Professional Documents
Culture Documents
Uva HG VDL, HG LVMD
Uva HG VDL, HG LVMD
الجنائي الدولي
-الفوج الخامس-
الجريمة الجمركية
2
الجريمة الجمركية
وكما هو معلوم فان هذا النوع من الجرائم يكتسي أهمية بالغة في حقل الدراسات
القانونية نظرا للدور الذي يلعبه في إبراز أهم الخصوصيات الموضوعية و اإلجرائية
التي تتميز بها الجرائم الجمركية والتطرق إلى اإلشكاالت التي تطرحها.
كما سلف الذكر فللجريمة الجمركية طبيعة خاصة ،مما جعل المشرع المغربي
يضع لها مجموعة من المقتضيات الخاصة بها والتي تختلف في بعض األحيان عن
المبادئ العامة في القانون الجنائي سواء فيما يتعلق بالجانب الموضوعي أو اإلجرائي
لهذه الجريمة ،لهذا فان اإلشكال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو:
ما هي خصوصية المتابعة في الجرائم الجمركية ؟
ويتفرع عن هذا اإلشكال العديد من التساؤالت نعرضها كاآلتي:
ما هي أصناف الجرائم الجمركية ؟ و ما نطاق مسؤوليتها الجنائية؟
ما هي أسباب انقضاء الدعوى العمومية الجمركية؟
وما هي آليات مكافحة الجريمة الجمركية؟
5
الجريمة الجمركية
-من حيث الجزاء:
فانه باإلضافة إلى العقوبات الجنائية األصلية أو التكميلية ،يوجد أيضا تدابير
احتياطية و التي يمكن أن تصدر إما بقرار قضائي أو إداري بأمر من إدارة الجمارك &،و
إن كان هذا المقتضى األخير يلقى العديد من االنتقادات على أن اإلدارة الجمركية ال
يمكن أن تكون حكما و خصما في نفس الوقت.
-من حيث الطابع االقتصادي:
مراعاة لكثير من االعتبارات التي تمس مصالح الدولة و خاصة المصالح
االقتصادية و الضريبية و كذا الحفاظ على النظام الجمركي فان معظم التشريعات
احتفظت بمبدأ العقاب على الجريمة الجمركية.
و ذلك لكون هذه األخيرة تتصل اتصاال وثيقا بالنشاط االقتصادي و المالي للدولة ،و
السيما الدور المؤثر للسياسة الجمركية على السياسة االقتصادية التي تتبعها الدولة،
لتمويل مرافقها العامة ،و تنفيذ مشاريع التنمية ،و لعل أبرز مظاهر الطابع االقتصادي
للجريمة الجمركية تتجلال في توسيع دائرة المسؤولية عن هذه الجرائم ،و تقرير أن
المسؤولية من فعل الغير باإلضافة إلى إضفاء& مزيد من الضمانات& إلنجاح السياسة
االقتصادية و ذلك بالنص على مسؤولية األشخاص المعنوية ،حيث تعاقب هذه األخيرة
بالعقوبات التي تالءم طبيعتها فهي تمسها في مالها أو نشاطها كالغرامات& و
المصادرات&.
الفقرة الثانية :أركان الجريمة الجمركية
للجريمة بصفة عامة أركان ال يمكن أن تتحقق إال بوجودها ،و الجريمة الجمركية
شأنها شأن باقي كل الجرائم حيث البد أن تتوفر فيها عناصرها و أركانها ،حتى تكتسي
طابع التجريم ،غير أنها تعتبر شاذة و متمردة عن بعض القواعد األساسية للجريمة،
األمر الذي يحتم علينا التطرق له و كشفه في كل ركن.
أوال :الركن القانوني
يتمثل الركن القانوني للجريمة الجمركية في النص القانوني الذي يجرم و يعاقب
على كل إخالل بالقوانين الجمركية ،فما دام أن الركن القانوني بالمفهوم المادي ،يعني
6
الجريمة الجمركية
أن الفعل مهما كان ضارا بالفرد أو المجتمع فانه ال يعتبر جريمة إال إذا تدخل المشرع و
اعتبره كذلك بنصوص قانونية تجرم الفعل أو الترك و تعاقب الفاعل.4
بالرجوع إلى مدونة الجمارك نجد أن المادة 204قد نصت على أن " الجنحة أو
المخالفة الجمركية عمل أو امتناع مخالف للقوانين و األنظمة الجمركية و معاقب عليها
بمقتضى هذه النصوص " .فهذا النص و باقي النصوص األخرى التي تنظم القانون
الجمركي هي التي تضفي الشرعية على الجرائم الجمركية.
غير انه إذا كان مبدأ الشرعية يقتضي أن يكون الفعل المجرم محددا تحديدا كافيا ال
يسمح للملزمين به االعتذار بجهله ،فان القانون الجمركي يحدد فقط المبدأ العام للجريمة
الجمركية و تتكفل اإلدارة بتنظيم شروط التطبيق و هذا يتكرر في أغلبية النصوص .5و
هذا راجع إلى عدة اعتبارات منها الطابع التقني للعمل الجمركي و كذا صعوبة تحديد
بعض األفعال بشكل دقيق ،األمر الذي يؤدي بإدارة الجمارك& إلى إصدار العديد من
المراسيم التي من خاللها تقوم بعمل تشريعي أكثر ما هو تنفيذي.
و بالتالي فخصوصية الجريمة الجمركية من ناحية الركن القانوني الذي تقوم عليه ال
يتسم و طبيعة المحافظة على شرعية الجرائم المنصوص عليها في الفصلين 3و 4من
القانون الجنائي.
ثانيا :الركن المادي
يعرف الركن المادي للجريمة بأنه النشاط-سلبي/ايجابي -الذي يقوم به الجاني ،و يؤدي
إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية ،فتصبح عناصره هي :نشاطا ماديا ،نتيجة إجرامية و
عالقة سببية.6
و بالتالي فان أي فعل يخالف القانون الجمركي يعتبر جريمة جمركية سواء أكان ايجابيا
أو سلبيا كعدم التصريح مثال بالبضائع أو عدم تسجيلها ببيان الباخرة...الخ .و لهذا
فالعمل المخالف للقانون الجمركي ال يتطلب بالضرورة قيام نتيجة و هي حصول
الضرر أو االضطراب كما هو الحال في الجرائم المادية ،بل قد تجرم فقط الخطر و ال
تعتد بالنتيجة.
- 4عبد اللطيف بوعالم"المنازعات الزجرية في القانون الجمركي المغربي"رسالة لنيل الماستر في قانون األعمال و المقاوالت&-جامعة محمد الخامس-الرباط-
2008/ 2007ص .8
- 5البشير ازميزم"محاضرات في موضوع شرح القانون الجنائي المغربي،القسم العام،الجزء األول" 2017/2018ص .43
- 6الفصول 116-1145-114من القانون الجنائي المغربي.
7
الجريمة الجمركية
و الركن المادي في الجريمة الجمركية يمتاز ببعض الخصوصيات على مستوى كل من
المحاولة و كذلك المشاركة و هو ما سنحاول معالجته فيما يلي:
أ-المحاولة:
يعاقب القانون الجنائي على المحاولة في الجنايات& و في الجنح بمقتضى نص خاص،
أما في المخالفات فال عقاب عليها مطلقا .7أما المحاولة في الجريمة الجمركية فهي
معاقب عليها كالجريمة التامة نفسها ،و لو كانت األفعال التي تتصف بها مجرد بداية أو
بدءا في التنفيذ و ارتكبت خارج التراب الخاضع &،كالتهريب الذي تبدأ محاوالت مادياته
خارج أرض الوطن عبر الحدود المتاخمة للتراب الجمركي.8
و تجدر اإلشارة إلى أن المشرع في المادة الجمركية لم يحدد عناصر المحاولة و
المتمثلة في البدء بالشروع في التنفيذ لماديات الجريمة و انعدام العدول اإلرادي حسب
القانون الجنائي العام .و عموما فان المحاولة الجمركية يعاقب عليها كما يعاقب على
الجريمة التامة مع العلم أن الجريمة الجمركية هي إما جنحة أو مخالفة سواء كانت
الجريمة مستحيلة أو خائبة أو شكلية ،فمتى لم يحصل العدول االختياري و قبل التنفيذ
يعاقب على المحاولة.
ب-المشاركة:
يعاقب المشرع المغربي المشارك في الجناية و الجنحة بنفس عقوبة المرتكب األصلي
للجناية أو الجنحة ،و إما المشارك في المخالفات& فال عقاب عليه .و أما عقوبة المشاركة
في الجريمة الجمركية فهي نفس العقوبة المطبقة على المرتكبين األصليين ،فقد نصت
المادة 224من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على " :إن الشركاء و
المتواطئين في ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية تطبق عليهم وفق شروط الحق العام
نفس العقوبات المطبقة على المرتكبين الرئيسيين للجنحة أو المخالفة الجمركية."...
الحاالت& التي يعتبر فيها األشخاص متواطئين في ارتكاب الجنحة أو المخالفة
الجمركية فهي منصوص عليها في المادة 221من القانون الجمركي في فقرته الثالثة،
و هي غير الحاالت المنصوص عليها في القانون الجنائي ،و هي تتوزع بين:
-التحريض المباشر على من يرتكب الغش أو تسهيل ارتكابه بأية و سيلة من الوسائل ،و
ذلك نظرا ألن التهريب الجمركي ال يتم من طرف شخص واحد ،إذ هو سلسلة من
10
إبراهيم المقري ،خصوصية الجريمة الجمركية في التشريع المغربي ،ص 7
-11الفصل 279من ظهير أكتوبر& . 1977
12
عبد الوهاب عقالني ،القانون الجنائي الجمركي ،ص 105
10
الجريمة الجمركية
الحيازة غير المبررة بمفهوم الفصل 181من مدونة الجمارك للمخدرات والمواد
المخدرة.
لقد أثارت هذه الصورة جدال قانونيا بخصوص تحديد مفهوم الحيازة وحصر عناصرها
المادية ،فهناك من اعتبرها تلك الحيازة المادية الصرفة المتمثلة في التالمس المباشر
بين المخالف والمادة المخدرة ،وهناك من اعتبر أن مجرد السيطرة الفعلية على المخدر
تعتبر حيازة وليس بالضروري أن يكون هناك تالمس مباشر.13
أما فيما يخص القضاء& المغربي ،فقد جاء في قرار لمحكمة لنقض بتاريخ 25نونبر
2009أن "عنصر الحيازة الغير المبررة للمخدرات يتحقق إما وقاعا بمالمستها بصفة
مباشرة من طرف المتهم ،وإما حكما بالسيطرة الفعلية بواسطة الغير ،حتى ولو لم
يحصل أي اتصال مباشر بها من طرف المتهم".
كل خرق لألحكام المتعلقة بحركة وحيازة المخدرات والمواد المخدرة داخل دائرة
الجمارك&.
هذه الحالة تعتبر إحدى صور التهريب ،وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل& 282من
مدونة الجمارك وقد شدد المشرع في عقوبتها.
وجود المخدرات أو المواد المخدرة في مستودع أو مخازن وساحات االستخالص
الجمركي.
إن مجرد وجود مخدرات أو مواد مخدرة في مستودع أو مخازن وساحات االستخالص
الجمركي يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون الجمركي ،ألن هذا القانون يحضر وجود
مثل هذه المادة حتى ولو كانت مخزنة بدون ترخيص.
12
الجريمة الجمركية
وحيث إن الفصل 23من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة تنص على أنه
يعتبر محظورا جميع البضائع التي يكون استيرادها أو تصديرها ممنوعا بأي وجه
من الوجوه .أو خاضعا لقيود أو ضوابط الجودة أو التكييف أو اإلجراءات& الخاصة.
وحيث إن السيوف المحجوزة تعتبر سالحا بمفهوم المادة 303من ق.ج ومن البضائع
المحظورة".
االستيراد أو التصدير بدون تصريح مفصل عن طريق مكتب للجمرك إذا كان
ينتج عن عدم التصريح التجانف عن رسم أو التملص منه.
تتميز هذه المخالفة بسهولة ارتكابها ،فهي تتضمن عمل إيجابي يتمثل في إجراء عملية
14االستيراد أو التصدير ،وشق يتمثل في عدم إجراء التصريح المفصل.
عدم القيام داخل اآلجال المحددة بإيداع التصريح التكميلي المنصوص عليه في
الفصل& 76من مدونة الجمارك.
لتبسيط إجراءات االستخالص الجمركي ،قد تسمح اإلدارة بإيداع تصاريح احتياطية أو
مبسطة على أن يتم تقديم تصريح تكميلي مطابق للنموذج المنصوص عليه في الفقرة
الثالثة من الفصل& 94داخل اآلجال المحددة بقرار لوزير المالية.
لذلك فالفصل 94من القانون الجمركي يعاقب على عدم التصريح التكميلي داخل
اآلجال القانونية المحددة في القرار.15
حيازة البضائع من األماكن المشار إليها في الفصل& 27من مدونة الجمارك &،بعد
إيداع التصريح المفصل ،دون أن تكون الرسوم قد تم أدائها أو ضمانها وقبل
تسليم رفع اليد عن البضائع.
عدم تقديم البضائع الموضوعة بمخازن وساحات االستخالص الجمركي ،حسبما
هو معرف به في الفصل& 61بمجرد ما يطلب ذلك أعوان اإلدارة وكذا البضائع
المقدم بشأنها التصريح الموجز والمشار إليه في الفصل& 59من مدونة الجمارك.
هذه الحالة هي بمثابة التهريب الحكمي حتى ولو لم يحصل المهرب على ما أراده،
فالمشرع اقر بالمسؤولية المفترضة ،بمجرد توهم الموظفين أنهم خدعوا من المهرب
تقوم قرينة التهريب على هذا األخير.16
عدم تقديم البضائع تحت نظام المستودع عند أول طلب ألعوان اإلدارة.
عدم تقديم البضائع الموضوعة تحت نظام العبور والوثائق الجمركية التي يجب
أن ترفق بها بمجرد ما يطلب ذلك أعوان اإلدارة.
- 14عبد اللطيف بوعالم ،المنازعات الزجرية في القانون الجمركي المغربي ،ص 30
15
.قرار لوزير المالية رقم 1068-00الصادر في 24أغسطس 2004
16
.عبد اللطيف بوعالم ،مرجع سابق ،ص 42
13
الجريمة الجمركية
كل شطط متعمد في استعمال أنظمة المستودع الصناعي الحر أو القبول المؤقت
لتحسين الصنع الفعال أو القبول المؤقت أو العبور أو التحويل تحت مراقبة
الجمرك حسب مدلول الفصل& 286من مدونة الجمارك.
عدم تقديم البضائع الموضوعة تحت نظام المستودع الصناعي الحر أو إثبات
استعمال البضائع المذكورة بمجرد ما يطلب ذلك أعوان اإلدارة.
عدم تقديم البضائع المودعة تحت مسؤولية الحارس األمين عليها ،بمجرد ما
يطلب ذلك أعوان اإلدارة.
خرق مقتضيات الجزء السادس من مدونة الجمارك ،المتعلق بمراقبة أنظمة
اإلعفاء أو استيفاء الرسوم والمكوس عند االستيراد.
17
.عبد اللطيف بوعالم ،مرجع سابق ،ص 45
14
الجريمة الجمركية
استيراد أو تصدير بضائع غير محظورة أنجزت عن طريق مكتب للجمرك إما
بدون تصريح مفصل أو بحكم تصريح غير صحيح أو غير مطابق للبضائع
المقدمة عندما ال ينتج عن ذلك تجانف عن رسم أو مكس أو تملص منهما.
رفض تسليم الوثائق المشار إليها في الفصل 42من مدونة الجمارك.
كسر أو إتالف األختام المستعملة من طرف أعوان اإلدارة كما هو منصوص
عليه في الفصل 40من مدونة الجمارك.
18
الشلي محمد,الحبيب الدقاق,المصالحة الجمركية في القانون المغربي ,الطبعة األولى ص 258,2010
- 19ينص الفصل 223من مدونة الجمارك"يفترض في األشخاص اآلتي ذكرهم أنهم مسؤولون جنائيا:
األشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع المرتكب& الغش بشأنها وناقلوها.
ربانية السفن والبواخر والمراكب وقواد الطائرات فيما يخص اإلغفاالت والمعلومات& غير الصحيحة المالحظة في بياناتهم,وبصفة عامة فيما يخص الجنح
والمخالفات الجمركية المرتكبة على ظهر بواخرهم ومراكبهم وطائراتهم"...
- 20الحيازة هي حالة مادية تتمثل في سيطرة شخص ماديا أو فعليا على شخص أو حق,يستوي في ذلك أن يكون صاحب الحق أن ال يكون كذلك,والحيازة
قرينة بسيطة على الملكية يجوز إثبات عكسها,أنظر عبد الرزاق السنهوري,الوسيط في شرح القانون المدني,القاهرة 1968الجزء التاسع,ص 120
- 21قرار المجلس األعلى سابقا"محكمة النقض حاليا"عدد 427-2المؤرخ في 2005-4-13في الملف الجنحي عدد 04-24065منشور بمجلة المجلس
األعلى ماي ,2007العدد 67ص .277
16
الجريمة الجمركية
)2المسؤولية الجنائية للناقل:
كما هو معلوم أن مدونة الجمارك تلزم ناقلي البضائع المستوردة والمصدرة عن طريق
البر والبحر ،الحضور إلى أقرب مكتب للجمرك من مكان مرورها من أجل التصريح
المفصل بهذه البضائع ،فال يمكن أن تمر هذه البضائع من مكتب الجمارك بدون
ترخيص.
وعليه فمسؤولية الناقل تقوم على التزامه بمراقبة البضائع التي يقوم بنقلها &،ويتابع
الناقلون للبضائع ولو كان مالك البضاعة غير متابع ،كما يسأل الناقلون إذا كانوا سيئوا
النية ،إذا أنهم ساهموا في الغش أو ارتكبوا خطأ شخصيا وذلك بإدالئهم بتصريحات
خاطئة ،لكن يعفى من العقاب الناقلون الذين يثبتون على أنهم أدوا مهمتهم بصفة قانونية
وذلك بإثباتهم أن البضائع المذكورة قد أخفاها الغير في أماكن غير مراقبة عادة ،أو أنها
أرسلت عن طريق إرسالية يظهر أنها مشروعة قانونيا.22
)3المسؤولية الجنائية لربان السفن والبواخر وقواد الطائرات:
بالرجوع غلى الفقرة الثانية من الفصل 223من مدونة الجمارك السالفة الذكر ،يتضح
أن قيام مسؤولية ربان السفن والبواخر وقواد الطائرات مرتبطة بطبيعة المهام المنوطة
بهم.
وما يالحظ أن المسؤولية الجنائية تحرم المتهم من الحماية والضمانات التي توفرها له
قرينة البراءة ،حيث تصبح اإلدانة هي األصل والبراءة هي واجبة اإلثبات.23
وما يمكن استنتاجه من هذا المقتضى أن مسؤولية هؤالء الرؤساء المذكورين مبنية على
أساس قرينة قانونية سواء كان الفعل المكون للجريمة الجمركية مرتكبا من طرف
الرؤساء بصفة شخصية أو من طرف الغير.
ويمكن أن يعفى هؤالء الرؤساء من المسؤولية الجنائية إذا أقاموا البينة على أنهم قاموا
بجميع واجباتهم في الحراسة ،أو إذا تم العثور على مرتكب هذه الجنح أو المخالفات&
الجمركية ،أو إذا تبين بأنهم نقلوا بأمانة جميع البيانات المصرح بها من طرف الشاحن.
ومن خالل تحليلنا لمقتضيات الفصل& 223من مدونة الجمارك ،يتضح أن المسؤولية
الجنائية المنصوص عليها في هذا الفصل تتعارض مع مبدأ األصل في اإلنسان البراءة
الذي يعد من أهم المبادئ التي نص عليها الدستور المغربي وكذا قانون المسطرة
الجنائية ،نظرا ألن قواعد المسؤولية الجنائية في مدونة الجمارك تجعل عبئ اإلثبات يقع
على عاتق المتهم وليس على كاهل النيابة العامة أو إدارة الجمارك &،وهذا ما جعل
المدونة تتعرض إلى انتقادات& كثيرة من طرف جانب مهم من الفقه الجنائي.
-22امحمد برادة غزيول,مدونة وتنظيمات& الجمارك والضرائب غير المباشرة,دار النشر والمعرفة رقم 10شارع الفضيلة الحي الصناعي,مطبعة المعارف
الجديدة الرباط ,الطبعة الثانية ,200ص .10
23
سليمان عبد المنعم,النظرية العامة لقانون العقوبات,دار الجامعة الجديدة للنشر ,2000,ص - 278
17
الجريمة الجمركية
باإلضافة إلى األشخاص السالف ذكرهم ،فإن مدونة الجمارك تقر مسؤولية أشخاص
آخرين حددهم الفصل 222من المدونة هم:
موقعوا التصريحات فيما يخص اإلغفاالت والبيانات غير الصحيحة والجنح
والمخالفات& الجمركية األخرى المالحظة في تصريحاتهم:
تعتمد إدارة الجمارك على تقنية التصريح بالبضائع عند التصدير واالستيراد قصد تحديد
قيمة الرسوم والمكوس لهذه البضائع ،24وكذا مراقبة جودتها ،وكل إغفال لبيانات هذا
التصريح ،يعرض مرتكبه للمساءلة الجنائية ،نظرا ألنه يهدف من وراء ذلك إلى
تحقيق الربح ،وذلك بتقديم تصريح غير مطابق للبضاعة المراد تصديرها أو
استيرادها.
المؤتمنون عن عمل مستخدميهم فيما يخص العمليات الجمركية المنجزة بتعليمات
منهم:
تعد مسؤولية المؤتمن عن عمل مستخدميه الوجه المقابل لمسؤولية المصرح ،فقد يكون
المؤتمن هو مالك البضاعة الذي يوكل غيره للقيام نيابة عنه بالعمليات& الجمركية ،فإذا
أعطى هذا المالك تعليماته إلى شخص ما للتصريح والقيام باإلجراءات الجمركية،
وكانت هذه األخيرة تشكل خرقا للقانون الجمركي ،فإنه يعد مسؤوال مسؤولية جنائية في
مواجهة مستخدمه.
المتعهدون في حالة عدم تنفيذ االلتزامات الموقعة من طرفهم:
يمكن تعريف المتعهد بأنه ذلك الشخص الذي يحرر التعهد باسمه ،ويهدف هذا التعهد
إلى ضمان الوفاء بااللتزامات التي تقع عل عاتق المستفيد من النظم االقتصادية
الجمركية.25
بالرجوع إلى الفصل 222من مدونة الجمارك نجده ينص على أن المتعهد يسال جنائيا
في حالة عدم تنفيذ االلتزامات الوقعة من طرفه ،ويتعلق األمر بمستغلي مخازن
وساحات االستخالص الجمركي الذين يوقعون تعهدا عاما مكفوال يضمن االلتزام بتقديم
البضائع وأداء الرسوم والمكوس.
هذا فيما يخص الفاعلون األصليون في الجريمة الجمركية ،أما فيما يخص المشاركون
والمستفيدون من الغش ،فإننا نجد الفصل 221من مدونة الجمارك ينص على
أن"الشركاء المتواطؤون في ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية تطبق عليهم ،وفق شروط
الحق العام نفس العقوبات المطبقة على المرتكبين الرئيسيين للجنحة أو المخالفة
الجمركية ،ويمكن أن تطبق التدابير االحتياطية المنصوص عليها في الفصل& ."220
24
محمد الشلي ,المصالحة الجمركية في القانون المغربي,دار القلم الرباط ,الطبعة األولى ,2010ص - 319
- 25أحسن بوقسيمة,المنازعات الجمركية,دار هومة بوزريعة الجزائر,طبعة ,2005ص .407
18
الجريمة الجمركية
كما تطبق هذه العقوبات والتدابير االحتياطية على األشخاص الذاتيين أو المعنويين الذين
لهم مصلحة في الغش.
وفي غير الحاالت المنصوص عليها في القانون الجنائي يعتبر المتواطؤون في ارتكاب
الجنحة أو المخالفة الجمركية األشخاص الذين قاموا على علم بما يلي:
حرضوا مباشرة على ارتكاب الغش أو سهلوا ارتكابه بأية وسيلة من الوسائل.
اشتروا أو حازوا ولو خارج الدائرة بضائع ارتكب الغش بشأنها.
ستروا تصرفات مرتكبي الغش أو حاولوا جعلهم في مأمن من العقاب".
ب -المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي:
بعد الجدال الواسع الذي طال المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ،جاء المشرع
المغربي في مجموعة القانون الجنائي وأقر بشكل صريح في الفصل 127المسؤولية
الجنائية للشخص المعنوي ،ونفس األمر سار عليه في مدونة الجمارك في الفصل 227
منها ،والذي ينص على أنه "عندما ترتكب جنحة أو مخالفة جمركية من طرف
المتصرفين أو المسيرين أو المديرين لشخص معنوي أو من طرف العامل باسم أو
لحساب الشخص المعنوي ،ويمكن بصرف النظر عن المتابعات المالية ،وعند االقتضاء
التدابير االحتياطية المنصوص عليها في 3و 4و 6من الفصل& 220من مدونة
الجمارك".
من خالل الفصل& المذكور أعاله يتضح أن المشرع اشترط شرطا أساسيا إلقرار
المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي يتجلى في ارتكاب الجريمة الجمركية من طرف
شخص أو أشخاص ذاتيين باسم ولحساب الشخص المعنوي.
19
الجريمة الجمركية
المطلب األول :خصوصية المتابعة في الجريمة الجمركية
تتميز مسطرة المتابعة في الجريمة الجمركي&&ة بمجموع&ة من الش&كليات و الخصوص&يات
التي تتميز بها عن المسطرة العادية و سنبين ه&&ذا في فق&&رتين (الفق&&رة األولى) س&&نتطرق
لضوابط المتابعة بصفة عام&&ة ثم في (الفق&&رة الثاني&&ة) س&&نتطرق لخصوص&&ية إثب&&ات ه&&ذه
الجريمة.
الفقرة األولى :ضوابط المتابعة في الجريمة الجمركية
أوال :البحث و التحري في الجريمة الجمركية
تعتبر مرحلة البحث مرحلة بالغة األهمية ألنها تشكل البداية التي تتأسس عليها المراح&&ل
الالحقة.
فمتى وقعت جريمة من الجرائم تشرع السلطات المختصة في التحري عنها بهدف التأكد
من وقوعها و جمع األدلة عنها و ضبط مرتكبيها .26
فنظ&&را لتع&&دد الج&&رائم و اختالف طبيعته&&ا أن&&اط الق&&انون عملي&&ات و إج&&راءات البحث
التمهي&دي ألجه&زة مختلف&ة تتن&وع حس&ب ن&وع الجريم&ة أوال للش&رطة القض&ائية 27و ك&ذا
لبعض األع&&وان و الم&&وظفين ال&&ذين أس&&ند لهم المش&&رع المغ&&ربي بعض مه&&ام الش&&رطة
القضائية حسب مقتضيات الم&&ادة 27من ق&&انون المس&&طرة الجنائي&&ة حيث نص&&ت على "
يمارس موظفو و أعوان اإلدارات و المرافق العمومية الذين تس&&ند إليهم مه&&ام الش&&رطة
القضائية بموجب نصوص خاصة هذه المهام حس&&ب الش&&روط و ض&&من الح&&دود المتبين&&ة
في هذه النصوص ".
بحيث يمكن حسب المادة م&&ذكورة لبعض الم&&وظفين و األع&&وان أن يقوم&&وا ببعض مه&&ام
الشرطة القض&&ائية ك&&الوالة و العم&&ال و موظف&&و إدارة المي&&اه و الغاب&&ات& تم موظف&&و إدارة
الجم&&ارك و الض&رائب& غ&ير المباش&رة بحيث يختص ه&ذا الن&&وع من الم&&وظفين في ن&وع
خ&اص من الج&رائم ال&تي نظمته&ا مدون&ة الجم&ارك و الض&رائب غ&ير المباش&رة 28حيث
يقوموا موظفو هذه اإلدارة بالبحث و تحرير المحاضر& في المخالفات& الجمركية مثل :
29أحمد قليش .السعدية مجيدي .محمد زنون الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية مطبعة األمنية بالرباط الطبعة الرابعة ص . 14
30ينص الفصل 20من قانون المسطرة الجنائية على مايلي :يحمل صفة ضابظ للشرطة القضائية - :المدير العام للألمن الوطني .ووالة األمن و المراقبون
العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباطها .
-ضباظ الدرك الملكي و دو الرتب فيه و كدا الدركيون الدين يتولون قيادة فرقة أو مركز للدرك الملكي طيلة مدة هده القيادة .
-الباشوات و القواد .
-المدير العام لإلدارة مراقبة التراب الوطني و والة األمن و المراقبون العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباطها بهده اإلدارة فيما يخص الجرائم
المنصوص عليها في المادة 108من هدا القانون .
-يمكن تخويل صفة ضابط شرطة قضائية .
لمفتشي الشرطة التابعين لألمن الوطني ممن قضوا عن األقل ثالت سنوات بهده الصفة بقرار مشترك صادر من وزير العدل و وزير العدل و وزير الداخلية .
-للدركيين الدين قضوا على األقل ثالت سنوات من الخدمة بالدرك الملكي و عينوا اسميا بقرار مشترك من وزير العدل و السلطة الحكومية المكلفة بالدفاع
الوطني .
31ينص الفصل 33من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي -1 :يحمل اعوان اإلدارة المدعوون لتحرير المحاضر وكالة عمل ينبغي لهم
أن يدلو بها كلما طلبت منهم
-2يجب عليهم اداء اليمين طبقا للكيفيات& و الشروط المنصوص عليها في التنظيم المتعلق بيمين اآلعوان محرري المحاضر .
-3يضمن نص هدا اليمين مجانا في وكاالت& العمل .
21
الجريمة الجمركية
و إلى ج&&انب أع&&وان إدارة الجم&&ارك منح المش&&رع لفئ&&ة معين&&ة من أع&&وان الجم&&ارك
گاآلمرين بالصرف أو رئيس اإلدارة أن يق&&وم ببعض إج&&راءات البحث التمهي&&دي حس&&ب
ما نص عليه الفصل& 238من نفس المدونة .32
و هنا يمكن أن نطرح التساؤل حول ما الصالحيات التي تتمتع به&&ا إدارة الجم&&ارك& الى
جانب الشرطة القضائية في الحالة العادية ثم في حالة التلبس.
_ 1في الحالة العادية :
يتمتع أعوان إدارة الجمارك بعدة سلطات من أج&&ل القي&&ام بمه&&ام الض&&بط و اإلثب&&ات ذل&&ك
مقابل منحهم حصانة و حماية قانونية أتناء قيامهم بمه&&امهم طبق&&ا لم&&ا نص علي&&ه الفص&&ل
32من مدون&&ة الجم&&ارك و الض&&رائب& غ&&ير المباش&&رة 33و يمن&&ع على أي ش&&خص أن
يعترض مزاولة مهامهم كما أوجب على الس&&لطات المدني&&ة و العس&&كرية و أع&&وان الق&&وة
العمومية تق&&ديم المس&&اعدة لهم أتن&&اء ممارس&&تهم مه&&امهم باإلض&&افة إلى منحهم ح&&ق حم&&ل
السالح بشكل قانوني للممارسة مهامهم مع استعماله ضد كل من األشخاص و الحيوانات
و العربات في الحاالت& المسموح بها في الفصل 34من نفس المدونة المذكورة.
فمن االختصاصات التي يتمتعون بها في إطار البحث التمهيدي العادي :
حق معاينة البضائع و وسائل النقل و هذه المعاين&&ة تتم داخ&&ل مك&&اتب الجم&&ارك أو
خارجها&
تفتيش األشخاص و مراقبة هويتهم .
تفتيش المساكن و المحالت المعدة لالستعمال المهني.
حق الحجز و الضبط.
حجز البضائع المهربة و وسائل النقل المستعملة إلخفاء الغش.
حجز المستندات و الوثائق.
32ينص الفصل 238من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي :مأمورو اإلدارة المرتبون على األقل من درجة مماثلة لسلم األجور رقم
11و اآلمرون بالصرف يمكنهم وحدهم لحاجات البحث التمهيدي أن يحتفظوا رهن إشارتهم طبق شروط قانةن المسطرة الجنائية بشخص أو بعدة أشخاص
يرتابون في إرتكاب جنحة جمركية أو مشاركتهم فيها .
33ينص الفصل 32من مدونة الجما رك و الضرائب غير المباشرة على مايلي -1 :يحمي القانون أعوان اإلدارة و يمنع كل شخص أن يعترض مزاولة
مهامهم& بمجموع التراب الجمركي بما في دلك الطرق السيارة .
- 2يجب على السلطات المدنية و العسكرية و على أعوان القوة العمومية ان تقدم بمجرد ما يطلب منها دلك يد المساعدة إلى أعوان اإلدارة للقيام بمهامهم.
22
الجريمة الجمركية
بالرجوع لقانون المسطرة الجنائية نجد أن المشرع حدد الحاالت& التي يتحقق فيه&&ا التلبس
بالجناية أو بالجنحة من خالل المادة 56منه و خول صالحيات& اس&&تثنائية ألع&&وان إدارة
الجمارك& في حالة ارتكاب جريمة جمركية في حالة التلبس فمن بين هذه الصالحيات&:
إلقاء& القبض و الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية :
لقد خول المش&&رع الجم&&ركي من خالل الفص&&ل 239من مدون&&ة الجم&&ارك و الض&&رائب
غير المباشرة ألعوان محرري المحاضر& الجمركية الحق في إلقاء& القبض على األض&&ناء
في حالة التلبس بالجنحة فقط دون المخالف&&ات& األخ&&رى و وجب أن يتم االحتف&&اظ ب&&المتهم
من طرف م&&أموري اإلدارة الجمركي&ة ال&&ذين ال تق&ل درجتهم عن درج&&ة مفتش إقليمي و
اآلمرون بالصرف دون غيرهم من األعوان الجمركيين بص&&ريح الفص&&ل 238من نفس
المدونة.
االعتقال االحتياطي :
34
يعد االعتقال االحتياطي تدبيرا استثنائيا يعمل به في الجنايات& و الجنح السالبة للحري&&ة
حيث يلجأ إليه في حالة انتفاء ض&&مانات الحض&&ور &،أم&&ا بخص&&وص الجنح الجمركي&&ة فال
يكفي ت&&وفر ض&&مانات الحض&&ور لتف&&ادي االعتق&&ال االحتي&&اطي في حال&&ة التلبس ب&&الجنح
الجمركية.
فحسب الفصل 253من مدونة الجم&&ارك و الض&&رائب غ&&ير المباش&&رة إذا ك&&انت عقوب&&ة
الحبس مستحقة ولو لم يحكم فورا في جوهر القضية و لم يق&&دم الض&&نين ض&&مانات& كافي&&ة
كان السراح المؤقت متوقفا إما على تقديم وديعة نقدية أو في شكل شيكات مصادق عليها
إلى صندوق قابض الجمارك و إما على تقديم كفيل الذم&&ة يض&&من أداء العقوب&&ات& المالي&&ة
المستحقة .
غير أنه كاستثناء على ما سبق يمكن للضنين المعتق&&ل أن يس&&تفيد من س&&راح م&&ؤقت دون
تق&&ديم وديع&ة أو كفال&ة لكن ش&ريطة قب&&ول النياب&ة العام&ة و اإلدارة و ه&ذا م&&ا نص علي&ه
الفصل& 35 257من المدونة.
م&&ا يمكن مالحظت&&ه ه&&و أن&&ه في حال&&ة التلبس بجنح&&ة جمركي&&ة يلج&&أ المتلبس إلى إج&&راء
االعتقال االحتياطي نظرا لخطورة الجريمة و إعتبارها من الجرائم التي يص&&عب متابع&&ة
مرتكبها في حالة سراح نظرا لخطورتها ،و التلبس في النظام الجمركي األص&&ل ب&&ه ه&&و
34شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول لوزارة العدل الطبعة األولى ص . 276
35ينص الفصل 257من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي :خالف لمقتضيات الفصول 253و 254و 255أعاله يمكن أن يستفيد
الظنين المعتقل بصفة إحتياطية من سراح مؤقت دون تقديم وديعة أو كفالة ادا قبلت دلك النيابة العامة و اإلدارة .
23
الجريمة الجمركية
االعتقال االحتياطي و االستثناء هو الس&راح الم&ؤقت ذل&ك حس&ب م&ا ج&اء في الفص&ول
253إلى 257من نفس المدونة.
و نشير إلى أن وجود أعوان إدارة الجمارك إلى جانب الشرطة القضائية ه&&و دلي&&ل على
الدور الهام المخول لهؤالء األعوان و لمدى خبرتهم في البحث نظ&&را النتم&&ائهم للمي&&دان
الجم&&ركي مم&&ا ق&&د يس&&هل مأموري&&ة البحث و التع&&اون بين الط&&رفين إلنج&&از اإلج&&راءات
بصورة مشتركة و هنا المشرع جمع بين جهتين جهة الش&&رطة القض&&ائية كجه&&ة قض&&ائية
له&&ا الخ&&برة العام&&ة في مي&&دان البحث و تحري&&ر محاض&&ر بش&&أن ذل&&ك ثم ألع&&وان إدارة
الجم&&ارك كجه&&ة إداري&&ة تنتمي إلدارة خاص&&ة و هي إدارة الجم&&ارك و الض&&رائب& غ&&ير
المباش&&رة مم&&ا لهم من دراي&&ة كافي&&ة إلنج&&از مه&&امهم ذات طبيع&&ة االقتص&&ادية و الجبائي&&ة
الحمائية على كل عملي&&ة إس&&تراد و تص&&دير للبض&&ائع و ك&&ذا تحص&&يل الرس&&وم المس&&تحقة
عنها.
الجهة المختصة لتحريك الدعوى العمومية :
من المتف&&ق علي&&ه تش&&ريعيا و قض&&اء أن ال&&دعوى العمومي&&ة مل&&ك خ&&اص للنياب&&ة العام&&ة
باعتبارها الجهاز القضائي الذي أوكل له المش&&رع حماي&&ة و حراس&&ة المجتم&&ع من جمي&&ع
اإلختالالت التي تتنافى مع األحكام المنظمة و الضابطة لحركة المجتمع.
فالمش&&رع المغ&&ربي أوك&&ل للنياب&&ة العام&&ة مهم&&ة إقام&&ة و ممارس&&ة ال&&دعوى العمومي&&ة و
مراقبتها حسب المادة 36من قانون المسطرة الجنائية أي تحريكها و تتبعه&&ا و مراقبته&&ا
إلى غاية تنفيذ الحكم الصادر بشأنها 36لما لها من سلطة مالئم&ة ال&تي تعطي له&ا الخي&ار
في إقامة الدعوى العمومية أو إصدار قرار بحفظها.
إال أنه كاستثناء عن القاعدة العامة نجد أن هذه المهمة موكول&&ة كاس&&تثناء لبعض الجه&&ات
أو األشخاص غير النيابة العامة أو موكولة لتلك الجهات بمعية النيابة العامة حيت نصت
الفق&&رة الثاني&&ة من الم&&ادة 3من ق&&انون المس&&طرة الجنائي&&ة على م&&ا يلي " يقيم ال&&دعوى
العمومية و يمارسها قضاة النيابة العامة كم&&ا يمكن أن يقيمه&&ا الم&&وظفين المكلف&&ون ب&&ذلك
قانونا ".
و من ضمن ه&&ذه الجه&&ات& نج&&د المش&&رع ق&&د منح ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة و ك&&ذا إلدارة
الجمارك& و الضرائب& غير المباشرة ح&&ق إث&&ارة ال&&دعوى العمومي&&ة في نط&&اق المتابع&&ات
المتعلقة بالجرائم الجمركية.
36
شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول الطبعة األولى ص .26
24
الجريمة الجمركية
فبالرجوع إلى مدونة الجمارك و الض&&رائب غ&&ير المباش&&رة نج&&د أن األص&&ل في تحري&&ك
الدعوى العمومية من اختصاص إدارة الجمارك و أن دور النيابة العامة استثنائي فقط.
فحسب الفصل 249من نفس المدونة نص على ما يلي :
أ -في حالة ارتكاب جنحة من الجنح الجمركية المنصوص عليها و المحددة في الفصلين
279المكرر م&&رتين و 281بع&&ده يت&&ولى تحري&&ك ال&&دعوى العمومي&&ة النياب&&ة العام&&ة أو
الوزير المكلف بالمالية أو مدير اإلدارة أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك .
ب -ال يمكن في حال&&ة ارتك&&اب المخالف&&ات الجمركي&&ة المنص&&وص عليه&&ا و المح&&ددة في
الفصول 285و 294و 297و 299بعده تحريك الدعوى العمومي&&ة إال بمب&&ادرة من
الوزير المكلف بالمالية أو مدير اإلدارة أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك.
إذ يتضح من خالل الفص&ل& الم&&ذكور أن&&ه إذا تعل&&ق األم&&ر بمتابع&&ة زجري&&ة تخص الجنح
الجمركي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في الفص&&لين 279المك&&رر م&&رتين و 281من مدون&&ة
الجمارك& و الضرائب& غير المباشرة فإن الدعوى العمومية تقام من طرف النياب&&ة العام&&ة
أو من طرف الوزير المكل&&ف بالمالي&&ة أو من ط&&رف م&&دير إدارة الجم&&ارك& و الض&&رائب&
غير المباشرة أو من طرف من يمثله و المؤهل قانونا لذلك.
أما إذا تعلق األم&&ر بالمتابع&&ات ال&&تي تخص المخالف&&ات& الجمركي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في
الفصول 285و 294و 297و 299من نفس المدون&&ة الس&&ابق ذكره&&ا ف&&إن ال&&دعوى
العمومية تقام فقط من طرف الوزير المكلف بالمالية أو من طرف م&&دير إدارة الجم&&ارك
و الضرائب غير المباشرة أو من طرف من يمثله و المؤهل قانونا لذلك .37
و هذا بالنسبة للمشرع المغربي أما بالنسبة للتشريعات المقارنة فق&&د اختلفت بش&&كل كب&&ير
في تحديد من له الحق في تحريك الدعوى العمومية فالتش&ريع المص&ري 38أعطى الح&ق
لم&دير اإلدارة أو لمن ين&وب عن&ه في حين التش&ريع التونس&ي 39لم ينص على مقتض&يات
40
خاصة و بالتالي بقي الحق إلقامة الدعوة العمومية للنيابة العامة تم التش&&ريع الفرنس&&ي
فرق بين نوعين من الج&رائم الجمركي&ة ف&أعطى الح&ق بالنس&بة للجنح الجمركي&ة للنياب&ة
العامة و المخالفات& لمدير اإلدارة.
37دراسة في القانون الجنائي المغربي للدكتور عبد اللطيف كرازي الطبعة الثانية لسنة 2019ص .136
38ينص الفصل 124من قانون الجمارك المصري على مايلي " :ال يجوز رفع الدعوى الجنائية في الجرائم الجمركية إال بناء على طلب كتابي من وزير
المالية أو من يفوضه" .
39ينص الفصل 319من قانون الجمارك التونسي على مايلي " :تحيل النيابة العامة على إدارة الديوانة كل المعلومات التي تتحصل عليها و التي تفترض
وجود مخالفة ديوانية او أية مناورة ترمي أو ينتج عنها مخالفة القوانين و التراتيب التي لها صلة بتطبيق& مجلة الديوانة و دلك بمناسبة النظر في قضايا مدنية
أو تجارية أبحث جزائي ولو إنتهى دلك بعدم سماع الدعوى ".
40
25
الجريمة الجمركية
و على هذا يمكن القول أن المشرع المغربي حاول التوفيق بين مصلحتين مصلحة عام&&ة
و أخرى خاصة عندما أشرك النيابة العامة إلى ج&&انب ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة و م&&دير
إدارة الجمارك& أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك في تحريك الدعوى العمومية ألنه&&ا تتض&&من
عقوب&&ات بدني&&ة و أخ&&رى مالي&&ة ،41نظ&&را لخط&&ورة ه&&ذه الجنح على الص&&حة العام&&ة
الرتباطه&ا بالمخ&درات و الم&واد المخ&درة المنص&وص عليه&ا في الفص&ل 279المك&رر
مرتين في مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة .
ومن جهة أخرى آلثارها على االقتصاد الوطني الرتباطها بعمليات التهريب المنصوص
42
عليها في الفصل& 281من نفس المدونة
و نش&&&ير إلى أن السياس&&&ة الجنائي&&&ة بش&&&أن المخالف&&&ات و الجنح الجمركي&&&ة تخ&&&رج عن
اختصاص الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض فإذا كان يشرف على السياسة الجنائي&&ة
و يبلغه&&ا إلى ال&&وكالء الع&&امين للمل&&ك طبق&&ا للق&&انون . 33.17ففي مي&&دان المخالف&&ات& و
الجنح الجمركية تبقى بيد وزير المالية و مدير إدارة الجمارك .
45
الشرح العملي للمنازعات الجمركية في التشريع المغربي لكريم لحرش ص. 324
46
الشرح العملي للمنازعات الجمركية في التشريع المغربي لكريم لحرش ص. 257
28
الجريمة الجمركية
أوال :األشخاص المكلفون بإثبات الجرائم الجمركية
أعطى المشرع مهمة إثبات الجريمة الجمركية لك&&ل من أع&&وان إدارة الجم&&ارك و ك&&ذلك
لضباط الشرطة القضائية و كذا ألع&&وان و مح&&ررو المحاض&&ر الت&&ابعين للق&&وة العمومي&&ة
طبقا لما نص عليه الفصل 233من مدونة الجمارك و الضرائب& غير المباشرة.47
و يالحظ من الفصل السالف الذكر أن المشرع أعطى األسبقة في اإلثب&&ات ألع&&وان إدارة
الجمارك& على ضباط الشرطة القضائية على عكس القواعد العامة و ذلك راجع باألساس
إلى كون أعوان إدارة الجمارك أكثر معرفة بالميدان الجمركي و الج&&رائم ال&&تي يمكن أن
ت&&رتكب في&&ه و علي&&ه ف&&إن أع&&وان إدارة الجم&&ارك يمكنهم أن يقوم&&وا بإثب&&ات الجريم&&ة
الجمركية بكل الوسائل القانونية الممكنة كما سبق ذكر هذا إال أن المشرع اش&&ترط بعض
الشروط لمزاولة هذه المهام و هي:
التوفر على وكالة عمل حيث توفر لهم هذه الوكالة حماية قانونية و يتم اإلدالء به&&ا كلم&&ا
طلب منه ذلك ثم أداء اليمين القانونية .
و نش&&ير إلى أن الفص&&ل 42من نفس المدون&&ة ال&&تي س&&بق ذكره&&ا ينص على أن&&ه يمكن
ألع&&وان اإلدارة المرت&&بين على األق&&ل في درج&&ة مماثل&&ة لس&&لم األج&&ور رقم 8و ض&&باط
الجم&&ارك و ك&&ذا األع&&وان الم&&وكلين له&&ذا الغ&&رض من ط&&رف م&&دير اإلدارة أن يط&&البو
بالحصول على السجالت و المس&&تندات و الوث&&ائق و الول&&وج إلى المعلوم&&ات كيفم&&ا ك&&ان
نوعها المتعلقة بالعمليات التي تهم عملهم ."...
و يعد رفض تقديم هذه الوثائق مخالفة جمركية من الدرجة الثانية.
ثانيا :النطاق المكاني إلثبات المخالفات الجمركية
المراقب&&ة الجمركي&&ة إم&&ا أن تتم داخ&&ل المك&&اتب و ه&&و المك&&ان الع&&ادي للقي&&ام بالعملي&&ات
الجمركية أو على طول الحدود السياسية الجمركية للدولة ثم داخ&&ل ال&&دائرة الجمركي&&ة أو
على التراب الخاضع& لها.
ثالثا :أنواع المحاضر& الجمركية
يمكن تعريف المحضر الجمركي بأنه وسيلة قانونية هدفها إثبات جريم&&ة ارتكبت أو هي
في طور االرتكاب يتم تحريره من طرف موظف مختص ومؤهل للقيام بعملية اإلثبات.
47ينص الفصل 233من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي " :يقوم بإتباث األفعال المخالفة للقوانين و األنظمة الجمركية أعوان اإلدارة
الدين ادو اليمين طبقا للشروط المحددة في الفصل 233من هده المدونة و ظباط الشرطة القضائية و كدا كل األعوان و محرروا المحاضر التابعون للقوة
العمومية .
29
الجريمة الجمركية
والمشرع قبل أن ينص على أنه يجوز إثبات المخالفة الجمركية بجميع الط&&رق القانوني&&ة
األخرى أكد في الفصل 234من مدون&&ة الجم&&ارك على أن&&ه تثبت المخالف&&ات& الجمركي&&ة
عن طريق الحجز أو عن طريق البحث.
وبذلك تبقى محاضر الحجز والبحث أهم وس&ائل اإلثب&ات في الم&ادة الجمركي&ة ،وح&تى
تتمتع هذه المحاضر بقوتها القانونية يلزم أن تت&&وفر فيه&&ا البيان&&ات والش&&كليات ال&&تي نص
عليها المشرع في مدونة الجمارك.
و نش&&ير الى أن&&ه تختل&&ف ق&&وة حجي&&ة ه&&ذه المحاض&&ر حس&&ب نوعه&&ا ،وتثبت المخالف&&ات
الجمركية عن طريق الحج&ز& أو عن طري&ق البحث .ففي الحال&&ة األولى يس&&مى المحض&&ر
حجز و في الثانية يسمى إثبات وه&&ذا م&&ا أك&&ده المجلس األعلى محكم&&ة النقض حالي&&ا في
أحد قراراتها 48الذي جاء فيه" :يؤخ&&ذ بمحض&&ر إدارة الجم&&ارك بش&&أن حجي&&ة التص&&ريح
الك&&اذب لص&&نف البض&&ائع المس&&توردة ،ب&&الرغم من ك&&ون ه&&ذا المحض&&ر ال يتض&&من
تصريحات& المخالف ،ألن&&ه ليس من الالزم في التش&&ريع الجم&&ركي االس&&تماع دوم&&ا تحت
طائلة البطالن ،إذا لم تكتب المخالفة الجمركية والتي يمكن التثبت منه&&ا ،إم&&ا عن طري&&ق
الحجز أو عن طريق البحث".
فمن خالل ه&&ذا الق&&رار ،يت&&بين أن المس&&طرتين الم&&ذكورتين أعاله تس&&فران عن وض&&ع
المحاضر ،التي هي األداة األكثر استعماال في إثب&&ات المخالف&&ات الجمركي&&ة ،لم&&ا له&&ا من
أهمية وقوة ثبوتية خاصة.
لذلك عين لها المشرع شكليات وقواعد حددها على سبيل الحص&&ر في الفص&&ل 240من
مدونة الجمارك ،فالمحاضر المنجزة وفق الفصل المذكور من ط&&رف ع&&ونين ف&&أكثر من
أع&&وان إدارة الجم&&ارك له&&ا ق&&وة ثبوتي&&ة مطلق&&ة على خالف وس&&ائل اإلثب&&ات األخ&&رى
المنصوص عليها في الفصل 242وما بع&&ده من مدون&&ة الجم&&ارك .وس&&نحاول الخ&&وض
بتفصيل في كل نوع من أنواع المحاضر& الجمركية:
-1محضر الحجز
يكتس&&ي محض&&ر الحج&&ز أهمي&&ة بالغ&&ة في إثب&&ات الج&&رائم الجمركي&&ة في حال&&ة التلبس
خصوصا في ج&&رائم الته&&ريب و الغش في البض&&ائع المرتكب&&ة في المراك&&ز الحدودي&&ة أو
داخل النطاق الجمركي حيث يحق لإلدارة الجمارك وض&&ع ي&&دها على الش&&يء المحج&&وز
حتى تتمكن من اإلثبات المادي للجريم&&ة ال&&تي ت&&دعي وجوده&&ا و تتمكن من اإلدالء أم&&ام
48
30
الجريمة الجمركية
49
القضاء& بجسم الجريمة عندما تكون طرفا في الدعوى و تجدر اإلشارة الى أنه بمجرد
أن تتم عملية الحجز يتم توجيه األش&&ياء المحج&&وزة إلى أق&&رب مكتب أو مرك&&ز جم&&ركي
من مكان وقوع الحجز و إيداعه فيه غير أن&ه إذا تع&ذر ذل&&ك لظ&روف ق&اهرة فإن&ه يتعين
حينئذ وضع البضائع المحج&&وزة تحت حراس&&ة المخ&&الف أو غ&&يره 50و تحري&&ر محض&&ر
الحجز التي يجب أن تتوفر فيه مجموع&&ة من الش&&روط و الش&&كليات القانوني&&ة و البيان&&ات
الالزمة ،و المحضر& يمكن أن يكون إما في حالة حجز البضائع و وسائل النق&&ل أو حج&&ز
الوثائق و وسائل األداء.
و بالنسبة لحجز الوثائق فإما أن يتدخل ع&&ون إدارة الجم&&ارك& بمجه&&وده الخ&&اص لتبس&&يط
هذه البيانات أو تلخيصها في إطار المحضر المنجز أو يلزم موقفا محايدا يتمث&&ل في نق&&ل
هذه البيانات كليا أو جزئيا من الوثيقة إلى المحضر بعد أن يضع البيان&&ات أو يأخ&&ذ نس&&خ
من هده الوثائق إلرفاقها بالمحضر أو حجزها عندما يك&&ون االس&&تدالل بأص&&ل الوثيق&&ة ال
غنى عنه.
-2محضر البحث
بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية نجده ينص في المادة 18على أنها نصت على ما
يلي " :يعهد إلى الشرطة القضائية تبعا للبيانات& المقررة في هذا القسم بالتثبت من وق&&وع
الجرائم وجمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها".
وتنصيص المشرع على جمع األدلة يكون ضمن محض&&ر يس&&مى محض&&ر البحث &،وه&&ذه
السلطة مخولة لهم كذلك في إطار البحث في المخالفات الجمركية على اعتبار أنهم أيضا
لهم الحق في التثبت من وقوع الجرائم الجمركية باإلضافة إلى أعوان إدارة الجمارك.
وفي هذا اإلطار يمكن حجز جميع األشياء والمستندات التي قد تكون مفيدة للكش&&ف عن
الحقيقة حيث يكون الحجز& مجرد إجراء تقتضيه ضرورة البحث &،ولهذا عين الفصل 42
وخاصة في فقرته األولى األشخاص الذين يجوز لهم القي&&ام ب&&البحث و ح&&ددهم في مفتش
مساعد على األقل والضابط الجمركي ،حيث لم يعد األمر يهم الجميع.
وعلى العموم فإن البحث بإدارة الجمارك يستدعي بالض&&رورة خل&&ق مص&&الح متخصص&&ة
في معالجة المعلومات والحصول عليها بما يتطلب ذلك القي&&ام بعملي&&ة البحث في الوث&&ائق
وبجميع األدلة.
49محمد محبوبي ورشام الطاكي م س ص . 20
50حسن الطاهري ' اإلجراءات الجنائية المركبة بين القواعد العامة و مدونة الجمارك ' رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم الجنائية كلية الحقوق جامعة
القاضي عياض بمراكش السنة الجامعية 2011.2012ص . 24
31
الجريمة الجمركية
وبعد التطرق إلى أنوع المحاضر الجمركي&&ة من حيث طبيع&&ة التثبت ،ه&&ل ه&&و حج&&ز أو
بحث ،يظهر لنا جليا أن هذا النوع من المحاضر يعطي خصوص&&ية لإلثب&&ات في المي&&دان
الجمركي عن الميدان الجنائي بصفة عامة .فبالرغم من أن المشرع الجمركي تب&&نى مب&&دأ
حرية اإلثبات وذلك باللجوء إلى كافة وسائل اإلثب&&ات القانوني&&ة إال أن&&ه أعطي للمحاض&&ر
الجمركية مكانة متميزة ضمن وسائل اإلثبات وهو األمر الذي يدفعنا إلى التس&&اؤل ح&&ول
حجية هذه المحاضر بعد بيان أهم البيانات الواجب توفرها في المحاضر السابق ذكرها.
بيانات تحرير المحاضر الجمركية:
تختلف الشكلية التي يجب توفرها في المحضر& باختالف نوع المحض&&ر بحيث أن&&ه هن&&اك
أنواع عدة من المحاضر& نذكر منها على سبيل المثال محضر الحجز تم محض&&ر الض&&بط
ثم محض&&ر االس&&تماع و ك&&ذلك محض&&ر المواجه&&ة و أهم م&&ا يم&&يز المحاض&&ر الجمركي&&ة
الش&&كليات المعق&&دة س&&واء بظ&&روف تحريره&&ا أو من حيث البيان&&ات ال&&واجب توفره&&ا
إلعطائها الحجية و هذه الشكليات تعتبر ضرورية لإلثبات فبالنسبة للبيانات العامة فيجب
أن يتوفر في المحضر:
تاريخ و مكان تحريره و كذا االختتام -
أسماء و صفات& و مساكن األعوان محرري المحاضر& -
تاريخ و ساعة و مكان الحجز& أو اإلثبات و التصريحات& التي قد يدلي بها م&&رتكب -
أو مرتكبو الفعل الذي يكون خرقا للقوانين و األنظمة الجمركية
و يجب أن توقع هده المحاضر من ط&رف محرره&&ا و من ط&رف مرتك&&بي الفع&ل -
كانوا حاضرين أو رفضهم هدا التوقيع ينص على دلك في الوثائق المذكورة
و تسلم نسخة من تلك المحاضر إلى مرتكبي األفعال الحاضرين. -
و يجب عالوة على ذلك أن ينص محضر الحجز على مجموعة من البيانات األخرى
و التي تتمثل في:
أسباب الحجز و وصف األشياء المحجوزة م&&ع بي&&ان نوعه&&ا و جودته&&ا و كميته&&ا و
كدا التدابير المتخذة لضمان إي&&داعها أو حراس&&تها أو حفظه&&ا و ك&&ذلك هوي&&ة الح&&ارس
المعين عند االقتضاء مع موافقته و توقيعه و حضور أو غياب مرتك&بي األفع&ال عن&د
وصف األشياء المحج&&وزة و المالحظ&&ات ال&&تي ق&&د يق&&دمها و الس&&ماح عن&&د االقتض&&اء
باستالم البضائع غير المحظورة أو وسائل النقل مقابل كفالة أو وديعة .51
51
الشرح العملي للمنازعات الجمركية لكريم الحرش ص . 271
32
الجريمة الجمركية
و نش&&ير الى أن المحاض&&ر الجمركي&&ة معف&&اة من إج&&راءات& التن&&بر و التس&&جيل حس&&ب
الفصل& 241من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.
حجية المحاضر الجمركية:
في إط&&ار ممارس&&ة أع&&وان الجم&&ارك& مه&&امهم يقوم&&وا بإثب&&ات &،المخالف&&ات& المتعلق&&ة
بالتش&&ريعات والتنظيم&&ات الجمركي&&ة ،ال&&تي تتكل&&ف إدارة الجم&&ارك والض&&رائب غ&&ير
المباشرة بتطبيقها ويتمتعون في ه&&ذا المج&&ال باختصاص&&ات& واس&&عة يتعين ممارس&&تها في
توافق ومراعاة لحريات األفراد.
ولهذه المحاضر المنجزة من قبل أعوان إدارة الجمارك أو حتى ضباط الشرطة القضائية
في إطار التثبت من المخالفات الجمركية حجية تختل&&ف عن المحاض&&ر المنج&&زة من قب&&ل
ضباط الشرطة القضائية في إطار التثبت من جرائم القانون العام.
فالمحضر& الجمركي يت&&وفر على أهمي&&ة خاص&&ة في مج&&ال اإلثب&&ات ،ف&&إذا ك&&انت القاع&&دة
العامة في الق&انون الجن&ائي تقض&ي ب&أن القاض&ي& يحكم بحس&ب قناعت&ه ،وأن&ه غ&ير مقي&د
بوسيلة من وسائل اإلثب&&ات ش&&ريطة التعلي&&ل ،ف&&إن المقتض&&يات ال&&تي يخص به&&ا المش&&رع
المغربي المحاضر& الجمركية تشكل استثناء عن القاعدة ،فالقاض&&ي مقي&&د في حق&&ل إثب&&ات
المخالفات& بالوقائع المادية المثبتة في محاضر الجمارك.52
وب&&الرجوع إلى الفص&&ل 242من مدون&&ة الجم&&ارك و الض&&رائب& غ&&ير المباش&&رة نج&&ده
تطرق إلى القوة الثبوتية للمحاضر الجمركية حيث ج&&اء في&&ه " :إن المحاض&&ر المح&&ررة
بشأن الجنحة أو المخالفة ألحكام ه&&ذه المدون&&ة من ط&&رف ع&&ونين إلدارة أو أك&&ثر يعتم&&د
عليها في اإلثباتات المادية المضمنة في المحاضر إلى أن يطعن في صحتها.
ويعتم&&د عليه&&ا في ص&&حة وص&&دق اإلق&&رارات والتص&&ريحات المتلق&&اة إلى أن يثبت م&&ا
يخالفها&.
أم&&ا المحاض&&ر المح&&ررة من ط&&رف ع&&ون واح&&د إلدارة فيعتم&&د عليه&&ا إلى أن يثبت م&&ا
يخالفها& وكذا الشأن بالنسبة للمحاضر المحررة من ط&&رف األع&&وان مح&&رري المحاض &ر&
التابعين لإلدارات أخرى ما لم تكن هناك نصوص خاصة".
52
33
الجريمة الجمركية
ومن خالل استقراء ه&&ذا الفص&&ل يت&&بين لن&&ا أن المحاض&ر& من حيث الق&&وة الثبوتي&&ة تنقس&&م
لنوعين :محاضر يعتمد عليها إلى أن يطعن في حجيتها بالزور ،ومحاض&ر يعتم&د عليه&ا
إلى أن يثبت ما يخالفها.
أوال :محاضر ذات حجية مطلقة
أعطى المش&رع أهمي&ة خاص&ة للمحاض&ر ال&تي ينجزه&ا الموظف&ون واألع&وان المكلف&ون
ببعض مهام الشرطة القضائية بنص في المادة 292من قانون المس&&طرة الجنائي&&ة أن&&ه":
إذا نص قانون خاص على أنه ال يمكن الطعن في مضمون بعض المحاضر أو التق&&ارير
إال بالزور ،فال يمكن -تحت طائلة البطالن -إثبات عكسها بغير هذه الوسيلة".
وكما رأينا في الفصل 242من مدونة الجمارك فالنص صريح ع&&دم وج&&وب الطعن في
صحة المحاضر& المنجزة من قبل عونين فأكثر إال بالزور .وه&&ذا م&&ا ذهبت إلي&&ه محكم&&ة
النقض في أح&&د قراراته&&ا ل&&ذي ج&&اء في&&ه " :اإلثبات&&ات المادي&&ة المنض&&مة في المحاض&&ر
المنجزة من طرف خمس&&ة أع&&وان للجم&&رك &،بش&&أن المخالف&&ات الجمركي&&ة تكتس&&ي حجي&&ة
مطلقة ال يمكن دحضها إال بالطعن بالزور وفق الكيفيات والشروط المنصوص عليها في
الفصل& 244من مدونة الجمارك ،تستوي في ذلك اإلثبات&&ات المادي&&ة الفني&&ة وغيره&&ا من
اإلثباتات ما دام النص المقرر بمقتضاه هذه الحجية جاء مطلقا وغير مقيد بأن تكون تل&&ك
اإلثباتات غير فنية أو تقنية".
وهنا يتبين في حالة إنجاز محضر خاص بجريمة جمركية من طرف ع&&ونين أو أك&&ثر ال
يمكن الطعن في مضمون هذا المحضر إال بالزور كما نصت على ذلك الم&&ادة 244من
مدون&&ة الجم&&ارك مم&&ا يوض&&ح أن الط&&ابع الزج&&ري ه&&و الس&&ائد في مي&&دان إثب&&ات الجنح
والمخالفات الجمركية.
وهذا فالمحاضر& المنجزة من طرف عونين إلدارة سواء تعلق األمر بمحاض&&ر البحث أو
الحجز لها قوة ثبوتية مطلقة إلى حين الطعن فيها بالزور.
ويقع على عاتق من يدعي عدم ارتكابه أية مخالفة للقوانين واألنظمة الجمركية في حالة
الحج&&ز على البض&&ائع ع&&بر إثب&&ات م&&ا يدعي&&ه .واإلش&&كال ال&&ذي يط&&رح هن&&ا أن&ه إذا ك&&ان
المشرع الجمركي يعطي حجية مطلقة بالنسبة للمحاض&ر& المنج&&زة من ط&&رف ع&&ونين أو
أكثر فيما يخص اإلثباتات المادية ،وذلك بصريح الفصل 242من مدونة الجمارك &،فانه
لم يحدد لنا طبيعة هذه المعاينات المادي&&ة ،أي الوق&&ائع المادي&&ة ال&&تي يمكن اعتباره&&ا دليال
ماديا له حجية مطلقة في حالة تضمينه ضمن المحضر الجمركي.
34
الجريمة الجمركية
وبالرجوع إلى القضاء& المغربي نجد هناك تطور فيما يخص التعام&ل م&ع ه&ذه اإلش&كال،
ففي مرحلة أولى تعاملت محكمة النقض م&&ع الفص&ل& 242من مدون&&ة الجم&&ارك بمنط&&ق
شمولي معتبرا أن المعاينة بكافة أجزائها ومحتوياتها له&&ا نفس الدرج&&ة من األهمي&&ة ،وال
يمكن الطعن فيه إال بالزور قبل أن يعمل يع&&د ذل&&ك على تحدي&&د طبيع&&ة اإلثب&&ات المادي&&ة
المعين&&ة بص&&ياغة ه&&ذا النص ،والمقص&&ود باإلثبات&&ات المادي&&ة ش&&اهده أو عاين&&ه أع&&وان
الجمارك& وقائع المخالفة وأثارها وكيفية ضبطها ومكان ارتكاب الجنحة ون&&وع البض&&اعة
وظروف إلقاء& القبض إلى غير من الوقائع المادية.
وتج&&در اإلش&&ارة إلى أن ص&&عوبة الطعن ب&&الزور في ه&&ذه المحاض&&ر& تعرض&&ت لبعض
االنتقادات &،خاصة أن المحاكم تفضل التعامل مع محاضر ضابط الشرطة القضائية على
محاضر الجمارك رغم أنها غالب&&ا م&&ا تك&&ون ملحق&&ة بالش&&كاية أو طلب المتابع&&ة ألن ه&&ذه
المحاضر& التي تفترض فيها النزاهة والشفافية والدقة غالب&&ا م&&ا ال تح&&ترم فيه&&ا الش&&كليات
القانوني&&ة كم&&ا أن محرريه&&ا في الواق&&ع بعي&&دين عن اإلش&&راف الق&&انوني ال&&ذي يجب أن
تمارس النيابة العامة على جميع أصناف الشرطة القضائية.
ثانيا :محاضر ذات حجية نسبية
تنقس&&م ه&&ذه المحاض&&ر إلى ث&&الث أن&&واع ،وهي محاض&&ر مح&&رر من ط&&رف ع&&ون واح&&د
إلدارة ،وكذلك المحاضر& المضمنة لإلقرارات والتصريحات& المتلقاة سواء كانت مح&&ررة
من طرف عون واحد أو أكثر ،وأخيرا المحاضر المحررة من طرف األع&وان مح&رري
المحاض &ر& الت&&ابعين إلدارات أخ&&رى .و محاض&&ر الش&&رطة القض&&ائية المنج&&زة في إط&&ار
التثبت من المخالفات& الجمركية ،تلحق بالنوع الثالث من المحاضر وذل&&ك تطبيق&&ا للم&&ادة
290من قانون المسطرة الجنائية.
وإذا كان األصل أي عبء اإلثبات يق&ع على من ادعى ف&إن ق&انون الجم&ارك خ&رج على
هذه القاعدة بحيث جعل عبء اإلثبات في الم&&واد الجمركي&&ة على الم&&دعى علي&&ه أي على
المتهم فليس لإلدارة الجم&&ارك أو النياب&&ة العام&&ة إثب&&ات نس&بة الجريم&&ة إلى المتهم وإنم&&ا
على المتهم إثب&&ات براءت&&ه ،وفي ه&&ذا الص&&دد قض&&ت المحكم&&ة العلي&&ا الجزائري&&ة "ان
المحاضر& الجمركي&&ة تثبت ص&&حة م&&ا ج&&اء فيه&&ا من اعتراف&&ات وتص&&ريحات م&&ا لم يثبت
العكس علما بأن العكس يقع على عاتق المتهم".
ويك&ون األم&ر ك&&ذلك إذا تعل&ق باعتراف&&ات ف&إذا ح&دث أن المتهم المش&رف في محض&&ر
جمركي بارتكابه المخالفة الجمركية ،تم تراجع عن اعترافه المسجل في المحضر ،وق&&دم
35
الجريمة الجمركية
إثباتا لبراءته دليال كتابيا كأن يقدم مثال ج&&واز س&&فره ،يفي&&د بأن&&ه في ت&&اريخ الوق&&ائع ك&&ان
مسافر إلى الخارج أو يقدم شهودا يؤكدون بأنه لم يكن حاضر يوم الوقائع ففي مثل ه&&ذه
الحالة يجوز الحكم ببراءته.
وإذا كان عبء اإلثبات ينقل إلى المتهم ،فإن هذا النوع من المحاضر& يمكن للمتهم إثبات
عكس ما ورد فيها بالوسائل القانونية.
وذلك ألن المحاضر المحررة من طرف عون واحد إلدارة الجمارك أو غ&&يرهم ض&&باط
الشرطة القضائية ليست لها نفس القوة الثبوتية للمحاضر المحررة من ط&&رف ع&&ونين أو
أكثر وهو ما أشارت إليه الفقرة الثالثة من الفصل& 242من مدون&&ة الجم&&ارك ال&&تي ج&&اء
فيها أنها يعتمد عليها إلى أن يثبت ما يخالفهما".
أما بالنسبة لإلق&&رارات والتص&&ريحات ،فالقاع&&دة أنه&&ا توث&&ق بالمحض&&ر إلى أن يثبت م&&ا
يخالف ذلك سواء حرر المحضر من طرف عونين أو أعوان واحد.
ويجب أن نفرق في هذا الصدد بين وجود التصريحات& في حد ذاتها ومضمونها.
فمضمون تلك االعترافات أو التصريحات بإمكان األط&&راف مناقش&&تها وإثب&&ات عكس&&ها،
وق&&د نص المش&&رع الجم&&ركي ص&&راحة في الفق&&رة الثاني&&ة من الفص&&ل 242من مدون&&ة
الجم&&ارك على أن&&ه ال يعتم&&د علي&&ه في ص&&حة وص&&دق اإلق&&رارات والتص&&ريحات إلى أن
يثبت ما يخالفها ،وبذلك فإن المشرع أضفى عليه&&ا الق&&وة الثبوتي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في
الفصل& 290من قانون المسطرة الجنائية ،حيث جعلها حجة نحو صاحبها ما لم يثبت ما
يخالفها&.
و تج&در اإلش&ارة إلى أن االجته&اد القض&ائي اس&تقر على أن ال&تراجع عن االع&تراف ال
ينال من قيمة الثبوتية ،بل على المتراجع أن يدلي بحجة تقنع المحكمة أن ما ص&&در عن&&ه
أمام أعوان إدارة الجمارك& لم يكن هو الحقيقة.
بقي أن نش&&ير أن المدون&&ة الجم&&ارك& المغربي&&ة ج&&اءت& بحقيق&&ة مطلق&&ة ،إذ أنه&&ا لم ت&&بين
الوسائل التي يمكن أن ي&&دحض به&&ا مض&&مون المحض&&ر ،وفي غي&&اب نص ص&&ريح يحكم
كيفية إثبات العكس في الحاالت األخرى يكون االحتكام إلى القواع&&د العام&&ة .وق&&د ت&&دخل
القضاء& المغربي في هذا الغموض فقرر مبدأ حرية إثبات ما يخالف ما ضمن بالمحضر.
وخالصة القول فالمحاضر& في الميدان الجمركي تتميز بحجية مطلقة ،بت&&وافر ش&&روطها،
على عكس المحاضر األخرى .وال ترتبط قوة المحضر الجمركي بموض&&وعه أو محل&&ه،
36
الجريمة الجمركية
وإنما بعدد األعوان الموقعين عليه فسواء تعل&&ق األم&&ر بجنح&&ة أو مخالف&&ة ،وس&&واء تعل&&ق
األمر بمحضر الحج&ز& أو محض&&ر البحث ،ف&&إن المحض&&ر الموق&&ع من ط&&رف ع&&ونين أو
أكثر من أعوان الجمارك يوثق بمض&مونه إلى أن يتم الطعن في&ه ب&الزور ،أم&ا المحض&ر
الموقع من طرف عون واحد فيوثق بمضمونه ويمكن دحضه بإثبات العكس.
وحجية هذه المحاضر تفرض بالمقابل على القاضي الزجري التعامل معها بكيفية تضمن
لها المكانة التي خولها المشرع لها.
وتعامل القاضي& مع هذه المحاضر& يكون حسب نوعية هذه المحاضر& أهي محاض&&ر ذات
حجية مطلقة أم محاضر ذات حجية نسبية.
37
الجريمة الجمركية
انطالق&&ا من الم&&ادة الرابع&&ة أعاله و مدون&&ه الجم&&ارك يت&&بين أن المش&&رع
الجمركي أعطى أهمية للمصالحة والتقادم لذلك سوف نعطي أهمية في دراس&&تنا
لهذه األسباب.
أوال :المصالحة الجمركية كسبب إلنهاء الدعوى الجمركية
-1تعريف المصالحة:
بالرجوع إلى مدونة الجمارك والضرائب غ&&ير المباش&&رة نج&&دها لم تع&&ط
للمصالحة الجمركية تعريف محدد وهذا ما جعل الفقه يجتهد .حيث عرفها احمد
عرفت ختامي بأنها إجراء يؤدي&&ه المتهم في ال&&دعوى الجنائي&&ة ب&&دفع مبل&&غ معين
إلى خزينة الدول&&ة كي تتمكن من ع&&دم رف&&ع ال&&دعوى ض&&ده .كم&&ا عرفه&&ا محم&&د
مرزاق عبد الرحمن ابليال بأنها تدبير إداري محض تملك إزاءه إدارة الجم&&ارك
سلطة تقديرية واسعة فيشكل تنازال عن بعض حقوقها المقررة قانونا ،واالمتياز
لها لتجنيب الدعاوى& وإنهائه&&ا قب&&ل الحكم أو بع&&ده .كم&&ا نج&&د المش&&رع المغ&&ربي
يعرفها بواسطة الفصل 1098من قانون التزامات والعقود& بأنها" :الصلح عق&&د
بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه ،وذل&ك& بتن&&ازل ك&&ل منهم&&ا
لآلخر عن جزء مما يدعي لنفس&&ه ،أو بإعطائ&&ه م&&اال معين&&ا أو حق&&ا" ومن خالل
هذا الفصل يتبين أن المصالحة& هي بمثابة اتفاق يجمع بين طرفين أو أكثر قصد
التوصل& إلى حل بشان نزاع قائم.
*خصائص المصالحة:
المصالحة عقد ملزم للجانبين :فمقابل تن&&ازل إدارة الجم&&ارك عن المتابع&&ة يل&&زم
الطرف اآلخ&ر ب&أداء ب&دل الص&لح+المص&الحة& تك&ون ج&اهزة قب&ل ص&دور حكم
نهائي وبعد صدور حكم نه&&ائي+المص&&الحة& ت&&ؤدي إلى وض&&ع ح&&د لل&&نزاع والى
سقوط الدعوى العمومية ض&&د المل&&زم وتص&&بح بع&&د المص&&ادقة نه&&ائي ال رج&&وع
فيها.
*شكليات عقد المصالحة:
38
الجريمة الجمركية
حتى تكون المصالحة صحيحة و س&&ليمة قانون&&ا ينبغي أن تت&&وفر فيه&&ا مجموع&&ة
من الشروط الش&&كلية& ال&&تي س&&نعمل على تبيانه&&ا في ه&&ذا المق&&ام .وحس&&ب الفق&&رة
األخيرة من الفصل 276من مدونه الجم&&ارك والض&&رائب الغ&&ير مباش&&رة ال&&تي
تنص على انه "يجب أن تثبت المصالحة كتاب&&ة على ورق م&&دموغ في ع&&دد من
النسخ األصلية يعادل عدد األطراف الذين& لهم مصلحة مستقلة فيها" وال يشترط
فيه&&ا أن ت&&برم في وقت معين ،حيث يمكن أن تق&&ترح المص&&الحة قب&&ل تحري&&ر
المحضر أو أثناءه كما يمكن أن تقترح أثن&&اء النظ&&ر في ال&&دعوى العمومي&&ة قب&&ل
صدور حكم نهائي .ويختلف شكل المصالحة تبعا لوجود& محضر إثبات الجريمة
من عدمه وذلك& إلى نموذجين:
المصالحة المعتبرة كمحضر:
تكون في الحالة ال&&تي يك&&ون فيه&&ا المحض&&ر الزال لم يح&&رر ،وفي حال&&ة م&&ا إذا&
أسرع المخالف إلى طلب المص&&الحة قب&&ل تحري&&ر المحض&&ر المثبت للمخالف&&ة أو
الجنحة الجمركية فان اإلدارة بعد قبولها لذلك& تثبته عن طريق مصالحة معت&&برة
كمحضر ،فتضع حدا للنزاع وهي األغلب انتشارا .وهذا النموذج يصطلح علي&&ه
تس&&ميته ب :المص&&الحة قب&&ل أو بع&&د الحكم وتك&&ون في الحال&&ة ال&&تي يك&&ون فيه&&ا
المحضر قد حرر.
-2آثار المصالحة:
ي&&ترتب على المص&&الحة الجمركي&&ة المبرم&&ة بص&&فه قانوني&&ة آث&&ار مهم&&ة تختل&&ف
حس&&&ب اختالف وقت المص&&&الحة& ال&&&تي يمكن أن تتم قب&&&ل ص&&&دور حكم وبع&&&د
صدوره ،كما تترتب عنها آثار أخرى تجاه االغيار...
أ :آثار المصالحة& قبل صدور حكم نهائي:
يترتب على المصالحة الجمركية قبل صدور حكم نهائي في الموضوع انقض&&اء
دعوى النيابة العامة ودعوى& اإلدارة الجمركي&&ة ،وذل &ك& حس&&ب الم&&ادة 273من
مدونه الجمارك والضرائب الغير مباشره" وإذا وقع الص&&لح& وص&&ار نهائي&&ا قب&&ل
الحكم النهائي ترتب عليه بالنسبة إلى األطراف المتعاقدة انقضاء دع&&وى النياب&&ة
39
الجريمة الجمركية
ودعوى اإلدارة "وعليه إذا& تمت المصالحة على مس&&توى إدارة& الجم&&ارك وقب&&ل
وصول& الملف إلى القضاء فان اإلدارة& المذكورة& تقوم بحفظ الملف ،أما إذا& ك&&ان
الملف بيد النيابة لعامة ولم يصل بعد إلى قض&&اء الحكم ف&&ان النياب&&ة العام&&ة هي
األخرى تقوم بحفظ المل&&ف ،وأم&&ا إذا ح&&ركت ال&&دعوى العمومي&&ة ف&&ان المحكم&&ة
تصرح بسقوط الدعوى العمومية بناءا على المص&&الحة الجمركي&&ة ال&&تي أب&&رمت
بين طرفي ن&&زاع .وه&&ذا& م&&ا ص&&ارت علي&&ه المحكم&&ة االبتدائي&&ة بطنج&&ة في حكم
صادر عنها والذي ج&&اء في&&ه "حيث أن المحكم&&ة ومن خالل حال&&ة التلبس ال&&ذي
ضبط عليها المتهمين واعترافاتهما التمهيدي&&ة اقتنعت بثب&&وت جنح&&ة الحي&&ازة في
ح&&ق المتهمين ويتعين التص&ريح بمؤاخ&&ذتهما من اجله&ا .وحيث أن تن&ازل إدارة&
الجم&&ارك عن مطالبته&&ا الجمركي&&ة إلى س&&قوط دعواه&ا& العمومي&&ة ،وحيت يتعين
التصريح تبعا لذلك بسقوط الدعوى العمومية بخصوص الجنحة الجمركية".
40
الجريمة الجمركية
للمص&&الحة الجمركي&&ة اث&&ر نس&&بي حيث تقتص&&ر آثاره&&ا على أطرافه&&ا وعلي&&ه ال
تترتب أي اثر على الغير فال يستفيد منه&&ا األش&&خاص ال&&ذين ش&&اركوا المتهم في
ارتكاب المخالفة وال تشكل المصالحة ال&&تي تتم م&&ع اح&&د المخ&&الفين ح&&ائزا أم&&ام
متابعة األشخاص اآلخرين الذين ساهموا معه في ارتك&&اب المخالف&&ة أو ش&&اركوه
هذه من جهة ،ومن جهة أخرى في المصالحة ال ترتب ضرر لغير عاقديها ف&إذا
ابرم احد المتهمين مع إدارة& الجم&&ارك المص&&الحة ف&&ان ش&&ركاءه ال يلزم&&ون بم&&ا
ي&&ترتب على ه&&ذه المص&&الحة من آث&&ار في ذم&&ة المتهم ال&&ذي ابرمه&&ا ،وال يمكن
إلدارة الجمارك أن تحتج باعتراف المتهم الذي تصالحت معه بارتكاب المخالفة
إلثبات إذناب شركائه .لكن تج&&در اإلش&&ارة إلى أن آث&&ار المص&&الحة في مواجه&&ة
الغير تختلف بحسب ما إذا تمت المصالحة& قبل أو بع&&د ص&&دور الحكم النه&&ائي.
فالمص&&الحة ال&&تي تتم قب&&ل ص&&دور حكم نه&&ائي ال تل&&زم الغ&&ير طبق&&ا لمقتض&&يات
الفصل 276من مدونة الجمارك والضرائب غير مباشرة .أما األشخاص الذين
يبرمون مصالحة بعد ص&&دور حكم نه&&ائي ف&&إنهم يك&&ون مل&&زمين حس&&ب الفص&&ل
213من مدونه الجمارك والضرائب المباشرة وتأدي&&ة المص&&اريف والغرام&&ات
والمصادرات على وج&&ه التض&&امن ،ك&&ذلك يمكن إلدارة الجم&&ارك أن تس&&تخلص
دينها بمقتضى عقد مصالحة في مواجهة الخل&&ف الع&&ام للهال&&ك .ويط&&رح تس&&اؤل
بخصوص الكفيل أيضا بمعنى هل ملزم بأداء مقابل أم انه غ&&ير مل&&زم؟ الق&&انون
الجمركي ال يقدم إجابة واضحة على هذا اإلشكال لكن ب&الرجوع إلى مقتض&&يات
الفصل 230من مدون&&ه الجم&&ارك ال&&تي تل&&زم الكفالء بق&&در م&&ا تل&&زم المل&&زمين
الرئيسيين بأداء الرسوم والعقوبات المالية مما يعني أن الكفيل يكون مل&زم ح&تى
ولو& يشترط موافقته على المصالحة آو علمه بها.
ثانيا :التقادم
يحيل التقادم كسبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية ،على تلك الواقعة
المادية التي تنشا بمرور وقت محدد بدقه من المشرع ابتداء من ت&&اريخ اق&&تراف
الجريمة دون مباشرة أي إجراء ضد مرتكبيه&&ا من ف&&اعلين أص&&ليين ومس&&اهمين
ومشاركين بقصد حق الدولة في العقاب .فيصبح النشاط أو الفعل المج&&رم يت&&أثر
بواقعة التقادم هذه وكان المشرع نزع عن&&ه ص&&فته اإلجرامي&&ة فيص&&بح ال عق&&اب
41
الجريمة الجمركية
عليه والفعل س&واء بس&&واء .وب&&الرجوع إلى مدون&ه الجم&ارك والض&&رائب الغ&&ير
مباشرة نجد أن الجريمة الجمركية تتقدم بمضي أرب&&ع س&&نوات ب&&دون تمي&&يز بين
أصناف هذه الجريمة ،أي أن مدة التقادم هي نفس الم&&دة& الم&&ذكورة س&&واء تعل&&ق
األمر بالجنحة الجمركية بطبقاتها أو المخالفة الجمركي&&ة بك&&ل طبقاته&&ا األرب&&ع.
وج&&اء به&&ذا الخص&&وص في الفص&&ل 239المك&&رر من مدون&&ه الجم&&ارك ان&&ه
"بالرغم من جمي&&ع األحك&&ام المخالف&&ة له&&ذا الفص&&ل ،تتق&&ادم الجنح او المخالف&&ات
الجمركي&&ة بانص&&راف أرب&&ع س&&نوات تبت&&دئ من ي&&وم ارتك&&اب ه&&ذه الجنح او
المخالفات .كما جاء في الفصل 261المك&&رر ان&&ه "ب&&الرغم من جمي&&ع األحك&&ام
المخالفة ،تتقادم العقوبات المالية الصادرة بش&&ان الجنح او المخالف&&ات الجمركي&&ة
بماضي أرب&&ع س&&نوات ابت&&داء من ي&&وم ص&&دور الحكم بش&أنها ال&&ذي اكتس&ب ق&وة
الشيء مقضي به .وتجدر اإلشارة إلى أن ه&&ذه الفص&&ول 239المك&&رر و 261
المكرر قد تم تعديلهما بواسطة قانون المالية رقم 18.08للسنة المالي&&ة 2019
الصادر& بتاريخ 20دجنبر .2018حيث كانت مدة تقادم الجرائم الجمركية قبل
التعديل محددة في خمس سنوات .ومعلوم ،فان التقادم في إطار قانون المس&&طرة
الجنائية مدته تختل&&ف حس&&ب نوعي&&ة الجريم&&ة ،حيث ح&&دد المش&&رع م&&دة التق&&ادم
الجنايات في 15سنة ،وحددها في أربع سنوات بالنسبة للجنح ،فيما ح&&ددها في
سنه واحدة& بالنسبة لمخالف&&ات وه&&ذا م&&ا تنص علي&&ه الم&&ادة الخامس&&ة من ق&&انون
المس&&طرة& الجنائي&&ة .ومن تم يتض&&ح االختالف بين مقتض&&يات ه&&ذا الق&&انون و
أحك&&ام مدون&&ة الجم&&ارك والض&&رائب الغ&&ير مباش&&رة به&&ذا الخص&&وص .وه&&ذا
االختالف ال&&ذي إذا ك&&ان يعكس جانب&&ا من ج&&وانب خصوص&&يات المس&&اطر في
الم&&ادة& الزجري&&ة الجمركي&&ة فان&&ه يعكس في ال&&وقت نفس&&ه مظه&&را من مظ&&اهر
الصرامة والشدة التي تميز تلك المساطر.
ثالثا :موت المتابع
إن اعتبار موت المتابع س&&ببا من أس&&باب س&قوط ال&&دعوى العمومي&&ة ،يعت&&بر
نتيجة منطقية لحادث&&ة الوف&&اة ال&&تي لم يع&&د معه&&ا أي ج&&دوى وه&&دف من تحري&&ك
الدعوى العمومية ،وهذه& األخيرة تهدف إلى توقيع العقاب على مرتكب الجريمة
بهدف تحقيق الردع العام وإعادة& إدماج الجاني في المجتمع ،والحال& أن مرتكب
42
الجريمة الجمركية
الفعل الجرمي لم يعد على قيد الحياة ،مما تنتفي معه الغاي&&ة من تحري&&ك ال&&دعوة&
العمومية .كما أن هناك مب&&دأ شخص&&ية المس&&ؤولية& الجنائي&&ة والغاي&&ة من العقوب&&ة
والمتمثل&&ة في من&&ع الج&&ان من الع&&ودة& إلى الس&&لوك& اإلج&&رامي .ل&&ذلك& ف&&ان وف&&اة
الشخص المتابع يضع حدا لل&&دعوى العمومي&&ة او تنفي&&ذ العقوب&&ات الص&&ادرة& في
حقه ،وهو األمر الذي يفرض التمييز في المادة الجمركي&ة بين حال&ة الوف&اة قب&ل
صدور الحكم وحاله الوفاة بعد صدور الحكم:
-1-1موت المتابع قبل صدور الحكم:
خصص&&ت مدون&&ه الجم&&ارك حال&&ة م&&وت المتهم قب&&ل ص&&دور الحكم في
الدعوى العمومية في المادة& الجمركية بنوع من الخصوصية& ال&&تي اعت&&برت في
الفصل 251منها على انه "إذا توفى مرتكب فع&&ل مخ&&الف للق&&وانين واألنظم&&ة
الجمركية قبل إي&&داع ش&&كاية أو قب&&ل ص&&دور حكم أو ق&&رار نه&&ائي أو قب&&ل إب&&رام
المصالحة يحق للوزير المكلف بالمالي&&ة أو ممثل&&ه أن يطلب من رئيس المحكم&&ة
االبتدائية بواس&&طة ملتمس مص&&ادرة األش&&ياء مح&&ل ال&&نزاع القابل&&ة للتط&&بيق ه&&ذه
العقوبة عليها"يهدف المشرع المغربي من وراء ذلك& الى توفير الحماية القانونية
لحق&&وق الخزين&&ة العام&&ة من خالل حكم المحكم&&ة الم&&ذكورة& بمص&&ادرة األش&&ياء
القابلة للتطبيق الجزاء عليها نتيجة خرق القوانين واألنظم&&ة الجمركي&&ة الجاري&&ة
العمل بها .مساير بذلك توجه الذي اقره في مقتض&&يات الفص&&ل 89من الق&&انون
الجنائي" يؤمر بالمصادرة كتدبير وق&&ائي بالنس&&بة لألدوات واألش&&ياء المحج&&وزة
ال&تي يك&ون ص&نعها أو اس&تعمالها أو حمله&ا أو حيازاته&ا أو بيعه&ا جريم&ة ول&و
كانت تلك األدوات او األشياء على ملك الغير وحتى لو لم يص&&در حكم باإلدان&&ة
"حيث أن م&&وت المت&&ابع ال ي&&ؤثر إال على الفاع&&ل الرئيس&&ي في ارتك&&اب الجنح
والمخالفات الجمركية دون المشاركين المتواطئين أو من لهم مصلحة في الغش.
كما ال تؤثر هذه الوفاة إال بالنسبة للدعوى العمومية دون ال&&دعوى المدني&&ة ال&&تي
يمكن رفعه&&ا على الورث&&ة في ح&&دود& الترك&&ة به&&دف اس&&تخالص ك&&ل ال&&ديون
والمستحقات التي تركه&&ا المتهم من وراءه قب&&ل ال&&دخول إلى المؤسس&&ة الس&&جنية
التي قيدت حريت&&ه نتيج&&ة الرتكاب&&ه أفع&&ال مخالف&&ة للق&&انون واألنظم&&ة الجمركي&&ة
الجاري العمل بها.
43
الجريمة الجمركية
-1-2موت المتابع بعد صدور الحكم:
تتمت&&ع حال&&ه م&&وت المت&&ابع بع&&د ص&&دور الحكم في ال&&دعوى العمومي&&ة في
القواع&د& العام&&ة بمكان&&ة خاص&&ة ال&&تي ال تس&&مح بتنفي&&ذ العقوب&&ات الجزائي&&ة على
الشخص المت&&ابع المت&&وفى ،ب&&ل تت&&أثر تركت&&ه ببعض العقوب&&ات المالي&&ة وه&&ذا م&&ا
نصت عليه المادة 50من القانون الجنائي" موت المحك&وم علي&ه ال يح&ول دون
تنفيذ الجزاءات المالية على تركته "بل أكثر من ه&&ذا ان الفص&&ل 94من ق&&انون
الجنائي ينص على أن "موت المحكوم عليه ال يحول دون تنفي&&ذ ت&دابير الوقائي&&ة
العينية" وفي المادة& الجمركية اطر المشرع المغربي ح&&االت م&&وت المت&&ابع بع&&د
صدور الحكم كأحد أسباب سقوط الدعوى العمومية في إطار مقتضيات الفص&&ل
265من مدونه الجمارك والضرائب غير المباشرة على انه "إذا& توفى مرتكب
الفع&&ل مخ&&الف للق&&وانين واألنظم&&ة الجمركي&&ة قب&&ل تس&&ديد الغرام&&ات ومب&&الغ
المص&&ادرات والعقوب&&ات المالي&&ة واألخ&&رى المحك&&وم به&&ا علي&&ه أو المص&&الحات
المقبولة من طرفه إمكانية متابعة التحصيل في مواجهة التركة".
رابعا :العفو
العفو هو إجراء من اإلجراءات ال&&تي تتخ&&ذها الس&&لطات العمومي&&ة في اي
مرحلة من مراحل الدعوى العمومية بمعنى آخر وقف اإلجراءات القانونية ضد
المتهم او المحكوم عليه بن&&اء على الق&&انون او ق&&رار ص&&ادر من جه&&ة مختص&&ة.
وهناك العفو الشامل والعفو الخاص:
-العفو الشامل:
يعتبر العفو الشامل من احد أسباب سقوط الدعوى العمومي&ة إال ان&ه ال يمكن
إثارته إال بنص قانون صريح وهذا& العفو من اختصاصات البرلمان أي الس&&لطة
التشريعية وذلك& بمقتض&&ى الفص&&ل 71من الدس&&تور .والفص&&ل 51من الق&&انون
الجنائي الذي ينص على انه " ال يكون العفو الشامل إال بنص تشريعي صريح.
ويحدد هذا النص ما يترتب عن العفو من آثار دون& المساس بحقوق الغ&&ير"ف&&إذا
ص&&در العف&&و الش&&امل قب&&ل إقام&&ة ال&&دعوى العمومي&&ة على ي&&د النياب&&ة العام&&ة من
44
الجريمة الجمركية
تحريكها الن أثره ينص&&رف إلى إزال&&ة الوص&&ف الج&&رمي عن الفع&&ل الم&&رتكب،
وبالتالي نفي الركن القانوني عن األفعال الجرمية المرتكبة وجعله&&ا مباح&&ة .أم&&ا
إذا& صدر بعد تحريك الدعوى العمومية وأثناء ممارسة ومواصلة& إجراءاتها كان
سبب لس&&قوط لس&&قوطها وإذا& ص&&در بع&&د ص&&دور الحكم بش&أنها ،فان&&ه ي&&ؤدي إلى
سقوط العقوبة ويمكن إثارة العفو الش&&امل في جمي&&ع مراح&&ل ال&&دعوى العمومي&&ة
وفي جميع مراحل التقاضي ولو أول مرة أمام محكمة النقض كم&&ا ان&&ه من ح&&ق
المحاكم على اختالف درجاتها إثارته تلقائيا لالتصال قواعد بنظام العام.
العفو الخاص:
يطلق علي&ه "العف&و عن العقوب&ة" أو" العف&و المول&وي" التم&يز ل&ه عن العف&و
الشامل ،هو مزية ممنوحة من طرف رئيس الدولة لفائ&&دة المحك&&وم علي&&ه ،وه&&و
يق&&وم ب&&ه مل&&ك المغ&&رب حس&&ب مقتض&&يات الفص&&ل 58من الدس&&تور المغ&&ربي
"يمارس الملك& حق العف&&و" والفص&ل& 53من الق&&انون الجن&&ائي " العف&&و ح&&ق من
حقوق الملك ،ويباشر وف&&ق الترتيب&&ات ال&&تي تنظمه&&ا الظه&&ير رقم 387 57 1
الصادر& في 16رجب 1377موافق 6ف&&براير 1958بخص&&وص العف&&و وإذا&
قدم طلب العفو من المحكوم عليه ،معتقل من اجل جنحة أو مخالفة ج&از ل&وزير
العدل& بصفة استثنائية ،أن يأمر باإلفراج عنه ريثما يبث في الطلب " لكن سؤال&
الذي يبقى مط&&روح م&&دى ت&&أثير العف&&و الخ&&اص على العقوب&&ة المالي&&ة والحبس&&ية
المحك&&وم به&&ا في إط&&ار القض&&ايا الجمركي&&ة جواب&&ا نج&&د الفص&&ل 4من الظه&&ير
المنظم للعفو الخاص يؤكد على أن ال يشمل العفو الغرامات الصادرة بطلب من
اإلدارات العمومي&&ة (منه&&ا إدارة الجم&&ارك ) لكن&&ه يق&&ع على العقوب&&ات األخ&&رى
ك&&الحبس او الس&&جن& م&&ع اإلش&&ارة إلى أن ه&&ذا الن&&وع من العف&&و ال ي&&ؤثر على
الدعوى العمومية بالسقوط وذلك بحسب مضمون الفصل 4من قانون المسطرة&
الجنائية الذي يعتبر العفو الشامل فقط كسبب سقوط الدعوى& العمومية.
خامسا :نسخ القانون الجنائي
يعتبر نسخ النص الجنائي احد األسباب المسقطة للدعوى العمومية ،ويقص&&د ب&&ه
إلغاء النص (وضع حدا له) المعاقب على النشاط اإلجرامي ،بحيث يص&&ير ه&&ذا
45
الجريمة الجمركية
األخ&&ير خ&&ارج دائ&&رة الخط&&ر الجن&&ائي .وب&&الرجوع إلى الفص&&ل 5من ق&&انون
الجنائي" ال يسوغ مؤاخذة احد على فعل لم يع&د يعت&بر جريم&ة بمقتض&ى ق&انون
صدر بعد ارتكابه .فإذا ك&&ان ق&&د ص&&در حكم بإدان&&ة ،ف&&ان العقوب&&ة المحك&&وم به&&ا
أصلية كانت او إض&&افية يجع&ل ح&دا لتنفي&&ذها "وح&تى تس&قط ال&دعوى العمومي&&ة
ينبغي توفر شروط وهي:
-إن القانون الجنائي يلغي الصفة اإلجرامي&&ة عن الفع&&ل الم&&رتكب او أن يلغي
الص&&فة اإلجرامي&&ة كلي&&ا ويجعل&&ه مباح&&ا وإذا& ك&&ان يخف&&ف من الوص&&ف الق&&انوني
للسلوك المرتكب أو من العقوبة المقررة فال يمكن أن يسقط الدعوى& لكن يستفيد
حس&&ب الفص&&ل 6من الق&&انون الجن&&ائي "في حال&&ه وج&&ود ع&&ده ق&&وانين س&&ارية
المفع&&ول بين ت&&اريخ ارتك&&اب الجريم&&ة والحكم النه&&ائي بش&&أنها ،يتعين تط&&بيق
القانون األصلح".
سادسا :صدور مقرر مكتسب قوه الشيء مقضي
وردت عبارة "وبصدور مقرر اكتسب قوه الشيء المقض&&ي ب&&ه "في الم&&ادة&
4من المسطرة الجنائية والمادة& 64 3من نفس القانون تنص على ان" يقص&&د
بمصطلح مقرر في مفهوم هذا القانون كل حكم أو قرار أو أمر صادر عن هيئة
قض&&ائية" مم&&ا ي&&دل على أن االحتج&&اج بس&&بق الحكم في الموض&&وع وبالت&&الي
التص&&ريح بس&&قوط ال&&دعوى الجدي&&دة ،ال يقب&&ل إال إذا ت&&وفرت في الحكم الس&&ابق
بعض الشروط ،الن الحكم يجب أن يصدر في محكمة قض&&ائية مختص&&ة للنظ&&ر
في ال&&دعوى& العمومي&&ة ،وان يك&&ون غ&&ير قاب&&ل للطعن ب&&أي طري&&ق من طرق&&ه،
وأخيرا يجب ان يكون الحكم قد فصل في الموضوع الدعوى الجنائية ولم يترك
مج&&ال إلع&&ادة تحري&&ك ال&&دعوى العمومي&&ة ألي س&&بب ك&&ان ،واألحك&&ام البات&&ة او
النهائية هي ال&&تي ح&ازت ق&وة الش&&يء المقض&ي ب&ه ،وال يس&&مح بإقام&&ة ال&&دعوى
العمومية من اجل نفس األفعال ألنه ال يمكن لإلنسان ان يحاكم مرتين .وهذا م&&ا
أكدته المادة 369من قانون الجنائي "كل متهم حكم ببراءة او بإعفائه .ال يمكن
أن يتابع بعد ذلك من اجل نفس الوقائع ولو وصفت بوصف قانون آخر".
سابعا :التنازل وسحب الشكاية
46
الجريمة الجمركية
تس&&قط ال&&دعوى العمومي&&ة بالتن&&ازل أو س&&حب الش&&كاية دون& غيره&&ا من قي&&ود
المتابعة ( كالطلب أو األمر أو اإلذن أو اإلعالن) كلم&&ا ك&&انت ش&&رطا ض&&روريا
للمتابعة .وفي جميع الحاالت ال&تي ال تج&&وز فيه&&ا المتابع&&ة إال إذا& وردت ش&&كاية
المعني بالجريمة (هو المتضرر منها ) أال تس&&قط المتابع&&ة لزوم&&ا عنه&&ا بمج&&رد
تنازل عن هذه الش&&كاية .ويتم ه&&ذا التن&&ازل بس&&حب الش&&كاية ك&&إجراء ال يخض&&ع
لشكل معين فانه يستوي أن يكون مكتوبا أو شفويا أو ص&&ريحا أو ض&&منيا م&&ادام
ليس للش&&&كوى ش&&&رطا خ&&&اص .وفي ه&&&ذا اإلط&&&ار م&&&ا دامت إدارة& الجم&&&ارك
والضرائب الغير مباشرة الح&&ق في تحري&&ك ال&&دعوى العمومي&&ة وممارس&&تها في
حال&&ة ارتك&&اب الجنح الجمركي&&ة في ش&&خص ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة او م&&دير
اإلدارة& أو احد ممثلي&&ه الم&&ؤهلين& ل&&ذلك& بج&&انب النياب&&ة العام&&ة ،وك&&ذلك في حال&&ة
ارتك&&اب المخالف&&ات الجمركي&&ة من ط&&رف ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة أو م&&دير
اإلدارة& أو اح&&د ممثلي&&ه الم&&ؤهلين ل&&ذلك& فق&&ط .فإنه&&ا يح&&ق له&&ا س&&حب الش&&كاية
والتنازل عن تحريك ممارسة الدعوى العمومي&&ة المقام&&ة في المي&&دان& الجم&&ركي
سواء في الجنح او في المخالفات الجمركية.
الفقرة الثانية :آليات مكافحة الجرائم الجمركية
لقد نص المشرع على مجموعة من اآلليات والتدابير أثناء وضعه المدون&&ة
الجمارك والهدف& ه&&و ردع و وض&&ع ح&&د لك&&ل الج&&رائم الجمركي&&ة .بحيث يمكن
متابعة مرتكبي هذه األفعال المخالفة للقوانين واألنظم&&ة الجمركي&&ة المنص&&وص
عليها في مدونة الجمارك بجميع الطرق القانونية مع مراع&&اة األحك&&ام المتعلق&ة
بالمتابع&&ات أم&&ام المح&&اكم وبالت&&الي س&&وف نتط&&رق في ه&&ذه الفق&&رة الى ك&&ل من
اآللي&&ات اإلداري&&ة لمكافح&&ه الج&&رائم الجمركي&&ة ( أوال) ثم نتط&&رق إلى اآللي&&ات
الزجرية (ثانيا).
أوال :اآلليات اإلدارية الشبه قضائية لمكافحة الجرائم الجمركية
إن مقتض&&يات الفص&&ل 268من مدون&&ه الجم&&ارك تعطي إلدارة الجم&&ارك
صالحية واسعة تتمثل في اتخاذها لإلجراءات التحفظية متى ثبت له&&ا مخالف&&ات
النصوص القانونية في حق األش&&خاص المس&&ئولين م&دنيا وجنائي&&ا بقص&د الس&هر
47
الجريمة الجمركية
على حسن تطبيق هذا الق&&انون لق&&د ج&&اء في الفص&&ل 268من مدون&&ه الجم&&ارك
للتعديل المادة 159من مدونه التحصيل الديون& بهدف مالئمة هذه األخ&&يرة م&&ع
أحك&&ام التش&&ريع الجن&&ائي بحيث ك&&انت ص&&ياغة قب&&ل التع&&ديل تنص فق&&ط على
المحاض&&ر المثبت&&ة المكافح&&ة التش&&ريع الجم&&ركي كم&&ا منح الفص&&ل 268س&&لطه
لإلدارة& الجمركية على البضائع واألموال& التي وحجز في إطار البحث التمهيدي
بمناسبة ارتكاب فعل ج&&رم مخ&&الف للق&&انون الجم&&ركي وذل&ك& بغاي&&ة اس&&تخالص
المبالغ المالية المستحقة لإلدارة المذكورة& وهذا الفصل مكان إدارة الجمارك من
القيام بكل إجراء تحفظي وذلك بغية حجزها ووضعها تحت الحراس&&ة القض&&ائية
بشرط توفر محاضر للمخالفات هذا القانون.
خاتمة
من خالل دراستنا لموضوع الجريمة الجمركية اتضح لنا جليا أن قواعد المنازعات
الزجرية التي جاءت بها مدونة الجمارك والضرائب& غير لمباشرة لها خصوصيات&
تنفرد بها إذا ما قارناها مع القواعد الموضوعية واإلجرائية لباقي الجرائم.
وعليه فان المقتضيات الزجرية الواردة في مدونة الجمارك& يمكن أن تمهد الطريق
إلى خلق قانون جنائي جمركي خاص مستقل في جميع فصوله عن القانون الجنائي
العام.
كما أن المدونة جاءت بمقتضى جديد هو المسؤولية الجنائية عن فعل الغير ،زيادة
على أنها أقرت بصريح العبارة مسؤولية المجانين والقاصرين.
باإلضافة إلى أن المشرع الجمركي أعطى إلدارة الجمارك سلطات واسعة لمتابعة
مرتكبي الجرائم الجمركية ،بحيث لم يخول للنيابة العامة حق المتابعة إال في الجنح
الجمركية دون المخالفات& التي جعل حق تحريك الدعوى العمومية فيها مقتصرا على
إدارة الجمارك& إلى جانب النيابة العامة في إمكانية تحريك الدعوى العمومية.
50
الجريمة الجمركية
أما بالنسبة إلثبات الجرائم الجمركية فقد أعطى المشرع إلدارة الجمارك سلطات
واسعة وغير مألوفة قصد ضبط واثبات هذه الجرائم ،إضافة إلى السلطات الواسعة فيما
يخص مسطرة المصالحة الجمركية.
وفي األخير بعد أن تحدثنا عن أهم مميزات الجرائم الجمركية ،سننتقل إلى اإلدالء
ببعض المقترحات نبرزها كالتالي:
ضرورة تدخل المشرع المغربي من أجل تعديل مجموعة من المقتضيات& القانونية
الواردة في مدونة الجمارك& والتي ال تتالءم مع القواعد العامة في القانون الجنائي
ومن بينها نجد:
عدم إقرار مسؤولية جنائية مفترضة في الجرائم الجمركية ترسيخا لمبدأ قرينة
البراءة.
عدم تعزيز مسؤولية جنائية للقاصرين والمجانين.
تعزيز دور القضاء في اإلشراف ولمراقبة على المصالحة الجمركية.
منح القاضي سلطات واسعة في تكوين قناعته بالنسبة للجرائم الجمركية.
جعل أعوان إدارة الجمارك& تحت إشراف النيابة العامة في إجراءات البحث
والتحري عن الجرائم.
توفير الضمانات& القانونية الخاصة بالمتهم ،وتمكينه من الدفاع عن نفسه وذلك
بدحض المحاضر الجمركية بجميع وسائل اإلثبات.
51