علم الإجرام 2

You might also like

Download as txt, pdf, or txt
Download as txt, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫‪:‬علم اإلجرام ‪ -‬المبادئ األولية في علم اإلجرام‬

‫لمبحث األول‬
‫تعريف علم اإلجرام وبيان فروعه وأهمية دراسته‬
‫‪:‬نتناول فيما يلي تعريف علم اإلجرام وبيان فروعه ثم أهمية الدراسات التى تجري في فروعه‬
‫أوال ً‪ :‬تعريف علم اإلجرام‪ :‬أثار وضع تعريف لعلم اإلجرام صعوبات كثيرة لحداثته‪ .‬واتصفت التعريفات المتعددة له بالعمومية وعدم‬
‫‪:‬التحديد ومنها‬
‫قيل أن علم اإلجرام هو العلم الجريمة أو علم ظاهرة اإلجرام أو العلم الذي يهتم بدراسة الظاهرة اإلجرامية أو العلم الذي ‪1-‬‬
‫‪.‬يدرس أسباب الجريمة سواء تعلقت هذه األسباب بالشخص المجرم أم بالبيئة المحيطة به‬
‫وسع البعض مفهوم علم اإلجرام خاصة في أمريكا حيث ذهب العالم األمريكي سندرالند إلي أن علم اإلجرام ال يشمل فقط ‪2-‬‬
‫دراسة أسباب الجريمة وإنما أيضا ً علم العقاب وعلم االجتماع القانوني باعتبار أن الجريمة تشكل الجانب االجتماعي لقانون‬
‫‪.‬العقوبات‬
‫يالحظ على التعريفات السابقة أنها غامضة غير محددة أو تنطوي على تعريف واسع لمضمون علم اإلجرام وتخلط بينه وبين ***‬
‫علوم أخري لذلك استقر الفقه على تعريف علم اإلجرام بأنه( ذلك الفرع من العلوم الجنائية الذي يدرس الجريمة كظاهرة فردية‬
‫‪.‬واجتماعية دراسة عليمة لمعرفة العوامل المؤدية إليها بغرض مكافحتها والحد من تأثيرها)‬
‫ويحتوي هذا العلم على علوم أخري فرعية تتخصص في البحث عن أسباب الجريمة ويستعين ببعض العلوم الحديثة كالطب وعلم‬
‫‪.‬النفس واالجتماع‪ ...‬الخ‬
‫ثانيا ً‪ :‬فروع علم اإلجرام‪ :‬يشمل علم اإلجرام الحديث مجموعة من العلوم التي يمكن أن تمثل فروعا ً له وهي علم طبائع‬
‫‪:‬المجرم‪ -‬علم النفس الجنائي‪ -‬علم االجتماع الجنائي‪ .‬ونتناولها فيما يلي‬
‫علم طبائع المجرم‪ :‬ويطلق عليه علم البيولوجيا الجنائية ويرجع الفضل في نشأته لاليطالي لومبروزو مؤسس المدرسة الوضعية ‪1-‬‬
‫االيطالية‪ .‬ويهتم هذا العلم بدراسة الخصائص والصفات العضوية للمجرم من ناحية التكوين البدني أو الخارجي أو من حيث أجهزة‬
‫الجسم الداخلية وانتهي لومبروزو إلى أن هناك عالقة ثابتة بين التكوين العضوي للمجرم والجريمة وان المجرم هو صورة لإلنسان‬
‫‪.‬البدائي وذهب للقول بوجود المجرم بالميالد وهو من تتوافر لديه مجموعة من الخصائص العضوية التي تميزه عن غير المجرمين‬
‫علم النفس الجنائي‪ :‬يهتم بدراسة الجوانب النفسية للمجرم والتي تدفعه الرتكاب الجريمة وتسمى بعوامل التكوين النفسي ‪2-‬‬
‫للمجرم‪ .‬ويقوم على دراسة القدرات الذهنية للمجرم ومدى استعداده أو ميله الذهني الرتكاب الجريمة‪ .‬ويستعين الباحث فيه‬
‫‪.‬بأساليب التحليل النفسي التي قال بها فرويد والتي تلقي الضوء على عناصر هذا االستعداد الذهني الرتكاب الجريمة‬
‫يرى بعض الفقهاء أن علم النفس الجنائي هو جزء من علم البيولوجيا الجنائية أو علم طبائع المجرم باعتبار األخير يتناول ***‬
‫أيضا ً التكوين النفسي للمجرم وأنه من الصعب الفصل بين التكوين العضوي والتكوين النفسي للمجرم كما أن الصفات الجسمانية‬
‫‪.‬للشخص تؤثر على نفسيته وميله لإلجرام‬
‫علم االجتماع الجنائي‪ :‬يدرس هذا العلم العوامل اإلجرامية ذات الطابع االجتماعي حيث يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة ‪3-‬‬
‫‪.‬اجتماعية ناتجة عن تأثير البيئة االجتماعية المحيطة بالفرد‬
‫ويقوه هذا العلم على أساس أن أسباب الجريمة ال يمكن أن تنحصر في الخصائص العضوية والنفسية للمجرم وان العوامل االجتماعية‬
‫‪.‬تؤثر تأثير هام على هذه العوامل الداخلية فتنشطها وتتفاعل معها في إنتاج الجريمة‬
‫ثالثا ً‪ :‬أهمية دراسات علم اإلجرام‪ :‬علم اإلجرام بدراسته للعوامل المؤدية الرتكاب الجريمة بطريقة علمية يمثل أهمية كبيرة من‬
‫‪:‬نواحي متعددة حيث يفيد كل من المشرع والقاضي وسلطة التنفيذ العقابي على النحو التالي‬
‫من الناحية التشريعية‪:‬تفيد أبحاث علم اإلجرام المشرع في التدخل عن طريق التشريع للمساهمة فى مكافحة الظاهرة اإلجرامية ‪1-‬‬
‫وذلك من خالل أبحاث علم اإلجرام ودراسته حول تصنيف المجرمين لطوائف من خالل دراسة متكاملة لشخصية المجرم تحدد‬
‫‪.‬العقوبة المناسبة له واألسلوب المالئم له من الناحية التشريعية ومن ناحية المعاملة العقابية‬
‫في ضوء هذه األبحاث يمكن للمشرع التدخل باختيار العقوبات أو التدابير االجتماعية أو االحترازية المناسبة لكل طائفة من ***‬
‫طوائف المجرمين‪ .‬ودراسات علم اإلجرام هي التي دفعت المشرع الن يفرد للمجرمين األحداث نظام عقابي خاص يتناسب معهم‬
‫‪.‬ويختلف عن المقرر للمجرمين البالغين‬
‫من الناحية القضائية‪ :‬تفيد الدراسات في نطاق علم اإلجرام القاضي الجنائي في اختيار العقوبة أو التدبير المالئم لكل متهم في ‪2-‬‬
‫ضوء استعماله لسلطته التقديرية التي منحها له المشرع‪ .‬وحتى يتم ذلك بطريقة سليمة يجب أن يقدم للقاضي ما يمكنه من‬
‫التعرف على شخصية المتهم اإلجرامية للوقوف على مدى خطورته اإلجرامية على المجتمع ويساعد ذلك على مكافحة الجريمة من‬
‫خالل تطبيق الحد األدنى أو األقصي للعقوبة أو توقيع تدبير احترازي بدال ً من العقوبة الجنائية أو اللجوء لنظام وقف التنفيذ إذا كانت‬
‫‪.‬ظروف المتهم تستوجب ذلك‬
‫من ناحية التنفيذ العقابي‪ :‬تتيح الدراسات الحديثة فى علم اإلجرام للسلطة القائمة بتنفيذ العقوبة اختيار أفضل وسائل المعاملة ‪3-‬‬
‫العقابية للمحكوم عليه‪ .‬ويتم ذلك من خالل تصنيف المجرمين من حيث السن والجنس والخطورة اإلجرامية ومن حيث اختيار نوع‬
‫العمل داخل المؤسسة العقابية الذي يحقق التأهيل للمحكوم عليه حتى يخرج مواطنا ً صالحا ً قادرا ً على التكيف مع المجتمع مرة‬
‫‪.‬أخرى‬
‫واختيار أسلوب المعاملة العقابية يتم من خالل الفحص البدني والنفسي والعقلي واالجتماعي للمحكوم عليه حيث يساعد ذلك على‬
‫‪.‬معرفة العوامل التي أدت الرتكاب الجريمة ويفيد ذلك في معالجتها والقضاء عليها‬
‫الباب األول‬
‫تفسير الظاهرة اإلجرامية‬

‫‪:‬اتجه غالبية علماء اإلجرام للتمييز بين ثالثة اتجاهات‬


‫الجريمة استنادا ً لعوامل داخلية تتصل بشخص المجرم وتتركز في وجود خلل عضوي أو نفسي يعاني منه ‪1-‬‬ ‫االتجاه الفردي‪ :‬ويفسر‬
‫‪.‬المجرم هو الذي دفعه الرتكاب الجريمة‬
‫ويرجع الجريمة لخلل في المجتمع الخارجي المحيط بالفرد فيدفعه الرتكاب الجريمة سواء تعلق الخلل ‪2-‬‬ ‫االتجاه االجتماعي‪:‬‬
‫‪.‬بالبيئة االجتماعية للفرد أم البيئة االقتصادية أم الثقافية‪...‬الخ‬
‫التكاملي‪ :‬نشأ نتيجة توجيه االنتقادات لالتجاهين السابقين الن كل منهما يهمل العوامل التي يهتم بها ‪3-‬‬ ‫االتجاه المختلط أو‬
‫الظاهرة اإلجرامية فجاء هذا االتجاه ليقوم بالجمع أو الخلط بين العوامل الفردية واالجتماعية على أساس أن‬ ‫الطرف اآلخر لتفسير‬
‫‪.‬الجريمة تقع نتيجة تفاعل النوعين السابقين من العوامل‬

‫‪:‬ونتناول فيما يلي االتجاهات الثالث السابقة‬


‫الفصل األول‬
‫االتجاه الفردي في تفسير الظاهرة اإلجرامية‬
‫يستند أنصار هذا االتجاه إلى أن الجريمة تقع نتيجة وجد خلل في تكوين الشخص هو الذي دفعه الرتكاب الجريمة وهو خلل يميز‬
‫المجرمين فقط وال يوجد في غير المجرمين‪ .‬وقد يكون هذا الخلل بدني أو نفسي‪ .‬لهذا ظهرت العديد من النظريات التي تفسر‬
‫‪:‬ارتكاب الجريمة سواء استنادا ً للخلل العضوي أو النفسي وسنعرض ألهم نظريتين قيل بهما في هذا المجال وهما‬
‫نظرية الخلل العضوي(نظرية لومبروزو) ‪ -2‬نظرية التحليل النفسي (نظرية فرويد) ‪1-‬‬
‫المبحث األول‬
‫نظرية الخلل العضوي (نظرية لومبروزو)‬
‫قال بهذه النظرية أنصار المدرسة الوضعية االيطالية التي أرجعت الجريمة إلى وجود خلل عضوي في تكوين المجرم‪ .‬ولم يغفل‬
‫أنصارها الجانب النفسي في تكوين المجرم‪ .‬وسنقتصر على دراسة نظرية أو أفكار لومبروزو حول تفسير الظاهرة اإلجرامية بعرض‬
‫‪.‬مضمونها ثم تقديرها‬
‫أوال ً‪ :‬مضمون النظرية‪ :‬كان لومبروزو طبيبا ً في الجيش االيطالي ثم أستاذا ً للطب الشرعي وأتاحت له طبيعة عمله كطبيب وضابط‬
‫جيش وأستاذ جامعي أن بفحص عدد كبير من الجنود والضباط المجرمين واألسوياء وتشريح عدد كبير من جماجم المجرمين ومقارنتها‬
‫بجماجم غير المجرمين‪ .‬والحظ في البداية وجود تجويف غير عادي في جمجمة قاطع طريق تشبه تلك التي توجد لدى القردة فقام‬
‫بفحص ‪ 383‬جمجمة لمجرمين بعد وفاتهم وقارنها مع جماجم مجرمين أحياء يبلغ عددهم ‪ 5907‬وممن فحصهم مجرم خطير قتل‬
‫‪ 20.‬امرأة بطريقة وحشية وانتهي إلى انه يتميز بخصائص تشبه اإلنسان البدائي‬
‫جمع لومبروزو أفكاره في كتاب شهير سنة ‪ 1896‬عنوانه (اإلنسان المجرم)انتهي فيه إلى نتيجتين تفسران الظاهرة اإلجرامية ***‬
‫‪:‬هما‬
‫النتيجة األولى‪ :‬أن اإلنسان المجرم يتميز بشذوذ في تكوينه العضوي وبخصائص بدنية ال تتوافر لغير المجرمين منها عدم انتظام ‪1-‬‬
‫شكل الجمجمة – ضيق في الجبهة – ضخامة الفكين – شذوذ في تركيب األسنان – بروز عظام الفخذين – اعوجاج األنف –‬
‫طول أو قصر غير عادي في األذنين واألطراف أو األصابع – قصر القامة – غزارة الشعر‪ .‬ودعم نظرية لومبروزو في تشبيه المجرم‬
‫‪.‬الذي يتصف بهذه الصفات باإلنسان البدائي ظهور نظرية دارون عن النشوء واالرتقاء‬
‫النتيجة الثانية‪ :‬أن المجرم يتميز ببعض الصفات النفسية التي يستدل منها على وجود خلل في التكوين النفسي لدى هؤالء ‪2-‬‬
‫المجرمين مثل ضعف اإلحساس باأللم – غلظة القلب وقسوة المشاعر‪ -‬عدم الشعور بالخجل‪ .‬واستدل لومبروزو على هذه السمات‬
‫‪.‬النفسية مما الحظه من كثرة الوشوم والرسوم القبيحة والخليعة التي يرسمها المجرمين على أجسادهم‬
‫انتهى لومبروزو مما سبق إلى أن اإلنسان الذي يتمتع بهاتين الطائفتين من الخصائص يمكن أن يعتبر نمط إجرامي وهو إنسان ***‬
‫‪.‬مطبوع على اإلجرام وسيرتكب الجريمة حتما ً وأطلق عليه (المجرم بالميالد أو المجرم بالفطرة)‬
‫في مرحلة الحقة الحظ لومبروزو أن هناك طوائف من المجرمين ال يمكن وضعهم ضمن نموذج المجرم بالميالد لهذا أشار في ***‬
‫الطبعات التالية للكتاب إلى وجود طوائف أخرى منها نموذج المجرم الصرعى حيث اثبت لومبروزو وجود عالقة بين اإلجرام ومرض‬
‫الصرع وتوصل لذلك حين فحص احد الجنود االيطاليين عقب ارتكابه جريمة قتل وكان قد التحق بالجيش عدة سنوات لم يرتكب‬
‫خاللها أى سلوك غير مشروع ولكن بسبب سخرية زمالئه من المقاطعة التي ينتمي إليها أطلق النار عليهم فقتل ‪ 8‬منهم وسقط‬
‫فاقدا ً للوعي ‪ 12‬ساعة وحين أفاق لم يتذكر شيئا ً عن جريمته وحين شرح لومبروزو جثته اكتشف انه يعاني من الصرع ويتميز‬
‫‪.‬ببعض الصفات الوحشية فأدخل تصنيف المجرم الصرعى ضمن تصنيفات المجرمين األخرى‬
‫ثانيا ً‪ :‬تقدير النظرية‪ :‬كان ألفكار لومبروزو فضل كبير في دراسة المجرم من الناحية التكوينية سواء تركيبه العضوي أو النفسي‬
‫‪:‬واتسمت دراسته بالطابع العملي والبحث التجريبي ومع هذا تعرضت النتقادات عديدة منها‬
‫بالغت النظرية في وضع خصائص وصفات بدنية ونفسية تميز المجرمين عن غير المجرمين‪ .‬وأرجعت الجريمة لتوافر هذه ‪1-‬‬
‫العناصر لدى الشخص المجرم‪ .‬والحقيقة انه يصعب عمليا ً الربط بين توافر هذه الخصائص الجسدية وبين اإلقدام على ارتكاب‬
‫‪.‬الجريمة وذلك الن هذه الخصائص تمثل حالة ساكنة غير قادرة على إحداث نتيجة ملموسة في العالم الخارجي‬
‫أدت النظرية إلى نتائج مبالغ فيها وال يمكن التسليم بها كحقيقة علمية الن الصفات التي تقول بتوافرها لدى المجرمين توجد ‪2-‬‬
‫‪.‬وبنفس الدرجة لدى غير المجرمين‬
‫أغفلت النظرية أى دور تقوم به العوامل الخارجية المحيطة بالفرد في دفعه الرتكاب الجريمة وفسرت الجريمة إستنادا ً لخصائص ‪3-‬‬
‫جسدية أو نفسية تتعلق بالمجرم ذاته رغم انه ال يمكن إنكار دور العوامل الخارجية المحيطة بالفرد في تكوين شخصيته وقد يكون‬
‫‪.‬منها شخصيته اإلجرامية‬
‫عدم صحة ما قالت به النظرية من تشبيه المجرم باإلنسان البدائي الن لومبروزو لم يدرس تاريخ البشرية حتى تكون لديه أفكار ‪4-‬‬
‫صحيحة عن اإلنسان البدائي‪ .‬كما لم يستطع العلم رسم صورة دقيقة لما كان عليه اإلنسان البدائي‪ .‬وبالطبع ال يمكن قبول فكرة‬
‫‪.‬أن كل إنسان بدائي ارتكب جريمة وبالتالي فكل إنسان بدائي مجرم‬
‫أن التسليم بفكرة المجرم بالميالد تهدم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات (ال جريمة وال عقوبة إال بنص)‪ .‬والمعروف أن فكرة ‪5-‬‬
‫‪.‬الجريمة نسبية تختلف باختالف المكان والزمان ويصعب ربطها بصفات جسدية ثابتة لدى المجرمين‬
‫المبحث الثاني‬
‫نظرية التحليل النفسي (نظرية فرويد)‬
‫ركزت في تفسير الظاهرة اإلجرامية على الجانب النفسي حيث غلبت العوامل المرتبطة بالتكوين النفسي للمجرم دون إعطاء أهمية‬
‫‪.‬للتكوين العضوي أو العوامل الخارجية أو االجتماعية المحيطة بالفرد‪ .‬وقال بنظرية التحليل النفسي عالم النفس الشهير فرويد‬
‫أوال ً‪ :‬مضمون النظرية‪ :‬لم يهدف فرويد إلى وضع نظرية لتفسير السلوك اإلجرامي لكن أراد دراسة تأثير الجهاز النفسي للفرد على‬
‫سلوكياته ومنها السلوك اإلجرامي باعتباره سلوك بشري وقسم النفس البشرية إلى ‪ 3‬أقسام هي النفس – العقل –الضمير‪ .‬وذلك على‬
‫‪:‬النحو التالي‬
‫النفس ( األنا الدنيا أو الذات الدنيا)‪ :‬أو النفس ذات الشهوة حيث توجد فيها الميول الفطرية والنزعات الغريزية وتقف وراء ‪1-‬‬
‫الشعور وفيها يتركز االهتمام على إشباع الرغبات والشهوات دون مراعاة القيود االجتماعية التي تفرضها القيم والمبادئ السائدة في‬
‫المجتمع ‪ .‬فإذا كانت الغريزة الجنسية تتطلب إشباع فإن اإلنسان يكبتها ويتحكم فيها أو يتزوج ويشبعها حتي يكون سلوكه مقبول‬
‫‪.‬اجتماعيا ً‬
‫األنا (العقل)‪ :‬أو الذات الشعورية وتتركز في الجانب الشعوري لإلنسان وهو على صلة دائمة بالواقع الن العقل يمثل الجانب ‪2-‬‬
‫الواعي في النفس البشرية‪ .‬والوظيفة األساسية لالنا هي التوفيق بين الميول والغرائز وما تتطلبه الحياة االجتماعية من احترام القيم‬
‫‪.‬والمبادئ السائدة في المجتمع‬
‫األنا العليا ( الضمير)‪ :‬أو الذات المثالية وتمثل الجانب المثالي للنفس وفيها تتركز المبادئ والقيم األخالقية المستمدة من ‪3-‬‬
‫األديان ووظيفتها مد العقل أو األنا بالقوة الالزمة لردع الميول والغرائز التي تصعد من األنا الدنيا وذلك عن طريق تأنيب العقل‬
‫‪.‬وإشعاره بالذنب كلما سمح بتغليب الشهوات والغرائز‬
‫‪:‬بناء على التقسيم السابق للنفس البشرية فسر فرويد السلوك اإلجرامي بأحد أمرين ***‬ ‫ً‬
‫إخفاق العقل ( األنا) عن تهذيب النفس (األنا الدنيا)وعجزه عن تحقيق التوافق بين الميول والغرائز وبين القيم والمبادئ ‪1-‬‬
‫‪.‬السائدة في المجتمع‬
‫‪.‬انعدام الضمير(األنا العليا) وعجزه عن القيام بوظيفته في السمو بالميول والغرائز ‪2-‬‬
‫وفي الحالتين تنطلق الميول والنزعات الغريزية من الالشعور إلى الشعور دون أي احترام أو تقييد بالقواعد والضوابط االجتماعية‬
‫‪.‬واألخالقية واجبة اإلتباع‬
‫‪:‬قدم فرويد صور لما يحدث للنفس البشرية من خلل يؤدي الرتكاب الجريمة منها ***‬
‫عقدة الذنب‪ :‬ويقصد بها ما يصيب الشخص من شعور بعد ارتكاب جريمة أو سلوك غير مشروع نتيجة عدم ممارسة الضمير ‪1-‬‬
‫وظيفته في مراقبة العقل وردعه‪ .‬ويشعر الشخص بالذنب حين يستيقظ الضمير ويستعيد وظيفته في تأنيب العقل وإشعاره بالذنب وقد‬
‫يسيطر هذا الشعور على الشخص لدرجة اإلحساس بأنه جدير بالعقاب فيندفع تحت تأثير هذا اإلحساس بالذنب الرتكاب الجريمة‬
‫مفضال ً ألم العقوبة حتى يتخلص من األلم النفسي ويحرص هذا النوع من المجرمين عاد ًة على ترك أدلة أو آثار تساعد في التعرف‬
‫‪.‬عليه والقبض عليه‪ .‬وقد يصل األمر لحد االعتراف بجريمة لم يرتكبها‬
‫عقدة اوديب‪ :‬تنشا نتيجة صراع كامن فى الالشعور وتفسر ارتكاب بعض الجرائم والعقدة تعني أن الغريزة الجنسية لإلبن تتجه– ‪2‬‬
‫ال شعوريا ً نحو األم وينتج عنها إحساس االبن بالغيرة من األب نتيجة العالقة العاطفية التي تربط األب واألم‪ .‬وفي الوقت ذاته‬
‫يشعر االبن بحب أبيه نتيجة قيام األب برعايته وتلبية رغباته ومتطلبات حياته‪ .‬وبذلك يشعر الطفل بشعور مزدوج بالحب والكراهية‬
‫نحو األب‪ .‬فإذا لم يقوم العقل (األنا) بوظيفته في ضبط هذه المشاعر ووضعها في إطار يتفق مع القيم والمبادئ السائدة في‬
‫‪.‬المجتمع فإن االبن سيرتكب الجريمة‬
‫ثانيا ً‪ :‬تقدير النظرية‪ :‬أبرزت النظرية دور الجانب النفسي وتفسيره للسلوك اإلجرامي مما كشف عن إمكانية عالج بعض أنواع‬
‫‪:‬المجرمين المصابين بخلل نفسي‪ .‬ومع هذا تعرضت النظرية النتقادات عديدة منها‬
‫حاولت النظرية إرجاع كل صور سلوك الفرد وردود أفعاله إلى العامل النفسي فقط‪ .‬والحقيقة أن طريقة التحليل النفسي تؤدي ‪1-‬‬
‫‪.‬لنتائج مبالغ فيها ال يمكن التسليم بها كلية‬
‫غير صحيح أن ضعف الضمير أو اآلن العليا يؤدي حتما ً للجريمة فهناك من يضعف ضميرهم لكنهم ال يرتكبون الجريمة‪ .‬والنظرية ‪2-‬‬
‫‪.‬أغفلت دراسة العوامل األخري التي قد تساهم مع الخلل النفسي في ارتكاب الفرد للجريمة‬
‫منطق النظرية يؤدي العتبار أن جميع المجرمين يتميزون بالغلظة وقسوة القلب وانعدام العواطف وذلك كنتيجة منطقية لتخلف ‪3-‬‬
‫األنا العليا وسيطرة األنا الدنيا‪ .‬وهذه النتيجة ال يمكن التسليم بها حيث أثبتت الدراسات واألبحاث أن هذه الصفات ال تصدق على‬
‫‪.‬كافة المجرمين‬

You might also like