Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 75

‫غـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــايــة امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرام‬

‫يف حـ ـ ـ ـ ـ ّل‬
‫منظـومة عقي ــدة الع ــوام‬
‫مجع وترتيب‬
‫خليل الرمحن‬
‫خادم الطلبة بـعهد ور اكحةمة لحـفـيظ الـهرن الررم‬
‫ود اســـات الـعفـلرم الرشعـية عىل مـذهب نهـل السـنة وامجلـاعفـة‬
‫الشـاعرة واملـاتريفـ ية تنجراجن بننت‬

‫ملزتم الطبع‬
‫مـعد ور اكحةمة للطبـعة والنرش والحرزيع‬
‫‪ 14141‬م – ‪9112‬‬

‫يسمح مل ن ن اد ن يطبع هذا الرييب‬


‫وهل منا الشرر اجلزيل برشط ع م الحـريف‬
‫غاية‪ 2‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫احلمد هلل املتعايل عن األنداد واألضداد‪ ،‬املتنزه عن الشركاء واألوالد‪ ،‬الباقي على‬
‫اآلابد‪ ،‬أشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له وال نفاد‪ ،‬وأشهد أن سيدان‬
‫دمحما عبده ورسوله خالصة العباد‪ ،‬املبعوث إىل كافة املخلوقني يف كل الرباري‬
‫صل وسلّم على عبدك ورسولك دمحم وعلى ءاله وصحبه الربرة‬ ‫والبالد‪ ،‬اللّهم ّ‬
‫حق اجلهاد‪ ،‬صالة دائمة إىل يوم التّناد‪ ،‬أما بعد‪،‬‬‫األجناد‪ ،‬الذين جاهدوا يف هللا ّ‬
‫فإ ّن منظومة عقيدة العوام‪ ،‬للعامل الرّاب ين الييّد أمحد املرزوقي عليه رمحات هللا‬
‫الصيت كالشمس يف رابعة النهار‪ ،‬يشتغل هبا املبتدئون‬ ‫على الدوام‪ ،‬هلا من ّ‬
‫الصغار‪ ،‬وال ييتغين عنها العلماء الكبار‪ ،‬عملوا هلا الشروح‪ ،‬ففتح هللا هلم‬ ‫ّ‬
‫املنوح‪ ،‬فحبا يف أن أتشبه ابلعلماء‪ ،‬وطمعا يف االنضمام واالقتداء ابلفضالء‪،‬‬
‫وإن مل أكن منهم ال ِبحبة شعري ال نقري‪ ،‬ألن التّشبه أبهل الفالح فالح وخري‬
‫كثري‪ ،‬ورفقا ألبنائي الطلبة ولطفا هبم ومن يف أمثايل من الذين ج ّدوا‪ ،‬يف حتصيل‬
‫الكتيب مبا قد يكون فيه‬
‫ح‬ ‫الضرورايت واجتهدوا‪ ،‬وضعت هذا‬ ‫معا ين املنظومة من ّ‬
‫الزالّت‪ ،‬والغلطات واألخطاء واهلفوات‪ ،‬وقد سبق إىل شرحها علماؤان‬ ‫من ّ‬
‫خصصون‪ ،‬فال أعين أان امليبوق أفضل‬ ‫املتقدمون‪ ،‬وكشف مضموهنا فضالؤان املت ّ‬
‫من اليابقني وحاشا هلل الكرمي‪ ،‬بل الفضل للمبتدي وإن أحين املقتدي‪،‬‬
‫غاية‪ 3‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫وليت أع ّد نفيي يف مثل هذا امليدان حينا‪ ،‬فضال أن ّأدعي فيه أحين‪ ،‬وإمنا‬
‫جمرد االنتقاءات واالختصارات‪ ،‬راجيا أن ينتفع به فيحصل لنا الربكات‬ ‫هو ّ‬
‫والنفحات‪ ،‬فأان احلقري الفقري‪ ،‬خليل بن حمىي الدين صاحب الذل والتقصري‪ ،‬مل‬
‫حل‬
‫يكن بني يدي بضاعة‪ ،‬فضال عن أن يكون لدي أهلية حىت أخوض يف ّ‬
‫ألفاظ هذه املنظومة الشريفة‪ ،‬وقد اعتمدت يف انتقاء العبارات من كتب علمائنا‬
‫القيّمة‪ ،‬ومكتوابت مشاخينا الطيّبة‪ ،‬كمختصر سرية النيب ملسو هيلع هللا ىلص لفامام احلاف عبد‬
‫الغين بن عبد الواحد املقدسي (املتوىف ‪ 066‬هجرية)‪ ،‬وكتاب صاحب املنظومة‬
‫امليمى بتحصيل نيل املرام لبيان منظومة عقيدة العوام‪ ،‬ونور الظالم للشيخ‬ ‫نفيه ّ‬
‫نووي البنتين رمحه هللا تعاىل الذي هو نقطة البيكار لعلماء شرق آسيا عموما‪،‬‬
‫وألفاضل علماء إندونيييا خصوصا‪ ،‬والفقري وهلل احلمد جماز مبؤلفاته رمحه هللا‬
‫الينوري‪ ،‬وهو عن أبيه الكياهي‬ ‫تعاىل عن طريق الكياهي احلاج عبد اجلليل ّ‬
‫احلاج أبو الفضل الينوري‪ ،‬وهو عن أبيه الكياهي احلاج عبد الشكور الينوري‪،‬‬
‫وهو عن الشيخ العالمة نووي رمحه هللا تعاىل‪ ،‬ويل طرق أخرى غريها‪ .‬وقد جاء‬
‫يف سبب أتليف هذه املنظومة الشريفة أن صاحب املنظومة الشيخ الفقيه النابه‬
‫العالمة الشيخ أبو الفوز أمحد بن دمحم بن رمضان احليين‪ ،‬املشهور ابسم أمحد‬
‫املرزوقى نيبة إىل سلفه العارف ابهلل الشيخ مرزوق الكفاىف‪ ،‬من رجال املذهب‬
‫املالكى املربزين رأى النيب ملسو هيلع هللا ىلص ىف منامه ءاخر ليلة اجلمعة ‪ 0‬من رجب ‪8521‬‬
‫غاية‪ 4‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫هجرية‪،‬ـ وأصحابه ملسو هيلع هللا ىلص واقفون حوله‪ ،‬وقال له رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ :‬اقرأ منظومة‬
‫التوحيد اليت من حفظها دخل اجلنة‪ ،‬وانل املقصود من كل خري وافق الكتاب‬
‫والينة! فقال ‪ :‬وما تلك املنظومة اي رسول هللا؟ فقال األصحاب مهنع هللا يضر ‪ :‬امسع من‬
‫رسول هللا ما يقول‪ .‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬قل أبدأ ابسم هللا والرمحن‪ ،‬فقال الشيخ‬
‫أمحد املرزوقي‪ :‬أبدأ ابسم هللا والرمحن‪ ،‬والرحيم دائم احإحيان‪ ،‬وفتح على الشيخ‬
‫إىل قوله ‪ :‬وصحف اخلليل والكليم‪ ،‬فيها كالم احلكم العليم‪ ،‬ورسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ييمع‪ ،‬فلما استيق من منامه وجد ما رءاه ىف منامه حمفوظا‬
‫عنده عن ظهر قلب من أوله إىل ءاخره‪ ،‬مث ملا كانت ليلة اجلمعة ‪ 51‬من ذى‬
‫القعدة ‪ 8521‬هـجرية‪ ،‬أكرم هللا سبحانه الشيخ أمحد املرزوقى ابلتشرف برؤية‬
‫طلعة رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص البهية مرة أخرى وقت اليحر‪ ،‬وقال له ‪ :‬اقرأ ما مجعت!‬
‫فقرأه إىل ءاخره وهو واقف بني يدي رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص وأصحابه واقفون حوله‬
‫يقولون ءامني بعد كل بيت‪ ،‬فلما ختمها قال له رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ :‬وفّقك هللا‬
‫تعاىل ملا يرضيه وقبل منك وابرك عليك وعلى املؤمنني ونفع هبا العباد‪ ،‬مث سئل‬
‫الناظم بعد اطالع الناس عليها‪ ،‬فأجاب سؤاهلم فزاد من قوله ‪ :‬وكل ما أتى به‬
‫الرسول‪ ،‬فحقه التيليم والقبول‪ ،‬إىل آخر القصيدة‪ .‬وهذا أوان الشروع يف‬
‫املقصود‪ ،‬أقول‪ :‬قال املؤلف رمحه هللا تعاىل‪:‬‬
‫غاية‪ 5‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫للا والـ ـ َّـرحـ ـ ـ ـ ـ ـم ِن وبِـالـ ـ َّرِحـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم دائ ـِ ـ ـ ِم اإلح ـ ـ ـ ــس ِ‬


‫ان‬ ‫‪ 1‬أبـ ـ ـ ـ ـ ـدأُ بِـاس ـ ـ ـ ِم ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫متربّكا ببيم هللا‪ ،‬ولف اجلاللة هللا علحم للذات املق ّدس‬‫الشرح ‪ :‬أي أبدأ ِ‬
‫امليتحق لنهاية التعظيم وغاية اخلضوع‪ ،‬ومعناه من له احإهلية وهي القدرة على‬
‫ّ‬
‫االخرتاع أي إخراج املعدوم من العدم إىل الوجود‪ .‬والرمحن معناه الكثري الرمحة‬
‫ابملؤمنني والكافرين يف الدنيا‪ ،‬وابملؤمنني خاصة يف اآلخرة‪ ،‬قال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ :‬وأما الكافر فيطعم بيناته حىت إذا أفظى إىل اآلخرة مل يكن له‬
‫منها نصيب‪ ،‬رواه ميلم‪ .‬أما الرحيم فمعناه الكثري الرمحة ابملؤمنني‪ .‬وقول الناظم‬
‫دائم احإحيان أي متتابع احإعطاء واحإنعام من غري انقضاء وال انصرام‪.‬‬

‫األو ِل ِ‬
‫اآلخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِر الـب ـ ـ ـ ـ ــاقـِ ْي بِال تـح ـ ـ ـ ـ ـ ُّـو ِل‬ ‫‪ 2‬فالـح ـ ـ ـ ـ ـ ْمـ ُد للّـ ـ ـ ِه الـق ـ ـ ـ ـ ِد ِْْي َّ‬
‫الشرح ‪ :‬احلمد معناه الثناء ابلليان على اجلميل االختياري على جهة التبجيل‬
‫والتعظيم‪ ،‬ومعىن اجلميل االختياري الشيء الذي أنعم به على عباده من غري‬
‫وجوب عليه‪ .‬قوله القدمي األول مها مبعىن واحد أي أن هللا تعاىل ال ابتداء‬
‫لوجوده‪ ،‬وقدم هللا ليس زمانيا أي أن هللا ال جيري عليه زمان ألن الزمان حادث‪،‬‬
‫فاهلل تعاىل كان قبل الزمان وقبل املكان‪ .‬اآلخر والباقي مبعىن واحد أي الذي ال‬
‫يلحقه فناء وال موت‪ .‬وأطلق القدمي على املخلوق بقيد أي مبعىن تقادم العهد‬
‫غاية‪ 6‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫والزمن‪ ،‬وكذلك الباقي إذا أطلق على املخلوق كاجلنة والنار فبقيد وهو أن بقاء‬
‫اجلنة والنار ليس ذاتيا إمنا شاء هللا هلما البقاء‪ ،‬وأما بقاء هللا ذايت ال شيء غريه‬
‫أوجب له ذلك وال شريك له يف الدميومية‪( .‬فائدة) ‪ :‬اتفق العلماء على جواز‬
‫إطالق القدمي على هللا مبعىن ال ابتداء لوجوده كما ذكره احلاف الزبيدي يف شرح‬
‫تغري ألن التغري من عالمات احلدوث بل‬ ‫احإحياء‪ .‬وقول الناظم بال حتول أي بال ّ‬
‫أكربها‪.‬‬

‫ـب خـ ـ ِْْي م ْن ق ْد و َّحـ ـدا‬


‫الم س ْرم ـ ـدا ع ـ ـ ـلـى الـنَّـ ـ ـ ِ ِّ‬
‫السـ ـ ـ ُ‬
‫ـصـ ـ ـالةُ و َّ‬
‫‪ 3‬ث ـُ ـ ـ َّم ال َّ‬
‫الشرح ‪ :‬الصالة هنا معناها التعظيم أي نطلب من هللا تعاىل أن يزيد سيدان دمحما‬
‫تعظيما‪ ،‬وأما اليالم فمعناه األمان أي نطلب من هللا لرسوله األمان مما خيافه‬
‫على أمته‪ .‬وقول الناظم سرمدا أي دائما‪ ،‬وقوله خري من قد وحدا أي أن النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص هو أفضل مجيع املوحدين‪( .‬فائدة) ‪ :‬قال سيد الطائفة الصوفية اجلنيد‬
‫البغدادي هنع هللا يضر ‪" :‬التوحيد هو إفراد القدمي من احملدث"‪ .‬اهـ أي ترك احإشراك ابهلل‬
‫شيئا‪ ،‬واحإشراك ابهلل هو أكرب ذنب يقرتفه العبد وهو الذنب الذي ال يغفره هللا‬
‫ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء‪ ،‬قال تعاىل (إِن هللاح الحيحـ ْغ ِفر أحن ي ْشحرحك بِِه حويحـ ْغ ِفر‬
‫ك لِ حمن يح حشآء)‪ ،‬النياء‪.81 :‬‬ ‫ِ‬
‫حمادو حن حذل ح‬
‫غاية‪ 7‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫ـحبِـ ـ ـ ـ ِه ومـ ـ ـ ـ ْـن تـبِـ ـ ـ ـ ْع سـبِـ ـ ـ ـ ــيل ِديْـ ـ ـ ِن ا ْْل ِّق غ ْيـر ُم ْـبـت ـ ـ ِد ْ‬
‫ع‬ ‫ِ ِ‬
‫وآلـ ـ ـ ـه وص ْ‬ ‫‪4‬‬
‫الشرح‪ :‬آل النيب ملسو هيلع هللا ىلص هم أقرابؤه املؤمنون وأزواجه‪ ،‬والصحايب هو املؤمن الذي‬
‫التقى ابلنيب ملسو هيلع هللا ىلص على وجه العادة ومات على احإميان‪ ،‬سواء طالت صحبته له‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص أو مل تطل‪ .‬وقول الناظم ومن تبع سبيل دين احلق أي دين احإسالم‪ ،‬وهو‬
‫دين كل األنبياء‪ ،‬فكل األنبياء ميلمون‪ ،‬فمن كان متبعا ملوسى عليه اليالم فهو‬
‫ميلم موسوي‪ ،‬ومن كان متبعا لعييى عليه اليالم فهو ميلم عييوي‪ ،‬ويصح‬
‫أن يقال ملن اتبع دمحما ملسو هيلع هللا ىلص ميلم دمحمي‪ ،‬وقول الناظم غري مبتدع حال من قوله‬
‫ومن تبع‪ ،‬واملبتدع املراد هنا من أحدث أمرا جديدا خمالفا للشرع‪ ،‬وإال فالبدعة‬
‫قيمان‪ ،‬قال احإمام الشافعي هنع هللا يضر‪" :‬احملداثت من األمور ضرابن‪ ،‬أحدمها ما‬
‫أحدث مما خيالف كتااب أو سنة أو إمجاعا أو أثرا فهذه البدعة الضاللة‪ ،‬والثانية ما‬
‫أحدث من اخلري وال خيالف كتااب أو سنة أو إمجاعا وهذه حمدثة غري مذمومة"‪.‬‬
‫رواه البيهقي ابحإسناد الصحيح يف كتابه مناقب الشافعي‪( .‬فائدة) ‪ :‬قال احإمام‬
‫النووي يف كتاب هتذيب األمساء واللغات ما نصه ‪" :‬قال احإمام الشيخ اجملمع‬
‫على إمامته وجاللته ومتكنه يف أنواع العلوم وبراعته أبو دمحم عبد العزيز بن عبد‬
‫اليالم رمحه هللا ورضي عنه يف ءاخر كتاب القواعد ‪ :‬البدعة منقيمة إىل واجبة‬
‫غاية‪ 8‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫وحمرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة‪ ،‬قال والطريق يف ذلك أن تعرض البدعة على‬
‫قواعد الشريعة فإن دخلت يف قواعد احإجياب فهي واجبة أو يف قواعد التحرمي‬
‫فمحرمة أو الندب فمندوبة أو املكروه فمكروهة أو املباح فمباحة"‪ .‬اهـ كالم‬
‫النووي‪.‬‬

‫هلل ِعـ ْش ـ ـ ِرين ِ‬


‫صـ ـ ـف ْه‬ ‫ـب ِ‬ ‫وب الْم ْعـ ـ ِرفـ ْه ِمـ ـ ـن و ِ‬
‫اجـ ـ ـ ٍ‬ ‫‪ 5‬وب ْـع ـ ـ ُد فا ْعـ ـل ْم بِ ُو ُج ـ ِ‬
‫ْ‬
‫الشرح ‪ :‬جيب على كل مكلف أي البالغ العاقل الذي بلغته دعوة احإسالم أن‬
‫يعرف ثالث عشرة صفة هلل تعاىل تكرر ذكرها يف القرآن كثريا إما ابللف وإما‬
‫ابملعىن‪ ،‬وهذه هي أصول الصفات‪ ،‬وهي الوجود‪ ،‬والقدم‪ ،‬والبقاء‪ ،‬واملخالفة‬
‫للحوادث‪ ،‬والقيام ابلنفس‪ ،‬والوحدانية‪ ،‬والقدرة‪ ،‬واحإرادة‪ ،‬والعلم‪ ،‬واحلياة‪،‬‬
‫واليمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬والكالم‪ .‬وقال بعض العلماء بوجوب معرفة عشرين صفة‬
‫بزايدة الصفات املعنوية اليبع‪ ،‬والطريقة األوىل هي الراجحة‪ .‬وهذه الصفات‬
‫الثالث عشرة أزلية أبزلية الذات‪ ،‬ألنه لو كان حيدث يف ذات هللا تعاىل حوادث‬
‫لوجب أن يكون ذاته حاداث‪ ،‬فلما ثبت يف العقل قدم هللا تعاىل وأزليته ثبو‬
‫قطعيا وجب أن تكون صفاته أزلية‪ ،‬فال تتغري وال تزيد وال تنقص كصفات‬
‫اخللق‪( .‬فائدة) ‪ :‬ذات هللا ال يشبه ذوات املخلوقني‪ ،‬وال صفاته تشبه صفات‬
‫غاية‪ 9‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬

‫اخللق‪ ،‬وال أفعاله تشبه أفعال اخللق‪ ،‬ومعىن ذات هللا حقيقة هللا‪ ،‬وأما إذا قيل‬
‫ذات زيد أي جيمه‪.‬‬

‫ف لِ ْلـخ ـ ـ ـ ـ ـل ِْق ِِبإلطْ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫الق‬ ‫‪ 6‬فـاللّـ ـ ـ ـ ـهُ م ـ ْـو ُجـ ــو ٌد قـ ـ ـ ِدْيٌ ب ـ ـاقِ ـ ـ ـي ُُم ـ ـ ـ ـ ـالـِ ٌ‬
‫الشرح ‪ :‬هللا تعاىل موجود أزال وأبدا فليس وجوده تعاىل إبجياد موجد‪ ،‬وقد‬
‫استنكر بعض الناس قول "هللا موجود" لكونه على وزن مفعول‪ ،‬يقال له أن‬
‫اللغوي الفيّومي يف‬
‫ّ‬ ‫مفعوال قد يطلق على من مل يقع عليه فعل الغري‪ ،‬قال‬
‫املصباح‪ :‬املوجود خالف املعدوم‪ .‬وقول الناظم قدمي أي جيب هلل تعاىل القدم‬
‫مبعىن األزلية ال مبعىن تقادم العهد والزمن‪ ،‬ألن لف القدمي واألزيل إذا أطلقا على‬
‫هللا تعاىل كان املعىن أنه ال بداية لوجوده‪ ،‬فيقال هللا أزيل‪ ،‬هللا قدمي‪ ،‬وإذا أطلقا‬
‫على املخلوق كاان مبعىن تقادم العهد والزمن‪ ،‬قال تعاىل (حىت عاد حكالْعرج ِ‬
‫ون‬ ‫ح حح ْ‬
‫الْ حق ِد ِمي) يس‪ ،93 :‬وقال صاحب القاموس الفريوز آابدي‪" :‬اهلرمان بناءان أزليان‬
‫مبصر"‪ .‬وقول الناظم والباقي أي جيب هلل تعاىل البقاء مبعىن أنه ال يلحقه فناء‪،‬‬
‫ألنه ملا ثبت وجوب قدمه تعاىل عقال وجب له البقاء‪ ،‬ألنه لو أمكن أن يلحقه‬
‫العدم النتفى عنه القدم‪ ،‬فهو تبارك وتعاىل الباقي لذاته ال ابقي لذاته غريه‪ ،‬وأما‬
‫اجلنة والنار فبقاؤمها ليس ابلذات بل ألن هللا شاء هلما البقاء‪ ،‬فاجلنة ابعتبار ذاهتا‬
‫‪10‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫جيوز عليها الفناء‪ ،‬وكذلك النار ابعتبار ذاهتا جيوز عليها الفناء‪ .‬وقول النظم‬
‫خمالف للخلق ابحإطالق أي جيب هلل تعاىل أن يكون خمالفا للحوادث مبعىن أنه ال‬
‫يشبه شيئا من خلقه فليس هو جبوهر يشغل حيزا وال عرض‪ .‬واجلوهر ما له حتيز‬
‫وقيام بذاته كاألجيام‪ ،‬والعرض ما ال يقوم بنفيه وإمنا يقوم بغريه كاحلركة‬
‫واليكون واالجتماع واالفرتاق واأللوان والطعوم والروائح‪ ،‬ولذلك قال احإمام أبو‬
‫حنيفة هنع هللا يضر‪ :‬أىن يشبه اخلالق خملوقه‪ ،‬معناه ال يصح عقال وال نقال أن يشبه‬
‫اخلالق خملوقه‪( .‬فائدة) ‪ :‬قال احإمام الغزايل رمحه تعاىل يف إحياء علوم الدين‪:‬‬
‫"إنه (أي هللا) أزيل ليس لوجوده أول وليس لوجوده آخر‪ ،‬وإنه ليس جبوهر يتحيز‬
‫بل يتعاىل ويتقدس عن مناسبة احلوادث‪ ،‬وإنه ليس جبيم مؤلف من جواهر‪ ،‬ولو‬
‫جاز أن يعتقد أن صانع العامل جيم جلاز أن تعتقد األلوهية للشمس والقمر أو‬
‫لشيء آخر من أقيام األجيام‪ ،‬فإذا ال يشبه شيئا وال يشبهه شيء بل هو احلي‬
‫القيوم الذي ليس كمثله شيء وأىن يشبه املخلوق خال حقه واملقدر مق ِّد حره واملصور‬
‫مصوحره"‪ .‬اهـ (فائدة أخرى) ‪ :‬من أكرب ضالالت أمحد بن تيمة زعمه أبن النار‬ ‫ِّ‬
‫تفىن وتبعه على ذلك تلميذه ابن القيّم يف كتابه حادي األرواح وكما سار عليه‬
‫تقي الدين علي‬
‫ّ‬ ‫رد عليه معاصره احإمام اجملتهد احلاف‬
‫اليوم أتباعه التيميون‪ ،‬وقد ّ‬
‫ردا جيدا متقنا‪ ،‬ألّف فيه رسالة مساها االعتبار ببقاء‬ ‫بن عبد الكايف اليبكي ّ‬
‫اجلنة والنار‪ ،‬ومن أراد التوسع يف كشف حال هذا الرجل فلرياجع كتاب احإمام‬
‫‪11‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫احلاف التقي الزاهد الشيخ عبد هللا بن دمحم بن يوسف اهلرري امليمى ابملقاالت‬
‫الينية يف كشف ضالالت أمحد بن تيمية‪ ،‬وكتاب احملدث الشيخ دمحم العريب‬
‫التبان امليمى برباءة األشعريني من عقائد املخالفني؛ غري أن الشيخ مسى مؤلفه‬
‫ابسم أيب حامد بن مرزوق‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫‪ 7‬وقـ ـ ـ ــائ ٌم غ ـ ــن ْـي وواح ـ ـ ـ ـ ٌد وح ـ ـ ـ ـ ْي قـ ـ ـ ـ ــاد ٌر ُمـ ـ ـ ـ ـريـ ٌد ع ـ ـ ـ ـ ـاِلٌ ِّ‬
‫بكل ش ـ ـ ْي‬
‫كل ما سواه فال‬ ‫الشرح ‪ :‬قول الناظم وقائم غين أي أن هللا تعاىل ميتغن عن ّ‬
‫صص له ابلوجود‪ ،‬ألن االحتياج إىل الغري ينايف قدمه تعاىل وقد ثبت‬ ‫ِ‬
‫حيتاج إىل خم ّ‬
‫وجوب قدمه وبقائه سبحانه‪ .‬قول الناظم وواحد أي جيب هلل تعاىل الوحدانية أي‬
‫أنه تعاىل ليس ذا مؤلفا من أجزاء‪ ،‬فال يوجد ذات مثل ذاته‪ ،‬وليس لغريه صفة‬
‫كصفته أو فعل كفعله‪ ،‬وليس املراد بوحدانيته وحدانية العدد إذ الواحد يف العدد‬
‫له نصف وأجزاء أيضا‪ ،‬بل املراد أنه ال شبيه له‪ ،‬قال احإمام اجملتهد أبو حنيفة‬
‫هنع هللا يضر ‪ :‬إن هللا واحد ال من طريق العدد ولكن من طريق أنه ال شريك له‪ .‬وقول‬
‫حي ال كاألحياء إذ حياته‬ ‫وحي أي جيب هلل تعاىل عقال احلياة‪ ،‬فهو تعاىل ّ‬ ‫الناظم ّ‬
‫أزلية أبدية لييت بروح ودم‪ .‬وقول الناظم قادر أي جيب هلل تعاىل القدرة على‬
‫كل شيء‪ ،‬واملراد ابلشيء هنا اجلائز العقلي؛ فخرج بذلك امليتحيل العقلي ألنه‬
‫‪12‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫غري قابل للوجود فلم يصلح أن يكون حمال لتعلق القدرة‪ ،‬فال يقال هلل تعاىل‪ :‬هل‬
‫هللا قادر على أن خيلق مثله؟ ألن فيه جتويز احملال العقلي‪ .‬وخرج بذلك أيضا‬
‫الواجب العقلي ألنه ال يقبل حدوث الوجود‪ ،‬والواجب العقلي هو ما ال يتصور‬
‫يف العقل عدمه وهو هللا تعاىل وصفاته‪ .‬وقول النظم مريد أي أن هللا تعاىل‬
‫موصوف بصفة احإرادة وهي املشيئة وهي صفة أزلية أبدية خيصص هللا هبا اجلائز‬
‫العقلي ابلوجود بدل العدم وبصفة دون أخرى وبوقت دون ءاخر‪ .‬ومشيئة هللا‬
‫تعاىل شاملة ألعمال العباد مجيعها‪ ،‬اخلري منها والشر‪ ،‬فكل ما دخل يف الوجود‬
‫من أعمال الشر واخلري ومن كفر ومعاص أو طاعة فبمشيئة هللا تعاىل وقع‬
‫وحصل‪ ،‬وهذا كمال يف حق هللا تعاىل‪ ،‬ألن مشول القدرة واملشيئة الئق جبالل هللا‬
‫تعاىل‪ ،‬ألنه لو كان يقع يف ملكه ما ال يشاء لكان ذلك دليل العجز‪ ،‬والعجز‬
‫ميتحيل على هللا‪( .‬فائدة) جيب التحذير من كتب حزب التحرير وابخلصوص‬
‫هذا الكتاب امليمى الشخصية احإسالمية‪ ،‬فإن مؤلفه وهو امليمى بتقي الدين‬
‫النبها ين يقول فيه‪" :‬وهذه األفعال‪-‬أي افعال احإنيان‪ -‬ال حد حخ حل لل حقضاء هبا‪ ،‬ألن‬
‫احإنيان هو الذي قام هبا إبرادته واختياره‪ ،‬وعلى ذلك فإن األفعال احإختيارية ال‬
‫تدخل حتت القضاء"‪ .‬اهـ‪ ،‬وذكر حنو ذلك يف كتابه امليمى نظام احلكم يف‬
‫احإسالم‪ .‬كالم هذا الرجل خمالف للقرءان وللحديث الصحيح ولصريح العقل‪،‬‬
‫أما القرءان فقد قال هللا تعاىل ‪( :‬ح حخلح حق كل حشئ فحـ حقد حره تحـ ْقديرا) الفرقان‪ ،5 :‬وقال‬
‫‪13‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫تعاىل ‪( :‬وهللا حخلح حقك ْم حوحما تحـ ْع حملون) الصافات ‪ ،30 :‬وقال تعاىل ‪( :‬إان كل حشئ‬
‫ِ‬
‫الوجود من‬ ‫حخلح ْقناه بِحق حدر) القمر‪ ،83 :‬والشئ هنا شامل لك ّل ما ي ْدخل يف‬
‫أجيام وحركات العباد وسكوهنم ما كان منه اختياراي وما كان منه اضطراراي‪.‬‬
‫وقول الناظم عامل بكل شي أي أن هللا تعاىل موصوف بصفة العلم‪ ،‬وعلمه قدمي‬
‫أزيل كما أن ذاته أزيل‪ ،‬فلم يزل عاملا بذاته وصفاته وما حيدثه من خملوقاته‪ ،‬فال‬
‫القدم ألن ما كان‬ ‫يـتصف بعلم حادث ألنه لو جاز اتصافه ابحلوادث النْتفى عنه ِ‬
‫حّ‬
‫حمال للحوادث ال ب ّد أن يكون حاداث‪( .‬فائدة) ‪ :‬قوله تعاىل ( حولحنحـْبـل حونك ْم ححىت‬
‫ين) دمحم‪ ،98 :‬معناه ولنبلونّكم حىت منيِّز أي‬ ‫ِ‬ ‫اه ِد ِ‬
‫ِ‬
‫ين منك ْم حوالصاب ِر ح‬
‫نحـ ْعلح حم الْم حج ح‬
‫نظهر للخلق من جياهد ويصرب من غريهم‪ ،‬وليس املقصود ابآلية جتدد العلم هلل‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫ـات س ْـبـ ـ ـ ـ ـ ــعـةٌ تـ ْنـت ـ ـ ـ ـ ـ ِظ ُم‬ ‫ـصـ ـ ـ ـ ْـيـر والْم ْتـ ـ ـ ـكلِّـم لهُ ِ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ــف ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫‪ 8‬س ـ ـ ـ ِمـ ــيعن الب ِ‬
‫ٌ‬
‫الشرح ‪ :‬أي جيب هلل تعاىل اليمع وهو صفة أزلية أبدية اثبتة لذاته تعاىل‪ ،‬فهو‬
‫ييمع األصوات بيمع أزيل أبدي ال كيمعنا‪ ،‬ليس أبذن وصماخ‪ ،‬فمن قال إنه‬
‫ييمع أبذن فقد أحلد وكفر‪ .‬وقول الناظم البصري أي جيب هلل تعاىل عقال البصر‬
‫أي الرؤية‪ ،‬فهو يرى برؤية أزلية أبدية املرئيات مجيعها فريى ذاته بغري حدقة‬
‫‪14‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫وجارحة ألن احلواس من صفات املخلوقني‪ .‬وقول الناظم واملتكلم أي جيب هلل‬
‫ِ‬
‫متوعد‬
‫تعاىل عقال الكالم‪ ،‬وهو صفة أزلية أبدية هو متكلم هبا ءامر انه واعد ّ‬
‫ليس ككالم غريه بل أزيل أبزلية الذات ال يشبه كالم اخللق وليس بصوت حيدث‬
‫من انيالل اهلواء أو اصطكاك األجرام وال برف ينقطع إبطباق شفة أو حتريك‬
‫ليان‪( .‬فائدة) ‪ :‬وأما القرآن فيطلق على معنيني‪ ،‬يطلق على الكالم الذايت الذي‬
‫ليس برف وال صوت وال لغة‪ ،‬وعلى هذا املعىن فهو قدمي أزيل‪ ،‬ويطلق على‬
‫اللف املنزل الذي هو برف وصوت ولغة‪ ،‬وعلى هذا املعىن فهو حادث خملوق‪.‬‬
‫فكالم هللا يطلق على هذا وعلى هذا إطالقا من ابب احلقيقة ألن كال احإطالقني‬
‫حقيقة شرعية‪ .‬على أن القرآن ليس من أتليف البشر‪ ،‬فمن قال إنه من أتليف‬
‫بشر فقد كفر‪ ،‬وهللا أوعد من قال هذا بيقر‪ ،‬فاللف ال ييتطيع احإنيان أن‬
‫أييت مبثله‪ ،‬وأما الكالم الذايت فهو صفة ذاتية هلل كيائر صفاته ال جيوز عقال أن‬
‫يكون له شبيه‪ .‬ومعىن قول الناظم له صفات سبعة تنتظم أي هلل تعاىل سبع‬
‫صفات‪ ،‬تتواىل يف بيت واحد من غري مفارقة بينهما‪ ،‬وتيمى هذه الصفات‬
‫اليبع ابملعا ين‪ ،‬وهي كل صفة وجودية قائمة أي اثبتة ابلذات أوجبت ملوصوفها‬
‫حكما بيث لو كشف عنا احلجاب لرأيناها‪ ،‬وييمى هذا احلكم معنوية ألهنا‬
‫منيوبة للمعا ين‪ .‬فاملعنوية هي كونه تعاىل قادرا‪ ،‬وكونه مريدا‪ ،‬وكونه عاملا‪ ،‬وكونه‬
‫حيا‪ ،‬وكونه مسيعا‪ ،‬وكونه بصريا‪ ،‬وكونه متكلما‪ .‬فاملعا ين كاألصل واملعنوية كالفرع‪،‬‬
‫‪15‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ألن املعا ين وجودية تعقل‪ ،‬واملعنوية أحوال ال تكون كذلك إال ابلنيبة ملعانيها‬
‫اليت أوجبتها‪.‬‬

‫اسـت ـ ـم ْر‬ ‫‪ 9‬فـ ُقـ ـ ـ ـ ـ ـ ْدرةٌ إرادةٌ سـ ْم ـ ـ ـ ـ ٌـع بـص ـ ـ ـ ـ ـ ْر حـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاةٌ ن الْ ِـع ْل ـ ـ ـ ـ ـ ُم ك ٌ‬
‫ـالم ْ‬
‫الشرح ‪ :‬إمنا جاء الناظم بذكر هذه الصفات اليبع اليت هي صفات املعا ين‬
‫حلكمة لطيفة؛ وهي االهتمام بشأن هذه الصفات اليبع‪ ،‬ألن املقصود يف هذا‬
‫العلم ذكر العقائد على وجه التفصيل واجلزم ألن خطر اجلهل فيه عظيم‪ ،‬والرد‬
‫على قول املعتزلة فإهنم أنكروها فقالوا إنه تعاىل قادر بذاته‪ ،‬مريد بذاته‪ ،‬من غري‬
‫قدرة وال إرادة‪ ،‬وهكذا إىل آخرها‪ ،‬وأما مجهور أهل الينة فقالوا إنه تعاىل قادر‬
‫ومريد بصفات وجودية قائمة أي اثبتة ابلذات‪ ،‬يصح أن يرى‪( .‬فائدة) ‪:‬‬
‫تعلقات هذه الصفات اليبع كما يلي؛ القدرة واحإرادة تتعلقان جبميع املمكنات‬
‫العقلية‪ ،‬ال ابمليتحيالت وال ابلواجبات‪ ،‬ومسي تعلق القدرة واحإرادة بتعلق التأثري‪،‬‬
‫والعلم والكالم تتعلقان جبميع الواجبات وامليتحيالت واملمكنات العقلية‪،‬‬
‫واليمع والبصر تتعلقان جبميع املوجودات‪ ،‬واملوجود إما قدمي وهو هللا تعاىل‪ ،‬وإما‬
‫حادث وهو كل ما سوى هللا تعاىل أي العامل‪ .‬ومسي تعلق اليمع والبصر والعلم‬
‫‪16‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫بتعلق االنكشاف‪ ،‬وتعلق الكالم مسي بتعلق الداللة‪ .‬وأما احلياة فال تتعلق‬
‫بشيء‪ .‬وقول الناظم كالم استمر أي دام كالمه تعاىل وال ينقطع‪.‬‬

‫ـل ُُمْـ ـ ـ ـ ِكـ ٍن ك ِف ْعـ ـ ـ ـ ـ ـلِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫‪ 11‬وجـ ـ ـائـ ـ ـ ـ ـٌِز بـِفـ ْ ِ ِ‬
‫ض ـ ـ ـ ـ ــله و ع ـ ـ ـ ـ ـ ْدله ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر ٌك لـ ـ ـ ـ ـ ُك ِّ‬
‫الشرح ‪ :‬أي أن هللا تعاىل جيوز له أن خيلق الشر واخلري‪ ،‬جيوز أن خيلق احإسالم‬
‫يف زيد والكفر يف عمرو‪ ،‬وكل نعمة منه فضل أي ليس فرضا على هللا أن يعطي‬
‫عباده النعم بل هو متفضل متكرم بذلك‪ ،‬وكل نقمة منه عدل‪ ،‬والنقمة العقوبة‪،‬‬
‫فمن أاثبه هللا تعاىل فبفضله‪ ،‬ومن عاقبه فبعدله وال يظلم هللا أحدا‪( .‬فائدة) ‪:‬‬
‫قال العلماء ‪ :‬احلكم العقلي ينقيم إىل ثالثة الوجوب واالستحالة واجلواز‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬الواجب العقلي هو ما ال يتصور يف العقل عدمه وهو هللا وصفاته‪،‬‬
‫وامليتحيل العقلي هو ما ال يتصور يف العقل وجوده‪ ،‬وقد يعربون عنه ابملمتنع‬
‫كالشريك هلل تعاىل والعجز واجلهل ابلنيبة إىل هللا‪ ،‬واجلائز العقلي هو ما يتصور‬
‫يف العقل وجوده وعدمه‪ ،‬ولذلك يصفون هللا ابلواجب الوجود‪( .‬فائدة) ‪ :‬أما‬
‫امليتحيل العادي فيصح وجوده عقال لكن عادة ال يصح كوجود جبل من زئبق‪،‬‬
‫فهذا ال حيصل يف الدنيا على حيب العادة‪.‬‬
‫‪17‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫لص ـ ـ ـ ـ ْد ِق والـت ْـبلِـيـ ـ ـ ـ ِغ واألمـ ـ ـ ـ ـان ْه‬


‫‪ 11‬أ ْرس ـ ـ ـ ـ ـ ـل أنْبيـ ـ ـ ـ ـا ذ ِوي فـ ـ ـ ـ ـطـانـ ْه ِِب ِّ‬
‫الشرح ‪ :‬أن هللا تعاىل أرسل أنبياءه الكرام وأيدهم ابلفطانة أي الذكاء واحلذق‬
‫فييتحيل عليهم الغباوة والبالدة‪ ،‬وأيدهم ابلصدق فييتحيل عليهم الكذب‪،‬‬
‫وموصوفون ابلتبليغ أي إيصال ما أمروا إبيصاله للخلق فييتحيل عليهم‬
‫الكتمان‪ ،‬وأيدهم هللا ابألمانة فييتحيل عليهم اخليانة‪( .‬فائدة) ‪ :‬النيب والرسول‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ث هللا النبِيِّ ح‬
‫ين)‬
‫ين حومنذر ح‬ ‫ني مبح ّش ِر ح‬ ‫كالمها مأمور بتبليغ الدعوة‪ ،‬قال تعاىل (فحـبحـ حع ح‬
‫البقرة‪ ،589 :‬وإمنا من الفرق بينهما أن النيب يتبع شرع الرسول الذي كان قبله‬
‫ويبلغه‪ ،‬وأما الرسول فيأيت بكم جديد‪ ،‬هذا هو املعىن الصحيح كما ذكره كثري‬
‫من األئمة‪ ،‬منهم احإمام اجلليل شيخ الشافعية واألشاعرة أبو منصور البغدادي‬
‫والقونوي شارح الطحاوية واملناوي‪ ،‬فلذلك قال العلماء ‪ :‬كل رسول نيب وليس‬
‫كل نيب رسوال‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬األنبياء إخوة لعالت‬
‫دينهم واحد وأمهاهتم شىت"‪ ،‬رواه البخاري وميلم وغريمها‪ ،‬أي أن األنبياء كلهم‬
‫على دين واحد هو دين احإسالم فكلهم دعوا إىل عبادة هللا وحده وعدم احإشراك‬
‫ِ‬
‫ك‬‫به شيئا‪ ،‬ولكن شرائعهم خمتلفة أي األحكام‪ ،‬قال هللا تعاىل ( حوحمآأ ْحر حس ْلنحا ِمن قحـْبل ح‬
‫ون)‪ ،‬األنبياء‪.52 :‬‬ ‫اعبد ِ‬ ‫وحي إِلحْي ِه أحنه آل إِلحهح إِآل أ ححان فح ْ‬
‫ِمن رسول إِالن ِ‬
‫‪18‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ص كخ ِف ْيـ ـ ِ‬
‫ف الْمـ ـر ِ‬
‫ض‬ ‫‪ 12‬وج ـ ـ ـ ـائٌِز ِيف ح ِّقـ ـ ـ ـ ِه ْم ِم ْن عـ ـ ـ ـر ِ‬
‫ض بِغ ْـيـ ـ ـ ـ ـ ِر نـ ْقـ ـ ـ ٍ‬
‫الشرح ‪ :‬جيب اعتقاد أنه جيوز يف حق األنبياء والرسل وقوع األعراض البشرية‬
‫اليت ال تؤدي إىل نقص يف مراتبهم العلية‪ ،‬كاملرض اخلفيف‪ ،‬وكاألكل والشرب‪،‬‬
‫وحنوها‪ .‬أما األمراض املنفرة فاهلل حفظهم وعصمهم منها كخروج الدود من‬
‫البدن‪ ،‬فال جيوز اعتقاد أن سيدان أيوب عليه اليالم مرض مرضا شديدا فخرج‬
‫منه الدود‪ .‬األمراض املنفرة خمالفة ملقام النبوة ألن األنبياء عليهم الصالة واليالم‬
‫وظيفتهم الكربى الدعوة إىل هللا تعاىل وهذا الوصف امليتقبح يضاد ذلك‪ ،‬إذ إنه‬
‫جيعل الناس يهربون وينفرون منهم فهذا طعن يف مقام النبوة العلي‪ ،‬وقد ورد عن‬
‫قتادة هنع هللا يضر أنه قال ‪" :‬ما بعث هللا نبيّا إال حح حين الوجه حين الصوت وإن نبيكم‬
‫أحينهم وجها وأحينهم صو "‪ ،‬رواه الرتمذي‪( .‬فائدة) ‪ :‬النيب ملسو هيلع هللا ىلص ال خيطئ‬
‫أبدا فيما بلغه ألمته من األحكام الشرعية‪ ،‬كذا على قول جواز االجتهاد عليه‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص يف التشريع فإن اجتهاده ال خيطئ‪ ،‬كما ذهب إليه اجلمهور‪ ،‬منهم التاج‬
‫اليبكي يف مجع اجلوامع‪ ،‬والزركشي يف تشنيف امليامع‪ ،‬وابن أمري احلاج يف‬
‫التقرير والتحبري‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬كل ما أمر النيب ملسو هيلع هللا ىلص بتبليغه من القرآن الكرمي‬
‫فال ينيى منه شيئا قبل تبليغه‪ ،‬أما بعد تبليغه للناس فقد ينيى شيئا منه ملدة مث‬
‫يتذكره‪ ،‬كما حصل معه ملسو هيلع هللا ىلص فقد ورد أنه قيل لرسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ :‬أقصرت الصالة‬
‫‪19‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ت؟ قال‪ :‬كل ذلك مل يكن‪ ،‬مث سأل أصحابه‪ :‬أصدق ذو‬ ‫ِ‬
‫اي رسول هللا أم ن ّيْي ح‬
‫اليدين؟ ‪-‬وهو اليائل‪ -‬فقالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فقام فأتى ابلركعتني‪ .‬رواه ميلم‪ .‬قال‬
‫احإمام النووي يف تفيري قوله ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬كل ذلك مل يكن"؛ فيه أتويالن‪ ،‬أحدمها قاله‬
‫مجاعة من أصحابنا يف كتب املذهب‪ :‬أن معناه مل يكن اجملموع‪ ،‬فال ينفي وجود‬
‫أحدمها‪ .‬والثا ين وهو الصواب ‪ :‬مل يكن ذاك وال ذا يف ظين‪ ،‬بل ظين أ ين أكملت‬
‫الصالة أربعا‪ .‬هللا أعلم‬

‫اجـ ـ ـ ـ ــبـةٌ وفـاضـ ـ ـ ـلُوا الـمـ ـ ـ ـ ـ ــالئِك ْه‬


‫صـ ـ ـ ـ ـمـتُـ ُهم كس ـ ـ ـائِ ِر الْمـ ـ ـالئِك ْه و ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫‪ 13‬ع ْ‬
‫الشرح ‪ :‬اتفق امليلمون على أن األنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة‬
‫وبعدها‪ ،‬وكذلك كبائر الذنوب كالزىن وأكل الراب وغري ذلك‪ .‬وأما الذنوب‬
‫الصغرية فما كان من صغائر اخلية والدانءة فهم معصومون منها قبل النبوة‬
‫وبعدها‪ ،‬وأما الصغائر اليت هي غري صغائر اخلية فقد ذهب أكثر العلماء ومنهم‬
‫سند أهل الينة واجلماعة احإمام أبو احلين األشعري هنع هللا يضر إىل أنه جتوز يف حقهم‬
‫صى ءح حادم حربه‬
‫كاملعصية اليت حصلت من آدم عليه اليالم‪ ،‬قال تعاىل ( حو حع ح‬
‫فحـغح حوى) طه‪ ،858 :‬ولكنهم يـنحـبـهون فورا فيتوبون قبل أن يقتدي هبم فيها غريهم‪،‬‬
‫وهذا هو القول الصواب‪ .‬فمن هنا يعلم أن النبوة ال تصح حإخوة يوسف عليه‬
‫‪20‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫اليالم الذين فعلوا تلك األفاعيل اخلييية وهم من سوى بنيامني‪ .‬واألسباط‬
‫الذين أنزل عليهم الوحي هم من نبئ من ذريتهم‪ .‬قول الناظم وفاضلوا املالئكة‬
‫أي أن األنبياء والرسل أفضل من املالئكة‪( .‬فائدة) ‪ :‬جيب اعتقاد عصمة سيدان‬
‫إبراهيم عليه اليالم من الشرك والكذب‪ ،‬وبراءة يوسف عليه اليالم من اهلم‬
‫ابلزان وعصمة موسى عليه اليالم من أن يبدل حرفا برف آخر‪ .‬فقول سيدان‬
‫(ه حذا حرِّيب) األنعام‪ ،60 :‬فهو على تقدير‬ ‫إبراهيم عن الكوكب حني رآه ح‬
‫االستفهام االنكاري فكأنه قال‪ :‬أهذا ريب كما تزعمون؟ أي هذا ليس ريب‪،‬‬
‫ني)‪ ،‬أي ال يصلح أن يكون هذا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫لذلك ملا غاب الكوكب قال (آلأحب اْألحفل ح‬
‫الكوكب راب ألنه أيفل ويتغري فكيف تعتقدون ذلك؟ والظاهر أن هذا قول‬
‫إبراهيم ألهل حران ألهنم كانوا يعبدةهنا‪ ،‬أما أهل اببل كانوا يعبدون األصنام‪.‬‬
‫وأما قوله عليه اليالم كما ورد يف القرآن (بح ْل فحـ حعلحه حكبِريه ْم حه حذا) األنبياء‪،09 :‬‬
‫فليس كذاب حقيقيا بل صدق من حيث الباطن واحلقيقة‪ ،‬ألن كبري األصنام هو‬
‫الذي محله على الفتك ابألصنام األخرى من شدة اغتياظه من هذا الصنم‬
‫الكبري‪ ،‬فيكون إسناد الفعل إىل الكبري إسنادا جمازاي فال كذب يف ذلك‪ .‬وقوله‬
‫(إ ين حس ِقْيم) الصافات‪ ،13 :‬أي سأسقم سقم املوت‪ ،‬ألن من كتب عليه املوت‬ ‫ّْ‬
‫ييقم يف الغالب مث ميوت‪ ،‬وهذا تورية ‪-‬أي ليس كذاب حقيقيا‪ -‬وتعريض‪ ،‬وكذا‬
‫قوله عليه اليالم للملك ملا سأل عن سارة‪" :‬هي أخيت" املراد به أخوة الدين‪.‬‬
‫‪21‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫فاحلديث الذي روي يف صحيح البخاري عن أيب هريرة هنع هللا يضر أنه قال‪" :‬مل يكذب‬
‫إبراهيم عليه اليالم إال ثالث كذابت"‪ ،‬مؤول على ما ذكرانه‪ .‬وأما قوله تعاىل‬
‫ت بِِه حوحهم ِهبحا) يوسف‪ ،58 :‬فهذا على‬ ‫عن سيدان يوسف عليه اليالم ( حولححق ْد حمه ْ‬
‫معىن التقدمي والتأخري‪ ،‬كأنه أراد "ولقد مهت به‪ ،‬ولو ال أن رأى برهان ربه هلم‬
‫هبا"‪ ،‬ولكن ملا رأى الربهان ما هم أصال‪ .‬وأما ما يفرتى على سيدان موسى عليه‬
‫اليالم من أنه كان أت ء أو ألثغ فهو غري صحيح البتة‪ ،‬والصحيح أنه أتثر ليانه‬
‫عليه اليالم ابجلمرة اليت تناوهلا ووضعها يف فمه حني كان طفال أمام فرعون‬
‫وذلك حلكمة فصار يف ليانه عقدة خفيفة ولكن كان كالمه مفهما ال يبدل‬
‫حرفا برف بل يتكلم بكالم بليان مبني سليم من العيوب‪ ،‬وملا نزل عليه الوحي‬
‫احل ْل ع ْق حدة ِّمن لِّ حي ِا ين {‪ }56‬يحـ ْف حقهوا قحـ ْوِيل {‪ )}51‬طه‪،‬‬
‫دعا هللا تعاىل قائال ( حو ْ‬
‫فأذهب هللا تلك العقدة عنه عليه اليالم‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬ذكر يف كتاب تفيري‬
‫اجلاللني رواية مدسوسة مضموهنا أن سيدان سليمان عليه اليالم إمنا بىن الصرح‬
‫لينظر إىل ساقي ملكة سبأ ورجليها ألن اجلن أخربته أن رجليها كياقي ورجلي‬
‫محار‪ ،‬وكان الصرح صحنا من زجاج حتته ماء وفيه احليتان‪ ،‬فحاشا لييدان‬
‫سليمان عليه اليالم أن يتحايل مثل هذا التحايل حىت أن ينظر إىل ما حرم هللا‬
‫عليه‪ ،‬وإمنا بىن سيدان سليمان عليه اليالم هذا الصرح لرييها ملكا أعظم من‬
‫ملكها‪ ،‬كما قاله جماهد تلميذ ابن عباس مهنع هللا يضر‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬ترتيب األفضلية‬
‫‪22‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫هو ما يلي؛ أفضل اخللق على احإطالق سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬يليه بيقة أويل العزم وهم‬
‫إبراهيم وموسى وعييى ونوح عليهم اليالم على هذا الرتتيب‪ ،‬يليهم بقية‬
‫الرسل‪ ،‬يليهم بقية األنبياء غري الرسل مع تفاوت مراتبهم عند هللا تعاىل‪ ،‬يليهم‬
‫رؤساء املالئكة كجربيل ومحلة العرش‪ ،‬يليهم رؤساء أولياء البشر كييدان أيب‬
‫بكر‪ ،‬يليهم عوام املالئكة‪ ،‬ويليهم عوام املؤمنني‪.‬‬

‫ظ ِِلم ِسـ ـ ـني ِِبُ ْك ٍم و ِ‬


‫اجـ ـ ِ‬
‫ب‬ ‫اج ـ ـ ـ ِ‬ ‫‪ 14‬والْـمسـتـ ـ ـ ِحيل ِ‬
‫ض ـ ُّد ُك ِل و ِ‬
‫احـفـ ـ ـ ْ ْ‬
‫ب فـ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫الشرح‪ :‬أن امليتحيالت على هللا وعلى رسله هو ضد الواجبات هلل سبحانه‬
‫ولرسله‪ .‬وقول الناظم فاحف خلميني أي ّأد عن ظهر قلبك مخيني عقيدة فقد‬
‫عرفت أن الواجب هلل عشرون‪ ،‬وامليتحيل عليه تعاىل كذلك‪ ،‬والواجب للرسل‬
‫أربعة‪ ،‬وامليتحيل عليهم كذلك‪ ،‬واجلائز هلل تعاىل واحد‪ ،‬واجلائز للرسل كذلك‪،‬‬
‫فاجلملة مخيون‪.‬‬

‫ـف فح ِّق ـ ـ ـ ـ ْق واغْ ـ ـ ــتنِ ْم‬


‫ـل مـ ـ ـ ــكـل ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫يل َخْس ـة وع ْش ِرين ل ـ ـ ـ ِز ْم ُك َّ ُ‬
‫‪ 15‬تـ ْف ـ ـ ـص ُ‬
‫الشرح ‪ :‬أي جيب على كل مكلف أن يعرف تفصيل مخية وعشرين من‬
‫املرسلني وهم املذكورون يف القرآن الكرمي‪ ،‬قوله فحقق أي تيقن عدد هؤالء الرسل‬
‫‪23‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الذين هم مخية وعشرون‪ ،‬وقول الناظم واغتنم أي اكتيب واربح‪ ،‬فبذكر‬


‫الصاحلني تتنزل الرمحات وتكتيب الربكات‪ ،‬وتنال الرغائب والعطااي‪ ،‬وتدفع هبم‬
‫اآلفات والبالاي‪( .‬فائدة) ‪ :‬يف عدد األنبياء روى ابن حبان يف صحيحه عن أيب‬
‫ذر قال‪ :‬اي رسول هللا كم األنبياء؟ قال‪ :‬مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا‪ ،‬قلت‪ :‬اي‬
‫رسول هللا كم الرسل من ذلك؟ قال‪ :‬ثالمثائة وثالثة عشر مجا غفريا‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫اي رسول هللا من كان أوهلم؟ قال‪ :‬آدم‪ ،‬قال‪ :‬قلت اي رسول هللا أنيب مرسل؟ قال‪:‬‬
‫نعم خلقه هللا بيده‪- ،‬أي بعنايته‪ ،-‬ونفخ فيه من روحه‪- ،‬أي الروح املشرفة عند‬
‫هللا‪ ،-‬وكلّمه قـبال ‪-‬أي كلّمه هللا تعاىل من غري واسطة‪ .-‬اهـ وقد اختلف العلماء‬
‫يف عدد األنبياء فمنهم من احتج بديث ابن حبان املتقدم‪ ،‬ومنهم من مل يعني‬
‫عددا معلوما حمتجا أبنه مل يرد يف ذلك حديث قطعي الثبوت‪ .‬وهذا احلديث يف‬
‫الرد على التيميني القائلني أبن سيدان ءادم ليس رسوال‪ ،‬بزعمهم إمنا هو نيب فقط‪.‬‬

‫ـح وإِبْ ـ ـ ـر ِاه ـ ـ ـ ـ ْـي ُـم ُكـلٌّ ُمـتـَّب ـ ـ ـ ـ ْع‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ح ُهـ ْو ُد م ْع صـ ـ ـال ْ‬ ‫‪ُ 16‬ه ـ ـ ْم ءاد ٌم ا ْد ِريْـ ـ ٌ‬
‫س نُـ ْو ٌ‬
‫الشرح ‪ )8( :‬سيدان ءادم عليه اليالم هو أول األنبياء واملرسلني‪ ،‬أبو البشر‪،‬‬
‫أول النوع البشري الذي فضله هللا على سائر أنواع املخلوقات‪ ،‬كان مجيل‬
‫الشكل‪ ،‬يتكلم بكل اللغات ومل يكن أخرس وال عاراي عن الثياب وال شبيها‬
‫‪24‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ابلقرود‪ ،‬فمن اعتقد أن أصل احإنيان قرد فقد كذب القرءان الكرمي‪ ،‬قيل عاش‬
‫سيدان ءادم عليه اليالم ألف سنة‪ ،‬قضى منها مائة وثالثني سنة يف اجلنة والبقية‬
‫على هذه األرض‪ ،‬دفن يف مكة أو يف مىن قرب ميجد اخليف حيث دفن‬
‫سبعون نبيا‪ ،‬وقبورهم خمفاة‪( .‬فائدة) ‪ :‬سيدان ءادم عليه اليالم نيب رسول كما‬
‫ورد يف صحيح ابن حبان املتقدم ذكره‪ ،‬فال تغرت إبنكار التيميني رسالته عليه‬
‫اليالم‪ ،‬فإن عقيدهتم شاذة ممبوذة ممقوتة‪ ،‬وأما ما جاء يف الصحيحني يف حديث‬
‫الشفاعة‪" :‬اي نوح أنت أول الرسل إىل أهل األرض"‪ ،‬فاملراد به أي أول الرسل إىل‬
‫أهل األرض بعد أن انتشر بينهم الكفر والشرك‪ )5( .‬سيدان إدريس عليه اليالم‬
‫هو اثلث األنبياء بعد آدم وشيث ولد ببابل مدينة يف العراق‪ ،‬وييمى أيضا‬
‫أخنوخ‪ ،‬ينتهي نيبه عليه اليالم إىل سيدان شيث بن ءادم‪ ،‬مل يكن يف زمنه كفر‬
‫أو شرك كما يف زمن ءادم‪ ،‬كانت مدة إقامته يف األرض كما قيل اثنتني ومثانني‬
‫سنة مث رفعه هللا إىل اليماء مث توفاه على هذه األرض‪ ،‬وكون وفاته على األرض‬
‫هو الصحيح‪ )9( .‬سيدان نوح عليه اليالم هو نوح بن المك بن متوشلخ بن‬
‫أخنوخ –وهو إدريس‪ -‬أول من أرسل إىل الكفار‪ ،‬لبث يدعو قومه إىل احإسالم‬
‫ألف سنة إال مخيني عاما‪ ،‬وكان قومه يبطشون به وخينقونه حىت يغشى عليه‪،‬‬
‫بعد أن عمل اليفينة أرسل هللا املطر أربعني يوما‪ ،‬ويقال إهنم ركبوا فيها لعشر‬
‫ليال مضني من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من احملرم‪ ،‬وقد ارتفع املاء على‬
‫‪25‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫أعلى جبل يف األرض‪ ،‬قربه عليه اليالم قيل إنه ابمليجد احلرام‪ )8( .‬سيدان هود‬
‫عليه اليالم هو عريب يف أصله‪ ،‬وقيل هو هود بن عبد هللا بن رابح بن اجللود بن‬
‫عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح‪ ،‬أرسل إىل قبيلة عاد وهي قبيلة عربية‬
‫كانت ابليمن أبرض األحقاف‪ ،‬هللا أعطاهم نعما كثرية وافرة وخريات جليلة‪،‬‬
‫لكنهم غري شاكرين هلل فاختذوا من دونه آهلة وعبدوا األصنام‪ ،‬أرسل هللا عليهم‬
‫رحيا ابردة شديدة اهلبوب ملدة سبع ليال ومثانية أايم كوامل متتابعات حىت‬
‫أهلكتهم وصاروا صرعى‪ ،‬أما موضع قرب سيدان هود عليه اليالم ففيه خالف‪،‬‬
‫قيل بضر موت يف بالد اليمن‪ ،‬وقيل ابحلجر مبكة‪ ،‬وقيل بدمشق‪ )2( .‬سيدان‬
‫صاحل عليه اليالم هو صاحل بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن مثود بن‬
‫عاثر بن إرم بن سام بن نوح‪ ،‬أرسله هللا تعاىل إىل مثود‪ ،‬وهم قبيلة مشهورة مسيت‬
‫ابسم جدهم مثود أخي جديس‪ ،‬ومها ابنا عاثر بن إرم‪ ،‬وهم من العرب الذين‬
‫ييكنون احلجر الذي هو بني احلجاز واألردن‪ ،‬وآاثرهم ابقية هناك تعرف ابسم‬
‫مدائن صاحل‪ ،‬يقال إن سيدان صاحلا عليه اليالم انتقل إىل الشام فنزل فليطني‬
‫مث انتقل إىل مكة فأقام هبا يعبد هللا حىت مات‪ )0( .‬سيدان إبراهيم عليه اليالم‬
‫هو ابن رخ بن انخور وصل نيبه إىل سام بن نوح‪ ،‬ولد يف عهد امللك اجلبار‬
‫الكافر منرود ببابل‪ ،‬كان عليه اليالم كغريه من األنبياء منذ صغره ونشأته ميلما‬
‫مؤمنا عارفا بربه معتقدا عقيدة التوحيد منزها ربه عن مشاهبة املخلوقات‪ ،‬وقد‬
‫‪26‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫عاش عليه اليالم بعد هجرته من العراق (اببل) يف فليطني واستقر هبا‪ ،‬وكان‬
‫يرتدد إىل مكة من حني آلخر ليتفقد ولده إمساعيل عليه اليالم وأمه هاجر عليها‬
‫اليالم‪ ،‬تويف سيدان إبراهيم عليه اليالم وله من العمر مائتا سنة‪ ،‬وقد دفنه ابناه‬
‫إمساعيل وإسحاق يف املغارة اليت كان قد دفن فيها سيدان إبراهيم زوجته سارة‬
‫بقرية حربون‪ ،‬وهو البلد املعروف اليوم ابخلليل‪ .‬وقول الناظم كل متبع أي كل من‬
‫املذكورين أوجب هللا على أمته أن يتبعوه يف أمره وهنيه‪ ،‬وعلى كل مكلف أن‬
‫يعتقد وصفه ابلنبوة والرسالة‪.‬‬

‫احتذى‬ ‫اع ِ‬ ‫‪ 17‬لُـ ـو ٌ ِ ِ‬


‫ب ْ‬‫ف وأيـُّْو ُ‬
‫وس ـ ـ ٌ‬
‫وب يُ ُ‬
‫يل ا ْس ـ ـحا ٌق ك ـ ـذا يـ ْعـ ُق ـ ـ ـ ُ‬
‫ط وا ْسـ ـم ُ‬ ‫ْ‬
‫الشرح‪ )6( :‬سيدان لوط عليه اليالم هو لوط بن هاران بن رخ‪ ،‬بعثه هللا يف‬
‫زمن إبراهيم عليه اليالم‪ ،‬وهو ابن أخيه ألن هاران هو أخو إبراهيم‪ ،‬واسم لوط‬
‫عجمي ليس عربيا وليس مشتقا من اللواط ألن اللواط لف عريب تصريفه الط‬
‫يلوط لواطا أي فعل تلك الفاحشة‪ ،‬وال يليق مبنصب األنبياء أن يكون اسم‬
‫أحدهم مشتقا من لف معناه خبيث‪ .‬هاجر سيدان لوط عليه اليالم مع عمه‬
‫إبراهيم عليه اليالم من العراق وتبعه يف مجيع أسفاره ورحالته‪ ،‬مث بعثه هللا تعاىل‬
‫إىل أهل سدوم يف األردن قرب البحر امليت‪ )1( .‬سيدان إمساعيل عليه اليالم‬
‫‪27‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫هو إمساعيل بن إبراهيم خليل الرمحن الذبيح عليهما اليالم‪ ،‬وهو ابن هاجر‬
‫املصرية اليت وهبتها سارة زوجة إبراهيم إىل زوجها إبراهيم‪ ،‬وهو جد الرسول سيدان‬
‫دمحم ملسو هيلع هللا ىلص إذ إن الرسول يعود نيبه إىل إمساعيل بن إبراهيم‪ .‬سيدان إمساعيل عليه‬
‫اليالم عريب نشأ يف قبيلة جرهم العربية وتعلم منهم اللغة العربية وتزوج منهم‪ ،‬فلم‬
‫يوجد من ساللته من األنبياء سوى خامت األنبياء سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬أرسله هللا تعاىل‬
‫إىل القبائل العربية اليت عاش يف وسطها وإىل العماليق وأهل اليمن فدعاهم إىل‬
‫احإسالم وعبادة هللا وحده‪ ،‬تويف عليه اليالم مبكة املكرمة‪ ،‬ودفن قرب أمه هاجر‬
‫يف احلجر‪ ،‬قيل عمره يوم مات مائة وسبعا وثالثني سنة‪ )3( .‬سيدان إسحاق‬
‫عليه اليالم هو إسحاق بن إبراهيم عليهما اليالم وهو الولد الثا ين حإبراهيم‬
‫الذي بشرته به املالئكة‪ ،‬وقيل كان عمر إبراهيم حني ولدته سارة زوجة إبراهيم‬
‫مائة وعشرين سنة‪ ،‬وكان عمر سارة تيعني سنة‪ .‬أرسله هللا تعاىل إىل الكنعانيني‬
‫يف بالد الشام وفليطني الذين عاش بينهم‪ ،‬قيل إن إبراهيم عليه اليالم أوصى‬
‫ابنه إسحاق أال يتزوج إال امرأة من أهل أبيه‪ ،‬فتزوج إسحاق رفقة بنت ابن عمه‪،‬‬
‫وكانت عاقرا ال تنجب فدعا هللا هلا فحملت فولدت غالمني توأمني أحدمها امسه‬
‫العيص‪ ،‬والثا ين يعقوب وهو نيب هللا إسرائيل‪ .‬تويف سيدان إسحاق عليه اليالم يف‬
‫حربون وهي قرية يف فليطني عن مائة ومثانني سنة من عمره ودفنه ابناه العيص‬
‫ويعقوب عليه اليالم يف املغارة اليت دفن فيها أبوه إبراهيم عليهما اليالم‪)86( .‬‬
‫‪28‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫سيدان يعقوب عليه اليالم هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم‪ ،‬وييمى يعقوب‬


‫إسرائيل الذي ينتيب إليه بنو إسرائيل‪ ،‬ولد عليه اليالم يف فليطني أرض‬
‫الكنعانيني‪ ،‬وشب يف كنف أبيه إسحاق عليه اليالم‪ ،‬جاء مدح الرسول فيه‬
‫فقال‪" :‬إن الكرمي بن الكرمي بن الكرمي بن الكرمي يوسف بن يعقوب بن إسحاق‬
‫بن إبراهيم"‪ .‬رواه البخاري‪ ،‬فهؤالء األنبياء األربعة متناسلون عليهم الصالة‬
‫واليالم‪ .‬سافر سيدان يعقوب إىل خاله ووجد عنده ابنتني‪ ،‬الكربى امسها ليا‪،‬‬
‫والصغرى راحيل‪ ،‬وكانت أمجلها فتزوجهما أي مجع بينهما وكان ذلك جائزا يف‬
‫شريعتهم‪ ،‬مث نيخ يف شريعة التوراة‪ ،‬مث إهنما ولد له عددا من األوالد‪ ،‬ليا ولدت‬
‫له ستة أوالد وهم روبيل وهو أكربهم ومشعون‪ ،‬والوى‪ ،‬ويهوذا‪ ،‬وايياخر‪،‬‬
‫وزابلون‪ .‬أما راحيل فولدت له ولدين مها يوسف وبنيامني‪ .‬تويف سيدان يعقوب‬
‫عليه اليالم وله من العمر ما يزيد على املائة وكان ذلك بعد سبع عشرة سنة من‬
‫اجتماعه بيوسف عليه اليالم‪ ،‬دفن مبدينة حربون مدينة اخلليل بفليطني‪)88( .‬‬
‫سيدان يوسف عليه اليالم هو يوسف بن يعقوب (إسرائيل) بن إسحاق بن‬
‫إبراهيم عليهم اليالم‪ ،‬جاء مدح الرسول ملسو هيلع هللا ىلص للكل يف احلديث الصحيح الذي‬
‫سقناه‪ ،‬وقد أعطي يوسف عليه اليالم شطر احلين‪ ،‬من أشهر أنبياء بين‬
‫إسرائيل‪ ،‬وقد ذكرت قصة سيدان يوسف عليه اليالم يف سورة يوسف مفصلة‪.‬‬
‫أما األسباط فهم من ذرية إخوة يوسف عليه اليالم وهم شعوب بين إسرائيل‪،‬‬
‫‪29‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫وكان يوجد فيهم أنبياء نزل عليهم الوحي‪ ،‬ومل يكن من أوالد يعقوب نيب غري‬
‫يوسف عليه اليالم إال أن هناك احتماال أن يكون بنيامني نبيا‪ ،‬وأما ذهب‬
‫البعض إليه من القول بنبوة إخوة يوسف فهو مردود ألن النبوة ال تصح حإخوة‬
‫يوسف الذين فعلوا تلك األفاعيل اخلييية وهم من سوى بنيامني‪ ،‬فاألسباط‬
‫الذين أنزل عليهم الوحي هم من نبئ من ذريتهم‪ )85( .‬سيدان أيوب عليه‬
‫اليالم هو أيوب بن موص بن رازح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم اخلليل‪،‬‬
‫أمه بنت سيدان لوط عليه اليالم‪ ،‬وزوجته رمحة بنت سيدان يوسف عليه اليالم‪،‬‬
‫وما يرويه بعض الناس وينيبه إليه عليه اليالم من أنه ابتلي يف جيمه مبرض‬
‫منفر حيث نفخ عليه إبليس فأصابه مرض اجلذام اخلبيث حىت صار الدود يتناثر‬
‫من بدنه‪ ،‬ويقول هلا؛ اي دود كلي من رزق هللا املباركة‪ ،‬فهذه قصة ال أساس وال‬
‫صحة هلا‪ ،‬فليحذر أشد احلذر مما شاع وانتشر بني بعض الناس من أن سيدان‬
‫أيوب خرج منه الدود وهم يظنون بذلك أهنم ميدحونه‪ ،‬وحاشا‪ ،‬والصحيح إمنا‬
‫ابتلي عليه اليالم بكثرة البالاي واألمراض غري منفرة طيلة مثا ين عشرة سنة وهو‬
‫صابر حمتيب يرجو الثواب من هللا تعاىل مث رفعت تلك البالاي عنه عليه اليالم‪،‬‬
‫مات سيدان أيوب عليه اليالم وكان عمره ثالاث وتيعني سنة‪ ،‬وقيل أكثر‪ .‬وقول‬
‫الناظم احتذي أي اقتدى‪.‬‬
‫‪30‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫‪ُ 18‬شع ـ ـيب هارو ُن وموسى والْـيسع ذُو ال ِ‬


‫ْكـ ـ ـ ْف ِل د ُاو ُد ُسل ْيـ ـما ُن اتَّـبـ ـ ْع‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشرح ‪ )89( :‬سيدان شعيب عليه اليالم هو شعيب بن ميكيل بن يشجر بن‬
‫مدين من ذرية سيدان إبراهيم عليه اليالم وهو من األنبياء العرب لقول النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص أليب ذر هنع هللا يضر‪" :‬أربعة من العرب؛ هود وصاحل وشعيب ونبيك اي أاب ذر"‪ ،‬رواه‬
‫ابن حبان وصححه‪ ،‬أرسل هللا سيدان شعيبا عليه اليالم إىل قبيلة مدين يدعوهم‬
‫إىل عبادة هللا وتوحيده‪ ،‬ولكن متادوا يف غيهم وضالهلم حىت رجفت هبم األرض‬
‫وأزهقت أرواحهم‪ ،‬مات سيدان شعيب عليه اليالم يف األردن ودفن هناك وقربه‬
‫بواد ييمى اليوم بواد شعيب‪ )82 ،88( .‬سيدان هارون وسيدان موسى عليهما‬
‫اليالم شقيقان‪ ،‬فهما ابنا عمران بن يصهر بن قاهث بن الوي بن يعقوب بن‬
‫إسحاق بن إبراهيم اخلليل‪ ،‬ولد سيدان موسى عليه اليالم يف عهد الطاغية الوليد‬
‫بن مصعب فرعون مصر عدو هللا الذي اشتهر ابلطغيان واجلربوت وادعى‬
‫األلوهية‪ .‬واآلايت التيع اليت أرسلها هللا تعاىل على قوم فرعون وأتباعه القبط‬
‫هي؛ القحط واجلدب‪ ،‬والنقص من الثمرات‪ ،‬والطوفان‪ ،‬واجلراد‪ ،‬والقمل‪،‬‬
‫والضفادع‪ ،‬الدم‪ ،‬العصا‪ ،‬واليد‪ .‬وأما سيدان هارون عليه اليالم فولد بعد والدة‬
‫موسى بثالث سنوات يف الينة اليت ال يذبح فيها األطفال أي عام املياحمة عن‬
‫قتل األبناء‪ ،‬فرتك ومل يذبح‪ ،‬وسيدان موسى ولد يف الينة اليت يذبح فيها‬
‫‪31‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫األطفال‪ .‬تويف سيدان موسى عليه اليالم وله من العمر مائة وعشرون سنة‪.‬‬
‫(‪ )80‬سيدان إلييع عليه اليالم من ذرية يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن‬
‫إبراهيم اخلليل عليهم اليالم‪ ،‬كان بعد إلياس عليه اليالم أرسل إىل بين إسرائيل‬
‫فيمكث فيهم يدعوهم إىل عبادة هللا وحده‪ ،‬قال بعضهم إن إلييع ابن عم إلياس‬
‫النيب عليه اليالم ويقال كان ميتخفيا معه جبل قاسيون من ملك بعلبك‪ ،‬مث‬
‫ذهب معه إليها فلما مات إلياس خلفه إلييع يف قومه ونبأه هللا بعده‪)86( .‬‬
‫سيدان ذو الكفل عليه اليالم هو ابن سيدان دود عليه اليالم وامسه يف األصل‬
‫بشر وقد بعثه هللا تعاىل نبيا بعد أبيه أيوب ومساه ذا الكفل ألنه كان قد تكفل‬
‫لبين قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم ابلعدل‪ ،‬وليعلم أن سيدان ذا الكفل‬
‫غري ذاك الكفل املذكور يف احلديث الذي رواه أمحد حيث جاء فيه‪" :‬كان‬
‫الكفل من بين إسرائيل ال يتورع من ذنب عمله‪ ،‬فأتته امرأة فأعطاها ستني دينارا‬
‫على أن يطأها"‪ ،‬إىل آخر احلديث‪ ،‬فإن األنبياء معصومون من مثل هذا الفعل‬
‫الشنيع‪ .‬تويف سيدان ذو الكفل وكان عمره مخيا وسبعني سنة‪ ،‬قيل قربه يف قرية‬
‫كفل حارس من أعمال انبلس يف فليطني‪ )81( .‬سيدان داود عليه اليالم هو‬
‫داود بن بن ايشا بن عويد بن عابر‪ ،‬انتهى نيبه إىل يهوذا بن يعقوب بن‬
‫إسحاق بن إبراهيم اخلليل‪ ،‬وقد مجع هللا تعاىل له بني النبوة وامللك وأنزل عليه‬
‫الزبور‪ .‬كان طالوت ملكا صاحلا على بين إسرائيل‪ ،‬وجالوت ملكا على املشركني‬
‫‪32‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫جبارا طاغيا يهابه الناس من بين إسرائيل‪ ،‬فوقعت املعركة بني جنود طالوت‬
‫وجنود جالوت‪ ،‬وسيدان داود هو الذي ابرز جالوت وقتله‪ ،‬وكان طالوت قد وعد‬
‫داود إن قتل جالوت أن يزوجه ابنته ويشاطره نعمته ويشركه يف أمره‪ ،‬فوىف له‬
‫وعده‪ ،‬مث ءال امللك إىل دود عليه اليالم‪( .‬فائدة) ‪ :‬ورد يف احلديث الشريف أن‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص قال للصحايب اجلليل أيب موسى األشعري هنع هللا يضر‪- ،‬وكان يقرأ القرآن‬
‫بصوته العذب احلنون‪" :-‬لو أعطيت مزمارا من مزامري ءال دود"‪ ،‬معىن مزمار‬
‫احملرم‪.‬‬
‫داود أي صوته اجلميل الذي كان يقرأ به التوراة‪ ،‬وليس املزمار املعروف ّ‬
‫(‪ )83‬سيدان سليمان عليه اليالم هو سليمان بن داود‪ ،‬ينتهي نيبه إىل سيدان‬
‫إبراهيم اخلليل عليه اليالم‪ ،‬أحد أنبياء بين إسرائيل‪ ،‬أكرم هللا تعاىل سيدان‬
‫سليمان بنعم كثرية وخصه مبزااي رائعة كانت عنواان للعظمة واجملد ومظهرا من‬
‫مظاهر امللك العظيم واجلاه الكبري والدرجة العالية عند هللا تعاىل‪ ،‬فقد فضله هللا‬
‫تعاىل ابلنبوة والكتاب وتيخري الشياطني واجلن واحإنس وأعطاه هللا عز وجل‬
‫علما ابلقضاء وتيبيح اجلبال‪ .‬اختذ سيدان سليمان عصا من شجرة اخلرنوب‪،‬‬
‫وقال‪ :‬اللهم أخف عن اجلن مويت حىت تعلم احإنس أن اجلن ال يعلمون الغيب‪،‬‬
‫فتوكأ على ذلك العصا حوال واجلن تعمل فأكلتها األرضة فتبينت احإنس أن اجلن‬
‫لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حوال يف العذاب املهني‪ ،‬ويقال إن الشياطني‬
‫ينقلون إىل األرضة املاء والطني حيث كانت‪ .‬تويف سيدان سليمان عليه اليالم‬
‫‪33‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫عن اثنتني ومخيني سنة‪ ،‬ولبث يف امللك أربعني سنة ودفن يف بيت املقدس يف‬
‫فليطني‪.‬‬

‫ِ‬
‫س زك ـ ـ ـ ـ ـ ِريـَّا ْي ـ ـ ـ ـ ـي ِع ْـي ـ ـ ـسـى وط ـ ـ ـ ــه خ ـ ـ ـاِتٌ د ْ‬
‫ع غـ ـ ـ ـ ـيَّا‬ ‫ـاس يُونُـ ـ ـ ـ ْ‬
‫‪ 19‬إلْـي ُ‬
‫الشرح ‪ )56( :‬سيدان إلياس عليه اليالم هو إلياس بن ايسني بن فنحاص بن‬
‫العيزار بن هارون إىل أن يصل نيبه إىل سيدان إبراهيم اخلليل عليه اليالم وهو‬
‫من أنبياء بين إسرائيل عليهم اليالم‪ ،‬أرسل إىل أهل بعلبك من قرى لبنان‪،‬‬
‫فدعاهم إىل ترك عبادة صنم هلم كانوا ييمونه بعال‪ ،‬فلم يؤمنوا به إال نفر قليل‬
‫من بين إسرائيل فدعا عليهم ببس املطر فحبس عنهم ثالث سنني حىت هلكت‬
‫املاشية والشجر وجهد الناس جهدا شديدا‪ .‬يروى أن إلياس اختفى من ملك‬
‫قومه يف غار عشر سنني حىت أهلك هللا امللك وويل غريه فأ ه إلياس فعرض عليه‬
‫احإسالم فأسلم وأسلم من قومه خلق كثري‪ ،‬ويروى أنه أقام خمتفيا من قومه يف‬
‫كهف جبل عشرين ليلة‪ ،‬وقيل غري ذلك‪ .‬وقيل إنه عليه اليالم تويف ودفن يف‬
‫بعلبك‪ )58( .‬سيدان يونس عليه اليالم الذي علم نيبه من احلديث وكتب‬
‫التفيري والتاريخ أنه يونس بن مىت‪ ،‬ويتصل نيبه ببنيامني وهو أخو يوسف عليه‬
‫اليالم من أبيه وأمه‪ ،‬أرسله هللا إىل أرض نينوى الذين كانوا يف أرض املوصل‬
‫‪34‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ابلعراق كان عددهم أكثر من مائة ألف‪ ،‬يدعوهم إىل دين احإسالم وعبادة هللا‬
‫وحده‪ ،‬قيل أقام فيهم ثالاث وثالثني سنة يدعوهم إىل احإسالم ومل يؤمن به غري‬
‫رجلني فخرج منهم مغاضبا هلم لكفرهم‪ .‬قيل إن سيدان يونس عليه اليالم دفن‬
‫على ساحل البحر قبل مدينة صيدا‪ ،‬وقيل هذا املوضع الذي ألقاه فيه احلوت‪.‬‬
‫اضبا) األنبياء‪ 16 :‬يعين سيدان‬ ‫ون إِذ ذهب مغح ِ‬ ‫(فائدة) ‪ :‬قوله تعاىل (و حذا الن ِ‬
‫ح ح‬ ‫ح‬
‫يونس عليه اليالم‪- ،‬والنون أي احلوت وأضيف عليه اليالم إليه البتالعه إايه‪-‬‬
‫ذهب مغاضب لقومه لكفرهم‪ ،‬فال جيوز أن يعتقد أنه عليه اليالم ذهب مغاضبا‬
‫لربه‪ ،‬فإن هذا كفر وضالل وال جيوز يف حق األنبياء الذين عصمهم هللا تعاىل‪.‬‬
‫وقوله تعاىل (فحظحن أحن لن نـ ْق ِد حر حعلحْي ِه) أي ظن أن هللا تعاىل لن يضيق عليه برتكه‬
‫لقومه قبل أن يؤمر بذلك‪ ،‬فال جيوز أن يعتقد أن سيدان يونس عليه اليالم ظن‬
‫أن هللا تعاىل ال ييتطيع عليه‪ ،‬ألن هذا مما ال يعذر فيه أحد العوام فضال عن نيب‬
‫كرمي‪ )55( .‬سيدان زكراي عليه اليالم هو زكراي بن دان بن ميلم بن صدوق إىل‬
‫أن يصل نيبه إىل سليمان بن داود الذي يتصل نيبه إىل بيهوذا بن يعقوب‪،‬‬
‫فهو من أنبياء بين إسرائيل‪ ،‬وقد ورد يف احلديث الشريف أنه كان جنارا‪ ،‬ويقال‬
‫زكراي ابلقصر ويقال زكرايء ابملد‪ .‬تزوج إبشياع خالة الييدة مرمي عليها اليالم أم‬
‫سيدان عييى‪ .‬قام سيدان زكراي عليه اليالم بكفالة الييدة مرمي عليه اليالم‪،‬‬
‫وهي ابنة عمران زوج حنة‪ ،‬وحنة أخت إشياع‪ ،‬ملا مات عمران كانت حنة حامل‬
‫‪35‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫مبرمي عليها اليالم‪ ،‬وملا ولدهتا لفتها يف خرقة ومحلتها وانطلقت هبا إىل امليجد‬
‫ووضعتها عند األحبار العلماء أبناء سيدان هارون عليه اليالم‪ ،‬فتنافيوا فيها‬
‫لكفالتها ألهنا كانت بنت إمامهم‪ ،‬فعمران كان من علماء بين إسرائيل الصاحلني‪.‬‬
‫وكان سيدان زكراي عليه اليالم أحق بكفالة الييدة مرمي بعد القرع بطرح األقالم‬
‫يف النهر اجلار قيل هو هنر األردن‪ ،‬حيث ارتفع قلم سيدان زكراي فوق املاء ورسبت‬
‫أقالمهم‪ ،‬وكانوا يكتبون التوراة بتلك األقالم‪ .‬مث رزق سيدان زكراي بوالدة سيدان‬
‫حيىي عليه اليالم يف حال كربه‪ .‬مات سيدان زكراي عليه اليالم حيث قتله اليهود‬
‫اجملرمون‪ ،‬قيل يف سبب قتله؛ إنه ملا شاع اخلرب يف بين إسرائيل أن الييدة مرمي‬
‫حامل اهتمها بعض الزاندقة بيوسف النجار‪ ،‬واهتمها أخرون بييدان زكراي‪،‬‬
‫فأميكوا به عليه اليالم مث نشروه ابملنشار‪ ،‬وقيل قتله امللك الظامل حاكم‬
‫فليطني هريودوس‪ ،‬ملا طلبوه استخفى عليه اليالم منهم فدخل بيتاان ومر‬
‫بشجرة عند بيت املقدس فنادته الشجرة مبشيئة هللا تعاىل‪ :‬هلم إيل اي نيب هللا!‬
‫فانشقت فدخلها مث انطبقت عليه‪ ،‬فأتى إبليس اللعني أخذ هدب ردائه عليه‬
‫اليالم وأخرجه من الشجرة ليصدقوه إذا أخربهم‪ )59( .‬سيدان حيىي عليه اليالم‬
‫هو حيىي بن زكراي‪ ،‬ينتهي نيبه إىل يعقوب عليه اليالم‪ ،‬وهو من أنبياء بين‬
‫إسرائيل كأبيه زكراي عليه اليالم‪ ،‬ولد عليه اليالم قبل والدة عييى عليه اليالم‬
‫بثالثة أشهر‪ ،‬وقيل بثالث سنني‪ ،‬فعاشا متعاصرين فرتة طويلة يف مراحل الدعوة‪،‬‬
‫‪36‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫كان سيدان حيىي عليه اليالم نشأ نشأة صالح وتقي وطهر ونقاء كيائر أنبياء‬
‫هللا تعاىل‪ ،‬كان بعيدا عن مظاهر الرتف والنعيم‪ ،‬أيوي إىل القفار والرباري‪ ،‬طعامه‬
‫العشب‪ ،‬كثري العبادة والتضرع والبكاء من خشية هللا‪ ،‬كثري العزلة عن الناس‪ ،‬يرد‬
‫ماء األهنار‪ ،‬كان عييى يلبس الصوف وحيىي يلبس الوبر ومل يكن لواحد منهما‬
‫دينار وال درهم وال عبد وال أمة وال مأوى أيواين إليه‪ ،‬فأين ما جن عليهما الليل‬
‫أواي‪ ،‬فإذا أراد االفرتاق أوصى بعضهما بعضا بطاعة هللا تعاىل‪ .‬مات سيدان حيىي‬
‫عليه اليالم مقتوال‪ ،‬قتله بنو إسرائيل أبمر هريودس‪ ،‬ذبوه ذبا وهو عليه اليالم‬
‫يف الصالة مث قدم رأسه إىل امللك يف الطبق والدم والدم ينزف منه‪ .‬اختلف مكان‬
‫دفنه‪ ،‬قي رأسه يف دمشق يف املكان املعروف اليوم داخل امليجد األموي‪ ،‬قيل يف‬
‫حلب‪ ،‬وقيل يده يف صيدا‪ ،‬وقيل إن قيما من جيده يف بريوت داخل امليجد‬
‫العمري‪ )58( .‬سيدان عييى عليه اليالم هو عييى ابن مرمي بنت عمران وهو‬
‫آخر أنبياء بين إسرائيل عيشا يف األرض‪ ،‬خلقه هللا تعاىل وصوره يف الرحم كما‬
‫صور غريه من البشر‪ ،‬وقد خلقه هللا تعاىل من غري أب كما خلق آدم من غري‬
‫أب وال أم‪ .‬أم سيدان عييى عليه اليالم من ساللة سيدن داود عليه اليالم‪،‬‬
‫الصديقة الولية البتول العذراء الطاهرة‪( .‬فائدة) ‪ :‬روى احإمام أمحد وغريه عن‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أنه قال‪" :‬حيبك من نياء العاملني أبربع‪ :‬مرمي بنت عمران‪،‬‬
‫وءاسية امرأة فرعون‪ ،‬وخدجية بنت خويلد‪ ،‬وفاطمة بنت دمحم"‪( .‬فائدة أخرى)‪:‬‬
‫‪37‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫بعد رفع سيدان عييى عليه اليالم إىل اليماء مبائيت سنة حرف دينه القومي‬
‫وحرفت معا ين احإجنيل الذي أنزل عليه‪ ،‬مث عمد هؤالء احملرفون إىل حتريف ألفاظه‬
‫فحذفوا منه أغلب األلفاظ‪ ،‬وصار أحدهم يكتب إجنيال ويقول‪ :‬هذا هو احإجنيل‬
‫األصلي‪ ،‬حىت كثر عددها وبلغت إىل حنو سبعني كتااب كلها ابسم احإجنيل املنزل‪،‬‬
‫فجمعها امللك قيطنطني الذي كان يف األصل وثنيا مث دخل يف دين احملرفني‬
‫وطلب منهم أن جيمعوا أمرهم‪ ،‬فاتفقوا على أربعة كتب كلها فيها حتريف لفاجنيل‬
‫األصلي‪ ،‬مث أحرقوا بقية الكتب وانقيموا حنو سبعني فرقة‪ ،‬قال هللا تعاىل (ق ْل‬
‫يل حوحمآأن ِزحل إِلحْيكم ِّمن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حايأ ْحه حل الْكتحاب لح ْيت ْم حعلحى حش ْىء ححىت تقيموا التـ ْوحرا حة حواْحإجن ح‬
‫س حعلحى الْ حق ْوِم‬
‫ك ط ْغيحاان حوك ْفرا فحالح حأتْ ح‬ ‫ك ِمن ربِّ ح‬
‫يدن حكثِريا ِّمْنـهم مآأن ِزحل إِلحْي ح‬
‫ربِّك ْم حولحيح ِز ح‬
‫ِ‬
‫ين) املائدة‪ ،01 :‬مث بعد ذلك صار امليلمون من أتباع عييى يفرون‬ ‫الْ حكاف ِر ح‬
‫حىت مل يبق منهم أحد‬ ‫بدينهم إىل اجلبال يعبدون هللا وحده‪ ،‬ومع مرور األايم قلّوا ّ‬
‫بعد ذلك ال يف اجلبال وال يف املدن‪ ،‬وهذا قبل بعثة سيدان دمحم صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬من عالمات قرب قيام الياعة هي نزول سيدان عييى‬
‫من اليماء إىل األرض‪ ،‬يقيم يف األرض حاكما أربعني سنة مث ميوت فيدفن يف‬
‫احلجرة النبوية الشريفة قرب قرب النيب ملسو هيلع هللا ىلص وصاحبيه‪ ،‬روى احلاكم يف امليتدرك أن‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص قال‪" :‬ليهبطن عييى ابن مرمي حكما مقيطا ولييلكن فجا حاجا أو‬
‫معتمرا وليأتني قربي حىت ييلم علي وألردن عليه"‪ )52( .‬سيدان دمحم صلى هللا‬
‫‪38‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫عليه وسلم هو دمحم بن عبد هللا بن عبد املطلب عبد هللا ورسوله إىل مجيع اخللق‪،‬‬
‫إمام األنبياء واملرسلني‪ ،‬ولد مبكة وبعث هبا وهاجر إىل املدينة ودفن فيها‪ ،‬خامت‬
‫النبيني وسيد ولد آدم أمجعني‪ ،‬أفضل خلق هللا تعاىل وأحبهم إليه سبحانه على‬
‫احإطالق‪ .‬وقول الناظم ‪ :‬وطه خامت أي أن سيدان دمحما ملسو هيلع هللا ىلص خامت األنبياء واملرسلني‬
‫فال نيب بعده أبدا وشريعته ابقية إىل قيام الياعة‪ ،‬وسينزل سيدان عييى عليه‬
‫اليالم حاكما بشريعة نبينا ومتبعا له‪ .‬وقول الناظم دع غيا أي اترك امليل عن‬
‫احلق فال ختطئ طريق الصواب‪( .‬فائدة) ‪ :‬حديث جابر الذي فيه "أول ما خلق‬
‫هللا نور نبيك اي جابر" ليس بصحيح‪ ،‬بل هو موضوع خمالف للحديث الصحيح‬
‫الذي رواه البخاري والبيهقي‪ ،‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬كان هللا ومل يكن شيء‬
‫غريه‪ ،‬وكان عرشه على املاء‪ ،‬وكتب يف الذكر كل شيء‪ ،‬مث خلق اليموات‬
‫واألرض"‪ ،‬فهذا نص صريح يف أن أول خلق هللا املاء والعرش‪ ،‬وال يقال إن‬
‫حديث جابر صح كشفا‪ ،‬هذا ال معىن له‪ ،‬ألن كشف الويل الذي خيالف‬
‫يصح ْحه أحد من‬ ‫حديث رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ال عربة به‪ ،‬وحديث جابر هذا مل ّ‬
‫احل ّفاظ‪ ،‬بل قال احلاف الييوطي‪" :‬إنه ال يثبت"‪ ،‬وقد حكم بوضعه احلاف‬
‫حمتجا أبن هذا احلديث ركيك ومعانيه منكرة‬ ‫الييد أمحد بن الصديق الغماري ّ‬
‫كما ذكر ذلك يف كتابه املغري على األحاديث املوضوعة يف اجلامع الصغري‪.‬‬
‫‪39‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ـام‬ ‫ـالم وءالِِـ ـ ـ ـ ــم مــا دام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ت األي ـ ـ ـ ـ ـ ـَّ ُ‬ ‫السـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫‪ 21‬عل ْـيـ ـ ـ ـ ـ ِه ُـم َّ‬
‫الصـ ـ ـ ـ ـ ــالةُ و َّ‬
‫ْ‬
‫الشرح ‪ :‬فيه الدعاء من هللا تعاىل أن يزيد الشرف والتعظيم هلؤالء األنبياء وءال‬
‫كل منهم وأن يؤمنهم وحيييهم بطيب حتية مدة دوام األوقات واألزمان وبقائها‪،‬‬
‫واآلل يشمل مجيع املؤمنني واملؤمنات‪ ،‬وتقدم شرح معىن الصالة واليالم‪.‬‬

‫ك الَّـ ـ ـ ِـذي بِـ ـ ـ ـال أ ٍ‬


‫ب وأ ُْم ال أ ْك ـ ـل ال ُش ـ ـ ـ ْرب وال نـ ـ ْوم لـُـ ْم‬ ‫‪ 21‬والْـمـ ـ ـ ـل ُ‬
‫الشرح ‪ :‬جيب على كل مكلف أن يعتقد أن املالئكة عليهم اليالم خلقهم هللا‬
‫تعاىل من غري واسطة أب وال أم‪ ،‬فلييوا رجاال وال نياء وال خناثى‪ ،‬ال أيكلون‬
‫وال يشربون وال ينامون وال يتناكحون وال يتوالدون وال تكتب أعماهلم وال توزن‪،‬‬
‫حيشرون مع اجلن واحإنس‪ ،‬يشفعون يف عصاة بين آدم‪ ،‬ويراهم املؤمنون يف اجلنة‪،‬‬
‫ويدخلون اجلنة ويتناولون النعمة فيها مبا شاء هللا‪ ،‬وهم أجيام نورانية لطيفة‬
‫أبرواح‪ ،‬قادرون على التشكل أبشكال خمتلفة يف أشكال حينة‪ ،‬جمبولون‬
‫ابلطاعة‪ ،‬ميكنهم اليموات غالبا‪ ،‬ومنهم من ييكن األرض‪ ،‬صادقون فيما‬
‫أخربوا به عن هللا تعاىل‪ ،‬ييبحون الليل والنهار ال ينقطعون‪ ،‬وال يعصون هللا يف‬
‫األمور اليت قد أمرهم ويفعلون األمر الذي يؤمرون به‪ ،‬ميوتون يف النفخة األوىل إال‬
‫محلة العرش والرؤساء األربعة فإهنم ميوتون بعدها‪ .‬وقول الناظم‪ :‬وامللحك؛ بفتحتني‬
‫‪40‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫واحد املالئكة‪( .‬فائدة) ‪ :‬هاروت وماروت ملكان جليالن واملالئكة‪ ،‬ال يعصون‬
‫هللا ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‪ ،‬فليس بصحيح ما يروى عنهما أهنما شراب مخرا‬
‫فيكرا مث قتال طفال كانت حتمله امرأة مث ركبت فيهما الشهوة فوقعا عليها‪ ،‬أي‬
‫زنيا هبا‪ ،‬وسجدا للصنم؛ هذا كذب وخرافة والعياذ ابهلل تعاىل‪ ،‬وما يذكره بعض‬
‫املفيرين يف قصة هاروت وماروت أهنما ميتثنيان من عصمة املالئكة فهو غلط‬
‫أيضا غري مقبول‪ ،‬والصحيح أهنما ملكان أمرمها هللا تعاىل أن ينزال إىل األرض‬
‫الي ْححر ال ليعملوا به بل ليعرفوا حقيقته وليميزوا بني اليحر‬ ‫ِ‬
‫الناس ّ‬
‫ويعلّ حما ح‬
‫واملعجزة‪ ،‬فكاان يعلمان الناس ذلك مع التحذير‪ ،‬يقوالن للناس‪ :‬حنن فتنة أي‬
‫حمنة وابتالء من هللا واختبار نـ حعلِّمكم وال تكفروا أي ال تعتربوا اليحر حالال إمنا‬
‫تتعلمون فقط‪ ،‬كان يعلماهنم ما يكون من اليحر من نوع التفريق بني اثنني‬
‫متحابني‪ ،‬مث الناس الذين تعلّموا منهما بعضهم ما عمل هبذا اليحر الذي‬
‫تعلمه‪ ،‬وبعضهم عملوا به وعصوا رهبم‪.‬‬

‫يل ع ْزرائِـي ـ ـ ـ ـ ـ ُل‬‫ِ‬


‫إسـ ـ ـ ــراف ُ‬ ‫يل ِم ْـي ـ ـ ـ ـ ــك ُ‬
‫ـال ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـيل ع ـ ْش ٍر م ْنـ ـ ـ ـ ُه ُم ج ـ ـ ـ ـ ِْْب ُ‬
‫ِ‬
‫‪ 22‬تـ ْفـصـ ـ ُ‬
‫احت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذى‬ ‫ضوا ُن ْ‬‫ك وِر ْ‬ ‫ب وك ـ ـ ـذا عـتِـي ـ ـ ُد مالِ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ُ 23‬مـ ْنـ ـ ـك ْر نـك ـ ـ ـ ـ ْيـ ٌر ورقيـ ـ ـ ٌ‬
‫‪41‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الشرح ‪ :‬جيب معرفة عشرة من املالئكة عليهم اليالم على التفصيل‪ ،‬وهم أربعة‬
‫أقيام ‪ )8( :‬املتصرفون؛ وهم جربيل ملك الوحي‪ ،‬وميكائيل موكل ابألمطار‬
‫واألرزاق وتصوير األجنّة‪ ،‬وإسرافيل موكل ابللوح احملفوظ والنفخ ىف الصور‪،‬‬
‫وعزرائيل موكل بقبض أرواح اخلالئق‪ )5( .‬الفاتنون؛ ومها منكر ونكري ومها‬ ‫ح‬
‫موكالن بيؤال اجلن واحإنس ىف القرب‪ ،‬واليؤال حيصل للمؤمن والكافر من هذه‬
‫األمة أي الذي أرسل إليهم سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ويقال هلم أمة الدعوة‪ ،‬والذين ءامنوا‬
‫منهم يقال هلم أمة احإجابة‪ ،‬مث املؤمن الكامل ال يلحقه فزع وال انزعاج من‬
‫سؤاهلما ألن هللا يثبّت قلبه فال ير ع من منظرمها املخيف‪ ،‬ألهنما كما جاء يف‬
‫احلديث أسودان أزرقان‪ ،‬ويينثىن من هذا اليؤال الطفل والشهيد وكذلك‬
‫األنبياء‪ ،‬واملراد ابلطفل من مات دون البلوغ‪ )9( .‬احلافظون؛ ومها رقيب وعتيد‪،‬‬
‫كما يقال أن اسم كل واحد منهما رقيب عتيد‪ ،‬وكاتب اليمني للحينات‪،‬‬
‫وكاتب الشمال للييئات‪ ،‬فإن فعل العبد حينة ابدر ملك اليمني إىل كتابتها‪،‬‬
‫وإن فعل معصية ال تكتب فإن استغفر العبد و ب كتبت حينة وإن مل ييتغفر‬
‫كتبت سيئة‪ )8( .‬اخلازنون؛ اثنان مالك ورضوان‪ ،‬فمالك موكل ابلنريان وهو‬
‫رئيس خزنتها‪ ،‬ورضوان موكل ابجلنان وهو رئيس خزنتها‪ ،‬وقول الناظم احتذى أي‬
‫اتبع رضوان من تقدم عليه يف الذكر‪( .‬فائدة) ‪ :‬جاء يف األحاديث املتواترة أن‬
‫النافخ يف الصور هو إسرافيل‪ ،‬وينفخ فيه مرتني‪ ،‬املرة األوىل للصعق واحإماتة‪ ،‬واملرة‬
‫‪42‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الثانية لفاحياء والبعث يوم القيامة‪ ،‬وبني النفختني أربعون عاما‪( .‬فائدة أخرى) ‪:‬‬
‫التلقني سبب اخلالص من سؤال امللكني‪ ،‬قال احلاف ابن حجر العيقال ين رمحه‬
‫هللا تعاىل يف التلخيص احلبري ‪" :‬ورد به ‪-‬أي التلقني‪ -‬اخلرب عن النّيب ملسو هيلع هللا ىلص‪،‬‬
‫الطربا ين عن أيب أمامة هنع هللا يضر‪ :‬إذا أان ِمت فاصنعوا يب كما حأمحرحان رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أن‬
‫ح‬
‫فيويْـتم‬ ‫نصنع مبو ان‪ ،‬حأمران رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فقال ‪ :‬إذا مات أحد من إخوانكم ح‬
‫الرتاب على قربه فليحـقم أحدكم على رأس قربه مث لْيقل ‪ :‬اي فالن بن فالنة‪ ،‬فإنه‬
‫يحيمعه وال جييب‪ ،‬مث يقول ‪ :‬اي فالن بن فالنة‪ ،‬فإنه ييتوي قاعدا‪ ،‬مث يقول ‪ :‬اي‬
‫فالن بن فالنة‪ ،‬فإنه يقول ‪ :‬أرشدان يرمحك هللا‪ ،‬ولكن ال تشعرون‪ ،‬فليقل ‪ :‬اذكر‬
‫أنك‬
‫خرجت عليه من الدنيا شهادةح أن ال إله إال هللا وأن دمحما عبده ورسوله و ح‬ ‫ح‬ ‫ما‬
‫رضيت ابهلل راب وابحإسالم دينا ومبحمد نبيا وابلقرءان إماما‪ ،‬فإن منكرا ونكريا‬ ‫ح‬
‫بيد صاحبه ويقول ‪ :‬انطلِ ْق بنا ما يقعِدان عند من ل ِّق حن‬ ‫أيخذ كل واحد منهما ِ‬
‫ح‬
‫ح ّجتحه‪ ،‬قال ‪ :‬فقال رجل ‪ :‬اي رسول هللا فإن مل يحعرف أمه؟ قال ‪ :‬ينيبه إىل أمه‬
‫حواء‪ ،‬اي فالن بن حواء‪ ،‬وإسناده صاحل‪ ،‬وقد قواه الضياء يف أحكامه"‪ .‬اهـ كالم‬ ‫ّ‬
‫ابن حجر‪.‬‬

‫‪ 24‬أ ْربـعـ ـ ـ ـ ـةٌ ِم ْن ُكـ ـ ـتُ ٍ‬


‫ب تـ ْف ِ‬
‫صيـْـ ـ ـ ـ ـلُها تـ ـ ـ ـ ـ ْوارةُ ُم ْـوس ـ ـى ِِب ْلُدى تـ ْنـ ِزيلُ ـ ـ ـها‬
‫‪43‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ور د ُاود واِنْ ِـجـيـ ـ ـ ـ ـ ٌل عـ ـ ـ ـلى ِعيـ ـ ـ ــسى وفُ ْـرقا ٌن على خ ِْْي الْم ـ ـال‬
‫‪ 25‬زبُـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫الشرح ‪ :‬أي جيب على كل مكلف أن يؤمن ابلكتب املنزلة‪ ،‬وهي مائة وأربع‬
‫كتب؛ منها مخيون أنزلت على سيدان شيث عليه اليالم‪ ،‬وثالثون على سيدان‬
‫إدريس عليه اليالم‪ ،‬وعشرة على سيدان إبراهيم عليه اليالم‪ ،‬وعشرة على سيدان‬
‫موسى عليه اليالم قبل التوراة‪ ،‬وأشهرها أربعة فيجب معرفتها تفصيال أبمسائها‪،‬‬
‫وهي التوراة على سيدان موسى عليه اليالم‪ ،‬والزبور على سيدان داود عليه‬
‫اليالم‪ ،‬واحإجنيل على سيدان عييى عليه اليالم‪ ،‬والفرقان على إمام األنبياء‬
‫واملرسلني سيد اخللق أمجعني سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وأما بقية الكتاب فيجب اعتقادها‬
‫إمجاال‪ .‬قال وهب بن منبه ‪" :‬قرأت سبعني كتااب مما أنزل هللا"‪ ،‬وما سوى القرءان‬
‫الكرمي إن الكتب املتداولة اآلن حمرفة مليئة ابلضالالت والشرك والكالم على هللا‬
‫مبا ال يليق بذاته العلية‪ ،‬ووصفه مبا تنزه عنه وتقدس سبحانه‪ ،‬ويكفي أن تعلم‬
‫أهنا أكثر من سبعني إجنيل وتوراة كل واحد منها يقول معتقدوه أنه احلق دون‬
‫غريه‪ ،‬سبحانك هذا هبتان عظيم‪ .‬وقول الناظم‪ :‬املال أي أشراف القوم‪ ،‬واملراد به‬
‫هنا األنبياء واملرسلون‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 26‬وص ـ ـ ـح ُ ِ‬


‫الم الْـحـ ـ ـ ـ ـ ــك ِم الْعلـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫يم‬ ‫ـف الـخـلي ـ ـ ـ ـ ِل والكلي ـ ـ ـ ْم فيـ ـ ـ ـ ـهـا ك ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫‪44‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الشرح ‪ :‬أي جيب على كل مكلف أن يعتقد أن هللا أنزل صحفا على سيدان‬
‫إبراهيم عليه اليالم‪ ،‬واخلليل هو سيدان إبراهيم عليه اليالم‪ ،‬وأنزل صحفا قبل‬
‫التوراة على سيدان موسى عليه اليالم‪ ،‬والكليم هو سيدان موسى عليه اليالم‪،‬‬
‫وال جيب معرفة صحفهما تفصيال بل جيب اعتقاده إمجاال فقط‪( .‬فائدة) ‪:‬‬
‫والصحف كلها أمثال‪ ،‬ونلتقط بعض دررها مما جاء ىف متون احلديث النبوي‬
‫الشريف؛ منها؛ أيها امللك املتيلّط املغرور اىن مل أبعثك لتجمع الدنيا بعضها‬
‫أردها ولو كانت من فم‬‫لرتد عين دعوة املظلوم‪ ،‬فإ ين ال ّ‬
‫على بعض ولكن بعثتك ّ‬
‫كافر‪ .‬ومنها؛ على العاقل أن يكون له ساعة يناجي فيها ربّه‪ ،‬وساعة حياسب‬
‫فيها نفيه‪ ،‬وساعة يتف ّكر فيها ىف صنع هللا‪ ،‬وساعة خيلو‪ .‬ومنها؛ على العاقل أال‬
‫تزود ملعاد‪ ،‬ومرمة ملعاش‪ ،‬ولذة ىف غري حمرم‪ .‬ومنها؛‬
‫يكون طامعا إال ىف ثالث‪ّ :‬‬
‫على العاقل أن يكون بصريا بزمانه مقبال على شأنه حافظا لليانه ‪ ،‬ومن ع ّد‬
‫كالمه من عمله قل كالمه إال فيما يعنيه‪ .‬وصحف سيدان موسى عليه اليالم‬
‫كانت كلها ِع حرب‪ ،‬منها؛ عجبت ملن أيقن ابلنار كيف يفرح‪ ،‬عجبت ملن أيقن‬
‫ابلنار كيف يضحك‪ ،‬عجبت ملن يرى الدنيا وتقلبها أبهلها كيف يطمئن اليها‪،‬‬
‫عجبت ملن أيقن ابلقدر كيف يتعب‪ ،‬عجبت ملن أيقن ابحلياب مث ال يعمل‪.‬‬
‫‪45‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ول‬
‫ـيم والْقبُـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬‫ول فـحـ ـ ـ ـ ـ ُّـقـه الـتَّ ِ‬
‫ـل م ـ ـا أتـ ـ ـ ـى بِ ِه الـ ـ َّـر ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـسـ ـ ـ ـ ـ ـل ُ‬
‫ُ ْ‬ ‫‪ 27‬وُكـ ـ ـ ُّ‬
‫الشرح ‪ :‬جيب اعتقاد أن سيدان دمحما ملسو هيلع هللا ىلص صادق يف مجيع ما أخرب به وبلغه عن‬
‫هللا تعاىل ميلّما لذلك وقابال له مع احإذعان والرضا‪ ،‬سواء كان من أخبار من‬
‫قبله من األمم واألنبياء وبدء اخللق‪ ،‬أو من التحليل أو التحرمي لبعض أفعال‬
‫وأقوال العباد‪ ،‬أو مما أخرب به مما حيدث يف امليتقبل يف الدنيا ويف اآلخرة‪.‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب وُك ـ ـ ـ ِّل مـا كـان بِـ ـ ـ ـه من الْع ـ ـ ـج ْ‬
‫ب‬ ‫‪ 28‬إِيـمـ ـ ـ ـ ـ ـانُـنا بِـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ْوم آخـ ـ ـ ـ ٍر وج ْ‬
‫الشرح ‪ :‬جيب على مكلف أن يعتقد اليوم اآلخر وهو يوم القيامة وجبميع األمور‬
‫الواقعة فيه؛ فمن ذلك البعث؛ وهو خروج املوتى من القبور‪ ،‬واحلشر؛ وهو أن‬
‫جيمعوا بعد خروجهم من القبور إىل مكان‪ ،‬واحلياب؛ وهو عرض أعمال العباد‬
‫عليهم‪ ،‬والثواب؛ وهو ما جيازاه املؤمن يف اآلخرة مما ييره‪ ،‬والعذاب؛ وهو ما‬
‫ييوء العبد ذلك اليوم من دخول النار وما دون ذلك‪ ،‬وامليزان؛ أي ما يوزن عليه‬
‫األعمال‪ ،‬والنار أي جهنم؛ وهي خملوقة اآلن وال تزال ابقية إىل ما ال هناية له‪،‬‬
‫والصراط؛ وهو حير ممدود على ظهر جهنم أحد طرفيه يف األرض املبدلة‬
‫والطرف اآلخر فيما يلي اجلنة بعد النار‪ ،‬واحلوض؛ وهو مكان أعده هللا تعاىل‬
‫ألهل اجلنة يشربون منه قبل دخوهلم اجلنة فال يصيبهم بعد ذلك ظمأ‪ ،‬وإمنا‬
‫‪46‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫يشربون من شراب اجلنة تلذذا‪ ،‬والشفاعة؛ وهي تكون للميلمني فقط‪ ،‬واجلنة؛‬
‫وهي دار اليالم‪ ،‬والرؤية هلل تعاىل ابلعني يف اآلخرة بال كيف وال مكان وال جهة‬
‫كما يرى املخلوق واخللود للمؤمنني يف اجلنة وللكافرين يف النار‪( .‬فائدة) ‪:‬‬
‫القيامة أوهلا من خروج الناس من قبورهم إىل استقرار أهل اجلنة يف اجلنة وأهل‬
‫النار يف النار‪ ،‬وقد تطلق اآلخرة على ذلك وعلى ما بعده إىل ما ال هناية له‪.‬‬
‫(فائدة أخرى) ‪ :‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬إنكم سرتون ربكم يوم القيامة كما ترون‬
‫القمر ليلة البدر ال تضامون يف رؤيته"‪ ،‬رواه ميلم‪ ،‬شبه رؤيتنا له تعاىل من حيث‬
‫عدم الشك برؤية القمر ليلة البدر‪ ،‬ومل يشبه هللا تعاىل ابلقمر كما يزعم بعض‬
‫اجلهال فإهنم إذا ذكر هلم هذا احلديث يتومهون أن هللا تعاىل يشبه القمر والعياذ‬
‫ابهلل تعاىل‪.‬‬

‫ف ِمن و ِ‬
‫ٍ‬ ‫اجـ ـ ِ ِ‬
‫‪ 29‬خـ ـاتِـ ـ ـمةٌ ِيف ِذ ْكـ ـ ِر ِبقِي الْو ِ‬
‫اج ـ ـ ـ ِ‬
‫ب‬ ‫ب ُمَّـ ـ ـ ـا عـ ـ ـلى ُمك ـ ـ ـلَّ ْ‬
‫الشرح ‪ :‬أي هذه خامتة؛ نيأل هللا تعاىل حينها‪ ،‬ذكر فيها الناظم أمورا يلزم‬
‫املكلف معرفتها تفصيال‪ ،‬وقد أخذ الناظم يف بياهنا فقال رمحه هللا تعاىل؛‬

‫‪ 31‬نـبِـيُّ ـ ـ ـ ــنـا ُم ـ ـ ـح َّمـ ـ ـ ٌد ق ـ ـ ـ ْد أ ُْر ِسـ ـ ـ ـ ـال لِ ْلـ ـ ـ ـ ـعال ِم ـ ـ ـ ـيـن ر ْح ـ ـ ـ ــمةً وفُـ ـ ِّ‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـال‬
‫‪47‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الشرح ‪ :‬أنه جيب على كل مكلف أن يعتقد أن خامت األنبياء واملرسلني سيدان‬
‫ونبينا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص أرسله هللا تعاىل رمحة للعاملني وفضله على مجيع املخلوقني‪ ،‬قال‬
‫ِ ِ‬
‫ني) األنبياء‪( 866 :‬فائدة) ‪ :‬سيدان دمحم‬ ‫اك إِال حر ْمححة لّْل حعالحم ح‬
‫تعاىل ‪ ( :‬حوحمآ أ ْحر حس ْلنح ح‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص رسول هللا تعاىل إىل مجيع اخللق‪ ،‬واملراد ابخللق هنا احإنس واجلن‪ ،‬قال تعاىل‬
‫ني نح ِذيرا) الفرقان‪ ،8 :‬إذ هذا احإنذار لفانس واجلن فقط ال دخول‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫(ليحكو حن ل ْل حعالحم ح‬
‫للمالئكة فيه ألهنم جمبولون على طاعة هللا فال حيتاجون إىل إنذار‪ ،‬وقيل مرسل‬
‫إليهم رسالة تشريف‪ ،‬وأما من قبله ملسو هيلع هللا ىلص من األنبياء فلم يكن مرسال إىل احإنس‬
‫واجلن مجيعهم‪.‬‬

‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ـب وهـاشـ ـ ـ ـ ـ ٌم ع ْبـ ُد منـ ـ ـ ـاف يـ ْنـتـ ـ ـس ْ‬
‫‪ 31‬أبـُـ ـ ـ ـوهُ ع ْـبـ ـ ُد للا ع ْب ُد ال ُْمـ ـ ـطل ْ‬
‫الشرح‪ :‬سيدان نبينا هو دمحم بن عبد هللا بن عبد املطلب بن هاشم بن عبد‬
‫مناف بن قصى بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك‬
‫بن النضر بن كنانة بن خزمية بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن‬
‫عدانن‪ ،‬وهذا النيب آخر الواجب على املكلف من فرض الكفاية‪ ،‬واقتصر‬
‫الناظم على الواجب عينا ابنتهائه إىل عبد مناف‪( .‬فائدة) ‪ :‬كل أسالفه صلى‬
‫هللا عليه وسلم من أهل اجلنة‪ ،‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬مل أزل أنقل من أصالب‬
‫‪48‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الطاهرين إىل أرحام الطاهرات"‪ ،‬وجاء ىف سورة التوبة قوله تعاىل‪( :‬إّمنحا الْم ْش ِرك ْو حن‬
‫حجنحس) التوبة‪ ،51 :‬فلو كان سلفه الكرمي على غري دين التوحيد ملا خرج من الفم‬
‫الشريف الذى ال ينطق عن اهلوى وصفهم ابلطهارة‪ .‬وانظر اىل أدب رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص الرفيع وخلقه العظيم ىف احلديث الذى رواه معمر بن راشد عن اثبت عن‬
‫أنس أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص جاءه رجل فقال له ‪ :‬ايرسول هللا أين أيب ؟ فقال رسول‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬إذا مررت بقرب كافر فبشره ابلنار"‪ ،‬ومل يقل له ‪" :‬إن أابك ىف النار"‪،‬‬
‫كى ال يقابله مبا يكره‪ ،‬ومعمر راوي احلديث املذكور اتفق البخاري وميلم على‬
‫التخريج له‪ .‬وروى محاد بن سلمة عن اثبت أيضا نفس احلديث ولكنه ذكر أن‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أجاب الرجل بقوله ‪" :‬إن أيب وأابك ىف النار"‪ ،‬ومحاد هذا تكلم‬
‫ىف حفظه الرجال وكان حيدث مبناكري‪ ،‬قال احلاف جالل الدين الييوطى عنه ىف‬
‫ميالك احلنفا ‪" :‬إن ربيبه نيبها ىف كتبه وكان محاد ال حيف فحدث هبا فوهم‬
‫فيها"‪.‬اهـ‪ .‬وقال احإمام الييوطى أيضا ىف معرض تعليقه على هذا احلديث ‪" :‬ال‬
‫يصلح هذا احلديث لفاحتجاج به‪ ،‬فإنه انفرد به ميلم عن البخارى وىف إفراده‬
‫أحاديث تكلم فيها يشك أن هذا منها‪ ،‬وذلك أن اثبتا وإن كان غماما ثقة فقد‬
‫ذكره ابن عدي ىف الضعفاء‪ ،‬وقال ‪ :‬وقع ىف أحاديثه نكرة من الرواة عنه ألنه‬
‫روى عنه ضعفاء"‪.‬اهـ‪ .‬وقال الذهىب ‪ :‬محاد ثقة له أوهام ومناكري كثرية وكانوا‬
‫يقولون أهنا دست ىف كتبه من ربيبه ابن أيب العوجاء وكان محاد ال حيف فحدث‬
‫‪49‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫هبا فوهم‪ .‬اهـ‪ .‬ومن مث مل خيرج له البخاري ولو حديثا واحد‪ .‬ويؤيد رواية معمر مما‬
‫أخرجه الطربا ين والبزار والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهرى عن عامر‬
‫بن سعد عن أبيه أن أعرابيا قال لرسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أين أيب ؟ فقال ‪" :‬ىف النار"‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فأين أبوك ؟ قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬حيثما مررت بقرب كافر فبشره ابلنار"‪،‬‬
‫وزاد الطربا ين والبيهقي‪ ،‬فأسلم األعراىب بعد‪ .‬واحلديث نفيه أخرجه ابن ماجة‬
‫من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهرى عن سامل عن أبيه قال ‪ :‬جاء أعرايب إىل‬
‫النىب ملسو هيلع هللا ىلص فقال ‪ :‬اي رسول هللا إن أىب كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو ؟‬
‫فقال ‪" :‬ىف النار"‪ ،‬فكأنه وجد من ذلك‪ ،‬فقال ‪ :‬اي رسول هللا فأين أبوك ؟ فقال‬
‫‪" :‬حيثما مررت بقرب مشرك فبشره ابلنار"‪ ،‬فأسلم األعراىب بعد‪ ،‬مث قال لقد‬
‫كلفين رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص تعبا ما مررت بقرب كافر إال بشرته ابلنار‪ .‬وهكذا كانت‬
‫إجابة رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص احلكيمة بلف عام ال عالقة له ابلوالد الكرمي‪ ،‬وجتنبه‬
‫حماججة الرجل وامسه أبو رزين العقيلى سببا ىف إسالمه‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬قال‬
‫احإمام عبد هللا اهلرري ‪" :‬حديث إن أيب وأابك يف النار" هذا احلديث معلول وإن‬
‫أخرجه ميلم‪ ،‬يف ميلم أحاديث انتقدها بعض احملدثني‪ ،‬وهذا احلديث منها‪.‬‬
‫أما حديث "إن الرسول مكث عند قرب أمه فأطال وبكى‪ ،‬فقيل له‪ :‬اي رسول هللا‬
‫رأيناك أطلت عند قرب أمك وبكيت‪ ،‬فقال‪" :‬إ ين استأذنت ريب يف زايرهتا فأذن‬
‫يل وطلبت أن أستغفر هلا فمنعين" هذا احلديث أيضا يف ميلم‪ ،‬وهذا احلديث‬
‫‪50‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫يقتدي به غريه من الناس‬


‫ح‬ ‫مؤول أبن يقال إن ما منعه من أن ييتغفر هلا حىت ال‬
‫الذين مات آابؤهم وأمهاهتم على عبادة الوثن فييتغفرون آلابئهم وأمهاهتم‬
‫املشركني ال ألن أم الرسول كانت كافرة‪ ،‬هكذا يرد على الذين أخذوا بظاهر‬
‫احلديث فقالوا إن والدة الرسول مشركة لذلك ما أذن له أبن ييتغفر هلا"‪.‬‬

‫‪ 32‬وأُُّم ـ ـ ـ ـ ـ ـه ِ‬
‫آم ـ ـ ـ ـ ــنـةُ ال ُّـز ْه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـري ـَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْه أ ْرض ـ ـ ـ ـ ـ ـعهُ حـلِ ْي ـ ـ ـ ـ ـمـةُ َّ‬
‫الس ْع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِديـَّْه‬ ‫ُ‬
‫الشرح ‪ :‬جيب اعتقاد أن أم سيدان وإمامنا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص هي الييدة آمنة بنت وهب‬
‫من بىن زهرة‪ ،‬بطن من قريش‪ .‬واسم مرضعته ملسو هيلع هللا ىلص حليمة بنت ذؤيب من بين‬
‫سعد بن بكر‪ ،‬وأول من أرضعه أمه الييدة آمنة مث ثويبة األسلمية موالة أيب هلب‬
‫اليت أعتقها حني بشرته مبولده ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬مث أم أمين‪ ،‬مث حليمة اليعدية‪ .‬وكل مرضعاته‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص أسلمن‪ ،‬وكيف يعقل أن يدخل جوفه الشريف ملسو هيلع هللا ىلص ويبىن جيده بليب من‬
‫صدر ضال‪( .‬فائدة) ‪ :‬قال احإمام عبد هللا اهلرري ‪ :‬الدليل على أن آمنة أم‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص كانت مؤمنة أهنا ملا ولدته أضاء نور حىت أبصرت قصور الشام‪،‬‬
‫رأت قصور بصرى‪ ،‬وبصرى هذه من مدن الشام القدمية‪ ،‬هي تعد من أرض‬
‫حوران مما يلي األردن‪ .‬آمنة أم سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص رأت هبذا النور الذي خرج منها‬
‫ملا ولدته قصور بصرى بعينها‪ ،‬لو ال أهنا مؤمنة ما أعطيت هذه القوة بعينها حىت‬
‫‪51‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ترى قصور بصرى‪ ،‬وهذا احلديث اثبت رواه احلاف ابن حجر يف اآلمايل‬
‫وحينه‪ .‬ورؤية آمنة لقصور الشام يعد كرامة هلا‪ ،‬لقد كانت عارفة ابهلل عز وجل‪،‬‬
‫مث عند موهتا اجلن بكتها‪ ،‬انحت اجلن فقالوا‪:‬‬
‫الع ـ ـف ـةح الرزينة‬ ‫ِ‬
‫ذات اجلمال ح‬
‫نبكي الفتا حة البحـ ـرةح األمينه * ح‬
‫زوج ـ ـ ـةح ِ‬
‫عبد هللا والقـ ـ ـ ـرينة * أم نيب هللا ذي الي ـ ـ ـ ـ ـكينة‬
‫وصاح ـ ـب املنرب ابملدينة * قد أصب ـ ـحت يف قربها حرِهينة‬
‫امرأة من أهل مكة مسعت نواح اجلن وأخبار قصة املولد هي أخربت هبابعض‬
‫النياء ومع أن أغلب األحاديث املتعلقة بقصة املولد لييت صحيحة احإسناد إذ‬
‫ال يصح منها إال القليل وما سواه ضعيف إال أنه جيوز رواية احلديث الضعيف يف‬
‫الفضائل‪ ،‬ورد يف شرح الفقه األكرب أن احإمام أاب حنيفة هنع هللا يضر قال ‪" :‬والدا‬
‫الرسول ما ما كافرين" مث إن بعض النياخ ححرف فكتب "ما كافرين"‪ ،‬وهذا‬
‫غلط كبري"‪.‬اهـ‬

‫‪ 33‬مـولـِـ ـ ـ ـ ـ ـ ُده بِـم ـ ـ ـكـة ِ‬


‫األم ْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنـ ْه وفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاتُـهُ بِـط ْـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبة الْـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِديْـن ْه‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫‪52‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الشرح ‪ :‬جيب اعتقاد أنه ملسو هيلع هللا ىلص ولد مبكة املكرمة‪ ،‬وذلك ليلة احإثنني ‪ 85‬من ربيع‬
‫األول‪ ،‬عام الفيل‪ ،‬وتويف رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ابملدينة املنورة وهبا دفن‪ ،‬عليه وءاله أفضل‬
‫الصلوات والتيليم‪.‬‬

‫ِ‬
‫ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتِّْيـنا‬ ‫ِ‬
‫‪ 34‬أت ـ ـ ـ ـ َّم ق ْـبـ ـ ـ ــل الْـو ْح ـ ـ ِي ْأربعـ ـ ـ ـ ـ ـ ْيـنا وعُ ْـم ـ ـ ـ ـ ـ ُـرهُ ق ـ ـ ـ ْد جـاوز ال ّ‬
‫الشرح ‪ :‬جيب اعتقاد أن سيدان دمحما ملسو هيلع هللا ىلص جاءه جربيل عليه اليالم ابلوحي‬
‫فبعث رسوال بعد متام أربعني سنة من عمره الكرمي‪ ،‬فأقام مبكة بعد الوحي ثالث‬
‫عشرة سنة‪ ،‬مث هاجر إىل املدينة وأقام هبا عشر سنني‪ ،‬مث توفاه هللا تعاىل وعمره‬
‫ثالث وستون سنة‪( .‬فائدة) ‪ :‬مما خصه هللا تعاىل به عشر خصائص ما اجتمعت‬
‫ىف أحد سواه قط وهي؛ األوىل‪ :‬مل يظهر له بول على األرض‪ ،‬الثانية‪ :‬مل يقع‬
‫عليه الذابب قط‪ ،‬الثالثة‪ :‬مل حيتلم قط‪ ،‬الرابعة‪ :‬مل يتثاءب قط‪ ،‬اخلامية‪ :‬مل هترب‬
‫منه دابة قط‪ ،‬اليادسة‪ :‬ولد خمتوان‪ ،‬اليابعة‪ :‬تنام عيناه وال ينام قلبه‪ ،‬الثامنة‪ :‬مل‬
‫يقع ظله على األرض قط‪ ،‬التاسعة‪ :‬يرى من خلفه كما يرى من أمامه‪ ،‬العاشرة‪:‬‬
‫إذا جلس بني قوم أو ماشاهم كان أعالهم‪.‬‬

‫الدهُ ف ِـمـ ـ ـ ْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُه ُـم ثـالثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةٌ ِمـن ال ُّـذك ـُ ـ ـ ـ ـ ـوِر تُـ ْفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ُم‬
‫‪ 35‬وسـ ْبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعةٌ ْأو ُ‬
‫‪53‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫وطـاه ـ ـ ـ ـ ٌـر بـذيْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِن ذا يُـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـق ُ‬ ‫ـب‬‫‪ 36‬قـاس ـ ـ ـ ـ ْم وع ْـب ُد للا و ْهو الطَّْي ـ ـ ُ‬
‫فأم ـ ـ ـ ـ ـهُ ما ِري ـَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ الْ ِـق ْـب ِـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيَّـ ْه‬
‫‪ 37‬أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاهُ إبـْر ِاهـي ـ ـ ـ ـ ـ ُم من سـُِّري ـَّ ـ ـ ـ ـ ْه‬
‫ُّ‬

‫‪ 38‬وغ ْـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر إبـْر ِاهي ـ ـ ـم ِم ْن خ ِـد ْي ـ ـ ْه ُه ـ ـ ـ ـ ـ ْم ِستَّ ـ ـ ـ ـةٌ فـ ُخ ـ ـ ـ ْذ بِـ ِه ْم ولِ ْـيـ ـ ـج ْه‬
‫الشرح ‪ :‬جيب احإميان أبن النيب ملسو هيلع هللا ىلص له سبعة أوالد‪ ،‬ثالثة ذكور‪ ،‬وأربع إانث‪،‬‬
‫فهؤالء الذكور هم‪ )8( :‬سيدان القاسم عليه اليالم‪ ،‬وبه كان ملسو هيلع هللا ىلص يكىن‪ ،‬ولد‬
‫مبكة املكرمة قبل النبوة‪ ،‬وهبا توىف عن سنتني من عمره‪ ،‬إمنا يذكر يف أوالد رسول‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ال يف عداد الصحابة‪ ،‬وهو أول من مات من ولده ملسو هيلع هللا ىلص مبكة‪ ،‬قال‬
‫قتادة‪ :‬عاش حىت مشى (‪ )5‬سيدان عبد هللا عليه اليالم لقب ابلطيب الطاهر‪،‬‬
‫يدل على أنه ولد على احإسالم‪ ،‬ولد مبكة وتويف هبا عن عام ونصف وهبا دفن‬
‫(‪ )9‬سيدان إبراهيم عليه اليالم ولد ابملدينة املنورة وهبا تويف عن عام ونصف‬
‫ودفن يف البقيع‪ ،‬وأمه مارية القبطية اليت أهداها املقوقس ملك مصر إىل النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬الرسول بكى على ابنه إبراهيم ملا تويف‪ ،‬وهذا شيء حممود مشكور‪.‬‬

‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا ُن ربِّـي ل ْلـج ِـم ْـي ـ ـ ـ ـ ِع يُذْك ُر‬ ‫‪ 39‬وأربـ ـ ـ ـ ـع ِمـن اإلن ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫اث تُـذْك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُر ِر ْ‬ ‫ْ ٌ‬
‫ضلُ ُه ُم جلي‬ ‫ان ف ْ‬ ‫السب ـ ـ ـط ِ‬ ‫‪ 41‬ف ِ‬
‫اُها َّ ْ‬ ‫الز ْهـ ـ ـ ـ ـراءُ بـ ْعلُها علي وابـْنـ ُ‬ ‫ـاطـمـ ـ ـ ـ ـ ـةُ َّ‬
‫‪54‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ترِ‬
‫ض ـ ـ ـ ـ ـي ـَّْه‬ ‫ٍ‬
‫وأم ُكـ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـثُـوم زكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ُّ‬ ‫ـب وب ْـعـ ـ ـ ـ ـ ـدهـا ُرقـيَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ْه‬
‫‪ 41‬فـزيْـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫الشرح ‪ :‬أن ابقي أوالد النيب ملسو هيلع هللا ىلص أربع إانث‪ ،‬هن‪ )8( :‬سيدتنا فاطمة عليها‬
‫اليالم‪ ،‬تزوجها ابن عمها علي بن أيب طالب وأجنبت منه احلين واحليني‬
‫وحمين؛ مات صغريا‪ ،‬وزينب؛ تزوجها عبد هللا بن جعفر بن أيب طالب‪ ،‬وأم‬
‫كلثوم؛ تزوجها عمر بن اخلطاب‪ ،‬روي إمنا مسيت فاطمة ألن هللا تعاىل فطمها‬
‫وذريتها عن النار‪ ،‬ماتت اهنع هللا يضر يف املدينة‪ ،‬ودفنت ابلبقيع ليال‪ .‬وقول الناظم‬
‫اليبطان يعين احلين واحليني‪ ،‬وقوله فضلهم جلي أي فضل هؤالء األربعة؛‬
‫علي وفاطمة واحلين واحليني ظاهر عند كل أحد من امليلمني‪ )2( .‬سيدتنا‬
‫زينب عليها اليالم ولدت مبكة املكرمة وتوفيت ابملدينة املنورة تزوجها أبو‬
‫العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد مشس‪ ،‬وهو ابن خالتها‪ ،‬وولدت له عليا‬
‫ومات صغريا وأمامة اليت محلها النيب ملسو هيلع هللا ىلص يف الصالة‪ ،‬وبلغت حىت تزوجها علي‬
‫بعد موت الييدة فاطمة (‪ )0‬سيدتنا رقية عليها اليالم ولدت مبكة املكرمة‬
‫تزوجها أوال عتبة بن أيب هلب مث طلقها أبمر من قريش ليضيقوا على والدها مث‬
‫تزوجها عثمان بن عفان هنع هللا يضر وولدت له عبد هللا املتوىف دون ست سنني من‬
‫عمره‪ ،‬وبه يكىن‪ ،‬وتوفيت ودفنت الييدة رقية ابملدينة املنورة‪ )6( .‬سيدتنا أم‬
‫كلثوم عليها اليالم ولدت مبكة املكرمة تزوجها أوال عتيبة بن أيب هلب مث طلقها‬
‫‪55‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫أبمر من قريش ليضيقوا على والدها مث تزوجها عثمان بن عفان بعد وفاة أختها‬
‫ولذا مسى بذى النورين ومل تنجب وتوفيت ودفنت ابملدينة املنورة‪ .‬وقول الناظم‬
‫زكت أي طهرت‪ ،‬ومعىن رضية أي مرضية‪( .‬فائدة) ‪ :‬أوالد النيب ملسو هيلع هللا ىلص كلهم ماتوا‬
‫قبله إال فاطمة‪ ،‬فإهنا عاشت بعده ملسو هيلع هللا ىلص ستة أشهر‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬خلفاء‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص من الصحابة أربعة؛ أبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬وعلي‪ ،‬وقد تزوج‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص عائشة بنت أيب بكر الصديق‪ ،‬وحفصة بنت عمر بن اخلطاب‬
‫الفاروق‪ ،‬وزوج عثمان رقية بنته‪ ،‬مث بعد وفاهتا زوجه بنته أم كلثوم أختها‪ ،‬وزوج‬
‫عليا بنته فاطمة الزهراء‪ ،‬فاألوالن صهران لرسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬واألخريان ختنان له‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫ٍ‬
‫‪ 42‬ع ْـن تِ ْسـ ِع نِ ْسوة وفاةُ ال ُْم ْ‬
‫صطفى ُخـيِّـ ـ ـ ْرن فا ْخـتـ ْرن النَّ ـ ـ ـِ َّ‬
‫ب ال ُْم ْقتـ ـ ـفى‬

‫‪ 43‬عـائِـش ـ ـ ـ ـ ـ ـةٌ وحـ ْفص ـ ـ ـ ـ ـةٌ وس ـ ـ ـ ْـودةُ ص ِـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيَّـةٌ م ْـي ُـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْونةٌ و رْمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلةُ‬
‫ات مر ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ض ـ ـ ـي ْه‬ ‫ب كـذا ُجويْـ ـ ـ ِريه ل ْل ُـم ْـؤمنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـني أ َُّم ـ ـ ـ ـ ــه ٌ ُ ْ‬ ‫‪ 44‬ه ْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌد و زيْـنـ ـ ـ ٌ‬
‫الشرح ‪ :‬تويف رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص وحتته تيع نيوة‪ ،‬وقول الناظم‪ :‬خرين فاخرتن يشري‬
‫ك إِن كنُت ت ِرْد حن ا ْحلحيحاةح‬ ‫ِ‬
‫(َيأحيـ حها النِيب قل أل ْحزحواج ح‬
‫اىل آية التخيري ىف سورة األحزاب ح‬
‫‪56‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الدنْـيا وِزينحـتحـها فحـتحـعالحني أمتِّعكن وأس ِرحكن سراحا حِ‬


‫مجيال {‪ }51‬حوإِن كنُت ت ِرْد حن‬ ‫حح‬ ‫ح ح ح ح ْح ح ْ ح حّ ْ‬
‫حجرا حع ِظيما) األحزاب‪:‬‬ ‫حخرةح فحِإن هللا أ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حعد ل ْلم ْحينحات منكن أ ْ‬
‫ح ح‬ ‫هللاح حوحرسولحه حوالد حار اْأل ح‬
‫‪ ،53-51‬فاخرتن رضوان هللا عليهن هللا ورسوله والدار اآلخرة‪ .‬وهذا ترتيب‬
‫أمهات املؤمنني‪ ،‬فأول من تزوج رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )8‬سيدتنا خدجية بنت خويلد‬
‫بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كالب‪ ،‬تزوجها وهو ابن مخس وعشرين‪،‬‬
‫ماتت اهنع هللا يضر قبل اهلجرة بثالث سنني‪ ،‬مث تزوج (‪ )5‬سيدتنا سودة بنت زمعة بن‬
‫ود بن نصر بن مالك بن ِح ْيل بن عامر بن لؤي‬ ‫قيس بن عبد مشس بن عبد ّ‬
‫بعد خدجية مبكة قبل اهلجرة‪ ،‬وكانت قبله عند اليكران بن عمرو‪ ،‬وتزوج رسول‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )9‬سيدتنا عائشة بنت أيب بكر الصديق مبكة قبل اهلجرة بينتني‪ ،‬وبىن‬
‫هبا بعد اهلجرة وهي بنت تيع سنني‪ ،‬ومات رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص وهي بنت مثان‬
‫ت بذلك‪ ،‬سنة مثان ومخيني‪ ،‬صلى‬ ‫صْ‬‫عشرة‪ ،‬وتوفيت ابملدينة ودفنت ابلبقيع‪ْ ،‬أو ح‬
‫عليها أبو هريرة رضي هللا عنهما‪ ،‬ومل يتزوج رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص بكرا غريها‪ ،‬وتزوج‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )8‬سيدتنا حفصة بنت عمر بن اخلطاب رضي هللا عنهما‪،‬‬
‫كانت قبله عند خنيس بن حذافة‪ ،‬وكان من أصحاب رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬تويف‬
‫ابملدينة وقد شهد بدرا‪ ،‬يروى أن النيب طلّقها فأ ه جربيل عليه اليالم فقال‪:‬‬
‫صوامة قوامة‪ ،‬وإهنا زوجتك يف اجلنة"‪،‬‬ ‫"إن هللا أيمرك أن تراجع حفصة‪ ،‬فإهنا ح‬
‫رواه الطربا ين وغريه‪ ،‬توفيت سنة سبع وعشرين‪ ،‬وتزوج النيب ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )2‬سيدتنا أم‬
‫‪57‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫حبيبة بنت أيب سفيان‪ ،‬وامسها رملة بنت ضخر بنت حرب بن أمية بن عبد‬
‫مشس بن عبد مناف‪ .‬هاجرت مع زوجها عبيد هللا بن جحش إىل أرض احلبشة‪،‬‬
‫فتحـنحصر ابحلبشة‪ ،‬وأمت هللا هلا احإسالم‪ ،‬وتزوجها رسول هللا وهي أبرض احلبشة‪،‬‬
‫وأصدقها عنه النجاشي أبربع مائة دينار‪ ،‬توفيت سيدتنا رملة اهنع هللا يضر سنة أربع‬
‫وأربعني‪ ،‬وتزوج النيب ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )0‬سيدتنا أم سلمة‪ ،‬وامسها هند بنت أيب أمية بن‬
‫املغرية بن عبد هللا بن عمر بن خمزوم بن يحـ حقظحةح بن مّرةح بن كعب بن لؤي بن‬
‫غالب‪ ،‬كانت قبله عند أيب سلمة عبد هللا بن عبد األسد بن هالل بن عبد هللا‬
‫بن عمر بن خمزوم‪ ،‬توفيت سنة اثنتني وستني‪ ،‬ودفنت ابلبقيع‪ ،‬وهي آخر أزواج‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص وفاة‪ ،‬وتزوج النيب ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )6‬سيدتنا زينب بنت جحش بن رائب بن‬
‫صِربة بن مرة بن كبري بن غنم‪ ،‬وهي بنت عمته ملسو هيلع هللا ىلص أ حميمة بنت عبد‬ ‫يحـ ْعمحر بن ح‬
‫املطلب‪ ،‬وكانت قبله عند مواله ملسو هيلع هللا ىلص زيد بن حارثة فطلقها‪ ،‬فزوج هللا إايه ومل‬
‫يعقد عليها‪ ،‬وصح أهنا تقول ألزواج النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬زوجكن آابؤكن وزوجين هللا من‬
‫فوق سبع مساوات"‪ ،‬رواه البخاري من حديث أنس هنع هللا يضر‪ ،‬أي أن تزوجيها من‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص ميجل يف اللوح احملفوظ كتابة خاصة‪ ،‬أما هللا تعاىل فال ييكن‬
‫اليماء وال العرش‪ ،‬هللا موجود بال مكان وال جهة‪ .‬هنا جيب التنبه‪ ،‬قال احإمام‬
‫احلاف اهلرري رمحه هللا تعاىل ‪" :‬ما يذكر يف بعض الكتب من أن النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم أمر زيد بن حارثة أن يطلقها ليتزوج زينب زوجته ليس صحيحا وهذا‬
‫‪58‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ال حيصل من رسول هللا‪ ،‬بل النيب أمره أبن مييك عليه زوجه كما قال تعاىل يف‬
‫القرآن الكرمي (أميك عليك زوجك)‪ ،‬فينبغي احلذر من قول البعض جيب على‬
‫الرجل أن يطلق زوجته إذا رغب النيب يف منكوحته أي زوجته ألن هذا ال يصدر‬
‫من النيب أصال"‪ .‬اهـ‪ ،‬توفيت سيدتنا زينب بنت جحش اهنع هللا يضر ابملدينة سنة‬
‫عشرين‪ ،‬ودفنت ابلبقيع‪ .‬وتزوج رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )1‬سيدتنا زينب بنت خزمية بن‬
‫تيمى أم املياكني لكثرة‬ ‫احلارث بن عبد امللك بن عمرو بن عبد مناف‪ ،‬كانت ّ‬
‫إطعامها املياكني‪ ،‬وكانت حتت عبد هللا بن جحش‪ ،‬تزوجها سنة ثالث من‬
‫اهلجرة‪ ،‬ومل تلبث عنده إال ييريا؛ شهرين أو ثالثة‪ .‬وتزوج النيب ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )3‬سيدتنا‬
‫يت يف غزوة بين املصطلق‪،‬‬ ‫جويرية بنت احلارث بن أيب ضرار اخلزاعية‪ ،‬سبِ ْ‬
‫فوقعت يف سهم اثبت بن قيس بن مشاس‪ ،‬فكاتبها‪ ،‬فقضى رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم كتابتها‪ ،‬وتزوجها يف ست من اهلجرة‪ ،‬وتوفيت يف ربيع األول سنة‬
‫حيي بن أخطب بن‬ ‫ست ومخيني‪ .‬وتزوج النيب ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )86‬سيدتنا صفية بنت ّ‬
‫أيب حيىي بن كعب بن اخلزرج النضرية من ولد هارون بن عمران (أخي موسى بن‬
‫يت يف خيرب سنة سبع من اهلجرة‪ ،‬وكانت قبله صلى‬ ‫عمران عليهما اليالم)‪ ،‬سبِ ْ‬
‫هللا عليه وسلم حتت كنانة بن أيب احل حقْيق‪ ،‬قتله رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص وأعتق صفية وجعل‬
‫عتقها صداقها‪ ،‬توفيت سنة ثالثني‪ .‬وتزوج النيب ملسو هيلع هللا ىلص (‪ )88‬سيدتنا ميمونة بنت‬
‫احلارث بن حح ْزن بن جبح ْري بن اهلرم بن رحويْـبحة‪ ،‬وهي خالة خالد بن الوليد وعبد هللا‬
‫‪59‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫بن عباس مهنع هللا يضر‪ ،‬تزوجها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص بيرف وبىن هبا فيه وماتت به وهو ماء‬
‫تزوج ِمن أمهات املؤمنني‪ ،‬توفيت سنة‬ ‫على تيع أميال من مكة‪ ،‬وهي آخر حمن ّ‬
‫ثالث وستني‪ .‬فهذه مجلة من دخل هبن من النياء وهن إحدى عشرة‪ ،‬وعقد‬
‫على سبع ومل يدخل هبن‪ .‬وقول الناظم للمؤمنني أمهات أي أن أزواج النيب صلى‬
‫هللا عليه وسلم أمهات املؤمنني يف االحرتام واحإجالل وحرمة نكاحهن على مجيع‬
‫ني ِم ْن أحنف ِي ِه ْم حوأ ْحزحواجه أم حهاتـه ْم) األحزاب‪:‬‬ ‫ِِ‬
‫األمة لقوله تعاىل (النِيب أ ْحوحىل ِابلْم ْؤمن ح‬
‫نكحوا أ ْحزواجه ِمن بـع ِدهِ‬ ‫ول هللاِ وآلحأحن تح ِ‬
‫حْ‬ ‫حح‬ ‫‪ ،0‬وقوله تعاىل ( حوحما حكا حن لحك ْم أح ْن تـ ْؤذوا حرس ح ح‬
‫أحبحدا) األحزاب‪ ،29 :‬وقول الناظم مرضية يعين أن كل واحدة من األزواج مرضية‬
‫هلل ورسوله لطاعتهن هلل ورسوله ملسو هيلع هللا ىلص‪( .‬فائدة) ‪ :‬من احلكم يف استكثاره ملسو هيلع هللا ىلص من‬
‫النياء هي؛ (‪ )8‬أن يكثر من يشهد أحواله الباطنة فينتفي عنه ما يظن به‬
‫املشركون من اليحر أو غري ذلك‪ )5( ،‬لتتشرف به قبائل العرب مبصاهرته فيهم‪،‬‬
‫(‪ )9‬للزايدة يف أتلفهم لذلك‪ )8( ،‬لتكثر عشريته من جهة نيائه فتزاد أعوانه‬
‫على من حياربه‪ )2( ،‬نقل األحكام الشرعية اليت ال يطلع عليها الرجال‪)0( ،‬‬
‫االطالع على حماسن أخالقه الباطنة‪.‬‬

‫احتِ ـ ـ ـ ـ ـ ـذا‬ ‫اس كـ ـ ـ ـذا ع َّمـتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـهُ ص ِـفيَّـ ـ ـ ـ ـةٌ ذ ُ‬


‫ات ْ‬ ‫‪ 45‬ح ْـمـ ـ ـ ـ ـزةُ ع ُّـمـهُ وعـبَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫‪60‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الشرح ‪ :‬كان لرسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص من العمومة أحد عشر‪ ،‬هم؛ (‪ )8‬احلارث؛ وهو‬
‫أكرب ولد عبد املطلب‪ ،‬وبه كان يكىن‪ ،‬ومن ولده وولد ولده مجاعة هلم صحبة‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ )5( .‬قـثحم؛ مات صغريا‪ ،‬وهو أخو احلارث ألمه‪ )9( .‬الزبري بن عبد‬
‫املطلب؛ وكان من أشراف قريش‪ ،‬وابنه عبد هللا بن الزبري شهد مع رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص حنينا‪ )8( .‬ومحزة بن عبد املطلب؛ أسد هللا وأسد رسوله ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وأخوه من‬
‫الرضاعة‪ ،‬أسلم قدميا‪ ،‬وهاجر إىل املدينة‪ ،‬وشهد بدرا‪ ،‬وقتل يوم أحد شهيدا‪ ،‬ومل‬
‫يكن له إال ابنة‪ )2( .‬أبو الفضل العباس بن عبد املطلب؛ أسلم وحين إسالمه‪،‬‬
‫وهاجر إىل املدينة‪ ،‬وكان أكرب من النيب بثالث سنني‪ ،‬وكان له عشرة من الذكور؛‬
‫الفضل‪ ،‬وعبد هللا‪ ،‬وقـثحم‪ ،‬هلم صحبة‪ ،‬ومات سنة اثنتني وثالثني يف خالفة عثمان‬
‫بن عفان ابملدينة‪ ،‬ومل ييلم من أعمام النيب ملسو هيلع هللا ىلص إال العباس ومحزة‪ )0( .‬أبو‬
‫طالب بن عبد املطلب؛ وامسه عبد مناف‪ ،‬وهو أخو عبد هللا أيب رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ألمه‪ ،‬وله من الولد؛ عقيل‪ ،‬وجعفر‪ ،‬وعلي‪ ،‬وأم هانئ؛ وهلم‬
‫صحبة‪ ،‬واسم أم هانئ فاختة‪ ،‬وقيل هند‪ )6( .‬أبو هلب بن عبد املطلب؛ وامسه‬
‫عبد العزى‪ ،‬وكناه أبوه بذلك حلين وجهه‪ ،‬ومن ولده عتبة ومعتّب‪ ،‬ثبتا مع النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص يوم حنني‪ ،‬ودرة؛ وهلم صحبة‪ ،‬وعتحيبحة؛ قتله األسد ابلزرقاء من أرض الشام‬
‫وح ْجل؛ وامسه املغرية‪)86( .‬‬ ‫على كفره بدعوة النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ )1( .‬عبد الكعبة‪ )3( .‬ح‬
‫ضرار؛ أخو العباس ألمه‪ )88( .‬والغيداق؛ وإمنا مسي ابلغيداق ألنه أجود قريش‬
‫‪61‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫وأكثرهم طعاما‪ .‬وعمات النيب ملسو هيلع هللا ىلص ست؛ (‪ )8‬صفية بنت عبد املطلب؛ أسلمت‬
‫وهاجرت‪ ،‬وهي أم الزبري بن العوام‪ ،‬توفيت ابملدينة يف خالفة عمر بن اخلطاب‪،‬‬
‫وهي أخت محزة ألمه‪ )5( .‬عاتكة بنت عبد املطلب؛ قيل إهنا أسلمت‪ ،‬وكانت‬
‫عند أيب أمية بن املغرية (‪ )9‬أروى بنت عبد املطلب؛ وكانت عند عمري بن وهب‬
‫(‪ )8‬أميمة بنت عبد املطلب؛ وكانت عند جحش بن رائب (‪ )2‬وبرة بنت عبد‬
‫املطلب؛ وكانت عند عبد األسد بن هالل (‪ )0‬أم حكيم وهي البيضاء بنت‬
‫عبد املطلب؛ وكانت عند كريز بن ربيعة بن حبيب‪ .‬وقول الناظم صفية ذات‬
‫احتذا أي صفية صاحبة اتباع هلل ولرسوله ملسو هيلع هللا ىلص‪( .‬فائدة) ‪ :‬عن أيب هلب‪ ،‬قال‬
‫احإمام احلاف عبد هللا اهلرري رمحه هللا تعاىل‪" :‬ما نزلت سورة كاملة يف القرآن يف‬
‫ذم أحد إال أاب هلب‪ ،‬فكيف يقال هذا خيفف عنه العذاب؟! ورد يف البخاري أن‬
‫العباس رءاه يف املنام فقال له‪ :‬كيف حالك؟ فقال‪ :‬يف أتْعس حال إال أنين‬
‫ِ‬
‫بشكل دائرة صغرية ألنين‬ ‫أسقى كل اثنني هبذا القدر أشار ابليبابة واحإهبام‬
‫أعتقت ثويبة ملا مسعت بوالدة النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬هذا ليس حديثا نبواي هو رؤاي منامية‬
‫للعباس فقط‪ ،‬وهذا ال نعتقده‪ ،‬هذه رؤاي منامية ال يبىن عليها حكم‪ ،‬الرسول ما‬
‫خرج يف جنازته وال حضر دفنه وال دعا له ألنه علم أنه مات على الكفر‪ ،‬من‬
‫اعتقد أنه اآلن حيصل له ختفيف ال ي حكفر‪ ،‬إن كان ال يراه معارضا للدين‪ ،‬لكن‬
‫ال جيوز أن يقال خيفف عنه يف القرب‪ ،‬أما من قال يف جهنم خيفف عنه يكفر‪،‬‬
‫‪62‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ضى حعلحْي ِه ْم فحـيحموتوا حوالحخيحفف‬ ‫ِ‬


‫ين حك حفروا حهل ْم حانر حج حهن حم الحيـ ْق ح‬
‫هذا كذب اآلية ( حوالذ ح‬
‫ِ‬
‫ك حْجن ِزي كل حكفور) فاطر‪ .90 :‬ال يقال خ ّفف عن أيب‬ ‫حعْنـهم ِّم ْن حع حذ ِاهبحا حك حذل ح‬
‫طالب‪ ،‬هو عذابه أول ما يدخل جهنم إىل القدم‪ ،‬إمنا يقال عذابه أقل من‬
‫عذاب الكفار‪ ،‬ال يقال ختفيف‪ ،‬ويقال النيب نفعه هبذا أبن جعل هللا عذابه أول‬
‫ما يدخل النار إىل القدم فقط من الكعبني"‪ .‬اهـ‪( .‬فائدة أخرى) ‪ :‬قد افتخر‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أبجداده فقال‪ :‬أان بن العواتك والفواطم‪ .‬وقد أخرج ابن سعد عن‬
‫عمران بن احلصني قال ‪ :‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬سألت ريب أال يدخل النار أحدا‬
‫من أهل بييت فأعطا ين ذلك‪ .‬وأخرج البيهقي ىف سننه أن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬ما ولد ين من سفاح اجلاهلية شيء ما ولد ين إال نكاح‬
‫احإسالم"‪ ،‬وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضى هللا عنهما ىف تفيري قوله تعاىل‬
‫ضى)‪ ،‬الضحى‪ ،2:‬أنه قال ‪" :‬من رضى دمحم صلى‬ ‫ك فحـتحـ ْر ح‬ ‫ف يـ ْع ِط ح‬
‫يك حرب ح‬ ‫(ولح حي ْو ح‬
‫‪ :‬ح‬
‫هللا عليه وسلم أال يدخل أحدا من أهل بيته النار"‪ .‬كذلك فقد كان أسالفه‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص موحدين مؤمنني بل هم خيار من على وجه البييطة قاطبة أخرج ميلم‬
‫والرتمذى أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص قال‪" :‬إن هللا اصطفى من ولد إبراهيم إمساعيل‪،‬‬
‫واصطفى من ولد إمساعيل كنانة‪ ،‬واصطفى من بين كنانة قريشا‪ ،‬واصطفى من‬
‫قريش بين هاشم‪ ،‬واصطفا ين من بين هاشم"‪.‬‬
‫‪63‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ب ْاإل ْسـ ـ ـ ـرا م ـِ ـن مـك ٍـة ل ْي ـ ـ ـ ـ ـالً لِ ُقـ ـ ـ ْد ٍ‬


‫س يُ ْدرى‬ ‫‪ 46‬وقـبـ ـ ـ ـ ـل ِه ِ‬
‫ـجـرة النَّ ـ ـ ـ ـ ـِ ِّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وج لِل َّ‬
‫ـسـ ـ ـما حـ ـ ـ ـ ـ َّّت رأى الـنَّـبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّي ربـَّاً كـلَّـ ـ ـ ـما‬ ‫ٍ‬
‫إس ـ ـ ـ ــراء عُ ُـر ٌ‬
‫‪ 47‬وب ْـعـ ـ ـ ـ ـد ْ‬
‫الشرح ‪ :‬قول الناظم احإسرا أي ذهب ابلنيب ملسو هيلع هللا ىلص ليال من امليجد احلرام إىل‬
‫امليجد األقصى‪ ،‬وقوله ليال أي يف بعض قليل من الليل‪ ،‬وقد رجع صلى هللا‬
‫عليه وسلم إىل مكانه ومل يربد مكان مضجعه من حرارة جنبه ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وقول الناظم‬
‫عروج لليماء أي الصعود إىل اليموات اليبع وما شاء هللا من العلى‪ ،‬وهذا حق‬
‫جيب احإميان به يف حق رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ومن نفاه فهو فاسق‪ ،‬واملعراج حصل بعد‬
‫احإسراء أي بعد وصوله ملسو هيلع هللا ىلص إىل امليجد األقصى خارجا من امليجد احلرام عرج‬
‫به إىل اليموات وما فوقها إىل حيث شاء هللا‪ ،‬فاحإسراء مصرح به يف القرآن بقوله‬
‫ِِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫صا‬‫حسحرى بِ حعْبده لحْيال ّم حن الْ حم ْيجد ا ْحلححرام إِ حىل الْ حم ْيجد اْألحقْ ح‬
‫تعاىل (سْب ححا حن الذي أ ْ‬
‫ال ِذي حاب حرْكنحا حح ْولحه لِن ِريحه ِم ْن ءح حاايتِنحآ) احإسراء‪ ،8 :‬فلذلك يكفر منكره‪ ،‬واملعراج‬
‫ند ِس ْدرةِ‬ ‫ِ‬
‫يكاد يكون نصا صرحيا لقوله تعاىل ( حولححق ْد حرءحاه نـح ْزلحة أ ْخحرى {‪ }89‬ع ح ح‬
‫ند حها حجنة الْ حمأْ حوى) النجم‪ ،‬وإمنا مل يكن ذلك صرحيا ألنه مل‬ ‫الْمْنـتحـ حهى {‪ِ }88‬ع ح‬
‫يثبت بنص قطعي كون سدرة املنتهى فوق اليموات اليبع‪ .‬وقول الناظم حىت‬
‫رأى النيب راب كلما أي أن النيب ملسو هيلع هللا ىلص رأى ربه ومسع كالمه األزيل الذي ليس برف‬
‫‪64‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ب الْف حؤاد‬
‫(ما حك حذ ح‬
‫وال صوت وال لغة‪ ،‬واستدل اجلمهور من أهل احلق بقوله تعاىل ح‬
‫حم حارأحى) النجم‪ ،88 :‬على أن النيب رأى ربه بقلبه تلك الليلة ال بعينه‪ ،‬واملراد‬
‫ابلفؤاد فؤاد النيب ملسو هيلع هللا ىلص ليس جربيل‪( .‬فائدة) ‪ :‬ليس املقصود ابملعراج وصول‬
‫الرسول ملسو هيلع هللا ىلص إىل مكان ينتهي وجود هللا تعاىل إليه ويكفر من اعتقد ذلك‪ ،‬وإمنا‬
‫القصد من املعراج هو تشريف الرسول ملسو هيلع هللا ىلص إبطالعه على عجائب يف العامل‬
‫العلوي وتعظيم مكانته ورؤيته للذات املقدس بفؤاده من غري أن يكون الذات يف‬
‫مكان وإمنا املكان للرسول‪.‬‬

‫سا بـ ْعد َخْ ِس ْني ف ـر ْ‬


‫ض‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 48‬من غ ِْْي ك ْي ٍ‬
‫ف و ِْ‬
‫اْنصا ٍر وافْـتـر ْ‬
‫ض عـل ْـي ـ ـ ـه َخْ ـ ً‬ ‫ْ‬
‫الشرح ‪ :‬قول الناظم من غري كيف أي أن هللا تعاىل ال يوصف بصفات اجليم‬
‫كاحلركة واليكون واللون والطعوم وحنو ذلك‪ ،‬فاهلل ليس جيما كثيفا وهو ما‬
‫يضبط ابليد كاحإنيان والشجر والشمس واملاء والنار‪ ،‬وليس جيما لطيفا وهو‬
‫ما ال يضبط ابليد كالنور والظالم والروح واهلواء‪ .‬وقول الناظم واحنصار أي أن هللا‬
‫تعاىل موجود بال مكان وال جهة‪ ،‬ال ييكن اليماء وال ييكن العرش‪ ،‬قال‬
‫سيدان علي هنع هللا يضر‪ :‬إن هللا خلق العرش إظهارا لقدرته ومل يتخذه مكاان لذاته‪،‬‬
‫وقال‪ :‬كان هللا وال مكان وهو اآلن على ما عليه كان‪ ،‬أورده أبو منصور‬
‫‪65‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫البغدادي يف كتابه الفرق بني الفرق‪ .‬وأما قوله تعاىل (الر ْمححن حعلحى اْ حلع ْر ِش ْ‬
‫استحـ حوى)‬
‫طه‪ ،2 :‬فليس معناه اجللوس أو االستقرار والقعود‪ ،‬ومن فيره به فهو كافر‪ ،‬إمنا‬
‫معىن اآلية قهر العرش‪ ،‬وهذا يليق ابهلل تعاىل ألن هللا مسى نفيه فقال (هللا‬
‫احد الْ حقهار) يوسف ‪ ،93‬لذا ييمي امليلمون أبناءهم عبد القاهر وعبد‬ ‫الْو ِ‬
‫ح‬
‫القهار‪ ،‬ومل أحد من امليلمني ابنه بعبد اجلالس أو عبد القاعد‪ .‬قوله وافرتض‬
‫عليه مخيا بعد مخيني أي أوجب هللا مخس صلوات عليه ملسو هيلع هللا ىلص وعلى أمته بيؤاله‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص له تعاىل برتجيع موسى عليه اليالم بعد أن أوجب عليهم مخيني صالة‪.‬‬
‫(فائدة) ‪ :‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬كان هللا ومل يكن شيء غريه‪ ،‬رواه البخاري‬
‫والبيهقي وابن اجلارود‪ ،‬يؤخذ منه أن هللا تعاىل موجود أزال وأبدا بال مكان‪ .‬وقول‬
‫ض) أشار إىل أن الصالة فرضت ىف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني فحـحر ْ‬
‫ض حعـلح ْـيه مخحْ حيا بحـ ْع حد مخحْي ْ ح‬
‫(وافْـتحـحر ْ‬
‫الناظم ح‬
‫ليلة احإسراء مخيني وال زال سيدان رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص يرتدد بني ربه وأخيه سيدان‬
‫موسى عليه اليالم‪ ،‬وهللا سبحانه خيفف ىف عدد الصلوات حىت استحى صلى‬
‫هللا عليه وسلم أن يراجع ربه فأستقرت مخس وهلا أجر اخلميني‪ ،‬وسيدان وموسى‬
‫عليه اليالم ىف طلب مزيد تردد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عليه ملا يشاهد من أنوار جتليات‬
‫األنوار املشرقة على حميا رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫‪66‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ض خ ْـمـسـ ـ ـ ٍة بِال ْامـ ـ ـ ـ ـ ـِِت ِاء‬


‫األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة بـِاإلسْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِاء وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر ِ‬
‫‪ 49‬وب ـلَّـ ـ ـ ـ ـ ــغ َّ‬
‫الشرح ‪ :‬أنه جيب على املكلف أن يعتقد أن هللا تعاىل أمر نبيه صلى هللا عليه‬
‫وسلم أن يبلغ أمته ابحإسراء واملعراج‪ ،‬وفرض مخس صلوات‪ .‬وقول الناظم بال‬
‫امرتاء أي بال شك وال ريب‪.‬‬

‫ص ـ ـ ِّدي ٌق بِت ِ‬
‫ـص ـ ـديْ ٍق ل ـ ــهُ وبِـالْـعُ ـ ـ ـ ُرْو ِج ِّ‬
‫الصـ ـ ـ ـ ْد ُق واَف أ ْهـ ـ ـ ـلهُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫‪ 51‬ق ـ ـ ْد ف ـ ــاز ِ‬

‫الشرح ‪ :‬أنه جيب على املكلف أن يعتقد أن أاب بكر الصديق هو أول من‬
‫صدق ابحإسراء واملعراج‪ ،‬ولقب من يومها إىل يوم القيامة ابلصديق إشارة اىل‬
‫فوزه ابلصديقية‪ ،‬وإهنا ملنزلة تتقطع القلوب لنيلها وتذوب األكباد ىف طلبها فال‬
‫يناله غريه هنع هللا يضر من كل أمة رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وقول الناظم قد فاز صديق إخل أي قد‬
‫ظفر الصديق ابحإميان الكامل لتصديقه له ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ولذا قال النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬لو وزن‬
‫إميان أيب بكر إبميان هذه األمة لرجح إميانه على إمياهنم"‪ ،‬ولذا كان الصديق‬
‫هنع هللا يضر أفضل هذه األمة‪.‬‬

‫‪ 51‬وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِذهِ ع ِـق ْـيـ ـ ـ ـ ـ ـدةٌ ُمـ ْخـتصـ ـ ـ ـ ـرْه ولِـ ْلـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ِام س ْـه ـ ـ ـ ـ ـ ـلةٌ ُميـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫سرْه‬
‫‪67‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫الشرح‪ :‬قول الناظم خمتصرة أي هذه قصيدة قليلة األلفاظ كثرية املعا ين‪ ،‬وقوله‬
‫وللعوام بتخفيف امليم مجع عام بشديدها واملراد به عوام املكلفني‪ ،‬وقوله سهلة‬
‫مييرة أي لفهم معانيها وحف ألفاظها‪.‬‬

‫أحـم ُد الْمـ ـ ـ ـ ـ ْرُزوقِ ْي مـ ـ ـ ْـن ينـْت ـ ـ ـ ِمي َّ‬


‫للص ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُد ِ‬
‫وق‬ ‫اد ِق الْم ْ‬ ‫‪ 52‬نـاظـ ـ ـ ـ ُم تِـ ْلـك ْ‬
‫الشرح‪ :‬أي انظم هذه القصيدة املباركة هو الييد أمحد املرزوقي‪ ،‬وكنيته أبو‬
‫الفوز‪ ،‬واملرزوقي نيبة إىل العارف ابهلل الييد مرزوق الكفايف الذي أبوه من ذرية‬
‫احلين وأمه من ذرية احليني مهنع هللا يضر‪ ،‬وسبب وضع هذه القصيدة ما قدمناه من أن‬
‫الييد املرزوقي رمحه هللا تعاىل رأى رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص يف املنام وأمالها عليه‪ .‬وقول‬
‫الناظم من ينتمي أي أن الناظم من ساللة ءال البيت النبوي الشريف‪.‬‬

‫‪ 53‬والْـحـ ـ ـ ــمـ ُد ِ‬
‫هلل وصـ ـ ـ ـلَّـى سـلَّ ـ ـ ـ ـما عـ ـلـى النَّبـِ ِّي خ ـ ـ ـ ِْْي م ْن ق ْد علَّ ـ ـ ـما‬ ‫ْ‬
‫ـل م ـ ـ ـ ـ ْـن ِِب ِْْي هـ ـ ـ ْد ٍي يـ ْقتـ ـ ـ ِدي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـص ـ ـ ـ ـ ْح ِ‬
‫ـب وُك ِـل ُم ْرش ـ ـد وُك ِّ‬
‫ِ‬
‫واآلل وال َّ‬ ‫‪54‬‬
‫الشرح‪ :‬ذكر الناظم يف هذين البيتني محد هللا تعاىل‪ ،‬والصالة واليالم على‬
‫رسول هللا وءاله وصحبه ومجيع املؤمنني واملؤمنات من كل داع إىل اخلري ودال عليه‬
‫‪68‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫وكل مقتد ابخلري وشارع إليه‪ ،‬وقد تقدم معىن احلمد والصالة واليالم على رسول‬
‫هللا أول الشرح‪ ،‬فال حاجة إىل إعادة ذلك‪.‬‬

‫ـل م ْن ِِبا ق ْد ا ْشتـ ـ ـ ـ ـغ ْل‬


‫ـرْي إ ْخـالص الْعمـ ـ ْل ونـ ْف ـ ـ ـ ـع ُك ِّ‬
‫‪ 55‬وأ ْس ـ ــأ ُل الْـك ْ‬
‫الشرح‪ :‬ذكر الناظم يف هذا البيت سؤال هللا تعاىل احإخالص يف كل عمل‬
‫لوجهه الكرمي‪ ،‬ونفع كل من اشتغل هبذه املنظومة من حف وحتصيل معىن‪ ،‬مث‬
‫ذكر الناظم عدة أبيات املنظومة وسنة ريخ نظمها ابحلياب اجلمل‪( .‬فائدة) ‪:‬‬
‫احإخالص هو أن يقصد ابلطاعة امتثال أمر هللا تعاىل ال أن ميدحه الناس ويثنوا‬
‫عليه‪ ،‬فإن قصد مدح الناس له أو قصد مع طلب األجر مدح الناس له فال‬
‫ثواب له وعليه إمث‪.‬‬

‫‪ 56‬أبْـيـ ـ ـ ـاتُـها ( م ْـيـ ـ ـ ٌـز ) بِـع ـ ـ ِّد ا ْْلُ َّمـ ـ ِل َت ِرْيُـ ـ ـ ـها ( ِ ِْل ح ـ ـ ُّي غُ ـ ـ ٍّر ) ُجَّـ ـ ـ ِل‬

‫ب ِيف ال ِّديْ ِن ِِبلتَّـ ـم ِام‬ ‫‪ 57‬س ـ ـ ـ َّـم ْـيـتُ ـ ـ ـ ـها ع ِـق ْـيـ ـ ـ ـدة الْـع ـ ـ ـ ـ ـو ِام ِمـ ـ ـ ــن و ِ‬
‫اجـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫ْ‬
‫الشرح‪ :‬ذكر الناظم عدد أبيات القصيدة و ريخ نظمها بياب اجلمل‪ ،‬وهو‬
‫أسلوب ىف احلياب يوافق بني األعداد واحلروف‪ ،‬وأساسها الثمانية والعشرون‬
‫‪69‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫حرفا املكونة لألجبدية العربية وهى‪ :‬أجبد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ‬
‫ضظغ‬
‫ج= ‪9‬‬ ‫ب= ‪5‬‬ ‫‪8‬‬ ‫أ=‬
‫‪0‬‬ ‫و=‬ ‫‪2‬‬ ‫هـ =‬ ‫‪8‬‬ ‫د=‬
‫ط= ‪3‬‬ ‫ح= ‪1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ز=‬
‫ل = ‪96‬‬ ‫ك = ‪56‬‬ ‫ى = ‪86‬‬
‫س = ‪06‬‬ ‫‪26‬‬ ‫ن=‬ ‫‪86‬‬ ‫م=‬
‫ص = ‪36‬‬ ‫ف = ‪16‬‬ ‫ع = ‪66‬‬
‫ش = ‪966‬‬ ‫‪566‬‬ ‫ر=‬ ‫ق = ‪866‬‬
‫خ = ‪066‬‬ ‫ث = ‪266‬‬ ‫ت = ‪866‬‬
‫‪366‬‬ ‫ظ‬ ‫ض = ‪166‬‬ ‫‪666‬‬ ‫ذ=‬
‫غ = ‪8666‬‬
‫ولو أننا حولنا األحرف املذكورة إىل أرقام كما بيناه لوجدان‪ :‬م = ‪ + 86‬ى =‬
‫‪ + 86‬ز = ‪ ،6‬فاجملموع الكلي لألبيات = ‪ ،26‬و ريخ النظم؛ ل = ‪ + 96‬ى‬
‫= ‪ + 86‬ح = ‪ + 1‬ى =‪ + 86‬غ = ‪ + 8666‬ر = ‪ 566‬اجملموع الكلى‬
‫=‪ 8521‬هـ‪.‬‬
‫‪70‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫(تتمة) ‪ :‬قال العالمة الشيخ نووي البنتين يف أواخر شرحه ‪" :‬مث اعلم أن انظم‬
‫هذه العقيدة العامل البارع اللوذعي شرح عليها شرحا لطيفا مساه حتصيل نيل املرام‪،‬‬
‫ألب ذوي األلباب‪،‬‬‫وأان كتبت عليها أيضا هذا الكتاب وإن كنت ليت من ّ‬
‫رجاء دعائه امليتجاب‪ ،‬فأنت أيها الواقف على هذا الكتاب إذا وجدت فيه‬
‫شيئا خمالفا لشرح الناظم فعليك ابمليزان املعتدل؛ فالييوطي قال‪ :‬إن صاحب‬
‫البيت أدرى مبا فيه من متاعه"‪ .‬قلت‪ :‬إمنا قال الشيخ نووي رمحه تعاىل ذلك من‬
‫ابب التواضع‪ ،‬وأان أقول مثل ما قاله رمحه هللا تعاىل حرفا برف على أنين أقوله‬
‫من ابب احلقيقة‪ .‬وهللا يتقبل منا الطاعات ويعفو عنا الزالت واهلفوات‪ .‬وهذا‬
‫آخر ما ييره هللا يل من مجع هذه الورقات‪ ،‬فأسأل هللا رب الكائنات‪ ،‬وأتوسل‬
‫بنبيه خري الربايت أن جيعل هذا الكتيب خالصا لوجهه الكرمي‪ ،‬وأن ينفع به النفع‬
‫العميم‪ .‬وال حول وال قوة إال ابهلل العلي العظيم‪ ،‬وصلى هللا وسلم على سيدان دمحم‬
‫رب العزة عما‬‫النيب الرؤوف الرحيم‪ ،‬وعلى ءاله وصحبه أمجعني‪ ،‬سبحان ربك ّ‬
‫يصفون وسالم على املرسلني واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫‪71‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫***************‬
‫مت مج ـ ــع وتـ ـ ـ ـرتيـ ـ ـ ـب هذه املكت ـ ـ ـوبـ ـ ـات يف الث ـ ـ ـ ـامن م ـ ـ ـن شـ ـ ـ ـهر‬
‫مجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـادى األوىل عام ‪ 8886‬هـ يف نتجـ ـ ـ ـرانج بن ـ ـ ـ ـُت‬
‫بيد الفقري احلقـ ـ ـري أبو فات ـ ـ ـح خليل الـ ـ ـ ـ ـرمحن بن‬
‫حمىي الدين األشع ـ ـ ـ ـ ـ ــري عقي ـ ــدة والش ـ ـ ـ ــافعي‬
‫مذهبا والرفـاعي القـادري طريقـة ومشراب‬
‫غف ـ ـ ـ ـ ـ ـر هللا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ول ـوالـ ـ ـديه‬
‫آمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـني‬
‫‪72‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫منت عقيدة العوام‬


‫وبِـالـ ـرِحـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِم دائ ـِـ ـ ِم احإح ـ ـ ـ ــي ِ‬
‫ان‬ ‫أبـ ـ ـ ـ ـ ـ حدأ بِـاس ـ ـ ـ ِم ِ‬
‫هللا والـ ــر ْحـ ـ ـ ـ ـ ـ حم ِن‬ ‫‪8‬‬
‫ْ ح‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫اآلخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِر الـبح ـ ـ ـ ـ ــاقـِ ْي بِال تـح حح ـ ـ ـ ـ ــوِل‬ ‫ـح ـ ـ ـ ـ ـ ْمـد للّـ ـ ـ ِه الـ حق ـ ـ ـ ـ ِد ِْمي األوِل‬
‫فال ح‬ ‫‪5‬‬
‫ـيب حخـ ـ ِْري حم ْن قح ْد حوحـ ـدا‬
‫ِ‬
‫ع ـ ــحلحـى الـنـ ـ ـ ِّ‬ ‫ث ـ ـ ـم الـصـ ـ ـالة حواليـ ـ ـالم حس ْرحم ـ ـ حدا‬ ‫‪9‬‬
‫احلح ِّق حغْيـحر م ْـبـتح ـ ـ ِد ْع‬
‫ـيل ِديْـ ـ ـ ِن ْ‬ ‫ِ‬
‫حسـبـ ـ ـ ـ ـ ح‬ ‫ـحبِـ ـ ـ ـ ِه حوحمـ ـ ـ ـ ْـن تحـبِـ ـ ـ ـ ْع‬
‫صْ‬
‫ِِ‬
‫وآلـ ـ ـ ـه حو ح‬ ‫‪8‬‬
‫ين ِصـ ـ ـ حف ْه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعـ ـلحم بِوج ـ ِ‬
‫مـ ـ ـ ْن حواجـ ـ ــب هلل عـ ْش ـ ـ ِر ح‬ ‫وب الْ حم ْعـ ـ ِرفح ْـه‬ ‫حوبح ْـع ـ ـد فح ْ ْ‬ ‫‪2‬‬
‫خمحـ ـ ـ ـ ـالـِف لِْلـخ ـ ـ ـ ـ ـ ْل ِق ِابحإطْـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫الق‬ ‫فـحاللّـ ـ ـ ـ ـه حم ـ ْـوجـ ــود قـ ــح ِدمي ب ــحاقِ ـ ـ ـي‬ ‫‪0‬‬
‫ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقحـ ـ ـ ــائِم حغ ـ ــنِـي وو ِ‬
‫بكل حش ـ ـ ْي‬ ‫قحـ ـ ـ ـ ــادر مـ ـ ـ ـ ـريـد ع ـ ـ ـ ــحامل ِّ‬ ‫احـ ـ ـ ــد حو حح ـ ـ ـ ـ ْي‬ ‫ْ حح‬ ‫ح‬ ‫‪6‬‬
‫لحه ِص ـ ـ ـ ـ ـ ـ حفـات حس ْـبـ ـ ـ ـ ـ ـ حـعـة تحـْنـتح ـ ـ ـ ـ ـ ِظم‬ ‫ـصـ ـ ـ ـ ْـيـر حوالْمْتـ ـ ـ ـ حكلِّـم‬
‫س ـ ـ ـ ِمـ ــيعن الب ِ‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫‪1‬‬
‫اسـتح ـ ـ حم ْر‬ ‫ِ‬
‫ححـيحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاة ن الْـع ْل ـ ـ ـ ـ ـم حكـالم ْ‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ْر‬
‫فـحقـ ـ ـ ـ ـ ـ ْد حرة إر حادة سـح ْم ـ ـ ـ ــع بـح ح‬ ‫‪3‬‬
‫ت ـحـ ـ ـ ـ ـ ْرك لـ ـ ـ ــِك ِّـل ممْـ ـ ـ ـ ِكـن حك ِف ْعـ ـ ـ ـ ـ ـلِ ِه‬ ‫ـض ـ ـ ـ ـ ــلِ ِه و حع ـ ـ ـ ـ ـ ْدلِِه‬
‫حو حجـ ـ ـائـ ـ ـ ــِز بـِحف ْ‬ ‫‪86‬‬
‫األمـ ـ ـ ـ ـانح ْه‬ ‫ِ‬ ‫ِاب ِ ِ‬ ‫أ ْحر حس ـ ـ ـ ـ ـ ـ حل أنْبيــحـ ـ ـا حذ ِوي فـ ـ ـ ــحطحـانح ْـه‬
‫لص ـ ـ ـ ـ ْدق حوالـتح ْـبلـيـ ـ ـ ـ ِغ و ح‬
‫ّ‬ ‫‪88‬‬
‫ف الْ حمـ ـحر ِ‬
‫ض‬ ‫بِغح ْـيـ ـ ـ ـ ـ ِر نـح ْقـ ـ ـص حك حخ ِفْيـ ـ ِ‬ ‫ض‬‫حو حج ـ ـ ـ ـائِز ِيف حح ِّقـ ـ ـ ـ ِه ْم ِم ْن حعـ ـ ـ ـحر ِ‬ ‫‪85‬‬
‫ـاضـ ـ ـ ـلوا ال حـمـ ـ ـ ـ ـ ــالئِ حك ْه‬ ‫ِ‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ حمـتـه ْم حك حي ـ ـ ـائِِر الْ حمـ ـ ـالئِ حك ْه‬ ‫ِ‬
‫حواجـ ـ ـ ـ ــبحـة حوفح ح‬ ‫عْ‬ ‫‪89‬‬
‫ني ِبكْم و ِاجـ ـ ِ‬
‫ب‬ ‫ِ ِ‬
‫احـ حفـ ـ ـ ْ خلح ْميـ ـ ـ ح‬
‫فـح ْ‬ ‫والْـميـتحـ ـ ـ ِحيل ِض ـد ك ِل و ِاج ـ ـ ـ ِ‬
‫ب‬ ‫‪88‬‬
‫ح‬ ‫ّح‬ ‫ح ْ‬
‫‪73‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫كـل م ـ ـ ـ ـ حكـلحـف فح حح ِّق ـ ـ ـ ـ ْق حوا ْغ ـ ـ ــتحنِ ْم‬ ‫ين لحـ ـ ـ ِزْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تـحْف ـ ـ ـصيل مخحْ حي ـة حوع ْش ِر ح‬ ‫‪82‬‬
‫صـ ـ ـالِ ْـح حوإِبْـ ـ ـحر ِاه ـ ـ ـ ـ ْـيـم كـلٌّ مـتـبح ـ ـ ـ ـ ْع‬
‫ح‬ ‫آدم اِ ْد ِريْـ ـس نـ ـ ْوح هـ ـ ْود حم ْع‬
‫ه ـ ـ ْم ح‬ ‫‪80‬‬
‫احتحذى‬ ‫يـح ْعـق ـ ـ ـوب يوس ـ ـف حوأحيـ ْوب ْ‬ ‫اعيل اِ ْس ـ ـ ححاق ك ـ ـذا‬
‫ل ـ ـوط واِسـ ـم ِ‬
‫ْ ح ْح‬ ‫‪86‬‬
‫ذو الْ ِكـ ـ ـ ْف ِل حداود سلحْيـ ـمان اتـبحـ ـ ْع‬ ‫وسى حوالْـيح حي ْع‬ ‫ش حع ـ ـيب هارون وم ح‬ ‫‪81‬‬
‫ِع ْـي ـ ـ ـيـى حوطحـ ـ ـ ــه خ ـ ـ ـ ِامت حد ْع حغ ـ ـ ـ ــيا‬ ‫س حزحك ـ ـ ـ ـ ـ ِريـا حْحي ـ ـ ـ ـ ـ حىي‬
‫إلْـيحـاس يونـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫‪83‬‬
‫وآهلـِِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم مــا دام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ت األي ـ ـ ـ ـ ـ ــام‬ ‫حعلح ْـيـ ـ ـ ـ ـ ِهـم الصـ ـ ـ ـ ـ ــالة واليـ ـ ـ ـ ــالم‬ ‫‪56‬‬
‫ْ ح حح‬
‫ب حوال نـح ـ ْوحم حهلـ ـ ْم‬‫ال أح ْك ـ ـ حل ال ش ـ ـ ـ ْر ح‬ ‫حوالْ حـمـ ـ ـ ـلحك ال ـ ـ ـ ِـذي بِـ ـ ـ ـال أب حوأ ْم‬ ‫‪58‬‬
‫إسـ ـ ـ ـ حـرافِيل حع ْزحرائـِي ـ ـ ـ ـ ـل‬ ‫ِ‬
‫م ْـيـ ـ ـ ـ ـ ـ حكـال ْ‬ ‫ـصـ ــيل حع ـ ْشر ِمْنـ ـ ـ ـهم ِج ـ ـ ـ ـ ِْربيل‬ ‫تحـ ْف ِ‬ ‫‪55‬‬
‫ِ‬ ‫ـك ـ ـ ـ ـْيـر حوحرقِيـ ـ ـب وك ــحـ حذا‬
‫احت ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ حذى‬ ‫حعـتِـي ـ ـد حمالك حوِر ْ‬
‫ضوان ْ‬
‫مـْنـ ـ ـ حكر نح ِ‬
‫ْ‬ ‫‪59‬‬
‫تحـ ـ ـ ـ ـ ْو حارة م ْـو حس ـ ـى ِاب ْهل حدى تحـْنـ ِزيل ـ ـ ـ حها‬ ‫أحربـعـ ـ ـ ـ ـة ِمن كـ ـ ـتب تحـ ْف ِ‬
‫صيـ ـْـ ـ ـ ـل حها‬ ‫‪58‬‬
‫ْ‬ ‫ْح ح‬
‫ـيى حوف ْـرقحان حعلحى حخ ِْري الْ حم ـ ـال‬ ‫ِ‬
‫عيـ ـ ـ ـ ح‬ ‫حزب ـ ـ ـ ـ ـور حداوحد حواِنْ ِـجـيـ ـ ـ ـ ـل حعـ ـ ـ ـلحى‬ ‫‪52‬‬
‫ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ حك ِم الْ حعلِـ ـ ـ ـ ـ ْيم‬ ‫ِ‬
‫فيـ ـ ـ ـ ـ حهـا حكالم الْ ح‬ ‫ـخـلِي ـ ـ ـ ـ ِل حوال حكلِي ـ ـ ـ ْم‬
‫حوص ـ ـ ـحـف ال ح‬ ‫‪50‬‬
‫ـحـ ـ ـ ـ ــقـه الـت ْـيـ ـ ـ ـ ـ ـلِـيم حوالْ حقبـ ـ ـ ـ ـ ـول‬
‫فح ح‬ ‫حوكـ ـ ــل حم ـ ـا أحتحـ ـ ـ ـى بِِه الـ ــرس ـ ـ ـ ـ ـ ـول‬ ‫‪56‬‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حوك ـ ـ ـ ِّل حمـا حكـا حن بـ ـ ـ ـه م حن الْ حع ـ ـ ـ حج ْ‬
‫ب‬ ‫ب‬ ‫إي حـمـ ـ ـ ـ ـ ـانـنا بـيحـ ـ ـ ـ ـ ـ ْوم آخـ ـ ـ ـر حو حج ْ‬ ‫‪51‬‬
‫ِمم ـ ـ ـ ـا حعـ ـ ـلحى م حك ـ ـ ـلف ِم ْن و ِاج ـ ـ ـ ِ‬
‫ب‬ ‫ب‬‫حخـ ـاتـِ ـ ـمة ِيف ِذ ْكـ ـ ِر حابقِي الْو ِاجـ ـ ِ‬ ‫‪53‬‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫ح‬
‫‪74‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫ِ‬ ‫نـحبِـي ـ ـ ـ ــنحـا م ـ ـ ـ ححمـ ـ ـد قحـ ـ ـ ْد أ ْرِسـ ـ ـ ـ ـالح‬


‫ل ْلـ ـ ـ ـ ـ حعالح ِم ـ ـ ـ ـي حـن حر ْح ـ ـ ـ ـ حـمة حوفـ ـ ِّ‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـالح‬ ‫‪96‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫حوحهـاشـ ـ ـ ـ ـم حعْبـد حمنحـ ـ ـ ـاف يـحْنـتحـ ـ ـي ْ‬ ‫أحبـ ـ ـ ـ ـوه حع ْـبـ ـد هللا حعْبد الْمـ ـ ـطحل ْ‬
‫ـب‬ ‫‪98‬‬
‫ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ حعه ححـلِْي ـ ـ ـ ـ ـ حمـة الي ْع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِديـ ْه‬
‫أحْر ح‬ ‫حوأم ـ ـ ـ ـ ـ ـه ِآم ـ ـ ـ ـ ــنحـة الـزْه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْه‬ ‫‪95‬‬
‫حوفحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاتـه بِـطحْـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبح حة الْ حـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِديْـنح ْه‬ ‫مـولـِـ ـ ـ ـ ـ ـده بِـم ـ ـ ـ حكـ حة ِ‬
‫األمْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنح ْـه‬ ‫ح‬ ‫حْ‬ ‫‪99‬‬
‫ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتِّْيـنحا‬
‫ِ‬
‫ـاوحز ال ّ‬ ‫حوع ْـم ـ ـ ـ ـ ــره قحـ ـ ـ ْد حج ح‬ ‫أحتحـ ـ ـ ـم قح ْـبـ ـ ـ ـ حـل الْ حـو ْح ـ ـ ِي ْأربحعِـ ـ ـ ـ ـ ـْيـنحا‬ ‫‪98‬‬
‫ثحـالثـح ـ ـ ـ ـ ـ ـة ِم حـن الـذك ـ ـ ـ ـ ـ ـوِر تـ ْفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حهم‬ ‫وسـحْبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حعة ْأوالده فح ِـمـ ـ ـْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـم‬ ‫‪92‬‬
‫وطح ِ‬
‫ـاه ـ ـ ـ ــر بِـ حذيْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِن ذحا يـلح ـ ـ ـ ـ ـ ــقب‬ ‫وع ْـبد هللاِ حوْه حو الطْي ـ ــب‬ ‫ِ‬
‫قـحاس ـ ـ ـ ـ ْم ح‬ ‫‪90‬‬
‫فأم ـ ـ ـ ـ ـه حما ِري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة الْ ِـق ْـب ِـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ْـه‬ ‫أتـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاه إبـْر ِاهـي ـ ـ ـ ـ ـم من سـِّري ـ ـ ـ ـ ـ ْه‬ ‫‪96‬‬
‫ه ـ ـ ـ ـ ـ ْم ِست ـ ـ ـ ـة فـحخ ـ ـ ـ ْذ بِـ ِه ْم حولِْـيـ ـ ـ حج ْه‬ ‫و حغ ْـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر إبـْحر ِاهي ـ ـ ـ حم ِم ْن حخ ِـد ْجيح ـ ـ ْه‬ ‫‪91‬‬
‫ـج ِـم ْـي ـ ـ ـ ـ ِع ي ْذ حكر‬ ‫ِ‬ ‫ِر ْ‬ ‫وأربـ ـ ـ ـ ـع ِمـن احإن ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حـوان حربّـي ل ْل ح‬ ‫اث تـ ْذ حك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر‬ ‫ح‬ ‫ْح‬ ‫‪93‬‬
‫ضلهم حجلي‬ ‫ان فح ْ‬ ‫وابـنـامها اليب ـ ـ ـطح ِ‬ ‫فح ِ‬
‫ـاط حـم ـ ـ ـ ـ ــة الزْهـ ـ ـ ـ ـراء بـح ْعل حها حعلي‬ ‫‪86‬‬
‫ْح ح ْ‬
‫ت حر ِض ـ ـ ـ ـ ـي ـ ْه‬
‫وأم كـ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـثـوم حزحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫فح حـزيْـنح ـ ـ ـ ـ ـ ــب وبح ْـعـ ـ ـ ـ ـ ـ حدهـا رقحـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ْه‬ ‫‪88‬‬
‫ِ ِ‬
‫اخـتحـ ْر حن الن ـ ـ ـِيب الْم ْقتحـ ـ ـ حفى‬‫خـيِّـ ـ ـ ْر حن فح ْ‬ ‫صطححفى‬ ‫حع ْـن ت ْيـ ِع ن ْي حوة حوفحاة الْم ْ‬ ‫‪85‬‬
‫ص ِـف ـ ـ ـ ـ ـ ــيـة حم ْـيـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْونحة حو حرْمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلحة‬
‫ح‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـة حو حس ـ ـ ـ ْـوحدة‬
‫ـشـ ـ ـ ـ ـ ــة حو ححـ ْف ح‬ ‫حعـائِ ح‬ ‫‪89‬‬
‫ني أم ـ ـ ـ ـ ـ حـهات م ْر ِض ـ ـ ـيح ْه‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِهْنـ ـ ـ ـ ـ ـد حو حزيْـنحـ ـ ـب حكـ حذا ج حوي ـْـ ـ ِريحه‬
‫ل ْلـم ْـؤمنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ح‬ ‫‪88‬‬
‫‪75‬املرام غ ــاية املـ ـرام يف حـ ّـل منظـومة عقي ــدة العـ ـوام‬
‫غاية‬

‫احتِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حذا‬ ‫عمـت ـ ـ ـ ـ ـ ـه ِ‬


‫صـفيـ ـ ـ ـ ـة حذات ْ‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫وعـبـ ـ ـ ـ ـ ـاس حكـ ـ ـ ـ حذا‬
‫حح ْـمـ ـ ـ ـ ـحزة حعـمـه ح‬ ‫‪82‬‬
‫م ـِـن حمـ حكـة لحْي ـ ـ ـ ـ ـال لِقـ ـ ـ ْدس ي ْد حرى‬ ‫يب ْاحإ ْسـ ـ ـ ـحرا‬‫وقـحْبـ ـ ـ ـ ـ حل ِه ْ ِ ِ‬
‫ـج حـرة الن ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫‪80‬‬
‫ححـ ـ ـ ـ ـىت حرأى الـنـبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـي حربـا حكـلـ ـ ـ ـ حما‬ ‫إس ـ ـ ـ ـ حـراء عـروج لِلـيـ ـ ـ حما‬ ‫وبح ْـعـ ـ ـ ـ ـ حد ْ‬ ‫‪86‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬‫ني فحـحر ْ‬ ‫حعـلح ْـي ـ ـ ـه مخحْ ـيا بـح ْع حد مخحْي ْ ح‬ ‫ض‬
‫صار حوافْـتحـحر ْ‬ ‫م ْن حغ ِْري حكْيف حو ْاحن ح‬ ‫‪81‬‬
‫ـيـ ـ ـة بِال ْامـ ـ ـ ـ ـ ـِ حرت ِاء‬ ‫ض حخ ْـم ح‬ ‫حوف ـ ـحـ ـ ـ ـ ْر ِ‬ ‫حوبـحـلـ ـ ـ ـ ـ ـ حـغ األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حة بـِاحإس ـْـ ـ ـ ـ ـ ـر ِاء‬ ‫‪83‬‬
‫اىف أ ْحهـ ـ ـ ـلحه‬ ‫الصـ ـ ـ ـ ْدق حو ح‬ ‫ِ‬
‫حوبِـالْـع ـ ـ ـرْو ِج ّ‬ ‫ـص ـ ـ ِديْق لحـ ــه‬ ‫قحـ ـ ْد فحـ ـ ِ ِ‬
‫ـاز ص ـ ـ ّديْق بِتح ْ‬ ‫ح‬ ‫‪26‬‬
‫حولِـ ْل حـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حو ِام حس ْـه ـ ـ ـ ـ ـ ـلحة ميحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيحرْه‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـحرْه‬
‫ـخـتح ح‬
‫ِِ ِ‬
‫حوحهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذه حعـق ْـيـ ـ ـ ـ ـ ـ حدة م ْ‬ ‫‪28‬‬
‫مـ ـ ــن ينـتح ـ ـ ـ ِمي للص ِاد ِق الْمصد ِ‬
‫وق‬ ‫ح ْ‬ ‫ح ْ حْ‬ ‫أح حـمد الْ حمـ ـ ـ ـ ـ ْرزوقِ ْي‬
‫ـك ْ‬ ‫اظـ ـ ـ ـم تـِْل ح‬‫نـ ِ‬
‫ح‬ ‫‪25‬‬
‫عـ ـلـى النبـِ ِّي حخ ـ ـ ـ ِْري حم ْن قح ْد حعل ـ ـ ـ حما‬ ‫وص ـ ـ ــلـى حسـل ـ ـ ـ ـ حما‬ ‫ِ‬
‫ـحـ ـ ـ ـ ْـمـد هلل ح‬
‫والْ ح‬ ‫‪29‬‬
‫حوك ِّـل حم ـ ـ ـ ـ ْـن ِِبحِْري حهـ ـ ـ ْدي يـح ْقتحـ ـ ـ ِدي‬ ‫ـب حوك ِـل م ْرِش ـ ـ ِد‬ ‫و ِ‬
‫اآلل والـص ـ ـ ـ ـ ْح ِ‬ ‫‪28‬‬
‫حونـح ْف ـ ـ ـ ـ حع ك ِّـل حم ْن ِهبحا قح ْد ا ْشتحـ ـ ـ ـ ـغح ْل‬ ‫ص الْ حع حمـ ـ ْل‬
‫إخـالح ح‬ ‫حوأح ْسـ ـ ـأحل الْـ حك ْح‬
‫ـرمي ْ‬ ‫‪22‬‬
‫ح ِرْخيـ ـ ـ ـها ( ِ ْيل حح ـ ـي غ ـ ـّر ) مجـ ـ ـ ِل‬ ‫اجلمـ ـ ِل‬‫أبْـيحـ ـ ـ ـاتـ حها ( حم ْـيـ ـ ــز ) بِ حـع ـ ـ ِّد ْ‬ ‫‪20‬‬
‫ِمـ ـ ـ ـ ْـن حو ِاجـ ـ ـ ـب ِيف ال ِّديْ ِن ِابلتـ ـ حم ِام‬ ‫حس ـ ـ ــم ْـيـت ـ ـ ـ ـ حها حع ِـق ْـيـ ـ ـ ـ حدةح الْ حـع ـ ـ ـ ـ ـ حو ِام‬ ‫‪26‬‬

You might also like