البنيات النفسمرضية

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫البنيات النفسمرضية‪.

‬‬ ‫محاضرة ‪:6‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫ظهر مصطلح البنية النفسمرضية من جراء تطور التيار البنيوي في علم النفس المرضي خال القرن‬
‫‪20‬م‪ ،‬يرتكز هذا التيار على مفهوم البنية في دراسة األمراض النفسية‪ ،‬حيث يعتبر البنيويون أن كل‬
‫سلوك سواء كان عادي أو مرضي هو تعبير عن مختلف العمليات التي تتم على مستوى الشخصية‬
‫ككل متكامل‪ .‬أدى تطور البحث في هذا التيار الى تحديد مراحل تكوين البنية و ذكر أنواعها و التفريق‬
‫بين مكونات كل نوع‪ ،‬هذا ما سنراه في هذه المحاضرة بعدما نعرف كل البنية النفسية و البنية‬
‫النفسمرضية‪.‬‬

‫‪ -1‬البنية النفسية‪:‬‬

‫أول من أدرج مصطلح البنية في علم النفس هو "‪ " Wilhelm Wundt‬من أجل وصف طريقة تجمع‬
‫األجزاء المترابطة في الشخصية و تفاعلها مع بعضها البعض‪ .‬حسب ‪ ":Piaget‬البنية هي نموذج من‬
‫التحوالت التي تتم داخل اطار و تحت قوانين هذا النموذج‪ ،‬مما يسمح له بالتطور‪ Q‬على أساسها فقط"‪.‬‬
‫ان مفهوم البنية في علم النفس مقتبس من نظرية الجشطالت (الجشطالت هي كلمة ألمانية تعني الشكل‬
‫و التنظيم) حيث يتم ادراك الشكل على أنه الطريقة التي تتجمع بها األجزاء مع بعضها ككل و قيمة‬
‫كل جزء تتحدد بمستوى‪ Q‬فاعليته مع الكل‪.‬‬

‫‪ -2‬البنية النفسمرضية‪:‬‬

‫ان مفهوم البنية في علم النفس المرضي‪ Q‬يختلف عنه في علم النفس‪ .‬البنية في علم النفس المرضي‪Q‬‬
‫تحمل المعنى البنائي للظواهر النفسية و ليس المعنى التنظيمي لها‪ .‬يعتبر "سيجموند فرويد"‪ Q‬أول من‬
‫استعمل مصطلح البنية في وصف‪ Q‬األمراض النفسية عندما تحدث عن البنية الوسواسية مثال‪ .‬وصف‪" Q‬‬
‫‪ "Beck.A‬البنية االكتئابية من وجهة نظر معرفية على أساس العالقة بين المعرفة و العاطفة‪ ،‬حيث أن‬
‫المعرفة هي بنيات معرفية ذات ترتيب و تشفير معين (مخططات معرفية سلبية)‪ ،‬عندما يتعرض‬
‫شخص اكتئابي الى موقف‪ Q‬معين يتم تفعيل مخططات‪ Q‬معرفية خاصة بهذا الموقف‪ Q‬من أجل ادراك‬
‫طبيعته و تقييمه و على أساس هذه المخططات يستجيب الفرد انفعاليا و سلوكيا‪ Q‬لهذا الموقف‪.‬‬
‫يصف "جون بارجوري‪ "Bergeret. J Q‬البنية النفسمرضية باالعتماد على مثال أعطاه فرويد‪ Q‬حول‬
‫بناء الشخصية االنسانية‪ ،‬حيث شبه هذه األخيرة بكرة الكريستال‪ Q‬فعندما‪ Q‬تسقط هذه الكرة على األرض‬
‫فهي تتكسر الى أجزاء على أساس وجود‪ Q‬مسارات ضعف كانت موجودة فيها وهي كرة‪ .‬نفس الشيء‬
‫بالنسبة لبنية الشخصية فهي تنمو تدريجيا الى حد الثبات على احدى األنواع من البنيات النفسمرضية‪،‬‬
‫مع وجود مسارات ضعف فيها و عند حدوث صدمات أو مشاكل انفعالية فهي تنكسر على أساس تلك‬
‫المسارات‪.‬‬

‫‪ -3‬نمو البنية الشخصية‪ :‬تنمو البنية حسب "بارجوري عبر المراحل التالي‪:‬‬

‫‪ -‬أوال مرحلة التمايز‪ :‬عند الميالد يعيش األنا في حالة ال تمايز مع الموضوع‪ ،‬لكن مع النمو سرعان‬
‫ما يبدأ هذا التمايز بفعل العالقة العاطفية مع األم و رعايتها و تأثير‪ Q‬النضج الجسمي‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا مرحلة تطور الليبيدو‪ :‬يقصد به تطور‪ Q‬طريق االشباع الليبيدي‪ ،‬بفضل تطور‪ Q‬األنا عن طريق‬
‫االستعانة باستعمال‪ Q‬اآلليات الدفاعية و تتطور‪ Q‬كذلك العالقة مع المواضيع الخارجية‪  ‬بفضل وجود‪Q‬‬
‫العالقات مع الوالدين‪ ،‬و باقي أفراد المجتمع‪ .‬تنتظم‪ Q‬شخصية الطفل تدريجيا على حسب نوعية‬
‫التجارب الحياتية و الصراعات النفسية فتتشكل‪ Q‬منظومة داخلية ذات خطوط‪ Q‬انشطار‪ Q‬و تالحم و التي‬
‫تكون غير قابلة للتغيير‪ Q‬فيما بعد‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثا مرحلة ثبات البنية‪ :‬في نهاية مرحلة البلوغ تتخذ البنية شكال ثابتا‪ ،‬إما بنية عصابية أو بنية‬
‫ذهانية أو بنية حدية‪ .‬تم تحديد الفرق بين هذه األنواع على أساس مجموعة من المكونات التي تحدد‬
‫خصائص كل نوع‪ .‬حسب "بارجوري" يوجد خمسة مكونات و هي‪ :‬المكون المسيطر‪ Q،‬طبيعة الصراع‬
‫الداخلي‪ ،‬العالقة بالموضوع‪ Q،‬طبيعة القلق و نوعية الميكانزمات الدفاعية المستعملة‪ ،‬ثم أضيف مكون‬
‫سادس و هو مكون مستوى‪ Q‬نكوص األنا‪.‬‬

‫‪ -4‬الفروق بين مكونات البنيات النفسمرضية‪ :‬تم تحديد الفروق‪ Q‬بين مكونات األنواع الثالثة من‬
‫البنيات النفسمرضية‪ ،‬حسب "بارجوري"‪ Q‬كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 4-1‬البنية الذهانية‪ :‬المكون المسيطر‪ Q‬هو الهو الذي يكون في صراع مع الواقع‪ .‬العالقة مع‬
‫الموضوع عالقة اندماجية مع األم‪ .‬القلق عميق مرتكز حول االنقسام و التدمير و الموت‪ .‬نوعية‬
‫الميكانزمات‪ Q‬المستعملة االساسية هي‪ :‬تجزأ االنا و نفي الواقع‪ .‬النكوص يكون الى مستوى المرحلة‬
‫الفمية و الشرجية األولى‪.‬‬

‫‪ 4-2‬البنية العصابية‪ :‬المكون المسيطر هو األنا األعلى الذي يكون في صراع مع الهو‪ .‬العالقة‬
‫بالموضوع عالقة جنسية و القلق من نوع قلق االخصاء و المكونات الدفاعية هي الكبت أساسا‪.‬‬
‫النكوص الى المرحلة الشرجية الثانية فيما يخص االصابة بالوسواس‪ Q‬القهري و المرحلة األويديبية‬
‫القضيبية لالضطرابات‪ Q‬العصابية األخرى‪.‬‬

‫‪ 4-3‬البنية الحدية‪ :‬المكون المسيطر‪ Q‬هو مثال األنا الذي يكون في صراع مع الهو و الواقع‪ .‬العالقة‬
‫بالموضوع من نوع عالقة اتكالية و تبعية‪ .‬القلق هو قلق من فقدان الموضوع و ضياعه و قلق‬
‫االكتئاب‪ .‬الميكانزمات المستعملة هي ميكانيزم تجزء الموضوع و االنكار‪ .‬ان تجزء الموضوع‪ Q‬هو‬
‫وجود‪ Q‬عدة تمثالت مختلفة حول الموضوع‪ Q‬مرتبطة بالتمثالت الوالدية من حب و كره‪ .‬النكوص الى‬
‫المرحلة بين الشرجية األولى و الثانية‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫نستخلص من كل هذا أن الدراسات البنيوية لألمراض النفسية و العقلية قد ساهمت في اضفاء بعد جديد‬
‫في فهم العالقة بين السواء و الالسواء على أنهما مجالين غير منفصلين و انما مندمجين مع بعضهما‬
‫البعض‪ ،‬فمصطلح البنية النفسمرضية دليل على أن كل شخص عادي يحمل في شخصيته استعدادات و‬
‫خطوط‪ Q‬ضعف و مكونات خاصة تؤهل الى االصابة باضطرابات على نوعية بنية شخصيته‪.‬‬

You might also like