Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﻌرﺑﻲ ‪ /‬ﯾوﺳف اﻟﺣﻣدان‬

‫ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ‬ ‫‪2018-04-04‬‬ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ﻧﺷر ‪ /‬ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻣوﻗﻊ اﻟﺧﺷﺑﺔ‬

‫ﯾﺑدو ﻣن اﻟﻣﺗﻌذر ﻋﻠﻰ اﻟطﺎرق أﺑواب اﻟظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ وﺧﻠﻔﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﻌرﺑﻲ ﻗراءة ﻣﻼﻣﺣﮭﺎ‬
‫ﺑﺷﻛل اﺳﺗﺑﺻﺎري ﻋﻣﯾق ودﻗﯾق ﻷﺳﺑﺎب ﻋدة ﻣﻧﮭﺎ ﻧدرة اﻟﻣرﺟﻌﯾﺎت أو اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﮭذه اﻟظﺎھرة‬

‫ﻣن ﻣﻛﺗﺑﺎﺗﻧﺎ وﻣن ﻣراﻛز اﻟﺑﺣوث واﻟدراﺳﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺣد اﻟﻐﯾﺎب‪ .‬وﻏﯾﺎب اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺟﻠﻲ ﻣﻌطﯾﺎت‬
‫وآﻓﺎق ھذه اﻟظﺎھرة‪ ،‬وﻣﺣدودﯾﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ )ﻓرق‪/‬ﻣراﻛز‪/‬اﺗﺟﺎھﺎت( اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺷﻛل ﺧﺎص ﺑﻔن‬
‫اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ أﻏﻠب أﻗطﺎرﻧﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ .‬واﺿطراب اﻟﻣﻧﺣﻰ اﻟﺗراﻛﻣﻲ ﻟظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ‪،‬‬
‫اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗﻌذر ﻣﻌﮫ إﻗرار وﺟود ﺣﻘﯾﻘﻲ وﻓﺎﻋل ﻟﮭذه اﻟظﺎھرة‪ ،‬وﻧدرة ﺑل ﻏﯾﺎب اﻟورش اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﻔن‬
‫اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬ﻧدرة اﻟوﻗوف اﻟﻧﻘدي اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ ﻋﻠﻰ أھم اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ‬
‫اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗﻌذر ﻣﻌﮫ ﺗﺑﯾّن اﻟرؤى اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ أو اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﻠق ﻣﻧﮭﺎ ھذه اﻟﺗﺟﺎرب أو ﺗﺗﻌﺿد ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻗﻠﺔ‬

‫اﻟﻣﺣﺎﻓل )اﻟﻣﮭرﺟﺎﻧﺎت‪/‬اﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت‪/‬اﻷﯾﺎم( اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﻔﻲ ﺑﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ وﺗطﻠﻊ ﺟﻣﮭور اﻟﻣﺳرح ﻋﻠﻰ أھم اﻟﺗﺟﺎرب‬
‫اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ وأھم آﻓﺎﻗﮭﺎ اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ھﻧﺎك ﺛﻣﺔ أﻣر ﯾﺳﺗﺣق اﻟﺗﻘدﯾر ﻓﮭو اﺣﺗﻔﺎء ھﯾﺋﺔ اﻟﻔﺟﯾرة ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ‬
‫واﻟﻔﻧون واﻟﻣﺳرح ﺑﮭذا اﻟﻔن ﻋﺑر ﻣﮭرﺟﺎﻧﮭﺎ اﻟدوﻟﻲ اﻟﺳﻧوي ﻟﻠﻣوﻧودراﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻌﻠﮫ ﯾﻛون أول ﻣﺣﻔل ﻣﺳرﺣﻲ ﯾﻌﻧﻰ ﺑﻔن‬
‫‪.‬اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻲ ﺣﺿوره‬

‫أﺟدﻧﻲ ﻓﻲ ﻏﻣرة ھذه اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﻣن ﯾﺳﺗﺟدي اﻟﺑﺣث ﻋن ﻟون ﻓﻧﻲ أزال ﺗراﺛﻧﺎ اﻟﻣﺳرﺣﻲ اﻟﻌرﺑﻲ آﺧر ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻟﮫ ﻣن‬

‫أﺛر‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺛﻣﺔ أﻣر “ﻏرﯾب” ﻓﯾﺧﺗزل ﻓﻲ ﺗﺟﺎرب ﻣوﻧودراﻣﯾﺔ ﻣﺗﺑﺎﻋدة ﻏﯾر ﺣﺎﺿرة اﻟﻔﻌل واﻟروح واﻟﻣدى‪،‬‬
‫ورﺑﻣﺎ ﻏﯾر ﻣؤﺛرة وﻣﻣﺗدة‪ ،‬ﺗﺟﺎرب ﻛﺗﺟﺎرب د‪ .‬ﺳﻌدي ﯾوﻧس ﻓﻲ اﻟﻌراق ورﻓﯾق ﻋﻠﻲ أﺣﻣد ﻓﻲ ﻟﺑﻧﺎن وزﯾﻧﺎﺗﻲ‬

‫ﻗدﺳﯾﺔ وﻧدى ﺣﻣﺻﻲ ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ وﻗﺎﺳم ﺑﯾﺎﺗﻠﻲ ﻓﻲ إﯾطﺎﻟﯾﺎ وﻋﺑداﻟﺣق اﻟزرواﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب وﺳﺎﻣﯾﺔ زﻗﻣور ﻓﻲ‬
‫‪.‬ﻓﻠﺳطﯾن‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أﻣﯾن ﺑﻛﯾر وﻣﻣدوح ﻋدوان وﻛﺎﺗب اﻟﺳطور وﻏﯾرھم‬

‫وﻟﻌﻠﻧﻲ أﺗﺑﯾّن أوﻟﻰ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﻼﻣﺢ ظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ذاﺗﮭﺎ‪ ،‬ﺣﯾث اﺳﺗﻔﺣل اﻟﺧﻠط ﺑﯾن اﻟراوي أو اﻟﺷﺎھد‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ أو اﻟﺳﺎرد ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ وﺑﯾن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻛﻔن ﻣﺳرﺣﻲ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺟﮭدا ﻓﻧﯾﺎ أداﺋﯾﺎ ﺗﻘﻧﯾﺎ ﺧﺎﺻﺎ‬
‫ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻧﻠﺣظ أن أﻏﻠب اﻟﻣؤدﯾن ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﺗوﺷﺣون ﺑروح اﻟراوي وإن ﺗﺟﺳدوا ﻓﻲ ﺑﻧﺎت أﺣداﺛﮫ‪ .‬إذ اﻟراوي‬

‫ﯾظل ھو اﻟﻣﺳﯾطر واﻷﺣداث ﻻ ﺗﺄﺗﻲ إﻻ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻌرض اﻟﻌﺎرض أو ﻓﻲ ھﯾﺋﺔ ﺟﻣﻠﺔ اﻋﺗراﺿﯾﺔ أو ھواﻣش‬
‫اﺳﺗﺷﮭﺎدﯾﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻔﺗرض أن ﺗﻛون ھﻲ روح اﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻷداء وﯾﻛون اﻟراوي ھو اﻟﻣﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻓﺿﺎء‬

‫اﻟﻌرض واﻟﺗﻠﻘﻲ وﯾﻛﺎد ﺣﺿور اﻟﺣدث ﯾﻛون ﻏﺎﺋﺑﺎ أو ﻣﻐﯾﺑﺎ أو ﻣﺗﻣﺎھﯾﺎ ﻓﻲ ﺷﺧص اﻟﻣؤدي ﻻ ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾﺎت‬
‫‪.‬اﻟﻌرض اﻟذي ﺗﺟﺳده‬

‫وھﻧﺎ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣؤدي أﺷﺑﮫ ﺑﺟﮭﺎز اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻛﻣﺎ ﯾﻛون أداؤه ﺑراﻧﯾﺎ ﻻ ﯾﺻدر ﻋن ذاﻛرة اﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﻻ ﻋن ﻣﺧﯾﻠﺔ ﻗﺎدرة‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾك ﺧﻼﯾﺎ اﻷﺣداث اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﻣؤدى‪ ،‬وھﻧﺎ ﻧﻠﺣظ اﻟﻛم اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﻲ اﻻﺳﺗﻌﺎري اﻟﮭﺎﺋل اﻟذي ﯾﻠﺗﺎذ إﻟﯾﮫ‬
‫اﻟﻣؤدي ﻣن أﺟل ﺗدﺷﯾن ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ‪ ،‬وﻛﻣﺎ ﻟو أن اﻟﺟﺳد ﻋﺎﺟز ﻋن اﻻﺿطﻼع ﺑﻣﮭﻣﺎت ھذا اﻟﻛم‪ ،‬أو ﻛﻣﺎ ﻟو أن ﻓن‬
‫‪.‬اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻌﻼ وروﺣﺎ إﻻ ﺑﺎﻻﻟﺗﯾﺎذ ﻟﮭذا اﻟﻛم اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﻲ اﻻﺳﺗﻌﺎري‬

‫طﺑﻌﺎ ﻻ ﺑﺄس ﻓﻲ أن ﯾﻠﺟﺄ اﻟﻣؤدي ﻟﮭذا اﻟﻛم إذا ﻛﺎن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺧﻠق ﺣﯾﺎة ﻓﺎﻋﻠﺔ وﺧﻼﻗﺔ ﻓﻲ ﺟﻧﺑﺎﺗﮭﺎ وﻓﻲ روﺣﮭﺎ‪،‬‬

‫واﺳﺗطﺎع أن ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮭﺎ ﺷﺧﺻﯾﺎت أﺧرى ﯾﺟري ﻣﻌﮭﺎ ﺣوارا وﺻراﻋﺎ وﯾﮭﯾﺊ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﺿﺎء ﻋﺎﺟﺎ ﺑﺎﻟﺣﯾوﯾﺔ وﻣﺗﺳﻌﺎ‬
‫ﻟﺑﯾﺋﺔ ﺧﻠﻘﯾﺔ ﺗﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻣﺎدة ﻓﺿﺎﺋﮫ وﺑﯾن ﻓﺿﺎء اﻟﺗﻠﻘﻲ‪ ،‬وﻟﻛن ﻣﺎ ﻧطﻣﺢ إﻟﯾﮫ ‪-‬وھو ﻟﯾس ﺣﻛم ﻗﯾﻣﺔ‪ -‬ﯾﻛﺎد ﯾﻛون‬

‫ﻏﯾر ﻣﺗﺣﻘق‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺳﺗﻐل اﻟﻣؤدي ﻓﯾﮭﺎ ﺟﺳده ﻛﺎﻣﻼ ﯾﻠﺗﮭﻣﮭﺎ ﺣﻛﻲ اﻟراوي وﺗﺗﺟﺎھﻠﮭﺎ‬
‫‪.‬ﻓﺗرات اﻟﺗﺣول ﻣن ﺷﺧﺻﯾﺔ إﻟﻰ أﺧرى‪ ،‬وﻣن زﻣن إﻟﻰ آﺧر‬

‫وھﻧﺎ ﻧﻠﺣظ اﻟﺗﻣزق اﻟﻧﺳﯾﺟﻲ ﻟﻔﺿﺎء اﻷداء اﻟﻣوﻧودراﻣﻲ واﻟﻔراغ اﻟذي ﯾرھق روح ﻓﺿﺎء اﻟﻌرض‪ ،‬وﻛﻣﺎ ﻟو أن‬

‫اﻟﻣؤدي ﯾرﺳل أﺻواﺗﺎ ﻣﺗﻧﺎﺛرة ﻣﺗﺑﺎﻋدة ﻓﻲ أﻓﺿﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﺗﻌددة ﻻ ﺗﻧﺳﺟم ﻓﻲ ﻓﺿﺎﺋﮭﺎ اﻟﻣﻘﺗرح‪ ،‬وﻻ ﺗﺣﻔر ﻋﻣﯾﻘﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺗﮭﺎ وﻻ ﺗؤﺳس وﺗﮭﯾّﺊ ﻟﺣﺿورھﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻣﻌد ﻟﮭﺎ‪ ،‬وإن ﺣدث وأﺧﻠﺻت ﻟﺻوت اﻟراوي ﻓﮭﻲ ﻗد‬

‫وﻗﻌت ﻓﻲ ﻣﺄزق اﻷداء اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟﺳﺎﺋد وھﻧﺎ ﯾﻛون اﻷداء وﻓﺿﺎء اﻟﺗﻠﻘﻲ رھﯾﻧﯾن ﻟﺣﺎﻟﺔ أﻓﻘﯾﺔ ﻟﯾس ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ أن ﺗﺗﺟﺎوز‬
‫‪.‬ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﻧﺎﺛر واﻟﺗﺑﺎﻋد اﻟﺻوﺗﻲ ﻟﻠﻣؤدي‬

‫وھﻧﺎ ﻧﺗﺑﯾّن اﻹﺷﻛﺎل ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ أﺳس ﺗﻌﺎطﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬ﺣﯾث اﻟﺗوﺟﮫ إﻟﻰ اﻟراوي ﺑوﺻﻔﮫ‬
‫ﻣدﺧﻼ أداﺋﯾﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻻ ﺑوﺻﻔﮫ ﻣﻔردة ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻟﮭﺎ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻓﻧﯾﺔ ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ﻛﻣﺎ ﻟﻠﻣﻔردات‬

‫‪.‬اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ اﻷﺧرى ﻓﻲ اﻟﻧص واﻟﻌرض‬

‫ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾﺷﻔﻊ ﻟﺛﯾﺳﺑﯾس اﻟﻣﻣﺛل اﻷول اﺿطﻼﻋﮫ ﺑدور اﻟراوي وذﻟك ﻟﻌدم وﺟود ﻣﻣﺛل ﻣﺻﺎﺣب ﻟﮫ آﻧذاك‬
‫وﻷﺳﺑﺎب ﯾﻐﻔرھﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻣﺎ اﻟذي ﯾﺷﻔﻊ ﻟﻣﻣﺛل ﻣوﻧودراﻣﺎ ھذا اﻟﻌﺻر؟ أﺣﺎول أن أﺑﺣث ﻋن ﺷﻔﺎﻋﺔ ﻟﮫ‪ ،‬وﻟﻛﻧﻲ‬

‫‪.‬ﻗطﻌﺎ ﻏﯾر ﻣﻘﺗﻧﻊ ﺑﮭﺎ‬


‫أرى أن ﺑﻌض اﻟﻣﻣﺛﻠﯾن ﺿﺟروا ﻣن أﺳﻠوب أو أﺳﺎﻟﯾب ﻣﺧرﺟﯾﮭم وﻣن ﺳطوﺗﮭم ﻋﻠﯾﮭم ﻓوﺟدوا ﺿﺎﻟﺗﮭم ﻓﻲ ﻓن‬

‫اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ‪ ،‬وﺑﻌﺿﮭم ﻟم ﯾﻧل ﻓرﺻﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن طﺎﻗﺗﮫ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ‪ ،‬وﺑﻌﺿﮭم ﺗوﻓر ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺟرﺑﺔ وﺧﺑرة ﻛﺎﻓﯾﺗﯾن ﻓﻲ اﻷداء اﻟﻣﺳرﺣﻲ ﻓرأى أﻧﮫ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ذاﺗﮫ ﻋﺑر ھذا اﻟﻔن‪ ،‬وﻟﻛن ھل ﯾﺷﻔﻊ ﻟﮭؤﻻء‬

‫وﻗوﻓﮭم ﻋﻧد ھذه اﻷﺳﺑﺎب وإن ﺣﺎوﻟت اﻟﺑﺣث ﻟﮭم ﻋن ﺷﻔﺎﻋﺔ؟ ھل ﯾﻣﻛن ﻟﻣن ﻗﺿﻰ ردﺣﺎ طوﯾﻼ ﻣن اﻟزﻣن ﻣؤدﯾﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺣﯾز ﻓرﻗﺔ ﻣﺳرﺣﯾﺔ أن ﯾﻛون ﺑﯾن ﻟﯾﻠﺔ وﺿﺣﺎھﺎ ﻣﻣﺛﻼ ﻣوﻧودراﻣﯾﺎ؟ وھل ﺗﺄﺳس ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ﻣﺧرﺟون‬

‫ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ أم أن أﻏﻠب ﻣن ﺧرﺟوا ﻋﻠﻰ ﻓرﻗﺗﮭم اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ أو ﺣﺎوﻟوا ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺗﺟرﯾب واﺧﺗﺑﺎر ﻓن‬
‫اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ھم ﻣن أﺧرﺟوا أﻋﻣﺎﻟﮭم اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ؟‬

‫وﻟﻌﻠﻧﻲ ﻻﺣظت ﺗﺟﺎرب ﻓﻲ ھذا اﻟﻔن ﻟم ﺗﻧﺧﻠﻊ ﻣن ﺛوب أداﺋﮭﺎ اﻟﺳﺎﺑق ﻣﻊ ﻓرﻗﺗﮭﺎ وﻟم ﺗﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺟﺎوز أداء ﻣﻣﺛﻠﮭﺎ‬
‫اﻷول وأﻋﻧﻲ ﺑﮫ اﻟﻣﺧرج‪ ،‬ﺑل إن أداءھﺎ ﺣﯾن ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻣل ﻣﻊ ﻓرﻗﺗﮭﺎ أﻛﺛر ﺗﻣﯾزا وﺗﺄﻟﻘﺎ وﺣﺿورا‪ ،‬وﻗد َ‬
‫ﺑﮭت أداؤھﺎ‬
‫‪.‬ﺣﯾن ﺧرﺟت ﻣن ﺣﯾز ھذه اﻟﻔرﻗﺔ‬

‫ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﺣوار اﻟﺧﻼق اﻟذي ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔرﻗﺔ؟ ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎطﻲ اﻟواﺣدي‬
‫ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ‪ ،‬ﻧﺻﺎ وإﺧراﺟﺎ وﺗﻣﺛﯾﻼ وﺳﯾﻧوﻏراﻓﯾﺎ؟ ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻻﻧﻐﻣﺎس اﻟﻔﺎﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﺛرﺛرة اﻷداﺋﯾﺔ ﻟﻔظﺎ‬

‫وإﯾﻣﺎءات وﺟﺳدا؟ أم أﻧﮭﺎ اﻟﻣﻛﺎﺑرة اﻟﻣﺟﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺑﻌض اﺳﺗﻧطﺎق ﻟﻐﺔ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ زﻣن ﻣﻌﯾّن ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻣﺎ‬
‫اﺳﺗﺑطن اﻟﻧص ﺷﺧﺻﯾﺎت ﻣرﻛﺑﺔ وإﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﺗﻌوزھﺎ طﺎﻗﺔ أداﺋﯾﺔ ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﺔ وﻣﺗﻣرﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ‬

‫وﻣﺗﺄﻣﻠﺔ ﻷﺑﻌﺎدھﺎ وﺗﺿﺎﻋﯾﻔﮭﺎ؟‬

‫ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺳطوة اﻟواﻗﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺧﯾل اﻟذي ﯾﻔﺳﺢ ﻣﺟﺎﻻ ﺟﻣﺎﻟﯾﺎ ﻓﺳﯾﺣﺎ ﻟﻠﻣؤدي وﻟﻠﻌرض وﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ؟ إذ‬
‫أن ﺗوﻟﻲ ﻣﮭﻣﺔ أداء ﻋرض ﺑﺄﻛﻣﻠﮫ وﻋﻠﻰ ﻛﺎھل ﻣﻣﺛل واﺣد ﻟﯾس ﻛﺎﻟﻣﮭﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﻲ أداء دور واﺣد ﻓﻲ اﻟﻌرض‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﮭﻣﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺗطﻠب ﺟﮭدا ﻣﺿﺎﻋﻔﺎ وﯾﺻﺑﺢ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣؤدي ﻣوزﻋﺎ ﺑﯾن اﻟﻣؤدي واﻟﻣﺧرج واﻟﻣؤﻟف واﻟﺳﯾﻧوﻏراﻓﻲ‬

‫أﺣﯾﺎﻧﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن وﺿﻊ اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻔﻧﻲ واﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﯾس ﻛﻣﺎ ھو ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺿﺎءل ﻓﯾﮭﺎ دور اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ‪ ،‬ﺣﯾث اﻟﻌﻣل ﻣوزع ﺑﯾن اﻟﻣؤﻟف واﻟﻣﺧرج واﻟﻣﻣﺛل واﻟﺳﯾﻧوﻏراﻓﻲ وﻛل ﯾدرك‬
‫اﻟﻣﮭﻣﺔ اﻟﻣﻧﺎطﺔ إﻟﯾﮫ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻛون اﻟﻣؤدي ﻣﻔرﻏﺎ ﻟدوره ﻓﺣﺳب ﻻ ﺷﻲء ﯾﺷﻐﻠﮫ ﻏﯾر دوره‪ ،‬واﻟﺣﺎل ھذه ﺗﺗﺑﻠور‬

‫وﺗﺗﺄﺳس اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟﻠﻌﻣل‪ ،‬ﻟﻠﻔرﻗﺔ‪ ،‬وﺗﺻﺑﺢ ذات ﺗﺄﺛﯾر ﻣﮭم ﻓﻲ ﺣﯾزھﺎ وﻓﻲ اﻟﺣﯾز اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ‬
‫أﯾﺿﺎ‪ ،‬أﻣﺎ وﺣﺎﻟﻧﺎ ھذه ﻓﻛﯾف ﻧﺧﺎل اﻟرؤﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ ﺿوﺋﮭﺎ ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ؟ وإن ﻧﺟت إﺣداھﺎ ﻓﮭﻲ‬
‫‪.‬ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﻗد ﺧﺿﻌت ﻟﻣﺧﺗﺑر ﻓﻛري وﻓﻧﻲ ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﯾن وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺳوف ﺗﻠﯾﮭﺎ‬
‫)ﻣوﻧودراﻣﺎ “ﺗﺣت اﻟﺳﻣﺎء” إﺧراج ﻣﺎھر ﺻﻠﯾﺑﻲ )ﺳورﯾﺎ‬

‫وھﻧﺎ ﺣﯾن ﻧود أن ﻧﺗﺣدث ﻋن اﻟﻣرﺟﻌﯾﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﮭذه اﻟﺗﺟﺎرب ﻧﻠﺣظ أن أﻏﻠﺑﮭﺎ اﻧﺑﺛق ﻋن ﻓرق ﻣﺳرﺣﯾﺔ ذات ﻧﮭﺞ‬
‫ﻓﻛري ﺗﻘدﻣﻲ رﺻﯾن وﻣؤﺳس وﻣؤﺛر واﺷﺗﻐل ﻣﻊ ﻣﺧرﺟﯾن ﻣﺳرﺣﯾﯾن ﻣﺑدﻋﯾن‪ ،‬ﻛﺟواد اﻷﺳدي وروﺟﯾﮫ ﻋﺳﺎف‬

‫وﻏﯾرھﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻛن ﺣﯾن ﯾﺟري اﻟﺣدﯾث ﻋن ھذه اﻟﺗﺟﺎرب ﺑﻌد اﺷﺗﻐﺎﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﺻﻌب اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺗﺣﻘق‬
‫وھﺞ ﻓﻛري ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻌﻠﻲ أﺳﻠﻔت ﺑﻌض اﻷﺳﺑﺎب‪ ،‬ﺑل إن أﻏﻠﺑﮭﺎ ﺗﺣول إﻟﻰ ﻓن رﺳﺎﺋﻠﻲ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎﺗﻲ‬
‫ﻣﺑﺎﺷر‪ ،‬ﻻ ﻧﺷﮭده إﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﮭرﺟﺎﻧﺎت وﺑﻌدھﺎ ﯾﺧﺑو‪ ،‬ﻻ ﯾراﻛم وﻻ ﯾطور وﻻ ﯾﺗﺄﻣل اﻟﺗﺟرﺑﺔ أو ﯾﻌﯾد اﻟﻧظر ﻓﻲ‬
‫ﻣﻌطﯾﺎﺗﮭﺎ أو ﻓﻲ ﻣﻔرداﺗﮭﺎ‪ ،‬وﺗﻛﺎد ﺗﻛون ھذه اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ اﻟرﺳﺎﺋﻠﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻣﻠﻣﺣﺎ ﻣن ﻣﻼﻣﺢ اﻟظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ‬

‫ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ‪-‬إذا ﺟﺎز اﻹﻗرار ﺑﮭﺎ ﻛظﺎھرة‪ -‬وﻟذا ﻧﻠﺣظ أن ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ﻟم ﯾﺷﻛل ﻟﮫ‬
‫ﯾﻧم ﺗﺟﺎرﺑﮫ وﻟم ﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﺗظﺎھرة ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻟﮭﺎ ﻣﻼﻣﺣﮭﺎ‬
‫ﺟﻣﮭور ﺣﻘﯾﻘﻲ ﯾﺗﺎﺑﻌﮫ وﯾﺣﺎوره‪ ،‬ﻷﻧﮫ – ﻛﻣﺎ أﺳﻠﻔت – ﻟم ِ‬
‫اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ وﻟﮭﺎ ﻣرﺟﻌﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ واﻟذاھﺑﺔ ﺑﮭﺎ ﻧﺣو آﻓﺎق أﻛﺛر ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻠق واﻟﺗﺄﺛﯾر واﻻﻣﺗداد‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫ﻧﻠﺣظ أﻧﮫ إذا أﺧﻠص إﻟﻰ ھذه اﻟرﺳﺎﺋﻠﯾﺔ ﺗﺟﺎھل اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻷداﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر ﺑرؤﯾﺗﮫ اﻟﻔﻛرﯾﺔ إﻟﻰ ﻓﺿﺎء اﻷداء‬

‫اﻟﻣﺳرﺣﻲ اﻟﻣﺗﻣﯾز واﻟﻣﺑدع‪ ،‬ﻓﻧﺷﮭد ﻣﺛﻼ اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻻرﺗﺟﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﺎطﺎھﺎ ﻣؤدي اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ أداﺋﮫ أو ﻓﻲ‬
‫ﻓﺿﺎء ﻋرﺿﮫ ‪-‬وھﻲ ﻣﻠﻣﺢ ﻣوﻧودراﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ‪ -‬أﺷﺑﮫ ﻣﺎ ﺗﻛون ﻋﺎﻣﯾﺔ ﻋﻔوﯾﺔ اﻟﺗﺟﺳد‪ ،‬ﻻ ﺻﺎدرة ﻋن‬
‫اﺗﺟﺎه أو ﻣﺧﺗﺑر ﻣﺳرﺣﻲ ﯾﻌﻧﻰ ﺑﻔن اﻻرﺗﺟﺎل‪ ،‬وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون ھذا اﻟﻣﻠﻣﺢ ﻣرﺑﻛﺎ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم‪ ،‬ﺗﺎرة ﯾﻣﯾل ﻧﺣو‬

‫اﻟﻔﺎرس أو اﻟﻔودﻓﯾل وﺗﺎرة ﯾﻘﺗرب ﻧﺣو “اﻷوﻓﯾﮫ” اﻟﺗﺟﺎري وﺗﺎرة ﯾرﺑك اﻷداء اﻟﺣرﻛﻲ ﻟﻠﻣﻣﺛل وﻋﻼﺋﻘﮫ ﺑﺣﯾوات‬
‫ﻋرﺿﮫ‪ ،‬وﺗﺎرة ﯾﺗﻣﺎھﻰ ﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة ﺑﻣﺧﺗﻠف ﻣﻔرداﺗﮭﺎ اﻟﻠﻔظﯾﺔ واﻹﯾﻣﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬وھﻧﺎ ﯾﻛون اﻻرﺗﺟﺎل ﻣﻌﯾﻘﺎ‬
‫ﻟﻠﺟﺳد اﻷداﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح‪ ،‬ﻓﺑدﻻ ﻣن أن ﯾﻧﻣﯾﮫ وﯾﺟﻠﯾﮫ وﯾﺿﯾﺋﮫ ﯾﺧﻣده وﯾﻘﺻﯾﮫ‪ ،‬ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣوازﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛﻲ‬
‫اﻟﻣﺳرف ﻓﻲ ﺳرده ﻟﻸﺣداث‪ ،‬وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﺗوﻋب اﻻرﺗﺟﺎل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺟﻧس ﻣن أﺟﻧﺎس اﻟﺿﺣك واﻟﺗﮭرﯾﺞ ﻻ ﺑوﺻﻔﮫ‬

‫‪.‬ﻓﻧﺎ ﯾﺳﺗﺟﻠﻲ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﺧﻠق واﻹﺑداع ﻓﻲ ﺟﺳد اﻟﻣﻣﺛل‬

‫وھﻧﺎ ﻧﻠﺣظ أن ﻣؤدﯾﻲ اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﻘﺗرﺑون ﻛﺛﯾرا ﻓﻲ أداﺋﮭم ﻣن ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﮭرج اﻟﺳﯾرك‪ ،‬ﻻ ﻣﮭرج اﻟﻣﺳرح‪ ،‬وھﻲ‬
‫‪.‬إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟدى اﻟﻣﺗﺻدﯾن ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﻌرﺑﻲ‬

‫وﻣن اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺎت اﻟﻣﻼﻣﺣﯾﺔ ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺎ اﻟﻔﺎﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻌروض‬
‫واﻟﺷروﺣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻔﯾﺿﺔ ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا دﻟف ﺑﻌﺿﮭم إﻟﻰ ﺣدﯾث ﻋن ﻣدﯾﻧﺔ أو ﻗرﯾﺔ أو واﻗﻌﺔ‪ ،‬أطﻧب ﻓﻲ ﻛل ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﮭﺎ‬
‫وراح ﯾﺷرح وﯾﻔﺳر وﯾزﯾد دون أن ﯾﺗﯾﺢ وﻟو ﺑﻌض ﻣﺟﺎل ﻹﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮫ اﻟﺗﺧﯾﻠﯾﺔ أو ﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﮫ اﻟﺻورﯾﺔ أو اﻟﺑﺻرﯾﺔ أو‬
‫‪.‬اﻹﯾﻣﺎﺋﯾﺔ‬

‫وﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﺗطور ﻓﯾﮫ ﻓن اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺎ ﻻ ﯾزال اﻟﺑﻌض ﻣﺻرا ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺳﯾده ﻓﻲ إطﺎره اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟﺗﺳﺟﯾﻠﻲ‬

‫اﻟﺳﺎﺋد‪ ،‬وﻧﻠﺣظ أن ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺔ ﺗﺑﺎﻋد ﺑﯾن اﻟﻣؤدي وﻣﺎدﺗﮫ اﻷداﺋﯾﺔ‪ ،‬وﻧﻛون أﻣﺎم ﻋﺎرض ﻟﻠﻣﺎدة ﻻ ﻣؤد‬
‫ﻟﮭﺎ‪ ،‬أﻣﺎم ﻣﺎدة ﺗﻛﺗﺳب ﺣﯾوﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺻورﺗﮭﺎ اﻟﺟﺎﻣدة ﻻ ﻣن أداء ﻣﺻورھﺎ وروﺣﮫ وطﺎﻗﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻔن ﻋﺎﻛﺳﺎ‬
‫ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻓﻣﺎ أھﻣﯾﺗﮫ إذن؟ ﻣﺎ أھﻣﯾﺔ ذات اﻟﻣؤدي إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻐﯾّﺑﺔ ﻋن ﻓﻧﮫ؟ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﯾﺷﻔﻊ ﻟﻠﻣؤدي ھذا أﻧﮫ ﺧرج ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺧرﺟﮫ ﻷﻧﮫ وأد ذاﺗﮫ وراح ﯾﺑﺣث ﻋن ذاﺗﮫ ﻣن ﺧﻼل ذاﺗﮫ وﺣده ﻓﺣﺳب‪ ،‬ﻓﻣﺎ أھﻣﯾﺔ ھذه اﻟذات إذا ﻛﺎﻧت روﺣﮭﺎ‬

‫ﺟﺎﻣدة ﻓﻲ اﻟﺻورة اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻورﺗﮭﺎ؟‬

‫ﻻ أﺧﺎل ﻣﻣﺛﻼ ﺣﻠم ذات ﯾوم ﺑﺄﻧﮫ ﯾؤدي اﻟﻣوﻧوﻟوج اﻟﻛوﻧﻲ اﻟراﺋﻊ ﻟﮭﺎﻣﻠت ﺷﻛﺳﺑﯾر “أﻛون أو ﻻ أﻛون ذﻟك ھو‬
‫اﻟﺳؤال” أو ﺧطﺎب أﻧطوﻧﯾو اﻟﻣدھش واﻟﻣؤﺛر ﻓﻲ ﯾوﻟﯾوس ﻗﯾﺻر ﻟﺷﻛﺳﺑﯾر أﯾﺿﺎ “أن ﯾرﺗﻛن ﻟﮭﻛذا ﻣوات وھو اﻟذي‬
‫أﺧذ ﺑﮭﻛذا ﺣﻠم وﻗرر ﻣﺻﯾره اﻟﻔﻧﻲ ﻣن ﺧﻼﻟﮫ‪ ،‬ﻻ أﺧﺎل ﻣن ﺗﺳﻧﻰ ﻟﮫ ﺗﺟﺳﯾد ذﻟك اﻟﺣﻠم أن ﯾؤول إﻟﻰ ﻣﺎ آل إﻟﯾﮫ ﻣن‬
‫‪”.‬ﻣوات‬

‫وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺎ ﻣﻠﻣﺣﺎ ﻣن ﻣﻼﻣﺢ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻟﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ‪-‬ﻛﻣﺎ أﺳﻠﻔﻧﺎ‪ -‬ﻓﺈﻧﮫ أﯾﺿﺎ ﻓن اﺳﺗﻌﺎدي‪،‬‬

‫وھو ﻣﻠﻣﺢ آﺧر ﯾطﻐﻰ ﻋﻠﻰ أﻏﻠب ﻋروض ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ﯾذھب ﻟﻣﺎ ﺣدث‪ ،‬ﻻ ﻟﻣﺎ ﯾﺣدث أو‬
‫ﯾﺣﺎور ﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ راھﻧﮫ‪ ،‬أﺳﯾر ﻣﺎض أو ﻋزﻟﺔ أو ﺳﺟن أو وﺣدة‪ ،‬وھذا اﻟﻣﻠﻣﺢ ﻧﻠﺣظﮫ ﻓﻲ أﻏﻠب ﻋروض‬
‫اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬ﻓن ﻻ ﯾدع ﻣﺟﺎﻻ ﻟﻠذاﻛرة ﺑﺄن ﺗﺗﻧﻔس ﻓﻲ راھﻧﮭﺎ أو ﺗﺗﻣﻛن ﻣن ﻗراءة ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﮭﺎ‪،‬‬
‫وﻛﻣﺎ ﻟو أن ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﺗﺷﻛل ﺑﮭذا اﻟﺷﻛل واﻟﺧﺎرج ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺷﻛل ﺧﺎﺋن ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻌل ھذه‬

‫اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ أﺳﺎﺳﮭﺎ ﻓﻛري‪ ،‬وھﻧﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة وﺑﺻراﻣﺔ ﻣراﺟﻌﺔ ﻣرﺟﻌﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﻔﻛرﯾﺔ وﺧﻠق وھﺞ ﻓﻛري ﻗﺎدر‬
‫ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻌﺎب ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﻓﻲ اﻟﻔﻛر وﻓﻲ اﻟﻣﺳرح وھذا ﻟن ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﺈﻣطﺎر اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺷﺎﺧﺻﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫‪.‬ﺗﺟرﺑﺗﻧﺎ اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ‬

‫وﺗظل ھﻧﺎك ﺑﻌض اﻷﺳﺋﻠﺔ ﻻ زاﻟت ﻋﺎﻟﻘﺔ ﻓﻲ رأﺳﻲ‪ ،‬ھل ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻓن اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد؟‬
‫وﻣﺎذا ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح؟ وﻣﺎذا ﯾﺿﯾر ﻟو ﺗﻌﺿد اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد ﺑﻣﻣﺛﻠﯾن آﺧرﯾن ﺑﺗﺟرﺑﺗﮫ؟ أﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ‬

‫أن ﻧطﻠق ﻋﻠﯾﮫ ﻓن اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد إذا ﻛﺎن ھو ﺻﺎﺣب اﻟدور واﻟﺣﺿور اﻷﺳﺎﺳﯾﯾن ﺑﯾن ﻣن ﯾﺻﺎﺣﺑﮫ دوره ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺟرﺑﺔ؟ وﻟﻣﺎذا ﯾظل ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ رھﯾن اﻟﺳرد واﻟﻛﻠﻣﺔ؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ ﯾذھب ﻟﻠﺑﺣث ﻋن ﻟﻐﺔ‬
‫أﺧرى ﻣﻌﺿدة ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ أو ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋﻧﮭﺎ؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ ﯾﻛون ﻓن اﻟﻛوروﻏراﻓﯾﺎ ﺣﺎﺿرا ﻓﻲ ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ‬
‫ﯾﻧﻌﻛس ﻣﺳرح اﻟﺻورة ﺑﺗﺟﻠﯾﺎﺗﮫ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ؟ أﻟم ﻧﺳﺄل أﻧﻔﺳﻧﺎ ﺑﻌد ﻟﻣﺎذا ﯾﻛﺎد ﯾﻛون ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻣﮭﻣﺷﺎ‬
‫وﻏرﯾﺑﺎ ﻋن وﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﮭور؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﺗﺄﺳس ﻣراﻛز وورش ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ؟‬

‫ﻟﻣﺎذا ﻟم ﯾﺗﺧﻠق ﺣﺗﻰ اﻵن اﺗﺟﺎه واﺿﺢ وﻓﺎﻋل ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ؟ إﻧﮭﺎ أﺳﺋﻠﺔ ﺗﺗوﺧﻰ اﻟﺑﺣث‬
‫‪.‬ﻋن ﻣﻠﻣﺢ آﺧر ﻣﻐﺎﯾر وﺟدﯾد ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ أو ﻓن اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد ﺑﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ‬

You might also like