو أف يقصد التنعم بلذتو والتفاخر بإظهار‬
‫ثروتو ‪ ،‬أو التزويق للنساء وأخداف الفساد ‪ ،‬ويتصور أف ينوي اتباع السنة‬
‫وتعظيم بيت اهلل تعالى ‪ ،‬واحتراـ يوـ الجمعة ‪ ،‬ودفع األذى عن غيره بدفع‬
‫الرائحة الكريهة ‪ ،‬وإيصاؿ الراحة إليهم بالرائحة الطيبة ‪ ،‬وحسم باب الغيبة‬
‫‪ ،‬إذا شموا منو رائحة كريهة ‪ .‬وإلى الفريقين اإلشارة بقولو صلى اهلل عليو‬
‫وسلم ‪( :‬من تطيب في اهلل جاء يوـ القيامة وريحو أطيب من ريح المسك ‪،‬‬
‫ومن تطيب لغير اهلل جاء يوـ القيامة وريحػػو أنتن من الجيفة) ‪.‬‬

‫الباب السابع‬
‫أقواؿ العلماء في النية‬

‫عن يحي بن كثير قاؿ ‪ :‬تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل ‪ .‬وعن زيد‬
‫الشامي قاؿ ‪ :‬إني ألحب أف تكوف لي نية في كل شيء حتى الطعاـ‬
‫والشراب ‪ .‬وعن داود الطائي قاؿ ‪ :‬قد رأيت الخير كلو إنما يجمعو حسن‬

‫‪28‬‬
‫النية ‪ ،‬وعن بعض السلف قاؿ ‪ :‬من سره أف يكمل لو علمو فيحسن نيتو ‪،‬‬
‫وعن ابن المبارؾ قاؿ ‪ :‬رب عمل صغير تعظمو النية ‪ ،‬ورب عمل كبير‬
‫تصغره النية ‪.‬‬
‫وقاؿ اإلماـ الحداد ‪:‬‬
‫ولصالح النيات كن متحريا * مستكثرا منها وراقب واخشع‬
‫وقد شرح البيت شرحا وافيا اإلماـ أحمد بن زين الحبشي فمن أراد‬
‫ذلك فليطالعو ‪ .‬وقاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬نية المؤمن خير من عملو) ‪،‬‬
‫وقاؿ ‪( :‬من ىم حسنة فلم يعملها كتب لو حسنة فإف عملها كتبت لو عشر‬
‫حسنات) ‪ ،‬وفي الخبر ‪( :‬من فتح على نفسو باب نية صالحة ‪ ،‬فتح اهلل لو‬
‫‪14‬‬
‫سبعين بابا من التوفيق‬
‫وعن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو ‪ :‬أفضل األعماؿ أداء ما افترض‬
‫اهلل ‪ ،‬والورع عما حرـ اهلل ‪ ،‬وصدؽ النية فيما عند اهلل ‪.‬‬
‫وكتب سالم بن عبد اهلل إلى عمر بن عبد العزيز ‪ :‬اعلم أف عوف اهلل‬
‫تعالى للعبد على قدر النية ‪ ،‬فمن تمت نيتو تم عوف اهلل لو ‪ ،‬وإف نقصت‬
‫نقص بقدره ‪.‬‬

‫‪ 14‬كتاب النيات ص ‪2‬‬


‫‪29‬‬
‫قاؿ الشيخ أحمد بن أبي الحواري لشيخو أبي سليماف الداراني‬
‫رحمهما اهلل ونفع بهما ‪ ،‬آمين ‪ :‬غبطت بني اسرائيل ‪ :‬يعمر أحدىم‬
‫خمسمئة سنة في عبادة اهلل تعالى حتى يكونوا كالشناف البالية‪ ، 15‬فقاؿ أبو‬
‫سليماف ‪ :‬واهلل ما يريد اهلل منا أف تيبس جلودنا على عظامنا من العبادة ‪،‬‬
‫وإنما يريد صدؽ النية فيما عنده ‪.‬‬
‫فانظر ىذه المقالة ‪ ،‬فما أحسنها وما أطيبها وما أعذبها وما ألذىا وما‬
‫أسلسها وأقربها ! وفقنا اهلل وإياكم لذلك ‪ ،‬ويسر لنا ما ىنالك ‪ ،‬بفضلو وىو‬
‫ذو الفضل العظيم ‪.‬‬
‫وقاؿ سيدنا العارؼ باهلل ‪ ،‬الحبيب أحمد بن حسن العطاس رضي اهلل‬
‫عنو ‪ :‬خصلتاف يبلغ اإلنساف بهما مراده ويناؿ بهما خير الدنيا واآلخرة ‪:‬‬
‫حسن الظن األكسير الذي ما وضع على شيء إال أصلحو ‪ ،‬وصالح النية ‪.‬‬
‫والعتوـ – أى ‪ :‬المجارى اليابسة – ما يندبها إال النيات الصالحة ‪.‬‬
‫وقاؿ رضي اهلل عنو ‪ :‬اإلنساف ما يحملو إال خصلتاف ‪ :‬ىمتو ونيتو ‪،‬‬
‫وأما األرجل والجسم فهي تابعة ‪ ،‬كالفلك في البحر ‪ :‬ما يحملو إال الريح‬
‫والشراع ‪ ،‬والريح بمنزلة الهمة ‪ ،‬والشراع بمنزلة النية ‪ .‬قاؿ ‪ :‬وروح األعماؿ‬
‫الصدؽ ‪ ،‬وروح الصدؽ اإلخالص ‪ .‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪( :‬نية المؤمن‬

‫‪ 15‬الشنان ‪ :‬مفردىا شن ‪ :‬وىي القربة الصغرية‬


‫‪31‬‬
‫خير من عملو)‪ .‬وقاؿ رضي اهلل عنو ‪ :‬قاؿ العارفوف ‪ :‬النية الصالحة‬
‫‪16‬‬
‫المدفوف في القاع ‪ ،‬فإف ظهر نباتو على يديك وإال فيظهر في‬ ‫كالذري‬
‫أوالدؾ ‪ ،‬فانو عالما وطائعا ‪ ،‬وأف تكوف غنيا تنفق مالك في حب اهلل ‪.‬‬
‫انتهى‬
‫ومن كالـ الحبيب عبد اهلل بن علوي الحداد رضي اهلل عنو ‪ :‬اعمل‬
‫هلل على قدر ىمتك ونيتك ‪ ،‬فإف األجر على قدر الهمة والنية ال على قدر‬
‫العمل ‪ ،‬فإف خزانتو تعالى مملوءة عبادة ‪ ،‬فإذا كاف الملك الواحد من‬
‫المالئكة من قبل خلق الدنيا إلى يوـ القيامة في سجدة وآخر في ركعة ‪،‬‬
‫ونعمهم بذكره كما ىو معلوـ من أحوالهم ‪ ،‬فما قدر عملك ؟ فإنما ىو‬
‫بالنية ‪ ،‬فإف اهلل تعالى شكر للضفدع حيث حملت في فيها ماء لتطفئ نار‬
‫النمرود عن ابراىيم عليو السالـ ‪ ،‬فقيل لها ‪ :‬أتقدرين على طفئها ؟ قالت ‪:‬‬
‫ىذا قدري ‪ ،‬فنهى الشارع عن قتلها ‪ .‬والوزع حيث جعل ينفخ فيها وقاؿ ‪:‬‬
‫أردت أف أظهر لو الشماتة ‪ ،‬ذمو اهلل جدا حتى رغب الشرع في قتلو اى ػ‬
‫وقاؿ سيدنا اإلماـ أحمد بن حسن العطاس رضي اهلل عنو ‪ :‬لما نوى‬
‫أىل الطاعة طاعة ربهم أعانهم عليها ‪ ،‬وأىل المعصية لما نووا المعصية ‪،‬‬
‫وأقبلوا عليها ‪ ،‬ىيأ لهم ويسرىا عليهم ‪ ،‬إف اهلل ىو المعين ‪ ،‬يعين المػجيد‬

‫‪ 16‬الذري ‪ :‬احلب يذرى يف األرض ‪ ،‬يلقى وينثر ‪.‬‬


‫‪31‬‬
‫على إجادتو ‪ ،‬والفسل على فسالتو‪ ، 17‬والطائع على طاعتو ‪ ،‬والعاصي على‬
‫‪18‬‬
‫معصيتو‬

‫الباب الثامن‬
‫في حسن الظن واإلعتقاد‬

‫قاؿ اإلماـ الشافعي رضي اهلل عنو ‪ :‬من أحب أف يختم اهلل لو بالخير‬
‫‪19‬‬
‫فليحسن الظن بالناس‬
‫حسن الظن مطلوب ولو بالعاصي ‪ ،‬حتى يطلب حسن الظن في‬
‫مسئلة فقهية حيث يقوؿ صاحب "صفوة الزبد" ‪:‬‬
‫وإف تنحنح اإلماـ فبدا * حرفاف فاألولى دواـ اإلقتدا‬
‫أي إذا تنحنح اإلماـ وظهر منو حرفاف فاألولى للمأموـ دواـ اإلقتداء‬
‫‪20‬‬
‫حمال على أنو تنحنح بعذر‬

‫‪ 17‬الفسل ‪ :‬الردئ‬
‫‪ 18‬املنهج السوي ص ‪ 658-655‬حبذف‬
‫‪ 19‬البيان ج ‪ 1‬ص ‪62‬‬
‫‪ 22‬الفوائد املختارة ص ‪456‬‬
‫‪32‬‬
‫لإلنساف جناحاف يطير بهما ‪ :‬النية والهمة ‪ ،‬وأىل الزماف واقفوف‬
‫بينهما ‪ ،‬فبعضهم معو نية ولكن ما فيو ىمة ‪ ،‬وبعضهم ىمتو كبيرة والنية ما‬
‫جاء عليها بعد‪. 21‬‬
‫صاحب حسن الظن ال يخيب وإف أخطأ‪ ، 22‬كاف في بعض األماكن‬
‫صورة قبر ‪ ،‬وكانوا أىل ىذا المكاف يزورونو ويتوسلوف بو ‪ ،‬ويقضي اهلل‬
‫حوائجهم بواسطة اعتقادىم ‪ ،‬وبعد جاء إليهم أحد من أىل النور وقاؿ لهم‬
‫‪ :‬إف الذي تزورنو جيفة حمار ‪ ،‬فنبشوه فوجدوه كذلك ‪ ،‬ولكن بواسطة‬
‫حسن ظنهم نالوا ما يأملونو ونفعهم اإلعتقاد‪. 23‬‬
‫حكي ‪ :‬أف جماعة من اللصوص خرجوا من الليل إلى قطع الطريق‬
‫على قافلة ‪ ،‬فلما جن عليهم الليل جاؤا إلى رباط في المفازة فقرعوا الباب‬
‫وقالوا ألىل الرباط ‪ :‬إنا جماعة من الغزاة نريد أف نبيت الليلة في رباطكم ‪،‬‬
‫ففتحوا لهم الباب فدخلوا وقاـ صاحب الرباط يخدمهم ‪ ،‬وكاف يتقرب إلى‬
‫اهلل بذلك ويتبرؾ بهم ‪ ،‬وكاف لو ابن مقعد ال يقدر على القياـ فأخذ صاحب‬
‫الرباط سؤرىم وفضل مياىهم وقاؿ لزوجتو ‪ :‬امسحي لولدنا بهذا أعضاءه ‪،‬‬
‫فلعلو يشفي ببركة ىؤالء الغزاة ففعلت ذلك ‪ ،‬فلما أصبحوا توجهوا إلى‬

‫‪ 21‬تذكري الناس ص ‪348‬‬


‫‪ 22‬حتفة األحباب ص ‪348‬‬
‫‪ 23‬نفحات النسيم احلاجزي ص ‪284‬‬
‫‪33‬‬
‫ناحية وأخذوا أمواال وجاؤا إلى الرباط إلى المساء فرأوا الولد مستويا ‪ ،‬فقالوا‬
‫لصاحب الرباط ‪ :‬ىذا الولد الذي رأيناه مقعدا باألمس ؟ قاؿ ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫أخذت سؤركم وفضل مائكم ومسحتو بو ‪ ،‬فشفاه اهلل ببركتكم ‪ ،‬فأخذوا‬
‫يب كوف وقالوا لو ‪ :‬اعلم أيها الرجل أننا لسنا بغزاة ‪ ،‬وإنما نحن لصوص‬
‫خرجنا إلى قطع الطريق غير أف اهلل تعالى عافى ولدؾ بحسن نيتك ‪ ،‬وقد‬
‫تبنا إلى اهلل تعالى فتابوا جميعا فصاروا من جملة الغزاة والمجاىدين في‬
‫‪24‬‬
‫سبيل اهلل حتى ماتوا‬
‫خطب درويش من الدراويش‪ 25‬بنت ملك من الملوؾ ‪ ،‬فأجابو الملك‬
‫وقاؿ لو ‪ :‬ال تقدر على مهرىا ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬نعم أقدر ‪ ،‬فأخبره أف مهرىا كذا‬
‫وكذا – قدر عظيم من الجواىر والدرر الثمينة – فسار بهمة قوية مصممة‬
‫إلى ساحل البحر ‪ ،‬وأخذ يغرؼ من البحر إلى البر ‪ ،‬ومر عليو واحد فقاؿ‬
‫لو ‪ :‬ماذا تريد ؟ قاؿ ‪ :‬أريد أف أغرؼ البحر ‪ ،‬فألقى اهلل الرعب في قلوب‬
‫األسماؾ ‪ ،‬فقذفت لو قدرا عظيما من الدرر والجواىر ‪ ،‬فأخذ ما أراد منو‬

‫‪ 24‬النوادر ص ‪32-29‬‬
‫‪ 25‬ويف (املعجم الوسيط) ‪ :‬وىو نظام الصوفية الزاىد اجلوال‬
‫‪34‬‬
‫وسار إلى الملك ‪ ،‬فقبلو منو وزوجو ابنتو ‪ ،‬وىذا كلو نالو بعلو الهمة وقوتها‬
‫‪26‬‬
‫‪ .‬اىػ‬ ‫‪ ،‬وىمم الرجاؿ تهد الجباؿ‬
‫إف حسن الظن من الطالب كالثمن للمدد من األكابر ‪ ،‬فمن أكثر‬
‫‪27‬‬
‫‪ .‬وإنما قل انتفاع أىل الزماف بالصالحين من حيث‬ ‫ظانا كاف أكثر مددا‬
‫قلة التعظيم لهم وضعف حسن الظن فيهم ‪ ،‬فحرموا بسبب ذلك بركاتهم ‪،‬‬
‫ولم يشاىدوا كراماتهم حتى توىموا أف الزماف خاؿ عن األولياء ‪ ،‬وىم –‬
‫بحمد اهلل ‪ -‬كثيروف ظاىروف ومخفيوف وال يعرفهم إال من نور اهلل قلبو بأنوار‬
‫التعظيم وحسن الظن فيهم ‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬المدد في المشهد‪. 28‬‬
‫قالوا ‪ :‬أقل الناس نفعا بالشيخ زوجتو وولده ونقيبو ‪ ،‬لكثرة مشاىدتهم‬
‫لو ووقوفهم مع ظاىر بشريتهم دوف الوصوؿ إلى معرفة قلبو ‪ ،‬وما فيو من‬
‫األسرار والمشاىد النفيسة‪. 29‬‬

‫وى ْم إِلَى ال ُْه َدى ال يَ ْس َم ُعوا َوتَػ َر ُ‬


‫اى ْم يَػ ْنظُُرو َف‬ ‫قاؿ اهلل تعالى ‪َ ( :‬وإِ ْف تَ ْد ُع ُ‬
‫ك و ُىم ال يػبْ ِ‬
‫ص ُرو َف) (األعراؼ ‪ . )198 :‬ذكر بعض المفسرين في‬ ‫إِلَْي َ َ ْ ُ‬

‫‪( 26‬الفوائد املختارة ص ‪)29‬‬


‫‪ 27‬كالم احلبيب عيدروس احليشي ص ‪19‬‬
‫‪ 28‬غاية القصد واملراد ج ‪ 1‬ص ‪34‬‬
‫‪ 29‬لطائف املنن ص ‪169‬‬
‫‪35‬‬
‫تفسيرىا ‪ :‬ينظر الكفار إلى بشرية النبي صلى اهلل عليو وسلم وال ينظروف إلى‬
‫خصوصيتو من النبوة وغيرىا ‪ ،‬فال ينتفعوف بذلك النظر‪. 30‬‬
‫روي أف محمود الغازي دخل على الشيخ الرباني أبي الحسن‬
‫الخرقاني قدس اهلل سره لزيارتو ‪ ،‬وجلس ساعة ثم قاؿ ‪ :‬يا شيخ ‪ ،‬ما تقوؿ‬
‫في حق أبي يزيد البسطامي قدس اهلل سره ؟ فقاؿ الشيخ ‪ :‬ىو رجل من رأى‬
‫اىتدى ‪ ،‬واتصل بسعادة ال تخفى ‪ ،‬فقاؿ محمود ‪ :‬كيف ذلك ‪ ،‬وأبو جهل‬
‫رأى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬ولم يخلص من الشقاوة ؟ فقاؿ‬
‫الشيخ في جوابو ‪ :‬إف أبا جهل ما رأى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪،‬‬
‫إنما رأى محمد بن عبد اهلل ‪ ،‬ولو رأى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم‬
‫لخرج من الشقاوة ودخل في السعادة ‪.31‬‬
‫يروى عن أبي يزيد البسطامي رضي اهلل عنو قولو من رآني دخل الجنة‬
‫أو نحو ذلك ‪ ،‬فقاؿ لو بعض تالمذتو ‪ :‬كيف تقوؿ ىذا ورسوؿ اهلل صلى‬
‫اهلل عليو وسلم قد رآه أبو جهل وأبو لهب ونحوىم فلم تنفعهم رؤيتو ‪ ،‬فقاؿ‬
‫‪ :‬إف أبا جهل وأبا لهب ونحوىم لم يروه رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم‬

‫‪ 32‬الفوائد املختارة ص ‪624‬‬


‫‪ 31‬حكايا الصوفية ص ‪119‬‬
‫‪36‬‬
‫ونبيو ‪ ،‬وإنما رأوه يتيم أبي طالب ‪ ،‬فلو رأوه أنو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫‪32‬‬
‫وسلم لنفعتهم رؤيتو‬
‫زار بعض الملوؾ بلد أبي يزيد البسطامي رحمو اهلل تعالى بعد وفاتو ‪،‬‬
‫فسأؿ أىل البلد عمن أدرؾ أبا يزيد في حياتو ‪ ،‬فدلوه على رجل شائب ‪،‬‬
‫فذىب إليو فسألو ‪ :‬ما يقوؿ الشيخ أبو يزيد ؟ فقاؿ ‪ :‬من رآني ال تمسو‬
‫النار ‪ ،‬فاستبعد الملك كالمو وقاؿ ‪ :‬قد رأى أبو جهل وأبو لهب وغيرىما‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ولم ينجوا من النار ‪ ،‬فقاؿ ‪ :‬آتيك بدليل ‪،‬‬
‫فاشتعل النار ومشى فوقها ‪ ،‬ولم تمس النار جسده ‪ ،‬وىذا ببركة النظر مع‬
‫حسن اإلعتقاد‪. 33‬‬

‫الباب التاسع‬
‫حكايات في أف حكم العمل الواحد يختلف باختالؼ النية فيو‬

‫‪ 32‬كالم احلبيب عيدروس احلبشي ص ‪29‬‬


‫‪ 33‬الفوائد املختارة ص ‪536‬‬
‫‪37‬‬
‫(وحكى) الشيخ شرؼ الدين يونس في مختصر اإلحياء ‪ :‬أف من‬
‫أخلص هلل في العمل وإف لم ينو ظهرت آثار بركتو عليو وعلى عقبو‪ 34‬إلى‬
‫يوـ القيامة كما قيل لما أىبط آدـ عليو السالـ إلى األرض جاءت ػػو وحوش‬
‫الفالة تسلم عليو وتزوره فكاف يدعو لكل جنس بما يليق بو فجاءت طائفة‬
‫من الظباء فدعا لهم ومسح على ظهورىن فظهر فيهن نوافج المسك فلما‬
‫رأى بواقيها ذلك قالوا من أين ىذا لكن فقلن زرنا صفي آدـ فدعا لنا‬
‫ومسح عل ى ظهورنا فمضى الباقي إليو فدعا لهن ومسح على ظهورىن فلم‬
‫يظهر لهن من ذلك شيء فقالوا قد فعلنا كما فعلتم فلم نر شيئا مما حصل‬
‫لكم فقالوا أنتم كاف عملكم لتنالوا كما ناؿ إخوانكم وأولئك كاف عملهن من‬
‫‪35‬‬
‫فظهر ذلك في نسلهم وعقبهم إلى يوـ القيامة ‪( .‬ارشاد‬ ‫غير شوب‬
‫العباد)‬
‫(حكي) عن عكرمة أف رجال مػر على شجرة تعبد من دوف اهلل فغضب‬
‫عليها ‪ ،‬فأخذ فأسا وركب حماره وتوجو إلى الشجرة ليقطعها ‪ ،‬فلقيو إبليس‬
‫في صورة إنساف ‪ ،‬فقاؿ لو أين تذىب ؟ فقاؿ إلى شجرة تعبد من دوف اهلل‬
‫وعهدت اهلل عهدا أف أقطعها ‪ ،‬فقاؿ لو إبليس عليو اللعنة ‪ :‬ما لك ولها دع‬

‫‪ 34‬أى نسلو‬
‫‪ 35‬أى من شوائب األغراض بل خيلصون عملهم‬
‫‪38‬‬
‫قطعها فلم يدع ‪ ،‬فتخاصما فصرع إبليس ثالث مرات ‪ ،‬فلما عجز إبليس‬
‫عنو قاؿ لو ارجع وأنا أعطيك كل يوـ أربعة دراىم ‪ ،‬فقاؿ الرجل أتفعل ذلك‬
‫؟ فقاؿ نعم ‪ ،‬فرجع إلى منزلو فلما رجع إلى سجادتو صار يجد تحتها كل‬
‫يوـ أربعة دراىم إلى ثالثة أياـ ‪ ،‬فلما أصبح بعد ذلك لم يجد شيئا فأخذ‬
‫الفأس وركب حماره وتوجو نحو الشجرة ‪ ،‬فقاـ إبليس على تلك الصورة‬
‫فقاؿ لو أين تريد ؟ قاؿ أريد قطع تلك الشجرة ‪ ،‬فقاؿ إبليس ال تطيق ذلك‬
‫‪ ،‬فتخاصما فصرعو إبليس لعنو اهلل ثالث مرات ‪ ،‬فتعجب الرجل فقاؿ بأي‬
‫سبب أنت غالب علي وكنت غالبا عليك قبل ؟ فقاؿ إبليس عليو اللعنة نعم‬
‫كاف خروجك أوؿ مرة هلل تعالى ‪ ،‬فلو اجتمع أعواني كلهم عليك ال‬
‫يقاومونك ‪ ،‬وأما اآلف فإنما خرجت حيث لم تجد الدراىم تحت سجادتك‬
‫فال جرـ كنت غالبا عليك ‪ ،‬فارجع وإال أضرب عنقك ‪ ،‬فرجع الرجل وترؾ‬
‫قطع الشجرة ‪( .‬درة الناصحين)‬
‫(وحكي) عن أخوين كاف أحدىما عابدا واآلخر مسرفا على نفسو ‪،‬‬
‫وكاف العابد يتػمنى أف يرى ابليس قاؿ فظهر لو ابليس يوما وقاؿ لو واأسفاه‬
‫عليك ضيعت من عمرؾ أربعين سنة في حصر نفسك واتعاب بدنك وقد‬
‫بقي من عمرؾ مثل ما مضى فأطلق نفسك في شهواتها فقاؿ العابد في‬
‫نفسو لعلي أنزؿ إلى أخي في أسفل الدار وأوافقو على األكل والشرب‬

‫‪39‬‬
‫واللذات عشرين سنة ثم أتوب وأعبد اهلل في العشرين التي تبقى من عمري‬
‫فنزؿ على نية ذلك ‪ ،‬وأما أخوه المسرؼ فإنو استيقظ من سكره فوجد‬
‫نفسو في حالة رديئة قد باؿ على ثيابو وىو مطروح على التراب وفي الظالـ‬
‫فقاؿ في نفسو ‪ :‬قد أفنيت عمري في المعاصى وأخي يتلذذ بطاعة اهلل‬
‫تعالى ومناجاتو فيدخل الجنة بطاعة ربو وأنا بالمعاصى أدخل النار ثم عقد‬
‫التوبة ونوى الخير والعبادة وطلع يوافق أخاه على عبادة اهلل تعالى فطلع‬
‫على نية الطاعة ونزؿ أخوه على نية المعصية فزلت رجلو فسقط على أخيو‬
‫فوقعا ميتين فحشر العابد على نية المعصية وحشر العاصى على نية التوبة ‪،‬‬
‫فينبغي للعبد أف يحسن نيتو ‪.‬‬
‫(وقد حكي) أيضا أف العبد يؤتى بو يوـ القيامة ومعو حسنات كأمثاؿ‬
‫الجباؿ فينادى مناد من كاف لو عند فالف حق فليأت لو وليأخذ حقو منو‬
‫فيأتي الناس فيأخذوف حسناتو حتى لم يبق لو حسنات فيصير حيراف فيقوؿ‬
‫اهلل تعالى لو ‪ :‬عبدي إف لك عندي كنزا لم يطلع عليو أحد من خلقي فيقوؿ‬
‫‪ :‬يا رب وما ىو فيقوؿ نيتك التي كنت تنوي بها الخير كتبتها لك عندي‬
‫سبعين ضعفا ‪.‬‬
‫(وحكي) أيضا أنو يؤتى بالعبد يوـ القيامة فيدفع لو كتاب فيأخذه‬
‫بيػمينو فيجد فيو حجا وجهادا وصدقة ما فعلها فيقوؿ يا رب ليس ىذا كتابي‬

‫‪41‬‬
‫فإني ما فعلت شيئا من ذلك فيقوؿ اهلل تعالى ىذا كتابك ألنك عشت عمرا‬
‫طويال وأنت تقوؿ لو كاف لي ماؿ حججت منو ‪ ،‬لو كاف لي ماؿ تصدقت‬
‫منو فعرفت ذلك من صدؽ نيتك وأعطيتك ثواب ذلك كلو ‪ ( .‬المجالس‬
‫السنية)‬
‫وفي حياة الحيواف ‪ :‬إف اهلل تعالى شكر للضفدع حيث حملت في‬
‫فيها ماء لتطفئ نار النمرود عن ابراىيم عليو السالـ ‪ ،‬فقيل لها ‪ :‬أتقدرين‬
‫على طفئها ؟ قالت ‪ :‬ىذا قدري ‪ ،‬فنهى الشارع عن قتلها ‪ .‬والوزع حيث‬
‫جعل ينفخ فيها وقاؿ ‪ :‬أردت أف أظهر لو الشماتة ‪ ،‬ذمو اهلل جدا حتى رغب‬
‫الشرع في قتلو‬
‫ويروى أف بعضهم مر بجدار في موضع ينتفع الناس بو ‪ ،‬فجعل في‬
‫ذلك الجدار وتدا وقاؿ ‪ :‬لعل أف أحدا يحتاج إليو ليعلق متعاعو ‪ .‬ثم مر‬
‫آخر ‪ ،‬فأخرج ذلك الوتد وقاؿ ‪ :‬ربما يمر بو غافل أو أعمى فيجرحو ‪.‬‬
‫فلكل من الرجلين أجر ‪ ،‬ألنو نوى خيرا ‪ ،‬ولكن الذي أخرجو أفضل ‪،‬‬
‫لموافقتو لقاعدة ‪" :‬درء المفاسد أولى من جلب المصالح" ‪ .‬ذكره في‬
‫"النهر المورود" ‪.‬‬

‫تم ىذا الكتاب بحمد اهلل وعونو وتوفيقو في السادس عشر من شهر ذي الحجة‬
‫سنة ‪ 1440‬ىػ ‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬وحسبنا اهلل ونعم الوكيل ‪،‬‬
‫‪41‬‬
‫وال حوؿ وال قوة إال باهلل العلي العظيم ‪ ،‬وصلى اهلل‬
‫وسلم على نبينا محمد وعلى آلو‬
‫وصحبو أجمعين‬
‫آمين‬
‫فهرس ىذا الكتاب‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫النمرة‬


‫‪2‬‬ ‫مقدمة ‪...................................................‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪3‬‬ ‫الباب األوؿ ‪ :‬الحقيقة النية ‪...............................‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪6‬‬ ‫الباب الثاني ‪ :‬ال عمل إال بالنية ‪...........................‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪9‬‬ ‫الجزاء‬ ‫مناط‬ ‫النية‬ ‫‪:‬‬ ‫الثالث‬ ‫الباب‬ ‫‪4‬‬
‫‪..........................‬‬
‫‪9‬‬ ‫يفعلها‬ ‫لم‬ ‫ولو‬ ‫بنيتو‬ ‫العبد‬ ‫‪ ‬يثاب‬
‫‪.........................‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪ ‬يؤاخذ اإلنساف على سوء قصده وخبث نيتو ‪............‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪ ‬حسن األعماؿ من حسن النيات واألحواؿ ‪............‬‬
‫الباب الرابع ‪ :‬في قلب المباحات إلى الطاعات باقترانها‬ ‫‪8‬‬
‫‪17‬‬ ‫الصالحات‬ ‫بالنيات‬
‫‪........................................‬‬
‫‪20‬‬ ‫الباب الخامس ‪ :‬في مسائل شتى في النية‬ ‫‪9‬‬

‫‪42‬‬
‫‪....................‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪ 10‬الباب السادس ‪ :‬في فضل تكثير النيات الصالحات‬
‫وتعديدىا‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪ 11‬الباب السابع ‪ :‬أقواؿ العلماء في النية ‪.....................‬‬
‫‪30‬‬ ‫واإلعتقاد‬ ‫الظن‬ ‫حسن‬ ‫في‬ ‫‪:‬‬ ‫الثامن‬ ‫‪ 12‬الباب‬
‫‪...................‬‬
‫‪ 13‬الباب التاسع ‪ :‬حكايات في أف حكم العمل الواحد يختلف‬
‫‪35‬‬ ‫باختالؼ النية فيو ‪........................................‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪ 14‬فهرس ىذا الكتاب ‪.......................................‬‬

‫‪43‬‬

You might also like