Professional Documents
Culture Documents
التمويلات الإسلامية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
التمويلات الإسلامية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
449
450
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
مقدمة
أصبح إنشاء بنوك إسالمية باملغرب مسألة وقت في انتظار مناقشة املشروع التعديلي
للقانون رقم 32-03املتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات املعتبرة في حكمها واملصادقة عليه من
طرف البرملان ،علما أن املشروع التعديلي للقانون الحالي املنظم للقطاع البنكي واملالي باملغرب
يوجد حاليا لدى ألامانة العامة للحكومة التي نشرته على موقعها إلتاحة إلامكانية لكل الجهات
املعنية من أجل إبداء مالحظاتها حوله من أجل تقديم الصيغة النهائية له للمصادقة عليه من
طرف مجلس الحكومة ،قبل أن يحال على املؤسسة التشريعية لدراسته واملصادقة عليه ليدخل
بعد ذلك حيز التنفيذ.
يشار في هذا الصدد إلى أن بنك املغرب تلقى العديد من طلبات منح الترخيص خالل
عشر سنوات ألاخيرة من أجل فتح فروع لبنوك إسالمية ،لكن لم تلق هذه الطلبات قبوال بدعوى
أن السوق املغربي ال يتسع ملزيد من املؤسسات البنكية.
وقد أكد ألاستاذ نجيب بوليف -وزير الشؤون العامة والحكامة -أن املشروع يسعى إلى
ضمان ولوج تدريجي للبنوك إلاسالمية بهدف الحفاظ على تنافسية البنوك التقليدية املوجودة
حاليا والتي تشكل نسيج القطاع البنكي واملالي باملغرب ،وسيتيح املشروع الجديد إلامكانية للبنوك
إلاسالمية ألاجنبية أن تشارك بنسبة تصل إلى℅ 49في رأسمال أول بنك إسالمي باملغرب وفق
املعايير املتعارف عليها دوليا واملحددة بناء على الضوابط الشرعية ،وذلك في غضون السنة
الحالية.
وتجدر إلاشارة إلى أن دعاة منح إمكانية ولوج بنوك إسالمية أجنبية إلى املغرب كانوا
يطالبون بإعداد قانون خاص باملؤسسات البنكية إلاسالمية ،لكن املشروع الحالي جاء مخيبا
آلمالهم ،إذ أن الساهرين عليه أدخلوا بابا جديدا متعلقا باملالية إلاسالمية ضمن القانون املنظم
للنشاط البنكي الحالي ،وراعى معدو النص تجنب ذكر مصطلح بنوك إسالمية ،حيث استعمل
مصطلح البنوك التشاركية لوصف البنوك التي ستسوق املنتوجات البنكية واملالية التي تراعي
ألاحكام الشرعية ،ذلك أن القوانين املغربية لم تكن تسمح بإنشاء بنوك إسالمية إلى غاية ،2010
إذ سمح للبنوك التقليدية بتسويق منتوجات بديلة محدودة (املرابحة وإلاجارة واملشاركة) ،لكنها
لم تلق إقباال ألنها كانت أعلى كلفة من املنتوجات التقليدية بسبب أنها كانت تخضع إلى أعلى معدل
للضريبة على القيمة املضافة ،قبل أن يخفض املعدل إلى املستوى الذي تخضع إليه القروض
البنكية ألاخرى ،وذلك بعد مقترح تقدم به حزب العدالة والتنمية خالل مناقشة مشروع قانون
املالية عندما كان في موقع املعارضة ،ورغم هذا إلاجراء ظل إلاقبال محدودا ،وأرجع عدد من
املتتبعين ذلك إلى أن هذه املنتوجات لم تكن تخضع للشروط املطلوبة ،بالنظر إلى أن املوارد التي
كانت تستعمل ملنح هذه القروض ترجع إلى املوارد العامة للبنوك التقليدية ،مايطرح شكوكا حول
احترامها للضوابط الشرعية ،وبذلك لم تلق إقباال ،ومن أجل تجاوز ذلك ،أنشأت مجموعة
451
أيت الغازي فاطمة
التجاري وفا بنك وحدة تابعة لها برؤوس أموال ذاتية ومستقلة غير مقترنة بموارد املجموعة ،ولم
تلق بدورها النجاح املطلوب ،علما أن دراسات أجريت حول الطلب على هذه املنتوجات أبانت أن
ما يناهز 80في املائة من العينة املستجوبة أكدوا رغبتهم في هذه املنتوجات.
لذا أكد نجيب محمد بوليف أنه بمجرد املصادقة على املشروع من طرف البرملان
سيرخص ألول بنك إسالمي تشارك في رأسماله البنوك املحلية وألاجنبية ،علما أن حصة املحليين
ال يمكن أن تقل عن 51في املائة ،في حين ستشكل النسبة املتبقية من مساهمة البنوك إلاسالمية
ألاجنبية ،علما أن هناك طلبات هامة من طرف هذه ألاخيرة ،من بينها البنك إلاسالمي الدولي
القطري الذي سبق أن قدم طلبا بهذا الخصوص ،وأوضح أن البداية ستكون بالترخيص ببنك
واحد من أجل دراسة التجربة وتحليل نتائجها ،وإذا سجلت نتائج إيجابية سيرخص لبنوك أخرى
مماثلة.
وفي هذا إلاطار أكدت دراسات سابقة أنه إذا نجح املغرب في توفير الظروف املواتية
واملطلوبة من أجل تنمية قطاع املالية إلاسالمية يمكن أن يربح نقطتين مائويتين في معدل نمو
الناتج الداخلي إلاجمالي ،ويأتي مشروع القانون الجديد من أجل تحديد إلاطار القانوني الخاص
بقطاع التمويل إلاسالمي لجلب اهتمام البنوك إلاسالمية الكبرى ،خاصة بعد الخصاص الحاد في
املوارد املالية الذي يعانيه القطاع املالي ،إذ يضطر البنك املركزي إلى ضخ مبالغ تتراوح بين 30و 50
مليار درهم أسبوعيا في السوق لالستجابة لطلبات وحاجيات املؤسسات البنكية من السيولة
املالية ،ويمكن للقطب املالي للدار البيضاء الذي سيقام بمنطقة مطار أنفا أن يشكل رافعة
أساسية لتنمية التمويالت إلاسالمية ،بالنظر إلى التحفيزات الجبائية وغيرها التي يمنحها القانون
للشركات واملجموعات املالية التي ترغب في الاستقرار بهذا القطب ،علما أن هذه التحفيزات دخلت
حيز التنفيذ ابتداء من ، 2011إذ ضمنت في قانون املالية للسنة نفسها.
ويمكن من خالل هذا القطب املالي أن يتحول املغرب إلى قاعدة جهوية للتمويالت
إلاسالمية وغيرها ،علما أن هناك عددا من البلدان الغربية التي تشجع البنوك إلاسالمية على
الاستقرار فيها ،بالنظر إلى الصالبة واملناعة التي أبانت عنها مؤسسات القروض التي تعمل وفقا
لتعاليم الشريعة إلاسالمية في وجه ألازمة املالية العاملية التي عصفت بأكبر البنوك العاملية.
وبالنظر إلى التحوالت السياسية والاقتصادية التي شهدها والزال يشهدها املغرب على
وجه العموم ،وتطور املالية إلاسالمية به على وجه الخصوص ،فإنه كان البد لنا من خالل هذه
املداخلة من التوقف على ما جاء في مشروع البنوك التشاركية الذي جاء به التعديل املقترح في
صلب القانون رقم 32-03املتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات املعتبرة في حكمها وذلك من
الدراسة والتحليل( املطلب الثاني) ،بعدما أبانت تجربة املنتجات البديلة املتداولة من طرف
البنوك التقليدية املغربية وعلى رأسها مؤسسة دار الصفاء عن ضعف تداولها وسوء تطبيقها من
حيث الواقع التجريبي لها( املطلب ألاول) ألامر الذي عجل بضرورة توفير ألارضية الشرعية
452
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
املناسبة لها إلمكانية تطويرها خاصة في ظل املستجدات والتحوالت التي تشهدها إن على املستوى
إلاقليمي أو الدولي.
املطلب ألاول :واقع تطبيق املنتجات البديلة داخل ألابناك املغربية ورهانات تطويرها في ظل
التحوالت السياسية الراهنة
شكل فاتح أكتوبر 2007منعط فا مهما في مسار الاقتصاد املغربي بإعالن والي بنك املغرب
السيد عبد اللطيف الجواهري عن ميالد املنتجات البنكية الجديدة وهي املرابحة ،إلاجارة،
املشاركة ،معلنا بذلك عن فتح املجال أمام البنوك املغربية لتسويقها والتنافس على استقطاب
فئات جديدة من املواطنين املغاربة الذين يرفضون التعامل مع البنوك التقليدية بسبب مبررات
شرعية تتمثل أساسا في رفض التعامل بالفائدة الربوية ،ومحاولة السلطات النقدية الرفع من
نسبة الاستباك.
كن ما لوحظ بعد مرور خمس سنوات منذ تسويق املنتجات البنكية البديلة أن
الحصيلة كانت غير مشجعة بالنظر ملجموعة من الاعتبارات ( الفقرة الثانية) ،لكن ذلك ال يمنع
من تسجيل مجموعة من املؤشرات إلايجابية لإلعالن عنها ولو مع وجود مظاهر للقصور كانت
وراء عدم تسويقها بالشكل املطلوب لنجاحها (الفقرة ألاولى).
الفقرة ألاولى :املؤشرات إلايجابية ومظاهر القصور في انطالق العمل باملنتجات
البديلة
لقد أثار إصدار والي بنك املغرب سنة 7002توصية تتضمن املنتجات البديلة مجموعة
من ردود ألافعال إلايجابية والسلبية ،فهناك من استحسن الخطوة واعتبرها بداية لتبني املغرب
فكرة البنوك إلاسالمية وتطبيقه على أرض الواقع املغربي ،وهناك من تحدث عن الحيل التي تلجأ
لها السلطات الحكومية من أجل جلب الاستثمارات الخليجية فقط دون أن تكون رغبات املغاربة
في الحسبان ،باإلضافة إلى ردود أفعال أخرى متعلقة بالتسمية وكيفية تداولها في ألابناك
التقليدية املغربية.....،إلخ
وبالنظر إلى ردود ألافعال هذه واختالفها ،فإنه ارتأينا الحديث عن أهم املالحظات
املتداولة في الساحة إبان صدون توصية والي بنك املغرب وإجمالها من خالل هذه الفقرة وذلك
في النقط التالية.
أوال :املؤشرات إلايجابية لصدور توصية والي بنك املغرب
لقد عملت السلطات املالية املغربية على السماح بتسويق بعض املنتجات املستوحاة
من الفقه إلاسالمي ،وخاصة فقه املعامالت املالية ،بعد إجراء مجموعة من الدراسات والبحوث
بشأنها،والتي أكدت أن هذه املنتجات سوف تستقطب حوالي 30مليار درهم بمثابة رؤوس أموال
غير مشاركة في الدورة الاقتصادية وهو ما يعادل حوالي ℅ 2من الناتج الداخلي الخام للمغرب،
453
أيت الغازي فاطمة
وبذلك ستحسن من مستوى نسبة الادخار الوطني ونسبة الاستثمار العمومي بحوالي ℅ 7أو 3
℅ مما سيجعل معدل النمو الاقتصادي يربو بما يقارب ،℅ 165باإلضافة إلى تدعيم القطاع
البنكي املحلي ،إذ سترتفع نسبة ولوج الزبناء إلى البنوك بنسبة ،℅33مقابل ℅75حاليا(.)1
تبع ا لذلك ،نالحظ وجود مجموعة من املؤشرات إلايجابية والتي نجملها في النقط
التالية:
-1تعميم املنتجات البديلة في كل البنوك املغربية
لقد أوصت توصية والي بنك الصادرة تحت رقم 7002/33وفقا للمقتضيات
التشريعية املتعلقة بمؤسسات الائتمان والهيئات املعتبرة في حكمها وخاصة تلك املتعلقة باملادة
19من القانون رقم 32/03بتطبيق منتجات إلاجارة واملرابحة واملشاركة محددة الشروط
العامة والكيفيات التي يمكن ملؤسسات الائتمان املعنية بالتوصية ،معطية صالحيات تحديد
الشروط الخاصة للمؤسسة مانحة التمويل والزبون طالب التمويل(. )2
تبعا لهذه ا لتوصية فإن املنتجات البنكية ذات الطبيعة إلاسالمية ،يمكن لكل البنوك
املغربية استغاللها وتقديم خدماتها من خاللها ،كحق ثابت لها ،بعدما كانت لوقت قريب من
الصعب حتى ملجرد التفكير في إمكانية البنوك املغربية تقديم مثل هذه املنتجات التي هي في
ألاصل ال تتالءم مع فلسفة تلك البنوك واملبنية على القرض وإلاقراض ،املقرون بالفائدة
التبادلية ،أي أخذ القروض من الجمهور بنسبة فائدة أقل مما تقرض به للجمهور.
وحيث لذلك ،فالبنوك لم يعد دورها منحصرا في الوساطة املالية ،وإنما تعداه إلى أدوار
أخرى كاملتاجرات واملشاركات ،وبذلك فتحت أمامها منافذ جديدة في استثمار مواردها املالية التي
ال تعرف طريقا إلى املشاركة في الدورة الاقتصادية لالقتصاد الوطني ،الذي تعوزه الحاجة لضخ
موارد مالية كبيرة في سبيل تحقيق التنمية الشاملة.
كما أن البنوك املغربية بتفعيلها ملقتضيات توصية والي بنك املغرب املتعلقة باملنتجات
البديلة ذات الطبيعة إلاسالمية ،ستصبح في مواجهة أنواع أخرى من املخاطر التي لم تكن واردة
خالل إعمالها ملنتجاتها الكالسيكية.
وبذلك غدت الفرصة سانحة أمام ألابناك املغربية على اختالف تسمياتها سواء مقراتها
املركزية أو فروعها في مختلف ربوع اململكة على العمل بمنتوج املرابحةأو املشاركة أو إلاجارة ،دون
أ ،يكلفها ذلك عناء تخصيص فروع أو مؤسسات خاصة بتلك املنتجات مما يجعل إمكانية نجاح
( )1فشل املنتجات الاسالمية يحرم املغرب من حوالي 30مليار درهم ،جريدة الصباح ،العدد ،7251الثالثاء
،7008/07/72ص .9
( )2مريد جواد " :البنوك إلاسالمية في ضوء املستجدات التنظيمية للمنتجات التمويلية باملغرب"،الطبعة ألاولى
، 7017ص .301
454
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
املنتجات ممكنة ،باإلضافة إلى قرب املستهلك طالب التمويل من مؤسسات التمويل خاصة في
املدن الكبرى والحواضر ،في انتظار تعميمها حتى على املدارات غير الحضرية.
أضف إلى هذه املؤشرات إلايجابية عامل آخر ،يتمثل في إعمال املنتجات البديلة
الجديدة في البنوك املغربية ال يتطلب من هذه ألاخيرة أي إجراءات قانونية بقصد املالءمة ،سواء
من حيث شكل املؤسسة أو إجراءات التأسيس ،مما يجعل املنتوج خاضعا من حيث املبدأ لنفس
املقتضيات التنظيمية للبنوك ،وبذلك يضمن تركيبة ثنائية للمنتجات املقدمة من قبل ألابناك،
مما يضمن التعايش ما بين املنتجات ذات الطبيعة إلاسالمية واملنتجات الكالسيكية ،رغم عدم
التوافق املرجعي الذي ينعكس بصورة واضحة في الجانب القانوني املطبق عليهما.
-2وجود شريحة واسعة من الراغبين في التعامل بها
مما ال شك فيه ،أن نجد شريجة واسعة من املغاربة الراغبة في التعامل مع البنوك من
خالل املنتجات البديلة ذات الطبيعة إلاسالمية ،مادام ذلك ينسجم مع معتقداتهم الدينية التي
تحث على تطبيق شرع هللا تعالى في أرضه ،وخاصة في مجال املعامالت املالية ،اتقاء للشبهات
املحيطة باملعامالت الكالسيكية املتداولة في البنوك املغربية الربوية ،خاصة إذا علمنا أن نسبة
كبيرة من املغاربة ال تتعامل مه هذه البنوك لهذا السبب بالضبط.
فإذا كانت نسبة الاستبناك باملغرب ال تتجاوز ،℅12وهي كما يبدو نسبة جد ضعيفة
مقارنة ببعض الدول الجارة كالجزائر وتونس و ،...فإن عددا من ألاصوات ترجع ذلك إلى انعدام
الانسجام الروحي للزبون واملنتجات املوجودة في السوق ،وأن الحل هو تأسيس بنوك إسالمية،
فهو السبيل الوحيد للرفع من نسبة الاستبناك باملغربن وفي خضم هذا السبب تولدت لدى
السلطام املالية املغربية إيجاد الرابط بين ما هو اقتصادي مالي صرف ،وبين ماهو مرتبط بالوازع
الديني والروحي لدى املغاربة املسلمين.
وحيث إننا ال نقصد فقط املسلمين ،وال أدل على ذلك إال بالدول الغربية والتي ال تدين
باإلسالم دينا ومواطنوها ليسوا بمسلمين ومع ذلك يقبلون على التمويل إلاسالمي وعلى منتجاته
بشكل كبير ملا رأوا فيه من مكاسب جمة تغنيهم عن اللجوء إلى البنوك الربوية كما هو ألامر في
بريطانيا مثال...
حيث إن البنوك إلاسالمية ومعها املعامالت إلاسالمية أثبتت جدارتها وقوتها كبديل
استراتيجي للمعامالت املالية ا لعاملية التي توفر للمتعاملين من خاللها ألامن املالي وآلامان
الاقتصادي والثقة التي تعتبر جوهر املعامالت املالية( ،)3فاألجدر تأسيسها في بلد املغرب املسلم.
وعلى الرغم من هذه املؤشرات إلايجابية ،إال أن هناك مجموعة من مظاهر القصور
( )3فاطمة أيت الغازي " :الاقتصاد إلاسالمي وجاذبيته في مواجهة ألازمات املالية العاملية" ،مجلة القانون املغربي،
العدد ألاخير .7013
455
أيت الغازي فاطمة
( )4مريد جواد " :البنوك إلاسالمية في ضوء املستجدات التنظيمية للمنتجات البديلة" ،املرجع السابق ،ص .305
456
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
( )5انس الحسناوي " :التعامل املحتشم للبنوك مع املنتجات الجديدة أثر على سمعتها" ،جريدة الصباح ،م س،
ص .8
457
أيت الغازي فاطمة
بخصوصها والتي لم تتجاوز 600مليون درهم ،وتهم باألساس كال من املرابحة وإلاجارة( ،)6في
حين تمثل التمويالت إلاسالمية 0.1 %من قروض الاقتصاد املقدمة من لدن البنوك إلى غاية
نهاية نونبر ،2008إضافة إلى اقتصار عرض هذه املنتجات على أربع بنوك فقط ،وهذا ال يتماش ى
مطلقا مع ألاهداف املسطرة لهذه املنتجات واملتمثلة في توسيع وتنويع الخدمات البنكية،
والاستجابة ملتطلبات شريحة مهمة من املغاربة الراغبين في هذا النوع من التمويل املالي الخالي
من الفائدة الربوية ،ورفع نسبة الاستبناك خصوصا إذا علمنا أن نسبة التعامل مع البنوك في
املغرب ال تتعدى 25إلى .30 %
الاعتبار الثاني:غموض في تفسير أسباب انطالق هذه املعامالت( ،)7فالخطاب الرسمي
يقول أنها جاءت تلبية لرغبات الجمهور في الانفتاح على أساليب جديدة في التعامل مع البنوك
دون ذكر هويتها إلاسالمية وال التشهير لها ،وكأنها مولود غير شرعي لهذه البنوك ويجب التستر
عليه(.)8
الاعتبار الثالث :هو أن سبب انطالق هذه املعامالت باإلضافة إلى ألاسباب الداخلية
السالفة الذكر ،ضغوط خارجية خضع لها املغرب من طرف املستثمرين خاصة املستثمرين
العرب من دول الخليج الذين اشترطوا وضع أموالهم املزمع استثمارها في مؤسسات أو حسابات
إسالمية ،وحيث إن هذه الاستثمارات غالبا ما يكون حجمها كبيرا ويتطلب سنوات كبيرة
لتنفيذها ،ألامر الذي يقتض ي أن تبقى ألاموال املرصودة لها جامدة ،فإن هي وظفت بطريقة ربوية
استحال على أصحابها شرعا التصرف في أرباحها ،وإن هي وظفت بطريقة إسالمية استفاد منها
أصحابها ،وخفضوا بذلك إجمالي تكلفة مشاريعهم.
الاعتبار الرابع :وهو العدد املحدود للبنوك التي عملت على تسويق هذه املنتجات
()10
البنكية البديلة (مؤسستين فقط من أربع)( ،)9باإلضافة إلى غياب وسائل الدعاية وإلاشهار
( )6في حين لم تتم دراسة أي ملف خاص باملشاركة بسبب خصاص في الرؤية بالنسبة لهذا العرض ،وألن
املشاركة تعتبر ضمن رأسمال املخاطرة.
انظر " :بعد 3سنوات ....لهذه ألاسباب فشلت املنتجات البنكية إلاسالمية" أنجز امللف موالي إدريس
املودن ،إلاثنين 30أغسطس ،7010
املوقع إلالكتروني www .iqtissadia.com:
قمت بزيارة هذا املوقع يوم الجمعة /03/ 2011 01على الساعة h 30 18
( )7عمر ادريس الكتاني " :تعليق على قرار بنك املغرب " منشور في املوقع إلالكتروني ،www .iqtissadia.com :أنظر
املرجع السابق
( )8مع العلم أن إنشاء بنوك إسالمية هو مطلب وضع على طاولة البرملان املغربي منذ أزيد من عقدين فعوض
ترك ألامور على ما هي عليه أو إلاذن بإنشاء بنوك إسالمية،ألامر الذي اقتض ى من املسؤولين التحايل وإيجاد
بدائل إسالمية لكن في إطار بنوك تقليدية من خالل فتح نوافذ إسالمية.
( )9يقصد بهما بنك التجاري وفا بنك والفرع الذي أسسه واملسمى " دار الصفاء" ،وكما إلى ذلك ألاستاذ نجيب
458
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
والتي كان من املفروض أن تعمل على تسويقها بالشكل الكافي ،أضف إلى ذلك ضعف التكوين
الكافي واملتخصص لألطر البنكية املغربية في مجال املالية إلاسالمية ،وتمركزها في املدن الكبرى في
حين تبقى معظم الوكاالت البنكية في مختلف أنحاء املغرب غير محاطة ومستوعبة لحيثيات تنزيل
وتطبيق هذه املنتجات.
الاعتبار الخامس :ويتجلى في ألاسباب التقنية لضعف نجاح هذه املنتجات بصفة عامة
واملرابحة بوجه خاص:
ومن بينها الازدواج الضريبي الذي كان مفروضا على هذا النوع من التمويالت سواء
على مستوى رسوم التسجيل أو الضريبة على القيمة املضافة أو الضريبة على الشركات ،والذي
تم إصالحه خالل سنة 2009بالنسبة إلى رسوم التسجيل وخالل مشروع قانون املالية
لسنة 2010بالنسبة لضريبة على القيمة املضافة ،إذ كانت هذه ألاخيرة تفرض على ألاقساط
الشهرية وعلى قسط ربح البنك ،على عكس التمويل التقليدي املفروضة عليه الضريبة فقط
بالنسبة للفائدة ،وهذا مطلب قدمه فريق العدالة والتنمية كتعديل خالل سنتي 2008و 2009
وسنة 2010كذلك ،مما كان له تأثير إيجابي على مستوى انخفاض تكلفة هذه املنتجات(.)11
كذلك يطرح مشكل الضمانات ،حيث تم وضع مجموعة من القيود الصارمة
تخوفا من فشل العملية( كحكم مسبق ) ،مقارنة مع القروض الكالسيكية ومنها مثال :أن الزبون
يكون ملزما بتأدية مجمل القرض في حال عجز عن سداد مستحقاته ملدة 3أشهر ،وهذا ما
يجعل عددا من الزبناء تنفر من هذه املنتوجات بسبب الشروط القاسية التي تتضمنها العقود،
فضال عن رفض املؤسسات البنكية تفعيل تأمين املخاطر عن ألاداء(.)12
بوليف :فاألمر يتعلق بمؤسسة بنكية واحدة فقط يقوم بهذه العمليات ،مما يعني أنه يعمل بمنطق الاحتكار
الش يء الذي سيرفع من ألاسعار ،فاملنافسة من شأنها تخفيضها ولو بشكل تدريجي.
انظر موقف ذ /نجيب بوليف الوارد في مقال تحت عنوان " كل ما يجب أن تعرفه عن املنتجات البديلة" كتبه
سعيد الطواف في مجلة املساء بتاريخ . /09/201015
املوقع إلالكتروني ; ، www.midipress.comوقد قمت بزيارة هذا املوقع بتاريخ /04/2011 02على الساعة h 12
.30
( _ )10لقد أعربت مصادر من بنك املغرب على أن البنوك هي املعنية بإطالق حمالت إشهارية ،وعدم اللجوء إلى
املؤسسات الدينية قصد تحسيس الزبناء والبنوك بأهمية هذه املنتجات.
( _ )11أما بالنسبة للضريبة على الشركات ،ففريق العدالة والتنمية سيقدم تعديل خالل مشروع القانون املالي
لسنة 2011يتعلق بالضريبة على الشركات واملتعلق بفرض الضريبة فقط على قسط الربح.
انظر www .iqtissadia.com :
( )12من الضروري وضع نظام للتأمين يسمى " تأمين عدم املالءة" وهذا النوع من التأمين يمكن من تغطية مبلغ
القرض في حال عجز الزبون عن تأدية املستحقات لسبب من ألاسباب ،سواء الاقتصادية أو الاجتماعية ،
459
أيت الغازي فاطمة
عموما يمكن القول أن املنتجات البنكية البديلة التي جاءت بها توصية والي بنك
املغرب عموما ،يصعب تطبيقها على أرض الواقع بالنظر للتعقيدات إلادارية والتكلفة املالية
الغالية ،باإلضافة إلى غياب املواكبة والدعاية إلاشهارية ()13في مقابل سماح العديد من الدول
قمت بزيارة هذااملوقع يوم السبت /04 /2011 07على الساعة الرابعة زوالا.
( )13وقد لخص الاقتصادي املغربي ذ .عمر إدريس الكتاني ألاسباب التي عجلت بفشل املنتجات البنكية البديلة
في ستة أسباب هي كالتالي:
السبب ألاول :هو أن نسبة ربحية البنك يحددها البنك وحده ،إذ أنها ليست نتيجة ملفاوضات بين الطرفين،
وال نتيجة لضغط املنافسة بين البنوك ،وإنما يقع تقييم النسبة الربحية بعملية حسابية مبنية على نسبة
الفائدة ا ملتداولة في البنك ،وحيث أن نسب الفائدة مرتفعة في البنوك املغربية بسبب التنافسية الضعيفة
بين البنوك ،فإن نسبة الربحية تظل مرتفعة.
السبب الثاني :متعلق بمدة إلاعفاء من الضريبة ،ففي النظام التقليدي الربوي إذا اشترى الشخص منزال
للسكن ألاساس ي وسكنه 1سنوات ،ثم باعه حينذاك يعفى من الضريبة على ألامالك العقارية.
السبب الثالث :وهو مرتبط باالزدواج الضريبي في املرابحة ،فإذا أردنا شراء منزل بعقد مرابحة فإننا نطلب من
البنك شراءه وحين يصبح في ملكيته عندئذ يبيعه إيانا بالتقسيط مع إضافة نسبة ربحية ،وحيث إن هناك
عملية شراء مرتين ،كانت كل عملية نخضع إلى أداء التسجيل ،.5 % 5والتحفيظ .5% 1وهكذا كان املشتري
يؤدي %5ضريبة عوض ضريبة عوض ،% 1وقد أزيلت هذه الازدواجية سنة ،5117بعد أن اقتنع
املسؤولون بأن البنك هو مجرد وسيط في البيع.
السبب الرابع :فيتعلق بكلفة الضريبة على القيمة املضافة ،إذ عادة ما تطبق نسبة % 11كضريبة على
القيمة املضافة على كل املنتجات البنكية ما عدا منتوجات املعامالت إلاسالمية التي تواجه حالتين :ألاولى
بالنسبة إلى إلاجارة والاقتناء إذ تعتبر العملية إجارة ال اقتناء ،لذا يتحمل الزبون نسبة % 51وهي النسبة
املطبق ة على ألاكرية ،والثانية بالنسبة للمرابحة فرغم أن هذه العملية تقوم بها البنوك ،فإنها تعتبر عملية
بيع وشراء عادية وتطبق عليها نسبة % 51على القيمة املضافة ،بينما ال تخضع العملية نفسها املبنية على
قرض ربوي إال إلى نسبة % 11من القيمة املضافة ،إال أن قانون املالية لسنة 5111خفض هذه النسبة غلى
نسبة % 11بينما تركها في مستوى % 51في إلاجارة,
السبب الخامس :ويتعلق بكلفة الضريبة على الدخل ،إذ أن الفوائد التي تعطى للبنوك في حالة شراء عقار
سكني رئيس ي تخصم عادة من املبلغ الخاضع للضريبة على الدخل ،بينما في املعامالت إلاسالمية البديلة
ألارباح التي تعطى للبنوك في حالة شراء سكن رئيس ي ال تخصم من املبلغ الخاضع للضريبة على الدخل ،مع
العلم أن ألارباح يأخذها البنك ،ويؤديها ككلفة الزبون ،فهل يعقل أن يؤدي عليها الزبون ضريبة رغم أنها
دفعت في شراء السكن الرئيس ي.
460
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
الغربية بإنشاء أبناك إسالمية كفرنسا التي يقدر عدد املغاربة بها حوالي مليون نسمة وقد بلغت
تحويالتهم 23مليار و 353مليون درهم سنة 2007محتلة ما نسبته % 42من مجموع التحويالت
الخارجية واملقدرة ب 55مليار درهم ،بحسب تقرير ميزان ألاداءات الصادر عن مكتب الصرف
الفرنس ي( ،)14ألامر الذي يطرح عالمة استفهام حول الجدوى من تهميش هذه املنتجات مع العلم
أن من شأن الاهتمام بترويجها الحصول على سيولة جد هامة إلمكانية النهوض باالقتصاد
املغربي وتمكينه من مقومات خوض غمار التنافسية العاملية.
املطلب الثاني :دراسة نقدية للبنوك التشاركية املشار إليها في مشروع القانون رقم 32-03
إن الدراسة النقدية للبنوك التشاركية كما جاءت في مسودة القانون رقم 32-03
املتعلق بمؤسسة الائتمان والهيئات املعتبرة في حكمها تقتض ي منا قبل ذكر النواقص التي تعتريها
( الفقرة الثانية) ،أن نحدد إلاطار القانوني لها من خالل تحديد مجال تطبيقها وآليات املراقبة (
الفقرة ألاولى)
الفقرة ألاولى :التنظيم القانوني للبنوك التشاركية
بادئ ذي بدء ،وقبل الحديث عن أي تنظيم قانوني للبنوك التشاركية والتي تشمل
مقتضيات التأسيس ومجال التطبيق وآليات املراقبة ( أوال) ،فإنه البد من وضع هذه البنوك
املستحدثة في إطارها العام ال وهو مشروع القانون رقم 32-03املتعلق بمؤسسات الائتمان
والهيئات املعتبرة في حكمها ،لنتساءل جميعا عن ما هي أهم املستجدات التي جاء بها؟ وملاذا تم
إقحام البنوك التشاركية ضمن هذا القانون؟ ملاذا لم يتم تخصيص قانون خاص بالبنوك
التشاركية مستقال عن القانون امل نظم ملؤسسات الائتمان والهيئات املعتبرة في حكمها باملغرب؟
هذه ألاسئلة وغيرها هي ما سنحاول إلاجابة عنها فيما سيأتي ( ثانيا) .
أوال :أهم املستجدات التي جاء بها مشروع القانون 34-03
لقد مكن تطبيق القانون رقم 32-03املتعلق بقانون مؤسسات الائتمان والهيئات
املعتبرة في حكمها من استخالص دروس هامة ،خاصة على ضوء ألازمة العاملية و انعكاساتها على
اقتصاديات الدول و آذا التطورات التي عرفها املناخ القانوني على املستوى الدولي و الوطني.
و من أجل أخد هذه التطورات بعين الاعتبار و وضع آلاليات الضرورية ال سيما للوقاية
من ألازمات املالية و تدبيرها و تعزيز الرقابة على أنشطة مؤسسات الائتمان و خلق شروط تطابق
السبب ألاخير :وهو مرتبط بكلفة التأمين ،ولنفرض مثال أن الزبون سلم للبنك مبلغ 51مليون سنتيم من
أصل 41مليون لشراء سكن مرابحة تفرض عليه عقدة الشراء تأمين 41مليون سنتيم كاملة وليس فقط
تأمين 11مليون املتبقية ،ما يعني تحمل كلفة أعلى في التأمين.
( )14محمد العروص ي" :الحق في ا لسكن بين املعامالت البنكية الجديدة واملعامالت التقليدية" مجلة ألامالك،
العدد ، 8السنة ، 7010ص. 130
461
أيت الغازي فاطمة
نظامنا البنكي مع أفضل املعايير املعمول بها على املستوى الدولي ،بات من الضروري العمل على
إعداد قانون جديد ينظم أنشطة مؤسسات الائتمان و الهيآت املعتبرة في حكمها.
مادة يتضمن197 ويمكن تلخيص الخطوط العريضة للقانون السالف الذكر الذي
موزعة على تسع أبواب فيما يلي:
- 1مجال تطبيق القانون:
ينص مشروع القانون على أن رخصة املزاولة للبنوك يمكن أن تقتصر على ممارسة
بعض ألانشطة املرتبطة بتلقي الودائع و منح القروض.
ويتضمن مشروع القانون مقتضيات تنص بطريقة شمولية على خدمات الاستثمارو
الخدمات املرتبطة بها و املمكن مزاولتها ،شريطة التقيد بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية
املطبقة في هذا املجال ،من طرف مؤسسات الائتمان.
الجانب ما يلي: وتخص املقتضيات ألاخرى التي تطرق لها مشروع القانون و املتعلقة بهذا
أ -وضع إطار قانوني يحكم نشاط البنوك التشاركية :وعيا من السلطات العمومية بما
يمكن أن تقدمه املنتوجات و الخدمات املالية التشاركية فيما يخص تعبئة الادخار و التمويل
إلاضافي لالقتصاد الوطني ،فإنه أصبح من الضروري وضع إطار قانوني يحكم املالية التشاركية.
ومن أبرز العناصر التي تم أخذها بعين الاعتبار من أجل إدخال مقتضيات تهم البنوك
التشاركية ،نذكر على وجه الخصوص:
وتكمن أهم املحاور التي تطرقت لها هذه املقتضيات فيما يلي:
462
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
املنتوجات املقدمة للجمهور للشريعة ،كما تضمن مشروع القانون مقتضيات تتعلق بإلزامية
وضع لجنة افتحاص من طرف البنوك التشاركية يعهد إليها بالتأكد من مطابقة ممارسة ألانشطة
البنكية ألحكام الشريعة ؛
-ممارسة الرقابة من طرف بنك املغرب على البنوك التشاركية ؛
-حماية املستهلك.
ستظل هذه املؤسسات خاضعة للنصوص الخاصة بها و في نفس الوقت ملقتضيات
القانون البنكي املتعلقة بمنح و سحب الاعتماد ،و ألاحكام الاحترازية و املحاسبية و نظام
العقوبات.
ت .مؤسسات ألاداء:
اعتبارا للنمو الذي عرفته الوسائل الجديدة لألداء (البطائق املسبوقة الدفع والخدمات
املصرفية عبر الهاتف) و العاملين في قطاع ألاداء ،فقد تم التنصيص في مشروع القانون على نظام
يحكم مؤسسات ألاداء ،وسيمكن هذا إلاطاراملؤسسات املعنية من مزاولة عملية أو أكثر لألداء و
املنصوص عليها في
القانون و ستشمل شركات تحويل ألاموال املنصوص عليها في القانون الحالي.
ث .التجمعات املالية:
يضم مشروع القانون مقتضيات متعلقة بتعريف التجمعات املالية و رقابتها بهدف خلق
التوافق بين التشريع الوطني و املعايير الدولية.
وفقا للمقتضيات الجديدة املنصوص عليها في مشروع القانون ،يجب على الوسطاء في
العمليات املنجزة من لدن مؤسسات الائتمان اتخاد شكل أشخاص معنوية.
من جهة أخرى ،يخضع الوسطاء في العمليات املنجزة من لدن مؤسسات الائتمان لرقابة
بنك املغرب بموجب املادة 83من مشروع القانون التي تنص على أن " بنك املغرب مكلف بمراقبة
تقيد مؤسسات الائتمان ألحكام القانون والنصوص املتخذة لتطبيقه ،والتأكد من مالئمة التنظيم
إلاداري واملحاسباتي و نظام املراقبة الداخلية للمؤسسات املعنية و السهر على جودة وضعيتهم
املالية.
إن الوسطاء املذكورين مطالبين أيضا بوضع نظام اليقظة والسهر الداخلي وفقا للقانون
463
أيت الغازي فاطمة
أسندت مهام جديدة للجنة مؤسسات الائتمان ،التي يستطلع رأيها والي بنك املغرب
والتي تتعلق بمنح وسحب الاعتماد من جمعيات السلفات الصغيرة والبنوك الحرة و آذلك أنشطة
مؤسسات ألاداء.
من جانب آخر ،سيتم توسيع تشكيل هذه اللجنة إلى ممثل الفدرالية الوطنية لجمعيات
السلفات الصغيرة
- 3تقوية التنظيم الاحترازي:
أ .املساهمات:
يسمح مشروع القانون البنكي لبنك املغرب باالعتراض على أخذ أية مساهمة ،حتى و في
حالة الامتثال للسقوف إلاجبارية ،إذا ما ارتأى أن هذه املساهمة من شأنها أن تعرض مؤسسة
الائتمان ملخاطر مفرطة أو تعوق رقابتها الاحترازية.
ينص مشروع القانون على مفهوم املدير املستقل و ينص كذلك على الالتزام بتشكيل
لجان الافتحاص واملخاطر من طرف مؤسسات الائتمان املعتمدة بوصفها بنوكا.
نظرا للتطورات ألاخيرة التي عرفها نظام مكافحة غسل ألاموال ببالدنا ،و من أجل تحقيق
مطابقة القانون البنكي للمعايير الدولية في هذا املجال ،نص مشروع القانون صراحة على أن بنك
املغرب مكلف بضمان احترام الهيآت الخاضعة ملراقبته ،لألحكام الجاري بها العمل في مجال
مكافحة غسل ألاموال وتمويل إلارهاب.
464
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
ويتحقق الجزء الكبير للرقابة الاحترازية الكلية عن طريق هذه اللجنة بتركيبتها املوسعة
والتي سوف يرأسها والي بنك املغرب وستشمل ممثلي مديرية الخزينة واملالية الخارجية والسلطة
املكلفة بمراقبة مقاوالت التأمين وإعادة التأمين،والسلطة املكلفة بمراقبة أسواق الرساميل.
ويشمل مشروع القانون كذلك أحكاما جديدة تتعلق بمعالجة صعوبات أية مؤسسة
تعتبر شمولية ،و ال سيما امكانية تعيين ،وفق إجراء طارئ ،مدير مؤقت عندما تهدد الظروف
استقرار النظام البنكي وتفويت أصولها التي تعتبر مختلة إلى هيكل قانوني معتمد أو انفصالها.
كما يحدد املشروع بشكل واضح أنه يعهد أساسا لصندوق ضمان الودائع بتعويض
املودعين بمؤسسات الائتمان ،و يمكنه أيضا منح مساعدات قابلة لإلرجاع للمؤسسات التي تبرز
وضعية صعبة أو املساهمة في رأس مالها.
و يخول مشروع القانون إدارة صندوق ضمان الودائع لشركة مساهمة تحت مراقبة
بنك املغرب ،تتوفر على رأس مال يتم اكتتابه من طرف مؤسسات الائتمان املنخرطة بالصندوق و
آذا بنك املغرب.
و باملقابل ،عندما يرى بنك املغرب ،بمناسبة دراسة طلب اعتماد أو طلب اندماج أو ضم
بين واحدة أو أكثر من مؤسسات الائتمان أو الهيآت املعتبرة في حكمها ،أن العملية املقترحة يمكن
أو يحتمل أن تشكل خرقا ألحكام" قانون املنافسة" ،فإنه يلتمس رأي سلطة املنافسة قبل الحسم
في املوضوع.
و من جهة أخرى ،بما أن بنك املغرب يدير خدمات ذات مصلحة عامة و التي تحتوي على
بيانات شخصية ،فإن مشروع القانون يسرد هذه الخدمات و يشرح غرضها.
465
أيت الغازي فاطمة
466
التمويالت اإلسالمية بالمغرب بين واقع التطبيق وآفاق التطوير
من املواد املشكلة للقانون غير كاف لإلحاطة التشريعية بعمل مصرف إسالمي يمارس ألول مرة
باملغرب.
-2كان على املشروع أال يقتصر في تقديمه على 2منتوجات تمويلية فقط ،ألن قوة
املصارف إلاسالمية في تنوع منتوجاتها ،وفي الاجتهاد الشرعي في إيجاد الحلول املناسبة للمواطنين
والفاعلين الاقتصاديين لتمويل احتياجاتهم ،فمثال املضاربة أنواع واملرابحة كذلك أنواع ،والبيوع
أنواع ،واملشروع لم يأطر هذه ألاصناف أبدا.
إضافة إلى غياب تمويالت مهمة مناسبة أكثر لالقتصاد املغربي باعتباره بلد فالحي
كصيغ املزارعة واملغارسة وبيع السلم ،وغياب الحديث عن الاستصناع ،وعن عقود التوريد،
وعن صيغة الصكوك التي أبانت عن نجاحها في جلب أموال ضخمة لتمويل اقتصاديات عدة
دول إسالمية (ماليزيا ،السعودية ،قطر ،)...واملغرب هو أحوج من غيره لهذا الصنف من
التمويالت.
-3تطرق املشروع لهيئة الرقابة الشرعية تحت مسمى "لجنة الشريعة للمالية"،
وربطها باملجلس العلمي ألاعلى ،باعتباره الضامن ملؤشر الاطمئنان لتجربة "البنوك التشاركية"،
وبالتالي فأصحاب رؤوس ألاموال الراغبين في تطبيق شرع هللا في أموالهم ينتظرون إشارة قوية
تخص الدور املنوط بهذه املؤسسة ودرجة استقاللها في اتخاذ قراراتها في توجيه املعامالت
املعرفية للبنك التشاركي ،بما يتوافق مع الشريعة إلاسالمية.
-4فمشروع القانون مطالب بالتنصيص على هذه ألامور ،وكل املقتضيات الضرورية
املتعلقة بتكوين هذه اللجنة ،وضمان استقالليتها الكاملة في مهام الرقابة املسندة إليها.
-5ال يجب ربط تنزيل مضامين هذا القانون على أرض الواقع بعدة مراسيم تطبيقية،
والتي غالبا ما تتأخر ،وبتأخرها يصبح املشروع حامال في طياته بوادر الفشل ،وعلى العكس يجب
أن يكون متضمنا كافة التفاصيل واملقتضيات الضرورية لالنطالقة وسد باب التأويل
والانتظارات.
-6يجب العمل على مالءمة إلاطار التشريعي والتنظيمي مع عمليات البنوك التشاركية
بصفة كاملة ال جزئية ،خصوصا فيما يتعلق باملدونة العامة للضرائب ،ومدونة التأمينات،
ومدونة التجارة ،ومدونة تحصيل الديون العمومية ،وقانون املنافسة ،والقوانين املنظمة للسوق
املالية ،وتلك املعمول بها في مجال التحفيظ العقاري ،ألن الغاية من هذه املالءمة هي ضمان
تنافسية متكافئة مع مؤسسات الائتمان ألاخرى.
-7تمت مالحظة غياب أي إشارة إلى املعايير املحاسباتية الخاصة بالبنوك التشاركية
في املسودة ،على الرغم من كون بنك املغرب قد سبق وأن نشر مذكرة خاصة باملعايير
املحاسباتية فيما يتعلق باملنتوجات البديلة.
467
أيت الغازي فاطمة
وعلى العموم ،فعلى الرغم من كل هذه املالحظات فإن ما يمكن أن نختم به هذا البحث
هو ضرورة إلاشارة إلى النقط التالية:
إن إنشاء البنوك إلاسالمية ال ش يء يقف أمامها إال الانضباط باملقتضيات واملساطر
القانونية ملمارسة املهنة البنكية في املغرب ،وبذلك فال مكان للقول بوجود املانع ألنه ال يوجد أي
مقتض ى قانوني يميز بين بنوك إسالمية وأخرى غير إسالمية ،فاالحتكام للقانون في دولة الحق هو
ألاوجب.
إن إعمال الصيغ إلاسالمية يجب أن يكون في أحضان بنك يتطابق معها في املرجعية
أي يتوافق مع أحكام الشريعة إلاسالمية.
إن من شأن وجود بنك ذي طبيعة إسالمية باملغرب أن ينهض باالقتصاد الوطني
وتحقيق التنمية املستدامة بصفة عامة.
أن ما يجب علينا في نهاية هذا البحث على العموم هو التنويه بخطوة تأسيس البنوك
التشاركية ،لعلها تكون هي البداية لكل خير.
468