Professional Documents
Culture Documents
تحديات
تحديات
تحديات
لق 33 3د أح 33 3دثت الث 33 3ورة التكنولوجي 33 3ة حتوال كب 33 3ريا 3يف جمال الص 33 3ورة ،إىل درج 33 3ة جعلت البعض 3يقارهنا
باكتشاف الكتابة 3.فقد غزت الصورة 3جماالت ثقافية وغ3ري ثقافي3ة ،وأص3بحت حاض3رة يف أغلب من3احي
احلي 33اة ك33 3التعليم واإلعالم 3والفض33 3اءات العام33 3ة وقاع33 3ات الع33 3رض وشاش33 3ات التلف33 3زة ومواق33 3ع اإلن 33رتنيت
واهلوات 3ف 3احملمول 33ة واملخت 33ربات 3العلمي 33ة… ب 33ل جتاوز األم 33ر احلض 33ور الكمي إىل احلض 33ور الكيفي؛ إذ مل
تع 33د الص 33ورة وس 33يطا حماي 33دا لنق 33ل الواق 33ع وحماكات 33ه ،ب 33ل أص 33بحت تعي 33د ص 33ياغة ه 33ذا الواق 33ع ،جتميال أو
تقبيحا أو أرشفة أو تركيبا أو خلقا جديدا.
وال شك يف أن هلذا احلضور الطاغي للص3ورة انعكاس3ات 3كث3رية على اإلنس3ان ،جس3ديا ونفس3يا وفكري3ا
واجتماعي33ا وروحي33ا… وق33د أث33ارت ه33ذه اآلث33ار جمموع33ة من ردود الفع33ل واملواق 3ف 3املتباين 3ة 3يف جماالت
وختصص 33 3ات علمي 33 3ة خمتلف 33 3ة ،طبي 33 3ة وس 33 3يكولوجية 3وسوس 33 3يولوجية .ومل تكن الفلس 33 3فة بعي 33 3دة عن ه33 3ذا
املوض 33وع 3ال 33ذي ميس ج 33وانب خمتلف 33ة من اإلنس 33ان 3،حيث ان 33ربى الكث 33ري من الفالس 33فة 3لتحلي 33ل الظ 33اهرة
وبيان آثارها.
ومن بني ه33ؤالء ،الفيلس33وف املغ33ريب ط33ه عب33د الرمحان من خالل اجلزء الث33اين من كتاب33ه “دين احلي33اء من
الفق 33ه االئتم 33اري إىل الفق 33ه االئتم 33اين” ،املعن 33ون بـ”التح 33ديات األخالقي 33ة لث 33ورة اإلعالم 3واالتص 33ال”،
منشورات املؤسسة العربية للفكر واإلب3داع؛ حيث ح3اول في3ه اختب33ار فلس3فته االئتماني3ة 3يف اإلجاب33ة على
التح33 3ديات األخالقي 33 3ة حلض 33 3ارة الص 33 3ورة ،مس 33 3تندا إىل خلفي 33 3ة فلس 33 3فية أخالقي 33 3ة ،ومنفتح 33 3ا على نت33 3ائج
الفيزيولوجيا والتحليل النفسي 3وعلم االجتماع… وقد شيد معمار الكتاب على نسق يب3دأ بتق3دمي ك3ل
آف 33ة من آف 33ات الص 33ورة ال 33يت قس 33مها إىل ثالث هي :آف 33ة التف 33رج ،وآف 33ة التجس 33س ،وآف 33ة التكش 33ف ،مث
أتبعها مبوقف الفقه التقليدي االئتماري وطريق تعامله مع هذه اآلفة ،مث مبوقف الفقه االئتماين.
ينطلق الفيلسوف املغريب طه عبد الرمحان من التمييز بني احلضارة اإلسالمية 3اليت هي حضارة فق33ه ،مميزا
في 33ه بني الفق 33ه االئتم 33اري (الفق 33ه املس 33موع) والفق 33ه االئتم 33اين (فق 33ه األمان 33ات) ال 33ذي يق 33وم على مب 33دأ
الشاهدية اليت جتمع بني السمع والبصر ،ومن مث فهذه احلضارة هي حضارة نظر ،وبني احلض3ارة الغربي3ة
اليت وإن بنيت على النظر يف األشياء ،فإن مستندها النظر إىل األشياء.
وعلي3ه ،ف3ان النظ3ر العقلي يف ه33ذه احلض33ارة ت33ابع لنظره3ا احلس3ي .فعقله3ا من حس3ها كم33ا يق3ول ط33ه عب33د
الرمحان .وقد نتج عن ذلك طغيان الصيغة 3املادية على ه3ذه احلض3ارة إىل درج3ة أن م3ا يعت3رب روحي3ا فيه3ا
ه33و جمرد مش33خص بعي33د التش33خيص .وق33د س33امهت يف إب33راز ه33ذه احلقيق33ة تقان33ات اإلعالم 3والتواص33ل ال33يت
جعلت الكل يتحدث عن حضارة الصورة وحضارة الفرجة ،وكأن هذه التقانة أصولية جديدة أعادت
احلض33ارة الغربي33ة إىل جوهره33ا ال33ذي غطت33ه العقالني33ة الفلس33فية ال33يت س33ادت أوروب33ا من33ذ عص33ر النهض3ة 3إىل
اآلن.
لق3د ح3اول ط33ه عب33د الرمحان يف كتاب3ه ه3ذا الوق3وف على اآلف33ات ال33يت خلفته3ا حض3ارة الص33ورة ،الس3يما
يف اجلزء الث3اين اخلاص بالتح3ديات األخالقي3ة لث3ورة اإلعالم 3واالتص3ال ،حيث قص33ر ه3ذه التح3ديات ال33يت
أفرزهتا ثورة اإلعالم 3على ثالث آفات هي“ :آفة التفرج” و”آفة التجسس” و”آفة التكشف” 3.كم33ا
ق33دم جمموع33ة من الص33يغ ل33درء ه33ذه اآلف33ات ،منه33ا الص33يغة 3اآلمري33ة ال33يت يق33دمها الفق33ه التقلي33دي ،والص33يغة
االئتمانية اليت تقدمها فلسفته األخالقية االئتمانية.
سنحاول يف هذه احللقة األوىل الوقوف عن3د أهم مالمح آف3ة التف3رج ،على أن خنص3ص احللق3ات القادم3ة
آلفيت التجسس والتكشف.
حيدد الفيلس33وف ط33ه عب33د الرمحان آف33ة التف33رج يف س33ت خص33ائص هي“ :التوس33ط بالص33ور” ،و”متل33ك
املصورات” 3،و”اإلض3رار بالق3درات” ،و”اس3تبدال ال3وهم مك3ان احلقيق3ة” ،و”اإليق3اع 3يف التلص3ص”3،
و”التعرض للعنف”.
ويقص33د ب33التفرج لغ33ة “النظ33ر إىل األش33ياء عن ق33رب لالس33تمتاع” 3،وه33ذا التعري33ف ال يبتع33د عن التعري33ف
االصطالحي الذي قدمه طه ،حيث يقول عن التفرج إنه “االستمتاع بالنظر إىل الصور عن قرب”.
وتتم33يز الص33ورة عن غريه33ا مبالزمته33ا حلاس33ة البص33ر وك33ثرة توارده33ا واختالفه33ا عن الش33يء املص33ور ،كم33ا
تتم33يز بص33ناعيتها وجتزيئيته33ا وس33طحيتها ومكانيته33ا وس33كونيتها ،باإلض33افة إىل تكاثره33ا ونس33بيتها .لكنه33ا
وحبكم الكثرة والتنوع 3أصبح هلا سلطان غري مسبوق على النفوس ،جع33ل البعض يفض33لها على املص33ور.
وكان من نتائج ذلك ،آفة التوسط 3بالصور.
فلئن كانت عالقة احلواس بالعامل عالقة غري مباشرة؛ ألهنا عالقة حمكومة من جهة ببني33ة العض33و (تركيب33ة
العني مثال) ،ومن جهة أخرى بالعادات املكتسبة واملعلوم33ات املختزن33ة والتص33رفات املق33ررة واالعتب33ارات
املق33درة ،أو ق33ل الثقاف33ة ،ف33إن احلض33ارة املعاص33رة ق33د أولت للص33ورة أمهي33ة خاص33ة مبوجب أص33وهلا اليوناني33ة
والرومانية ومعتقداهتما الدينية 3اليت عُرفت بكثرة التماثيل والرسوم واأليقونات 3وبعقيدة التجسيد (اآلهلة
عند اليونان 3والثالوث املسيحي عند الرومان).
وعلي 33ه ،تع 33د الص 33ور احلديث 33ة متوس 33طة بالص 33ور القدمية“ ،فأص 33الة ص 33ور املتف 33رج ترج 33ع إىل كوهنا غ 33ري
م 33ردودة إىل غ 33ري الص 33ور” ،كم 33ا يق 33ول ط 33ه عب 33د الرمحان .كم 33ا أن ه 33ذه الوس 33اطة تع 33دت األص 33لية إىل
الكلي33ة؛ إذ أص33بحت الص33ورة هي الواس33طة 3إىل االدراك33ات احلس33ية األخ33رى كالص33وت واللمس والش33م
وال33 3ذوق؛ حبيث أص 33 3بح املش33 3اهد يس 33 3تمتع ب33 3أن ي 33 3رى املدركات األخ33 3رى على اختالفاهتا م33 3ردودة إىل
الصورة .ونتج عن ذلك حتوهلا إىل واسطة يتعامل هبا املتفرج مع كل شيء يف هذا العامل.
كما أصبحت هذه الوساطة 3ندية ،حبيث تصبح الصورة نسخة من الواقع الذي متثله فتزيد قيمت33ه بزي33ادة
قيمته33ا وتنقص بنقص33اهنا ،وينتج عن ه33ذه الندي33ة حب املظ33اهر وحب اجلاه ولفت األنظ33ار والتظ33اهر مبا
ال يرقى إليه ،واختاذ طقوس مظهرية ومسلكية خاصة.
ومن آفات التفرج “متل3ك املص3ورات”؛ 3إذ تق3وم بني املتف3رج والص3ورة 3عالق3ة تق3رب؛ حيث ق3ربت إلي3ه
ك 33ل ش 33يء ،فيت 33وهم أن 33ه ل 33و ازداد منه 33ا قرب 33ا لك 33انت 3هي عني م 33ا تص 33وره ،وألص 33بح بإمكان 33ه أن يلمس
الصورة بعينه ،وأن خيلع على نفسه صفات اللمس.
وقد انعكس ذلك على بنيات اللغة من قبي3ل “م3د بص33ره” و”ألقى بص3ره” و”رمى ببص3ره” 3و”رش33قه
ببص33ره”… كم33ا أن اللغ33ة املعاص33رة ال حتي33د عن ه33ذا التش33اكل بني البص33ر واللمس من قبي33ل “أخ33ذ ل33ه
ص3ورة” و”التق3ط 3ص3ورة” و”أمس3ك ب3ه وض3بطه…” ،ولكن األخط3ر ،يف نظ3ر ط3ه عب3د الرمحان ،ه3و
حتول رغب33ة اإلمس33اك إىل رغب33ة املتف33رج يف التمل33ك ،فكأن33ه وه33و ينظ33ر إىل الص33ورة يلمس املص33ور .ف33إذا
مل33ك الص33ورة فكأن33ه مل33ك املص33ور .وه33ذا راج33ع إىل أن الرغب33ة يف التمل33ك تك33ون حبس33ب م33دى اإلدراك
احلسي ،وليس هناك حاسة أوسع مدى وال أبعد من النظر.
كم33ا أن33ه ليس هن33اك حاس33ة أدعى إليق33اظ غري33زة التمل33ك من33ه ،ألن النظ33ر ي33ورث املعرف33ة .وكلم33ا ع33رف
الن33اظر ش33يئا ،ت 33وهم أن باإلمك33ان 3التس33لط علي33ه ،كم 33ا أن 33ه ليس هن33اك حاس33ة أك33ثر إليق 33اظ الش 33هوة من
النظر ،ألن هذه اإلثارة حتصل عن بعد ال عن قرب ،كما أهنا حترك باقي احلواس اليت ال تتصل باملنظور
إلي33ه إال بالتمل33ك املباش33ر ،فيك33ون 3ذل33ك س33ببا إلث33ارة االش33تهاء 3يف مجي33ع جوارح33ه .ب33ل ينعكس ذل33ك على
عالقت33ه م33ع اآلخ33رين؛ إذ يت33وهم أن33ه ميتل33ك املنظ33ور إلي33ه أك33ثر مما يتملك33ه اآلخ33رون ،فيق33ع يف آف33ة التس33لط
على اآلخر أثناء التعامل معه.
ومن آفات التفرج تضرر القدرات؛ إذ يسلمه التعود على التف33رج إىل اإلدم33ان على الص33ور ،في33ؤثر ذل33ك
على نش33اطه اجلس33مي والفك33ري والنفس33ي كض33مور العض33الت 3وتص33لب املفاص33ل ،وض33عف البص33ر واحلد
من إمكانات3ه .كم3ا أن نش3اطه الفك3ري يتض3رر وتتوق3ف قدرات3ه على التجري3د والتأم3ل واملقارن3ة والتعلي3ل
والتحلي3ل والتأوي3ل 3والتق33ومي 3،بس3بب الت33دفق الس3ريع للص33ور .باإلض3افة إىل نق33ل الكث3ري من الص3ور ملن3اظر
انفعالية ومشاهد مثرية تؤثر على العمليات الفكرية السالفة.
كم 33ا أن الت 33دفق م 33ع س 33ابق اعتق 33اده 3بص 33دق النب 3أ 3ينتهي بش 33ل عمل 33ه العقلي .وق 33د يلح 33ق الض 33رر اجلانب
النفس 3ي 3للمتف 33رج؛ حيث يبل 33د ت 33دفق الص 33ور إحساس 33ه ،فال يع 33ود يت 33أثر برؤيته 33ا مهم 33ا اش 33تد عنفه 33ا أو
إثارهتا ،كما أن ذاكرته ال حتفظ إال ظالال باهتة منه33ا في33ؤثر ذل33ك على تعامل33ه م33ع الواق33ع احلي ،فيم33وت
ش33عوره اإلنس33اين أو يك33اد .كم33ا يع ُقم خيال33ه بس33بب التخم33ة ال33يت يص33اب هبا ،فال يك33اد جيد ال33وقت لكي
يطلق العنان 3خلياله سارحا يف عامل املمكنات.
ومن اآلف33ات أيض33ا “إب33دال ال33وهم باحلقيق33ة”؛ 3إذ األص33ل أن الص33ور حماك33اة ومتثي33ل للواق33ع ،لكن التط33ور
التقين غري هذا األص3ل ،حيث مت تق3دمي الص3ورة على اخلرب ،ويتجلى ذل3ك يف نق3ل ص3ور ال تناس3ب اخلرب
ك3أن تك3ون مؤرش3فة أو مركب3ة أو معزول3ة عن س3ياقاهتا .وم3ع ذل3ك يظ3ل املتف3رج م3أخوذا بالص3ورة ،ب3ل
يتوهم أن فيها غناء عن اخلرب .كما أن الصورة فقدت طبيعتها 3اإلعالنية 3وأص33بحت ق33ادرة على مض33اهاة
املصور يف كشفه وحفظه وإظهاره وحتريكه ،فأضحى املتفرج شغوفا بالصورة أكثر من املصور؛ إذ إهنا
تضيف إليه ما ال يوجد أو تسقط منه ما يوجد فيزداد تومها وبعدا.
وإىل جانب هذه األمور ،يؤدي إدمان املتفرج على الص3ور إىل إس3قاط كيفي33ات تعامل3ه االفرتاض3ي 3معه3ا
على تعامل 33ه م 33ع املص 33ورات الواقعي 33ة ،فتغلب على تص 33رفاته معهم أوص 33اف االنفع 33ال واإلمهال والتش 33هي3
والتحكم والتقلب 3،ب 33ل ق 33د يص 33ل ب 33ه األم 33ر إىل قط 33ع أس 33باب االس 33تئناس بالن 33اس واالجتم 33اع إليهم ،فال
يعترب وجودهم أو حيرتم حقوقهم كما ال يأنس بكالمهم.
ومن آف3ات التف3رج “تلف3زة الواق3ع” ،وه3و م3ا يق3وم ب3ه تلفزي3ون الواق3ع ،لكن3ه على ادعاءات3ه الواقعي3ة 3فه3و
يزي33ف الواق33ع بانتق33اء الص33ور واألص33وات ال33يت تناس33ب األه33داف املرس33ومة ،كم33ا ختض33ع لعملي33ات اإلنت33اج
واإلخ33راج ،كم33ا أن الشخص33يات منتق33اة 3بعناي33ة ،وموض33وعة يف أم33اكن خمصوص33ة ،مما يبع33د عنه33ا التمثي33ل
احلقيقي حلياهتم اليومية .وعليه ،فإن الواقع الذي تقدمه هذه الربامج هو واقع مبين موسوط.
أما خامس اآلفات اليت يؤدي إليها التفرج فهي آفة التلصص .واملقص33ود ب33ه النظ33ر إىل س33وءات الغ33ري من
وراء س 33تار .وق 33د أش 33ار ط 33ه إىل أن ه 33ذه اآلف 33ة ناجتة عن طغي 33ان النظ 33ر على ب 33اقي احلواس بس 33بب هيمن 33ة
الصورة وحتول متع3ة النظ3ر من نط3اق األث3ر احلاص3ل باتص3ال عني بالع3امل إىل نط3اق اش3تهاء ه3ذا االتص3ال
لذات33ه؛ حيث يش33تهي املتف33رج أن ينظ33ر إىل الص33ورة ال بش33هوة النظ33ر فحس33ب ،ب33ل أيض33ا بش33هوة اجلنس،
أي بشهوة النظر املفضي 3إىل املتعة 3اجلنسية ،ويستبدل بالنظر شهوة النظر اليت تفضي ب33دورها إىل تعقب
ص33ور الس 33وءات ،مس 33تبدال بش33هوة النظ 33ر ش33هوة الف 33رج ،فينقلب نظ33ره إىل س 33وأة مس33ترتة لكنه 33ا تطلب
الشهوة يف كل شيء.
وق33د دعم ه33ذا التح33ول الث33ورة اجلنس33ية يف الس33بعينات 3وظه33ور الفن اإلب33احي ال33ذي ق33ام على تع33دي ك33ل
القيم األخالقي 33ة واألع 33راف االجتماعي 33ة والس 33نن اخللقي 33ة ال 33يت تض 33بط أعم 33ال االتص 33ال اجلنس 33ي ،وحتوي 33ل
املتف3رج إىل متلص33ص كل33ه وس3وأة كل33ه ،باإلض3افة إىل اس3تخدام مؤسس33ات اإلش33هار لش3ىت مظ33اهر اجلنس
يف إعالناهتا ل33رتويج البض33ائع وإغ33راء املس33تهلكني ،ف33زاد الطلب على الص33ور اجلنس33ية س33عيا إلمخاد ن33ريان
الشهوة ،لكنهم مل يزيدوها إال طلبا ملزيد منها ،أما إمخادها وتنظيمها فلم يعد يشغل باهلم.
أما اآلفة األخرية للتفرج فهي “التعرض لعنف الصور” ،ويتجلى ذلك من خالل اتصاف تدفق الص33ور
ب33اهلجوم ،واتص33اف مض33امينها بالقس33وة 3،وإث33ارة ش33هوة البطش يف املتف33رج؛ إذ تق33وم العالق33ة بني وس33ائط
اإلعالم واملتف 33رج على االتص 33ال ب 33دل التواص 33ل؛ حيث تس 33ري يف اجتاه واح 33د جتربه على قب 33ول ق 33رارات
وحتمل تصرفات مل يرغب فيها ،فهي عالقة مبنية 3أصال على العنف.
ومن مظ 33 3اهره املفاج 33 3أة 3واملباغت33 3ة ،حبيث يتلقى ص 33 3ورا ال يستش33 3ار يف فوائ 33 3دها وال يف نتائجه33 3ا وال يف
عائ33داهتا وال يف مواعي33د بثه33ا ،كم33ا أهنا ال ت33راعي طاقت33ه االس33تيعابية 3،وال مش33اعره ال33يت هتزه33ا ه33زا ،وال
قدراته الفكرية ،كما جتعله يساوي بني الصورة والواقع واحلقيقة3.
وب33الرغم من ذل33ك ،يتح33ول ه33ذا العن33ف م33ع األلف33ة واالعتي33اد إىل ن33وع من املازوخي33ة أو التل33ذذ ب33التعنيف3،
أو قد يتحول إىل عنف متعد حبيث ال يلبث املتفرج أن ينق3ل عالقت3ه العنيف33ة بالشاش3ة إىل عالقت3ه بالن3اس
هتجما وإيذاء واندفاعا وامتالكا للحقيقة ،مع حرصه على احملافظة على عالقته هبم.
وإىل جانب هذا ،تطفح مضامني الصور بالقسوة البالغة كمش3اهد القت3ل والتع3ذيب والقص3ف والت3دمري،
منزل33ة ب33املتفرجني م33ا أنزل33ه األش33رار بض33حاياهم .كم33ا أهنا تتالعب بعق33ول املتف33رجني حبيث ت33ومههم ب33أن3
احلرب اخلاطفة باألسلحة املتطورة 3أرحم باإلنسان من احلرب الطويلة باألسلحة التقليدية.
وق 33د تع 33دى ه 33ذا األم 33ر القن 33وات 3اإلخباري 33ة إىل ص 33ناعة الس 33ينما ال 33يت حتول فيه 33ا العن 33ف إىل ض 33رب من
ض33روب التس33لية واللعب .وال ش33ك أن التع33ود على ه33ذه املش33اهد يش33رب قلب املتف33رج القس33وة ،فيتبل33د
حس 33ه ومتوت مش 33اعره اإلنس 33انية ،فال يب 33ايل بأفع 33ال العن 33ف احلقيقي 33ة ال 33يت حتدث حول 33ه ،كم 33ا يتح 33ول
س33لوكه إىل س33لوك ع33نيف ،ف33ريى أن إرادت33ه هي ال33يت ينبغي 3أن تك33ون 3،وأن عالقت33ه ب33اآلخرين هي عالق33ة
ازدح33ام ال عالق3ة متاكن ،مقتنع33ا ب3أن 3احلي3اة ال تتس33ع هلم3ا مع33ا .كم3ا ال يع33ري اهتمام33ا للق33وانني واألع33راف
كما حتصل يف العامل االفرتاضي 3،فال يرتدد يف انتهاك كل الضوابط 3يف تعامل مع حميطه.
باإلضافة إىل ذلك ،تس33اق عني املتف33رج مبوجب تعرض33ها هلج33وم الص33ور وقس33وة مض33امينها إىل أن تبطش
باملنظور عن بع3د كم3ا تبطش الي3د ب3امللموس عن ق3رب؛ ذل3ك أن3ه ال يس3عى إىل اإلمس3اك ب3املنظور فق3ط،
ب33ل يس33عى إىل أن يس33تقل مبنظ33وره حبيث ال ينازع33ه في33ه آخ33ر ،كم33ا يتح33ول إمس33اكه إىل إمس33اك معانف33ة؛
ألن ص33ور العن33ف ال33يت تلقاه33ا جتعل33ه يعتق33د أن ك33ل ممس33وك م33أخوذ ب33العنف؛ أي إن33ه “بطش” .ومييز ط33ه
عبد الرمحان بني نوعني من البطش؛ بطش زالق وهو ممارسة العنف من أجل اإليذاء ،و”بطش ماحق”
وهو العنف من أجل البقاء .كما يتحول بطشه إىل شهوة “ش3هوة 3البطش”؛ إذ تورث33ه مش33اهدة الص33ور
العنيفة 3ال اشتهاء النظر فحسب ،بل شهوة البطش ،أي شهوة النظر احلاملة على إيقاع البطش.