Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫للثورة[عدل]‬ ‫كريم بلقاسم والتحضير‬

‫بعد تأسيس اللجنة للوحدة والعمل في مارس ‪ 1954‬اقترح‪ ‬مصطفى بن بولعيد‪ ‬تنظيم‪ -‬لقاء مع كريم بلقاسم وأعمر أو عمران‬
‫للتنسيق‪ -‬والتعاون‪ ،‬وضع حد لصراعات المصاليين والمركزيين‪ ،‬وتوسط‪ -‬حمو بن يحي من برج منايل في القضية‪ ،‬وتم اللقاء‬
‫في قبيلة بحي حيدرة بالعاصمة وحضره كريم وأعمر أو عمران‪ ‬وديدوش مراد‪ ،‬والزبير‪ -‬بوحجاج وسويداني‪ -‬بوجمعة‪ ،‬ثم‬
‫عقد لقاء آخر في مقهى العريش يحي بحي القصبة حضره بن بولعيد الذي تغيب عن االجتماع األول ونوقشت خالله قضية‬
‫اإلعداد للثورة المسلحة‪ ،‬وحصل االتفاق على كل القضايا ولكن ديدوش وكريم‪ -‬الحظا بأن بولعيد يرى أن بالد القبائل غنية‬
‫بالرجال وفقيرة من السالح وغير مؤهلة لتكون منطقة مستقلة ولم يناقشاها‪ -‬ألنهما يجهالن المنطقة وأوضاعها‪ ،‬وفي اجتماع‬
‫آخر في منزل اإلسكافي‪ -‬مراد بوكشورة بحي الراييس حميدو (بونات بيسكاد سابقا) ما يلي‪:‬‬

‫أوراس النمامشة‬ ‫‪‬‬


‫شمال قسنطينة؛‬ ‫‪‬‬
‫الجزائر الوسطى؛‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫وهران والغرب الوهراني‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فاغتنم كريم بلقاسم الفرصة وسأل‪ ‬بوضياف‪ -‬عن منطقة القبائل قال له أنها مجاورة للعاصمة وتدخل ضمنها‪ -‬ويتولى‬
‫قيادتها‪ -‬ديدوش مراد‪ .‬بمساعدته هو وأعمر أو عمران‪ ،‬واستفسر أوعمران عن رؤساء المناطق‪ -‬فسماهم له بن بولعيد‪-‬‬
‫األوراس‪ -‬رابح بيطاط‪– ‬الشمال القسنطيني‪ --‬والعربي بن مهيدي‪- -‬وهران‪ .-‬فاعتراض كريم وأوعمران على ذلك التقسيم‬
‫وقاال له‪ :‬إن األوراس والقبائل هما المنطقتان المؤهلتان للقيام بالعمل الثوري اإليجابي لحسن تنظيمهما‪ -،‬وتوفرهما‪ -‬على‬
‫‪ 1700‬رجال مسلحا ومدربا‪ -‬بينما‪ ‬الجزائر‪ ‬ووهران‪ ‬ضعيفتان‪ ...‬وأن منطقة القبائل جديرة ومؤهلة ألن تكون في مستوى‪-‬‬
‫المناطق‪ -‬األربعة‪ ،‬ففهم‪ ‬ديدوش مراد‪ ‬وأدرك‪ -‬خطأ مالحظته السابقة وافتتح أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل بصواب‬
‫رأي كريم وأوعمران‪.‬‬
‫وفي‪ -‬اجتماع ‪ 03‬جوان ‪ 1954‬الذي حضره‪ ‬ديدوش مراد‪ ‬ومحمد بوضياف‪ ‬وبن بولعيد‪ -‬وكريم بلقاسم وأوعمران‪ ‬في منزل‬
‫بحي القصبة تم االتفاق على جعل القبائل منطقة مستقلة بقيادة كريم‪ -‬بلقاسم ومساعده‪ ‬أعمر أوعمران‪ ،‬وأخبر‪ ‬ديدوش‬
‫مراد‪ ‬زمالئه في االجتماع بأنه اتفق مع‪ ‬بيطاط‪ ‬على تبادل المناطق‪ ،‬فيتولى هو الشمال القسنطيني‪ ،‬وبيطاط‪ -‬الجزائر‬
‫الوسطى‪ -،‬كما أبلغهم‪ ‬بوضياف‪ -‬بأنه سيتولى التنسيق بين أعضاء الداخل‪ ،‬واألعضاء الثالثة في الخارج‪ .‬دعا كريم‪ -‬بلقاسم‬
‫رؤساء الدوائر‪ -‬السبع لمنطقة القبائل إلى اجتماع نظم في فندق سان مارتان بشارع‪ -‬الشأن‪ ،‬وقدمهم إلى أعضاء اللجنة الثورية‬
‫للوحدة والعمل وهم‪:‬‬

‫محمد عموش المدعو موح الطويل عن دائرة ذراع الميزان؛‬ ‫‪.1‬‬


‫زعموم علي عن تيزي وزو؛‬ ‫‪.2‬‬
‫سي الشريف (علي مالح) الكولونيل‪ -‬عن تيقزيرت؛‬ ‫‪.3‬‬
‫زعموم محمد المدعو سي صالح عن القبائل السفلى؛‬ ‫‪.4‬‬
‫سي السعيد (محمد أعزورن) عن الغذازقة؛‬ ‫‪.5‬‬
‫قمراوي عن البويرة‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫وتولى‪ -‬هؤالء القادة السبعة تقديم قوائم‪ -‬الرجال الذين يعملون تحت قيادتهم‪ ،‬وتأكد بوضياف حينئذ بأن بالد القبائل أقوى‪ -‬لربما‬
‫حتى من األوراس نظرا لمشاهدته وسمعه منهم‪ .‬وفي‪ -‬اجتماع لجنة‪ 22 :‬بحي المدية يوم األحد ‪ 25‬جويلية ‪ 1954‬تم تعيين‬
‫كريم بلقاسم قائدا للمنطقة الثالثة (منطقة القبائل) الكبرى والصغرى‪ -،‬حوض الصومام وجبال الحضنة‪ ،‬بمساعدة‪ ‬أعمر‬
‫أوعمران‪ ‬فجندا مع ‪ 450‬رجال‪ .‬وفي ‪ 10‬أكتوبر‪ 1954 -‬حضر كل من كريم بلقاسم وبوحجاج إلى مقهى بشارع أوجان‬
‫روب ومن هناك اقتيدوا إلى منزل خاص ومستقل بحديقة وكان موضوع‪ -‬االجتماع تحديد اليوم الساعة لبدء الكفاح المسلح‪.‬‬
‫وحصل تردد بين أيام ‪ 15-14‬و ‪ 25‬و‪ 31‬أكتوبر‪ -‬ويوم ‪ 1‬و ‪ 2‬نوفمبر ثم اتفقوا على ليلة االثنين أول نوفمبر ‪ 1954‬على‬
‫الساعة الواحدة بعد منتصف الليل‪ ،‬كما اتفقوا على اللقاء من جديد يوم‪ 22 :‬أكتوبر‪ -‬لمراجعة المنشور األول الذي سينشر‪-‬‬
‫بالمناسبة وكلف محمد بوضياف‪ -‬بتحريره‪ .‬في يوم‪ 24 :‬أكتوبر‪ 1954 -‬حضر كل من كريم بلقاسم‪ ،‬و‪ ‬بن بولعيد‪ -‬وديدوش‬
‫مراد‪ ‬ورابح بيطاط‪ ‬وبن مهيدي‪ -‬وبوضياف‪ ‬إلى منزل اإلسكافي‪ -‬مراد بوكشورة بحي بوانت سيكاد‪ ‬بالعاصمة‪ ‬وراجعوا منشور‪-‬‬
‫أول نوفمبر‪ -‬وأكدوا‪ -‬بصفة نهائية تاريخ أول نوفمبر‪ -‬إلعالن الثورة وبداية العمل المسلح ضد االحتالل وأعوانه‪ ،‬واتفقوا على‬
‫االحتفاظ بالسر حتى ال يكتشف األمر ويفشل‪ ،‬ولم يبلغوا رؤساء‪ -‬األفواج بذلك التاريخ إال قبل ‪ 48‬ساعة من الموعد حتى‬
‫ينظموا‪ -‬أنفسهم ورجالهم ويحدوا‪ -‬أهدافهم‪ -‬ووسائلهم‪-.‬‬
‫دور كريم بلقاسم في الثورة في سنوات‪[1955-1954 :‬عدل]‬
‫كانت البادية ليلة الصفر أول نوفمبر ‪ 1954‬في القبائل وكل مناطق الجزائر األخرى غربا وشرقا‪ ،‬شماال وجنوبا‪ -‬وحاولت‪-‬‬
‫اإلدارة االستعمارية أن تستهين باألمر‪ ،‬وزعمت أن مرتكبي‪ -‬هذه الحوادث فالقة وخارجون عن القانون‪ ،‬وأجانب وقطاع‬
‫طرق‪ ،‬دفعوا‪ -‬من جهات أجنبية على رأسها المعسكر‪ -‬الشرقي الشيوعي وبالغ الجنرال سبيلمان فأطلق عليهم اسم الموسخين أو‬
‫المتسخين ولكن تحت الرماد داء دويا على أي حال ستظهر‪ -‬األيام والشهور واألعوام على مدى سبع سنوات ونصف‪.‬‬
‫انطلقت الثورة بمشاركة ‪ 1200‬مجاهد على المستوى الوطني‪ -‬بحوزتهم ‪ 400‬قطعة سالح‪ ،‬وبضعة قنابل تقليدية استهدفت‬
‫الهجمات مركز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن األسلحة ومصالح إستراتيجية أخرى‪ ،‬فشملت هجومات المجاهدة مناطق‬
‫من الوطن وقد‪ -‬استهدفت عدة مدن وقرى‪ -‬عبر المناطق الخمسة‪:‬‬

‫باتنة‪ -‬أريس‪ -‬خنشلة‪ -‬بسكرة‪ -‬بالمنطقة األولى‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫قسنطينة‪ -‬سمند بالمنطقة الثانية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العزازنة‪ -‬تيغزيرت‪ -‬برج منايل‪ -‬ذراع الميزان المنطقة الثالثة أما المنطقة الرابعة فقد مست كل من الجزائر‬ ‫‪‬‬
‫بوفاريك والبليدة‪ ،‬بينما كانت سيدي‪ -‬علي وزهانة ووهران على موعد مع اندالع الثورة في المنطقة الخامسة‪.‬‬
‫واجهة الوالية الثالثة معارك ضاربة ضد العدو الفرنسي حققت انتصارات كبيرة‪ ،‬وأصبحت‪ -‬مضرب األمثال في الصمود‪،‬‬
‫باإلضافة إلى مواجهة القوات االستعمارية‪ ،‬واجهت الوالية الثالثة القوى المضادة للثورة ومنها حركة بلونيس التي تمركزت‬
‫بقرية بلوزة وتسببت في مضايقات واعتداءات على الثوار والشعب معا‪ ،‬حيث قاد البطل كريم بلقاسم عدة عمليات عسكرية‬
‫مكلفا زميله‪ ‬أوعمران‪ ‬بمساعدة‪ ‬رابح بيطاط‪ -‬في المنطقة العاصمة وما جورها‪ .‬فأصيب االستعمار بالهلع مما تمخص عنه‬
‫حصار‪ -‬مختلف المناطق‪ -‬خاصة األوراس والقبائل اللتين قامتا بأعنف وأكثف العمليات‪ ،‬فأراد البطل كريم بلقاسم استرجاع‪-‬‬
‫أنفاس المجاهدين‪ ،‬فأمرهم‪ -‬بالذوبان في الطبيعة‪ ،‬والكف عن القيام بأية عملية لمدة أسبوعين وانتظار رد فعل المستعمر‪-‬‬
‫الفرنسي‪ ،‬وباعتراف من السلطات االستعمارية فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية‪ ،‬عبر كل المناطق‬
‫الجزائر ليلة نوفمبر‪ -‬قد بلغت ثالثين عملية خلفت مقتل عشرة أوروبيين وعمالء‪ ،‬وجرح ‪ 23‬منهم‪ ،‬وخسائر‪ -‬مادية تقدر‬
‫بالمئات من الماليين من الفرنكات الفرنسية‪.‬‬
‫عملية العصفور األزرق (‪[)1956-1955‬عدل]‬

‫صورة تذكارية في‪ ‬مؤتمر الصومام‪ -‬من اليمين لليسار‪ :‬أعمر أوعمران‪ ،‬كريم بلقاسم‪ ،‬العربي بن مهيدي‪ ،-‬عبان‬
‫رمضان‪ ،‬زيغود يوسف‪-‬‬

‫بعد انتشار الثورة في أرجاء البالد كلها‪ ،‬بدأ االستعمار يفكر في طريقه إلجهاض قبل أن تحرق كل ماله عالقة بفرنسا‬
‫االستعمارية‪ ،‬فاهتدى‪ -‬الحاكم الفرنسي "سوستيل" ‪ Jacques Soustelle‬بإيحاء من المخابرات االستعمارية إلى عملية‬
‫الختراق‪ -‬المجاهدين في منطقة القبائل فأطلق عليها اسم‪" :‬عملية العصفور األزرق" وتقتضي بإنشاء جيش من العمالء تحت‬
‫غطاء أنهم مجاهدين‪ ،‬فيقومون بتصفية المجاهدين الحقيقيين‪ ،‬وقادتهم‪ -‬فيشوهون سمعتهم‪ -‬بإلحاق األضرار بالشعب لينفروه‬
‫عن الثورة‪ ،‬امتدت هذه العملية عشرة شهور‪ -‬من نهاية نوفمبر ‪ 1955‬إلى نهاية سبتمبر ‪ 1956‬وهي عبارة عن مؤامرة‬
‫مدبرة من طرف‪ -‬القوات العسكرية الفرنسية حولتها‪ -‬الثورة إلى انتصار‪ -‬لها وخيبة أمل للجيش الفرنسي‪ -‬ويطلق‪ -‬عليها عدة‬
‫أسماء‪ - :‬عملية العصفور‪ -‬األزرق ‪ - .Opération Oiseau Bleu‬عملية عسكرية سرية ‪Operation Armee‬‬
‫‪ - .Secrete De Kabylie‬كوماندوك ‪ - .Commandos‬قوة‪ :‬ك ‪ - Force: K‬المؤامرة ‪ .Le Comblât‬بدأ الوالي‬
‫العام‪" :‬جاك سوستيل" ‪ Jacques Soustelle‬التفكير فيها خالل شهر نوفمبر ‪ 1955‬بعد عام من اندالع الثورة‪ ،‬وذلك‬
‫في إطار البحث عن القوة الثالثة التي ستكون بديال عن جبهة التحرير‪ -‬وجيش التحرير‪ -‬الوطني تساعد على تطبيق‪ -‬سياسة‬
‫اإلدماج التي يتحمس لها "سوستيل"‪ ،‬ويسعى‪ -‬جاهدا لتطبيقها‪ ،‬رغم أن الزمن قد فاتها‪ -‬وتجاوزها‪ -‬وفشل‪ -‬الفرنسيون‪ -‬في تطبيقها‬
‫بالهند الصينية‪ ،‬وفي‪ -‬الجزائر‪ -‬قبل اندالع الثورة‪.‬‬
‫وبدأ التمهيد لعملية العصفور األزرق‪ -‬في شهر نوفمبر‪ 1955 -‬عندما اتصل مفتش قديم للشرطة في فرقة الرماة يدعى‬
‫"أوسمر" بصديق قديم‪ -‬له منذ الصبا جزائري‪ -‬كان من قدماء المحاربين في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ومن قرية "ايقر سالم"‬
‫منطقة تيقزيرت "لوريليو" ويدعى حشيش الطاهر واقترح‪ -‬عليه أن يقدم الجيش الفرنسي أسلحة وذخائر ونقود‪ -‬للمتطوعين‬
‫جزائريين يكونون منظمة سرية عسكرية لمحاربة الثوار في بالد القبائل بنفس أساليبهم وتخطيطاتهم‪ -‬وكان "أوسمر" هذا‬
‫على عالقة جيدة بالوالي العام "جاك سوستيل"‪ .‬تشجع "حشيش الطاهر" للفكرة‪ ،‬وسافر إلى قرية العزازفة في جبال‪ ‬جرجرة‪،‬‬
‫واتجه إلى مطعم هناك كان زبونا قديما‪ -‬عنه وتناول غدائه حتى شبع ثم دخل في حوار طويل مع صاحبه الذي يدعى"أحمد‬
‫أوزايد" وكان الحوار كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حشيش‪ :‬كريم بلقاسم هو الذي يتزعم الثورة‪.‬‬
‫‪ -‬أوزايد‪ :‬هكذا يقال‬
‫‪ -‬حشيش‪ :‬إنه قتال النساء واألطفال هذا المجرم‪.‬‬
‫‪ -‬أوزايد‪ :‬آه نعم‪ ،‬وكل هذا شيء مؤسف‪.‬‬
‫‪ -‬حشيش‪ :‬وأنت ألست ضد هؤالء الباندية ‪.Les Bandes‬‬
‫‪ -‬أوزايد‪ :‬بكل تأكيد إن الشعب يعاني كثيرا‪.‬‬
‫‪ -‬حشيش‪ :‬وبما أنهم ضد الشعب فإنا كذلك أتعلم أني من هنا وغادرت البالد‪ ،‬منذ مدة طويلة‪ ،‬ولكن أريد لشعبي أن يكون‬
‫سعيدا إذا أردت يمكن أن تفعل شيئا‪.‬‬
‫‪ -‬أوزايد‪ :‬ماذا؟‪.‬‬
‫‪ -‬حشيش‪ :‬الحرب ضدهم‪ ،‬ولكن ليس كحرب الحركة والفرق المتحركة للحماية الريفية (‪.)G.M.P.R‬‬
‫‪ -‬أوزايد‪ :‬أنت مجنون‪ ،‬دع هذا للجيش الذي يوجد في كل مكان بأسلحته‪ ،‬ومصفحاته‪ ،‬ونفوذه‪ ،‬هذا ما ال نملكه نحن؟‬
‫‪ -‬حشيش‪ :‬ولكن الجيش ال يعرف بالد القبائل مثلنا‪ ،‬ومثلي إنه يهاجم بالصدفة ليسقط على البعض بالصدفة‪ ،‬وكما جاء كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أوزايد‪ :‬وأنت أتوجد في وضع أحسن؟‬
‫‪ -‬حشيش‪ :‬نعم؟ وسأشرح لك وأستمر‪ -‬الحديث وأستوفى‪ -‬الشرح وبعد عدة أيام عاد إلى الجزائر‪ ،‬ليقدم تقريرا عن مهنته إلى‬
‫المفتش"أوسمر" ورجال الوالية العامة‪.‬‬
‫ولما كان أوزايد مناضال في حزب حركة االنتصار‪ -‬للحريات الديمقراطية‪ ،‬وصديقا لكل من‪" :‬أعمر أوعمران‪ ،‬وكريم‪-‬‬
‫بلقاسم" فقد نقل الخبر إلى المجاهد"محمد إييازورن" أحد ضباط جيش التحرير في المنطقة الرابعة‪ ،‬وطلب منه أن ينقله في‬
‫الحال إلى كريم بلقاسم‪ ،‬فنقله إليه وأمر‪ -‬في الحال أن يواصل "أوزايد" اتصاالته إلى النهاية حتى يعرف خطة المخابرات‬
‫الفرنسية وكذا أهدافها ووسائلها‪.‬‬
‫وعندما عاد حشيش الطاهر إلى العزازفة‪ ،‬اتصل بصاحب المطعم أوزايد وعرض عليه مخططه كامال على أن يبقى سريا‬
‫وسأله ما إذا كان بإمكانه أن يحصل على المال واألسلحة لمحاربة الثوار‪ ،‬فقال له‪ :‬زعيديد أنه مهبول‪ ،‬تبحث هنا عن‬
‫األسلحة ونحن ال نستطيع أن نحصل على بندقية صيد فأجابه حشيش بأنه يمكن له أن يحصل على أسلحة وعلى مال كبير‬
‫وعليه هو فقط أن يبحث عن الرجال المستعدين للحرب ابتداء من هذا المساء بشرط أن يكونوا ذوي ثقة لمثل هذه المهمة‪،‬‬
‫وأعلن له أوزايد‪ -‬استعداداه لتجنيد رجال كثيرين ألنه يعرف الجميع في المنطقة‪ .‬وبما استفسره حشيش عن العدد الذي يمكنه‬
‫تجنيده قال له أي عدد تريد أنت سيكون جاهزا‪ .‬وتم االتفاق في البداية على اختيار خمسة وعشرون رجال‪ ،‬وافترق الرجالن‬
‫وعاد حشيش إلى العاصمة ليحكم ويضبط األمر مع الوالية العامة ونقل أوزايد األمر إلى كريم بلقاسم ورجاله في نفس مساء‬
‫ذلك اليوم فدرسه مع محمد السعيد‪ ،‬وصمم على متابعته وتنفيذه رغم معارضة محمدي السعيد‪ ،‬وذلك بالكيفية التي تخدم‬
‫الثورة‪ ،‬ألنه كان يعرف أوسمر‪ -‬أحد قياد القبائل التابعين لمصلحة (د‪.‬س‪.‬ت‪ )T.S.D -‬ومن رأيه أنه سيعمل في يوم ما لتأكيد‬
‫جبهة التحرير‪ -‬الوطني‪ -‬مثل المفتش أربان "‪ "ARBANE‬قرر‪ -‬كريم بلقاسم أن يجند لحشيش الطاهر رجاال من الفئات الثالثة‬
‫التي تخدم الثورة‪ ،‬وكلهم ذو خبرة ومقدرة‪.‬‬

‫جنود جيش التحرير الفارون والمختفون في الجبال‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫رجال االستعالم المكلفون بمهام االتصال ونقل األخبار‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المسبلون المستقرون بالقرى‪ ،‬والمدن لخدمة الثورة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وتم اختيار ‪ 15‬رجال وأعطيت أسمائهم إلى حشيش الطاهر مع أرقام بطاقات تعريفهم واختار‪ -‬كريم بلقاسم رجال مهما وذو‬
‫ثقة هو‪" :‬مخلوف محمد" من آيت ونيش وكلفه بأن يكون إلى جانب أوزايد‪ -‬ويتولى االنتقال بالفرنسيين ويحدد األسلحة‬
‫والمبالغ المالية المطلوبة لكل فوج يجند ويظهر‪ -‬حماسة للعملية‪ .‬وحتى يغطي كريم بلقاسم الخطة ويتحايل على القوات‬
‫الفرنسية ويساعد مجنديه في هذه العملية طلب منهم أن يكثروا من إطالق النار في الهواء في الليل‪ ،‬وتبادل التراشق‬
‫االصطناعي‪ ،‬وقام‪ -‬هو باصطياد‪ -‬المصاليين واغتيالهم‪ -‬وتقديم‪ -‬جثثهم إلى هؤالء المجندين ليقدموها بدورهم إلى القوات‬
‫الفرنسية‪ .‬وكان يختار قتاله من خارج المنطقة حتى ال يتم التعرف على عليهم‪ ،‬وتظن القيادة الفرنسية أن منطقة القبائل خالية‬
‫من جنود جيش التحرير‪ -‬وهكذا تحمل المصاليين ثقل هذه العملية وكانوا ضحاياها‪.‬‬
‫وبهذه الكيفية أحكم كريم بلقاسم الخطة لصالح الثورة مثلما حاول الفرنسيون‪ -‬إحكامهم‪ -‬لصالحهم وتم تجنيد أكثر من ‪600‬‬
‫رجال وسلحوا تسليحا جيدا وأعطي لكل واحد منهم رقما معينا ليكون معروفا‪ ،‬ورموا في جبال القبائل العليا جرجرة وسلطوا‬
‫أعمالهم على قتل المخبرين (البيّاعين) وقطع‪ -‬أعمدة خطوط‪ -‬الهاتف وتخريب‪ -‬الجسور والطرقات‪ -‬العامة على غرار ما يقوم‬
‫به جيش التحرير‪ ،‬وتوقفت القوات الفرنسية عن شن الغارات الحربية على منطقة العملية لتفسح المجال لهؤالء المجندين‬
‫وحتى ال تصيبهم‪ -‬أثناء ذلك وتواصل تجنيد هؤالء الرجال حتى بلغ عددهم ‪ 1500‬رجال انتشروا في جهات عزازقة‪،‬‬
‫تيقزيرت‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬وعين الحمام‪ ،‬وكانت نتائج أعمالهم مرضية بالنسبة للجيش الفرنسي‪ -‬وقتالهم من المصاليين‪،‬‬
‫والمخربين‪ ،‬وأعداء الثورة حسب تعليمات قيادة جيش التحرير الوطني‪-.‬‬
‫وكان الحاكم العسكري‪ -‬الفرنسي‪ -‬لتيزي وزو هو الذي يحمل في سيارته من نوع بيجو ‪ 203‬من الصناديق‪ -‬المحملة باألسلحة‪.‬‬
‫والذخائر‪ -‬والمبالغ المالية والمؤن إلى منزل مخلوف محمد آيت ونيس‪ ،‬الذي يقيم عنده كريم بلقاسم في منزله‪ ،‬فالقيادة‬
‫الفرنسية مهما تكن حاذقة‪ ،‬فإن الثوار كانوا أكثر حذق منها ولكي تتعرف قيادة الجيش الوطني‪ -‬على عالقة هذه العملية‬
‫بالمصاليين سأل أوزايد صاحبه حشيش الطاهر ما إذ كانت له عالقة بهم كما هو الحال معه‪ ،‬فأجابه بأن بلونيس يعمل‬
‫مباشرة مع المحافظ قونزاليز‪ -‬وال صلة له به وبهم‪ .‬وزيادة في التحري كلفت مصالح االستخبارات الفرنسية الضابط هنتيك‬
‫‪ HENTIC‬بالمراقبة واالحتراس‪ ،‬فتمركز بتيقزيرت إحدى مواطن تواجد هذه القوات الخاصة‪ ،‬وانظم إليه الضابط سيرفي‪-‬‬
‫‪ SERVIER‬الذي يتحدث العربية والقبائلية‪ ،‬وعمل في األوراس قبل قدومه إلى هنا‪ ،‬وهناك تحت قيادة الجنرال أولي‬
‫‪ OLIE‬الذي يرأس منطقة العمليات العسكرية للقبائل (‪ )K.O.Z‬وقد اكتشف هنتيك بأن سائق الباشاغا على صلة بالثوار في‬
‫تقزيرت‪ ،‬ويقدم لهم المساعدة من مال الباشاغا‪ ،‬فاحتج ولم يصدق‪.‬‬
‫استكملت عملية العصفور‪ -‬األزرق‪ -‬شكلها وإطاراتها‪ -‬في النصف األول من عام ‪ 1956‬وشرع رجالها في العمل‪ ،‬وكان جاك‬
‫سوستيل‪ -‬قبل رحيله في فيفري ‪ 1956‬أخبر بما خلفه روبير‪ -‬الكسوت وشرح له أهميتها‪ ،‬فاستبشر‪ -‬بها خيرا‪.‬‬
‫وقع االختيار لتنفيذ العملية على ثالثة رجال جبهة التحرير الوطني‪ ،‬كانت إدارة سوستيل‪ -‬تعتبرهم كموالين لها‪ ،‬وهم أحمد‬
‫زيدات والطاهر حشيش ومحمد يازورن‪ ،‬فكلفوا بتجنيد أفراد من القبائل في جماعات تضم خمسة عشر إلى عشرين شخصا‬
‫وقد‪ -‬جاء األخوان المذكورين إلى كريم بلقاسم والسعيد محمدي بالخبر فأمرهم‪ -‬بتلبية دعوة الوالية العامة‪ ،‬وهكذا تم التجنيد‬
‫وتم تسليح الرجال في أقرب وقت‪ ،‬ولوحظ أن االختيار كان بقع على أحسن العاملين في جبهة التحرير‪ -‬عندما تسلم الكوست‬
‫مقاليد الحكم على يد سابقة سوستيل‪ -‬هذا األخير همس له بالخطة التي سماها آن ذاك "القضية الهامة" وفي االجتماع األخير‬
‫الذي عقده قادة الثورة الجزائرية لمناطق‪ -:‬وهران‪ ‬والجزائر‪ -‬وقسنطينة‪ .‬وتقرر إدراج هده الجماعات المسلحة في صفوف‬
‫جيش التحرير الوطني‪ ،‬وأن تشارك في هجوم الخريف العام الذي يشن في كامل القطر الجزائري‪ -‬مساء يوم‪ 30 :‬سبتمبر‪-‬‬
‫‪ 1956‬وبذلك أفشل كريم بلقاسم ورفاقه المؤامرة االستعمارية وحولها‪ -‬لصالح الثورة‪ ،‬فبعث برسالة إلى جاك سوستيل يسخر‬
‫منه بقوله‪":‬شكرا لك السيد سوستيل‪ -‬على األسلحة واألموال‪ -‬التي أرسلتها لنا" فكاد أن يجن وهو الذي كان يعتقد أن عمليته‬
‫ناجحة‪.‬‬

You might also like