Professional Documents
Culture Documents
الانتقال إلى مناهج الجيل الثاني من التدريس بالكفاءات في الجزائر
الانتقال إلى مناهج الجيل الثاني من التدريس بالكفاءات في الجزائر
وسنحاول في هاته الورقة البحثية قراءة مدى جودة محتوى هذه المناهج ،معتمدين في ذلك على المنهج
الوصفي التحليلي ومنهج تحليل المحتوى .بدءا بالوقوف على أهم دواعي اللجوء إلى هاته اإلصالحات مع إبراز
أهم ما يميزها عن سابقتها ،ثم الكشف عن اإلستراتيجية المرتقبة لتطبيقها وذلك لضمان وفي أحسن الظروف
نجاح االنتقال من النموذج البيداغوجي 5القديم (الجيل األول من المقاربة بالكفاءات) إلى النموذج البيداغوجي5
الجديد (الجيل الثاني) ،وأيضا الوقوف على أهم أوجه النقد الموجهة لها .وحتى تفي هاته اإلصالحات بالغرض
.المطلوب تم في األخير تقديم 5بعض التوصيات
.الكلمات المفتاحية :التدريس بالكفاءات ،مناهج الجيل األول ،مناهج الجيل الثاني
:مقدمة
استجابة لما فرضه القرن العشرين من تحديات وتحوالت في شتى مناحي الحياة سارعت جل الدول إلى
مراجعة نظمها وبرامجها التربوية بدءا بتبني 5المقاربة باألهداف ،والتي كان من عيوبها ارتكازها الكلي على
السلوكات القابلة للمالحظة والمتمفصلة عن بعضها البعــض لدرجة أصبح معها الفعل التعلمي غير ذي داللة
بالنسبة للمتعلم ،كما يجد – المتعلم -نفسه وفي كثير من األحيان عاجزا عن تسخير هذه المكتسبات المعرفية في
مختلف مواقف الحياة الشخصية منها والمهنية التي تصادفه.لتظهر الحاجة من جديد إلى تحديث المناهج التعليمية
وتعديلها بحيث تأخذ بعين االعتبار القدرة على تحويل المعارف وتجسيدها في خدمة الفرد والمجتمع .وكانت
النتيجة المنطقية لذلك أن اتجهت الممارسات البيداغوجية في جل أنحاء العالم شيئا فشيئا نحو المقاربة
بالكفـــاءات والتي تعتبر بيداغوجيا اإلدماج مرجعا ً لها ،كونها تقترح تعلما ً اندماجيا ً غير مجزأ وذا معنىُ ،يبنى
على ما هو أنفع وأف َيد بالنسبة للفرد والجماعة من خالل تمكين المتعلم من تجنيد 5مجموعة مندمجة مــــــن الموارد
لحل وضعيات تتجاوز فضاء القسم ،وبالتالي فهي تنتقل بالمتعلم من مجرد مستقبل للمعرفة إلى باحث عنها.
ونتيجة لما تتميز به هذه المقاربة وعلى غرار باقي الدول سارعت الجزائر إلى تبنيها وتطبيقها ابتداء من السنة
الدراسية ، 2003/2004والتي صارت – الكفاءة – تطلق كمؤشر لما يتمتع به موظفو قطاع التربية عند تأديتهم5
.ألعمالهم وممارساتهم لمهامهم بمستوى معين من اإلتقان
:إشكالية البحث
غير أنه بالرغم من مباشرة اإلصالحات على مستوى المنظومة التربوية بدءا من الموسم الدراسي/ 2003
2004والمحاوالت الجادة في تحسين جودة المخرجات ،إال أن الواقع الميداني أظهر عدم التناغم بين ما حددته
السياسات التربوية المرسومة ،وبين ما تعج به الحقائق الميدانية من تواضع في جودة التعليم والتعلم حيث لم ترق
المناهج المدرسية الحالية إلى المستوى المطلوب ،كما ثبت عدم وجود فروق واضحة في الممارسة البيداغوجية
.بين الطريقة الجديدة 5والطرق السابقة []1
ليبدأ معها التخطيط إلصالحات الجيل الثاني من التدريس بالكفاءات والذي شرع في تنفيذه مع الدخول المدرسي
2017 /2016بدءا بالسنتين األولى والثانية من الطور االبتدائي باعتبارهما الركيزة الرئيسة لبناء الهرم التربوي
وكذلك السنة األولى متوسط كمرحلة أولى ،على أن يتواصل إلى غاية 2019ويعمم على باقي المستويات
واألطوار التعليمية .والتي ينتظر منها تحقيق النوعية في تحسين األداء التربوي للمعلم من جهة ،ومن جهة أخرى
نقل المتعلم من مجرد مكتسب للمعارف عن طريق الحفظ واالسترجاع إلى ممارس ومفكر ومبدع ،من خالل خلق
.بيئة تعليمية صحية تسمح بالتفاعل االيجابي بين المعلم والمتعلم
ولسنا هنا بصدد الترويج لإلصالحات الجديدة 5،بقدر ما سنحاول توضيح األرضية التي أدت إلى ميالد المشروع
اإلصالحي األخير وذلك من خالل اإلجابة عن التساؤالت التالية :ما أهم دواعي االنتقال إلى مناهج الجيل الثاني ؟
وما أهم ما يميزها عن مناهج الجيل األول ؟ ثم ما هي إستراتيجية الوصاية في تطبيق اإلصالحات ؟ وما أهم أوجه
النقد الموجهة لها ؟ وأخيرا ما أهم التوصيات التي يمكن بها تفادي الوقوع في نفس األخطاء السابقة ؟
أما من الناحية االصطالحية فقد تعددت تعاريف المنهج نذكر منها تعريف سعادة[ ]3الذي يرى بأنه “مركب من
مجموعة من العناصر ترتبط مع بعضها البعض بشكل وظيفي ومتكامل،حددها تايلر في أربعة عناصر هي األهداف
”.والمحتوى والتدريس والتقويم
بأنه ” تخطيط للعمل البيداغوجي وأكثر اتساعا من المقرر التعليمي ،فهو ال ] HAINAUT))[4في حين يعرفه
يتضمن فقط مقررات المواد ،بل أيضا غايات التربية وأنشطة التعليم والتعلم ،وكذلك الكيفية التي سيتم بها تقويم
”.التعليم والتعلم
مناهج الجيل األول:هي المناهج التربوية الجزائرية المعتمدة على المقاربة بالكفاءات والتي دخلت حيز التطبيق
.ابتداء من الموسم الدراسي 2003/2004
مناهج الجيل الثاني:وهي مناهج تعتمد أيضا على المقاربة بالكفاءات ولكن بشكل متطور ،والتي دخلت حيز
.التطبيق ابتداء من الموسم الدراسي 2016/2017
.للتحيين الذي يفرضه تقدم العلوم والتكنولوجيا وذلك قصد إدراج معارف جديدة 5أو مواد جديدة -
وفي ذات المنحى أشارت نتائج الدراسة التشخيصية إلى أن أهم العوامل والمبررات الداعية إلى إعادة النظر في
:المناهج الحالية في الجزائر هي
تصميم المناهج السابقة في غياب اإلطار المرجعي؛ حيث تم صدور كل من القانون التوجيهي للتربية الوطنية -
08/04والمرجعية العامة للمناهج المعدلة حسب القانون التوجيهي ،2009والدليل المنهجي إلعداد المناهج
2009.إال بعد المباشرة في اإلصالحات
نقص في التنسيق بين األطوار والمراحل ،حيث تم إصدار مناهج الجيل األول سنة بعد سنة مما جعلها تفتقد- 5
.االنسجام والتماسك فيما بينها []6
مصادقة الجزائر في 2015على برامج التنمية المستدامة لألمم المتحدة 5التي تلزم كل الدول المنخرطة بترقية -
.التعليم مدى الحياة
تصليح االختالالت وتدارك النقائص المسجلة خالل تجربة المنهاج الدراسي للجيل األول من 2003حتى -
،2015:والواردة في عمليات االستشارة حول المنهاج ( ،)2013والتي كان من أهم توصياتها
نظرا التصاف المناهج التربوية بالمرونة وعدم الجمود ،فإننا نجد جل دول العالم ُتخضعها دوريا إلى التعديل
:والتحسين وإعادة النظر .ولعل من أهم ما يميز منهاج الجيل الثاني هو
.انسجامه مع القانون التوجيهي للتربية وبالتالي مع الغايات المحددة للنظام التربوي[- ]8
اعتماد البنيوية االجتماعية التي تضع في الصدارة االستراتيجيات التي تمكن المتعلم من بناء معارفه ضمن العمل -
.التشاركي
العمل على تكامل موضوع أو مفهوم من المفاهيم في عدة مواد قصد إحداث االنسجام األفقي والعمودي بين -
المواد ،وتناول المشاريع المتعددة المواد[ ،]9وتنمية اإلدماج من خالل تحديد الكفاءات العرضية والقيم بدقة ضمن
ما يسمى بتشاركية المواد بحيث تصبح المواد وحدة منسجمة ومتناغمة فيما بينها لتكوين ملمح تخرج التلميذ من
.أي مرحلة من مراحل المسار الدراسي
المحور البيداغوجي 5:وتتضمن البنائية والبنائية االجتماعية والوضعية التعلمية والوضعية االندماجية وكذا )2
.التقييم5
المحور النسقي 5:لضمان تقارب وتالقي المناهج في وحدة شاملة وتصور شامل وتنازلي للمناهج وانسجام أفقي )3
.وعمودي للمناهج
المحور القيمي :وتضمن ق َي م الهوية واالنتماء للعروبة واألمازيغية في إطار جغرافي وزمني محدود وكذا القيم )4
.االجتماعية والثقافية والقيم الكونية
وعند استقرائنا ألهم المحاور نستشف النظرة الشمولية لمنهـاج اإلصالحات وطابعه التنازلي ،كونه ينتظر منه
التكامل والترابط والتسلسل بين المواد ،وتحقيقه االنسجام األفقي والعمودي ،مع توحيد شكله ومصطلحاته انطالقا
من ملمح التخرج الشامل للمرحلة ثم للطور ثم للسنة .زيادة على ذلك توحيد محاور الدراسة في كل المواد واللغات
بما سيسمح برفع نسبة استيعاب المتعلمين وعدم تشتتهم بين عدة محاور عند االنتقال من مادة إلى أخرى .مع
توخي المرحلية والتدريج في التنفيذ 5تفاديا لألخطاء ومعالجتها في حينها ،وأيضا بزيادة حجم النصوص الجزائرية
.في البرامج الدراسية
وعند الحديث عن اإلستراتيجية المتعلقة بالمعلم والمتعلم من منظور مناهج الجيل الثاني فإن ما نستشفه من
خطابات الوصاية والمرجعيات المعتمدة تأكيدها على المشاركة الفعالة للمتعلم وتحكمه في المعارف الوثيقة الصلة
الموجه
ِّ بواقعه وتوظيفها .أما بالنسبة للمعلم فينتظر منه االنتقال من دور المسيطر على العملية التعليمية إلى دور
ِّ
والمنظم والمس ِّه ل لها ،معتمدا في تحقيق ذلك على طرائق بيداغوجية وتعليمية تتمركز حول شط والمقوم والمن ِّ
ِّ
المتعلّ م أكثر مما تتمركز حول المضامين ،وأن يضع نفسه دائما في منطق تعلّمي أو تكويني بدال من منطق تعليمي
.أو تلقيني ،على أن يعطي األسبقية للممارسة الميدانية للتعليم والتعلم
أما بالنسبة إلشكالية القيــم فإن السياسة المنتهجة في اإلصالح التربوي ترتكز على ضرورة نقل القيم
االجتماعية والدينية والوطنية والروحية واألخالقية والسلوكية الموجودة في المجتمع الجزائري من خالل العمليات
التعليمية إلى المتعلم ،وذلك استنادا إلى (القانون التوجيهي للتربية ]11[)2008 ،الذي ينطوي على مهام
المدرسة والقيم الروحية والمواطنة من خالل تأكيده على الشخصية الجزائرية وتعزيز وحدة األ ّمة عن طريق
ترقية القيم المتعلّ قة بالثالثية :اإلسالم ،العروبة واألمازيغية ،ومدعمة بالتكوين على المواطنة والتف ّتح على
.الحركات العالمية واالندماج فيها
أما بخصوص عملية التقويــم فمن المنتظر أن تركز على المنتوج والمسار معا ،وأن تنصب على مدى تحقق5
الكفاءات بغية تطوير وتعديل 5األداء والممارسات ،مع الحرص كل الحرص على أال يقتصر على الجانب المعرفي،
.بل يشمل تقويم التعلمات جميع جوانب شخصية المتعلم (معارف ،مهارات ،سلوكات ،مواقف)
وفي هذا الصدد تلخص عباد[ ] 12أهم ما يميز مناهج الجيل األول عن مناهج الجيل الثاني حسب ما هو وارد
:في الجدول الموالي
الجدول ( )01يوضح أوجه المقارنة بين الجيلين (األول والثاني)
عناصر المقارنة مناهج الجيل الثاني مناهج الجيل األول (السارية المفعول)
تصور المنهاج تصور لمناهج بترتيب زمني (سنة بعد سنة) تصور شامل وتنازلي للمناهج يضمن
االنسجام األفقي والعمودي
ملمح التخرج تهدف تم التعبير عنه بشكل غايات لكل مادة وتكفل ببعض القيم المعزولة وغير المخطط لها
إلى تحقيق غاية شاملة ومشتركة بين كل المواد تتضمن قيما ذات عالقة بالحياة االجتماعية والمهنية
بنائي لكفاءات ذات طابع معرفي النموذج التربوي اعتماد البنيوية االجتماعية التي تضع في الصدارة
االستراتيجيات التي تمكن المتعلم من بناء معارفه ضمن العمل التشاركي
هيكلة المادة تهيكلت على أساس مفاهيم منتقاة تهيكلت على أساس مفاهيم أساسية منظمة في مجاالت
حسب قدرتها اإلدماجية ومنظمة في ميادين
المقاربة البيداغوجية المقاربة بالكفاءات التي تستدعي جملة من القدرات المعرفية المقاربة
بالكفاءات التي تعرف بالقدرة على حل وضعيات مشكلة ذات داللة
مستوى تناول المفاهيم على أساس الصعوبات التي تطرح حسب النضج العقلي للمتعلم ومكتسباته القبلية
عند ممارستها
:إستراتيجية الوصاية في تطبيق اإلصالحات
:لمواكبة هذه اإلصالحات كانت إستراتيجية االنتقال إلى مناهج الجيل الثاني مرتكزة على
.استغالل الرصيد التاريخي لعدّ ة تجارب دولية في إصالح المنظومات التربوية -
اعتماد برنامج تكويني طويل المدى لصالح مؤطري العمليات التربوية حول المناهج والنظريات التربوية -
الجديدة ،مع رصد العراقيل التي تواجهها في الواقع الميداني،تشرف على تكوينهم اللجنة الوطنية للمناهج التربوية
مخططا وطنيا للتكوين في ثالث مراحل ّ ومجموعاتها المتخصصة .كما وضعت ذات اللجنة منذ بداية سنة 2015
موجها للمف ّتشين المكلّ فين بتبليغ هذه المضامين التكوينية على مستوى الواليات ،والذي يهدف إلى استفادة ك ّل
َّ
المدرسين واإلداريين المعن ّيين بمقاصد التحوير البيداغوجي 5للتكوين قبل الدخول المدرسي ،2017/2016على ّ
المتوسط (السنة األولى)
ّ األول
أن تمنح األولوية لمدرسي الطور األول االبتدائي (السنة 1والسنة ،)2وكذا الطور ّ
المؤسسات االبتدائية والمتوسطة
ّ .ورؤساء
.بلوغ نصاب 36أسبوعا من التدريس بدال من 32أسبوعا ،خصصت أربعة منها للتقويم التحصيلي -
االستناد إلى المرجعيات التي بني عليها المنهاج .أولها القانون التوجيهي للتربية الذي صدر في جانفي - 2008
وهو مشتق من الدستور ،والمرجعية الثانية هي المرجع العام لبناء المناهج والمحدد للضوابط العامة ،أما
.المرجعية الثالثة فهي الدليل المنهجي لبناء المناهج
.توفير الكتاب المدرسي بدفتر شروط محدد ،مع احتكار طبعه على جهات دون أخرى -
على غرار اإلصالحات السابقة شهد الوسط التربوي نقاشا وجدال حول هاته اإلصالحات ،وتباينت ردود األفعال
بين مؤيد ومعارض .تحولت من كونها مسألة تعليمية تربوية لها ارتباط بسياسات وخطط التنمية إلى قضية
سياسية فكرية ،كانت البوادر األولى لهذا الجدل تتعلق بالحجم الساعي .وإال كيف يفسر التناقض بين الخطابات
المؤكدة 5على إدراج التحسينات دون المساس بجوهر المنظومة التربوية وببنية المواد وحجمها الساعي في الوقت
الذي تم فيه إعطاء مادة اللغة الفرنسية مكانة مهمة وأهمية قصوى ضمن البرنامج الجديد 5خاصة في الطور
المتوسط ،حيث تمت معادلة حجمها الساعي لمادتي اللغة العربية والرياضيات ،كما قدر حجمها الساعي بمجموع
ما خصص لمواد الهوية الوطنية األربع وهي التربية اإلسالمية ،التربية المدنية ،التاريخ والجغرافيا ،إضافة إلى
ذلك عدم خضوع حجمها الساعي للتقليص الكبير الذي خضعت له كل من مادة اللغة االنجليزية واللغة العربية
والرياضيات .ليتعزز بهذا الطرح القائل باالعتماد على خبراء أجانب لتحضير المناهج ،وذلك للتمكين لثقافتهم
وأيديولوجيتهم 5والسعي لتمرير وصفة جديدة 5ال عالقة لها بقيم المجتمع ،وهو ما عبر عنه (بوكبشة ،2013 ،ص
] 13[)26بهيمنة العقل الغربي على النخبة المفكرة والمخططة أو المشرفة على اإلصالح .ولعل ما يصدق على
هذه الوضعية تأثير العامل االستعماري وحالة القابلية لالستعمار التي لم تتحرر منها المجتمعات المتخلفة أو حالة
.تقليد المقلوب للغالب
كما أنه كيف يمكن تبرير المفارقة بين ما أشارت إليه االستشارة الميدانية ( ]14[)2013المطابقة ألهداف
القانون التوجيهي للتربية الداعي إلى ضرورة التكفل بالبعد العلمي والتكنولوجي وبين تقزيم الحجم الساعي الذي
خضعت له هاته المادتين اللتين تعدان أساس العلوم .كما أنه تجب اإلجابة عن التساؤالت المرتبطة بضمانات تفادي
الوقوع في األخطاء المرتكبة عند إنجاز الجيل األول ،على غرار بناء المنهاج سنة بسنة ،والنقص في التنسيق
األفقي والعمودي للمناهج ،وكيفية تجسيد الكفاءات العرضية والقيم والسلوكيات ،وتفادي التركيز على الكفاءات
.المتعلقة بالمادة ومعارفها
ثم إن إقامة الحجج بصعوبة القيام بتجريب المناهج قبل تعميمها (نظرا لالستعجال) وإجراء التصحيحات
.األولية ما هي إال حجج للتهيئة من اآلن لتقبل إصالحات مستقبلية[]15
والسؤال الذي يفرض نفسه أيضا ،ماذا يمكن أن يتغير؟ إذا كان غالبية المؤلفين والمشرفين على إعداد
.المناهج والكتب المدرسية الجديدة هم أنفسهم من أعدوا وأشرفوا على إعداد المناهج والكتب القديمة
وعليه ،وبالنظر إلى الجدل الذي يثار حول تخلف مناهج التعليم الجزائرية وعجزها عن مالحقة التطورات
العلمية المتسارعة ،ومع أنه اتجاه يدفع نحو إحداث تغييرات حقيقية في مضامين مناهج العلوم التطبيقية وأساليب
عرضها ،إال أن هذا العامل ال يصح اعتباره مسوغا إلحداث تغييرات جذرية وأساسية في مناهج التربية اإلسالمية
والعلوم اإلنسانية كاللغة العربية ،التاريخ ،الجغرافيا ،الدراسات االجتماعية ألن معارف هذه المواد معارف تتميز
بثبات نسبي وال تحمل سمة التسارع التي تحملها مناهج العلوم التطبيقية ،وعليه فإن التغيير هنا ال يكون إال في
.أسلوب العرض ومنهجية توصيل هذه المعارف فحسب[]16
:خاتمة
وبعد دخول اإلصالحات حيز التنفيذ 5واالطالع على جميع المناهج والكتب المدرسية وبعيدا 5عن التجاذبات
حري بنا أن نعترف بأن هشاشة وال جودة مخرجات مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا هي من هشاشة ٌّ واألخذ والرد،
.فكرنا ومناهجنا التربوية ،ناهيك عن عدم االلتزام بل وبابتعادنا 5شيئا فشيئا عن القيم اإلسالمية واآلداب العامة
غير أنه يمكننا أن نتساءل عن مبررات اعتماد التغيير الشامل بدال من التغيير الجزئي للمناهج المدرسية،
وعن المنهجية المعتمدة من الوصاية وبعض فاعلي القطاع لتنفيذ ما تم إدراجه واعتماده من برامج ومناهج
وإطالق كتب جديدة .أم أن هذه اإلصالحات ما هي إال تغيير للمصطلحات على غرار سابقاتها .أو أنها تسعى لتمرير
وصفة جديدة تحت غطاء إصالح المنظومة التعليمية ؟ مما سيرهن مرة أخرى مستقبل األجيال الحالية
والمستقبلية؛ أم هو استجابة للمتطلبات االجتماعية الجديدة 5،وضرورة للنهوض بمستوى المنظومة التربوية في
.بالدنا
:توصيات البحث
بعد استقراء محتوى مناهج الجيل الثاني ،نتيقن أنها لم تسلم من االرتجالية ولن تسلم من القصور .وعليه وحتى
:تحقق اإلصالحات أهدافها والطموحات المرجوة منها ينبغي إخضاعها لمجموعة من التدابير واالستراتجيات أهمها
التكوين والتدريب الجدي للمدرسين على الكفاءات المهنية والبيداغوجية التي يحتاج إليها ليتكفل بالتجديد -
.البيداغوجي 5لهاته المقاربة
سد العجز في تأمين أبنية مدرسية مالئمة من حيث المساحة والقاعات المجهزة باألثاث المدرسي الذي ينبغي- 5
.جعله أكثر حركية لتكوين فضاءات عمل مكيفة مع طبيعة النشاطات
.تأمين األجهزة والوسائل التربوية الضرورية وجميع االحتياجات من كتب مدرسية ،ووثائق وسندات تربوية -
التعر ف على المشكالت الناجمة جراء تطبيق الهيكلية التعليمية والمناهج الجديدة- 5،
ّ تفعيل جهاز المتابعة بغرض
.مع تقديم 5تغذية راجعة سريعة وتحديد مستلزماتها وصوال إلى اقتراح الحلول المالئمة
.إلزامية تعميم 5التربية التحضيرية لضمان التجانس في مستوى التالميذ قبل دخول المدرسة -
.التشخيص الدقيق لألزمة التربوية ،مع إشراك جميع الشركاء والفاعلين في متابعة وتقويم اإلصالحات -
:قائمة المراجع
االستشارة الميدانية حول التقييم 5المرحلي للتعليم 5اإللزامي (مقترحات حسب الصيغة الواردة في تقارير الندوات -1
.الجهوية) ،الجزائر ،أفريل 2013
.اللجنة الوطنية للمناهج ،اإلطار المرجعي إلعادة كتابة المناهج ،الجزائر-2 2009،
.اللجنة الوطنية للمناهج ،الدليل المنهجي إلعداد المناهج ،وزارة التربية الوطنية ،الجزائر-3 2009 ،
بوكبشة جمعية ،تحديث المناهج التعليمية ضمن عملية اإلصالح التربوي ،األكاديمية للدراسات االجتماعية -7
.واإلنسانية ،العدد 10 5جوان2013 ،
.براح عبد العزيز ،تقديم هيكلة وثيقة منهاج الجيل الثاني ،ملتقى 05أفريل باتنة8- 2015 ،
دبلة عبد العالي وآخرون ،المناهج التربوية العربية بين متطلبات التطوير ومطالبات التغيير ،دفاتر مخبر -9
.المسألة التربوية في الجزائر في ظل التحديات الراهنة جامعة محمد خيضر ،بسكرة2015
.لوصيف عبد هللا ،مناهج الجيل الثاني من التصميم إلى التنفيذ ،ملتقى باتنة-102015 ،
.سعادة جودت أحمد ،المنهج المدرسي المعاصر ،دار الفكر ،الطبعة الثانية ،عمان ،األردن-112004
عباد مليكة ،تطور المناهج الدراسية ،المجموعة المتخصصة اللجنة الوطنية للمناهج ،ملتقى باتنة 05أفريل -12
2015.
13- HAINAUT, LOUIS, Des fins aux objectifs de l´éducation, Labor Bruxelles
et Fernand, Paris, 1983.
االستشارة الميدانية حول التقييم المرحلي للتعليم اإللزامي (مقترحات حسب الصيغة الواردة في تقارير [1].
.الندوات الجهوية) ،الجزائر ،أفريل 2013
.ابن منظور ،لسان العرب ،دار صادر ،الطبعة الثالثة ،بيروت[2]. 1994 ،
سعادة ،جودت أحمد ،المنهج المدرسي المعاصر ،دار الفكر ،الطبعة الثانية ،عمان ،األردن 2004،،ص [3].
55.
[4] HAINAUT, LOUIS, Des fins aux objectifs de l´éducation, Labor Bruxelles
et Fernand, Paris, 1983 .
.اللجنة الوطنية للمناهج ،اإلطار المرجعي إلعادة كتابة المناهج ،الجزائر[5]. 2009،
.لوصيف عبد هللا ،مناهج الجيل الثاني من التصميم إلى التنفيذ ،ملتقى باتنة[6]. 2015 ،
المكونين على مناهج الجيل الثاني ،الجزائر ،2015 ،ص [7]. 6
ّ .اللجنة الوطنية للمناهج ،مقياس تكوين
.براح عبد العزيز ،تقديم هيكلة وثيقة منهاج الجيل الثاني ،ملتقى 05أفريل باتنة[9]. 2015 ،
.اللجنة الوطنية للمناهج ،الدليل المنهجي إلعداد المناهج ،وزارة التربية الوطنية ،الجزائر[10]. 2009 ،
عباد مليكة ،تطور المناهج الدراسية ،المجموعة المتخصصة اللجنة الوطنية للمناهج ،ملتقى باتنة [12]. 05
.أفريل 2015
بوكبشة جمعية ،تحديث المناهج التعليمية ضمن عملية اإلصالح التربوي ،األكاديمية للدراسات االجتماعية [13].
.واإلنسانية ،العدد 10 5جوان ،2013ص 26-21
[ .] 16دبلة عبد العالي وآخرون ،المناهج التربوية العربية بين متطلبات التطوير ومطالبات التغيير ،دفاتر مخبر
المسألة التربوية في الجزائر في ظل التحديات الراهنة جامعة محمد خيضر ،بسكرة.، 2015