Professional Documents
Culture Documents
الحكامـــــة الجيــــــدة
الحكامـــــة الجيــــــدة
شكـــل دستـــور المملكـــة المغربيـــة لسنــــة 2011ثـــورة سلميــــة حقيقيــــة ،كرســــت و بحــــق االستثنـــــاء
المغربي خاصــــة فــــي ظــــل مــــا عرفتــــه معظــــم دول المنطقـــة العربيــــة – الربيــــع العربــــي -؛ و باألخــــص
المغاربيـــــة ،و قـــد جــــاء دستــــور 2011ليعــــزز بنــــاء دولــــة الحــــق و القانــــون الــــذي خطــــى فيــــه
المغــــرب خطــــوات جبــــارة ،مـــن خــــالل مــــا أقـــــره هــــذا الدستــــور مــــن مبــــادئ و آليــــات تهــــدف
و لعـــــل أبــــرز مــــا نـــــص عليـــــه دستـــــور 2011مفهــــوم الحكامـــــة الجيـــــدة ،حيـــــث أفـــــرد لهــــا بابــــا
كامـــــال ،البــــاب الثانــــي عشــــر ( المكــــون مـــــن 17فصــــال ) مــــن الفصــــل 154إلــــى الفصــــل
…….….171
التدبير الواعي و المعقلن لبنيات النظام للنهوض بأوضاع مكوناته تحقيقا للتنميةـ مع نظرة تستهدف تعزيز شرعية الحقل
فـــي البدايـــــة البــــــد مــــن اإلشــــارة إلــــى أن ركائـــــز الحكامــــــة الجيـــــدة تختلـــــف مــــــن جهـــــة
ألخــــرى ،و ذلــــك بالرجـــــوع إلــــى المشـــــارب الفكريـــــة و المعرفيـــــة و اإليديولوجية لكــــــل جهـــــة،فعلـــــى
سبيــــــل المثــــــال نجــــــد أن معاييـــــر األمـــــم المتحـــــدة للحكامـــــة تختلـــــف عــــن المعاييــــر التــــي
وضعهـــــا صنـــــدوق النقـــــد الدولــــي ،و كـــذا عـــــن المعاييـــــر التــــي وضعهـــــا االتحــــاد األوربـــــي فـــــي
و قــــــد عمــــــل المغــــرب منــــذ تبنيـــــه لخيـــــار اعتمــــــاد الحكـــــم الرشيـــــد علـــــــى اعتمـــــاد مجموعـــــة
مـــــن المعاييــــــر الدوليــــــة للحكامــــــة الجيـــــدة ،التـــــــي يمكـــــن إجمالهــــا فـــــي مــــا يلــــي
سيـــــادة القانـــــون
حيـــــث نــــص الدستـــــور علــــى أن " القانـــــون هـــــو أسمـــــى تعبيـــــر عـــن إرادة األمـــــة ،و يجــــب علــــى
الجميــــع اإلمتثــــــال لـــــــه ،و ليـــــس للقانــــون أثــــــر رجعـــــي" يتجلــــــى مــــــن خــــــالل مـــــا تقــــــدم
ذكـــــره أن القواعــــد القانونيــــــة تطبــــــق بــــــدون أي تمييـــــز و بشكـــــل عـــــادل .هـــــذا القانون الـــــذي
ينظــــــم عــــــالقات المواطنيـــــــن فيمــــــا بينهــــــم بالقـــــدر الـــــذي ينظـــــم عالقاتهـــــم بالدولـــــة و مؤسساتهــــا
و مختلــــــف اإلدارات و الجماعـــــات الترابيــــة ،و التـــــي يجـــــب أن تخضــــــع للقانـــــون و لمقتضياتـــــه و
..أحكامـــــه ،و يسهـــــر جهـــــاز القضـــــاء المستقــــــل علـــــى ذلــــــك
الشفافيــــــة
مـــــن خـــــالل توفيـــــر الحريـــــة و تيسيــــــر الوصـــــول إلـــــى المعلومات و ذلـــــك عبــــــر اتاحــــــة
اإلمكانيـــــة مــــــن قبــــــل المؤسســـــــات و الهيئــــــات و الجماعــــــات الترابيـــــة للمعلومــــــات و المعطيـــــــات
لكــــــل العمليـــــــات المجتمعيـــــــة للعمــــــوم و للمهتميــــــن بهــــــا ،الشـــــيء الـــــــذي يمكــــــن مــــــن
مراقبتهــــــا ،باستثناء بعـــــض المعطيـــــات ذات الطابــــــع الحســـــــاس المرتبطـــــــة بأمـــــــن الدولــــــة الداخلـــــي
و الخارجـــــي ،و قـــــد صـــــدر فــــي هـــــذا الشـــــأن القانــــون رقـــــم 13.31المتعلـــــق بالحـــــق فـــــي
.الحصـــــول علـــــى المعلومـــــات
:االستجابــــة
و ذلــــك بجعــــل هـــــدف المؤسســــات و العمليـــــات المجتمعيـــــة االستجابـــــة الحتياجــــات و ،عبــــــر رصــــــد
األولويـــــات و تحديدهـــــا استجابــــــة للغالبيــــــة العظمــــــى مـــــن الساكنــــــة ،و اعتمـــــاد آليـــــات و وسائـــــل و
تحديدهـــــا تقنيـــــات علميــــــة فـــــي
:المساءلــــــة
التي تربط المسؤولية بالمساءلة وإعطاء الحساب لضمان التدبير األمثل للموارد المادية والبشرية وربط المنجزات
.باألهداف المتوخاة
الفعاليــــــة
و المقصـــــود هنـــــا بــــأن تتجــــه جميــــــع العمليـــــات المجتمعيــــــة إلشبــــاع الحاجيــــــات بالكفـــــاءة
المطلوبــــــة ،مــــــع األخــــذ بعيـــــن اإلعتبـــــــار االستخــــــدام األمثــــل للمـــــــوارد و مـــــن خـــــــالل التحكـــــم
.فـــــي المـــــوارد و النفقــــــات
التوافــــق و االلتقائيـــــة
تختلـــــف هـــــذه اآلليــــــات بإختــــــالف الدارسيــــــن و المنظريـــــن ،و قــــد خصـــــص الدستـــــور المغربــــــي
لسنـــــــة 2011للحكامـــــة الجيــــــدة بابـــــا كامــــــال و هــــــو البـــــاب الثانـــــي عشــــر ،المكــــون مـــــن
سبعـــــــة عشـــــر فصــــال ،و قـــــد جـــــاء تخصيــــــص بــــــاب كامـــــل للحكامـــــة الجيــــــدة فــــــي الدستــــــور
ليؤكــــــد علـــــى فلسفــــــة الدولـــــة و إرادتهـــــا و خيارهـــــا الـــــذي ال رجعـــــة فيـــــه لمحاربـــــة الفســــاد و
إحــــــداث التغييــــــر المنشــــــود ،و الحـــــد مــــــن ســـــــوء التدبيــــــر الــــــذي تعانـــــي منـــــه مؤسســــــات
الدولــــــة و المجتمــــــع ،و قـــــد قسم البــــــاب المتعلـــــــق بالحكامـــــــة الجيـــــــدة إلــــــى شقييــــــن ،يتعلــــــق
الشــــــق األول بالمبـــــــادئ العامـــــــة للحكامــــــة الجيـــــــدة؛ الـــــذي ينقســــــم بــــــدوره إلــــــى مبـــــــادئ
تنظيميـــــــة و مبــــــادئ سلوكيـــــــة و أخــــــرى محاسبيـــــة ،أمــــــا الشــــــق الثانـــــي فيتعلــــــق بأجهــــــزة
الحكامــــــة الجيــــــدة
كمـــــا سبقـــــت اإلشـــــارة إلـــــى ذلــــــك فــــــإن المبادئ العامـــــة للحكامــــــة الجيـــــــدة قسمـــــت بالبــــــاب
الثانــــــي عشـــــر مـــــن الدستــــــور إلـــــى ثالثــــــة أنـــــواع؛ تنظيميـــــة و سلوكيـــــــة و محاسبيـــــة
فيما يخص المبادئ التنظيمية ,والتي تهتم بتنظيم المرافق العمومية,ـ ينص الفصل 154على أنها تنظم على أساس المساواة
بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها ،واإلنصاف في تغطية التراب الوطني ،واالستمرارية في أداء الخدمات .كما
يؤكد الفصل 159أن الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة تكون مستقلة ,وتستفيد من دعم أجهزة الدولة ,ويمكن للقانون أن
يُحدث عند الضرورة هيئات أخرى للضبط والحكامة
وفيما يتعلق بالمبادئ السلوكية ,والتي تهتم بتقنين ممارسة المسؤولية وأسس العالقة مع المرتفقين ,يؤكد الفصل 154على
أن المرافق العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية ،وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها
.الدستور
وفيما يخص أخيرا المبادئ المحاسبية ,يؤكد الفصل 154على أن المرافق العمومية تخضع للمحاسبة والمسؤولية,
والفصل 156على أنها تقدم الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية،ـ طبقا للقوانين الجاري بها العمل ،وتخضع في هذا
لقـــــد عـــــدد المشـــــرع الدستـــــوري أجهــــــزة أنـــــــط بهـــــــا مهمــــــــة تنزيـــــــل و ضمـــــــان الحكامــــــة
الجيــــــدة ،مــــــن خــــــالل مقتضيــــــات الفصـــــول مــــــن 161إلـــى 170الدستـــــور و هـــــي الهيئــــــة
العليـــــــا لإلتصـــــال السمعـــــي البصــــــري و الهيئــــــة الوطنيـــــــة للنزاهــــــة والوقايـــــــة مــــــن الرشـــــــوة
و قـــــد أنــــــاط الدستـــــــور بمختلــــــف تلـــــك األجهـــــزة كــــل فــــــي مجــــــال اشتغالهــــــا و اهتمــــــام
العمـــــــل علــــــى ترسيـــــخ مبــــــادئ الحكامـــــة الجيــــــدة ،كمــــــا أتـــــاح للمشـــــــرع إمكانيــــــة إحــــــداث
إذا كان المغرب قد بادر باتخاذ إصالحات لتعزيز الحكامة الحيدة خاصة على مستوى تحسين محيط األعمال واالستثمار،
وتحديث التدبيرـ العمومي ،واستكمال اآلليات القانونية للوقاية من الفساد ومكافحته ،فإن فعالية المجهودات المبذولة ال
زالت مع ذلك لم تتأكد حيث يالحظ عموما وجود فجوات بين التشريعات واإلجراءات المتخذة وبين الممارسات والنتائج
فعلى مستوى تحسين محيط األعمال رغم أن الجهود المبذولة ساهمت في توفير فرص ناجعة الجتذاب ر رؤوس األموال
واالستثمارات الخارجية ،فإنها لم تمكن المغرب بشكل ملحوظ من تحسين قدرته التنافسية لربح حصص مهمة في األسواق
مستوى تدبير الموارد البشرية التي تشوبها بعض اإلختالالت المتعلقة خصوصا بالمسار والسلوك الوظيفي و أيضا على
مستوى الصفقات العمومية التي أبان نظامها القانوني رغم إيجابياته عن مجموعة من اإلختالالت على مستوى التطبيق ولم
يستطع مشروع المرسوم الحالي الموجود قيد التحضير تجاوزها ،حيث لم يحد من السلطة التقديرية لصاحب المشروع ولم
يقم بتدقيق أساليب وشروط وآجال الطعن ،أما فيما يتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة فإنه يفتقر لضوابط موضوعية
لتوضيح القطاعات اإلنتاجية القابلة للتفويت في هذا اإلطار ويبقى قاصرا لكونه لم يشمل الدولة ،ولم تمتد مراقبته لتشمل تسعيرات
.........الخدمات
دور الحكامة
تعتبر الحكامة الجيدة مقاربة عصرية في صنع القرار والتدبير الجيد للشأن العام ،تعتد بتطوير المفاهيم التقليدية المستعملةـ في مجال
التدبير ،وهي تعبر عن ممارسة السلطة السياسية وإدارتها لشؤون المجتمع بمستوياته (الترابية والوطنية والعالمية) وموارده المختلفة،
عن طريق منهجية للعمل المتعدد األطراف سلطة عمومية ،قطاع خاص ،ومجتمع مدني .وعن طريق آليات للفعل تعتمد معايير
حكماتية من قبيل (المشاركة،ـ المشروعية ،الشفافية ،والمسؤولية...الخ) ،وذلك لهدف عام هو تحقيق شرط التنمية بأبعادها (السياسية،
االقتصادية واالجتماعية) ،وهي بذلك عبارة عن آلية أو منهجية أو نسق ،يتطلب التعدد في األطراف المتدخلة ،والتنوع في األسس
.والمرجعياتـ المعتمدة ،والتوحد في الغاية والهدف العام وهو تحقيق شرط التنمية المجتمعية الشاملة
وفي ظل هذا التوجه ،يعتبر مفهوم الحكامةـ الجيدة من أقوى المفاهيم التي جاء بها الدستور المغربي الجديد ،كتعبير عن الفلسفة العامة
التي أسسها من اجل إحداث التغيير المنشود ،والحد من الفساد وسوء التدبير الذي تعاني منه مؤسسات الدولة والمجتمع .فقد خصص
الدستور الجديد للحكامة الجيدة بابا كامال _الباب الثاني عشر _ من 18فصال (الفصول 154إلى ، 171ينقسم إلى شقين ،يتعلق
.األول بالمبادئ العامة ،والثاني بتحديد المؤسساتـ والهيئات العاملة على تفعيل هذه المبادئ
وهكذا ،وفي سبيل ضمان حسن أداء المرافق العمومية _بمختلف أنواعها _ ألنشطتها وتلبيات حاجيات المرتفقين في أحسن
الظروف ،أخضعها الدستور المغربي الجديد لمجموعة من المبادئ العامة لحكامة تدبير الشأن العام ،والتي يمكن إجمالها في ما يلي
أوال:المساواة واالستمرارية
تشكل المرافق العمومية هوية المجتمع ومعيار رقيه أو تأخره ،حتى باتت التعبير القانوني لفلسفة سياسة الدولة ،والمرتكز األساسي
في تحديثها ،ويعتبر العمود الفقري للدولة الديمقراطية ،وأداة لتطبيق إستراتيجية التنمية وتنفيذ البرامج الحكومية ،ومن هنا تأتي
صوابية العالقة بين المرفق العام والمجتمع ،والمعبر عنها بأن كل تخليق في المرافق العمومية هو تخليق في المجتمع نفسه ،لذلك
أولى الدستور المغربي الجديد أهمية خاصة لمبادئ الحكامة الجيدة في تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات
والمواطنين في الولوج إليها ،واإلنصاف في تغطية التراب الوطني واالستمرارية في أداء الخدمات
يعد مبدأ المساواة من الضمانات األساسيةـ التي جاء بها الدستور المغربي الجديد ،جاعال منها قاعدة مهمة في الولوج إلى الخدمات
التي تقدمها اإلدارة العمومية على أساس المساواة بين جميع األفراد دون تمييز بينهم بسبب الدين أو اللون أو العرق أو اللغة ،وال
فرق بين غني و فقير أو رجل وامرأة أو كبير و صغير ،متى توفرت فيهم شروط االستفادة من تلك الخدمات،ـ سواء فيما يخص
االستفادة من خدماتها أو المساهمة في تحمل أعبائها من جهة ثانية .والى جانب مبدأ المساواة ،ارتقى الدستور المغربي بمبدأ أخر،
وهو مبدأ االستمرارية ،إلى درجة قاعدة دستورية ،جاعال منه الضمانة األساسية في أداء اإلدارة العمومية خدماتهاـ على وجه الدوام
واالستمرار ودون انقطاع ،والقرب من المواطنين .وعلى المرفق العمومي االستمرار في تقديم خدماته حتى في حالة التناوب على
عملية التدبير اإلداري بين النخب السياسية،ـ إذ ال يتصور أن حكومة معينة وقعت التزامات واتفاقات إدارية أثناء فترة انتدابها ،ثم تأتي
حكومة بعدها تتنكر لتلك االلتزامات ،ألن من شأن ذلك أن يؤدي إلى نتائج سلبية على المتعاملين مع المرفق العمومي خاصة الرتباط
الجودة والشفافية
في سبيل إرساء مسلك الحكامةـ الجيدة في تدبير الشأن العام ،باعتبارها نظام جديد لتدبير الفعل العمومي ،ألزم الدستور المغربي
المرافق العمومية باعتماد مبادئ حديثة والتي تقوم على معايير الجودة والشفافية،ـ وجعلها تخضع في تسييرها للمبادئ والقيم
الديمقراطية التي اقرها الدستور المغربي الجديد ،من اجل استعادة ثقة المواطنين في اإلدارة العمومية ،وإعادة االعتبار لنبل المرفق
العمومي
المحاسبة والمسؤولية
كما اوجب الدستور المغربي الجديد على المرافق العمومية ،باعتماد مبدأي المسؤولية والمحاسبة ،وهي من أهم المعايير المعمول بها
في دولة الحق والقانون وقد اقر الدستور المغربي الجديد ربط المسؤولية بالمحاسبة،ـ في تدبير الشأن العام ،في الفصل األول منه،
والذي نص في الفقرة الثانية على انه ”يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ،وتوازنها وتعاونها ،والديمقراطية
المواطنة والتشاركية ،وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ،وربط المسؤولية بالمحاسبة“ .هذه المبادئ ،من شأنها أن تقطع الطريق على
أصحاب النوايا السيئة في تدبير السياسات العمومية وتنفيذها ،كما أنها ستساهم في التصدي إلساءة استخدام السلطة والنفوذ وتبذير
المال العام .وهي معايير كفيلة بإعادة ثقة المغاربة في مؤسساتهم ،وفي الحياة السياسية واالهتمام بالشأن العام
النزاهة والحياد
ألزم الدستور المغربي أعوان المرافق العمومية عند ممارسة وظائفهم ،الخضوع لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافيةـ والنزاهة
والمصلحة العامة وقد ارتقى المشرع الدستوري بهذه المبادئ إلى مصاف القواعد الدستورية نظرا للدور الذي أصبح يحتله العنصر
البشري العامل بالمرافق العمومية والحاجيات المتعددة التي يقوم بها ،ليس اإلدارية فحسب ،بل االقتصادية واالجتماعية والمالية،
وهكذا ال تنمية بدون عنصر بشري كفء .يمثل العنصر البشري الركيزة األساسيةـ لكل عملية تنمية في معظم األنظمة المعاصرة،
لهذا كان بالضرورة ،دسترة الحكامة المرفقية ،لضمان حسن سير اإلدارة العمومية لما فيه مصلحة عموم المواطنين ،وتحقيق العدل
المراقبة والتقييم
اوجب المشرع الدستوري المرافق العمومية بتلقي مالحظات مرتفقيها ،واقتراحاتهم وتظلماتهم ،وتؤمن تتبعها كأحد المظاهر األساسية
لحكامة اإلدارة العمومية [،من اجل تجاوز عجز اإلدارة عن تحقيق طموحات المواطنين في االستجابة لمتطلباتهم وطموحاتهم بشكل
كما ألزم الدستور المغربي المرافق العمومية بتقديم الحسابـ عن تدبيرها لألموال العمومية ،طبق للقوانين الجاري بها العمل ،وتخضع
في هذا الشأن للمراقبة والتقييم ،غايته المثلى في ذلك توفير هذه المرافق المعلومات الدقيقة في وقتها ،وإفساح المجال أمام الجميع
لالضطالع على المعلومات الضرورية ،األمر الذي يساعد على اتخاذ القرارات اإلدارية المناسبة توسيعا لدائرة المشاركة والرقابة
والمحاسبة،ـ باعتبارها مقومات للمقاربة الجديدة لمنظومة الحكامة في المجال اإلداري ،إذ أنها عناصر ذات ”جرأة حكامتية“ قوية إذا
ما قورنت بعناصر مطلب اإلصالح اإلداري أو بمفاهيم مثل التنمية والتحديث اإلداري ،والتي باإلمكان اعتبارها هي األخرى مداخل
خالصة القول ،إن الرهان األساسي في وقتنا الحاضر ،بشأن تحديث اإلدارة المغربية ،متوقف باألساس على تفعيل مبادئ الحكامةـ
الجيدة التي جاء بها الدستور ،والعمل على تأهيل العنصر البشري بالتكوين المستمر ،وتكوينه على تكنولوجيا المعلوميات الستخدامها
في عالقته بالمواطنين ،وتظافر جهود كل الفاعلين والمهتمينً ،بد ءا بالمواطن ،الموظف ،الدولة ،منظمات المجتمع المدني ،األحزاب
.السياسية ،النقابات ،على التفعيل األمثل والجدي إلدارة القرب واإلدارة المستقبلة والمتواصلة والشفافة والمنتجة والمسؤولة