Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫أعلن في إسرائيل يوم ‪ ٢٠‬شباط عن موت شلومو هالل ( هليل ) عن سبع وتسعين عاما وهو من الشخصيات‬

‫التاريخية المؤسسة إلسرائيل ‪،‬‬


‫لكن الوجه الحقيقي له ونشاطه في تهجير يهود العراق هو ما يهمنا‪،‬‬
‫أنه اليهودي البغدادي الذي هاجر الى اسرائيل وعاد للعراق متنكرا‪،‬‬
‫وقاد فريقا من الموساد جهاز المخابرات‪،‬‬
‫وحرضوا الغوغاء على اليهود عام ‪ 1941‬وزرعوا القنابل في الكنس‬

‫اليهودية لدفع اليهود الى الهجرة الى اسرائيل ووقع نتيجة ذلك قتلى وجرحى‬
‫ونهب ممتلكات‪،‬‬
‫وتلك الحادثة تعرف عراقيا بــــ" فرهود اليهود"‪.‬‬
‫ولد شلومو هالل في عائلة يهودية في العراق العام ‪ .1923‬وعندما كان في الحادية عشر من العمر‪ ،‬وقعت مجازر ضد اآلشوريين في‬
‫العراق‪ ،‬فنزحت عائلته إلى فلسطين التي كانت تحت االنتداب البريطاني فيما كانت الحركة الصهيونية تكبر‪ .‬ودرس هالل الزراعة ثم‬
‫االدارة العامة واالقتصاد وأصبح منخرطا في النشاط الصهيوني‪.‬‬
‫وفي األربعينيات‪ ،‬سافر هالل مجددا الى العراق وعمل سرا من أجل إيجاد سبل لسفر العائالت العراقية اليهودية إلى األرض التي ستعلن‬
‫فيها إسرائيل‪.‬‬
‫وكانت المهمة صعبة وخطرة‪ ،‬وهو يسلك طرقات عبر سوريا ولبنان واألردن واحيانا ايران‪.‬‬
‫وتمكن من استئجار طيارين أميركيين سابقين وأمن الحصول على طائرة من طراز "كورتيس سي‪ "46-‬المخصصة ألغراض النقل‬
‫الجوي‪ .‬وكان سجل هذا الطراز من الطائرات سيئا لدرجة انه كان يطلق عليها "التابوت الطائر" من جانب الجنود االميركيين خالل‬
‫الحرب العالمية الثانية حيث كانت تسجل العديد من حاالت اشتعال النيران فيها أو انفجارها أو اختفائها عن الرادارات‪.‬‬
‫في ‪ 23‬اغسطس‪/‬آب ‪ ،1947‬نظم هالل بشكل سري تجمع ‪ 100‬يهودي بغدادي قرب مطار المدينة حيث تم نقلهم بشكل خفي وغير‬
‫قانوني جوا الى مستوطنة يهودية بعدما هبطت طائرتهم بشكل خطر في أرض زراعية محروثة‪.‬‬
‫وبعد اعالن انشاء اسرائيل العام ‪ ،1948‬بدأ هالل يفكر بطريقة أكبر‪.‬‬

‫قام هالل وصديقه البريطاني روني بارنيت بتنفيذ خطة لتأمين طائرة والتفاوض من اجل تنظيم رحالت اعتيادية من بغداد‪ ،‬على ان‬
‫تصل بشكل غير مباشر الى اسرائيل‪.‬‬
‫وكان بارنيت على معرفة بصاحب شركة سفر عراقية يدعى عبدالرحمن رؤوف‪ ،‬وكان لديه خطة تعتمد على ان احد اعضاء مجلس‬
‫ادارة الشركة كان توفيق السويدي الذي تولى رئاسة الحكومة عدة مرات ومقربا من العائلة الملكية الحاكمة‪ ،‬وكان قد شارف على نهاية‬
‫واليته الحكومية االخيرة‪.‬‬
‫وكان شلومو هالل يسافر الى العراق كرجل اعمال حامال اسم ريتشارد آرمسترونغ‪ .‬وكان هو وبارنيت يذهبان الى منزل رئيس الحكومة‬
‫العراقية وتمكنا من الفوز بصفقة لتنظيم رحالت جوية مستخدمين الطائرة التي كانت تملكها شركة أالسكا الجوية تحت اسم شركة‬
‫لرحالت التشارتر‪ ،‬وذلك عبر شركة عبدالرحمن رؤوف‪"NEAT " .‬‬

‫وباالساس‪ ،‬توجهت الرحالت الجوية من بغداد الى قبرص‪ ،‬لكنها كانت تحط الحقا في اسرائيل حيث يقع مطار بن غوريون حاليا‪.‬‬
‫وفي نهاية المطاف‪ ،‬نجح شلومو هالل بنقل وتهجير ‪ 120‬الف عراقي يهودي بهذه الطريقة في حملة اطلق عليها "عملية عيزرا ونحميا"‬
‫نسبة إلى شخصين تقول االسطورة اليهودية انهما غادرا من بابل القديمة‪ ،‬من موقع بالقرب من بغداد الحالية‪ ،‬من أجل استيطان اليهود في‬
‫اسرائيل‪.‬‬
‫وفي العام ‪ ،1952‬دخل شلومو هالل الكنيست االسرائيلي‪ ،‬وخدم حتى العام ‪ 1959‬عندما غادر لتولي عدد من المهمات الدبلوماسية‪ ،‬قبل‬
‫أن يصبح عضوا في البعثة اإلسرائيلية لدى األمم المتحدة‪ ،‬ووزيرا للشرطة والحقا عاد هالل إلى الكنيست؛ وفي العام ‪ 1998‬منح جائزة‬
‫اسرائيلية تعتبر االرفع من نوعها لشخصية غير عسكرية‪.‬‬
‫وفي العام ‪ ،2017‬أي بعد ‪ 70‬سنة على رحلة طائرة "سي‪ "46-‬اجتمع من بقي من ركاب هذه الرحلة أو أقاربهم وكان هالل موجودا‬
‫ليرحب بهم‪ .‬وتم ابالغهم ان حكومة اسرائيل عثرت على الطائرة التي نقلتهم واشترتها‪ ،‬وجرى ترميمها الحقا‪.‬‬
‫يعترف شلومو هليل في كتابه" عملية بابل" صراحة إن العراقيين أبرياء‬
‫من تلك القضية وانها كانت من تدبيره هو مع فريق كامل‬
‫من بينهم وزير الدفاع االسرائيلي في حرب حزيران عام ‪ 1967‬موشي دايان‪،‬‬

‫كما يعترف انه قابل نوري السعيد بجواز امريكي مزور كصاحب شركات‬
‫والطلب منه تسهيل هجرة اليهود مقابل الحصول على مكاسب إقتصادية‪.‬‬
‫وقد اعترف شلومو هليل في مذكراته‪ ،‬وكان هو المشرف على تهجير يهود العراق عام ‪ ،1950‬بان أحد المحامين العراقيين المشهورين‬
‫آنذاك لعب دورا في إطالق سراحه بعيد اعتقاله وتكفلت الموساد بمهمة تهريبه إلى (إسرائيل) بعملية أطلق عليها اسم (عملية مايكل‬
‫بيرغ)‪.‬‬
‫يقول شلومو هالل في مذكراته (من خالل اليهود والهدايا والتدخل الملح للمحامي العراقي الذي شغل منصب وزير العدل أكثر من مرة‪،‬‬
‫والذي كلفه رجالنا بالدفاع عن نسيم موشي كمحام تم إطالق سراحه من سجنه في حادث أورزدي باك)‪.‬وفي ‪ 27‬حزيران ‪ 1951‬استقل‬
‫نسيم الطائرة وغادر إلى أسرائيل‪.‬‬
‫في ‪ 30‬مايس ‪ 1951‬قام محقق الشرطة (عبد الرحمن السامرائي) بتدوين إفادة (نسيم موشي) الذي اعترف بعالقته ومعرفته ب(إسماعيل‬
‫صالحون أو يهودا مائير)‪.‬‬
‫ويذكر العقيد عبد الرحمن حمود السامرائي مدير شرطة مكافحة االجرام في الخمسينات ونائب مدير شرطة بغداد في خمسينيات القرن‬
‫الماضي والذي حوكم الحقا أمام محكمة المهداوي بتهمة مطاردة وتعذيب اعضاء الحزب الشيوعي العراقي وحكم بثالثة سنوات نافذة ‪،‬‬
‫يذكر التأثير الذي مارسته عناصر كثيرة في الدولة والمجتمع آنذاك‪ ،‬منهم تجار من الشورجة‪ ،‬وكذلك بهجت العطية مدير االمن العام‬
‫وزوجة صالح جبر وزير الداخلية في التأثير على مجرى أحداث التحقيق عندما تم اعتقال افرادا من خلية تجسسية للموساد كانت مهمتها‬
‫تهجير يهود العراق ودفعهم عنوة لمغادرة البلد حيث اعترف احد افرادها نسيم موشي بأنه كان يبعث الرسائل إلى فلسطين المحتلة عن‬
‫طريق صندوق البريد‪ 602‬في طهران‪ ،‬ومن هناك ترسل إلى الموساد تفاديا لعدم كشف الشبكة‪ ،‬وقد قامت هذه الشبكة بتنفيذ خمسة‬
‫انفجارات األول في شارع غازي والثاني في شارع أبي نؤاس والثالث في كنيس يهودي والرابع في شارع الرشيد (شركة شعشوع)‬
‫والخامس في (بيت الوي) في الباب الشرقي أثيرت على أثرها ضجة إعالمية صهيونية روجت إشاعات أن يهود العراق في خطر ‪ ،‬وقد‬
‫حقّقت تلك التفجيرات الغرض الذي تو ّخاه من كان وراءها‪ .‬فبعد ّأول اعتداء بالقنابل‪ ،‬أخذ اآلالف من اليهود يصطفّون أمام مكاتب‬
‫التسجيل للهجرة‪ .‬وفي ‪ 5‬يونيو ‪ 1951‬وصل كل أولئك الذين سجّلوا‪ ،‬وعددهم ‪ 105000‬نسمة إلى إسرائيل‪ .‬وبحسب اإلحصاءات‬
‫اإلسرائيليّة‪ ،‬فإنّ ‪ 124646‬يهوديًّا من مواليد العراق قدِموا خالل الفترة منذ تاريخ إقامة إسرائيل في ‪ 15‬مايو ‪ 1948‬وأواخر سنة ‪.1953‬‬

‫وقد صدرت أحكام باإلعدام على اثنين من أعضاء الشبكة ‪ ،‬وحكم على اآلخرين باألشغال الشاقة لكنهم استفادوا من عفو عام صدر الحقا‬
‫أواخر الخمسينات وهربوا إلى إسرائيل ومن بينهم إسماعيل صالحون‪.‬‬
‫لقد أفادت شهادات ليهود عراقيين كانوا من ضحايا التهجير إن مفاوضات جرت بشكل غير مباشر بين نوري السعيد وبن غوريون‬
‫بواسطة شلومو هليل ومن هؤالء الشهود المحامي شميش والناشط المدني صديق صديق الذي قال لصحيفة المشهد اإلسرائيلي (“أنا مولود‬
‫في العراق‪ .‬وهاجرت إلى إسرائيل في العام ‪ .1951‬ولم أهاجر وحدي‪ ،‬وإنما بلغ عدد العراقيين الذين جاؤوا إلى إسرائيل في هذا العام‬
‫قرابة ‪ 130‬ألف عراقي”‪ .‬وقال ايضا‪ :‬ومجيئنا إلى إسرائيل تم من خالل مؤامرة وصفقة جرى تنفيذهما في العام ‪ ،1949‬في سويسرا بين‬
‫رئيس الحكومة العراقية نوري السعيد ودافيد بن غوريون رئيس حكومة إسرائيل‪ .‬وقضت هذه الصفقة ببيع يهود العراق‪ ،‬من خالل‬
‫مغادرتهم لبالدهم والمجيء إلى إسرائيل”‪ .‬وقال في المقابلة‪“ :‬إحدى الوسائل التي استخدمت إلرغام يهود العراق على مغادرة وطنهم هي‬
‫أن الحركة الصهيونية‪ ،‬بواسطة عمالئها‪ ،‬نفذت تفجيرات في كنس اليهود‪ ،‬من أجل أن يقال إن العرب يفجرون الكنس كي يطردوا اليهود‪.‬‬
‫لكن تم إلقاء القبض على يهود كانوا ضالعين في تفجير الكنس اليهودية في بغداد مثل تفجير القنابل في كنيس “مسعودة شنطوف” ببغداد‪.‬‬
‫يقول الروائي اللبناني نبيل خوري ( ان عملية تهجير يهود العراق عملية “عزرا ونحميا” في ‪ ،1952-1950‬تمت بالتواطؤ والتعاون‬
‫مع حكام العراق وكان ال بد من اليهود العرب لسد النقص الديموغرافي اليهودي في اسرائيل‪ .‬هذه العملية كشفت أن األنظمة االستبدادية‬
‫ساهمت في تأسيس دولة اسرائيل‪ ،‬وكانت شريكا للصهيونية في طرد الفلسطينيين من أرضهم‪ ،‬وفي تأسيس ثنائية االستبداد‪ -‬االحتالل التي‬
‫تهيمن على العالم العربي ‪.‬‬
‫الجزء األهم من عملية بابل هو نتائجها بوصم العراقيين الراسخ‬
‫وتحميلهم مسؤولية عمليات النهب الفرهود حتى اليوم‪،‬‬
‫في حين يعترف ادباء يهود من اصول عراقية ومنهم الشاعر ابراهيم عوبديا‬
‫والبروفسور شموئيل موريه ( سامي )‬
‫يعترف هؤالء في كتب ويوميات ببراءة العراقيين من الفرهود‪،‬‬
‫الشاعر إبراهيم عوبديا يقول في رسالة الى احد اصدقائه إن مفوض‬
‫شرطة عراقي قد ابلغه سرا بأمر القبض عليه كشيوعي‪،‬‬
‫وهرب عوبديا في الليل الى إيران‪،‬‬
‫وكتبت عن هذه الشخصية العاشقة للعراق في رواية‪ :‬عزلة أورستا‪،‬‬
‫وتأثر عوبديا بذلك كثيرا‪.‬‬
‫‪New Historians‬في اسرائيل نفسها ظهرت حركة المؤرخين الجدد‬

‫لمراجعة المرويات الرسمية واعادة النظر بها وتقديم الرواية المضادة‪،‬‬


‫وقد إنتشرت هذه الحركة في الغرب وفي الدول االسكندنافية وخاصة السويد‪،‬‬
‫ودخلت هذه الحركة في المحظورات التاريخية وهدمت التاريخ الرسمي‬
‫وتعرض بعض أفرادها للمحاكم‬
‫لدان براون تنتمي لهذا التوجه " ‪The Da Vinci Code‬ورواية" شِفرة دافنشي‬

‫في رواية المسكوت عنه والالمفكر فيه والمنسي‪.‬‬


‫لكن كما كل شيء بالمقلوب عندنا وبدل ظهور حركة المؤرخين الجدد‪،‬‬
‫ظهرت حركة الدجالين الجدد ال لكشف التاريخ المزور والملفق‪،‬‬
‫بل لتحويل األساطير واألكاذيب الى حقائق‪،‬‬
‫بحيث تصبح األساطير واقعا‪،‬‬
‫ويصبح الواقع أسطورة‪.‬‬

You might also like