مفهوم التش ّر د يمكن تعريف التشرد من منظور لغوي على أنه عدم امتالك الفرد لمأوى أو وظيفة ،وهو
سؤال الناس لس ِّد
متطلبات الحياة ]١[،فيما ع ّرفته وزارة اإلسكان والتنمية الحضرية األمريكية على أنّه معاناة الفرد التي تتجلى باآلتي]٢[: عدم امتالك الفرد لمأوى مناسب للسكن البشري ،أو إقامته في أماكن غير مخصصة للسكن كالمالجئ مثالً لمدة سنة على األقل .مكوث الفرد في إحدى المؤسسات المجتمعية؛ مثل :المستشفيات لغايات تلقّي العالجات المتعلقة باالختالالت العقلية، أو في السجن ،لمدة ال تقل عن تسعين يوما ً نظراً ألن شروط النقطة األولى تنطبق عليه .اختالل نظام األسرة نتيجة النعدام وجود ربٍّ لألسرة يدير شؤونها ،أو نتيجة لعدم أهليّته؛ مما يودي بها إلى ما ُذكر من مظاهر في النقطة األولى .قد ينطبق مصطلح التش ّر د على فئات كثيرة في المجتمع ويؤثر عليها ،منها :كبار السن ،واألطفال ،والشباب ،وقد يصبح الشخص مشرّداً ال مسكن له لع ّد ة أسباب؛ منها :فقدان الوظيفة وانعدام الدخل ،أو المعاناة من مشاكل صحية أو عقلية ،أو التعرّض للعنف األسري ،أو حدوث كارثة في المنزل؛ مثل :الحرائق ،أو الفيضانات ،أو بسبب الحروب ]٣[.أسباب التشرّد يعتبر التشرد آفة مجتمعية تستدعي العالج ،مما يعني ضرورة البحث عن أسباب هذه الظاهرة بدايةً m،وقد ت َّم حصر بعضها فيما يأتي :الفقر قد تؤدي ظروف الحياة الصعبة وتع ّدد mمتطلباتها إلى عدم تم ّكن البعض من توفير األولويات الضرورية للحياة؛ مثل :المأكل ،والمشرب ،ومظاهر الرعاية الصحية ،ومصاريف السكن؛ مما يجبرهم على التشرّد في المجتمعات]٤[، إن بعض الوظائف ذات أن حصول الفرد على وظيفة ثابتة ال يعني بالضرورة بأنه بعيد عن التشرّد ،إذ ّ وتجدر اإلشارة إلى ّ األجور المنخفضة التي ال تس ّد حاجات الفرد آنفة الذكر قد تودي به إلى الحبس ،أو الرهن ،أو إخالء السكن ]٥[.قد يصبح كافٍ الفرد متشرّداً بسبب ارتفاع أسعار األجور والمساكن ،ال سيما عندما يكون الحد األدنى لألجور التي يتقاضاها غير لسداد األجور المترتبة على هذا المسكن ،ويُعزى هذا كله إلى النمو السكاني الكبير الذي يشهده العالم ال سيما في المناطق الحضرية منه وما تشهده من كثافة سكانيّة ]٥[.البطالة قد يعجز الفرد عن تحقيق متطلبات الحياة األساسية بما فيها المسكن، وذلك بسبب انعدام وجود مصدر دخل له من وظيفة ثابتة ،أو بسبب فقدان الوظيفة التي كانت مصدراً ألمانه وسد احتياجاته بشكل مفاجئ ،وسط مجتمع وظيفي أصبح يصعب على الفرد إيجاد فرصة عمل فيه بسهولة ،م ّما قد يؤدي إلى إخالء الفرد من منزله وتشرّده ]٥[.العنف المنزلي يعتبر العنف المنزلي واحداً من أسباب التشرد ،فقد يجد الفرد نفسه مضطراً لالختيار بين البقاء في منز ٍل يتع ّر ض فيه ألحد أنواع اإليذاء المتمثلة باإليذاء الجسدي ،أو الجنسي ،أو النفسي ،أو مغادرته دون أن تعرّض 237شخصا ً من أصل كل 100,000شخص لإلساءة، وجود مأوى مناسب له ،حيث ق ّدرت اإلحصاءات الكندية ّ قد يدفعهم إلى اختيار حياة التش ّرد مقابل البقاء في منزل يتعرضون فيه لإليذاء وسوء المعاملة ]٦[،وتُشير بعض اإلحصائيات ذات الصلة بأن ما نسبته %90من النساء اللواتي انتهى بهن المطاف كمشردات جاء نتيجة لما تعرّضْ ن له من سوء معاملة خالل حياتهن ] ٥[.االضطرابات العقلية تعيق االضطرابات العقلية قدرة الشخص على القيام باألمور األساسية الحياتية؛ مثل :العناية بالنفس ،وإدارة أمور المنزل ،وتكوين العالقات مع اآلخرين والحفاظ عليها؛ وذلك بسبب ما يعانيه من قصور في الفهم وتصرّف بطريقة بعيدة عن الحكمة والعقالنية ،م ّما قد يؤدي إلى ابتعاد العائلة واألصدقاء ومن يم ّدون يد فإن األشخاص المصابين باألمراض العون له عن محيطه ،وقد ينتهي به المطاف إلى الخروج من المنزل والتشرّد ]٤[.لذلك ّ العقلية يكونون أكثر عرضة للتشرّد مقارنة باألشخاص الطبيعيين m،وقد يصل بهم الحال إلى اإلصابة بالعديد mمن األمراض الجسدية نتيجة إهمالهم العناية بالنظافة الشخصية؛ مثل :أمراض الجهاز التنفسي بأنواعها ،واألمراض الجلدية ،والسل، أن تعاطي بعض هؤالء المرضى للمواد المخدِّرة والعقاقير يمكن أن يتسبب لهم باإلدمان وفايروس العوز المناعي ،كما ّ واألمراض ]٤[.األمراض واإلعاقات الجسدية قد يأتي التش ّرد كنتيجة حتمية لبعض األمراض المزمنة أو اإلعاقات الجسدية التي تمنع الفرد من ممارسة حياته بشكل طبيعي ،و َش ْغل وظيفة ثابتة تحقّق له مصدر دخل ثابت يس ّخره في س ّد متطلبات الحياة المختلفة ،والتي تتمثل في الحصول على مسكن آمن ،ودفع إيجاره ،والفواتير المترتبة عليه ،وهو األمر الذي يأتي أن اإلدمان وما يخلّفه من بشكل خارج عن إرادة الفرد ومعاكس لرؤاه رغم حتميته ]٥[.اضطرابات اإلدمان يرى البعض ّ البت في هذا األمر يُع ّد شائكا ً ومعقداً، مشاكل واضطرابات نفسية وصحية دافع لتحويل الفرد إلى شخص متشرد ،إاّل ّ أن َّ إن نِّسب المدمنين المرتفعة في صفوف المشردين في العالم ال تُعزى إلى اإلدمان وحده ،بل هناك العديد mمن العوامل حيث ّ ً ّ ً ً أن اإلدمان وحده ال يُع ّد سببا كافيا لتشرّد الفرد ،بل إنه غالبا ما يأتي األخرى التي تتداخل مع موضوع التشرّد ،م ّما يعني ّ كنتيجة لما يقاسيه الفرد من ظروف معيشية صعبة أثناء تش ّرده ،وارتفاع في مستويات التوتر لديه نتيجة لذلك؛ األمر الذي قد يدفع بعض المتشردين إلى اللجوء للمواد المخ ّدرة العتقادهم بأنها تخفّف عنهم معاناتهم ]٧[]٤[.السجن يرتبط التشرد ارتباطا ً وثيقا ً بأنظمة العدالة الجنائية ،فاألشخاص الذين أنهَوا عقوبة سجنهم قد يعانون من صعوبات عديدة mتتعلق في إيجاد مساكن مناسبة لهم يستق ّر ون بها وفرص عمل ثابتة ،وذلك بسبب القيود القانونية المفروضة عليهم ،والتمييز المجتمعي الذي يمارسه األفراد ض ّدهم بسبب سجالتهم الجنائية على أنهم أصحاب أسبقيات ]٨[،فتشير اإلحصائيات في الواليات المتحدة أن ما يقارب 50,000شخص يدخلون مالجئ المشردين سنويا ً بعد انقضاء فترة السجن .الظروف الشخصية مثالً إلى ّ القاسية قد تؤدي المآسي والصعوبات التي يتع ّرض لها الفرد في حياته بشكل خارج عن إرادته إلى تشرّده ،كاختبار عالقة فاشلة أو ارتباط غير ناجح بالشريك ،أو حدوث كارثة طبيعية مثالً ،وهو األمر الذي يترتب عليه تغيير جذري في وضع الفرد االقتصادي في معظم األحوال ،مع عدم وجود مصدر للدعم والتوجيه حينها ،مما ينجم عنه تشرّد الفرد بشكل مؤقت إلى حين تدارك هذه الحال ]٦[.حلول مقترحة للتش ّر د على المستوى الفردي يقع على عاتق الفرد مسؤولية إيجاد الحلول المناسبة للقضاء على ظاهرة التشرد والعمل بها ،ويمكن تلخيص أبرزها على النحو اآلتي ]٩[:فهم ظاهرة التشرد والمساعدة على تبديد mالصورة النمطية المأخوذة عن المش ّردين ،ومعرفة الظروف التي أودت بهم إلى هذه الحالة ،بهدف إكساب الفرد مهارة التعامل مع كل حالة من حاالت التشرد بشكل مناسب -لخصوصيتها -ومحاولة إيجاد الحلول لها ،فأولى الخطوات ال ُمتبعة في حل مشاكل ال ُمشردين تبدأ في تفهّم احتياجاتهم ودراسة كل حالة على انفراد ،والتقرّب إليهم أكثر ألنهم بحاجة لمن يتكلم معهم ويتحسس مشاعرهم ويشعرهم باالهتمام .عمل مخطط إحصائي لمالجئ إيواء الالجئين ،وتحديدm مناطق وجودها من أجل تسهيل الوصول إليها من قِبَل المشردين .تقديم المساعدات والتبرعات للمشردين عن طريق الجمعيات الخيرية المخصصة لذلك ،أو تقديم الدعم المالي المباشر لهم .التبرع بالمالبس الفائضة عن االستخدام ،بشرط أن تكون حسنة المظهر وفي حالة جيدة ،وذلك من خالل الجمعيات الخيرية المسؤولة عن توزيع المساعدات على ال ُمشردين. التبرع باأللعاب والكتب ،وتقديم الهدايا لألطفال المشردين ،أو تقديم المواد التموينية الضرورية ،باإلضافة إلى حث األصدقاء والمعارف على أخذ مثل هذا اإلجراء .العمل في المجال التطوعي بهدف مساعدة أولئك ال ُمشردين ،حيث يستطيع كل شخص تقديم خدمات تتناسب مع قدراته ،ومؤهالته العلمية ،وهواياته .التطوّع في تدريس ال ُمشردين ضمن المدارس المخصصة لهم إن وجدت ،أو ضمن مالجئهم ،أو العمل على ذلك بشكل منفرد .زيادة الوعي المجتمعي حول قضايا ال ُم شردين ،والدور الفعال الذي تقوم به الجمعيات الخيرية لمساعدتهم ،وذلك من خالل عمل تقارير توعوية ونشرها عبر .وسائل النشر المختلفة؛ مثل الصحف ودور العبادة وغيرها