Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 51

‫ماستر العلوم الجنائية و التعاون‬

‫الجنائي الدولي‬
‫‪-‬الفوج الخامس‪-‬‬

‫مادة القانون الجنائي الخاص المعمق‬

‫عرض تحت عنوان‬

‫الجريمة الجمركية‬

‫تحت إشراف الدكتور(ة)‪:‬‬ ‫إعداد الطلبة ‪:‬‬


‫د‪.‬محمد أقبلي‬ ‫إبراهيم القرشي‬ ‫ابتسام الحناتي‬
‫توفيق بداوي&‬ ‫غزالن بن ياسين‬

‫السنة الجامعية‪2021-2020 :‬‬


‫الجريمة الجمركية‬
‫مقدمة‬
‫ال يخفى على أحد بان عملية التصدير واالستيراد بطرق غير قانونية لها تأثير سلبي‬
‫على حسابات الدولة ومخططاتها المستقبلية‪ ،‬بفعل تغلغل األنشطة غير المقننة للبلد‪ .‬مما‬
‫يؤدي إلى سوء التقدير في السياسات االقتصادية والنقدية والمالية المتبعة على المستوى‬
‫الدولي‪ ،‬وتضعف بذلك الثقة في االقتصاد الوطني‪ ،‬ويترتب عنه نتائج ترتبط ارتباطا‬
‫وثيقا بتفاقم الجرائم ذات الطابع المالي واالقتصادي وانعكاساتها السلبية على السياسة‬
‫المالية واالقتصادية للدولة‪ ،‬مما يشجع على إفراز االختالل االقتصادي بأشكاله المتنوعة‬
‫والمتجسدة في األنشطة غير المشروعة الممارسة جنبا إلى جنب مع االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫ولتحقيق اقتصاد منفتح على المبادالت واالستثمارات يقتضي بالضرورة ضبط‬
‫عملية االستيراد والتصدير عن طريق وضع ضوابط وإجراءات يحتم على كافة‬
‫المتعاملين التقيد بها‪ ،‬حيث تعتبر إدارة الجمارك من أهم اآلليات التي وضعها المشرع‬
‫لمحاولة ضبط المعامالت سواء البحرية أو الجوية أو البرية لتالفي أي إخالل أو‬
‫مخالفات قد ترتكب أثناء عملية إدخال أو إخراج السلع من والى البالد‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن اإلنسانية عرفت منذ عهود قديمة النظام الجمركي انطالقا‬
‫من عهد فرعون مرورا بالقرطاجيين والرومان ثم أوروبا ‪...‬الخ‪.‬‬
‫أما على المستوى الوطني‪ ،‬فيعد "مؤتمر الجزيرة الخضراء& لسنة "‪ 1906‬بمثابة‬
‫حجر الزاوية في بناء القانون الجمركي المغربي إلى أن صدر الظهير الشريف الذي‬
‫نظم إدارة الجمارك لسنة ‪ ،1918‬وبعد االستقالل صدر الظهير الشريف الذي أنشأ‬
‫التعرفة الجمركية‪ ،‬ثم بعد ذلك صدرت مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة‬
‫وأصبح العمل بها جاريا منذ أكتوبر ‪. 1977‬‬
‫تتضمن هذه المدونة مجموعة من المقتضيات المتعلقة بميدان عمل إدارة الجمارك‪،‬‬
‫وسلطات أعوان اإلدارة وإجراءات سوق البضائع واألنظمة الخاصة بالجمارك‪ &،‬كما‬
‫تتضمن أيضا جزء خاص بالمنازعات الجمركية‪.‬‬
‫وقد عرف المشرع المغربي الجريمة الجمركية في الفصل ‪ 204‬من هذه المدونة‬
‫بأنها "كل عمل أو امتناع مخالف للقوانين واألنظمة الجمركية ومعاقب عليها بمقتضى‬
‫هذه النصوص"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫وكما هو معلوم فان هذا النوع من الجرائم يكتسي أهمية بالغة في حقل الدراسات‬
‫القانونية نظرا للدور الذي يلعبه في إبراز أهم الخصوصيات الموضوعية و اإلجرائية‬
‫التي تتميز بها الجرائم الجمركية والتطرق إلى اإلشكاالت التي تطرحها‪.‬‬
‫كما سلف الذكر فللجريمة الجمركية طبيعة خاصة‪ ،‬مما جعل المشرع المغربي‬
‫يضع لها مجموعة من المقتضيات الخاصة بها والتي تختلف في بعض األحيان عن‬
‫المبادئ العامة في القانون الجنائي سواء فيما يتعلق بالجانب الموضوعي أو اإلجرائي‬
‫لهذه الجريمة‪ ،‬لهذا فان اإلشكال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو‪:‬‬
‫ما هي خصوصية المتابعة في الجرائم الجمركية ؟‬ ‫‪‬‬
‫ويتفرع عن هذا اإلشكال العديد من التساؤالت نعرضها كاآلتي‪:‬‬
‫ما هي أصناف الجرائم الجمركية ؟ و ما نطاق مسؤوليتها الجنائية؟‬ ‫‪‬‬
‫ما هي أسباب انقضاء الدعوى العمومية الجمركية؟‬ ‫‪‬‬
‫وما هي آليات مكافحة الجريمة الجمركية؟‬ ‫‪‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار الموضوعي للجرائم الجمركية‬


‫‪3‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫تعد الجرائم الجمركية ذات طابع خاص نظرا لتميزها و انفرادها بقواعد خاصة‬
‫تخالف القواعد المألوفة في القانون الجنائي و ذلك بسبب صعوبة تحديد هذه األفعال و‬
‫تبيانها‪ ،‬و كذا ارتباطها الوثيق بحياة الدولة المالية و االقتصادية‪.‬‬
‫و عليه سنحاول معالجة هذا المبحث من خالل مطلبين‪ ،‬سنتطرق في المطلب األول‬
‫إلى األحكام العامة للجريمة الجمركية‪ ،‬على أن نتناول في المطلب الثاني تصنيف‬
‫الجرائم الجمركية و العقوبات المتخذة بشأنها‬
‫المطلب األول‪ :‬األحكام العامة للجريمة الجمركية‬
‫تتسم الجريمة الجمركية ببعض االستثناء و الخروج عن المفهوم العادي للجريمة‬
‫وفقا للقانون الجنائي‪ &،‬حيث أن المشرع المغربي في إطار مدونة الجمارك& و الضرائب&‬
‫غير المباشرة جاء بقواعد خاصة و متميزة‪ ،‬و يتجلى هذا في عناصرها التجريمية التي‬
‫تنفرد بها و كذلك في كل ركن من أركانها‪.‬‬
‫و قصد تسليط الضوء على هذا النوع من الجرائم ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى‬
‫فقرتين ‪:‬‬
‫سنتناول في (الفقرة األولى) مفهوم الجريمة الجمركية و إبراز خصائصها التي‬
‫تميزها عن الجرائم العادية‪ ،‬و في (الفقرة الثانية) سنتحدث عن عناصر التجريم في‬
‫الجريمة الجمركية أي عن أركانها‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم الجريمة الجمركية و خصائصها‬
‫أوال‪ :‬تعريف الجريمة الجمركية‬
‫لقد عرف المشرع المغربي الجريمة بشكل عام في الفصل ‪ 110‬من مجموعة القانون‬
‫الجنائي و اعتبرها "كل عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي و معاقب عليه‬
‫بمقتضاه"‪ .‬بينما تطرق لتعريف الجريمة الجمركية في المادة ‪ 204‬من مدونة الجمارك‬
‫و الضرائب غير المباشرة‪ ،‬حيث عرفها بأنها‪" :‬عمل أو امتناع مخالف للقوانين و‬
‫األنظمة الجمركية و معاقب عليها بمقتضى هذه النصوص"‪.1‬‬
‫هكذا يظهر لنا جليا أن المشرع المغربي تبنى نفس المفهوم للجريمة الجمركية في‬
‫كال القانونين‪ ،‬غير أنه تجدر اإلشارة إلى أنه قبل التعديل األخير الذي طال مدونة‬
‫الجمارك& و الضرائب& غير المباشرة في ‪ 5‬يونيو ‪ ،2000‬كان المشرع المغربي يستعمل‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬المادة ‪ 204‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة‪-‬‬
‫‪4‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫مصطلح مخالف للجريمة الجمركية‪ ،‬رغم أنها أحيانا& كانت تأخذ صبغة الجنح الضبطية‪،‬‬
‫غير أن هذا المقتضى الذي أسال الكثير من المداد و خلق الكثير من الخالف تم تجاوزه‬
‫بفعل التعديل األخير عند تعريفه للجريمة الجمركية‪ .‬و ذلك عندما تحدث عن الجنحة و‬
‫المخالفة‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص الجريمة الجمركية‬
‫تتميز الجريمة الجمركية بجملة من الخصائص بل و تنفرد بها‪ ،‬حتى أن بعض الفقه‬
‫ذهب إلى إمكانية الحديث عن فرع جديد من فروع القانون الجنائي يسمى بالقانون‬
‫الجنائي الجمركي‪ ،‬فالجريمة الجمركية كما سبق و قلنا أنها تتميز بعدة خصائص ال من‬
‫حيث الطابع الشكلي و المادي و ال من حيث الجزاء‪ ،‬كما أن لهذا النوع من الجرائم‬
‫طابع اقتصادي كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬فمن حيث الطابع الشكلي‪:‬‬
‫لقيام الجريمة الجمركية اشترط المشرع أن تتم في شكل معين‪ ،‬و دون أن تتطلب تحقيق‬
‫نتيجة معينة‪ ،‬ذلك أن مدونة الجمارك& ال تعير اهتماما للنتيجة المترتبة عن الفعل‬
‫المخالف& للقوانين و األنظمة الجمركية‪ ،‬و من األمثلة على ذلك ما نص عليه الفصل&‬
‫‪ 201‬من مدونة الجمارك و الضرائب& غير المباشرة الذي يقضي بان الغرامات الجبائية‬
‫يجب الحكم بها في جميع الحاالت و لو لم تلحق األفعال المرتكبة أي ضرر مادي‬
‫بالدولة‪.3‬‬
‫‪ -‬الطابع المادي‪:‬‬
‫يغلب على الجريمة الجمركية الطابع المادي بحيث أنها تتحقق بمجرد تحقق ماديتها‬
‫دون حاجة للبحث في توفر سوء النية‪.‬‬
‫فمن تجليات هيمنة الركن المادي على هذا النوع من الجرائم ما نصت عليه مدونة‬
‫الجمارك& في الفصل ‪ 181‬عندما تحدث عن جنحة التهريب‪ ،‬و الذي أوجب على‬
‫األشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع الخاضعة للرسوم و المكوس عند االستيراد أو‬
‫األشخاص الذين ينقلون هذه البضائع‪ &،‬أن يدلوا بمجرد ما يطلب منهم ذلك أعوان اإلدارة‬
‫الجمركية مما يثبت أصلها أو دخولها بصفة قانونية إلى التراب الجمركي‪ ،‬و إال اعتبرت‬
‫عناصر الجنحة قائمة في حقهم‪ ،‬دون أخذ مسألة تهريب هذه البضائع بعين االعتبار‪.‬‬
‫المادة من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة‪-‬‬
‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 201‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة‪-‬‬


‫‪3‬‬

‫‪5‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫‪ -‬من حيث الجزاء‪:‬‬
‫فانه باإلضافة إلى العقوبات الجنائية األصلية أو التكميلية‪ ،‬يوجد أيضا تدابير‬
‫احتياطية و التي يمكن أن تصدر إما بقرار قضائي أو إداري بأمر من إدارة الجمارك‪ &،‬و‬
‫إن كان هذا المقتضى األخير يلقى العديد من االنتقادات على أن اإلدارة الجمركية ال‬
‫يمكن أن تكون حكما و خصما في نفس الوقت‪.‬‬
‫‪ -‬من حيث الطابع االقتصادي‪:‬‬
‫مراعاة لكثير من االعتبارات التي تمس مصالح الدولة و خاصة المصالح‬
‫االقتصادية و الضريبية و كذا الحفاظ على النظام الجمركي فان معظم التشريعات‬
‫احتفظت بمبدأ العقاب على الجريمة الجمركية‪.‬‬
‫و ذلك لكون هذه األخيرة تتصل اتصاال وثيقا بالنشاط االقتصادي و المالي للدولة‪ ،‬و‬
‫السيما الدور المؤثر للسياسة الجمركية على السياسة االقتصادية التي تتبعها الدولة‪،‬‬
‫لتمويل مرافقها العامة‪ ،‬و تنفيذ مشاريع التنمية‪ ،‬و لعل أبرز مظاهر الطابع االقتصادي‬
‫للجريمة الجمركية تتجلال في توسيع دائرة المسؤولية عن هذه الجرائم‪ ،‬و تقرير أن‬
‫المسؤولية من فعل الغير باإلضافة إلى إضفاء& مزيد من الضمانات& إلنجاح السياسة‬
‫االقتصادية و ذلك بالنص على مسؤولية األشخاص المعنوية‪ ،‬حيث تعاقب هذه األخيرة‬
‫بالعقوبات التي تالءم طبيعتها فهي تمسها في مالها أو نشاطها كالغرامات& و‬
‫المصادرات‪&.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أركان الجريمة الجمركية‬
‫للجريمة بصفة عامة أركان ال يمكن أن تتحقق إال بوجودها‪ ،‬و الجريمة الجمركية‬
‫شأنها شأن باقي كل الجرائم حيث البد أن تتوفر فيها عناصرها و أركانها‪ ،‬حتى تكتسي‬
‫طابع التجريم‪ ،‬غير أنها تعتبر شاذة و متمردة عن بعض القواعد األساسية للجريمة‪،‬‬
‫األمر الذي يحتم علينا التطرق له و كشفه في كل ركن‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الركن القانوني‬
‫يتمثل الركن القانوني للجريمة الجمركية في النص القانوني الذي يجرم و يعاقب‬
‫على كل إخالل بالقوانين الجمركية‪ ،‬فما دام أن الركن القانوني بالمفهوم المادي‪ ،‬يعني‬

‫‪6‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫أن الفعل مهما كان ضارا بالفرد أو المجتمع فانه ال يعتبر جريمة إال إذا تدخل المشرع و‬
‫اعتبره كذلك بنصوص قانونية تجرم الفعل أو الترك و تعاقب الفاعل‪.4‬‬
‫بالرجوع إلى مدونة الجمارك نجد أن المادة ‪ 204‬قد نصت على أن " الجنحة أو‬
‫المخالفة الجمركية عمل أو امتناع مخالف للقوانين و األنظمة الجمركية و معاقب عليها‬
‫بمقتضى هذه النصوص "‪ .‬فهذا النص و باقي النصوص األخرى التي تنظم القانون‬
‫الجمركي هي التي تضفي الشرعية على الجرائم الجمركية‪.‬‬
‫غير انه إذا كان مبدأ الشرعية يقتضي أن يكون الفعل المجرم محددا تحديدا كافيا ال‬
‫يسمح للملزمين به االعتذار بجهله‪ ،‬فان القانون الجمركي يحدد فقط المبدأ العام للجريمة‬
‫الجمركية و تتكفل اإلدارة بتنظيم شروط التطبيق و هذا يتكرر في أغلبية النصوص‪ .5‬و‬
‫هذا راجع إلى عدة اعتبارات منها الطابع التقني للعمل الجمركي و كذا صعوبة تحديد‬
‫بعض األفعال بشكل دقيق‪ ،‬األمر الذي يؤدي بإدارة الجمارك& إلى إصدار العديد من‬
‫المراسيم التي من خاللها تقوم بعمل تشريعي أكثر ما هو تنفيذي‪.‬‬
‫و بالتالي فخصوصية الجريمة الجمركية من ناحية الركن القانوني الذي تقوم عليه ال‬
‫يتسم و طبيعة المحافظة على شرعية الجرائم المنصوص عليها في الفصلين ‪ 3‬و ‪ 4‬من‬
‫القانون الجنائي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الركن المادي‬
‫يعرف الركن المادي للجريمة بأنه النشاط‪-‬سلبي‪/‬ايجابي‪ -‬الذي يقوم به الجاني‪ ،‬و يؤدي‬
‫إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية‪ ،‬فتصبح عناصره هي ‪ :‬نشاطا ماديا‪ ،‬نتيجة إجرامية و‬
‫عالقة سببية‪.6‬‬
‫و بالتالي فان أي فعل يخالف القانون الجمركي يعتبر جريمة جمركية سواء أكان ايجابيا‬
‫أو سلبيا كعدم التصريح مثال بالبضائع أو عدم تسجيلها ببيان الباخرة‪...‬الخ‪ .‬و لهذا‬
‫فالعمل المخالف للقانون الجمركي ال يتطلب بالضرورة قيام نتيجة و هي حصول‬
‫الضرر أو االضطراب كما هو الحال في الجرائم المادية‪ ،‬بل قد تجرم فقط الخطر و ال‬
‫تعتد بالنتيجة‪.‬‬

‫‪- 4‬عبد اللطيف بوعالم"المنازعات الزجرية في القانون الجمركي المغربي"رسالة لنيل الماستر في قانون األعمال و المقاوالت‪&-‬جامعة محمد الخامس‪-‬الرباط‪-‬‬
‫‪ 2008/ 2007‬ص ‪.8‬‬
‫‪- 5‬البشير ازميزم"محاضرات في موضوع شرح القانون الجنائي المغربي‪،‬القسم العام‪،‬الجزء األول"‪ 2017/2018‬ص ‪.43‬‬
‫‪- 6‬الفصول ‪ 116-1145-114‬من القانون الجنائي المغربي‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫و الركن المادي في الجريمة الجمركية يمتاز ببعض الخصوصيات على مستوى كل من‬
‫المحاولة و كذلك المشاركة و هو ما سنحاول معالجته فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬المحاولة‪:‬‬
‫يعاقب القانون الجنائي على المحاولة في الجنايات& و في الجنح بمقتضى نص خاص‪،‬‬
‫أما في المخالفات فال عقاب عليها مطلقا‪ .7‬أما المحاولة في الجريمة الجمركية فهي‬
‫معاقب عليها كالجريمة التامة نفسها‪ ،‬و لو كانت األفعال التي تتصف بها مجرد بداية أو‬
‫بدءا في التنفيذ و ارتكبت خارج التراب الخاضع‪ &،‬كالتهريب الذي تبدأ محاوالت مادياته‬
‫خارج أرض الوطن عبر الحدود المتاخمة للتراب الجمركي‪.8‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أن المشرع في المادة الجمركية لم يحدد عناصر المحاولة و‬
‫المتمثلة في البدء بالشروع في التنفيذ لماديات الجريمة و انعدام العدول اإلرادي حسب‬
‫القانون الجنائي العام‪ .‬و عموما فان المحاولة الجمركية يعاقب عليها كما يعاقب على‬
‫الجريمة التامة مع العلم أن الجريمة الجمركية هي إما جنحة أو مخالفة سواء كانت‬
‫الجريمة مستحيلة أو خائبة أو شكلية‪ ،‬فمتى لم يحصل العدول االختياري و قبل التنفيذ‬
‫يعاقب على المحاولة‪.‬‬
‫ب‪-‬المشاركة‪:‬‬
‫يعاقب المشرع المغربي المشارك في الجناية و الجنحة بنفس عقوبة المرتكب األصلي‬
‫للجناية أو الجنحة‪ ،‬و إما المشارك في المخالفات& فال عقاب عليه‪ .‬و أما عقوبة المشاركة‬
‫في الجريمة الجمركية فهي نفس العقوبة المطبقة على المرتكبين األصليين‪ ،‬فقد نصت‬
‫المادة ‪ 224‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على ‪" :‬إن الشركاء و‬
‫المتواطئين في ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية تطبق عليهم وفق شروط الحق العام‬
‫نفس العقوبات المطبقة على المرتكبين الرئيسيين للجنحة أو المخالفة الجمركية‪."...‬‬
‫الحاالت& التي يعتبر فيها األشخاص متواطئين في ارتكاب الجنحة أو المخالفة‬
‫الجمركية فهي منصوص عليها في المادة ‪ 221‬من القانون الجمركي في فقرته الثالثة‪،‬‬
‫و هي غير الحاالت المنصوص عليها في القانون الجنائي‪ ،‬و هي تتوزع بين‪:‬‬
‫‪-‬التحريض المباشر على من يرتكب الغش أو تسهيل ارتكابه بأية و سيلة من الوسائل‪ ،‬و‬
‫ذلك نظرا ألن التهريب الجمركي ال يتم من طرف شخص واحد‪ ،‬إذ هو سلسلة من‬

‫‪- 7‬الفصل ‪ 206‬من القانون الجمركي‪.‬‬


‫‪- 8‬الفصل ‪ 29‬من القانون الجمركي‬
‫‪8‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫األعمال التي يقوم بها عدة أشخاص يؤلفون مشروعات ضخمة و مؤسسات أو عصابات‬
‫خفية‪ .‬مثل تقديم إرشادات و إشعارات تساعد المهربين في انجاز مخالفاتهم أو جريمتهم‬
‫أو مثل إعارة سيارة لنقل البضائع المهربة‪.‬‬
‫‪-‬شراء أو حيازة بضائع ارتكب الغش بشأنها و لو خارج الدائرة‪ ،‬فبمجرد شراء بضائع‬
‫مهربة أو حيازتها تفترض قيام جريمة المشاركة في الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬التستر عن تصرفات& مرتكبي الغش أو محاولة جعلهم في مأمن من العقاب‪ ،‬و بالتالي‬
‫حتى تقوم جريمة المشاركة في الجريمة الجمركية و معاقبة المشارك يجب توافر فعل‬
‫رئيسي معاقب عليه و عمل يكون فعال للمشاركة‪ ،‬و ضرورة توفر القصد أي علم‬
‫المشارك لما يعتزمه الفاعل األصلي فعله أو قد يكون قد فعله‪.9‬‬
‫ثالثا‪ :‬الركن المعنوي‬
‫يعتبر الركن المعنوي الركن الثالث الذي يقتضي توفره في تبوث الجريمة‪ ،‬و يتجلى‬
‫الركن المعنوي في اإلرادة الجنائية‪ ،‬أي توجيه اإلرادة فعال إلى تحقيق النشاط‬
‫اإلجرامي‪ ،‬أو على األقل تعطيل هذه اإلرادة و ارتكاب الجريمة عن طريق اإلهمال‪.‬‬
‫و إذا كان هذا المقتضى ينطبق على الجريمة بصفة عامة‪ ،‬فكيف هو األمر بالنسبة‬
‫للجريمة الجمركية؟ هل بدورها تقتضي توفرها على الركن المعنوي ؟‬
‫لإلجابة على هذا السؤال يقتضي منا التمييز ما بين قبل و بعد تعديل ‪ 5‬يونيو‬
‫‪ ،2000‬فقبل هذا التعديل كان الفصل ‪ 205‬ينص على أنه " تتكون المخالفة الجمركية‬
‫بمجرد ارتكابها بصفة مادية دون الحاجة إلى اعتبار نية مرتكبها"‪.‬‬
‫لكن بعد إلغاء الفصل ‪ 205‬بمقتضى ظهير ‪ 5‬يونيو ‪ ،2000‬كان من شان هذا‬
‫التعديل تعزيز الحماية الجنائية و عدم معاقبة حسني النية‪ ،‬كما من شانه كذلك إكمال‬
‫عناصر التجريم و انعكاس ذلك إيجابا على العدالة القانونية أثناء المسائلة الجنائية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أصناف الجريمة الجمركية ونطاق المسؤولية الجنائية‬
‫الجريمة بصفة عامة وبغض النظر عن التعريف الذي منحه لها المشرع في‬
‫الفصل& ‪ 110‬من القانون الجنائي‪ &،‬تكون إما جناية أو جنحة أو مخالفة وفق القواعد‬
‫العامة للقانون الجنائي‪ ،‬غير أن المشرع من خالل مدونة الجمارك اعتبر الجرائم‬

‫‪- 9‬المادة ‪ 221‬من القانون الجمركي الفقرة الثالثة‪.‬‬


‫‪9‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫الجمركية إما جنح أو مخالفات& فقط‪ ،‬وهو ما نص عليه الفصل ‪ 279‬من مدونة‬
‫الجمارك‪&.‬‬
‫كما أن القانون الجمركي يعد من بين القواعد التي تعرف خروجا عن القواعد العامة‬
‫المقررة في مجموعة القانون الجنائي بالنسبة للمسؤولية الجنائية‪ ،‬نظرا لكون هذا القانون‬
‫ذو طبيعة تقنية‪ ،10‬وهذا ما يجعل المسؤولية الجنائية في مدونة الجمارك تتميز‬
‫بخصوصيات& عدة سنعمل على إبرازها في (الفقرة الثانية)‪ ،‬في حين سنخصص (الفقرة‬
‫األولى) للحديث عن تصنيفات الجرائم الجمركية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أصناف الجرائم الجمركية‬
‫حسب الفصل ‪ 279‬من ظهير أكتوبر ‪ ،111977‬فانه يوجد من األفعال اإلجرامية التي‬
‫تشكل خرقا لألنظمة الجمركية‪ ،‬ويتعلق األمر بالجنح والمخالفات الجمركية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجنح الجمركية‬


‫والتي تنقسم بدورها إلى طبقتين‪ ،‬جنح جمركية من الطبقة األولى ثم جنح جمركية من‬
‫الطبقة الثانية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الجنح الجمركية من الطبقة األولى‬
‫لقد خصص المشرع المغربي الفصل ‪ 279‬من مدونة الجمارك للجنح الجمركية من‬
‫الطبقة األولى‪ ،‬وهي تتمحور أساسا في كل فعل جرمي يكتسي درجة قصوى من‬
‫الخطورة‪ ،‬حيث نجده يتعلق أساسا باستيراد أو تصدير أو حيازة المخدرات‪ ،‬وجاء‬
‫بالفصل& المذكور أن األفعال التي ذكرها تعتبر جنح جمركية من الطبقة األولى وهي‪:‬‬
‫‪ ‬استيراد أو تصدير المخدرات ومحاولة استيرادها أو تصديرها بدون رخصة أو‬
‫تصريح‪ ،‬وكذا استيرادها أو تصديرها بحكم تصدير غير صحيح أو غير مطابق‪.‬‬
‫وقد تم تعريف المخدرات& بكونها "كل مادة تؤثر على النشاط الذهني والحالة النفسية‬
‫لمتعاطيها سواء كانت طبيعية أو تصنيعية أو كيماوية ويؤدي تناولها لغير قصد العالج‬
‫‪12‬‬
‫إلى أضرار نفسية واجتماعية‪ ،‬والبد من النص على تجريمها من أجل المعاقبة عليها‪".‬‬

‫‪10‬‬
‫إبراهيم المقري‪ ،‬خصوصية الجريمة الجمركية في التشريع المغربي‪ ،‬ص ‪7‬‬
‫‪ -11‬الفصل ‪ 279‬من ظهير أكتوبر& ‪. 1977‬‬
‫‪12‬‬
‫عبد الوهاب عقالني‪ ،‬القانون الجنائي الجمركي‪ ،‬ص ‪105‬‬
‫‪10‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫‪ ‬الحيازة غير المبررة بمفهوم الفصل ‪ 181‬من مدونة الجمارك للمخدرات والمواد‬
‫المخدرة‪.‬‬
‫لقد أثارت هذه الصورة جدال قانونيا بخصوص تحديد مفهوم الحيازة وحصر عناصرها‬
‫المادية‪ ،‬فهناك من اعتبرها تلك الحيازة المادية الصرفة المتمثلة في التالمس المباشر‬
‫بين المخالف والمادة المخدرة‪ ،‬وهناك من اعتبر أن مجرد السيطرة الفعلية على المخدر‬
‫تعتبر حيازة وليس بالضروري أن يكون هناك تالمس مباشر‪.13‬‬
‫أما فيما يخص القضاء& المغربي‪ ،‬فقد جاء في قرار لمحكمة لنقض بتاريخ ‪ 25‬نونبر‬
‫‪ 2009‬أن "عنصر الحيازة الغير المبررة للمخدرات يتحقق إما وقاعا بمالمستها بصفة‬
‫مباشرة من طرف المتهم‪ ،‬وإما حكما بالسيطرة الفعلية بواسطة الغير‪ ،‬حتى ولو لم‬
‫يحصل أي اتصال مباشر بها من طرف المتهم‪".‬‬
‫‪ ‬كل خرق لألحكام المتعلقة بحركة وحيازة المخدرات والمواد المخدرة داخل دائرة‬
‫الجمارك‪&.‬‬
‫هذه الحالة تعتبر إحدى صور التهريب‪ ،‬وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل& ‪ 282‬من‬
‫مدونة الجمارك وقد شدد المشرع في عقوبتها‪.‬‬
‫‪ ‬وجود المخدرات أو المواد المخدرة في مستودع أو مخازن وساحات االستخالص‬
‫الجمركي‪.‬‬
‫إن مجرد وجود مخدرات أو مواد مخدرة في مستودع أو مخازن وساحات االستخالص‬
‫الجمركي يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون الجمركي‪ ،‬ألن هذا القانون يحضر وجود‬
‫مثل هذه المادة حتى ولو كانت مخزنة بدون ترخيص‪.‬‬

‫ب‪ -‬الجنح الجمركية من الطبقة الثانية‪:‬‬


‫لقد حدد المشرع المغربي في الفصل& ‪ 281‬من مدونة الجمارك الجنح الجمركية من‬
‫الطبقة الثانية في األفعال التالية‪:‬‬
‫‪ ‬التهريب المعرف به في الفصل ‪ 282‬من مدونة الجمارك‪.‬‬
‫‪ ‬كل زيادة غير مبررة في الطرود و بصفة عامة كل زيادة في العدد تثبت عند‬
‫القيام بإحصاء& في المستودع أو في المستودع الصناعي الحرز‪.‬‬
‫‪ ‬وجود بضائع في المستودع ال تستفيد من نظام المستودع لسبب غير سبب عدم‬
‫صالحيتها للحفظ‪.‬‬
‫‪ ‬خرق مقتضيات الجزء الثامن من هذه المدونة والمتعلق بالضرائب& غير‬
‫المباشرة‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫حفيظ بن محمد لحماوي صافي‪ ،‬المنازعات الجمركية الزجرية عل ضوء العمل القضائي المغربي‪ ،‬مطبعة الخوارزمي‪ ،‬ص‪16‬‬
‫‪11‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫‪ ‬خرق مقتضيات الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 46‬من مدونة الجمارك‪.‬‬
‫‪ ‬كل عمل أو مناورة تنجز بطرق معلوماتية أو الكترونية‪ ،‬ترمي إلى إتالف واحد‬
‫أو أكثر من المعلومات المختزنة في النظم المعلوماتية لإلدارة‪ ،‬عندما يكون‬
‫الغرض من هذا اإلتالف هو التملص من رسم أو مكس أو الحصول بصفة غير‬
‫قانونية على امتياز معين‪.‬‬
‫‪ ‬استيراد أو تصدير البضائع المحظورة أو أنجزت عن طريق مكتب الجمرك إما‬
‫بدون تصريح مفصل أو بحكم تصريح غير صحيح أو غير مطابق للبضائع‬
‫المقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬وجود بضائع في مخازن وساحات االستخالص الجمركي الواقعة خارج الحظائر‬
‫الجمركية للموانئ والمطارات والتي تقصى من هذه المخازن والساحات‬
‫الجمركية طبقا للفقرة الثالثة من الفصل& ‪ 62‬من مدونة الجمارك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المخالفات الجمركية‬
‫إن أثار ارتكاب المخالفات& الجمركية على االقتصاد الوطني أقل درجة من ارتكاب‬
‫الجنح الجمركية‪ ،‬نظرا لما خصصه المشرع من مقتضيات& خاصة لها‪ ،‬وحدد لها‬
‫عقوبات متفاوتة من حيث النتيجة اإلجرامية‪.‬‬
‫لقد صنف المشرع المغربي المخالفات الجمركية في الفصول من ‪ 284‬إلى ‪ 299‬إلى‬
‫أربع طبقات ورتبها حسب خطورة الفعل‪.‬‬

‫أ‪ -‬المخالفات& الجمركية من الطبقة األولى‬


‫لقد جاء في الفصل ‪ 285‬من مدونة الجمارك تحديد كامل وحصر شامل لجميع‬
‫المخالفات& الجمركية من الطبقة األولى والتي هي‪:‬‬
‫‪ ‬استيراد أو تصدير البضائع المحظورة والمشار إليها في البند (ب) من الفقرة‬
‫األولى من الفصل ‪ 23‬من مدونة الجمارك عن طريق مكتب الجمرك بدون‬
‫تصريح مفصل‪.‬‬
‫يقصد بها كل البضائع المحظورة التي ال يحق استيرادها أو تصديرها‪ ،‬وجاء في حكم‬
‫إلدارية الدار البيضاء بتاريخ ‪ 22‬أكتوبر ‪ 2008‬على أنه "لكن حيث أن السيوف تعتبر‬
‫سالحا بمفهوم الفصل ‪ 303‬من ق‪.‬ج كما عدل بمقتضى القانون رقم ‪ 38.00‬بتاريخ‬
‫‪ 15‬يناير ‪.2001‬‬

‫‪12‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫وحيث إن الفصل ‪ 23‬من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة تنص على أنه‬
‫يعتبر محظورا جميع البضائع التي يكون استيرادها أو تصديرها ممنوعا بأي وجه‬
‫من الوجوه‪ .‬أو خاضعا لقيود أو ضوابط الجودة أو التكييف أو اإلجراءات& الخاصة‪.‬‬
‫وحيث إن السيوف المحجوزة تعتبر سالحا بمفهوم المادة ‪ 303‬من ق‪.‬ج ومن البضائع‬
‫المحظورة‪".‬‬
‫‪ ‬االستيراد أو التصدير بدون تصريح مفصل عن طريق مكتب للجمرك إذا كان‬
‫ينتج عن عدم التصريح التجانف عن رسم أو التملص منه‪.‬‬
‫تتميز هذه المخالفة بسهولة ارتكابها‪ ،‬فهي تتضمن عمل إيجابي يتمثل في إجراء عملية‬
‫‪ 14‬االستيراد أو التصدير‪ ،‬وشق يتمثل في عدم إجراء التصريح المفصل‪.‬‬
‫‪ ‬عدم القيام داخل اآلجال المحددة بإيداع التصريح التكميلي المنصوص عليه في‬
‫الفصل& ‪ 76‬من مدونة الجمارك‪.‬‬
‫لتبسيط إجراءات االستخالص الجمركي‪ ،‬قد تسمح اإلدارة بإيداع تصاريح احتياطية أو‬
‫مبسطة على أن يتم تقديم تصريح تكميلي مطابق للنموذج المنصوص عليه في الفقرة‬
‫الثالثة من الفصل& ‪ 94‬داخل اآلجال المحددة بقرار لوزير المالية‪.‬‬
‫لذلك فالفصل ‪ 94‬من القانون الجمركي يعاقب على عدم التصريح التكميلي داخل‬
‫اآلجال القانونية المحددة في القرار‪.15‬‬
‫‪ ‬حيازة البضائع من األماكن المشار إليها في الفصل& ‪ 27‬من مدونة الجمارك‪ &،‬بعد‬
‫إيداع التصريح المفصل‪ ،‬دون أن تكون الرسوم قد تم أدائها أو ضمانها وقبل‬
‫تسليم رفع اليد عن البضائع‪.‬‬
‫‪ ‬عدم تقديم البضائع الموضوعة بمخازن وساحات االستخالص الجمركي‪ ،‬حسبما‬
‫هو معرف به في الفصل& ‪ 61‬بمجرد ما يطلب ذلك أعوان اإلدارة وكذا البضائع‬
‫المقدم بشأنها التصريح الموجز والمشار إليه في الفصل& ‪ 59‬من مدونة الجمارك‪.‬‬
‫هذه الحالة هي بمثابة التهريب الحكمي حتى ولو لم يحصل المهرب على ما أراده‪،‬‬
‫فالمشرع اقر بالمسؤولية المفترضة‪ ،‬بمجرد توهم الموظفين أنهم خدعوا من المهرب‬
‫تقوم قرينة التهريب على هذا األخير‪.16‬‬
‫‪ ‬عدم تقديم البضائع تحت نظام المستودع عند أول طلب ألعوان اإلدارة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم تقديم البضائع الموضوعة تحت نظام العبور والوثائق الجمركية التي يجب‬
‫أن ترفق بها بمجرد ما يطلب ذلك أعوان اإلدارة‪.‬‬

‫‪ - 14‬عبد اللطيف بوعالم‪ ،‬المنازعات الزجرية في القانون الجمركي المغربي‪ ،‬ص ‪30‬‬
‫‪15‬‬
‫‪.‬قرار لوزير المالية رقم ‪ 1068-00‬الصادر في ‪ 24‬أغسطس ‪2004‬‬
‫‪16‬‬
‫‪.‬عبد اللطيف بوعالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪42‬‬
‫‪13‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫كل شطط متعمد في استعمال أنظمة المستودع الصناعي الحر أو القبول المؤقت‬ ‫‪‬‬
‫لتحسين الصنع الفعال أو القبول المؤقت أو العبور أو التحويل تحت مراقبة‬
‫الجمرك حسب مدلول الفصل& ‪ 286‬من مدونة الجمارك‪.‬‬
‫عدم تقديم البضائع الموضوعة تحت نظام المستودع الصناعي الحر أو إثبات‬ ‫‪‬‬
‫استعمال البضائع المذكورة بمجرد ما يطلب ذلك أعوان اإلدارة‪.‬‬
‫عدم تقديم البضائع المودعة تحت مسؤولية الحارس األمين عليها‪ ،‬بمجرد ما‬ ‫‪‬‬
‫يطلب ذلك أعوان اإلدارة‪.‬‬
‫خرق مقتضيات الجزء السادس من مدونة الجمارك‪ ،‬المتعلق بمراقبة أنظمة‬ ‫‪‬‬
‫اإلعفاء أو استيفاء الرسوم والمكوس عند االستيراد‪.‬‬

‫ب المخالفات الجمركية من الطبقة الثانية‪:‬‬


‫لقد حدد المشرع المغربي في الفصل& ‪ 294‬من مدونة الجمارك المخالفات الجمركية من‬
‫الطبقة الثانية‪ ،‬واعتبرها كل‪:‬‬
‫‪ ‬تحويل بضائع من مستودع إلى آخر‪.‬‬
‫البضائع في المستودع تخضع لمراقبة إدارة الجمارك‪ &،‬وكل تحويل يحتاج إلى إذن جديد‬
‫وإال اعتبر مخالفة معاقب عليها طبقا للفصل ‪ 239‬من مدونة الجمارك‪ ،‬وكذا كل مناولة‬
‫جرت بدون إذن يعاقب عليها طبقا للفصل المذكور‪.‬‬
‫‪ ‬عدم القيام بالتصدير أو اإليداع في المستودع داخل اآلجال فيما يخص البضائع أو‬
‫األشياء أو األدوات أو المنتوجات الموضوعة تحت نظام القبول المؤقت لتحسين‬
‫الصنع‪.‬‬
‫‪ ‬عدم القيام داخل اآلجال المحددة بتسوية وضعية البضائع الموضوعة وفق نظام‬
‫المستودع أو المستودع الصناعي الحر أو تحت نظام العبور أو التحويل تحت‬
‫مراقبة الجمرك‪.‬‬
‫فقد نص الفصل ‪ 127‬من مدونة الجمارك على أنه تحدد المدة القصوى لبقاء البضائع‬
‫في ثالث سنوات فيما يخص المستودع العمومي‪ ،‬وسنتين فيما يخص المستودع الحر‪.17‬‬
‫‪ ‬كل تصريح غير صحيح أو مناورة عند االستيراد أو التصدير عندما ينتج عن هذا‬
‫التصريح غير الصحيح أو هذه المناورة التجانف عن رسم أو مكس أو التملص‬
‫منها‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪.‬عبد اللطيف بوعالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪45‬‬
‫‪14‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫استيراد أو تصدير بضائع غير محظورة أنجزت عن طريق مكتب للجمرك إما‬ ‫‪‬‬
‫بدون تصريح مفصل أو بحكم تصريح غير صحيح أو غير مطابق للبضائع‬
‫المقدمة عندما ال ينتج عن ذلك تجانف عن رسم أو مكس أو تملص منهما‪.‬‬
‫رفض تسليم الوثائق المشار إليها في الفصل ‪ 42‬من مدونة الجمارك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كسر أو إتالف األختام المستعملة من طرف أعوان اإلدارة كما هو منصوص‬ ‫‪‬‬
‫عليه في الفصل ‪ 40‬من مدونة الجمارك‪.‬‬

‫ج‪ -‬المخالفات& الجمركية من الطبقة الثالثة‪:‬‬


‫جاء بالفصل ‪ 297‬من مدونة الجمارك‪ &،‬أن المخالفات الجمركية من الطبقة الثالثة هي‬
‫كل تصريح غير صحيح أو مناورة تهدف أو تؤدي إلى الحصول كال أو بعضا على‬
‫إرجاع مبلغ أو منفعة ما ترتبط بالتصدير‪.‬‬

‫د‪ -‬المخالفات الجمركية من الطبقة الرابعة‪:‬‬


‫تشكل مخالفات& جمركية من الطبقة الرابعة حسب الفصل ‪ 299‬من مدونة الجمارك‪&،‬‬
‫األفعال المخالفة ألحكام‪:‬‬
‫‪ ‬القوانين واألنظمة المكلفة اإلدارة بتطبيقها عندما ال تكون هذه المخالفات معاقب‬
‫عنها خصيصا بنص خاص‪.‬‬
‫‪ ‬هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها عندما ال تكون هذه المخالفات معاقب‬
‫عنها خصيصا بهذه المدونة‪.‬‬
‫وتطبق أحكام الفقرة السابعة بالخصوص على‪:‬‬
‫‪ ‬كل إغفال أو عدم صحة بشأن أحد البيانات& الواجب تضمينها في التصريحات&‬
‫عندما ال يكون للمخالفات الجمركية أي تأثير على تطبيق الرسوم أو المكوس أو‬
‫تدابير الحظر أو القيود‪.‬‬
‫‪ ‬كل إغفال تقييد في السجالت المبوبة والسجالت وغيرها من الوثائق التي يكون‬
‫إمساكها إجباريا‪&.‬‬
‫‪ ‬عد التنفيذ الكلي أو الجزئي لاللتزامات& المتعهد بها في مستند جمركي‪.‬‬
‫‪ ‬خرق مقتضيات الفصول ‪ 36،49،53،54،57‬من مدونة الجمارك‪.‬‬
‫‪ ‬كل خرق لتدابير احتياطية أمرت بها السلطة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬المخالفات& ألحكام الفصل ‪ 23‬بشأن عدم مراعاة ضوابط الجودة أو التكييف‬
‫المفروضة عند االستيراد أو التصدير عندما ال يترتب عن هذه المخالفات& أي اثر‬
‫ضريبي‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫الجريمة الجمركية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية الجمركية ونطاقها‬


‫تعد المسؤولية الجنائية هي األساس ومناط كل متابعة جنائية‪ ،‬فلكي تقوم بمتابعة أي‬
‫شخص البد من التثبت من قيام المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫وبالرجوع غلى مدونة الضرائب& والجمارك غير المباشرة‪ ،‬نجد أن المشرع خرج عن‬
‫السياسة الجنائية العامة المتبعة في ضبط الجرائم ومعاقبة مرتكبيها‪ ،‬ومن بين تجليات‬
‫هذا الخروج هو خلق مراكز قانونية جديدة‪ ،‬يمكن من خاللها ضبط مرتكبي الجرائم‬
‫الجمركية‪ ،‬وتوسيع نطاق األشخاص المعنيين بأحكام هذا القانون‪.18‬‬
‫أ‪ -‬المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي‪:‬‬
‫انطالقا من الفصل& ‪ 19 223‬نجد أن المشرع الجمركي‪ ،‬حدد ثالث فئات افترض فيهم‬
‫قيام مسؤوليتهم الجنائية‪ ،‬إما بحكم قيامهم ببعض األنشطة وإما بحكم قيامهم بالمهام‬
‫المنوطة بهم‪ ،‬وسنقوم بتفصيل كل فئة على حدا‪.‬‬
‫‪ )1‬المسؤولية الجنائية للحائز‪:‬‬
‫يعتبر مفهوم الحيازة في مدونة الجمارك& مفهوم جد واسع عكس ما هو عليه األمر في‬
‫القانون المدني‪ ،20‬فيكفي لقيام المسؤولية الجنائية في حق الحائز‪ &،‬أن توجد البضاعة‬
‫محل الغش بين يديه وال حاجة إلثبات إدارة الجمارك& مساهمة من وجدت البضاعة‬
‫المغشوشة بين يديه‪ ،‬وهذا ما أكده المجلس األعلى سابقا "محكمة النقض حاليا" في أحد‬
‫قراراته‪ 21‬الذي جاء فيه "وحيث وبمقتضى الفقرة األولى من الفصل ‪ 223‬من مدونة‬
‫الجمارك& فإنه يفترض في حوزتهم البضائع المرتكب الغش بشأنها أنهم مسؤولون جنائيا‬
‫عن ذلك الغش‪ ،‬وهذا االفتراض ال يمكن دحضه إال باإلثبات الدقيق لحالة القوة القاهرة‬
‫عمال بمقتضيات الفصل ‪ 224‬من نفس المدونة األمر الذي تكون معه المحكمة لما‬
‫اعتمدت في قضائها على مجرد إنكار المطلوب للمنسوب إليه وعللت قرارها على النحو‬
‫السالف الذكر يكون قرارها قد جاء مشوبا بسوء التعليل الموازي النعدامه ومعرضا تبعا‬
‫لذلك للنقض واإلبطال"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الشلي محمد‪,‬الحبيب الدقاق‪,‬المصالحة الجمركية في القانون المغربي‪ ,‬الطبعة األولى ص ‪258,2010‬‬
‫‪ - 19‬ينص الفصل ‪ 223‬من مدونة الجمارك"يفترض في األشخاص اآلتي ذكرهم أنهم مسؤولون جنائيا‪:‬‬
‫األشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع المرتكب& الغش بشأنها وناقلوها‪.‬‬
‫ربانية السفن والبواخر والمراكب وقواد الطائرات فيما يخص اإلغفاالت والمعلومات& غير الصحيحة المالحظة في بياناتهم‪,‬وبصفة عامة فيما يخص الجنح‬
‫والمخالفات الجمركية المرتكبة على ظهر بواخرهم ومراكبهم وطائراتهم‪"...‬‬
‫‪ - 20‬الحيازة هي حالة مادية تتمثل في سيطرة شخص ماديا أو فعليا على شخص أو حق‪,‬يستوي في ذلك أن يكون صاحب الحق أن ال يكون كذلك‪,‬والحيازة‬
‫قرينة بسيطة على الملكية يجوز إثبات عكسها‪,‬أنظر عبد الرزاق السنهوري‪,‬الوسيط في شرح القانون المدني‪,‬القاهرة‪ 1968‬الجزء التاسع‪,‬ص ‪120‬‬
‫‪ - 21‬قرار المجلس األعلى سابقا"محكمة النقض حاليا"عدد‪ 427-2‬المؤرخ في ‪ 2005-4-13‬في الملف الجنحي عدد ‪ 04-24065‬منشور بمجلة المجلس‬
‫األعلى ماي ‪ ,2007‬العدد‪ 67‬ص ‪.277‬‬
‫‪16‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫‪ )2‬المسؤولية الجنائية للناقل‪:‬‬
‫كما هو معلوم أن مدونة الجمارك تلزم ناقلي البضائع المستوردة والمصدرة عن طريق‬
‫البر والبحر‪ ،‬الحضور إلى أقرب مكتب للجمرك من مكان مرورها من أجل التصريح‬
‫المفصل بهذه البضائع‪ ،‬فال يمكن أن تمر هذه البضائع من مكتب الجمارك بدون‬
‫ترخيص‪.‬‬
‫وعليه فمسؤولية الناقل تقوم على التزامه بمراقبة البضائع التي يقوم بنقلها‪ &،‬ويتابع‬
‫الناقلون للبضائع ولو كان مالك البضاعة غير متابع‪ ،‬كما يسأل الناقلون إذا كانوا سيئوا‬
‫النية‪ ،‬إذا أنهم ساهموا في الغش أو ارتكبوا خطأ شخصيا وذلك بإدالئهم بتصريحات‬
‫خاطئة‪ ،‬لكن يعفى من العقاب الناقلون الذين يثبتون على أنهم أدوا مهمتهم بصفة قانونية‬
‫وذلك بإثباتهم أن البضائع المذكورة قد أخفاها الغير في أماكن غير مراقبة عادة‪ ،‬أو أنها‬
‫أرسلت عن طريق إرسالية يظهر أنها مشروعة قانونيا‪.22‬‬
‫‪ )3‬المسؤولية الجنائية لربان السفن والبواخر وقواد الطائرات‪:‬‬
‫بالرجوع غلى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 223‬من مدونة الجمارك السالفة الذكر‪ ،‬يتضح‬
‫أن قيام مسؤولية ربان السفن والبواخر وقواد الطائرات مرتبطة بطبيعة المهام المنوطة‬
‫بهم‪.‬‬
‫وما يالحظ أن المسؤولية الجنائية تحرم المتهم من الحماية والضمانات التي توفرها له‬
‫قرينة البراءة‪ ،‬حيث تصبح اإلدانة هي األصل والبراءة هي واجبة اإلثبات‪.23‬‬
‫وما يمكن استنتاجه من هذا المقتضى أن مسؤولية هؤالء الرؤساء المذكورين مبنية على‬
‫أساس قرينة قانونية سواء كان الفعل المكون للجريمة الجمركية مرتكبا من طرف‬
‫الرؤساء بصفة شخصية أو من طرف الغير‪.‬‬
‫ويمكن أن يعفى هؤالء الرؤساء من المسؤولية الجنائية إذا أقاموا البينة على أنهم قاموا‬
‫بجميع واجباتهم في الحراسة‪ ،‬أو إذا تم العثور على مرتكب هذه الجنح أو المخالفات&‬
‫الجمركية‪ ،‬أو إذا تبين بأنهم نقلوا بأمانة جميع البيانات المصرح بها من طرف الشاحن‪.‬‬
‫ومن خالل تحليلنا لمقتضيات الفصل& ‪ 223‬من مدونة الجمارك‪ ،‬يتضح أن المسؤولية‬
‫الجنائية المنصوص عليها في هذا الفصل تتعارض مع مبدأ األصل في اإلنسان البراءة‬
‫الذي يعد من أهم المبادئ التي نص عليها الدستور المغربي وكذا قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬نظرا ألن قواعد المسؤولية الجنائية في مدونة الجمارك تجعل عبئ اإلثبات يقع‬
‫على عاتق المتهم وليس على كاهل النيابة العامة أو إدارة الجمارك‪ &،‬وهذا ما جعل‬
‫المدونة تتعرض إلى انتقادات& كثيرة من طرف جانب مهم من الفقه الجنائي‪.‬‬
‫‪ -22‬امحمد برادة غزيول‪,‬مدونة وتنظيمات& الجمارك والضرائب غير المباشرة‪,‬دار النشر والمعرفة رقم ‪ 10‬شارع الفضيلة الحي الصناعي‪,‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة الرباط‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,200‬ص ‪.10‬‬
‫‪23‬‬
‫سليمان عبد المنعم‪,‬النظرية العامة لقانون العقوبات‪,‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ,2000,‬ص ‪- 278‬‬
‫‪17‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫باإلضافة إلى األشخاص السالف ذكرهم‪ ،‬فإن مدونة الجمارك تقر مسؤولية أشخاص‬
‫آخرين حددهم الفصل ‪ 222‬من المدونة هم‪:‬‬
‫‪ ‬موقعوا التصريحات فيما يخص اإلغفاالت والبيانات غير الصحيحة والجنح‬
‫والمخالفات& الجمركية األخرى المالحظة في تصريحاتهم‪:‬‬
‫تعتمد إدارة الجمارك على تقنية التصريح بالبضائع عند التصدير واالستيراد قصد تحديد‬
‫قيمة الرسوم والمكوس لهذه البضائع‪ ،24‬وكذا مراقبة جودتها‪ ،‬وكل إغفال لبيانات هذا‬
‫التصريح‪ ،‬يعرض مرتكبه للمساءلة الجنائية‪ ،‬نظرا ألنه يهدف من وراء ذلك إلى‬
‫تحقيق الربح‪ ،‬وذلك بتقديم تصريح غير مطابق للبضاعة المراد تصديرها أو‬
‫استيرادها‪.‬‬
‫‪ ‬المؤتمنون عن عمل مستخدميهم فيما يخص العمليات الجمركية المنجزة بتعليمات‬
‫منهم‪:‬‬
‫تعد مسؤولية المؤتمن عن عمل مستخدميه الوجه المقابل لمسؤولية المصرح‪ ،‬فقد يكون‬
‫المؤتمن هو مالك البضاعة الذي يوكل غيره للقيام نيابة عنه بالعمليات& الجمركية‪ ،‬فإذا‬
‫أعطى هذا المالك تعليماته إلى شخص ما للتصريح والقيام باإلجراءات الجمركية‪،‬‬
‫وكانت هذه األخيرة تشكل خرقا للقانون الجمركي‪ ،‬فإنه يعد مسؤوال مسؤولية جنائية في‬
‫مواجهة مستخدمه‪.‬‬
‫‪ ‬المتعهدون في حالة عدم تنفيذ االلتزامات الموقعة من طرفهم‪:‬‬
‫يمكن تعريف المتعهد بأنه ذلك الشخص الذي يحرر التعهد باسمه‪ ،‬ويهدف هذا التعهد‬
‫إلى ضمان الوفاء بااللتزامات التي تقع عل عاتق المستفيد من النظم االقتصادية‬
‫الجمركية‪.25‬‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 222‬من مدونة الجمارك نجده ينص على أن المتعهد يسال جنائيا‬
‫في حالة عدم تنفيذ االلتزامات الوقعة من طرفه‪ ،‬ويتعلق األمر بمستغلي مخازن‬
‫وساحات االستخالص الجمركي الذين يوقعون تعهدا عاما مكفوال يضمن االلتزام بتقديم‬
‫البضائع وأداء الرسوم والمكوس‪.‬‬
‫هذا فيما يخص الفاعلون األصليون في الجريمة الجمركية‪ ،‬أما فيما يخص المشاركون‬
‫والمستفيدون من الغش‪ ،‬فإننا نجد الفصل ‪ 221‬من مدونة الجمارك ينص على‬
‫أن"الشركاء المتواطؤون في ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية تطبق عليهم‪ ،‬وفق شروط‬
‫الحق العام نفس العقوبات المطبقة على المرتكبين الرئيسيين للجنحة أو المخالفة‬
‫الجمركية‪ ،‬ويمكن أن تطبق التدابير االحتياطية المنصوص عليها في الفصل& ‪."220‬‬
‫‪24‬‬
‫محمد الشلي‪ ,‬المصالحة الجمركية في القانون المغربي‪,‬دار القلم الرباط‪ ,‬الطبعة األولى ‪ ,2010‬ص ‪- 319‬‬
‫‪ - 25‬أحسن بوقسيمة‪,‬المنازعات الجمركية‪,‬دار هومة بوزريعة الجزائر‪,‬طبعة ‪ ,2005‬ص ‪.407‬‬
‫‪18‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫كما تطبق هذه العقوبات والتدابير االحتياطية على األشخاص الذاتيين أو المعنويين الذين‬
‫لهم مصلحة في الغش‪.‬‬
‫وفي غير الحاالت المنصوص عليها في القانون الجنائي يعتبر المتواطؤون في ارتكاب‬
‫الجنحة أو المخالفة الجمركية األشخاص الذين قاموا على علم بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬حرضوا مباشرة على ارتكاب الغش أو سهلوا ارتكابه بأية وسيلة من الوسائل‪.‬‬
‫‪ ‬اشتروا أو حازوا ولو خارج الدائرة بضائع ارتكب الغش بشأنها‪.‬‬
‫‪ ‬ستروا تصرفات مرتكبي الغش أو حاولوا جعلهم في مأمن من العقاب‪".‬‬
‫ب‪ -‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي‪:‬‬
‫بعد الجدال الواسع الذي طال المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي‪ ،‬جاء المشرع‬
‫المغربي في مجموعة القانون الجنائي وأقر بشكل صريح في الفصل ‪ 127‬المسؤولية‬
‫الجنائية للشخص المعنوي‪ ،‬ونفس األمر سار عليه في مدونة الجمارك في الفصل ‪227‬‬
‫منها‪ ،‬والذي ينص على أنه "عندما ترتكب جنحة أو مخالفة جمركية من طرف‬
‫المتصرفين أو المسيرين أو المديرين لشخص معنوي أو من طرف العامل باسم أو‬
‫لحساب الشخص المعنوي‪ ،‬ويمكن بصرف النظر عن المتابعات المالية‪ ،‬وعند االقتضاء‬
‫التدابير االحتياطية المنصوص عليها في ‪ 3‬و ‪ 4‬و‪ 6‬من الفصل& ‪ 220‬من مدونة‬
‫الجمارك"‪.‬‬
‫من خالل الفصل& المذكور أعاله يتضح أن المشرع اشترط شرطا أساسيا إلقرار‬
‫المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي يتجلى في ارتكاب الجريمة الجمركية من طرف‬
‫شخص أو أشخاص ذاتيين باسم ولحساب الشخص المعنوي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار اإلجرائي للجريمة الجمركية‬


‫لقد خول المشرع المغربي في الجرائم الجمركية إلدارة الجمارك إقامة الدعوى العمومية‬
‫كمبدأ عام و كاستثناء للنيابة العامة أمام المحكمة المختصة‪.‬‬
‫وعليه فلدراسة القواعد اإلجرائي&&ة والش&&كلية المتعلق&&ة بالمنازع&&ات الجمركي&&ة و بي&&ان أهم‬
‫القواعد المسطرية المطبقة أمامها سنتطرق لهذا في مطلبين األول يتمثل في خصوصية‬
‫المتابعة في الجريم&&ة الجمركي&&ة و أهم وس&&ائل إثباته&&ا تم في المطلب الث&&اني إلى انقض&&اء&‬
‫الدعوى العمومية الجمركية و أهم آليات مكافحتها‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫المطلب األول‪ :‬خصوصية المتابعة في الجريمة الجمركية‬
‫تتميز مسطرة المتابعة في الجريمة الجمركي&&ة بمجموع&ة من الش&كليات و الخصوص&يات‬
‫التي تتميز بها عن المسطرة العادية و سنبين ه&&ذا في فق&&رتين (الفق&&رة األولى) س&&نتطرق‬
‫لضوابط المتابعة بصفة عام&&ة ثم في (الفق&&رة الثاني&&ة) س&&نتطرق لخصوص&&ية إثب&&ات ه&&ذه‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضوابط المتابعة في الجريمة الجمركية‬
‫أوال‪ :‬البحث و التحري في الجريمة الجمركية‬
‫تعتبر مرحلة البحث مرحلة بالغة األهمية ألنها تشكل البداية التي تتأسس عليها المراح&&ل‬
‫الالحقة‪.‬‬
‫فمتى وقعت جريمة من الجرائم تشرع السلطات المختصة في التحري عنها بهدف التأكد‬
‫من وقوعها و جمع األدلة عنها و ضبط مرتكبيها ‪.26‬‬
‫فنظ&&را لتع&&دد الج&&رائم و اختالف طبيعته&&ا أن&&اط الق&&انون عملي&&ات و إج&&راءات البحث‬
‫التمهي&دي ألجه&زة مختلف&ة تتن&وع حس&ب ن&وع الجريم&ة أوال للش&رطة القض&ائية ‪ 27‬و ك&ذا‬
‫لبعض األع&&وان و الم&&وظفين ال&&ذين أس&&ند لهم المش&&رع المغ&&ربي بعض مه&&ام الش&&رطة‬
‫القضائية حسب مقتضيات الم&&ادة ‪ 27‬من ق&&انون المس&&طرة الجنائي&&ة حيث نص&&ت على "‬
‫يمارس موظفو و أعوان اإلدارات و المرافق العمومية الذين تس&&ند إليهم مه&&ام الش&&رطة‬
‫القضائية بموجب نصوص خاصة هذه المهام حس&&ب الش&&روط و ض&&من الح&&دود المتبين&&ة‬
‫في هذه النصوص "‪.‬‬
‫بحيث يمكن حسب المادة م&&ذكورة لبعض الم&&وظفين و األع&&وان أن يقوم&&وا ببعض مه&&ام‬
‫الشرطة القض&&ائية ك&&الوالة و العم&&ال و موظف&&و إدارة المي&&اه و الغاب&&ات& تم موظف&&و إدارة‬
‫الجم&&ارك و الض&رائب& غ&ير المباش&رة بحيث يختص ه&ذا الن&&وع من الم&&وظفين في ن&وع‬
‫خ&اص من الج&رائم ال&تي نظمته&ا مدون&ة الجم&ارك و الض&رائب غ&ير المباش&رة ‪ 28‬حيث‬
‫يقوموا موظفو هذه اإلدارة بالبحث و تحرير المحاضر& في المخالفات& الجمركية مثل ‪:‬‬

‫‪ 26‬شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل الجزء األول ص ‪.79‬‬


‫‪ 27‬أحمد قليش ‪.‬السعدية مجيدي ‪.‬محمد زنون الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية مطبعة األمنية بالرباط الطبعة الرابعة ص ‪.13‬‬
‫‪ 28‬الظهير الشريف رقم ‪ 330_77_11‬بتاريخ ‪ 25‬شوال ‪ 1397‬الموافق ل ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1977‬بمثابة قانون كما تم تغييره و تتميمه بقانون ‪ 99.02‬المصادق‬
‫عليه بظهير& رقم ‪ 222.00.1‬ب ‪ 2‬ربيع األول ‪ 1421‬الموافق ل ‪ 5‬يونيو& ‪.2000‬‬
‫‪20‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫مخالفة حيازة بضائع بدون سند صحيح و هي جنحة من الطبقة الثانية منص&&وص‬ ‫‪‬‬
‫عليها و على عقوبتها في الفصول ع&&دد ‪ 221‬و ‪ 280‬و ‪ 281‬و ‪ 282‬من نفس‬
‫المدونة ‪.29‬‬
‫و باإلضافة إلى الشرطة القضائية التي منحها المشرع مهمة التثبت من وق&&وع الجريم&&ة‬
‫و جمع األدلة عنها و كذا البحث& عن مرتكبيها بمقتضى الم&&ادة ‪ 18‬من ق&&انون المس&&طرة‬
‫الجنائي&&ة و ال&&تي ص&&نفها في الض&&باط الس&&امون للش&&رطة القض&&ائية و ض&&باط الش&&رطة‬
‫القضائية التي حددتهم المادة ‪ 30 20‬من نفس القانون ثم أعوان الشرطة القض&ائية و ك&ذا‬
‫الموظفون الذين أناط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية‪ ،‬فهذه الفئ&&ة تنتمي لبعض‬
‫اإلدارات العمومية التي أس&&ندت لهم بعض المه&&ام المح&&ددة في ق&&وانين خاص&&ة من بينه&&ا‬
‫أعوان الجمارك الذين يتكلفون بإجراءات البحث& من أجل متابعة ك&&ل مخ&&الف للقواع&&د و‬
‫األنظمة الجمركية‪.‬‬
‫فبالرجوع إلى مدونة الجمارك و الضرائب& غ&&ير المباش&&رة فق&&د خ&&ولت له&&ؤالء األع&&وان‬
‫مهمة البحث إلى جانب الش&&رطة القض&&ائية من أج&&ل إثب&&ات األفع&&ال المخالف&&ة للق&&وانين و‬
‫األنظمة الجمركية و هم أعوان اإلدارة الذين أدو اليمين طبقا لش&&روط آدائ&&ه المنص&&وص‬
‫عليه&&ا بالفص &ل& ‪ 33_2‬من مدون&&ة الجم&&ارك و الض&&رائب غ&&ير المباش&&رة‪ ،31‬فالمش&&رع‬
‫أوجب عليهم تحرير المحاضر كمحض&&ر الحج&&ز ال&ذي يكتس&ي أهمي&ة بالغ&&ة في اإلثب&ات‬
‫باإلضافة إلى ما نص عليه الفصل& ‪ 237‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباش&&رة‬
‫حيث نص على " يمكن ألع&&&وان اإلدارة أن يقوم&&&وا بأبح&&&اث تمهيدي&&&ة و أن يباش&&&روا‬
‫بمناسبة تحرياتهم تفتيش المساكن و المحالت المعدة لإلستعمال المهني في ك&&ل مك&&ان و‬
‫طبقا لشروط محددة في الفصل& ‪ 41‬من هذه المدونة ‪"...‬‬

‫‪ 29‬أحمد قليش ‪.‬السعدية مجيدي ‪.‬محمد زنون الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية مطبعة األمنية بالرباط الطبعة الرابعة ص ‪. 14‬‬
‫‪ 30‬ينص الفصل ‪ 20‬من قانون المسطرة الجنائية على مايلي ‪ :‬يحمل صفة ضابظ للشرطة القضائية ‪ - :‬المدير العام للألمن الوطني ‪.‬ووالة األمن و المراقبون‬
‫العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباطها ‪.‬‬
‫‪-‬ضباظ الدرك الملكي و دو الرتب فيه و كدا الدركيون الدين يتولون قيادة فرقة أو مركز للدرك الملكي طيلة مدة هده القيادة ‪.‬‬
‫‪ -‬الباشوات و القواد ‪.‬‬
‫‪ -‬المدير العام لإلدارة مراقبة التراب الوطني و والة األمن و المراقبون العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباطها بهده اإلدارة فيما يخص الجرائم‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 108‬من هدا القانون ‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن تخويل صفة ضابط شرطة قضائية ‪.‬‬
‫لمفتشي الشرطة التابعين لألمن الوطني ممن قضوا عن األقل ثالت سنوات بهده الصفة بقرار مشترك صادر من وزير العدل و وزير العدل و وزير الداخلية ‪.‬‬
‫‪-‬للدركيين الدين قضوا على األقل ثالت سنوات من الخدمة بالدرك الملكي و عينوا اسميا بقرار مشترك من وزير العدل و السلطة الحكومية المكلفة بالدفاع‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫‪ 31‬ينص الفصل ‪ 33‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي ‪ -1 :‬يحمل اعوان اإلدارة المدعوون لتحرير المحاضر وكالة عمل ينبغي لهم‬
‫أن يدلو بها كلما طلبت منهم‬
‫‪ -2‬يجب عليهم اداء اليمين طبقا للكيفيات& و الشروط المنصوص عليها في التنظيم المتعلق بيمين اآلعوان محرري المحاضر ‪.‬‬
‫‪ -3‬يضمن نص هدا اليمين مجانا في وكاالت& العمل ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫و إلى ج&&انب أع&&وان إدارة الجم&&ارك منح المش&&رع لفئ&&ة معين&&ة من أع&&وان الجم&&ارك‬
‫گاآلمرين بالصرف أو رئيس اإلدارة أن يق&&وم ببعض إج&&راءات البحث التمهي&&دي حس&&ب‬
‫ما نص عليه الفصل& ‪ 238‬من نفس المدونة ‪.32‬‬
‫و هنا يمكن أن نطرح التساؤل حول ما الصالحيات التي تتمتع به&&ا إدارة الجم&&ارك& الى‬
‫جانب الشرطة القضائية في الحالة العادية ثم في حالة التلبس‪.‬‬
‫‪ _ 1‬في الحالة العادية ‪:‬‬
‫يتمتع أعوان إدارة الجمارك بعدة سلطات من أج&&ل القي&&ام بمه&&ام الض&&بط و اإلثب&&ات ذل&&ك‬
‫مقابل منحهم حصانة و حماية قانونية أتناء قيامهم بمه&&امهم طبق&&ا لم&&ا نص علي&&ه الفص&&ل‬
‫‪ 32‬من مدون&&ة الجم&&ارك و الض&&رائب& غ&&ير المباش&&رة ‪ 33‬و يمن&&ع على أي ش&&خص أن‬
‫يعترض مزاولة مهامهم كما أوجب على الس&&لطات المدني&&ة و العس&&كرية و أع&&وان الق&&وة‬
‫العمومية تق&&ديم المس&&اعدة لهم أتن&&اء ممارس&&تهم مه&&امهم باإلض&&افة إلى منحهم ح&&ق حم&&ل‬
‫السالح بشكل قانوني للممارسة مهامهم مع استعماله ضد كل من األشخاص و الحيوانات‬
‫و العربات في الحاالت& المسموح بها في الفصل ‪ 34‬من نفس المدونة المذكورة‪.‬‬
‫فمن االختصاصات التي يتمتعون بها في إطار البحث التمهيدي العادي ‪:‬‬
‫حق معاينة البضائع و وسائل النقل و هذه المعاين&&ة تتم داخ&&ل مك&&اتب الجم&&ارك أو‬ ‫‪‬‬
‫خارجها&‬
‫تفتيش األشخاص و مراقبة هويتهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تفتيش المساكن و المحالت المعدة لالستعمال المهني‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حق الحجز و الضبط‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حجز البضائع المهربة و وسائل النقل المستعملة إلخفاء الغش‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حجز المستندات و الوثائق‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ _2‬في الحالة التلبسية ‪:‬‬

‫‪ 32‬ينص الفصل ‪ 238‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي ‪ :‬مأمورو اإلدارة المرتبون على األقل من درجة مماثلة لسلم األجور رقم‬
‫‪ 11‬و اآلمرون بالصرف يمكنهم وحدهم لحاجات البحث التمهيدي أن يحتفظوا رهن إشارتهم طبق شروط قانةن المسطرة الجنائية بشخص أو بعدة أشخاص‬
‫يرتابون في إرتكاب جنحة جمركية أو مشاركتهم فيها ‪.‬‬
‫‪ 33‬ينص الفصل ‪ 32‬من مدونة الجما رك و الضرائب غير المباشرة على مايلي ‪ -1 :‬يحمي القانون أعوان اإلدارة و يمنع كل شخص أن يعترض مزاولة‬
‫مهامهم& بمجموع التراب الجمركي بما في دلك الطرق السيارة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يجب على السلطات المدنية و العسكرية و على أعوان القوة العمومية ان تقدم بمجرد ما يطلب منها دلك يد المساعدة إلى أعوان اإلدارة للقيام بمهامهم‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫بالرجوع لقانون المسطرة الجنائية نجد أن المشرع حدد الحاالت& التي يتحقق فيه&&ا التلبس‬
‫بالجناية أو بالجنحة من خالل المادة ‪ 56‬منه و خول صالحيات& اس&&تثنائية ألع&&وان إدارة‬
‫الجمارك& في حالة ارتكاب جريمة جمركية في حالة التلبس فمن بين هذه الصالحيات‪&:‬‬
‫إلقاء& القبض و الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫لقد خول المش&&رع الجم&&ركي من خالل الفص&&ل ‪ 239‬من مدون&&ة الجم&&ارك و الض&&رائب‬
‫غير المباشرة ألعوان محرري المحاضر& الجمركية الحق في إلقاء& القبض على األض&&ناء‬
‫في حالة التلبس بالجنحة فقط دون المخالف&&ات& األخ&&رى و وجب أن يتم االحتف&&اظ ب&&المتهم‬
‫من طرف م&&أموري اإلدارة الجمركي&ة ال&&ذين ال تق&ل درجتهم عن درج&&ة مفتش إقليمي و‬
‫اآلمرون بالصرف دون غيرهم من األعوان الجمركيين بص&&ريح الفص&&ل ‪ 238‬من نفس‬
‫المدونة‪.‬‬
‫االعتقال االحتياطي ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪34‬‬
‫يعد االعتقال االحتياطي تدبيرا استثنائيا يعمل به في الجنايات& و الجنح السالبة للحري&&ة‬
‫حيث يلجأ إليه في حالة انتفاء ض&&مانات الحض&&ور‪ &،‬أم&&ا بخص&&وص الجنح الجمركي&&ة فال‬
‫يكفي ت&&وفر ض&&مانات الحض&&ور لتف&&ادي االعتق&&ال االحتي&&اطي في حال&&ة التلبس ب&&الجنح‬
‫الجمركية‪.‬‬
‫فحسب الفصل ‪ 253‬من مدونة الجم&&ارك و الض&&رائب غ&&ير المباش&&رة إذا ك&&انت عقوب&&ة‬
‫الحبس مستحقة ولو لم يحكم فورا في جوهر القضية و لم يق&&دم الض&&نين ض&&مانات& كافي&&ة‬
‫كان السراح المؤقت متوقفا إما على تقديم وديعة نقدية أو في شكل شيكات مصادق عليها‬
‫إلى صندوق قابض الجمارك و إما على تقديم كفيل الذم&&ة يض&&من أداء العقوب&&ات& المالي&&ة‬
‫المستحقة ‪.‬‬
‫غير أنه كاستثناء على ما سبق يمكن للضنين المعتق&&ل أن يس&&تفيد من س&&راح م&&ؤقت دون‬
‫تق&&ديم وديع&ة أو كفال&ة لكن ش&ريطة قب&&ول النياب&ة العام&ة و اإلدارة و ه&ذا م&&ا نص علي&ه‬
‫الفصل& ‪ 35 257‬من المدونة‪.‬‬
‫م&&ا يمكن مالحظت&&ه ه&&و أن&&ه في حال&&ة التلبس بجنح&&ة جمركي&&ة يلج&&أ المتلبس إلى إج&&راء‬
‫االعتقال االحتياطي نظرا لخطورة الجريمة و إعتبارها من الجرائم التي يص&&عب متابع&&ة‬
‫مرتكبها في حالة سراح نظرا لخطورتها‪ ،‬و التلبس في النظام الجمركي األص&&ل ب&&ه ه&&و‬
‫‪ 34‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول لوزارة العدل الطبعة األولى ص ‪. 276‬‬
‫‪ 35‬ينص الفصل ‪ 257‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي ‪:‬خالف لمقتضيات الفصول ‪ 253‬و ‪ 254‬و ‪ 255‬أعاله يمكن أن يستفيد‬
‫الظنين المعتقل بصفة إحتياطية من سراح مؤقت دون تقديم وديعة أو كفالة ادا قبلت دلك النيابة العامة و اإلدارة ‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫االعتقال االحتياطي و االستثناء هو الس&راح الم&ؤقت ذل&ك حس&ب م&ا ج&اء في الفص&ول‬
‫‪ 253‬إلى ‪ 257‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫و نشير إلى أن وجود أعوان إدارة الجمارك إلى جانب الشرطة القضائية ه&&و دلي&&ل على‬
‫الدور الهام المخول لهؤالء األعوان و لمدى خبرتهم في البحث نظ&&را النتم&&ائهم للمي&&دان‬
‫الجم&&ركي مم&&ا ق&&د يس&&هل مأموري&&ة البحث و التع&&اون بين الط&&رفين إلنج&&از اإلج&&راءات‬
‫بصورة مشتركة و هنا المشرع جمع بين جهتين جهة الش&&رطة القض&&ائية كجه&&ة قض&&ائية‬
‫له&&ا الخ&&برة العام&&ة في مي&&دان البحث و تحري&&ر محاض&&ر بش&&أن ذل&&ك ثم ألع&&وان إدارة‬
‫الجم&&ارك كجه&&ة إداري&&ة تنتمي إلدارة خاص&&ة و هي إدارة الجم&&ارك و الض&&رائب& غ&&ير‬
‫المباش&&رة مم&&ا لهم من دراي&&ة كافي&&ة إلنج&&از مه&&امهم ذات طبيع&&ة االقتص&&ادية و الجبائي&&ة‬
‫الحمائية على كل عملي&&ة إس&&تراد و تص&&دير للبض&&ائع و ك&&ذا تحص&&يل الرس&&وم المس&&تحقة‬
‫عنها‪.‬‬
‫الجهة المختصة لتحريك الدعوى العمومية ‪:‬‬
‫من المتف&&ق علي&&ه تش&&ريعيا و قض&&اء أن ال&&دعوى العمومي&&ة مل&&ك خ&&اص للنياب&&ة العام&&ة‬
‫باعتبارها الجهاز القضائي الذي أوكل له المش&&رع حماي&&ة و حراس&&ة المجتم&&ع من جمي&&ع‬
‫اإلختالالت التي تتنافى مع األحكام المنظمة و الضابطة لحركة المجتمع‪.‬‬
‫فالمش&&رع المغ&&ربي أوك&&ل للنياب&&ة العام&&ة مهم&&ة إقام&&ة و ممارس&&ة ال&&دعوى العمومي&&ة و‬
‫مراقبتها حسب المادة ‪ 36‬من قانون المسطرة الجنائية أي تحريكها و تتبعه&&ا و مراقبته&&ا‬
‫إلى غاية تنفيذ الحكم الصادر بشأنها ‪ 36‬لما لها من سلطة مالئم&ة ال&تي تعطي له&ا الخي&ار‬
‫في إقامة الدعوى العمومية أو إصدار قرار بحفظها‪.‬‬
‫إال أنه كاستثناء عن القاعدة العامة نجد أن هذه المهمة موكول&&ة كاس&&تثناء لبعض الجه&&ات‬
‫أو األشخاص غير النيابة العامة أو موكولة لتلك الجهات بمعية النيابة العامة حيت نصت‬
‫الفق&&رة الثاني&&ة من الم&&ادة ‪ 3‬من ق&&انون المس&&طرة الجنائي&&ة على م&&ا يلي " يقيم ال&&دعوى‬
‫العمومية و يمارسها قضاة النيابة العامة كم&&ا يمكن أن يقيمه&&ا الم&&وظفين المكلف&&ون ب&&ذلك‬
‫قانونا ‪".‬‬
‫و من ضمن ه&&ذه الجه&&ات& نج&&د المش&&رع ق&&د منح ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة و ك&&ذا إلدارة‬
‫الجمارك& و الضرائب& غير المباشرة ح&&ق إث&&ارة ال&&دعوى العمومي&&ة في نط&&اق المتابع&&ات‬
‫المتعلقة بالجرائم الجمركية‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول الطبعة األولى ص ‪.26‬‬
‫‪24‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫فبالرجوع إلى مدونة الجمارك و الض&&رائب غ&&ير المباش&&رة نج&&د أن األص&&ل في تحري&&ك‬
‫الدعوى العمومية من اختصاص إدارة الجمارك و أن دور النيابة العامة استثنائي فقط‪.‬‬
‫فحسب الفصل ‪ 249‬من نفس المدونة نص على ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬في حالة ارتكاب جنحة من الجنح الجمركية المنصوص عليها و المحددة في الفصلين‬
‫‪ 279‬المكرر م&&رتين و ‪ 281‬بع&&ده يت&&ولى تحري&&ك ال&&دعوى العمومي&&ة النياب&&ة العام&&ة أو‬
‫الوزير المكلف بالمالية أو مدير اإلدارة أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ال يمكن في حال&&ة ارتك&&اب المخالف&&ات الجمركي&&ة المنص&&وص عليه&&ا و المح&&ددة في‬
‫الفصول ‪ 285‬و ‪ 294‬و ‪ 297‬و ‪ 299‬بعده تحريك الدعوى العمومي&&ة إال بمب&&ادرة من‬
‫الوزير المكلف بالمالية أو مدير اإلدارة أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك‪.‬‬
‫إذ يتضح من خالل الفص&ل& الم&&ذكور أن&&ه إذا تعل&&ق األم&&ر بمتابع&&ة زجري&&ة تخص الجنح‬
‫الجمركي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في الفص&&لين ‪ 279‬المك&&رر م&&رتين و ‪ 281‬من مدون&&ة‬
‫الجمارك& و الضرائب& غير المباشرة فإن الدعوى العمومية تقام من طرف النياب&&ة العام&&ة‬
‫أو من طرف الوزير المكل&&ف بالمالي&&ة أو من ط&&رف م&&دير إدارة الجم&&ارك& و الض&&رائب&‬
‫غير المباشرة أو من طرف من يمثله و المؤهل قانونا لذلك‪.‬‬
‫أما إذا تعلق األم&&ر بالمتابع&&ات ال&&تي تخص المخالف&&ات& الجمركي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في‬
‫الفصول ‪ 285‬و ‪ 294‬و ‪ 297‬و ‪ 299‬من نفس المدون&&ة الس&&ابق ذكره&&ا ف&&إن ال&&دعوى‬
‫العمومية تقام فقط من طرف الوزير المكلف بالمالية أو من طرف م&&دير إدارة الجم&&ارك‬
‫و الضرائب غير المباشرة أو من طرف من يمثله و المؤهل قانونا لذلك ‪.37‬‬
‫و هذا بالنسبة للمشرع المغربي أما بالنسبة للتشريعات المقارنة فق&&د اختلفت بش&&كل كب&&ير‬
‫في تحديد من له الحق في تحريك الدعوى العمومية فالتش&ريع المص&ري ‪ 38‬أعطى الح&ق‬
‫لم&دير اإلدارة أو لمن ين&وب عن&ه في حين التش&ريع التونس&ي ‪ 39‬لم ينص على مقتض&يات‬
‫‪40‬‬
‫خاصة و بالتالي بقي الحق إلقامة الدعوة العمومية للنيابة العامة تم التش&&ريع الفرنس&&ي‬
‫فرق بين نوعين من الج&رائم الجمركي&ة ف&أعطى الح&ق بالنس&بة للجنح الجمركي&ة للنياب&ة‬
‫العامة و المخالفات& لمدير اإلدارة‪.‬‬

‫‪ 37‬دراسة في القانون الجنائي المغربي للدكتور عبد اللطيف كرازي الطبعة الثانية لسنة ‪2019‬ص ‪.136‬‬
‫‪ 38‬ينص الفصل ‪ 124‬من قانون الجمارك المصري على مايلي ‪" :‬ال يجوز رفع الدعوى الجنائية في الجرائم الجمركية إال بناء على طلب كتابي من وزير‬
‫المالية أو من يفوضه" ‪.‬‬
‫‪ 39‬ينص الفصل ‪ 319‬من قانون الجمارك التونسي على مايلي ‪" :‬تحيل النيابة العامة على إدارة الديوانة كل المعلومات التي تتحصل عليها و التي تفترض‬
‫وجود مخالفة ديوانية او أية مناورة ترمي أو ينتج عنها مخالفة القوانين و التراتيب التي لها صلة بتطبيق& مجلة الديوانة و دلك بمناسبة النظر في قضايا مدنية‬
‫أو تجارية أبحث جزائي ولو إنتهى دلك بعدم سماع الدعوى "‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫‪25‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫و على هذا يمكن القول أن المشرع المغربي حاول التوفيق بين مصلحتين مصلحة عام&&ة‬
‫و أخرى خاصة عندما أشرك النيابة العامة إلى ج&&انب ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة و م&&دير‬
‫إدارة الجمارك& أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك في تحريك الدعوى العمومية ألنه&&ا تتض&&من‬
‫عقوب&&ات بدني&&ة و أخ&&رى مالي&&ة ‪ ،41‬نظ&&را لخط&&ورة ه&&ذه الجنح على الص&&حة العام&&ة‬
‫الرتباطه&ا بالمخ&درات و الم&واد المخ&درة المنص&وص عليه&ا في الفص&ل ‪ 279‬المك&رر‬
‫مرتين في مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة ‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى آلثارها على االقتصاد الوطني الرتباطها بعمليات التهريب المنصوص‬
‫‪42‬‬
‫عليها في الفصل& ‪ 281‬من نفس المدونة‬
‫و نش&&&ير إلى أن السياس&&&ة الجنائي&&&ة بش&&&أن المخالف&&&ات و الجنح الجمركي&&&ة تخ&&&رج عن‬
‫اختصاص الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض فإذا كان يشرف على السياسة الجنائي&&ة‬
‫و يبلغه&&ا إلى ال&&وكالء الع&&امين للمل&&ك طبق&&ا للق&&انون ‪ . 33.17‬ففي مي&&دان المخالف&&ات& و‬
‫الجنح الجمركية تبقى بيد وزير المالية و مدير إدارة الجمارك ‪.‬‬

‫الجهة المختصة للنظر في الدعوى ‪:‬‬


‫بالرجوع إلى مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة نجد الفصل ‪ 252‬ينص على "‬
‫ترفع الجنح و المخالفات& الجمركية إلى المحاكم وفقا للقواعد القانونية العادية‪" ...‬‬
‫فما نص عليه هذا الفصل ال يحدد الجهة المختصة في المنازعات الجمركية الزجرية هل‬
‫هي المحكمة اإلدارية أم المحكمة العادية ؟‬
‫لكن ب&الرجوع إلى الفص&ل ‪ 214‬من مدون&ة الجم&ارك و الض&رائب& غ&ير المباش&رة نص‬
‫على أن&&ه‪ " :‬تغلب على الغرام&&ات الجبائي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في ه&&ذه المدون&&ة ص&&بغة‬
‫تعويضات مدني&&ة غ&&ير أنه&&ا تص&&در عن المح&&اكم الزجري&&ة و يجب الحكم به&&ا في جمي&&ع‬
‫الحاالت& و لو لم تلحق األفعال المرتكبة أي ضرر مادي بالدولة " ‪.43‬‬
‫و بما أن كل األفعال التي تشكل خرق&ا للق&&وانين و األنظم&ة الجمركي&&ة هي بمثاب&ة جنح و‬
‫مخالفات فإن المحكمة المختصة بالنظر فيه&ا هي المحكم&ة اإلبتدائي&ة ال&تي إرتكب الفع&ل‬
‫‪41‬‬
‫عبد الوهاب عافالني القانون الجنائي الجمركي ص ‪. 189‬‬
‫‪42‬‬
‫الشرح العملي للمنازعات الجمركية في التشريع المغربي لكريم لحرش ص ‪. 310‬‬
‫‪43‬‬
‫رسالة بعنوان اإلجراءات الجنائية الجمركية بين القواعد العامة و مدونة الجمارك للطالب حسن الطاهري ‪. 2013_2012‬‬
‫‪26‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫الجرمي داخل نفوذها الترابي أو التي يقيم المتهم داخل دائرتها الترابية أو محكمة المكان‬
‫الذي ألقي القبض عليه فيه و ذلك طبقا لقواعد اإلختصاص المكاني التي تم النص عليه&&ا‬
‫في المادة ‪ 259‬من قانون المسطرة الجنائية حيث نصت على‪ " :‬يرجع اإلختصاص م&&ع‬
‫مراع&&اة مقتض&&يات القس&&مين األول و الث&&اني من الكت&&اب الس&&ابع من ه&&ذا الق&&انون إلى‬
‫المحكمة التي يقع في دائرة نفوذها إما محل ارتكاب الجريمة و إما محل إقام&&ة المتهم أو‬
‫إقامة أحد المساهمين أو المشاركين معه في الجريم&&ة و إم&&ا مح&&ل إلق&&اء القبض عليهم أو‬
‫على أحدهم و لو كان القبض مترتبا على سبب آخر "‪.‬‬
‫طرق و أساليب تحريك الدعوى العمومية ‪:‬‬
‫أكد الفصل ‪ 248‬من مدونة الجمارك و الضرائب& غير المباشرة على أنه " يمكن متابعة‬
‫األفع&&ال المخالف&&ة للق&&وانين و األنظم&&ة الجمركي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في المدون&&ة بجمي&&ع‬
‫الطرق القانونية مع مراعاة أحكام هذا الباب‪" ...‬‬
‫ومن تم فإن المشرع المغربي لم يحدد طريقا معينا للمتابع&&ة فب&&الرجوع لق&&انون المس&&طرة‬
‫الجنائية فالنيابة العامة يمكنها أن تقيم الدعوى العمومية إما تلقائيا أو بناء على شكاية من‬
‫الطرف المتضرر‪.‬‬
‫في حين أن إدارة الجمارك& و الضرائب& غير المباشرة تتوفر على عدة طرق التي تمكنها‬
‫من تحري&&ك ال&&دعوى العمومي&&ة في القض&&ايا& ال&&تي تك&&ون ط&&رف فيه&&ا غ&&ير أن&&ه يعت&&بر‬
‫االستدعاء المباشر و الشكاية الطريقتين األساسيتين اللتان تس&&تعين بهم&&ا إلقام&&ة ال&&دعوى‬
‫العمومية أمام المحكمة المختصة‪.44‬‬
‫_ مسطرة رفع الدعوى العمومية و إجراءات& البث فيها ‪:‬‬

‫طرق الطعن في األحكام الجمركية ‪:‬‬


‫تحيل طرق الطعن في األحكام القضائية عموما إلى الوسائل التي حددها القانون حص&&را‬
‫لتمكين الخص&&وم من الطعن في األحك&&ام الص&&ادرة عليهم إلع&&ادة النظ&&ر فيه&&ا أو إلغائه&&ا‬
‫بسبب بطالنها أو بطالن اإلجراءات& التي بنيت عليها مع إلغائها‪.‬‬
‫و في المادة الجمركية فإن كل حكم أو قرار قضى برفض مطالب اإلدارة جزئي&&ا أو كلي&&ا‬
‫يمكن الطعن في&ه أم&ام المحكم&ة المختص&ة ال&تي أص&درته أو محكم&ة أعلى درج&ة و من‬
‫‪44‬‬
‫الشرح العملي للمنازعات الجمركية في التشريع المغربي لكريم لحرش ص ‪. 314‬‬
‫‪27‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫الناحية العملية يتعين على ممثل إدارة الجمارك و الض&&رائب& غ&&ير المباش&&رة مباش&&رة أي‬
‫طعن إال و يجب أن ‪:‬‬
‫يتأكد من منطوق و تاريخ الحكم و رقم الملف الجنحي أو المدني أو التجاري المتعلق‬ ‫‪‬‬
‫بدعوى اإلدارة ‪.‬‬
‫أن يحصل على إذن رئيسه بشأن رفع الطعن أو عدم رفعه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يمارس الطعن بإسم و لحساب اإلدارة فيما يخص مطالب اإلدارة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الحرص على إحترام الشكليات القانوني&&ة من آج&&ال و غيره&&ا حيت ال ي&&رفض الطعن‬ ‫‪‬‬
‫شكال‪.‬‬
‫أن يق&&وم بإي&&داع ملتمس&&ات أو م&&ذكرات اإلدارة ال&&تي ت&&بين وق&&ائع القض&&ية و األحك&&ام‬ ‫‪‬‬
‫الص&&ادرة بش&&أنها و األس&&باب ال&&تي دعت إلى رف&&ع الطعن و ك&&ذا و س&&ائل ال&&دفاع و‬
‫التعقيب ‪.45‬‬
‫و نشير إلى أن األحكام الصادرة في الجرائم الجمركية يج&&وز الطعن فيه&&ا بنفس الط&&رق‬
‫المقررة في القواعد العامة المنصوص عليها في إطار قانون المسطرة الجنائية و هي إما‬
‫ط&&رق الطعن العادي&&ة و ال&&تي تتمث&&ل في التع&&رض و االس&&تئناف أو ط&&رق الطعن غ&&ير‬
‫العادية و تتمثل في النقض و المراجعة و إعادة النظر‪.‬‬
‫و يملك الحق في استعمال طرق الطعن كل من النيابة العامة و المتهم والمط&&الب ب&&الحق‬
‫المدني و المسؤول المدني‪.‬‬
‫و نشير كذلك إلى أن كل حكم أو قرار في المادة الجمركية قضى برفض مطالب اإلدارة‬
‫جزئيا أو كليا يمكن الطعن فيه أم&&ام المحكم&&ة المختص&&ة ال&&تي أص&&درته أو محكم&&ة أعلى‬
‫درجة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬خصوصية اإلثبات في الجريمة الجمركية‬
‫المشرع المغربي لم يقيد إثبات الجرائم الجمركية بوس&&ائل معين&&ة ب&&ل أك&&د على أن&&ه يمكن‬
‫إثبات هذه الجريمة بكل الطرق المخولة قانونا إال أن المحاضر& الجمركي&&ة تعت&&بر الحج&&ة‬
‫األبرز في إثبات هذه الجرائم باإلضافة الى إثباتها عن طريق الحجز والبحث ‪.46‬‬
‫كما عين المشرع األش&&خاص الم&&ؤهلين لتحريره&&ا و ح&&دد ص&&الحياتهم بمقتض&&ى مدون&&ة‬
‫الجمارك& و الضرائب& غير المباشرة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الشرح العملي للمنازعات الجمركية في التشريع المغربي لكريم لحرش ص‪. 324‬‬
‫‪46‬‬
‫الشرح العملي للمنازعات الجمركية في التشريع المغربي لكريم لحرش ص‪. 257‬‬
‫‪28‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫أوال‪ :‬األشخاص المكلفون بإثبات الجرائم الجمركية‬
‫أعطى المشرع مهمة إثبات الجريمة الجمركية لك&&ل من أع&&وان إدارة الجم&&ارك و ك&&ذلك‬
‫لضباط الشرطة القضائية و كذا ألع&&وان و مح&&ررو المحاض&&ر الت&&ابعين للق&&وة العمومي&&ة‬
‫طبقا لما نص عليه الفصل ‪ 233‬من مدونة الجمارك و الضرائب& غير المباشرة‪.47‬‬
‫و يالحظ من الفصل السالف الذكر أن المشرع أعطى األسبقة في اإلثب&&ات ألع&&وان إدارة‬
‫الجمارك& على ضباط الشرطة القضائية على عكس القواعد العامة و ذلك راجع باألساس‬
‫إلى كون أعوان إدارة الجمارك أكثر معرفة بالميدان الجمركي و الج&&رائم ال&&تي يمكن أن‬
‫ت&&رتكب في&&ه و علي&&ه ف&&إن أع&&وان إدارة الجم&&ارك يمكنهم أن يقوم&&وا بإثب&&ات الجريم&&ة‬
‫الجمركية بكل الوسائل القانونية الممكنة كما سبق ذكر هذا إال أن المشرع اش&&ترط بعض‬
‫الشروط لمزاولة هذه المهام و هي‪:‬‬
‫التوفر على وكالة عمل حيث توفر لهم هذه الوكالة حماية قانونية و يتم اإلدالء به&&ا كلم&&ا‬
‫طلب منه ذلك ثم أداء اليمين القانونية ‪.‬‬
‫و نش&&ير إلى أن الفص&&ل ‪ 42‬من نفس المدون&&ة ال&&تي س&&بق ذكره&&ا ينص على أن&&ه يمكن‬
‫ألع&&وان اإلدارة المرت&&بين على األق&&ل في درج&&ة مماثل&&ة لس&&لم األج&&ور رقم ‪ 8‬و ض&&باط‬
‫الجم&&ارك و ك&&ذا األع&&وان الم&&وكلين له&&ذا الغ&&رض من ط&&رف م&&دير اإلدارة أن يط&&البو‬
‫بالحصول على السجالت و المس&&تندات و الوث&&ائق و الول&&وج إلى المعلوم&&ات كيفم&&ا ك&&ان‬
‫نوعها المتعلقة بالعمليات التي تهم عملهم ‪."...‬‬
‫و يعد رفض تقديم هذه الوثائق مخالفة جمركية من الدرجة الثانية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النطاق المكاني إلثبات المخالفات الجمركية‬
‫المراقب&&ة الجمركي&&ة إم&&ا أن تتم داخ&&ل المك&&اتب و ه&&و المك&&ان الع&&ادي للقي&&ام بالعملي&&ات‬
‫الجمركية أو على طول الحدود السياسية الجمركية للدولة ثم داخ&&ل ال&&دائرة الجمركي&&ة أو‬
‫على التراب الخاضع& لها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أنواع المحاضر& الجمركية‬
‫يمكن تعريف المحضر الجمركي بأنه وسيلة قانونية هدفها إثبات جريم&&ة ارتكبت أو هي‬
‫في طور االرتكاب يتم تحريره من طرف موظف مختص ومؤهل للقيام بعملية اإلثبات‪.‬‬
‫‪ 47‬ينص الفصل ‪ 233‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على مايلي ‪ " :‬يقوم بإتباث األفعال المخالفة للقوانين و األنظمة الجمركية أعوان اإلدارة‬
‫الدين ادو اليمين طبقا للشروط المحددة في الفصل ‪ 233‬من هده المدونة و ظباط الشرطة القضائية و كدا كل األعوان و محرروا المحاضر التابعون للقوة‬
‫العمومية ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫والمشرع قبل أن ينص على أنه يجوز إثبات المخالفة الجمركية بجميع الط&&رق القانوني&&ة‬
‫األخرى أكد في الفصل ‪ 234‬من مدون&&ة الجم&&ارك على أن&&ه تثبت المخالف&&ات& الجمركي&&ة‬
‫عن طريق الحجز أو عن طريق البحث‪.‬‬
‫وبذلك تبقى محاضر الحجز والبحث أهم وس&ائل اإلثب&ات في الم&ادة الجمركي&ة‪ ،‬وح&تى‬
‫تتمتع هذه المحاضر بقوتها القانونية يلزم أن تت&&وفر فيه&&ا البيان&&ات والش&&كليات ال&&تي نص‬
‫عليها المشرع في مدونة الجمارك‪.‬‬
‫و نش&&ير الى أن&&ه تختل&&ف ق&&وة حجي&&ة ه&&ذه المحاض&&ر حس&&ب نوعه&&ا‪ ،‬وتثبت المخالف&&ات‬
‫الجمركية عن طريق الحج&ز& أو عن طري&ق البحث‪ .‬ففي الحال&&ة األولى يس&&مى المحض&&ر‬
‫حجز و في الثانية يسمى إثبات وه&&ذا م&&ا أك&&ده المجلس األعلى محكم&&ة النقض حالي&&ا في‬
‫أحد قراراتها‪ 48‬الذي جاء فيه‪" :‬يؤخ&&ذ بمحض&&ر إدارة الجم&&ارك بش&&أن حجي&&ة التص&&ريح‬
‫الك&&اذب لص&&نف البض&&ائع المس&&توردة‪ ،‬ب&&الرغم من ك&&ون ه&&ذا المحض&&ر ال يتض&&من‬
‫تصريحات& المخالف‪ ،‬ألن&&ه ليس من الالزم في التش&&ريع الجم&&ركي االس&&تماع دوم&&ا تحت‬
‫طائلة البطالن‪ ،‬إذا لم تكتب المخالفة الجمركية والتي يمكن التثبت منه&&ا‪ ،‬إم&&ا عن طري&&ق‬
‫الحجز أو عن طريق البحث"‪.‬‬
‫فمن خالل ه&&ذا الق&&رار‪ ،‬يت&&بين أن المس&&طرتين الم&&ذكورتين أعاله تس&&فران عن وض&&ع‬
‫المحاضر‪ ،‬التي هي األداة األكثر استعماال في إثب&&ات المخالف&&ات الجمركي&&ة‪ ،‬لم&&ا له&&ا من‬
‫أهمية وقوة ثبوتية خاصة‪.‬‬
‫لذلك عين لها المشرع شكليات وقواعد حددها على سبيل الحص&&ر في الفص&&ل ‪ 240‬من‬
‫مدونة الجمارك ‪،‬فالمحاضر المنجزة وفق الفصل المذكور من ط&&رف ع&&ونين ف&&أكثر من‬
‫أع&&وان إدارة الجم&&ارك له&&ا ق&&وة ثبوتي&&ة مطلق&&ة على خالف وس&&ائل اإلثب&&ات األخ&&رى‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 242‬وما بع&&ده من مدون&&ة الجم&&ارك‪ .‬وس&&نحاول الخ&&وض‬
‫بتفصيل في كل نوع من أنواع المحاضر& الجمركية‪:‬‬
‫‪ -1‬محضر الحجز‬
‫يكتس&&ي محض&&ر الحج&&ز أهمي&&ة بالغ&&ة في إثب&&ات الج&&رائم الجمركي&&ة في حال&&ة التلبس‬
‫خصوصا في ج&&رائم الته&&ريب و الغش في البض&&ائع المرتكب&&ة في المراك&&ز الحدودي&&ة أو‬
‫داخل النطاق الجمركي حيث يحق لإلدارة الجمارك وض&&ع ي&&دها على الش&&يء المحج&&وز‬
‫حتى تتمكن من اإلثبات المادي للجريم&&ة ال&&تي ت&&دعي وجوده&&ا و تتمكن من اإلدالء أم&&ام‬
‫‪48‬‬

‫‪30‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫‪49‬‬
‫القضاء& بجسم الجريمة عندما تكون طرفا في الدعوى و تجدر اإلشارة الى أنه بمجرد‬
‫أن تتم عملية الحجز يتم توجيه األش&&ياء المحج&&وزة إلى أق&&رب مكتب أو مرك&&ز جم&&ركي‬
‫من مكان وقوع الحجز و إيداعه فيه غير أن&ه إذا تع&ذر ذل&&ك لظ&روف ق&اهرة فإن&ه يتعين‬
‫حينئذ وضع البضائع المحج&&وزة تحت حراس&&ة المخ&&الف أو غ&&يره ‪ 50‬و تحري&&ر محض&&ر‬
‫الحجز التي يجب أن تتوفر فيه مجموع&&ة من الش&&روط و الش&&كليات القانوني&&ة و البيان&&ات‬
‫الالزمة‪ ،‬و المحضر& يمكن أن يكون إما في حالة حجز البضائع و وسائل النق&&ل أو حج&&ز‬
‫الوثائق و وسائل األداء‪.‬‬
‫و بالنسبة لحجز الوثائق فإما أن يتدخل ع&&ون إدارة الجم&&ارك& بمجه&&وده الخ&&اص لتبس&&يط‬
‫هذه البيانات أو تلخيصها في إطار المحضر المنجز أو يلزم موقفا محايدا يتمث&&ل في نق&&ل‬
‫هذه البيانات كليا أو جزئيا من الوثيقة إلى المحضر بعد أن يضع البيان&&ات أو يأخ&&ذ نس&&خ‬
‫من هده الوثائق إلرفاقها بالمحضر أو حجزها عندما يك&&ون االس&&تدالل بأص&&ل الوثيق&&ة ال‬
‫غنى عنه‪.‬‬
‫‪ -2‬محضر البحث‬
‫بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية نجده ينص في المادة ‪ 18‬على أنها نصت على ما‬
‫يلي‪ " :‬يعهد إلى الشرطة القضائية تبعا للبيانات& المقررة في هذا القسم بالتثبت من وق&&وع‬
‫الجرائم وجمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها"‪.‬‬
‫وتنصيص المشرع على جمع األدلة يكون ضمن محض&&ر يس&&مى محض&&ر البحث‪ &،‬وه&&ذه‬
‫السلطة مخولة لهم كذلك في إطار البحث في المخالفات الجمركية على اعتبار أنهم أيضا‬
‫لهم الحق في التثبت من وقوع الجرائم الجمركية باإلضافة إلى أعوان إدارة الجمارك‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يمكن حجز جميع األشياء والمستندات التي قد تكون مفيدة للكش&&ف عن‬
‫الحقيقة حيث يكون الحجز& مجرد إجراء تقتضيه ضرورة البحث‪ &،‬ولهذا عين الفصل ‪42‬‬
‫وخاصة في فقرته األولى األشخاص الذين يجوز لهم القي&&ام ب&&البحث و ح&&ددهم في مفتش‬
‫مساعد على األقل والضابط الجمركي‪ ،‬حيث لم يعد األمر يهم الجميع‪.‬‬
‫وعلى العموم فإن البحث بإدارة الجمارك يستدعي بالض&&رورة خل&&ق مص&&الح متخصص&&ة‬
‫في معالجة المعلومات والحصول عليها بما يتطلب ذلك القي&&ام بعملي&&ة البحث في الوث&&ائق‬
‫وبجميع األدلة‪.‬‬
‫‪ 49‬محمد محبوبي ورشام الطاكي م س ص ‪. 20‬‬
‫‪ 50‬حسن الطاهري ' اإلجراءات الجنائية المركبة بين القواعد العامة و مدونة الجمارك ' رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم الجنائية كلية الحقوق جامعة‬
‫القاضي عياض بمراكش السنة الجامعية ‪ 2011.2012‬ص ‪. 24‬‬
‫‪31‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫وبعد التطرق إلى أنوع المحاضر الجمركي&&ة من حيث طبيع&&ة التثبت‪ ،‬ه&&ل ه&&و حج&&ز أو‬
‫بحث‪ ،‬يظهر لنا جليا أن هذا النوع من المحاضر يعطي خصوص&&ية لإلثب&&ات في المي&&دان‬
‫الجمركي عن الميدان الجنائي بصفة عامة‪ .‬فبالرغم من أن المشرع الجمركي تب&&نى مب&&دأ‬
‫حرية اإلثبات وذلك باللجوء إلى كافة وسائل اإلثب&&ات القانوني&&ة إال أن&&ه أعطي للمحاض&&ر‬
‫الجمركية مكانة متميزة ضمن وسائل اإلثبات وهو األمر الذي يدفعنا إلى التس&&اؤل ح&&ول‬
‫حجية هذه المحاضر بعد بيان أهم البيانات الواجب توفرها في المحاضر السابق ذكرها‪.‬‬
‫بيانات تحرير المحاضر الجمركية‪:‬‬
‫تختلف الشكلية التي يجب توفرها في المحضر& باختالف نوع المحض&&ر بحيث أن&&ه هن&&اك‬
‫أنواع عدة من المحاضر& نذكر منها على سبيل المثال محضر الحجز تم محض&&ر الض&&بط‬
‫ثم محض&&ر االس&&تماع و ك&&ذلك محض&&ر المواجه&&ة و أهم م&&ا يم&&يز المحاض&&ر الجمركي&&ة‬
‫الش&&كليات المعق&&دة س&&واء بظ&&روف تحريره&&ا أو من حيث البيان&&ات ال&&واجب توفره&&ا‬
‫إلعطائها الحجية و هذه الشكليات تعتبر ضرورية لإلثبات فبالنسبة للبيانات العامة فيجب‬
‫أن يتوفر في المحضر‪:‬‬
‫تاريخ و مكان تحريره و كذا االختتام‬ ‫‪-‬‬
‫أسماء و صفات& و مساكن األعوان محرري المحاضر&‬ ‫‪-‬‬
‫تاريخ و ساعة و مكان الحجز& أو اإلثبات و التصريحات& التي قد يدلي بها م&&رتكب‬ ‫‪-‬‬
‫أو مرتكبو الفعل الذي يكون خرقا للقوانين و األنظمة الجمركية‬
‫و يجب أن توقع هده المحاضر من ط&رف محرره&&ا و من ط&رف مرتك&&بي الفع&ل‬ ‫‪-‬‬
‫كانوا حاضرين أو رفضهم هدا التوقيع ينص على دلك في الوثائق المذكورة‬
‫و تسلم نسخة من تلك المحاضر إلى مرتكبي األفعال الحاضرين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫و يجب عالوة على ذلك أن ينص محضر الحجز على مجموعة من البيانات األخرى‬
‫و التي تتمثل في‪:‬‬
‫أسباب الحجز و وصف األشياء المحجوزة م&&ع بي&&ان نوعه&&ا و جودته&&ا و كميته&&ا و‬
‫كدا التدابير المتخذة لضمان إي&&داعها أو حراس&&تها أو حفظه&&ا و ك&&ذلك هوي&&ة الح&&ارس‬
‫المعين عند االقتضاء مع موافقته و توقيعه و حضور أو غياب مرتك&بي األفع&ال عن&د‬
‫وصف األشياء المحج&&وزة و المالحظ&&ات ال&&تي ق&&د يق&&دمها و الس&&ماح عن&&د االقتض&&اء‬
‫باستالم البضائع غير المحظورة أو وسائل النقل مقابل كفالة أو وديعة ‪.51‬‬

‫‪51‬‬
‫الشرح العملي للمنازعات الجمركية لكريم الحرش ص ‪. 271‬‬
‫‪32‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫و نش&&ير الى أن المحاض&&ر الجمركي&&ة معف&&اة من إج&&راءات& التن&&بر و التس&&جيل حس&&ب‬
‫الفصل& ‪ 241‬من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫حجية المحاضر الجمركية‪:‬‬
‫في إط&&ار ممارس&&ة أع&&وان الجم&&ارك& مه&&امهم يقوم&&وا بإثب&&ات‪ &،‬المخالف&&ات& المتعلق&&ة‬
‫بالتش&&ريعات والتنظيم&&ات الجمركي&&ة‪ ،‬ال&&تي تتكل&&ف إدارة الجم&&ارك والض&&رائب غ&&ير‬
‫المباشرة بتطبيقها ويتمتعون في ه&&ذا المج&&ال باختصاص&&ات& واس&&عة يتعين ممارس&&تها في‬
‫توافق ومراعاة لحريات األفراد‪.‬‬
‫ولهذه المحاضر المنجزة من قبل أعوان إدارة الجمارك أو حتى ضباط الشرطة القضائية‬
‫في إطار التثبت من المخالفات الجمركية حجية تختل&&ف عن المحاض&&ر المنج&&زة من قب&&ل‬
‫ضباط الشرطة القضائية في إطار التثبت من جرائم القانون العام‪.‬‬
‫فالمحضر& الجمركي يت&&وفر على أهمي&&ة خاص&&ة في مج&&ال اإلثب&&ات‪ ،‬ف&&إذا ك&&انت القاع&&دة‬
‫العامة في الق&انون الجن&ائي تقض&ي ب&أن القاض&ي& يحكم بحس&ب قناعت&ه‪ ،‬وأن&ه غ&ير مقي&د‬
‫بوسيلة من وسائل اإلثب&&ات ش&&ريطة التعلي&&ل‪ ،‬ف&&إن المقتض&&يات ال&&تي يخص به&&ا المش&&رع‬
‫المغربي المحاضر& الجمركية تشكل استثناء عن القاعدة‪ ،‬فالقاض&&ي مقي&&د في حق&&ل إثب&&ات‬
‫المخالفات& بالوقائع المادية المثبتة في محاضر الجمارك‪.52‬‬
‫وب&&الرجوع إلى الفص&&ل ‪ 242‬من مدون&&ة الجم&&ارك و الض&&رائب& غ&&ير المباش&&رة نج&&ده‬
‫تطرق إلى القوة الثبوتية للمحاضر الجمركية حيث ج&&اء في&&ه ‪ " :‬إن المحاض&&ر المح&&ررة‬
‫بشأن الجنحة أو المخالفة ألحكام ه&&ذه المدون&&ة من ط&&رف ع&&ونين إلدارة أو أك&&ثر يعتم&&د‬
‫عليها في اإلثباتات المادية المضمنة في المحاضر إلى أن يطعن في صحتها‪.‬‬
‫ويعتم&&د عليه&&ا في ص&&حة وص&&دق اإلق&&رارات والتص&&ريحات المتلق&&اة إلى أن يثبت م&&ا‬
‫يخالفها‪&.‬‬
‫أم&&ا المحاض&&ر المح&&ررة من ط&&رف ع&&ون واح&&د إلدارة فيعتم&&د عليه&&ا إلى أن يثبت م&&ا‬
‫يخالفها& وكذا الشأن بالنسبة للمحاضر المحررة من ط&&رف األع&&وان مح&&رري المحاض &ر&‬
‫التابعين لإلدارات أخرى ما لم تكن هناك نصوص خاصة"‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫‪33‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫ومن خالل استقراء ه&&ذا الفص&&ل يت&&بين لن&&ا أن المحاض&ر& من حيث الق&&وة الثبوتي&&ة تنقس&&م‬
‫لنوعين‪ :‬محاضر يعتمد عليها إلى أن يطعن في حجيتها بالزور‪ ،‬ومحاض&ر يعتم&د عليه&ا‬
‫إلى أن يثبت ما يخالفها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬محاضر ذات حجية مطلقة‬
‫أعطى المش&رع أهمي&ة خاص&ة للمحاض&ر ال&تي ينجزه&ا الموظف&ون واألع&وان المكلف&ون‬
‫ببعض مهام الشرطة القضائية بنص في المادة ‪ 292‬من قانون المس&&طرة الجنائي&&ة أن&&ه‪":‬‬
‫إذا نص قانون خاص على أنه ال يمكن الطعن في مضمون بعض المحاضر أو التق&&ارير‬
‫إال بالزور‪ ،‬فال يمكن ‪ -‬تحت طائلة البطالن‪ -‬إثبات عكسها بغير هذه الوسيلة"‪.‬‬
‫وكما رأينا في الفصل ‪ 242‬من مدونة الجمارك فالنص صريح ع&&دم وج&&وب الطعن في‬
‫صحة المحاضر& المنجزة من قبل عونين فأكثر إال بالزور‪ .‬وه&&ذا م&&ا ذهبت إلي&&ه محكم&&ة‬
‫النقض في أح&&د قراراته&&ا ل&&ذي ج&&اء في&&ه ‪" :‬اإلثبات&&ات المادي&&ة المنض&&مة في المحاض&&ر‬
‫المنجزة من طرف خمس&&ة أع&&وان للجم&&رك‪ &،‬بش&&أن المخالف&&ات الجمركي&&ة تكتس&&ي حجي&&ة‬
‫مطلقة ال يمكن دحضها إال بالطعن بالزور وفق الكيفيات والشروط المنصوص عليها في‬
‫الفصل& ‪ 244‬من مدونة الجمارك‪ ،‬تستوي في ذلك اإلثبات&&ات المادي&&ة الفني&&ة وغيره&&ا من‬
‫اإلثباتات ما دام النص المقرر بمقتضاه هذه الحجية جاء مطلقا وغير مقيد بأن تكون تل&&ك‬
‫اإلثباتات غير فنية أو تقنية"‪.‬‬
‫وهنا يتبين في حالة إنجاز محضر خاص بجريمة جمركية من طرف ع&&ونين أو أك&&ثر ال‬
‫يمكن الطعن في مضمون هذا المحضر إال بالزور كما نصت على ذلك الم&&ادة ‪ 244‬من‬
‫مدون&&ة الجم&&ارك مم&&ا يوض&&ح أن الط&&ابع الزج&&ري ه&&و الس&&ائد في مي&&دان إثب&&ات الجنح‬
‫والمخالفات الجمركية‪.‬‬
‫وهذا فالمحاضر& المنجزة من طرف عونين إلدارة سواء تعلق األمر بمحاض&&ر البحث أو‬
‫الحجز لها قوة ثبوتية مطلقة إلى حين الطعن فيها بالزور‪.‬‬
‫ويقع على عاتق من يدعي عدم ارتكابه أية مخالفة للقوانين واألنظمة الجمركية في حالة‬
‫الحج&&ز على البض&&ائع ع&&بر إثب&&ات م&&ا يدعي&&ه‪ .‬واإلش&&كال ال&&ذي يط&&رح هن&&ا أن&ه إذا ك&&ان‬
‫المشرع الجمركي يعطي حجية مطلقة بالنسبة للمحاض&ر& المنج&&زة من ط&&رف ع&&ونين أو‬
‫أكثر فيما يخص اإلثباتات المادية‪ ،‬وذلك بصريح الفصل ‪ 242‬من مدونة الجمارك‪ &،‬فانه‬
‫لم يحدد لنا طبيعة هذه المعاينات المادي&&ة‪ ،‬أي الوق&&ائع المادي&&ة ال&&تي يمكن اعتباره&&ا دليال‬
‫ماديا له حجية مطلقة في حالة تضمينه ضمن المحضر الجمركي‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫وبالرجوع إلى القضاء& المغربي نجد هناك تطور فيما يخص التعام&ل م&ع ه&ذه اإلش&كال‪،‬‬
‫ففي مرحلة أولى تعاملت محكمة النقض م&&ع الفص&ل& ‪ 242‬من مدون&&ة الجم&&ارك بمنط&&ق‬
‫شمولي معتبرا أن المعاينة بكافة أجزائها ومحتوياتها له&&ا نفس الدرج&&ة من األهمي&&ة‪ ،‬وال‬
‫يمكن الطعن فيه إال بالزور قبل أن يعمل يع&&د ذل&&ك على تحدي&&د طبيع&&ة اإلثب&&ات المادي&&ة‬
‫المعين&&ة بص&&ياغة ه&&ذا النص‪ ،‬والمقص&&ود باإلثبات&&ات المادي&&ة ش&&اهده أو عاين&&ه أع&&وان‬
‫الجمارك& وقائع المخالفة وأثارها وكيفية ضبطها ومكان ارتكاب الجنحة ون&&وع البض&&اعة‬
‫وظروف إلقاء& القبض إلى غير من الوقائع المادية‪.‬‬
‫وتج&&در اإلش&&ارة إلى أن ص&&عوبة الطعن ب&&الزور في ه&&ذه المحاض&&ر& تعرض&&ت لبعض‬
‫االنتقادات‪ &،‬خاصة أن المحاكم تفضل التعامل مع محاضر ضابط الشرطة القضائية على‬
‫محاضر الجمارك رغم أنها غالب&&ا م&&ا تك&&ون ملحق&&ة بالش&&كاية أو طلب المتابع&&ة ألن ه&&ذه‬
‫المحاضر& التي تفترض فيها النزاهة والشفافية والدقة غالب&&ا م&&ا ال تح&&ترم فيه&&ا الش&&كليات‬
‫القانوني&&ة كم&&ا أن محرريه&&ا في الواق&&ع بعي&&دين عن اإلش&&راف الق&&انوني ال&&ذي يجب أن‬
‫تمارس النيابة العامة على جميع أصناف الشرطة القضائية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬محاضر ذات حجية نسبية‬
‫تنقس&&م ه&&ذه المحاض&&ر إلى ث&&الث أن&&واع‪ ،‬وهي محاض&&ر مح&&رر من ط&&رف ع&&ون واح&&د‬
‫إلدارة‪ ،‬وكذلك المحاضر& المضمنة لإلقرارات والتصريحات& المتلقاة سواء كانت مح&&ررة‬
‫من طرف عون واحد أو أكثر‪ ،‬وأخيرا المحاضر المحررة من طرف األع&وان مح&رري‬
‫المحاض &ر& الت&&ابعين إلدارات أخ&&رى‪ .‬و محاض&&ر الش&&رطة القض&&ائية المنج&&زة في إط&&ار‬
‫التثبت من المخالفات& الجمركية‪ ،‬تلحق بالنوع الثالث من المحاضر وذل&&ك تطبيق&&ا للم&&ادة‬
‫‪ 290‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫وإذا كان األصل أي عبء اإلثبات يق&ع على من ادعى ف&إن ق&انون الجم&ارك خ&رج على‬
‫هذه القاعدة بحيث جعل عبء اإلثبات في الم&&واد الجمركي&&ة على الم&&دعى علي&&ه أي على‬
‫المتهم فليس لإلدارة الجم&&ارك أو النياب&&ة العام&&ة إثب&&ات نس&بة الجريم&&ة إلى المتهم وإنم&&ا‬
‫على المتهم إثب&&ات براءت&&ه‪ ،‬وفي ه&&ذا الص&&دد قض&&ت المحكم&&ة العلي&&ا الجزائري&&ة "ان‬
‫المحاضر& الجمركي&&ة تثبت ص&&حة م&&ا ج&&اء فيه&&ا من اعتراف&&ات وتص&&ريحات م&&ا لم يثبت‬
‫العكس علما بأن العكس يقع على عاتق المتهم"‪.‬‬
‫ويك&ون األم&ر ك&&ذلك إذا تعل&ق باعتراف&&ات ف&إذا ح&دث أن المتهم المش&رف في محض&&ر‬
‫جمركي بارتكابه المخالفة الجمركية‪ ،‬تم تراجع عن اعترافه المسجل في المحضر‪ ،‬وق&&دم‬
‫‪35‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫إثباتا لبراءته دليال كتابيا كأن يقدم مثال ج&&واز س&&فره‪ ،‬يفي&&د بأن&&ه في ت&&اريخ الوق&&ائع ك&&ان‬
‫مسافر إلى الخارج أو يقدم شهودا يؤكدون بأنه لم يكن حاضر يوم الوقائع ففي مثل ه&&ذه‬
‫الحالة يجوز الحكم ببراءته‪.‬‬
‫وإذا كان عبء اإلثبات ينقل إلى المتهم‪ ،‬فإن هذا النوع من المحاضر& يمكن للمتهم إثبات‬
‫عكس ما ورد فيها بالوسائل القانونية‪.‬‬
‫وذلك ألن المحاضر المحررة من طرف عون واحد إلدارة الجمارك أو غ&&يرهم ض&&باط‬
‫الشرطة القضائية ليست لها نفس القوة الثبوتية للمحاضر المحررة من ط&&رف ع&&ونين أو‬
‫أكثر وهو ما أشارت إليه الفقرة الثالثة من الفصل& ‪ 242‬من مدون&&ة الجم&&ارك ال&&تي ج&&اء‬
‫فيها أنها يعتمد عليها إلى أن يثبت ما يخالفهما"‪.‬‬
‫أما بالنسبة لإلق&&رارات والتص&&ريحات‪ ،‬فالقاع&&دة أنه&&ا توث&&ق بالمحض&&ر إلى أن يثبت م&&ا‬
‫يخالف ذلك سواء حرر المحضر من طرف عونين أو أعوان واحد‪.‬‬
‫ويجب أن نفرق في هذا الصدد بين وجود التصريحات& في حد ذاتها ومضمونها‪.‬‬
‫فمضمون تلك االعترافات أو التصريحات بإمكان األط&&راف مناقش&&تها وإثب&&ات عكس&&ها‪،‬‬
‫وق&&د نص المش&&رع الجم&&ركي ص&&راحة في الفق&&رة الثاني&&ة من الفص&&ل ‪ 242‬من مدون&&ة‬
‫الجم&&ارك على أن&&ه ال يعتم&&د علي&&ه في ص&&حة وص&&دق اإلق&&رارات والتص&&ريحات إلى أن‬
‫يثبت ما يخالفها‪ ،‬وبذلك فإن المشرع أضفى عليه&&ا الق&&وة الثبوتي&&ة المنص&&وص عليه&&ا في‬
‫الفصل& ‪ 290‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬حيث جعلها حجة نحو صاحبها ما لم يثبت ما‬
‫يخالفها‪&.‬‬
‫و تج&در اإلش&ارة إلى أن االجته&اد القض&ائي اس&تقر على أن ال&تراجع عن االع&تراف ال‬
‫ينال من قيمة الثبوتية‪ ،‬بل على المتراجع أن يدلي بحجة تقنع المحكمة أن ما ص&&در عن&&ه‬
‫أمام أعوان إدارة الجمارك& لم يكن هو الحقيقة‪.‬‬
‫بقي أن نش&&ير أن المدون&&ة الجم&&ارك& المغربي&&ة ج&&اءت& بحقيق&&ة مطلق&&ة‪ ،‬إذ أنه&&ا لم ت&&بين‬
‫الوسائل التي يمكن أن ي&&دحض به&&ا مض&&مون المحض&&ر‪ ،‬وفي غي&&اب نص ص&&ريح يحكم‬
‫كيفية إثبات العكس في الحاالت األخرى يكون االحتكام إلى القواع&&د العام&&ة‪ .‬وق&&د ت&&دخل‬
‫القضاء& المغربي في هذا الغموض فقرر مبدأ حرية إثبات ما يخالف ما ضمن بالمحضر‪.‬‬
‫وخالصة القول فالمحاضر& في الميدان الجمركي تتميز بحجية مطلقة‪ ،‬بت&&وافر ش&&روطها‪،‬‬
‫على عكس المحاضر األخرى‪ .‬وال ترتبط قوة المحضر الجمركي بموض&&وعه أو محل&&ه‪،‬‬
‫‪36‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫وإنما بعدد األعوان الموقعين عليه فسواء تعل&&ق األم&&ر بجنح&&ة أو مخالف&&ة‪ ،‬وس&&واء تعل&&ق‬
‫األمر بمحضر الحج&ز& أو محض&&ر البحث‪ ،‬ف&&إن المحض&&ر الموق&&ع من ط&&رف ع&&ونين أو‬
‫أكثر من أعوان الجمارك يوثق بمض&مونه إلى أن يتم الطعن في&ه ب&الزور‪ ،‬أم&ا المحض&ر‬
‫الموقع من طرف عون واحد فيوثق بمضمونه ويمكن دحضه بإثبات العكس‪.‬‬
‫وحجية هذه المحاضر تفرض بالمقابل على القاضي الزجري التعامل معها بكيفية تضمن‬
‫لها المكانة التي خولها المشرع لها‪.‬‬
‫وتعامل القاضي& مع هذه المحاضر& يكون حسب نوعية هذه المحاضر& أهي محاض&&ر ذات‬
‫حجية مطلقة أم محاضر ذات حجية نسبية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬انقضاء الدعوى العمومية الجمركية واهم آليات‬


‫مكافحتها‬
‫كما هو معلوم في قانون المس&&طرة الجنائي&&ة أن ال&&دعوى العمومي&&ة تس&&قط‬
‫بم&&وت الش&&خص المت&&ابع‪ ،‬أو بالتق&&ادم ‪ ،‬أو ب&&العفو الش&&امل‪ ،‬أو بنس&&خ مقتض&&يات‬
‫الق&&انون جن&&ائي ال&&تي تج&&رب الفع&&ل ‪ ،‬أو بص&&دور مق&&رر اكتس&&ب ق&&وة الش&&يء‬
‫المقضي ب&&ه‪ ،‬أو تس&&قط بالص&&لح عن&&دما ينص الق&&انون ص&&راحة على ذل&&ك‪ ،‬كم&&ا‬
‫تسقط بتنازل المشتكي عن شكايته إذا كانت الشكاية شرطا ضروريا لمتابعة م&&ا‬
‫لم ينص القانون على خالف ذل&&ك‪ .‬ونفس األم&&ر بالنس&&بة لل&&دعوى& العمومي&&ة في‬
‫الميدان& الجمركي كما أن المشرع نص على مجموعة من اآلليات والتدابير أثناء‬
‫وضعه لمدونة الجم&ارك والض&رائب الغ&ير المباش&رة الهادف&ة إلى ردع ووض&ع‬
‫خدا لكل الجرائم الجمركية‪ .‬وبالتالي سوف نتطرق في ه&&ذا المطلب إلى أس&&باب‬
‫انقض&&اء ال&&دعوى العمومي&&ة الجمركي&&ة (الفق&&رة األولى) وس&&نتطرق في (الفق&&رة‬
‫الثانية) ألهم آليات مكافحة الجرائم الجمركية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب انقضاء الدعوى العمومية في الميدان& الجمركي‬

‫‪37‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫انطالق&&ا من الم&&ادة الرابع&&ة أعاله و مدون&&ه الجم&&ارك يت&&بين أن المش&&رع‬
‫الجمركي أعطى أهمية للمصالحة والتقادم لذلك سوف نعطي أهمية في دراس&&تنا‬
‫لهذه األسباب‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المصالحة الجمركية كسبب إلنهاء الدعوى الجمركية‬
‫‪-1‬تعريف المصالحة‪:‬‬
‫بالرجوع إلى مدونة الجمارك والضرائب غ&&ير المباش&&رة نج&&دها لم تع&&ط‬
‫للمصالحة الجمركية تعريف محدد وهذا ما جعل الفقه يجتهد‪ .‬حيث عرفها احمد‬
‫عرفت ختامي بأنها إجراء يؤدي&&ه المتهم في ال&&دعوى الجنائي&&ة ب&&دفع مبل&&غ معين‬
‫إلى خزينة الدول&&ة كي تتمكن من ع&&دم رف&&ع ال&&دعوى ض&&ده‪ .‬كم&&ا عرفه&&ا محم&&د‬
‫مرزاق عبد الرحمن ابليال بأنها تدبير إداري محض تملك إزاءه إدارة الجم&&ارك‬
‫سلطة تقديرية واسعة فيشكل تنازال عن بعض حقوقها المقررة قانونا‪ ،‬واالمتياز‬
‫لها لتجنيب الدعاوى& وإنهائه&&ا قب&&ل الحكم أو بع&&ده‪ .‬كم&&ا نج&&د المش&&رع المغ&&ربي‬
‫يعرفها بواسطة الفصل ‪ 1098‬من قانون التزامات والعقود& بأنها‪" :‬الصلح عق&&د‬
‫بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه‪ ،‬وذل&ك& بتن&&ازل ك&&ل منهم&&ا‬
‫لآلخر عن جزء مما يدعي لنفس&&ه‪ ،‬أو بإعطائ&&ه م&&اال معين&&ا أو حق&&ا" ومن خالل‬
‫هذا الفصل يتبين أن المصالحة& هي بمثابة اتفاق يجمع بين طرفين أو أكثر قصد‬
‫التوصل& إلى حل بشان نزاع قائم‪.‬‬
‫*خصائص المصالحة‪:‬‬
‫المصالحة عقد ملزم للجانبين‪ :‬فمقابل تن&&ازل إدارة الجم&&ارك عن المتابع&&ة يل&&زم‬
‫الطرف اآلخ&ر ب&أداء ب&دل الص&لح‪+‬المص&الحة& تك&ون ج&اهزة قب&ل ص&دور حكم‬
‫نهائي وبعد صدور حكم نه&&ائي‪+‬المص&&الحة& ت&&ؤدي إلى وض&&ع ح&&د لل&&نزاع والى‬
‫سقوط الدعوى العمومية ض&&د المل&&زم وتص&&بح بع&&د المص&&ادقة نه&&ائي ال رج&&وع‬
‫فيها‪.‬‬
‫*شكليات عقد المصالحة‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫حتى تكون المصالحة صحيحة و س&&ليمة قانون&&ا ينبغي أن تت&&وفر فيه&&ا مجموع&&ة‬
‫من الشروط الش&&كلية& ال&&تي س&&نعمل على تبيانه&&ا في ه&&ذا المق&&ام‪ .‬وحس&&ب الفق&&رة‬
‫األخيرة من الفصل ‪ 276‬من مدونه الجم&&ارك والض&&رائب الغ&&ير مباش&&رة ال&&تي‬
‫تنص على انه "يجب أن تثبت المصالحة كتاب&&ة على ورق م&&دموغ في ع&&دد من‬
‫النسخ األصلية يعادل عدد األطراف الذين& لهم مصلحة مستقلة فيها" وال يشترط‬
‫فيه&&ا أن ت&&برم في وقت معين‪ ،‬حيث يمكن أن تق&&ترح المص&&الحة قب&&ل تحري&&ر‬
‫المحضر أو أثناءه كما يمكن أن تقترح أثن&&اء النظ&&ر في ال&&دعوى العمومي&&ة قب&&ل‬
‫صدور حكم نهائي‪ .‬ويختلف شكل المصالحة تبعا لوجود& محضر إثبات الجريمة‬
‫من عدمه وذلك& إلى نموذجين‪:‬‬
‫المصالحة المعتبرة كمحضر‪:‬‬
‫تكون في الحالة ال&&تي يك&&ون فيه&&ا المحض&&ر الزال لم يح&&رر‪ ،‬وفي حال&&ة م&&ا إذا&‬
‫أسرع المخالف إلى طلب المص&&الحة قب&&ل تحري&&ر المحض&&ر المثبت للمخالف&&ة أو‬
‫الجنحة الجمركية فان اإلدارة بعد قبولها لذلك& تثبته عن طريق مصالحة معت&&برة‬
‫كمحضر‪ ،‬فتضع حدا للنزاع وهي األغلب انتشارا‪ .‬وهذا النموذج يصطلح علي&&ه‬
‫تس&&ميته ب‪ :‬المص&&الحة قب&&ل أو بع&&د الحكم وتك&&ون في الحال&&ة ال&&تي يك&&ون فيه&&ا‬
‫المحضر قد حرر‪.‬‬
‫‪ -2‬آثار المصالحة‪:‬‬
‫ي&&ترتب على المص&&الحة الجمركي&&ة المبرم&&ة بص&&فه قانوني&&ة آث&&ار مهم&&ة تختل&&ف‬
‫حس&&&ب اختالف وقت المص&&&الحة& ال&&&تي يمكن أن تتم قب&&&ل ص&&&دور حكم وبع&&&د‬
‫صدوره‪ ،‬كما تترتب عنها آثار أخرى تجاه االغيار‪...‬‬
‫أ‪ :‬آثار المصالحة& قبل صدور حكم نهائي‪:‬‬
‫يترتب على المصالحة الجمركية قبل صدور حكم نهائي في الموضوع انقض&&اء‬
‫دعوى النيابة العامة ودعوى& اإلدارة الجمركي&&ة‪ ،‬وذل &ك& حس&&ب الم&&ادة ‪ 273‬من‬
‫مدونه الجمارك والضرائب الغير مباشره" وإذا وقع الص&&لح& وص&&ار نهائي&&ا قب&&ل‬
‫الحكم النهائي ترتب عليه بالنسبة إلى األطراف المتعاقدة انقضاء دع&&وى النياب&&ة‬
‫‪39‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫ودعوى اإلدارة "وعليه إذا& تمت المصالحة على مس&&توى إدارة& الجم&&ارك وقب&&ل‬
‫وصول& الملف إلى القضاء فان اإلدارة& المذكورة& تقوم بحفظ الملف‪ ،‬أما إذا& ك&&ان‬
‫الملف بيد النيابة لعامة ولم يصل بعد إلى قض&&اء الحكم ف&&ان النياب&&ة العام&&ة هي‬
‫األخرى تقوم بحفظ المل&&ف‪ ،‬وأم&&ا إذا ح&&ركت ال&&دعوى العمومي&&ة ف&&ان المحكم&&ة‬
‫تصرح بسقوط الدعوى العمومية بناءا على المص&&الحة الجمركي&&ة ال&&تي أب&&رمت‬
‫بين طرفي ن&&زاع‪ .‬وه&&ذا& م&&ا ص&&ارت علي&&ه المحكم&&ة االبتدائي&&ة بطنج&&ة في حكم‬
‫صادر عنها والذي ج&&اء في&&ه "حيث أن المحكم&&ة ومن خالل حال&&ة التلبس ال&&ذي‬
‫ضبط عليها المتهمين واعترافاتهما التمهيدي&&ة اقتنعت بثب&&وت جنح&&ة الحي&&ازة في‬
‫ح&&ق المتهمين ويتعين التص&ريح بمؤاخ&&ذتهما من اجله&ا‪ .‬وحيث أن تن&ازل إدارة&‬
‫الجم&&ارك عن مطالبته&&ا الجمركي&&ة إلى س&&قوط دعواه&ا& العمومي&&ة‪ ،‬وحيت يتعين‬
‫التصريح تبعا لذلك بسقوط الدعوى العمومية بخصوص الجنحة الجمركية"‪.‬‬

‫ب‪ :‬آثار المصالحة الجمركية بعد صدور حكم نهائي‬


‫يترتب على المصالحة الجمركية المبرمة بعد صدور حكم نه&&ائي س&&قوط جمي&&ع‬
‫العقوبات باستثناء عقوبة الحبس والتدابير الوقائية الشخصية المنص&&وص عليه&&ا‬
‫في المادة& ‪ 220‬من مدون&&ة الجم&&ارك والض&&رائب الغ&&ير المباش&&رة ونفس األم&&ر‬
‫صارت عليه محكمة النقض الفرنس&&ية حينم&&ا نص&&ت في اح&&د قراراته&&ا على أن‬
‫"الصلح& بعد الحكم القضائي ال يمتد أثره إال بالنسبة للعقوبات المالية"‪ .‬وقد ب&&رز‬
‫بعض الفقه إمكانية إبرام المصالحة& بعد ص&&دور حكم نه&&ائي في ال&&نزاع انطالق&&ا‬
‫من أن هذه المصالحة تتعلق بجرائم اقتصادية ال تثير خطورة على النظام العام‪،‬‬
‫بالتالي فان إجراء المصالحة بشأنها ال يشكل أي مس&&اس بالنظ&&ام الع&&ام‪ .‬كم&&ا أن‬
‫المصالحة الجمركية مرتبطة بالجرائم الجمركية فقط دون الجرائم التي قد تكون‬
‫مرتبطة بها‪.‬‬
‫ج‪ -‬آثار المصالحة في مواجهة الغير‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫للمص&&الحة الجمركي&&ة اث&&ر نس&&بي حيث تقتص&&ر آثاره&&ا على أطرافه&&ا وعلي&&ه ال‬
‫تترتب أي اثر على الغير فال يستفيد منه&&ا األش&&خاص ال&&ذين ش&&اركوا المتهم في‬
‫ارتكاب المخالفة وال تشكل المصالحة ال&&تي تتم م&&ع اح&&د المخ&&الفين ح&&ائزا أم&&ام‬
‫متابعة األشخاص اآلخرين الذين ساهموا معه في ارتك&&اب المخالف&&ة أو ش&&اركوه‬
‫هذه من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى في المصالحة ال ترتب ضرر لغير عاقديها ف&إذا‬
‫ابرم احد المتهمين مع إدارة& الجم&&ارك المص&&الحة ف&&ان ش&&ركاءه ال يلزم&&ون بم&&ا‬
‫ي&&ترتب على ه&&ذه المص&&الحة من آث&&ار في ذم&&ة المتهم ال&&ذي ابرمه&&ا‪ ،‬وال يمكن‬
‫إلدارة الجمارك أن تحتج باعتراف المتهم الذي تصالحت معه بارتكاب المخالفة‬
‫إلثبات إذناب شركائه‪ .‬لكن تج&&در اإلش&&ارة إلى أن آث&&ار المص&&الحة في مواجه&&ة‬
‫الغير تختلف بحسب ما إذا تمت المصالحة& قبل أو بع&&د ص&&دور الحكم النه&&ائي‪.‬‬
‫فالمص&&الحة ال&&تي تتم قب&&ل ص&&دور حكم نه&&ائي ال تل&&زم الغ&&ير طبق&&ا لمقتض&&يات‬
‫الفصل ‪ 276‬من مدونة الجمارك والضرائب غير مباشرة‪ .‬أما األشخاص الذين‬
‫يبرمون مصالحة بعد ص&&دور حكم نه&&ائي ف&&إنهم يك&&ون مل&&زمين حس&&ب الفص&&ل‬
‫‪ 213‬من مدونه الجمارك والضرائب المباشرة وتأدي&&ة المص&&اريف والغرام&&ات‬
‫والمصادرات على وج&&ه التض&&امن‪ ،‬ك&&ذلك يمكن إلدارة الجم&&ارك أن تس&&تخلص‬
‫دينها بمقتضى عقد مصالحة في مواجهة الخل&&ف الع&&ام للهال&&ك‪ .‬ويط&&رح تس&&اؤل‬
‫بخصوص الكفيل أيضا بمعنى هل ملزم بأداء مقابل أم انه غ&&ير مل&&زم؟ الق&&انون‬
‫الجمركي ال يقدم إجابة واضحة على هذا اإلشكال لكن ب&الرجوع إلى مقتض&&يات‬
‫الفصل ‪ 230‬من مدون&&ه الجم&&ارك ال&&تي تل&&زم الكفالء بق&&در م&&ا تل&&زم المل&&زمين‬
‫الرئيسيين بأداء الرسوم والعقوبات المالية مما يعني أن الكفيل يكون مل&زم ح&تى‬
‫ولو& يشترط موافقته على المصالحة آو علمه بها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التقادم‬
‫يحيل التقادم كسبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية‪ ،‬على تلك الواقعة‬
‫المادية التي تنشا بمرور وقت محدد بدقه من المشرع ابتداء من ت&&اريخ اق&&تراف‬
‫الجريمة دون مباشرة أي إجراء ضد مرتكبيه&&ا من ف&&اعلين أص&&ليين ومس&&اهمين‬
‫ومشاركين بقصد حق الدولة في العقاب‪ .‬فيصبح النشاط أو الفعل المج&&رم يت&&أثر‬
‫بواقعة التقادم هذه وكان المشرع نزع عن&&ه ص&&فته اإلجرامي&&ة فيص&&بح ال عق&&اب‬
‫‪41‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫عليه والفعل س&واء بس&&واء‪ .‬وب&&الرجوع إلى مدون&ه الجم&ارك والض&&رائب الغ&&ير‬
‫مباشرة نجد أن الجريمة الجمركية تتقدم بمضي أرب&&ع س&&نوات ب&&دون تمي&&يز بين‬
‫أصناف هذه الجريمة‪ ،‬أي أن مدة التقادم هي نفس الم&&دة& الم&&ذكورة س&&واء تعل&&ق‬
‫األمر بالجنحة الجمركية بطبقاتها أو المخالفة الجمركي&&ة بك&&ل طبقاته&&ا األرب&&ع‪.‬‬
‫وج&&اء به&&ذا الخص&&وص في الفص&&ل ‪ 239‬المك&&رر من مدون&&ه الجم&&ارك ان&&ه‬
‫"بالرغم من جمي&&ع األحك&&ام المخالف&&ة له&&ذا الفص&&ل‪ ،‬تتق&&ادم الجنح او المخالف&&ات‬
‫الجمركي&&ة بانص&&راف أرب&&ع س&&نوات تبت&&دئ من ي&&وم ارتك&&اب ه&&ذه الجنح او‬
‫المخالفات‪ .‬كما جاء في الفصل ‪ 261‬المك&&رر ان&&ه "ب&&الرغم من جمي&&ع األحك&&ام‬
‫المخالفة‪ ،‬تتقادم العقوبات المالية الصادرة بش&&ان الجنح او المخالف&&ات الجمركي&&ة‬
‫بماضي أرب&&ع س&&نوات ابت&&داء من ي&&وم ص&&دور الحكم بش&أنها ال&&ذي اكتس&ب ق&وة‬
‫الشيء مقضي به‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن ه&&ذه الفص&&ول ‪ 239‬المك&&رر و ‪261‬‬
‫المكرر قد تم تعديلهما بواسطة قانون المالية رقم ‪ 18.08‬للسنة المالي&&ة ‪2019‬‬
‫الصادر& بتاريخ ‪ 20‬دجنبر ‪ .2018‬حيث كانت مدة تقادم الجرائم الجمركية قبل‬
‫التعديل محددة في خمس سنوات‪ .‬ومعلوم‪ ،‬فان التقادم في إطار قانون المس&&طرة‬
‫الجنائية مدته تختل&&ف حس&&ب نوعي&&ة الجريم&&ة‪ ،‬حيث ح&&دد المش&&رع م&&دة التق&&ادم‬
‫الجنايات في ‪ 15‬سنة‪ ،‬وحددها في أربع سنوات بالنسبة للجنح‪ ،‬فيما ح&&ددها في‬
‫سنه واحدة& بالنسبة لمخالف&&ات وه&&ذا م&&ا تنص علي&&ه الم&&ادة الخامس&&ة من ق&&انون‬
‫المس&&طرة& الجنائي&&ة ‪ .‬ومن تم يتض&&ح االختالف بين مقتض&&يات ه&&ذا الق&&انون و‬
‫أحك&&ام مدون&&ة الجم&&ارك والض&&رائب الغ&&ير مباش&&رة به&&ذا الخص&&وص‪ .‬وه&&ذا‬
‫االختالف ال&&ذي إذا ك&&ان يعكس جانب&&ا من ج&&وانب خصوص&&يات المس&&اطر في‬
‫الم&&ادة& الزجري&&ة الجمركي&&ة فان&&ه يعكس في ال&&وقت نفس&&ه مظه&&را من مظ&&اهر‬
‫الصرامة والشدة التي تميز تلك المساطر‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬موت المتابع‬
‫إن اعتبار موت المتابع س&&ببا من أس&&باب س&قوط ال&&دعوى العمومي&&ة‪ ،‬يعت&&بر‬
‫نتيجة منطقية لحادث&&ة الوف&&اة ال&&تي لم يع&&د معه&&ا أي ج&&دوى وه&&دف من تحري&&ك‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬وهذه& األخيرة تهدف إلى توقيع العقاب على مرتكب الجريمة‬
‫بهدف تحقيق الردع العام وإعادة& إدماج الجاني في المجتمع‪ ،‬والحال& أن مرتكب‬
‫‪42‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫الفعل الجرمي لم يعد على قيد الحياة‪ ،‬مما تنتفي معه الغاي&&ة من تحري&&ك ال&&دعوة&‬
‫العمومية‪ .‬كما أن هناك مب&&دأ شخص&&ية المس&&ؤولية& الجنائي&&ة والغاي&&ة من العقوب&&ة‬
‫والمتمثل&&ة في من&&ع الج&&ان من الع&&ودة& إلى الس&&لوك& اإلج&&رامي‪ .‬ل&&ذلك& ف&&ان وف&&اة‬
‫الشخص المتابع يضع حدا لل&&دعوى العمومي&&ة او تنفي&&ذ العقوب&&ات الص&&ادرة& في‬
‫حقه‪ ،‬وهو األمر الذي يفرض التمييز في المادة الجمركي&ة بين حال&ة الوف&اة قب&ل‬
‫صدور الحكم وحاله الوفاة بعد صدور الحكم‪:‬‬
‫‪-1-1‬موت المتابع قبل صدور الحكم‪:‬‬
‫خصص&&ت مدون&&ه الجم&&ارك حال&&ة م&&وت المتهم قب&&ل ص&&دور الحكم في‬
‫الدعوى العمومية في المادة& الجمركية بنوع من الخصوصية& ال&&تي اعت&&برت في‬
‫الفصل ‪ 251‬منها على انه "إذا توفى مرتكب فع&&ل مخ&&الف للق&&وانين واألنظم&&ة‬
‫الجمركية قبل إي&&داع ش&&كاية أو قب&&ل ص&&دور حكم أو ق&&رار نه&&ائي أو قب&&ل إب&&رام‬
‫المصالحة يحق للوزير المكلف بالمالي&&ة أو ممثل&&ه أن يطلب من رئيس المحكم&&ة‬
‫االبتدائية بواس&&طة ملتمس مص&&ادرة األش&&ياء مح&&ل ال&&نزاع القابل&&ة للتط&&بيق ه&&ذه‬
‫العقوبة عليها"يهدف المشرع المغربي من وراء ذلك& الى توفير الحماية القانونية‬
‫لحق&&وق الخزين&&ة العام&&ة من خالل حكم المحكم&&ة الم&&ذكورة& بمص&&ادرة األش&&ياء‬
‫القابلة للتطبيق الجزاء عليها نتيجة خرق القوانين واألنظم&&ة الجمركي&&ة الجاري&&ة‬
‫العمل بها‪ .‬مساير بذلك توجه الذي اقره في مقتض&&يات الفص&&ل ‪ 89‬من الق&&انون‬
‫الجنائي" يؤمر بالمصادرة كتدبير وق&&ائي بالنس&&بة لألدوات واألش&&ياء المحج&&وزة‬
‫ال&تي يك&ون ص&نعها أو اس&تعمالها أو حمله&ا أو حيازاته&ا أو بيعه&ا جريم&ة ول&و‬
‫كانت تلك األدوات او األشياء على ملك الغير وحتى لو لم يص&&در حكم باإلدان&&ة‬
‫"حيث أن م&&وت المت&&ابع ال ي&&ؤثر إال على الفاع&&ل الرئيس&&ي في ارتك&&اب الجنح‬
‫والمخالفات الجمركية دون المشاركين المتواطئين أو من لهم مصلحة في الغش‪.‬‬
‫كما ال تؤثر هذه الوفاة إال بالنسبة للدعوى العمومية دون ال&&دعوى المدني&&ة ال&&تي‬
‫يمكن رفعه&&ا على الورث&&ة في ح&&دود& الترك&&ة به&&دف اس&&تخالص ك&&ل ال&&ديون‬
‫والمستحقات التي تركه&&ا المتهم من وراءه قب&&ل ال&&دخول إلى المؤسس&&ة الس&&جنية‬
‫التي قيدت حريت&&ه نتيج&&ة الرتكاب&&ه أفع&&ال مخالف&&ة للق&&انون واألنظم&&ة الجمركي&&ة‬
‫الجاري العمل بها‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫‪-1-2‬موت المتابع بعد صدور الحكم‪:‬‬
‫تتمت&&ع حال&&ه م&&وت المت&&ابع بع&&د ص&&دور الحكم في ال&&دعوى العمومي&&ة في‬
‫القواع&د& العام&&ة بمكان&&ة خاص&&ة ال&&تي ال تس&&مح بتنفي&&ذ العقوب&&ات الجزائي&&ة على‬
‫الشخص المت&&ابع المت&&وفى‪ ،‬ب&&ل تت&&أثر تركت&&ه ببعض العقوب&&ات المالي&&ة وه&&ذا م&&ا‬
‫نصت عليه المادة ‪ 50‬من القانون الجنائي" موت المحك&وم علي&ه ال يح&ول دون‬
‫تنفيذ الجزاءات المالية على تركته "بل أكثر من ه&&ذا ان الفص&&ل ‪ 94‬من ق&&انون‬
‫الجنائي ينص على أن "موت المحكوم عليه ال يحول دون تنفي&&ذ ت&دابير الوقائي&&ة‬
‫العينية" وفي المادة& الجمركية اطر المشرع المغربي ح&&االت م&&وت المت&&ابع بع&&د‬
‫صدور الحكم كأحد أسباب سقوط الدعوى العمومية في إطار مقتضيات الفص&&ل‬
‫‪ 265‬من مدونه الجمارك والضرائب غير المباشرة على انه "إذا& توفى مرتكب‬
‫الفع&&ل مخ&&الف للق&&وانين واألنظم&&ة الجمركي&&ة قب&&ل تس&&ديد الغرام&&ات ومب&&الغ‬
‫المص&&ادرات والعقوب&&ات المالي&&ة واألخ&&رى المحك&&وم به&&ا علي&&ه أو المص&&الحات‬
‫المقبولة من طرفه إمكانية متابعة التحصيل في مواجهة التركة"‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬العفو‬
‫العفو هو إجراء من اإلجراءات ال&&تي تتخ&&ذها الس&&لطات العمومي&&ة في اي‬
‫مرحلة من مراحل الدعوى العمومية بمعنى آخر وقف اإلجراءات القانونية ضد‬
‫المتهم او المحكوم عليه بن&&اء على الق&&انون او ق&&رار ص&&ادر من جه&&ة مختص&&ة‪.‬‬
‫وهناك العفو الشامل والعفو الخاص‪:‬‬
‫‪-‬العفو الشامل‪:‬‬
‫يعتبر العفو الشامل من احد أسباب سقوط الدعوى العمومي&ة إال ان&ه ال يمكن‬
‫إثارته إال بنص قانون صريح وهذا& العفو من اختصاصات البرلمان أي الس&&لطة‬
‫التشريعية وذلك& بمقتض&&ى الفص&&ل ‪ 71‬من الدس&&تور‪ .‬والفص&&ل ‪ 51‬من الق&&انون‬
‫الجنائي الذي ينص على انه " ال يكون العفو الشامل إال بنص تشريعي صريح‪.‬‬
‫ويحدد هذا النص ما يترتب عن العفو من آثار دون& المساس بحقوق الغ&&ير"ف&&إذا‬
‫ص&&در العف&&و الش&&امل قب&&ل إقام&&ة ال&&دعوى العمومي&&ة على ي&&د النياب&&ة العام&&ة من‬
‫‪44‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫تحريكها الن أثره ينص&&رف إلى إزال&&ة الوص&&ف الج&&رمي عن الفع&&ل الم&&رتكب‪،‬‬
‫وبالتالي نفي الركن القانوني عن األفعال الجرمية المرتكبة وجعله&&ا مباح&&ة‪ .‬أم&&ا‬
‫إذا& صدر بعد تحريك الدعوى العمومية وأثناء ممارسة ومواصلة& إجراءاتها كان‬
‫سبب لس&&قوط لس&&قوطها وإذا& ص&&در بع&&د ص&&دور الحكم بش&أنها‪ ،‬فان&&ه ي&&ؤدي إلى‬
‫سقوط العقوبة ويمكن إثارة العفو الش&&امل في جمي&&ع مراح&&ل ال&&دعوى العمومي&&ة‬
‫وفي جميع مراحل التقاضي ولو أول مرة أمام محكمة النقض كم&&ا ان&&ه من ح&&ق‬
‫المحاكم على اختالف درجاتها إثارته تلقائيا لالتصال قواعد بنظام العام‪.‬‬
‫العفو الخاص‪:‬‬
‫يطلق علي&ه "العف&و عن العقوب&ة" أو" العف&و المول&وي" التم&يز ل&ه عن العف&و‬
‫الشامل‪ ،‬هو مزية ممنوحة من طرف رئيس الدولة لفائ&&دة المحك&&وم علي&&ه‪ ،‬وه&&و‬
‫يق&&وم ب&&ه مل&&ك المغ&&رب حس&&ب مقتض&&يات الفص&&ل ‪ 58‬من الدس&&تور المغ&&ربي‬
‫"يمارس الملك& حق العف&&و" والفص&ل& ‪ 53‬من الق&&انون الجن&&ائي " العف&&و ح&&ق من‬
‫حقوق الملك‪ ،‬ويباشر وف&&ق الترتيب&&ات ال&&تي تنظمه&&ا الظه&&ير رقم ‪387 57 1‬‬
‫الصادر& في ‪ 16‬رجب ‪ 1377‬موافق ‪ 6‬ف&&براير ‪ 1958‬بخص&&وص العف&&و وإذا&‬
‫قدم طلب العفو من المحكوم عليه‪ ،‬معتقل من اجل جنحة أو مخالفة ج&از ل&وزير‬
‫العدل& بصفة استثنائية‪ ،‬أن يأمر باإلفراج عنه ريثما يبث في الطلب " لكن سؤال&‬
‫الذي يبقى مط&&روح م&&دى ت&&أثير العف&&و الخ&&اص على العقوب&&ة المالي&&ة والحبس&&ية‬
‫المحك&&وم به&&ا في إط&&ار القض&&ايا الجمركي&&ة جواب&&ا نج&&د الفص&&ل ‪ 4‬من الظه&&ير‬
‫المنظم للعفو الخاص يؤكد على أن ال يشمل العفو الغرامات الصادرة بطلب من‬
‫اإلدارات العمومي&&ة (منه&&ا إدارة الجم&&ارك ) لكن&&ه يق&&ع على العقوب&&ات األخ&&رى‬
‫ك&&الحبس او الس&&جن& م&&ع اإلش&&ارة إلى أن ه&&ذا الن&&وع من العف&&و ال ي&&ؤثر على‬
‫الدعوى العمومية بالسقوط وذلك بحسب مضمون الفصل ‪ 4‬من قانون المسطرة&‬
‫الجنائية الذي يعتبر العفو الشامل فقط كسبب سقوط الدعوى& العمومية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬نسخ القانون الجنائي‬
‫يعتبر نسخ النص الجنائي احد األسباب المسقطة للدعوى العمومية‪ ،‬ويقص&&د ب&&ه‬
‫إلغاء النص (وضع حدا له) المعاقب على النشاط اإلجرامي‪ ،‬بحيث يص&&ير ه&&ذا‬
‫‪45‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫األخ&&ير خ&&ارج دائ&&رة الخط&&ر الجن&&ائي‪ .‬وب&&الرجوع إلى الفص&&ل ‪ 5‬من ق&&انون‬
‫الجنائي" ال يسوغ مؤاخذة احد على فعل لم يع&د يعت&بر جريم&ة بمقتض&ى ق&انون‬
‫صدر بعد ارتكابه‪ .‬فإذا ك&&ان ق&&د ص&&در حكم بإدان&&ة‪ ،‬ف&&ان العقوب&&ة المحك&&وم به&&ا‬
‫أصلية كانت او إض&&افية يجع&ل ح&دا لتنفي&&ذها "وح&تى تس&قط ال&دعوى العمومي&&ة‬
‫ينبغي توفر شروط وهي‪:‬‬
‫‪ -‬إن القانون الجنائي يلغي الصفة اإلجرامي&&ة عن الفع&&ل الم&&رتكب او أن يلغي‬
‫الص&&فة اإلجرامي&&ة كلي&&ا ويجعل&&ه مباح&&ا وإذا& ك&&ان يخف&&ف من الوص&&ف الق&&انوني‬
‫للسلوك المرتكب أو من العقوبة المقررة فال يمكن أن يسقط الدعوى& لكن يستفيد‬
‫حس&&ب الفص&&ل ‪ 6‬من الق&&انون الجن&&ائي "في حال&&ه وج&&ود ع&&ده ق&&وانين س&&ارية‬
‫المفع&&ول بين ت&&اريخ ارتك&&اب الجريم&&ة والحكم النه&&ائي بش&&أنها‪ ،‬يتعين تط&&بيق‬
‫القانون األصلح‪".‬‬
‫سادسا‪ :‬صدور مقرر مكتسب قوه الشيء مقضي‬
‫وردت عبارة "وبصدور مقرر اكتسب قوه الشيء المقض&&ي ب&&ه "في الم&&ادة&‬
‫‪ 4‬من المسطرة الجنائية والمادة& ‪ 64 3‬من نفس القانون تنص على ان" يقص&&د‬
‫بمصطلح مقرر في مفهوم هذا القانون كل حكم أو قرار أو أمر صادر عن هيئة‬
‫قض&&ائية" مم&&ا ي&&دل على أن االحتج&&اج بس&&بق الحكم في الموض&&وع وبالت&&الي‬
‫التص&&ريح بس&&قوط ال&&دعوى الجدي&&دة‪ ،‬ال يقب&&ل إال إذا ت&&وفرت في الحكم الس&&ابق‬
‫بعض الشروط‪ ،‬الن الحكم يجب أن يصدر في محكمة قض&&ائية مختص&&ة للنظ&&ر‬
‫في ال&&دعوى& العمومي&&ة‪ ،‬وان يك&&ون غ&&ير قاب&&ل للطعن ب&&أي طري&&ق من طرق&&ه‪،‬‬
‫وأخيرا يجب ان يكون الحكم قد فصل في الموضوع الدعوى الجنائية ولم يترك‬
‫مج&&ال إلع&&ادة تحري&&ك ال&&دعوى العمومي&&ة ألي س&&بب ك&&ان‪ ،‬واألحك&&ام البات&&ة او‬
‫النهائية هي ال&&تي ح&ازت ق&وة الش&&يء المقض&ي ب&ه‪ ،‬وال يس&&مح بإقام&&ة ال&&دعوى‬
‫العمومية من اجل نفس األفعال ألنه ال يمكن لإلنسان ان يحاكم مرتين‪ .‬وهذا م&&ا‬
‫أكدته المادة ‪ 369‬من قانون الجنائي "كل متهم حكم ببراءة او بإعفائه‪ .‬ال يمكن‬
‫أن يتابع بعد ذلك من اجل نفس الوقائع ولو وصفت بوصف قانون آخر‪".‬‬
‫سابعا‪ :‬التنازل وسحب الشكاية‬
‫‪46‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫تس&&قط ال&&دعوى العمومي&&ة بالتن&&ازل أو س&&حب الش&&كاية دون& غيره&&ا من قي&&ود‬
‫المتابعة ( كالطلب أو األمر أو اإلذن أو اإلعالن) كلم&&ا ك&&انت ش&&رطا ض&&روريا‬
‫للمتابعة‪ .‬وفي جميع الحاالت ال&تي ال تج&&وز فيه&&ا المتابع&&ة إال إذا& وردت ش&&كاية‬
‫المعني بالجريمة (هو المتضرر منها ) أال تس&&قط المتابع&&ة لزوم&&ا عنه&&ا بمج&&رد‬
‫تنازل عن هذه الش&&كاية‪ .‬ويتم ه&&ذا التن&&ازل بس&&حب الش&&كاية ك&&إجراء ال يخض&&ع‬
‫لشكل معين فانه يستوي أن يكون مكتوبا أو شفويا أو ص&&ريحا أو ض&&منيا م&&ادام‬
‫ليس للش&&&كوى ش&&&رطا خ&&&اص‪ .‬وفي ه&&&ذا اإلط&&&ار م&&&ا دامت إدارة& الجم&&&ارك‬
‫والضرائب الغير مباشرة الح&&ق في تحري&&ك ال&&دعوى العمومي&&ة وممارس&&تها في‬
‫حال&&ة ارتك&&اب الجنح الجمركي&&ة في ش&&خص ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة او م&&دير‬
‫اإلدارة& أو احد ممثلي&&ه الم&&ؤهلين& ل&&ذلك& بج&&انب النياب&&ة العام&&ة‪ ،‬وك&&ذلك في حال&&ة‬
‫ارتك&&اب المخالف&&ات الجمركي&&ة من ط&&رف ال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة أو م&&دير‬
‫اإلدارة& أو اح&&د ممثلي&&ه الم&&ؤهلين ل&&ذلك& فق&&ط‪ .‬فإنه&&ا يح&&ق له&&ا س&&حب الش&&كاية‬
‫والتنازل عن تحريك ممارسة الدعوى العمومي&&ة المقام&&ة في المي&&دان& الجم&&ركي‬
‫سواء في الجنح او في المخالفات الجمركية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات مكافحة الجرائم الجمركية‬
‫لقد نص المشرع على مجموعة من اآلليات والتدابير أثناء وضعه المدون&&ة‬
‫الجمارك والهدف& ه&&و ردع و وض&&ع ح&&د لك&&ل الج&&رائم الجمركي&&ة‪ .‬بحيث يمكن‬
‫متابعة مرتكبي هذه األفعال المخالفة للقوانين واألنظم&&ة الجمركي&&ة المنص&&وص‬
‫عليها في مدونة الجمارك بجميع الطرق القانونية مع مراع&&اة األحك&&ام المتعلق&ة‬
‫بالمتابع&&ات أم&&ام المح&&اكم وبالت&&الي س&&وف نتط&&رق في ه&&ذه الفق&&رة الى ك&&ل من‬
‫اآللي&&ات اإلداري&&ة لمكافح&&ه الج&&رائم الجمركي&&ة ( أوال) ثم نتط&&رق إلى اآللي&&ات‬
‫الزجرية (ثانيا‪).‬‬
‫أوال ‪ :‬اآلليات اإلدارية الشبه قضائية لمكافحة الجرائم الجمركية‬
‫إن مقتض&&يات الفص&&ل ‪ 268‬من مدون&&ه الجم&&ارك تعطي إلدارة الجم&&ارك‬
‫صالحية واسعة تتمثل في اتخاذها لإلجراءات التحفظية متى ثبت له&&ا مخالف&&ات‬
‫النصوص القانونية في حق األش&&خاص المس&&ئولين م&دنيا وجنائي&&ا بقص&د الس&هر‬
‫‪47‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫على حسن تطبيق هذا الق&&انون لق&&د ج&&اء في الفص&&ل ‪ 268‬من مدون&&ه الجم&&ارك‬
‫للتعديل المادة ‪ 159‬من مدونه التحصيل الديون& بهدف مالئمة هذه األخ&&يرة م&&ع‬
‫أحك&&ام التش&&ريع الجن&&ائي بحيث ك&&انت ص&&ياغة قب&&ل التع&&ديل تنص فق&&ط على‬
‫المحاض&&ر المثبت&&ة المكافح&&ة التش&&ريع الجم&&ركي كم&&ا منح الفص&&ل ‪ 268‬س&&لطه‬
‫لإلدارة& الجمركية على البضائع واألموال& التي وحجز في إطار البحث التمهيدي‬
‫بمناسبة ارتكاب فعل ج&&رم مخ&&الف للق&&انون الجم&&ركي وذل&ك& بغاي&&ة اس&&تخالص‬
‫المبالغ المالية المستحقة لإلدارة المذكورة& وهذا الفصل مكان إدارة الجمارك من‬
‫القيام بكل إجراء تحفظي وذلك بغية حجزها ووضعها تحت الحراس&&ة القض&&ائية‬
‫بشرط توفر محاضر للمخالفات هذا القانون‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اآلليات الزجرية لقمع الجرائم الجمركية‬


‫تتوزع العقوبات الجمركية على عقوبات تمس الش&&خص في حريت&&ه وذمت&&ه‬
‫المالي&&&ة بمقتض&&&ى الفص&&&ل ‪ 208‬من مدون&&&ه الجم&&&ارك "العقوب&&&ات والت&&&دابير‬
‫االحتياطية الحقيقية المطبقة فيما يخص الجنح والمخالفات الجمركية هي الحبس‬
‫مص&&ادرة البض&&ائع الم&&رتكب الغش بش&&أنها والبض&&ائع المس&&تعملة إلخف&&اء الغش‬
‫ووسائل النقل والغرامة لجنائية"‬
‫أ‪ :‬الجزاءات الشخصية السالبة للحرية‬
‫يعتبر الحبس العقوبة الوحيدة السالبة للحرية في مدونة الجم&&ارك وق&&د نص‬
‫الفص&&ل ‪ 209‬من مدون&&ه الجم&&ارك "يطب&&ق الحبس المنص&&وص علي&&ه في ه&&ذه‬
‫المدونة‪ ،‬و تقضي مدته طبق شروط الح&&ق الع&&ام " ق&&د نص المش&&رع الجم&&ركي‬
‫على الحبس كعقوبة في الجنح دون المخالفات‪ ،‬حيث تعاقب المادة ‪ 279‬مك&&رر‬
‫على الجنح الجمركية من الطبقة األولى" ب&الحبس من س&نه إلى ثالث&ة س&نوات "‬
‫بينما تعاقب المادة& ‪ 280‬على الجنح الجمركية من الطبقة الثاني&&ة" ب&&الحبس من‬
‫شهر إلى سنة " وعقوبة الحبس الصادرة& في الميدان& الجمركي ال تختلف كثيرا‬
‫عن عقوبة الحبس المنصوص عليها في القانون الجن&&ائي ال&&تي جعلت أدنى م&&دة‬
‫‪48‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫الحبس شهر وأقصاها خمس سنوات بالنسبة للجنح‪ .‬وقد نص الفص&&ل ‪ 222‬من‬
‫مدونه الجم&&ارك على ان&ه "ال تطب&ق عقوب&ة الحبس المنص&&وص عليه&&ا في ه&&ذه‬
‫المدون&&ة على م&&وقعي التص&&ريحات والمؤتم&&نين اال في حال&&ة ارتك&&اب خط&&ا‬
‫شخصي ومتعمد‪ ،‬كما انها ال تطبق على المعشرين عندما يتبين ب&أنهم اقتص&روا‬
‫على نقل المعلومات التي حصلوا عليها من طرف م&&وكليهم وب&&ان ليس لهم اي‬
‫س&&بب معق&&ول من ش&&انه التش&&كك في ص&&دق وص&&حة ه&&ذه المعلوم&&ات"‪ .‬كم&&ا إن‬
‫الفصل ‪ 226‬ينص على ان&&ه "ال تطب&&ق عقوب&&ات الحبس المنص&&وص عليه&&ا في‬
‫ه&&ذه المدون&&ة على األش&&خاص المبي&&نين في الفص&&ل ‪ 223‬أعاله إال في حال&&ة‬
‫صدور خطا متعمد‪.‬‬
‫ب‪ :‬العقوبات المالية‬
‫الغرامة هي عقوبة تلزم المحك&&وم علي&&ه ب&&ان ي&&دفع مبلغ&&ا من الم&&ال لإلدارة‬
‫الجمركي&&&ة‪ ،‬والعقوب&&&ة المالي&&&ة معرف&&ة في الفص&&ل ‪ 35‬من الق&&&انون الجن&&&ائي‪:‬‬
‫"الغرامة هي إلزام المحكوم عليه بان يؤدي لفائدة الخزينة العامة مبلغ معين من‬
‫النقود بالعملة المتداولة في قانون المملكة" والغرام&&ة في الق&&انون الجم&&ركي إم&&ا‬
‫نجدها محددة بين ح&&د أدنى وأقص&ى كم&ا ه&و الش&&أن في الفص&&ل ‪ 298‬المتعل&&ق‬
‫بالمخالف&&ات الجمركي&&ة من الطبق&&ة الرابع&&ة " يع&&اقب عن المخالف&&ات من الطبق&&ة‬
‫الرابعة بغرامة تتراوح بين ‪ 500‬و ‪ 2500‬درهم" إم&&ا غرام&&ة ترب&&ط بالمنفع&&ة‬
‫المحصل عليها كما هو الشأن بالنسبة للفص&&ل ‪ 296‬من مدون&&ه الجم&&ارك ال&&ذي‬
‫ينص على انه "يع&&اقب على المخالف&&ات من الطبق&&ة الثالث&&ة بغرام&&ة تع&&ادل مبل&&غ‬
‫المنافع المرتبطة بالتصدير"‪ .‬ويجب اإلشارة إلى أن عقوب&&ة الغرام&&ة في مدون&&ة‬
‫الجمارك تأخذ ص&بغة تعويض&ات مدني&ة وتص&در عن المح&اكم الزجري&ة ويجب‬
‫الحكم به&&ا في جمي&&ع الح&&االت ح&&تى ول&&و لم يص&&در أو يلح&&ق أي ض&&رر م&&ادي‬
‫بالدولة‪ .‬وتؤدي هذه الغرامات لفائدة إدارة الجمارك وليس للخزين&&ة العام&&ة كم&&ا‬
‫أنه&&ا تطب&&ق ح&&تى على القاص&&رين ال&&ذين& تق&&ل أعم&&ارهم عن ‪ 18‬س&&نة حس&&ب‬
‫مقتض&&يات الفص&&ل ‪ 228‬من مدون&&ة الجم&&ارك "أن م&&رتكب فع&&ل يش&&كل خرق&&ا‬
‫للقوانين واألنظمة الجمركية أو المتواطئ عليه أو الشخص المنتفع به ال يعاقب‬
‫إال بالمصادرات والغرام&&ات المنص&&وص عليه&&ا في ه&&ذه المدون&ة& إذا& ك&&ان وقت‬
‫‪49‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫ارتكاب األفعال‪ :‬إما في حالة جنون أو إم&ا قاص&ر تق&&ل س&&نه عن ‪ 18‬س&نة "من‬
‫خالل مدون&&ة الجم&&ارك يتض&&ح أن تحدي&&د الغرام&&ة الجمركي&&ة يس&&تند إلى قيم&&ه‬
‫الش&&يء ال&&ذي ك&&ان محال للغش ويعت&&بره في حس&&ابها البض&&ائع ووس&&ائل النق&&ل و‬
‫القيمة التي يتعذر حجزها والقيم&&ة ال&&واجب اعتماده&&ا في حس&&اب الغرام&&ة قيم&&ة‬
‫الشيء في الس&&وق الداخلي&&ة على حالت&&ه في ت&&اريخ الغش ول&&و لم تكن البض&&ائع‬
‫المعنية محل تجارة مش&&روعة وم&&ا يالح&&ظ أن المش&&رع الجم&&ركي يرتك&&ز أك&&ثر‬
‫على العقوب&&ات المالي&&ة ب&&دل الحبس&&ية‪ .‬حيث يعت&&بر أن العقوب&&ة الحبس&&ية مج&&رد‬
‫وسيلة لإلكراه ويمكن اإلفالت منها عن طري&&ق المص&&الحة ال&&تي أعطاه&&ا وذل&&ك‬
‫على اعتبار أن المخالفات الجمركية ت&&رتكب به&&دف تحقي&&ق ربح م&&الي وبالت&&الي‬
‫فردعها يجب أن يتم بعقوبة مالية‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫من خالل دراستنا لموضوع الجريمة الجمركية اتضح لنا جليا أن قواعد المنازعات‬
‫الزجرية التي جاءت بها مدونة الجمارك والضرائب& غير لمباشرة لها خصوصيات&‬
‫تنفرد بها إذا ما قارناها مع القواعد الموضوعية واإلجرائية لباقي الجرائم‪.‬‬
‫وعليه فان المقتضيات الزجرية الواردة في مدونة الجمارك& يمكن أن تمهد الطريق‬
‫إلى خلق قانون جنائي جمركي خاص مستقل في جميع فصوله عن القانون الجنائي‬
‫العام‪.‬‬
‫كما أن المدونة جاءت بمقتضى جديد هو المسؤولية الجنائية عن فعل الغير‪ ،‬زيادة‬
‫على أنها أقرت بصريح العبارة مسؤولية المجانين والقاصرين‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن المشرع الجمركي أعطى إلدارة الجمارك سلطات واسعة لمتابعة‬
‫مرتكبي الجرائم الجمركية‪ ،‬بحيث لم يخول للنيابة العامة حق المتابعة إال في الجنح‬
‫الجمركية دون المخالفات& التي جعل حق تحريك الدعوى العمومية فيها مقتصرا على‬
‫إدارة الجمارك& إلى جانب النيابة العامة في إمكانية تحريك الدعوى العمومية‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الجريمة الجمركية‬
‫أما بالنسبة إلثبات الجرائم الجمركية فقد أعطى المشرع إلدارة الجمارك سلطات‬
‫واسعة وغير مألوفة قصد ضبط واثبات هذه الجرائم‪ ،‬إضافة إلى السلطات الواسعة فيما‬
‫يخص مسطرة المصالحة الجمركية‪.‬‬

‫وفي األخير بعد أن تحدثنا عن أهم مميزات الجرائم الجمركية‪ ،‬سننتقل إلى اإلدالء‬
‫ببعض المقترحات نبرزها كالتالي‪:‬‬
‫ضرورة تدخل المشرع المغربي من أجل تعديل مجموعة من المقتضيات& القانونية‬ ‫‪‬‬
‫الواردة في مدونة الجمارك& والتي ال تتالءم مع القواعد العامة في القانون الجنائي‬
‫ومن بينها نجد‪:‬‬
‫عدم إقرار مسؤولية جنائية مفترضة في الجرائم الجمركية ترسيخا لمبدأ قرينة‬ ‫‪‬‬
‫البراءة‪.‬‬
‫عدم تعزيز مسؤولية جنائية للقاصرين والمجانين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تعزيز دور القضاء في اإلشراف ولمراقبة على المصالحة الجمركية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫منح القاضي سلطات واسعة في تكوين قناعته بالنسبة للجرائم الجمركية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جعل أعوان إدارة الجمارك& تحت إشراف النيابة العامة في إجراءات البحث‬ ‫‪‬‬
‫والتحري عن الجرائم‪.‬‬
‫توفير الضمانات& القانونية الخاصة بالمتهم‪ ،‬وتمكينه من الدفاع عن نفسه وذلك‬ ‫‪‬‬
‫بدحض المحاضر الجمركية بجميع وسائل اإلثبات‪.‬‬

‫‪51‬‬

You might also like