Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 94

‫وزارة التعلمي العايل والبحث العلمي‬

‫جامعة ابتنة ‪– 1 -‬‬


‫لكية العلوم الإسالمية‬
‫قسم الرشيعة‬

‫محاضرات في مقياس "فقه العبادات"‬


‫مقدمة لطلبة السنة األولى ل‪.‬م‪.‬د ‪-‬جذع مشترك‪-‬‬
‫السداسي األول‬

‫اإعداد ادلكتورة‪ :‬مسرية عبدو‬

‫الس نة اجلامعية‪2021-2020:‬م‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا حممد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫هذه املطبوعة يف مقياس "فقه العبادات" موجهة لطلبة السنة األوىل ‪ -‬جذع مشرتك ‪ -‬واهلدف منها‬
‫تعميق املعارف يف فقه الطهارة‪ ،‬الصالة‪ ،‬الصيام‪ ،‬الزكاة‪ ،‬واحلج‪ ،‬اليت درسها الطالب يف أطوار التعليم‬
‫السابقة‪ ،‬واكتساب مهارات البحث يف كتب الفقه‪. .‬‬
‫ونظرا لسعة املادة العلمية‪ ،‬وأمهية حمتواها‪ ،‬مت تقسيم املفردات على سداسيني‬
‫السداسي األول ويتضمن الطهارة والصالة‪.‬‬
‫السداسي الثاين يتضمن الصوم والزكاة واحلج‪.‬‬
‫وهذه املطبوعة اليت بني أيديكم‪ ،‬حتتوي على مفردات السداسي األول‪ ،‬مت تقسيمها كما يلي‬
‫‪-‬مقدمة يف أمهية العبادة يف اإلسالم‪.‬‬
‫‪-‬مدخل إىل تاريخ الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫‪-‬تعريف الفقه وموضوعه‪.‬‬
‫‪-‬الطهارة وأحكامها‪.‬‬
‫‪-‬النجاسة وأحكامها‪.‬‬
‫‪-‬الوضوء‪ ،‬الغسل‪ ،‬التيمم‪ .‬املسح على اخلفني‪.‬‬
‫‪-‬الصالة وأحكامها‪.‬‬
‫‪-‬األذان واإلقامة وأحكامهما‪.‬‬
‫‪-‬القصر واجلمع يف الصالة‪.‬‬
‫‪-‬صالة اجلمعة واجلماعة‪.‬‬
‫‪-‬صالة العيدين‪ .‬صالة الكسوف واخلسوف‪ ،‬صالة االستسقاء‪.‬‬
‫‪ -‬صالة اجلنازة وأحكامها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وقد اعتمدت على مذهب اإلمام مالك‪ ،‬وجتنبت اخلوض يف اخلالفات املذهبية إال ما كان منها قوي‬
‫الدليل وفيه تيسري‪ ،‬فأشرت إليه‪.‬‬
‫أسأل اهلل سبحانه وتعاىل التوفيق والسداد‪ ،‬والعفو عن اخلطأ والنسيان‪ .‬وأن جيعل هذا اجلهد يف ميزان‬
‫حسناتنا‪ ،‬إنه مسيع‪ ،‬قريب‪ ،‬جميب‪.‬‬
‫د‪ .‬مسرية عبدو‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫مدخل إلى تاريخ الفقه اإلسالمي‬


‫مر الفقه اإلسالمي بعدة مراحل‪ ،‬وهي‬
‫عهد النبوة لقد كان الفقه اإلسالمي أول ما وجد يف زمن الرسول صلى اهلل عليه وسلم يستنبط من كالم‬
‫وجل ومن سنة نبيه الكرمي صلوات اهلل وسالمه عليه‪ ،‬وكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم يقضي فيما‬
‫عز ّ‬‫اهلل ّ‬
‫عرض عليه من قضايا أو استفىت فيه من مسائل مبا كان يأتيه عن طريق الوحي‪ ،‬وإذا حدث وان اختلف‬
‫أصحابه واجتهدوا لسبب أو آلخر فسرعان ما يرجعون إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فيبني هلم الصواب‬
‫فيما أصابوا ويرشدهم إىل ما أخطأوا‪.‬‬
‫عصر الصحابة بدأ هذا العصر من وفاة الرسول صلي اهلل عليه وسلم حيت تولية معاوية بن أيب سفيان‬
‫اخلالفة سنة ‪41‬هـ‪.‬‬
‫وبعد وفاة النيب صلى اهلل عليه وسلم ترك رسالة تشريعية كاملة واملتمثلة يف كتاب اهلل حمفوظا يف الصدور‬
‫ومكتوبا يف السطور‪ ،‬وسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم املطهرة واحملفوظة يف الصدور‪.‬‬
‫يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب اهلل‬
‫وسنة نبيه) رواه مالك وابن ماجة‪.‬‬
‫وكان الصحابة أشد الناس حرصا على العمل بالقرآن الكرمي والتمسك بسنة النيب صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫وإذا استجد هلم من الوقائع واحلوادث اليت مل تكن يف زمنه عليه الصالة والسالم‪ ،‬اجتهدوا يف استنباط‬
‫األحكام هلا‪ ،‬مسرتشدين يف ذلك بالكتاب والسنة‪ ،‬وما حفظوه من توجيهه عليه الصالة والسالم حني‬
‫بعث معاذ بن جبل إىل اليمن فقال له (كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال أقضي بكتاب اهلل‪ ،‬قال‬
‫فإن مل جتد يف كتاب اهلل؟ قال أقضي بسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال فإن مل جتد يف سنة‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟ قال أجتهد رأي وال آلو قال فضرب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫صدره وقال (الحمد هلل الذي وفق رسول رسول اهلل لما يرضي رسول اهلل) أبو داود والرتمذي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وكانوا يف أحكامهم يتحرون احلق‪ ،‬ويظنون أهنا توافق حكم اهلل وإن احتملت أن تكون على خالفه‪ ،‬ما‬
‫دام الدافع إليها هو حتري احلق وابتغاء مرضاة اهلل‪ ،‬مستأنسني بقوله عليه الصالة والسالم (إذا حكم‬
‫الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد) أبو داود والرتمذي‪.‬‬
‫فهذا أبو بكر الصديق وهو اخلليفة األول لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬إذا مل جيد يف الكتاب نصا‬
‫وال عند الناس سنّة‪ ،‬مجع الناس واستشارهم‪ ،‬فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به‪ ،‬وإن مل جيتمع على‬
‫شيء قضى مبا يراه‪ ،‬ورمبا ختري من اآلراء أقرهبا إىل الكتاب والسنة وأكثرها مالئمة ملصلحة املسلمني‪،‬‬
‫وكذلك كان عمر يفعل‪.‬‬
‫فامتازت هذه الفرتة عن سابقتها بتعدد اآلراء ووجود االختالف خاصة بعد تفرق الصحابة يف األمصار‬
‫بعدما فتحها اهلل عليهم‪ ،‬وجتدد مشكالت الناس وجتدد أقضية مل تكن معهودة من قبل وليس هلا نص من‬
‫كتاب أو سنة‪.‬‬
‫فظهرت مناهج متعددة يف االجتهاد واإلفتاء‪ ،‬عرف هبا أعالم مثل مذهب عمر وعلي وعائشة وابن‬
‫عباس وابن مسعود وغريهم‪.‬‬
‫ضل ضيقا مقارنة مبا سيؤول إليه األمر يف العصور التالية‬
‫إال أن اخلالف مل يتشعب بني الصحابة‪ ،‬بل ّ‬
‫وذلك لألسباب اآلتية‬
‫‪ -1‬قرب عهد النبوة‪.‬‬
‫‪ -2‬تقرير مبدأ الشورى بني الصحابة‪.‬‬
‫‪ -3‬التحري يف رواية احلديث خوف اخلطأ على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -4‬التورع عن الفتوى‪.‬‬
‫‪ -5‬قلة النوازل بالنسبة ملا ج ّد يف العصور التالية‪.‬‬
‫عصر التابعين ويبدأ من (‪41‬هـ إىل ‪132‬هـ) و تتميز هذه الفرتة مبا يلي‬
‫‪ -1‬امتداد الفتح اإلسالمي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -2‬انتشار الصحابة يف األمصار للقيام بواجب التعليم للذين دخلوا اإلسالم‪ ،‬وأخذ التابعون عنهم‬
‫العلم كل يف مكانه‪.‬‬
‫‪ -3‬بروز أئمة من التابعني يؤخذ منهم العلم كسعيد بن املسيب والقاسم بن حممد وعطاء بن أيب رباح‪،‬‬
‫واحلسن البصري‪ ،‬وعلقمة بن قيس النخعي وغريهم كثري‪ ،‬والذين كثريا ما كانوا ميارسون الفتوى‬
‫مبشهد من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الذين تلقوا العلم والفقه عنهم‪.‬‬
‫‪ -4‬ظهور االختالف يف األحكام باختالف من تلقي عنهم العلم من أهل ذلك القطر من الصحابة‪،‬‬
‫واختلف القضاء والفتيا يف املسألة الواحدة اختالفا كبريا‪.‬‬
‫عصر األئمة المجتهدين‪( :‬أوائل القرن الثاين اهلجري إىل منتصف القرن الرابع اهلجري)‪.‬مل يزدهر الفقه‬
‫اإلسالمي يف عهد من العهود ازدهاره يف هذا العهد‪ ،‬ويتميز مبا يلي‬
‫‪ -1‬نشاط حركة التشريع بسبب اتساع رقعة الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -2‬بروز أعالم يف الفتوى واالجتهاد‪ ،‬كاإلمام مالك وأبو حنيفة والشافعي وأمحد بن حنبل وسفيان بن‬
‫عيينة والثوري واألوزاعي والليث وأبو ثور‪...‬‬
‫‪ -3‬الرحالت العلمية بني العلماء اليت أتت مثرهتا وقربت وجهات‪.‬‬
‫‪ -4‬متيز املذاهب الفقهية‪ ،‬ومتايز أتباعها وخدمة أتباع كل مذهب مذهبهم‪.‬‬
‫‪ -5‬اتساع دائرة االجتهاد لكثرة الوقائع واملستجدات ‪.‬‬
‫ما جيب التنبيه عليه‪ ،‬أن املذاهب الفقهية كان هلا من االستمرار واالتساع بقدر ما هلا من قوة األتباع‬
‫وكثرهتم‪ ،‬وكان أوفرها حظا‪ ،‬أئمة السنة األربعة مث مذهب الشيعة اإلمامية والزيدية وكذلك مذهب اإلباضية‪.‬‬
‫عهد التقليد والجمود‪ :‬ويبدأ هذا العهد من منتصف القرن الرابع إىل سقوط بغداد‪ ،‬وقد ظهرت يف هذا‬
‫العصر مؤلفات كثرية‪ ،‬وعكف الناس على تقليد أئمتهم ؛ فعمل كل مقلد مبذهب من قلده‪ ،‬وصار األتباع‬
‫يدرسون كتب أئمتهم‪ ،‬وألفت املختصرات‪ ،‬والشروحات‪...‬‬

‫‪5‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫العصر الحديث يف العصر احلديث ظهرت حركات تدعو إىل فتح باب االجتهاد من جديد‪ ،‬وحماربة‬
‫التقليد الذي انتشر يف األمة اإلسالمية‪ ،‬وحماولة الرجوع بالفقه إىل مصادره األوىل من الكتاب والسنة‪ ،‬وما‬
‫قام عليهما من إمجاع وحنوه‪ ،‬واالعتماد على األدلة الصحيحة‪.‬‬
‫فوجد من الفقهاء املعاصرين من ال يتقيد مبذهب معني يف الفتيا‪ ،‬فهو يعرض للقضية املعاصرة حماوال‬
‫استنباط احلكم منها عن طريق النظر يف األدلة من النصوص القرآنية واألحاديث النبوية‪ ،‬وفتاوى الصحابة‬
‫والتابعني واألئمة اجملتهدين‪ ،‬ومتحيص اآلراء الفقهية‪ ،‬واألخذ بأقواها‪.‬‬
‫وتوجد حاليا بعض االجتهادات الفقهية اليت تقوم هبا جممعات الفقه اإلسالمي يف شىت الدول اإلسالمية؛‬
‫كمجمع الفقه اإلسالمي مبكة املكرمة‪ ،‬وجممع الفقه اإلسالمي للبحوث واإلفتاء‪ ،‬واجمللس األورويب للبحوث‬
‫واإلفتاء‪.......‬‬
‫لمحة موجزة عن المذاهب الفقهية‪:‬‬
‫المذهب الحنفي‪ :‬نسبة إىل مؤسس املذهب احلنفي أبو حنيفة النعمان بن ثابت ولد سنة ‪80‬هـ وتويف سنة‬
‫‪150‬هـ‪ ،،‬إمام أهل الرأي وفقيه أهل العراق‪،‬‬
‫أصول مذهبه الكتاب‪ ،‬السنة‪ ،‬اإلمجاع‪ ،‬القياس واالستحسان‪ ،‬العرف‪.‬‬
‫من أشهر تالميذه‪ ،‬أبو يوسف‪ ،‬وحممد بن احلسن الشيباين‪.‬‬
‫أهم مصادر املذهب احلنفي‬
‫‪ -‬املبسوط‪ .‬السرخسي‪.‬‬
‫‪ -‬حتفة الفقهاء‪ .‬السمرقندي‬
‫‪ -‬بدائع الصنائع‪ .‬الكاساين‬
‫‪-‬رد احملتار على الدر احملتار‪ .‬ابن عابدين‪ .‬وهو أهم كتاب ملتأخري احلنفية العتماده على كتب احلنفية‬
‫واختيار اآلراء الراجحة مع األدلة والتعليل‪.‬‬
‫المذهب المالكي‪ :‬نسبة إىل اإلمام مالك بن أنس‪ ،‬بن أيب عامر األصبعي مؤسس املذهب املالكي‪ ،‬إمام‬
‫دار اهلجرة فقها وحديثا بعد التابعني‪ ،‬ولد سنة ‪93‬هـ وتويف سنة ‪179‬هـ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫طلب العلم على علماء املدينة والزم عبد الرمحن بن هرمز مدة طويلة‪ ،‬وأخذ عن نافع موىل ابن عمر وابن‬
‫شهاب الزهري‪ ،‬وشيخه يف الفقه ربيعة بن عبد الرمحن املعروف بربيعة الرأي‪.‬‬
‫أصول مذهبه الكتاب‪ ،‬السنة‪ ،‬اإلمجاع‪ ،‬القياس‪ ،‬عمل أهل املدينة‪ ،‬قول الصحايب‪ ،‬االستحسان‪ ،‬سد‬
‫الذرائع‪ ،‬االستصحاب‪ ،‬املصاحل املرسلة‪ ،‬شرع من قبلنا‪.‬‬
‫ويقدم اإلمام مالك إمجاع أهل املدينة عل خرب اآلحاد إذا خالف عمل أهل املدينة‪.‬‬
‫تالميذه أشهر تالميذ اإلمام مالك‬
‫‪-1‬عبد الرمحن بن القاسم (‪191 -128‬هـ ) تفقه على يد مالك مدة عشرين سنة‪ ،‬وله يرجع الفضل يف‬
‫تدوين املدونة‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل بن وهب بن مسلم (‪197-125‬هـ) الزم مالكا عشرين سنة‪ ،‬ونشر فقهه يف مصر وكان له‬
‫أثر يف تدوين مذهبه‪ ،‬وكان اإلمام مالك يلقبه بفقيه مصر‪.‬‬
‫‪ -3‬أشهب بن عبد العزيز القيسي (‪150‬ه‪204-‬ه)ـ تفقه على يد مالك‪ ،‬انتهت إليه رياسة الفقه مبصر‬
‫بعد ابن القاسم‪ ،‬قال الشافعي ما رأيت أفقه من أشهب‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل بن عبد احلكم (‪150‬هـ ‪214 -‬ه)ـ‪ ،‬روى عن اإلمام مالك كتابه مساعا‪ ،‬مث روى عن ابن‬
‫وهب وابن القاسم وأشهب كثريا من آراء مالك‪ ،‬أفضت إليه الرياسة بعد أشهب‪.‬‬
‫‪ -5‬أسد بن الفرات بن سنان التونسي (‪213-145‬ه)‪ ،‬مسع من مالك موطأه‪ ،‬له كتاب األسدية اليت‬
‫هي األصل ملدونة سحنون‪.‬‬
‫‪ -6‬سحنون عبد السالم بن سعيد التنوخي (‪240-160‬ه)ـ‪ ،‬تفقه بابن القاسم وابن وهب وأشهب‪ ،‬مث‬
‫انتهت إليه الرياسة يف العلم باملغرب‪ ،‬وهو صاحب املدونة يف مذهب مالك اليت يعتمد عليها املالكية‪.‬‬
‫أهم مصادر املذهب املالكي‬
‫‪ -1‬املدونة‪ ،‬مالك بن أنس‪.‬‬
‫‪ -2‬الرسالة‪ ،‬ابن أيب زيد القريواين‪.‬‬
‫‪ -3‬املقدمات املمهدات‪ ،‬أيب الوليد حممد بن أمحد بن رشد‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -4‬الذخرية‪ ،‬القرايف (وهي عبارة عن موسوعة الفقه املالكي على اخلصوص‪ ،‬قارن فيها بني فقه الصحابة‬
‫والتابعني وعلماء األمصار من أهل الرأي وأهل احلديث‪ ،‬وذكر أدلة هذه املذاهب من كتب السنة‬
‫الصحيحة وكتب اإلمجاع واالختالف)‪.‬‬
‫‪ -5‬خمتصر خليل‪ ،‬خليل بن إسحاق اجلندي املالكي‪( ،‬وهو أشهر خمتصر يف الفقه املالكي‪ ،‬كتب عليه‬
‫أكثر من ستني شرحا)‪.‬‬
‫‪ -6‬مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل‪ ،‬احلطاب (وهو املعتمد يف الفتوى والقضاء يف املذهب املالكي)‪.‬‬
‫‪ -7‬الشرح الكبري على منت خليل‪ ،‬اخلرشي‬
‫‪ -8‬املعيار املعرب واجلامع املغرب عن فتاوى علماء أهل األندلس وإفريقية واملغرب‪ ،‬للونشريسي ‪.‬‬
‫المذهب الشافعي نسبة إىل اإلمام أبو عبد اهلل حممد بن إدريس الشافعي‪ ،‬ولد بغزة سنة ‪150‬هـ وتويف‬
‫سنة ‪204‬هـ مبص ر‪ ،‬ارحتل إىل املدينة وتفقه على يد مالك ومسع منه املوطأ‪ ،‬وبعدها إىل العراق‪ ،‬فأخذ من‬
‫حممد بن احلسن فقه أيب حنيفة‪ ،‬فجمع بذلك بني فقه احلجاز وفقه العراق‪ ،‬وصنف يف بغداد كتابه القدمي‪.‬‬
‫املسمى باحلجة الذي تضمن مذهبه القدمي‪ ،‬مث استقر يف مصر ووضع مذهبه اجلديد‪.‬‬
‫أصول مذهبه القرآن والسنة واإلمجاع والقياس‬
‫تالميذه أشهر تالميذه الذين أخذوا عنه مذهبه اجلديد هم البويطي‪ ،‬واملزين ـ والربيع بن سليمان املرادي‬
‫أهم مصادر املذهب الشافعي‬
‫‪ -1‬األم الشافعي‬
‫‪ -2‬خمتصر املزين املزين‬
‫‪ -3‬احلاوي الكبري 'املاوردي (يذكر األحكام الفقهية على املذهب الشافعي ويذكر أدلتها بالتفصيل‪،‬‬
‫ويذكر آراء األخرى ويورد أدلتها ويناقشها ليصل إىل الرتجيح)‪.‬‬
‫‪ -4‬امله ّذب الشريازي‬

‫‪8‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪-5‬اجملموع‪ ،‬شرح املهذب‪ ،‬النووي (من أمجع الكتب يف الفقه الشافعي ومنهجه‪ ،‬يبني ألفاظه مع تعريف‬
‫املصطلحات الفقهية‪ ،‬وحيدد ما اتفق عليه أصحاب الشافعي وما انفرد به بعضهم ملتزما ببيان الراجح‬
‫واملعتمد يف املذهب)‪.‬‬
‫المذهب الحنبلي‪ :‬نسبة إىل اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬ولد ببغداد سنة ‪164‬هـ ونشأ هبا‪ ،‬كانت له رحالت‬
‫إىل مدائن العلم‪ ،‬كالكوفة والبصرة ومكة واملدينة واليمن والشام واجلزيرة‪ ،‬تفقه على الشافعي مث أصبح جمتهدا‬
‫مستقال‪.‬‬
‫أكب على السنة جيمعها وحيفظها‪ ،‬حىت صار إمام احملدثني يف عصره‪ .‬كان إماما يف احلديث والسنة‬‫ّ‬
‫والفقه‪ .‬قال عنه الشافعي " خرجت من بغداد وما خلفت هبا أتقى وال أفقه من ابن حنبل"‪ .‬تويف رمحه اهلل‬
‫سنة ‪241‬هـ‪.‬‬
‫أصول مذهبه الكتاب والسنة‪ ،‬اإلمجاع‪ ،‬القياس‪ ،‬االستصحاب‪ ،‬املصاحل املرسلة‪ ،‬نصا وال أثرا وال قياسا‪،‬‬
‫وسد الذرائع‪.‬‬
‫من أشهر تالميذ ته الذين نشروا علمه هم صاحل بن أمحد بن حنبل‪ ،‬وعبد اهلل بن أمحد بن‬ ‫تالميذه‬
‫حنبل ‪.‬واألثرم ‪ .‬وأبو بكر اخلالل‪.‬‬
‫أهم مصادر املذهب احلنبلي‬
‫‪ -1‬خمتصر اخلرقي‪ ،‬للخرقي‬
‫‪ -2‬املغين (شرح خمتصر اخلرقي) الشيخ موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن قدامة املقدسي‪.‬‬
‫‪ -3‬الكايف‪ ،‬عبد الرمحن بن أيب عمر بن قدامة املقدسي‪.‬‬
‫‪ -4‬احملرر يف الفقه‪ ،‬ابن تيمية ‪.‬‬
‫‪ -5‬الفروع‪ ،‬مشس الدين بن مفلح املقدسي‬
‫‪ -6‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف‪ ،‬املرداوي‬
‫‪ -7‬كشف القناع على منت االقناع‪ ،‬البهويت ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫تعريف الفقه وموضوعه وفضله‬


‫عز وجل (فَم ِ‬
‫ال‬ ‫تعريفه لغة‪ :‬الفقه يف اللغة بالكسر هو العلم بالشيء‪ ،‬والفهم له‪ ،‬والفطنة‪ ،‬ومنه قول اهلل ّ ّ َ‬
‫وجل على‬ ‫عز‬ ‫اهلل‬ ‫قول‬ ‫ومنه‬ ‫يفهمون‪،‬‬ ‫أي‬ ‫يفقهون‬ ‫له‬‫و‬‫بق‬ ‫اد‬
‫ر‬ ‫امل‬
‫و‬ ‫)‬ ‫ا‬‫يث‬‫د‬‫ادو َن ي ْف َقهو َن ح ِ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫َٰهؤََل ِء الْ َقوِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬
‫ب َما نَ ْف َقهُ َكثِ ًيرا ِّم َّما تَ ُق ُ‬
‫ول )‬ ‫لسان نبيه شعيب عليه الصالة والسالم (قَالُوا يَا ُش َع ْي ُ‬
‫تعريفه اصطالحا أُطلِق لفظ الفقه بداية يف صدر اإلسالم على‬
‫‪-‬فهم األحكام الدينيّة مجيعها‪ ،‬سواء كانت اعتقادية أو عمليّة‪.‬‬
‫عرفه اإلمام أبو حنيفة بأنّه معرفة النفس ما هلا وما عليها‪ .‬وهذا التعريف شامل جلميع أقسام الشريعة؛‬
‫وّ‬
‫العقائد‪ ،‬واألخالق‪ ،‬واألعمال‪ ،‬وغريها‪...‬‬
‫عرف بأنّه العلم باألحكام الشرعيّة العمليّة املكتسبة من أدلتها‬
‫‪-‬بعد استقالل العلوم أصبح الفقه يُ ّ‬
‫التفصيليّة‪.‬‬
‫موضوع الفقه‪ :‬يختص الفقه مبعرفة األحكام الشرعية العملية املتعلقة بأفعال املكلّفني‪ ،‬وما يعرض ألفعاهلم من‬
‫حل وحرمة‪ ،‬ووجوب‪ ،‬وندب وكراهة ‪...‬‬
‫ّ‬
‫وتنقسم األحكام الشرعيّة إىل قسمني ‪:‬‬
‫الحكم التكليفي ويُقصد به خطاب اهلل تعاىل املتعلّق بأفعال املكلّفني باالقتضاء أو التخيري‪ ،‬وهو مخسة‬
‫احملرم‪ ،‬واملندوب‪ ،‬واملكروه‪ ،‬واملباح ‪.‬‬
‫أنواع الواجب‪ ،‬و ّ‬
‫الحكم الوضعي ويُقصد به خطاب اهلل تعاىل املقتضي جعل الشيء سبباً لشيء آخر( مثل القتل العمد‬
‫سبب القصاص) أو شرطاً له (مثل الطهارة شرط يف صحة الصالة) أو مانعاً له (مثل الرضاع مانع من‬
‫ابتداء الزواج واستمراره)‪.‬‬
‫احلث على‬‫تدل على فضل الفقه‪ ،‬وفضل حتصيله‪ ،‬و ّ‬ ‫فضل الفقه وردت آيات كرمية وأحاديث نبويّة شريفة ّ‬
‫(وَما َكا َن ال ُْم ْؤِمنُو َن لِيَ ِنف ُروا َكافَّةً فَ لَ ْوََل نَ َف َر ِمن ُك ِّل‬ ‫وجل َ‬ ‫عز ّ‬ ‫تعلّمه‪ ،‬ومما جاء يف فضل الفقه قول اهلل ّ‬
‫وجل‬ ‫عز‬ ‫فاهلل‬ ‫)‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫فِرقَ ٍة ِّم ْن هم طَائَِفةٌ لِّيتَ َف َّقهوا فِي الدِّي ِن ولِي ِ‬
‫نذ ُروا قَ ْوَم ُه ْم إِذَا َر َج ُعوا إِلَْي ِه ْم لَ َعلَّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ‬
‫مهمة الفقهاء‪ ،‬وهي وظيفة األنبياء عليهم الصالة والسالم ‪.‬‬
‫جعل وظيفة اإلنذار والدعوة من ّ‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫خيرا يُ َف ِّق ْههُ في الدِّي ِن)‪ ،‬وهذا احلديث يدل على أن من‬ ‫ِ‬
‫(من يُ ِرد اهللُ به ً‬
‫وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم َ‬
‫رزق الفقه يف الدين فهذا دليل على أن اهلل أراد به خريا‪.‬‬
‫فائدته‪ :‬خلق اهلل سبحانه وتعاىل الناس لعبادته‪ ،‬وال ميكن أن تعرف العبادة إال مبعرفة الفقه وأدلته‪.‬‬
‫فيتعرف املكلَّف على حكم األفعال الصادرة عنه‪ ،‬ومعرفة ما جيب عليه‪ ،‬وما حيرم عليه‪ ،‬و ما يندب فعله‪.‬‬

‫العبادة في اإلسالم وأهميتها‬


‫للعبادة يف اإلسالم مكانة رفيعة وجليلة‪ ،‬ألهنا الغاية من الوجود اإلنساين‪ ،‬لقوله تعاىل ﴿ وما خلقت‬
‫الجن واإلنس إَل ليعبدون ۞ ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن اهلل هو الرزاق ذو القوة‬
‫المتين﴾الذاريات ‪67/65‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم ملعاذ بن جبل رضي اهلل عنه (إنك تقدم على قوم أهل كتاب‪ ،‬فليكن أول ما‬
‫تدعوهم إليه عبادة اهلل‪ ،‬فإذا عرفوا اهلل فأخبرهم أن اهلل قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم‬
‫وليلتهم‪ ،‬فإذا فعلوا فأخبرهم أن اهلل قد فرض عليهم زكاة في أموالهم‪ ،‬وترد على فقرائهم ‪ ،‬فإذا‬
‫أطاعوا بها فخذ منهم‪ ،‬وتوق كرائم أموال الناس )‪ .‬متفق عليه‬
‫وتتفاوت درجات العبادة حسب ما يقتضيه خطاب الشارع من طلب فعل أو ترك ومن جزم وغريه‪،‬‬
‫فهناك الفرض كالصلوات اخلمس وصوم رمضان والزكاة واحلج‪.‬‬
‫وهناك السنة‪ ،‬كالرواتب‪ ،‬وصالة الفجر‪ ،‬وصوم عرفة وعاشوراء‪ ،‬وصوم يوم اخلميس‪...‬‬
‫إال أن عبادة اهلل ليست حمصورة يف هذه الشعائر‪ ،‬كما حيسب كثري من الناس‪ ،‬إذ أهنا حتتل جزءا يسريا فقط‬
‫من مفهوم العبادة؛ لذلك فقد عرفها بعض العلماء بقوهلم‬
‫العبادة‪ ،‬اسم جامع لكل ما حيبه اهلل ويرضاه من األفعال واألقوال الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫وقيل هي امتثال أوامر اهلل واجتناب نواهيه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫فكل عمل نافع يعد عبادة عند اهلل تعاىل‪ ،‬ما أن خيلص املؤمن عبادته هلل‪ ،‬وينطبق ذلك على أقل األعمال‬
‫وأكثرها؛ فتعب األب مع أطفاله عبادة‪ ،‬وإطعام أهله من الرزق احلالل عبادة‪ ،‬وسريه إىل العمل ورجوعه منه‬
‫عبادة‪ ،‬والذهاب إىل اجلامعة عبادة‪ ،‬وإماطة األذى عن الطريق عبادة وصدقة‪ ،‬والتبسم يف وجه أخيك‬
‫صدقة‪ ،‬ونظافة البدن عبادة ‪ ،‬ومسح دمعة حمزون صدقة‪ ،‬وفك عثرة مغلوب‪ ،‬أو قضاء دين مدين‪...‬‬
‫مع التأكيد على أن عبادة اإلنس واجلن مل تكن مقصودة من أجل نفع يصل إىل اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫من وراء ذلك فهو الغين عن العاملني‪ ،‬ال تنفعه طاعة طائع وال تضره معصية عاص‪ ،‬وإمنا خلقهم من أجل‬
‫عبادته ليكملهم هبذه العبادة‪.‬‬
‫وقد خاطبنا بالقول يف احلديث القدسي (يا عبادي إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي‬
‫فتنفعوني‪ ،‬يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وخبكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما‬
‫زادوا ذلك من ملكي شيئا‪ ،‬يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب‬
‫رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا‪ ،‬يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في‬
‫صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إَل كما ينقص المخيط إذا‬
‫أدخل البحر‪ ،‬يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد اهلل‪،‬‬
‫ومن وجد غير ذلك فال يلومن إَل نفسه )‪.‬‬
‫أثر العبادة في إصالح الفرد والمجتمع‬
‫العبادات الظاهرة اليت تعترب أهم أركان اإلسالم بعد اإلميان باهلل‪ ،‬هلا آثار حسنه على سلوك األفراد‬
‫واجملتمعات ‪...‬‬
‫فمن أدى هذه األركان خالصة هلل‪ ،‬مستشعرا عظمته وأحقيته بالعبادة‪ ،‬وجد هلا أثرا طيبا يف قلبه وانعكس‬
‫ذلك على احمليط الذي يعيش فيه باإلجياب‪ .‬وينال رضا اهلل وتوفيقه يف شؤونه كلها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫الطهارة وأحكامها‬
‫مقدمة في أهمية الطهارة في اإلسالم‬
‫اإلسالم دين الطهارة الداخلية واخلارجية‪ ،‬حيث جيعل املسلمني يتعبدون بالطهارة‪ ،‬ال سيما يف صلتهم‬
‫برهبم‪ ،‬حىت ولو فقدت الوسيلة املعروفة للطهارة فيعرضها عليهم مبا يعوضها‪ ،‬وهو التيمم‪ .‬هذا إن دل على‬
‫شيء فإمنا يدل على ضرورة احلفاظ على مبدأ الطهارة يف كل احلاالت‪ ،‬وكأن الطهارة قاعدة ال جيوز أن‬
‫تتخلف يف أية صورة من الصور على امتداد احلياة كلها‪.‬‬
‫وقد شرعّ اهلل للمسلم الوضوء‪ ،‬ومن السنة أن يكون غسل أعضاء الوضوء ثالثا‪ ،‬والرتكيز على األماكن‬
‫اليت تكون جماال لرتكز األتربة وامليكروبات مثل ما بني األصابع (اليدين والرجلني)‪ ،‬وهذه العملية تتم مرات‬
‫متعددة مما يساعد على وقاية املسلم من األمراض اجللدية وااللتهابات‪ ،‬ويقلل من فرصة العدوى عن طريق‬
‫االحرتاق اجللدي يف األعضاء املكشوفة ‪ .‬ومن املعلوم من الناحية الطبية‪ ،‬أن اجلسم يفرز مع العرق ‪،‬‬
‫األمالح والدهون‪ ،‬وذلك عرب مسامه اخلارجية‪ ،‬فيتبخر املاء وتبقى الدهون واألمالح ملتصقة باجلسم‪ ،‬مما‬
‫جيعلها إن مل تغسل وتدلك تسد هذه املسام وتكون جملبة للجراثيم واألضرار الكثرية‪.‬‬
‫ومن توجيهات اإلسالم في الطهارة‪:‬‬
‫‪ -1‬ما روته عائشة رضي اهلل عنها قالت قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬عشر من الفطرة‪ :‬قص‬
‫الشارب‪ ،‬وإعفاء اللحية‪ ،‬والسواك‪ ،‬واستنشاق الماء‪ ،‬وقص األظافر‪ ،‬وغسل البراجم‪ ،‬ونتف اَلبط‪،‬‬
‫وحلق العانة وانتقاص الماء – يعني اَلستنجاء ) رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬عن عائشة أيضا أهنا قالت قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬السواك مطهرة للفم ومرضاة‬
‫الرب) رواه البخاري والنسائي وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -3‬عن ابن عمر عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬قال(خالفوا‬
‫المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب) متفق عليه‪.‬‬
‫قال مالك يف املوطأ‪ " :‬يؤخذ من الشارب حتى يبدو أطراف الشفة" وبه قال النووي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -4‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬طهروا أفنيتكم (ساحات الدور) فإن اليهود َل تطهر‬
‫أفنيتها) صححه األلباني‪.‬‬
‫‪ -5‬عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ " :‬أمرنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ببناء المساجد في الدور‪،‬‬
‫وأن تنظف وتطيب" رواه أحمد والترمذي وأبو داود وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -6‬عن أيب هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬اتقوا الالعنين‪ ،‬قالوا وما‬
‫الالعنان يا رسول اهلل؟ قال‪ :‬الذي يتخلى في طرق الناس أو في ظلهم) رواه مسلم وأبو داود‪.‬‬
‫فتوجيهات اإلسالم يف الطهارة تبدأ ببدن اإلنسان وثوبه واملكان الذي يصلي فيه‪ ،‬وتشمل البيت الذي‬
‫يسكنه واحلي الذي يقطن فيه‪ ،‬إىل أن يصل إىل البيئة اليت يعيش فيها‪.‬‬
‫ففرض على املسلمني أن يطهروا البيئة اليت يعيشون فيها وينظفوها من كل ما هو ضار ومن كل ما هو جنس‬
‫ومن كل ما له رائحة كريهة‪.‬‬
‫والذي يقوم على توعية الناس يف هذا اجملال‪ ،‬يعترب قائما باألمر باملعروف والنهي عن املنكر وداعيا للخري‪.‬‬
‫قال تعاىل ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم‬
‫المفلحون﴾ آل عمران‪104‬‬
‫تعريف الطهارة لغة ‪:‬‬
‫أصل مادة الطاء واهلاء والراء يف اللغة يدل على نقاء وزوال الدنس‪ ،‬ومن ذلك الطهر خالف الدنس‪،‬‬
‫والتطهر‪ ،‬التنزه عن كل قبيح‪ ،‬وفالن طاهر الثياب إذا مل يدنس‪.‬‬
‫لذلك عرفت الطهارة بالنظافة والتنزه عن األدناس حسية أو معنوية‪ ،‬حسية كطهارة البدن والثياب‬
‫واملكان من النجاسة‪ .‬ومعنوية كطهارة العبد من العيوب كاحلقد واحلسد والنميمة‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪﴿ :‬وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به﴾ األنفال‪11/‬‬
‫وقال سبحانه‪﴿ :‬خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ التوبة‪103/‬‬
‫وقوله تعاىل‪(:‬إن اهلل اصطفاك وطهرك) آل عمران‪ .42/‬أي نزهك وأبعدك مما قذفت به‪ ،‬ورفع درجتك‪.‬‬
‫تعريفها اصطالحا‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫هي صفة حكمية توجب ملوصوفها صحة الصالة به أو فيه أو له‪ .‬فاألوليان (به‪ ،‬فيه) من خبث‪.‬‬
‫واألخرية (له) من حدث‪.‬‬
‫به الثوب‪ ،‬فيه املكان‪ ،‬له املصلي‪.‬‬
‫أقسام الطهارة‬
‫من خالل التعريف يتبني لنا أن الطهارة قسمان‬
‫طهارة احلدث (وهي طهارة ذات املصلي) وتكون بالوضوء أو الغسل أو بالبدل عنهما‪ ،‬وهو‬ ‫‪-1‬‬
‫التيمم بالصعيد الطيب‪.‬‬
‫طهارة اخلبث وتكون باالستنزاه من البول‪ ،‬والنجو من الغائط‪ ،‬والبعد عن النجاسات العينية يف‬ ‫‪-2‬‬
‫البدن والثوب واملكان‪.‬‬
‫ما معنى الحدث؟‬
‫لغة‪ :‬احلدث هو وجود الشيء بعد أن مل يكن‪.‬‬
‫شرعا‪ :‬وصف شرعي حيل يف األعضاء يزيل الطهارة‪.‬‬
‫ما معنى الخبث؟‬
‫الخبث لغة‪ :‬هو النجاسة احلقيقية كالبول والدم والغائط وغريها من سائر األعيان النجسة‪ ،‬ويطلق جمازا‬
‫على الدنس املعنوي‪ .‬قال اهلل تعال‪﴿ :‬إنما المشركون نجس)‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬هي (النجاسة)‪ ،‬وهي صفة حكمية توجب ملوصوفها منع استباحة العبادة به أو فيه‪.‬‬
‫شروط وجوب الطهارة‬
‫جتب الطهارة على كل من وجبت عليه الصالة‪ ،‬وذلك بشروط وهي‬
‫االسالم فال جتب على الكافر باإلمجاع‪ ،‬فإذا أسلم املرتد يلزمه قضاء ما فاته ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العقل فال جتب على اجملنون واملغمى عليه إال إذا أفاق يف بقية الوقت خبالف السكران فإهنا‬ ‫‪-2‬‬
‫جتب يف حقه‪.‬‬
‫البلوغ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪15‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫انقطاع دم احليض والنفاس‪.‬‬ ‫‪-4‬‬


‫عدم النوم وعدم النسيان وعدم االكراه‪ ،‬وعلى هؤالء قضاء ما فات باإلمجاع‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وجود املاء أو الصعيد‬ ‫‪-6‬‬
‫أحكام المياه‬
‫تنقسم المياه إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬الماء المطلق‪ :‬هو املاء الطاهر يف نفسه املطهر لغريه‪ ،‬وهو كل ما نزل من السماء أو نبع من‬
‫األرض‪ ،‬ما دام باقيا على أصل احللقة فلم تتغري أحد أوصافه الثالثة وهي اللون‪ ،‬الطعم‪ ،‬الرائحة‪ ،‬فهذا‬
‫التعريف يشمل األنواع اآلتية‬
‫‪.‬‬
‫ماء املطر‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به﴾‬ ‫‪-1‬‬
‫وقال أيضا‪﴿ :‬وأنزلنا من السماء ماء طهورا﴾‪ .‬ويلحق به ما كان أصله املاء كالثلج والربد‪.‬‬
‫مياه العيون والينابيع قال تعاىل‪﴿:‬ألم تر أن اهلل أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في‬ ‫‪-2‬‬
‫األرض﴾‪.‬‬
‫ماء البحر‪ ،‬حلديث أيب هريرة رضي اهلل عنه قال سأل رجل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال يا‬ ‫‪-3‬‬
‫رسول اهلل إنا نركب البحر وحنمل معنا القليل من املاء‪ ،‬فإن توضأنا به عطشنا‪ ،‬أفنتوضأ مباء‬
‫البحر؟ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)‪.‬‬
‫ماء زمزم ملا ثبت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه‬ ‫‪-4‬‬
‫‪.‬‬
‫وتوضأ‬
‫حكمه‪ :‬املاء املطلق طاهر مطهر إمجاعا‪ ،‬تزال به النجاسة ويستخدم للوضوء والغسل‪.‬‬

‫‪-2‬الماء الطاهر غير الطهور‪ :‬هو املاء الذي خالطه شيء طاهر ّ‬
‫غري أحد أوصافه الثالثة‪ ،‬وكان ذلك‬
‫املخالط من األشياء اليت تسلب الطهورية‪ ،‬بأن يكون‬
‫‪-‬غري الزم للماء‪ ،‬كالصابون والدقيق‪ ،‬فإذا كان الزما للماء ال ميكن صرفه عنه‪ ،‬كالطحلب وورق الشجر‬
‫فهو طهور‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪-‬أن ال يكون من أجزاء األرض كاجللد واخلشب‪ ،‬فإن كان من أجزاء األرض فاملاء باق على طهوريته‪.‬‬
‫‪-‬أن ال يكون من األشياء اليت يدبغ هبا االناء‪.‬‬
‫‪-‬أن ال يكون من األشياء اليت يعسر االحرتاز منها‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬املاء الطاهر يزيل اخلبث وال يرفع احلدث فال يصح به الوضوء والغسل‪.‬‬
‫‪-3‬الماء مكروه اَلستعمال‪ :‬ويشمل‪:‬‬
‫‪-‬املاء املشمس يف إناء مثل النحاس وما شاهبه‪.‬‬
‫‪-‬املاء الشديد احلرارة والشديد الربودة شدة ال تضر بالبدن‪ ،‬آلنه يصرف املتطهر من اخلشوع‪ ،‬ومنها عدم‬
‫إسباغ الطهارة‪.‬‬
‫‪ -‬املاء الراكد إذا كان قليال وخالطه مقدارا من النجاسة ومل يتغري ‪.‬‬
‫‪-‬املاء اليسري املستعمل يف رفع احلدث إذا مل يغريه االستعمال‪.‬‬
‫‪ -‬املاء اليسري الذي حلت به جناسة إذا مل تتغري أوصافه‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬املاء املكروه يكره يف حالة وجود غريه‪ ،‬فإذا مل يوجد غريه فال كراهة‪.‬‬
‫‪ -4‬الماء النجس‪ :‬وهو املاء الذي خالطته جناسة وكان قليال‪ ،‬فإن كان املاء كثريا ال ينجس إال إذا تغريت‬
‫أحد أوصافه الثالثة اللون – الطعم – الرائحة (مذهب اجلمهور)‬
‫قال املالكية املاء القليل إذا خالطته جناسة ال ينجس إال إذا تغريت أحد أوصافه إال أنه يكره استعماله‪.‬‬
‫فإذا تغري املاء بالنجاسات فإنه ينجس باالتفاق‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬ال يصح به رفع حدث أو إزالة خبث إال يف حنو سقي احليوان أو الزرع‪.‬‬
‫فصل في المياه النجسة‬
‫‪ - 1‬حد املاء الذي يتقى حللول النجاسة فيه‪ ،‬أن يكون بقدر آنية الوضوء أو الغسل‪.‬‬
‫‪ - 2‬السباع والدجاج املخاله فهي يف مذهب ابن بلقاسم يف روايته عن اإلمام مالك حممولة على النجاسة‪.‬‬
‫ويفسد ما ولغت فيه‪ ،‬فال يتوضأ باملاء وال يؤكل الطعام إال أن يكون املاء كثريا‪ ،‬لقول عمر بن اخلطاب فيما‬
‫ورد يف املوطأ (ال ختربنا يا صاحب احلوض فإنا نرد على السباع وترد علينا) وقيل أهنا حممولة على الطهارة‬

‫‪17‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫يف املاء والطعام‪ ،‬فال يطرح شيء من ذلك إذا ولغت فيه إال أن يوقن بنجاسة أفواهها‪ .‬وهو قول ابن وهب‬
‫وأشهب وعلي بن زياد‪ ،‬تعلقا بظاهر ما روي أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ( :‬لها ما أخذت في‬
‫بطونها ولنا ما بقي شرابا وطهورا)‪.‬‬
‫‪ – 3‬اختلف أصحاب مالك يف سؤر الكلب من أجل احلديث الوارد بغسل اإلناء من ولوغه فيه سبع‬
‫مرات إىل ثالثة أقوال‬
‫‪ -1‬طاهر وهو قول ابن وهب وأشهب وعلي بن زياد وهو مذهب ابن القاسم يف املدونة وروايته عن‬
‫مالك فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬جنس وهو قول مالك يف رواية ابن وهب عنه‪ ،‬ملا جاء عن النيب صلى اهلل عليه وسلم من األمر‬
‫بغسل اإلناء سبعا من ولوغه فيه‪.‬‬
‫‪ -3‬التفريق بني الكلب املأذون يف اختاذه وغري املأذون يف اختاذه وهو أظهر األقوال قياسا على اهلرة‬
‫جبامع العلة‪.‬‬
‫‪ – 4‬إذا وقعت دابة يف املاء الدائم وماتت‪ ،‬طرح املاء ومل يتوضأ منه‪ ،‬وإن كانت بئرا نزف منها قدر تطيب‬
‫النفس به (حبسب كرب الدابة وصغرها وحبسب كثرة املاء وقلته)‪ ،‬إال أن يتغري املاء فال بد أن ينزف منها حىت‬
‫يزول التغري‪.‬‬
‫‪ – 5‬املشهور عند مالك أن املاء الذي وقعت فيه جناسة ال يتنجس إال بالتغري بدليل بئر بضاعة‪ ،‬وهي بئر‬
‫تلقى فيها خرق احليض وحلوم الكالب‪ ،‬إذ سئل عنها‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‬
‫( املاء ال ينجسه شيء )‪.‬‬
‫وذهب ابن القاسم أن املاء القليل ينجسه قليل النجاسة وإن مل تغريه‪ ،‬مستدال حبديث القلتني ( إذا بلغ املاء‬
‫قلتني مل حيمل خبثا ) موافقا ما ذهب إليه الشافعي‪.‬‬
‫وقد ضعف اإلمام مالك حديث القلتني‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫– لو حتققنا تغري املاء وشككنا يف املغري له‪ ،‬هل هو من جنس ما يضر أم ال ؟ فهو طهور‪ ،‬حيث استوى‬
‫طرفا الشك وإال عمل الظن‪ ،‬خبالف ما لو حتققنا التغري‪ ،‬وعلمنا أن املغري مما يضر التغري به وشككنا يف‬
‫طهارته وجناسته فال يكون طهورا بل هو طاهر فقط‪.‬‬
‫األعيان الطاهرة‬
‫األصل يف األشياء الطهارة ما مل تثبت جناستها بدليل شرعي‪ .‬والفقهاء متقاربون يف احلكم بطهارة‬
‫األعيان واختلفوا يف أشياء‪ ،‬كما يلي‬
‫‪ -1‬كل حي ولو كلبا أو خنزيرا‪ ،‬بدليل أن الكالب كانت تقبل وتدبر يف مسجد رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فال يغسل شيء من أثرها‪.‬‬
‫أما دليل طهارة ذات اخلنزير أن اهلل سبحانه وتعاىل حرم حلمه يف قوله تعاىل ﴿حرمت عليكم الميتة والدم‬
‫ولحم الخنزير﴾‪ .‬المائدة‪03 /‬‬
‫‪ -2‬عرق احلي ودمعه وخماطه وبيضه ولو كان ممروقا‪ ،1‬والبلغم‪ ،2‬والصفراء‪ 3.‬وتعليل ذلك أنه ملا كانت‬
‫احلياة علة الطهارة فإن أجزاء احلي طاهرة إال ما استثناه الدليل‪.‬‬
‫‪ -3‬ميتة اآلدمي ولو كان كافرا على الصحيح‪ .‬لقوله تعاىل ‪﴿ :‬ولقد كرمنا بني آدم﴾ اإلسراء‪.9 /‬‬
‫وتكرميهم يقتضي طهارهتم أحياء وأمواتا‪.‬‬
‫‪ -4‬الشعر والوبر والصوف ولو من ميت‪ ،‬أما أصول الشعر النابتة يف اللحم فإهنا داخلة يف حكم اجللد‪.‬‬
‫‪ -5‬مجيع أجزاء األرض وما تولد منها ومجيع أنواع النبات ولو كان ساما أو خمدرا مثل احلشيشة واألفيون‪.‬‬
‫ولكن حيرم تعاطيها ألهنا تغيب العقل‪ ،‬وال حيرم التداوي هبا يف ظاهر اجلسد‪.‬‬
‫‪ -6‬ميتة ما ال دم له‪ ،‬من مجيع هوام األرض كالعقرب واخلنساء والصرار‪ ..‬واألصل فيه حديث الذباب‬
‫(إذا سقط الذباب في طعام أحدكم فليغمسه في اإلناء‪ ،‬فإن في إحدى جناحيه داء وفي األخرى‬
‫دواء) ‪.‬‬

‫‪ 1‬معروفا ‪ :‬ما اختلط بياضه بصفاره من غير نتوئه‪.‬‬


‫‪ 2‬ما يخرج منعقدا من الصدر كالمخاط‪.‬‬
‫‪ 3‬ماء أصفر ملتحم يخرج من المعدة يشبه الصبغ الزعفراني‪ ،‬مالم يتحول إلى فساد‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -7‬ميتة احليوان البحري من السمك‪ ،‬ولو طالت حياته بالرب‪ ،‬لألثر الثابت عن جابر وفيه أهنم أكلوا من‬
‫احلوت الذي رماه البحر أياما وتزودوا منه وأهنم اخربوا بذلك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم واستحسن‬
‫فعلهم وسأهلم هل بقي منه شيء‪ .‬وحلديث‪ ( :‬هو الطهور ماؤه الحل ميتته)‪.‬‬
‫‪ -8‬مجيع ما ذكي من احليوانات املباحة األكل بذبح أو حنر أو عقر‪.‬‬
‫‪ -9‬لنب اآلدمي ولو من كافر‪ ،‬ولنب مباح األكل ولو مكروها‪ .‬وعسل النحل‪.‬‬
‫‪ -10‬فضلة مباح األكل من روث وبعر وبول وزبل دجاج ومحام‪ .‬ومجيع الطيور ما مل تستعمل النجاسة‪،‬‬
‫قال مالك "ال أرى بأسا بأبوال ما يؤكل كل حلمه مما ال يأكل اجليف وأرواثها إذا أصاب الثوب "‪.‬‬
‫قال ابن القاسم " أرى أنه إن وقع يف املاء فإنه ال ينجسه "‪.‬‬
‫‪ -11‬مرارة احليوان املذكى‪ .‬مباح األكل‪ .‬وكذا القلس والقيء‪ ،‬ما مل يتغري عن حالة الطعام حبموضة أو‬
‫غريها‪ ،‬فإن تغري انقلب إىل جناسة‪.‬‬
‫‪ -12‬املسك وفأرته وهي اجللدة املتكونة فيها‪.‬‬
‫‪ -13‬اخلمر إذا ختلل أو حتجر بفعل فاعل أو بنفسه‪.‬‬
‫‪ -14‬رماد النجس ودخانه على املعتمد‪.‬‬
‫‪ -15‬الدم غري املسفوج من مذكى‪ .‬وهو الباقي يف العروق أو يف قلب احليوان وحلمه بعد تذكيته‪ .‬لقوله‬
‫تعاىل‪﴿ :‬قل َل أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه‪ ،‬إَل أن يكون ميتة أو دما مسفوحا﴾‪.‬‬
‫األنعام‪145 /‬‬

‫النجاس ة وأحكامها‬
‫تعريف النجاسة‪ :‬هي القذارة اليت جيب على املسلم أن يتنزه عنها‪ ،‬ويغسل ما أصابه منها لقوله تعاىل‬
‫﴿وثيابك فطهر﴾‪ .‬المدثر‪،04 /‬‬

‫‪20‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫أنواعه ا‪ :‬النجاسة إما أن تكون حقيقية‪ 1‬كالدم‪ ،‬والبول وتسمى اخلبث‪ ،‬وإما أن تكون حكمية كاحلدث‬
‫األكرب الذي يزول بالغسل‪ ،‬واحلدث األصغر الذي يزول بالوضوء‪ ،‬وينوب عنهما يف حال تعذر املاء التيمم‪.‬‬
‫حكم إزالة النجاسة‪ :‬املعتمد يف املذهب هو أن إزالة النجاسة مقيد بالذكر والقدرة؛ فمن صلى بالنجاسة‬
‫عامدا قادرا على إزالتها‪ ،‬فصالته باطلة‪ ،‬وعليه إعادهتا‪ ،‬وإن صلى هبا ومل يعلم هبا أو نسيها حىت فرغ من‬
‫صالته‪ ،‬فصالته صحيحة‪ ،‬ويندب له إعادهتا يف الوقت‪ ،‬وان تذكر النجاسة يف الصالة تبطل صالته‪ ،‬إذا‬
‫اتسع الوقت إلعادهتا‪ .‬وأن جيد ثوبا أو ماء مطلقا إلزالتها وأن تكون مما ال يعفى عنه‪.‬‬
‫األعي ان النجس ة ‪:‬‬
‫‪ -1‬اتفقت املذاهب على جناسة أربعة أنواع وهي‬
‫حلم اخلنزير‪ ،‬والدم املسفوح وميتة احليوان الربي الذي له دم وبول ابن آدم وروثه‪.‬‬
‫وجمموع النجاسات عند املالكية ما يلــي‬
‫‪ -1‬ميتة كل حيوان بري له دم سائل غري اآلدمي‪ ،‬مثل الغنم والبقر واحلمار‪ ،‬لقوله تعاىل ﴿حرمت‬
‫عليكم الميتة﴾‪ .‬المائدة‪04 /‬‬
‫‪ -2‬ما انفصل من امليت بعد موته من بول ولعاب ودمع وخماط ولنب وبيض‪.‬‬
‫‪ -3‬ما انفصل من حيوان ميت أو حي كقطعة حلم‪ .‬أو عظم أو قرن أو ظلف البقر والشاة أو ظفر االبعري‬
‫والنعام واإلوز‪ ،‬أو حافر الفرس‪ .‬والبغل واحلمار أو من مجيع احليوانات أو قصب الريش‪ ،‬وناب الفيل‬
‫(العاج)‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم فيما رواه أبوا واقد الليثي ( ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت‬
‫) أبوا داوود والرتمذي‪.‬‬
‫أما ما انفصل عن اآلدمي بعد موته مثل السن والظفر والشعر فهو طاهر على الصحيح‪ ،‬من أن ميتة‬
‫اآلدمي طاهرة فكذلك ما انفصل منه يكون طاهرا‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬جيوز زرع السن بعد سقوطها‪ ،‬وكذلك زرع األعضاء كاجللد والقرنية وغري ذلك من سائر‬
‫األعضاء بالتربع‪.‬‬

‫‪ 1‬النجاسة الحقيقية إما مغلطة أو مخففة‪ ،‬وإما جامدة أو مائعة وإما مرئية أو غير مرئية‬

‫‪21‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -4‬جلد احليوان غري املذبوح أو حمرم األكل ألنه جزء من امليتة‪ ،‬فكان حمرما لقوله تعاىل ﴿حرمت عليكم‬
‫الميتة﴾‪ .‬المائدة‪. 04 /‬ويف املدبوغ خالف ‪ 1‬واملعتمد طهارته‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (أيما إهاب‬

‫دبع فقد طهر ) رواه مسلم‪ ،‬ويؤيده حديث البخاري عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال ّ‬
‫مر رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بشاة ميتة فقال (هال انتفعتم بجلدها) قالوا إهنا ميتة‪ ،‬قال (إنما حرم أكلها )‪،‬‬
‫ولقوله صلى اهلل عليه وسلم (إذا دبغ اإلهاب فقد طهر )‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫ويباح االنتفاع هبا يف العادات وال تصح الصالة فيها وال عليها وال جيوز بيعها‪.‬‬
‫‪ -5‬فضلة اآلدمي من بول وغائط‪ ،‬ولو كان البول من صيب مل يطعم الطعام‪.‬‬
‫واألصل يف جناسته‪ ،‬حديث األعرايب الذي بال يف املسجد وقد أخرجه الشيخان ومالك من حديث أنس‪.‬‬
‫ولعموم قوله صلى اهلل عليه وسلم (استنزهوا من البول‪ ،‬فإن عامة عذاب القير منه ) أخرجه احلاكم‪،‬‬
‫ولقول عائشة رضي اهلل عنها (أتي النبي صلى اهلل عليه وسلم بصبي فبال على ثوبه‪ ،‬فدعا رسول اهلل‬
‫صلى عليه وسلم بماء فأتبعه إياه )‪.2‬‬
‫‪ -6‬فضلة حمرم األكل كاحلمار والبغل واخليل‪ ،‬وفضله مكروه األكل كسباع البهائم‪ ،‬وكذا فضلة مستعمل‬
‫النجاسة ولو كان مباح األكل‪.‬‬
‫‪ -7‬القيء إذا تغري عن حاله األصلي طعما أو لونا أو رحيا‪.‬‬
‫‪ -8‬كل رطوبة أو بلل خيرج من السبيلني فهو جنس‪ ،‬ومنه املين خالفا للشافعي‪ ،‬وأمحد وأبو داود‪ .‬إما ألن‬
‫أصله دم أو ملروره يف جمرى البول‪ ،‬حلديث عائشة رضي اهلل عنها ( أنه عليه السالم كان يغسل المني ثم‬
‫يخرج إلى الصالة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه )‪ ، 3‬ومنه املذي لقوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم (إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصالة )‪ .‬وعن علي رضي اهلل عنه قال‬

‫‪ 1‬اعتمد القائلون على نجاسة جلد الميتة دبع أو يدبع بحديث عبد هللا بن عكيم قال‪ :‬كتب إلينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقبل وفاته بشهر أن ال تنفعوا‬
‫من الميتة بإهاب وال عصب) رواه أحمد وأبو داود‪.‬‬
‫وال راجح أنها‪ ،‬تظهر بالدباع‪ ،‬ألن حديث ابن عكيم فيه اختالف واضطراب ويحصل على االنتفاع به قبل الدباع‪ ،‬وحينئذ يسمى إهاب‪ ،‬وبعد الدباع يسمى‬
‫جلدا وهذا المعروف عند أهل اللغة‪.‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مالك في الموطأ‪.‬‬
‫‪ 3‬أخرجه الشيخان‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫كنت رجال مذاء فاستحييت أن أسأل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فسألت املقداد بن األسود فسأله‪،‬‬
‫فقال ( فيه الوضوء والمسلم يغسل ذكره ويتوضأ )‪.‬‬
‫ومنه الودي‪ ،‬ويأخذ حكم البول ألنه خيرج مع البول أو بعده‪.‬‬
‫‪ -9‬ما سال من اجلسد من قيح وصديد‪.‬‬
‫‪ -10‬املسكر املائع لقوله تعايل ﴿إنما الخمر واألنصاب واألزَلم رجس﴾‪ .‬المائدة‪ ، 90 /‬فقوله رجس‬
‫داللة على جناسة اخلمر‪ ،‬واخلمر تشمل كل مسكر مائع‪ ،‬بدليل ما رواه الرتمذي عن أنس رضي اهلل عنه‬
‫قال سئل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن اخلمر‪ ،‬تتخذ خال ؟ فقال ( َل )‪.‬‬
‫‪ -11‬املاء السائل من فم النائم وقت النوم‪ ،‬إن كان من املعدة‪ ،‬كأن خرج منتنا بصفرة‪.‬‬
‫‪ -12‬املذر من البيض‪ ،‬وهو ما تغري بعفونة أو زرقة أو صار دما فإنه رجس‪.‬‬
‫‪ -13‬اجلامد إذا حلت به جناسة‪ ،‬مثل السمن اجلامد والطعام اجلامد‪ ،‬فقد ينجس إذا ظن سريان النجاسة‬
‫يف مجيع أجزائه بطول مكثها‪ ،‬وإال فإهنا ال تؤثر إال يف املكان الذي يظن أهنا أثرت فيه‪ ،‬فريفع ويستعمل‬
‫الباقي‪ .‬ملا رواه البخاري‪ ،‬عن ميمونة أن النيب صلى اهلل عليه وسلم سئل عن الفأرة سقطت يف مسن‪ ،‬فقال‬
‫( ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم )‪.‬‬
‫النجاسات المعفو عنها ‪:‬‬
‫جتلت مساحة التشريع اإلسالمي يف العفو عن جناسات يصعب االحرتاز منها‪ ،‬وذلك بالنسبة للصالة‬
‫ودخول املسجد‪ ،‬وذلك للمشقة اليت تنايف التيسري الذي جاءت بالشريعة املطهرة‪ ،‬قال اهلل تعاىل ﴿ما يريد‬
‫اهلل ليجعل عليكم من حرج﴾‪ .‬المائدة‪ ، 06 /‬وللقاعدة الكلية املشقة جتلب التيسري‪.‬‬
‫فمن هذه النجاسات املعفو عنها‬
‫‪ -1‬كل ما يعسر االحرتاز منه من النجاسات بالنسبة للصالة ودخول املسجد‪ ،‬كسلس البول واملذي‬
‫وحنومها‪ ،‬لعدم التمكن من التحكم فيه‪ ،‬وبلل الباسور‪ ،‬وما يصيب ثوب املرضعة وبدهنا من بول أو غائط‬
‫الطفل‪ ،‬والدم الذي يصيب ثوب اجلزار والنجاسة اليت تصيب الكناف ‪ ..‬ويستحب هلؤالء إعداد ثوب‬
‫خاص للصالة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -2‬الدم والقيح والصديد‪ ،‬يعفى عنها ما كان يف حدود مساحة الدرهم البغلي‪ 1.‬سواء كانت من نفس‬
‫املصلى أو غريه‪.‬‬
‫‪ -3‬فضلة احليوان ملن يهتم بشؤوهنا بالرعي والعلف‪ ،‬سواء كانت الفضلة روثا أو بوال‪ ،‬وذلك للمشقة يف‬
‫إزالتها وغسلها كلما أصابته‪.‬‬
‫‪ -4‬أثر الذباب والناموس وأثر احلجامة إذا مسح خبرقة إىل أن يربأ احملل ملشقة غسله قبل برء اجلرح‪.‬‬
‫‪ -5‬طني املطر وماؤه املختلط بنجاسة‪.‬‬
‫‪ -6‬ما يصيب ذيل ثوب املرأة إذا مشت يف الطرقات العامة‪ ،‬وما يصيب النعل من بول الدواب وروثها إن‬
‫دلكت‪ ،‬ملا روى مالك أن امرأة سألت أم سلمة زوج النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقالت إين امرأة أطيل‬
‫ذيلي وأمشي يف املكان القذر‪ ،‬فقالت أم سلمة قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( يطهره ما بعده )‪.2‬‬
‫وحلديث أيب هريرة‪ ،‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال (إذا وطئ أحدكم بنعله األذى فان التراب له‬
‫طهور ) أبو داوود‪.‬‬
‫كيفية إزالة النجاسة ‪:‬‬
‫ملا كانت النجاسة منافية للصالة‪ ،‬ألهنا القرىب اليت يتقرب هبا إىل اهلل ألنه عز وجل طيب ال يقبل إال طيبا‪.‬‬
‫لذا وجب ملن أراد أن يصلي أن يكون طاهر الثوب والبدن واملكان الذي يصلى فيه‪ ،‬واألصل يف إزالة‬
‫النجاسة أن يكون باملاء‪ ،‬وثبت يف الشرع زواهلا بغري املاء يف مواضع كما يلي‬
‫‪ -1‬الثوب والبدن إذا أصابتهما جناسة جيب غسلها حىت يذهب أثرها‪ ،‬وينفصل املاء غري متغري‪ ،‬ويعفي عن‬
‫األثر الذي يشق زواله‪ .‬عن أيب هريرة أن خولة بنت يسار قالت‪ .‬يا رسول اهلل ليس يل إال ثوب واحد وأنا‬
‫أحيض فيه‪ ،‬قال (إذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلى فيه ) قالت يا رسول اهلل‪ ،‬إن مل خيرج أثره؟‬
‫قال ( يكفيك الماء وَل يضرك أثره ) أبو داوود‪.‬‬
‫‪ -2‬تطهر األرض النجسة بإفاضة املاء عليها حىت تزال عني النجاسة حلديث األعرايب الذي بال يف املسجد‬
‫فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم ألصحابه (دعوه وأريقوا على بوله سجال من ماء ) البخاري‪.‬‬

‫‪ 1‬وهو الدائرة السوداء الكائنة في ذراع البغل العارية عن الشعر‪.‬‬


‫‪ 2‬قبل‪ :‬هذا الحديث مجهول‪ ،‬ألنه عن امرأة ال تعرف حالها‪ ،‬وحمله مالك على الخشب اليابس والرجيع اليابس‪ .‬الذخيرة ‪.200/1‬‬

‫‪24‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -3‬يطهر النعل املتنجس بالدلك باألرض‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (إذا وطئ أحدكم بنعله األذى‬
‫فان التراب له طهورا )‪ .‬أبو داود‬
‫‪ -4‬يطهر السمن اجلامد النجس بالتقوير‪ ،‬وهو إزالة النجاسة وما حوهلاّ‪ ،‬ملا رواه البخاري عن ميمونة رضي‬
‫اهلل عنها أن النيب صلى اهلل عليه وسلم سئل عن فأرة ينتقض يف مسن فقال ( ألقوها وما حولها فاطرحوه‬
‫وكلوا سمنكم)‪.‬‬
‫‪ -5‬تطهر األشياء امللساء باملسح الذي تزول به النجاسة‪ ،‬كاملرآة والسيف والزجاج والظفر بدليل ما كان‬
‫الصحابة يفعلونه‪ ،‬فكانوا ميسحون سيوفهم من الدماء ويصلون وهم حيملوهنا‪.‬‬
‫‪ -6‬إذا حصل الشك يف جناسة الثوب ومل يعلم حمل النجاسة به فيطهر بالنضح‪ .‬وكذا احلصري وحنوه‪،‬‬
‫والنضح هو رش املاء على احملل املشكوك يف جناسته‪ ،‬بدليل حديث أمساء رضي اهلل عنها يف املرأة اليت‬
‫سألت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬كيف تصنع بثوهبا‪ ،‬إذا رأت الطهر‪ ،‬اتصلي فيه؟ قال ( تنظر‪ ،‬فإن‬
‫رأت فيه دما فلتقرضه بشيء من ماء‪ ،‬ولتنضح ما لم تر‪ ،‬ولتصل فيه )‪ .‬أبو داوود‪.‬‬

‫الوضوء وأحكامه‬
‫تعريفه لغة بفتح الواو املاء‪ ،‬وبضمها الفعل‪ .‬وهو مشتق من الوضاءة وهي احلسن والنظافة‪ .‬يقال وجه‬
‫وضيء‪ ،‬أي سامل مما يشينه‪ .‬وملا كان الوضوء يزيل احلدث الذي هو مانع للصالة‪ ،‬مسي وضوء‪.‬‬
‫تعربفه اصطالحا هو طهارة مائية تتعلق بأعضاء خمصوصة على وجه خمصوص‪.‬‬
‫حكمه الوضوء واجب لكل عبادة التصح إال به‪ ،‬وأدلة مشروعية هي‬
‫‪-1‬الكتاب‪ :‬قوله تعاىل ﴿ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى‬
‫المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ املائدة‪7./‬‬
‫‪-2‬السنة قوله صلى اهلل عليه وسلم (َلتقبل صالة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) رواه البخاري‪.‬‬
‫‪-3‬اَلجماع فقد أمجعت األمة على وجوب الوضوء وال خالف يف ذلك ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫والوضوء منه ماهو واجب كالوضوء لصالة الفرض والتطوع وسجود القرآن ولصالة اجلنازة وملس‬
‫املصحف وللطواف‪ ،‬ومن توضأ لشيء من هذه األشياء جاز له فعل مجيعها‪.‬‬
‫ومنه املستحب كالوضوء لكل صالة ووضوء املستحاضة وصاحب السلس لكل صالة‪ ،‬والوضوء للقربات‪،‬‬
‫كالتالوة والذكر والدعاء والعلم وللمخاوف‪ ،‬كركوب البحر وللدخول على السلطان والقوم‪.‬‬
‫شروط الوضوء‪ :‬للوضوء شروط وجوب وشروط صحة وشروط وجوب وصحة معا‪.‬‬
‫شروط الوجوب يشرتط لوجوب الوضوء على الشخص ما يلي‬
‫‪ -‬دخول الوقت‪.‬‬
‫‪ -‬البلوغ‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة‪ ،‬فال جيب على العاجز كاملريض واملكره وال على فاقد املاء أصال‪.‬‬
‫‪ -‬حصول ناقض فال جيب على املتوض‪ ،،‬عن عبد اهلل بن حنضلة بن عامر (أن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أمر بالوضوء لكل صالة طاهرا وغير طاهر‪ ،‬فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صالة‪،‬‬
‫فكان ابن عمر يرى أن به قوة‪ ،‬وكان َليدع الوضوء لكل صالة) رواه أبو داود‪.‬‬
‫شروط الصحة‬
‫‪-‬اإلسالم فال يصح الوضوء من كافر‪.‬‬
‫‪-‬عدم احلائل‪ ،‬أي عدم وجود حائل مينع وصول املاء للبشرة كدهن ومشع‪.‬‬
‫‪-‬عدم املنايف للوضوء‪ ،‬فال يصح حال خروج احلدث‪ ،‬بظهور بول أو ناقض آخر‪.‬‬
‫شروط الوجوب والصحة معا‪:‬‬
‫‪-‬العقل‪ ،‬فال جيب على اجملنون وال على املغمى عليه واملعتوه وال تصح منهم‪.‬‬
‫‪-‬النقاء من دم احليض والنفاس‪ ،‬فال جيب وال يصح منهما‪.‬‬
‫‪-‬وجود ما يكفي من املاء املطلق‪.‬‬
‫‪-‬عدم النوم والغفلة‪ ،‬فال جيب على النائم والغافل وال يصح منهما لعدم النية‪ ،‬إذ ال نية لنائم أو غافل حال‬
‫النوم أو الغفلة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫فرائض الوضوء تسعة وهي‬


‫النية هي قصد اإلنسان بقلبه ما يريده بفعله‪ ،‬وجتب عند االبتداء يف الوضوء‪ ،‬وصورها أن ينوي رفع‬
‫احلدث األصغر‪ ،‬أو استباحة ما منعه احلدث أو أداء فرض الوضوء‪.‬‬
‫وحملها القلب‪ ،‬واألوىل ترك التلفظ هبا عند املالكية‪.‬‬
‫ودليل وجوهبا قوله تعاىل ﴿إذا قمتم إلى الصالة﴾ املائدة‪ .7/‬أي إذا أردمت القيام إىل الصالة وعزمتم‪،‬‬
‫والقيام يف كالم العرب مبعىن الشروع يف الفعل‪ ،‬وألن الوضوء حال القيام إىل الصالة ال ميكن‪ ،‬والذي ميكن‬
‫هو اإلرادة والعزم ومها النية‪ ،‬فدل على أن النية يف الطهارة واجبة‪.‬‬
‫ولقوله صلى اهلل عليه وسلم (إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى) البخاري‪.‬‬
‫والوضوء عمل من األعمال‪ ،‬فوجب أن ال جيزئ بغري نية‪.‬‬
‫غسل الوجه مرة واحدة لقوله تعاىل ﴿فاغسلوا وجوهكم﴾ املائدة‪ .7/‬وحد الوجه طوال من منابت‬
‫شعر الرأس املعتاد إىل منتهى الذقن طوال‪ .‬ومن وتد األذن إىل الوتد اآلخر‪ ،‬وعليه جيب غسل ظاهر الشفتني‬
‫وغسل ما غار مثل اجلفن وأثر اجلرح وتعهد جتاعيد اجلبهة‪ ،‬وجيب غسل اللحية وإيصال املاء إىل البشرة إذا‬
‫كان خفيفا‪.‬‬
‫غسل اليدين إلى المرفقين‪ ،‬لقوله تعاىل ﴿وأيديكم إلى المرافق﴾ وجيب إدخال املرفقني يف غسل‬
‫اليدين بدليل أن أيب هريرة رضي اهلل عنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء مث غسل يده اليمىن حىت أشرع‬
‫يف العضد مث يده اليسرى حىت أشرع يف العضد‪...‬مث قال هكذا رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يتوضأ‬
‫‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وجيب ختليل األصابع لقول النيب صلى اهلل عليه وسلم (إذا توضأت فخلل األصابع) الرتمذي‪.‬‬
‫مسح الرأس جيب مسح مجيع الرأس‪ 1‬عند املالكية‪ ،‬لقوله تعاىل (وامسحوا برؤوسكم) وحده من منابت‬
‫الشعر املعتاد من األمام إىل نقرة القفا‪ ،‬ويدخل يف املسح شعر الصدغني مما فوق العظم النات‪ ،‬يف الوجه‪ ،‬وال‬

‫‪ -1‬بدليل أن لفظ الرأس يقع حقيقة على جميعه دون بعضه‪ ،‬وقد أمر هللا بمسح ما يتناوله االسم‪ ،‬فيجب مسح جميع الرأس‪ ،‬لما‬
‫روي عن عبد هللا بن زيد أن النبي صلى هللا عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر فبدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه‬
‫ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫جيب مسح ما نزل عن الرأس من الشعر‪ .‬والجيوز عند مالك أن ميسح رأسه على حائل إال لعلة‪ ،‬وأجازه‬
‫مجاعة من السلف لآلثار الواردة يف ذلك‪ ،‬وقياسا على اخلفني‪.‬‬
‫غسل الرجلين لقوله تعاىل (وأرجلكم إلى الكعبين) وجيب إدخال الكعبني يف الغسل‪ ،‬كما جيب تعهد‬
‫ما حتتهما كالعرقوب واألمخص‪ ،‬حلديث الرسول صلى اهلل عليه وسلم (ويل لألعقاب من النار) رواه‬
‫مالك‪.‬‬
‫ويندب ختليل األصابع ابتداء خبنصر اليمىن إىل إهبامها‪ ،‬وبإهبام اليسرى إىل خنصرها‪.‬‬
‫الدلك‪ :‬وهو إمرار اليد على العضو‪ ،‬ويندب أن يكون خفيفا ومرة واحدة ويكره التش ّدد والتكرار‪ ،‬وهو‬
‫واجب عند املالكية‪ ،‬وسنة عند اجلمهور‪.‬‬
‫المواَلة‪( :‬الفور)‪ :‬هي متابعة أفعال الوضوء حبيث ال يقع بينها ما يعد فاصال يف العرف‪ ،‬أو هي املتابعة‬
‫بغسل األعضاء قبل جفاف السابق‪ ،‬مع االعتدال مزاجا وزمانا ومكانا ومناخا‪.‬‬
‫واملواالة فرض يف حال القدرة والتذكر وتسقط يف حالة العجز والنسيان‪.‬‬
‫فإن فرق يف حال القدرة بطل ما فعله من الوضوء‪ ،‬وإن فرق عاجزا ومل يكن مفرطا يف أسباب العجز‪ ،1‬فإنه‬
‫يبين دون جتديد النية طال الزمن أو مل يطل ‪ ،‬أما إذا كان مفرطا فإنه يبين على ما فعل ما مل يطل الفصل‪،‬‬
‫فإن طال ابتدأ وضوؤه وجوبا لعدم املواالة‪.‬‬
‫والطول يقدر جبفاف العضو األخري‪ ،‬والزمان املعتدل واملكان املعتدل واملزاج املعتدل‪.‬‬
‫سنن الوضوء‪:‬‬
‫‪ 1‬غسل اليدين إىل الكوعني قبل إدخاهلما يف اإلناء‪.‬‬
‫‪ 2‬املضمضة‪.‬‬
‫‪ 3‬االستنشاق واالستنثار لقوله صلى اهلل عليه وسلم (من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر)‬
‫رواه مالك والبخاري ومسلم‪.‬‬
‫‪ 4‬رد مسح الرأس وإن مل يكن له شعر‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ 5‬مسح األذنني ظاهرمها وباطنهما مع الصماخني‪( ،‬عن ابن عباس أن النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫مسح برأسه وأذنيه ظاهرمها وباطنهما) رواه الرتمذي‪.‬‬
‫‪ 6‬جتديد املاء ملسح األذنني‪.‬‬
‫‪ 7‬ترتيب الفرائض‪ ،‬فمن بدأ بغسل ذراعيه‪ ،‬مث غسل وجهه فرأسه فرجليه‪ ،‬فإن تذكر بالقرب أعاد‬
‫الذراعني وما بعدمها مرة مرة سواء نكس سهوا أو عمدا‪ ،‬وإن تذكر بعد طول أعاد الذراعني فقط إن‬
‫نكس سهوا‪ ،‬أما إن نكس عمدا استأنف ندبا‪.‬‬
‫فضائل الوضوء‬
‫‪ - 1‬املاء الطاهر‪.‬‬
‫‪ - 2‬استقبال القبلة إن أمكن‪.‬‬
‫‪ - 3‬التسمية يف أوله بأن يقول بسم اهلل الرمحن الرحيم‪.‬‬
‫‪ - 4‬تقليل املاء املستعمل على العضو‪.‬‬
‫‪ - 5‬تقدمي اليد أو الرجل اليمىن على اليسرى‪ ،‬ملا روي عن عائشة أهنا قالت" كان صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يعجبه التيمن يف تنعله وترجله وطهوره ويف شأنه كله"‪ .‬البخاري‪.‬‬
‫‪ - 6‬وضع اإلناء املفتوح جلهة اليمني وغري املفتوح على يساره‪.‬‬
‫‪ - 7‬البدء يف الغسل أو املسح مبقدم العضو‪ .‬والغسلة الثانية والثالثة يف الفرائض والسنن ‪.‬‬
‫‪ – 8‬االستياك‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم ( لوال أن أشق على أميت ألمرهتم بالسواك عند كل صالة)‬
‫مسلم‪.‬‬
‫‪ - 9‬ترتيب السنن يف أنفسها‪.‬‬
‫‪ -10‬ترتيب السنن مع الفرائض‬
‫مكروهات الوضوء‪:‬‬
‫‪ -1‬الوضوء يف مكان جنس‪.‬‬
‫‪ -2‬إكثار صب املاء على العضو‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -3‬الكالم بغري ذكر اهلل تعاىل‪.‬‬


‫‪ -4‬الزيادة على الثالثة يف املغسول‪.‬‬
‫‪ -5‬كشف العورة‪.‬‬
‫‪ -6‬مسح الرقبة ألنه من الغلو يف الدين‪.‬‬
‫‪ -7‬الزيادة الكثرية على حمل الفرض‪ ،‬أما أصل الزيادة فال ب ّد منها‪ ،‬ألنه من باب" ما ال يتم الواجب إال‬
‫به فهو واجب"‪.‬‬
‫سن فعلها ملا يستقبل من‬
‫‪ -8‬ترك سنة عمدا‪ ،‬فال تبطل الصالة برتكها‪ ،‬فإن تركها عمدا أو سهوا ّ‬
‫الصالة إن أراد أن يصلي بذلك الوضوء‪.‬‬
‫نواقض الوضوء‪:‬‬
‫نواقض الوضوء ثالثة أنواع أحداث‪ ،‬أسباب‪ ،‬غري أحداث وأسباب‪.‬‬
‫األحداث األحداث مجع حدث وهو اخلارج املعتاد على سبيل الصحة من أحد السبيلني وهي‬
‫‪-1‬الغائط ‪ -2‬البول ‪ -3‬الريح الخارج من الدبر‪.‬‬
‫‪-4‬الودي ألنه خيرج عقب البول‪ ،‬أجراه العلماء جمرى البول‪.‬‬
‫‪-5‬المذي حلديث املقداد أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم قال (إذا وجد أحدكم ذلك فلينضخ فرجه‬
‫وليتوضأ وضوءه للصالة) مالك وأبو داود‪.‬‬
‫‪-6‬خروج املين بال لذة معتادة‪.‬‬
‫‪-7‬الهادي ماء أبيض خيرج من احلامل قبل الوالدة‪.‬‬
‫وال ينتقض الوضوء إال باخلارج املعتاد‪ ،‬أما غري املعتاد فال ينتقض منه الوضوء مثل الدم والقيح واحلصى‬
‫والدود‪ ،‬وال ينتقض أيضا إال باخلارج من املخرج املعتاد‪ ،‬فإذا خرج ريح أو غائط من القبل أو خرج بول من‬
‫الدبر فال ينتقض الوضوء‪ ،‬كذلك ال ينتقض باخلارج من ثقبة فوق املعدة أي فيما فوق السرة سواء انسد‬
‫املخرجان أو ال‪ ،‬فإذا كانت السرة فما حتتها‪ ،‬فإن اخلارج منها ينقض الوضوء إذا انسد املخرجان‪ ،‬فإن كان‬
‫املخرجان غري منسدين فال ينتقض الوضوء باخلارج من الثقبة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫حكم السلس‪:‬‬
‫السلس هو احلدث الذي خيرج على غري وجه الصحة‪ ،‬سواء كان بوال أو رحيا أو غائط أو مذيا أو دم‬
‫استحاضة وله أربعة صور‬
‫‪ -1‬أن يالزم كل الزمان وهذه احلالة ال ينتقض منها الوضوء و ال يندب اإلتيان به‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يالزم ّ‬
‫جل الزمان أو نصفه‪ ،‬فيستحب الوضوء لكل صالة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يالزم أقل الزمان‪ ،‬فيجب فيها الوضوء‪.‬‬
‫وينتقض وضوء السلس إذا أحدث احلدث املعتاد؛ بأن يكثر البول وميكن إمساكه‪ ،‬أو خيرج املذي بشهوة‪.‬‬
‫ويطالب صاحب السلس بالتداوي‪ ،‬وتغتفر أيام التداوي فقط‪.‬‬
‫األسباب‪ :‬السبب هو املوصل إىل احلدث واملؤدي إىل خروجه‪ ،‬واألسباب ثالثة أنواع هي‬
‫النوع األول‪ :‬زوال العقل‬
‫النوم يعترب النوم ناقضا للوضوء ألنه مظنة خروج الناقض‪ ،‬شرط أن يكون ثقيال ولو قصر زمنه‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أما النوم اخلفيف ولو كان طويال فإنه ال ينقض‪ ،‬ويعرف النوم الثقيل بعدم الشعور باألصوات‬
‫من حوله أو بسقوط شيء من يد النائم أو سيالن ريقه‪.‬‬
‫اجلنون والسكر واالغماء‬ ‫‪-2‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬لمس من يلتذ به عادة أي أن ملس املتوض‪ ،‬البالغ لشخص يلتذ مبثله عادة من ذكر أو أنثى‬
‫ينقض الوضوء‪ ،‬ولو كان حبائل رقيق‪ ،‬ولو كان امللموس غري بالغ أو كان اللمس لظفر أو شعر‪ ،‬وحمل النقض‬
‫إن قصد التلذذ بلمسه أو وجدها حال اللمس وإن مل يكن قاصدا هلا ابتداء‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬مس الذكر؛ لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ)رواه أبوداود‬
‫والرتمذي‬
‫غير أحداث وَل أسباب‬
‫الردة‬ ‫‪-1‬‬
‫الشك وهو ناقض للوضوء‪ ،‬ألن الذمة التربأ مما طلب منها إال بيقني و ال يقني عند الشاك‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪31‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫والشك ثالثة صور‪:‬‬


‫األولى أن يشك بعد تيقنه بتقدم الطهارة‪ ،‬هل حصل منه ناقض من حدث أو سبب أم ال‪ ،‬قيل ينقض‬
‫الوضوء لغري املستنكح وهذا هو املشهور من املذهب‪ ،‬وقيل ال ينقض‪.‬‬
‫فمن دخل الصالة بتكبرية اإلحرام معتقدا أنه متوض‪ ،‬مث طرأ عليه الشك فيها هل حصل ناقض أم ال‪، ،‬‬
‫فإنه يست مر على صالته وجوبا‪ ،‬مث إن بان له أنه متطهر ولو بعد الفراغ منها فال يعيدها‪ ،‬فإن استمر على‬
‫شكه توضأ وأعادها‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يشك بعد تيقن احلدث‪ ،‬هل حصل منه وضوء أم ال‪ ،‬فينتقض الوضوء‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يتيقن الطهر واحلدث وحيصل له الشك يف السابق منهما ينتقض الوضوء‪.‬‬
‫أما إذا حصل الشك بعد الفراغ من الصالة فال يضر إال إذا حتقق‪.‬‬
‫وذهب اجلمهور إىل أن الوضوء ال ينتقض بالشك‪ ،‬فمن تيقن الطهارة وشك يف احلدث‪ ،‬أو تيقن احلدث‬
‫وشك يف الطهارة بىن على اليقني وهو الطهارة يف األوىل واحلدث يف الثانية‪ ،‬عمال بقاعدة اليقني اليزول‬
‫بالشك‬
‫موانع الحدث األصغر‪:‬‬
‫‪-1‬الصالة فإن احلدث األصغر مينع منها فرضا أو نفال و لو سجود تالوة‪ ،‬أو صالة على جنازة لقوله‬
‫‪-2‬‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم (َل تقبل صالة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) رواه البخاري‪.‬‬
‫الطواف فرضا أو نفال‪ ،‬فقد ثبت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم منع احلائض من الطواف كما منعها‬
‫من الصالة‪ ،‬وهذا دليل على أن الطواف صالة‪ ،‬بدليل قوله صلى اهلل عليه وسلم (الطواف بالبيت صالة‬
‫إَل أن اهلل أباح فيه الكالم) أخرجه لرتمذي والدارمي وغريهم‪.‬‬
‫‪ -3‬مس المصحف لقوله تعاىل ﴿َل يمسه إَل المطهرون﴾ الواقعة‪.82/‬‬
‫وملا روي عن حكيم بن حزام أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال (َلتمس القرآن إَل وأنت طاهر) رواه‬
‫الدار قطين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫ومينع من مس املصحف سواء كان كامال أو جزءا منه ولو آية‪ ،‬كما حيرم محله ولو بعالقة أو وسادة أو‬
‫كرسي أو ثوب‪ ،‬وكل ذلك تعظيم للقرآن الكرمي‪ ،‬وجيوز للمعلم واملتعلم محله ومسه ولو حلائض ونفساء‪ ،‬ال‬
‫اجلنب لقدرته على إزالة املانع باالغتسال أو التيمم‪.‬‬
‫وجيوز مس التفسري وقراءته‪ ،‬ألنه ال يسمى مصحفا عرفا‪ ،‬ولو كان حامل التفسري جنبا‪ ،‬أما قراءة القرآن‬
‫فال مينع منه احلدث األصغر‪ ،‬ملا روي عن علي رضي اهلل عنه قال كان رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‬
‫(َل يحجبه عن قراءة القرآن شيء إَل الجنابة) النسائي‪.‬‬
‫الغس ل وأحكامه‬
‫تعريف الغسل لغة‪ :‬الغسل لغة هو سيالن املاء على الشيء مطلقا‪.‬‬
‫تعريفه اصطالحا‪ :‬هو إيصال املاء إىل مجيع ظاهر اجلسد بنية استباحة املمنوع مع الدلك‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬الغسل واجب عند حصول موجبه لقوله تعاىل ﴿وَل تقربوا الصالة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما‬
‫تقولون وَل جنبا إَل عابري سبيل حتى تغتسلوا﴾‪ .‬وقد يكون سنة أو مندوبا‪.‬‬
‫موجبات الغسل‬
‫‪-1‬خروج المني أي بروزه من فرج الرجل أو املرأة بلذة معتادة تدفقا يف حال النوم واليقظة بنظر أو‬
‫تفكر يف مجاع أو مباشرة فعلية إلنسان حي أو ميت أو هبيمة‪ .‬ملا روي عن أيب سعيد اخلذري قال قال‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (إنما الماء من الماء) رواه مسلم‪.‬‬
‫وملا روى عن أم سلمة زوج النيب صلى اهلل عليه وسلم أهنا قالت جاءت أم سليم إمرأة أيب طلحة‬
‫األنصاري إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقالت يا رسول اهلل إن اهلل ال يستحي من احلق‪ ،‬هل على‬
‫املرأة من غسل إن هي احتلمت؟ فقال نعم‪ ،‬إذا رأت املاء" متفق عليه‪.‬‬
‫وإن مل خيرج املين بلذة معتادة كأن خرج بنفسه ملرض أو لنزوله يف ماء حار أو لسلس‪ ،‬فال غسل عليه‬
‫وعليه الوضوء عند مجهور الفقهاء‪.‬‬
‫عن علي كرم اهلل وجهه قال كنت رجال مذاء فسألت النيب صلى اهلل عليه وسلم قال (يف املذي الوضوء‪،‬‬
‫ويف املين الغسل) أمحد وابن ماجة والرتمذي‬

‫‪33‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫فرع من احتلم ومل جيد شيئا فال غسل عليه ‪،‬ومن استيقظ من نومه فوجد بلال يف ثوبه أو يف بدنه‪ ،‬فشك‬
‫هل هو مين أو مذي وجب عليه الغسل ألن الشك مؤثر يف إجياب الطهارة‪ ،‬أما إن شك بني ثالثة أمور‬
‫املين‪ ،‬املذي‪ ،‬الودي مل جيب الغسل‪.‬‬
‫ومن وجد منيا‪ ،‬ومل يدر الوقت الذي خرج فيه‪ ،‬فإنه يغتسل ويعيد صالته من آخر نومة‪ .‬سواء كانت بليل‬
‫أو هنار‪ .‬ملا روي عن عمر بن اخلطاب أنه صلى بالناس الصبح مث غدا إىل أرضه باجلرف‪ 1‬فإذا هو قد احتلم‬
‫ومل يصلي ومل يغتسل فقال واهلل ما أراين إال احتلمت وما شعرت‪ ،‬وصليت‪ ،‬وما اغتسلت‪ ،‬فقال فاغتسل‬
‫وغسل ما رأى من ثوبه ونضح ما مل ير‪ ،‬وأذن وأقام‪ ،‬مث صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا" رواه مالك‪.‬‬
‫‪ -‬واتفقوا على أن رطوبة الفرج طاهرة‪ ،‬وغسله سنة‪.‬‬
‫‪-2‬التقاء الختانين‪:‬‬
‫إذا غيّب شخص رأس ذكره يف فرج أو دبر أنثى وجب عليه الغسل‪ ،‬كما جيب على صاحب الفرج إذا‬
‫كان بالغا مطيقا وإن مل ينزل‪ ،‬ويندب الغسل للمراهق والصغرية اليت وطئها بالغ‪.‬‬
‫والدليل على إجياب الغسل بالتقاء اخلتانني قوله تعاىل ﴿وإن كنتم جنبا فاطهروا﴾‪ ،‬وحديث (إذا‬
‫التقى الختانان وجب الغسل وإن لم ينزل) مسلم وابن ماجة عن عائشة‪.‬‬
‫وحديث (إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل) الرتمذي‪.‬‬
‫‪-3‬انقطاع دم الحيض والنفاس‪ ،‬لقوله تعاىل ﴿واعتزلوا النساء في المحيض وَل تقربوهن حتى يطهرن‬
‫فإن تطهرن فآتوهن من حيث أمركم اهلل﴾ البقرة‪ ،222/‬يعين إذا اغتسلن‪ .‬وحلديث فاطمة بنت أيب‬
‫حبيش أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصالة وإذا أدبرت فاغتسلي‬
‫وصلي)‪.‬‬
‫والنفاس موجب للغسل ولو خرج الولد بدون دم أصال‪.‬‬
‫‪-4‬موت المسلم غير الشهيد‪:‬‬
‫جيب غسل امليت املسلم باتفاق‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم يف الذي سقط من راحلته فمات‬
‫(اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين) متفق عليه‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وقد غسل النيب صلى اهلل عليه وسلم وأبو بكر بعده وتوارثه املسلمون‪.‬‬
‫‪-5‬إسالم الكافر‪:‬‬
‫إذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل حلديث قيس بن عاصم (أنه أسلم فأمره النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أن يغتسل بماء وسدر) رواه اخلمسة‪.‬‬
‫فرائض الغسل فرائض الغسل مخسة وهي‬
‫‪-1‬النية عند الشروع يف الغسل‪ ،‬وينوي بقلبه أداء فرض الغسل أو رفع احلدث األكرب أو رفع اجلنابة أو‬
‫استباحة ما منعه احلدث األكرب‪.‬‬
‫‪-2‬الدلك واملواالة الدلك هو إمرار العضو على اجلسد‪ ،‬وحيصل الغرض باستعمال اليد أو الرجل أو‬
‫الكف أو الساعد‪ ،‬وما إىل ذلك‪ ،‬ولو بعد صب املاء‪ ،‬وإذا تعذر الدلك سقط‪ ،‬ويكفي عند ذلك تعميم‬
‫اجلسد باملاء‪ ،‬إذ ال يكلف اهلل نفسا إال وسعها‪.‬‬
‫أما املواالة فتجب مع الذكر والقدرة‪ ،‬فإن فرق عامدا بطل إذا طال‪ ،‬وإال بىن على ما فعل بنية‪.‬‬
‫وقد أوجب املالكية دون غريهم الدلك واملواالة‪.‬‬
‫‪-3‬تعميم ظاهر اجلسد باملاء شعره وبشره‪ ،‬ملا روي عن عائشة رضي اهلل عنها يف كيفية غسل الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ( أنه كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصالة‪ ،‬ثم‬
‫يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه غرفات بيديه ثم يفيض الماء‬
‫على جلده كله) رواه مالك‪.‬‬
‫وال جيب نقض الشعر املضفور ما مل يشتد الضفر حىت مينع وصول املاء إىل البشرة‪ ،‬وما مل يضفر خبيوط‬
‫كثرية متنع وصول املاء إىل البشرة أو إىل باطن الشعر ملا روي عن أم سلمة قالت قلت يا رسول اهلل إين‬
‫امرأة أش ّد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل اجلنابة قال (َل يكفيك أن تحثي على رأسك ثالث حثيات من‬
‫ماء ثم تفيضين على سائر جسدك الماء فتطهرين) الرتمذي وأبو داود‪.‬‬
‫ويف رواية ملسلم أضاف احليضة "أي" لغسل اجلنابة أو احليضة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫أما غسل بشرة الرأس فواجب‪ ،‬وصورته أن يضمه ويعركه عند صب املاء حىت يصل إىل البشرة‪ ،‬كما جيب‬
‫ختليل شعر غري الرأس ولو كان كثيفا بدليل القياس على شعر الرأس للحديث السابق (إن تحت كل‬
‫شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وانقوا البشرة) أبو داود‪.‬‬
‫وكذا جيب ختليل أصابع اليدين والرجلني‪.‬‬
‫سنن الغسل‬
‫سنن الغسل مخس وهي‬
‫غسل اليدين إىل الكوعني أوال وقبل إدخاهلما يف االناء‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫املضمضة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االستنشاق واالستنشار‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫مسح صماخ األذنني‪ ،‬أما ظاهرمها وباطنهما فهما من ظاهر اجلسد‪ ،‬جيب غسلهما‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ختليل أصول الشعر بإدخال األصابع حتته‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫مندوباته‪:‬‬
‫املوضع الطاهر‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫التسمية وهي قوله "بسم اهلل الرحمن الرحيم"‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫البدء بإزالة األذى سواء يف الفرج أو غريه مث يشرع يف الغسل‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تقليل املاء بال حد الختالف أحوال الناس‪ ،‬ويراعي املغتسل حاال وسطا من غري إسراف وال‬ ‫‪-4‬‬
‫تقتري‪.‬‬
‫البدء بامليامن قبل املياسر وباألعايل قبل األسافل‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أن يغتسل بالكيفية املندوبة وهي‬ ‫‪-6‬‬
‫أن يبدأ املغتسل بغسل يديه إىل الكوعني ثالثا بنية السنية‪ ،‬مث يغسل ما جبسمه من أذى وينوي فرض‬
‫الغسل أو رفع احلدث األكرب‪ ،‬فيبدأ بغسل فرجه مث يتمضمض ويستنشق ويستنثر‪ ،‬مث يغسل وجهه إىل متام‬
‫الوضوء مرة مرة‪ ،‬مث خيلل أصول شعر رأسه‪ ،‬مث يغسل رأسه ثالثا يعم رأسه يف كل مرة مث يغسل رقبته مث‬

‫‪36‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫منكبيه إىل املرفقني‪ ،‬مث يفيض املاء على شقه األمين إىل الكعب مث األيسر كذلك‪ ،‬فيغسل كال من الشقني‬
‫األمين واأليسر بطنا وظهرا‪ ،‬فإن شك يف حمل ومل يكن مستنكحا وجب غسله وإال فال‪.‬‬
‫مكروهات الغسل‪:‬‬
‫مر على سعد وهو‬
‫االكثار من صب املاء حلديث ابن عمر أن النيب صلى اهلل عليه وسلم ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫يتوضأ‪ ،‬فقال (ما هذا السرف؟ فقال‪ :‬أفي الوضوء إسراف؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وإن كنت على نهر‬
‫جار) ابن ماجة‪.‬‬
‫التنكيس يف عمله ‪ -‬أي غسل املياسر قبل امليامن‪ ،‬أو غسل األسافل قبل األعايل‪.-‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تكرار غسل اجلسد إذا أوعب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫االغتسال يف اخلالء أو يف موضع األقذار‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الكالم بغري ذكر اهلل‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أنواع الغسل‪:‬‬
‫الغسل قد يكون واجبا كالغسل من اجلنابة واحليض والنفاس‪.‬‬
‫وقد يكون سنة كالغسل لصالة اجلمعة ملا روى عن أيب سعيد قال (غسل الجمعة واجب على كل‬
‫محتلم) واالجياب حممول على أنه مسنون‪.‬‬
‫وحديث أيب هريرة( حق على كل مسلم أن يغتسل كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده ) متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫والغسل لصالة العيدين‪ ،‬والغسل لإلحرام باحلج أو العمرة‪ .‬ولدخول مكة‪ ،‬لفعله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد يكون مستحبا كالغسل للطواف والسعي بني الصفا واملروة والوقوف بعرفة واملزدلفة‪ ،‬والغسل من دم‬
‫االستحاضة وغسل امليت‪.‬‬
‫موانع الجنابة والحيض والنفاس‪:‬‬
‫ومس املصحف‬
‫مينع اجلنابة واحليض والنفاس ما مينعه احلدث األصغر من صالة وطواف ّ‬ ‫‪-7‬‬
‫والصوم‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫قراءة القرآن ملا روي عن ابن عمر عن النيب صلى اهلل عليه وسلم (َل تقرأ الحائض وَل‬ ‫‪-8‬‬
‫الجنب شيئا من القرآن) رواه الرتمذي‪.‬‬
‫إال ما كان يسريا ألجل التعوذ عند النوم كقراءة آية الكرسي واالخالص واملعوذتني‪ ،‬أو للرقية من أمل أو‬
‫عني أو ألجل االستدالل على حكم‪.‬‬
‫وال حيرم قراءة القليل من القرآن على احلائض والنفساء حال اسرتسال الدم عليها إال بعد انقطاعه وقبل‬
‫اغتساهلا‪ ،‬فال تقرأ بعد انقطاعه مطلقا حىت تغتسل‪.‬‬
‫‪-‬دخول املسجد ولو عبورا أو جمتازا بدليل ما روي عن الرسول صلى اهلل عليه وسلم أنه قال (إني َل‬
‫أحل المسجد لحائض وَل جنب) رواه أبو داود‪.‬‬
‫وجيوز للجنب الذي فرضه التيمم ملرض أو سفر ومل جيد املاء‪ ،‬أن يدخله بالتيمم للصالة واملبيت فيه إن‬
‫اضطر لذلك‪ .‬كما بينت اآلية ذلك لقوله تعاىل ﴿وَل تقربوا الصالة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما‬
‫تقولون‪ ،‬وَل جنبا إَل عابري سبيل﴾‪.‬‬

‫التيم م وأحكامه‬
‫وتأممه إذا قصده ومنه قوله تعاىل ﴿ وَل‬
‫تعريفه لغة من األّم بفتح اهلمزة‪ ،‬وهو القصد‪ ،‬يقال ّأمه و ّأممه ّ‬
‫تيمموا الخبيث منه تنفقون﴾ أي ال تقصدوا اخلبيث‪ .‬وقوله تعاىل ﴿ وَل آمين البيت الحرام﴾‪.‬‬
‫تعريفه اصطالحا هو طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين بنية‪.‬‬
‫حكمه الوجوب إذا توفرت أسبابه‪.‬‬
‫أدلة مشروعيته‪:‬‬
‫التيمم ثابت بالكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫‪-1‬من الكتاب لقوله تعاىل ﴿وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو‬
‫َلمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه﴾ املائدة‪.6/‬‬
‫اآليات تدل على أن التيمم فريضة بدل الغسل باملاء‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -2‬السنة وردت أحاديث كثرية تدل على مشروعية التيمم‪ ،‬منها‬


‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (جعلت لنا األرض كلها مسجدا وتربتها طهورا) رواه مسلم‪.‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم (التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء) أبو داود‬
‫والرتمذي والنسائي‪.‬‬
‫‪-3‬اَلجماع‪ :‬أمجعت األمة على جواز التيمم ومل ينكر أحد ذلك‪.‬‬
‫أسباب التيمم‬
‫‪ -1‬عدم وجود املاء الكايف للوضوء أو الغسل‪ ،‬وذلك بأن ال جيد املاء أصال أو وجد ماء ال يكفيه‪ ،‬فهذا‬
‫يتيمم سواء كان حاضرا أو مسافرا وسواء كان على حدث أصغر أو على جنابة‪.‬‬
‫حلديث عمران بن حصني قال ( كنا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في سفر فصلى بالناس‪ ،‬فإذا‬
‫هو برجل معتزل‪ ،‬فقال‪ :‬ما منعك أن تصلي؟ قال‪ :‬أصابتني جنابة وَل ماء‪ ،‬قال‪ :‬عليك بالصعيد فإنه‬
‫يكفيك) متفق عليه‪ .‬وهذا احلديث يدل على مشروعية التيمم للصالة عند عدم املاء من غري فرق بني‬
‫اجلنب وغريه‪.‬‬
‫وتشمل هذه احلالة‪ ،‬احلاجة إىل املاء يف احلال أو املستقبل لشرب أو شرب إنسان أو حيوان وذلك‬
‫‪.‬‬
‫صونا للروح من التلف‪ ،‬وكذا احلاجة إىل املاء لعجن أو طبخ أو إلزالة جناسة غري معفو عنها‬
‫ويتحقق عدم وجود املاء عند بذل اجلهد يف الطلب يف حق من ميكنه استعماله‪ ،‬وال يصح أن يكون غري‬
‫واجد للماء إال بعد أن يطلبه‪.‬‬
‫‪-2‬العجز عن استعمال الماء ويشمل‪:‬‬
‫‪ -‬املرض لقوله تعاىل ﴿وإن كنتم مرضى﴾ النساء‪.43/‬‬
‫‪ -‬اخلوف من حدوث مرض أو زيادته أو تأخر الربء‪ ،‬ويعرف ذلك بالعادة أو بإخبار طبيب عارف‪ ،‬لقوله‬
‫تعاىل ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ احلج‪ 76/‬أو كان املاء شديد الربودة وال يستطيع حتمل‬
‫االغتسال به و ال يوجد ما يسخن به املاء ولو باألجر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫روي عن عمرو بن العاص قال احتلمت يف ليلة باردة يف غزوة ذات السالسل فأشفقت إن اغتسلت أن‬
‫أهلك فتيممت مث صليت بأصحايب الصبح فذكروا ذلك للنيب صلى اهلل عليه وسلم فقال " يا عمرو‪،‬‬
‫وصليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخربته بالذي منعين من االغتسال وقلت إين مسعت اهلل يقول ﴿وَل‬
‫تقتلوا أنفسكم إن اهلل كان بكم رحيما﴾ فضحك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومل يقل شيئا‪ .‬رواه أبو‬
‫داود‪.‬‬
‫‪-‬أن خياف على نفسه عند جلب املاء أو خياف تلف مال له أمهية عند طلب املاء بسرقة أو هنب‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون فاقدا ملن يناوله املاء أو آلة جللبه‪ ،‬ألنه مبنزلة عادم املاء‪.‬‬
‫‪ -‬اخلوف من خروج وقت الصالة باستعمال املاء أو جلبه‪ ،‬يتيمم وال يطلبه وال يستعمله إن كان موجودا‬
‫ظن أنه يدرك من الصالة ركعة يف وقتها إن توضأ أو اغتسل فال‬
‫حمافظة على أداء الصالة يف وقتها‪ ،‬أما إن ّ‬
‫جيوز له التيمم‪ ،‬ويتعني عليه الوضوء أو الغسل أن يقتصر على الفرائض مرة ويرتك السنن واملندوبات إن‬
‫خشي فوات الوقت بفعلها‪ ،‬أما إن خشي فوات الوقت باستعمال الفرائض وجب عليه التيمم‪.‬‬
‫وال يصح التيمم للجمعة ألن هلا بدال وهو الظهر وألن بقية الصلوات تقضى‪.‬‬
‫ودليل التيمم خشية فوات وقت الصالة‪ ،‬ماورد يف الصحيحني أنه عليه السالم لقيه رجل فسلم عليه فلم‬
‫يرد عليه حىت أقبل على اجلدار فمسح بوجهه ويديه مث رد عليه السالم‪.‬‬
‫فإذا شرع التيمم لرد السالم‪ ،‬فالتيمم خشية خروج وقت الصالة أوىل‪.‬‬
‫وقت التيمم‪:‬‬
‫ال يصح التيمم إال بعد دخول وقت ما يتيمم له من فرض أو نفل‪ ،‬لقوله تعاىل ﴿إذا قمتم للصالة﴾‬
‫والقيام إليها بعد دخول الوقت‪ ،‬وألن كل رخصة أبيحت للضرورة واحلاجة مل تستبح قبل وجودها كأكل‬
‫امليتة‪.‬‬
‫ولقوله صلى اهلل عليه وسلم (جعلت األرض كلها لي وألمتي مسجدا وطهورا‪ ،‬فأينما أدركت رجال‬
‫من أمتي الصالة‪ ،‬فعنده مسجده وعنده طهوره) رواه أمحد‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وال يصلي بتيمم واحد فرضان‪ 1‬فمن صلى صالتني بتيمم واحد‪ ،‬أو صالة بتيمم نواه لغريها أوهلا فصلى‬
‫به غريها أو تراخى عن الصالة به‪ ،‬وجبت عليه اإلعادة يف الوقت وغريه‪ .‬وهو ظاهر ما يف املدونة‪ ،‬ونص‬
‫رواية مطرف وابن املاجشون عن مالك‪ .‬روى ابن وهب عن ابن عباس مسندا أنه قال (َل يصلي بالتيمم‬
‫إَل صالة واحدة)‬
‫قال ابن القاسم إن مجع يعيد يف الوقت‪ ،‬ولو أعاد أبدا كان أحب إيل‬
‫وجيمع بني نوافل وبني فريضة ونافلة إن قدم الفريضة عند املالكية‪.‬‬
‫روي عن مالك وابن القاسم اإلعادة يف الوقت ملن قدم النافلة على الفريضة لبطالنه بالفراغ منها‪.‬‬
‫فرائض التيمم‪ :‬فرائض التيمم مخسة وهي‬
‫‪-1‬النية وحتل النية عند الضربة األوىل‪ ،‬بأن ينوي استباحة الصالة أو استباحة ما منعه احلدث‪ ،‬ولو اقتصر‬
‫على نية األكرب أجزأه على األصغر‪ ،‬وإن نوى فرض التيمم جيزيه عن األصغر واألكرب‪.‬‬
‫‪-2‬الضربة األوىل وذلك بوضع الكفني على الصعيد‪.‬‬
‫‪ -3‬مسح الوجه واليدين إىل الكوعني وجيب تعميم مجيع الوجه باملسح‪ ،‬وال يلزم ختليل اللحية ولو كانت‬
‫خفيفة ألن املسح مبين على التخفيف‪ ،‬أما يف اليدين فإن الفرض يتحقق مبسحهما إىل الكوعني بدليل قوله‬
‫تعاىل ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه﴾ فقد أطلق اهلل لفظ األيدي ومل يقيده حبده كما يف آية‬
‫السرقة وقيده رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالكوع‪ ،‬فتحمل األيدي املطلقة يف آية التيمم على آية السرقة‬
‫املقيدة قياسا عليها‪.‬‬
‫واستنادا إىل حديث عمار بن ياسر‪ ،‬قال لعمر بن اخلطاب أما تذكر أنا كنا يف سفر أنا وأنت‪ ،‬فأما أنت‬
‫تصل وأما أنا فتمهلت يف الصعيد‪ ،‬وصليت‪ ،‬فذكرت ذلك للنيب صلى اهلل عليه وسلم فقال (إنما‬
‫فلم ّ‬
‫يكفيك هكذا فضرب بكفيه األرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه) البخاري وأبو داود‪.‬‬

‫‪ -1‬لما روي عن ابن عمر‪ " :‬يتيمم لكل صالة وإن لم يحدث" لقوله تعالى‪﴿ :‬إذا قمتم إلى الصالة﴾ األمر إذا تعلق بشرط يتكرر بتكراره‪ ،‬وألن ذلك مبني‬
‫على أصلين‪-1 :‬التيمم ال يجوز الصالة قبل وقتها ‪ -2‬طلب الماء واجب عند كل صالة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫كما أن اليد يف كالم العرب حتمل يف أظهر استعماالهتا على الكف‪ ،‬ألن اليد لو مل تصدق على الكفني‬
‫ملا قيل يف الوضوء إىل املرافق‪.‬‬
‫وجيب يف مسح األيدي ختليل األصابع ونزع اخلامت ومسح ما حتته‪.‬‬
‫‪-4‬الصعيد الطاهر‪ :‬املراد بالصعيد‪ ،‬كل ما صعد على وجه األرض وكان من أجزائها لقوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم (وجعلت لي األرض مسجدا وطهورا) رواه البخاري‪ .‬فال يصح استعمال ما ليس بصعيد وال‬
‫استعمال صعيد جنس‪.‬‬
‫وأفضل أنواع الصعيد الرتاب‪ ،‬وجيوز التيمم عند املالكية واحلنفية بالرمل واحلجر واجلص (الكلس) إذا مل‬
‫يطبخ (حيرق بالنار)‪ ،‬وجيوز التيمم باملعدن (الشب‪ ،‬امللح‪ ،‬احلديد‪ ،‬الرصاص‪ ،‬القصدير‪ ،‬الكحل‪ ،‬الرخام) ما‬
‫مل ينقل من حمله حبيث يصري ماال‪ .‬مع اختالف يف امللح يف املذهب‪.‬‬
‫وال جيوز التيمم بالذهب والفضة وال على اجلوهر؛ كالياقوت واللؤلؤ والزبرجد ولو مبحلها‪.‬‬
‫‪ -5‬المواَلة‪ :‬جتب املواالة بني أجزاء التيمم‪ ،‬بأن ال يؤخر مسح عضو عما قبله زمنا حبيث لو قدر مغسوال‬
‫جلف بزمن معتدل‪ .‬وكذا املواالة بني التيمم وبني ما فعل له من صالة وحنوها‪ ،‬ويعاد التيمم إن وقع تفريق أو‬
‫ّ‬
‫طال الزمن بينه وبني ما فعل له‪.‬‬
‫سنن التيمم‬
‫‪ -1‬الترتيب‪ :‬بأن ميسح املتيمم الوجه أوال مث اليدين‪ ،‬فإن نكس أعاد املنكس وحده وهو اليدان إن قرب‬
‫يصل به‪ ،‬أما لو بعد أو صلى به فإن الرتتيب يفوت‪.‬‬
‫ومل ّ‬
‫‪ -2‬الضربة الثانية لليدين حلديث عمار أنه ذكر أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم ضرب األرض مرة ومل‬
‫يذكر أنه ضرب مرة ثانية‪.‬‬
‫‪ -3‬المسح على المرفقين‪.‬‬
‫‪ -4‬نقل أثر الضرب من الغبار إىل املمسوح بأن ال ميسح على شيء قبل مسح الوجه واليدين‪ ،‬فإن مسح‬
‫بشيء قبل ما ذكر فإنه يكره وجيزئ التيمم‪ ،‬وال ينايف هذا نفض اليدين نفضا خفيفا إن تعلق هبما شيء‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫ملا روي من حديث عمار أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم قال (إنما يكفيك هذا‪ ،‬فضرب النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم بكفيه األرض ونفخ فيهما‪ ،‬ثم مسح بهما وجهه وكفيه)‪.‬‬
‫مندوبات التيمم‬
‫‪-1‬التسمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصمت واستقبال القبلة‪.‬‬
‫‪-3‬تقدمي اليد اليمىن يف املسح ويندب أن جيعل ظاهر اليد اليمىن من طرف أصابعهما بباطن كف اليد‬
‫اليسرى‪ ،‬مث مير اليسرى إىل مرفق اليمىن مث جيعل باطن اليمىن من جهة طي املرفق بباطن اليسرى فيمرها‬
‫آلخر أصابع اليمىن مث يفعل باليسرى كما فعل باليمىن‪..‬‬
‫مكروهات التيمم‪:‬‬
‫‪-‬الزيادة على مرة يف املسح باتفاق‪.‬‬
‫‪ -‬كثرة الكالم بغري ذكر اهلل‪.‬‬
‫‪ -‬إطالة املسح إىل ما فوق املرفقني‪.‬‬
‫نواقض التيمم‬
‫ينقض التيمم نواقض الوضوء والغسل من أحداث وأسباب وغريمها‪ ،‬كما يبطله‪.‬‬
‫‪-1‬طول الفصل بني التيمم والصالة‪ - ،‬ارجع للمواالة‪-‬‬
‫‪-2‬زوال العذر املبيح له كذهاب العدو واملرض والربد‪ ،‬وغريمها من األعذار‪.‬‬
‫‪-3‬وجود ماء كاف قبل الدخول يف الصالة‪ ،‬فإنه مينع استصحاب الطهارة بالتيمم بشرط أن يتسع الوقت‬
‫الستعمال املاء مع إدراك الصالة‪ .‬لقول النيب صلى اهلل عليه وسلم (يا أبا ذر إن الصعيد الطيب طهور‬
‫وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين‪ ،‬فإن وجدت الماء فأمسه جلدك) رواه أبو داود‪.‬‬
‫كما يشرتط أن يكون فاضال عن حاجته كعطش وعجن وغسل جناسة‪.‬‬
‫حكم فاقد الطهورين‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫اختلف أصحاب مالك يف صالة فاقد الطهورين (املاء والصعيد) أو فاقد القدرة على استعماهلما (املكره‪،‬‬
‫املسجون‪ ،‬املريض‪ .)...‬فقال مالك تسقط عنه الصالة أداء وقضاء لقوله صلى اهلل عليه وسلم (َل تقبل‬
‫صالة بغير طهور) رواه الرتمذي‪.‬‬
‫ووجه االستدالل‪ ،‬أن ما ال يقبل ال يشرع فعله وال يرتتب شيء يف الذمة‪.‬‬
‫وقال ابن القاسم وعبد امللك ومطرف وابن عبد احلكم يصلي ويقضي‪ .‬وهو مذهب احلنفية والشافعية‪.‬‬
‫وقال أصبغ ال يصلي ويقضي‪ .‬وقال أشهب يصلي وال يقضي‪ .‬وهو مذهب احلنابلة‪ ،‬ملا روي عن‬
‫عائشة ّ أهنا استعارت من أمساء قالدة فهلكت فأرسل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أناسا من الصحابة‬
‫يف طلبها فأدركتهم الصالة فصلوا بغري وضوء‪ ،‬فلما أتوا صلى اهلل عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية‬
‫التيمم" رواه مسلم‪ .‬مل يأمر عليه السالم باإلعادة‪.‬‬
‫المسح على الخفين والجبيرة‬
‫‪-1‬المسح على الخفين‬
‫من حماسن الشريعة ويسرها أهنا أجازت املسح على اخلفني بدل غسل الرجلني يف الوضوء‪.‬‬
‫واملسح على اخلفني لغة إمرار اليد على الشيء‪ ،‬وشرعا إصابة اليد املبتلة باملاء خلف خمصوص يف‬
‫موضع خمصوص ويف زمن خمصوص‪.‬‬
‫مشروعيته شرع املسح على اخلفني رخصة يف احلضر والسفر للرجال والنساء تيسريا على املسلمني وخباصة‬
‫يف وقت الشتاء والربد ويف السفر وألصحاب األعمال الدائمة كاجلنود والشرطة والطالب املواظبني يف العمل‬
‫يف اجلامعات وحنوهم‪.‬‬
‫وقد ثبتت مشروعيته بالسنة النبوية ومنها‬
‫ما روي عن املغرية بن شعبة قال كنت مع النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فتوضأ فأهويت (مددت‬
‫يدي)ألنزع خفيه‪ ،‬فقال (دعهما‪ ،‬فإني أدخلتهما طاهرتين‪ ،‬فمسح عليهما) متفق عليه‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫عسال قال (أمرنا‪ ،‬يعني النبي صلى اهلل عليه وسلم أن نمسح على الخفين‪ ،‬إذا‬ ‫وعن صفوان بن ّ‬
‫نحن أدخلناهما على طهر‪ ،‬ثالثا إذا سافرنا‪ ،‬ويوما وليلة إذا أقمنا‪ ،‬وَل نخلعهما من غائط وَل بول‪،‬‬
‫وَل نخلعهما إَل من جنابة) رواه النسائي والرتمذي وأمحد‪.‬‬
‫وعن علي كرم اهلل وجهه قال (جعل النبي صلى اهلل عليه وسلم ثالثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما‬
‫وليلة للمقيم – يعني في المسح على الخفين) رواه مسلم‪.‬‬
‫قال سعيد بن املسيب "إذا أدخلت رجليك يف اخلفني ومها طاهران وأنت مقيم كفاك إىل مثلها من الغد‬
‫وللمسافر ثالث ليال‪ .‬وهو حديث ثابت صحيح نقله أئمة حفاظ‪.‬‬
‫شروط المسح على الخفين‪:‬‬
‫اشرتط املالكية جلواز املسح على اخلف أحد عشر شرطا ستة يف املمسوح ومخسة يف املاسح‪.‬‬
‫شروط الماسح ـ‬
‫‪ -1‬أن يلبس اخلف على طهارة‪ ،‬فإن لبسه حمدثا مل يصح املسح عليه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون الطهارة مائية ال ترابية‪ ،‬ألنه لبسه على طهارة غري كاملة‪ ،‬وألن التيمم ال يرفع احلدث‪،‬‬
‫فقد لبسه وهو حمدث‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون الطهارة كاملة‪ ،‬بأن يلبسه بعد متام الوضوء أو الغسل الذي مل ينتقض فيه وضوء فإن‬
‫أحدث قبل غسل الرجل مل جيز له املسح‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ال يكون املاسح مرتفها بلبسه‪ ،‬كمن لبسه خلوف على حناء برجليه أو لقصد جمرد املسح‪ ،‬أما لو‬
‫لبسه لربد أو حلر أو خوف عقرب جيوز له املسح‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ال يكون عاصيا بلبسه‪ ،‬كمحرم حبج أو عمرة مل يضطر للبسه‪ ،‬فال جيوز له املسح‪ ،‬أما املضطر‬
‫واملرأة فيجوز له املسح‪.‬‬
‫أما شروط الممسوح فهي‬
‫‪ -1‬أن يكون اخلف جلدا‪ ،‬فال يصح على غريه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون طاهرا‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون خمروزا‪.‬‬


‫‪ -4‬أن يكون له ساق ساتر حملل الفرض يف الغسل بأن يسرت الكعبني فال يصح املسح على غري الساتر‬
‫هلما‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ميكن املشي فيه عادة‪ ،‬احرتاز من الواسع الذي ينسلت من الرجل عند املشي فيه‪.‬‬
‫مدة المسح‪:‬‬
‫ذهب االمام مالك إىل أن البس اخلفني ميسح عليهما ما مل ينزعهما أو تصيبه جنابة‪ ،‬ويندب نزع اخلف‬
‫كل أسبوع مرة يف مثل اليوم الذي لبسه فيه‪.‬‬
‫استدالال حبديث أيب بن عمارة قال قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أمسح على الخفين؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫يوما؟ قال‪ :‬يوما‪ ،‬قلت‪ :‬يومين؟ قال ويومين‪ ،‬قلت‪ :‬وثالثة؟ قال‪ :‬وما شئت" رواه أبو داود‪.‬‬
‫كما ورد ذلك عن مجاعة من الصحابة منهم عمر وأنس بن مالك‪ .‬كما أن التوقيت غري مؤثر يف نقض‬
‫الطهارة‪ .‬ألن النواقض هي األحداث‪.‬‬
‫وذهب اجلمهور إىل أن مدة املسح للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثالثة أيام بلياليها استدالال باألحاديث‬
‫الواردة يف املسح‪ .‬منها حديث علي (املتقدم) ومنها حديث عوف بن مالك األشجعي أن رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ( أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثالثة أيام ولياليهن للمسافر‪ ،‬ويوما وليلة‬
‫للمقيم) رواه أمحد‪.‬‬
‫كما ثبت القول بالتوقيت عن علي وابن مسعود وابن عباس وعطاء والثوري وغريهم‪...‬‬
‫مبطالت المسح‪:‬‬
‫يبطل املسح على اخلف باألمور التالية‬
‫‪-1‬نواقض الوضوء‪ ،‬كل ناقض للوضوء ناقض للمسح‪ ،‬فيتوضأ أو ميسح إذا كانت مدة املسح باقية‪.‬‬
‫‪-2‬انتهاء املدة املقدرة للمسح‪.‬‬
‫‪-3‬حدوث ما يوجب الغسل‪ ،‬كاجلنابة وحنوها‪ ،‬فيبطل املسح وجيب غسل الرجلني‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪-4‬نزع أحد اخلفني أو كليهما ملفارقة حمل املسح مكانه‪ ،‬ولو كان النزع خبروج أكثر القدم إىل ساق اخلف‪،‬‬
‫فلألكثر حكم الكل‪ ،‬ويف حال نزع اخلف األعلى وجب املبادرة عند املالكية مسح األسفلني‪.‬‬
‫‪-5‬ظهور بعض الرجل بتخرق أو غريه‪ ،‬فينتقض الوضوء بذلك عند الشافعية واحلنابلة وبظهور ثالث أصابع‬
‫من أصابع الرجل عند احلنفية‪ ،‬أو بقدر ثلث القدم عند املالكية‪.‬‬
‫‪-6‬إصابة املاء أكثر إحدى القدمني يف اخلف على الصحيح‪ ،‬فيجب قلع اخلف وغسل الرجلني‪ ،‬حترزا عن‬
‫اجلمع بني الغسل واملسح يف الرجلني إذ هو ال جيوز‪.‬‬
‫كيفية المسح على الخفين الواجب هو مسح مجيع ظاهر اخلف عند املالكية‪ ،‬ويندب مسح أسفله‪.‬‬
‫وصفة املسح املندوبة لدى املالكية أن يضع باطن كف يده اليمىن على أطراف أصابع اليمىن ويضع باطن‬
‫كف يده اليسرى حتت أصابع رجليه‪.‬‬
‫مسألة سئل مالك عن رجل توضأ وعليه خفاه وسها عن املسح عليهما حىت ّ‬
‫جف وضوءه وصلى‪ .‬قال‬
‫ليمسح على خفيه وليعيد الصالة‪ ،‬وال يعيد الوضوء ولو تعمد ذلك ابتدأ الوضوء‪.‬‬
‫حكم المسح على الجوارب‬
‫اتفق الفقهاء على جواز املسح على اجلوربني إذا كانا جملدين أو منعلني واختلفوا يف اجلوربني العاديني‪.‬‬
‫فاجلمهور على عدم اجلواز؛ وروي عن إباحة املسح على اجلوربني عن بعض الصحابة ومنهم علي‪ ،‬وابن‬
‫مسعود وابن عمر وبالل‪ ،‬وأنس وبه قال مجاعة من مشاهري التابعني كعطاء واحلسن البصري وسعيد بن‬
‫املسيب والثوري‪.‬‬
‫وذهب احلنابلة إىل جواز املسح على اجلوربني بشرط‬
‫‪-‬أن يكون صفيفا ال يبدو منه شيء من القدم‪.‬‬
‫‪-‬أن ميكن متابعة املشي فيه‪ ،‬وأن يثبت بنفسه‪ ،‬بدليل ما روي من حديث املغرية بن شعبة أن الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم (توضأ ومسح على الجوربين والنعلين)‪ .‬رواه اخلمسة إال النسائي وصححه الرتمذي‬

‫‪47‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -2‬المسح على الجبيرة‬


‫الجبيرة‪ :‬هي ما يوضع على العضو املريض من رباط وجبس ودواء وحنوه ملنع وصول املاء أو الغبار أو‬
‫األقذار اليت تؤذي العضو فتزيد من مرضه أو تطيل وقت شفائه‪.‬‬
‫واملسح على اجلبرية هو إمرار اليد المبلولة على الجرح أو الجبيرة بأنواعها‪.‬‬
‫مشروعيته‬
‫املسح على اجلبائر جائز وهو من الرخص الشرعية وقد ثبتت مشروعيته بالسنة واملعقول‬
‫من السنة حديث علي بن أيب طالب قال ( انكسرت إحدى زندي‪ ،‬فسألت النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فأمرني أن أمسح على الجبائر) ابن ماجة‪.‬‬
‫ومن املعقول إن احلاجة تدعو إىل املسح على اجلبائر ألن يف نزعها حرجا وضررا‪.‬‬
‫شروط المسح على الجبيرة‪:‬‬
‫يشرتط لصحة املسح على اجلبرية ما يلي‬
‫‪-1‬اخلوف من وقوع مرض أو شدة ضرر كتعطيل منفعة من ذهاب مسع أو بصر أو تأخر الشفاء‪.‬‬
‫‪-2‬أن ال تتجاوز اجلبرية حمل احلاجة‪ ،‬فإن جتاوزت حمل اجلرح وكان حل اخلرقة وغسل ما حتتهما حوايل‬
‫اجلراحة مما يضر باجلرح جيوز املسح على اخلرقة الزائدة‪ .‬ويقوم املسح عليها مقام غسل ما حتتها‪.‬‬
‫والواجب عند اجلمهور املسح على اجلبرية كلها باملاء‪ ،‬وتعميمها باملسح‪ ،‬والواجب األصلي هو غسل أو‬
‫مسح احملل اجملروح مباشرة إن أمكن بال ضرر‪ ،‬فإن مل يستطع املسح عليه‪ ،‬مسح جبرية اجلرح‪ ،‬وهي اللزقة‬
‫اليت فيها الدواء الذي يوضع على اجلرح‪ ،‬وإال مسحت عصابته اليت تربط فوق اجلبرية ولو تعددت العصائب‬
‫فإنه ميسح عليها‪ .‬وله االستدامة يف املسح إىل الشفاء‪.‬‬
‫نواقض المسح على الجبيرة‬
‫يبطل املسح على اجلبرية ما يلي‬

‫‪48‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪-1‬يبطل املسح بنزع اجلبرية أوسقوطها للمداواة أو غريها‪ .‬فإذا صح غسل املوضع على الفور‪ ،‬وإن مل يصح‬
‫وب ّدهلا للمداواة أعاد املسح‪ ،‬وإن سقطت اجلبرية وهو يف الصالة بطلت الصالة وأعاد اجلبرية يف حملها وأعاد‬
‫املسح عليها إن مل يطل الفاصل‪ ،‬مث ابتدأ صالته‪ ،‬ألن طهارة املوضع قد انتقضت بظهوره‪.‬‬
‫‪-2‬وقوع احلدث باتفاق‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫الصالة وأحكامها‬
‫تعريف الصالة لغة‪ :‬أصل الصالة يف اللغة الدعاء‪ .‬قال اهلل عز وجل (ومن األعراب من يؤمن باهلل واليوم‬
‫اآلخر ويتخذ ما ينفق قربات عند اهلل وصلوات الرسول) التوبة‪ .99/‬أي دعاءه‪.‬‬
‫وقال تعاىل (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم) التوبة‪4/‬‬
‫أي ادع هلم إن دعواتك سكن هلم‪ .‬وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا جاءه الناس بصدقاهتم يدعو‬
‫هلم‪ .‬قال عبد اهلل بن أيب أوىف فجئت مع أيب بصدقته إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال (اللهم صل‬
‫على آل أبي أوفى )‪ .‬البخاري‬
‫وملا كانت الصالة على امليت دعاء له‪ ،‬مسيت صالة‪ ،‬وإن مل يكن فيها ركوع وال سجود‪ .‬قال اهلل عز‬
‫وجل (وَل تصل على أحد منهم مات أبدا وَل تقم على قبره) التوبة‪84/‬‬
‫تعريف الصالة اصطالحا‪ :‬هي أقوال وأفعال خمصوصة‪ ،‬تبدأ بالتكبري وختتتم بالتسليم‪.‬‬
‫حكمها ودليل مشروعيتها‬
‫الصالة ثاين ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬وفرض عني على كل مكلف‪ ،‬وقد شرعت يف السماء ليلة اإلسراء‪،‬‬
‫قبل اهلجرة بسنة‪.‬‬
‫وقد ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة وإمجاع األمة‪.‬‬
‫من الكتاب‪ :‬دلت آيات كثرية على مشروعية الصالة‪ ،‬منها‬
‫قوله تعاىل (وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة) البقرة‪109/‬‬
‫وقوله تعاىل (وما أمروا إَل ليعبدوا اهلل مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة)البينة‪5/‬‬
‫وقال تعاىل (إن الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) النساء‪103/‬‬
‫من السنة‪ :‬عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (بني اإلسالم على‬
‫خمس شهادة أن َل اله إَل اهلل وأن محمدا رسول اهلل‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪،‬‬
‫وحج البيت من استطاع إليه سبيال) متفق عليه‬

‫‪50‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫اإلجماع‪ :‬أمجع املسلمون على أن اهلل تعاىل فرض مخس صلوات يف اليوم والليلة‪ ،‬وال جيب من الصلوات‬
‫غري اخلمس‪ ،‬ملا روي عن عبادة بن الصامت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال (خمس صلوات‬
‫كتبهن اهلل عز وجل على العباد‪ ،‬فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن‪ ،‬كان له عند‬
‫اهلل عهد أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم يأت بهن فليس له عند اهلل عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله‬
‫الجنة) أخرجه مالك وأبو داود والنسائي‬
‫حكم تارك الصالة‬
‫من جحد فرض الصالة‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬يستتاب فان تاب‪ ،‬وإال قتل‪ ،‬وكان ماله للمسلمني كاملرتد إذا قتل على‬
‫ردته‪ ،‬بإمجاع من أهل العلم‪ ،‬ال اختالف بينهم فيه‪.‬‬
‫أما من أقر بفرضها‪ ،‬وتركها عمدا‪ ،‬من غري عذر فاختلف أهل العلم فيه على ثالثة أقوال‬
‫القول األول‪ :‬أنه كافر‪ ،‬ينتظر به آخر وقت الصالة‪ ،‬فإن صلى وإال قتل‪ ،‬وكان ماله جلميع املسلمني‬
‫كاملرتد‪ .‬روي هذا عن علي بن أيب طالب‪ .‬وعبد اهلل بن عباس‪ .‬وجابر بن عبد اهلل‪ ،‬وأيب الدرداء‪ .‬وهو قول‬
‫أمحد بن حنبل وإسحاق بن راهويه‪.‬‬
‫والوقت يف ذلك الظهر والعصر إىل غروب الشمس‪ ،‬والصبح إىل طلوع الشمس‪ ،‬واملغرب والعشاء إىل طلوع‬
‫الفجر‪.‬‬
‫قال اإلمام أمحد بن حنبل " ال يكفر أحد بذنب من أهل القبلة إال برتك الصالة عمدا"‬
‫واستدل القائلون بكفره حبديث جابر رضي اهلل عنه أنه قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (بين‬
‫‪1‬‬
‫الرجل وبين الكفر ترك الصالة)‬
‫وحديث بريدة‪ ،‬قال مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول (العهد الذي بيننا وبينهم الصالة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فمن تركها فقد كفر)‬

‫‪-1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪-2‬رواه الخمسة‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫ورد القائلون بعدم كفره‪ ،‬بأن الكفر هنا يطلق على تارك الصالة‪ ،‬ولكنه كفر ال خيلد صاحبه يف النار‪ ،‬بل‬
‫هو كفر دون كفر‪ ،‬وهو مثل قوله صلى اهلل عليه وسلم (سباب المسلم فسوق‪ ،‬وقتاله كفر)‪ .‬كما استدلوا‬
‫بقوله تعاىل (إن اهلل َل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء‪.48/‬‬
‫‪1‬‬
‫وحديث (من مات وهو يعلم أن َل اله إَل اهلل دخل الجنة)‬
‫القول الثاني‪ :‬من ترك الصالة وهو مقر بفرضها‪ ،‬فقد أتى عظيما من الكبائر‪ ،‬وال خيرجه ذلك من‬
‫اإلسالم‪ ،‬فيستتاب فإن تاب وإال قتل‪ ،‬وتؤكل ذبيحته‪ ،‬ويصلى عليه‪ ،‬ويورث ويناكح‪ .‬وهو قول مالك‬
‫والشافعي وأكثر أهل العلم‪.‬‬
‫ومل حيمل العلماء حديث (ليس بين العبد والكفر إَل ترك الصالة)‪ 2‬على كفر احلجة‪ ،‬واحتجوا حبديث‬
‫‪3‬‬
‫عبادة بن الصامت وفيه (أنه ليس له عند اهلل عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة)‪.‬‬
‫فلو كان كافرا حلرم اجلنة عليه‪ ،‬ألهنا حمرمة عليهم‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬من ترك الصالة فسقا وهتاونا‪ ،‬فانه يضرب ضربا مربحا‪ ،‬ويسجن حىت يتوب ويرجع‪ ،‬وال‬
‫يقتل‪ .‬وهو قول شهاب ومجاعة من سلف األمة‪ ،‬وهو مذهب أبو حنيفة وأصحابه‪ ،‬وبه قال داود ومن‬
‫اتبعه‪.‬‬
‫وحجتهم يف ذلك‪ ،‬قوله صلى اهلل عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا َل اله إَل اهلل فان‬
‫قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إَل بحقها) قالوا وقد ّبني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حقها ما‬
‫هو‪ ،‬فقال (َل يحل دم امرئ مسلم إَل بإحدى ثالث كفر بعد إيمان‪ ،‬أو زنا بعد إحصان‪ ،‬أو قتل‬
‫نفس بغير نفس)‪ 4‬وفيه دليل على عدم قتله‪.‬‬
‫أنواع الصلوات‪ :‬الصالة من معامل اإلسالم‪ ،‬وهي تنقسم إىل مخسة أقسام‬
‫‪ -1‬فرض عين‪ :‬الصلوات اخلمس‪.‬‬
‫‪ -2‬فرض كفاية‪ :‬الصالة على امليت‪ .‬وقيل أهنا سنة‪ ،‬وهو قول أصبغ‪.‬‬

‫‪-1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬النسائي‪.‬‬
‫‪ -3‬مسلم‪.‬‬
‫‪ -4‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -3‬سنة مؤكدة‪ :‬وهي صالة العيدين‪ ،‬الكسوف‪ ،‬اخلسوف‪ ،‬االستسقاء وصالة الوتر‪.‬‬
‫‪ -4‬سنة راتبة‪ :‬ركعتان قبل الظهر‪ ،‬وركعتان بعدها‪ ،‬وركعتان قبل العصر‪ ،‬وركعتان بعد املغرب‪ ،‬وركعتان بعد‬
‫العشاء‪ ،‬وركعتان قبل الفجر‪.‬‬
‫‪ -5‬التطوع‪ :‬وهو الصالة يف غري أوقات النهي‪ ،‬من غري حد يف ليل أو هنار‪ ،‬ومنه ركعيت الضحى‪،‬‬
‫واالستخارة ‪..‬‬
‫قال ابن رشد "اختلف أصحابنا يف الصفة اليت ألجلها تسمى النوافل سنة‪ ،‬فمنهم من ذهب إىل أنه ال‬
‫يسمى سنة إال ما أظهره النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومجع عليه أمته وشرع له اجلماعة‪ ،‬كصالة العيدين‬
‫واخلسوف واالستسقاء‪ .‬ومنهم من ذهب إىل أنه يسمى سنة ما كان مقدرا اليزاد عليه وال ينقص منه"‪.‬‬
‫شروط الصالة‪ :‬تنقسم شروط الصالة إىل ثالثة أقسام‬
‫أوَل‪ :‬شروط الوجوب‪ :‬وتتمثل يف‬
‫‪ -1‬البلوغ‪ :‬فال جتب على الصيب‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (رفع القلم عن ثالثة‪ ،‬عن النائم حتى‬
‫يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل)‪ .1‬وإذا قام هبا الصيب تصح منه‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم اإلكراه‪ :‬وقيل أن املكره جتب عليه إذا متكن من الطهارة‪ ،‬بأن جيريها على قلبه‪ ،‬إذ اإلكراه‪ .‬مبنزلة‬
‫املرض املسقط لبعض أركان الصالة وال يسقط به وجوهبا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط الصحة‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلسالم‪ ،‬فال تصح من الكافر‪.‬‬
‫‪ -2‬طهارة احلدث عند املقدرة على حتصيلها‪ ،‬والدليل على ذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم (َل يقبل اهلل‬
‫‪2‬‬
‫صالة بغير طهور)‬
‫‪ -3‬طهارة اخلبث‪.‬‬
‫‪ -4‬سرت العورة‪ ،‬وعورة الرجل املخاطب بسرتها يف الصالة‪ ،‬ما بني السرة والركبة‪.‬‬

‫‪ -1‬رواه أبو داود والترمذي‪.‬‬


‫‪ -2‬مسلم‬

‫‪53‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وعورة املرأة مجيع بدهنا‪ ،‬ما عدا الوجه والكفني‪.‬‬


‫‪ -5‬استقبال القبلة‪ ،‬ومن مل يستقبل القبلة وهو عامل هبا قادر عليها بطلت صالته‪ ،‬ومن صلى جمتهدا مث‬
‫انكشف له بعد الفراغ من صالته أنه صلى إىل غري القبلة‪ ،‬أعاد الصالة إن كان يف وقتها على وجه‬
‫االستحباب‪ ،‬وأما من تيامن أو تياسر قليال فال إعادة عليه يف وقت وال غريه‪.‬‬
‫وإن تبني للمصلي أثناء الصالة أنه قد احنرف احنرافا قليال من جهة القبلة‪ ،‬فيدير وجهه إىل الوجهة‬
‫الصحيحة‪ ،‬وال يقطع صالته لذلك‪ ،‬إال إذا احنرف كثريا‪ ،‬فانه يقطع صالته ويبتدؤها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬شروط الوجوب والصحة معا‬
‫‪ -1‬بلوغ دعوة النيب صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬العقل‪ ،‬فال تصح من اجملنون واملغمى عليه‪ ،‬وال جتب عليهما‪.‬‬
‫‪ -3‬دخول الوقت‪.‬‬
‫‪ -4‬القدرة على استعمال الطهور‪ ،‬فمن فقدمها أو عجز عن استعماهلما فال يلزمه أداء أو قضاء عند‬
‫مالك‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم النوم والغفلة‪.‬‬
‫‪ -6‬اخللو من احليض والنفاس‪.‬‬
‫أوقات الصالة‬
‫وقت الصالة‪ ،‬هو الزمن املقدر للصالة شرعا‪ .‬وال جتب الصالة‪ ،‬وال جتزئ قبل دخول الوقت‪ ،‬فإذا صلى‬
‫وهو غري عامل بدخول الوقت‪ ،‬فال جتزئه‪ ،‬وإن تبني أنه صالها يف وقتها‪.‬‬
‫ووقت الصالة إما‬
‫‪ -1‬اختياري‪ :‬ويكون فيه املكلف خمريا يف إيقاع الصالة يف أي جزء منه‪ ،‬وال يعد مقصرا أو مفرطا‪.‬‬
‫‪ -2‬ضروري‪ :‬وحيرم تأخري الصالة إليه‪ ،‬إال لعذر كما سيأيت بيانه‬

‫‪54‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫صالة الظهر‪ :‬ويبتدئ وقتها‪ ،‬حني تزول الشمس عن وسط السماء‪ ،‬لقوله تعاىل (وأقم الصالة لدلوك‬
‫الشمس) اإلسراء‪ . 78/‬وال يزال وقت الظهر قائما إىل أن يصري ظل كل شيء مثله‪ .‬وإذا كان كذلك خرج‬
‫وقت الظهر‪.‬‬
‫ويدل عليه حديث إمامة جربيل عليه السالم النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه صلى به الظهر يف اليوم األول‬
‫حني زالت الشمس‪ ،‬ويف اليوم الثاين حني كان الظل مثله‪ ،‬مث قال "الظهر بين هذين الوقتين"‪. 1‬ووقت‬
‫الظهر الضروري قبل مغيب الشمس ما يسع أربع ركعات‪.‬‬
‫صالة العصر‪ :‬ويبتدئ وقت العصر من بلوغ ظل كل شيء مثله‪ ،‬حلديث إمامة جربيل للنيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ .‬ومنه قوله صلى اهلل عليه وسلم‪( .‬ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثله) وميتد إىل أن يصري‬
‫ظل كل شيء مثليه وهو آخر وقتها حلديث إمامة جربيل عليه السالم (ثم صلى العصر حين كان ظل كل‬
‫شيء مثليه)‪.‬‬
‫واملشهور يف املذهب أن العصر مشاركة للظهر يف وقتها االختياري‪ ،‬وذلك ّبني يف حديث إمامة جربيل عليه‬
‫السالم‪ ،‬أنه صلى به الظهر يف اليوم الثاين‪ ،‬يف الوقت الذي صلى فيه العصر يف اليوم األول‪.‬‬
‫وصالة العصر‪ ،‬هي الصالة الوسطى عند أكثر أهل العلم‪ ،‬ملا جاء يف الصحيح عن علي رضي اهلل عنه‪،‬‬
‫قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوم األحزاب (شغلونا عن الصالة الوسطى‪ ،‬صالة العصر‪ ،‬مأل‬
‫‪2‬‬
‫اهلل بيوتهم وقبورهم نارا)‬
‫ووقتها الضروري من اصفرار الشمس إىل الغروب‪.‬‬
‫صالة المغرب‪ :‬ووقت املغرب هو غياب مجيع قرص الشمس‪ ،‬ودخول وقت الليل‪ ،‬وهذا املشهور من‬
‫مذهب مالك وأصحابه‪ ،‬ومجهور أهل املدينة ‪.‬‬
‫بدليل حديث سلمة بن األكوع قال (كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت‬
‫‪3‬‬
‫الشمس‪ ،‬وتوارت بالحجاب)‬

‫‪1‬أخرجه الترمذي وأبو داود واحمد‬


‫‪2‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪3‬أخرجه مسلم والترمذي‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫أما امتداد وقت املغرب ففيه قوالن‬


‫‪ -1‬ال امتداد لوقت املغرب‪ ،‬ويقدر بثالث ركعات بعد حتصيل شروطها من طهارة وسرت عورة وآذان‬
‫وإقامة‪ ،‬بدليل حديث إمامة جربيل املتقدم‪ .‬أنه صلى املغرب يف اليومني يف وقت واحد‪.‬‬
‫وكذلك إمجاع األمة على إقامتها يف سائر األمصار عند غروب الشمس ومل تؤخره عن ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬ميتد إىل مغيب الشفق‪ ،‬بدليل ما روي عن الرسول صلى اهلل عليه وسلم (فإذا صليتم المغرب فانه‬
‫وقت ما لم يغب الشفق)‪،1‬وهو ظاهر قول مالك يف موطئه‪.‬‬
‫وحلديث بريدة يف تعليم الرسول صلى اهلل عليه وسلم الرجل الذي سأله عن مواقيت الصالة‪ ،‬وجاء فيه (ثم‬
‫أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس في اليوم األول)‪ ،‬ويف اليوم الثاين (ثم أمره فأخر بالمغرب إلى‬
‫قبيل أن يغيب الشفق)‪.2‬‬
‫قال ابن رشد "حديث بريدة أوىل؛ ألنه كان باملدينة عند سؤال السائل له عن أوقات الصالة‪ ،‬وحديث‬
‫جربيل كان يف أول الفرض مبكة"‪.‬‬
‫إال أن أول الوقت أفضل‪ ،‬فحصل اإلمجاع يف املغرب على أن املبادرة هلا عند الغروب أفضل‪.‬‬
‫ووقت املغرب الضروري ميتد إىل قبيل طلوع الفجر مبقدار أربع ركعات‪.‬‬
‫صالة العشاء‪ :‬ويبتدئ وقت العشاء املختار من غياب الشفق األمحر‪ ،‬وميتد إىل ثلث الليل األول‪ .‬وقيل‬
‫نصفه ‪.‬‬
‫ودليله حديث إمامة جربيل‪ .‬ومنه (ثم صلى العشاء حين غاب الشفق)‪ ،‬وفيه أيضا (أن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم صلى العشاء في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل)‬
‫والدليل على أن آخر وقت العشاء هو نصف الليل‪ ،‬ما رواه عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أن النيب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم قال (وقت العشاء إلى نصف الليل)‪ .3‬ووقت العشاء الضروري من آخر الوقت‬
‫االختياري إىل الفجر‪.‬‬

‫‪1‬أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي‪.‬‬


‫‪2‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪3‬أخرجه مسلم‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫صالة الصبح‪ :‬يبتدئ وقت الصبح املختار‪ ،‬من طلوع الفجر الصادق‪ ،‬وينتهي إىل اإلسفار ّ‬
‫البني الذي‬
‫تظهر فيه الوجوه ظهورا بيّنا‪ ،‬وختتفي فيه النجوم‪ .‬وهو القول املشهور‪.‬‬
‫حلديث إمامة جربيل‪ ،‬وفيه (ثم صلى الصبح حين أسفرت األرض)‪ ،‬وقيل ينتهي وقتها إىل طلوع‬
‫الشمس‪ .‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (إذا صليتم الفجر فانه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس األول)‪.1‬‬
‫أما وقتها الضروري‪ ،‬فقيل ال وقت ضروري هلا‪ .‬وقيل إن وقتها الضروري من اإلسفار إىل طلوع الشمس‪.‬‬
‫أما أفضل أوقاهتا هو التغليس هبا‪ .‬حلديث عائشة (إن كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ليصلي‬
‫‪2‬‬
‫الصبح فتنصرف النساء متلفعات يمروطهن ما يعرفن من الغلس)‬
‫ولفظ (إن كان) ال يستعمل إال فيما يثابر عليه‪.‬‬
‫وما رواه بشري بن أيب مسعود عن أبيه قال (رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صلى الصبح مرة‬
‫بغلس‪ ،‬ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها‪ ،‬ثم كانت صالته بعد ذلك التغليس حتى مات)‪.‬‬

‫األذان واإلقامة وأحكامهما‬


‫أوَل‪ :‬األذان‬
‫األذان لغة‪ :‬اإلعالم بأي شيء‪ .‬لقوله تعاىل (وأذان من اهلل ورسوله إلى الناس) التوبة‪ .3/‬أي إعالم ‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬اإلعالم بدخول وقت الصالة‪ ،‬بألفاظ خمصوصة‪.‬‬
‫واألذان مبعناه الشرعي‪ ،‬ورد يف القرآن والسنة بلفظ النداء‪ ،‬كما يف قوله تعاىل (وإذا ناديتم إلى الصالة‬
‫اتخذوها هزوا ولعبا) املائدة‪.58 /‬‬
‫وقوله (إذا نودي للصالة من يوم الجمعة) اجلمعة‪.9/‬‬
‫حكمه‪ :‬سنة مؤكدة يف مساجد اجلماعات‪ ،‬ولو تالصقت املساجد‪ ،‬وكذا لكل مجاعة تطلب غريها لصالة‬
‫فرض‪.‬‬

‫‪1‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫دليل مشروعيته‬
‫حديث عبد اهلل بن زيد األنصاري الذي أري يف منامه صفة األذان‪ ،‬فأخرب به رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فألقاه على بالل وأمره به‪.‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (يا بالل قم فناد بالصالة)‪.‬‬
‫وال أذان إال للمكتوبات‪ ،‬وال يؤذن لنافلة‪ ،‬وال لصالة مسنونة‪ ،‬كالعيدين واالستسقاء‪ ،‬وال لصالة‬
‫الرتاويح‪ ،‬وال لصالة مكتوبة فائتة تقضى يف غري وقتها ‪ ،‬وال يؤذن لصالة قبل دخول وقتها إال الصبح‬
‫وحدها‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (إن بالَل ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وإلمجاع أهل املدينة وعملهم‬ ‫قال وكان ابن أم مكتوم رجال أعمى ال ينادي حىت يقال له أصبحت‬
‫املتصل على ذلك‪.‬‬
‫كما يندب األذان للمنفرد واجلماعة اليت ال تطلب غريها‪ ،‬يف السفر أو يف الفالة‪ ،‬إعالنا لشعار اإلسالم‪.‬‬
‫لقول أيب سعيد اخلدري لعبد الرمحان بن أيب صعصعة األنصاري (إني أراك تحب الغنم والبادية‪ ،‬فإذا‬
‫كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصالة‪ ،‬فارفع صوتك بالنداء‪ ،‬فإنه َل يسمع مدى صوت‬
‫المؤذن جن وَل إنس وَل شيء إَل شهد له يوم القيامة)‪ .‬قال أبو سعيد مسعته من رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫شروط صحة األذان‬
‫‪ -3‬البلوغ فال يصح من صيب إال إذا كان حبضرة الكبري‪ ،‬وإرشاده‪-4.‬‬ ‫‪ -2‬العقل‬ ‫‪ -1‬اإلسالم‬
‫دخول الوقت‪ ،‬فإن أذن قبل دخول وقت الصالة‪ .‬أعاد األذان إذا دخل الوقت‪.‬‬
‫مندوباته‬
‫‪ -1‬أن يكون طاهرا من احلدثني األصغر واألكرب‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون على مكان مرتفع‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يؤذن قائما إال لعذر‪.‬‬

‫‪ -1‬أخرجه مالك والشيخان‬

‫‪58‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -4‬استقبال القبلة‪ ،‬إال إلمساع الناس فيجوز االستدبار‪ ،‬ولكن يبتدئ األذان مستقبال القبلة‪.‬‬
‫‪ -5‬حكايته من قبل سامعيه‪ ،‬حلديث أيب سعيد اخلدري أنه قال (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول‬
‫المؤذن) مالك والشيخان‬
‫كيفية األذان‬
‫صفة األذان‪ ،‬أن يقول اهلل أكرب اهلل أكرب (مرتني بأعلى صوته)‪ ،‬مث يقول بصوت منخفض مسمعا‬
‫للحاضرين (ما يسمى بالرتجيع) أشهد أن ال اله إال اهلل مرتني‪ ،‬أشهد أن حممدا رسول اهلل ‪ .‬مرتني‪ ،‬مث يرفع‬
‫صوته بالشهادتني بأعلى صوته مساويا هبما التكبري يف رفع الصوت‪ ،‬قائال أشهد أن ال اله إال اهلل‪ ،‬أشهد‬
‫أن ال اله إال اهلل‪ .‬أشهد أن حممدا رسول اهلل ‪ ،‬أشهد أن حممدا رسول اهلل‪ ،‬مث يقول حي على الصالة‪ ،‬حي‬
‫على الصالة‪ ،‬حي على الفالح ‪ ،‬حي على الفالح‪ ،‬اهلل أكرب اهلل أكرب ال إله إال اهلل)‪.‬‬
‫وإن كان يف صالة الصبح‪ ،‬زاد بعد قوله (حي على الصالة)‪ ،‬الصالة خري من النوم مرتني ‪ .‬ويندب له أن‬
‫يصلي عل ى النيب صلى اهلل عليه وسلم قبل الدعاء‪ .‬حلديث عبد اهلل بن عمرو‪ ،‬أنه مسع النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يقول (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول‪ ،‬ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صالة صلى‬
‫اهلل بها عليه عشرا‪ ،‬ثم سلوا اهلل لي الوسيلة‪ ،‬فإنها منزلة في الجنة َل تنبغي إَل لعبد من عباد اهلل‪،‬‬
‫وأرجو ان أكون أنا هو‪ ،‬فمن سأل اهلل لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي) أخرجه مسلم‬
‫اإلقامة‬
‫اإلقامة سنة مؤكدة لكل صالة فرض‪ ،‬يف حق الذكر البالغ الذي يصلي وحده‪ ،‬والسنة ان يقيم واحد يف‬
‫اجلماعة‪ .‬وهي مندوبة يف حق املرأة‪ ،‬وتسر هبا كالصالة‪.‬‬
‫ودليل سنية اإلقامة‪ ،‬العمل النبوي املستمر‪ ،‬فقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يأمر من يقيم للصالة‪ ،‬بني‬
‫يدي كل صالة مفروضة‪ .‬وثبت عنه حىت يف الصلوات اجملموعة واملقضية‪.‬‬
‫الصدائي قال (ملا كان أول أذان الصبح‪ ،‬أمرين‪،‬‬
‫ويندب أن يكون املؤذن هو املقيم‪ ،‬حلديث زياد بن احلارث ّ‬
‫يعين رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول اهلل‪ ،‬فجعل ينظر إىل ناحية‬
‫إيل وقد تالحق أصحابه – يعين‬
‫املشرق إىل الفجر‪ ،‬فيقول ال‪ ،‬حىت إذا طلع الفجر‪ ،‬نزل فربز‪ ،‬مث انصرف ّ‬

‫‪59‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫فتوضأ‪ -‬فأراد بالل أن يقيم‪ ،‬فقال له نيب اهلل صلى اهلل عليه وسلم (إن أخا صداء هو أذن‪ ،‬ومن أذن فهو‬
‫يقيم)‪.1‬‬
‫وجيوز أن يتوىل اإلقامة غري من يتوىل األذان‪ ،‬حلديث عبد اهلل بن زيد‪ ،‬وفيه فقال النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم (ألقه على بالل‪ ،‬فألقاه عليه‪ ،‬فأذن بالل‪ ،‬فقال عبد اهلل‪ :‬أنا رأيته‪ ،‬وأنا كنت أريده‪ ،‬قال‪ :‬فأقم‬
‫‪2‬‬
‫أنت)‬
‫ولفظ اإلقامة مفردة‪ ،‬وال يثىن إال التكبري يف األول واألخري‪ ،‬ملا أخرجه الشيخان‪ ،‬عن أنس قال (أمر بالل‬
‫أن يشفع األذان ويوتر اإلقامة)‪.‬‬
‫وهو الثابت عن عمل أهل املدينة‪.‬‬
‫فائدة ‪:‬يستحب الدعاء بني األذان واإلقامة‪ ،‬ملا ورد يف ذلك من الفضل‪ ،‬فقد روى مالك عن سهل بن‬
‫وقل داع ترد عليه دعوته (حضرة النداء‬
‫سعد الساعدي‪ ،‬أنه قال ساعتان يفتح هلما أبواب السماء‪ّ ،‬‬
‫‪3‬‬
‫للصالة والصف في سبيل اهلل‪)...‬‬
‫‪4‬‬
‫وعن أنس قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (َل يرد الدعاء بين األذان واإلقامة)‬
‫فرائض الصالة‬
‫‪-1‬النية‪ :‬وتكون مقارنة لتكبرية اإلحرام‪ ،‬وإذا خالف املصلي لفظه نيته‪ ،‬فالعربة بالنية إن وقع ذلك سهوا‪.‬‬
‫‪ -2‬تكبيرة اإلحرام‪ :‬وهي فرض على كل مصل‪ ،‬ولو مأموما‪ ،‬فال يتحملها عنه اإلمام فرضا أو نفال‪ ،‬وهذا‬
‫عند اإلمام مالك ومجيع أصحابه‪ ،‬وأكثر أهل العلم‪ .‬ودليل وجوهبا ما روي عن علي بن أيب طالب قال‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (مفتاح الصالة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم)‪ 5‬وال‬
‫جتزئ إال بلفظ "اهلل أكرب"‪ ،‬ألنه مل يأت قط بلفظ سواه‪ .‬وال جتزئ أيضا مبرادفها بالعربية أو األعجمية‪ ،‬ألن‬
‫املطلوب لفظ التكبري مع معناه‪ ،‬فان عجز املصلي عن النطق هبا‪ ،‬سقطت ككل فرض عجز املصلي اإلتيان‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أبو داود والترمذي‪.‬‬
‫‪ -2‬أبو داود‪.‬‬
‫‪ -3‬أبو داود‬
‫‪ -4‬الترمذي‪ ،‬النسائي‪.‬‬
‫‪ -5‬أخرجه الترمذي‬

‫‪60‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫به‪ ،‬وإن قدر على اإلتيان ببعضها أيت به إن كان له معىن‪ ،‬سواء دل على ذات اهلل‪ ،‬كلفظ اجلاللة‪ ،‬أو على‬
‫صفة من صفاته‪ ،‬وإال فال جتزئ‪.‬‬
‫‪ -3‬القيام لتكبيرة اإلحرام‪ :‬للقادر‪ ،‬لقوله تعاىل (وقوموا هلل قانتين) البقرة‪.238/‬‬
‫وعن عمران بن حصني قال كانت يب بواسري‪ ،‬فسألت النيب صلى اهلل عليه وسلم عن الصالة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فقال (صل قائما‪ ،‬فإن لم تستطع فقاعدا‪ ،‬فإن لم تستطع فعلى جنب)‬
‫‪ -4‬قراءة الفاتحة‪ :‬جيب قراءة الفاحتة يف كل ركعة ‪،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (َل صالة لمن لم يقرأ‬
‫بفاتحة الكتاب)‪.‬‬
‫وجتب الفاحتة على اإلمام والفذ‪ ،‬سواء كانت الصالة فريضة أو نافلة‪ ،‬جهرية أو سرية‪ ،‬أما املأموم فيقرأ يف‬
‫الصالة السرية‪ ،‬وال يقرأ يف الصالة اجلهرية‪ ،‬لقوله تعاىل (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا)‬
‫األعراف‪.204/‬‬
‫وكان عبد اهلل بن عمر يقول "إذا صلى أحدكم خلف اإلمام فحسبه قراءة اإلمام‪ ،‬وإذا صلى وحده فليقرأ"‪.‬‬
‫‪ -5‬القيام لقراءة الفاتحة‪ :‬فإن احنىن‪ ،‬أو جلس حال قراءهتا‪ ،‬أو استند إىل شيء حبيث لو أزيل سقط‪،‬‬
‫بطلت صالته‪ ،‬أما من عجز عنه سقط‪.‬‬
‫‪ -6‬الركوع‪ :‬لقوله تعاىل (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم) احلج‪75/‬‬
‫وهيئة الركوع‪ ،‬أن ينحين حبيث يستوي ظهره وعنقه أفقيا‪ ،‬وأن ينصب ساقيه‪ ،‬وأن يضع يديه على ركبتيه‪،‬‬
‫ويستقر قائال "سبحان ريب العظيم" ثالث مرات‪ .‬ملا روي عن عبد اهلل بن مسعود‪ ،‬قال قال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم (إذا ركع أحدكم‪ ،‬فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم‪ ،‬ثالث مرات‪ ،‬تم ركوعه‪،‬‬
‫وذلك أدناه)‪.‬‬
‫‪ -7‬الرفع من الركوع‪ :‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (ثم اركع حتى تطمئن راكعا‪ ،‬ثم ارفع حتى تعتدل‬
‫قائما)‬
‫وإذا مل يرفع‪ ،‬ويطمئن رافعا‪ ،‬بطلت صالته إذا تعمد ذلك‪ ،‬وال بد أن يطمئن يف رفعه قدر تسبيحة‪.‬‬

‫‪ -1‬البخاري‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -8‬السجود‪ :‬لآلية السابقة‪ ،‬وقد ذكرت يف الركوع‪ .‬ولقوله صلى اهلل عليه وسلم (ثم اسجد حتى تطمئن‬
‫ساجدا)‪.‬‬
‫والواجب يف السجود وضع اجلبهة على األرض‪ ،‬ملا روي عن ابن عباس‪ ،‬قال قال رسول اهلل عليه‬
‫وسلم (أمرت أن أسجد على سبعه أعظم على الجبهة‪ ،‬وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين‬
‫وأطراف القدمين)‬
‫ومن ترك السجود على اجلبهة‪ ،‬بطلت صالته‪ ،‬إذا كانت لغري مانع‪ .‬ومن ترك السجود على األنف أعاد يف‬
‫الوقت مراعاة للقول بالوجوب‪.‬‬
‫وال بد من االطمئنان يف السجود مبقدار تسبيحة على األقل‪ ،‬وكذا يف اجللوس بني السجدتني‪.‬‬
‫‪ -9‬الجلوس بين السجدتين‪ :‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا‪ ،‬ثم ارفع حتى‬
‫تطمئن جالسا)‪.‬‬
‫وال بد من الطمأنينة فيه‪ ،‬واالعتدال‪ ،‬بأن تنتصب قامته جالسا‪ .‬وهيئة اجللوس‪ ،‬تكون بوضع الورك األيسر‬
‫على األرض‪ ،‬وينصب قدمه اليمىن وباطن إهبامه فيها إىل األرض‪ ،‬ويثين رجله اليسرى‪ .‬حيث خترج قدمه‬
‫اليسرى من حتت رجله اليمىن من جانبه األمين‪ ،‬وجيعل يديه على فخذيه قريبا من ركبتيه‪.‬‬
‫‪ -10‬الجلوس للسالم‪ :‬ويكون يف اجللسة األخرية قبل السالم‪ ،‬بقدر السالم‪ .‬أما ما كان بقدر التشهد‬
‫فهو سنة‪.‬‬
‫‪ -11‬السالم‪ :‬وصيغته "السالم عليكم"‪ ،‬معرفا باأللف والالم‪ .‬وتأخري عليكم‪ ،‬وال جيزئ خالفه‪ ،‬وال جيزئ‬
‫الفصل بينهما وبني عليكم‪.‬‬
‫ودليله‪ ،‬ما روي عن علي بن أيب طالب قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (مفتاح الصالة الطهور‬
‫‪1‬‬
‫وتحريمها التكبير‪ ،‬وتحليلها التسليم)‬

‫‪ -1‬النسائي‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وما روي عن عبد اهلل بن عمر حني سئل عن صالة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال (اهلل أكبر كلما‬
‫وضع‪ ،‬اهلل أكبر كلما رفع‪ ،‬ثم يقول السالم عليكم ورحمة اهلل عن يمينه‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة اهلل‬
‫‪1‬‬
‫عن يساره)‬
‫‪ -12‬الطمأنينة‪ :‬وهي استقرار األعضاء أثناء تأدية األركان‪ ،‬كالركوع والسجود والرفع منهما‪ ،‬استقرارا تاما‪.‬‬
‫‪ -13‬اَلعتدال‪ :‬وذلك أثناء القيام واجللوس‪ ،‬وبعد الرفع من الركوع‪ ،‬والسجود‪ ،‬وحال السالم‪ ،‬لقوله صلى‬
‫اهلل عليه وسلم للذي صلى ومل يعتدل يف صالته (ارجع فصل فإنك لم تصل)‪.2‬‬
‫‪ -14‬ترتيب الفرائض‪ :‬فيأيت املصلي بالنية قبل اإلحرام‪ ،‬واإلحرام قبل القراءة‪ ،‬والقراءة قبل الركوع‪ ،...‬ألن‬

‫اهلل تعاىل قال (وأقيموا الصالة)‪ّ .‬‬


‫وبني النيب صلى اهلل عليه وسلم صفة فعلها قوال وعمال‪ ،‬فلو عكس أحد‬
‫صالته فبدأ باجللوس قبل القيام‪ ،‬وبالسجود قبل الركوع‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬مل جتزه صالته بإمجاع‪.‬‬
‫سنن الصالة‬
‫‪ -1‬قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاحتة‪ ،‬ولو آية سواء كانت طويلة أو قصرية‪ ،‬ويسن ذلك يف الركعة‬
‫األوىل والثانية لإلمام واملنفرد‪ ،‬وذلك يف الفرض‪ ،‬روي عن أيب قتادة أن النيب صلى اهلل عليه وسلم (كان‬
‫‪3‬‬
‫يقرأ في الظهر في األوليين بأم الكتاب وسورتين‪ ،‬وفي الركعتين األخريين بأم الكتاب)‬
‫‪ -2‬القيام هلا‪ ،‬وال تبطل إذا كان مستندا‪.‬‬
‫‪ -3‬اجلهر يف صالة الصبح واجلمعة‪ ،‬وأوليت املغرب والعشاء‪ .‬وأقل اجلهر‪ ،‬أن يسمع املصلي نفسه ومن يليه‪،‬‬
‫وال حد ألعاله ما مل يتفاحش‪ ،‬وجهر املرأة‪ ،‬أن تسمع نفسها‪.‬‬
‫‪-4‬السر يف الظهر والعصر‪ ،‬وأخرية املغرب‪ ،‬وأخرييت املغرب والعشاء‪ .‬وأقل السر‪ ،‬حركة اللسان والشفتني‪،‬‬
‫وأعاله أن يسمع نفسه‪.‬‬
‫وهذه السنن األربعة خاصة بصالة الفريضة‪.‬‬
‫‪ - 5‬كل تكبريه ما عدا تكبرية اإلحرام‪ ،‬بدليل ما روي عن أيب سلمة بن عبد الرمحان بن عوف أن أبا هريرة‬

‫‪ -1‬الترمذي‪.‬‬
‫‪2‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫‪3‬أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫كان يصلي هلم‪ ،‬فيكرب كلما خفض ورفع‪ ،‬فإذا انصرف‪ ،‬قال (واهلل إني ألشبهكم بصالة رسول اهلل صلى‬
‫‪1‬‬
‫اهلل عليه وسلم)‬
‫‪ -6‬التسميع‪ ،‬وهو قول املصلي مسع اهلل ملن محده‪ .‬وتسن لإلمام واملنفرد‪ ،‬أما املأموم فال تسن يف حقه‪ ،‬بل‬
‫يكره له قوهلا‪ ،‬وال يقول‪ ،‬اإلمام ربنا ولك احلمد‪ ،‬أما املنفرد فيجمع بينهما‪.‬‬
‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال (إذا قال اإلمام سمع اهلل لمن حمد‪،‬‬
‫فقولوا‪ :‬اللهم ربنا لك الحمد‪ ،‬فإنه من وافق قوله قول المالئكة غفر له ما تقدم من ذنبه)‪.2‬‬
‫‪ -7‬التشهد األول واألخري‪.‬‬
‫‪ -8‬اجللوس للتشهد‪ ،‬واجللوس مجيعه سنة إال ما يقع فيه السالم فهو فرض‪.‬‬
‫‪ -9‬الصالة على النيب صلى اهلل عليه وسلم بعد التشهد األخري‪.‬‬
‫‪ -10‬السجود على صدور القدمني‪ ،‬وعلى الركبتني‪ ،‬والكفني‪.‬‬
‫‪ -11‬رد املقتدي السالم على إمامه‪ ،‬وعلى من بيساره إن وجد‪ .‬وجيزئ يف سالم الرد‪ .‬سالم عليكم أو‬
‫عليكم السالم‪.‬‬
‫‪ -12‬الزائد على الطمأنينة الواجبة‪.‬‬
‫‪ -13‬اجلهر بتسليمة التحليل دون تسليمة الرد‪ ،‬سواء لإلمام أو املأموم‪.‬‬
‫‪ -14‬اإلنصات لإلمام فيما جيهر به‪ ،‬لقوله تعاىل (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم‬
‫ترحمون)األعراف‪204/‬‬
‫مندوبات الصالة‬
‫‪ -1‬نية األداء يف الصالة احلاضرة‪ ،‬ونية القضاء يف الفائتة‪.‬‬
‫‪ -2‬رفع اليدين حذو املنكبني عند تكبرية اإلحرام‪ ،‬ظهورمها للسماء‪ ،‬وباطنهما لألرض‪.‬‬
‫‪ -3‬إكمال السورة بعد الفاحتة‪ ،‬فال يقتصر على بعض منها‪ ،‬وعلى آية أو أكثر‪ .‬فالسورة ولو قصرية أفضل‬
‫من بعض سورة ولو كثر‪.‬‬

‫‪1‬أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ‪.‬‬


‫‪2‬أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -4‬تطويل القراءة يف الصبح‪ ،‬ويليها الظهر يف التطويل‪ ،‬وال يندب التطويل إال لفذ وإمام‪ ،‬جلماعة معينني‬
‫طلبوه‪ ،‬وإال فالتقصري يف حقه أفضل‪ ،‬ألن الناس قد يكون فيهم الضعيف‪ ،‬وذو احلاجة فيضرهم التطويل‪.‬‬
‫‪ -5‬قراءة املأموم خلف اإلمام يف الصالة السرية وأخرية املغرب وأخرييت العشاء‪.‬‬
‫‪ -6‬تأمني الفرد واملأموم يف السر واجلهر‪ ،‬ويؤمن اإلمام يف السر فقط‪ ،‬ويندب اإلسرار بالتأمني‪ .‬لقوله صلى‬
‫اهلل عليه وسلم (إذا أمن اإلمام فأمنوا‪ ،‬فإنه من وافق تأمينه تأمين المالئكة غفر له ما تقدم من ذنبه)‪.1‬‬
‫‪ -7‬التسبيح يف الركوع والسجود‪.‬‬
‫‪ -8‬قول ربنا ولك احلمد للمقتدي والفذ‪ ،‬حال القيام من الركوع‪.‬‬
‫‪ -9‬القنوت يف صالة الصبح‪ ،‬وحمله بعد القراءة وقبل الركوع من الركعة الثانية أو بعده‪.‬‬
‫‪ -10‬الدعاء مبا حيب املصلي قبل السالم‪ ،‬وبعد الصالة على النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬لقوله‬
‫صلى اهلل عليه وسلم (‪ ...‬ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)‪.2‬‬
‫ويندب تعميم الدعاء‪ ،‬ألن التعميم أقرب لإلجابة‪.‬‬
‫‪ -11‬السرتة لإلمام واملنفرد‪ ،‬إن خشيا مرورا مبحل سجودمها فقط‪ ،‬عن طلحة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم قال (إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل (الخشبة التي يستند إليها الراكب) فليصل‬
‫وَل يبالي من مر وراء ذلك)‪.3‬‬
‫ويأمث املار بني يدي املصلي‪ ،‬عن أيب جهيم قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (لو يعلم المار بين‬
‫يدي المصلي ماذا عليه‪ ،‬لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه)‪.4‬‬
‫قال أبو النضر ال ادري أقال أربعني يوما أو شهر أو سنة‪.‬‬
‫وتكون السرتة بشيء طاهر‪ ،‬وأقلها ما كان يف غلظ رمح‪ ،‬وطول الذراع‪.‬‬
‫‪ -12‬ختم الصالة باألذكار واالستغفار والدعاء والتسبيح‪.‬‬
‫‪ -13‬وضع اليدين على الركبتني دون احننائهما يف الركوع ومتكينهما منهما‪.‬‬

‫‪1‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪2‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪3‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪4‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -14‬تسوية الظهر عند الركوع‪.‬‬


‫‪ -15‬تقدمي اليدين على الركبتني حال االحنطاط للسجود‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم (إذا سجد أحدكم‬
‫فال يبرك كما يبرك البعير‪ ،‬وليضع يديه قبل ركبتيه)‪ 1‬وتأخريمها عن الركبتني عند القيام للقراءة‪.‬‬
‫‪ -17‬أن تكون العجيزة أرفع من الرأس يف السجود‪.‬‬
‫‪ -18‬الدعاء يف السجود مبا يتعلق بأمور الدين والدنيا‪.‬‬
‫‪ -19‬جعل الرجل اليسرى يف اجللوس على األلية يف األرض‪ ،‬وقدم اليسرى يف جهة الرجل اليمىن‪ ،‬ونصب‬
‫قدم اليمىن على اليسرى‪ ،‬وباطن إهبام اليمىن على األرض‪ ،‬ورجح مالك ذلك لعمل أهل املدينة‪.‬‬
‫‪ -20‬عقد ما عدا السبابة واإلهبام من اليد اليمىن حال التشهد‪ ،‬مع مد السبابة جبنب اإلهبام‪.‬‬
‫مكروهات الصالة‬
‫‪ -1‬التعوذ والبسملة‪.‬‬
‫‪ -2‬الدعاء يف الركوع‪.‬‬
‫‪ -3‬دعاء املأموم بعد سالم اإلمام‪.‬‬
‫‪ -4‬اجلهر بالدعاء املطلوب يف الصالة‪ ،‬يف السجود وغريه‪.‬‬
‫‪ -5‬تكرار السورة يف الركعتني‪ ،‬وقراءة سورتني يف ركعة‪ ،‬خبالف النفل‪.‬‬
‫‪ -6‬السجود على ما يلبسه املصلي‪ ،‬إال لضرورة‪.‬‬
‫‪ -7‬االلتفات يف الصالة بال حاجة مهمة‪.‬‬
‫‪ -8‬تشبيك األصابع‪ ،‬وفرقعتها ملنافاة اخلشوع واألدب‪.‬‬
‫‪ -9‬اإلقعاء (اجللوس على صدور القدمني وأليتاه على عقبيه)‬
‫‪ -10‬العبث باللحية أو بغريها‪.‬‬
‫‪ -11‬التخصر‪ ،‬وهو وضع اليد على اخلصر‪.‬‬
‫‪ -12‬تغميض العينني‪.‬‬

‫‪1‬رواه أبو داود والنسائي والترمذي‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -13‬رفع رجل على األرض واالعتماد على األخرى‪ ،‬إال لضرورة‪.‬‬


‫‪ -14‬التفكر يف أمر دنيوي حبيث مل يشغله عن الصالة‪.‬‬
‫‪ -15‬اإلشارة للرد بالرأس أو اليد على مشمت‪ ،‬أما الرد بالكالم فمبطل‪ ،‬وجيوز اإلشارة للرد بالسالم‪.‬‬
‫‪ -16‬حك اجلسد لغري ضرورة‪.‬‬
‫‪ -17‬التبسم القليل‪.‬‬
‫‪ -18‬قراءة سورة يف الركعتني أو ثالثة املغرب‪.‬‬
‫مبطالت الصالة‬
‫‪ -1‬إبطال النية‪ ،‬وإلغاء ما فعله من الصالة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعمد ترك ركن من أركان الصالة‪.‬‬
‫‪ -3‬تعمد زيادة ركن فعلي كالركوع والسجود‪.‬‬
‫‪ -4‬تعمد زيادة تشهد بعد الركعة األوىل أو الثالثة‪.‬‬
‫‪ -5‬تعمد األكل والشرب‪ 1‬والكالم‪ .‬حلديث معاوية بن احلكم السلمي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪2‬‬
‫قال (إن هذه الصالة َل يصلح فيها شيء من كالم الناس‪ ،‬إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)‬
‫‪ -6‬تعمد القيء ولو قل‪ ،‬ولو كان طاهرا‪.‬‬
‫‪ -7‬تعمد السالم حال الشك يف إمتام الصالة‪.‬‬
‫‪ -8‬طروء ناقض للوضوء‪ ،‬أو تذكر ناقض يف الصالة‪.‬‬
‫‪ -9‬تعمد النفخ بالفم؛ الن النفخ يشبه الكالم‪ ،‬بل هو كالم لرتكبه من ألف وفاء‪ .‬واهلل تعاىل يقول (وَل‬
‫تقل لهما أف) اإلسراء‪.23/‬‬
‫فسماه قوال‪ ،‬وروي عن ابن عباس انه قال "النفخ يف الصالة كالم"‬
‫‪ -10‬القهقهة عمدا أو سهوا‪ ،‬فإهنا تبطل الصالة‪.‬‬

‫‪ -1‬حكى ابن المنذر اإل جماع على بطالنها باألكل والشرب‪ ،‬فقال‪ :‬أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم‪ ،‬أن من أكل أو شرب في صالة الفرض عامدا أن‬
‫عليه اإلعادة‪.‬‬
‫‪2‬أخرجه الترمذي‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وعاود الدخول مع اإلمام لئال يفوته الوقت‪.‬‬


‫‪ -11‬الفعل الكثري يف الصالة‪ ،‬ولو سهوا‪.‬‬
‫‪ -12‬طروء ما يشغل عن فرض من فرائض الصالة‪ ،‬كشدة حقن أو غثيان‪ ..‬وعليه اإلعادة أبدا‪.‬‬
‫‪ -13‬تذكر أوىل احلاضرتني يف الصالة الثانية‪ ،‬كأن يتذكر يف صالة العصر أن عليه الظهر‪ ،‬ألن ترتيب‬
‫احلاضرتني شرط‪.‬‬
‫‪ -14‬زيادة أربع ركعات سهوا يف الرباعية والثالثية وركعتني يف الثنائية‪.‬‬
‫‪ -15‬سجود املسبوق مع إمامه للسهو‪ ،‬سواء كان السجود قبليا أم بعديا‪ ،‬إن مل يدرك معه ركعة‪.‬‬
‫‪ -16‬اإلتيان بسجود السهو القبلي من أجل ترك سنة خفيفة‪.‬‬
‫‪ -17‬استدبار القبلة‪.‬‬
‫ما َل يبطل الصالة‬
‫‪ -1‬اإلنصات ملن خيربه خبرب وهو يف الصالة إذا قل‪ ،‬أما إذا كثر فتبطل‪.‬‬
‫‪ -2‬قتل املؤذيات كعقرب وحية‪ ،‬ملا روي عن أيب هريرة قال (أمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قتل‬
‫األسودين في الصالة‪ ،‬الحية والعقرب)‪.1‬‬
‫‪ -3‬اإلشارة بعضو حلاجة‪.‬‬
‫‪ -4‬العمل اليسري‪ ،‬كاملشي لسد فرجة أو إصالح رداء‪.‬‬
‫‪ -5‬األنني من أجل وجع إن قل‪ ،‬وإال بطلت الصالة‪ ،‬وكذلك البكاء خشوعا‪ ،‬وإال فال‪.‬‬
‫‪ -6‬التنحنح ولو لغري حاجة‪.‬‬
‫‪ -7‬سد الفم لتثاؤب‪.‬‬
‫‪ -8‬النفث يف ثوب أو غريه‪ ،‬وبدون صوت (المتالء الفم بالبصاق)‪.‬‬
‫‪ -9‬بلع ما بني األسنان من طعام‪.‬‬
‫صفة صالة المريض‬

‫‪-1‬أخرجه الترمذي‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫ال جيوز ألحد أن يصلي فريضة جالسا‪ ،‬وهو يقدر فيها على القيام‪ ،‬ولو مستندا لشيء‪ ،‬ومن مل يستطع‬
‫القيام يف الصالة‪ ،‬صلى مرتبعا‪ ،‬وذلك يف حالة تكبرية اإلحرام‪ ،‬والقراءة والركوع‪ ،‬مث يركع ويسجد على قدر‬
‫طاقته‪ ،‬فإن مل يقدر على ذلك أومأ‪ ،‬وجعل السجود أخفض من الركوع‪ .‬وال يرفع إىل جبهته شيئا يسجد‬
‫عليه من وسادة وحنوها‪ ،‬حلديث جابر أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال ملريض صلى على وسادة‪ ،‬فرمى‬
‫هبا‪ ،‬وقال‪(:‬صل على األرض إن استطعت‪ ،‬وإَل فأوم إيماء‪ ،‬واجعل سجودك أخفض من ركوعك)‬
‫البيهقي‪.‬‬
‫وما رواه مالك يف املوطأ عن ابن عمر‪ ،‬أنه كان يقول‪( :‬إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه‬
‫إيماء‪ ،‬ولم يرفع إلى جبهته شيئا)‬
‫ويثين رجله إذا أومأ للسجود‪ ،‬وإذا جلس للتشهد‪ ،‬جلس كما جيلس الصحيح إن قدر‪ ،‬وكذا جلوسه بني‬
‫السجدتني‪ ،‬وأنه يسقط عنه ما مل يقدر على عمله‪ ،‬ويصلي على ما ميكنه وال إعادة عليه‪.‬‬
‫وإذا مل يقدر على اجللوس‪ ،‬اضطجع على جنبه األمين مصليا باإلمياء ووجهه إىل القبلة‪ ،‬وإال فعلى جنبه‬
‫األيسر فان مل يستطع‪ ،‬فعلى ظهره ورجاله إىل القبلة‪ ،‬وان مل يستطع استلقى على بطنه ورأسه إىل القبلة‪.‬‬
‫عن عمران بن حصني‪ ،‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال له (صل قائما‪ ،‬فإن لم تستطع فقاعدا‪ ،‬فإن لم‬
‫تستطع فعلى جنب) أخرجه البخاري‪.‬‬
‫ويف رواية للنسائي‪(:‬فان لم تستطع فمستلقيا‪َ ،‬ل يكلف اهلل نفسا إَل وسعها)‪.‬‬
‫ومن كان قادرا على القيام‪ ،‬وعاجزا عن االحنناء للركوع والسجود‪ ،‬صلى واقفا‪ ،‬وأومأ للركوع والسجود‪،‬‬
‫وخيفض إمياء سجوده على إمياء ركوعه‪ ،‬وإن قدر املريض على مجيع أركان الصالة إال أنه إن سجد ال يقدر‬
‫على معاودة القيام مرة أخرى‪ ،‬صلى ركعة من قيام وأمت بقية صالته من جلوس‪ ،‬ومن عجز عن مجيع أركان‬
‫الصالة‪ ،‬أتى بالنية‪ ،‬بأن ينوي دخوله يف الصالة‪ ،‬ويستحضرها بقلبه‪.‬‬
‫ويصلي الصلوات يف أوقاهتا‪ ،‬فان عجز عن ذلك وخاف أن يغلب على عقله‪ ،‬أو يشتد حاله‪ ،‬جاز له‬
‫اجلمع بني الصالتني على سنة اجلمع للمسافر‪ ،‬يقدم أو يؤخر اليت خياف الغلبة يف وقتها‪ .‬وكذلك لو شق‬
‫عليه الوضوء‪ ،‬ألنه أعذر من املسافر‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫فقد أخرج مسلم من حديث سعيد بن جبري عن ابن عباس‪ ،‬قال‪(:‬صلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫الظهر والعصر جميعا‪ ،‬والمغرب والعشاء جميعا‪ ،‬في غير خوف وَل سفر)‪ .‬قال سعيد‪ :‬فقلت َلبن‬
‫عباس‪ :‬ما حمله على ذلك؟ قال‪ :‬أراد أن َل يحرج أمته‪ .‬وفي رواية‪(:‬في غير خوف وَل مطر)‬
‫قال مالك في المدونة‪" :‬املريض إذا كان أرفق به أن جيمع بني الصلوات‪ ،‬مجع بني الظهر والعصر يف وسط‬
‫وقت الظهر‪ ،‬إال أن خياف أن يغلب على عقله‪ ،‬فيجمع قبل ذلك بعد الزوال‪ ،‬وجيمع بني املغرب والعشاء‪،‬‬
‫إال أن خياف أن يغلب على عقله‪ ،‬فيجمع قبل ذلك عندما تغيب الشمس"‬

‫صالة القصر والجمع‬


‫أوَل‪ :‬صالة القصر‬
‫القصر هو صالة الرباعية اثنتني‪ ،‬وهو رخصة من اهلل تعاىل لعباده ختفيفا عليهم‪ ،‬ورمحة هبم‪.‬‬
‫حكمه ودليل مشروعيته‬
‫القصر سنة مؤكدة عند املالكية‪ 1‬على املشهور من مذهبهم‪ .‬لفعل النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فإنه مل يصح‬
‫عنه يف أسفاره أنه أمت الصالة قط‪ .‬والرجال والنساء يف ذلك سواء‪.‬‬
‫وقد ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫من الكتاب‪ ،‬قوله تعاىل (وإذا ضربتم في األرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة إن خفتم‬
‫أن يفتنكم الذين كفروا) النساء‪.101/‬‬
‫ومن السنة‪ ،‬ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر‪ .‬قال "صحبت النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فكان َل‬
‫يزيد في السفر على ركعتين وأبا بكر وعثمان كذلك"‪.‬‬
‫وهذا احلديث دليل على تأكيد سنة القصر‪ ،‬حىت كأهنا أشبه بالواجب منها بالسنة‪ ،‬والقول بالوجوب‬
‫هو إحدى الروايتني يف املذهب‪ ،‬رواها أشهب‪ .‬واختاره ابن شعبان وابن سحنون وابن المواز‪.‬‬
‫سببه‬
‫‪-2‬قال الشافعية والحنابلة القصر رخصة على سبيل التخيير‪ ،‬والقصر أفضل من اإلتمام عند الحنابلة‪ ،‬مطلقا‪ ،‬ألن النبي صلى هللا عليه وسلم واضب عليه‬
‫وكذا الخلفاء الراشدين من بعده‪ ،‬وذهب الحنفية إلى أن القصر واجب‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫سبب القصر هو السفر الطويل‪ ،‬وهو مسافة أربعة برد‪ .‬والربيد أربعة فراسخ‪ ،‬والفرسخ ثالثة أميال‪ ،‬وامليل‬
‫‪ 3500‬ذراع على الصحيح وقيل ‪ 2000‬ذراع‪ .‬والذراع ‪ 46.2‬سم‪ .‬وامليل ‪ 1.848‬كم‪ .‬والعربة‬
‫باملسافة ال بالزمن‪.‬‬
‫روى مالك أن ابن عمر كان يقصر الصالة يف مسرية اليوم التام‪ .‬قال ابن عبد الرب مسرية اليوم التام بالسري‬
‫احلثيث هي أربعة برد أو حنوها‪ .‬واختلف يف حد اليوم التام‪ ،‬فقيل ‪ 48‬ميال‪ ،‬وقيل مخسه وأربعون ميال وقيل‬
‫أربعون ميال‪ ،‬فإن قصر فيما دون الثمانية واألربعني ميال‪ ،‬فال إعادة عليه فيما بينه وبني األربعني ميال‪ ،‬فإن‬
‫قصر فيما دون األربعني فقيل يعيد يف الوقت‪ ،‬وقيل ال إعادة عليه فيما بينه وبني ستة وثالثني ميال‪ ،‬فإن‬
‫قصر فيما دون ستة وثالثني ميال أعاد يف الوقت وبعده‪.‬‬
‫وتكفي نية القصر يف أول صالة يقصرها املسافر‪ ،‬وال يلزمه جتديد النية فيما تبقى من الصلوات‪.‬‬
‫شروط القصر‪ :‬اشرتط الفقهاء لصحة قصر الصالة ما يلي‬
‫‪ -1‬أن يكون السفر مباحا‪ ،‬فالعاصي بسفره كقاطع الطريق‪ ،‬والعاق لوالديه بسفره‪ ،‬حيرم عليه القصر إال إذا‬
‫تاب‪ ،‬وبقيت مسافة القصر املعتربة بعد توبته‪.‬‬
‫‪ -2‬العزم على قطع املسافة اليت يسن فيها القصر دفعة واحدة من غري تردد‪ ،‬فال يقصر اهلائم على وجهه‪،‬‬
‫وال الراعي‪.‬‬
‫‪ -3‬أن جياوز البلد وما يتصل به من البناءات والبساتني واملزارع امللحقة ببلدته‪.‬‬
‫وينتهي قصر الصالة‪ ،‬ويكمل املصلي صالته عند وصوله إىل مثل هذا املكان عند عودته اىل بلده‪.‬‬
‫‪-4‬أن ال يعزم يف سفره على إقامة أربعة أيام بلياليها‪.‬‬
‫وإذا دخل بلده وعليه صالة رباعية قد خرج وقتها ومل يصلها قضاها مقصورة‪.‬‬
‫قطع القصر‬
‫‪ -1‬مينع القصر نية إقامة أربعة أيام تامة‪( .‬وتقدر بوجوب عشرين صالة يف إقامته)‪ .‬فلو أقام‬
‫أربعة أيام تامة‪ ،‬وكان عارفا أنه سوف خيرج بعد غروب الشمس من اليوم الرابع فإنه يقصر حال إقامته‪.‬‬
‫لعدم وجوب عشرين صالة عليه‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫روى مالك عن عطاء اخلراساين أنه مسع سعيد بن املسيب قال "من أمجع إقامة أربع ليال وهو مسافر ّأمت‬
‫الصالة"‪.‬‬
‫قال مالك "وذلك أحب ما مسعت إيل"‬
‫‪ -2‬إذا نزل ببلدة لقضاء حاجة يظن أهنا تقضى قبل أربعة أيام‪ ،‬أما إذا نزل ببلدة حلاجة ال يدري مىت‬
‫يقضيها‪ ،‬فإنه يقصر ما دامت حاجته حتبسه‪ .‬حلديث عمران بن حصني‪ ،‬قال غزوت مع النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وشهدت معه الفتح‪ ،‬فأقام مبكة مثاين عشرة ليلة ال يصلي إال ركعتني‪ ،‬يقول (يا أهل البلد‬
‫صلوا أربعا فإنا قوم سفر)‪،1‬وفيه دليل على أنه مل ينو إقامة‪.‬‬
‫وما أخرجه مالك‪ ،‬أن عبد اهلل بن عمر كان يقول "أصلي صالة املسافر ما مل أمجع مكثا‪ ،‬وإن حبسين‬
‫ذلك اثنيت عشرة ليلة"‪.‬‬
‫وقال الرتمذي "أمجع أهل العلم على أن املسافر يقصر ما مل جيمع إقامة وإن أتى عليه سنون"‪.‬‬
‫‪ -3‬مالزمة صفة السفر لضرورة العمل‪ ،‬كاملالح بسفينته تذهب إىل أماكن بعيدة‪ ،‬ألهنا قد أصبحت يف‬
‫حكم بيته وموضع إقامته‪ .‬خبالف العسكر املرتبص على جبهة القتال إذا كان يتوقع العدو من حني إىل‬
‫آخر‪ ،‬فإهنم يقصرون الصالة‪ ،‬ولو علموا من أول األمر أهنم يقيمون باملكان أربعة أيام فأكثر‪ ،‬ألهنا حالة‬
‫خوف ال ميلك العسكر دفعها‪ ،‬قال تعاىل (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة إن خفتم أن‬
‫يفتنكم الذين كفروا) وقد أقام النيب صلى اهلل عليه وسلم يف حصار الطائف سبعة عشر يوما‪ ،‬وبتبوك‬
‫عشرين يوما‪ .‬يقصر الصالة‪.‬‬
‫‪ -4‬أن مير املسافر مبوطن يكون له حمل إقامة‪.‬‬
‫إمامة المسافر للمقيم‬
‫جيوز ملن يصلي ركعتني قصرا‪ ،‬أن يكون إماما للمقيم الذي يصلي أربع ركعات‪ ،‬وإذا سلم اإلمام املسافر‪،‬‬
‫قام املأموم فأمت صالته‪ ،‬ملا جاء يف املوطأ (أن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه لما قدم مكة صلى بهم‬
‫ركعتين‪ ،‬ثم انصرف‪ ،‬فقال‪ :‬يا أهل مكة أتموا صالتكم‪ ،‬فإنا قوم سفر)‪.2‬‬

‫‪1‬أخرجه أبو داود‪.‬‬


‫‪2‬الموطأ‬

‫‪72‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وكذلك جيوز للمقيم أن يكون إماما للمسافر‪ .‬ويتعني على املسافر أن يصلي مع اإلمام أربع ركعات‪ ،‬ملا‬
‫روي أن عبد اهلل بن عمر كان يصلي وراء اإلمام مبىن أربعا‪ ،‬فإن صلى لنفسه صلى ركعتني‪.‬‬
‫سهو اإلمام في صالة القصر‪ :‬إذا قام اإلمام لإلمتام سهوا‪ ،‬أو جهال بعد نية القصر‪ ،‬فإن املأمومني‬
‫يسبحون له‪ ،‬فإن رجع سجد لسهوه‪ ،‬وإن مل يرجع فال يتبعه املأمومني‪ ،‬بل جيلسون حىت يسلم إمامهم‪،‬‬
‫ويسلم املسافر بسالمه‪ ،‬ويتم من كان من املأمومني مقيما‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬صالة الجمع‬
‫اجلمع هو تقدمي إحدى مشرتكيت الوقت أو تأخريها عن وقتها بوجه جائز‪ .‬إذ األصل أن الصالة واجبة يف‬
‫وقتها إال بعذر شرعي‪.‬‬
‫أدلة مشروعية الجمع‬
‫‪ -‬ما رواه أنس بن مالك‪ ،‬قال (كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذ ارتحل قبل أن تزيغ الشمس‬
‫أخر الظهر إلى وقت العصر‪ .‬ثم نزل يجمع بينهما‪ ،‬فإن زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب)‬
‫‪ -‬عن ابن عمر قال (كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا عجل به السير‪ ،‬يجمع بين المغرب‬
‫والعشاء)‪.1‬‬
‫‪ -‬حديث عبد اهلل بن عباس أنه قال (صلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الظهر والعصر جميعا‬
‫‪2‬‬
‫والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف وَل سفر)‬
‫‪ -‬ما رواه معاذ يف املوطأ‪( ،‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم عام تبوك أخر الصالة يوما‪ ،‬ثم خرج فصلى‬
‫الظهر والعصر جميعا‪ ،‬ثم دخل ثم خرج‪ ،‬فصلى المغرب والعشاء جميعا)‪.‬‬
‫أسباب الجمع‬
‫‪ -1‬السفر‪ ،‬سواء كانت تقصر فيه الصالة أم ال‪.‬‬
‫‪ -2‬املطر الغزير‪.‬‬
‫‪-3‬املرض‬
‫‪1‬أخرجه مالك والشيخان‪.‬‬
‫‪2‬الموطأ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -4‬وجود احلاج مبزدلفة‪.‬‬


‫‪ -5‬الطني مع الظلمة‪.‬‬
‫‪ -6‬وجود احلاج بعرفة‪.‬‬
‫صور الجمع‪ :‬للجمع ثالث صور مجع تقدمي‪ ،‬مجع تأخري ومجع صوري‪.‬‬
‫‪ -1‬جمع التقديم‪ :‬ومعناه أن يصلي الظهر والعصر يف وقت الظهر‪ .‬أو املغرب والعشاء يف وقت املغرب‪،‬‬
‫وذلك كما يلي‬
‫‪-‬إذا زالت الشمس واملسافر نازل مبكان االسرتاحات على الطريق‪ ،‬وعلم أنه بعد استئنافه السفر لن ينزل إال‬
‫بعد غروب الشمس‪ ،‬ففي هذه احلالة‪ .‬جيمع بني الظهر والعصر مجع تقدمي‪ ،‬وإن علم أنه سينزل قبل‬
‫االصفرار‪ ،‬أخر العصر لوقتها االختياري وجوبا‪.‬‬
‫كذلك إذا كان موعد السفر بعد املغرب‪ ،‬وموعد الوصول بعد الفجر‪ ،‬فعلى املصلي مجع املغرب والعشاء‬
‫مجع تقدمي قبل أن يركب‪.‬‬
‫‪-‬املريض إذا خاف حدوث مرض‪ ،‬أو إغماء عند دخول وقت الصالة الثانية من الصالتني املشرتكتني يف‬
‫الوقت‪ ،‬واستمرار هذا الطارئ حىت خروج وقتها‪ ،‬فإنه جيوز له اجلمع حينئذ مجع تقدمي‪.‬‬
‫‪ -‬مجع العشاءين خاصة‪ ،‬مجع تقدمي يف املطر الكثري‪ ،‬ومثله الثلج والربد‪ ،‬كما جيمعان بسبب الطني مع‬
‫الظلمة ال إن انفرد أحدمها‪ .‬واملقصود بالظلمة ظلمة الليل من غري قمر‪.‬‬
‫وصفة اجلمع هنا‪ ،‬أن يؤذن للمغرب يف املنارة كالعادة‪ ،‬وتؤخر قليال‪ ،‬مث تصلى‪ ،‬مث يؤذن للعشاء يف صحن‬
‫املسجد أذانا منخفضا‪ ،‬مث يصلوهنا وينصرفون من غري تنفل بينهما‪ ،‬وهو خاص باملسجد‪ ،‬وال جيوز يف‬
‫البيوت‪ .‬ويؤخرون صالة الشفع والوتر ويصلوهنا بعد مغيب الشفق يف بيوهتم‪.‬‬
‫قال مالك يف املدونة "جيمع بني املغرب والعشاء يف احلضر‪ ،‬وإن مل يكن مطر إذا كان طني وظلمة‪ ،‬وجيمع‬
‫أيضا بينهما إذا كان املطر‪ ،‬ويؤخرون املغرب شيئا مث يصلوهنا‪ ،‬مث يصلون العشاء األخرة قبل مغيب الشفق‪،‬‬
‫وإمنا أريد بذلك الرفق بالناس‪ ،‬ولوال ذلك‪ .‬مل جيمع هبم"‬

‫‪74‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫ودليل اجلمع هنا‪ ،‬ما روى عمر بن أيب سلمة بن عبد الرمحان عن أبيه قال (من السنة إذا كان يوم مطر‬
‫أن يجمع بين المغرب والعشاء‪ ،‬قال‪ :‬وكان يصلي المغرب‪ ،‬ثم يمكث هنية‪ ،‬ثم يصلي العشاء)‪.‬‬
‫‪ -‬مجع العصر مع الظهر‪ ،‬وذلك للحاج بعرفة بأذان وإقامة لكل صالة‪ ،‬وهو سنة شرعت لكي يتفرغ احلاج‬
‫ملهام الوقوف بعرفة‪.‬‬
‫وال بد من استحضار نية مجع الثانية مع األوىل قبل الشروع يف األوىل أو قبل الفراغ منها‪.‬‬
‫‪ -2‬جمع التأخير‪ :‬ومعناه أن يصلي الظهر والعصر يف وقت العصر‪ ،‬وأن يصلي املغرب والعشاء يف وقت‬
‫العشاء‪ .‬كما يلي‬
‫‪ -‬من زالت عليه الشمس أثناء سريه‪ ،‬وكان قد نوى النزول عند اصفرار الشمس فإنه جيمع بينهما مجع‬
‫تأخري‪.‬‬
‫‪ -‬من غربت عليه الشمس سائرا‪ ،‬وكان قد نوى النزول يف وقت العشاء‪ .‬أو يف الثلث األول أو بعده قبيل‬
‫الفجر فإنه جيمع املغرب والعشاء مجع تأخري عند النزول‪.‬‬
‫‪ -‬مجع املغرب والعشاء للحاج مبزدلفة بأذان وإقامة لكل صالة‪ ،‬وهو مسنون‪ ،‬ويفصل بني صالة املغرب‬
‫والتأذين للعشاء مبقدار حط الرحال‪.‬‬
‫‪ -3‬الجمع الصوري‪ :‬وهو تأخري الصالة إىل آخر وقتها االختياري والثانية يف أول وقتها‪ ،‬وهو جائز‪ ،‬وال‬
‫حيتاج لنية اجلمع وبيانه كما يلي‬
‫‪ -‬أن تزول الشمس على املسافر وهو يف أثناء سريه‪ ،‬وكان يعلم أنه ينزل بعد الغروب‪ ،‬ففي هذه احلالة له‬
‫أن يصلي الظهر والعصر يف وقتهما االختياري وذلك بأن يؤخر الظهر إىل آخر وقتها االختياري‪ ،‬مث يصلي‬
‫العصر يف أول وقتها االختياري‪.‬‬
‫وكذلك يفعل يف صالة املغرب والعشاء إذا علم أنه ينزل بعد الفجر‪ .‬فهذا اجلمع يسمى مجعا صوريا‪.‬‬
‫وكذلك املريض الذي يشق عليه القيام معه لكل صالة‪ ،‬مجع مجعا صوريا بني الصالتني املشرتكتني يف الوقت‬
‫بال كراهة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫سجود السهو‬
‫السهو لغة‪ :‬نسيان الشيء والغفلة عنه‪ ،‬وذهاب القلب إىل غريه‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬خلل يوقعه املصلي يف صالته‪ ،‬ويكون السجود يف آخر الصالة جربا لذلك اخللل‪.‬‬
‫وقد ثبت أن النيب صلى اهلل عليه وسلم نسي يف صالته أكثر من مرة بزيادة أحيانا وبنقصان يتداركه أحيانا‪،‬‬
‫مث سجد للسهو فقال (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون‪ ،‬فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين)‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وروي عنه صلى اهلل عليه وسلم أنه قال (إني ألنسى أو أنسى ألسن) رواه مالك يف املوطأ‬
‫حكمه‬
‫سجود السهو سنة مؤكدة لإلمام واملنفرد‪ ،‬وأما املأموم حال القدوة فال سجود عليه بزيادة أو نقص ألن‬
‫االمام يتحمله عنه‪ ،‬فلو سها فيما يقضيه بعد سالم اإلمام سجد لنفسه‪.‬‬
‫نقص‪ ،‬وزيادة‪ ،‬ونقص وزيادة‪.‬‬ ‫أسبابه‪ :‬أسباب سجود السهو ثالثة‬
‫فكل سهو كان نقصانا يف الصالة‪ ،‬فإن سجوده قبل السالم‪ ،‬وكل سهو كان زيادة يف الصالة‪ ،‬فإن سجوده‬
‫بعد السالم‪ .‬وإذا اجتمع سهوان‪ ،‬زيادة ونقصان‪ ،‬فالسجود هلما قبل السالم تغليبا جلانب النقص على‬
‫الزيادة‪.‬‬
‫ودليل سجود السهو قبل السالم للنقصان يف الصالة‪ ،‬حديث ابن بحينة ‪ ،‬أنه قال (صلى لنا رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ركعتين‪ ،‬ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه‪ .‬فلما قضى صالته‪ ،‬ونظرنا تسليمه‪،‬‬
‫كبر‪ ،‬ثم سجد سجدتين‪ ،‬وهو جالس قبل التسليم‪ ،‬ثم سلم)‪.‬مسلم‬
‫ودليل سجود السهو بعد السالم للزيادة يف الصالة‪ ،‬ما رواه أبو هريرة فقال (صلى رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم صالة العصر‪ ،‬فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين‪ ،‬فقال‪ :‬أقصرت الصالة يا رسول اهلل‪ ،‬أم‬
‫نسيت؟ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬كل ذلك لم يكن"‪ ،‬فقال‪ :‬قد كان بعض ذلك يا‬
‫رسول اهلل ‪ .‬فأقبل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على الناس‪ ،‬فقال‪":‬أصدق ذو اليدين؟" فقالوا‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫نعم‪ .‬فقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فأتم ما بقي من الصالة‪ ،‬ثم سجد سجدتين بعد السالم‪،‬‬
‫وهو جالس)‪ .‬رواه مسلم والنسائي‪.‬‬
‫واجبات سجود السهو‬
‫‪ -5‬السالم‪.‬‬ ‫‪ -1‬النية ‪ -2‬السجدة األوىل ‪ -3‬السجدة الثانية ‪ -4‬اجللوس بينهما‬
‫أما التشهد فهو سنة‪.‬‬
‫كيفية سجود السهو؛ أن يسجد الساهي سجدتني مثل سجدات الصالة‪ ،‬مث يتشهد استنانا‪ ،‬وال يدعو وال‬
‫يصلي على النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مث يسلم وجوبا‪.‬‬
‫السنن التي يسجد لها‬
‫‪ -1‬قراءة ما زاد على الفاحتة‪.‬‬
‫‪ -2‬السر واجلهر يف الفريضة كل يف حمله‪.‬‬
‫‪ -3‬التكبري مرتني فأكثر سوى تكبرية االحرام‪.‬‬
‫‪ -4‬قول مسع اهلل ملن محده مرتني‪.‬‬
‫‪ -5‬التشهد األول‪ -‬اجللوس له‪.‬‬
‫‪ -6‬التشهد األخري – اجللوس له‪.‬‬
‫السهو عن فرض في الصالة‪ :‬من أنقص ركنا عمدا بطلت صالته‪ ،‬وإن أنقصه سهوا تدارك ما أمكن‬
‫تداركه ما مل يفت حمله‪ ،‬فإن فات ألغى الركعة وقضاها‪ ،‬وإن مل يتذكر ذلك حىت سلم وطال‪ ،‬بطلت صالته‪.‬‬
‫وبيان ذلك كما يلي‬
‫‪-1‬فرائض ال ميكن تداركها‪ ،‬وهي النية وتكبرية اإلحرام‪ ،‬فلو سها عنها املصلي بطلت صالته وجيب عليه أن‬
‫يبتدئها‪.‬‬
‫‪ -2‬فرائض ميكن تداركها إن تذكرها وهو يف الصالة‪ ،‬مل خيرج منها حىت يأيت هبا ولذلك صور‬

‫‪77‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫* نسي سجود ركعة من صالته‪ ،‬وتذكر ذلك وهو يف الركعة الثانية‪ ،‬فإن كان ذلك قبل الركوع‪ ،‬فإنه يسجد‬
‫السجود الذي فاته‪ ،‬سواء أكان سجدة أم سجدتني‪ ،‬مث يقوم ويبتدئ القراءة للركعة الثانية ويشرع يف إكمال‬
‫صالته‪.‬‬
‫وإن تذكره يف ركوع الركعة اليت تليها‪ ،‬فإنه يلغي الركعة اليت سها فيها‪ ،‬ويبىن على غريها من الركعات‪ ،‬فإن‬
‫كانت ركعة النقص هي األوىل صارت الثانية مكاهنا هي األوىل‪ ،‬مث يكمل صالته بانيا عليها‪ ،‬وإن كانت‬
‫ركعة النقص هي الثانية صارت الثالثة ثانية‪ ،‬مث يكمل صالته بانيا عليها‪.‬‬
‫* تذكر وهو يف جلوس التشهد الثاين‪ ،‬أو بعد السالم بقرب‪ ،‬أنه ترك ركنا من الركعة األوىل مثال‪ ،‬فتنقلب‬
‫الركعات‪ ،‬فإن كان يف صالة رباعية مثال‪ ،‬تصبح الثانية هي األوىل يف حقه‪ ،‬والثالثة ثانية والرابعة ثالثة‪ ،‬مث‬
‫يأيت بركعة يقرأ فيها بالفاحتة فقط‪ .‬ويسجد قبل السالم لنقص السورة والتشهد األول‪ ،‬ألنه صار يف حكم‬
‫امللغى بوقوعه بعد األوىل‪.‬‬
‫* نسي ركنا من الركعة األخرية‪ ،‬وتذكر ذلك بعد التسليم بقرب‪ ،‬أو أثناء التشهد األخري‪ ،‬فإنه يأيت بركعة‬
‫بدهلا بنية وتكبري‪ ،‬وإن نسي من الركعة األخرية سجدة مل يسجدها بعد أن تشهد‪ ،‬فإذا مل يسلم فإنه يأيت‬
‫بالسجدة املرتوكة‪ ،‬ويعيد التشهد‪ ،‬ألنه واقع يف غري حمله‪ .‬ويسجد بعد السالم‪.‬‬
‫* إن ترك الفاحتة‪ ،‬وتذكر ذلك بعد قراءة السورة‪ ،‬فإنه يقرأ الفاحتة مث يعيد السورة بعدها‪ .‬فإن تذكرها وهو‬
‫راكع أو ساجد‪ ،‬رجع قائما فيقرأها مث يتم ركعته‪ .‬ويسجد بعد السالم‪.‬‬
‫* إن تذكر أثناء السجود بأنه ترك الركوع‪ ،‬فإنه يرجع قائما‪ ،‬مث يركع‪.‬‬
‫* إن ترك الرفع من الركوع‪ ،‬فإنه يرجع منحنيا حىت يصل إىل حد الركوع‪ ،‬مث يرفع منه قائال مسع اهلل ملن‬
‫محده‪.‬‬
‫* إن ترك سجدة وتذكرها وهو قائم‪ ،‬فإنه جيلس ليأيت هبا من جلوس‪ ،‬وإن ترك سجدتني‪ ،‬فإنه ينحط هلما‬
‫من قيام‪ ،‬وإن ترك سجدة مث تذكرها وهو يف جلوس التشهد‪ ،‬فإنه يسجدها وهو جالس‪ ،‬مث يعيد التشهد‪.‬‬
‫مسائل في سجود السهو‬

‫‪78‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪-1‬من شك هل سجد سجدة أو اثنتني‪ ،‬أو هل قرأ الفاحتة أو ال‪ ،‬فإنه يأيت مبا شك فيه‪ ،‬ويسجد بعد‬
‫السالم‪.‬‬
‫‪-2‬إذا شك يف السالم من الصالة‪ ،‬سلم وال شيء عليه إن كان قريبا ومل يقم من مقامه‪ ،‬ومل ينحرف عن‬
‫القبلة‪.‬‬
‫شك فيه ويسجد‬
‫شك يف صالته ومل يدر ما صلى ثالثا أو أربعا‪ ،‬فإنه يبين على األقل‪ ،‬ويأيت مبا ّ‬
‫‪-3‬من ّ‬
‫قبل السالم‪.‬‬
‫ملا رواه مسلم عن أيب سعيد اخلدري قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (إذا شك أحدكم في‬
‫صالته ‪ ،‬فلم يدر كم صلى‪ ،‬ثالثا أم أربعا‪ ،‬فليطرح الشك‪ ،‬وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين‬
‫قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صلى خمسا‪ ،‬شفعن له صالته ‪ ،‬وإن كان صلى إتماما ألربع كانتا ترغيما‬
‫للشيطان)‪.‬‬
‫‪ -4‬من استنكحه الشك‪ ،‬وهو من يأتيه الشك كل يوم ولو مرة يف صالة من الصلوات اخلمس‪ ،‬فإنه‬
‫يسجد بعد السالم ترغيما للشيطان ودفعا لوسوسته وال يبين على األقل‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا سها املأموم حال االقتداء بإمامه بزيادة أو نقص‪ ،‬فال سجود عليه‪ ،‬ألن اإلمام حيمله عنه‪.‬‬
‫‪ -6‬يلزم املأموم أن يسجد مع إمامه للسهو السجود القبلي‪ .‬وإن كان مل يسه معه‪ ،‬وال حضر سهوه‪ ،‬إذا‬
‫أدرك مع اإلمام ركعة فأكثر‪ ،‬وال يسجد معه السجود البعدي إال بعد قضاء ما عليه من الركعات الفائتة‪.‬‬
‫‪ -7‬من زاد سورة يف الركعتني األخريتني مع الفاحتة من رباعية كالظهر والعصر والعشاء‪ ،‬أو يف واحدة كثالثة‬
‫املغرب‪ ،‬فال سجود عليه‪.‬‬
‫‪ -8‬إذا جهر زيادة على مساع من يليه فيما يسر فيه‪ ،‬أو أسر حبركة اللسان فيما جيهر فيه‪ .‬فيسجد للسهو‬
‫بعد السالم يف األوىل‪ ،‬وقبل السالم يف الثانية‪.‬‬
‫‪ -9‬من قام إىل ركعة زائدة يف الفريضة رجع مىت ذكر‪ ،‬وسجد بعد السالم‪ ،‬وكذلك يسجد إن مل يذكر حىت‬
‫سلّم‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫صالة الجماعة وأحكامها‬


‫صالة اجلماعة من أعظم الشعائر االسالمية وأفضل القرب الدينية وأهنا تزيد على صالة الفرد بسبع‬
‫وعشرين درجة كما روى الشيخان عن ابن عمر‪ :‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬صالة‬
‫الجماعة أفضل من صالة الفذ بسبع وعشرين درجة)‪.‬‬
‫وحكمة مشروعيتها إذكاء الروح اجلماعية بني املسلمني‪ ،‬وحتقيق التآلف والتعارف والتعاون بينهم‪،‬‬
‫وحب الطاعة‪.‬‬
‫وتعويدهم على النظام واالنضباط ّ‬
‫حكمها ودليل مشروعيتها‬
‫صالة اجلماعة يف الفرائض غري اجلمعة‪ ،‬سنة مؤكدة‪ ،‬للرجال القادرين عليها‪ ،‬وال جتب على النساء والصبيان‬
‫واجملانني واملرضى ومن يف حكمهم‪...‬‬
‫وقد ثبتت مشروعية صالة اجلماعة‪ ،‬بالكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫من الكتاب‪ ،‬قوله تعاىل ﴿وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصالة فلتقم طائفة منهم﴾‪،1‬‬
‫وجه الداللة؛ أمر اهلل باجلماعة يف حالة اخلوف أثناء اجلهاد‪ ،‬ففي األمن أوىل‪ ،‬ولو مل تكن مطلوبة لرخص‬
‫فيها حالة اخلوف‪.‬‬
‫من السنة‪ ،‬ما رواه أبو هريرة قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (صالة الرجل في جماعة تضعف‬
‫على صالته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا وذلك أنه توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى‬
‫المسجد َل يخرجه إَل الصالة ‪ ،‬لم يخط خطوة إَل رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة‪ ،‬فإذ‬
‫اصلى لم تزل المالئكة تصلي عليه ما دام في صالته ما لم يحدث تقول‪ :‬اللهم صل عليه (ارفع‬
‫درجاته) اللهم ارحمه‪ ،‬و َل يزال في صالته ما انتظر الصالة) متفق عليه‪.‬‬
‫اإلجماع‪ ،‬حيث أمجع الصحابة على مشروعيتها بعد اهلجرة‬
‫أقل الجماعة وبما تدرك الجماعة‬
‫أقل اجلماعة اثنان‪ ،‬إمام ومأموم‪ ،‬وال تنعقد اجلماعة مع صيب مميز غري بالغ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وحيصل الثواب األكمل ملن أدرك صالة اجلماعة مع اإلمام من أوهلا إىل آخرها‪ ،‬ملا روي عن أنس أن‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم قال (من صلى أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة األولى كتب له‬
‫براءتان‪ :‬براءة من النار وبراءة من النفاق) الرتمذي‪.‬‬
‫وتدرك صالة اجلماعة بإدراك ركعة كاملة؛ بأن ميكن يديه من ركبتيه‪ ،‬أو مما قارهبما قبل رفع اإلمام‪ ،‬ملا‬
‫أخرجه البخاري من حديث أيب هريرة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال (من أدرك ركعة من‬
‫الصالة مع اإلمام فقد أدرك الصالة)‬
‫وعليه أن يكرب تكبرية الركوع أو السجود بعد تكبرية االحرام‪.‬‬
‫ظن‬
‫كرب تكبرية اإلحرام دون الصف إن ّ‬‫ومن خشي فوات ركعة برفع اإلمام من ركوعه إن مل حيرم معه‪ّ ،‬‬
‫إدراكه قبل رفع رأس اإلمام من الركوع‪ ،‬فإن مل يظن ذلك‪( ،‬إدراك الصف قبل رفع اإلمام) تابع مشيه بال‬
‫هرولة‪ ،‬إال أن تكون الركعة األخرية من صالة اإلمام‪ ،‬فإنه حيرم من مكانه لئال تفوته الصالة‪ ،‬مث ميشي حىت‬
‫يدخل يف الصف ‪.‬‬
‫أحكام فرعية‬
‫‪ -1‬من صلى منفردا‪ ،‬جازت له اإلعادة يف مجاعة (اثنني فأكثر) إال إذا كان إماما راتبا مبسجد‪ ،‬فيعيد معه‬
‫ألن الراتب كاجلماعة‪ ،‬ويعيد كل الصلوات غري املغرب والعشاء بعد الوتر؛ ألهنا تصري مع األول شفعا‪،‬‬
‫والعشاء إن أعاده أعاد الوتر‪ ،‬ويلزم منه خمالفة قوله عليه الصالة والسالم ( َل وتران في ليلة )‪ ،‬وينوي‬
‫املعيد الفرض‪ ،‬مفوضا هلل تعاىل يف قبول أي الصالتني‪.‬‬
‫‪ -2‬ال جيوز أن يبتدئ املصلي صالة سواء أكانت فرضا أم نفال‪ ،‬وذلك بعد اإلقامة لإلمام الراتب‪ .‬وجيب‬
‫على املصلي أن يقطع صالته‪ ،‬سواء كانت فريضة أم نافلة‪ ،‬ويدخل مع اإلمام الراتب يف صالته‪ ،‬وذلك إن‬
‫خشي بإمتام ما هو فيه أن تفوته ركعة مع اإلمام‪ ،‬سواء أكانت نافلة أم فريضة‪ .‬غري املقام هلا أو هي نفسها‪،‬‬
‫وسواء أكمل منها الركعة أم ال‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا مل جيد اإلمام الراتب يف وقت الصالة املعتاد أحدا‪ ،‬فأذن وصلى‪ ،‬فإنه حيصل له فضل اجلماعة‪،‬‬
‫وينوي اإلمامة وال يعيد يف مجاعة أخرى‪ ،‬وال تصلى بعد اإلمام الراتب مجاعة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -3‬من حصل فضيلة اجلماعة‪ ،‬فال يعيد صالته يف مجاعة أخرى‪ ،‬ولو كانت اجلماعة الثانية أكثر عددا‪.‬‬
‫كيفية أداء المسبوق لما فاته من صالته‬
‫‪ -1‬إذا قام املسبوق لقضاء ما فاته من الصالة مع إمامه‪ ،‬فانه يقضي القول‪ ،‬ويبين الفعل‪.‬‬
‫واملقصود بالقول خصوص القراءة وصفتها من سر أو جهر‪ ،‬ومعىن أنه يقضي القول أنه جيعل ما فاته قبل‬
‫دخوله مع اإلمام أول صالته‪ ،‬وما أدركه معه آخرها‪.‬‬
‫ويبين الفعل‪ ،‬وهو ما عدا القراءة من تسميع وحتميد وتشهد‪ ،‬وذلك بأن جيعل ما أدركه أول صالته‪ ،‬وما‬
‫فاته آخرها‪ ،‬فيكون كاملصلي وحده‪.‬‬
‫التوضيح‪:‬‬
‫مثال‪ -1‬إذا أدرك اإلمام يف الركعة الثانية من صالة رباعية‪ ،‬فإنه يأيت بعد سالم اإلمام بركعة بفاحتة وسورة‬
‫جهرا يف صالة العشاء‪ ،‬وسرا يف الظهر والعصر لقضاء ما فاته‪.‬‬
‫مثال‪ -2‬إذا أدرك اإلمام يف الركعة الثالثة من رباعية‪ ،‬فإنه يأيت بركعتني‪ ،‬بفاحتة الكتاب وسورة سرا يف‬
‫الظهرين‪ ،‬وجهرا يف العشاء‪.‬‬
‫مثال‪ -3‬إذا أدرك اإلمام يف الركعة الثالثة يف املغرب‪ ،‬فإنه يقوم بدون تكبري‪ ،‬مث يصلي بالفاحتة وسورة جهرا‪،‬‬
‫مث جيلس للتشهد‪ ،‬مث يأيت بركعة بفاحتة وسورة جهرا‪.‬‬

‫صالة الجمعة‬
‫حكم صالة الجمعة ومشروعيتها‬
‫صالة اجلمعة فرض عني على كل مكلف‪ ،‬يكفر جاحدها لثبوهتا بالدليل القطعي‪ ،‬وهي أفضل الصلوات‬
‫ويومها أفضل األيام وخري يوم طلعت فيه الشمس‪.‬‬
‫عن أيب هريرة قال أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة‪ ،‬فيه‬
‫خلق آدم وفيه دخل الجنة وفيه أخرج منها‪ ،‬وَل تقوم الساعة إَل في يوم الجمعة)‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫ومسيت مجعة‪ ،‬الجتماع الناس هلا‪ ،‬وقيل مل مجع يف يومها من اخلري‪ .‬وقيل ألن خلق آدم مجع فيه‪ ،‬أو‬
‫الجتماعه فيه مع حواء يف األرض‪ ،‬وامسها القدمي يف اجلاهلية يوم العروبة‪ ،‬أي املبني املعظم‪ ،‬وقيل يوم‬
‫الرمحة‪.‬‬
‫وقد ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة واإلجماع‪:‬‬
‫من الكتاب قوله تعاىل (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصالة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اهلل)‬
‫اجلمعة‪ .9/‬فأمر بالسعي‪ ،‬واألمر يقتضي الوجوب‪.‬‬
‫من السنة قوله صلى اهلل عليه وسلم (رواح الجمعة واجب على كل محتلم) رواه النسائي‪.‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن اهلل على قلوبهم‪ ،‬ثم‬
‫ليكونن من الغافلين) مسلم‪.‬‬
‫اإلجماع‪ :‬حكى ابن املنذر اإلمجاع على أهنا واجبة على األحرار‪ ،‬البالغني‪ ،‬املقيمني‪ ،‬الذين العذر هلم‪.‬‬
‫وقت الجمعة‪ :‬وقتها كالظهر‪ ،‬وميتد إىل الغروب‪ ،‬وآخر وقتها الضروري‪ ،‬أن يبقى قدر ركعة بعد الفراغ منها‬
‫للغروب‪ ،‬ليدرك هبا العصر‪ .‬وهي ركعتان يقرأ فيهما جهرا‪.‬‬
‫شروط وجوبها‬
‫يشرتط لوجوب اجلمعة مايلي‬
‫‪-1‬البلوغ‪ ،‬ويندب للصيب حضورها‪ -2.‬العقل‪ -3.‬االسالم‪ -4.‬الذكورة‪-5.‬احلرية‪-6.‬الصحة‪ ،‬فال‬
‫جتب على من تلحقه مشقة‪ -7.‬االقامة‪ ،‬فال جتب على املسافر ما مل ينو اإلقامة أربعة أيام‪.‬‬
‫وجيوز السفر يوم اجلمعة قبل الزوال‪ ،‬ولكنه يكره ملن اليدركها يف طريقه‪ ،‬وحيرم ومينع بعد الزوال وقبل‬
‫الصالة اتفاقا‪.‬‬
‫شروط صحة الجمعة‬
‫‪-1‬اإلمام ويشرتط فيه أن يكون ممن جتب عليه اجلمعة؛ فال يكون صبيا وال مسافرا‪ .‬وأن يكون املصلي‬
‫للجماعة هو اخلطيب إال لعذر مينعه من ذلك‪ .‬ألنه مل يثبت أن أحدا صلى بالناس غري اخلطيب يف زمن‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واخللفاء الراشدين من بعده‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪-2‬الجماعة ويشرتط حضور اثىن عشر رجال للصالة واخلطبة‪ ،‬ويكون هذا العدد من أهل البلد وأن‬
‫يكونوا باقني مع اإلمام من أول اخلطبة حىت السالم من صالهتا‪.‬‬
‫‪-3‬الجامع ويشرتط فيه البنيان املعتاد للمساجد ألهل تلك البلدة‪ ،‬ويشرتط كونه متحدا فال جيوز التعدد‬
‫إال حلاجة على رأي اجلمهور‪ ،‬وقال احلنفية تؤدى أكثر من مجعة يف مصر واحد مبواضع كثرية دفعا للحرج‪،‬‬
‫ألنه مل يقم دليل صحيح على منع التعدد‪.‬‬
‫‪-4‬الخطبتان فال تصح اجلمعة بدوهنما‪ .‬واألصل يف اشرتاطها العمل النبوي املستمر؛ إذ مل حيفظ عنه‬
‫عليه الصالة والسالم أنه صلى اجلمعة من غري خطبة‪ ،‬ولقوله تعاىل (فاسعوا إلى ذكر اهلل) اجلمعة‪.9/‬‬
‫قال جماعة من السلف الذكر؛ اخلطبة‪ ،‬وقد أمر بالسعي إليها‪ ،‬فدل على وجوهبا‪ .‬وألن اهلل سبحانه علّق‬
‫حرم البيع ألجلها‪.‬‬
‫حترمي البيع على النداء الذي تليه اخلطبة‪ ،‬ألجل التفرغ الستماعها‪ ،‬فلو مل تكن واجبة ما ّ‬
‫ويشرتط يف اخلطبتني‬
‫‪ -‬أن تكونا بعد الزوال – أن تكونا داخل املسجد وقبل الصالة ‪ -‬اشتماهلا على حتذير وتبشري – أن يكون‬
‫اخلطيب قائما أثناء اخلطبتني‪ -.‬أن جيهر هبما ‪ -‬أن تكونا باللغة العربية‪ ،‬مع اختالف يف ذلك إذا كان‬
‫املستمعون ال يفهموهنا ‪ -‬أن تتصل أجزاؤها ببعض‪ ،‬وأن تتصل الصالة هبا ‪ -‬حضور اجلماعة الذي جتب‬
‫عليهم اجلمعة وتنعقد هبم‪.‬‬
‫مستحبات خطبة الجمعة‬
‫‪ -1‬وقوعها على املنرب‪.‬‬
‫‪ -2‬ابتداؤها باحلمد‪ ،‬والصالة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬وقراءة القرآن فيها‪ .‬واستشهاد‬
‫باحلديث الشريف‪.‬‬
‫‪ -3‬الطهارة فيها‪ ،‬فلو خطب حمدثا أجزأه‪ ،‬إال أنه حيرم أن يكون جنبا‪ ،‬من حيث املكث باجلنابة يف‬
‫املسجد‪.‬‬
‫‪ -4‬يستحب أن يتوكأ اإلمام على قوس أو عصا بيده اليمىن‪ .‬واجللوس بني اخلطبتني جلسة خفيفة‪.‬‬
‫آداب الجمعة‬

‫‪84‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -1‬االغتسال‪ ،‬وهو سنة ملن حيضر اجلمعة‪ ،‬ويشرتط عند املالكية اتصاله بالرواح إىل املسجد واليضر‬
‫الفصل اليسري‪ .‬وقيل سنة لكل مصل‪.‬‬
‫‪ -2‬التطيب هبا والتجمل بالثياب احلسنة (للرجال)‪ ،‬واملندوب الثوب األبيض‪.‬‬
‫‪ -3‬التبكري للجمعة ماشيا بسكينة ووقار‪ ،‬واالشتغال يف طريقه بالذكر‪ .‬ويبدأ وقت الذهاب بقدر‬
‫ساعة قبل الزوال‪.‬‬
‫‪ -4‬السواك وتقليم األظافر وتنظيف اجلسد عامة‪.‬‬
‫‪ -5‬االكثار من الدعاء يومها وليلتها‪ ،‬والصالة على الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -6‬يصلي اإلمام ركعتني جيهر فيهما بالقراءة يقرأ يف األوىل "بالجمعة" وحنوها‪ ،‬ويف الثانية " هل أتاك‬
‫حديث الغاشية" وقيل يقرأ " سورة األعلى أو املنافقون"‪.‬‬
‫وله التطوع قبل اخلطبة مبا شاء من غري حد‪ ،‬وبعد الصالة بركعتني يف بيته‪ ،‬حلديث ابن عمر (أن رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد‬
‫العشاء ركعتين وكان َل يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين)متفق عليه‬
‫ما يحرم وقت صالة الجمعة‬
‫‪ -1‬حيرم الكالم واإلمام خيطب‪ ،‬أو بني اخلطبتني‪ .‬حلديث أيب هريرة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال (إذا قلت لصاحبك أنصت واإلمام يخطب فقد لغوت) متفق عليه‬
‫‪ -2‬صالة النافلة واإلمام خيطب‪ ،‬سواء يف اخلطبة األوىل أو الثانية؛ ألن الداخل إىل املسجد مأمور‬
‫باالستماع للخطبة واإلنصات‪ ،‬وانشغاله بالصالة يتناىف مع ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬البيع والشراء عند الشروع يف اآلذان الثاين‪ ،‬عند جلوس اخلطيب على املنرب على من وجبت عليه‬
‫حىت تنقضى‪ ،‬لقوله تعاىل (وذروا البيع) وهذا نص يف حترميه‪ ،‬وذلك يتضمن فساده إذا وقع‪.‬‬
‫األعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة مينع السعي إىل اجلمعة مايلي‬
‫‪- -1‬املطر الشديد والوحل الكثري‪.‬‬
‫‪ -2‬املرض الذي يشق معه االتيان إليها‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪ -3‬متريض من ليس عنده من يقوم بشأنه وخيشى برتكه ضياعه‪.‬‬


‫‪ -4‬احملتضر له أحد أقاربه أو إخوانه‪.‬‬
‫‪ -5‬اخلوف على نفسه من ظامل‪.‬‬
‫‪ -6‬األعمى الذي اليهتدي إىل اجلامع وال جيد من يقوده‬
‫‪ -7‬فقدان ما يسرت به العورة‪.‬‬
‫صالة العيدين‬
‫تعريف العيد‪ :‬العيد مشتق من العود‪ ،‬وهو الرجوع لتكرره‪ ،‬وقيل مسي بذلك لعوده على الناس بالفرح‪.‬‬
‫وقيل تفاؤال بأن يعود على من أدركه من الناس‪.‬‬
‫حكمها صالة العيدين سنة عني مؤكدة يف حق كل من تلزمه اجلمعة‪ ،‬ويستحب للمرأة والصيب صالهتا‬
‫ندبا‪ ،‬ومن فاتته صالة العيدين مع اجلماعة‪ ،‬فيستحب له أن يصليها منفردا‪ ،‬أويف مجاعة بدون خطبة‪.‬‬
‫وقتها من طلوع الشمس مبقدار رمح إىل الزوال‪ ،‬وال تصلى بعد الزوال لفوات وقتها‪.‬‬
‫صفتها‪ :‬ركعتان جهرا يقرأ فيهما "بأم القرآن" و"سبح اسم ربك" و"الشمس وضحاها" وحنومها‪.‬‬
‫ويكرب يف األوىل ست تكبريات بعد تكبرية اإلحرام‪ ،‬وقبل القراءة‪ ،‬ويف الثانية مخس تكبريات ال يع ّد فيها‬
‫تكبرية القيام‪ ،‬بدليل ما رواه عمر بن شعيب عن أبيه عن جده‪ ،‬قال قال النيب صلى اهلل عليه وسلم (‬
‫‪1‬‬
‫التكبير في الفطر‪ :‬سبع في األولى‪ ،‬وخمس في األخرى والقراءة بعدهما كلتيهما)‬
‫وما رواه ابن وهب عن كثري بن عبد اهلل املزين‪ ،‬حيدث عن أبيه عن جده أنه قال (رأيت رسول اهلل صلى‬
‫‪2‬‬
‫اهلل عليه وسلم كبر في األضحى سبعا وخمسا قبل القراءة‪ ،‬وفي الفطر مثل ذلك)‬
‫ويكون التكبري متصال‪ ،‬ال يفصل بينهن بذكر وال غريه‪ .‬ويؤخر اخلطبة عن الصالة‪ ،‬ملا رواه ابن عمر قال‬
‫‪3‬‬
‫(كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة)‬

‫‪1‬أخرجه أبو داود‪.‬‬


‫‪2‬أخرجه الترمذي‪.‬‬
‫‪3‬أخرجه الشيخان‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫وتؤدى صالة العيد بدون أذان وال إقامة‪ ،‬حلديث جابر بن مسرة‪ ،‬قال (صليت مع النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم العيد غير مرة وَل مرتين بغير أذان وَل إقامة)‪.‬مسلم‬
‫حكم تكبيرات العيد‬
‫‪ -‬كل تكبرية من تكبريات العيد سنة مؤكدة‪ ،‬لو نسيها مث تذكرها أثناء القراءة‪ ،‬أو بعدها‪ ،‬كرب ما مل يركع‪،‬‬
‫ويعيد القراءة‪ ،‬ويسجد لزيادهتا بعد السالم‪ ،‬وإن ركع متادى يف ركوعه وجوبا ويتحمله اإلمام عن املأموم‪.‬‬
‫‪ -‬إذا شرع اإلمام يف القراءة وفاته التكبري‪ ،‬كرب سبعا بتكبرية اإلحرام‪ ،‬وإن أدركه يف الركعة الثانية كرب مخسا‪،‬‬
‫وإذا قام للقضاء كرب سبعا بتكبرية القيام‪.‬‬
‫‪ -‬إذا أدرك بعضا من التكبريات مع إمامه‪ ،‬كرب معه ما أدركه‪ ،‬مث يكمل ما فاته من التكبريات بعد شروع‬
‫اإلمام يف القراءة‪.‬‬
‫فرع‪ :‬يكره التنقل قبل صالة العيد‪ ،‬ملا ثبت أن ابن عباس خرج يوم عيد الفطر واألضحى‪ ،‬فصلى‬
‫ركعتين فلم يصل قبلهما وَل بعدهما‪ .‬وثبت حنو ذلك عن ابن عمر معزوا إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫مندوبات العيد‬
‫‪ -‬يندب االغتسال بعد الفجر‪ ،‬وجيزىء قبله يف سدس الليل األخري‪.‬‬
‫‪ -‬التطيب‪ ،‬والتجمل‪ ،‬واملشي إىل املصلى راجال‪.‬‬
‫‪ -‬التكبري للعيدين عند اخلروج من البيت‪ ،‬ويف الطريق جهرا‪( ،‬يسمع نفسه ومن يليه حىت يأيت املصلى وما‬
‫دام ينتظر الصالة‪.‬‬
‫‪ -‬الفطر قبل اخلروج للصالة يف عيد الفطر‪ ،‬وبعد الصالة يف عيد األضحى‪ ،‬حىت يأكل من أضحيته؛ أخرج‬
‫البخاري عن بريدة قال (كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم َل يغدو يوم الفطر حتى يأكل‪ ،‬وَل يأكل‬
‫يوم األضحى حتى يرجع)‪.‬‬
‫‪ -‬التكبري دبر الصلوات املفروضات‪ ،‬ابتداء من صالة الظهر يوم النحر‪ ،‬إىل صالة الصبح من اليوم الرابع‬
‫منه‪ .‬ولفظه اهلل أكرب اهلل أكرب ال إله إال اهلل‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬اهلل أكرب وللّه احلمد‪.‬‬
‫‪ -‬كما يندب إحياء ليليت العيدين بالعبادة؛ من صالة وذكر وقراءة قرآن‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫صالة الكسوف والخسوف‬


‫أوَل‪:‬صالة الكسوف‬
‫الكسوف هو ذهاب ضوء الشمس كلّه أو بعضه‪.‬‬
‫حكم صالة الكسوف سنة عني مؤكدة على املأمورين بالصالة‪ ،‬ولو ندبا‪.‬‬
‫ودليل مشروعيتها‪ ،‬ما أخرجه مالك والشيخان عن عائشة قالت خسفت الشمس يف عهد رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فصلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالناس‪ ،‬فأطال القيام مث ركع فأطال الركوع‬
‫األول‪ ،‬مث رفع فسجد‪ ،‬مث فعل يف الركعة اآلخرة مثل ذلك‪ ،‬مث انصرف وقد جتلت الشمس فخطب الناس‬
‫فحمد اهلل وأثىن عليه‪ ،‬مث قال ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات اهلل َل ينكسفان لموت أحد و َل‬
‫لحياته‪ ،‬فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) رواه الشيخان‬

‫وقتها من ّ‬
‫حل النافلة إىل الزوال‪.‬‬
‫كيفيتها ركعتان يف كل منهما ركوعان‪ ،‬بزيادة قيام ركوع‪ ،‬تكون كل ركعة بركوعني وقيامني‪ ،‬والفرض من كل‬
‫ركعة هو قيامها وركوعها األخريان‪ ،‬والسنة مها األوالن‪.‬‬
‫ومن السنة يف الكسوف أن يقرأ يف القيام األول بعد الفاحتة سورة البقرة أو حنوها يف الطول‪ ،‬ويف القيام الثاين‬
‫بعد الفاحتة دون ذلك‪ ،‬أي بقدر مائيت آية مثل آل عمران‪ ،‬ويف القيام الثالث بعد الفاحتة دون ذلك‪ ،‬أي‬
‫بقدر مائة ومخسون آية‪ ،‬كسورة النساء‪ ،‬ويف القيام الرابع بعد الفاحتة دون ذلك‪ ،‬بقدر مائة تقريبا مثل‬
‫املائدة‪.‬‬
‫وال يشرتط عند اجلمهور لصالة الكسوف خطبة‪ ،‬وإمنا يقوم االمام بالوعظ‪ ،‬واالرشاد‪ ،‬والثناء على اهلل‬
‫والصالة على النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بفعله عليه الصالة والسالم‪ .‬وحيث السامعني على التوبة من‬
‫الذنوب‪ ،‬وفعل اخلري والصدقات‪ ،‬والدعاء واالستغفار‪ ،‬والتحذير من االغرتار والغفلة‪.‬‬
‫ويدرك املسبوق صالة الكسوف بإدراكه القيام الثاين أو الركوع الثاين؛ ألن القيام األول والركوع األول‬
‫سنة‪ ،‬والثاين فرض‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخسوف‬

‫‪88‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫اخلسوف‪ ،‬هو ذهاب ضوء القمر كلّه أو بعضه‪ ،‬حليلولة ظل األرض بني الشمس والقمر‪.‬‬
‫وكيفية صالة اخلسوف‪ ،‬ركعتان جهرا كنوافل الليل‪ ،‬وال يشرتط فيها اجلماعة‪ ،‬ويستحب تكرارها حىت‬
‫ينجلي اخلسوف أو يغيب القمر أو يطلع الفجر‪.‬‬

‫صالة اَلستسقاء‬
‫حل النافلة إىل‬
‫صالة االستسقاء شرعا هي طلب السقيا من اهلل تعاىل لقحط أو لغريه‪ ،‬ووقتها من ّ‬
‫الزوال‪.‬‬
‫وقد أمجع العلماء أن صالة االستسقاء سنة مسنونة‪ ،‬ال خالف بني العلماء يف ذلك‪.‬‬
‫وتسن ألجل إصالح الزراعات أو للعطش‪.‬‬
‫ّ‬
‫كيفية صالة اَلستسقاء ركعتان كالنوافل جيهر فيهما بالقراءة‪ ،‬وخيرج هلا اإلمام والناس مشاة خاشعني‬
‫خاضعني بثياب املهنة‪ ،‬ويندب بعدها خطبتان على األرض‪ ،‬جيلس يف أول كل خطبة‪ ،‬ويستغفر بال حد يف‬
‫أول اخلطبة األوىل والثانية وأثنائهما‪.‬‬
‫وبعد الفراغ من اخلطبتني‪ ،‬يستقبل اإلمام القبلة قائما‪ ،‬مث حيول رداءه الذي على كتفيه‪ ،‬فيجعل ما على‬
‫عاتقه األيسر على األمين‪ ،‬وما على عاتقه األمين على األيسر‪ ،‬ويبالغ يف الدعاء‪ ،‬وحيول الناس أرديتهم إن‬
‫كان هلم أردية‪ ،‬ويدعون وهم جلوس‪.‬‬
‫ودليلها ما رواه أبو هريرة قال خرج نبي اهلل يوما يستسقي‪ ،‬فصلى بنا ركعتين بال أذان وَل إقامة ثم‬
‫خطبنا ودعا اهلل‪ ،‬وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه‪ ،‬ثم قلب رداءه‪ ،‬فجعل األيمن على األيسر‬
‫واأليسر على األيمن) أخرجه أمحد‪.‬‬
‫ويندب لإلمام أن يأمر الناس بالتوبة‪ ،‬ورد املظامل‪ ،‬والصدقة على الفقراء‪ ،‬كما يندب أن يتقدمها صيام ثالثة‬
‫أيام‪.‬‬
‫وجيوز تكرار الصالة يف أكثر من يوم إذا مل حيصل السقي‪ ،‬أو حصوله ولكنه ال يكفي حاجتهم‪.‬‬
‫ومن األدعية الواردة يف اخلطبة‬

‫‪89‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫" اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع‪ ،‬وأسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات األرض‪ ،‬اللهم ارفع‬
‫عنا اجلهد والعري واجلوع‪ ،‬واكشف عنا من البالء ما ال يكشفه غريك‪.‬‬
‫صالة الجنازة‬
‫حكمها فرض كفاية‪ ،‬إذا قام هبا البعض سقطت عن الباقني‪ .‬وقد صلى النيب صلى اهلل عليه وسلم على‬
‫النجاشي؛ إذ مل يصل عليه أحد من قومه‪ ،‬وأمره صلى اهلل عليه وسلم أصحابه بالصالة عليه معه دليل‬
‫واضح على تأكيد الصالة على اجلنائز‪ ،‬وعلى أنه ال جيوز أن ترتك الصالة على مسلم مات‪ ،‬وال جيوز دفنه‬
‫دون أن يصلى عليه‪ ،‬ملن قدر على ذلك‪.‬‬
‫وعلى هذا مجهور علماء املسلمني من الصحابة والتابعني ومن بعدهم‪ ،‬من فقهاء األمصار‪.‬‬
‫وأمجع املسلمون على أنه ال جيوز ترك الصالة على املسلمني املذنبني من أجل ذنوهبم‪ ،‬وإن كانوا أصحاب‬
‫كبائر‪.‬‬
‫أركانها هي‬
‫‪-1‬النية كأن يقصد الصالة على امليت خبصوصه‬
‫‪-2‬أربع تكبريات لثبوت ذلك عن النيب صلى اهلل عليه وسلم من أخبار اآلحاد الثقات منها‪ ،‬حديث‬
‫عمران بن حصني‪ ،‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال هلم (إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه‪،‬‬
‫فقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وصفنا خلفه فكبر عليه أربعا وما نحسب الجنازة إَل بين يديه)‬
‫مسلم‪ .‬ويرفع اليدين يف األوىل‪.‬‬
‫ومن نقص على األربع بطلت صالته؛ قال ابن عبد الرب "اتفق الفقهاء أهل الفتوى واألمصار على أن‬
‫التكبري على اجلنائز أربع ال زيادة‪ ،‬على ما جاء يف اآلثار املسندة من نقل األحاد الثقات وما سوى ذلك‬
‫عندهم شذوذ‪...‬‬
‫قال مالك إذا كرب اإلمام على اجلنازة مخسا‪ ،‬ال يكرب معه اخلامسة‪ ،‬ولكنه ال يسلم إال بسالمه‪.‬‬
‫‪-3‬الدعاء بينهن أي بني التكبريات وبعدهن‪ ،‬وقد روي عن أيب هريرة دعاء استحسنه مالك يف املدونة‬
‫وهو " اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن ال إله إال أنت وحدك ال شريك لك وأن‬

‫‪90‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫حممدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به‪ ،‬اللهم إن كان حمسنا فزد يف إحسانه‪ ،‬وإن كان مسيئا فتجاوز عن‬
‫سيئاته‪ ،‬اللهم ال حترمنا أجره و ال تفتنا بعده‪.‬‬
‫قال مالك يف الصالة على اجلنازة إمنا هو الدعاء‪ ،‬وإمنا فاحتة الكتاب ليس مبعمول هبا يف بلدنا‪.‬‬
‫‪-4‬السالم للخروج منها‪ ،‬تسليمة واحدة يسرها ندبا‪ ،‬ويسمع اإلمام هبا من يليه‪ .‬وهو مذهب مجهور أهل‬
‫العلم‪ ،‬من السلف واخللف‪ .‬روى مالك عن نافع (أن عبد اهلل بن عمر كان إذا صلى على اجلنازة يسلم‬
‫حىت يسمع من يليه)‪.‬‬
‫‪-4‬القيام هلا فال يصليها من جلوس إال لعذر‪.‬‬
‫حكم من فاتته الصالة على الجنازة‪ :‬من جاء وقد فرغ من الصالة على اجلنازة‪ ،‬أو جاء وقد دفنت‪ ،‬مل‬
‫يصل عليها وال على القرب‪ .‬وقد كان ابن عمر اذا انتهى اىل جنازة قد صلي عليها دعا وانصرف‪.‬‬
‫وقد نقل ابن عبد الرب اجلواز‪ ،‬فقال "من صلى على قرب أو جنازة قد صلي عليها فمباح ذلك له‪ ،‬ألن اهلل‬
‫مل ينه عنه‪ ،‬وال رسوله‪ ،‬وال اتفق اجلميع على كراهيته‪ ،‬بل اآلثار املسندة جتيز ذلك‪ ،‬وعن مجاعة من‬
‫الصحابة إجازة ذلك‪ ،‬وفعل اخلري جيب أال مينع عنه إال بدليل ال معارض له"‬
‫حكم من دفن ولم يصل عليه‪ :‬إذا دفن امليت ومل يصل عليه‪ ،‬صلى على قربه استحسانا‪ ،‬ما مل يغلب على‬
‫الظن تفسخه‪ .‬وقد ثبت ذلك عن علي بن أيب طالب وابن مسعود‪ ،‬وعائشة وأنس بن مالك‪ .‬وغريهم‪...‬‬
‫حكم من فاته بعض التكبير على الجنازة‪ :‬من فاته بعض التكبري على اجلنازة‪ ،‬يقضي ما فاته من ذلك‪،‬‬
‫ويكرب تكبرية اإلحرام‪ ،‬مث ال يكرب يف احلال‪ ،‬بل ينتظر تكبري اإلمام ليكرب معه لالفتتاح‪ ،‬ألن كل تكبرية‬
‫ركعة‪ ،‬مث يكرب ما فاته كاملدرك احلاضر‪ ،‬بعد فراغ اإلمام تكبريا متتابعا‪ ،‬بال دعاء إن خشي رفع امليت على‬
‫األعناق‪.‬‬
‫أما إذا جاء املسبوق بعد تكبرية اإلمام الرابعة‪ ،‬فقد فاتته الصالة‪ ،‬لتعذر الدخول يف تكبرية اإلمام‪.‬‬
‫من يصلى عليه يصلى على امليت إذا اتصف خبمس صفات‬
‫‪-1‬أن يكون معلوم احلياة قبل موته‪ ،‬فال يصلي على مولود وال سقط‪ ،‬إال إذا علمت حياته باستهالل‬
‫وحركة‪ .‬حلديث (الطفل َل يصلى عليه وَل يرث وَل يورث حتى يستهل) الرتمذي‬

‫‪91‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫‪-2‬أن يكون مسلما‪ .‬حلديث عبد اهلل بن عمر‪ ،‬أن رسول اهلل قال (صلوا خلف من قال َل إله إَل‬
‫اهلل‪ ،‬وصلوا على من قال َلإله إَل اهلل)‬
‫‪-3‬أن يوجد جسده أو أكثره حاضرا‪ ،‬وتكره الصالة على ما دون ثلثي امليت‪.‬‬
‫‪-4‬أن ال يكون شهيدا‪.‬‬
‫‪-5‬أن يكون حاضرا‪ ،‬وأجاز الشافعية واحلنابلة الصالة على امليت الغائب‪.‬‬
‫كيفية تغسيل الميت‪ :‬والواجب يف غسل امليت مرة واحدة‪ ،‬يعمم فيه اجلسد بعد إزالة النجس‪ ،‬شرط أن‬
‫يكون املاء طهورا‪.‬‬
‫‪-‬يوضع امليت على سرير وتسرت عورته ما بني سرته وركبتيه بعد جتريده عن ثيابه‪ ،‬وتغسل عورته خبرقة‬
‫ملفوفة على يد الغاسل مث يوضأ‪ ،‬مث يغسل الرأس‪ ،‬مث اللحية بصابون أو غاسول‪ ،‬مث يصب عليه املاء‬
‫ويسوك أسنانه وال يفتح فاه‪ ،‬مث يغسل الشق األمين إىل القدم‪ ،‬مث األيسر إىل القدم‪ ،‬مث يصب عليه‬
‫الطهور‪ّ ،‬‬
‫املاء اخلالص‪ ،‬وهذه الغسلة الواجبة‪ ،‬ويندب تكرار الغسلة ثالثا‪ ،‬مث ينشف وجيعل احلنوط (عطر مركب)‬
‫ويوضع الكافور على مواضع سجوده‪.‬‬
‫‪ -‬إذا قطع ظفره أو شعره‪ ،‬أدرج معه يف الكفن‪ ،‬ويندب ضفر شعر املرأة‪.‬‬
‫‪ -‬يعصر بطن امليت حال الغسل برفق‪ ،‬إلخراج ما يف بطنه من النجاسة‪ ،‬مع كثرة صب املاء يف حال غسل‬
‫خمرجيه‪.‬‬
‫‪ -‬من شروط الغاس ل أن يكون ثقة‪ ،‬أمينا‪ ،‬عارفا بأحكام الغسل‪ .‬وأن يغض البصر إال من حاجة‪ ،‬وأن‬
‫يسرت ما يطّلع عليه من عيب حيب امليت أن يسرته‪ ،‬وال حيدث به ( من ستر مسلما ستره اهلل يوم القيامة)‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫تكفين الميت‬
‫يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم (إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه) مسلم وغريه‪.‬‬
‫وأقل الكفن ثوب واحد‪ ،‬وأكثره سبع‪ ،‬ويستحب الوتر يف الكفن؛ فالثالثة أفضل من االثنني ومن األربعة‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫د‪ .‬عبدو سميرة‬ ‫محاضرات في فقه العبادات لطلبة السنة األولى ل‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬

‫واألفضل أن يكفن الرجل خبمسة أثواب‪ ،‬إزار من سرته لركبتيه‪ ،‬وقميص له أكمام‪ ،‬وعمامة‪ ،‬ولفافتان‪.‬وأن‬
‫تكفن املرأة بسبعة أثواب بزيادة لفافتني؛ مخار يلف على رأس املرأة ووجهها‪ ،‬إزار‪ ،‬قميص‪ ،‬ثوبني‪.‬‬
‫ويندب يف الكفن البياض؛ لقوله صلى اهلل عليه وسلم (خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم وكفنوا‬
‫فيها موتاكم) أبو داود‬
‫تشييع الجنازة‬
‫من السنة املشي أمام اجلنازة‪ ،‬و ال بأس باملشي خلفها‪ ،‬وحيث شاء املاشي منها‪ ،‬وقد قال رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم (من شيع جنازة وصلى عليها كان له قيراط من األجر‪ ،‬ومن قعد حتى تدفن كان له‬
‫قيراطان) والقرياط كأحد‪ .‬ومل خيص املاشي أمامها من املاشي خلفها‪ ،‬وجيوز الركوب خلف اجلنازة‪.‬‬
‫وتستحب التعزية بعد الدفن يف بيت املصاب‪ ،‬ومتتد إىل ثالثة أيام بعد الدفن‪ ،‬وال تعزية بعدها‪ ،‬إال لغائب‪،‬‬
‫تعم مجيع أهل البيت وأقاربه الكبار والصغار‪ ،‬الرجال والنساء‪...‬واستحب العلماء أن يقول يف‬
‫ويستحب أن ّ‬
‫تعزية املسلم باملسلم‪ ،‬أعظم اهلل أجرك وأحسن عزاءك وغفر مليتك‪ ،‬وجييبه املعزي بقوله استجاب اهلل تعاىل‬
‫دعاءك ورمحنا وإياك‪.‬‬
‫وال يعزى مسلم بقريبه أو زوجته الكافرين‪ ،‬وقال ابن رشد يعزى املسلم بأبيه الكافر‪.‬‬

‫‪93‬‬

You might also like