Professional Documents
Culture Documents
المونودراما في المسرح العربي - يوسف الحمدان - الهيئة العربية للمسرح
المونودراما في المسرح العربي - يوسف الحمدان - الهيئة العربية للمسرح
ﯾﺑدو ﻣن اﻟﻣﺗﻌذر ﻋﻠﻰ اﻟطﺎرق أﺑواب اﻟظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ وﺧﻠﻔﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﻌرﺑﻲ ﻗراءة ﻣﻼﻣﺣﮭﺎ
ﺑﺷﻛل اﺳﺗﺑﺻﺎري ﻋﻣﯾق ودﻗﯾق ﻷﺳﺑﺎب ﻋدة ﻣﻧﮭﺎ ﻧدرة اﻟﻣرﺟﻌﯾﺎت أو اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﮭذه اﻟظﺎھرة
ﻣن ﻣﻛﺗﺑﺎﺗﻧﺎ وﻣن ﻣراﻛز اﻟﺑﺣوث واﻟدراﺳﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺣد اﻟﻐﯾﺎب .وﻏﯾﺎب اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺟﻠﻲ ﻣﻌطﯾﺎت
وآﻓﺎق ھذه اﻟظﺎھرة ،وﻣﺣدودﯾﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ )ﻓرق/ﻣراﻛز/اﺗﺟﺎھﺎت( اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺷﻛل ﺧﺎص ﺑﻔن
اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ أﻏﻠب أﻗطﺎرﻧﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ .واﺿطراب اﻟﻣﻧﺣﻰ اﻟﺗراﻛﻣﻲ ﻟظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ،
اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗﻌذر ﻣﻌﮫ إﻗرار وﺟود ﺣﻘﯾﻘﻲ وﻓﺎﻋل ﻟﮭذه اﻟظﺎھرة ،وﻧدرة ﺑل ﻏﯾﺎب اﻟورش اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﻔن
اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻧدرة اﻟوﻗوف اﻟﻧﻘدي اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ ﻋﻠﻰ أھم اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ
اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗﻌذر ﻣﻌﮫ ﺗﺑﯾّن اﻟرؤى اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ أو اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﻠق ﻣﻧﮭﺎ ھذه اﻟﺗﺟﺎرب أو ﺗﺗﻌﺿد ﺑﮭﺎ ،ﻗﻠﺔ
اﻟﻣﺣﺎﻓل )اﻟﻣﮭرﺟﺎﻧﺎت/اﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت/اﻷﯾﺎم( اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﻔﻲ ﺑﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ وﺗطﻠﻊ ﺟﻣﮭور اﻟﻣﺳرح ﻋﻠﻰ أھم اﻟﺗﺟﺎرب
اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ وأھم آﻓﺎﻗﮭﺎ اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ ،وإن ﻛﺎن ھﻧﺎك ﺛﻣﺔ أﻣر ﯾﺳﺗﺣق اﻟﺗﻘدﯾر ﻓﮭو اﺣﺗﻔﺎء ھﯾﺋﺔ اﻟﻔﺟﯾرة ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ
واﻟﻔﻧون واﻟﻣﺳرح ﺑﮭذا اﻟﻔن ﻋﺑر ﻣﮭرﺟﺎﻧﮭﺎ اﻟدوﻟﻲ اﻟﺳﻧوي ﻟﻠﻣوﻧودراﻣﺎ ،وﻟﻌﻠﮫ ﯾﻛون أول ﻣﺣﻔل ﻣﺳرﺣﻲ ﯾﻌﻧﻰ ﺑﻔن
.اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻲ ﺣﺿوره
أﺟدﻧﻲ ﻓﻲ ﻏﻣرة ھذه اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﻣن ﯾﺳﺗﺟدي اﻟﺑﺣث ﻋن ﻟون ﻓﻧﻲ أزال ﺗراﺛﻧﺎ اﻟﻣﺳرﺣﻲ اﻟﻌرﺑﻲ آﺧر ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻟﮫ ﻣن
أﺛر ،وإن ﻛﺎن ﺛﻣﺔ أﻣر “ﻏرﯾب” ﻓﯾﺧﺗزل ﻓﻲ ﺗﺟﺎرب ﻣوﻧودراﻣﯾﺔ ﻣﺗﺑﺎﻋدة ﻏﯾر ﺣﺎﺿرة اﻟﻔﻌل واﻟروح واﻟﻣدى،
ورﺑﻣﺎ ﻏﯾر ﻣؤﺛرة وﻣﻣﺗدة ،ﺗﺟﺎرب ﻛﺗﺟﺎرب د .ﺳﻌدي ﯾوﻧس ﻓﻲ اﻟﻌراق ورﻓﯾق ﻋﻠﻲ أﺣﻣد ﻓﻲ ﻟﺑﻧﺎن وزﯾﻧﺎﺗﻲ
ﻗدﺳﯾﺔ وﻧدى ﺣﻣﺻﻲ ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ وﻗﺎﺳم ﺑﯾﺎﺗﻠﻲ ﻓﻲ إﯾطﺎﻟﯾﺎ وﻋﺑداﻟﺣق اﻟزرواﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب وﺳﺎﻣﯾﺔ زﻗﻣور ﻓﻲ
.ﻓﻠﺳطﯾن ،وﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أﻣﯾن ﺑﻛﯾر وﻣﻣدوح ﻋدوان وﻛﺎﺗب اﻟﺳطور وﻏﯾرھم
وﻟﻌﻠﻧﻲ أﺗﺑﯾّن أوﻟﻰ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﻼﻣﺢ ظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ذاﺗﮭﺎ ،ﺣﯾث اﺳﺗﻔﺣل اﻟﺧﻠط ﺑﯾن اﻟراوي أو اﻟﺷﺎھد
ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ أو اﻟﺳﺎرد ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ وﺑﯾن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻛﻔن ﻣﺳرﺣﻲ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺟﮭدا ﻓﻧﯾﺎ أداﺋﯾﺎ ﺗﻘﻧﯾﺎ ﺧﺎﺻﺎ
ﺑﮫ ،ﻓﻧﻠﺣظ أن أﻏﻠب اﻟﻣؤدﯾن ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﺗوﺷﺣون ﺑروح اﻟراوي وإن ﺗﺟﺳدوا ﻓﻲ ﺑﻧﺎت أﺣداﺛﮫ .إذ اﻟراوي
ﯾظل ھو اﻟﻣﺳﯾطر واﻷﺣداث ﻻ ﺗﺄﺗﻲ إﻻ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻌرض اﻟﻌﺎرض أو ﻓﻲ ھﯾﺋﺔ ﺟﻣﻠﺔ اﻋﺗراﺿﯾﺔ أو ھواﻣش
اﺳﺗﺷﮭﺎدﯾﺔ ،وﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻔﺗرض أن ﺗﻛون ھﻲ روح اﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻷداء وﯾﻛون اﻟراوي ھو اﻟﻣﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻓﺿﺎء
اﻟﻌرض واﻟﺗﻠﻘﻲ وﯾﻛﺎد ﺣﺿور اﻟﺣدث ﯾﻛون ﻏﺎﺋﺑﺎ أو ﻣﻐﯾﺑﺎ أو ﻣﺗﻣﺎھﯾﺎ ﻓﻲ ﺷﺧص اﻟﻣؤدي ﻻ ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾﺎت
.اﻟﻌرض اﻟذي ﺗﺟﺳده
وھﻧﺎ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣؤدي أﺷﺑﮫ ﺑﺟﮭﺎز اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻛﻣﺎ ﯾﻛون أداؤه ﺑراﻧﯾﺎ ﻻ ﯾﺻدر ﻋن ذاﻛرة اﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﻻ ﻋن ﻣﺧﯾﻠﺔ ﻗﺎدرة
ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾك ﺧﻼﯾﺎ اﻷﺣداث اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﻣؤدى ،وھﻧﺎ ﻧﻠﺣظ اﻟﻛم اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﻲ اﻻﺳﺗﻌﺎري اﻟﮭﺎﺋل اﻟذي ﯾﻠﺗﺎذ إﻟﯾﮫ
اﻟﻣؤدي ﻣن أﺟل ﺗدﺷﯾن ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ ،وﻛﻣﺎ ﻟو أن اﻟﺟﺳد ﻋﺎﺟز ﻋن اﻻﺿطﻼع ﺑﻣﮭﻣﺎت ھذا اﻟﻛم ،أو ﻛﻣﺎ ﻟو أن ﻓن
.اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻌﻼ وروﺣﺎ إﻻ ﺑﺎﻻﻟﺗﯾﺎذ ﻟﮭذا اﻟﻛم اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﻲ اﻻﺳﺗﻌﺎري
طﺑﻌﺎ ﻻ ﺑﺄس ﻓﻲ أن ﯾﻠﺟﺄ اﻟﻣؤدي ﻟﮭذا اﻟﻛم إذا ﻛﺎن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺧﻠق ﺣﯾﺎة ﻓﺎﻋﻠﺔ وﺧﻼﻗﺔ ﻓﻲ ﺟﻧﺑﺎﺗﮭﺎ وﻓﻲ روﺣﮭﺎ،
واﺳﺗطﺎع أن ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮭﺎ ﺷﺧﺻﯾﺎت أﺧرى ﯾﺟري ﻣﻌﮭﺎ ﺣوارا وﺻراﻋﺎ وﯾﮭﯾﺊ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﺿﺎء ﻋﺎﺟﺎ ﺑﺎﻟﺣﯾوﯾﺔ وﻣﺗﺳﻌﺎ
ﻟﺑﯾﺋﺔ ﺧﻠﻘﯾﺔ ﺗﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻣﺎدة ﻓﺿﺎﺋﮫ وﺑﯾن ﻓﺿﺎء اﻟﺗﻠﻘﻲ ،وﻟﻛن ﻣﺎ ﻧطﻣﺢ إﻟﯾﮫ -وھو ﻟﯾس ﺣﻛم ﻗﯾﻣﺔ -ﯾﻛﺎد ﯾﻛون
ﻏﯾر ﻣﺗﺣﻘق ،ﻓﺎﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺳﺗﻐل اﻟﻣؤدي ﻓﯾﮭﺎ ﺟﺳده ﻛﺎﻣﻼ ﯾﻠﺗﮭﻣﮭﺎ ﺣﻛﻲ اﻟراوي وﺗﺗﺟﺎھﻠﮭﺎ
.ﻓﺗرات اﻟﺗﺣول ﻣن ﺷﺧﺻﯾﺔ إﻟﻰ أﺧرى ،وﻣن زﻣن إﻟﻰ آﺧر
وھﻧﺎ ﻧﻠﺣظ اﻟﺗﻣزق اﻟﻧﺳﯾﺟﻲ ﻟﻔﺿﺎء اﻷداء اﻟﻣوﻧودراﻣﻲ واﻟﻔراغ اﻟذي ﯾرھق روح ﻓﺿﺎء اﻟﻌرض ،وﻛﻣﺎ ﻟو أن
اﻟﻣؤدي ﯾرﺳل أﺻواﺗﺎ ﻣﺗﻧﺎﺛرة ﻣﺗﺑﺎﻋدة ﻓﻲ أﻓﺿﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﺗﻌددة ﻻ ﺗﻧﺳﺟم ﻓﻲ ﻓﺿﺎﺋﮭﺎ اﻟﻣﻘﺗرح ،وﻻ ﺗﺣﻔر ﻋﻣﯾﻘﺎ
ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺗﮭﺎ وﻻ ﺗؤﺳس وﺗﮭﯾّﺊ ﻟﺣﺿورھﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻣﻌد ﻟﮭﺎ ،وإن ﺣدث وأﺧﻠﺻت ﻟﺻوت اﻟراوي ﻓﮭﻲ ﻗد
وﻗﻌت ﻓﻲ ﻣﺄزق اﻷداء اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟﺳﺎﺋد وھﻧﺎ ﯾﻛون اﻷداء وﻓﺿﺎء اﻟﺗﻠﻘﻲ رھﯾﻧﯾن ﻟﺣﺎﻟﺔ أﻓﻘﯾﺔ ﻟﯾس ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ أن ﺗﺗﺟﺎوز
.ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﻧﺎﺛر واﻟﺗﺑﺎﻋد اﻟﺻوﺗﻲ ﻟﻠﻣؤدي
وھﻧﺎ ﻧﺗﺑﯾّن اﻹﺷﻛﺎل ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ أﺳس ﺗﻌﺎطﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ،ﺣﯾث اﻟﺗوﺟﮫ إﻟﻰ اﻟراوي ﺑوﺻﻔﮫ
ﻣدﺧﻼ أداﺋﯾﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻻ ﺑوﺻﻔﮫ ﻣﻔردة ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻟﮭﺎ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻓﻧﯾﺔ ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ﻛﻣﺎ ﻟﻠﻣﻔردات
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾﺷﻔﻊ ﻟﺛﯾﺳﺑﯾس اﻟﻣﻣﺛل اﻷول اﺿطﻼﻋﮫ ﺑدور اﻟراوي وذﻟك ﻟﻌدم وﺟود ﻣﻣﺛل ﻣﺻﺎﺣب ﻟﮫ آﻧذاك
وﻷﺳﺑﺎب ﯾﻐﻔرھﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻟﮫ ،ﻓﻣﺎ اﻟذي ﯾﺷﻔﻊ ﻟﻣﻣﺛل ﻣوﻧودراﻣﺎ ھذا اﻟﻌﺻر؟ أﺣﺎول أن أﺑﺣث ﻋن ﺷﻔﺎﻋﺔ ﻟﮫ ،وﻟﻛﻧﻲ
اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ،وﺑﻌﺿﮭم ﻟم ﯾﻧل ﻓرﺻﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن طﺎﻗﺗﮫ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ،وﺑﻌﺿﮭم ﺗوﻓر ﻋﻠﻰ
ﺗﺟرﺑﺔ وﺧﺑرة ﻛﺎﻓﯾﺗﯾن ﻓﻲ اﻷداء اﻟﻣﺳرﺣﻲ ﻓرأى أﻧﮫ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ذاﺗﮫ ﻋﺑر ھذا اﻟﻔن ،وﻟﻛن ھل ﯾﺷﻔﻊ ﻟﮭؤﻻء
وﻗوﻓﮭم ﻋﻧد ھذه اﻷﺳﺑﺎب وإن ﺣﺎوﻟت اﻟﺑﺣث ﻟﮭم ﻋن ﺷﻔﺎﻋﺔ؟ ھل ﯾﻣﻛن ﻟﻣن ﻗﺿﻰ ردﺣﺎ طوﯾﻼ ﻣن اﻟزﻣن ﻣؤدﯾﺎ
ﻓﻲ ﺣﯾز ﻓرﻗﺔ ﻣﺳرﺣﯾﺔ أن ﯾﻛون ﺑﯾن ﻟﯾﻠﺔ وﺿﺣﺎھﺎ ﻣﻣﺛﻼ ﻣوﻧودراﻣﯾﺎ؟ وھل ﺗﺄﺳس ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ﻣﺧرﺟون
ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ أم أن أﻏﻠب ﻣن ﺧرﺟوا ﻋﻠﻰ ﻓرﻗﺗﮭم اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ أو ﺣﺎوﻟوا ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺗﺟرﯾب واﺧﺗﺑﺎر ﻓن
اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ھم ﻣن أﺧرﺟوا أﻋﻣﺎﻟﮭم اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ؟
وﻟﻌﻠﻧﻲ ﻻﺣظت ﺗﺟﺎرب ﻓﻲ ھذا اﻟﻔن ﻟم ﺗﻧﺧﻠﻊ ﻣن ﺛوب أداﺋﮭﺎ اﻟﺳﺎﺑق ﻣﻊ ﻓرﻗﺗﮭﺎ وﻟم ﺗﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺟﺎوز أداء ﻣﻣﺛﻠﮭﺎ
اﻷول وأﻋﻧﻲ ﺑﮫ اﻟﻣﺧرج ،ﺑل إن أداءھﺎ ﺣﯾن ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻣل ﻣﻊ ﻓرﻗﺗﮭﺎ أﻛﺛر ﺗﻣﯾزا وﺗﺄﻟﻘﺎ وﺣﺿورا ،وﻗد َ
ﺑﮭت أداؤھﺎ
.ﺣﯾن ﺧرﺟت ﻣن ﺣﯾز ھذه اﻟﻔرﻗﺔ
ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﺣوار اﻟﺧﻼق اﻟذي ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔرﻗﺔ؟ ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎطﻲ اﻟواﺣدي
ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ ،ﻧﺻﺎ وإﺧراﺟﺎ وﺗﻣﺛﯾﻼ وﺳﯾﻧوﻏراﻓﯾﺎ؟ ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻻﻧﻐﻣﺎس اﻟﻔﺎﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﺛرﺛرة اﻷداﺋﯾﺔ ﻟﻔظﺎ
وإﯾﻣﺎءات وﺟﺳدا؟ أم أﻧﮭﺎ اﻟﻣﻛﺎﺑرة اﻟﻣﺟﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺑﻌض اﺳﺗﻧطﺎق ﻟﻐﺔ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ زﻣن ﻣﻌﯾّن ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻣﺎ
اﺳﺗﺑطن اﻟﻧص ﺷﺧﺻﯾﺎت ﻣرﻛﺑﺔ وإﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﺗﻌوزھﺎ طﺎﻗﺔ أداﺋﯾﺔ ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﺔ وﻣﺗﻣرﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ
ھل اﻟﺳﺑب ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺳطوة اﻟواﻗﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺧﯾل اﻟذي ﯾﻔﺳﺢ ﻣﺟﺎﻻ ﺟﻣﺎﻟﯾﺎ ﻓﺳﯾﺣﺎ ﻟﻠﻣؤدي وﻟﻠﻌرض وﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ؟ إذ
أن ﺗوﻟﻲ ﻣﮭﻣﺔ أداء ﻋرض ﺑﺄﻛﻣﻠﮫ وﻋﻠﻰ ﻛﺎھل ﻣﻣﺛل واﺣد ﻟﯾس ﻛﺎﻟﻣﮭﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﻲ أداء دور واﺣد ﻓﻲ اﻟﻌرض،
ﻓﺎﻟﻣﮭﻣﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺗطﻠب ﺟﮭدا ﻣﺿﺎﻋﻔﺎ وﯾﺻﺑﺢ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣؤدي ﻣوزﻋﺎ ﺑﯾن اﻟﻣؤدي واﻟﻣﺧرج واﻟﻣؤﻟف واﻟﺳﯾﻧوﻏراﻓﻲ
أﺣﯾﺎﻧﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن وﺿﻊ اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻔﻧﻲ واﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﯾس ﻛﻣﺎ ھو ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻟﺗﻲ
ﺗﺿﺎءل ﻓﯾﮭﺎ دور اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ،ﺣﯾث اﻟﻌﻣل ﻣوزع ﺑﯾن اﻟﻣؤﻟف واﻟﻣﺧرج واﻟﻣﻣﺛل واﻟﺳﯾﻧوﻏراﻓﻲ وﻛل ﯾدرك
اﻟﻣﮭﻣﺔ اﻟﻣﻧﺎطﺔ إﻟﯾﮫ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻛون اﻟﻣؤدي ﻣﻔرﻏﺎ ﻟدوره ﻓﺣﺳب ﻻ ﺷﻲء ﯾﺷﻐﻠﮫ ﻏﯾر دوره ،واﻟﺣﺎل ھذه ﺗﺗﺑﻠور
وﺗﺗﺄﺳس اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟﻠﻌﻣل ،ﻟﻠﻔرﻗﺔ ،وﺗﺻﺑﺢ ذات ﺗﺄﺛﯾر ﻣﮭم ﻓﻲ ﺣﯾزھﺎ وﻓﻲ اﻟﺣﯾز اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ
أﯾﺿﺎ ،أﻣﺎ وﺣﺎﻟﻧﺎ ھذه ﻓﻛﯾف ﻧﺧﺎل اﻟرؤﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ ﺿوﺋﮭﺎ ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ؟ وإن ﻧﺟت إﺣداھﺎ ﻓﮭﻲ
.ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﻗد ﺧﺿﻌت ﻟﻣﺧﺗﺑر ﻓﻛري وﻓﻧﻲ ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﯾن وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺳوف ﺗﻠﯾﮭﺎ
)ﻣوﻧودراﻣﺎ “ﺗﺣت اﻟﺳﻣﺎء” إﺧراج ﻣﺎھر ﺻﻠﯾﺑﻲ )ﺳورﯾﺎ
وھﻧﺎ ﺣﯾن ﻧود أن ﻧﺗﺣدث ﻋن اﻟﻣرﺟﻌﯾﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﮭذه اﻟﺗﺟﺎرب ﻧﻠﺣظ أن أﻏﻠﺑﮭﺎ اﻧﺑﺛق ﻋن ﻓرق ﻣﺳرﺣﯾﺔ ذات ﻧﮭﺞ
ﻓﻛري ﺗﻘدﻣﻲ رﺻﯾن وﻣؤﺳس وﻣؤﺛر واﺷﺗﻐل ﻣﻊ ﻣﺧرﺟﯾن ﻣﺳرﺣﯾﯾن ﻣﺑدﻋﯾن ،ﻛﺟواد اﻷﺳدي وروﺟﯾﮫ ﻋﺳﺎف
وﻏﯾرھﻣﺎ ،وﻟﻛن ﺣﯾن ﯾﺟري اﻟﺣدﯾث ﻋن ھذه اﻟﺗﺟﺎرب ﺑﻌد اﺷﺗﻐﺎﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﺻﻌب اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺗﺣﻘق
وھﺞ ﻓﻛري ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ،وﻟﻌﻠﻲ أﺳﻠﻔت ﺑﻌض اﻷﺳﺑﺎب ،ﺑل إن أﻏﻠﺑﮭﺎ ﺗﺣول إﻟﻰ ﻓن رﺳﺎﺋﻠﻲ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎﺗﻲ
ﻣﺑﺎﺷر ،ﻻ ﻧﺷﮭده إﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﮭرﺟﺎﻧﺎت وﺑﻌدھﺎ ﯾﺧﺑو ،ﻻ ﯾراﻛم وﻻ ﯾطور وﻻ ﯾﺗﺄﻣل اﻟﺗﺟرﺑﺔ أو ﯾﻌﯾد اﻟﻧظر ﻓﻲ
ﻣﻌطﯾﺎﺗﮭﺎ أو ﻓﻲ ﻣﻔرداﺗﮭﺎ ،وﺗﻛﺎد ﺗﻛون ھذه اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ اﻟرﺳﺎﺋﻠﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻣﻠﻣﺣﺎ ﻣن ﻣﻼﻣﺢ اﻟظﺎھرة اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ
ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ -إذا ﺟﺎز اﻹﻗرار ﺑﮭﺎ ﻛظﺎھرة -وﻟذا ﻧﻠﺣظ أن ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ﻟم ﯾﺷﻛل ﻟﮫ
ﯾﻧم ﺗﺟﺎرﺑﮫ وﻟم ﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﺗظﺎھرة ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻟﮭﺎ ﻣﻼﻣﺣﮭﺎ
ﺟﻣﮭور ﺣﻘﯾﻘﻲ ﯾﺗﺎﺑﻌﮫ وﯾﺣﺎوره ،ﻷﻧﮫ – ﻛﻣﺎ أﺳﻠﻔت – ﻟم ِ
اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ وﻟﮭﺎ ﻣرﺟﻌﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ واﻟذاھﺑﺔ ﺑﮭﺎ ﻧﺣو آﻓﺎق أﻛﺛر ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻠق واﻟﺗﺄﺛﯾر واﻻﻣﺗداد ،ﻛﻣﺎ
ﻧﻠﺣظ أﻧﮫ إذا أﺧﻠص إﻟﻰ ھذه اﻟرﺳﺎﺋﻠﯾﺔ ﺗﺟﺎھل اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻷداﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر ﺑرؤﯾﺗﮫ اﻟﻔﻛرﯾﺔ إﻟﻰ ﻓﺿﺎء اﻷداء
اﻟﻣﺳرﺣﻲ اﻟﻣﺗﻣﯾز واﻟﻣﺑدع ،ﻓﻧﺷﮭد ﻣﺛﻼ اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻻرﺗﺟﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﺎطﺎھﺎ ﻣؤدي اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ أداﺋﮫ أو ﻓﻲ
ﻓﺿﺎء ﻋرﺿﮫ -وھﻲ ﻣﻠﻣﺢ ﻣوﻧودراﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ -أﺷﺑﮫ ﻣﺎ ﺗﻛون ﻋﺎﻣﯾﺔ ﻋﻔوﯾﺔ اﻟﺗﺟﺳد ،ﻻ ﺻﺎدرة ﻋن
اﺗﺟﺎه أو ﻣﺧﺗﺑر ﻣﺳرﺣﻲ ﯾﻌﻧﻰ ﺑﻔن اﻻرﺗﺟﺎل ،وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون ھذا اﻟﻣﻠﻣﺢ ﻣرﺑﻛﺎ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم ،ﺗﺎرة ﯾﻣﯾل ﻧﺣو
اﻟﻔﺎرس أو اﻟﻔودﻓﯾل وﺗﺎرة ﯾﻘﺗرب ﻧﺣو “اﻷوﻓﯾﮫ” اﻟﺗﺟﺎري وﺗﺎرة ﯾرﺑك اﻷداء اﻟﺣرﻛﻲ ﻟﻠﻣﻣﺛل وﻋﻼﺋﻘﮫ ﺑﺣﯾوات
ﻋرﺿﮫ ،وﺗﺎرة ﯾﺗﻣﺎھﻰ ﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة ﺑﻣﺧﺗﻠف ﻣﻔرداﺗﮭﺎ اﻟﻠﻔظﯾﺔ واﻹﯾﻣﺎﺋﯾﺔ ،وھﻧﺎ ﯾﻛون اﻻرﺗﺟﺎل ﻣﻌﯾﻘﺎ
ﻟﻠﺟﺳد اﻷداﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح ،ﻓﺑدﻻ ﻣن أن ﯾﻧﻣﯾﮫ وﯾﺟﻠﯾﮫ وﯾﺿﯾﺋﮫ ﯾﺧﻣده وﯾﻘﺻﯾﮫ ،ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣوازﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛﻲ
اﻟﻣﺳرف ﻓﻲ ﺳرده ﻟﻸﺣداث ،وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﺗوﻋب اﻻرﺗﺟﺎل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺟﻧس ﻣن أﺟﻧﺎس اﻟﺿﺣك واﻟﺗﮭرﯾﺞ ﻻ ﺑوﺻﻔﮫ
وھﻧﺎ ﻧﻠﺣظ أن ﻣؤدﯾﻲ اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﻘﺗرﺑون ﻛﺛﯾرا ﻓﻲ أداﺋﮭم ﻣن ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﮭرج اﻟﺳﯾرك ،ﻻ ﻣﮭرج اﻟﻣﺳرح ،وھﻲ
.إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟدى اﻟﻣﺗﺻدﯾن ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﻌرﺑﻲ
وﻣن اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺎت اﻟﻣﻼﻣﺣﯾﺔ ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺎ اﻟﻔﺎﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻌروض
واﻟﺷروﺣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻔﯾﺿﺔ ﻟﮭﺎ ،ﻓﺈذا دﻟف ﺑﻌﺿﮭم إﻟﻰ ﺣدﯾث ﻋن ﻣدﯾﻧﺔ أو ﻗرﯾﺔ أو واﻗﻌﺔ ،أطﻧب ﻓﻲ ﻛل ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﮭﺎ
وراح ﯾﺷرح وﯾﻔﺳر وﯾزﯾد دون أن ﯾﺗﯾﺢ وﻟو ﺑﻌض ﻣﺟﺎل ﻹﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮫ اﻟﺗﺧﯾﻠﯾﺔ أو ﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﮫ اﻟﺻورﯾﺔ أو اﻟﺑﺻرﯾﺔ أو
.اﻹﯾﻣﺎﺋﯾﺔ
وﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﺗطور ﻓﯾﮫ ﻓن اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺎ ﻻ ﯾزال اﻟﺑﻌض ﻣﺻرا ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺳﯾده ﻓﻲ إطﺎره اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟﺗﺳﺟﯾﻠﻲ
اﻟﺳﺎﺋد ،وﻧﻠﺣظ أن ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺔ ﺗﺑﺎﻋد ﺑﯾن اﻟﻣؤدي وﻣﺎدﺗﮫ اﻷداﺋﯾﺔ ،وﻧﻛون أﻣﺎم ﻋﺎرض ﻟﻠﻣﺎدة ﻻ ﻣؤد
ﻟﮭﺎ ،أﻣﺎم ﻣﺎدة ﺗﻛﺗﺳب ﺣﯾوﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺻورﺗﮭﺎ اﻟﺟﺎﻣدة ﻻ ﻣن أداء ﻣﺻورھﺎ وروﺣﮫ وطﺎﻗﺗﮫ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻔن ﻋﺎﻛﺳﺎ
ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻓﻣﺎ أھﻣﯾﺗﮫ إذن؟ ﻣﺎ أھﻣﯾﺔ ذات اﻟﻣؤدي إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻐﯾّﺑﺔ ﻋن ﻓﻧﮫ؟ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﯾﺷﻔﻊ ﻟﻠﻣؤدي ھذا أﻧﮫ ﺧرج ﻋﻠﻰ
ﻣﺧرﺟﮫ ﻷﻧﮫ وأد ذاﺗﮫ وراح ﯾﺑﺣث ﻋن ذاﺗﮫ ﻣن ﺧﻼل ذاﺗﮫ وﺣده ﻓﺣﺳب ،ﻓﻣﺎ أھﻣﯾﺔ ھذه اﻟذات إذا ﻛﺎﻧت روﺣﮭﺎ
ﻻ أﺧﺎل ﻣﻣﺛﻼ ﺣﻠم ذات ﯾوم ﺑﺄﻧﮫ ﯾؤدي اﻟﻣوﻧوﻟوج اﻟﻛوﻧﻲ اﻟراﺋﻊ ﻟﮭﺎﻣﻠت ﺷﻛﺳﺑﯾر “أﻛون أو ﻻ أﻛون ذﻟك ھو
اﻟﺳؤال” أو ﺧطﺎب أﻧطوﻧﯾو اﻟﻣدھش واﻟﻣؤﺛر ﻓﻲ ﯾوﻟﯾوس ﻗﯾﺻر ﻟﺷﻛﺳﺑﯾر أﯾﺿﺎ “أن ﯾرﺗﻛن ﻟﮭﻛذا ﻣوات وھو اﻟذي
أﺧذ ﺑﮭﻛذا ﺣﻠم وﻗرر ﻣﺻﯾره اﻟﻔﻧﻲ ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ،ﻻ أﺧﺎل ﻣن ﺗﺳﻧﻰ ﻟﮫ ﺗﺟﺳﯾد ذﻟك اﻟﺣﻠم أن ﯾؤول إﻟﻰ ﻣﺎ آل إﻟﯾﮫ ﻣن
”.ﻣوات
وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﯾﺎ ﻣﻠﻣﺣﺎ ﻣن ﻣﻼﻣﺢ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻟﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ -ﻛﻣﺎ أﺳﻠﻔﻧﺎ -ﻓﺈﻧﮫ أﯾﺿﺎ ﻓن اﺳﺗﻌﺎدي،
وھو ﻣﻠﻣﺢ آﺧر ﯾطﻐﻰ ﻋﻠﻰ أﻏﻠب ﻋروض ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ﯾذھب ﻟﻣﺎ ﺣدث ،ﻻ ﻟﻣﺎ ﯾﺣدث أو
ﯾﺣﺎور ﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ راھﻧﮫ ،أﺳﯾر ﻣﺎض أو ﻋزﻟﺔ أو ﺳﺟن أو وﺣدة ،وھذا اﻟﻣﻠﻣﺢ ﻧﻠﺣظﮫ ﻓﻲ أﻏﻠب ﻋروض
اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻓن ﻻ ﯾدع ﻣﺟﺎﻻ ﻟﻠذاﻛرة ﺑﺄن ﺗﺗﻧﻔس ﻓﻲ راھﻧﮭﺎ أو ﺗﺗﻣﻛن ﻣن ﻗراءة ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﮭﺎ،
وﻛﻣﺎ ﻟو أن ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﺗﺷﻛل ﺑﮭذا اﻟﺷﻛل واﻟﺧﺎرج ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺷﻛل ﺧﺎﺋن ﻟﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ،وﻟﻌل ھذه
اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ أﺳﺎﺳﮭﺎ ﻓﻛري ،وھﻧﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة وﺑﺻراﻣﺔ ﻣراﺟﻌﺔ ﻣرﺟﻌﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﻔﻛرﯾﺔ وﺧﻠق وھﺞ ﻓﻛري ﻗﺎدر
ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻌﺎب ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﻓﻲ اﻟﻔﻛر وﻓﻲ اﻟﻣﺳرح وھذا ﻟن ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﺈﻣطﺎر اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺷﺎﺧﺻﺔ ﻋﻠﻰ
.ﺗﺟرﺑﺗﻧﺎ اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ
وﺗظل ھﻧﺎك ﺑﻌض اﻷﺳﺋﻠﺔ ﻻ زاﻟت ﻋﺎﻟﻘﺔ ﻓﻲ رأﺳﻲ ،ھل ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻓن اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد؟
وﻣﺎذا ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح؟ وﻣﺎذا ﯾﺿﯾر ﻟو ﺗﻌﺿد اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد ﺑﻣﻣﺛﻠﯾن آﺧرﯾن ﺑﺗﺟرﺑﺗﮫ؟ أﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ
أن ﻧطﻠق ﻋﻠﯾﮫ ﻓن اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد إذا ﻛﺎن ھو ﺻﺎﺣب اﻟدور واﻟﺣﺿور اﻷﺳﺎﺳﯾﯾن ﺑﯾن ﻣن ﯾﺻﺎﺣﺑﮫ دوره ﻓﻲ
اﻟﺗﺟرﺑﺔ؟ وﻟﻣﺎذا ﯾظل ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ رھﯾن اﻟﺳرد واﻟﻛﻠﻣﺔ؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ ﯾذھب ﻟﻠﺑﺣث ﻋن ﻟﻐﺔ
أﺧرى ﻣﻌﺿدة ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ أو ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋﻧﮭﺎ؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ ﯾﻛون ﻓن اﻟﻛوروﻏراﻓﯾﺎ ﺣﺎﺿرا ﻓﻲ ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ اﻟﻣوﻧودراﻣﯾﺔ؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ
ﯾﻧﻌﻛس ﻣﺳرح اﻟﺻورة ﺑﺗﺟﻠﯾﺎﺗﮫ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ؟ أﻟم ﻧﺳﺄل أﻧﻔﺳﻧﺎ ﺑﻌد ﻟﻣﺎذا ﯾﻛﺎد ﯾﻛون ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻣﮭﻣﺷﺎ
وﻏرﯾﺑﺎ ﻋن وﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﮭور؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﺗﺄﺳس ﻣراﻛز وورش ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﻔن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ؟
ﻟﻣﺎذا ﻟم ﯾﺗﺧﻠق ﺣﺗﻰ اﻵن اﺗﺟﺎه واﺿﺢ وﻓﺎﻋل ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ؟ إﻧﮭﺎ أﺳﺋﻠﺔ ﺗﺗوﺧﻰ اﻟﺑﺣث
.ﻋن ﻣﻠﻣﺢ آﺧر ﻣﻐﺎﯾر وﺟدﯾد ﻓﻲ ﻓن اﻟﻣوﻧودراﻣﺎ أو ﻓن اﻟﻣﻣﺛل اﻟواﺣد ﺑﻣﺳرﺣﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻲ