‫ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ‬

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬
‫ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬

‫ﻣﻠﺨﺺ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻨﻮﺍ‪‬ﺎ ‪:‬‬

‫ﺍﳌﻮﺍﻗــﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪1962-1954‬‬
‫ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺩﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‬

‫ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ‪:‬‬ ‫ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﺔ ‪:‬‬

‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﺓ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ‬ ‫ﻣﺮﱘ ﺻﻐﲑ‬
‫ﻣﺴﻌﻮﺩﺓ ﳛﻴﺎﻭﻱ‬
 ‫ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ‪2004 / 2003 :‬‬

‫ﻟﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‬

‫ﻳﻌﺘﱪ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﰎ ﺗﻨﺎﻭﻟﻪ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ‬
‫‪ 1962– 1954‬ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ ﺍﻷﻭﻝ ﺗﺎﺭﳜﻲ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ‪,‬ﻭﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺑﺮﺯﺕ ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﲢﺮﺭﻳﺔ ‪,‬ﺃﻣﺎ‬
‫ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻬﻮ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻋﻜﺲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ‬
‫ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ ﻫﺪﺍ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺑﺮﻭﺯ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮ‪‬ﺎ ﺃﻫﻢ ﻭﺃﺑﺮﺯ ﻗﻀﻴﺔ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭ ﺃﻫﻢ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﺁﻧﺪﺍﻙ ‪ ,‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﺷﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﻗﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ‪,‬ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﱂ‬
‫ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﳌﻤﻴﺰﺓ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﺍﻷﻣﻞ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺃﺻﺎ‪‬ﺎ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﰲ‬
‫ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﱐ ﺍﳌﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﰲ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﻹﳚﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻠﺐ ﻛﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﱵ ﺩﻓﻌﺘﲏ ﺇﱃ ﺍﳌﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻐﻮﺹ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎﻫﺎ ‪,‬ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ‬
‫ﺩﺍﺕ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﺬﻟﻚ ‪,‬ﺍﻷﳘﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﱵ ﻣﻴﺰﺕ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 1954‬ﻭ‪, 1962‬ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﻟﻠﺒﺤﺚ‪, ,‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﲟﻮﺍﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﺷﻜﻠﺖ ﻧﻮﺍﻬﺗﺎ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ‬
‫ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻋﺎﻡ ‪. 1955‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺩﻋﻤﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ,‬ﻭﺳﺎﻋﺪﺕ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ‪ ,‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ,‬ﻓﺈﻥ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ ﻳﺼﺐ ﰲ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺴﻠﱯ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﺪﻋﻢ ﻟﻠﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺳﻴﺎﺳﺘﻪ‬
‫ﻭﺇﻓﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻄﺶ‬

‫ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ‪ ,‬ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﲡﺎﻫﻞ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﻋﻦ ﻏﲑ ﻗﺼﺪ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺭﻏﻢ‬
‫ﺗﺒﺎﻳﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺍﳌﺘﺄﺭﺟﺢ ﺑﲔ ﺍﻹﳚﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻠﺐ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ,‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺯﺍﺩﱐ‬
‫ﲤﺴﻜﺎ ﻭﺣﻔﺰﱐ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ‪,‬ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﺮﻗﺖ‬
‫ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳋﺎﺹ ﲜﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻭﺃﺭﺷﻴﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ‪,‬ﻭ ﺟﺮﻳﺪﺓ‬
‫ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﺬﻛﺮﺍﺕ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ‬
‫‪ ,‬ﻭﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﻟﻔﻀﻴﻞ ﺍﻟﻮﺭﺗﻼﱐ ‪ ,‬ﻭﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺃﺩﱃ ‪‬ﺎ ﰲ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ‪ ,‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﻋﻠﻲ ﻛﺎﰲ‪ ,‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﳏﻤﺪ ﺣﺮﰊ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﺮﺍﺏ ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‪ ,‬ﻭﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﺃﲪﺪ ﳏﺴﺎﺱ ‪ ,‬ﻭ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺃﻣﺜﺎﻝ‬
‫ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﻭﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺩ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻃﻼﺱ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺻﺒﺖ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪,‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ‬
‫ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻭﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺃﻭﺯﺍﺭﻳﺲ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﻳﺎﻣﲔ ﺍﺳﻄﻮﺭﺓ ‪,‬‬
‫ﻭﺷﺎﺭﻝ ﺭﻭﺑﲑ ﺁﺟﺮﻭﻥ ‪ ,‬ﻭﻫﻨﺮﻱ ﻟﻮﻣﲑ ﻣﺆﺭﺥ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ‪ ,‬ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭ ﻫﺎﺭﲤﻮﺕ ﻭﺩﺭﻭﺯ ﻭﻟﻮﺗﻮﺭﻧﻮ ﻭﻣﻮﻧﺘﺎﻧﻴﻮﻥ ﻭﺇﻳﻒ ﻛﻮﺭﻳﺎﺭ ﻭﺑﻮﻝ ﻟﻮﻧﺘﺎﻥ ﻭﻫﺮﰲ‬
‫ﻫﺎﻣﻮﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺘﺒﻮﺍ ﻋﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻻﻳﺴﻌﻨﺎ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ‪,‬ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ –ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫‪,‬ﻫﻲ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﺸﺮﻓﺔ ‪ ,‬ﻭﺻﻔﺤﺔ ﻣﻨﲑﺓ ﻋﻜﺴﺖ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ‬
‫ﺍﳊﻘﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺷﺘﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻭ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ‪ ,‬ﻓﺈﻥ‬
‫ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﻣﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﲢﺮﺭﻳﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﺿﺪ‬
‫ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻟﻠﻤﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ‪ ,‬ﻭ ﺭﻛﻴﺰﺓ ﻣﻦ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ‪,‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪,‬ﻣﺎ ﺍﻧﻔﻚ ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ ﺍﻟﺼﺮﳛﺔ ﺍﳌﻨﺎﻫﻀﺔ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﱄ ‪,‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﰲ ﻛﻞ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺯﻋﻴﻤﺔ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﻣﻦ ﺟﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻭﺭ ﰲ ﻓﻠﻜﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺻﺮﺍﻋﻬﺎ ﺿﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ,‬ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﺣﻴﺚ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺩﻋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﺿﺪ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ‪,‬ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻤﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺎﺗﻪ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬

‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﱂ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺸﻔﺖ ﺃﻛﺎﺫﻳﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭﺗﻀﻠﻴﻠﻬﺎ ﻟﻠﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ‪,‬ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺗﻔﻜﺮ ﰲ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺃﺣﺴﺖ ﺑﺎ‪‬ﻴﺎﺭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ‪,‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺣﺖ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ‪,‬ﻭﺍﻟﺴﻮﻳﺪ‪ ,‬ﻭﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ,‬ﻭﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻙ ‪,‬ﻭﺍﻟﻨﺮﻭﻳﺞ ‪,‬ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬
‫ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ‪,‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻇﻬﻮﺭ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ‬
‫ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪ ,‬ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ‪,‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﳑﻴﺰﺍ ‪,‬ﻭﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﺟﻮ ﺯﻳﻒ ﺑﺮﻭﺯ ﺗﻴﺘﻮ‬
‫ﺃﺣﺪ ﺃﻗﻄﺎﺏ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ,‬ﻭﺃﺣﺪ ﺑﻨﺎﺓ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﳓﻴﺎﺯ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ‬
‫ﻧﻮﺍﻬﺗﺎ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺑﺈﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻋﺎﻡ ‪ ,1955‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭ‪‬ﺮﻭ ﻭﺃﲪﺪ ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ ‪,‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻗﻮﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺪﻋﻤﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ‪ ,‬ﻭﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﺧﲑﺍ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﻋﺎﻡ ‪1961‬ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﺘﻠﺖ‬
‫ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺻﺪﺍﺭﺓ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ‪ ,‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺟﺎﺀ‬
‫ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﺪﻋﻤﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﲢﻔﻆ ﳑﺎ ﺃﻗﻠﻖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪,‬ﻛﻴﻒ ﻻ ﻭﻣﺎﻭ ﺗﺴﻲ ﺗﻮﻧﻎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﳋﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻳﻬﺪﺩ ﻣﺼﺎﳊﻬﻢ ﰲ ﺁﺳﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﲤﻜﻦ ﻣﻦ ﲢﺮﻳﺮ ﺑﻼﺩﻩ ﻣﻦ ﺭﻗﺒﺔ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ‪,‬ﻭﺩﻋﻤﻪ‬
‫ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ‪,‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﳌﱪﺭ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ,‬ﺃﻣﺎ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﻴﱵ ﻓﺈﻥ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﲤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺘﺬﺑﺬﺏ ﻛﻮﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‬
‫ﻛﺴﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺪﻳﻐﻮﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﺻﻔﻪ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﲢﻴﻴﺪﻫﺎ ﰲ ﺻﺮﺍﻋﻪ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻊ ﻏﺮﳝﺘﻪ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﰲ ﻋﻘﺮ ﺩﺍﺭﻩ ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻭﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﻭﺯ‪‬ﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ‪ ,‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ‬
‫ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﲢﺮﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻛﻮﺭﻗﺔ‬
‫ﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻭﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺃﻓﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﳉﺪﻳﺔ ‪,‬ﻭﺟﻌﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﱵ ﱂ ﲢﻆ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻌﻤﻘﺔ ﺭﻏﻢ ﺃﳘﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻗﻤﺖ ﺑﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺇﱃ ﻓﺼﻞ ﻣﺪﺧﻠﻲ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﻇﺮﻭﻑ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ‬
‫ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲪﻠﺖ ﰲ ﻃﻴﺎﻬﺗﺎ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭﺗﺒﻠﻮﺭ ﺍﻟﻮﻋﻲ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪,‬ﺍﻟﺬﻱ ﲡﺴﺪ ﰲ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻀﺎﻝ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪,‬ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺩﻓﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳌﺪﺧﻠﻲ ﺑﺴﺘﺔ‬
‫ﻓﺼﻮﻝ‪ ,‬ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﰲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﻭﺍﻟﱵ ﺑﻔﻀﻠﻬﺎ ﰎ ﺗﺪﻭﻳﻠﻬﺎ ‪,‬‬
‫ﻓﻔﻲ‪ ,‬ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭﺍﻟﱵ ﺣﺼﺮﻬﺗﺎ ﰲ‬
‫ﻋﺸﺮﺓ ﺩﻭﻝ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻫﻲ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ‬
‫ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻗﻄﺮ ﻭﺃﺧﲑﺍ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ‪,‬ﺣﻴﺚ ﺭﻛﺰﺕ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﲔ ﺃﺳﺎﺳﻴﲔ ﰲ ﻛﻞ ﺩﻭﻟﺔ‬
‫ﳘﺎ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﺗﻜﻤﻠﺔ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ‪,‬ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﺼﺐ ﰲ ﺑﻮﺗﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﻣﻦ ﺍﶈﻴﻂ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻴﺞ ‪,‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ,‬ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪,‬ﻭﻓﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‬
‫ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻣﻴﺰﺍ ﺑﺪﻭﻥ ﲢﻔﻆ ﻛﻞ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪,‬ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﻃﺎﻗﺔ ﻛﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ‪ ,‬ﻫﺬﺍ‬
‫ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺑﻌﲔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﳘﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ‬
‫ﺇﻟﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﻣﺘﺠﺬﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺣﺪﺕ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﺍﶈﻤﺪﻳﺔ ‪,‬ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻟﺘﺰﻳﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻮﺓ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ ‪,‬ﻟﻜﻮ‪‬ﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﻻﻬﺗﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺣﺪﻫﻢ ‪ ,‬ﻭﺇﳕﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ‪,‬ﻭﻣﺎﺩﺍﻡ‬
‫ﺍﳌﺒﺘﻐﻰ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﺣﺪ ‪,‬ﻭﻫﻮ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭﻣﺎﺩﻳﺎ ‪ ,‬ﺟﺎﺀ ﺗﺮﻛﻴﺰﻧﺎ‬
‫ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﳉﺎﻧﺒﲔ‪,‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭﻫﻲ ﺇﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ‬
‫ﻭﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺇﻳﺮﺍﻥ‪ ,‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﺮﺯ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺭﻏﻢ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﲢﺖ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ‪.‬‬
‫ﻭﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ‪,‬ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﻓﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ,‬ﻭﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺮﺗﺒﻂ ‪‬ﺎ ﻻ ﻋﺮﻗﻴﺎ ﻭﻻﺩﻳﻨﻴﺎ‪ ,‬ﻭﻫﻲ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻏﲑ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪,‬ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺩﻋﻢ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻭﻧﺼﺮﻬﺗﺎ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭﻣﺎﺩﻳﺎ‪ ,‬ﻭﻧﻈﺮﺍ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﱂ ﻧﺸﺄ ﺃﻥ ﻧﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﻣﻮﻗﻒ ﻛﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﺪﺍ‪,‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﻓﻘﺪ ﺧﺼﺼﺘﻬﺎ ﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺘﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﳘﺎ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍ ﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ‪ ,‬ﻭﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪,‬ﻭﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺩﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﻛﺘﻠﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﺮﺏ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﻣﻌﺘﱪﺓ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺃ‪‬ﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﲢﺮﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻫﻮ ﰲ ﺃﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ ﻗﺎﻃﺒﺔ‪ ,‬ﻋﻤﻠﺔ ﺭﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ‪,‬ﻭﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻌﻮﻝ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﳍﺪﻡ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ ,‬ﻭﺳﻠﺐ ﺣﺮﻳﺎﻬﺗﺎ‪,‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺟﺴﺪﺗﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻭﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﻭﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ ﺃﻣﺎ ﺑﻮﻟﻨﺪﺍ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺃﻗﻞ‪ ,‬ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ‬
‫ﻟﻼﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻳﺘﺄﺭﺟﺢ‬
‫ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻻﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻭﲢﻴﻴﺪﻫﺎ ﰲ ﺣﺮﺑﻪ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺑﲔ ﺗﺄﻳﻴﺪﻩ ﻟﻨﻀﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻛﻮﺭﻗﺔ ﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪,‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻈﻬﺮ ﺇﻻ ﻣﻊ ‪‬ﺎﻳﺔ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ‪,‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻧﻴﺘﻪ ﰲ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﱵ ﲡﺴﺪﺕ ﻓﻌﻠﻴﺎ ﻋﺎﻡ‪. 1961‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﺆﻳﺪﺍ ﺗﺄﻳﻴﺪﺍ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻭﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ‪ ,‬ﻭﳔﺺ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟـﺔ ﺍﻷﻭﱃ ‪,‬‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰒ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ﻭﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻭﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ‬
‫ﻣﺜﻞ ﻓﻨﻠﻨﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ‪,‬ﻟﻜﻦ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ‪,‬ﻭﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻄﻴﺢ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺗﻠﻮ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻭﺭﺍﺀ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺭﺿﻮﺥ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻟﻸﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺮﺿﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺃﻟﻘﻴﻨﺎ‬
‫ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﺭﺿﺖ‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺎﻬﺗﺎ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ,‬ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺗﺒﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﳌﻌﺘﺪﻟﺔ ﻭ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﻗﺪ ﺑﺮﺯ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺍﻟﺮﺃﻱ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﻀﻠﻴﻠﻪ ﻋﻤﺎ ﺗﺮﺗﻜﺒﻪ ﻣﻦ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﻣﻨﻈﻤﺔ‬
‫ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃ‪‬ﻴﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﲞﺎﲤﺔ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺃﳘﻬﺎ ﻗﺪﺭﺓ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﻭﺷﻌﻮﺏ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭﻣﻦ ﰒ‬
‫ﺗﺪﻭﻳﻠﻬﺎ ﰲ ﻇﺮﻭﻑ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪ ,‬ﺑﻞ ﻭﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻜﺎﺳﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺣﱴ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪,‬ﻭﻫﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻹﻏﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻣﺖ‬
‫‪‬ﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪,‬ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺮﻭﺯ ﻗﺪﺭﺓ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ‬
‫ﻇﺮﻭﻑ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺳﺎﺧﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺘﲔ‪,‬ﻟﺘﺨﺮﺝ ﻣﻨﺘﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﻋﱴ ﻗﻮﺓ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ‪,‬ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﻋﺴﻜﺮﻳﺎ‪,‬ﻛﻤﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺟﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺔ‬
‫ﺷﻌﻮﺏ ﻭﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﳍﺎ‬
‫ﺫﻟﻚ ﰲ‪ 5‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪.1962‬‬
 ‫ﺍﻟﻔﺼــﻞ ﺍﻷ ﻭﻝ‪:‬‬

‫ﻇــﺮﻭﻑ ﺗﺪﻭﻳــﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴــﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳــﺔ‬

‫ﺄﻭﻻ‪ -‬ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ -‬ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‬

‫ﻣﺮﺕ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﻈﺮﻭﻑ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﺪﻭﻳﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲤﻴﺰﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﲟﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺃﻭﻻ ‪ /‬ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪:‬‬

‫ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻭﻃﺄﺕ ﺃﻗﺪﺍﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﺭﺽ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1830‬ﻭ ﲤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻼﳍﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻇﻬﺮ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﻗﻮﻱ ﲤﺜﻞ ﰲ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻺﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻭ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪،‬‬
‫ﻭ ﺇﻥ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﻬﺗﻢ ﺇﺭﺟﺎﻉ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺇﱃ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﺎﺑﲔ ﻋﺎﻣﻲ ‪ 1919‬ﻭ‬
‫‪ ،(1)1954‬ﻓﺈﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻺﺣﺘﻼﻝ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺇﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1830‬ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﺍﻟﱵ ﲪﻠﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻮﺟﺔ‬
‫)‪ ،(2‬ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻃﻼﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻧﻘﻞ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ )‪ ،(3‬ﻣﻌﱪﺍ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ‬
‫ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺃﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‪ :‬ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪-1830‬‬
‫‪ ،1954‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻁ‪ ،1992 ،2‬ﺹ‪.21‬‬
‫‪ -2‬ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻮﺟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ :‬ﺍﳌﺮﺁﺓ )ﶈﺔ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭ ﺇﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺎﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ(‪ .‬ﺗﻌﺮﻳﺐ‬
‫ﻭ ﺗﻘﺪﱘ ﻭ ﺗﻌﻠﻴﻖ‪ ،‬ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺩﺍﺭ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1972‬ﺹ‪.11‬‬
‫‪ -3‬ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻮﺟﺔ‪ :‬ﺍﳌﺮﺁﺓ‪ ،‬ﺗﻘﺪﱘ ﻭ ﺗﻌﺮﻳﺐ ﻭ ﲢﻘﻴﻖ‪ ،‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1982‬ﺹ ﺹ ‪.43-42‬‬

‫ﻭ ﺣﱴ ﻭ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﺎﻡ ﳊﺮﻛﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻮﺟﺔ ﻋﱪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﲡﺎﻩ ﻭ ﻣﻬﺪ ﻟﻪ‪ ،‬ﰲ ﻇﺮﻭﻑ ﱂ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﰲ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ‪ ،‬ﺑﻞ ﻋﺠﻠﺖ ﺇﱃ ﻧﻔﻴﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﱪﻫﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺿﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﻋﻤﻞ ﻣﻨﺬ ﺩﺧﻮﻟﻪ ﺃﺭﺽ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺇﺫﻻﻝ ﻭ ﺇﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﺠﻬﻴﻞ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﳌﺎ ﺁﻟﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺮﺍﺀ ﲢﻄﻴﻢ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺗﺒﻠﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻗﻮﺓ ﻣﻨﻈﻤﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﺑﲔ‬
‫ﻋﺎﳌﻴﺘﲔ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺩﻭﺭ ﻓﻌﺎﻝ ﻓﻴﻬﻤﺎ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺘﻜﺎﻙ ﺑﻐﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭ ﺇﻧﻌﻜﺲ ﺫﻟﻚ‬
‫ﺑﺎﻹﳚﺎﺏ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﲤﻜﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﰲ ﺷﻜﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻛﻄﺮﻑ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭ ﳏﺎﺭﺑﺘﻬﺎ )‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ ﺇﻏﻼﻕ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻐﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭ ﻣﻨﻊ ﺗﺪﺭﻳﺴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺣﻞ ﳏﻠﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﺪﻭﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﻴﺔ ‪,‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‬
‫ﺃﻧﻈﺮ‪:‬ﺭﺍﺑﺢ ﺗﺮﻛﻲ‪:‬ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﺵ ﻭ ﻥ ﺕ ‪,‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪,1981‬ﺹ ﺹ‪.106-105‬‬
‫‪ -2‬ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺳﻌﺪ ﺍﷲ‪ :‬ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ‪ ،1945-1930‬ﺝ‪ ،3‬ﻁ‪ ،3‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1986‬ﺹ ﺹ ‪.171-170‬‬
‫‪ -3‬ﲤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﰲ ﻇﻬﻮﺭ ﻋﺪﺓ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1937‬ﻭ ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1946‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪MAHFOUD KADDACHE et DJILLALI SARI; L'Algérie dans l'histoire, la‬‬
‫‪resistance politique 1900-1954. t.5, O.P.U. alger 1989, pp.77 à‬‬
‫‪97.‬‬
‫‪4- ibid. pp.26-27.‬‬

‫ﻓﻤﺎﻫﻲ ﺇﺫﺍ ﺇﲡﺎﻫﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻑ ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ؟‬
‫ﺃﻭﻝ ﺇﲡﺎﻩ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻫﻮ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﻧﺪﻣﺎﺟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺷﺘﻤﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺃ‪ -‬ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ‪ :‬ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻣﻴﺰﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻹﺩﻣﺎﺝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‬
‫ﻭ ﲡﻨﻴﺴﻬﻢ ﺑﺎﳉﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺧﻠﻖ ﺇﲢﺎﺩ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪.‬‬
‫ﺏ‪ -‬ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ‪ :‬ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺰﺏ ﻫﻮ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﻨﻴﺲ ﻭ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ)‪(4‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺛﺎﱐ ﺇﲡﺎﻩ ﻫﻮ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﲟﺒﺪﻯﺀ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ‪ ،‬ﻭ ﺃﻫﻢ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺜﻠﺘﻪ ﻫﻲ‪:‬‬
‫ﺃ‪ -‬ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺰﻋﻤﻪ ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1919‬ﻭ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻄﺎﻟﺒﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﰲ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻐﺔ ﺭﲰﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﺟﺒﺎﺭﻳﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ‬
‫ﻛﻞ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻹﺩﻣﺎﺝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﻨﻴﺲ ﻣﻊ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ)‪.(1‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺇﲡﺎﻫﲔ ﺇﺛﻨﲔ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﺻﻼﺣﻲ‪،‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﻣﺜﻠﺘﻪ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﱵ ﲤﻴﺰﺕ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﲟﻌﺎﺭﺿﺘﻬﺎ ﻟﺘﺠﻨﻴﺲ‪ ،‬ﻭ ﺇﺩﻣﺎﺝ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‪ ،‬ﻭ ﺣﱴ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺇﺻﻼﺣﻴﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ)‪ ,(2‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺇﲡﺎﻩ ﺇﺳﺘﻘﻼﱄ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻣﺜﻠﻪ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﳒﻢ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1929‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﻮﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﱃ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﳌﺸﻌﻞ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺇﱃ ﺣﺮﻛﺔ‬
‫ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﳏﻔﻮﻅ ﻗﺪﺍﺵ‪ :‬ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ‪ ،‬ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1987‬ﺹ ﺹ‪.42-41‬‬
‫‪ -2‬ﺃﲪﺪ ﺍﳋﻄﻴﺐ‪ :‬ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺃﺛﺮﻫﺎ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪،1985‬‬
‫ﺹ ﺹ ‪ 114‬ﺇﱃ ‪.116‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪MAHFOUD KADDACHE; Histoire du nationalisme algerien, 2ème‬‬
‫‪edition, t.1‬‬ ‫‪, E.N.A.L, alger 1993, pp 481 à 488.‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺍﻟﺘﻤﻌﻦ ﰲ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ‪ ،19‬ﻓﺈﻥ ﺃﻭﻝ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺪﻳﺮﺓ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻫﻲ ﲪﺪﺍﻥ ﺧﻮﺟﺔ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ،‬ﺃﻧﻪ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺣﺎﻭﻝ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺟﺎﻋﻼ ﻣﻦ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺼﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﰒ ﻳﺄﰐ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺒﻪ ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺗﺮﺃﺳﻪ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻀﺮ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻠﺢ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪﻡ‬
‫ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﲔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ "ﻭﻟﺴﻦ" ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺍﻹﺣﺘﺠﺎﺝ ﺍﻟﺸﻬﲑﺓ)‪ ،(1‬ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﰲ ﺣﺪ‬
‫ﺫﺍﻬﺗﺎ ﺟﺮﺃﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ ﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﻌﺐ ﺃﻋﺰﻝ ﻫﻀﻤﺖ ﺣﻘﻮﻗﻪ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺣﺎﻥ ﻹﺭﺟﺎﻉ ﺍﳊﻘﻮﻕ‬
‫ﻷﺻﺤﺎ‪‬ﺎ‪ ,‬ﻟﻘﺪ ﺑﻘﻴﺖ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﻘﻀﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺑﻈﻬﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﻨﺠﻢ)‪ ،(2‬ﲡﺪﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻟﻌﺐ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ ﺩﻭﺭﺍ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺮﻭﻛﺴﻞ ﰲ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ﺑﺪﻋﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﳌﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻺﺿﻄﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ)‪ ،(3‬ﻭ ﻗﺪ ﲤﺜﻠﺖ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ ﻟﻠﻤﺆﲤﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺃ‪ -‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪.‬‬
‫ﺏ‪ -‬ﺟﻼﺀ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺝ‪ -‬ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻭﺗﺄﺳﻴﺲ ﺟﻴﺶ ﻭﻃﲏ‪.‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ ﻫﻮ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺑﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ﻃﻤﺲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﻭﺳﺎﺋﻠﻬﺎ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﺍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺭﺩ ﺍﻟﺼﺎﻉ ﺻﺎﻋﲔ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻬﺎ)‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪1- CLAUDE COLLOT et JEAN ROBERT HENRY: Le Mouvement‬‬
‫‪national algerien, 1912-1954, 2ème edition, O.P.U, alger‬‬
‫‪1981, pp 25 à 29.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﳒﻢ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺎ ﳏﻀﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻧﻌﻘﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺒﻠﺠﻴﻜﻴﺔ ﺑﺮﻭﻛﺴﻞ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 10‬ﺇﱃ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1927‬ﻭ ﻗﺪ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺼﺎﱄ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﺍﳊﺎﺝ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺧﲑ ﺍﷲ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻘﺼﺪ ﻫﻨﺎ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻓﻴﻮﻟﻴﺖ ﻋﺎﻡ ‪ ،1933‬ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺢ ﺍﳉﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻫﻢ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫‪:MOHAMED GUENNANECHE et MAHFOUD KADDACHE:‬ﰲ ﺫﻟﻚ‬
‫‪Le parti du peuple algérien, O.P.U, alger, p54.‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺭﺃﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺎ ﻭ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻨﺘﻬﺞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭ ﻇﺮﻭﻓﻬﺎ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺇﻓﺸﺎﻝ ﺃﻳﺔ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﻬﺗﺰ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬
‫ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺗﲔ ﺇﺛﻨﺘﲔ ﺗﺘﻤﺜﻼﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻲ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺟﻠﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺸﱴ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﲝﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻭ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪ ،‬ﰲ ﺧﻀﻢ ﺣﺮﺏ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﺃﺗﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻭ ﺍﻟﻴﺎﺑﺲ ﺣﻴﺚ ﻭﻋﺪﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻛﻐﲑﻩ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻪ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ‪ ،‬ﻭ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ‬
‫ﳏﻨﻪ)‪ ،(1‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻬﺗﺪﻑ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻬﺗﺪﺋﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﳒﺎﺡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺪ ﺍﻹﺟﺒﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﲤﺜﻠﺖ ﰲ ﺇﻧﺘﻬﺎﺝ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺿﻄﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻮﺣﺸﻲ ﺿﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺣﻞ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﺜﻞ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ ﺃﻻ ﻭ ﻫﻮ‬
‫ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﺎﻡ ‪ ،(2)1939‬ﻭ ﱂ ﺗﻜﺘﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪ ﺑﻞ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻌﺘﻘﻞ ﺃﺑﺮﺯ ﻭﺟﻮﻩ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﲡﺎﻩ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ)‪ ،(3‬ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﺍﳉﱪﻳﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺣﱴ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﰲ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﱂ ﻳﺴﻠﻢ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ‬
‫ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮﺽ ﺃﻋﻀﺎﺅﻩ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﳌﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪1- SARRASIN (Paul-emil); La crise algerienne, Paris 1949, p.76.‬‬
‫‪ -2‬ﺑﻌﺪ ﺇﻋﺘﻘﺎﻝ ﺯﻋﻴﻢ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ ﰲ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1939‬ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻗﺮﺍﺭﺍ ﲝﻞ ﺍﳊﺰﺏ ﻭ ﻣﻨﻊ ﺟﺮﻳﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ .1939‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪:‬‬
‫‪- NOUSHI (Andrés): La naissance du nationalisme algérien.‬‬
‫‪ -3‬ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺮﺽ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﻝ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﻛﺎﻥ ﺁﺧﺮﻫﺎ ﻣﻊ ﺑﻮﻣﺪﻳﻦ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻭ ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻮﺟﺮﻳﺪﺓ ﻭ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ ﻭ‬
‫ﺯﻛﺮﻳﺎ ﻣﻔﺪﻱ ﻭ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺍﳌﻜﻲ ﻭ ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﱯ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﻭ ﻋﻼﻭﺓ ﺑﻮﻣﻌﺰﺓ ﻭ ﻗﺪﻭﺭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﻭ ﳏﻤﺪ ﻓﻠﻴﺔ ﻭ ﳏﻤﺪ ﻣﻴﻤﺸﺎﻭﻱ ﻭ ﻏﲑﻫﻢ‪،‬‬
‫ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺳﻌﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ‪ 1945-1930‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.176‬‬

‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﻌﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻱ ﻧﺸﺎﻁ )‪ ,(1‬ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﺩﻓﻌﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺴﺎﻳﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺑﲔ ﺍﳊﺮﺑﲔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺘﲔ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﻑ‬
‫ﺇﱃ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻓﻌﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﻴﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭ ﺇﺳﺘﻐﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻟﻌﺮﺿﻬﺎ‪ ،‬ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ﻭ ﺩﻭﻟﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺃﺣﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻐﻠﺖ ﻓﺮﺻﺔ‬
‫ﻧﺰﻭﻝ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﲟﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺇﱃ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ‪ 12‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1943‬ﺇﺑﺎﻥ ﻓﺘﺮﺓ ﺣﻜﻢ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳊﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻭﺍﺟﻬﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ)‪ ،(2‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﺇﺻﺮﺍﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﳌﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﺃﻗﻮﻯ ﻭ ﺃﺻﻠﺐ ﻣﻦ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﺗﻪ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺫﻛﺮﻯ ﺃﻭﻝ ﻣﺎﻱ ‪ ،1945‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﲟﻈﺎﻫﺮﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻋﺎﺭﻣﺔ‪ ،‬ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(3‬‬

‫ﻭ ﲝﻠﻮﻝ ‪ 8‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1945‬ﻭ ﻫﻮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺇﺣﺘﻔﺎﻝ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺑﺎﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺗﻈﺎﻫﺮ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻛﻐﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﻢ ﺩﻓﻌﻮﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﻦ ﻏﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ )‪ ،(4‬ﻭ ﺭﺃﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻓﺮﺿﺖ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﺍﳉﱪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻋﻴﻢ‬
‫ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﺑﺎﺩﻳﺲ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﻓﺎﺗﻪ‬
‫ﰲ ‪ 16‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1940‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ‪ ,‬ﺍﳋﻄﻴﺐ‪ :‬ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.142‬‬
‫‪2- KADDACHE et SARI; Op.cit, pp.80-81.‬‬
‫‪ -3‬ﺷﺎﺭﻝ ﺭﻭﺑﲑ ﺁﺟﺮﻭﻥ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﺼﻔﻮﺭ‪ ،‬ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ‬
‫ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1986‬ﺹ‪.150‬‬
‫‪ -4‬ﲨﺎﻝ ﻗﻨﺎﻥ‪ :‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻭ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1994‬ﺹ‪.203‬‬

‫ﺑﻘﻀﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﺎﻫﻠﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﺮﺽ ﲟﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻮﻟﺖ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺇﱃ ﳎﺎﺯﺭ‬
‫ﺭﻫﻴﺒﺔ ﰲ ﺣﻖ ﺷﻌﺐ ﺃﻋﺰﻝ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺃﻥ ﺫﻫﺐ ﺿﺤﻴﺔ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ﲬﺴﺔ ﻭ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﺃﻟﻒ ﻣﻮﺍﻃﻦ)‪.(1‬‬
‫ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺭﺃﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﳍﺎ ﺗﺪﺍﺭﻙ ﺍﳌﻮﻗﻒ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﻃﻼﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻷﻥ ﻋﻤﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻫﺬﺍ‪ ،‬ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺩﻏﺪﻏﺔ ﻣﺸﺎﺭﻉ ﺷﻌﻮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﱂ ﺗﺮﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻟﺬﺍ‬
‫ﺭﺍﺣﺖ ﲤﻬﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺮﺣﻠﻴﺎ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﳍﺪﻭﺀ ﻭ ﺇﺳﺘﺘﺒﺎﺏ ﺍﻷﻣﻦ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ )‪.(2‬‬
‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻨﺎﺩﻱ ﺑﺎﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺴﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ )‪ ،(3‬ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺭﻓﻀﺖ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‪،‬‬
‫ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺄﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﺰﺏ ﺇﱃ ﺗﻐﻴﲑ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﳊﺰﺏ ﳏﻞ ﻭ ﻻﳛﻖ ﻟﻪ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ‪،‬‬
‫ﺇﲰﻪ ﻣﻦ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ )‪.(4(M.T.L.D.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﻟﻘﺪ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﲨﺎﻝ ﻗﻨﺎﻥ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺑﲔ ﻣﺎﺫﻛﺮﺗﻪ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﻣﺎﺃﻋﻠﻨﺘﻪ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﳎﺎﺯﺭ ‪ 8‬ﻣﺎﻱ‬
‫‪ ،1945‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻗﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.205‬‬
‫‪ -2‬ﳑﺎ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻫﻮ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ‪ ،1945-1930‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ‪ ،236-235 .‬ﻭ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ‪: SARRASIN; Op.cit, pp 128 à 130.‬‬
‫‪ -3‬ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺗﻠﻘﻰ ﺯﻋﻴﻢ ﺣﺰﺏ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﻋﺰﺍﻡ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﳉﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺎ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺝ‪ ،3‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1986‬ﺹ ﺹ ‪.226-225‬‬
‫‪ -4‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﺣﻠﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻠﺤﺮﻳﺎﺕ ﻋﺎﻡ ‪ ،1946‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫‪KADDACHE et SARI; Op.cit, pp 96-97.‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻛﺎﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻭ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻹﻧﻘﺴﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﺑﲔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﺰﺏ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺣﺎﺯﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻊ ﻭ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺻﻮﺗﺎ ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻉ ﲬﺴﺔ ﻭ ﲬﺴﲔ ﺻﻮﺗﺎ‬
‫ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻯ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﺿﻊ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﻗﺎﻋﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﲡﺴﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻀﺎﱄ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺣﻴﺚ ﻗﺴﻤﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺇﺣﺪﻯ ﻋﺸﺮ‬
‫ﻭﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺛﻼﺛﺔ ﻭ ﺛﻼﺛﲔ ﺩﺍﺋﺮﺓ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻓﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ )‪ ،(2‬ﺍﻟﱵ ﺃﻟﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺪﻻﻉ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ﻗﺼﺪ ﲢﺴﻴﺲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﳉﺎﻥ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ‪ ،‬ﺃﳘﻬﺎ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﲡﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻧﻄﻠﻘﺖ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﲤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﻌﺪﺓ ﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻭ ﲰﺤﺖ ﳍﺎ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ )‪.(3‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ‬
‫ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺎ ﻭ ﻋﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺭﻓﻊ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻟﻜﻞ ﺃﺣﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪1- KADDACHE et SARI: Op.cit, p.97‬‬
‫ﻓﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲪﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺃﻛﱪ ﻋﺪﺩ ﳑﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﻭﺍﻟﺒﺠﺎﻭﻱ ﻭﳏﻤﺪ ﺑﻮﺩﺍﻭﺩ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ ‪:‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.404-403‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺃﳘﻬﺎ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﻌﻘﺪ ﰲ ﻟﻨﺪﻥ ﻳﻮﻣﻲ ‪ 12‬ﻭ ‪ 13‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1949‬ﲢﺖ ﺷﻌﺎﺭ "ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺿﺪ ﺍﻹﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ" ﻭ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﻗﺪﻣﺖ ﻓﻴﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﻻﺋﺤﺔ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ ،‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.29-28‬‬
‫‪ -4‬ﻭﺟﺪﺕ ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻗﻮﺓ ﺿﺎﺭﺑﺔ‪ ،‬ﺑﺈﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﲟﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻷﻣﺔ ﻭ ﺻﻮﺕ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺮﺓ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ‪ :‬ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬
‫ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1985‬ﺹ ﺹ ‪.45-44‬‬

‫ﻟﺬﺍ ﻧﺸﻄﺖ ﺍﻷﻗﻼﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺘﲔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﱵ ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳉﺰﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺃﻛﱪ ﲝﺠﻢ ﻛﱪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﺩﺕ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﻧﻈﺮﻬﺗﺎ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ‪،‬‬
‫ﻓﺈﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﺭﺗﻔﺎﻋﺎ ﻣﻠﺤﻮﻇﺎ ﰲ ﻧﺴﺒﺔ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻠﺖ ﻣﺎﺑﲔ ﻋﺎﻣﻲ ‪ 1947‬ﻭ‬
‫‪ 1948‬ﺇﱃ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﻭ ﻧﺼﻒ ﻧﺴﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺭﺏ ﻓﻴﻪ ﻋﺪﺩ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﺍﳌﻠﻴﻮﻥ ﻧﺴﻤﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻌﻼ ﺗﺘﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﻋﺪﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻟﺪﻯ ﻣﻌﻤﺮﻳﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎﻳﻬﺪﺩ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﳜﺪﻡ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﲤﺎﻣﺎ‪ ،‬ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﲣﺸﻰ ﺷﻴﺌﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻹﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬
‫ﺃ‪ -‬ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺍﻓﻖ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﰲ ﻳﺪ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺏ‪ -‬ﺍﻹﺑﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﺰﺭﻳﺔ ﻭ ﺗﺼﺨﲑﻩ ﻟﻸﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ‪.‬‬
‫ﺝ‪ -‬ﻻ ﳛﻖ ﻷﻱ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﻥ ﻳﺮﻗﻰ ﺇﱃ ﻣﺼﺎﻑ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﰲ ﻏﻤﺘﻼﻙ ﺍﳌﺼﺎﻧﻊ‪.‬‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺇﻧﻌﻜﺴﺖ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﺃﺩﺕ ﺇﱃ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﻌﻜﺴﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻹﳚﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻣﻌﻤﺮﻳﻬﺎ)‪ ،(2‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩ‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪1-‬‬ ‫‪AHMED‬‬ ‫‪MAHSAS: Le Mouvement‬‬ ‫‪Revolutionnaire en‬‬
‫‪algerie, edition Harmattan. Paris 1979, p260.‬‬
‫‪ -2‬ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻫﻲ ﺇﺭﺗﻔﺎﻉ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪﺕ ﺳﻨﺔ ‪ 1948‬ﻣﺜﻼ‪ ،‬ﻧﺴﺒﺔ‬
‫‪ 80‬ﺃﻟﻒ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﺎﻃﻞ‪ ،‬ﻟﲑﺗﻔﻊ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1949‬ﺇﱃ ‪ 100‬ﺃﻟﻒ ﻧﺴﻤﺔ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳉﺰﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﲣﺪﻡ ﺍﳌﻌﻤﺮ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﻋﺎﻣﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻌﺚ‪ ،‬ﻁ‪ ،1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1984‬ﺹ‪.31‬‬

‫ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﱂ ﺗﻨﺞ ﻣﻦ ﺳﻴﻄﺮﻬﺗﻢ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺃﻥ ﻧﺴﺒﺔ ‪% 78‬ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ‬
‫ﺍﳌﻌﺎﺷﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳋﻤﺎﺳﺔ ﳊﺴﺎﺏ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ )‪ ,(1‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺒﻠﺖ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻘﺮ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ‪ ،‬ﻭ ﺃﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﺳﺘﻐﻼﻝ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺑﻜﻞ ﺟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻭ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﳚﲏ ﲦﺎﺭﻩ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺻﻮﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﲣﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﲣﺪﻣﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﲣﺪﻡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻟﺬﺍ‬
‫ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺑﻌﺾ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪﺓ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻣﻴﺰﺕ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﳌﺘﻀﻤﻨﺔ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺩﻕ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪ ،(2‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﻟﲑﺑﻂ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻳﻜﺮﺱ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻟﻘﻠﺔ‬
‫ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﺣﱴ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳋﻤﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻧﻈﺎﻡ ﺟﺰﺭﻱ ﻃﺒﻘﻪ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﳊﺴﺎ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺇﻬﻧﺎﻙ ﻛﺎﻫﻞ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺇﻧﺘﺸﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﰲ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭ ﺑﻘﻲ ﺇﱃ ﻋﻬﺪ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﲤﺖ ﺍﳌﺼﺎﺩﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﰲ ‪ 20‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1947‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺁﺟﺮﻭﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ﺹ ﺹ ‪ ،154-153‬ﻭ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪ 40‬ﺇﱃ ‪.45‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﳎﻠﺲ‬
‫ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﻀﻢ ‪ 120‬ﻋﻀﻮﺍ‪ ،‬ﻣﺪﺓ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺳﺖ ﺳﻨﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻋﻄﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﻭ ﺇﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻟﻠﻤﻌﻤﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﺴﺎﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪- AGERON (CH-R); Les origines de la guerre d'Algérie,‬‬
‫‪edition Fayard, Paris 1962, p271.‬‬

‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺳﻠﺒﻴﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﺟﺎﺀ ﻗﻮﻳﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﻧﺘﻘﺪ ﺃﻋﻀﺎﺀ‬
‫ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ‪ ،‬ﻭ ﻃﺎﻟﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ )‪ ،(1‬ﺍﻟﱵ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻭ ﲢﻘﻴﻖ‬
‫ﺍﻟﻔﻮﺯ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻊ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ‬
‫ﺿﺪ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪ ،‬ﻭ ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺇﱃ ﺗﻌﻴﲔ ﺣﺎﻛﻢ ﻋﺎﻡ ﻫﻮ ﻧﺎﺟﻼﻥ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺭﺍﺡ ﻳﺰﻭﺭ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺀ ﻭﺟﻪ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪ ,(2‬ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺗﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻭ ﺍﻷﻛﻴﺪ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺼﻒ ﻭ‬
‫ﱂ ﺍﻟﺸﻤﻞ ﺣﱴ ﻳﺘﺴﲎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﺇﱃ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﲨﻌﻴﺔ ﺗﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﳏﻀﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺿﻐﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻻ ﲣﺪﻣﻬﺎ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻥ‬
‫ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﺮﻗﻠﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﻃﺎﻟﺒﺔ ﻭﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ‪ ،‬ﻋﺎﺭﺿﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻀﻮﺍ ﰲ ﺣﻠﻒ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻭ ﺃﻥ ﺗﻨﺤﺎﺯ ﻟﻪ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻬﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺣﺮﺑﺎ ﺑﺎﺭﺩﺓ ﺑﲔ ﻣﻌﺴﻜﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺍﻟﻐﺮﰊ ﲢﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﲢﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﺣﻠﻒ ﻭﺍﺭﺳﻮ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ﴰﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ‪ ،‬ﰲ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‪ :‬ﺇﻧﺘﺨﺎﺏ ﳎﻠﺲ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺗﺄﺳﻴﺴﻲ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﰲ ﺇﲣﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳌﺼﲑﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪- KADDACHE (M); Histoire du nationalisme algerien 1919-1951.‬‬
‫‪edition S.N.E.D., t.2, alger 1980, p.787.‬‬
‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻧﺎﺟﻼﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1948‬ﺍﻟﱵ ﻛﺸﻔﺖ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﲟﻠﻰﺀ ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ‬
‫ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺴﻌﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻹﻗﺘﺮﺍﻉ ﺑﺄﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﺼﺎﱀ ﻣﺆﻳﺪﻱ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﰎ ﺇﻋﺘﻘﺎﻝ ﻋﻀﻮﻳﻦ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺮﺷﺤﻲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺎﺯﻭﺍ ﰲ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪:‬‬
‫‪- Ben KHEDDA (Y): Les origines du 1er Novembre 1954.‬‬
‫‪edition Dahleb, alger, S.D., p.139.‬‬
‫‪ -3‬ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.11-10‬‬
‫‪ -4‬ﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲢﺖ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﻋﻀﻮﺍ ﻓﺎﻋﻼ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻓﺮﺿﻮﺍ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﺮﻑ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﻷﻥ ﻫﺪﻓﻬﻢ ﻫﻮ ﺇﺳﺘﻐﻼﻝ ﻛﻞ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻘﻀﻴﺘﻬﻢ ﻭ ﻛﺴﺐ ﻣﺆﻳﺪﻳﻦ ﳍﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺇﲡﺎﻫﻬﻢ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲝﻜﻢ ﻧﻀﺎﳍﺎ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻋﻀﻮﺍ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﰲ‬
‫ﳉﻨﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻛﺪﺕ ﺃﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﺇﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭ ﺇﻟﺰﺍﻣﻲ‪ ،‬ﻷﻬﻧﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﺮﻯ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﺳﺒﻖ ﻣﻦ‬
‫ﺃﻱ ﻫﺪﻑ ﺃﻭ ﻣﻄﻠﺐ ﺁﺧﺮ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻣﻬﻴﺌﺔ ﻟﺘﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ‬
‫ﺍﻟﺪﺅﻭﺏ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺟﻨﺎﺣﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ‪ ،‬ﻭ ﺭﻏﻢ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻹﺟﻬﺎﺽ ﻛﻞ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺇﺻﺮﺍﺭ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ‪ ،‬ﺟﻌﻠﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻌﻴﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻌﻴﺪ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺗﺸﺒﺜﻬﻢ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻘﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ‬
‫ﺯﻋﻴﻢ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﲟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ‪ 02‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪1948‬‬
‫ﺑﺎﺳﻢ ﳉﻨﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻃﺎﻟﺒﻬﺎ ﺑﻮﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻠﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻣﺆﻛﺪﺍ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻮﺣﻴﺪﻩ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻋﻄﻰ ﻋﻼﺟﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﲤﺜﻞ ﰲ ﺇﻟﻐﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ‬
‫ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﺿﻤﻨﻴﺎ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺜﻼﺙ‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺇﻏﺘﻨﻢ ﺍﳊﺎﺝ ﻣﺼﺎﱄ ﻓﺮﺻﺔ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺆﲤﺮ ﻟﻨﺪﻥ ﺿﺪ ﺍﻹﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﻘﺪﻡ‬
‫ﻟﻠﻤﺆﲤﺮﻳﻦ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺇﺣﺘﺠﺎﺝ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺭﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻬﻧﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﳌﺆﲤﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ ﺍﳉﺪﻱ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺫﺍﺕ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺗﺄﺳﺴﺖ ﳉﻨﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1947‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳑﺜﻠﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺇﺑﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.57-56‬‬
‫‪- 2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.56‬‬
‫‪ -3‬ﺇﻧﻌﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﻟﻨﺪﻥ ﺿﺪ ﺍﻹﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 12‬ﻭ ‪ 13‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1949‬ﻭ ﻗﺪ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﺎﺝ‬
‫ﻣﺼﺎﱄ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.28‬‬

‫ﱂ ﻬﺗﻀﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﻞ ﺭﺍﺣﺖ ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ ﺗﺮﻓﺾ ﺑﺸﺪﺓ ﻛﻞ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻭ ﻓﻜﺮﺓ‬
‫ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﲡﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ "ﳑﺘﻨﻌﺔ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺇﻟﺘﺰﻣﺖ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺗﻘﺪﳝﻬﺎ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌﻤﺮﻭﻬﻧﺎ‪ ،(1)"..‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺳﺒﻖ ﳍﺎ ﻭ ﺃﻥ ﻧﺎﻗﺸﺖ ﻭ ﳌﺮﺍﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1949‬ﻗﺮﺭﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺖ ﺃﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﰲ ﺗﻌﺪﺍﺩ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﻤﻠﻬﺎ ﺇﻟﺘﺰﺍﻣﻬﻢ ﺑﺈﺑﻼﻍ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﺒﻌﲔ ﻣﻦ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺍﺭﻱ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺭﻗﻢ ‪ 66‬ﻭ ‪ 334‬ﺃﻣﺮ ﳏﺘﻮﻡ ﻭ ﻗﺎﻧﻮﱐ)‪.2‬‬
‫ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﰲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺣﻘﻴﻘﺔ "ﻟﻴﺴﺖ‬
‫ﳏﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻻ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻳﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻷﻬﻧﺎ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺣﺪﺩﻫﺎ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻣﺘﺪﺍﺩﺍ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻷﻬﻧﺎ ﻻ ﺗﻌﺘﱪ ﻋﻤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺎﻻﺕ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ‬
‫‪ ،Outre-mer‬ﻭ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﱵ ﲢﻜﻢ ‪‬ﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺎ ﻭ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺎ ﻭ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺎ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﻧﲔ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﻓﻬﻲ ﺑﻼﺩ ﳏﺘﻠﺔ ﱂ ﲢﺼﻞ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﰐ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺇﺧﺘﺼﺎﺹ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﺍﳊﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ )‪ (11‬ﻭ ﺍﳌﺎﺩﺓ ‪ 73‬ﻣﻨﻪ‪.(3)"..‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻴﺰﺕ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﻓﻌﺖ ﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ‪ ،‬ﲝﺬﺭ ﺷﺪﻳﺪ ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ‬
‫ﻧﺎﺟﻼﻥ ﺇﺑﺎﻥ ﻓﺘﺮﺓ ﺣﻜﻤﻪ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺗﺰﻭﻳﺮ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻭ ﳏﺎﻭﻟﺘﻪ ﺗﺸﺘﻴﺖ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻓﻮﺯﻳﺔ ﺑﻮﺳﺒﺎﻙ‪ " ,‬ﺍ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ‪ ،‬ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،1‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪1415 ،‬ﻫـ‪1994/‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.137‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.136‬‬

‫ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺟﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﻟﻴﻮﻧﺎﺭﺩ ﺭﻭﺟﻲ"‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺮﻑ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‬
‫ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻣﻲ ﺇﱃ ﲡﺪﻳﺪ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 17‬ﺟﻮﺍﻥ ﻋﺎﻡ ‪ ،1951‬ﻭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺣﺬﺍ ﺣﺬﻭ ﺳﺎﻟﻔﻪ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺪ ﺱ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﻣﺮﺷﺤﻲ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﻋﻤﻼﺋﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻋﺪﺩ ﻣﺮﺷﺤﻲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻞﺀ ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﻹﻗﺘﺮﺍﻉ ﺑﺎﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ‬
‫ﳌﺮﺷﺤﻲ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺴﺒﻘﺎ)‪ ،(1‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺧﻄﻂ ﳍﺎ "ﺭﻭﺟﻲ‬
‫ﻟﻴﻮﻧﺎﺭﺩ" ﺣﻴﺚ ﻓﺎﺯ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﺷﺤﻮﺍ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(2‬‬
‫ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳌﺘﺰﺍﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﺸﻴﻄﲔ ﻭ ﻣﻀﺎﻳﻘﺘﻬﻢ ﻭ ﺇﻋﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺪﺃﺕ‬
‫ﺑﻮﺍﺩﺭ ﺗﺼﺪﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﻋﺎﻡ ‪ ،1953‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺇﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ )‪ (.O.S‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻹﻟﺘﻔﺎﻑ ﺣﻮﻝ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﺎﺕ)‪ ,(3‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪ ،‬ﻣﺎﻟﺒﺚ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫‪(4)،‬ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻟﺖ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺗﻔﺠﲑ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ 1954‬ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺗﻨﻔﻴﺬﺍ ﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‬
‫‪ 1954‬ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻏﲑ‬
‫ﳎﺪﻱ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺛﺒﺖ ﻓﺸﻠﻪ ﰲ ﻇﻞ ﺇﻋﺘﻤﺎﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻕ ﺗﺴﺪ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ﻛﺘﺒﺖ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻨﺎﺭ ﺗﻘﻮﻝ‪" :‬ﺇﻬﻧﺎ ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﻣﺘﻜﺮﺭﺓ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻛﺄﳕﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺘﻘﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ‪ ،‬ﺃﻥ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻋﻦ ﺳﻮﺀ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﻮﻻﺓ ﻭ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻣﻨﺸﺄ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﻟﻴﺲ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ‪ ،‬ﻭ ﺇﳕﺎ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺫﺍﺗﻪ‪".‬‬
‫‪ -2‬ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﺰﻭﻳﺮ ﻭ ﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻓﻘﺪﺕ ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻣﻘﺎﻋﺪﻫﺎ ﺍﳋﻤﺴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﺻﺒﺢ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺮﺷﺤﻲ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ‪..‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.55‬‬
‫ﰎ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻘﺪﺗﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﰲ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1947‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﻡ ﻳﻮﻣﲔ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﺑﻮﺯﺭﻳﻌﺔ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻘﺪ ﺟﺮﻯ ﰲ ﺑﻠﻜﻮﺭ ﻭ ﺿﻢ ﺣﻮﺍﱄ ‪ 60‬ﺇﻃﺎﺭﺍ‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﻫﻮ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺴﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻳﻘﻮﻡ‪ .‬ﻗﺎﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻀﲑ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺗﻔﺠﲑﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪:‬‬
‫‪- HARBI (M.); Le FLN, Mirages et réalité, des origines à la prise‬‬
‫‪du pouvoir (1945-1962). édition J-A- S-T-D., 1985, pp.35-40.‬‬
‫ﺗﺄﺳﺴﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ‪ CRUA‬ﰲ ‪ 23‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ ،1954‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‬ ‫‪-4‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪COURRIERE (Yves); Les fils de la Toussaint. édition‬‬
‫‪Fayard, Paris, 1968, p.92.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻔﺠﲑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﻭ ﻣﻮﺕ‪ ،‬ﻣﺒﻨﻴﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﳏﻜﻤﺔ ﺳﻄﺮﻫﺎ ﺳﻠﻔﺎ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﻜﻨﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﲡﻨﺐ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﰲ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﺳﺘﻐﻼﳍﺎ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﰲ ﺍﳌﻬﺪ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﺭﺃﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻧﻄﻼﻗﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺸﻞ ﺍﻟﻌﺪﻭ)‪ ،(1‬ﻭ ﻓﻌﻼ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮﺭﺓ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺟﺴﺪﺕ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭ ﺇﻧﺘﻤﺎﺋﻪ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.(2)1954‬‬
‫ﺇﻥ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﺸﻠﺖ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺒﺨﺮﺕ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﲟﺠﺮﺩ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺼﺮﳛﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍ ﻣﻴﺘﲑﺍﻥ" ﻭ ﻻ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﻏﻲ ﻣﻮﱄ" ﻭ ﻻ ﺣﱴ "ﺩﻳﻐﻮﻝ" ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺑﻘﻴﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻌﺮ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ‬
‫ﺃﻬﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﺛﻮﺭﺓ ﺇﻋﺘﻨﻘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺍﻩ‪ .‬ﺭﺃﻯ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﱵ ﺇﻛﺘﺴﺤﺖ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻭ ﺿﺮﺑﺖ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ‬
‫ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﺟﻴﺸﺎ ﻧﻈﺎﻣﻴﺎ ﻧﺎﺯﻝ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﺿﺎﺭﻳﺔ ﻭ ﻭﻗﻒ ﳍﺎ‬
‫ﺍﻟﻨﺪ ﻟﻠﻨﺪ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻖ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺳﺘﻌﻤﻠﺘﻪ ﻭ ﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺗﻘﺰﱘ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﺸﱴ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ)‪.(3‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ‪" :‬ﺍﻹﻧﻄﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻟﺜﻮﺭﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،1‬ﺹ‪.22‬‬

‫‪ -2‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ) ‪.(1‬‬
‫‪ -3‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﻤﺲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺻﺪﻯ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ‬
‫ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻗﺴﻨﻄﻴﺔ‪,‬ﻭﺻﺪﻯ ﻭﻫﺮﺍﻥ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻥ ﳌﻴﻼﺩ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺩﻓﻊ ﻗﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﺮﺩ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﱂ ﺍﻟﺸﻤﻞ ﻭ ﲨﻊ‬
‫ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻓﺘﺢ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ)‪ ،(1‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﲰﺢ ﳍﺎ ﻣﻦ ﲣﻄﻲ ﻋﻘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﳊﺰﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻃﺎﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﻣﻞ ﲤﺰﻕ ﺇﺳﺘﻐﻠﺘﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩﺓ "ﻓﺮﻕ ﺗﺴﺪ‪".‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻭ ﺍﻷﲰﻰ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ‬
‫ﲢﻘﻴﻘﻪ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﲢﻤﻴﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻪ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺻﺪﺭ ﺃﻭﻝ ﺑﻴﺎﻥ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻳﺪﻋﻮ ﻛﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫ﲪﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺇﱃ ﺍﻹﻟﺘﺤﺎﻕ ﺑﺼﻔﻮﻑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ)‪ ،(2‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳌﻐﺘﺼﺐ‪.‬‬
‫ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻻﺑﺪ‬
‫ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﻥ ﺗﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﻘﻮﺓ ﻭ ﺷﺮﺍﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺃﻭﱃ ﳏﺎﻭﻻﻬﺗﺎ ﺍﻟﻔﺎﺷﻠﺔ‬
‫ﻫﻲ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻨﺬ ﺇﻧﺪﻻﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻬﻧﺎ ﻋﺼﻴﺎﻥ ﻣﺪﱐ ﻣﺴﻠﺢ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺼﻮﺹ ﻭ ﻗﻄﺎﻉ ﻃﺮﻕ‪،‬‬
‫ﻭ ﺃﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﱴ ﺷﺎﺀﺕ ﻭ ﺧﻼﻝ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ)‪.(3‬‬
‫ﺇﻥ ﺷﻌﻮﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﲞﻄﻮﺭﺓ ﺍﳌﻮﻗﻒ‪ ،‬ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻮﻋﻮﺩﻫﺎ‬
‫ﺍﳌﻌﺴﻮﻟﺔ ﺣﻮﻝ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺻﺮﺡ ﺑﻪ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻧﺎﺻﻴﻒ‪ :‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ‪،‬‬
‫ﺩﻣﺸﻖ ‪ ،1985‬ﺝ‪ ،1‬ﺹ‪.‬ﺹ‪.203-202‬‬
‫‪ -2‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ )‪, (2‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪, 2‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪15‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‪, 56‬ﺹ‪. 11‬‬
‫‪ -3‬ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﻭﺟﻲ ﻟﻴﻮﻧﺎﺭﺩﺍﻟﻮﺍﱄ ﺍﻟﻌﺎﻡ‪ ,‬ﳑﺜﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺎﻧﺪﻳﺲ ﻓﺮﺍﻧﺲ ﰲ ﺑﻼﻏﻪ ﺍﳌﻨﺸﻮﺭ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺻﺪىﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 2‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﻳﺆﻛﺪ‬
‫ﲤﺎﻣﺎ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ "ﻟﻘﺪ ﺇﲣﺬﺕ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭ ﺳﺘﺘﺨﺬ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﲑ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ‪."..‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﻔﻬﻢ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺈﺻﻼﺣﺎﺕ ﻓﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻣﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻴﻨﻬﻮ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻷﻡ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﲑ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻏﲑ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﲔ‬
‫ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻓﺮﻧﻚ‪ ،‬ﻟﻴﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﻧﻪ ﳏﻞ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ)‪.(1‬‬
‫ﱂ ﺗﻜﺘﻒ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﺮﳛﺎﺕ ﺑﻞ ﺭﺍﺣﺖ ﲤﺎﺭﺱ ﺿﻐﻮﻃﺎﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﻣﻦ ﳝﺜﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺣﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﻟﻠﺒﻴﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)‪،(2‬‬
‫ﻭ ﻣﺎﺭﺳﺖ ﺃﺑﺸﻊ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺘﻴﻞ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻞ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﺇﱃ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪4270‬‬
‫ﺷﺨﺺ)‪ ،(3‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺇﻋﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺯﺝ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ‪ ،‬ﻭ ﱂ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳊﺪ ﺑﻞ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻋﺪﺩ ﻗﻮﺍﻬﺗﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺗﺴﻊ ﻭ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﺃﻟﻒ ﺇﱃ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮ ﻓﱪﺍﻳﺮ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪ ،(4)1956‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺇﻟﺘﺤﺎﻕ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺑﺼﻔﻮﻓﻬﺎ‪ ،‬ﰲ ﻇﻞ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﻣﺰﺭﻳﺔ ﻛﺘﺸﺪﻳﺪ ﺍﳊﺼﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻭ ﻧﻘﺺ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪ .‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‬
‫ﲤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺇﺟﺘﻴﺎﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﺎﻋﺐ ﻭ ﺑﺮﻫﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ‪‬ﺠﻮﻡ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺴﻨﻄﻴﲏ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﰲ ‪20‬‬
‫ﺃﻭﺕ ‪ ،(5)1955‬ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩﻩ ﺃﺣﺪ ﺃﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺯﻳﻐﻮﺩ ﻳﻮﺳﻒ)‪.(6‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ ﻧﺎﻳﺖ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪" :‬ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ"‪ ،‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1981‬ﺹ‬
‫‪.98‬‬
 ‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﺼﺪﻉ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺣﻞ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺇﳔﺮﺍﻁ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﰲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Mohamed HARBI; Op.cit, p.263.‬‬
‫‪ 3‬ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،..‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪. 129-128‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -4‬ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﺷﻬﺮ ﺃﻭﺕ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ‪ ، 1957‬ﻭﺻﻞ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﳓﻮ ‪ 600‬ﺃﻟﻒ ﺟﻨﺪﻱ ﻭ ‪ 150‬ﺃﻟﻒ ﺷﺮﻃﻲ ﻭ‬
‫‪ 195‬ﺃﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﻭ ﺛﻠﺚ ﻃﲑﺍﻬﻧﺎ‪ ،‬ﻭ ﻧﺼﻒ ﺍﳌﺪﻓﻌﻴﺔ‪ ،..‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﲨﺎﻝ ﻗﻨﺎﻥ‪" :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻬﺗﺰ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ"‪،‬‬
‫ﳎﻠﺔ ﻣﻨﱪ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،20‬ﻣﻦ ‪ 1‬ﺇﱃ ‪ 15‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.1990‬‬
‫‪ -5‬ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ "ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ"‪ ،‬ﺍﳌﻘﺪﻡ ﰲ ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﻘﺼﺮ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ‪ 8‬ﺇﱃ ‪ 10‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1984‬ﺹ‪.12‬‬
‫‪ -6‬ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺯﻳﻐﻮﺩ ﺑﺪﻭﺍﺭ ﺍﻟﺼﻮﺍﺩﻕ ﰲ ‪ 18‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1921‬ﻭ ﰲ ‪ 1940‬ﺇﳔﺮﻁ ﰲ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﻬﻲ‬
‫ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ‪ 8‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1945‬ﻛﺎﻥ ﻋﻀﻮﺍ ﰲ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ‪ (O.S.)،‬ﺃﻟﻘﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﺎﻡ ‪ ،1950‬ﻭ ﻓﺮ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ‬
‫ﻋﻨﺎﺑﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1951‬ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺩﻳﺪﻭﺵ ﻣﺮﺍﺩ ﰲ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1955‬ﻭ ﺇﺳﺘﺸﻬﺪ ﰲ ‪ 26‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1956‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﳏﻤﺪ‬
‫ﻋﺒﺎﺱ‪ :‬ﺛﻮﺍﺭ ﻋﻈﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺩﺣﻠﺐ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺹ‪.53‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﳍﺠﻮﻣﺎﺕ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ ‪ 1955‬ﰲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺴﻨﻄﻴﲏ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳌﺴﲑﺓ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﲢﺲ ﺑﻌﻤﻖ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﻗﻮﻬﺗﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﳍﺠﻮﻡ ﰲ ﺣﺪ‬
‫ﺫﺍﺗﻪ ﻣﻬﺪ ﳌﺮﺣﻠﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭ ﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 1956‬ﻭ ‪ ،1958‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺯﺍﺩﺕ ﻣﻦ ﺇﻧﺘﺸﺎﺭ ﺻﺪﻯ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺎ ﻭ ﻛﺴﺮﺕ ﺍﻟﻘﻮﻗﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻀﻌﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺭﺃﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻃﺮﺣﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺧﻄﺖ ﻋﻤﻼﻗﺔ‪ ،‬ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﻌﻘﺪ‬
‫ﰲ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1956‬ﻗﺼﺪ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻭ ﺇﺑﺮﺍﺯﻫﺎ ﻛﻘﻮﺓ ﲢﺮﻳﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ)‪.{1‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺑﺮﻭﺯ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﻤﺤﻮﺭ ﻣﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺘﺸﺒﺜﺔ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺭﺽ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻧﺰﻭﻻ ﻋﻨﺪ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﺸﻠﺖ‬
‫ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ ﰲ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺇﱃ ﺻﻔﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﳏﺎﻭﻻﻬﺗﺎ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺧﻨﻖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﺀﺕ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﺬﺭﻳﻊ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭ ﻣﻨﻈﻤﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺻﻞ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﱃ ﺳﺪﺓ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ‪ 13‬ﻣﺎﻱ ‪،(2)1958‬ﻇﻨﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻬﻧﻢ ﺗﺪﺍﺭﻙ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺑﺎﺩﺭ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﱃ‬
‫ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻷﺭﻳﺎﻑ ﻭ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭ ﺍﳌﺪﺍﺷﺮ ﺑﺸﺪﺓ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺝ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻭ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ﰲ ﺍﳊﻀﻨﺔ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ‪ ،1956‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﳏﻤﺪ ﳊﺴﻦ ﺃﺯﻏﻴﺪﻱ‪ ،‬ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﻭ‬
‫ﺗﻄﻮﺭ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1962-1956‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ‪.1989‬‬
‫‪ -2‬ﻗﻨﺎﻥ‪ :‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻭ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ‪ ،...‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪ 279‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪ :‬ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻞ ‪ .1962-1958‬ﺗﺮﲨﺔ‬
‫ﲰﻮﺣﻲ‪ ،‬ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺃﲪﺪ ﻋﻮﻳﺪﺍﺕ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻋﻮﻳﺪﺍﺕ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،‬ﻁ‪ ،1971 ،1‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.25-22‬‬
‫ﻋﺮﻓﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﺮﺏ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻋﺪﺓ ﳐﻄﻄﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ ﺗﻄﻮﻳﻖ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﺑﺎﻷﺳﻼﻙ ﺍﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﺍﳌﻜﻬﺮﺑﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺃﺧﻄﺮﻫﺎ‪ :‬ﺧﻂ ﺷﺎﻝ ﻭ ﺧﻂ ﻣﻮﺭﻳﺲ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﶈﺮﻣﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﻳﺎﻑ ﻭ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭ ﺇﺭﺳﺎﻝ‬
‫ﺍﳊﻤﻼﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﲔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭ ﻣﻄﺎﻣﺢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ .‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻁ‪،2‬‬
‫ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1983‬ﺹ‪.91‬‬

‫ﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪1959‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔﺍﻷﺧﺮﻯ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﺎﺑﲔ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭ‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ﰲ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1959‬ﰒ‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﺮﳝﺮ ﰲ ﺟﺮﺟﺮﺓ ﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﺮﻭﻣﻴﺴﲔ ﰲ ﺍﳉﻨﻮﺏ ﺍﻟﻮﻫﺮﺍﱐ)‪.(1‬‬
‫ﺇﻥ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﱂ ﺗﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻃﺮﺡ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﻭ ﰲ‬
‫ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﻧﻴﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﱂ ﺗﻘﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺭﻏﻢ ﻭﺣﺸﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ "ﺩﻳﻐﻮﻝ" ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﻭﺭﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻗﺼﺪ ﺳﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳋﺼﻢ ﺍﻟﻌﻨﻴﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ‪ ،(2)1963-1959‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﻑ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀﻩ‬
‫ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺣﺼﺮﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭ ﺍﳉﻮﻉ‪ ،‬ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻞﺀ ﺍﻟﺒﻄﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ‪ ،‬ﳏﺎﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﺇﻓﺮﺍﻍ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﳏﺘﻮﺍﻫﺎ ﺍﳉﻮﻫﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﺃﻻ ﻭ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‪.‬‬
‫ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﻓﺸﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻭﺟﻪ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻧﺪﺍﺀﻩ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﻮﻗﻴﻒ‬
‫ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺳﻼﺣﻬﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻑ "ﺑﺴﻠﻢ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ")‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻼﺕ "ﺃﺿﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﲡﺎﻩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩﺍﻥ ‪118‬ﻭ‬
‫‪ 119‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ -‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1990‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.23-18‬‬
‫‪ -2‬ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﻫﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺧﺺ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﻳﻐﻮﻝ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻟﻴﻮﻓﺮ ﳍﻢ ﻗﺮﺍﺑﺔ ‪ 100‬ﺃﻟﻒ ﻣﻨﺼﺐ ﺷﻐﻞ‪ ،‬ﻭ ﻳﺴﻤﺢ ﳍﻢ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﺑﺈﻣﺘﻼﻙ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‪ ،‬ﻭ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﳎﻤﻌﺎﺕ ﺳﻜﻴﻨﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﺣﻘﻴﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﳌﺼﺎﻧﻊ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪- Le Gouvernement Français, Le plan de Constantine‬‬
‫‪(1959-1963).‬‬
‫‪ -3‬ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ "ﺳﻠﻢ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ" ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺔ ﻭ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ‪ 23‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‬
‫‪ ،1958‬ﻟﻜﻦ ﻋﺮﺿﻪ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﺑﻞ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺁﺟﺮﻭﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.174‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻟﻘﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﱂ ﲟﺸﺮﻭﻉ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻟﺪﻟﻚ ﺭﺍﺡ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻳﻠﻌﺐ ﺃﻭﺭﺍﻗﻪ ﺍﻷﺧﲑﺓ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻬﻧﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻓﻄﺮﺡ ﳏﺎﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﺼﲑ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺳﺒﺘﻤﱪ‬
‫‪.(1)1959‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﻭ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲡﺴﺪ‬
‫ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺇﺳﺘﱰﺍﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪.(2)1958‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺿﺮﺏ ﺃﻫﻢ ﺧﻂ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭ ﻫﻮ ﺧﻂ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻭ ﺫﻟﻚ‬
‫ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1958‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺭﻓﺾ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ‪ 11‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1960‬ﲢﺖ ﺷﻌﺎﺭ "ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﺍﳌﻮﺣﺪﺓ")‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻧﺺ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻺﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻜﻦ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺍﻹﺧﺘﻴﺎﺭ ﺑﲔ‬
‫ﳕﻄﲔ ﺇﺛﻨﲔ ‪،‬ﺇﻣﺎ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﺇﲢﺎﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺇﻣﺎ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺴﻤﺔ ﺇﱃ‬
‫ﻗﺴﻤﲔ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻷﻭﻝ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﻭ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪ :‬ﺁﺟﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.176‬‬
‫‪ -2‬ﺑﻌﺪ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ 1958‬ﰎ ﺗﻌﻴﲔ ﺃﻭﻝ ﺭﺋﻴﺲ‬
‫ﳍﺎ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ‪ ،‬ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻟﻠﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪- HARBI; op.cit, p205.‬‬
‫‪ 3‬ﺑﻮﺿﺮﺳﺎﻳﺔ ﺑﻮﻋﺰﺓ "ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ‪ 11‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،"1960‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ، ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪،106/105‬‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1995‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.26-19‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪ /‬ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪:‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪ ،1945-1939‬ﺣﻴﺚ ﺩﺧﻠﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺑﻘﻮﺓ ﺷﻌﻮﺏ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺧﻠﻬﺎ ﻣﻜﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﲢﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺪ‬
‫ﺍﻹﺟﺒﺎﺭﻱ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﺏ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻘﻤﺔ ﻭ ﻧﻌﻤﺔ ﰲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻧﻘﻤﺔ‬
‫ﻷﻧﻪ ﺯﺝ ‪‬ﻢ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺿﺮﻭﺱ ﻻ ﻬﺗﻤﻬﻢ ﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﻗﺘﻞ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳉﺎﺣﺪﺓ ﻻ ﻏﲑ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﻧﻌﻤﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻮﻥ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺻﺔ ﳍﺆﻻﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻹﻳﺼﺎﻝ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ‬
‫ﻭ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﻧﻔﺴﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻮﻟﺪ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺘﻜﺎﻙ ﺧﻠﻖ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﺬﻣﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﳍﻢ ﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﻮﻑ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻭ ﺭﺃﻭﺍ‬
‫ﺃﻧﻪ ﺣﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﺮﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺜﻤﻦ )‪.(2‬‬
‫ﺇﻧﻪ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺴﺖ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﳋﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻳﺸﻜﻠﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻃﺎﻟﺐ ﻫﺆﻻﺀ ﲝﻘﻮﻗﻬﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‪" ،‬ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﻣﻌﻬﻢ‬
‫ﺑﺄﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﻭ ﺩﻣﺎﺋﻬﻢ ﰲ ﲢﺮﻳﺮ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻷﳌﺎﱐ‪.(3)"...‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﺨﺾ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺨﻮﻑ ﲢﻮﻳﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ‬
‫ﺑﺎﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻣﻨﻮﻳﻠﺚ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ)‪,(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺪ ﺍﻹﺟﺒﺎﺭﻱ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﺎﻡ ‪ ،1912‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪- KADDACHE et SARI; op.cit, p24.‬‬
‫‪2- GUENANECHE(M): Le Mouvement d'Independance en Algérie‬‬
‫‪entre les deux guerres 1919-1939, O.P.U. Alger 1990, p27.‬‬
‫‪ -3‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﻭ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪،1981‬ﺹ‪.346‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭ ﺍﻹﺿﻄﻬﺎﺩ ﺍﻟﱵ ﺃﻧﺘﺠﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳋﻨﻖ ﺻﻮﺕ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻯ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﳌﻼﺋﻤﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺇﺻﺪﺍﺭ‬
‫ﻗﺮﺍﺭ ﺣﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪ ،(1‬ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺇﱃ ﺇﻃﻼﻉ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ ﺇﻧﺰﺍﻝ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﻟﻘﻮﺍﻬﺗﻢ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1942‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺗﻌﺘﱪ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﳋﻠﻔﻴﺔ ﳍﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﺏ)‪ ،(2‬ﻗﺎﻣﺖ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻓﺮﺣﺎﺕ‬
‫ﻋﺒﺎﺱ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﺇﱃ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﰲ ‪ 10‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1943‬ﺃﻛﺪﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ‬
‫ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﲨﻌﻴﺔ ﺗﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺣﻖ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻭ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺭﻓﻀﺖ ﻗﺒﻮﻝ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ)‪ ،(3‬ﻭ ﺃﻗﻨﻌﺖ ﺣﻠﻔﺎﺀﻫﺎ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰ ﻭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﺑﺄﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﲣﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭﺣﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﺸﺒﺚ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﲟﻄﺎﻟﺒﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ﻋﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺩﻓﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ‬
‫ﻣﻬﺎﺩﻧﺘﻬﻢ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺗﻘﺪﱘ ﺧﻄﺔ ﻋﻤﻞ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﺔ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺭﺑﺢ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻤﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬ﻷﻥ‬
‫ﻇﺮﻭﻑ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎﺑﲔ ‪ 1942‬ﻭ ‪ 1943‬ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺻﺎﱀ ﺍﻷﳌﺎﻥ)‪ ،(4‬ﻭ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻛﺴﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﳋﻠﻔﻴﺔ ﳍﻢ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ‪ ،‬ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1939‬ﻭ ﻣﻨﻊ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺑﺘﺤﻔﻆ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻱ ﻧﺸﺎﻁ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺣﻮﻝ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Revue Historia, "Algerie, Histoire et Nostalgie 1830-‬‬
‫‪1987", Numero special année 1987, pp 125-126.‬‬
‫‪3- Pierre MONTAGNON; La Guerre d'Algérie, Paris 1986,‬‬
‫‪chapitre XI, pp 102-103.‬‬
‫‪ -4‬ﺭﻏﻢ ﺇﻋﺘﻤﺎﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﻐﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﺏ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﻢ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻬﻧﺎ‬
‫ﺳﻘﻄﺖ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻀﺎﺭﺑﺔ ﰲ ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1940‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﻭﺟﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺿﻌﻔﻬﺎ‬
‫ﺃﻣﺎﻡ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺳﻌﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.171-170-169‬‬

‫ﻭ ﺟﺎﺀ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺳﺮﻳﻌﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻋﻠﻦ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ‪12‬ﺩﻳﺴﻤﱪ‪1943‬‬
‫ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ)‪ ،(1‬ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺍﻫﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺩﻋﻤﺖ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺑﺈﻋﻼﻬﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺈﺻﻼﺣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺫﺍﺕ ﻃﺎﺑﻊ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﰲ ‪ 7‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪،(2)1944‬‬
‫ﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺃﺳﺲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﲜﺒﻬﺔ ﺃﺣﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)‪ ،(3‬ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻗﻮﺕ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺭﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻏﲑﺓ ﻣﺮﺓ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻐﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺗﻘﻒ ﰲ ﻭﺟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻭﺿﻌﻴﺘﻬﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﺟﺔ ﺟﺪﺍ ﺑﺴﺒﺐ ﺿﻌﻔﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺍﻟﱵ‬
‫ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺇﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺮﺍﺯﺍﻓﻴﻞ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1944‬ﺃﻬﻧﺎ ﻟﻦ ﺗﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﺎﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ)‪.(4‬‬
‫ﺇﻥ ﺑﻮﺍﺩﺭ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺧﻼﻝ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﳊﺮﻛﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺗﺎﺣﺖ ﳍﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ‬
‫ﰲ ﺍﳊﺮﺑﲔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺘﲔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺕ ﻗﺎﺏ ﻗﻮﺳﲔ ﺃﻭ‬
‫ﺃﺩﱏ ﻣﻦ ﺍﻹﻬﻧﻴﺎﺭ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺄﻛﺪ ﻣﺒﺪﺀ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻠﺢ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،...‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.26‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺁﺟﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.149‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪- MEHSAS, op.cit, pp. 171-172.‬‬
‫‪ 4-‬ﻟﻘﺪ ﺇﺳﺘﺒﻌﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺮﺍﺯﺍﻓﻴﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1944‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺩ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻞ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻛﻴﺎﻥ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪- KADDACHE et SARI, op.cit, p83.‬‬
‫‪ -5‬ﻗﺒﻴﻞ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻠﺢ‪ ،‬ﻋﻘﺪﺕ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍ ﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﺆﲤﺮ‬
‫ﻳﺎﻟﻄﺎ ﰲ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1945‬ﺃﻛﺪ ﻓﻴﻪ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻭ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ‬
‫ﺍﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﱵ ﺃﻛﺪﻫﺎ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻠﺢ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ‪-1815‬‬
‫‪ ،1960‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1974‬ﻁ‪ ،1‬ﺹ‪.437‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺑﺎﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻣﻼ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻓﻴﻤﺎ‬
‫ﺑﻴﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻭ ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ)‪ ,(1‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﻭ ﺍﳌﻬﻤﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳋﻼﻑ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻼﻑ ﺇﻧﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ‬
‫ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﺑﻪ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﺩﻋﺖ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﳑﺜﻠﺔ ﰲ ﺣﻠﻒ‬
‫ﻭﺍﺭﺳﻮ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺃﻬﻧﺎ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻭ ﺃﺩﻋﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﳑﺜﻠﺔ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻋﺎﱂ ﺣﺮ‬
‫ﻭ ﺩﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻛﻬﻴﺌﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻬﺗﺘﻢ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﱂ ﺗﺘﻮﺍﻥ ﰲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻧﻈﺮﺍ ﳋﻄﻮﺭﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻟﻌﺎﻡ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺇﻋﻼﻥ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﺢ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻜﻞ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺼﻔﻴﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﺷﺮﻭﻁ ﻣﺴﺒﻘﺔ)‪.(3‬‬
‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺘﻮﺳﻌﻲ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﳊﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﺑﺮﺯﺕ ﻗﻀﻴﺔ ﺇﻳﺮﺍﻥ)‪ ،(4‬ﺍﻟﱵ ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻭ ﺗﺮﻛﺖ ﺇﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﻟﺪﻯ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ‪ ،‬ﺣﺪﺙ ﺑﲔ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ )ﺗﻮﻧﺲ‪-‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪-‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ(‪ ،‬ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺖ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳉﺎﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﳛﻲ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﻜﻌﻜﻲ‪ :‬ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1986‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﺻﺪﺭﺗﻪ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ‪ 14‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪.1950‬‬
‫‪ -4‬ﲤﺜﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﻮﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻔﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ "ﳏﻤﺪ ﻣﺼﺪﻕ"‪ ،‬ﺿﺪ ﺍﻹﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ‬
‫ﻟﻠﺒﺘﺮﻭﻝ ﺍﻹﻳﺮﺍﱐ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ﻭ ﻣﺼﺎﺩﺭﺓ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸﻜﺮﺓ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪-‬‬
‫ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪.1951‬‬

‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻣﺼﺮ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺗﻨﺤﻴﺔ ﺍﳌﻠﻚ‬
‫"ﻓﺎﺭﻭﻕ" ﰲ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1952‬ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﰲ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺃﺟﱪ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻦ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﰲ ‪ 19‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ,(1)1954‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺇﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻣﻮﺟﺔ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﱵ ﺇﺟﺘﺎﺣﺖ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺖ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀﺕ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺧﻴﺒﺔ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺎﺑﺖ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﻭﻋﻮﺩ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ)‪.(2‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻣﻮﺟﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻫﺎﺗﻪ ﻫﻮ ﺣﺮﺏ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ)‪ ،(3‬ﺍﻟﱵ ﻛﺸﻔﺖ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺿﻌﻒ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺯﺝ ‪‬ﻢ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﻢ ﺩﺭﺳﺎ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭ ﻣﺪﻯ ﺗﻄﻠﻌﻪ ﻟﻺﺳﺘﻘﻼﻝ‪.‬‬
‫ﻭ ﺑﺎﻧﺪﻻﻉ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﺘﻨﺎﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻥ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ ﺁﺳﻴﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻧﻔﻮﺫ ﳍﺎ‬
‫ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺁﺳﻴﺎ ﻟﻶﺳﻴﻮﻳﲔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺇﺣﺘﻠﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﰲ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،(4)1941‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻗﺪ‬
‫ﻭﺻﻞ ﺫﺭﻭﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻭ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺢ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ ﻳﻌﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﱐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﳌﺰﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺩﻓﻌﺖ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻳﺔ ﺳﻜﺎﻥ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻜﺘﻞ ﲢﺖ ﺣﺰﺏ ﻭﻃﲏ ﻫﻮ‬
‫ﺣﺰﺏ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ "ﻫﻮﺷﻲ ﻣﻨﻪ")‪، HOCHI-MINH، ( 5‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬ﺣﺎﻓﻆ ﲪﺪﻱ ‪:‬ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪,‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‪,‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪,‬ﺹ‪.19‬‬
‫‪ -2‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻓﻘﺪ ﻋﱪﻭﺍ ﻋﻦ ﺭﺩ ﻓﻌﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ‪ 8‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1945‬ﻓﻜﺎﻥ ﲦﻦ ﺫﻟﻚ ﻏﺎﻟﻴﺎ‪ ،‬ﻫﻮ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﺯﺭ ﺍﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺍﺡ ﺿﺤﻴﺘﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ 45‬ﺃﻟﻒ ﺷﻬﻴﺪ‪,‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪.COLLOT OPCIT P202 :‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻼﻭﻭﺱ ﻭ ﻛﺎﻣﺒﻮﺩﻳﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﱵ ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ)‪ ،(19‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪- TROTiGNON (Y): La France au 20ème siecle, edition Bordas-Mouton,‬‬
‫‪paris1968, p359.‬‬
‫‪4- CHESNEAUX (Jean); contribution à l'Histoire de la nation‬‬
‫‪Vietnamienne, edition sociales, paris. S.D., pp.236-237.‬‬
‫‪- 5‬ﺻﱪﻱ ﺃﺑﻮ ﺍ‪‬ﺪ‪ :‬ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ ﺷﻌﺒﺎ ﻭ ﻧﻀﺎﻻ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﰊ‪ ،‬ﻣﺼﺮ ‪،1969‬ﺹ‪.72‬‬

‫ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻭ ﺇﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺣﻘﻮﻕ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻭ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1941‬ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﳍﻨﺪ‬
‫ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺎ ﺃﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺎ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺟﺎﺀ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻟﻺﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﱐ‬
‫ﲤﺜﻞ ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﺼﺒﺔ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻣﻲ)‪ ،(1‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺍﺟﻬﺖ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﻦ ﻣﻌﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﱐ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1945‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﺒﺸﺮ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺧﲑﺍ‬
‫ﺁﻣﻠﲔ ﰲ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻨﺎﺀ ﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﻬﻧﺰﺍﻡ ﺍﻷﳌﺎﻥ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﻢ)‪ ،(2‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳍﻨﺪ‬
‫ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﱵ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﲔ ﻭ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﻗﻮﻬﺗﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻭ ﻋﻮﺽ ﺃﻥ‬
‫ﲡﺎﺯﻯ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺇﻋﺎﻧﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻟﻠﺤﻠﻔﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﻭ ﳝﻨﺢ ﳍﺎ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻣﺮﺓ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ‪,‬ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﱵ ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪﺓ ﰲ ﺟﻨﻮﺏ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳋﻂ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺗﺮﻛﺖ ﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻟﺘﺤﻞ ﳏﻠﻬﺎ ﻣﻌﺘﱪﺓ ﺃﻬﻧﺎ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﳊﻖ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ ,‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ‬
‫ﺃﻬﻧﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪1- Chesneaux, op.cit, p243.‬‬

‫‪ -2‬ﻭ ﻋﻮﺩ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﺗﺪﺍﻭﻝ ﺩﻭﻝ ﻗﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺘﻼﻝ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪،‬‬
‫ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ ﻭ ﺗﺸﺘﻴﺘﻬﻢ)‪ ،(1‬ﻟﻜﻨﻪ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﻭﻋﻴﻬﻢ ﻭ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻓﻜﺮﺓ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ‪,‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﰲ ﻫﺎﻧﻮﻱ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﻫﻮﺷﻲ ﻣﻨﻪ‬
‫ﰲ ‪ 07‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪.(2)1945‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺠﺒﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺗﻌﺮﻳﺾ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳋﻄﺮ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﱂ ﺗﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻜﻴﻒ ﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﳍﺎ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﻟﺪﻟﻚ ﺇﺳﺘﺒﻌﺪﺕ ﻛﻞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ)‪.(3‬‬
‫ﻭ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺎﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﺣﻴﺚ ﻣﺮﻛﺰ ﻗﻮﻬﺗﺎ ﺑﺎﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﲔ ﻭ ﳘﺎ ﻟﻼﻭﻭﺱ ﻭ ﻛﻤﺒﻮﺩﻳﺎ‪،‬‬
‫ﺭﺃﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻋﻘﺪ ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺘﲔ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﺣﻮﻝ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﲔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﳌﻌﺎﻫﺪﺓ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻊ ﻛﻤﺒﻮﺩﻳﺎ ﰲ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1947‬ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻼﻭﺱ ﰲ ﺃﻭﺕ‬
‫‪.(4)1947‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪Y Trotignon:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪op.cit, p360‬‬

‫‪2- Histoire Génèrale des civilisations, l'époque‬‬

‫‪contemporaine, Puf, Paris 1967, p639.‬‬
‫‪ - 3‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ ‪:‬ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺝ‪ ،3‬ﻡ ﻭﻙ ‪ ,‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1986‬ﺹ‪27‬‬
‫‪4- Trotignon, op.cit, p359.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﺿﺎﻟﺘﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﻳﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﳓﺎﺯﺕ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺇﱃ‬
‫ﺣﻠﻴﻔﺎﻬﺗﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺗﻮﺍﺟﺪﻩ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﰲ‬
‫ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺠﻊ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲝﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﻫﻮﺷﻲ ﻣﻨﻪ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ)‪ ،(1‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﳎﺎﻝ ﻧﺸﺎﻁ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺁﺳﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻀﻤﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻫﻮﺷﻲ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ‪‬ﺎ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﲰﺤﺖ ﻟﻠﻤﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺇﺣﺘﻼﻝ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺁﺳﻴﺎ‪ ،‬ﺣﺎﻭﻝ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﺇﲣﺎﺫ ﻧﻔﺲ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﻗﺼﺪ ﻭﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻠﺰﺣﻒ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‬
‫ﻟﺬﺍ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻮﺍﻟﻴﺔ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ "ﺑﺎﺅﺩﻱ" ﺳﺎﺭﻋﺖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ‪‬ﺎ )‪.(3‬‬
‫ﺇﻥ ﲤﺰﻳﻖ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺇﱃ ﺃﺷﻼﺀ ﻣﺘﻨﺎﺛﺮﺓ‪ ،‬ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻮﺿﻊ ‪,‬ﻭ ﻓﺘﺢ ﳎﺎﻝ‬
‫ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺑﲔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻫﻮﺷﻲ ﻣﻨﻪ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺣﺮﺏ ﺟﻴﻮﺵ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪1-‬‬ ‫‪Jacques‬‬ ‫‪Dolloz:‬‬ ‫‪La‬‬ ‫‪guerre‬‬ ‫‪d'Indochine‬‬
‫‪1945/1954, editions de seul, Paris 1987.‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﲔ ﻭ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﻫﻮﺷﻲ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1950‬ﻭ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻨﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻣﻴﺔ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪- Histoire Génèral, op.cit, p639.‬‬
‫‪ -3‬ﻟﻘﺪ ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺇﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﻤﺎ ﲝﻜﻮﻣﺔ "ﺑﺎﺅﺩﻯ" ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﰲ ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ .1950‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﺮﻱ ﳊﺮﺏ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﺒﺎﺗﺎﻏﻮﻥ‪ .‬ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﻳﻦ‪ :‬ﳏﻤﺪ‬
‫ﺍﻟﻴﺲ ﻭ ﲪﻴﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﺩ‪ .‬ﺝ‪ ،1972 ،1‬ﺹ‪.22‬‬

‫ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ )ﺣﺮﺏ ﻋﺼﺎﺑﺎﺕ( ﻭ ﺭﻏﻢ ﺇﻋﺘﻤﺎﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻠﻒ‬
‫ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻀﺮﻭﺱ ﻭ ﺇﺷﺮﺍﻙ ﻏﲑﻫﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ)‪ ،(1‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻣﻴﲔ ﲢﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺟﻴﺎﺏ ﲤﻜﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﻛﺴﺮ ﺷﻮﻛﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻭ ﺇﳊﺎﻕ ﺍﳍﺰﳝﺔ ‪‬ﻢ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺩﻳﺎﻥ ﻳﻴﺎﻥ ﻓﻮ)‪ ,(2‬ﺍﻟﱵ‬
‫ﻭﺻﻞ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻧﻘﻞ ﺃﺣﻮﺍﳍﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ‪,‬ﻭ ﺣﻔﺰﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺮﺓ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻣﺆﲤﺮ ﺟﻨﻴﻒ ‪ 1954‬ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ )‪.(3‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﻟﻨﻜﺴﺎﺕ ﺍﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﳊﻘﺖ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ ﺇﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻷﳌﺎﻥ‪ ،‬ﰒ ﺍﳍﺰﳝﺔ‬
‫ﺍﳌﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﳊﻘﺖ ‪‬ﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺟﻴﺎﺏ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﲰﺤﺖ ﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﲢﺖ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﺎﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﺑﻌﺪ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﰲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻫﻮ ﺗﻔﻜﲑ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ)‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﲢﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺪ ﺍﻹﺟﺒﺎﺭﻱ ﻟﻌﺎﻡ ‪ ،1912‬ﺃﻧﻈﺮ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻋﻦ‪:‬‬
‫‪- DALLOZ: Op.cit, p: 248 à 257.‬‬
‫‪ -2‬ﻭﻗﻌﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻬﲑﺓ ﰲ ‪ 8‬ﻣﺎﻱ ‪ .1954‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺍﳌﻴﻠﻲ ﳏﻤﺪ‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﲔ‬
‫ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭ ﻣﻄﺎﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻁ‪ ،1983 ،2‬ﺹ‪.26‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﺮﻱ ﳊﺮﺏ ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.32‬‬
‫‪ -4‬ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.21‬‬

‫ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﻻ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﻋﻢ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻛﻞ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺣﺎﻭﻝ ﻏﲑ ﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻐﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺇﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺃﺭﺽ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻦ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﲔ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ‬
‫ﺇﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﲝﻜﻢ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪،‬‬
‫ﺇﻻ ﺃﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺒﺎﺩﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ‪,‬ﻓﻘﺪ ﺗﺄﺛﺮﺕ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺎﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﳌﺄﺳﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﳌﺖ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﳑﺎﺭﺳﺎﺕ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺿﺪ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﺮﻛﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺇﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،(1)1944‬ﻏﲑ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﱂ ﺗﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺘﻬﻢ ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻞ ﺍﳊﺒﻴﺐ‬
‫ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺰﻋﻢ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ)‪،(2‬ﻃﺎﻟﺒﺎ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻭ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺩﻭﻝ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﻣﻜﻨﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﻠﺠﻨﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺃﺳﻬﺎ‬
‫ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ)‪ ،(4‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﻛﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ‪ ،‬ﻭ ﲤﻜﻦ ﺇﺛﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ‬
‫ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺃﺧﻮﻳﺔ ﻣﻊ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ )‪ (5‬ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺎﺩ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ﳏﻤﻼ ﲟﺸﺮﻭﻉ ﺗﻔﺎﻭﺿﻲ ﻣﻊ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﺘﻴﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﻭ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺩﻓﻊ‬
‫ﺑﺄﻋﻀﺎﺋﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﺮﻱ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻲ‪ ،‬ﻡ‪.‬ﺕ‪.‬ﻡ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،36/35‬ﺹ‪.104-103‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻫﺮﻭﺏ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﰲ ‪ 26‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1945‬ﺃﻧﻈﺮ ﻋﻼﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ‪ :‬ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ‬
‫ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺹ‪.87‬‬
‫‪ -3‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻜﺒﲑ ‪,‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‪،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ,‬ﺹ ‪.294‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.295‬‬
‫‪ -5‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺗﺼﻞ ‪‬ﻢ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﳉﻨﺔ ﲢﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ :‬ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺒﺸﲑ ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻲ‪ ،‬ﻭ ﻛﺮﱘ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﻭ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.295‬‬

‫ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ‪,‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻓﻀﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺻﺎﱀ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺇﺳﺘﻐﻞ ﻓﺮﺍﺭ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ,‬ﻭ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮﺍ ﻋﺎﻣﺎ ﰲ ‪ 23‬ﺃﻭﺕ ﻋﺎﻡ ‪ 1946‬ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻋﻦ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺪ ﺃﻭ ﺷﺮﻁ)‪ ,(1‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﺇﲡﺎﻩ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻊ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﻫﺪﻓﻪ ﺿﺮﺏ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺰﻋﻤﻪ ﺻﺎﱀ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻹﺭﻏﺎﻣﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺢ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﻓﻌﻼ ﺑﻮﺯﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺁﻧﺬﺍﻙ "ﺭﻭﺑﺮﺷﻮﻣﺎﻥ" ﺃﻥ ﻳﺼﺮﺡ ﰲ ‪ 10‬ﺟﻮﺍﻥ ﻋﺎﻡ ‪ 1950‬ﺑﺄﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻬﺗﺪﻑ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﱃ ﻣﻨﺢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ ﺍﻟﺬﺍﰐ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺟﺴﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺡ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﻮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺃﻭﺕ‬
‫‪ 1950‬ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﳏﻤﺪ ﺷﻔﻴﻖ ﻭ ﲟﺒﺎﺭﻛﺔ ﻣﻦ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻧﻔﺴﻪ ‪,‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﳐﻄﻂ ﳍﺎ‬
‫ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲰﺤﺖ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ )‪ ،(3‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ‬
‫ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺻﺎﱀ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳜﺪﻡ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺑﺘﺎﺗﺎ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻋﻮﺩﺓ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺗﻌﲏ ﺇﳒﺎﺡ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺗﻮﻧﺲ ﲢﺖ ﻣﻄﻠﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﰐ)‪.(4‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﱃ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺣﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.298-297‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.298‬‬
‫‪ -3‬ﺇﺗﺼﻞ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺑﺎﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻡ ‪ 1948‬ﻭ ﲢﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺷﲑﺓ‬
‫ﺍﳋﺮﻭﺝ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ :‬ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭﻱ‪ ،‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪،‬ﻣﻌﻬﺪ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪,‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ,‬ﻧﻮﻗﺸﺖ ﻋﺎﻡ ‪ ،1995‬ﺹ‪.403/402‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪ ،‬ﺹ‪.404‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺧﺬ ﻭ ﻃﺎﻟﺐ ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﱴ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺗﻮﻧﺲ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﺍﳌﻌﻤﺮﻭﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﺇﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1952‬ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻔﺠﺮ ﺍﻟﻮﺿﻊ‬
‫ﺑﲔ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﻮﻥ ﺍﳉﺪﺩ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺇﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻟﺼﺎﳊﻬﻢ)‪ (1‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﱂ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻘﻂ ﰲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻨﺎﻫﺎ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﻯ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻃﻌﻤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺗﻮﻧﺲ‬
‫ﻭ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻗﺪ ﺇﻧﻌﻜﺲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺿﻄﺮﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﲢﺖ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺇﱃ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺷﻔﻴﻖ ﺍﳌﺪﻋﻤﺔ ﺑﺎﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ (3)1951‬ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻣﻲ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ‬
‫ﻭ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﻐﻂ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﻤﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﻢ ﻭ ﻋﺎﺭﺿﻮﺍ ﺑﺸﺪﺓ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ‬
‫ﳓﻮ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺧﻀﻌﺖ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺇﱃ ﻣﻨﻄﻖ ﻣﻌﻤﺮﻳﻬﺎ ﻭ ﺳﺎﻳﺮﻬﺗﻢ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ ﻟﻜﻨﻬﺎ‬
‫ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺑﺮﺍﳎﻬﺎ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ )‪ (4‬ﺩﻭﻥ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﳏﻤﺪ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.406‬‬

‫‪ -2‬ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﻣﻬﺮﻱ‪" :‬ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻣﻬﺪﺕ ﻟﻔﺎﺗﺢ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ "1954‬ﳎﻠﺔ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻋﺪﺩ ﺭﻗﻢ ‪،22‬‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ‪-‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1974‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺹ‪.12-11‬‬
‫‪ -3‬ﻟﻘﺪ ﺃﺭﺳﻞ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﳏﻤﺪ ﺷﻔﻴﻖ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺇﱃ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﰲ ‪ 3‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪1951‬‬
‫ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺍﳊﺪ ﺍﻷﺩﱏ ﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﻮﺑﻠﺖ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬‬
‫ﺹ‪.‬ﺹ ‪.301-300‬‬
‫‪ -4‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.299‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﺗﻌﺜﺮ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﲤﺴﻚ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﲟﻄﺎﻟﺒﻬﺎ‪ ,‬ﻭ ﺗﻌﻨﺖ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﰲ ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﻓﺾ ﻷﻱ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﺗﻔﺎﻭﺿﻲ‪ ،‬ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺗﺄﺯﻡ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ‪ ,‬ﻓﻌﻤﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﻓﺮﺽ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﺷﺘﺪﺍﺩ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻋﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻭ ﻫﺮﻭﺏ ﺑﻌﺾ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﻣﻨﻬﻢ ﺻﺎﱀ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻭ ﳏﻤﺪ‬
‫ﺑﺪﺭﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲤﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻟﺘﺤﺎﻕ ﲟﻜﺘﺐ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪.(1)1952‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﻬﺗﺎ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻟﻘﺒﻀﺘﻬﺎ‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﻟﺬﺍ ﺭﺳﻠﺖ ﻣﻘﻴﻤﺎ ﻏﺎﻣﺎ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﻋﺎﻡ ‪ 1952‬ﻗﺼﺪ ﺯﻳﺎﺭﺓ‬
‫ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ)‪ ،(2‬ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﺳﺘﻐﻞ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﳏﻤﺪ ﺷﻔﻴﻖ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻓﺮﺻﺔ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻃﺮﺣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﻓﻀﻮﺍ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺿﻤﻦ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻭ ﺇﻋﺘﱪﻭﻫﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‬
‫ﲣﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ)‪.(3‬‬

‫ﻭ ﻛﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﻭﻃﲏ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻣﺆﲤﺮﺍ ﺳﺮﻳﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﰲ‬

‫ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- BJAOUI Mohamed: Véritées sur la révolution -1‬‬

‫‪Algérienne. éditions Galluimards, Paris, 1970, p.125.‬‬
‫‪ -2‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺣﺴﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﳋﻄﺮ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻯ ﻫﻮﺕ ﻛﻮﻙ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻘﻤﻊ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﻭ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﻬﺎ ﻋﺎﻡ ‪ 1952‬ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺑﺎﺭﺟﻪ ﺣﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.301‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.301‬‬

‫‪ 17‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1952‬ﻗﺮﺭﻭﺍ ﲟﻮﺟﺒﻪ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﻭ ﺇﻋﺘﱪ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﺟﺎﻟﻴﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺭﺩﺕ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺑﻌﻨﻒ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻓﻘﺎﻣﺖ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﻝ ﺑﲔ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ‪ ,‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺴﻔﻴﺔ ﱂ ﺗﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1952‬ﺑﺪﺍﻳﺔ ﲪﻠﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ‪ ,‬ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻄﻬﲑ‬
‫ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﻋﻤﻼﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1954‬ﺣﻴﺚ ﲢﻮﻟﺖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﻋﺎﺭﻣﺔ ﺿﺪ ﺍﳉﻴﻮﺵ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ,‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﻮﻥ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﻛﺒﲑﺓ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﺤﺪﻭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻠﺠﺌﺎ ﻣﻀﻤﻮﻧﺎ‬
‫ﻹﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻛﻤﺎ ﺇﻟﺘﺤﻖ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻟﺘﺤﺎﻡ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳌﺪﻋﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮﻯ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫﻠﻪ ﻗﻀﻴﺔ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﺇﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻭ ﻓﺮﺽ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻊ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻭ ﻫﻨﺎ ﻇﻬﺮ ﲨﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﻋﺠﺰﻫﺎ ﰲ ﺇﳚﺎﺩ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﻼﻝ ﳛﲕ ‪,‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.302‬‬

‫‪ -2‬ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ‪ 22‬ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ "ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ" ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،2‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.1994‬‬

‫ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺸﻌﱯ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.18-17‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺍﻗﺔ ﻟﻺﺳﺘﻘﻼﻝ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺑﺂﺳﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ "ﻭ ﳍﺬﺍ ﺑﺪﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺎﺩﻯ ‪‬ﺎ‬
‫ﻣﺎﻧﺪﻳﺲ ﻓﺮﺍﻧﺲ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻜﺎﱄ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﺪﻋﻰ ﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺭﺑﻴﻊ ‪ 1954‬ﺟﺮﻳﺌﺔ‬
‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﱵ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺪﻋﻰ ﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺇﺛﺮ ﻫﺰﳝﺔ ﺩﻳﺎﻥ ﺑﻴﺎﻥ ﻓﻮ ﺍﻟﺸﻬﲑﺓ ﰲ‬
‫‪ 08‬ﻣﺎﻱ ‪.(1)1954‬‬
‫ﻭ ﻣﻌﲎ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺃﺻﺒﺢ ﻟﺰﺍﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ‬
‫ﺃﻣﺮﻫﺎ ﻭ ﺣﱴ ﻻ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻋﺪﻭﺍﻫﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﻔﺘﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﳍﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ‬
‫ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻟﺬﺍ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ﻬﺗﺪﺋﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﻣﻨﺪﻳﺲ ﻓﺮﺍﻧﺲ‬
‫ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ﻃﺮﺡ ﺧﻼﳍﺎ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺀ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻟﻠﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ‪,‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﻢ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﺴﺒﻘﺔ ﻟﺬﻟﻚ )‪ ،(2‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﺫﻟﻚ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(3‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺛﻮﺭﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﺘﺢ ﺃﻣﺎﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﻮﺓ ﻛﺒﲑﺓ‪ ،‬ﺩﻓﻌﺘﻬﺎ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺑﺎﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺗﻮﻧﺲ ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺑﻼﻏﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﺿﻤﻦ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺪﱘ ﺃﺳﻠﺤﺘﻬﻢ ﻭ ﺩﺧﺎﺋﺮﻫﻢ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ‪ ..‬ﻭ ﻭﺍﻓﻖ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺫﻟﻚ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.26‬‬
‫‪ -2‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.305‬‬
‫‪ -3‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳌﻔﺎﻭﺽ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﳌﻨﺠﻲ ﺳﻠﻴﻢ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺍﶈﻤﻮﺩﻱ ﻭ‬
‫ﺟﻠﻮﱄ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﺗﺴﻤﺢ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﺒﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻔﻴﺎ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.306‬‬
‫ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻭ ﳎﻤﻮﻋﺘﻪ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ")‪ (1‬ﻭ ﺑﻘﻴﺖ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺣﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﻣﺎﻧﺪﻳﺲ ﻓﺮﺍﻧﺲ ﰲ ‪ 5‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1955‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﺇﻧﺘﻬﺖ ﺑﺈﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﰲ ‪ 3‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1955‬ﺃﻋﻄﺖ‬
‫ﺗﻮﻧﺲ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﻳﻌﻄﻰ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﲪﺎﻳﺔ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﳊﻖ ﰲ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ‪ ،‬ﻭ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﺇﺣﺘﻔﺎﻅ ﺍﳌﺴﺘﻮﻃﻨﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﺇﻣﺘﻴﺎﺯﺍﻬﺗﻢ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ‪.‬‬
‫ﺭﺍﺑﻌﺎ‪ :‬ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻐﺔ ﺭﲰﻴﺔ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﻣﻊ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻐﺔ ﻏﲑ ﺩﺧﻴﻠﺔ‪.‬‬
‫ﺧﺎﻣﺴﺎ‪ :‬ﺗﻨﻔﺬ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺇﱃ ﺍﳋﻄﺮ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻨﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭ ﻣﻌﲎ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻓﺈﻥ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳉﺪﻳﺪ‬
‫ﻭ ﺍﳌﻼﻙ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻭﺟﺪﻭﺍ ‪‬ﺎ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﳛﻲ ﺟﻼﻝ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ /‬ﺹ‪.307‬‬

‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.309-308‬‬

‫ﺿﻤﺖ ﺳﺘﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻟﻜﻦ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﳌﺸﺆﻭﻣﺔ ﻟﻘﻴﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ‬
‫ﻗﻮﻳﺔ ﺗﺰﻋﻤﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺻﺎﱀ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺑﲔ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﺍﳋﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﻜﻦ‬
‫ﻗﺪ ﲤﺘﻌﺖ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﻛﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻗﺒﻠﺖ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺻﻠﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺇﻧﺘﺨﺎﺏ ﲨﻌﻴﺔ ﺗﺄﺳﻴﺴﻴﺔ‬
‫ﰲ ‪ 25‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1956‬ﻓﺎﺯ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺷﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺃﻭﻝ‬
‫ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺗﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ )‪ ,(2‬ﻟﻴﻔﺘﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﻦ ﳋﻮﺽ ﻏﻤﺎﺭ ﺍﳊﺮﺏ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﳌﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﺭﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻓﻘﺪ ﺗﺎﺑﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺑﺈﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺃﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻘﻄﺮ‪ ,‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ‪ ,‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺃﻗﻠﻘﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭ ﺭﺃﺕ ﺃﻧﻪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﺣﱴ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﺤﻞ ﺃﻣﺮﻫﺎ‬
‫ﻭ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻋﺪﻭﺍﻫﺎ ﰲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ )‪ (3‬ﻭ ﻫﻖ ﺍﳍﺎﺟﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﳌﻘﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻨﺎﺻﺮﻳﺔ ﻳﻮﺳﻒ "ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳉﺪﻳﺪ" ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ‪ ،‬ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪,.‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪. 1987,‬‬
‫‪ -2‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺑﺮﻭﺗﻮﻛﻮﻝ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺗﻮﻧﺲ ﰲ ‪ ,‬ﺃﻣﲔ ﺳﻌﻴﺪ ‪:‬ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﳍﻼﻝ ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.233/232‬‬
‫‪3- Lyautey l'Africain, T IV, 1919-1925, Paris‬‬
‫‪1957, p246.‬‬
‫"ﻟﻴﻮﰐ" ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺬﺭ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻼﺩﻩ ﻣﻦ ﳐﺎﻃﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺇﻧﻌﻜﺎﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﺎﻣﺔ‬
‫ﲝﻜﻢ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺑﲔ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ)‪.(1‬‬

‫ﻭ ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺻﺤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻭ ﲣﻮﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺗﺸﺪﻳﺪﻫﺎ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﻗﺼﺪ ﲡﻤﻴﺪ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻄﺮﺩ ﺍﻟﻌﺸﻮﺍﺋﻲ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺣﻴﺚ ﺃﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺩ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﻄﻔﻴﺶ ﺇﱃ ﻣﺼﺮ ﰲ ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ (2)1929‬ﻭ ﺣﱴ ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻠﻄﺮﺩ ﺣﻴﺚ‬
‫ﻧﻔﻲ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺇﲡﺎﻩ ﻣﺼﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺮﺳﻴﻠﻴﺎ)‪.(3‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺎﺗﻪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳌﻌﻠﻨﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺒﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻣﻌﺎ ﺩﻓﻌﺖ‬
‫ﺑﺴﻜﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻨﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﻟﻜﻞ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ)‪ ,(4‬ﻗﺼﺪ‬
‫ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺮﺍﺛﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪- Mahdjoubi Ali; Les origines du mouvements national -1‬‬
‫‪en Tunisie (1904-1934) P.U.T. Tunis 1982, p398-399.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ,‬ﺹ‪.273-272‬‬
‫‪3-‬‬ ‫‪Mahfoud Kaddache, Histoire du nationalisme‬‬
‫‪Algerien‬‬ ‫‪question‬‬ ‫‪nationale‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪politique‬‬
‫‪Algerienne 1919-1951.‬‬
‫‪T1, SNED , Alger 1980, pp 115-117.‬‬
‫‪ 4-‬ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﻧﺪﺍﺀﻩ ﰲ ‪ 15‬ﺃﻭﺕ ‪ 1925‬ﻧﺎﺩﻯ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‬
‫ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻟﻄﺮﺩ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﺩﻋﻮﺓ ﻛﻞ ﺷﺒﺎﺏ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍ‪‬ﻨﺪ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻭ ﺍﻹﻟﺘﺤﺎﻕ ﺑﺼﻔﻮﻑ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﻭ ﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ .‬ﺩ‪.‬ﻡ‪.‬ﺝ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1984‬ﺹ‪.‬ﺹ‬
‫‪.33-26‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﲢﻤﻞ ﰲ ﻃﻴﺎﻬﺗﺎ ﺭﻭﺡ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﺎﺭﻣﺔ ﺇﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻟﻴﺼﻞ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ)‪ ,(1‬ﻭ ﻣﻌﲎ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﰲ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻟﻦ ﻳﻌﻤﺮ ﻃﻮﻳﻼ ﻣﺎﱂ ﺗﺴﺎﺭﻉ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﳏﻠﻴﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲝﻜﻢ ﺇﺣﺘﻼﳍﺎ‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﱂ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺻﺪﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺛﺮ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﻣﺪﻥ ﻋﺪﺓ‬
‫ﺑﺄﺣﺪﺍﺛﻬﺎ )‪ ،(2‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﲑﺓ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﻭ ﺃﻳﺪﺕ ﺯﻋﻴﻤﻬﺎ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﰲ ﺟﻬﺎﺩﻩ ﺿﺪ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ‪ ،‬ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ‪ ،‬ﻭ ﳏﻤﻮﺩ ﻟﻜﺤﻞ‬
‫ﻭ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺎ ﺁﺧﺮ ﻳﺪﻋﻰ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭ ﻛﻠﻬﻢ ﻃﺎﻟﺒﻮﺍ ﺑﺸﺪﺓ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺍﳌﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ)‪ ,(3‬ﻛﻤﺎ ﲡﻠﺖ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻭ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﻬﺗﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺍﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭ ﺇﺣﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻢ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲜﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ)‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪La propagande d'Abdelkarim dans l'Afrique du Nord, in -1‬‬
‫‪.A.F. n°1, Janvier 1926, pp15-16‬‬
‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﺗﻄﺮﻕ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﺍﻥ ﻗﻨﺎﻧﺶ ﻭ ﻗﺪﺍﺵ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺣﻴﺚ ﺫﻛﺮﺍ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺎﻋﻠﺖ‬
‫ﻣﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﻭ ﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻭ ﺟﻴﺠﻞ ﻭ ﺗﻠﻤﺴﺎﻥ ﻭ ﺑﺮﺝ ﺑﻮ ﻋﺮﻳﺮﻳﺞ‪ ...‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‬
‫‪M.Kaddache‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪M.Guenaneche.‬‬ ‫‪L'E.N.A. 1926-1937. O.P.U‬‬
‫‪Alger 1984, p 26/27.‬‬
‫‪3- CH.R (AGERON: Les C-T N°117-118, p211).‬‬
‫‪ -4‬ﺭﻛﺰ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﳏﻔﻮﻅ ﻗﺪﺍﺵ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺣﻴﺚ ﺣﺼﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻛﺘﻠﺘﲔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺘﲔ ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﻮﻋﻲ‬
‫ﳑﺜﻼ ﰲ ﻓﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺎﻧﺪ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺇﳓﺎﺯ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺃﺑﺪﻫﺎ ﰲ ﺣﺮ‪‬ﺎ ﺿﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪:‬‬
‫‪Mahfoud Kaddache: La vie politique d'Alger de 1919 à‬‬
‫‪1939. edition SNED, Alger 1970, p.93.‬‬
‫ﻏﲑ ﺃﻥ ﲢﺎﻟﻒ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ )‪ ,(1‬ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﺠﻞ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺗﺮﻛﺖ ﺻﺪﻯ‬
‫ﻋﻤﻴﻘﺎ ﰲ ﻧﻔﻮﺱ ﻛﻞ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ ﻭ ﺧﻠﻘﺖ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺇﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻟﺮﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﻟﺪﻯ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﻢ‪.‬‬
‫ﻭ ﻟﻜﻦ ﱂ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺒﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﻭﱃ ﻭ ﻫﻲ ﲢﻘﻴﻖ ﻓﻜﺮﺓ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﻣﻬﺪﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎﺹ ﻟﻨﻔﺾ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ "ﻭ ﺇﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺩﻳﻨﺎ ﰲ ﻋﻨﻖ ﻛﻞ ﻣﻐﺮﰊ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻪ‬
‫ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻷﻣﻞ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻐﻠﻘﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻳﻘﻈﺖ ﺭﻭﺣﻪ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺎﺋﻤﺔ ﻭ ﺟﺮﺩﺕ ﻋﻬﺪ ﺍﻷﺑﻮﺓ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺴﻴﺎ)‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲰﺤﺖ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺇﱃ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﺎﻳﻌﺮﻑ‬
‫ﺑﺎﻟﻈﻬﲑ ﺍﻟﱪﺑﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ ﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﻓﺮﻕ ﺗﺴﺪ‪،‬‬
‫ﻭ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻄﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻭ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻔﻌﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﰲ ﻇﻞ ﺗﺼﺎﺩﻡ ﻣﺘﺼﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻭ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ)‪, (3‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﻑ ﺑﺎﻃﻨﻴﺎ ﺇﱃ ﺿﺮﺏ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ ﺍﻟﱪﺑﺮﻳﺔ ﻫﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪-‬ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ﻗﻮﺓ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺿﺪ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ ‪,‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻦ‬
‫ﻫﺠﻮﻣﻪ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﰲ ‪ 08‬ﻣﺎﻱ ‪ 1926‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﺘﻬﻰ ﺑﺈﺳﺘﺴﻼﻡ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻭ ﺃﺧﻮﻩ ﳏﻤﺪ ﻟﻠﻌﺪﻭ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ‪ 27‬ﻣﺎﻱ ‪ .1926‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺃﻣﲔ ﺳﻌﻴﺪ‪ :‬ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ‪,..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.216‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.217‬‬
‫‪ -3‬ﺻﺎﱀ ﺧﺮﰲ‪ :‬ﰲ ﺭﺣﺎﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ :‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻁ‪ ،1‬ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1985‬ﺹ‪.‬ﺹ‬
‫‪.44-43‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻭ ﺑﺘﻮﻗﻴﻊ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻈﻬﲑ ﺍﻟﱪﺑﺮﻱ ﰲ ‪ 16‬ﻣﺎﻱ ‪(1)1930‬‬
‫‪,‬ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺗﻜﺮﻳﺴﺎ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﻔﺘﻴﺖ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﻐﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ‬
‫ﺳﺒﻖ ﻭ ﺃﻥ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻇﻬﺎﺋﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻇﻬﲑ ﻋﺎﻡ ‪ ،1914‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﲡﺴﺪﺕ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻓﺮﺽ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﲪﺎﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﻬﺎﺋﺮ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ‬
‫ﲤﻬﻴﺪﺍﺕ ﻟﻈﻬﲑ ﻋﺎﻡ ‪ 1930‬ﺍﳌﺸﺆﻭﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻨﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻭ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﰲ ﳏﻮﺭ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﶈﻠﻲ ﻋﻮﺽ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﱪﺑﺮﻳﺔ‬
‫ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻣﻊ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻔﻮﺫ ﺍﶈﺎﻛﻢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺻﻴﻎ ﺍﻟﻈﻬﲑ ﺑﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻣﻘﺘﻀﺒﺔ‪ ،‬ﻭ ﺟﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻛﱪ ﳏﻨﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﺟﻬﻬﺎ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﰲ ﻇﻞ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺇﻧﻔﺠﺮﺕ ﻣﻮﺟﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﺎﺭﻣﺔ‬
‫ﺿﺪ ﺍﻟﻈﻬﲑ ﺍﻟﱪﺑﺮﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ)‪ ,(3‬ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲝﻜﻢ ﻗﺮ‪‬ﺎ‬
‫ﻭ ﺇﺣﺘﻜﺎﻛﻬﺎ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﻈﻬﲑ ﺍﻟﱪﺑﺮﻱ ﻣﺎﻓﺘﺌﺖ ﺃﻥ ﲡﺴﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﻟﻜﻞ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﻈﻬﲑ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺮﺳﻮﻡ ﻣﻠﻜﻲ‪ ،‬ﺗﻔﺼﻠﻪ ﻭ ﺗﻀﺒﻂ ﺻﻴﻐﺘﻪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺪﻳﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻣﺮﺍﺳﻴﻢ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭ‬
‫ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﳌﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﲢﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻓﻘﺪ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﰲ ﺗﺴﻴﲑ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺼﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻣﺮﺍﺳﻴﻢ )ﻇﻬﺎﺋﺮ( ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺭﻱ‪:‬‬
‫ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻌﺮﻭﰊ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‬
‫‪ ،1986‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.40-39‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ‪ :‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ :‬ﺣﺎﺿﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫‪ ،1984‬ﺹ‪.143‬‬

‫ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺇﺭﻏﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻬﲑ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺳﺨﻂ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻭ ﺇﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻌﺪﻭﻯ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍ‪‬ﺎﻭﺭﺓ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻓﺈﻥ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱪﺑﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﻤﺪﻬﺗﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺑﻘﻴﺖ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﻫﺎﻣﺎ ﰲ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻧﻔﻮﺫﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺼﺪﻭﺭ ﺍﻟﻈﻬﲑ ﺍﻟﱪﺑﺮﻱ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺻﺪﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻜﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﻌﺎﱄ ﺍﻹﺳﺘﻨﻜﺎﺭﺍﺕ ﻭ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺟﺴﺪ ﺍﻷﻣﲑ‬
‫ﺷﻜﻴﺐ ﺃﺭﺳﻼﻥ ﺭﻓﻀﻪ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﺮﺳﻮﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺗﻪ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ )‪ ,(1‬ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻭﺭﻩ ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﲦﺔ ﺇﲨﺎﻉ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﻥ ﻋﺎﻡ ‪ 1930‬ﻫﻮ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺳﺒﺐ ﺍﻹﻧﻄﻼﻗﺔ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻬﲑ‬
‫ﺍﳌﺸﺆﻭﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻣﻲ ﺇﱃ ﺗﺸﺘﻴﺖ ﺍﻟﺸﻤﻞ ﻭ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪ ﻭ ﲤﺰﻳﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﺍﳌﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ)‪.(2‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺃﻓﺮﺯﺕ ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﲤﺜﻠﺖ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ‬
‫ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺗﻜﺘﻞ ﻣﻮﺣﺪ ﺑﲔ ﺷﻄﺮﻯ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺑﺮﻭﺯ ﻛﺘﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻧﺎﺩﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺑﺸﻄﺮﻳﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﲢﺖ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺰﻭﺭ ﺣﻜﻴﻢ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺳﺮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﲑ ﺷﻜﻴﺐ ﺃﺭﺳﻼﻥ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﻟﻄﺮﻳﺲ‪ ،‬ﺗﻄﻮﺍﻥ ‪ ،1980‬ﺹ‪.12‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻥ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﲑ ﺷﻜﻴﺐ ﺃﺭﺳﻼﻥ ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻋﺎﻡ ‪ 1930‬ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺑﻌﺪ ﻭﻃﲏ ﳑﻴﺰ‪ ،‬ﻓﺈﻟﻴﻪ‬
‫ﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻈﻬﲑ ﺍﻟﱪﺑﺮﻱ ﻭ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻧﺸﺎﻃﻪ‬
‫ﺿﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱪﺑﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻭ ﲤﻜﻦ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺃﻗﻄﺎﺏ‬
‫ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﻟﻄﺮﻳﺲ ﻭ ﺑﻦ ﻧﻮﻧﺔ ﻭ ﻋﻼﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ ﻭ ﺑﻼﻓﺮﻳﻴﺢ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺑﻦ‬
‫ﻋﺰﻭﺯ‪ :‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.37‬‬

‫ﻭ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﺬﻟﻚ ﲢﺖ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻫﻮ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻭﻃﲏ‬
‫ﻣﺸﺘﺮﻙ ﰲ ‪ 13‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،(1)1937‬ﻭ ﻗﺪ ﺯﺍﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﲔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﲤﻜﻨﻮﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻟﻪ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻹﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﱃ ﻛﺘﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺳﺠﻞ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺑﻦ ﻧﻮﻧﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺘﻬﺎﻣﻲ ﺍﻟﻮﺯﺍﱐ ﻭ ﻛﻼﳘﺎ ﺃﺳﻬﻤﺎ ﰲ‬
‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺻﻼﺡ)‪ ،(2‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﻟﻄﺮﻳﺲ ﻭ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﻭﻃﲏ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ‬
‫ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﺇﻧﺒﺜﺎﻕ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﰲ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﴰﺎﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ)‪,(3‬‬
‫ﻟﻴﻨﺘﺸﺮ ﰲ ﻛﻞ ﺃﺭﻳﺎﻑ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻋﺎﻡ ‪ ،(4)1936‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻓﺰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﺰﺏ‬
‫ﺟﺪﻳﺪ ﻫﻮ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻜﻲ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﻱ)‪.(5‬‬
‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻹﻧﺘﺸﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺰﺏ ﰲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺇﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﺯﻋﺎﻣﺘﻪ ﺇﱃ ﺻﻔﻬﺎ ﻗﺼﺪ ﺍﳊﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺫ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺻﻼﺡ‪ ،‬ﻭ ﺧﻠﻖ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺑﲔ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻦ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻏﲑ ﺃﻬﻧﺎ ﱂ ﺗﻔﻠﺢ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺖ ﺗﻘﺮﻳﺮﺍ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﻨﻮﺩ ﺍﳌﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪,‬ﰲ ‪:‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻏﻼﺏ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ‬
‫‪ .1976‬ﺹ‪.237‬‬
‫‪ -2‬ﻏﻼﺏ‪:‬ﻧﻔﺴﻪ ‪ ،‬ﺹ‪.237‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.237‬‬
‫‪4- REZETTE (Robert); Les partis politique marocains,‬‬
‫‪Paris 1955, p159.‬‬
‫‪ -5‬ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﻱ ﻋﺎﻡ ‪ 1904‬ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﻭ ﺃﻛﻤﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1927‬ﺷﺎﺭﻙ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﺎﻡ ‪ 1931‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻦ ﻧﻮﻧﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺪﻡ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺗﻘﺮﻳﺮﺍ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﺍﻟﱪﺑﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺿﺮﻳﻒ ﳏﻤﺪ‪ :‬ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ‬
‫ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ‪ ،1988‬ﺹ‪.33‬‬

‫ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱪﺑﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﳎﻬﻮﺩﺍﻬﺗﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻭﻃﲏ ﺑﲔ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺻﻼﺡ‬
‫ﻭ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ)‪.(1‬‬
‫ﳒﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻜﺘﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﻐﺎﺑﲑ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ "ﻓﺮﻕ‬
‫ﺗﺴﺪ" ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﻭﱃ ﻟﻨﻴﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﲟﻀﻤﻮﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻭﻻ ﰒ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ)‪ ،(2‬ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺗﻐﲑﺕ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1938‬ﺣﻴﺚ ﻋﺎﺩﺕ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺿﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﻹﻗﺎﻣﺔﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1939‬ﺍﻟﱵ ﺃﺗﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺃﻣﻞ ﰲ‬
‫ﺇﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ)‪ ,(3‬ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻗﻄﻊ ﺃﻭﺍﺻﺮﻩ‪ ،‬ﲡﺪﺩ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻬﻧﺎﻳﺔ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺇﻧﺒﻌﺚ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺸﻘﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﱄ ﻭ ﺍﳉﻨﻮﰊ‬
‫ﻭ ﻣﺮﺩ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺰﳝﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻷﳌﺎﻥ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻆ ﻣﻦ ﻛﱪﻳﺎﺋﻬﺎ‬
‫ﰲ ﻧﻈﺮ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻭ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﺿﻌﻔﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻬﻧﺰﺍﻡ ﺣﺎﻓﺰﺍ ﰲ ﺭﻓﻊ ﻣﻌﻨﺎﻭﻳﺎﻬﺗﻢ‪ ،‬ﻛﺬﻟﻚ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﻢ ﺗﻌﲏ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺫﻟﻚ‬
‫ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺭﻏﺒﺘﻬﻢ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﻢ)‪ ,(4‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻧﺸﺎﻁ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻛﻠﻞ ﺑﺈﻧﺸﺎﺀ‬
‫ﺣﺰﺏ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﻮﺣﺪ ﳝﺜﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻭ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﲝﻘﻮﻗﻪ ﻫﻮ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ)‪.(5‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺩﻭﺭ ﻣﻠﻚ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺑﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺖ ﳎﻬﻮﺩﺍﺗﻪ ﺑﻌﻘﺪ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺿﺮﻳﻒ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪37‬‬
‫‪2-‬‬ ‫‪REZETTE, op.cit, p139.‬‬
‫‪ - 3‬ﻏﻼﺏ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.246‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.264-263‬‬
‫‪ -5‬ﰎ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﰲ ‪ 11‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1944‬ﻭ ﻗﺪﻡ ﺑﺮﻧﺎﳎﻪ ﺇﱃ ﺍﳌﻠﻚ ﻭ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺈﺳﻢ "ﻭﺛﻴﻘﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ" ﺣﻴﺚ ﺳﻠﻢ ﻧﺴﺨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻮﺛﻴﻘﺔ ﰲ‬
‫‪:‬ﺳﻌﻴﺪ ﺃﻣﲔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.221-220‬‬

‫ﻣﺆﲤﺮ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ‪ ،‬ﰲ ‪ 5‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1943‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻀﺮﻩ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﻠﻚ ﻭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺗﻴﺪﻭﺭ ﺭﻭﺯﻓﻠﻠﺖ)‪ ,(1‬ﻭ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﺤﻰ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻋﱪ ﻣﺮﺍﺣﻞ‬
‫ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﱂ ﺗﺮﺽ ﺑﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﱵ ﺇﺳﺘﻨﻜﺮﺕ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻗﻴﺎﻡ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺩﻯ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ‪،‬ﻭ ﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 9‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1947‬ﺯﺍﺭ ﻣﻠﻚ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﻨﺠﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻰ ‪‬ﺎ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﲑ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻧﺎﺩﻯ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺮﻭﺑﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭ ﺭﻓﺾ ﻓﻜﺮﺓ ﺧﻠﻖ ﺇﲢﺎﺩ ﻣﻐﺮﰊ‪-‬ﻓﺮﻧﺴﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ‬
‫ﻋﺎﺩﺕ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻫﻲ ﲢﻤﻞ ﺳﻴﻒ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻡ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻳﻌﲏ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ‬
‫ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺑﲔ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ )‪ ,(3‬ﻭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﳌﺆﺍﻣﺮﺓ ﺿﺪ ﺍﻹﲡﺎﻩ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺮﻣﻮﺯﻩ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﳍﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻌﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﲟﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺮﺽ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﺍﻟﲔ ﻟﻪ ﻭ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ ﺍﳉﻼﻭﻱ ﺑﺎﺷﺎ‪ ،‬ﲟﺮﺍﻛﺶ ﺑﻨﺒﺬ ﺑﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭ ﺍﳊﻂ ﻣﻦ ﻫﻴﺒﺘﻪ )‪ ,(4‬ﻭ ﺍﻟﺘﻬﺠﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺰﺏ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩ ﻭ ﺍﻟﺒﺎﺷﻮﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﻣﺒﺪﻳﺎ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺗﺸﺪﻗﻪ ‪‬ﺎ )‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻟﻘﺪ ﺣﻀﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺭﻭﺯﻓﻠﺖ ﻭ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‬
‫ﺗﺸﺮﺷﻞ ﻭ ﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ‬
‫ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺻﺒﻐﺘﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺃﺷﻔﻮﺭﺩ ﺩﻭﻏﻼﺱ‪ :‬ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ‪ ،1963 ،‬ﺹ‪.79‬‬
‫‪ -2‬ﺃﻣﲔ ﺳﻌﻴﺪ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.221‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.222‬‬
‫‪ -4‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺍﻣﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺧﻄﻂ ﳍﺎ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺟﻮﺍﻥ ﻭ ﻧﻔﺬﻫﺎ ﺍﳉﻼﻭﻱ ﺑﺎﺷﺎ ﻭﻗﻌﺖ ﻋﺎﻡ ‪ 1951‬ﺑﺎﻟﻘﺼﺮ‬
‫ﺍﳌﻠﻜﻲ ﻭ ﻗﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺇﺛﺮﻫﺎ ﺑﻄﺮﺩ ﺍﳉﻼﻭﻱ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻪ ﺑﺎ‪‬ﻲﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺼﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ‬
‫ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ‪، 3‬ﺹ‪.244‬‬
‫‪ -5‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.245‬‬

‫ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻣﻌﺘﻤﺪﺓ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻼﺋﻬﺎ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺇﱃ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻭ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﺪﺩﺕ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻛﻞ ﻣﱪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺮ‪ ،‬ﻗﺎﻡ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺟﻮﺍﻥ ﲝﻞ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻠﻜﻲ ﻳﻮﻡ ‪ 24‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1951‬ﻭ ﻋﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﺷﺎﻋﺔ ﻭ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ‬
‫ﺑﲔ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﰒ ﻫﺠﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺱ ﻭ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﻭ ﺣﺎﺻﺮ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﳌﻠﻜﻲ)‪.(2‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺇﺟﺒﺎﺭ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﻀﺎﺀ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺎﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﲝﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ)‪ ،(3‬ﺇﻻ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻃﺮﻗﺖ ﺑﺎﺏ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺃﺩﺭﺟﺖ ﰲ ﺟﻠﺴﺔ ﻳﻮﻡ ‪ 14‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪،1951‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺗﻐﺾ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻋﻦ ﻣﺂﺳﻲ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﲢﺖ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺣﺪﺙ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﺟﻠﺖ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ)‪.(4‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺗﻌﻨﺖ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﰲ ﺇﲬﺎﺩ ﺻﻮﺕ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﺗﻠﻐﻴﻢ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﱵ‬
‫ﲰﺤﺖ ﳍﺎ ﺑﺎﻗﺎﻟﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻭ ﺇﺣﻼﻝ ﳏﻠﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﳋﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻼﺋﻬﺎ ﻭ ﻫﻮ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺮﻓﺔ)‪.(5‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﳌﻘﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻥ ﻳﺘﱪﺃ ﻣﻦ‬
‫ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﰲ ﺑﻼﻍ ﻋﻠﲏ ﻷﻧﻪ ﻳﻬﺪﺩ ﺃﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﺭﻓﺾ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﰲ ﺟﺎﻧﻔﻲ‬
‫‪ .1951‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺇﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.246-245‬‬
‫‪ -2‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.328‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﰲ ‪:‬ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪.249‬‬
‫‪ -4‬ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.249‬‬
‫‪ -5‬ﰲ ‪ 23‬ﺃﻭﺕ ‪ 1953‬ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺇﱃ ﻛﻮﺭﺳﻴﻜﺎ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺑﺮﺍﺯﺍﻓﻴﻞ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﻬﺎ ﰲ ‪ 29‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1954‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﻣﺪﻏﺸﻘﺮ ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﲰﺢ ﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺗﻌﻴﲔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﻠﻜﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺃﻣﲔ ﺳﻌﻴﺪ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.223‬‬

‫ﻭ ﻣﻨﺬ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻧﻔﻲ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﻧﺪﻟﻌﺖ ﺷﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺿﺪ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺣﺰﺏ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻔﺠﺮﺕ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﺘﺤﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻓﺄﺟﱪﺕ ﺍﳊﺎﻛﻢ "ﺍﺩﻏﺎﺭﻓﻮﺭ" ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﻬﺎﺝ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ)‪ ,(1‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ‬
‫ﻭﺟﻮﺩ ﺇﺗﺼﺎﻻﺕ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎﱐ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺟﻴﺶ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺭﺃﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻟﻠﺘﻤﺮﻛﺰ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻭ ﲡﺬﺏ ﺣﺮﺏ ﺍﻹﺳﺘﱰﺍﻑ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﰲ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺇﱃ ﺑﻼﺩﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻛﺎﺗﺮﻭ ﺇﱃ ﻣﺪﻏﺸﻘﺮ ﻣﻘﺮ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻡ ﻟﻪ ﺇﻋﺘﺬﺍﺭﺍﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻊ ﻗﺒﻮﻝ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺎﺣﺜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺩﺍﺭﺕ ﰲ ‪ 6‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪1955‬ـ ﲢﺼﻠﺖ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ‪‬ﺎ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺮﻭﺍﺑﻂ ﺩﺍﺋﻤﺔ)‪.(3‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 16‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1955‬ﺇﻟﺘﺤﻖ ﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﻭ ﻋﺰﻝ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺮﻓﺔ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ‪,‬ﺣﻴﺚ ﻋﻬﺪ ﰲ ‪ 7‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1955‬ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﺒﻜﺎﻱ ﺇﱃ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺃﻭﻝ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﻭﻃﻨﻴﺔ‬
‫ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ‪ 19‬ﻭﺯﻳﺮﺍ)‪.(4‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﺷﻬﺮ ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1956‬ﺑﺪﺃﺕ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺗﺮﺃﺱ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳌﻐﺮﰊ‬
‫ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻣﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﺒﻜﺎﻱ ﻭ ﺗﺮﺃﺱ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺑﻴﻨﻮ" ﻭ ﺗﻮﺟﺖ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﰲ ‪ 2‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1956‬ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ)‪(5‬‬
‫ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.331‬‬
‫‪ -2‬ﺃﻣﲔ ﺳﻌﻴﺪ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.224‬‬
‫‪ -3‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.334‬‬
‫‪ -4‬ﺃﻣﲔ ﺳﻌﻴﺪ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.225‬‬
‫‪ -5‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.225‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼــﻞ ﺍﻟﺜــﺎﱐ‪:‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

 ‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻠﻴﱯ ‪.‬‬ ‫‪- 1‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪.‬‬ ‫‪- 2‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﻐﺮﰊ‪.‬‬ ‫‪- 3‬‬

‫ﺇﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﲔ ﺃﻗﻄﺎﺭﻩ‪ ،‬ﻭ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﻃﺒﻌﺖ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﳎﺘﻤﻌﻪ‪ ،‬ﻣﺎﻓﺘﺌﺖ‬
‫ﲢﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﰲ ﺇﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺃﺩﺑﻴﺎﺕ ﺃﺣﺰﺍ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻮﺩ ﺣﺴﺐ ﺇﻋﺘﻘﺎﺩﻧﺎ‬
‫ﺇﱃ ﻋﺪﺓ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻭ ﺍﻹﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ﺑﲔ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻹﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﳉﻨﺴﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ‪.‬‬
 ‫‪ -3‬ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ‪.‬‬

‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺟﺴﺪﺕ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻟﺪﻯ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻟﺮﺟﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺗﺮﺳﻴﺨﻬﺎ ﰲ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻭ ﻭﺍﻗﻊ ﺣﺘﻤﻲ ﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﳌﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺘﺠﺰﺀﺓ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‬
‫ﺇ ﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻘﻲ ﻧﺎﻗﺼﺎ ﻭ ﻏﲑ ﻛﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﻘﻴﺖ ﺗﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺃﺷﻘﺎﺋﻪ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻊ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻴﻠﻲ ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﲔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﻣﻄﺎﻣﺢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪,‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ‬

‫‪,‬ﺑﲑﻭﺕ‪,‬ﻁ‪,2‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ، 1983‬ﺹ‪.83‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪.‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬

‫ﻟﻌﺒﺖ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺩﻭﺭﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺇﳝﺎﻥ ﻗﺎﺩﻬﺗﺎ ﻭ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﺳﺦ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﻳﺎﻡ ﳏﻨﻪ ﻭ ﺩﻋﻢ ﺛﻮﺭﺗﻪ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻣﻨﺬ‬
‫ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﺎﻡ ‪.1962‬‬
‫ﱂ ﺗﻜﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﳚﺮﻱ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﰲ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ‬
‫‪ 1956‬ﺍﻟﺬﻱ ﲤﺨﻀﺖ ﻋﻨﻪ ﻋﺪﺓ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﻏﲑﺕ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ‬
‫ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭ ﻭﺿﻊ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪،‬ﺭﻏﻢ ﺳﻠﺒﻴﺎﺕ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﺗﻔﺮﻳﻎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﳏﺘﻮﺍﻫﺎ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪,‬ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎ ﺁﺧﺮ ‪,‬ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﺃ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺇﻧﺪﻻﻋﻬﺎ ﻳﻌﻢ ﺭﺑﻮﻉ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻗﺎﻃﺒﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ‬
‫ﻣﺎﺟﻌﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻳﺘﺠﺎﻭﺏ ﻣﻌﻬﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ )‪ (1‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻣﻸﺕ ﺷﻮﺍﺭﻉ‬
‫ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻭ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺼﻠﺔ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻠﻴﱯ‪ ,‬ﻓﺈﻥ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮﺍ ﳍﻢ‪ ,‬ﻫﺮﻭﺑﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﱪﻕ ﻣﻘﺮ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪13‬‬
‫ﺟﻮﺍﻥ ﻋﺎﻡ ‪ ،(3)1956‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ "ﻭ ﺗﺮﻛﺰ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺣﻮﻝ ﻧﻘﺎﻁ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺃﻥ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﻛﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺗﺪﻋﻴﻤﻪ‪.(4)"...‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.177‬‬
‫‪ -2‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ‪ 4‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﱰﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳌﻔﻮﺽ ﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻔﻮﺿﻴﺔ ﻭ ﻫﺘﻔﻮﺍ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪،‬‬
‫ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.178/177‬‬
‫‪ -3‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﱪﻕ ﰲ ‪ 13‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1956‬ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﺴﻼﺡ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭ ﳌﲔ ﺩﺑﺎﻏﲔ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻤﺮ ﺩﺭﺩﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﺑﻠﻴﺒﻴﺎ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪:‬‬
‫ﺍﳌﺪﱐ ‪،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪164‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.165‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻋﱪ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻩ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻛﺪ ﺃﻥ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﺎ ﺗﺸﺘﺮﻙ ﺟﺴﺪﺍ ﻭ ﺭﻭﺣﺎ ﰲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﳜﻮﺿﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﻮﱄ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺸﻌﱯ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻣﻦ ﺇﺧﺘﻄﺎﻑ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﰲ ‪ 22‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﺩﺛﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﺰﻋﺰﻉ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﺗﻌﺎﻃﻔﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﻓﻘﺪ ﲤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺣﺎﺷﺪﺓ ﺟﺎﺑﺖ ﺧﻼﳍﺎ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑ‬
‫ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻣﻌﱪﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻋﻦ ﺳﺨﻄﻬﺎ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺻﻨﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻏﻠﻘﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻛﺎﻛﲔ ﻭ ﺍﶈﺎﻻﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ‪ .‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﺻﺒﺎﺡ ﻳﻮﻡ ‪ 24‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪.(2)1956‬‬
‫ﻭ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﻫﻮ ﲪﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﻣﺼﺮ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺎﻟﺖ ﺍﳍﺘﺎﻓﺎﺕ ﻣﻨﺎﺩﻳﺔ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﲝﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺇﱃ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﻔﺎﺭﰐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ)‪.(3‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺣﻜﻮﻣﻴﺎ ﻓﻘﺪ ﺩﻋﻲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺇﱃ ﺍﻹﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺴﺎﺀ ﻳﻮﻡ ‪ 23‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ,‬ﻭ ﺇﲣﺬ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﳍﺎ ﺇﺑﻼﻍ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺈﺣﺘﺠﺎﺟﻬﺎ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ )‪,(4‬ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ‪‬ﺎ ﻭ ﺍﳌﻨﺎﻓﻴﺔ ﲤﺎﻣﺎ ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻃﺎﻟﺒﺘﻬﺎ ﺑﺎﻹﻃﻼﻕ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ ﻟﺴﺮﺍﺡ‬
‫ﺍﶈﺘﺠﺰﻳﻦ ﻭ ﲪﻠﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺳﻼﻣﺔ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.165‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺬﻳﺐ ‪،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.279‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺗﻌﺘﱪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺃﻭﻝ ﻗﺮﺻﻨﺔ ﺟﻮﻳﺔ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪.‬‬
 ‫‪ – 5‬ﺍﻟﺬﻳﺐ ‪,‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺭﺃﺕ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﺮ ﺭﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎﺟﺴﺪﻩ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺪﺭ ﻳﻮﻡ ‪ 17‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1957‬ﻭ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﺻﺒﺢ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻠﺤﺔ ﻹﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻦ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﰲ ﻛﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪.(1 )"...‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﳌﺪﻋﻢ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﱂ ﻳﺮﺽ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ‬
‫ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﺗﺴﻤﻴﻢ ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺑﺬﻝ ﻛﻞ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻋﺰﳍﺎ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺟﺮﻫﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﺸﻠﺖ ﰲ ﻣﺴﻌﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﺇﺳﺘﻤﺮﺕ‬
‫ﻟﻴﺒﻴﺎ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭ ﺣﺘىﻤﺎﺩﻳﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺭﻓﻀﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﺿﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﻋﺎﻡ ‪.(2)1957‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺪﻋﻢ ﺃﻛﺪﺗﻪ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﳌﺜﻘﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺍﺣﺖ ﲣﺪﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻭ ﺗﻀﺮﺏ ﺃﺭﻭﻉ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﰲ ﺍﳌﺂﺯﺭﺓ ﻭ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﳌﺜﺎﱄ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﴰﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﳛﺔ‬
‫ﻛﻞ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﺍﳌﺨﻠﺼﲔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭ ﺻﺤﻔﻴﲔ ﻭ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﻭ ﺧﻄﺒﺎﺀ‪" ،‬ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ‬
‫ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ :‬ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﻭ ﳏﻤﻮﺩ ﺻﺒﺤﻲ ﻭ ﻋﻠﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﳌﺼﺮﺍﰐ ﻭ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭ ﳏﻤﺪ‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻭﺵ ﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻮﻫﺮﻭﺱ ﻭ ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳌﺴﻌﻮﺩﻱ ﻭ ﺩﻧﻒ ﺍﳌﺴﻼﰐ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﱐ ﻭ ﻏﲑﻫﻢ ﻛﺜﲑ‪،‬‬
‫ﻭ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﲨﻴﻌﻬﻢ ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ ﻭ ﳜﻄﺒﻮﻥ ﰲ ﲪﺎﺱ ﻭ ﺗﻔﺎﻥ ﻣﻨﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨﻈﲑ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﳛﺘﺎﺟﻮﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﺇﱃ ﻣﻦ‬
‫ﻳﺸﺠﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻭ ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ‪.(3)"..‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،15‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 20‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1957‬ﺹ‪.12‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 22‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1958‬ﺹ ﺹ ‪.5-1‬‬
‫‪ -3‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ‪ ,‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺴﺎﺀ‪" ،‬ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ"‪ ، ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 17‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‬
‫‪ ،1995‬ﺹ‪.17‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﱂ ﺗﻮﺟﻪ ﳍﺎ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪,1958‬ﺭﻏﻢ ﺃﳘﻴﺘﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭ ﻛﺎﻥ ﺑﺈﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﺩﻓﻊ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻟﻮ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﺴﺘﺎﺀﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻭﺟﻬﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﺳﺘﻌﺠﺎﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻔﺎﺭﻬﺗﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻟﻠﺤﻀﻮﺭ ﺇﱃ ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ‪ .‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺻﻠﻬﺎ ﰲ ‪ 21‬ﺟﻮﺍﻥ ‪, 1958‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﻣﺸﻜﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ‬
‫ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭ ﺍﻷﻣﲔ ﺩﺑﺎﻏﲔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 22‬ﺟﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺇﺳﺘﺪﻋﻲ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍ‪‬ﻴﺪ ﺍﻟﻜﻌﺒﺎﺭ‪ ،‬ﲝﻀﻮﺭ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﺒﻮﺭﻱ ‪,‬ﺣﻴﺚ "ﺃﺑﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺇﺳﺘﻴﺎﺀﻫﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ )‪,( 2‬ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻭ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﻋﻮﺍ ﻟﻌﻘﺪ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ‬
‫ﺩﻋﻮﺓ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻟﻪ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﳊﻤﺎ ﻭ ﺩﻣﺎ ﻭ ﻋﺎﻃﻔﺔ")‪.(3‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﳌﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻟﻨﻘﻞ ﺇﺳﺘﻴﺎﺀﻫﺎ‬
‫ﻟﻺﺧﻮﺍﻥ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲡﺎﻫﻠﻮﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﲟﺮﺍﺳﻠﺔ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ‬
‫ﻭ ﺇﺑﻼﻏﻬﻢ ﺇﺳﺘﻴﺎﺀ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ )‪ ,(4‬ﳏﺎﻭﻻ ﺗﻠﻄﻴﻒ ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﲤﺎﺷﻴﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺘﻔﺎﺩﻯ ﺃﻱ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﲝﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻟﻜﻞ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﺎ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻴﺰ ﻷﻱ ﻃﺮﻑ ﻛﺎﻥ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.391/390‬‬
‫‪ -2‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ‪,‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬ﻣﻌﻤﺮﺍﻟﻌﺎﻳﺐ‪:‬ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ‪,‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ‪,‬ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ‪,‬ﻧﻮﻗﺸﺖ ﺑﻘﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ‪,‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪,‬ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻮﻋﺰﺓ ﺑﻮﺿﺮﺳﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ‪. 2002‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﺪﱐ‪,‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻟﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﳋﻠﻔﻴﺔ‬
‫ﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﺭﲰﻴﺔ ﻟﻠﻴﺒﻴﺎ‬
‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻗﺎﻡ ﻭﻓﺪ ﺭﲰﻲ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﳝﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻟﻴﺒﻴﺎ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻘﺒﻞ ﺇﺳﺘﻘﺒﺎﻻ ﺷﻌﺒﻴﺎ ﻛﺒﲑﺍ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻫﻮ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺍﳉﺰﻳﻞ‬
‫ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﺬﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﻮﺩ ﻣﻀﻨﻴﺔ ﻭ ﻣﻌﺘﱪﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍ ﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﳉﻨﺔ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺷﺮﻑ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻷﺧﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺣﻀﻲ ﺑﺈﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳌﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺭﻓﻌﺖ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺭﺩﺩ ﺍﳊﺎﺿﺮﻭﻥ ﻫﺘﺎﻓﺎﺕ ﺗﺸﻴﺪ‬
‫ﲝﻴﺎﺓ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻭﻛﻞ ﺍﳌﻨﺎﺿﻠﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ)‪.(2‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍﻟﺒﺎﺳﻠﺔ ﺑﻘﻴﺖ ﺭﺍﺳﺨﺔ ﰲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﺎ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﻘﻮﺍ ﺃﻭﻓﻴﺎﺀ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﻢ ﳍﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻀﺎﻑ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ﰲ ‪ 14‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﻭﻓﺪﺍ‬
‫ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺎ ﺭﲰﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺎﺱ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻭﺯﻳﺮ‬
‫ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻛﺮﱘ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ ،‬ﻭ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳌﻮﺍﺻﻼﺕ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻔﻴﻆ ﺑﻮﺻﻮﻑ‪ ،‬ﻭ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ‬
‫ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍ‪‬ﲏ‪ ،‬ﻭ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﺰﻫﻮﺩﻱ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ )‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،37‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪.1959‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﳋﺎﺹ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻠﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪,‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪.37‬‬

‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻸﳘﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻟﻮﻓﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ‪ ،‬ﺗﻮﺟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﲞﻄﺎﺏ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﻬﻧﺾ ﻋﻦ ﺑﻜﺮﺓ ﺃﺑﻴﻪ ﻹﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻮﻓﺪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻌﱪﺍ ﻋﻦ ﺗﻌﺎﺿﺪﻩ ﻭ ﺗﻀﺎﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﳑﺎ ﺑﻘﻲ ﺭﺍﺳﺨﺎ ﰲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﻫﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﻌﱪﺓ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺳﺠﻠﻬﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﰲ ﺳﺠﻞ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻧﺼﻬﺎ‪" :‬ﺗﺸﺮﻓﻨﺎ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ‬
‫ﻣﻌﻘﻞ ﺍﻷﺷﺒﺎﻝ ﻭ ﻣﻌﻤﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻳﺒﲏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺍﻋﺪ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﺍﻷﺷﺪﺍﺀ‪.‬‬
‫ﻓﻬﻨﻴﺌﺎ ﻟﻠﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻓﻊ ﻣﻨﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﲢﺮﺱ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﻫﻨﻴﺌﺎ ﻟﻠﻌﺮﻭﺑﺔ ‪‬ﺆﻻﺀ‬
‫ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ ﺑﺈﺳﻢ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻭ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻧﻨﺤﲏ‬
‫ﺇﺟﻼﻻ ﻭ ﺇﺣﺘﺮﺍﻣﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺷﻬﺪﺍﺀ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﻭ ﳕﺠﺪ ﺟﻬﻮﺩ ﻋﺎﻣﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ‪ ،‬ﻭ ﻧﺪﻋﻮﺍ ﳍﺎ ﺑﺎﻟﻌﺰﺓ ﻭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ‬
‫ﲢﺖ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﳌﻌﻈﻢ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﻃﺎﻝ ﺍﷲ ﺣﻴﺎﺗﻪ‪.(2 )"...‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﺇﱃ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺛﻮﺭﺗﻪ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﻋﱪ ﻛﻞ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻛﺘﺒﺖ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻟﻠﻴﱯ"‪ ،‬ﺇﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﰲ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﺂﺯﺭﺗﻪ ﻟﻠﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻣﻨﺤﻪ‪ ،‬ﻭ ﺩﻋﻤﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﲡﻨﻴﺪ ﻛﻞ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻛﻞ ﺗﻘﺎﻋﺲ ﳐﺠﻞ ﺃﻭ ﺃﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺎﺋﻌﺔ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﺎﻩ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪1959‬‬
‫ﲜﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪.,37‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،37‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪.1959‬‬
‫‪-3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،68‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﻣﺎﻱ ‪.1960‬‬

‫ﻭ ﻣﻊ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻭ ﺗﺮﺩﺩ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ‬
‫ﻭ ﺩﻭﻟﻴﺎ‪ ،‬ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻟﻸﺷﻘﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻋﺘﱪﻭﻫﺎ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻣﻘﺪﺳﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺗﺄﺩﻳﺘﻪ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺯﻛﺘﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺭﲰﻴﺎ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﻮﺿﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﻓﺮﻕ ﺍﳌﺘﻄﻮﻋﲔ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪﺕ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻋﺪﺓ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ‬
‫ﻭ ﻣﺆﲤﺮﺍﺕ ﻣﺼﲑﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻛﺎﻥ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﲟﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻬﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻭ ﺳﺨﺮ ﳍﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‬
‫ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻹﳒﺎﺣﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺩﻳﺴﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﺭﺗﲔ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1958‬ﻭ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﰲ ‪ 16‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪.(2)1959‬‬
‫ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻫﺎﺗﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﳑﻴﺰﺓ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺟﺎﺀﺕ ﻟﺘﺒﺤﺚ‬
‫ﺇﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﳊﺮﺏ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺗﻀﻊ ﺃﺳﺎﺳﺎ‬
‫ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺎ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺼﺎﺩﻗﺔ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻣﻦ ﻣﺒﺪﺃ‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﺢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺛﻘﺔ ﺍ‪‬ﻠﺲ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﰲ ﺇﲣﺎﺫ ﺃﻱ ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺮﺍﻩ ﺻﺎﳊﺎ‬
‫ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﻓﺘﺢ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،68‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﻣﺎﻱ ‪.1960‬‬ ‫‪-1‬‬

‫ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،102‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 14‬ﺃﻭﺕ ‪.1961‬‬ ‫‪–2‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻗﺒﻠﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺜﻔﻮﺍ ﻧﺸﺎﻃﺎﻬﺗﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻭ ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺼﺮﺓ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻟﻘﻮﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ﻭ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻣﻬﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ‬
‫ﻛﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﳌﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻌﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮﻫﻢ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺃﻭﺕ ‪,(1)1961‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﰲ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ ‪1956‬ﻭﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‬
‫ﻋﺎﻡ‪ , 1957‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻮﱄ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺧﺪﺓ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ)‪.(2‬‬

‫ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ‪,‬ﻫﻮ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻘﺪﻩ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﰲ‬
‫ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 22‬ﻭ ‪ 27‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1962‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﰒ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻟﻘﺪ ﺣﺪﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﻬﻢ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺻﺎﺩﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺗﻀﺒﻂ ﺇﲡﺎﻩ ﻭ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺻﺎﺩﻕ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺭﺍﺕ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻧﺸﺎﻁ ﺟﻴﺶ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭ ﺗﺪﻋﻴﻢ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻹﻃﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻛﺪ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﳊﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻞ ﳑﻜﻦ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ‪" :‬ﻟﻴﺒﻴﺎ‬
‫ﻭ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ"‪ .‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺴﺎﺀ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺷﻌﺒﺎﻥ ‪1415‬ﻫـ‪ 17/‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪،1995‬‬
‫ﺹ‪.17‬‬
‫‪ -2‬ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﺷﻌﲑ‪ :‬ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳍﺪﻯ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﻋﲔ ﻣﻠﻴﻠﺔ ‪،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪،1993‬‬
‫ﺹ‪.24‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‬

‫ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻟﻴﻮﺍﺟﻪ ﲢﺪﻳﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺇﺧﻀﺎﻉ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻺﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪,‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻹﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻺﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﺣﻮﻝ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﻣﺼﲑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﺇﺟﺮﺍﺅﻩ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪.(1)1962‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺩﻋﺖ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺧﺪﺓ‪ ،‬ﺍ‪‬ﻠﺲ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺑﺎﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﻬﺗﻴﺌﺔ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻣﻦ ‪ 25‬ﺇﱃ‬
‫‪ 31‬ﻣﺎﻱ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1962‬ﻓﻜﺎﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻀﺮﻩ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﺘﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﰎ ﻭﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﳌﺮﺣﻠﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﳒﺎﺣﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺒﻪ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻮﻥ ﺣﱴ ﻳﺘﺴﲎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺿﻊ‬
‫ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻫﻲ‬
‫ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻫﻢ ﻧﻘﻄﺔ‬
‫ﺧﺮﺝ ‪‬ﺎ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻫﻲ ﺇﻗﺮﺍﺭﻩ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﲢﻮﻳﻞ‬
‫ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﻌﺪ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺇﺑﺎﻥ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺇﱃ ﺣﺰﺏ ﻃﻼﺋﻌﻲ ﲨﺎﻫﲑﻱ ﺗﻌﺒﻮﻱ)‪ ،(3‬ﻭ ﻗﺪ ﺑﻘﻲ‬
‫ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻣﺼﺪﺭ ﺇﳍﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ‬
‫ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺖ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺃﻥ ﰎ ﺻﺪﻭﺭ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪.1964‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻟﻄﻔﻲ ﺍﳋﻮﱄ‪ :‬ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳍﺪﻯ‪ ،‬ﻋﲔ ﻣﻠﻴﻠﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1992‬ﺹ ‪29‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻀﺮﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻋﻠﻲ ﻛﺎﰲ‪" :‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ"‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،488‬ﻣﻦ ‪ 1‬ﺇﱃ ‪ 6‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1990‬ﺹ‪.15‬‬
‫‪ -3‬ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ‪ :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺃﻳﻦ؟ ﺗﺮﲨﺔ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺯﻏﻴﺒﺔ ﻭ ﺁﺧﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪،1992‬‬
‫ﺹ‪.19‬‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮﺋﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻨﻔﺲ ‪‬ﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﻓﻤﻨﺬ ﺇﻧﺪﻻﻉ‬
‫ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻓﻌﺎﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺧﲑﺓ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﱪ ﺍﳌﻨﻔﺬ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻟﺘﻮﺯﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ‬
‫ﺃﻟﻘﻴﺖ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫﻞ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﺍﻟﻀﺎﻟﻌﲔ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﻭ ﺍﳌﺨﺘﺼﲔ ﰲ ﻬﺗﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻢ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻣﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﺍﳌﻨﺘﺸﺮﺓ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺃﳓﺎﺀ ﺑﺮﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﻧﺘﻘﻞ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﻬﺮﻳﺐ ﺇﱃ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ )‪.(1‬‬
‫ﱂ ﺗﻜﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻬﺮﻳﺐ ﻫﺎﺗﻪ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ ﻭ ﻫﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ‪ ،‬ﺑﻞ "ﰎ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﻣﻊ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﻴﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻟﻺﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﱃ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭ ﺇﺳﺘﻼﻡ‬
‫ﻣﺒﻠﻎ ﲬﺴﺔ ﺁﻻﻑ ﺟﻨﻴﻪ ﺇﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻮﻓﲑ ﺃﻛﱪ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﺇﻋﺪﺍﺩﻫﺎ ﻟﻠﺘﻬﺮﻳﺐ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺒﲔ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺇﻧﺘﻬﺎﺝ ﻧﻔﺲ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻬﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﻼﺣﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ‬
‫ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﺧﱪﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻭ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻓﻌﻼ ﻛﻤﻴﺔ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﻢ‪.(2)"...‬‬
‫ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﳌﻨﻔﺬ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﺑﺸﺮﺍﺋﻬﺎ ﻧﻘﻠﺖ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻷﻭﺭﺍﺱ ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﳉﻤﺎﻝ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.58‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬

‫ﻣﻊ ﻣﺮﺣﻠﺘﲔ‪ ،‬ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ‬
‫ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﺇﱃ ﺍﻷﻭﺭﺍﺱ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﲟﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻜﺎﻑ ﻭ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺇﺷﺮﺍﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﲝﻠﻮﻝ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻭﺍﻓﻘﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ‬
‫ﺣﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﳌﻬﺮﺑﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻭ ﲣﺰﻳﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺣﱴ ﲢﲔ ﻓﺮﺻﺔ‬
‫ﺇﺩﺧﺎﳍﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻛﻠﻒ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺩﺭﻧﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻗﺼﺪ ﺗﺄﻣﲔ ﺇﻧﺰﺍﻝ‬
‫ﺷﺤﻨﺔ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺩﺍﺭﻩ ﻧﻘﻄﺔ ﲣﺰﻳﻦ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻹﳒﺎﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻭ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺳﺘﻐﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺖ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﳌﻠﻚ‬
‫ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻘﻖ ﳒﺎﺣﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍ‪‬ﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪.‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﺗﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺃﲪﺪ ﺑﻴﻮﺽ ﺇﱃ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﺍﳌﺘﻀﻤﻨﺔ ﳒﺎﺡ ﻋﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ)‪ ،(3‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﺘﻨﻘﻞ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﺘﻬﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪ ،‬ﻭ ﺭﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳉﺒﻬﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻔﺎﺭﺓ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﻄﻠﺐ ﺣﻀﻮﺭ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ‬
‫ﺗﻌﻴﲔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ)‪.(4‬‬
‫ـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.60‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.63‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﳏﺘﻮﻯ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﰲ ‪:‬ﺍﳌﺪﱐ ‪ ,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ‪.175‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.175‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ ‪ ،1956‬ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺇﻧﻄﻼﻗﺔ ﳑﻴﺰﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺍﳌﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﳍﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﻘﺎﺩﺓ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺇﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ﻭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﺪﻋﻤﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺔ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻟﺘﻬﺮﻳﺐ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻧﺸﺎﻁ ﻬﺗﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‬
‫ﻭ ﱂ ﺗﺜﻦ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﰲ ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﳒﺤﺖ ﰲ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﳌﻬﺮﺑﺔ ﻭ ﻻ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺟﻬﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﻀﺮﻭﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭ ﺑﺎﻷﺧﺺ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﺸﻴﻂ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ‬
‫ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ "ﺟﺎﻳﻠﺰ" ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻏﺮﻳﺎﻥ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻬﺗﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﳒﺤﺖ )‪ ,(2‬ﺑﻞ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﺂﳍﺎ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺪﻭﺭ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺒﻪ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ‪.‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 27‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﺭﺃﺕ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﻘﻴﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻋﻘﺪ‬
‫ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﺗﻘﻴﻴﻤﻲ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﰎ ﺇﻋﻼﻡ ﻛﻞ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﲟﺎ ﻗﺮﺭﺗﻪ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻟﻸﺳﻠﺤﺔ ﻓﻴﻤﺎ‬
‫ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻠﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﺪﻯ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻦ ﺣﻠﻴﻢ ﻟﻴﻀﻊ ﲢﺖ‬
‫ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻟﻸﺳﻠﺤﺔ "ﻣﻄﺎﺭﺍ ﺃﻭ ﻣﻄﺎﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﳉﻨﻮﺏ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﻬﺗﺮﻳﺐ‬
‫ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭ ﺇﻳﺼﺎﳍﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﻮﺭﺍ ﻭ ﺑﺼﻔﺔ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭ ﻗﺪ ﲤﺖ ﺍﳌﺼﺎﺩﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﳉﻤﻴﻊ‪.(3)"...‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﺍﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ‬
‫ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﳊﺮﺍﺳﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.61‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.176‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.138-137‬‬

‫ﱂ ﺗﺒﺨﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﲤﻠﻜﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﺃﺑﺪﺕ ﻛﻞ ﺍﻹﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‬
‫ﻃﻠﺒﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﻬﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻋﺘﱪﺕ ﺫﻟﻚ ﲢﻘﻴﻘﺎ ﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﰲ‬
‫ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻣﻊ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﺎ ﻭﺿﻊ ﻛﻞ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ‬
‫ﲝﻮﺯﻬﺗﺎ ﲢﺖ ﺗﺼﺮﻑ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻫﻮ ﺇﲣﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭ ﺇﳚﺎﰊ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‬
‫ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭ ﺍﻷﻣﲔ ﺩﺑﺎﻏﲔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺇﲡﻬﺎ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﱃ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﰲ ‪ 30‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪.(1)1956‬‬
‫ﻭ ﲝﻠﻮﻝ ﺃﻭﻝ ﻣﺎﻱ ‪ ،1956‬ﺇﻟﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﻨﻈﲑﻩ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﲝﻀﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ‬
‫ﺑﻦ ﺣﻠﻴﻢ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻭ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻄﲑﺍﻥ ﻭ ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻄﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳉﻨﻮﺏ‪ ،‬ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺔ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻓﻘﺪ ﰎ ﰲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﱯ)‪ ,(2‬ﺣﱴ ﺗﺘﻢ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﰲ ﳎﻤﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﻴﺔ ﻬﺗﺮﻳﺐ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺇﺩﺧﺎﻟﻪ ﺇﱃ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺧﺮﺝ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻮﻓﺪﺍﻥ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﻃﺮﺡ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺇﻧﺸﻐﺎﻻﺕ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﻭ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺗﻮﻓﲑ ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻭ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﲔ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻡ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭ ﺍﻷﻣﲔ ﺩﺑﺎﻏﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ‪ ،‬ﻳﻮﻡ ‪ 30‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1956‬ﺣﻴﺚ ﺃﻗﺎﻡ ﰲ ﺃﻛﱪ ﻧﺰﻝ ﺍﳌﻬﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﺇﺗﺼﺎﻝ ﻟﻪ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻫﻮ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻊ ﺑﻴﻨﻪ ﻭ ﺑﲔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﺣﻠﻴﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳍﺎﺗﻒ‪ ،‬ﻟﻴﺘﻢ‬
‫ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﲝﻀﻮﺭ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺃﲪﺪ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻲ ﺳﻔﲑ ﻣﺼﺮ ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺍﳌﺪﱐ‪،‬‬
‫ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.141‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.142‬‬

‫‪ -2‬ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﻴﺒﻴﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺸﺮﺍﺀ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﺈﲰﻬﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﻳﺘﺴﻠﻤﻮﻬﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ‪ ،‬ﰒ ﻳﺘﻢ ﻬﺗﺮﻳﺒﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﲣﺼﻴﺺ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻣﻄﺎﺭﺍ ﺃﻭ ﻣﻄﺎﺭﻳﻦ ﺑﺎﳉﻨﻮﺏ ﻭ ﺗﺰﻭﻳﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﻄﺎﺋﺮﺓ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﺮﺗﲔ‪،‬‬
‫ﻗﺼﺪ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻗﺘﺮﺍﺣﺎﺕ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻹﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺍﻹﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻭﺻﻮﳍﺎ ﻭ ﺗﺄﻣﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺳﻴﺪﻋﻢ ﻻﳏﺔ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺍﳉﻬﺎﺩ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻓﺪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺫﻟﻚ ﺗﻘﺮﺭ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﻳﻀﻊ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﲢﺖ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻄﺎﺭ ﺑﻠﺪﺓ ﻧﺎﻟﻮﺕ ﻭ ﻣﻄﺎﺭﺍ ﺁﺧﺮ ﺣﺮﺑﻴﺎ‬
‫ﻳﻘﻊ ﺟﻨﻮﺏ ﻓﺰﺍﻥ‪ ،‬ﻭ ﻛﻼ ﺍﳌﻄﺎﺭﻳﻦ ﻏﲑ ﺻﺎﱀ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻮﻛﻞ ﺃﻣﺮ ﺇﺻﻼﺣﻬﻤﺎ ﺇﱃ ﳉﻨﺔ ﺣﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻣﺼﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﲢﺪﻳﺪ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻬﺎ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺩﺍﻛﻮﺗﺎ ‪DAKOTA‬‬
‫‪،‬ﻷﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺴﺮﺏ ﺑﲔ ﺍﳉﺒﺎﻝ ﰲ ﻃﲑﺍﻥ ﻣﻨﺨﻔﺾ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﲑﺍﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ‬
‫ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺮﺍﺩﺍﺭ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﲟﺼﺮ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺟﻮﺍ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ‬
‫ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺗﻔﺎﺩﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﰲ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﻭ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰ ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‪.‬‬
‫‪-4‬ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﰲ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻋﻮﺽ ﺍﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭ ﺗﻮﻓﲑ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﺩﺍﺧﻞ ﻟﻴﺒﻴﺎ)‪.(2‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.143/142‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻭ ﺇﻧﺘﻬﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﲟﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻭ ﻫﻮ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺣﺐ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﻓﺪ ﺗﺮﺣﻴﺒﺎ ﺧﺎﺻﺎ )‪.(1‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺑﻘﻴﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺪﻋﻢ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﻤﺎﺡ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺘﻬﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻋﱪ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺮﻳﺔ ﺗﻨﻘﻞ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‬
‫ﺩﺍﺧﻞ ﺗﺮﺍ‪‬ﺎ )‪ ،(2‬ﺭﻏﻢ ﺗﻮﺗﺮ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﺑﲔ ﻣﺼﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺼﺮ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻌﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻏﻠﻖ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﲜﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﻹﺭﺟﺎﻉ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺣﱴ ﻻ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺬﻟﻚ )‪.(3‬‬

‫ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻘﻴﺖ ﳉﻨﺔ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﲨﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳊﻔﻼﺕ ﺍﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﺎ ﲡﻨﻴﻪ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺴﻨﻤﺎ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﳏﺎﺻﻴﻞ ﺍﳉﻠﻮﺩ ﲟﻨﺎﺳﺔ ﻋﻴﺪ ﺍﻷﺿﺤﻰ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻌﺜﺖ ‪‬ﺎ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻔﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﺍﳌﺆﺭﺧﺔ ﺑﻄﱪﻕ ﰲ ‪ 13‬ﺷﻮﺍﻝ ‪1375‬ﻫـ ﺍﳌﻮﺍﻓﻖ ﻝ‪ 23‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1956‬ﺇﱃ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳌﻘﻴﻤﲔ‬
‫ﺑـ‪ 32‬ﺷﺎﺭﻉ ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺛﺮﻭﺕ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺎﳌﻮﺍﻓﻘﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﳏﺘﻮﻯ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭ ﳏﺘﻮﻯ ﺭﺩ ﺃﻋﻀﺎﺀ‬
‫ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ‪ :‬ﺍﳌﺪﱐ ‪,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ ﺹ‪.275-274‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.177‬‬
‫‪ -3‬ﻟﻘﺪ ﳒﺢ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺑﺎﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧﻞ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﰎ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﺮﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﺣﻠﻴﻢ ﰲ ‪ 4‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1956‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﳍﻢ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ‬
‫ﺩﻋﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻭ ﺃﻥ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﳌﺮﻭﺭ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﻐﻴﲑ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﲝﺮﻳﺔ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺪﱐ‪:‬‬
‫ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.276/275‬‬
‫‪ -4‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ ‪ 12‬ﺍﻟﻜﺸﻮﻓﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﺤﺎﺻﻴﻞ ﺍﳉﻠﻮﺩ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﻋﻴﺪ ﺍﻷﺿﺤﻰ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ)ﳐﻄﻮﻁ(‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ‪,‬ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻟﻌﺐ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳍﺎﺩﻱ ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ ﺩﻭﺭﺍ ﺭﻳﺎﺩﻳﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ‬
‫ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1956‬ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﲬﺲ ﺻﻜﻮﻙ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﺑﻨﻚ‬
‫ﻣﺼﺮ ﳊﺴﺎﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﻴﻊ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﺷﺮﻑ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﺤﺺ ﻭ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﻮﻗﻮﻓﻬﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺛﻮﺭﺗﻪ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﻢ ﺍﳊﺎﺝ ﺣﺴﻮﻧﺔ ﻓﺤﻴﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻨﲔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻋﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳉﻨﺔ ﲨﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻭ ﻗﺪ ﺃﺻﻔﺮﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﲨﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ 20500‬ﺟﻨﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭ ﻓﺤﺺ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫‪ 12100‬ﺑﻄﺎﻗﺔ )‪.(2‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﱂ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭﺍﺕ ﺍﶈﻤﻠﺔ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﲟﻨﻄﻘﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻡ ﻟﺘﺸﺤﻦ ﺇﱃ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﺃﺣﺪ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺍﻟﻠﻴﺒﲔ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ‪،‬‬
‫ﻭ ﻛﺎﻥ ﳛﺮﺳﻬﺎ ﺍﳉﻨﻮﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻮﻥ ﻟﻴﻼ ﺣﻴﺚ ﲣﺰﻥ ﰲ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ‪ ,‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﱃ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪،‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺗﺘﻢ ﲝﻀﻮﺭ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻜﻮﻙ ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﳋﺎﺹ ‪‬ﺎ ﺭﻗﻢ ‪, ,13‬ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ‪ ,‬ﺍﳌﺼﺪﺭﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﻔﺼﻠﺔ ﺑﺎﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪,14‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.295/294‬‬
 ‫ﻭ ﺇﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﲰﺤﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺗﻌﻴﲔ ﻓﺮﻗﺔ‬
‫ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ ﰲ ﻭﺍﺣﺔ ﻓﺰﺍﻥ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭ ﻣﻊ‬
‫ﻭﺍﱄ ﻓﺰﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﻨﺼﺮ )‪.(1‬‬
‫ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺇﻛﺘﺸﻔﺖ ﺩﻭﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻠﻴﱯ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ‬
‫ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺷﺘﺒﺎﻛﺎﺕ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﺑﲔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻌﻬﻢ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺇﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ‬
‫ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺭﺩ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻫﻮ ﲡﺎﻫﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺘﻞ‬
‫ﻭﺍﺣﺔ ﻓﺰﺍﻥ )‪ ,(2‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺩﺧﻮﻝ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﻮﺍﻓﻞ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺮﺯﻭﻕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ‬
‫ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺿﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺃﻯ ﻭ ﻣﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺮﺍﺑﻄﺔ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﱂ ﲢﺮﻙ ﺳﺎﻛﻨﺎ )‪.(3‬‬

‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺗﻔﺎﻋﻠﺖ ﻣﻊ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﺈﻥ‬
‫ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻔﺘﻬﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺃﻬﻧﺎ ﻧﺼﻒ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﳍﺎ‬
‫ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﺍﺟﺐ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍ‪‬ﻴﺪﺓ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﻒ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺪﻋﻢ‬
‫ﻭ ﻣﺆﻳﺪ ﻷﺧﺘﻬﺎ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺴﺎﻋﺪﻬﺗﺎ ﲟﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻘﺪﳝﻪ ﳍﺎ ﺣﱴ ﲣﻔﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ‬
‫ﺗﻘﺎﺳﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﶈﻦ ﻭ ﺍﻟﻮﻳﻼﺕ )‪.(4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.312‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.313‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.315-314‬‬
‫‪ -4‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﳌﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻃﺮﺍﺑﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ‪,‬ﺭﻗﻢ‪,3‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 21‬ﻓﱪﺍﻳﺮ‪. 1958‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﺘﺤﺖ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻭﺍﺳﻌﺎ‬
‫ﺃﻣﺎﻡ ﳉﻨﺔ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﳌﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺬﺍ ‪‬ﺎ ﺇﱃ ﺇﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﻓﺮﺍﺩ‬
‫ﻓﺮﻗﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺃﺳﻬﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﺎﺗﺐ ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﰲ ﻣﺰﺭﻋﺔ ﺃﺑﻨﺎﺀ‬
‫ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪.(1)1959‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺑﺒﺎﺏ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺷﺎﺭﻉ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﺭﻗﻢ ‪7‬‬
‫ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ ﻣﻦ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﻭ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻜﺸﻮﻓﺎﺕ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺳﺨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﲢﺬﻭﻩ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻓﻜﺮﺓ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﻋﻢ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ )‪.(2‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﺮﺍﺳﻼﺕ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ ﺑﲔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻭ ﺑﻌﺾ ﻗﺎﺩﺓ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻌﺜﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﺇﱃ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳉﻨﺔ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﻳﻦ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ ﻳﺸﻜﺮﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻌﺜﻬﺎ ﻟﻪ ﰲ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ)‪.(3‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﻇﻬﺮ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﻟﻠﺠﻨﺔ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ‬
‫ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺟﺮ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﻋﻼﻗﺎﻬﺗﺎ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ‬
‫ﺣﺪﺙ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻘﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻬﺪﺕ ﺑﺄﻥ ﻻ ﺗﺴﺘﻮﺭﺩ ﺃﻱ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻐﻴﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺑﻠﺪ ﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻐﻴﺎﺭ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﻊ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﳋﺎﺹ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺭﻗﻢ ‪,16‬ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ‪,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪15‬ﺍﳋﺎﺹ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﻜﺸﻮﻓﺎﺕ‪,‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ ﳏﺘﻮﻯ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻋﺪ ﺇﱃ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﳋﺎﺹ ‪‬ﺎ‪,‬ﺑﻨﻔﺲ‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﻟﻠﻨﻘﻞ ﻭ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﲜﺎﻣﻊ‬
‫ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ‪,‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪, 17‬ﺑﻨﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ‪.‬‬
‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﲡﻨﻴﺪ ﻛﻞ ﻃﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻟﻨﺼﺮﺓ‬
‫ﻭ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﳉﻨﺔ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺗﻮﺟﻪ ﻧﺪﺍﺀﺍﻬﺗﺎ ﺍﳌﺘﻜﺮﺭﺓ ﻟﻺﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﻭ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﺑﺘﺸﻜﺮﺍﻬﺗﺎ ﺍﳋﺎﻟﺼﺔ ﻟﻜﻞ ﺍﳌﺘﱪﻋﲔ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺴﻪ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﺍﳌﻌﱪ ﺍﳌﺆﺭﺥ ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ ﰲ ‪ 28‬ﻣﺎﻱ‬
‫‪ 1962‬ﻭ ﺍﳌﻮﺟﻪ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ)‪.(1‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﺎ ﺑﻮﺍﺟﺒﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﲡﺎﻩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻭﻗﻔﺖ ﻣﻮﻗﻔﺎ‬
‫ﺑﻄﻮﻟﻴﺎ ﲡﺎﻩ ﺷﻌﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ )‪.(2‬‬

‫ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﺑﺎﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪, 19‬ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ‪,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺍﳌﺸﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺒﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﳋﻮﺍﺹ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺳﺎﱂ‬
‫ﺷﻠﺒﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻊ ﺷﺎﺣﻨﺎﺗﻪ ﲢﺖ ﺗﺼﺮﻑ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪,‬ﰲ ﻧﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪ ,‬ﺃﻧﻈﺮ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‬
‫ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻋﻤﺮﺍﱐ ‪,‬ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺢ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪,‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ‪,..‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ‬
‫ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ‪,‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪, 2001‬ﺹ‪.97‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ - 1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪.‬‬
 ‫‪-1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬

‫ﺗﺸﻜﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺿﻌﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻺﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﳌﺼﲑ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﻤﺮﻛﺰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‬
‫ﺍﳍﺎﺭﺑﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﳌﻤﻴﺰ ﺃﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺇﻧﺘﺸﺮ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﰲ ﺭﺑﻮﻉ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﲡﺎﻭﺏ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﻘﻴﻤﲔ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﺧﺎﺻﺔ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻧﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻤﻠﺖ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ ﺧﱪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻟﺘﺰﻳﺪ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻗﻮﺓ ﻭ ﺻﻼﺑﺔ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺛﻮﺭﻬﺗﻢ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺑﺎﳌﻬﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺘﻈﺮﻫﻢ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻌﻬﻢ ﰲ ﺿﺮﺍﺋﻬﻢ)‪.(1‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﻓﺘﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻫﺘﻤﻮﺍ ﺑﻜﻔﺎﺡ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺭﺍﺣﻮﺍ ﻳﻨﻈﻤﻮﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﳌﻠﺘﻬﺒﺔ ﺛﻮﺭﺓ ﻭ ﲪﺎﺳﺎ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺛﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﺢ ﺍﻟﺸﺒﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ)‪.{2‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺘﺤﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﺃﺑﻮﺍ‪‬ﺎ ﻟﻠﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﺍﺣﻮﺍ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﻳﻨﺸﺮﻭﻥ‬
‫ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭ ﺍ‪‬ﻼﺕ‪ ،‬ﻃﺎﺭﻗﲔ ﺃﺧﻄﺮ ﺑﺎﺏ ﻫﻮ ﺑﺎﺏ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺃﻋﲔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﻭ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﻭ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ‬
‫ﲣﺘﻠﺞ ﰲ ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ ﻋﻦ ﻭﻃﻨﻬﻢ ﺍﳌﺴﻠﻮﺏ ﻭ ﺟﺬﻭﺭ ﻛﻴﺎﻬﻧﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺑﺆﺱ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﰲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﻛﻴﱯ "ﻓﺮﺣﺔ ﻏﺎﻣﺮﺓ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،83‬ﺳﺒﺘﻤﱪ‪/‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1984‬ﺹ‬
‫ﺹ ‪.355/349‬‬
‫‪ -2‬ﳎﻴﺪ ﺟﻌﻔﺮ "ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ"‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.181/169‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ‪" ،‬ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ"‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،15‬ﻣﺎﺭﺱ‪-‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1985‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،86‬ﺹ ﺹ ‪.221/205‬‬

‫ﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﻮﻧﺲ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﲢﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻔﻜﺮﻳﻬﺎ ﻟﻌﺒﻮﺍ ﺩﻭﺭﺍ‬
‫ﺑﺎﺭﺯﺍ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺃﻋﺘﱪﺕ ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻛﻜﻞ ﻭ ﺧﺼﺼﺖ ﳍﺎ ﺣﻴﺰﺍ ﺇﻋﻼﻣﻴﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﻟﻺﺷﻬﺎﺭ ﻭ ﺗﺘﺒﻊ ﺗﻄﻮﺭﺍﻬﺗﺎ)‪ ,(1‬ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻟﻌﺐ ﺍﳌﻔﻜﺮﻭﻥ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮﻥ ﺩﻭﺭﺍ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺎﺑﺎﻬﺗﻢ‬
‫ﺍﳌﺪﻋﻤﺔ ﻭ ﺍﳌﻨﺎﺻﺮﺓ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺷﱴ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭ ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻼﺣﺎ ﻓﺘﺎﻛﺎ ﳜﻴﻒ ﺍﻟﻌﺪﻭ‪،‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻋﻤﺪﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﳌﺘﻨﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻓﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍ‪‬ﻼﺕ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺧﺪﻣﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺇﺣﺘﻀﻨﺘﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺇﻧﺪﻻﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﺃﻭﻝ ﻋﺪﺩ ﳍﺎ‪ ،‬ﱂ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ‬
‫ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﺇﻫﺘﻤﺎﻣﺎﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻋﱪﺕ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﻊ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺒﲔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳊﺚ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺟﻪ ﺳﻬﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﻼﺫﻋﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺗﻨﺪﺩ ﲜﺮﺍﺋﻤﺔ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ‬
‫ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪.{2‬‬
‫ﺇﻥ ﲡﺎﻭﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1954‬ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻄﺮﻕ‬
‫ﻛﻞ ﺍ‪‬ﺎﻻﺕ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﺴﺮﺣﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺩﻭﺭﺍ ﻫﺎﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺗﺴﺘﻮﺣﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﻬﺗﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺭﻏﻢ ﻗﻠﺘﻬﺎ‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻋﱪﺕ ﺧﻼﻝ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻊ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ‬
‫ﺑﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ‪" :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،16‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪،91‬‬
‫ﺟﺎﻧﻔﻲ‪-‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1986‬ﺹ ﺹ ‪.48/21‬‬
‫‪ -2‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،1‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪.1955‬‬
‫‪ -3‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ‪" :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴﺮﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺮﺕ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﺇﺑﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ"‪ ،.‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،16‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،96‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‪/‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1986‬ﺹ ﺹ‪.35-15/‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ‬
‫ﺣﺴﺎﺑﺎﻬﺗﺎ ﲡﺎﻩ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﱵ ﲢﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﺎﺭﺱ ‪.(1)1956‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺪﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻫﻮ ﺟﺮ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﱃ ﺻﻔﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺰﻝ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺭﺳﺎﺀ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﲡﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﲔ‬
‫ﻧﺎﺭﻳﻦ‪ ،‬ﺇﻣﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺇﻟﺘﺰﺍﻣﺎﻬﺗﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻭ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﰲ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺃﻭﺿﺎﻋﻪ ﺍﻟﱵ ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ‬
‫ﻛﻞ ﺃﺩﺑﻴﺎﺕ ﻭ ﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ)‪.(2‬‬

‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﻮﺳﻊ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﻌﺪ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻦ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﻘﻲ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﻨﺎﻭﺭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﺬﻝ‬
‫ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻗﺼﺪ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻳﻠﱯ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺖ ﻟﻪ ﳊﻀﻮﺭ ﻧﺪﻭﺓ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﲟﺸﺎﺭﻛﺔ ﺑﻌﺾ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﳑﺜﻠﲔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻓﺮﺿﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭ ﺃﳊﺖ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ‬
‫ﺣﻀﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﻟﻴﺲ ﺣﺒﺎ ﰲ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﳕﺎ ﺣﱴ ﺗﻘﻄﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻱ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺘﺪﻋﻴﻢ‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﲔ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺗﺎﻛﻴﺪﺍﻬﺗﺎ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ ﻭ ﺍﳍﺎﺩﻓﺔ ﺇﱃ ﻓﺮﺽ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ‬
‫ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻗﺘﺮﺍﺡ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﺇﱃ ﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﻐﺮﺏ ﻋﺮﰊ‪-‬ﻓﺮﻧﺴﻲ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،37‬ﺹ ‪ ,12‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻛﺎﻥ ﻫﺪﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻣﻐﺮﺏ ﻋﺮﰊ‪-‬ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻫﻮ ﺗﻄﻮﻳﻖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ‬
‫ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺣﻖ ﺇﳚﺎﺩ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻷﻱ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﺩ‪،37‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ,‬ﺹ‪.12‬‬

‫ﰲ ‪ 22‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮﺽ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺇﱃ ﻋﻤﻠﻴﺔ‬

‫ﺍﻹﺧﺘﻄﺎﻑ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‪ ،‬ﲡﻠﻰ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺇﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺳﻔﲑﻫﺎ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭ ﺇﺣﺘﺠﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻭ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺩﻭﻥ‬
‫ﺷﺮﻁ ﺃﻱ ﻗﻴﺪ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻫﻮ ﻬﺗﺪﻳﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﱃ ﳏﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻋﱪ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺧﺘﻄﺎﻑ‪ ،‬ﺃﻬﻧﺎ ﻻ ﲣﺪﻡ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻢ ﺑﻞ ﺯﺍﺩﺕ ﰲ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪-‬ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﻧﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻄﲔ ﺑﻠﺔ ﰲ ﺇﺑﺘﻌﺎﺩ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﻦ‬
‫ﻭ ﺍﳍﺪﻭﺀ ﻭ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻋﱪﺕ ﻋﻦ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺍﻹﲢﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺸﻐﻞ ﺇﱃ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﳊﻀﻮﺭ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﻌﻘﺪ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﺳﺔ ﰲ‬
‫‪ 11‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1956‬ﻭ ﻗﺪ ﻟﱮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺣﻴﺚ ﺣﻀﺮ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ)‪.(3‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻛﻘﻮﺓ ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺇﳚﺎﺩ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺍﻟﻨﺎﺟﻌﺔ ﻹﺷﺮﺍﻙ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ‬
‫ﺑﺮﻭﻛﺴﻞ ﰲ ‪ 5‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1957‬ﺣﱴ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺩﻭﱄ)‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﻤﺎﺭ ﻗﻠﻴﻞ‪ :‬ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ‪ ،‬ﺝ‪ ،1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1991‬ﺹ‪.148‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪,،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪, 2‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ،‬ﺹ‪.12‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،3‬ﺹ‪.9‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،6‬ﺹ‪.9‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺭﺃﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﲤﺮ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺃﻛﱪ‪ ،‬ﺇﺫﺍ‬
‫ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﻓﺪﻫﺎ ﻟﺪﻯ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻭﺟﻪ ﺇﻧﺘﻘﺎﺩﻩ ﻟﻠﻀﻤﲑ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺪﺩ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﲢﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﰲ ﺍ‪‬ﺮ ﻭ ﻧﺴﻲ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺗﺘﻨﺎﰱ ﻭ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪،‬‬
‫ﻭ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳋﻴﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﺟﺰﺀ ﻛﺎﻣﻞ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻭﺣﺪﺗﻪ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ‬
‫ﺗﺪﻋﻴﻢ ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﳒﻌﻞ ‪‬ﺬﺍ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻗﻮﺓ ﳍﺎ ﻭﺯﻬﻧﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ‪.(2)"...‬‬

‫ﻭ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﻓﻴﻪ ﺗﻮﻧﺲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ‬
‫ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻓﻜﺮﺓ ﺣﻞ ﻣﺎ ﲰﺘﻪ ﺑﺎﳌﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺩﻋﻮﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﺗﻌﺎﻭﻥ ﻣﻐﺮﺏ ﻋﺮﰊ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻟﻜﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺟﺰﺍﺋﺮ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ ﺃﻥ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺘﲔ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺗﺒﺤﺜﺎﻥ ﻋﻦ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﰲ‬
‫ﺇﻃﺎﺭ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻮﺣﺪ ﻣﻊ ﺇﳚﺎﺩ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‬
‫ﰲ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1957‬ﺑﻘﻮﻟﻪ‪ ،، :‬ﺃﻥ ﺃﳒﻊ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﳊﻞ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻫﻮ ﺧﻠﻖ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺑﲔ ﺳﻴﺎﺩﺓ‬
‫ﻭ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺑﻂ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﳎﻤﻮﻋﺔ‬ ‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﺸﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺗﺘﺤﺼﻞ ﻣﻨﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻭﻬﻧﺎ ﺍﳌﺜﻤﺮ ﻣﻊ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪.(3)"...‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،3‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 3‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1956‬ﺹ ﺹ ‪ 6‬ﻭ ‪.7‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،5‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪12‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1957‬ﺹ ﺹ ‪ 5‬ﻭ ‪.16‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪,‬ﺹ‪.48‬‬

‫ﱂ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺮﳛﺎﺕ ﻭ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ‬

‫ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﻫﺎﻡ ﰲ ﺭﻓﻊ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ‬
‫ﻧﺸﺮﺕ ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ "ﺍﻟﻌﻤﻞ "‪" "L'action‬ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﺳﺘﻄﻼﻋﺎ ﺻﺤﻔﻴﺎ‬
‫ﻷﺣﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﻳﺸﻮﺍ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﻀﻰ ﺑﺎﳉﺒﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲬﺴﻮﻥ‬
‫ﻳﻮﻣﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﺘﻄﻼﻉ ﻣﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﺎ ﺑﻨﺸﺮﻩ ﻛﺎﻣﻼ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺛﻼﺙ ﺃﻋﺪﺍﺩ‪ ،‬ﺗﻨﺎﻭﻝ ﳐﺘﻠﻒ ﺃﻃﻮﺍﺭ ﺣﻴﺎﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‬
‫ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﻣﻌﺎﻳﺸﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﻛﺸﺎﻫﺪ ﻋﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻸﻫﺎﱄ‪،‬‬
‫ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻪ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﳉﺒﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﻘﻮﻯ‬
‫ﻭ ﺍﳌﺪﺍﺷﺮ ﻭ ﺍﻷﻭﺩﻳﺔ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺻﺤﻴﻔﺔ "ﺍﳌﻼﺣﻆ" "‪ ،"L'Observateur‬ﻳﻨﺸﺮ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ‬
‫ﻋﻦ ﺇﺿﺮﺍﺏ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺩﻋﻤﺖ ﺇﺳﺘﻄﻼﻋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﳊﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ)‪ ,(2‬ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺮﺕ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺻﺤﻴﻔﺔ "ﺍﻟﻌﺎﱂ "‪" "Le Monde‬ﻣﻘﺎﻻ ﻣﻄﻮﻻ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ‬
‫"ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﺔ"‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺇﺿﺮﺍﺏ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﺻﻔﺖ ﻓﻴﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺮﻛﺰﺓ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺇﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻹﺿﺮﺍﺏ ﻭ ﳒﺎﺣﻪ ﺑﲔ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺪﻋﻤﺔ‬
‫ﺑﺎﳌﻀﻠﻴﲔ ﻟﻠﻤﻀﺮﺑﲔ)‪ ،(3‬ﻭﺣﱴ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ" ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺧﺼﺼﺖ ﺇﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺘﻬﺎ ﻟﻸﻭﺿﺎﻉ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،5‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 12‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‪ ،1957‬ﺹ ﺹ ‪.9/8/7‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،6‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 28‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1957‬ﺹ‪.3‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻭ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺩﻋﺎ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳊﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﺿﺮﺍﺏ ﻋﺎﻡ ﻳﻮﻡ ‪30‬‬
‫ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1957‬ﺗﻀﺎﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺩﻋﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺼﺮﺓ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻠﻨﺪﺍﺀ ﻛﺒﲑﺓ)‪.(1‬‬
‫ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻮﺍﱃ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻜﺜﻴﻒ ﺗﻮﻧﺲ ﳉﻬﻮﺩﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ‬
‫ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻋﺎﺩﻝ ﳍﺎ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻐﻠﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﳌﱪﻣﺔ ﻣﻊ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﰲ ﻣﺎﺭﺱ‬
‫‪ ،1957‬ﻟﻜﻦ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻛﺎﻥ ﺳﺮﻳﻌﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﻗﻄﻌﺖ ﺇﻋﺎﻧﺘﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﻭ ﻗﺎﻣﺖ ‪‬ﺠﻮﻡ ﻛﺎﺳﺢ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲝﺠﺔ ﺣﻖ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﻐﻂ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﻓﻊ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﱃ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺑﲔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1957‬ﻭ ﺭﻏﻢ‬
‫ﻗﺒﻮﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺎﳌﻘﺘﺮﺡ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺭﻓﻀﺖ ﺫﻟﻚ ﻭ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ ‪‬ﺠﻮﻡ ﻛﺎﺳﺢ‬
‫ﻭ ﻣﺪﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﰲ ﺗﺼﻠﺐ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺗﻌﻨﺘﻬﺎ ﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﳌﻌﻠﻨﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﻭﺟﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﰲ ﺃﻓﺮﻳﻞ‬
‫‪ ،1957‬ﺃﻛﺪ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﺘﺄﱂ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻌﻠﻨﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ‬
‫ﻭ ﺗﺼﺮﺡ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺳﺘﺒﺬﻝ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ ﻭﺳﻌﻬﺎ ﻟﻺﳚﺎﺩ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﱵ ﺳﻴﺒﻘﻰ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻣﻨﻘﻮﺻﺎ ﻭ‬
‫ﻣﻬﺪﺩﺍ ﻣﺎ ﱂ ﺗﺴﺘﻘﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﻳﺆﻳﺪﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ‬
‫ﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺟﺪﻱ ﻭ ﻧﺰﻳﻪ ﺑﲔ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺗﺌﻦ ﲢﺖ ﻭﻃﺌﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻴﺴﻮﺭﺍ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،5‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 12‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1957‬ﺹ ﺹ ‪.16-5‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،37‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ‪.12‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺭﺍﻓﻌﲔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺭﻏﻢ ﺍﳌﻀﺎﻳﻘﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ‪ 17‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1958‬ﺩﻋﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﱃ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﻣﻐﺎﺭﰊ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻬﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﲪﺪ ﺑﻠﻔﺮﻳﺞ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭ ﻧﺎﺋﺒﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺑﻮﻋﺒﻴﺪ‪ ،‬ﺃﻣﺎ‬
‫ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﱵ ﺇﺣﺘﻀﺖ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻓﻘﺪ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ‪ ،‬ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻫﻲ ﺍﻷﺩﻏﻢ ﻭ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﳌﻘﺪﻡ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﳌﻬﺮﻱ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﻘﺪ ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻭ ﻛﺮﱘ‬
‫ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻔﻴﻆ ﺑﻮﺻﻮﻑ ﻭ ﻫﻢ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ""‪.(1)C.C.E‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﺇﻧﺘﻬﻰ‬
‫ﺩﻭﻥ ﲢﻘﻴﻖ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺧﺎﺻﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻹﺳﺘﺸﺎﺭﻱ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﶈﺪﺩ‬
‫ﺑﺜﻼﺛﲔ )‪ (30‬ﻋﻀﻮﺍ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﱂ ﻳﻌﲔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﳑﺜﻠﻪ‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻴﻨﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﻳﻦ ﺃﲪﺪ ﺑﻮﻣﻨﺠﻞ‪ ،‬ﻭ ﺃﲪﺪ ﻓﺮﺍﻧﺴﻴﺲ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﻓﻘﺪ ﻋﻴﻨﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍ‪‬ﻴﺪ ﺳﺎﻛﺮ‬
‫ﻭ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺘﻠﻴﻠﻲ)‪.(2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﱂ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻔﺸﻞ‬
‫ﻫﻲ ﺇﻣﻀﺎﺀ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 30‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1958‬ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻊ ﺷﺮﻛﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﳌﺪ ﺃﻧﺎﺑﻴﺐ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﱪ‬
‫ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭ ﺭﻓﻀﺘﻪ ﲨﻠﺔ ﻭ ﺗﻔﺼﻴﻼ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﻓﺎﲢﺖ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﻣﻦ ﺇﻣﻀﺎﺀ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ‬
‫ﻟﻜﻨﻬﺎ ﱂ ﲢﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪ .105‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪،16‬‬
‫ﻋﺎﻡ‪.1959‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.105‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪,.27‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﲢﺖ ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺳﺎﺭﻋﺖ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﺤﺎﻭﻻﺕ ﻗﺼﺪ ﺗﻌﻄﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﳌﺸﺆﻭﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ‪‬ﺎ‬
‫ﻣﻊ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﲤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺇﺭﻏﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﻀﺎﺀ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻘﻘﺖ ﳍﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺿﺮﺏ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﰲ ﺍﻟﺼﻤﻴﻢ ﻭ ﲢﻘﻴﻖ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻨﺎﺀ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﻓﺮﻕ ﺗﺴﺪ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺧﻠﻖ ﺧﻼﻑ ﻣﺼﲑﻱ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻐﻼﻝ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺇﳚﻠﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍ‪.(1).‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺍﳋﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﺣﺪﺛﺘﻬﺎ ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ‪ 30‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1958‬ﻭ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﲝﻘﻞ ﺇﳚﻠﻲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﺃﺛﺮﺕ ﺗﺄﺛﲑﺍ ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻧﻌﻜﺴﺖ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ ،‬ﻏﻀﺖ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻭ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻮﺍﺻﻞ‬
‫ﻧﻀﺎﳍﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻗﺼﺪ ﱂ ﺍﻟﺸﻤﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻋﻤﻞ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻫﻮ ﺇﺧﺒﺎﺭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﲞﱪ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1958‬ﻟﻴﻄﺎﺑﻖ ﺫﻛﺮﻯ ﺇﺣﺘﻼﻝ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺃﻋﻠﻦ ﻧﺒﺄ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﻭ ﺣﱴ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﺑﺘﻮﻗﻴﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻴﺄﰐ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 01‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﺴﺎﺀﺍ)‪.(2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ، ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪, 27‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻄﺖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻴﺰﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺇﻧﺸﻐﺎﻻﻬﺗﺎ‪ ،‬ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﲢﺎﺩ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﳊﻀﻮﺭ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﻄﻼﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﻢ ﺍﻹﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ‬
‫ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻄﻠﺒﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺇﲢﺎﺩ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ .‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﻋﻘﺪ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﻴﻐﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺑﲔ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺧﺮﺝ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺑﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﲟﺒﺪﺀ‬
‫ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻗﺪ ﺭﺑﻄﺖ ﺫﻟﻚ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 15‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﺇﺣﺘﻀﻨﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﺑﻴﻮﻡ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭ ﻛﻞ‬
‫ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﻡ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺇﻧﺴﺎﱐ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ‬
‫ﻋﺪﻭ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻗﻮﻳﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺣﻴﺚ ﺭﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺪﻭﻳﺎ ﰲ ﲰﺎﺀ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺘﺤﺪﻳﺎ ﺟﱪﻭﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻘﻰ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻭﺯﻳﺮ‬
‫ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﰲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﳏﺎﺿﺮﺓ ﰲ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺍ ﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 13‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1960‬ﺭﻛﺰ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺇﻋﺘﱪﻩ ﻛﻔﺎﺡ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭﻩ ﻫﻮ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻜﻞ‬
‫ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭ ﻻ ﳜﺺ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲪﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺷﻌﺎﺭ "ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‬
‫ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ")‪.(2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،28‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 28‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1958‬ﺹ‪.3‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،66‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1960‬ﺹ ﺹ‪1‬ﻭ‪.5‬‬
‫ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﺗﻮﻧﺲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﺧﻀﻮﻉ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻸﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺮﺿﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ ﻋﺎﻡ ‪1961‬‬
‫ﺍﻟﱵ ﺭﺃﻬﺗﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﻓﺮﺻﺔ ﺳﺎﳓﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﺧﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﻨﺎﺀﺓ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻀﻐﻂ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﻔﺎﻭﺽ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻩ ﺇﱃ ﺗﻨﺎﺯﻻﺕ ﻛﺒﲑﺓ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺳﺎﳓﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ‬
‫ﻟﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻣﺮ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻵﻣﻨﺔ ﺑﱰﺭﺕ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 19‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪،1961‬‬
‫ﰲ ﻇﻞ ﻓﺸﻞ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪-‬ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﲝﻴﺚ ﱂ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﲢﻘﻴﻘﻪ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺴﺎﻓﺮ ﱂ ﻳﻨﺲ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ‬
‫ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﶈﻦ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺑﱰﺭﺕ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺇﱃ ﻋﺮﺽ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﻬﺗﺎ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺭﲰﻴﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺒﻄﻮﱄ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺧﻮﻑ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻭ ﱂ ﻳﻌﻂ ﺃﺩﱏ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ‬
‫ﻣﻦ ﻛﻴﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ )‪.(2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻋﻮﺍﻃﻒ‪:‬ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1985‬ﺹ‪.174‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.175‬‬
 ‫‪-2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﺒﻮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻟﺘﻘﻴﻨﺎﻫﻢ ﺃﻥ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻌﺎﺑﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭ ﻧﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺘﲔ ﺣﻴﺚ ﺇﺭﺗﻜﺰ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ‬
‫ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﲡﻤﻴﻊ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻠﻔﺖ ﻟﻺﻧﺘﺒﺎﻩ ﻫﻮ ﺃﻥ ﳎﺎﻫﺪﻱ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺃﻛﺪﻭﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﺩﻝ ‪ 10%‬ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺍﳌﻬﺮﺑﺔ ﻋﱪ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ )‪.(1‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﰎ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺣﻮﻝ‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﺒﻞ ﺇﳒﺎﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺒﺎﻫﻲ ﻟﺪﻏﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪،‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺝ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺑﺈﺗﻔﺎﻕ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻓﻘﻂ )‪.(2‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺎﺭﺽ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺻﺎﱀ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻭ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻭ ﺇﻋﺘﱪ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺗﻮﻧﺲ ﻧﺎﻗﺼﺎ‬
‫ﻣﺎ ﱂ ﺗﺴﺘﻘﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺧﻠﻘﺖ ﺷﻘﺎﻗﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺟﻠﲔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺻﺎﱀ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺭﻓﺾ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﻼﺡ‬
‫ﺑﻞ ﻭﺿﻊ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﲢﺖ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﺎﺀﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﺘﻮﻧﺲ )‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﺿﺒﺎﻁ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺃﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﱂ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻱ ﺩﻋﻢ ﻣﺎﺩﻱ‪،‬‬
‫ﻋﺪﺍ‪ ،‬ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻣﻬﻤﺔ ﻧﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺃﻭ ﲣﺰﻳﻨﻬﺎ ﰲ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ ‪ 10%‬ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪,‬ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﻣﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﺎﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﻠﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺗﻮﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔﻭﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﺃﻭﻟﻨﻮﻓﻤﱪ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻫﻲ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﺛﻨﺎﺋﻲ ﰲ ‪ 22‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1957‬ﻣﺜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭ ﺍﻷﻣﲔ ﺩﺑﺎﻏﲔ‪ ،‬ﻭ ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻣﻘﺪﻡ ﻭ ﺍﻟﻄﻴﺐ‬
‫ﺳﻠﻴﻢ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺗﺘﻌﻬﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻨﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻠﻬﺎ ﻋﱪ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﳑﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﺗﺘﻌﻬﺪ ﺑﺘﺴﻠﻴﻤﻬﺎ ﳌﻦ ﺗﻌﻴﻨﻪ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﲢﺖ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﻭ ﺿﻤﺎﻥ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﳑﺜﻠﲔ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﳑﺜﻠﲔ ﻋﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺗﺘﻌﻬﺪ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﺄﻥ ﻟﻦ ﺗﺘﺴﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻳﺔ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺬﺧﲑﺓ ﺍﳌﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺑﺼﻔﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻮﻻﻫﺎ ﳉﻨﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ ﺣﺎﻝ ﻣﺼﺎﺩﻗﺔ ﺍﻵﺥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﻌﺪ ﺭﺟﻮﻉ‬
‫ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﺣﱴ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺿﺌﻴﻼ ﻭ ﺑﻘﻲ ﺣﺒﻴﺲ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﻬﺪﻳﺔ ﰲ ‪ 17‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1958‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﱃ‬
‫ﺗﺴﻄﲑ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻭ ﻣﻮﺣﺪ ﲡﺎﻩ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻃﻨﺠﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﻘﺮﺭﺍﺗﻪ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ‬
‫ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ )‪.(2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺟﻼﺀ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪.‬‬
 ‫‪ -3‬ﺇﺩﺍﻧﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲝﻤﻠﺔ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،16‬ﻋﺎﻡ‪.1959‬‬

‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﱂ ﺗﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺇﻬﺗﻤﺘﻬﺎ ﺑﺪﻋﻤﻬﺎ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺮﺭﺕ ﻫﺰﺍﺋﻤﻬﺎ ﺑﺎﻹﻋﺎﻧﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ‬
‫ﻓﺸﻞ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺧﻂ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﺍﳉﻬﻨﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺧﻠﻖ‬
‫ﻗﻮﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﻮﻧﺴﻴﺔ‪-‬ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﳊﺮﺍﺳﺔ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻛﺒﺢ ﲨﺎﺡ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺇﳕﺎ ﺗﻘﻴﻴﺪ‬
‫ﺣﺮﻳﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻭ ﺇﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻹﺭﺍﺩﻬﺗﺎ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺇﻧﺘﻘﺎﻣﺎ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ‪ ،‬ﺭﺍﺣﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺪﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭ ﺍﳌﺪﺍﺷﺮ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻭﺣﺸﻴﺔ‬
‫ﺑﻨﺪﻯ ﳍﺎ ﺟﺒﲔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ‪ 8‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪،1958‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺷﻨﺖ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻫﺠﻮﻣﺎ ﺟﻮﻳﺎ ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺳﺖ ﻭ ﻋﺸﺮﻭﻥ )‪ (26‬ﻃﺎﺋﺮﺓ ﺣﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺣﺼﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺎﺋﺔ )‪ (100‬ﻗﺘﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻧﻴﲔ ﺍﻟﻌﺰﻝ ﻭ ﺟﺮﺡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺘﲔ ﺁﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﺑﺮﺭﺕ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ‬
‫ﺇﻋﺘﺪﺍﺀﻫﺎ ﻫﺬﺍ‪ ،‬ﲝﻖ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﳌﺘﻤﺮﺩﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ )‪.(2‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻭ ﻗﻮﻳﺎ ﺇﺯﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍ‪‬ﺰﺭﺓ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺭﻓﻌﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ‬
‫ﺍﻷﻣﻦ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 12‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1958‬ﰒ ﻓﺮﺿﺖ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺣﺼﺎﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺑﱰﺭﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺎﺑﻌﺔ‬
‫ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻗﻠﺖ ﻛﻞ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺇﱃ ﺭﻓﻊ ﺷﻜﻮﻯ ﺿﺪ ﺗﻮﻧﺲ ‪‬ﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1958‬ﻣﱪﺭﺓ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻠﻤﺘﻤﺮﺩﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺭﺩ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻳﺎ ﻭ ﺻﺮﺡ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﻭ ﻣﺌﺎﺕ‬
‫ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(3‬‬
‫ﻭ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺒﺎﻫﻲ ﻟﺪﻏﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﺩﺛﺔ ﺗﻐﺬﻱ ﺷﻌﻮﺭ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭ ﺍﻟﻠﻐﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﺇﺯﺍﺀ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪.(4)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،17‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪.1958‬‬
 ‫‪ -2‬ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ‪ ،..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.46‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪, 18‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺃﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺇﻋﺘﱪﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ‬
‫ﺿﺮﺑﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ .‬ﻟﺬﺍ ﻋﱪﺕ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻋﻦ ﻋﻤﻴﻖ‬
‫ﺣﺰﻬﻧﺎ ﻭ ﺗﺄﺳﻔﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﳌﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻵﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﳍﺠﻮﻡ ﺍﻟﻮﺣﺸﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﳒﺪﺩ ﻟﻜﻢ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺗﻀﺎﻣﻨﻨﺎ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻹﻧﻘﺎﺫ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪(1)".‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﻮﱄ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺩﻓﻊ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﲣﺎﺫ ﻋﺪﺓ‬
‫ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻴﻤﺎ ﺑﲔ ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1960‬ﻭ ﻣﺎﻱ ‪ ،1961‬ﲰﺤﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻠﻘﻮﺍﻓﻞ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﶈﻤﻠﺔ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﺎﳌﺮﻭﺭ ﻋﱪ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺳﻬﻠﺖ ﻋﺒﻮﺭ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳉﻨﻮﺏ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 19‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1960‬ﻭﻗﻌﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬
‫ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺳﻠﻌﺔ ﺃﻭ ﲡﻬﻴﺰ ﳜﺺ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺃﻭ ﺍﳍﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻣﻌﻔﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻡ ﺍﳉﻤﺮﻛﻴﺔ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ، ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ,18‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫‪1962-1954‬‬

‫‪ -1-1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪.‬‬

‫‪ -1-2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﻬﺎ ﺻﺪﻯ ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﻋﺎﻡ‪ ،1954‬ﻟﻌﺪﺓ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﺃﻭﳍﺎ ﻗﺮﺏ ﺍﳌﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪,‬ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﲡﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﲔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‬
‫ﺃﺛﺮ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﻤﻖ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺍﺡ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﺎ ﻳﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻌﻬﺎ ﻭ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﲡﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻟﺪﻯ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﺃﲪﺪ ﺑﻠﻔﺮﻳﺞ‪ ،‬ﺑﻮﺿﻊ ﺣﺪ ﻭ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﺯﺭ ﺍﳌﺮﺗﻜﺒﺔ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ,‬ﻭ ﺍﻟﻜﻒ ﻓﻮﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﻗﺔ‬
‫ﺩﻣﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺮﻣﺘﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺃﺑﺴﻂ ﺣﻘﻮﻗﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭ‬
‫ﺷﻌﺒﺎ ﺍﻟﺮﺍﻓﺾ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻌﺘﱪﺍ ﺫﻟﻚ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﻴﺎﻝ‬
‫ﻻ ﻳﺴﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻨﻬﺎﺭ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﺇﻥ ﺿﻌﻂ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ‬
‫‪1954‬ﻭ‪1956‬ﻭﺿﻐﻂ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪,‬ﻭﺿﺮﺑﺎﺕ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺳﻠﺔ ﺩﻓﻊ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺃﻥ‬
‫ﺗﺴﺎﺭﻉ ﺇﻟىﺎﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻟﻜﻲ ﺗﺘﻔﺮﻍ ﻛﻠﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻟﻜﻦ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻘﻄﺮ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺑﻌﺚ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ,‬ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮﻏﻤﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﻣﺮﻳﻦ ﺇﺛﻨﲔ ﺇﻣﺎ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﻹﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭ ﺇﻣﺎ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﻭ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻌﻬﺎ ﻃﺒﻘﺎ ﳌﺎ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍ ﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺷﻌﻮﺏ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ)‪ ,(2‬ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،3‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 3‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1956‬ﺹ ‪.7-6‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪،37‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺷﻬﺮ ﻓﱪﺍﻳﺮ‪ ,1958‬ﺹ‪.12‬‬

‫ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﺃﻳﻀﺎ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔﺣﱴ ﺗﺘﺠﻨﺐ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﻣﺘﺎﻫﺎﺕ ﻫﻲ ﰲ ﻏﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻓﺘﺢ ﺟﺒﻬﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻭ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ )‪.(1‬‬
‫ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺒﺸﺮﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺧﲑﺍ ﰲ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺢ‬
‫ﺟﺒﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺴﺐ ﺣﻠﻴﻒ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‪ ،‬ﻭ ﻓﻌﻼ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﻬﺎﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﰊ ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻭ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻟﻌﻘﺪ ﻧﺪﻭﺓ ﺳﻼﻡ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻷﻗﺼﻰ ‪،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺑﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺭﻏﺒﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ‪ ,‬ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺑﻘﻮﺓ‬
‫ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﱴ ﻻ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺼﻒ ﺍﳌﻐﺮﰊ )‪.(2‬‬

‫ﻭ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻹﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﻋﻤﻪ ﺣﱴ ﳛﻘﻖ‬
‫ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﻭ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(3‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،37‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪,‬ﺹ‪.12‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻟﻌﻠﻢ" ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺇﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻃﺎﻟﺒﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻃﺒﻘﺎ‬
‫ﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺑﺎﺩﺭ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﺇﱃ ﺍﺣﺘﻀﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﳍﺎ ﻟﺮﻓﻊ‬
‫ﺍﻟﻐﱭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﲡﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ﺍﻟﺒﻄﻮﱄ ﰲ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﲢﺎﺩ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﳊﻀﻮﺭ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﻄﻼﰊ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ‪,‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﻢ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻹﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﳌﺆﲤﺮ ‪,‬ﻭ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ‪،‬ﻭﻗﺪﻭﺟﻪ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮﻭﻥ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻴﺰ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﻹﳚﺎﺩ ﳐﺮﺝ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻷﺯﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ‬
‫ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ )‪.(1‬‬

‫ﻭ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1956‬ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻣﺮﻛﺰﺍ ﲟﺪﻳﻨﺔ‬
‫ﻭﺟﺪﺓ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ )‪ ،(2‬ﺷﺪﺩ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﺣﻜﺎﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ‪,‬ﻭ ﺃﻛﺪ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ‬
‫ﻭ ﻋﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭ ﺃﻥ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﺿﻤﻦ ﺇﻃﺎﺭ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ )‪ ،(3‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ‬
‫ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻮﺩ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺣﺪ ﳊﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ‪ ،‬ﺣﱴ ﳓﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ‬
‫ﺑﲔ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪.(4)"...‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،28‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 28‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1958‬ﺹ‪.3‬‬
‫‪ -2‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ‪,‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲤﺮ ﺍﻟﻘﻮﺍﻓﻞ ﺍﶈﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺬﺧﲑﺓ ﻭ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،8‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﻣﺎﺭﺱ ‪.1957‬‬
‫‪ -4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪.1959‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ‪,‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺻﻔﻌﺔ ﻗﻮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻭﻗﻮﻑ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﺇﱃ ﻛﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ‬
‫ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺗﺮﺍ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺩﻫﺎ ﺳﺮﻳﻌﺎ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ ﺷﻬﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺈﺧﺘﻄﺎﻑ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﻞ ﻗﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺰﻟﻮﺍﺿﻴﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻚ ‪,‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﰲ‬
‫ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻌﻘﺪ ﻧﺪﻭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 23‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪- ،1956‬ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﺘﻄﺎﻑ‪ -‬ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻦ ﲡﻤﻴﺪ ﻛﻞ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﻬﺗﺎ ﺍﳉﺎﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻌﺘﱪﺓ ﺍﻟﺘﺼﺮﳛﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻋﻤﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻫﻲ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﻣﺴﺎﺱ ﺑﺴﻴﺎﺩﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺗﺮﺍ‪‬ﺎ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺻﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﺽ ﳍﺎ ﺃﻋﻀﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺴﺎﺱ ﺑﺴﻴﺎﺩﻬﺗﺎ ﻭ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺷﻌﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺴﺘﻨﻜﺮ ﺑﺸﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺍﺣﺖ‬
‫ﺗﺴﺘﻨﻜﺮ ﺑﺸﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ‪,‬ﻭ ﺇﺳﺘﺪﻋﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺳﻔﲑﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ‪,‬ﻭ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺸﺪﺓ‬
‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﳌﺨﺘﻄﻔﲔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺪ ﺃﻭ ﺷﺮﻁ ﻣﺴﺒﻖ‪ ،‬ﻭ ﻫﺪﺩﺕ ﺭﲰﻴﺎ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﱃ ﳏﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺑﻼﻫﺎﻱ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪﻡ ﺇﺫﻋﺎﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﺬﻟﻚ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﻹﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﱪﻫﺎ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ‪،‬‬
‫ﻛﺎﺭﺛﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺮﺣﺎ ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻓﺮﺍﻧﺲ ﺗﲑﻭﺭ ﺑﺄﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺻﻨﺔ ﻫﺎﺗﻪ ﻫﻲ ﻃﻌﻨﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺸﺮﻓﻪ‬
‫ﻣﻦ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺗﻨﺤﻴﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺇﺧﺘﻄﺎﻑ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﻗﻊ ﰲ ﺑﻼﺩﻩ)‪.(4‬‬
‫ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻟﻘﺪ ﰎ ﺇﺧﺘﻄﺎﻑ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﻫﻢ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻌﻘﺪ‬
‫ﻧﺪﻭﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 22‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1956‬ﻭ ﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﱄ‪ :‬ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ‬
‫ﻭ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﻭ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻷﺷﺮﻑ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1959‬ﺹ‪.1،3‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻗﻠﻴﻞ‪ :‬ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪،‬ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ‪,‬ﺝ‪, 1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1991,‬ﺹ‪.148‬‬
‫‪ -4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪،2‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ,‬ﺹ‪.12‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺻﺮﺡ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﺴﺆﻭﱄ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺇﺛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﳉﺮﻳﺪﺓ ﺍﻻﻛﺴﱪﺍﺱ‬
‫ﺃﻳﺎﻡ ﻧﺪﻭﺓ ﺗﻮﻧﺲ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﲟﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺩﻋﻮﻧﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻨﺪﻭﺓ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻟﻨﻠﻘﻨﻬﻢ ﺩﺭﻭﺳﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﺇﻧﻘﻠﺐ ﺍﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻓﺎﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻋﻄﻮﺍ ﺩﺭﻭﺳﺎ ﻟﻠﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﳍﻢ ﻛﻴﻒ‬
‫ﺗﺘﻬﻴﺄﻭﻥ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻵﻥ ﻫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺸﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻧﻜﻢ ﺃﺣﺮﺯﰎ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ؟ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺎﱂ ﺃﺻﺒﺢ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﺃﻭ ﻣﺮﺍﻛﺶ ﺑﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻀﻴﺔﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺳﻨﻜﻮﻥ ﲨﻴﻌﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﲔ ﺃﻭ ﻧﻜﻮﻥ ﲨﻴﻌﺎ ﰲ ﺣﺮﺏ‪.(1)"...‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺧﻨﻖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺼﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﳌﺮﲝﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺒﻌﺪ ﻓﺸﻠﻬﺎ ﺍﻟﺬﺭﻳﻊ ﰲ ﺟﻠﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺟﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺇﻏﺮﺍﺀ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﲡﺪﻳﺪ ﺍﻟﻌﺮﺽ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺭﻓﻀﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﻋﺎﻡ ‪1957‬‬
‫ﻭ ﺇﻋﺘﱪﻬﺗﺎ ﻣﺴﺎﺳﺎ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻟﺪﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ‬
‫ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 31‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺷﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﲢﺎﺩﻫﻢ ﺇﺿﺮﺍﺑﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﺍﻋﻴﺔ‬
‫ﲤﺎﻣﺎ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﻢ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﺠﺎﺏ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﳍﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﺿﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﻈﻢ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﻧﺴﻮﻱ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺗﻴﻄﻮﺍﻥ‪ ،‬ﺗﻮﺝ ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺎﺕ ﺇﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻹﺑﻼﻏﻬﺎ ﲟﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،12‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.8‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 22‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1958‬ﺹ‪.1،5‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،7‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 12‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1957‬ﺹ‪.8‬‬

‫ﻭ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﺑﺬﻛﺮﻯ ‪ 1‬ﻣﺎﻱ‪ ،‬ﺃﻟﻘﻰ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﻛﻠﻤﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﰲ ‪ 1‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1957‬ﺗﻄﺮﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻧﺼﺮﺓ‬
‫ﻗﻀﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﺻﺪﺭ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻧﺪﺍﺀ ﺍ ﺇﱃ ﻛﻞ ﺃﺣﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﻜﻨﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺼﺪﺭ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﻭ ﻟﻘﻴﺖ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﻤﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﳏﻤﺪ ﺍ ﳋﺎﻣﺲ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﺇﻧﻨﺎ ﻻ‬
‫ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺇﺣﺘﺮﺍﺯﻧﺎ ﺍﳊﺎﱄ‪ ،‬ﺇﻥ ﱂ ﳛﻞ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺎﳊﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ..،‬ﻭ ﻛﻞ ﻣﺎ ﳝﺲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳛﺪﺙ ﺻﺪﻯ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ‪.(2)"..‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺻﺮﺡ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1958‬ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺇﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﳊﺮﺏ ﺇﱃ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﱂ ﻳﻌﺪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺗﻘﺎﻝ ﻟﻠﺘﺨﻮﻳﻒ‪ ،‬ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺻﺒﺢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﳎﺴﺪﺓ)‪.(3‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻋﻼﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ ﺭﺋﻴﺲ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳌﻐﺮﰊ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﺩﻋﻰ ﺇﱃ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﻳﻀﻢ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺣﺰﺑﻪ‪ ،‬ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﳊﺮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺼﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳌﺴﺘﺠﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ‬
‫ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ )‪.(4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،7‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ,20‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﲔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﻣﻄﺎﻣﺢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪,‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ‪,‬ﻁ‪,2‬ﺑﲑﻭﺕ‪، 1983‬‬
‫ﺹ‪.51‬‬

‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻔﻜﺮﺓ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻋﺎﺩﻝ‬
‫ﳍﺎ‪ ،‬ﲡﺴﺪﺕ ﻓﻜﺮﺓ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﰲ ‪ 27‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1958‬ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻛﺘﺴﻰ ﺃﳘﻴﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺣﻀﺮﺕ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﱵ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﺑﻮﻓﺪ ﺗﺮﺃﺳﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪﺍﻥ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺑﻮﺻﻮﻑ ﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﻣﻬﺮﻱ ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻛﻠﻤﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺇﻥ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﻫﻮ ﻣﺆﲤﺮ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻗﻄﺮ ﻣﻐﺮﰊ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﺪﻯ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﻴﻮﺍﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻐﺮﺑﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎﻣﻮﺣﺪﺍ ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺇﻥ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻠﺤﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﳐﻠﻔﺎﺗﻪ ﺍﳋﻄﲑﺓ‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻭ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﺧﺮﺝ ﺍﳌﺆﲤﺮﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺑﺎﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺃ‪ -‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺏ‪ -‬ﺇﻧﺸﺎﺀ ﳎﻠﺲ ﺗﺄﺳﻴﺴﻲ ﺇﺳﺘﺸﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﻀﻢ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﺝ‪ -‬ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺆﲤﺮ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪.‬‬
‫ﺩ‪ -‬ﲢﺬﻳﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻭ ﺧﺎﺻﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﻘﻄﻊ ﻛﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﻬﺗﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ‬
‫ﺣﺮ‪‬ﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻫﻮ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﺮﺳﻲ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ‬
‫ﻓﻴﺪﺭﺍﱄ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑﺍﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ‬
‫ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،22‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪.58/4/15‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪.23‬‬
‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪,28‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫ﺭﻏﻢ ﺃﳘﻴﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺃﺛﺎﺭ ﺧﻼﻓﺎ ﺑﲔ ﺻﻔﻮﻑ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﲟﺸﺎﺭﻛﺔ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮ ﺭﺃﻳﺎﻥ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻷﻭﻝ ﻳﻌﺎﺭﺽ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﻭ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺃﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﰲ ﺣﺪ‬
‫ﺫﺍﺗﻪ ﻣﺆﲤﺮ ﻗﻄﺮﻱ ﺇﻧﻔﺼﺎﱄ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﻻ ﳛﻖ‬
‫ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺗﺰﻛﻴﺔ ﻧﺰﻋﺔ ﺇﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺣﻀﻮﺭ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻟﺴﺒﺒﲔ ﺇﺛﻨﲔ ﳘﺎ‪:‬‬
 ‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﺃﳘﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺳﺘﻐﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺟﺢ ﺍﻟﻜﻔﺔ‪ ,‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ )‪،(1‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﺭﻙ ﲤﺎﻣﺎ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻛﺎﻥ ﻋﻔﻮﻳﺎ ﻭ ﺩﻋﻮﺓ ﺭﺋﻴﺲ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳌﻐﺮﰊ‬
‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻋﻼﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ ﻟﻌﻘﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﱂ ﻳﺼﺤﺒﻬﺎ ﺃﻱ ﲢﻀﲑ ﻭ ﻻ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﳉﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻓﺴﺮﺗﻪ‬
‫ﺍﳉﺒﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺟﺎﺀ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻦ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﲔ ﻣﺼﺮ ﻭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻓﻘﻂ )‪(2‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻬﻤﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺴﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﻮﺣﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺣﱴ ﻳﺘﺴﲎ ﳍﻤﺎ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﳜﺪﻡ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﻤﺎ ﺃﻗﺎﻣﺘﺎ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﲡﱪﳘﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﺍﳌﺼﲑﻳﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺗﻮﺍﺟﺪ ﺗﻴﺎﺭ ﻏﲑ ﻣﺆﺛﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﻳﺮﻓﺾ‬
‫ﺭﺑﻂ ﻣﺼﲑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪‬ﻤﺎ‪ ،‬ﻭ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺑﻨﺎﺀ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﻭ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﺮﺍﺭﳘﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‬
‫ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ‪ ,‬ﻭ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﳋﺪﻣﺔ‬
‫ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺘﺠﻨﺐ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺻﺮﺍﻉ ﻣﻊ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﻏﲑ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻻﺗﻌﻜﺲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ‬
‫ﺍﻟﻌﻀﻮﻱ ﺑﲔ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ‪ ,‬ﻁ‪, 1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ,1984،‬ﺹ‪.69‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ، ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ,23‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺭﻏﻢ ﻣﻘﺮﺭﺍﺕ ﻃﻨﺠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻟﻠﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﲔ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪،‬‬
‫ﺇﻻ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻌﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺘﲔ ﻗﻀﺪ ﻓﺘﺢ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻣﻊ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﻷﻃﻠﺴﻴﲔ‬
‫ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔﻓﺈﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺩﻋﻮﺓ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﳊﻀﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﳉﺎﻣﻊ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺮﺭ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺧﻠﻖ ﺇﲢﺎﺩ‬
‫ﻣﻐﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻌﺘﱪ ﲦﺮﺓ ﺭﻏﺒﺔ ﺃﺑﺪﺍﻫﺎ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﺩﻭﻟﺘﲔ ﻭ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ )‪ ،(2‬ﻭ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﲡﺴﻴﺪ‬
‫ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﺳﻜﺎﻧﻪ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ 25‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻧﺴﻤﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻭﺿﻊ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺳﺪﺍ ﻣﻨﻴﻌﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﺳﺎﻧﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ‬
‫ﻛﺎﻣﻠﺔ ) ‪.(3‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺑﻌﺪ ﺷﻌﻮﺭﻫﺎ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ‪ ،‬ﳉﺄﺕ ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ‬
‫ﻭ ﺍﻹﻏﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻋﻤﻞ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ ﺃﺷﻐﺎﻝ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻫﻮ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺭﺳﺎﻟﺘﲔ ﺇﱃ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻃﺎﻟﺒﺔ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﺼﻔﻴﺔ‬
‫ﳐﻠﻔﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ‪‬ﻤﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺎﻭﻟﻪ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﻭ ﺃﺩﺭﺝ ﺿﻤﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﳌﻀﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﺬﻟﺘﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻗﺼﺪ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺷﺮﻭﻁ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ، ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ,27‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﺣﻠﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﳏﻞ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪.23‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.68‬‬

‫ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﻗﺘﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ‬
‫ﺧﻼﻓﺎ ﻇﻬﺮ ﺑﲔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺣﻴﺚ‬
‫ﲤﺴﻜﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺸﺮﻁ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻳﺘﻢ ﲟﻮﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ﺍﳌﺴﺒﻘﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺣﻖ ﻣﺴﺎﳘﺘﻬﺎ ﰲ ﺇﺑﺪﺍﺀ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻠﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﺎﺭﺿﺖ ﺫﻟﻚ‪،‬‬
‫ﻭ ﺭﺃﺕ ﺃﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﳍﺎ ﺣﻖ ﺍﻹﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﻭ ﺍﻹﻃﻼﻉ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻗﺮﻩ ﻭ ﻗﺮﺭﻩ ﻣﺆﲤﺮ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﻧﻔﺴﻪ )‪.(1‬‬
‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ‪ ،‬ﺃﻋﻠﻤﺖ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﲞﱪ ﺍﻹﻋﻼﻥ‬
‫ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﻧﺒﺄ‬
‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﻟﻈﻬﺮ ﺑﺘﻮﻗﻴﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻴﺄﰐ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻼﻓﺎﺕ ﱂ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺑﻘﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ‬
‫ﺍﻷﺧﻮﻱ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ‪ ،‬ﻭ ﺇﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺑﺮﻫﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ‬
‫ﻣﺮﺍﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﳊﻤﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺟﺴﺪﻭﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﰲ ﺗﻠﺒﻴﺘﻬﻢ‬
‫ﻟﻄﻠﺐ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﰲ ﺗﺮﺍ‪‬ﺎ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﳍﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ‬
‫ﺷﻬﺮ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪.(3)1959‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺭﺍﺟﻊ ﳏﻤﺪ ﳊﺴﻦ ﺍﻟﺰﻏﻴﺪﻱ‪ :‬ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﻭﺗﻄﻮﺭﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪, 1962-1956‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ‪,‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.1989,‬‬
‫‪ -2‬ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪.1959‬‬
‫ﻭ ﲝﻠﻮﻝ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﰲ ﻣﺮﺍﻛﺶ‬
‫ﻭﻓﺪﺍ ﺣﻜﻮﻣﻴﺎ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺎ‪ ،‬ﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻴﺘﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺘﲔ‬
‫ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪﺗﲔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻭﺟﺪﺓ ﻭ ﺑﻮﻋﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﻭ ﺃﻣﺮ ﺑﻐﻠﻖ ﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻴﺘﲔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ‪،‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺮﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﻋﻤﻞ ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻋﺎﻡ ‪ ،1961‬ﺣﻴﺚ ﺻﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺫﻟﻚ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭ ﺃﻥ ﺗﻀﺎﻣﻨﻨﺎ‬
‫ﺃﺑﺪﻱ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻬﺗﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻬﺗﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﺃﻭ ﻗﺮﻳﺐ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.(1)"..‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺧﺪﺓ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺩﺍﻣﺖ ﻣﻦ ‪ 4‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ﺇﱃ ‪ 1‬ﻓﱪﺍﻳﺮ‬
‫ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1962‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺍﳌﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﰎ ﺇﻃﻼﻉ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻃﻼﻉ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼىﻌﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﻔﺎﻭﺽ ﳏﺘﻤﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ‪ ،‬ﻭ ﺇﻋﺎﻧﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻭ ﻭﺣﺪﺗﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭ ﺣﺮﻣﺔ ﺗﺮﺍﺑﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺎﳉﻤﻴﻞ ﻭ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﻣﻠﻜﻪ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻠﺠﻬﻮﺩ ﺍﳌﺒﺬﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﺨﺘﻄﻔﲔ ﺍﳌﺴﺠﻮﻧﲔ‪ ،‬ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎﻭﺇﺷﺮﺍﻛﻬﻢ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺭ )‪.(2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،100‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.4‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،114‬ﺹ‪.9‬‬
 ‫‪ -1 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬

‫ﻧﻈﺮﺍ ﳊﺎﺟﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﻠﺤﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺗﺸﻜﻮ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﺑﺸﻖ ﺍﻷﻧﻔﺲ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻋﱪ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ )‪ ،(1‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺩﻭﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻘﺪﺍﻬﻧﺎ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺳﺘﺸﻬﺪﻭﺍ‬
‫ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﻛﻤﺎﺋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺃﺕ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﳌﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ,‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ "ﻓﺈﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻧﺸﻄﺖ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﳋﻄﻂ‬
‫ﻭ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺷﺒﻜﺎﺕ ﺗﺘﻮﱃ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻣﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭ ﺗﻮﺻﻴﻠﻪ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ‬
‫ﻋﱪ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻧﺸﺄﺕ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪.(2)".‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺘﺢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﺟﻌﻞ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻣﻴﺪﺍﻧﺎ‬
‫ﻟﺘﺪﺭﻳﺒﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ﺑﻌﺾ ﻣﺪﻬﻧﺎ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ )‪ ،(3‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺑﻞ ﺷﺘﺖ‬
‫ﺧﻄﻂ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻻ ﻳﻘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺭﺩ ﻫﺠﻮﻣﺎﺕ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺇﻥ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﺧﲑﺓ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﱪ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫ﺇﱃ ﺗﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪،‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻹﻣﺪﺍﺩﺍﺕ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺸﻖ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺎﺭﻗﻠﻴﻞ‪ :‬ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬
‫ﺝ‪,1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪,1991‬ﺹ‪.360‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.366‬‬
‫‪ -3‬ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﻥ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻭﺟﺪﺓ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﺘﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺮﻭﻳﻐﻲ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﻬﺗﺮﻳﺒﻪ ﺇﱃ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻟﻌﺒﺖ ﺩﻭﺭﺍ ﻫﺎﻣﺎ ﲡﺎﻩ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻗﺎﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﺼﻨﻌﺎ ﻟﻠﺴﻼﺡ ﺍﳋﻔﻴﻒ ﻭ ﺍﻟﺬﺧﲑﺓ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺮﻑ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺘﻌﺎﻃﻔﲔ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﳌﺎﻥ ﻭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﺎﻥ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻘﺎﺿﻮﻥ ﻣﺮﺗﺒﺎﺕ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﻤﻠﻬﻢ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‬
‫ﻗﻠﻴﻞ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.367-366‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ﰲ ﻬﺗﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻋﱪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳌﻐﺮﰊ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﳋﻀﺮ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﻔﺮﻳﻐﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﲤﻠﻰﺀ ﺑﺎﻟﺬﺧﲑﺓ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻗﻠﻞ ﺍﻟﻔﺨﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﲢﻀﺮ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ‬
‫ﺣﻴﺚ ﲤﻸ ﺑﺎﻟﺬﺧﲑﺓ‪,‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺧﺰﺍﻧﺎﺕ ﻭ ﻗﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺗﺸﺤﻦ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭ ﲤﺮ ﻋﱪ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪ ،(1‬ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﻣﺼﺪﺭ ﺷﺮﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭ‬
‫ﺍﻟﺬﺧﲑﺓ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻙ ﺩﺍﺧﻞ ﻭ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺧﺬﻩ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺧﻼﻝ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﰎ ﻭﺿﻊ ﲬﺴﻤﺎﺋﺔ )‪ (500‬ﻣﺘﻄﻮﻉ ﻣﺮﺍﻛﺸﻲ ﲢﺖ‬
‫ﺗﺼﺮﻑ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭ ﺃﻣﺮﺍ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺡ ﲟﺮﻭﺭ‬
‫ﺍﳌﻌﺪﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭ ﺣﱴ ﺍﳌﺘﻄﻮﻋﲔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﱪ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪-‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(3‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﲰﺎﺡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺑﺎﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺩﻋﻢ‬
‫ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ,‬ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﰎ ﺗﻨﻈﻴﻤﻪ ﰲ ‪ 31‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1957‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺇﲢﺎﺩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺎﺕ ‪,‬ﺣﻴﺚ ﻗﻤﻦ ﻓﻴﻪ ﲜﻤﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(4‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺪﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺼﺪﺭ ﲤﻮﻳﻨﻬﺎ ﺁﺕ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﻬﺗﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ‪ 1962-1958‬ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ )‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻬﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳉﺒﻬﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﳏﻤﺪ ﺩﻳﻘﻲ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬‬
‫ﺹ ﺹ ‪.50-34‬‬
‫‪ -2‬ﻗﻠﻴﻞ‪ :‬ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.269‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،7‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 12‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1957‬ﺹ‪.8‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺪﺍﺋﻴﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻻﺋﻲ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ ،1962-1958‬ﺧﺎﺹ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻭﺟﺪ ﳎﺎﻫﺪﻭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﻣﺘﻨﻔﺴﺎ ﳍﻢ ﰲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ ﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﲟﻌﺎﺭﻙ ﺿﺎﺭﺑﺔ ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﱃ ﻗﻮﺍﻋﺪﻫﻢ ﺍﳋﻠﻔﻴﺔ ﺑﺎﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﺰﻭﺩ ﺑﺎﳌﺆﻥ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﳌﻌﺎﺭﻙ ﺃﺧﺮﻯ ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﺎﺭﺩ ﻫﺆﻻﺀ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‬
‫ﻭ ﻳﺸﺪﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﳊﺼﺎﺭ )‪.(1‬‬
‫ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺍﻹﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ‬
‫ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﻘﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ "ﻓﻔﻲ ﺷﻬﺮ ﺃﻭﺕ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﻗﺎﻣﺖ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ‬
‫ﳎﺎﻫﺪﻱ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﻋﺪﺩﻫﻢ )‪ (10‬ﻋﺸﺮﺓ ﳎﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﲪﺎﱐ ﺳﻌﻴﺪﺍﱐ‬
‫ﻣﻜﻠﻔﲔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﻣﻨﻄﻘﺔﺍﻟﻌﺒﺎﺩﻟﺔ ﻗﺼﺪ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭ ﺗﻮﻃﻴﺪ‬
‫ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﲤﻮﻳﻦ ﺍﳉﻴﺶ ﲟﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﻮﻧﺎﺕ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻄﻠﻘﺖ ﺍ‪‬ﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻭﺩ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﱪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﻭﻱ‪ (2)"..‬ﺇﱃ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻏﺮﺑﺎ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺪﺭﻙ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺰﺭﻉ ﺍﻷﻟﻐﺎﻡ ﻭ ﺑﻨﺎﺀ‬
‫ﺍﳋﻄﻮﻁ ﺍﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﻭ ﺍﳌﻜﻬﺮﺑﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻄﻲ ﺷﺎﻝ ﻭ ﻣﻮﺭﻳﺲ‪ ,‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﱂ ﻳﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻓﻔﻲ‬
‫‪ 04‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1960‬ﻗﺎﻣﺖ "ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﲬﺴﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻣﻌﻴﻨﻮﻥ ﰲ‬
‫ﻣﻬﺎﻡ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺘﲔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ‪ ,‬ﻭ ﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﳍﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﺪ ﺍﳌﻜﻬﺮﺏ ﻭ ﺍﳌﻠﻐﻢ‬
‫ﺑﲔ ﳏﻄﱵ ﺑﻮﻋﻴﺎﺵ ﻭ ﺍﻟﱪﻛﺔ ﺍﻟﻜﺤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺑﲔ ﺑﺸﺎﺭ ﻭ ﺑﲏ ﻭﻧﻴﻒ ﺻﺎﺩﻑ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ‬
‫ﻓﺼﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺧﻠﻴﻔﻲ ﳏﻤﺪ ﺗﺮﻳﺪ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺇﺟﺘﻴﺎﺯ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺇﱃ ﺟﺒﻞ‬
‫ﺑﺸﺎﺭ‪.(3)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ‪ 1962-1958‬ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ‪،‬‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﻴﺾ‪ ،‬ﺹ‪.346‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﺸﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.433‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.441‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺪﺭﻙ ﲤﺎﻣﺎ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﳘﻴﺔ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﳌﺎﺩﻱ ﳍﺎ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻭﺿﺮﻭﺭﻱ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﻤﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻼﺡ‬
‫ﺍﻵﰐ ﻋﱪ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺩﻭﺭ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ ﰲ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻬﺗﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﺴﻠﻞ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺑﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺪﺭﻳﺒﺎﺕ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭ ﻣﻨﻪ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻓﻞ‬
‫ﺍﳌﺪﺭﺑﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ" ﻣﻠﺠﺄ ﻭ ﻣﻘﺮﺍ ﻟﻠﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻣﺼﻄﻔىﱭ ﺑﻮﻟﻌﻴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻦ ﻣﻬﻴﺪﻱ ﻭ ﺳﻮﻳﺪﺍﱐ ﺑﻮﲨﻌﺔ ﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﺎﻟﻚ‬
‫ﺭﻣﻀﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﺯﻫﺎﻧﺔ ﺃﲪﺪ ﺍﳌﺪﻋﻮ ﺯﺑﺎﻧﺔ ﻭ ﻋﻤﲑﻭﺵ ﻭ ﺩﻳﺪﻭﺵ ﻣﺮﺍﺩ‪.(2)"..‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ "ﳏﻄﺔ ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭ ﻣﻠﺠﺄ ﺁﻣﻨﺎ ﻟﻠﻤﻨﺎﺿﻠﲔ ﺍﳌﻄﺎﺭﺩﻳﻦ‬
‫ﰲ ﺟﻬﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ")‪ ،(3‬ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺇﺭﺳﺎﳍﻢ ﺇﱃ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﳋﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺃﻭﺭﺍﺱ ﺍﻟﻨﻤﺎﻣﺸﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‬
‫ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍ‪‬ﻴﺪﺓ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺍﻷﺥ ﻷﺧﻴﻪ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ‪ ,‬ﻭ ﺑﻘﻴﺖ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﲢﺘﺮﺍﻳﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺣﻘﻘﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻋﺎﻡ‬
‫‪.(4)1962‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﺩﺕ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻠﻜﺎ ﻭ ﺷﻌﺒﺎ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻌﻪ ﰲ ﳏﻨﻪ‬
‫ﻭ ﺩﻋﻤﻪ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻳﺬﻛﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﺃﻧﻪ ﺇﻟﺘﻘﻰ ﰲ ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﺑﺎ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻦ ﻣﻬﻴﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻗﺎﺋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻋﻨﺪ ﻭﺍﺩﻱ ﻣﻠﻮﻳﺔ ﻗﺮﺏ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻬﻴﺪﻱ ﻳﻠﺢ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺴﻼﺡ‬
‫ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﺇﻻ ﺇﺧﺘﻨﻘﻨﺎ‪ ".‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ "ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ" ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‬
‫‪.1988‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻻﺋﻲ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﻮﻫﺮﺍﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻹﺛﻨﲔ ‪ 22‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1986‬ﺹ‪.12‬‬
 ‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻠﺒﻮﺍﺧﺮ ﺍﶈﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ ﻟﻠﺘﻔﺮﻳﻎ ﲟﻮﺍﻧﺌﻬﺎ‬
‫ﻭ ﺃﻫﻢ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺷﻬﺪﻬﺗﺎ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻫﻲ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺁﺗﻮﺱ ‪،‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪,‬‬
‫ﻣﺮﱘ ﺻﻐﲑ‪:‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,.1962-1954‬ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪,‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪1997,‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺭﺩﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -6‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -7‬ﺍﳌﻮﻓﻖ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -8‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻴﻤﲏ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ - 9‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -10‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﻮﻳﱵ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‬
 ‫‪-1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﻗﺒﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭ ﻣﻌﻘﻼ ﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻓﺘﺤﺖ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‬
‫ﻭ ﻧﺎﺻﺮﺕ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻓﺎﲢﺔ ﳍﻢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻹﲰﺎﻉ ﺻﻮﻬﺗﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺢ ﺍﳌﻜﺎﺗﺐ ﻭ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺃﳘﻬﺎ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺷﺮ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ)‪ ،(1‬ﻭ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺣﺎﺿﺮﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)‪ ،(2‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ,‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺼﺮ ﺭﺃﺕ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﺴﺎﻋﺪﻬﺗﺎ ﻷﺷﻘﺎﺋﻬﺎ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ‪,‬‬
‫ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﳌﻜﺘﺐ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻫﻮ ﲨﻊ ﴰﻞ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ‬
‫ﺿﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ )‪ ,(3‬ﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﺎﻡ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻠﻘﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﻳﺎ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ ﻭ ﺍﳌﻠﺘﻘﻴﺎﺕ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ‪‬ﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻭ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲤﺘﲔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﲔ )‪.(4‬‬
‫‪,‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻜﺘﺐ‬
‫ﺃﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺧﻠﻖ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﲤﺜﻞ ﰲ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﰲ‬
‫ﺗﺄﻟﻴﺐ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﺸﺎﻁ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻜﺘﺐ )‪(5‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺗﺄﺳﺲ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ‪ 16‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1947‬ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﻀﻤﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ‪ :‬ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﳌﺮﺍﻛﺸﻲ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﺜﻠﻪ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ :‬ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭﻱ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ‪ .1954-1910‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ‪ .‬ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ ،1994/1993‬ﺹ ‪.375‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻼﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ‪ :‬ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﳊﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺮﺍﻛﺶ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪ ،1948‬ﺹ ‪.379‬‬
‫‪ -3‬ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪ ،‬ﺹ ‪.376‬‬
‫‪ -4‬ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‪:‬ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ ﺹ ‪.103-101‬‬
‫‪ -5‬ﺃﻧﻈﺮ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ ,‬ﻛﺎﱐ ﺟﺎﻙ‪ :‬ﻣﺆﲤﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﺎﻡ ‪ ،1947‬ﺗﻌﺮﻳﺐ ﺃﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﻮﺩ‪،‬‬
‫ﺍ‪‬ﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪/26/25‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1982‬ﺹ ‪.11‬‬

‫ﻭ ﺑﻠﺠﻮﺀ‪ ،‬ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﰲ ‪ 30‬ﻣﺎﻱ ‪ ،(1)1947‬ﺗﻌﺰﺯﺕ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ‬
‫ﻭﺭﺍﺀ ﻇﻬﻮﺭ ﳉﻨﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ)‪ ،(2‬ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﺩﺭﻭﺍ ﺇﱃ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﰲ‬
‫‪ 5‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1948‬ﺣﻴﺚ ﺃﻭﻛﻠﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﺭﺋﺎﺳﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ)‪,(3‬ﻭﻗﺪ ﺇﻋﺘﻤﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﻋﺪﺓ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﻛﺤﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﳊﺮ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﰲ ﻧﻀﺎﳍﺎ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺎﺩﻯﺀ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬‬
‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﻛﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻭ ﻋﺎﺵ ﰲ ﻛﻨﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭ ﺿﻤﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭ‬
‫ﺳﻴﻮﺍﺻﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﲡﺎﻩ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﺇﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭ ﺇﻟﺰﺍﻣﻲ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﻻ ﳝﻜﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺃﻱ ﻫﺪﻑ ﺁﺧﺮ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ)‪.(4‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺇﻧﺒﺜﻖ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪::‬‬
‫ﺍ‪ -‬ﻻ ﻣﻔﺎﻭﺿﺔ ﻣﻊ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮ ﰲ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳊﺎﺿﺮ‪.‬‬
‫ﺏ‪ -‬ﻻ ﻣﻔﺎﻭﺿﺔ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪.‬‬
‫ﺟـ‪ -‬ﳛﻖ ﻟﻸﺣﺰﺍﺏ ﺍﳌﻨﻀﻮﻳﺔ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺘﲔ ﺷﺮﻳﻄﺔ‬
‫ﺇﻃﻼﻉ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﲑ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺩ‪ -‬ﺇﻥ ﺣﺼﻮﻝ ﻗﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ )‪.(5‬‬
‫ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﳉﺄ ﺍﻷﻣﲑ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻭ ﺯﻋﻴﻢ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﰲ ‪ 30‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1947‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻓﺸﻠﺖ ﺛﻮﺭﺗﻪ‬
‫ﺑﺴﺒﺐ ﲢﺎﻟﻒ ﺍﻟﻘﻮﺗﲔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺘﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺿﺪﻫﺎ‪ ,‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﻣﲔ ﺳﻌﻴﺪ ‪,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ ‪.216‬‬
‫‪ -2‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.56‬‬
‫‪ -3‬ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.379‬‬
‫‪ -4‬ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.56‬‬
‫‪ -5‬ﻭﺍﻓﻖ ﻛﻞ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﻓﻖ ﺑﺈﻣﻀﺎﺀﺍﻬﺗﻢ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﺄﻟﻒ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻭ ﺃﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﻭﻛﻴﻼ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭ ﺍﳊﺒﻴﺐ‬
‫ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺃﻣﻴﻨﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻭﺃﳏﻤﺪ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﻮﺩ ﺃﻣﲔ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ,‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ - :‬ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ‬
‫‪.141-139‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪ ,(1‬ﻭ ﻣﺼﺪﺭ ﺇﳍﺎﻡ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺍﻗﻴﺔ ﻟﻺﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺍﳊﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﲤﻴﺰﺕ ﺑﻮﺿﻊ ﻟﺒﻨﺎﺕ‬
‫ﻗﻮﻳﺔ ﰲ ﺻﺮﺡ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻐﺮﺏ ﻋﺮﰊ ﻣﻮﺣﺪ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﳘﺘﻬﻢ ﰲ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺇﱃ ﳉﻨﺔ ﲢﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ,‬ﻓﺈﻥ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ)‪ ,(2‬ﺃﻛﻤﻠﺖ ﻣﺸﻮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻭ ﻗﺪﻣﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ ﻭﺳﻌﻬﺎ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﶈﻴﻂ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻴﺞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ)‪.(3‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﲤﻴﺰﺕ ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺑﲔ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ‬
‫)‪(OS‬ﻭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‪ .‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﻳﻌﻜﺲ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﻮﻥ ﻳﻀﻌﻮﻬﻧﺎ ﰲ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﳌﺼﺮﻳﲔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺃﻭﻓﺪﺕ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺿﻠﻴﻬﺎ ﺇﱃ‬
‫ﻣﺼﺮ ﻗﺼﺪ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ)‪ ,(4‬ﺣﻴﺚ ﺃﻃﻠﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﻲ ﻗﺎﺩﻣﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻇﻞ ﻓﺸﻞ‬
‫ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭ ﺗﺼﺪﻉ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﲡﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﺎﻟﻴﲔ‬
‫ﻭ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﲔ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﳏﻤﺪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ " :‬ﻭ ﺃﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻨﺤﺎﺯﻭﺍ‬
‫ﺇﱃ ﺃﻱ ﻃﺮﻑ ﺃﻭ ﻣﻊ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﺎﻟﻴﲔ ﻭ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﺑﻐﻴﺔ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺑﻌﻴﺪﺓ‬
‫ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﺍﳌﺴﻤﻮﻣﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﻟﺪﺕ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪.(5) " ...‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﱃ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﻭﻛﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ )ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ( ﺍﳉﺰﺀ‪ ،3‬ﻡ‬
‫ﻭ ﻙ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1988‬ﺹ ‪.119‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ ﺛﻮﺭﺓ ‪ 23‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1952‬ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻭ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻄﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺁﻧﺬﺍﻙ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ‪,‬ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ‪ :‬ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭ‬
‫ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﻭ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻭ ﺣﺴﲔ ﺍﻷﺣﻮﻝ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.18‬‬
‫‪ -5‬ﳎﻠﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺍﻷﻭﺭﺍﺳﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1992 ،‬ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﺹ ‪.133‬‬

‫ﻭ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻟﻨﻴﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ‪,‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺟﺎﺩﺍ ﰲ ﻃﺮﺣﻪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺃﺧﺬ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺑﻌﲔ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ‪:‬‬
‫"‪...‬ﺑﻌﺪ ﺇﻃﻼﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﻭ ﺗﺄﻣﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻠﻪ ﻭ ﻬﺗﻴﺌﺔ ﻣﺮﺍﺣﻠﻪ ﺇﺭﲢﺖ ﻟﻪ ﻭ ﻋﻠﻤﺖ‬
‫ﺃﻬﻧﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ‪ ..‬ﻭ ﻭﻋﺪﻬﺗﻢ ﺃﻧﲏ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﻌﻬﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻭ ﺃﻣﺪﻫﻢ ﺣﺎﻻ ﲟﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﻦ ﺳﻼﺡ‬
‫ﺧﻔﻴﻒ ﻭ ﺃﻥ ﺃﺳﻌﻰ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ...‬ﻟﻜﻲ ﲤﺪ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺑﺎﳌﺎﻝ‪.(1) " ..‬‬
‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ‪ 23‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1954‬ﻛﺎﲡﺎﻩ ﺛﺎﻟﺚ ﰲ‬
‫ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﲎ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﻔﺠﲑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ‬
‫ﺣﺴﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﻟﻠﺸﻬﻴﺪ ﺑﻮﲨﻌﺔ ﺳﻮﻳﺪﺍﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ‪ ..." :‬ﻧﻌﻢ ﺃﻭﻻ ﻫﻞ ﳓﻦ ﺛﻮﺭﻳﻮﻥ؟ ﺇﺫﺍ‬
‫ﻣﺎﺫﺍ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﻟﺘﻔﺠﲑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺎ ﳐﻠﺼﲔ ﻣﻊ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ" )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻹﺛﻨﲔ ﻭ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺣﻠﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ‬
‫‪ 20‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1954‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺩﺕ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺍﳌﻮﻛﻠﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ)‪ ,(3‬ﻟﺘﺘﺸﻜﻞ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ‬
‫ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﻭ ﺇﺑﻦ ﺑﻮﻟﻌﻴﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻭ ﺩﻳﺪﻭﺵ ﻣﺮﺍﺩ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻦ ﻣﻬﻴﺪﻱ ﻭ ﺭﺍﺑﺢ ﺑﻄﺎﻁ ﻭ ﻛﺮﱘ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‬
‫ﻭﺃﻭﻛﻠﺖ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺇﱃ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﻭ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺝ)‪.(4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.18‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺍﻷﻭﺭﺍﺳﻲ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.144‬‬
‫‪ -3‬ﺑﻮﻃﻤﲔ ﺍﳉﻮﺩﻱ ﺍﻷﺧﻀﺮ‪ ،‬ﶈﺎﺕ ﻣﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻡ ﻭ ﻙ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1987‬ﺹ ‪.18‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.17‬‬

‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻘﺪ ﰲ ‪ 23‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1954‬ﺑﲔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﺪﺍﺳﻴﺔ ﺑﺪﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺮﺍﺩ ﺑﻮﻗﺸﺮﺓ ﺑﺒﻠﺪﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﻳﺲ ﲪﻴﺪﻭ )ﻻﺑﻮﺍﺕ ﺑﺴﻜﺎﺩ( ﺗﻘﺮﺭ ﲢﺪﻳﺪ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﻔﺠﲑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﺎﻋﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻮﻡ ‪ 1‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺼﻔﺮ ﻭ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ‪,‬ﻭ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ )‪ , (1‬ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺯﻉ ﺳﺮﻳﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺧﻼﻝ ‪ 31‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‬
‫‪.(2)1954‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺠﺮﻱ ﺛﻮﺭﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎﻫﻮ ﺃﺿﻤﻦ ﳍﻢ ﰲ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺃﺭﺽ ﻣﺼﺮ ﻭ ﻓﻌﻼ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﺮﺏ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭ ﺫﻟﻚ ﳉﺎﻧﺒﲔ ﺇﺛﻨﲔ‪:‬‬
‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﻣﻌﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ﻇﻬﻮﺭ ﺗﻴﺎﺭ ﻗﻮﻣﻲ ﻋﺮﰊ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺩﻋﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﲪﺎﺳﻬﻢ ﰲ ﺗﻔﺠﲑ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺃﺷﻘﺎﺋﻬﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﻣﺎﻳﻠﻲ ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﺧﺮﺟﺖ ﻭ ﻣﻌﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﻭ ﻛﻨﺖ‬
‫ﺃﻇﻦ ﺃﻧﲏ ﺳﺄﺻﻞ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﺑﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ ،‬ﻟﻜﻨﲏ ﺗﻌﻄﻠﺖ ﰲ‬
‫ﺑﺎﺭﻥ ﺑﺴﻮﻳﺴﺮﺍ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﺄﺷﲑﺓ‪ ،‬ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺿﻄﺮﱐ ﺇﱃ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟﱪﻳﺪ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﻭ ﱂ‬
‫ﺃﺩﺧﻞ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺇﻻ ﰲ ‪ 2‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.(3) "... 1954‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺃﺫﻳﻊ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻣﻦ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺴﺎﺀ ﻳﻮﻡ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‬
‫‪ 1954‬ﻣﺴﺎﺀﺍ)‪ ،(4‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺑﻮﻃﻤﲔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.19‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.11‬‬
‫‪ -3‬ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺎﺱ‪ :‬ﺛﻮﺍﺭ ﻋﻈﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺩﺣﻠﺐ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1991‬ﺹ ‪.67‬‬
‫‪ -4‬ﺑﻮﻃﻤﲔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.14‬‬
‫‪ -5‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ ‪,1‬ﻧﺺ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪.‬‬

‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﳜﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳋﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺸﻜﻠﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﻭ ﺷﻌﺒﺎ‪ ،‬ﰲ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﺭﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺍﻟﻌﻀﻮﻱ ﺑﺎﻷﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻣﺼﺮ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺇﱃ ﺇﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺻﺐ ﺟﺎﻡ ﻏﻀﺒﻪ ﻋﻠىﻤﺼﺮﻭ ﺇﻋﺘﱪﻫﺎ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﳋﻄﺮﻛﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺮﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪"...‬‬
‫)‪.{1‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﰲ ﺗﺪﻋﻴﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﻣﻦ‬
‫ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﺑﲔ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎﻡ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻳﺘﺤﻔﻈﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻗﻨﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‬
‫ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﺑﲔ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺌﺔ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ‬
‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﻓﺌﺔ ﺭﺍﻓﻀﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ)‪ ,(2‬ﻭ ﺇﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻌﻬﺪﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺇﺫﺍ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭ ﺑﻌﺾ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳎﻠﺲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻗﺪ ﺃﻋﻄﻮﺍ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺇﻧﻄﻼﻋﺎ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎﻬﺗﻢ ﻛﻌﺮﺏ ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻴﺎﺭ ﺩﺍﺧﻞ ﳎﻠﺲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﺭﺍﻓﻀﺎ ﻟﺪﻋﻢ ﻭ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺼﺮ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﻓﺘﻴﺔ ﻭ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻧﻀﺎﻝ ﻃﻮﻳﻞ ﺗﺘﻄﻠﺒﻪ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺒﻼﺩ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ﻫﻲ ﺇﺻﻼﺡ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻗﺒﻞ ﻓﺘﺢ ﺟﺒﻬﺎﺕ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﺇﺿﻌﺎﻑ‬
‫ﺩﺍﺧﻴﺎ ﻭ ﺗﻌﻮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻣﻌﲎ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﳎﺮﺩ ﻣﻐﺎﻣﺮﺓ ﺧﺎﺳﺮﺓ ﻻ ﺃﻛﺜﺮ ﻭ ﻻ ﺃﻗﻞ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ ﻧﺎﻳﺖ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ :‬ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﺒﺤﺚ ‪ ،1983‬ﺹ ‪.94‬‬
‫‪ -2‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻮﻃﻮﺭﺓ‪ :‬ﻋﻼﻗﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ‪،1962/1954‬‬
‫ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ‪ ،‬ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪,.‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﳎﻠﺲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﻟﺮﺍﻓﺾ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪﺓ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﺎﻳﻠﻲ ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺣﺪﺓ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺼﺮ ﻭ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ‬
‫‪ -2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﺠﺒﻬﺔ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﺧﻂ ﺩﻓﺎﻉ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺳﻨﺪ ﻗﻮﻱ ﳌﺼﺮ ﻭ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﻧﻀﺎﳍﺎ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺑﻜﻞ ﺃﺷﻜﺎﻟﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺇﻥ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﻣﺼﺮ ﺩﻭﻥ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﲢﺖ ﻧﲑ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻻ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻭ ﻻ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﺍﳌﺪﻯ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﻻ ﳝﻜﻦ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﺩﻭﻥ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﻗﻀﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﰲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﺟﻌﻠﺖ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺗﺘﺒﲎ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻭ ﺭﺟﺤﺖ ﻛﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻠﻒ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﻭ ﻋﺰﺕ‬
‫ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﲟﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺃﻛﺪﻩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ‪ ..." :‬ﺃﻣﺮﺕ‬
‫ﺍﻷﺥ ﻓﺘﺤﻲ ﻭ ﺍﻷﺥ ﻋﺰﺕ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻓﺪ ‪-‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ -‬ﳑﺜﻠﲔ ﱄ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻭ ﻛﻨﺖ ﺃﻛﺘﻢ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﻮﱄ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺗﺴﺮﺏ ﺍﻟﺴﺮ ﻭ ﺇﺳﺮﺍﻉ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺿﺮﺏ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻗﺒﻞ‬
‫ﺑﺮﻭﺯﻫﺎ‪.(2) "...‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺑﻮﻃﺮﺓ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.19-18‬‬
‫ﱂ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺩﻋﻢ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌﲔ ﺑﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻻﺟﻞ ﻣﻦ ﺗﺪﻋﻴﻤﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺸﻦ ﻏﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﺰﺩﻭﺟﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻭ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪" ،‬ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻷﻬﻧﺎ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﲝﻤﻼﻬﺗﺎ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﳌﺪﻧﲔ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ...،‬ﻭ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻷﻬﻧﺎ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺳﻄﺎﺀ ﺍﳌﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺳﻔﺮﺍﺀ ﳍﺎ ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ‬
‫ﺑﺈﲰﻬﺎ ﻭ ﻳﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﳍﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺃﻥ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ‪,(1) "..‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﺭﺃﺕ ﻣﺼﺮ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﳉﺎﻧﺐ‬
‫ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺷﺮﻑ ﺑﺚ ﺃﻭﻝ ﺑﻴﺎﻥ‬
‫ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻷﺛﲑ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ‬
‫ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﱵ ﻟﻌﺒﺖ ﺩﻭﺭﺍ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﰲ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ "ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ" ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﺯﻫﺮﻱ "ﺩﺭﺍﺯ" ﻭ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﺋﺪﻫﺎ ﺍﳌﺼﻠﺢ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﺮﺑﺎﻃﻲ‪ ,‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﳋﺮﳚﲔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺃﺳﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻓﺆﺍﺩ ﺟﻼﻝ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺳﺎﻋﺪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(4‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲰﺤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻟﻠﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻗﺼﺪ‬
‫ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﰎ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺘﺠﻬﻴﺰ ﻧﺸﺮﺓ ﺇﺧﺒﺎﺭﻳﺔ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻋﻦ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻭ‬
‫ﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ ﻭ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭ ﻭﻛﺎﻻﺕ ﺍﻷﻧﺒﺎﺀ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﺴﻌﻮﺩ ﳎﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔﺍﳍﺎﴰﻴﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﺹ‪.41‬‬
‫‪ -2‬ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺃﲪﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺃﻧﻈﺮ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.77‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.153‬‬
‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.147/146‬‬
‫‪ -5‬ﺫﻛﺮ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻓﺆﺍﺩ ﺟﻼﻝ ﻃﻠﺐ ﺇﱄ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺍﻹﳊﺎﺡ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﳐﺘﺼﺮﺍ‬
‫ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ ﻭ ﺣﺎﺿﺮﻫﺎ ﻭ ﻭﺻﻒ ﺑﻼﺩﻫﺎ ﻭ ﺛﺮﻭﻬﺗﺎ ﰒ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ‬
‫ﺣﻮﺍﺩﺛﻬﺎ ﻭ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﻭ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.153‬‬
‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﲔ ﺃﺟﻨﺤﺔ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ )ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻏﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﻭ ﲝﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺇﱃ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺼﻔﻮﻑ‪ ،‬ﺳﻌﺖ ﻣﺼﺮ ﺇﱃ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﲡﺎﻫﺎﺕ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﻋﻘﺪ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﰲ ‪ 19‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1955‬ﲟﱰﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﻭ ﻗﺪ ﺣﻀﺮﻩ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺒﺸﲑ‬
‫ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻲ ﻣﻦ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻀﻴﻞ ﺍﻟﻮﺭﺗﻼﱐ ﻭ ﺃﲪﺪ ﺑﻴﻮﺽ ﻋﻦ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪,‬‬
‫ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺍﳌﻜﻲ‪ .‬ﻭ ﺣﺴﲔ ﳊﻮﻝ ﳑﺜﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﳌﻨﺸﻘﺔ‬ ‫ﻭ ﺃﲪﺪ ﻣﺰﻏﻨﺔ ﻋﻦ ﺗﻴﺎﺭ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﳊﺎﺝ‬
‫ﻋﻦ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻣﻊ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻭ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﻭ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪.‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺇﻧﺘﻬﻰ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ)‪ (1‬ﺍﻟﺬﻱ ﰎ ﺇﺫﺍﻋﺘﻪ ﻣﻦ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭ ﳌﺪﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ‬
‫ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ)‪.(2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻣﺼﺮ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﲔ ﺍﻷﺷﻘﺎﺀ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﺣﱴ ﺗﺴﻬﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﻭ‬
‫ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺼﻒ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﱂ ﺍﻟﺸﻤﻞ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﻘﺪ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﻣﻮﺳﻊ ﰲ ‪ 11‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‬
‫‪ 1955‬ﺣﻀﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻦ ﻣﻬﻴﺪﻱ ﻭ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﻭ‬
‫ﻣﺜﻞ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ ﲝﻀﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺪﻳﻦ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﻭ ﻋﺰﺕ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ)‪ ,(3‬ﻭ ﻟﻌﺒﺖ ﻣﺼﺮ ﺩﻭﺭﺍ ﺭﻳﺎﺩﻳﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﺃﻣﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺣﺴﻮﻧﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺎﻋﺪﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ‬
‫ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪.(4‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﳌﺼﺮﻱ‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻮﻓﺪﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺟﻮﺯﻳﻒ ﺑﻴﺠﺎﺭ ﻗﺼﺪ ﻓﺘﺢ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻏﻲ ﻣﻮﱄ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺳﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺭﻭﻣﺎ)‪ ،(5‬ﻏﲑ ﺃﻥ ﻣﺼﺮ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﳐﻄﻄﺎﻬﺗﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻨﺢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺬﺍﰐ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺍﳌﻴﺜﺎﻕ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ ‪، 3‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ :‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﺹ ‪.644‬‬
‫‪ -2‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.77‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.73‬‬
‫‪ -4‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻲ "ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺑﺬﻝ‬
‫ﺍﳉﻬﺪ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﻤﺜﻠﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ"‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.75‬‬
‫‪ -5‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪,‬ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺧﺪﺓ‪:‬ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ ﺩﻳﻮﺍﻥ‬
‫ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪,‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪. 2002,‬‬
‫ﺟﺎﺀﺕ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺇﺧﺘﻄﺎﻑ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﻭ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ‬
‫ﺃﲪﺪ ﻳﻮﻡ ‪ 22‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1956‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻗﻮﻳﺎ ﻭ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﻭﺯﺍﺭﺓ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺑﺎﻋﻼﻡ ﻛﻞ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﲟﻼﺑﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﺧﱪﺕ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ‬
‫ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺬﻟﻚ ﻭ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻟﻺﻓﺮﺍﺝ ﻋﻦ ﺍﻹﺧﺘﻄﺎﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﻠﻔﺖ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ‬
‫ﺑﺸﻦ ﲪﻠﺔ ﺩﻋﺎﻳﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‬
‫ﻛﻠﻒ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺈﺧﺘﻄﺎﻑ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﲟﺮﺍﻛﺶ ﻭ‬
‫ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻅ ‪‬ﻢ ﻛﺮﻫﺎﺋﻦ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻹﻓﺮﺍﺝ ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ)‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺍﻟﺘﺤﻀﲑ ﻟﻌﻘﺪ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳊﻀﲑﻱ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺷﺎﺭﻙ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﻗﺎﺩﻬﺗﺎ)‪, (2‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻼﻩ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﺆﲤﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻠﺴﺎﺗﻪ ﺳﺮﻳﺔ ﻭ ﺣﺎﻡ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺧﺮﺝ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ‬
‫ﻣﻬﻤﺔ ﺭﺃﻯ ﺍﳌﺆﲤﺮﻭﻥ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺑﻼﻏﻬﺎ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻪ ﰲ ﺩﻋﻤﻪ ﻭ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪" ،‬ﻭ ﻳﻌﺘﱪﻭﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳊﻖ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﺇﺳﺘﻘﺮ ﻗﺮﺍﺭﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ‬
‫ﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ")‪ ,(3‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﻗﻔﺖ ﻣﺼﺮ ﺿﺪ ﻛﻞ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﺪﻣﲑﻳﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ)‪ ,(4‬ﻭ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ‬
‫‪ ،(5)1958‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﺪﻋﻴﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻭ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ‪‬ﺎ ﺣﻴﺚ ﰎ ﺇﺫﺍﻋﺔ‬
‫ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ 1958‬ﲤﻬﻴﺪﺍ ﻟﻺﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ)‪.(6‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.272-271‬‬
‫‪ -2‬ﺣﻮﻝ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ‪,1957‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ,‬ﺹ ﺹ ‪.344-343‬‬
‫‪ -3‬ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.355‬‬
‫‪ -4‬ﻟﻘﺪ ﺳﻌﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻭ ﲟﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﺼﺎﱀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺗﻄﻮﻳﻖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻭﺩ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.363-362‬‬
 ‫‪ -5‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ ‪ 4‬ﺍﳌﺘﻀﻤﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ‪ :‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.390-389‬‬
‫‪ -6‬ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.390‬‬

‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺣﺘﺰﺍﺯﺍﺕ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﲡﺎﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻓﺬﻟﻚ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻌﺪﻡ‬
‫ﺍﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻹﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺭﺟﻼ ﺩﻓﻴﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺇﻻ ﺑﺄﻧﺼﺎﻑ ﺍﳊﻠﻮﻝ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ‬
‫ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ‪" :‬ﺳﺠﻞ ﻣﻦ ﺍﻵﻥ ﺃﻧﻨﺎ ﺃﻭﻝ ﻣﻌﺘﺮﻑ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‪.(1) "..‬‬
‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﻬﻘﺮ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺳﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺃﺩﺭﻛﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻟﺬﺍ ﳉﺄﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‬
‫ﻃﺎﻟﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﻣﺴﺎﻋﺪﻬﺗﺎ ﰲ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻟﻘﺎﺀ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻬﺎ‬
‫ﻛﺮﻳﺴﺘﺎﻥ ﺑﻴﻨﻮ ﻣﻊ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺃﻥ ﺗﻔﻀﻲ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺇﱃ ﺣﻞ‬
‫ﻣﺸﺮﻕ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺿﻬﻢ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻫﻲ‬
‫ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ)‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﲤﻴﺰﺕ ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﺣﻖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﻣﺼﺮﻳﻬﻢ ﻭ ﺇﺑﺪﺍﺀ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﰲ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻌﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺭﺃﻳﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﻋﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﻣﺸﺎﻭﺭﺍﺕ ﻣﻊ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ‬
‫ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺍﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﺗﺼﺐ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.400‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.447‬‬
 ‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬
‫ﺇﻧﺪﻟﻌﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﰲ ﻓﺎﺗﺢ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻘﻴﻤﺎ‬
‫ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺛﺮﺕ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻄﻌﺖ ﺃﺷﻮﺍﻃﺎ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻀﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻛﻔﺎﺣﻪ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﺍﳌﻐﺘﺼﺐ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻟﺰﺍﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﻔﺠﺮﻱ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻤﻬﻢ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﺩﻭﻥ ﲣﻮﻑ ﺃﻭ ﺗﺮﺩﺩ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ )‪ ،(1‬ﻭ ﻭﺟﺪ‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﺿﺎﻟﺘﻬﻢ ﰲ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻗﺒﻠﺘﻬﻢ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻟﺪﻋﻤﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺇﻧﻄﻼﻗﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﺣﺪ‬
‫ﺫﺍﻬﺗﺎ ﺇﻋﺘﻤﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﻭ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻟﺰﺍﻣﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺆﻭﱄ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﺮﻭﺍ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‬
‫ﻭ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺣﺎﺟﻴﺎﺕ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺑﲔ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﻭ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ‬
‫ﻗﺼﺪ ﲢﻀﲑ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﻣﺪﺍﺩ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﳍﺎ ﻭ ﲝﺚ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻟﺘﺄﻣﲔ ﻭﺻﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳋﻄﺔ ﺍﳌﺴﻴﻄﺮﺓ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﰲ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺗﺸﺘﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﺮﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﲔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺼﺮ ﻭ ﻫﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﻌﺪﺫﻟﻚ ﺑﺈﻳﺼﺎﳍﺎ ﺇﱃ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﳏﺤﺪﺓ‬
‫ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺸﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﺍﺀ ﻫﺎﺗﻪ ﻳﺘﻢ ﺗﺰﻭﻳﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ‬
‫ﳐﺎﺯﻥ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﳌﺼﺮﻱ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻀﻮﺍ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﱪﻫﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ‪,‬ﺃﻧﻈﺮﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪,‬ﲪﺪﻱ ﺣﺎﻓﻆ‪:‬ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪,..‬ﻣﺼﺪﺭﺳﺎﺑﻖ‪,‬ﺹ‪755‬‬
‫‪ -2‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ ﲨﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻼﺣﻖ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ ﻟﻸﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰﻭﺩ ‪‬ﺎ ﻣﺼﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ,‬ﺭﻗﻢ‪5‬ﻭ‪6‬ﻭ‪7‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ‪:‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪.‬‬
‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻘﺮﺏ ﺍﳌﺴﺎﻓﺔ ﺑﲔ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﻣﺼﺮ ‪,‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻹﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻬﺪﻩ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﲰﺢ‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻟﻌﺒﻮﺭ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻭ ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﺼﺮﻳﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺒﺤﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭ ﺍﳌﺆﻭﻧﺔ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺈﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ)‪,(1‬‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺄﺟﲑ ﺳﻔﻦ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺇﻗﺘﻀﺖ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻟﺬﻟﻚ)‪ ،(2‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺇﻣﺪﺍﺩ ﺟﻴﺶ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﺘﻢ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻟﻴﻠﺔ ‪ 5‬ﺇﱃ ‪ 6‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪1994‬‬
‫ﺃﻗﻠﻌﺖ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﰲ ﺇﲡﺎﻩ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﳌﻮﺍﱏﺀ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺷﺮﻕ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺣﻴﺚ ﺃﻓﺮﻏﺖ‬
‫ﲪﻮﻟﺘﻬﺎ ﻟﻴﺘﻢ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﺎﺣﻨﺎﺕ ﺇﱃ ﳐﺎﺯﻥ ﺳﺮﻳﺔ‪.‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﺘﻮﺯﻉ ﻋﻠﻰ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ)‪ ,(3‬ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﻗﻮﻳﺔ ﻭ ﺇﻻ ﻛﻴﻒ ﰎ ﻣﻨﺤﻬﺎ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪.‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1955‬ﰎ ﺷﺤﻦ "ﺍﻟﻴﺨﺖ ﺩﻳﻨﺎ" ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﰎ ﺗﺄﺟﲑﻫﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺇﺳﺘﺒﻌﺪﺕ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﺤﻦ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﳌﺎﳍﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﲑ ﺳﻠﱯ‬
‫ﻋﻠﻰ ﲰﻌﺔ ﻣﺼﺮ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ﻭ ﺩﻭﻟﻴﺎ‪ ،‬ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ)‪.(4‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﺷﺘﻬﺮﺕ ﲝﻤﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻟﻴﺨﺖ ﺩﻧﻴﺎ‬
‫ﻫﻨﺎﻙ" ﺍﻟﻴﺨﺖ "ﳕﻮ" ﻭ ﺍﻟﻴﺨﺖ "ﺟﻮﺩﻫﻮﺏ" ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﲤﺖ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻪ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﺷﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﺳﻔﻴﻨﺔ "ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ‪".‬‬
‫‪ -2‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
 ‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﺸﻬﲑﺓ "ﺁﺗﻮﺱ" )‪, (1‬ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﳏﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ ﰲ ﺇﲡﺎﻩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‬
‫ﺇﻛﺘﺸﻔﻮﺍ ﺃﻣﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺩﻓﻌﻬﻢ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺷﻜﻮﻯ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺿﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ)‪.(2‬‬
‫ﱂ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﺩﺛﺔ ﺑﻞ ﻭﺍﺻﻞ ﺍﻷﺷﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﺼﺮﻳﻮﻥ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﻣﺪﺍﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭ‬
‫ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ)‪ ،(3‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﻴﻢ ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ‪.‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺍﺻﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺣﻴﺚ ﰎ ﺷﺤﻦ ﺩﻓﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺑﺮﺍ‪ ،‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﻋﺘﻤﺎﺩ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﻠﻴﺒﲔ ﺍﳌﺨﺘﺼﲔ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ‬
‫ﻬﺗﺮﻳﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺣﻴﺚ ﰎ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺃﻭﻝ ﺷﺤﻨﺔ ﻳﻮﻡ ‪ 6‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1957‬ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﺃﲪﺪ ﳏﺴﺎﺱ)‪.(4‬‬
‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺮﻛﻴﺰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﰲ ﺣﺼﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﳌﺘﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺍﳌﻨﻔﺬ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻮﺻﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻓﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﳌﺴﻠﻚ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻗﻠﺔ ﺍﳌﻮﺍﺻﻼﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺘﲔ‪ ،‬ﺭﺃﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ‬
‫ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﲝﺮﺍ ﻗﺼﺪ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﻭﻫﺮﺍﻥ‪ ,‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ "ﺧﻮﺍﻥ ﺇﻳﻠﻮﻛﺎﺱ‬
‫ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ" ﺍﻟﱵ ﰎ ﺷﺤﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻳﻮﻡ ‪ 2‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1957‬ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺻﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺇﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ )‪,(5‬ﻭ ﱂ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﰲ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﺮﺏ ﺍﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﰒ ﺇﻳﻔﺎﺩﻫﻢ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻺﻟﺘﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ,‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﱂ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪ ﺑﻞ‬
‫ﺇﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻋﱪ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ‪ 1957‬ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ‪ ،(6)1959‬ﺣﻴﺚ ﺧﻀﻌﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻸﻣﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﺁﻣﻨﺖ ﲢﺖ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﲝﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺁﺗﻮﺱ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻘﺒﻄﺎﻥ "ﺑﺎﺯﻳﻞ ﻣﻮﺯﺱ" ﺍﻟﻘﱪﺻﻲ ﺍﻷﺻﻞ‪ ،‬ﻭ ﳛﻤﻞ ﺍﳉﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲤﻜﻨﺖ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ‪ 17‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1956‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺃﺩﺕ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.250‬‬
 ‫‪ -2‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻓﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.260‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﻋﺎﻡ ‪.1956‬‬
‫‪ -4‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﳋﺎﺹ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪ ،‬ﺭﻗﻢ‪ ،8‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﺹ ‪.330‬‬
‫‪ -5‬ﺣﻮﻝ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ "ﺧﻮﺍﻥ ﺇﻳﻠﻮﻛﺎﺱ" ﺃﻧﻈﺮ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.336‬‬
‫‪ -6‬ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺪﺭﺑﻮﺍ ﰲ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﻭ ﻛﺎﻥ ﲡﻤﻴﻌﻬﻢ ﲟﻌﺴﻜﺮ ﺍﳊﺮﺱ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﲜﺴﺮ)ﻛﻮﺑﺮﻱ( ﺍﻟﻘﺒﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﺗﺪﻭﻡ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ‪ ،‬ﻭ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﻨﻘﻠﻮﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻺﻟﺘﺤﺎﻕ‬
‫ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ‪.‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪.‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪:‬‬

‫ﻳﻌﻮﺩ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺇﱃ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﺣﺮﺯﺕ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﻛﺒﲑ ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻛﺪﺕ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻛﺰﺕ‬
‫ﺣﻮﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﺫﻛﺮﻩ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺘﱪﻩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻭ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﻨﺎﺑﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻌﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳚﺮﻱ ﻳﻮﻣﻴﺎ‪ ،،..‬ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻳﻌﺎﱐ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻹﺫﻻﻝ ﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ " )‪.(1‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺪﺧﻼﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻮﻡ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺑﻜﻞ ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ ﻭ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺷﻌﻮﺏ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺟﺎﺀﺕ ﺃﻭﻝ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻹﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﺗﻨﻌﻘﺪ ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﻃﻠﺐ‬
‫ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ‪ 26‬ﺟﺎﻧﻔﻲ )ﻳﻨﺎﻳﺮ( ‪ ،1955‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺑﺮﺁﺳﺔ‬
‫ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﱵ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺈﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ ‪ :‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺃﺭﺍﺀ ﻭ ﻣﻄﺎﻟﻌﺎﺕ ﰲ ﺷﺆﻭﻧﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‪ .‬ﺹ‬
‫‪.164‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.164‬‬

‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬ﻭ ﻗﺪ ﺭﻛﺰ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﻄﺮﺡ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ‬
‫ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺃﻧﻪ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﻮﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺈﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﻨﺎﺑﻞ ﻓﺄﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﺮﺽ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﲣﺺ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺇﻛﺘﻔﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺘﻮﺻﻴﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﻠىﺈﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ‬
‫ﺻﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ)‪.(2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻟﻌﺒﺖ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺩﻭﺭﺍ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﺮﻗﺖ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺖ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﺗﺘﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻗﻤﻊ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺇﻧﺘﻬﺎﻙ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺮﻡ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﳉﻨﺲ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭ ﺇﺗﺒﺎﻉ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺎﺀ ﺷﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻗﻤﻌﻪ‪ ،‬ﻭ ﺫﻛﺮﺕ ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺭﻓﻀﺖ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳉﻤﺎﱄ ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.206‬‬
‫‪ -2‬ﺣﺎﻃﻮﻡ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﲪﺪﻱ ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ :‬ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪ ،‬ﻁ ‪ ،1‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،1958 ،‬ﺹ ‪.173‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻟﻔﺖ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺑﻄﻪ‬
‫ﻟﻠﻤﺄﺳﻲ ﺍﳌﺘﺸﺎ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺬﺍﺑﺢ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻌﺖ ﰲ ﺍ‪‬ﺮ ﻭ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﲟﺠﺎﺯﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺍﳌﺮﺗﻜﺒﺔ ﰲ ﺣﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻷﻋﺰﻝ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺮﻛﻴﺰﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻤﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻬﻧﺎ‬
‫ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭ ﰲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺃﻭ ﰲ ﺁﺳﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‬
‫ﺍﻟﺘﻐﺎﺿﻲ ﻋﻦ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﲔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺭﺑﻂ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﺤﻰ ﺑﲔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻻﻛﻮﺳﺖ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻴﺔ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ‬
‫ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻹﺭﻫﺎﰊ ﻟﻜﺎﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﰲ ﺍ‪‬ﺮ)‪.(1‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺮﻛﻴﺰﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﺃﻬﻧﺎ‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﺩﻋﻰ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺑﻴﻨﻮ"‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺩﻩ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲣﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺇﺩﻋﺎﺀ ﺑﺎﻃﻞ ﻭ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻓﺮﻧﺴﻴﲔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ)‪.(2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ‪,‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪18‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﺳﻨﺔ ‪ ،1957‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪.4887‬‬

‫‪ -2‬ﺣﺰﻧﺎﻥ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ :‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1962-1954‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬
‫ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ‪ ،1983‬ﺹ ‪.103‬‬

‫ﻭ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﻫﻢ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺭﺩﻫﺎ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳝﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﳛﺪﺙ ﺧﻼﻓﺎﺕ ﺣﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﻃﺆ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻊ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﰲ ﺿﺮﺏ ﻣﺼﺮ ﻛﺎﻥ ﺇﻧﺘﻘﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺿﺪ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﱵ ﺩﻋﻤﺖ ﺷﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﺗﻮﺍﻃﺆ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺣﺮ‪‬ﺎ ﺿﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺪﻋﻤﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻟﻨﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻣﻦ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﻗﻮﺍﺗﻪ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻧﻔﻘﺎﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻮﻕ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ ﻳﻮﻣﻴﺎ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻗﻮﺓ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻟﺴﺤﻖ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ )‪ (29‬ﺗﺴﻊ ﻭ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‪،‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺳﻴﺎﺩﺗﻪ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪.‬‬
‫ﻭ ﳊﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻛﺪ ﻣﻦ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﻛﺰﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻐﻼﻝ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺃﺿﺎﻑ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺄﻥ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻴﻨﻮ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻒ‬
‫ﺍﻹﻗﺘﺘﺎﻝ ﻭ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺇﺫ ﱂ ﻳﺴﺒﻘﻪ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﺿﻤﻲ‬
‫ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﻬﻮ ﻏﲑ ﳎﺪ ﻭ ﺇﻗﺘﺮﺡ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺇﻋﻼﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻦ ﺣﻖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪.‬‬ ‫‪1-‬‬
‫ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻟﻌﻘﺪ ﺍﳍﺪﻧﺔ‪.‬‬ ‫‪2-‬‬
‫ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪-‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪.(2‬‬ ‫‪3-‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺪﺩ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫ﻭ ﺧﻠﺺ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻥ ﺗﺆﺩﻱ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﺃﺧﻼﻗﻴﺎ ﻭ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ ﲡﺎﻩ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻗﺼﺪ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻨﻔﺲ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﱵ ﻋﻮﳉﺖ ‪‬ﺎ ﻗﻀﻴﺘﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﻣﺮﺍﻛﺶ)‪.(1‬‬

‫ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺇﻧﻌﻘﺪﺕ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﺎﺑﲔ ‪ 1958‬ﻭ ‪ ،1959‬ﺷﺎﺭﻙ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ‬
‫ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ)‪ ,(2‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺎﻟﺒﺖ‬
‫ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺣﻘﺎ ﺣﺪﺛﺎ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﲪﺪﻱ ﺣﺎﻓﻆ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.179‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ ﻟﻸﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﺟﻮﺍﻥ ‪10 / 1957‬‬
‫ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1958‬ﻟﻠﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﻦ ﺧﺮﻧﺎﻥ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.108‬‬
‫‪ -3‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.108‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻭﺍﻛﺐ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1954‬ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﻠﻜﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ)‪(1‬‬
‫ﻭ ﲡﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻠﻜﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﰲ ‪ 27‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1958‬ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺛﲑﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻓﺎﺿﻞ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﱄ ﻭ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻟﻠﺤﻀﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻻ ﳛﻖ ﻟﻠﺤﻠﻒ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ‬
‫ﺇﻟﻴﻬﺎ)‪ ،(2‬ﻏﲑ ﺃﻥ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺑﺄﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﱂ ﺗﻜﻦ‬
‫ﰲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻴﺲ ﺷﻌﺒﺎ ﻓﺮﻧﺴﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺭﺽ ﳏﺘﻠﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﱂ ﺗﻌﻂ ﻟﻪ ﺣﻘﻮﻗﺎ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﻭ ﻻ‬
‫ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻣﺎﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺗﺴﻌﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﱂ ﻳﻌﻂ ﳍﻢ‬
‫ﺣﻖ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﳌﺴﺘﻮﻃﻨﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﻋﻦ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﺩ)‪.(3‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺣﺎﻥ ﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ‬
‫ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﺇﺭﺍﻗﺔ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﺄﰐ ﺇﱃ ﻬﻧﺎﻳﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﻣﺼﲑﻩ)‪ ،(4‬ﻭ ﺃﺿﺎﻑ ﺑﺄﻥ ﺩﻭﻝ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﻔﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ‬
‫ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻐﻞ ﻗﻠﻮﺏ ﻭ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﳊﻞ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﻭﻓﻘﺎ ﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﺳﺘﻌﻄﻲ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺳﻼﺣﺎ ﻋﺪﺍﺋﻴﺎ ﻗﻮﻳﺎ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺗﻮﱃ ﺍﳌﻠﻚ ﻓﻴﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﰲ ‪ 2‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ 1953‬ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ‪ 14‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1958‬ﻭ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﰲ ﻋﻬﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﺗﺴﻊ ﻭﺯﺭﺍﺕ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﳍﺎﴰﻲ‪.‬‬
‫ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺧﺮﻧﺎﻥ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ 1962/1954‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﻛﻠﻴﺔ‬
‫ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1983‬ﺹ ‪.75‬‬
‫‪ -2‬ﻓﺎﺿﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ‪ :‬ﲡﺎﺭﺏ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ ،1958/1943‬ﺍﳉﺰﺀ‪ ،2‬ﺹ ‪.552‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.553‬‬
 ‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.553‬‬
‫‪ -5‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ :‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.82‬‬

‫ﻭ ﺃﺿﺎﻑ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ)‪ ،(1‬ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺑﻮﻗﻒ ﳎﺎﺯﺭﻫﺎ ﺍﳌﺮﻋﺒﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ‪ ،‬ﻭ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻃﺒﻘﺎ ﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺑﺎﻷﺧﺺ ﻣﺒﺪﺃ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻫﺎﺗﻪ ﱂ‬
‫ﺗﺆﺧﺬ ﺑﻌﲔ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭ ﱂ ﺗﺪﺭﺝ ﰲ ﻗﺮﺍﺭﺗﻪ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ)‪.(2‬‬

‫ﻭ ﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻫﺠﻮﻣﺎﺕ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ‬
‫‪ ،1955‬ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻞ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﺇﱃ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺑﻜﻞ ﺃﺣﺎﺳﻴﺴﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺪﻡ‬
‫ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻧﻮﺍﺏ ﻋﺮﺍﻗﻴﲔ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﺑﺎﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ‬
‫ﺇﲣﺎﺫ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻮﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﺶ ﺍﳉﻬﻨﻤﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(3‬‬
‫ﺇﺛﺮ ﺫﻟﻚ ﻋﻘﺪ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺟﻠﺴﺔ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﻭﺍﻓﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﲣﺼﻴﺺ ﻣﺒﻠﻎ ﺭﺑﻊ‬
‫ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﳌﻨﻜﻮﰊ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﱂ ﻳﺼﻞ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﳍﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ)‪ ,(4‬ﻭﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 20‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﲰﺤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻟﻮﻓﺪ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ‬
‫ﺑﻐﺪﺍﺩ‪ ،‬ﻭ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﻣﻨﻪ ﻭ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﻟﻒ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﰲ ‪ 3‬ﺃﻭﺕ ‪ 1954‬ﻭ ﻗﺪ ﻋﻤﺪ ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺣﻜﻤﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺧﻨﻖ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻭ ﺣﻞ ﺍﻷﺧﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﺿﺮﺏ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﺿﻞ ﺣﺴﲔ‪ :‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ‪ ،‬ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪ ،1976‬ﺹ ‪.56‬‬
‫‪ -2‬ﺧﺮﻧﺎﻥ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.82‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.83‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳊﺴﲔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ‪ ،9‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1978‬ﺹ ‪179‬‬

‫ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻭﻗﻄﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‬
‫ﻛﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻭ ﻭﺿﻌﻬﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ )‪.(1‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﻛﻠﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺑﻨﺠﺎﺡ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﳊﺰﺍﺏ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺋﻴﺲ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺑﻜﺔ ﻭ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳉﺎﺩﺭﺟﻲ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﳏﻤﺪ ﺣﺪﻳﺪ ﻭ ﺻﺪﻳﻖ ﺷﻨﺸﻞ ﻭ ﺣﺴﲔ ﲨﻴﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﺪﺩﻭﺍ ﰲ‬
‫ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﲢﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻋﺮﺽ ﺇﻗﺘﺮﺍﺡ ﺍﳌﻘﺎﻃﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﻌﻘﺪ ﰲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﺇﺛﺮ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1956‬ﺑﺪﻣﺸﻖ ﲝﻀﻮﺭ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻃﺮﺡ ﺍﻹﻗﺘﺮﺍﺡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﲟﻘﺎﻃﻌﺔ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻗﻮﺑﻞ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺑﻂ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ)‪.(3‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺇﲣﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭ ﻣﻮﺣﺪ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻗﺎﻡ ﻭﻓﺪ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ‬
‫ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﺸﲑ ﺍﻓﱪﺍﻫﻴﻤﻲ ﰲ ‪ 31‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻫﻮ ﺩﻋﻢ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﳌﺎﺩﻱ )‪.(4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.84‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.85‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.86‬‬
‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻟﻌﺎﻡ ‪,1956‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﲰﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻭ ﻭﺯﻳﺮ‬
‫ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻪ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﺵ ﻋﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‬
‫ﻭ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﺘﻘﺪﱘ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﻃﺒﻘﺎ ﳌﺎ ﲤﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺘﻮﺍﻓﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻣﻦ ﺇﺳﺘﻘﻄﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺪﻡ ﰲ ‪ 17‬ﺟﻮﺍﻥ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ 316‬ﻣﻮﺍﻃﻨﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺑﻌﺮﻳﻀﺔ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‬
‫ﻭ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻮﻗﻒ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ ﺇﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺳﻔﺮﺍﺀ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﻋﺮﺽ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻗﻠﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳌﺰﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺁﻝ‬
‫ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﲢﻮﻳﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻘﻮﺍﻬﺗﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻘﻤﻊ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻛﺪﺕ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻓﻮﺭﻱ‬
‫ﻭ ﺳﺮﻳﻊ ﻹﻧﻘﺎﺫ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺼﲑﻩ ﻃﺒﻘﺎ ﳌﺎ ﻧﺼﺖ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(3‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.86‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.87‬‬
‫‪ -3‬ﻧﺎﻫﻖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ‪ :‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ ,1958/1953‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‪،‬‬
‫ﺑﻐﺪﺍﺩ‪ ،‬ﺹ ‪.524‬‬

‫ﺇﺛﺮ ﺇﺧﺘﻄﺎﻑ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ‪ ،,‬ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺋﻬﺎ ﺇﱃ ﺇﺳﺘﻨﻜﺎﺭ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺸﻨﻴﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺣﻬﻢ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺪ ﺃﻭ ﺷﺮﻁ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ‬
‫ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻄﲔ ﺑﻠﺔ ‪,‬ﻓﻜﺎﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﻘﻄﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺃﻓﺎﺿﺖ ﺍﻟﻜﺄﺱ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲤﺎﺩﺕ ﰲ ﺇﻋﺘﺪﺍﺀﺍﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﲟﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀﺍﻹﻋﻼﻥ ﺭﲰﻴﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ‬
‫ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 09‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪.(1) 1956‬‬
‫ﻭ ﺃﻥ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺗﻘﺪﱘ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﱂ ﺗﻌﻜﺲ‬
‫ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺃﻣﺎﻧﻴﻪ ﲡﺎﻩ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺑﻘﻴﺖ ﻭﻋﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺣﱪﺍ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻭﺭﻕ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺇﺳﺘﻘﺎﻟﺖ ﰲ ﺟﻮﺍﻥ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﻭ ﺇﺳﺘﺨﻼﻓﻬﺎ ﲝﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻲ ﺟﻮﺩﺕ ﺍﻷﻳﻮﰊ ﰲ ‪ 20‬ﻣﻦ‬
‫ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﻹﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﺧﺎﺻﺔ ﺇﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‬
‫ﲝﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻲ ﺟﻮﺩﺕ ﺍﻷﻳﻮﰊ‪ ،‬ﻗﺎﻡ ﻭﻓﺪ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺑﻐﺪﺍﺩ ‪‬ﺪﻑ ﻋﺮﺽ‬
‫ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﻬﻢ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭ ﺗﻌﻬﺪ‬
‫ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ )‪.(3‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.89‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻣﻊ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺃﲪﺪ ﳐﺘﺎﺭ ﺑﺎﺑﺎﻥ ﺍﻟﱵ ﺃﻃﺎﺣﺖ ‪‬ﺎ ﻭ ﺑﺎﳊﻜﻢ ﺍﳌﻠﻜﻲ ﺛﻮﺭﺓ ‪ 14‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪،1958‬‬
‫ﺍﻟﱵ ﺟﺴﺪﺕ ﻣﺎﻛﺎﻥ ﺣﱪﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺭﻕ ﲡﺎﻩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪.(1‬‬
‫ﻣﺎ ﺇﻥ ﺇﻧﺘﺼﺮﺕ ﺛﻮﺭﺓ ‪ 14‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1958‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﺣﱴ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﻦ ﺇﻧﺴﺤﺎﺑﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 24‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1959‬ﻭ ﰎ ﺑﺬﻟﻚ ﺟﻼﺀ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺿﻴﻪ ﻟﻴﺤﻘﻖ‬
‫ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﺍﻟﺮﲰﻲ)‪ ,(2‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﺗﻀﺤﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﰎ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺇﺳﺘﻠﻤﻬﺎ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻦ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺍﳉﻮﻣﺮﺩ ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﻛﺪﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺂﺯﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ‬
‫ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻭ ﺩﻋﻤﻪ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ )‪.(3‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺗﻌﺘﱪ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺿﻤﻨﻴﺎ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﻟﱵ ﰎ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪.(4)1958‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﺠﺪﻳﺪ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‬
‫ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻭﻓﺪﺍ ﺇﱃ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﰲ ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﻗﺼﺪ ﻬﺗﻨﺌﺔ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﲔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﲔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ)‪.(5‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻋﻤﻞ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺑﻪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻠﻘﺖ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﻨﻊ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ)‪,(6‬‬
‫ﻭ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 30‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1959‬ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺇﱃ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺸﺄﻥ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻫﻮ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،2913.32‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪1958‬‬
‫‪ -2‬ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻌﻄﺎﺭ‪ :‬ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ,‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺮﻛﺰﺓ ﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،1‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺃﺳﻌﺪ ﺑﻐﺪﺍﺩ ‪ ،1966‬ﺹ‬
‫‪.47‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﰲ ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.140‬‬
‫‪ -4‬ﺭﺍﺟﻊ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪.10‬‬
‫‪ -5‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.493‬‬
‫‪ - 6‬ﺃﻧﻈﺮ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭ ﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ ﰲ ‪:‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬‬
‫ﺹ ‪.142‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﻓﻌﻠﻲ ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ )‪.(1‬‬

‫ﻭ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺭﲰﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﰲ ‪) 21‬ﺃﻓﺮﻳﻞ( ‪ 1959‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻗﺎﺳﻢ ﻭ ﻛﻠﻞ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺑﺼﺪﻭﺭ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺗﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﻭ ﺃﻥ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳌﺸﺘﻌﻠﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺑﺎﳌﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﺡ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺘﺠﺎﺭ‪‬ﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪ ،(3‬ﺃﺳﺘﻨﻜﺮﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﱪﺑﺮﻱ ﰲ ﺣﻖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻬﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻨﻜﺮ‬
‫ﻭ ﺑﺸﺪﺓ ﻋﻤﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺪﻧﲕﺀ ﻭ ﲢﺪﻳﻬﺎ ﻟﻠﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﲡﺎﺭ‪‬ﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﻪ ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺇﱃ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﻨﺠﻢ ﻣﻦ ﺇﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻃﻐﻴﺎﻬﻧﺎ ﲡﺎﻩ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺗﻌﺮﻳﺾ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ )‪.(4‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﰲ ‪ 5‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1962‬ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻭﻓﺪ‬
‫ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻃﺎﻟﺒﺎ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻟﻨﻴﻞ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺷﺎﻛﺮﺍ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﳎﻬﻮﺩﺍﻬﺗﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺼﺮﻩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﺄﻛﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﺏ ﻣﻮﻋﺪ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺮﺭ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﰲ ‪ 27‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1962‬ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺳﻔﺎﺭﺓ ﻟﻠﻌﺮﺍﻕ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﻮﺭ ﺇﻋﻼﻥ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺣﺪﺙ‬
‫ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1962‬ﺣﻴﺚ ﺻﺮﺡ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،33‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 7‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪.1959‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ,5498‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻋﻦ ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.144‬‬
‫‪ -3‬ﻗﺎﻣﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻌﺪﺓ ﲡﺎﺭﺏ ﻧﻮﻭﻳﺔ ﰲ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﺭﻗﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﲡﺎﺭ‪‬ﺎ ﺍﻟﲑﺑﻮﻉ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﰲ ‪ 13‬ﻓﱪﺍﻳﺮ‬
‫‪ 1960‬ﻭ ﺍﻟﲑﺑﻮﻉ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﰲ ‪ 01‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1960‬ﻭ ﺍﻟﲑﺑﻮﻉ ﺍﻷﲪﺮ ﰲ ‪ 27‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1960‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫ﺑﻮﻋﺰﺓﺑﻮﺿﺮﺳﺎﻳﺔ‪ :‬ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ‪,‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪.3‬‬
‫‪ -4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ‪ 23‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1963‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ‪ ،26‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪.209‬‬
‫‪ -5‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.151‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪:‬‬

‫ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ )ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ( ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﱂ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‪ .‬ﻭ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﰲ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫ﺍﳌﻠﻜﻲ ﺇﱃ ﲨﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ‪ 75‬ﺃﻟﻒ‬
‫ﺩﻳﻨﺎﺭ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺩﺕ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﺎﻗﻴﻤﺘﻪ ‪ 319600‬ﺟﻨﻴﻪ‬
‫ﺇﺳﺘﺮﻟﻴﲏ ﺑﻨﺴﺒﺔ ‪ % 15.98‬ﻣﻦ ﺍﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻠﻢ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺒﻐﺪﺍﺩ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺎﻟﻴﺎ ﻗﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ ‪ 175‬ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻋﺮﺍﻗﻲ)‪,(2‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺭﻏﻢ ﻗﻠﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻔﺎﺩﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺄﻭﻝ ﺷﺤﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﰲ‬
‫‪ 16‬ﺟﻮﺍﻥ ‪, 1957‬ﻭ ﻗﺪﺭﺕ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﻃﻨﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻟﻔﲔ ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻭ ﲬﺴﲔ ﺃﻟﻒ‬
‫ﻃﻠﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﰎ ﺷﺮﺍﺅﻫﺎ ﻣﻦ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻭ ﻗﺪﺭ ﺍﳌﺒﻠﻎ ﺍﳌﺨﺼﺺ ﳍﺎ ﲝﻮﺍﱄ ﺳﺒﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﺩﻳﻨﺎﺭ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ‬
‫ﺗﻌﻜﺲ ﻣﺪﻯ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﺣﻠﻚ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ )‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.93‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳉﻤﺎﱄ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.545‬‬
‫‪ -3‬ﻟﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻈﻴﺖ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻠﻜﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻭ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﻘﺘﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ‪ ,‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﺹ ‪.341‬‬

‫ﻭ ﰲ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ‪‬ﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﰲ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻟﺴﻨﺔ ‪ 1957‬ﻭ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﶈﺎﺿﺮ‬
‫ﺍﳌﺆﺭﺧﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 2‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1958‬ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ ﺣﺼﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﳍﺎ ﻋﻤﺎ‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﲢﻮﻝ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪ ،(1‬ﻛﻤﺎ ﻃﺎﻟﺐ‬
‫ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺍﻟﱪﳌﺎﻧﲔ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪,(2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﻧﺎﺋﺐ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﻟﻐﺎﱎ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﳌﺒﻠﻎ ﺍﳌﺮﺻﺪ ﰲ ﻣﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺑﻨﺤﻮ ﺃﺭﺑﻌﺔ‬
‫ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺃﻱ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻋﺮﺍﻗﻲ ﻭ ﺇﺗﻔﻖ ﻧﺎﺋﺒﺎﻥ ﺁﺧﺮﺍﻥ ﳘﺎ ﺷﺎﻛﺮ ﻣﺎﻫﺮ ﻭ ﺯﻳﺎﺩ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﳌﺒﻠﻎ ﺍﳌﺨﺼﺺ ﰲ ﻣﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻣﺎ ﺃﻥ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺣﱴ ﺑﺪﺃﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﰲ ﻃﻮﺭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ ،‬ﻓﻔﻲ‬
‫‪ 17‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1960‬ﻗﺪﻡ ﻭﻓﺪ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻛﺮﱘ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﺇﱃ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﲢﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻭﻋﺪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺪﻓﻊ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭ‬
‫ﻋﺮﺍﻗﻲ ﰲ ‪ 1‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﻭ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﺑﻌﺪ ﺳﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺗﻠﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺇﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﰲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﲢﻘﻴﻖ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﲔ ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﺳﺎﻣﻲ ﺑﺎﺵ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺴﻤﻲ‬
‫ﺇﻋﺎﻧﺘﻬﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺇﻋﺎﻧﺔ ﺍﳌﻨﻜﻮﺑﲔ ﻭ ﻃﺎﻟﺒﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﻌﻠﻦ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.131‬‬
‫‪ -2‬ﳏﺎﺿﺮ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ‪ ،‬ﺍﳉﻠﺴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﺴﻨﺔ ‪ 1957‬ﰲ ‪ 2‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.1958‬‬
‫ﻋﻦ ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﺹ ‪.131‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻗﺘﺮﺍﺣﺎﺕ ﺃﻧﻈﺮ ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.133‬‬
‫‪ -4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ‪ ،‬ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ ‪ 19‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1960‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ .5789‬ﻋﻦ ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‬
‫‪.147‬‬

‫ﻭ ﻗﺪ ﺯﺍﺩﺕ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮﻅ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ‬

‫ﻣﺮﺳﻮﻣﺎ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ ﻣﻠﻴﻮﱐ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺳﻨﻮﻳﺎ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ )‪ ،(1‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺻﻠﺖ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻱ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺣﻮﺍﱄ ‪ 6‬ﻣﻼﻳﲔ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻋﺮﺍﻗﻲ )‪.(2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻣﻮﺍﺩﺍ ﻏﺬﺍﺋﻴﺔ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻟﺒﺴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺃﻭﺍﺧﺮﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ,1960‬ﻭﻗﺪﺭﺕ ﲞﻤﺲ ﻭ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻒ‬
‫ﺩﻳﻨﺎﺭ)‪ .(3‬ﺃﻣﺎ ﰲ ﺳﻨﺔ ‪ 1962‬ﻓﻘﺪ ﺗﺴﻠﻤﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳓﻮ ﻣﺎﺋﺔ ﻃﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﻟﻄﱯ ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻠﻢ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺎ ﻗﺪﺭﻩ ﺑﺘﺴﻊ ﻣﺎﺋﺔ ﻛﻴﻠﻮﻏﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻊ ﺳﻴﺎﺭﺓ‬
‫ﺇﺳﻌﺎﻑ ﳎﻬﺰﺓ )‪.(4‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺧﻼﻝ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻱ ﻓﺈﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻭ ﻣﻨﺬ ﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1958‬ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1960‬ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﻗﻴﻤﺘﻪ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻭ ﺭﺑﻊ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ )‪ (5‬ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﻞ ﺟﻮﺍ ﻭ ﺑﺮﺍ ﻣﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺇﱃ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺎﺭ‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺎ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.152‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﻟﺒﺴﺔ ﰲ ‪:‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪ ،‬ﺹ ‪.152‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.153‬‬
‫‪ -5‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.154‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻋﻤﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﺪﺭﻳﺐ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﻛﻠﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﲢﺖ‬
‫ﻧﻔﻘﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻎ ﻋﺪﺩ ﺍﳌﺘﺨﺮﺟﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﺍﻷﺭﺑﻌﲔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﺑﺮﺗﺒﺔ ﻣﻼﺯﻡ‬
‫ﺛﺎﻥ )‪ ،(1‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻄﲑﺍﻥ ﺍﻟﱵ ﺇﺳﺘﻘﻄﺒﺖ ﻣﺎﻳﻘﺎﺭﺏ ‪ 27‬ﻃﺎﻟﺒﺎ ﻋﺎﻡ ‪ 1962‬ﻣﻨﻬﻢ ﲬﺴﺔ‬
‫ﻃﻴﺎﺭﻳﻦ )‪.(2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﺍﳋﻤﻴﺲ ‪ 5‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1962‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪.6455‬‬

‫‪ -2‬ﺧﺮﻧﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.155‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪-1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪.‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻭﻃﻴﺪﺓ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳍﺠﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﺇﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ )‪ ,(1‬ﻭ ﺑﻌﺾ ﺍﳍﺠﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﻮﺩ ﺳﺒﺒﻬﺎ‬
‫ﺇﱃ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﺍﳌﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﱏ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺖ ﺍﻹﻧﺘﺪﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﺳﻮﺭﻳﺎ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻹﺿﻄﻬﺎﺩ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﺑﺎﻧﺪﻻﻉ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﺑﺪﺃ ﺍﻹﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ‪‬ﺎ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻏﺮﺍﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺸﻌﱯ )‪ ،(3‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺪﻑ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﺇﱃ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﳍﺎ‪ ،‬ﰲ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ) ‪.(4‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻮﻥ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺬﺍ‬
‫ﺭﺍﺣﻮﺍ ﻳﺴﻬﻤﻮﻥ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪﻫﻢ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺑﺮﻭﺡ ﺍﻟﻜﺮﻩ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺫﻛﺮﻬﺗﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺎﻷﳎﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﻘﺪﺭﺍﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﳊﻘﻮﻕ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺴﻠﻮﺑﺔ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﻋﻤﺎﺭ ﻫﻼﻝ‪ :‬ﺍﳍﺠﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳓﻮ ﺍﻟﺸﺎﻡ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﻼﻝ‪ :‬ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ ،1986-1945‬ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻁ‪ ،1‬ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1989‬ﺹ ‪.63‬‬
‫‪ -3‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.15‬‬
‫‪ -4‬ﺟﻼﻝ ﳛﻲ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.321‬‬
‫‪- 5‬ﺷﻨﺎﻭﻱ ﻧﺴﻴﺐ‪" :‬ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ"‪ ،‬ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،17‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‬
‫‪ ،97‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‪-‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1987‬ﺹ ﺹ ‪.89-73‬‬

‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻋﻀﻮ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﱪﺕ ﻋﻦ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﲪﻞ ﺑﺎﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﲢﺖ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﺇﻋﺘﱪ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺃﻥ ﻫﺪﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﻮ ﻋﺰﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻦ ﺷﻘﻴﻘﺎﻬﺗﺎ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺣﺘﻀﻦ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻣﺎﺑﲔ ‪ 1956‬ﻭ ‪ 1957‬ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺇﲤﺎﻡ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﺑﲔ ﻣﺼﺮ ﰲ ‪ 22‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1958‬ﺣﻴﺚ ﺗﺪﻋﻢ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻟﺼﺎﱀ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﲢﺮﻛﺎﺕ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭﻱ ﺗﺪﻋﻤﻬﺎ ﺃﻳﺎﺩﻱ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺮﻛﻴﺎ‬
‫ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺣﱴ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﲔ )‪،(2‬‬
‫ﻭ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ ﻋﺰﻝ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻋﻦ ﻣﺼﺮ ﻭ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻮﺣﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ " ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﻬﻤﺔ ﺷﺎﻗﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ‬
‫ﺇﺫﺍﺑﺔ ﺍﳉﻠﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺼﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻭ ﺇﻧﺎﺭﺓ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﲪﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ‬
‫ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺃﻭﻻ ﻭ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ‬
‫ﻭ ﺑﺈﺳﺘﻤﺮﺍﺭ‪ ،‬ﻭ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻘﻬﺮ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺍﻋﻴﺔ ﺑﺎﻷﻫﺪﺍﻑ ﻭ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ‬
‫ﻟﻠﻮﻃﻦ‪ .‬ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺮﻫﻮﻧﺔ ﲟﺪﻯ ﻗﺪﺭﺓ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻷﻣﻮﺭ‬
‫‪‬ﻤﺎﺭﺓ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪.(3)"...‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﲪﺪ ﲪﺪﻱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﻋﻼﻡ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1995‬ﺹ ‪77‬‬
‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳊﻠﻴﻔﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺗﺪﻭﺭ ﰲ ﻓﻠﻜﻬﺎ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭ ﻣﺎﺩﻳﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺃﺧﺼﺎﺋﻴﲔ ﻋﺴﻜﺮﻳﲔ ﻭ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﻋﻤﻮﺩﻳﺔ ﻭ‬
‫ﺃﺳﻠﺤﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 39‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 2‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.5‬‬
‫‪ -3‬ﺃﺣﺴﻦ ﺑﻮﻣﺎﱄ‪ :‬ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﱃ ‪ ،1956-1954‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1995‬ﺹ ‪.330‬‬

‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻁ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﲤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﳊﻀﻮﺭ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﳋﺮﺟﲔ ﺑﺪﻣﺸﻖ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﻌﻘﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻣﺼﺮ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﺔ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﺭﺗﻰﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺇﱃ ﻓﺮﺻﺔ ﻻﺣﻘﺔ) ‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﰲ ﻇﻞ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺗﻘﺮﺭ ﰲ ﺟﻠﺴﺔ ‪ 31‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺩﻣﺸﻖ‬
‫ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺎﻳﻌﺮﻑ‬
‫ﺑﺄﺳﺎﺑﻴﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪ ،(2‬ﻛﻤﺎ ﻛﻠﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﻜﺮﺭﺓ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﲤﺜﻠﺖ ﰲ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﲤﺜﻴﻞ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺩﻣﺸﻖ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﻣﻬﺮﻱ ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻐﺴﲑﻱ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﰲ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ‪ ،‬ﱂ ﺗﺒﺨﻞ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﻬﻧﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ‬
‫ﻭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺩﻋﻤﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﲡﺎﻩ‪ ،‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﺘﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﳍﻢ ﺣﻴﺚ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﻟﻴﺼﻞ ﺇﱃ ‪ 107‬ﻃﺎﻟﺐ‪،‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﺑﻌﺪ ﺍ‪‬ﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﳉﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ‪‬ﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﳑﺜﻠﺔ ﰲ ﻣﻜﺘﺒﻬﺎ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺘﺢ‬
‫ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪ ،‬ﺇﻧﺘﻬﺖ ﺑﻌﻘﺪ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻗﺒﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻣﻄﺎﻟﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ‪ ،‬ﺩﻓﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻣﻨﺢ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺇﻋﻔﺎﺋﻬﻢ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﳝﻜﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﺰﻭﺩ ﳎﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ )‪.(4‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.207‬‬
‫‪ -2‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺩﻣﺸﻖ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻭ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻷﻣﲔ‬
‫ﺩﺑﺎﻏﲔ ﻭ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﲪﺪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﻛﻴﻮﺍﻥ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ ,‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ,‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪176‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.207‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.477‬‬

‫ﻭ ﰲ ‪ 10‬ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﺎﻡ ‪1377‬ﻫـ ﺍﳌﻮﺍﻓﻖ ﻟـ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻛﺎﻧﺖ‬

‫ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﻊ ﻳﻮﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﲤﻴﺰ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﻭ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﻴﻢ ﲢﺖ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ ﻭ ﲝﻀﻮﺭ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ‪ ،‬ﻭ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻷﻳﺒﺶ ﺭﺋﻴﺲ‬
‫ﻓﺎﺧﺮ ﻋﺎﻗﻞ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻗﻤﺮ ﻗﺰﻋﻮﻥ ﺷﻮﺭﻯ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻛﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺴﲔ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺣﺴﻮﻧﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻣﻴﺸﺎﻝ ﻋﻔﻠﻖ)‪ ,(1‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﰲ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﶈﺠﻮﺏ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ‪ ،‬ﻭ ﳑﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻐﺴﲑﻱ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻷﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﲏ‪ ،‬ﻻﺣﺖ ﻣﻌﺎﱂ ﺍﻟﺘﻼﺣﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﲔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﲡﻠﺖ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﲔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﺭﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ ﺑﻜﻞ ﻭﺿﻮﺡ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺎﺻﺮﻭﺍ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺇﻋﺘﱪﻭﻫﺎ‬
‫ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻧﺎﺿﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻪ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺃﲪﺪ‬
‫ﺟﺮﺟﻴﺲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺧﻨﺪﻱ‪:‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪-1954‬‬
‫‪1962‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻣﺔ ‪,‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ,2001,‬ﺹ ﺹ‪.95-94‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.477‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ‬
‫ﻷﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ ‪,9‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ,‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻃﻼﺱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‬
‫‪ ،1980‬ﺹ ﺹ ‪.368-365‬‬

‫ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻷﺻﻴﻞ‪ ،‬ﻭ ﻗﺒﻞ ﺇﲤﺎﻡ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻄﺮ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌﺘﱪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻓﺤﺎﻭﻟﺖ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﻮﺟﻪ‬
‫ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﱃ ﻋﺰﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻋﺮﻯ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ " ﻭ ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻪ" )‪.(1‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺭﻛﺰﺕ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﳊﻖ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬
‫ﺍﳌﺸﺘﻌﻤﺮﺓ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻮﻬﺗﺎ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ ﻭﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ )‪.( 2‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺧﺮﻧﺎﻥ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.102‬‬

‫‪ -2‬ﻣﻦ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ‪‬ﺎ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﳌﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﻳﺪ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳊﻞ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻨﺢ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﲪﺪﻱ ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ :‬ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪ ،‬ﻁ‪،1‬‬
‫ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪ ،1958‬ﺹ ‪.179‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬

‫ﺭﻏﻢ ﺍﳋﻄﺮ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﱐ ﺍﳌﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﺩ ﻛﻴﺎﻥ ﺳﻮﺭﻳﺎ‪،‬‬
‫ﲝﻴﺚ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺟﻴﺸﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻛﺎﻣﻞ ﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻋﺘﺎﺩﺍ ﻭ ﻋﺪﺓ‪ ،‬ﻧﻈﺮﺍ‬
‫ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﻟﻠﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﱐ )‪ ,(1‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺭﺃﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺩﻳﺎ ‪,‬ﻭ ﻋﻤﻠﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ ﻭﺳﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻋﻼﺀ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﻔﺰ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺇﱃ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﲢﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﻋﺪ ﺭﲰﻲ ﻣﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﲨﻬﻮﺭﻳﺘﻬﺎ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﲢﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﺡ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻦ ﻫﻮ ﳐﺎﺯﻥ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻣﺸﺮﻭﻃﺎ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﺄﻣﲔ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺗﻔﺎﺩﻳﺎ ﻟﻮﻗﻮﻋﻬﺎ ﺑﻴﺪ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ)‪.(2‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﰎ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻫﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺩﻣﺸﻖ‪ ،‬ﲤﺜﻞ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﰲ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﺌﻴﺔ ﲜﻤﺎﻋﺔ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺑﻌﺪ ﲨﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳉﺒﻬﺔ‬
‫ﺑﺪﻣﺸﻖ ‪,‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻮﺿﻌﻬﺎ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﻫﻨﺎﻙ)(‪ ,3‬ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻞ ﲨﺎﻋﺔ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺷﺮﻳﻂ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ‪ ،1956‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1995‬ﺹ ‪.743‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.343‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.299-289‬‬

‫ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻛﺎﻥ ﲟﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ‪ ،‬ﻭ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﲨﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺒﺸﲑ ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻲ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﻣﻬﺮﻱ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺑﺪﻣﺸﻖ‪ ،‬ﻭ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻭ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﲪﺪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﻛﻴﻮﺍﻥ ﻭ ﻋﻤﺮ ﺩﺭﺩﻭﺭ ﻭ ﺃﻭﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻗﺎﻡ‬
‫ﺑﺘﺴﻠﻴﻤﻪ ﺻﻜﺎ ﻣﺎﻟﻴﺎ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍ‪‬ﻤﻌﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﻣﺎﺭﺱ ﻋﺎﻡ ‪.(1)1957‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺰﻭﺩ ﺑﺎﻷﻣﻮﺍﻝ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺎ‬
‫ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻣﺎﺑﲔ ‪ 1‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1956‬ﺇﱃ ‪ 31‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﻭ ﻣﺎﻳﻘﺎﺭﺏ ‪) 15000‬ﲬﺴﺔ‬
‫ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﺟﻨﻴﻪ ﻣﺼﺮﻱ(‪ ،‬ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﻣﻜﺘﺐ ﺩﻣﺸﻖ)‪. (2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﳋﺰﻳﻨﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﳉﻤﺎﻋﺔ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳊﺎﺝ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﻨﻮﺭﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺳﻠﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﺻﻜﻮﻙ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻭ ﲦﺎﳕﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ‬
‫)‪ (000.800.1‬ﻟﲑﺓ ﺳﻮﺭﻳﺔ ‪,‬ﻭ )‪ (49.130.132‬ﺩﻭﻻﺭ ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻜﻮﻙ ﰒ ﺳﻠﻤﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﻣﻬﺮﻱ ﺭﺋﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺪﻣﺸﻖ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.301-300‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.345‬‬

‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻓﺘﺤﺖ ﺩﻣﺸﻖ ﺃﺑﻮﺍ‪‬ﺎ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﺪﺃﺕ ﺑﻌﺜﺎﻬﺗﺎ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﺘﻮﺍﻓﺪ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﲔ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺇﱃ ﺩﻣﺸﻖ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ‬
‫ﺍﳌﺪﱐ ﻭ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺧﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺃﲪﺪ ﺑﻮﺩﺓ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺑﻄﻠﺐ ﲨﻊ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺴﻠﻢ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎﺕ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻗﺎﺑﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻟﻠﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺻﻼﺡ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻄﺮﺯﻱ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﺤﻘﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ﺗﻌﻬﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺑﺪﻓﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺃﺟﻠﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪" ،‬ﺣﻴﺚ ﰒ ﺻﺮﻑ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﲬﺴﻤﺎﺋﺔ )‪ (500‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ‬
‫ﳊﺴﺎﺏ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﺪﻣﺸﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻓﺮﻧﻚ ﺁﺧﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ" )‪.(2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﺑﻠﻎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ ﺭﺋﻴﺲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺇﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺪﻋﻴﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﱪﻫﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﺎﺝ ﻣﻦ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺪ ﺃﻭ ﺷﺮﻁ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪.(3)1957‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺯﺍﺩﺕ ﻣﻦ ﻋﺰﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﳌﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎ‪،‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻞ‪ ،‬ﻟﻜﺴﺐ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﲔ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﻭ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪.‬‬

‫ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.353‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.354‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻭﻗﻔﺖ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺷﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺗﻜﺎﻟﺐ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﳌﺪﻋﻤﺔ‬
‫ﻟﻠﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﱐ‪ ،‬ﻭ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﻇﺮﻭﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﺿﻊ ﺟﺰﺀ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺳﻠﺤﺘﻬﺎ ﲢﺖ ﺗﺼﺮﻑ ﺭﺟﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﻭ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﲔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﳉﻨﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﻠﺠﻨﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﳉﻨﺔ ﲨﺎﻋﺔ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻵﻧﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺣﱴ ﺗﺴﻬﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﻠﺐ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭ ﺇﻗﺘﻨﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻔﺘﺢ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ‬
‫ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ‪ ،‬ﻭ ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻋﺒﻮﺭ ﻟﻸﺳﻠﺤﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﺑﲔ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺘﻜﻔﻞ ﺑﺘﺄﻣﲔ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭ ﺿﻤﺎﻥ‬
‫ﺇﺭﺳﺎﳍﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻴﻨﻬﺎ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ)‪.(2‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻣﻬﺎﻡ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺩﻣﺸﻖ ﻭ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻔﺘﺢ ﺃﺭﺻﺪﺓ ﺑﻨﻜﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺮﺣﺎ ﳍﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺑﺎﺳﻢ ﺭﺋﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﳊﻤﻴﺪ ﻣﻬﺮﻱ)‪.(3‬‬

‫ـــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻟﻘﺪ ﺳﻌﺖ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺇﱃ ﺇﺳﺘﺌﺠﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﳌﻮﺍﱏﺀ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﺳﺎﺱ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﻣﺴﺒﻖ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﺑﺮﻡ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻟﻨﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺍﳌﺪﱐ‪،‬‬
‫ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.138‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.173‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.173‬‬
‫ﱂ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﺰﻭﻳﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ‬
‫ﳐﺎﺯﻥ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ‪ ،‬ﺃﻭ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﺘﺢ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻐﺮﺽ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﲡﺴﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻓﺘﺤﺖ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﲔ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‬
‫ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﲔ ﺃﻣﺮﺍ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻧﺼﺮﺓ ﻷﺧﻴﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ‬
‫ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ)‪.(1‬‬

‫ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﺗﻮﺍﻓﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻧﻀﻤﻮﺍ ﺇﱃ‬
‫ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﻭ ﺗﺪﻋﻴﻤﻬﺎ ﺑﻀﺒﺎﻁ ﺳﺎﻣﲔ ﺳﺎﳘﻮﺍ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﰲ ﺗﺪﺭﻳﺐ ﻭ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺟﻴﺶ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﺍﳉﺒﺎﻝ ﻭ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ)‪ ،(2‬ﻭ ﺑﻘﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻣﻊ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‬
‫ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‪-‬ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﰲ ﻇﻞ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺇﻧﺘﻈﺮﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺜﲑ‪ ،‬ﻧﻈﺮﺍ‬
‫ﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﺮﻳﻲ ﻭ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﲔ ﲡﺎﻩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻓﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺠﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻋﻼﻥ‬
‫ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1958‬ﻭ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪1- Abdelkarim HASSANI ELGHOUTI; Guerilla sans visage,‬‬
‫‪C.O. edition E.N.A.P-O.P.U, alger, T1, S-D.‬‬ ‫‪p.144-145.‬‬
‫‪2-Ibid‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪ -3‬ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﻁ‪ ،1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1984‬ﺹ ﺹ ‪-123‬‬
‫‪.128‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻗﻀﻴﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺫﺍﺕ ﺃﳘﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺭﻛﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻨﻘﻼﺗﻪ ﺇﱃ ﺩﻣﺸﻖ ﻭ ﻃﺮﻕ ﻛﻞ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ‬
‫ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺗﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﺟﻮﺍﻥ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺗﻮﺟﻪ ﻭﻓﺪ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻬﻢ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺪﻑ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻣﻌﺘﱪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻭ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺘﺰﻭﻳﺪ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪،‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﺇﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ‪ ،‬ﺧﻠﻴﻞ ﺍﻟﻜﻼﺱ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﳎﺪ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﺍﺑﻠﺴﻲ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻴﺔ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺇﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ‪ ،‬ﺃﻣﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﻟﻠﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﻌﺪ ﺗﻔﻬﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻟﻸﻭﺿﺎﻉ ﺍﳌﺴﺄﺳﺎﻭﻳﺔ‪ ،‬ﲢﺼﻞ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﻴﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻗﺪﺭﺕ‬
‫ﲝﻮﺍﱄ ﺃﻟﻔﻲ ﻗﻨﻄﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻨﺢ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﳎﺎﻧﺎ )‪.(2‬‬
‫ﻧﻈﺮﺍ ﳊﺎﺟﺔ ﺟﻴﺶ ﻭ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﺍﳌﺎﺳﺔ ﻟﻠﻤﺎﻝ‪ ,‬ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺩﻋﻤﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎﺡ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﲟﺒﻠﻎ ‪ 250‬ﻓﺮﻧﻚ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺏ ﲨﺎﻋﺔ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪ ,(3‬ﻭ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲢﻘﻴﻖ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ‬
‫ﻭ ﻓﺮﺽ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ‪ ,‬ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻭ ﺇﻓﺘﻜﺎﻙ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﺍﳌﻐﺘﺼﺒﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ‪ ,‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲡﺴﺪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ‪ 21‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪.1958‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.384‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
 ‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪.‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬

‫ﱂ ﺗﺒﺨﻞ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﱘ ﺃﻱ ﺩﻋﻢ ﺳﻮﺍﺀ‬
‫ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻟﻄﺎﳌﺎ ﺇﻧﺘﻈﺮﺗﻪ ﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺇﻧﻄﻼﻗﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲢﻘﻖ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺴﻖ ﻣﻊ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺷﻘﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺇﱃ‬
‫ﺃﻥ ﲢﻘﻖ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ‪ ،‬ﻭ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ‪‬ﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ )‪.(1‬‬

‫ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﺩﻋﻢ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﲏ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻟﻔﺖ ﺇﻧﺘﺒﺎﻩ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‬
‫‪ ،1955‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺛﻮﺭﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻮﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺧﻄﲑﺓ‬
‫ﺟﺪﺍ‪ ،‬ﻭ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(2‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﲪﻠﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲝﻤﻠﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻭ ﺷﺮﺳﺔ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﻟﺴﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 20‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪،1958‬‬
‫ﻟﻴﺄﰐ ﺇﻋﺘﺮﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﲏ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﰲ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ‪, 1962‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ ‪ 10‬ﺍﳋﺎﺹ‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ :‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﺯﻋﻴﻤﺎ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺎ ﻭ ﺭﺍﺋﺪﺍ ﻋﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﳉﻨﺔ ﲣﻠﻴﺪ ﺫﻛﺮﻯ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ .‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ‬
‫‪ ،1987‬ﺹ ‪.427‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،10‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺹ ‪.9‬‬

‫ﻋﻤﻠﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﺎﰲ ﻭﺳﻌﻬﺎ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺃﺭﺑﻊ ﻋﺸﺮﺓ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﻌﺎﻡ‬
‫‪ 1955‬ﺑﻄﻠﺐ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ)‪.(1‬‬

‫ﻭ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻣﻼﻥ ﳘﺎ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺣﻴﺚ‬
‫ﺗﺄﺯﻣﺖ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‬
‫ﻟﻜﺴﺐ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ)‪.(2‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﳎﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻬﺎ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﺭﺿﺘﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﻌﺪﺍﺋﻬﺎ ﻟﻠﻌﺮﺏ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺇﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ﻭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ)‪،(3‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺟﻌﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺗﻨﻬﻲ ﺩﻭﺭﻬﺗﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ )‪.(4‬‬

‫ــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ :‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.427‬‬
 ‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪ :‬ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،301‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 2‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1955‬ﺹ ‪.8‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.9‬‬

‫ﻭ ﻛﺎﻥ ﳎﻠﺲ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﺗﻪ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﺃﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﻛﻠﻔﻬﺎ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﺇﱃ ﺃﻣﺎﻧﺘﻪ ﰲ ‪ 5‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﺗﻠﻔﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﻣﲑﻳﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺛﻮﺭﺗﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻃﻤﺲ ﻣﻘﻮﻣﺎﺗﻪ ﻭ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ)‪ ،(1‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻘﻴﺖ ﻧﻔﺲ ﻣﺼﲑ ﻃﻠﺐ ﺍﻹﺩﺭﺍﺝ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﱂ ﲡﺪ ﳍﺎ ﺻﺪﻯ ﺑﲔ ﺃﻋﻀﺎﺀ‬
‫ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ)‪.(2‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺭﺃﺕ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻜﺜﻴﻒ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬ﻓﺒﺎﺩﺭﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺈﺗﺼﺎﻻﺕ ﻣﻊ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﻮﺯﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﲢﻀﻰ ﺑﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪ ،‬ﻭ ﻛﻠﻠﺖ ﺍﻹﺗﺼﺎﻻﺕ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪﻳﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ‬
‫ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ‪ ،‬ﻓﺪﺍﺧﻠﻴﺎ ﺩﻓﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺃﺷﻌﺮﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﺓ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﻒ‬
‫ﻭﺭﺍﺀ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺯﺍﺩ ﰲ ﻗﻮﺓ ﺇﺩﺍﺭﻬﺗﻢ ﻭ ﻛﻔﺎﺣﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﻓﻘﺪ‬
‫ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ‪‬ﻤﻮﻋﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻧﺪﺍﺀ ﺃﱀ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬
‫ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻳﻌﺮﺽ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﲔ ﺇﱃ ﺍﳋﻄﺮ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،‬ﺹ ‪.97‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.98‬‬
‫‪ -3‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪ .427‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪، 10‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪،9‬‬

‫ﺇﻥ ﺇﳝﺎﻥ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻓﺰ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﺧﻮﺽ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻌﻬﺎ ﰲ ﺧﻨﺪﻕ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻭﺍﺟﻪ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺪﻋﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌﻞ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻭ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﰲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﻷﻃﻠﺴﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﻗﻔﻮﺍ ﺿﺪ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‬
‫ﲣﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻭ ﻻ ﳛﻖ ﻷﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﳍﺎ ﻭ ﻻ ﺣﱴ ﳎﺮﺩ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ)‪.(1‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﺭﻏﻢ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﲢﺖ ﺿﻐﻂ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﺒﺪﺋﻴﺎ)‪،(2‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻳﻌﺘﱪ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﺭﺍﺋﻌﺎ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺭﻏﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﻌﺪ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺳﺎﺭﻋﺖ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺇﺳﺘﻨﻜﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻭ ﺇﻧﺴﺤﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻴﻜﻤﻞ ﺣﻠﻔﺎﺅﻫﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ‬
‫ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﺳﺎﺳﺎ)‪.(3‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﻜﻦ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﺩﺭﺍﺝ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺪﻋﻤﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺎﺭ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻵﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺭﺩﻩ ﻗﻮﻳﺎ ﻭ ﻣﺜﲑﺍ ﰲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺭﺋﻴﺴﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻴﺼﻞ‪ ،‬ﺑﻞ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪.(4) "...‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.428‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،301‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.8‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺧﲑﻳﺔ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.428‬‬

‫ﻋﺎﺩﺕ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﺇﱃ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﺣﻴﺚ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺈﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﺪﻋﻤﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ )‪.(1‬‬

‫ﻭ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳌﺮﺗﻜﺒﺔ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻷﻋﺰﻝ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ‬
‫ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺘﻴﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﺍﳌﺮﺗﻜﺒﺔ ﰲ ﺣﻘﻪ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺟﻪ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ‬
‫ﻛﻼﻣﻪ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨﱪ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﺇﱃ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ‪,‬ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻘﺎﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺇﺯﺍﺣﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻗﺎﺋﻼ ‪" :‬ﻛﻴﻒ ﺗﻘﻔﻠﻮﻥ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ‬
‫ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﳓﻦ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺇﺩﺍﻧﺔ ﻭ ﻻ ﺇﻫﺎﻧﺔ‪ ،‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ‬
‫ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﻭﻓﻖ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪.(2) "...‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺟﻌﻞ ﻣﺴﻌﻰ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺇﳚﺎﺑﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺅﻭﺏ‬
‫ﻭ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻗﺼﺪ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺗﺸﻌﺮﻩ ﲝﻘﻬﺎ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﳍﺎ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﰲ ﻋﺮﺽ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﳌﻄﻠﺒﻬﺎ ﻫﺬﺍ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻛﻼ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ)‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪،‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‪ ,‬ﺹ ‪.475‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ :‬ﺹ ‪.476‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪" .359‬ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ"‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 23‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1956‬ﺹ ‪.8‬‬

‫ﻭ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲣﺸﺎﻩ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻟﻄﺮﺣﻬﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬

‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﺼﻞ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﲝﻴﺚ ﻣﺎ ﺃﻥ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﺍﶈﺎﻭﻟﺔ ﰲ ﺟﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺣﱴ‬
‫ﻋﺎﺭﺿﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﱂ ﻳﺆﻳﺪ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺳﻮﻯ ﻋﻀﻮﻳﻦ‬
‫ﻓﻘﻂ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪1956‬‬
‫ﺃﻥ ﲡﺮ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺇﱃ ﲝﺚ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﺘﻬﻤﺔ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻣﺼﺮ ﻭ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺜﲑ ﺍﻟﻘﻼﻗﻞ ﻭ ﺗﻌﺮﺽ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﺮﺍﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﺰﻋﺰﻋﺔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺷﻜﻮﻯ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺿﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺼﺮ ﻣﺘﻬﻤﺔ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺑﺘﺰﻭﻳﺪ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ)‪ ،(2‬ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺟﺎﺀ ﺗﱪﻳﺮﺍ ﳌﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺻﻼﺡ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ‪ :‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ )ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ -‬ﺗﻮﻧﺲ‪ -‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ(‪ ،‬ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﰲ ﺗﺎﺭﳜﻪ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬
‫ﻭ ﻣﺸﺎﻛﻠﻪ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﳒﻠﻮ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪ ،1962‬ﺹ ‪.449‬‬
‫‪ -2‬ﻣﻨﺬ ﺇﻧﻄﻼﻗﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﰲ ‪ 01‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﻇﻬﺮ ﺟﻠﻴﺎ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﳍﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.449‬‬
‫‪ -3‬ﺣﻮﻝ ﺧﻠﻔﻴﺎﺕ ﻭ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﺍﻵﰒ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪J-R, TOURNOUX: Secrets d'etat; paris, 1960; p.152‬‬
‫‪et aussi Marc FERRO Suez, naissance d'un tiers‬‬
‫‪monde; Bruxelle 1986, p.56.‬‬

‫ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺗﺒﻨﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻓﺘﺢ‬
‫ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﻊ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎﺹ ﺭﺑﻄﺖ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﲟﺼﲑ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻋﺮﺿﺔ ﻹﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻣﻌﻪ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﻗﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ‬
‫ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﺍﻷﳑﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻣﺴﺘﻤﻴﺘﺎ‪،‬‬
‫ﺗﻮﺝ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺎﺭ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
 ‫ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺑﻴﻨﻮ"‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻬﺗﻢ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﺎﻧﺘﻤﺎﺋﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺇﺩﻋﺎﺀﺍﻬﺗﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ ﱂ ﺗﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﰲ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺑﻞ ﺯﺍﺩﻬﺗﺎ ﻗﻮﺓ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﻟﺼﺎﱀ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻛﺴﺐ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻭ ﺭﻓﻊ ﻣﻼﺑﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻭ ﻧﻔﺾ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﺯﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺮﻥ ﻭ ﻧﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻬﻧﺖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺩﻭﺭﻬﺗﺎ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﳏﺎﺩﺛﺎﺕ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ‪-‬‬
‫ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻮﻝ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪ (2‬ﻭ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﰲ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺭﻏﻤﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ‬
‫‪‬ﺎ ﺭﻏﻢ ﻏﻄﺮﺳﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﻗﻨﻌﺖ ﺷﻌﻮﺑﺎ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﲝﺘﻤﻴﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.428‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻓﺮﺯﻬﺗﺎ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﰲ ﺃﻭﺕ‬
‫‪ ،1956‬ﺃﺟﱪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺇﻧﺘﻘﺎﳍﺎ ﺇﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻣﻊ‬
‫ﻗﻮﺍﻬﺗﺎ ﰲ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ - :‬ﺃﺣﺴﻦ ﺑﻮﻣﺎﱄ‪ :‬ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﱃ ‪ ،1956-1954‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫‪ ،1995‬ﺹ ﺹ ‪.345-344‬‬

‫ﺇﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻌﻪ ﰲ ﳏﻨﺘﻪ‪،‬‬
‫ﻣﺘﺤﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﱪ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺘﻌﻨﺖ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﻻﻣﺒﺎﻻﺗﻪ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺘﻤﻠﺺ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﺘﱪﺓ ﺃﺭﺽ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻨﺘﻬﺎ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ‬
‫ﻷﺩﱏ ﺷﺮﻁ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ)‪.(1‬‬

‫ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﶈﺎﺽ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﻨﻴﺪﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺟﺎﺀﺕ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1958‬ﺍﻟﱵ ﲰﺤﺖ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﰲ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺭﺍﺡ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻳﻮﺟﻪ ﺳﻬﺎﻡ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻼﺫﻋﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻳﺮﺩ ﺑﻘﻮﺓ ﻭ ﺣﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﺍﻋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻳﻨﺎﺷﺪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻹﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺭﻓﻊ ﺍﳌﻌﺎﻧﺎﺓ ﻋﻦ‬
‫ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻋﱪ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺗﺎﺭﳜﻪ ﰲ ﺃﺭﺿﻪ)‪،(2‬‬
‫ﻭ ﺃﻧﻪ ﻻﳝﺖ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﺄﻳﺔ ﺻﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻪ ﻛﻴﺎﻧﻪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺬﺍﺗﻪ‪.‬‬

‫ﻭ ﻗﺪ ﺇﻧﺘﻬﺖ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺑﻘﺮﺍﺭﻫﺎ ﻳﺼﺮﺡ‬
‫ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺍﳊﺮﻳﺔ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.428‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
 ‫ﺇﻥ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻖ‪ ،‬ﻭ ﺗﺪﺍﻓﻊ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺘﺤﺪﻳﺔ ﺣﱴ ﺑﻌﺾ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻹﻋﺘﺒﺎﺭ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻗﻀﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻬﺗﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﺃﻥ ﻭﺻﻠﻪ ﺧﱪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﺣﱴ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻋﻦ‬
‫ﺇﻋﺘﺮﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ‪‬ﺎ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 20‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪.(1)1958‬‬
‫ﻣﻊ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺃﻋﻠﻦ‬
‫ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﱪﻫﺎ ﻋﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﻭﻗﻒ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻳﺸﺮﺡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻛﻞ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﲨﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﻨﺠﻢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ ﻭ ﺍﳍﺎﺩﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﲝﺪ ﺍﻟﺴﻴﻒ‪ ،‬ﻣﺘﺤﺪﻳﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﲤﺎﻣﺎ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺣﻮﻝ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ‬
‫ﻟﻠﻤﻌﻀﻠﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻞ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺗﺴﻤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻟﻠﻄﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﻭ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﺍﳊﺎﺩﺓ ﻭ ﺍﶈﺮﺟﺔ ﰲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﰲ ﺗﺪﺧﻼﺗﻪ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﻫﻞ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻫﻲ ﺃﻋﻠﻰ‬
‫ﻫﻴﺌﺔ ﺃﳑﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻀﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ")‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻧﺒﻴﻞ ﺃﲪﺪ ﺑﻼﺳﻲ‪ :‬ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭ ﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪ ،1990‬ﺹ‪.191‬‬
‫‪ -2‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.429‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺭﻛﺰ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﻭ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ‬
‫ﻛﻞ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺘﻮﺍﻗﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﺳﻴﺤﻘﻖ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻭ ﺳﻮﻑ ﻳﺬﻳﻖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳍﺰﳝﺔ‪ ،‬ﻭﻻﺑﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺼﺮ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳌﻄﺎﻑ)‪.(1‬‬
‫ﺑﻘﻴﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﲰﺘﻪ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎﻋﱪ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﻧﺪﱘ ﺍﻟﺮﺍﻓﻌﻲ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ‪،‬‬
‫ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺻﺪﻯ ﻛﺒﲑﺍﺟﺎﺀ ﰲ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬ﺍﷲ ﺃﻛﱪ ﻳﺎ ﺟﺰﺍﺋﺮ‪..‬ﻻﺣﺘﻤﺼﺎﺑﻴﺢ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺎﺋﺮ)‪,(2‬ﻛﻤﺎﺷﻬﺪﺕ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﻧﻔﺴﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺍﺡ ﻋﻠﻨﻴﺔ ﻳﻮﺟﻪ‬
‫ﺍﻹﻬﺗﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺘﻮﺍﻃﺌﻬﺎ ﺿﺪ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻣﺆﺍﺯﺭﺓ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺻﺎﺣﺒﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﻰﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺴﺪﻩ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﻭﻱ ﻋﻨﺪ ﻃﺮﺡ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﳍﺎ ﺃﺩﱏ ﺇﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭ ﻏﲑ ﻣﺒﺎﱄ ﲟﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻣﻦ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﻭ‬
‫ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻭﺍﺳﻌﲔ‪ ،‬ﻭ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻫﻮ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﻭ ﻫﺠﻮﻣﻪ ﺍﻟﺸﺮﺱ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ‬
‫ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺗﺪﺧﻼﺗﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ " :‬ﺗﺮﻯ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ؟ ﺃﻫﻲ ﺧﺒﻄﻲ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺃﻡ ﺃﺳﻠﺤﺘﻜﻢ ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺘﺎﻛﺔ‪..‬؟")‪.(3‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳍﺠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﺱ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺳﺮﻳﻊ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺍﺡ‬
‫ﺃﻋﻀﺎﺅﻩ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻥ ﺑﺘﺄﺟﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ ﺇﻧﺘﻈﺎﺭ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻭ ﺍﳌﻐﺸﻮﺷﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﻋﺪ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.429‬‬
‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ‪,‬ﺃﻧﻈﺮ ‪:‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ‪,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪, 1058‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺃﻓﺮﻳﻞ‪1962‬‬
‫‪ -3‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.484‬‬
‫‪ -4‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪Maurice ALLIAS: L'Algérie d'EVIAN, les accords d'EVIAN,‬‬
‫‪le referendum et la resistance algérienne, l'autorité, la‬‬
‫‪mageorité, édition l'esprit nouveau paris 1962, Tome I.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﺒﺎﻟﻎ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻓﻌﻬﺎ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﻣﺼﺮ‪ ,‬ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺮ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭ ﳏﻄﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺩﻉ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﺟﻼﻟﺔ ﻣﻠﻚ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻛﺪﺕ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﺠﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺭﺳﻠﺘﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 04‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1957‬ﺇﱃ ﺟﻼﻟﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺳﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺭﺃﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ‬
‫ﺇﱃ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻐﺮﺽ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﱄ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻟﻘﻲ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺣﻔﺎﻭﺓ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﳌﻠﻚ ﺳﻌﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺑﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺷﺨﺼﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻭﻗﻒ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﻠﻒ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﺮﻭﺭ ﺍﻟﺼﺒﺎﻥ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﲡﺎﻩ ﺍﻷﺷﻘﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﲤﻜﻦ ﻣﻦ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)‪.(2‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﺱ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺩ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﳌﻜﻠﻒ‬
‫ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺑﺄﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺗﻔﻬﻢ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﳌﺄﺳﺎﻭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺸﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ‬
‫ﲢﺖ ﻧﲑ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻻﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﺪﺓ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﲤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻭ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺍﻟﻌﺮﺏ‬
‫ﻟﻮﺿﻊ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺩﻋﻢ ﻣﺎﺩﻱ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﳎﺮﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﲡﻨﻴﺪﻩ ﻟﺼﺎﳊﻬﺎ)‪.(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﺠﻠﺔ ﺍﳌﺮﺳﻠﺔ ﺇﱃ ﺟﻼﻟﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺳﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪,‬ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪. 11‬‬
‫‪ -2‬ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.359‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺳﻨﺔ ‪ ،1958‬ﺃﺗﻴﺤﺖ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ‬
‫ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﱄ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻧﺸﺎﻁ‬
‫ﺍﳉﺒﻬﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﺣﻈﻲ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺈﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﳌﻠﻚ‬
‫ﺳﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 3‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1958‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻓﺤﻮﻯ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻫﻮ ﻃﻠﺐ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ)‪.(1‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﻘﻄﻊ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﱂ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﳊﻈﺔ ﻋﻦ ﺩﻓﻊ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎﻬﺗﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺛﻮﺭﺗﻪ ﺍ‪‬ﻴﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻗﻀﻴﺘﻪ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﻛﻠﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺑﺄﻥ ﻭﻋﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﻔﺘﺢ ﺇﻛﺘﺘﺎﺏ ﺷﻌﱯ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ‬
‫ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﱪﻉ ﺑﺎﻷﻣﻮﺍﻝ ﳊﺴﺎﺏ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ)‪ ،(2‬ﻭ ﺣﱴ ﻳﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺻﺪﻗﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ‬
‫ﺷﺨﺼﻴﺎ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﺍﳋﺎﺹ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻟﻠﺼﻨﺪﻭﻕ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﱂ ﻳﻜﺘﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳊﺪ ﺑﻞ ﺃﻣﺮ ﺑﺄﻥ ﻳﻄﺒﻖ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻣﻊ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻹﳒﺎﺡ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ)‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻫﻮ ﻋﻘﺪ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﻣﺒﺪﺋﻲ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﳑﺜﻼ ﰲ ﻭﻓﺪﻩ ﻭ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻠﻒ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻠﻚ ﻗﺼﺪ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ)‪.(4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.362‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
 ‫ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﻫﺬﺍ ﻣﺒﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﳌﻠﻚ ﺳﻌﻮﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺃﻭﻻ ‪ :‬ﻗﺮﺍﺭ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻹﻛﺘﺘﺎﺏ ﲟﺒﻠﺦ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺼﻴﺐ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﺩﻓﻌﻪ ﻫﻮ‬
‫‪ 250‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺑﻀﻤﺎﻧﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪ :‬ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭ ﺣﺴﺐ ﻃﻠﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻌﻪ ﰲ ﺍﳊﺴﺎﺏ ﺍﻟﺒﻨﻜﻲ ﺑﺪﻣﺸﻖ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ‪ :‬ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺃﻭ ﺍﳌﺎﻝ ﺃﻭ ﺃﻱ ﻣﺴﻌﻰ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﳌﻠﻚ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺮﺍﺳﻠﺘﻪ ﺃﻭ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﻣﺒﻌﻮﺙ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﻃﺎﻗﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺭﺍﺑﻌﺎ ‪ :‬ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﰲ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﻋﺎﻡ ﳌﻠﻮﻙ ﻭ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻟﺘﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺣﺎﺟﺎﻬﺗﺎ‬
‫ﻭ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺇﺳﻬﺎﻣﻬﻢ ﰲ ﺇﻣﺪﺍﺩﻫﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ)‪.(1‬‬
‫ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻘﻘﻬﺎ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻊ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﰲ‬
‫ﳏﻨﺘﻪ‪.‬‬

‫ﻭ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪ ,‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﺣﻞ ‪‬ﺎ ﰲ‬
‫‪ 6‬ﻣﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻣﻜﻨﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺳﺒﻞ‬
‫ﺇﳒﺎﺣﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ)‪.(2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.363‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 2‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.9‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻘﺪ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻓﺪﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻜﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ‬
‫ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻗﻮﺑﻠﺖ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﻠﺒﺎﺕ ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ ﺑﺎﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻋﱪ ﺭﺋﻴﺲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ,‬ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻭ ﻻ ﳝﻜﻦ ﲡﺎﻫﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﻧﺴﻴﺎﻬﻧﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ‬
‫ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻌﻄﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺇﺫﺍ ﻫﻲ ﻭﻗﻔﺖ ﰲ ﻭﺟﻪ ﻣﺎ ﺗﺘﻄﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﲢﻤﻞ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺗﻪ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺻﺮﺡ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﺇﻧﻜﻢ ﻟﺴﺘﻢ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺃﻛﺜﺮ‬
‫ﻣﲏ‪.(2)"..‬‬

‫ﻭ ‪‬ﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ‬
‫ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﱪﻫﻦ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻫﻮ ﺷﻌﺐ ﻋﺮﰊ ﻣﺴﻠﻢ ﻟﻪ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺍﺣﺖ ﻬﺗﺰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﻓﺎﻋﻬﺎ ﺍﳌﺴﺘﻤﻴﺖ ﰲ‬
‫ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻄﻠﺒﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺭﺃﺕ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﻣﺎﺩﻳﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﺗﺒﺨﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﺭﺃﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﻼ ﻣﻘﺪﺳﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 2‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1959‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ‪:‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 1051‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 3‬ﺃﻓﺮﻳﻞ‪. 1962‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﻣﺪﺍﻓﻌﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﻨﺎﺻﺮﺍ ﳍﺎ ﺟﺎﺀ ﺭﺩﻩ‬
‫ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻭ ﺩﻗﻴﻘﺎ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﳓﻦ ﻧﺮﻓﺾ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ‪ ،...‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﻣﺎﻫﻮ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻋﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﻣﺰﺩﻭﺟﺔ ﺫﺍﺕ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺫﻛﻴﺔ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ...‬ﻣﺎﻫﻮ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺮﻣﺼﲑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ... .‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺮﺭ ﺍﳌﺼﲑ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻫﻮ‬
‫ﺇﻓﻨﺎﺀ ﺍﳌﺼﲑ" )‪.(1‬‬
‫ﱂ ﻳﻴﺄﺱ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﰲ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻘﻪ ﺍﳌﺴﻠﻮﺏ ﻭ ﱂ‬
‫ﻳﻜﻞ ﺟﻬﺪﻩ ﰲ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﺃﻥ ﺇﻧﻌﻘﺪﺕ‬
‫ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1961‬ﺣﱴ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﲢﺬﻭﻩ ﺍﻟﻌﺰﳝﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ‬
‫ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻼﻋﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺛﻘﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻣﺮﺣﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻔﺰﺕ ﻗﻔﺰﺓ‬
‫ﻧﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺣﺮ‪‬ﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﲤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻨﺪﻟﻠﻨﺪ‪ ،‬ﻭ ﻫﺰﻣﻪ ﰲ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﻋﺪﻳﺪﺓ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺘﻨﺎﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﻗﻮﺓ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﺿﻌﻒ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺇﻧﺪﻻﻋﻬﺎ )‪.(2‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺷﺠﻊ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺡ ﻣﻠﻒ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺣﻴﺜﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﻗﻮﺓ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺇﺧﻀﺎﻋﻪ ﻟﻸﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﻣﺼﲑﻩ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎ‪ ...‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.487‬‬

‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﺭﺓ ‪ 1961‬ﺍﻷﳑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺪﺃﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺪﻧﻮ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺒﺤﺚ ﳍﺎ‬
‫ﻋﻦ ﳐﺮﺝ ﺁﺧﺮ‪ ،‬ﻭ ﺑﻄﺮﺡ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﻟﻄﺮﻭﺣﺎﻬﺗﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭ ﻗﺪ ﲤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺎﻟﺼﺤﺮﺍﺀ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﻴﻨﺎﺀ ﺃﺭﺯﻳﻮ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺣﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﻛﺘﺸﻔﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻋﺎﺭﺽ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺇﻋﺘﱪ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻏﲑ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﻫﻲ‬
‫ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻻﺣﻖ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭ ﳑﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫"ﻃﺎﻝ ﻛﻼﻣﻨﺎ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻃﺎﻝ ﻋﺼﻴﺎﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﺻﱪ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻦ ﻳﻨﻔﺬ‪ ،‬ﻭ ﺳﻴﻈﻞ ﳛﻤﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺣﱴ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻟﻪ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪.(1)"...‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺃﺑﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺛﻮﺭﺗﻪ‬
‫ﺍﻟﻜﱪﻯ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻧﻀﺎﳍﺎ ﺍﳌﺴﺘﻤﻴﺖ ﺿﺪ ﺍﻟﻐﻄﺮﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﻮﻝ ﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺋﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻔﺖ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﳏﻨﺘﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ‬
‫ﺷﺮﻑ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ‪‬ﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺇﺳﺘﻘﻼﻻ ﻛﺎﻣﻼ ﻏﲑ ﻣﻨﻘﻮﺹ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺣﺬﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺑﺎﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺃﻥ‬
‫ﺗﺮﺳﻞ ﺑﻮﻓﺪﻫﺎ ﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﳊﻀﻮﺭ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1962‬ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻋﻀﻮﺍ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ‪ ،‬ﻭ ﺩﻋﻤﺖ ﻃﻠﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻀﻮﺍ ﰲ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﻟﺘﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻗﻮﺓ ﰲ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ )‪ ،(2‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﻗﻒ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﻳﻠﻘﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﺭﻭﺳﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺑﻄﻮﻻﺕ ﺷﻌﻮﺑﻪ‬
‫ﻗﺎﻃﺒﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺣﺒﺎ ﺑﺎﻟﻌﻀﻮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻭ ﻣﻠﺘﻔﺘﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺩ ﺇﱃ ﻣﻘﻌﺪﻩ ﺑﻌﺪ ﻏﻴﺎﺏ ﻃﻮﻳﻞ‬
‫ﻗﺎﺋﻼ ﻟﻪ‪ " :‬ﺍﻵﻥ ﺇﻧﺘﻬﺖ ﺍﳊﺮﺏ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻵﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ..‬ﻭ ﺇﱐ‬
‫ﺃﺭﻯ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﱯ ﺃﻥ ﺃﻋﺘﺮﻑ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﺃﻋﺘﺬﺭ‪ ..‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻗﺎﺳﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪ ..‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ‪.(3)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.487‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.488‬‬
‫‪ -3‬ﺧﲑﻳﺔ ﻗﺎﲰﻴﺔ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.430‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﲝﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺭﺃﺕ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﲤﻮﻳﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻭﻋﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﺃﺣﺪ ﻣﺴﺆﻭﱄ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ,‬ﻭ ﻫﻮ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﺎﺩﻳﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻘﺪﱘ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﺎﻟﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﻣﺲ‬
‫ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﺎﻝ ﻟﺸﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺑﺪﻋﻤﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ‬
‫ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻭ ﰲ‪ 22‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮﺽ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ)‪ ,( 2‬ﺇﱃ‬
‫ﺍﻹﺧﺘﻄﺎﻑ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﲢﻮﻳﻞ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ‬
‫ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﺸﺮﻓﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭ ﺇﻧﻀﻤﺎﻣﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﺿﺮﺍﺏ ﻋﺎﻡ ﻳﻮﻡ ‪ 28‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﺗﻌﺒﲑﺍ ﻋﻦ ﺳﺨﻄﻬﺎ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ‬
 ‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ )‪ ،(3‬ﻭ ﻗﺪ ﳒﺢ‬
‫ﺍﻹﺿﺮﺍﺏ ﲝﻴﺚ ﻣﺲ ﺃﳓﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ "ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺴﺪ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ,‬ﻭ ﺳﺨﻄﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺂﻣﺮ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪ ( 4)"..‬ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﺎﻣﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻌﺚ‪ ،‬ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1984‬ﻁ‪ ،1‬ﺹ‬
‫‪.139‬‬
‫‪ -2‬ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﻭﻫﻢ ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﻭﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﻭﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ‪,‬‬
‫ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻷﺷﺮﻑ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺬﻳﺐ‪ :‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.280‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‬
‫‪ -5‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪, (19‬ﳕﻮﺫﺝ ﻣﻦ ﺗﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪,‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ‬
‫ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ‪,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪, 1042‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﻓﱪﺍﻳﺮ‪. 1962‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪-1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻭﻗﻔﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﺸﺮﻓﺎ‬
‫ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﳌﺘﺪﻧﻴﺔ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﺑﻠﺪﺍ ﻓﻘﲑﺍ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﻮﺭﻥ‬
‫ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺍﳓﺼﺮﺕ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﻬﺗﺎ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﳌﻌﻮﻧﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻩ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻋﻤﺎﻥ )‪.(1‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﲢﺪﻳﺪ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳋﺎﺹ ﲜﻤﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻬﺗﺪﻑ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺇﱃ ﲢﺴﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻷﺭﺩﱐ ﲝﺘﻤﻴﺔ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ‪,‬ﻭﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﺣﺴﲔ ﰎ ﺇﻳﺪﺍﻉ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﰎ ﲨﻌﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﺴﺎﺏ ﺍﳋﺎﺹ ﲜﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳌﻔﺘﻮﺡ ﺑﺎﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺒﲑﻭﺕ ﻭﻗﺪ‬
‫ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ ﻭﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﻭﺛﻼﺛﺔ ﻭﺳﺒﻌﲔ ﺃﻟﻒ ﻭﺃﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﻭﲬﺴﺔ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ‬
‫ﺩﻳﻨﺎﺭﺍ ﺃﺭﺩﻧﻴﺎ )‪.(2‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ‪ ،‬ﺍﳍﺒﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺣﺴﲔ‬
‫) ‪(3‬‬
‫ﺷﺨﺼﻴﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﱪﻉ ﲟﺒﻠﻎ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﺩﻳﻨﺎﺭ‪ ,‬ﺃﻣﺎ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﲨﻊ ﻣﺒﻠﻎ ﻗﺪﺭﻩ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ‬
‫ﻭﻟﺘﻘﻨﲔ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻬﺪ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪ ،‬ﺃﺻﺪﺭ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻣﺮﺍ ﻣﻠﻜﻴﺎ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﳉﻨﺔ ﳉﻤﻊ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺧﻼﻝ‬
‫ﺷﻬﺮ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪.(4)1958‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﲤﺖ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺣﺴﲔ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﻣﺬﻛﺮﺍﺗﻪ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﺍﳉﺰﺀ ‪ 3‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪،‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.1986‬‬
‫‪ – 2‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺃﺭﺷﻴﻒ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﲟﺮﻛﺰﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ‪5‬‬
‫‪ –3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‬
‫‪ – 4‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ :‬ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ 1959/1958‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ‬
‫ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪،2002/2001‬ﺹ ‪.167‬‬
‫ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﻇﻬﺮﺕ ﳉﺎﻥ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﲨﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻟﻠﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﶈﺪﻭﺩ‪ ،‬ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻃﻮﺍﺑﻊ ﺑﺮﻳﺪﻳﺔ ‪ ،‬ﺗﻌﻮﺩ‬
‫ﻋﺎﺋﺪﺍﻬﺗﺎ ﳊﺴﺎﺏ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻗﺘﻄﺎﻉ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ‬
‫ﺗﺼﺐ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﲰﺤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻬﺎﻡ ﲟﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺩﻓﻌﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻦ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺎﺭﺍﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻫﻲ ﺍﳊﻤﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﻴﺰ ‪‬ﺎ ﺷﻬﺮ ﺩﻳﺴﻤﱪ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪1958‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ 1958‬ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ‬
‫ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ‪‬ﺎ )‪ (2‬ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺷﻌﺒﻴﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺩﻋﻤﻬﺎ‬
‫ﻣﺎﺩﻳﺎ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻨﺴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺩﻭﺭ ﺍﳉﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻟﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺇﳒﺎﺡ‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻠﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻋﺎﻣﻲ ‪1958‬ﻭ‪1959‬ﺇﱃ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪50‬‬
‫ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺃﺭﺩﱐ )‪.(3‬‬
 ‫ﻭﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮﻱ ﻣﺎﻱ ﻭﺟﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪1959‬ﻗﺎﻡ ﻭﻓﺪ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻓﺪ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳊﺴﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻤﻪ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻋﺘﱪﻫﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺷﻌﺒﺎ‬
‫ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺭﺃﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ‪,‬ﻭﻟﻴﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻴﺔ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ‬
‫ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻗﺪﻡ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ‪4‬ﺃﻻﻑ ﺩﻭﻻﺭ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﻔﺰ ﺑﺎﻗﻲ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺿﺒﺎﻁ ﺍﳉﻴﺶ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﱪﻉ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﳌﺎﻝ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺗﺒﻬﻢ)‪.(4‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺻﺮﺡ ﻣﻠﻚ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺭﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﳓﻦ ﻓﻘﺮﺍﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﳍﺎ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﻟﻜﻦ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ـــــــــــــ‬
‫‪ –1‬ﻋﻤﺮﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ﺹ‪.168‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻋﺘﺮﻓﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 20‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1958‬ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ‬
‫ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﻦ‪,‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪,‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ‪.5‬‬
‫‪ – 3‬ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ‪.433-432‬‬
‫‪ – 4‬ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﺩﺑﺶ ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.88‬‬

‫ﻣﻘﺪﺱ ﻭﺇﻋﺎﻧﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺩﻳﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻋﺮﻭﺑﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ‪ ,‬ﺃﻣﺮ ﻭﺍﺟﺐ ﳏﺘﻢ ‪,‬ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﳕﻠﻚ ﺇﻻ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻠﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﻣﺎﻣﻜﻢ‬
‫ﲨﻴﻌﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻘﺘﺴﻤﻬﺎ ﻣﻌﻜﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ")‪ ,(1‬ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻓﻘﺮ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ‬
‫ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻛﺎﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﳍﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﱂ ﳝﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﻫﲑﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺪﺍﺧﻴﻞ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳌﺒﺎﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﻭﻳﺔ ﻛﺘﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺑﲔ ﻓﺮﻳﻖ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺣﻮﻟﺖ ﻋﺎﺋﺪﺍﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﻣﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭﺍﻟﱵ ﻗﺪﺭﺕ ﺏ ‪7‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺃﻟﻒ ﺩﻭﻻﺭ ﻣﻨﻬﺎ ‪1400‬ﺩﻭﻻﺭ ﺳﺎﻫﻢ ‪‬ﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳊﺴﲔ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺳﺎﳘﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺫﻱ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺑﺘﺪﺭﻳﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺛﻜﻨﺎﻬﺗﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺑﲔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻴﺎﻣﲔ ﺯﺭﻭﺍﻝ)‪ (3‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺇﻳﻔﺎﺩ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺮﺍﻏﺒﲔ ﰲ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻕ ﲟﺪﺍﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻗﺪ ﺍﻟﺘﺤﻖ ‪‬ﺎ ﺳﺘﺔ ﻃﻠﺒﺔ ﻋﺎﻡ ‪،1958‬‬
‫ﻭﲝﻠﻮﻝ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﺗﺰﺍﻳﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﺇﺣﺪﻯ ﻋﺸﺮ ﻃﺎﻟﺒﺎ‪ ،‬ﴰﻞ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺪﻓﻌﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﺸﺎﺓ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻭﺣﱴ ﺍﻟﻄﲑﺍﻥ ﻛﻤﺎ ﺧﺼﺼﺖ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﻧﻘﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻧﺊ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪ ،(4‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﰎ ﲨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺿﺒﺎﻁ ﻭﺿﺒﺎﻁ ﺻﻒ‬
‫ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻷﺭﺩﱐ ﺑﻠﻐﺖ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ‪ 4988‬ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭ‪ 350‬ﻓﻠﺲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺭﺋﻴﺲ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻜﺸﺎﻓﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺷﻜﻞ ﺻﻚ ﻗﻴﻤﺘﻪ ‪ 270‬ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭ ‪5‬ﻓﻠﻮﺱ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻷﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﲨﻌﺖ ﻣﺒﻠﻎ‪ 39 0‬ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭ‪ 970‬ﻓﻠﺲ‬
‫‪ ,‬ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻣﺬﻛﺮﺍﺗﻪ ﺃﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻷﺭﺩﱐ ﺃﻣﺮ ﺑﺎﻗﺘﻄﺎﻉ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻗﺪﺭ ﺑـ ‪ 30‬ﻣﻠﻴﻮﻥ‬
‫ﻓﺮﻧﻚ‪ ،‬ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻛﺘﺘﺎﺑﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻭﺭﲰﻴﺎ ﻳﺼﺐ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﳑﺎﺟﺎﺀ ﰲ ﻛﻼﻣﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪":‬ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﻟﻨﺎ ﺣﻔﻼﺕ‬
‫ﲨﻌﺖ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻜﻨﺖ ﺃﺭﻯ ﻭﺟﻮﻫﺎ ﻧﲑﺓﱂ ﺃﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﰲ ﺃﻱ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ‪ ..‬ﻭ ﺑﻌﺪ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺪﺱ‬
‫ﺍﻷﻃﻬﺮ ﻭ ﺃﺩﺍﺀ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﺍﳉﻤﻌﺔ ﺑﺎﳌﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﳋﻄﺒﺔ ﻫﻮ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺑﻌﺪ ﺣﻀﻮﺭ ﻣﻨﺎﻭﺭﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ‬
‫ﺃﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ‪ ..‬ﺃﻋﻠﻤﻨﺎ ﻫﺰﺍﻉ ﺍ‪‬ﺎﱄ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺛﻼﺛﲔ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ‪،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻳﻔﺘﺢ ﺭﲰﻴﺎ ﺍﻛﺘﺘﺎﺑﺎ‬
‫)‪(6‬‬
‫ﻋﺎﻣﺎ‪"..‬‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺩﺑﺶ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ،‬ﺹ ‪.89‬‬
‫‪ – 2‬ﻧﻔﺴﻪ‪،‬ﺹ ‪89‬‬
‫‪ – 3‬ﺍﻟﻴﺎﻣﲔ ﺯﺭﻭﺍﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﺳﺒﻖ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺃﺣﺪ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ‪:‬ﻡ ﺃﻭ ‪،‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ‪5‬‬
‫‪ - 5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،40‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1959‬ﺹ‪10‬‬
‫‪ – 6‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.434‬‬

‫‪-2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﺍﻛﺘﺴﻰ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻃﺎﺑﻌﺎ ﳑﻴﺰﺍ ﰲ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻫﻮ‬
‫ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﻧﺸﺮﻳﺔ ﺇﻋﻼﻣﻴﺔ ﺷﻬﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺣﺬﺕ ﺣﺬﻭ ﻣﺼﺮ ﰲ ﲣﺼﻴﺺ ﺣﺼﺺ ﰲ ﺇﺫﺍﻋﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﺼﺔ ﺗﺬﺍﻉ ﻣﺮﺗﲔ ﻛﻞ ﺃﺳﺒﻮﻉ‪ ،‬ﳑﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﻞ‬
‫ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﻛﻞ ﻓﺌﺎﺕ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻷﺭﺩﱐ )‪.(1‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﲰﺤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺑﻌﻘﺪ ﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺐ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑﻱ ‪,‬ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻘﺪﻫﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ‬
‫ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﻤﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ‪ ,‬ﻭﺍﳊﻔﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪﺗﻪ ﺇﺣﺪﻯ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺴﻨﻤﺎ ﰲ‬
‫ﻋﻤﺎﻥ ﻭﺣﻀﺮﻩ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳊﺴﲔ ‪,‬ﲝﻀﻮﺭ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﲔ)ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺪﻓﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺩﺍﺭ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻟﺴﻨﻤﺎ ﻣﻨﺪﻓﻌﲔ ﲝﻤﺎﺱ ﻗﻮﻱ ﻋﱪﻭﺍ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻭﻬﻧﻢ ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺗﻈﺎﻫﺮﺓ ﻳﻮﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﰲ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ ‪،1958‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺮﻓﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺑﺪﻋﻢ ﺷﻌﱯ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﲜﻤﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪.(3‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﳉﻨﺔ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺗﻮﱃ ﺭﺋﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺿﻴﻒ ﺍﷲ ﳏﻤﻮﺩ )‪.(4‬‬
‫ﻭﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ‪19‬‬
‫ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ 1958‬ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﰲ ‪ 20‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﺩﻋﻤﺎ ﻗﻮﻳﺎ‬
‫ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﱂ ﻳﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲰﺤﻮﺍ ﳌﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﰲ ﻋﻤﺎﻥ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻟﺮﺍﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺣﱴ ﻳﺪﺧﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭﻩ ﺍﻟﺮﺳـﻤﻲ ﺃﺷـﺮﻑ‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.156‬‬
‫‪ – 2‬ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪ ،‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪,‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.5‬‬
‫‪ – 3‬ﺩﺑﺶ‪،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ,‬ﺹ ‪.88‬‬
‫‪-4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ,‬ﺹ ‪. 89‬‬

‫ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻮﻥ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﻮﻥ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺮﺍﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲝﻀﻮﺭ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳉﺒﻬﺔ)‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﻣﻠﻚ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻮﻑ ﺑﻼﺩﻩ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺷﻌﺒﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﻏﻄﺮﺳﺔ ﳑﺜﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﳛﺪﺙ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﺷﺄﻥ ﻓﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﺧﺎﺹ‪ ،‬ﻣﺪﻋﻤﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻱ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ‬
‫ﺳﻔﺮﺍﺀ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻋﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻠﻜﻲ ﺍﳍﺎﴰﻲ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺭﺟﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻧﺰﺍﻉ ﺍ‪‬ﺎﱄ‪ ،‬ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ ﺑﺎﻟﻮﻓﺪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)‪، (2‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﻮﺍﺗﻴﺔ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻟﻌﺮﺽ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻤﻊ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ,‬ﻭﻣﻦ ﺗﺼﺮﳛﺎﺕ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫"ﻻ ﺗﻘﺴﻤﻮﺍ ﺟﻬﻮﺩﻛﻢ ﻭﻻ ﺗﻮﺯﻋﻮﺍ ﻧﺸﺎﻃﻜﻢ‪ ،‬ﻟﻴﻜﻦ ﳘﻜﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻟﻴﻜﻦ‬
‫ﳘﻜﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪ ....‬ﳓﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺷﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻠﺘﻘﻲ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻘﻂ ﺍﳌﻘﺪﺳﺔ‪ ،‬ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻭﻧﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﻧﺘﻀﺎﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ"‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺑﺘﻜﺜﻴﻒ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻟﺪﺅﻭﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺪﻡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﺃﻗﺎﻣﺖ ﻋﺪﺓ ﲡﻤﻌﺎﺕ ﺭﲰﻴﺔ ﺿﻤﺖ ﻭﺟﻬﺎﺀ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺃﻋﻴﺎﻬﻧﺎ)‪.(4‬‬
‫ﱂ ﺗﺘﻮﺍﻥ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺿﻌﻔﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﺪ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﻬﺗﺎ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺇﻻ ﺃﻬﻧﺎ ﺍﻟﺘﺰﻣﺖ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﲏ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀـﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮﻳﺔ ﻭﱂ ﺗﺒﺨﻞ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﻌﻨـﻮﻳﺎ‪ ،‬ﺩﺍﺧﻠﻴـﺎ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴـﺎ ﻭﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﺪﻋـﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ ,‬ﺧﺎﺻـﺔ ﻭﺃﻥ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴـﺔ ﻛـﺎﻧﺖ ﺳـﻴﺌﺔ ﺟـﺪﺍ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻴﺎﺳـﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴـﻲ ﺩﻳﻐـﻮﻝ ﻣـﺎ ﺑﲔ ‪1958‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪ ،‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﻫﻢ‪ :‬ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﻛﺮﱘ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﻭﺃﲪﺪ‬
‫ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﺒﺔ ﺭﻗﻢ‪.5‬‬
‫‪ – 2‬ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.432‬‬
‫‪ – 3‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﰲ ‪ :‬ﺍﳌﺪﱐ ‪,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.334-433‬‬
‫‪ – 4‬ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.432‬‬

‫ﻭ‪ 1962‬ﺍﻟـﱵ ﺣـﺎﻭﻝ ﺧﻼ ﳍﺎ ﻭﺃﺩ ﺍﻟﺜـﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﳌﻬﺪ ﲟﺨﻄﻄﺎﺗـﻪ ﺍﳉﻬﻨﻤﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﻭﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﺑﺎﳌﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ)‪.(1‬‬
‫ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺑﻘﻴﺖ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ﻭﻓﻴﺔ ﰲ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﰲ ‪5‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1962‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﱵ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﱃ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻐﲑ ﻣﻨﻘﻮﺹ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺟ ﹼﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﻷﺭﺩﱐ ﺍﳌﻠﻚ ﺣﺴﲔ ﺃﺭﺳﻞ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻬﺗﻨﺌﺔ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﻗﻒ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﳌﻌﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﰲ ‪ 19‬ﻣﺎﺭﺱ‬
‫‪ , 1962‬ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﳝﺜﻞ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺄﺳﺮﻩ )‪.(2‬‬
 ‫ــــــــــــــــــ‬

‫‪ – 1‬ﺣﻮﻝ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﳉﻬﻨﻤﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻪ ﺍﳍﺪﺍﻣﺔ ﺃﻧﻈﺮ‪ ،‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ )‪ (1992-1942‬ﺩﺍﺭ ﻫﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،2000‬ﺹ ‪.179‬‬
‫‪ – 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،118‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1962‬ﺹ‪.8‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﰲ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﲑﻭﺕ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻭﻗﺪ ﺃﻭﻛﻠﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺴﻴﲑﻩ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺎﺑﻮﻳﺎ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺑﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ‪ 1961‬ﻭﻛﺎﻥ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﻮﻟﻮﺩ ﺑﻮﻗﺮ ﻣﻮﺡ)‪.(1‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﲢﺖ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻜﺘﺐ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻼﺋﻤﺎ ﺑﻞ ﻭﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﲡﺎﻭﺯﺕ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﲰﺤﺖ ﻟﻠﻤﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻁ ﺩﺍﺧﻞ‬
‫ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﰲ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﴰﻞ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ‬
‫ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑﻳﺔ‪ ,‬ﻭﻗﺪ ﲡﺎﻭﺑﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺷﻌﺒﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻹﳚﺎﺏ ﺣﻴﺚ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﰲ ‪ 14‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1959‬ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺇﺛﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺪﺍﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻋﺪﺓ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ‬
‫ﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﺇﱃ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺒﲑﻭﺕ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺎﺩﻝ ﺑﻚ‬
‫) ‪(3‬‬
‫ﺍﻟﺼﻠﺢ ﺭﺋﻴﺲ ﺑﻠﺪﻳﺔ ﺑﲑﻭﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﻏﲑﺗﻪ ﻭﲢﻤﺴﻪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻟﻘﺪ ﺳﺒﻖ ﳉﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻠﻐﺮﺍﻑ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﻧﺸﺮﺕ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﻴﺎﺭ‬
‫ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺑﻘﻮﻟﻪ ‪":‬ﺇﻥ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ ﻳﺆﻳﺪﻭﻥ ﲢﺮﺭ ﺷﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ....‬ﻭﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﳌﻌﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﳊﺎﱄ ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺳﺘﺘﺤﺮﺭ ‪ ....‬ﻭﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻧﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ‬
‫ﳛﺘﻠﻮﻥ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻭﳛﻜﻤﻮﻧﻨﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻻﻧﺘﺪﺍﺏ ﻧﻈﺮﺓ ﺣﻘﺪ ﻭﻋﺪﺍﺀ ‪ ...‬ﺃﻗﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺗﺄﻳﻴﺪﺍ ﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ...‬ﻣﻦ‬
‫ﻏﲑ ﺃﻥ ﺃﻭﺍﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻹﺿﺮﺍﺏ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ...‬ﻭﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﻬﺪﺕ ﰲ ﺑﻴﺎﻬﻧﺎ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﻱ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ...‬ﻓﻤﻦ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺳﻮﺍﻫﺎ‪"...‬‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.171‬‬
‫‪ – 2‬ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﰲ ﺑﻼﻍ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﺭﲰﻲ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﳌﺢ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻮﺩﻳﺔ ﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،36‬ﻓﻴﻔﺮﻱ ‪ ،1959‬ﺹ‪.11‬‬
‫‪ – 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،51‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ – 4‬ﺍﻟﻮﺭﺗﻼﱐ ‪ :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.453‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻣﻜﻦ ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻣﻦ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﻭﻓﺪ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺑﲑﻭﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﻬﺎ ﰲ ‪ 28‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1959‬ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺷﺨﺼﻴﺎ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺷﻴﺪ ﻛﺮﺍﻣﻲ‪ ,‬ﻭﰲ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﺪﺓ ﻟﻘﺎﺀﺍﺕ ﺭﲰﻴﺔ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻋﻘﺪﻫﺎ ﻣﻊ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺷﻬﺎﺏ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﺣﱴ ﺗﺜﺒﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺃﻗﺎﻣﺖ ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺿﺎ‬
‫ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﰲ ﻣﻄﺎﺭ ﺑﲑﻭﺕ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺃﺩﻯ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﲢﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻑ)‪.(1‬‬
‫ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﲢﺪﻳﻬﺎ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺷﻌﺒﺎ ﻭﱂ ﺗﺄﺑﻪ ﺑﺘﺒﻌﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﻓﻜﺎﻧﺖ‬
‫ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻣﻘﺮﺍ ﻟﻌﺪﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺭﲰﻴﺔ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻘﺪﻩ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﳌﻜﺎﺗﺐ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﳌﻘﺎﻃﻌﺔ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻭﻓﻴﻪ ﺃﱀ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻻﺳﺘﺒﺎﺣﺘﻬﺎ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﺣﻠﻴﻔﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ﻟﻠﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺩﻋﻢ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﻓﺮﺿﻬﺎ ﺍﳊﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻭﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻃﺮﺣﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﻘﻀﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﻀﻮ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪ (3‬ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻣﻊ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﲟﺬﻛﺮﺓ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﻓﺎﺗﺢ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1956‬ﻭﻫﻮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﻗﺪ ﺗﺴﻠﻤﻬﺎ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ‬
‫ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻫﺎﻣﺮﺷﻮﻟﺪ)‪.(4‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﺕ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺄﳘﻴﺔ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‬
‫ﻭﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺘﻠﻬﺎ ﰲ ﻛﻴﺎﻥ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺭﻗﻢ ‪ 637‬ﺍﳋﺎﺹ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﻣﺮﻛﺰﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ)‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،42‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1959‬ﺹ‪.14‬‬
‫‪ – 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،49‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1959‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ – 3‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻫﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ‪ .‬ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻝ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﲑ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،5‬ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺹ‪.6‬‬
‫‪ – 4‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.6‬‬
‫‪ – 5‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،5‬ﻟﻌﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺹ‪.6‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺷﻬﺪ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﳑﻴﺰﺓ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﳏﻮﺭ ﺍﶈﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻊ ﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻭﻣﺪﻋﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻬﺎ ﰲ ‪ 24‬ﻣﺎﻱ‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ 1957‬ﺑﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ‬
‫ﻭﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ﺁﺛﻴﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 2‬ﻭ ‪6‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1957‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﳌﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺨﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ﲟﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪ (2‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﱵ ﺻﺎﺩﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ‬
‫ﺍﳋﺘﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻓﻘﻂ )‪.(3‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺑﺮﺯ ﺩﻭﺭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﺣﻴﺚ ﺃﻬﻧﻰ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺃﺷﻐﺎﻟﻪ ﺑﻼﺋﺤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺎﺀ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ﳛﺘﺞ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺮﻕ ﺍﻟﻔﺎﺿﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﻮﻡ ﻳﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳌﻬﻨﺔ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ﻳﻨﺪﺩ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﱪ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻟﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﺸﻔﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻳﺎﺕ ﺣﺮﻓﺎﺋﻬﻢ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﳛﺘﺞ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺮﻡ ﺑﻴﻊ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ﳛﺘﺞ ﻋﻠﻰ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﳉﺮﺣﻰ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻭﺍﻟﻌﺰﻝ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﻔﻀﺢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭﺣﺮﺏ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﻗﺪﻡ ﳑﺜﻞ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﻳﺪ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﺳﻢ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﻣﺼﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺗﻮﻧﺲ‬
‫ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﺗﺼﺮﳛﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻬﺗﻤﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﶈﺮﻣﺔ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﻣﺔ ﻭﺍﳋﺎﻧﻘﺔ ﻭﻗﺘﻠﻬﺎ ﻟﻸﺳﺮﻯ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﶈﺘﺸﺪﺍﺕ ﻭﺍﳌﻌﺘﻘﻼﺕ ﻭﻫﺪﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﺍﳌﺪﺍﺷﺮ ﺑﺎﻟﻘﻨﺎﺑﻞ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪11‬‬
‫ﻟﻌﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺹ‪.5‬‬
‫‪ – 2‬ﺿﻢ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻛﻴﻮﺍﻥ ﻭﺃﲪﺪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻭﺍﺑﻦ ﻗﻄﺎﻁ ﻭﻏﺎﻓﺮ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،12‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9‬‬
‫‪ – 4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،26‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1958‬ﺹ‪.10‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺃﺭﺿﺎ ﺧﺼﺒﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺩﻋﻤﻬﺎ‬
‫ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻛﺘﺒﺖ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ "ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﺴﺘﺠﺐ ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﻟﻠﺮﺩ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﺴﺘﺴﺤﺐ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻣﻨﻪ"‪" .‬ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺮﺟﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻗﺒﻞ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺈﻧﻪ‬
‫ﺳﻴﺴﻤﺢ ﻟﻸﺳﺮﻯ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﺑﺎﳉﻠﻮﺱ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﺣﻮﻝ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ ﻭﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺇﻥ ﺭﻓﺾ‬
‫ﻓﺘﺴﺤﺐ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﺛﻘﺘﻬﺎ ﻣﻨﻪ")‪.(1‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ‪":‬ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﺮﻋﻲ"‪ .‬ﻣﺎ‬
‫ﻳﻠﻲ‪":‬ﺇﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﺳﺮﻯ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺃﻛﺲ ﻟﻠﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﺮﻋﻲ ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﱂ ﲣﺘﻄﻒ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻃﺎﺋﺮﻬﺗﻢ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﻟﻮﺟﺪﻧﺎﻫﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ"‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻓﻖ ﺷﺠﻌﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ‬
‫ﻛﺎﺑﻮﻳﺎ ﰲ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻃﻼﻉ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻭﻳﻼﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﺪﻣﲑﻳﺔ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﶈﺮﻭﻗﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﻛﻞ ﻓﺌﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﻖ ﳑﺜﻞ‬
‫ﺍﳌﺴﻴﺤﻴﲔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ ﰲ ‪ 29‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1959‬ﺑﺎﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﻟﺒﻨﺎﻥ )‪(3‬ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻔﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻼﺣﻢ ﺍﻟﻌﺮﻭﰊ ﺃﻥ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺎﻟﻴﺎ ﻗﺪﺭ ﺑﺄﻟﻒ ﺭﻳﺎﻝ ﻟﺒﻨﺎﱐ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ)‪.(4‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ "ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﲤﺮ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ‬
‫ﻣﺼﻴﻒ ﺷﺘﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﰲ ‪ 22‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1960‬ﺣﻴﺚ ﻧﺸﺮﺕ ﻣﻘﺎﻻ ﻣﻄﻮﻻ ﻋﻠﻘﺖ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﶈﺎﻛﻤﺎﺕ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﺟﺮﻬﺗﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻴﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺍﳌﺘﻬﻤﲔ ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻗﺎﺭﻧﺖ ﺟﻬﻮﺩ‬
‫ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﲟﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺟﻬﻮﺩ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻝ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻠﻲ‪":‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺣﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﻤﺸﻜﻠﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻭﺃﺯﻣﺔ ﻋﺎﺑﺮﺓ‪ ...‬ﻓﺄﻛﺜﺮﻳﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،56‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ‪.7‬‬
‫‪ – 2‬ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺄﺳﺮﻯ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺃﻛﺲ ﻫﻢ ﺍﳌﻨﺎﺿﻠﻮﻥ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻭﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﻭﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ ﻭﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ﺃﻧﻈﺮ‬
‫ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،56‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ‪.7‬‬
‫‪ – 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،42‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1959‬ﺹ‪.14‬‬
‫‪ – 4‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ،‬ﺹ ‪.172‬‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﻤﻮﺿﻮﻉ ﺧﻄﺎﰊ ﻭﺩﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﻮﺭﻗﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﻭﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‬
‫ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻗﺮﺍﺭ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪﻓﻊ ﻣﺒﻠﻎ ﺍﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ‬
‫ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺟﻨﻴﻪ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﱂ ﻳﻨﻔﺬ ﺣﱴ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺣﻜﻮﻣﺘﲔ ﻋﺮﺑﻴﺘﲔ ﻓﻘﻂ ‪.(1)"...‬‬
‫ﱂ ﺗﻜﻦ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻤﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﻕ ﻛﻞ ﺗﺼﻮﺭ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺟﺮﺃﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ‬
‫ﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺭّﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ﺗﺼﺮﳛﻪ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪16‬‬
‫ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪.(2) 1959‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪﺕ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺭﲰﻴﺎ ﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺑﻌﻘﺪ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ‬
‫ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺗﺪﻋﻢ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪﺕ ﺑﲑﻭﺕ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﳌﺆﲤﺮ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 21‬ﻭ‪ 26‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1960‬ﻭﻗﺪ ﺣﻀﺮ ﺍﳌﺆﲤﺮ‬
‫ﻣﻨﺪﻭﺑﻮ ﲨﻴﻊ ﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﳑﺜﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ)‪ ,(3‬ﻭﺃﻫﻢ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺍﻧﺒﺜﻘﺖ ﻋﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪":‬ﳛﻲ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭﻳﻬﻴﺐ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﳊﺎﺯﻣﺔ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺎﳌﻌﻮﻧﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺎﺷﺪ ﺭﺟﺎﻝ‬
‫ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺇﻋﺎﻧﺎﺕ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ﻭﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(4‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 31‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﺃﻭﺕ‬
‫‪ ،1960‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﺍﳌﺸﺎﺭﻙ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﻓﻠﺴﻄﲔ ﻭﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻋﱪﺕ ﻋﻦ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﺎ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﻭﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻛﻞ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺏ‬
‫ـــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،79‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1960‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ – 2‬ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪ ،‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﻣﺜﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺴﻴﺪﺍﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﻳﻌﻼﻭﻱ‬
‫ﻭﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﺰ ﻫﻮﺩﻱ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،84‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.4‬‬
‫‪ – 5‬ﺻﺎﺩﻑ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺃﻧﻈﺮ ﺣﻮﻝ‬
‫ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﳋﺎﺹ ‪ ،74‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.14‬‬
 ‫ﻭﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﺩﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ ﺭﺣﺐ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺑﺮﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﰲ ﻗﺒﻮﻝ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﱪﻫﺎ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ )‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺇﻋﻼﻥ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﻳﻮﻡ‬
‫‪ 17‬ﻓﻴﻔﺮﻱ ‪ ،1961‬ﻟﻴﺆﻛﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺎ‪ ،‬ﻭﺗﻀﻤﻦ‬
‫ﻗﺮﺍﺭ ﺑﻼﺩﻩ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﲟﺒﻠﻎ ﻣﺎﱄ ﻗﺪﺭﻩ ‪ 500‬ﺃﻟﻒ ﻟﲑﺓ ﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺣﺴﺎﺏ ﻣﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬
‫ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺑﲑﻭﺕ ﰲ ‪ 22‬ﺃﻭﺕ ‪ 1960‬ﺣﺪﺛﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﻫﻮ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺆﲤﺮ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﻣﺼﻴﻒ ﺷﺘﻮﺭﺍ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﺭﺓ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ‪ ،‬ﻭﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﳑﺜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻛﺮﱘ ﺑﺎﻟﻘﺎﺳﻢ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﻟﻠﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﰊ "ﺇﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﺎﻣﻞ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﻭﺗﻘﺎﺭﺏ ﺑﲔ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ‬
‫ﻣﻴﻮﳍﻢ ﻭﺃﻭﺿﺎﻋﻬﻢ‪ ،‬ﻷﻥ ﻛﻞ ﻋﺮﰊ ﳛﻤﻞ ﳓﻮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ ﻭﺍﻻﻋﺘﺰﺍﺯ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ‬
‫ﺍﳊﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﻡ ‪.(3)...‬‬
‫ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﲤﺮ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺸﺘﻮﺭﺓ ﻗﺪ ﻋﱪ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻼﺣﻢ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ‬
‫ﺃﺣﻠﻚ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺣﲔ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻷﻭﱃ )‪(4‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﺩﻋﻤﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﲡﺎﻭﺏ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﻣﻌﻬﺎ ﻭﺿﻐﻄﻪ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺑﺖ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﲑﻭﺕ ﻣﻌﱪﺓ ﻋﻦ ﺳﺨﻄﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‬
‫ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻭﻳﻼﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻐﺎﺷﻢ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻭﺧﻼﳍﺎ ﻗﺎﻡ ﺍﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ ﺑﺎﻗﺘﺤﺎﻡ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﲑﻭﺕ ﻭﻋﻠﻘﻮﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﲢﺖ‬
‫ﻫﺘﺎﻓﺎﺕ ﻭﺃﻫﺎﺯﻳﺞ ﺗﻨﺎﺩﻱ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻱ ﻏﻮﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ )‪(5‬‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﰲ ‪20‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1960‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،71‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1960‬ﺹ‪.4‬‬
‫‪ – 2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،10‬ﻓﻴﻔﺮﻱ ‪ ،1961‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ – 3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،76‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ‪.6‬‬
‫‪ – 4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،82‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.6‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺑﺮﺯ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ ﰲ ﲢﺮﻳﻚ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻻﻓﺘﺎﺕ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﻹﻧﻘﺎﺫ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺪﻭﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺰﻭﻳﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﳌﺘﻄﻮﻋﲔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺟﻠﺐ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻫﻮ ﺗﺼﺪﺭ‬
‫ﻓﺘﺎﺓ ﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﲢﻤﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﲜﻮﺍﺭﻫﺎ ﻓﺘﺎﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﲢﻤﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ )‪(1‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺑﲑﻭﺕ ﺇﱃ ﻣﺪﻥ ﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻭﺻﻮﺭ ‪ ....‬ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﺕ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺃﻗﻴﻤﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮﻫﺎ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻛﺒﲑﺓ‪ ،‬ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﺑﺮﻗﻴﺎﺕ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻭﺗﻀﺎﻣﻦ ﻟﻠﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﳌﺘﻄﻮﻋﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺒﻴﻪ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﻢ ﺑﺎﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺩﻓﻊ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎﻬﺗﺎ ﰲ ﺍﳌﻴﺰﺍﻧﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ )‪.(2‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ ﺿﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻣﺎﺭﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻭﳐﻴﻢ ﻬﻧﺮ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ﻭﺍﻧﻀﻢ ﺇﻟﻴﻬﻢ‬
‫ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻄﻴﺔ ﻭﻃﻠﺒﺔ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﲟﺨﻴﻢ ﺑﺮﺝ ﺍﻟﱪﺍﺟﻨﺔ‪ ،‬ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﻻﺋﺤﺔ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻭﺗﻀﺎﻣﻦ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ‬
‫ﺑﺎﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﳌﻘﺎﻃﻌﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ )‪.(3‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ ‪ ،1961‬ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﻄﻼﰊ ﺍﳌﺘﺰﺍﻳﺪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﻨﻜﺮ ﺷﺒﺎﺏ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻴﺪﺍ‬
‫ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﺆﺍﻣﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ‬
‫ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻋﻦ ﴰﺎﳍﺎ ﻟﻐﻨﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﺒﺘﺮﻭﻝ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺪﻭﺍ ﻭﻗﻮﻓﻬﻢ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺟﻬﺎﺩﻩ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻨﻘﻮﺹ)‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻟﻨﻴﺎﰊ ﺣﻴﺚ ﺃﻟﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺷﻔﻴﻖ ﻣﺮﺗﻀﻰ ﻧﺎﺋﺐ ﺑﻌﻠﺒﻚ ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﺍ‪‬ﻠﺲ‬
‫ﺍﻟﻨﻴﺎﰊ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪":‬ﺑﻮﺭﻛﺖ ﺧﻄﻮﺍﺗﻜﻢ ﰲ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺍﳌﺒﲔ‪ ،‬ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺎﳊﻴﺎﺓ ‪...‬‬
‫ﻭﺑﺎﳊﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﲟﺒﺪﺃ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ"‪ .‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺼﺮ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﻟﻘﻲ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺻﺎﺋﺐ‬
‫ﺳﻼﻡ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪":‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻭﻓﻠﺴﻄﲔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻗﻮﻝ ﺭﺩﺩﻩ ﺷﻌﺐ ﻟﺒﻨﺎﻥ ‪ ...‬ﻧﺮﺩﺩﻩ ﺑﺄﻟﺴﻨﻨﺎ ﻭﺗﻨﺒﺾ ﺑﻪ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ‬
‫ﻭﲤﺘﺪ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ‪ "...‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﻛﺮﺹ‪7‬‬
‫‪ – 2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺹ‪.7‬‬
‫‪– 3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،87‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1961‬ﺹ‪3‬‬
 ‫‪ – 4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،100‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1961‬ﺹ‪.8‬‬

‫ﻭﱂ ﳝﺮ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺑﲑﻭﺕ ﻋﺎﻡ ‪ ،1960‬ﺣﱴ ﺍﻧﻔﺠﺮﺕ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﻋﺎﺭﻣﺔ ﰲ ﺫﻛﺮﻯ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‬
‫ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1961‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﲑﻭﺕ ﻣﻴﺪﺍﻧﺎ ﳍﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺟﺴﺪﺕ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺟﺎﺀﺕ ﲢﻴﺔ ﻟﻠﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻃﺎﻑ ﺍﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ ﻛﻞ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺑﲑﻭﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻣﺎﺭﻳﻦ ﺑﺎﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﻐﺎﺷﻢ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺃﻭﻗﺎﺗﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ)‪(1‬‬
‫ﻭﻧﻔﺲ ﺍﳊﺪﺙ ﺷﻬﺪﺗﻪ ﺑﺎﻗﻲ ﻛﱪﻳﺎﺕ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺣﻴﺚ ﺃﻗﻴﻤﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﻛﺒﲑﺓ‬
‫ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪(2‬‬

‫ـــــــــــــــــ‬

‫‪ –1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،108‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.10‬‬

‫‪ – 2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
 ‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳌﺰﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﻓﻘﺮ ﻭﺃﻭﺿﺎﻉ ﻣﺘﺪﻫﻮﺭﺓ ﻧﺎﲨﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﱂ ﲤﻨﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻣﻦ ﺇﻋﻼﻥ ﺩﻋﻤﻪ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‬
‫ﻭﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ,‬ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﺆﻳﺪﺓ ﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﻔﻲ ‪ 16‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻃﻠﺐ‬
‫ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺿﻴﺤﻴﺔ ﺍﳌﺼﺎﺣﺒﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪ " :‬ﺇﻥ ﺍﳊﺮﺏ ﻇﻠﺖ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﻫﻮﺍﺩﺓ‪ ،‬ﻣﺘﺴﺒﺒﺔ ﰲ‬
‫ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﺍﳋﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻱ ﺑﺎﺩﺭﺓ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺣ ﹼﻞ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻭﺃﻫﺪﺍﻑ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﻞ ﺇﻥ‬
‫ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻼﺋﻢ ﺗﺜﲑ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻇﻬﺮﺕ ﰲ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪ ،‬ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻗﺪ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻷﻥ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ ﻗﺪ‬
‫ﺍﺟﺘﺎﺯﺕ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪ ".(1‬ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ‬
‫ﺣﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ ﺣﻴﺚ ﰎ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﰲ ﻟﻘﺎﺀﺍﺗﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﲢﺠﺠﺖ ﺑﻔﻘﺮﻫﺎ ﻭﺃﻗﻨﻌﺖ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺪﻋﻤﻪ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ‬
‫ﻣﺆﲤﺮ ﺃﻛﺮﺍ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻐﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺙ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺭﲰﻴﺔ ﻣﻊ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ ﻭﺍﻟﱵ ﺃﻋﻘﺒﺘﻬﺎ‬
‫ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻊ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ)‪ .(2‬ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ‪ 22‬ﺳﺒﺘﻤﱪ‬
‫)‪(3‬‬
‫‪ 1958‬ﻟﻴﺪﻋﻢ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻮﺣﺪ ﺍﳌﻨﺎﺻﺮ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻝ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺻﻮﺗﺖ ﻟﺼﺎﱀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﻭﻫﻲ‪ :‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‬
‫ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﺭﺿﺘﻬﺎ ‪ 18‬ﺩﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺟﺮﻳﺪﺓ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،34‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1958‬ﺹ ‪.11-10‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.363‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺍﻋﺘﺮﻓﺖ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺩﺑﺶ‪ :‬ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﲡﺎﻩ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ‪.254‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ‪.10‬‬

‫ﻭﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺃﻛﺪ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﰲ ﻻﺋﺤﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫" ﻣﻦ ﺍﳌﺆﺳﻒ ﺃﻥ ﺗﺘﻐﻴﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﲝﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪"..‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻄﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺑﺪﻋﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﺣﺴﺖ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺼﲑ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻣﺮﺩ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺎﱐ‬
‫ﻣﻨﻬﺎﻟﺴﻮﺩﺍﻥ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﲰﺢ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲨﻊ ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﻭﻓﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺭﲰﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ)‪, (2‬ﻭﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻘﺪ ﻋﺪﺓ ﻧﺪﻭﺍﺕ ﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﺳﺒﻞ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﻟﱵ ﻋﻘﺪﻫﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﻓﺪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ)‪ ، (3‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ﺑﺮﻭﺯ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﳌﺜﻘﻔﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﰲ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲨﺎﻫﲑﻳﺎ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺃﺳﺎﺗﺬﺓ ﻭﻃﻠﺒﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ ﲟﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﻭﲡﻤﻌـﺎﺕ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴـﺪ‬
‫)‪.(4‬‬
‫ﺍﳌﻄﻠـﻖ ﻟﻘﻀﻴـﺔ ﺍﻟﺸﻌـﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﰎ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﻭﻓﺪ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ ﻭﻛﺎﻥ ﰲ‬
‫ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﺣﺴﻦ ﻣﻄﺮ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻔﺎﺕ ﻭﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﳑﺜﻠﻲ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻧﺼﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺃﻧﻈﺮ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 57‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ ‪7-6‬‬
‫‪ -2‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﻭﺍﳊﺎﺝ ﳏﻤﺪ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﳍﺎﴰﻲ‪:‬‬
‫ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪340‬‬
‫‪ -3‬ﺣﻮﻝ ﳏﺘﻮﻯ ﻧﺺ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﻛﺎﻣﻼ ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺻﻔﺤﺎﺕ ‪-198-197-196‬‬
‫‪201-200- 199‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.195‬‬
‫‪ -5‬ﺗﻀﻤﻦ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﻭﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺑﻮﺭﻏﻴﺪﺓ ﺃﻧﻈﺮ ﰲ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.188‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﻠﻠﺖ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﻜﺮﺭﺓ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﲔ‪،‬‬
‫ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺩﺍﻓﻌﺖ ﺑﺎﺳﺘﻤﺎﺗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﳍﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳉﺮﺃﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻋﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﲣﺬﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻗﺮﺭﺍ ﺷﺠﺎﻋﺎ ﲤﺜﻞ ﰲ‬
‫ﺳﺤﺐ ﺳﻔﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﺍﳌﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ,‬ﻭﰲ‬
‫ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ ﻭﺟﻬﺖ ﻣﺬﻛﺮﰐ ﺍﺣﺘﺠﺎﺝ ﺷﺪﻳﺪﺗﺎ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﻟﻠﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﱪﺕ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻜﺒﲑ‬
‫ﻟﻠﻤﺠﺎﺯﺭ ﺍﳌﺮﺗﻜﺒﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻮﻗﻒ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻠﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‬
‫ﻭﻟﻜﻲ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ‬
‫ﺧﻠﻴﻞ ﺃﻋﻠﻦ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﲢﺖ ﺭﻗﺒﺔ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻟﻦ ﲤﻨﻊ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻬﺮ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑﻱ ﺍﳌﺘﺰﺍﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﻓﻘﺮﻫﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﺇﻻ ﺃﻬﻧﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺔ‬
‫ﺍﳌﻄﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻨﺪﺍﺀ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻔﲑﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‬
‫ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺎﻟﻴﺎ‪ ،‬ﺣﺴﺐ ﻃﺎﻗﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﳏﻤﺪ ﺍﻷﻣﲔ ﺩﺑﺎﻏﲔ ﺃﻥ ﺗﺮﺩ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺷﻜﺮ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺧﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﻛﺎﻥ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻟﻠﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻢ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﰲ ﻣﺼﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻀﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﻣﻨﺨﺮﻁ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ ،‬ﻭﻓﻴﻪ ﰎ‬
‫ﺍﲣﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭ ﻫﺎﻡ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﲑ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﳌﻘﺎﻃﻌﺔ ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻮﺍﺧﺮ ﻭﻃﺎﺋﺮﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺣﺪﺛﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺮﺃﺓ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻗﺪ ﻗﺎﻃﻌﺖ ﺍﻟﺒﻮﺍﺧﺮ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ‬
‫)‪.(4‬‬
‫ﳒﺤﺖ ﺍﳌﻘﺎﻃﻌﺔ ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ – 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،87‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1961‬ﺹ‪.3‬‬
‫‪ – 2‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.194-193‬‬
‫‪ – 3‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﰲ ‪ :‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.381‬‬
‫‪-4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،87‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1961‬ﺹ ‪3‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﳑﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﱵ ﻗﻄﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻏﺘﺼﺒﻬﺎ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﺎﻡ ‪،1830‬‬
‫ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﺳﻼﺡ ﻭﻣﺎﻝ ﻭﱂ ﺗﺘﻤﻜﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﲑ ﻣﺎ ﲢﺘﺎﺟﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻘﻴﺖ ﺣﺒﻴﺴﺔ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪ ،‬ﻧﻈﺮﺍ‬
‫ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺣﻠﻴﻔﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳋﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻭﺣﱴ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭﺑﺴﻴﻄﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﳓﺼﺮ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﳍﺎ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺣﻴﺚ ﻧﺎﺻﺮﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﺷﻘﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪.‬‬
‫ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ)‪ ،(1‬ﺍﻟﱵ ﺩﻋﻤﺖ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪1955‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺑﺮﺯ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﳎﺪﺩﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1957‬ﻭﺑﻌﺪ ﻧﻘﺎﺵ ﺩﺍﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﺓ‬
‫ﺃﻳﺎﻡ‪ ،‬ﺷﺎﺭﻛﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﱃ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺗﺪﻋﻮ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﳚﺎﺩ ﺣ ﹼﻞ ﻋﺎﺩﻝ ﻭﺳﻠﻤﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺩﻋﻢ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﺍﳌﻮﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻋﻄﻲ‬
‫ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻟﻺﺳﺮﺍﻉ ﺇﱃ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﻤﺜﻞ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
 ‫ﻛﻤﺎ ﺳﺎﳘﺖ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺑﻘﺪﺭ ﻭﺍﻓﺮ ﰲ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ ﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﰲ ‪ 8‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪1958‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﻝ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،10‬ﺳﺒﺘﻤﲑ ‪ ،1957‬ﺹ ‪.9‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﱵ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﳑﺜﻠﻮ ﲦﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸـﺮ ﺩﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻭﻗـﺪ ﺗﺮﺃﺱ ﺍﳉﻠﺴـﺔ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﺃﻧﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺩﻋﺖ ﺇﱃ ﻋﻘﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ 1958‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﰎ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻋﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ‪‬ﺎ ﺭﲰﻴﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 21‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪1958‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺿﻤﺖ ﺻﻮﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ‬
‫ﺃﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ ﺍﻟﱵ ﺻﻮﺗﺖ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ﻃﺎﻟﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻔـﻮﺭﻱ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻻﳚﺎﺑﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﰲ ﺃﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ‬
‫ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺃﻛﺪ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻪ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﻓﻜﺮﺓ ﳏﺎﻭﺭﺓ ﳑﺜﻠﻲ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﻣﻊ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻗﺮﻬﺗﺎ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫)‪.(4‬‬
‫ﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﻛﻞ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﻭﻟﻨﺠﺎﺡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ‬
‫ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﻟﻌﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺗﻄﺮﻗﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﳌﻠﻒ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ‪ 30‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺸﺎﻏﺮ ﻭﺗﺮﻙ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﳊﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺣﻀﺮ ﺍﻟﻮﻓـﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺼﺼﺖ‬
‫ﻟﻪ ﺳﺘﺔ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﰲ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺍﳌﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﲔ ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﻫﻲ‪ :‬ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﻀﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﳑﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻣﻌﺎﺷﻮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،29‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1958‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،30‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1958‬ﺹ ‪8‬‬
‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،34‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1958‬ﺹ ‪11-10‬‬
‫‪ - 4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،57‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.7‬‬

‫ﺍﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩﻫﺎ ‪ 38‬ﺻﻮﺗﺎ)‪ (1‬ﺿﺪ ‪ 26‬ﺻﻮﺗﺎ‬
‫ﻭﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ‪ 17‬ﺻﻮﺗﺎ )‪ (2‬ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ‪ ":‬ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻊ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ‪...‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺖ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪،‬‬
‫ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﳏﺘﻮﺍﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻌﺠﻴﻞ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 20‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1960‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ‬
‫)‪.(4‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬
‫ﻭﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻴﻤﲏ ﺿﻤﻦ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﰲ ﻣﺆﲤﺮﻩ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﻮﺍﺧﺮ ﻭﺍﻟﺴﻠﻊ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻣﺆﲤﺮ ﺩﻭﻝ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﳓﻴﺎﺯ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﻋﺎﻡ ‪ ،1961‬ﻓﻘﺪ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻧﺪﺩ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺪﻭ‪‬ﺎ‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ‪ ،‬ﻭﻓﻀﺢ ﻣﻨﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻪ ﰲ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﻣﺼﺎﺩﻗﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺍﺭ ﳝﻨﻊ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‬
‫ﺇﱃ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺩﻭﱄ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﲝﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ‬
‫)‪.(6‬‬
‫ﺑﺪﺃﺕ ﲡﺎﺭ‪‬ﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ــــــــــــــــ‬
 ‫‪ - 1‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺻﻮﺗﺖ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻫﻲ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ) ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﻣﺼﺮ( ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،57‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ‪.7‬‬
‫‪ - 3‬ﺣﻮﻝ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺃﻧﻈﺮ‪ ،‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،57‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.6‬‬
‫‪ - 4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،74‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻭﺕ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.9‬‬
‫‪ - 5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،87‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1961‬ﺹ‪.3‬‬
‫‪ -6‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﳎﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،104‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ‪9‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺼﻐﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ‬
‫ﻭﻳﻼﺕ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻛﺎﻥ ﺧﻼﻝ‬
‫ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺃﺣﺪ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﲔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻜﻞ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺭﻏﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺷﻌﺒﺎ‬
‫ﺗﻔﺎﻋﻠﺖ ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻭﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ‬
‫ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻷﻋﺰﻝ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﺴﺪ ﺑﺎﺩﺉ ﺫﻱ ﺑﺪﺀ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺑﻪ ﺍﻷﺳﺮﺓ‬
‫ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ﰲ ﻗﻄﺮ ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﱪﺍﺳﺎ ﻟﺸﻌﺐ ﻗﻄﺮ ﻟﻴﺴﻠﻚ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺴﻠﻚ‪ ،‬ﻭﻛﺮﺱ ﺟﻬﻮﺩﻩ ﳋﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﲢﻮﻟﺖ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﻭﺷﺮﺡ ﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﳌﺎ ﳛﺪﺙ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺑﻄﻮﻻﺕ ﺷﻌﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻔﺎﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﳌﻜﺜﻒ ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﳌﺜﻘﻔﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ﰲ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﺃﻛﺜﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﺘﻤﻴﺰ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺘﻼﻣﻴﺬ‬
‫ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ )‪ (2‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻄﻼﺏ‬
‫ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻮﻥ ﺍﳌﻨﺪﺩﺓ ﺑﺎﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻨﺎ ًﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﻣﺆﲤﺮ‬
‫ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﻋﺎﻡ ‪ ,(3) 1961‬ﻭﺣﱴ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺭﺃﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻗﺘﻄﺎﻉ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻭﻓﺮﺽ ﺭﺳﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭﲰﺤﺖ‬
‫)‪.(4‬‬
‫ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﳉﺎﻥ ﳉﻤﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺩﺑﺶ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.101‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،87‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1961‬ﺹ ‪3‬‬
‫‪ -4‬ﺩﺑﺶ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ﺹ ‪102-101‬‬

‫ﻭﺃﻫﻢ ﺣﺪﺙ ﻣﻴﺰ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﺃﻣﲑ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1961‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻠﻢ ﻗﺼﺮﻩ ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪ ﰲ ﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ‬
‫ﳚﺮﻱ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺼﲑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺪﻑ ﺃﻣﲑ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ‬
‫ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﻗﺮﺍﺭﺍﺗﻪ ﺣﻮﻝ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺿﻐﻂ ﻣﻦ ﺃﻳﺔ ﺟﻬﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻏﺮﺑﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﺼﺮ‬
‫ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺃﻣﲑ ﻗﻄﺮ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻣﻌﱪﺓ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﲔ ﻣﻊ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻗﻄﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪ ":‬ﻣﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻭﻣﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻭﺃﲤﲎ ﻟﻜﻞ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺷﻌﺒﻜﻢ – ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ"‬
 ‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﺩﺑﺶ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪102‬‬
‫‪ - 2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪:‬‬

‫‪- 1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻳﻌﻮﺩ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﻏﲎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﻐﲑﺓ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﻛﻮﻬﻧﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺑﻌﺾ ﺩﻭﻝ ﺍﳋﻠﻴﺞ ﲢﺖ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﺬﻟﻚ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﰲ ﻇﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺼﺐ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ‬
‫ﺃﻣﲑ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﱪ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻭﺷﻌﺒﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳐﺎﻃﺒﺎ‬
‫ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪ ":‬ﳓﻦ ﻧﺸﺎﺭﻛﻜﻢ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻼ ﻬﺗﻨﻮﺍ ﻭﻻ ﲢﺰﻧﻮﺍ‪ ،‬ﺳﻴﺰﺩﺍﺩ‬
‫ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺇﻋﺎﻧﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﺳﺘﺰﺩﺍﺩ ﻣﺪﺍ ﺧﻴﻠﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻧﻜﻢ ﻟﻮﺍﺟﺪﻭﻥ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﲝﻮﻝ ﺍﷲ ﻣﺎ ﲢﺒﻮﻥ )‪"(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﲰﺤﺖ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﳉﻨﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻜﻠﻔﺔ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﺍﳋﺎﺹ ﲟﺴﺎﻧﺪﺓ ﻭﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫)‪.(2‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻻﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺗﱪﻉ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﺎﱂ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﲟﺒﻠﻎ ﰎ ﺻﺒﻪ ﰲ ﺣﺴﺎﺏ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻗﺪ ﻗﺪﺭ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺑـ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﺩﻭﻻﺭ‬
‫ﻭﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺯﻳﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ‪ ،‬ﺃﻛﺪ ﺃﻣﲑﻫﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﲤﺴﻚ ﺑﻼﺩﻩ ﻭﺷﻌﺒﻪ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺗﺄﻛﻴﺪﻩ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪ ":‬ﻛﻨﺎ ﻣﻌﻜﻢ ﻗﻠﺒﺎ‪ ،‬ﰒ ﺻﺮﻧﺎ ﻣﻌﻜﻢ ﻗﻠﺒﺎ ﻭﻣﺎﻻ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻭﻣﻬﻤﺎ ﺍﺗﺴﻌﺖ ﺃﻣﻮﺍﻟﻨﺎ ﺯﺩﻧﺎ ﰲ ﺇﻋﺎﻧﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻻ ﻧﺘﻘﻴﺪ ﲟﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﻭﻻ ﳓﺪﺩ ﺍﳌﺪﺩ ﺑﻌﺪﺩ‪"...‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﱂ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﲨﺎﻫﲑﻳﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻼﺣﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺟﺴﺪﻩ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺍﳌﻠﻤﻮﺱ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﻗﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺇﱃ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﳉﻨﺔ ﻛﻮﻳﺘﻴﺔ ﺗﻘﻮﻡ‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪359‬‬
‫‪ - 2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪359‬‬
‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،108‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.11‬‬
‫‪ - 4‬ﺍﳌﺪﱐ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.426‬‬

‫ﲜﻤﻊ ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﳌﻮﺍﺻﻠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺃﺟﱪﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺩﻓﻊ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻮﺭﻫﻢ ﺗﻀﺎﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻃﻮﺍﺑﻊ ﺑﺮﻳﺪﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺪﻋﻢ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﺘﺤﺖ ﺃﺑﻮﺍ‪‬ﺎ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪،‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ‪‬ﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻋﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﻃﺎﻟﺒﺎ‬
‫ﻳﺪﺭﺳﻮﻥ ﺑﺎﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﲟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺸﻮﻳﺦ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺟﻲ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻜﻔﻞ ﺑﻜﻞ‬
‫ﻧﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﺤﻬﻢ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ ﻗﺪﺭﻩ ﲦﺎﻧﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻓﺮﻧﻚ ﻣﻊ ﺗﺬﻛﺮﺓ ﺳﻔﺮ‬
‫)‪.(2‬‬
‫ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ‪ ،‬ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺒﻠﻎ ﺁﺧﺮ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺳﺘﺔ ﺁﻻﻑ ﻓﺮﻧﻚ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﻣﺼﺎﺭﻳﻒ ﻛﻞ ﻃﺎﻟﺐ‬
‫ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﲤﻜﻦ ﻭﻓﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻋﻨﺪ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﻟﻠﻜﻮﻳﺖ ﻣﻦ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﻣﻘﻌﺪﺍ‬
‫ﺇﺿﺎﻓﻴﺎ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻭﻋﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﳌﻨﺢ ﺍﳌﺨﺼﺼﺔ ﳍﻢ‬
‫ﺇﱃ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻓﺮﻧﻚ ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﻋﺪﺩ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺇﱃ ﺳﺒﻊ ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﻃﺎﻟﺒﺎ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻔﻘﺎﻬﺗﻢ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺩﺑﺶ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.99‬‬

‫‪ - 2‬ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪.426‬‬
‫‪ - 3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.426‬‬

‫‪-2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﻜﻮﻳﱵ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﻋﺪﺓ ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﻟﺘﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻣﺎ ﺃﻛﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳌﺘﺰﺍﻳﺪ ﻫﻮ‬
‫ﺍﳊﻔﺎﻭﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻟﻠﻜﻮﻳﺖ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺯﻳﺎﺭﺓ ‪ 26‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪1959‬‬
‫ﺍﻟﱵ ﻣﻴﺰﻬﺗﺎ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﺧﺼّﺖ‬
 ‫ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﱵ ﺁﻟﺖ‪ ،‬ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﻞ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ﲝﺬﻭﻩ ﰲ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‬
‫ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﲰﺤﺖ ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﰲ ﺇﺫﺍﻋﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺑﻘﺪﺭ ﺛﻼﺙ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺃﺳﺒﻮﻋﻴﺎ ﳑﺎ ﲰﺢ ﻟﺸﺮﺍﺋﺢ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﳋﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﺘﻌﺮﻓﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺃﻥ‬
‫ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻌﺐ ﻋﺮﰊ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﻌﺎﱐ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ)‪ ,.(2‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﻭﺍﻛﺒﺖ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺬﻛﺮﻯ ﺍﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﰲ ﺃﻭﻝ‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1961‬ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﺤﻮﺫﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﳌﺴﻤﻮﻋﺔ ﻭﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ‬
‫)‪ (3‬ﻭﻗﺪ ﺷﺠﻌﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺮﻉ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺎﻟﻜﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺒﲑ ﺍﻟﺒﺎﻱ ﰲ ‪ 31‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪. (4)1960‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺩﻋﻤﺖ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺷﻌﺒﺎ‪ ،‬ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺗﺎﺑﻌﺖ ﺃﻃﻮﺍﺭﻫﺎ ﻭﻗﺪ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻜﻮﻳﱵ ﻣﻌﻬﺎ‬
‫ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻳﺪﺭﻙ ﲤﺎﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻫﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﻭﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻣﺎ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻠﻘﺎﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺯﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﻮﻥ ﳛﺴﻮﻥ ﲝﺰﻥ ﻋﻤﻴﻖ‬
‫)‪.(5‬‬
‫ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻜﻮﻳﱵ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ"‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﺍﳌﺪﱐ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪426‬‬
‫‪ - 2‬ﺩﺑﺶ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﺹ ‪99‬‬
‫‪ – 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،108‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.11‬‬
‫‪ - 4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﳋﺎﺹ ‪ ،74‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻭﺕ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.11‬‬
‫‪ - 5‬ﺩﺑﺶ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪99‬‬
 ‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫ﺃﻭﻻ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪:‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪:‬‬
‫ﺭﺍﺑﻌﺎ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺮﻛﻴﺎ‬
‫ﺧﺎﻣﺴﺎ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻳﺮﺍﻥ‬
 ‫‪ -1‬ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ‪:‬‬
‫ﺗﻌﺘﱪ ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ ﻣﻦ ﺃﻛﱪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻛﱪ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﻣﻦ ﻓﺎﲢﲔ ﻭ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﺑﻮﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ ﺑﲔ ﺳﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻋﺪﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﻣﻌﺘﻨﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺘﺸﺮﺓ ﰲ ﺁﺳﻴﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺍﻟﺒﻮﺫﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻜﻨﻔﻮﺷﻴﻮﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳍﻨﺪﻭﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺗﺴﻤﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ‬
‫ﺣﻜﻤﻪ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﺮﻗﻲ‪ ،‬ﳑﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﻨﺸﺮ ﻗﻮﺍﻋﺪ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﶈﻄﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﳒﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎ‪‬ﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻷﻋﻈﻢ – ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ‪(1) .‬‬
‫ﻭ ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺟﺰﺭ ﺗﻘﺪﺭ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﺣﻮﺍﱄ ‪ 2371419‬ﻛﻠﻢ‪، 2‬‬
‫ﻭ ﺗﻘﻊ ﺟﻨﻮﺏ ﺷﺮﻕ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﻀﻢ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺭ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ‪ :‬ﺳﻮﻣﻄﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﺟﺎﻭﺍﻭ ﺑﻮﺭﻧﻴﻮ‬
‫ﻭ ﺗﻴﻤﻮﺭ ﺑﺎﺟﺮ‪ ،‬ﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻭ ﺍﻟﻐﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﺟﺰﺭ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻭ ﺑﻌﺾ ﺍﳉﺰﺭ ﺍﻟﺼﻐﲑﺓ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪.( 2 ).‬‬
‫ﻏﻠﺒﺖ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺃﻧﻮﻧﺴﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺰﺭ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﺍﳍﺠﺮﻱ‪،‬‬
‫ﻭ ﺗﻌﲏ ﺟﺰﺭ ﺍﳍﻨﺪ ﻷﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ ﺗﺘﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺘﲔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭ ﻫﻲ " ﺃﻧﺪﻭ " ﻭ ﺗﻌﲏ ﺍﳍﻨﺪ‪،‬‬

‫‪ - 1‬ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﻳﺎﻏﻲ ﻭ ﳏﻤﻮﺩ ﺷﺎﻛﺮ ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺝ‪ ،1.‬ﺍﳉﻨﺎﺡ ﺍﻷﺳﻴﻮﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳌﺮﻳﺦ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ‪ ،1984 ،‬ﺹ‪.222.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Encyclopaedia universalis, éditeur à Paris S.A., 2002, p.252.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻫﻲ " ﻧﻴﺴﻴﺎ "‪ ،‬ﻭ ﺗﻌﲏ ﺍﳉﺰﺭ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﰒ ﺃﻃﻠﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﳉﺰﺭ ﺍﻟﱵ ﺍﺣﺘﻠﻬﺎ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻱ‪( 1 ).‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻋﺎﱏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻹﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻨﻒ ﻛﺄﺑﺸﻊ ﻭ ﺃﺧﻄﺮ‬
‫ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﳌﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﺃﻧﺪ ﻭﻧﺴﻴﺎ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﺼﻔﺎﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ‪( 2 )،‬ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻱ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻗﺮﻭﻥ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ‬
‫ﺍﳌﺘﺎﺟﺮﺓ ﻓﻘﻂ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺳﻮﻣﻄﺮﺍ ﻭ ﺟﺎﻭﺍ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﻈﺎﻳﺪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻞ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻱ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻌﺎﻫﺪﺍﺕ‬
‫ﺃﺻﺒﺢ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻭ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﲑ‪ ،‬ﳑﺎ ﲰﺢ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﺷﺮﻛﺔ ﺍﳍﻨﺪ – ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1011‬ﻫـ ‪/‬‬
‫‪1602‬ﻡ ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﺳﻬﻤﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ‬
‫ﺃﻗﺪﺍﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﺇﺩﺍﺭﺅﺓﺗﻪ ﰲ ﺗﺴﻴﲑ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﺒﻄﺶ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺿﺪ‬
‫ﺍﻹﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﲔ)‪.(.3‬‬
‫ﻳﻘﻴﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ ﺗﻌﺎﱐ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺘﺢ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﳊﺮﺑﲔ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﺷﺠﻊ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﻭ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻳﺔ‬
‫ﺇﺳﻜﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺑﻮﻋﻮﺩ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﲤﺜﻠﺖ ﰲ ﻣﻨﺤﻬﻢ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺬﺍﰐ‪ ( 4) .‬ﺍﻟﺬﻱ ﱂ‬
‫ﻳﺘﺤﻘﻖ‪ ،‬ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺇﱃ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﺰﺏ‬

‫‪ - 1‬ﻳﺎﻏﻲ ﻭ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.223.‬‬

‫‪- 2‬ﺩﻳﺘﺲ ﲰﻴﺖ ‪ :‬ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ‪ ،‬ﺷﻌﺒﻬﺎ ﻭ ﺃﺭﺿﻬﺎ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﺣﺴﻦ ﳏﻤﻮﺩ‪ ،‬ﺗﻘﺪﱘ ﺣﺴﻦ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﻌﺮﻭﺳﻲ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‬
‫‪–.‬ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،1962 ،‬ﺹ‪114 -113.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺳﻌﺪ ﺍﷲ ‪ :‬ﺷﻌﻮﺏ ﻭ ﻗﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،1985 ،‬ﺹ‪.110.‬‬
‫‪ - 4‬ﺩﻳﺘﺲ ﲰﻴﺖ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.-125 -124 .‬‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺸﺄﻩ ﺃﲪﺪ ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ‪ ،‬ﻭ ﺣﺰﺏ ﺍﲢﺎﺩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﺴﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺳﻮﺗﻮﻣﻮ‪،‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻮﻗﻌﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻘﺎﻣﺖ ﺑﺘﻘﻴﻴﺪ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﳊﺰﰊ‪،‬‬
‫ﻭ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭ ﻓﺮﺿﺖ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﳌﺎﳍﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺫ ﺭﻭﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻨﻔﻲ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺃﲪﺪ ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ‪ ،‬ﻭ ﳏﻤﺪ ﺣﺘﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻔﻴﺎ ﺇﱃ ﺟﺰﺭ ﺍﳌﻠﻮﻙ‬
‫ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪( 1 ).‬ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺧﻼﳍﺎ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﱐ ﺑﻌﺪ ﻃﺮﺩ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻳﲔ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻟﺘﺘﺠﺪﺩ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺫﺩ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﱐ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻬﻧﺰﺍﻡ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﻮﻥ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻋﺎﻡ ‪ 1364‬ﻫـ ‪1948 /‬ﻡ ‪،‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺭﻓﺾ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻳﲔ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺅﻫﻢ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻌﺘﱪﻳﻦ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻻ ﺑﺪ ﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫ﻗﺒﻞ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﱂ ﻳﺮﺽ ﺑﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﻮﻥ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﻮﻥ ﻭ ﺑﻘﻮﺍ ﻳﻘﺎﻭﻣﻮﻥ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ‬
‫ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﻢ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻋﺎﻡ ‪1949‬ﻡ‪.(2 ).‬‬
‫ﺣﺎﻭﻝ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺰﻋﻤﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺻﺮﺍﻋﻪ‬
‫ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻊ ﺍﳌﺴﻜﺮ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‪ ،‬ﻣﻦ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻓﺮﺽ ﻫﻴﻤﻨﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺍﻟﱵ‬

‫‪ - 1‬ﻳﺎﻏﻲ ﻭ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.235 .‬‬

‫‪ - 2‬ﻟﻘﺪ ﲢﺼﻠﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﺴﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻋﺎﻡ ‪1949‬ﻡ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺎﻭﻣﺘﻬﺎ ﻟﻠﻬﻮﻟﻨﺪﻳﲔ ﻗﺒﻞ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﲔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ‪ ،‬ﻭ ﺃﺧﲑﺍ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻳﲔ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﺇﺛﺮ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻭ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﺘﺤﺼﻞ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻭ ﺗﺼﺒﺢ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﺿﻢ ﻏﻴﻨﻴﺎ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﺎﻡ ‪ 1963‬ﻭ ﺗﻴﻤﻮﺭ ﻋﺎﻡ ‪ 1975‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪:‬‬
‫‪John Haywood : Atlas historique, pour l’édition française Konemann,‬‬
‫‪1999, p.210.‬‬
‫ﺗﻌﺘﱪ ﺃﻛﱪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻟﻪ ﰲ ﺷﺮﻕ ﺁﺳﻴﺎ‪ ،‬ﳌﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ‬
‫ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺟﺰﺭ ﻏﻨﻴﺔ ﲟﻮﺍﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﻧﻜﺴﺔ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﳍﻮﻟﻨﺪﻱ ﻭ ﻃﺮﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﺎﻡ ‪.( 1) .1949‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﺷﺘﻬﺎ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﺍﻛﺒﺖ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﲔ‬
‫ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﳌﺘﺼﺎﺭﻋﲔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺍﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ‪ (2 ).‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ‬
‫ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺸﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺠﺎﺫ‪‬ﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﺎﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺘﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﲡﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺧﻠﻖ ﻗﻮﺓ ﺛﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬ﺑﺈﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺗﻮﺍﺯﻥ‬
‫ﺩﻭﱄ ﺩﺍﺧﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲢﻘﻖ ﰲ ﻇﻬﻮﺭ ﻛﺘﻠﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬ﻫﻲ ﻛﺘﻠﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﺰﻭ ﺃﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻧﻮﺍﻬﺗﺎ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻋﺎﻡ ‪.(3 ).1955‬‬

‫‪ - 1‬ﻓﺆﺍﺩ ﳏﻤﺪ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺍﻷﺩﰊ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻱ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺑﻼ‬
‫ﺗﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺹ‪.27.‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺎﻃﻮﻡ ‪ :‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻣﻨﺬ ‪ ،1945‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،1972 ،‬ﺹ‪.77 - 76 .‬‬
‫‪ -3‬ﺩﻳﺘﺲ ﲰﻴﺖ ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.137 .‬‬
 ‫ﻟﻘﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻼﻣﺢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬ﺗﺘﻨﺎﻣﻰ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻭ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻻ‬
‫ﺋﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭ ﺍﻟﻔﻀﻞ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻪ ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺷﻬﺪﺕ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﺭﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪﺍ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ‬
‫ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻗﺪﻣﺖ ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻫﺎﻣﺮ ﺷﻮﻟﺪ‪،‬‬
‫ﻣﺆﺭﺧﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1955‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ‪.(1 ).‬‬

‫‪------------------------------------------------‬‬
‫ﺍﳌﺪﱐ ‪ ,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ‪.371‬‬
 ‫ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﺟﺎﻛﺎﺭﺗﺎ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻭ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﲰﺢ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺑﱪﻭﺯ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮﺡ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ( 1 ).‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺿﻤﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﰲ ‪ 26‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬ﳑﺜﻠﻮ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﳘﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪﺍﻥ‪ ،‬ﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻭ ﺣﺴﻦ ﺃﻳﺖ ﺃﲪﺪ ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ‪ :‬ﺍﳌﺮﻛﺰ‬
‫اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺪراﺳﺎت و اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻟﺤﺮآﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ و ﺛﻮرة أول ﻥﻮﻓﻤﻴﺮ اﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ‪ 1830‬إﻟﻰ‬
‫‪ ، 1962–.99‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1998‬ﺹ‪88 .‬‬
 ‫‪ 1956‬ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﲦﺎﱐ ﻭ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻭ‬
‫ﻋﺎﺭﺿﺘﻪ ‪ 27‬ﺩﻭﻟﺔ‪( 2 ).‬‬
‫ﺇﻥ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺳﻮﺀ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ‪ ،‬ﺩﻓﻊ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﻹﳚﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﺑﺬﺭﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺇﻟﺼﺎﻗﻬﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﺁﻟﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﱂ ﺗﺮﺍﻉ ﺃﺩﱏ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺪﺧﻞ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﻟﺘﻮﻗﻴﻒ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.( 3 ).‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﰲ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪،1957‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﺗﻐﻴﺐ ﺃﻧﻜﻠﻴﺘﺮﺍ ﺣﻠﻴﻔﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﳑﺎ ﲰﺢ ﳌﻨﺪﻭﺏ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﺎ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺑﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻟﻴﺲ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻣﺜﻠﻤﺎ‬
‫ﻛﺎﻥ ﳛﺪﺙ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪.( 4) .‬‬

‫ﻭ ﰲ ‪ 16‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1958‬ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺖ ﻃﻠﺒﺎ ﺭﲰﻴﺎ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪.( 1 ).‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻣﻮﺍﺗﻴﺔ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻟﺰﺍﻣﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﺳﺘﻐﻼﳍﺎ ﺇﱃ ﺃﻗﺼﻰ ﺩﺭﺟﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻗﻮﺓ‬

‫‪ - 2‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﻪ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﰲ ‪ 5‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1955‬ﻭ ﺩﻋﻤﺎﺗﻪ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‬
‫ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﱪﻯ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ‪ :‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،10‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9 .‬‬
‫‪ - 3‬ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﰲ ‪13‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1958‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،5‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 12‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‪ ،‬ﺹ‪11 .‬‬
‫‪ - 4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻛﺎﻥ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺇﻳﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 22‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1958‬ﺹ‪.10 .‬‬
 ‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻛﺴﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻡ ﻭﻓﺪ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‪ ،‬ﻣﻜﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺍﻟﻀﺨﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﺘﻀﻨﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺟﺎﻛﺎﺭﺗﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ‬
‫ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﻠﺘﺤﺪﺙ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﺴﻴﲔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻋﺮﺽ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳉﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺒﻘﻬﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﻔﺰ ﻛﺜﲑﺍ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ‬
‫ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﻣﻄﺎﻟﺒﲔ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﳌﺴﺎﺟﲔ ﻭ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﳌﻨﺎﺿﻠﺔ ﲨﻴﻠﺔ ﺑﻮﺣﲑﺩ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﳍﺎ ﲟﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﰲ‬
‫ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‪.( 2) .‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﳌﺜﻘﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﲔ‪ ،‬ﺟﺎﺀ ﻟﻴﺪﻋﻢ ﺍﳌﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺩﺭ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺡ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺃﻭﻝ ﻣﻜﺘﺐ ﲤﺜﻴﻞ ﳍﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺟﺎﻛﺎﺭﺗﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪.(3) .‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﰲ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﳌﻄﺎﻟﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺳﺒﺎﻗﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺑﻄﺮﺡ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ ﻣﻘﺮﺍ ﻻﻧﻌﻘﺎﺩﻩ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪،1955‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﲤﻴﺰﺕ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ – ﺍﻷﺳﻴﻮﻱ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 27‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1957‬ﻭ ‪ 1‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1958‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬

‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1958‬ﺹ‪.7 .‬‬

‫‪ - 3‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ ‪ :‬ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪1959 -1958‬‬
‫ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،2002 ،‬ﺹ‪.52 .‬‬
 ‫ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻘﺮﺭ ﻓﻴﻪ ﲨﻊ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻭ ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﰎ ﲢﺪﻳﺪ ﻳﻮﻡ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻳﻮﻣﺎ‬
‫ﻭﺍﺣﺪﺍ‪.( 1) .‬‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﺩﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﲤﺨﻀﺖ ﻋﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ‬
‫ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ‪ 27‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪( 2 )،1958‬ﻓﻜﺎﻥ ﺍﳊﺪﺙ‬
‫ﺍﳌﻤﻴﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺭﻛﺘﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻐﺮﺑﺎ ﻭ ﻣﺸﺮﻗﺎﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‬
‫ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﱵ ﺍﻋﺘﺮﻓﺖ ‪‬ﺬﺍ ﺍﳌﻮﻟﻮﺩ ﺍﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬ﳑﺎ ﺣﻔﺰ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﰲ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‬
‫ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻬﺗﻨﺌﺔ ﺇﱃ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪.( 3 ).‬‬

‫ﻭ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﳌﻤﻴﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺒﺘﻪ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‬
‫ﺍﻵﺳﻴﻮﻱ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮﻣﺒﺎﻱ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‬
‫ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﲤﻜﻨﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﻠﻮﻡ ﺇﱃ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﲣﺎﺫﻟﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﲡﺎﻩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،19‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ‪.6 .‬‬

‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳌﻨﺒﺜﻘﺔ ﻋﻨﻪ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪ :‬ﻣﻌﻤﺮ‬
‫اﻟﻌﺎﻳﺐ ‪ :‬ﻣﺆﲤﺮ ﻃﻨﺠﺔ‪ ،‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻮﺿﺮﺳﺎﻳﺔ‬
‫ﺑﻮﻋﺰﺓ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.2000 ،‬‬
‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،30‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 10‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1958‬ﺹ‪.8 .‬‬
‫ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺧﻮﻧﺔ ﻭ ﻣﺮﺗﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﺩﻋﻤﻬﻢ‬
‫ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻳﺪ ﻭ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﻛﻞ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‪.( 1 ).‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﲏ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺮﻩ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺩﺗﻪ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﻨﺒﺜﻘﺔ ﻋﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻱ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ‬
‫‪ ،1958‬ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻳﻮﻣﺎ ﺇﻟﺰﺍﻣﻴﺎ ﻟﻜﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﲰﺤﺖ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺩﻋﻢ ﻣﺎﱄ ﻗﺪﺭ ﲞﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ‬
‫ﺩﻭﻻﺭ‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 8‬ﻣﺎﺭﺱ ‪.(2 ).1958‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ﲨﺎﻝ ﻗﻨﺎﻥ ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭ ﺃﲝﺎﺙ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬
‫‪.10‬‬ ‫‪ ،1996‬ص‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ ‪ :‬ﳏﺎﺿﺮ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺭﻗﻢ ‪ ،04‬ﺗﻘﺮﻳﺮ وزارة ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪.‬‬
 ‫ﻭ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﺸﺎﻃﻪ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻲ ﻭ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻮﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺩﻭﻥ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﲢﺮﻛﺎﺕ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺟﺎﻛﺎﺭﺗﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﺎﻫﻢ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻭ ﺍﳌﻌﻮﻧﺔ ﻟﻠﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﻛﻞ‬
‫ﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺣﱴ ﺑﲔ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍ‪‬ﺎﻭﺭﺓ ﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﳎﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻭﻛﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ‪ (1 ).‬ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﳋﻀﺮ ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻲ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﻦ ﳛﻲ‪.(2 ).‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ‪.04‬‬

‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ ﻭ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻤﻞ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ‬
‫ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻓﺘﺤﺖ ﺃﺑﻮﺍ‪‬ﺎ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺑﻌﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻭﻛﻠﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﰲ‬
‫ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺪﻳﻦ ﳋﻀﺮ ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻲ ﻭ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﻦ ﳛﻲ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻗﺪ ﺗﻮﱃ ﺗﺴﻴﲑ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﲟﻔﺮﺩﻩ ﳌﺪﺓ‬
‫ﲬﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻣﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺃﲪﺪ ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﰎ ﻋﻘﺪ ﻟﻘﺎﺀﻳﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ ﻣﺎﺭﺱ ﻭ ﺟﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﻟﻘﺎﺀ ﺁﺧﺮ ﻣﻊ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﰲ ﺃﻭﺕ‬
‫ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪ :‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﺰﻫﺮ‬
‫‪ ،1960‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ –ﺑﺪﻳﺪﺓ ‪ :‬ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ‪1957‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺳﻨﺔ ‪ ،2000‬ﺹ‪.129 .‬‬
 ‫ﺑﻘﻴﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻋﺎﻡ ‪1955‬‬
‫ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﺎﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﺎﳘﺖ ﺑﻘﺪﺭ ﻛﺒﲑ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺃﻱ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻧﻮﻋﻪ‪ ،‬ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺇﺭﻏﺎﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﺒﺖ ﻣﻨﺬ ‪ ( 1 )،1830‬ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻭ ﺃﻥ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺃﲪﺪ ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﻭﺯﻬﻧﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪ ﻣﻮﺟﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪( 2) .‬‬

‫‪ -1‬ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﳊﻤﻠﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺗﻨﺎﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ‬
‫ﺧﻮﺟﺔ ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳌﺮﺁﺓ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﲨﺎﻝ‬
‫ﻗﻨﺎﻥ ﻭ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺳﻌﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭ ﺛﺮﻭﺍﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ‪ 19‬ﻭ ‪20‬‬
‫ﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﳛﻲ ﺑﻮﻋﺰﻳﺰ ﺇﱁ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺎﻃﻮﻡ ﻋﺪﺓ ﳕﺎﺫﺝ ﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﰲ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺣﺎﻃﻮﻡ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺼﺮﻧﺎ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻬﻧﻴﺎﺭ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺹ‪ 16 .‬ﺇﱃ ‪.53‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳌﺪﻣﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺷﻨﺘﻬﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪( 1 )،1954‬ﱂ ﺗﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻫﻮ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪﻩ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ﻭ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﺣﻮﻝ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺳﻴﺎﺩﻬﺗﻢ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪( 2 )،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﲤﺎﺩﻯ ﰲ ﺇﺟﺮﺍﻣﻪ ﻣﻌﺘﱪﺍ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﳎﺮﻣﻮﻥ ﻭ ﻗﻄﺎﻉ ﻃﺮﻕ ﻭ‬
‫ﺟﺎﺋﻌﲔ‪ ،‬ﻭ ﺳﻮﻑ ﻳﺘﻢ ﺇﲬﺎﺩﻫﺎ ﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺑﺮﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ .( 3 ).‬ﻟﻜﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻫﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭ ﺍﳌﺪﻥ ﻭ ﺍﳉﺒﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ﺍﺣﺘﻀﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﻴﺐ ﳍﺎ ﺃﺑﻄﻞ ﺍﻟﻄﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﲟﺸﺎﺭﻳﻌﻪ‬
‫ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﺯﻋﺰﻋﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻭ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺗﻪ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻻﻏﺮﺍﺋﻴﺔ‪( 4 ) ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﻗﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﲤﺴﻜﺎ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﳒﺤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﳐﺎﺩﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺇﱃ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺑﻼﻍ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻣﻊ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‪ ،‬ﲪﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﳊﺮﺏ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﺣﺘﺠﺖ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‬
‫ﺑﺸﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻷﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻭ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺍﳌﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳌﺪﻣﺮﺓ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻭﺻﻰ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﻄﺮﻑ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﰲ ﲡﺎﻫﻞ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻫﺸﻤﺎﻭﻱ ‪ :‬ﺟﺬﻭﺭ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﺓ‬
‫‪–.85‬ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻫﻮﻣﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺹ‪81 .‬‬
‫‪ - 2‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﰲ ‪:‬‬
‫‪Mohamed Harbi : Les Archives de la révolution algérienne, les Editions jeune Afrique ? Paris,‬‬
‫‪1981, p. 101 – 102 - 103‬‬
‫‪ - 3‬ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ ﻧﺎﻳﺖ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ :‬ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺩﺍﺧﻼ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﻩ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﻣﺂﺛﺮ ﻓﺎﺗﺢ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ‪ 1323‬ﻫـ ‪2002 /‬ﻡ ‪،‬‬
‫ﺭﺍﺟﻊ ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺹ‪ 102 .‬ﺇﱃ ‪.126‬‬
‫‪ - 4‬ﺃﻧﻈﺮ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﰲ ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،1992 – 1942 ،‬ﺍﳉﺰﺀ ‪ ، 2‬ﺩﺍﺭ ﻫﻮﻣﺔ‬
‫ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،2000 ،‬ﺹ‪.183 – 182 – 181 .‬‬
 ‫ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻼ ﻭ ﻋﺎﺩﻻ ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﻣﺮﺓ ﲪﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻷﺳﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻹﻬﻧﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﺇﺳﺮﺍﻉ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻼﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﳉﺎﺩﺓ ﻭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀﺓ‪.( 5 ).‬‬

‫ﺇﻥ ﳑﺜﻞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻀﺮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﺍﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻧﺘﻬﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﻨﺎﻭﺋﲔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﻏﻼﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﻪ‪( 1 )،‬ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﳍﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﲟﺤﺎﻭﻟﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻓﺸﻞ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﰲ ﻭﺍﺩﻫﺎ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﲟﺒﺪﺃ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﳏﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻮﻻﻥ) ‪( 2‬ﺍﻟﱵ‬
‫ﺑﺎﺀﺕ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻌﻬﺪ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳌﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﰲ ﺗﻠﻚ‬
‫ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻼﺣﻀﺎﺭﻱ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺳﻔﲑﻫﺎ ﺑﺎﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﳘﺎ ﻗﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﺇﻥ ﺍﻷﻧﺒﺎﺀ ﺗﻔﻴﺪ ﺑﺄﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳌﻨﺪﻭﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻏﺮﻳﺒﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻤﻪ ﻭ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺆﻳﺪﻩ‪ ،‬ﺇﻥ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻳﻜﺎﻓﺢ ﺑﻜﻞ ﻓﺨﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻼﺩﻩ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺄﻥ ﻳﻌﺎﻣﻞ ﳑﺜﻠﻮﻩ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ "‪(3 ).‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺑﺪﻬﺗﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﱂ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺪﻭ‪‬ﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﳑﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻴﻞ ﲟﻜﻴﺎﻟﲔ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﺎﺭﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 66‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1960‬ﺹ‪.2 .‬‬

‫‪ - 1‬ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﲔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﳉﻨﺮﺍﻻﺕ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﺩﻭﺍ ﺍﻧﻘﻼﺏ ‪ 1961‬ﺍﻟﻔﺎﺷﻞ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪:‬‬
‫‪Henri le Mire : Histoire militaire de la d’algérie, Edition Albin Michel,‬‬
‫‪Paris, 1982, p. 342 – 343.‬‬
‫‪ - 2‬ﲨﻌﻴﺔ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ :‬ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ‪ 19‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1962‬ﺇﱃ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ، 1962‬ﳛﻲ ﻳﻮﻋﺰﻳﺰ‬
‫ﳏﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ ‪ 18‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1962‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،1995 ،‬ﺹ‪.59 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،72‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1960‬ﺹ‪2 .‬‬
 ‫ﻭ ﺗﺎﺭﺓ ﻣﻊ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺣﺴﻢ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﺃﲪﺪ ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ‬
‫ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻚ … ﺇﺫﻥ ﳚﺐ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﲢﺖ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻗﺪ ﺳﻮﻳﺖ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎﺀ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ‬
‫ﺳﺘﺤﻘﻖ‪.(4 ).‬‬

‫ﻛﺎﻥ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ ﺣﻮﻝ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﻋﺎﻡ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﲢﺖ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﲢﺪﻳﺎ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﺎ ﺿﻤﻨﻴﺎ ﺑﺎﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺍﳉﺴﺎﻡ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﺤﲎ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﱪ ﻫﺬﻩ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﰲ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻓﻤﺎ ﺃﻥ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1960‬ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺩﺭ ﺑﻜﻞ ﲪﺎﺱ ﺑﺄﺧﺬ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﺍﳌﺴﺎﺋﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻧﺪﺩ‬
‫ﺑﻘﻮﺓ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻓﻀﺢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺍﳌﺮﺗﻜﺒﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻷﻋﺰﻝ‪ ،‬ﻭ ﺍ‪‬ﺎﺯﺭ‬
‫ﺍﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺭﺗﻜﺒﻬﺎ ﺟﻼﺩﻭ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺫﺩ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺰﻝ‪ ،‬ﻭ ﱂ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺎﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﺣﺮ ﻭ ﻧﺰﻳﻪ ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻓﻬﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ‬
‫ﺳﻴﺎﺩﺗﻪ‪.( 1 ).‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﱂ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺇﳕﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺗﻄﺮﺡ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻋﺎﻡ ‪ ،1961‬ﻛﺎﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ‬
‫ﺃﲪﺪ ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ ﳑﻴﺰﺍ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﺼﻔﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻭ ﺍﳌﺮﺽ ﻭ‬
‫ﺍﳉﻬﻞ ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﳌﺬﻫﱯ ﰲ ﻧﻈﺮﻱ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﰲ ﺍﻟﻈﺮﻑ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﺍﺟﻬﻪ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ … ﺇﻥ ﻛﻞ ﻣﺘﻌﺐ ﳚﺐ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺮﺍ ﰲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﺼﲑﻩ ﻭ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ … ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﻮﻗﻒ ﺍﳊﺮﻭﺏ‬

‫‪ - 4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،79‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 10‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1960‬ﺹ‪.4 .‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،85‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 19‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ‪.21 .‬‬
 ‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻭﺭ ﺭﺣﺎﻫﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻓﻮﺭﺍ‪ ،‬ﻭ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﺃﺟﻞ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﺎﻣﲔ‬
‫ﻟﺘﺼﻔﻴﺔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﳐﻠﻔﺎﺗﻪ ﰲ ﺑﻼﺩﻧﺎ‪.(2) .‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ‬

‫ﲢﺘﻞ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻣﻮﻗﻌﺎ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻘﻊ ﰲ ﻭﺳﻂ ﺁﺳﻴﺎ ﻭ ﺗﺴﺘﺤﻮﺫ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻗﺪﺭﻫﺎ‬
‫‪ 650.000‬ﻛﻠﻢ‪ 2‬ﻭ ﻳﺸﻜﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻉ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ ﻧﺴﺒﺔ ‪ %99‬ﻭ ﲢﺪﻫﺎ ﻏﺮﺑﺎ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭ‬
‫ﺗﺮﻛﺴﺘﺎﻥ ﴰﺎﻻ ﺃﻣﺎ ﺷﺮﻗﺎ ﻭ ﺟﻨﻮﺑﺎ ﻓﺘﺤﺪﻫﺎ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‪.( 1 ).‬‬
‫ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺩﺧﻠﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﲢﻮﻥ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻠﻴﻔﺔ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻱ‬
‫ﻋﺜﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺑﻼﺩ ﺍﻷﻓﻐﺎﻥ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﳍﺠﺮﻱ ﻭ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1153‬ﻫـ ‪/‬‬
‫‪1740‬ﻡ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻷﻓﻐﺎﻥ ﺃﲪﺪ ﺧﺎﻥ ﺃﻣﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩ ﺑﺎﺳﻢ ﺃﲪﺪ ﺷﺎﻩ ﺍﻷﺑﺪﺍﱄ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﱐ‪،‬‬
‫ﻭ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ ﻗﻨﺪﻫﺎﺭ‪.( 2) .‬‬
‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﳌﺎ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﳏﻞ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺩﺭ‬
‫ﺇﱃ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1255‬ﻫـ ‪1839 /‬ﻡ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﱃ ﺍﻻﻧﺴﺤﺎﺏ ﲢﺖ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‬
‫ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻷﻣﲑ ﺃﻛﱪ ﺧﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺩﻭﺳﺖ ﳏﻤﺪ ﻋﺎﻡ ‪ 1257‬ﻫـ ‪1248 /‬ﻡ ﻭ ﺍﻋﺘﱪﻩ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰ ﺑﺴﻠﻄﺔ‬
‫ﺩﻭﺳﺖ ﳏﻤﺪ‪ ،‬ﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﻃﻤﺎﻉ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﰲ ﺍﳉﻨﻮﺏ ﻭ ﻋﻘﺪﻭﺍ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺳﺎﻥ ﺑﺴﻄﺮﺳﺒﻮﺭﻍ‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،104‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ‪.6 .‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-Encyclopaedia‬‬ ‫‪universalis, Editeur à Paris S.A., 2002, p.11‬‬
‫‪ - 2‬ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﻳﺎﻏﻲ ﻭ ﺷﺎﻛﺮ ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.186 .‬‬
‫ﻋﺎﻡ ‪ 1325‬ﻫـ ‪1909 /‬ﻡ ﰎ ﲟﻮﺟﺒﻬﺎ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﺫﺍﺕ ﺳﻴﺎﺩﺓ‬
‫ﲢﺖ ﺣﻜﻢ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ‪.( 3 ).‬‬

‫ﱂ ﺗﻌﺮﻑ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺃﻱ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻞ ﺳﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻠﻜﻲ ﺍﳌﻮﺍﱄ ﻟﻠﻤﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪( 1 ).‬ﻭ ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﲝﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﻫﺬﺍ ﻏﺎﳌﻮﻗﻒ ﺍﻧﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲝﻴﺚ ﻣﺎ ﻓﺘﺄﺕ ﺃﻥ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺩﻭﻥ‬
‫ﲢﻔﻆ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﺳﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 26‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺡ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺴﺠﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺭﻓﺾ ﳎﻠﺲ‬
‫ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲝﺠﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻏﲑ ﻣﻨﺎﺳﺐ) ‪ (2‬ﻭ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ‬

‫‪ - 3‬ﺣﻮﻝ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.196 - 195 .‬‬
‫‪ - 1‬ﺭﺍﻟﻒ ﻫـ‪ .‬ﻣﺎﺟﻨﻮﺱ ‪ :‬ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ‪ ,‬ﺗﺮﲨﺔ ﺻﻠﻴﺐ ﺑﻄﺮﺱ ﻭ ﳐﺎﺋﻴﻞ – ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ – ﻗﻀﺎﻳﺎ –‬
‫ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ 1985 ،‬ﺑﻼ ﻣﻜﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.46 .‬‬
‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،1‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9 .‬‬
‫ﺿﻐﻄﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﲔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﻛﺎﻧﺘﺎ‬
‫ﺗﻌﺘﱪﺍﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ)‪.( 5‬‬
‫ﺑﻘﻴﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺮﻏﻢ ﺭﻓﺾ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﰒ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1956‬ﺩﻭﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﰲ ﻃﺮﺡ ﻣﻮﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ‬
‫ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻞ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﺇﱃ ﺳﺒﻊ‬
‫ﻭ ﺳﺒﻌﲔ ﺩﻭﻟﺔﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ‬
‫ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﺁﺧﺮ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻥ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﺯﻭﺍﺑﻂ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻭ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻗﻮﺍﻣﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺇﳝﺎﻬﻧﺎ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ‬
‫ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﺴﺮﺗﻪ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1957‬ﻭ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪) 1958‬‬
‫‪.( 4‬‬

‫ﺣﻴﺚ ﺃﻳﺪﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﻭ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﲢﺪﻳﺪﻩ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻴﻮﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺪﻑ‬
‫ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﻭ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﲪﻞ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ‪.( 1 ).‬‬
‫ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻧﻌﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﰲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﻧﺖ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺗﻌﺎﱐ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻻ ﺃﻧﻪ ﺃﻃﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‬
‫ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺒﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻨﺪﻭﺑﻴﻬﺎ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺃ‪ ،‬ﻳﺘﺠﺮﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‬
‫ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﻭ ﺍﳌﺬﻛﺮﺍﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬
‫ﺃﻭﻻ ‪ :‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺻﻌﺪﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.3 .‬‬

‫‪ 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،19‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ‪.6 .‬‬
 ‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪ :‬ﺍﲣﺎﺫ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﲑ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﻹﻗﻨﺎﻉ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻮﻗﻒ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ‪ :‬ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺄﻱ ﻋﻮﻥ ﺗﺴﺘﻐﻠﻪ ﰲ ﻋﺪﻭﺍﻬﻧﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.( 2 ).‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺝ ‪‬ﺎ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻱ ﺃﻛﺪﺕ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﲤﺴﻚ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﲟﺒﺎﺩﺉ ﺍﳍﻴﺌﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﺰﻣﺖ ﺑﺪﻋﻤﻬﺎ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﻗﻮﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ‬
‫ﺩﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺩﻋﻤﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﰲ ﻧﻀﺎﳍﺎ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﺫﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺎﻭﻝ‬
‫ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﱃ ﺣﺪ ﺍﻬﺗﺎﻡ ﺃﻛﱪ ﻣﻨﻈﻤﺔ‬
‫ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻭ ﻣﻦ ﳑﻴﺰﺍﺕ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﺗﻨﺎﻭﳍﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺷﺎﺭﻛﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﺍﻷﳒﺢ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﰒ ﺍﳍﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪( 1 )،‬ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﻛﻬﻴﺌﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻬﺗﺘﻢ ﺑﺸﺆﻭﻥ‬
‫ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪.( 2 ).‬‬

‫‪2‬‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،21‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1958‬ﺹ‪.3 .‬‬
‫‪- Farouk Benatia : Les Actions humanitaires pendant la lute de liberation 1954 – 1962, Edition‬‬
‫‪1‬‬

‫‪Dahlab, Alger, p. 80 – 81.‬‬

‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،42‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1959‬ﺹ‪.2 .‬‬
‫ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ‪ 1525‬ﺩﻭﻻﺭ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﻮﺍﺩ‬
‫ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺯﻳﺖ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﻭ ﺍﳊﻠﻴﺐ ﺍﳌﺼﱪ ﻭ ﺍﻟﺼﺎﺑﻮﻥ ﻭ ﺍﻷﺭﺯ‪.(3) .‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻛﺪ ﻭﻗﻮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻭ ﻫﻮ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﲢﺪﻱ ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺳﺤﺐ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻛﺎﺑﻮﻝ ﻭ ﻃﺮﺩﻩ ﻬﻧﺎﺋﻴﺎ‪ ،‬ﻫﻮ ﲢﺪﻱ ﻛﺒﲑ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﺩﻩ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻨﺪ ﲰﺎﻋﻪ ﺑﻌﺮﺽ ﺷﺮﻳﻂ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻋﺮﰊ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﺿﻠﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲨﻴﻠﺔ ﺑﻮﺣﲑﺩ * ﻓﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﻏﻀﺒﻪ ﻟﻠﻘﻮﺓ ﻭ ﺧﺮﺝ ﺇﱃ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻭ ﻗﺎﻡ ﺑﺘﻤﺰﻳﻖ‬
‫ﺍﻟﻼﻓﺘﺎﺕ ﺍﳌﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻬﺮ ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﻢ ﻭ ﺗﻜﺸﻒ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻌﻈﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ‬
‫ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ‪.(4 ).‬‬

‫ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺑﺬﻝ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﻤﻠﺖ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭ ﻗﺴﺎﻭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﺎﳌﻼﻳﲔ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺇﱃ ﺍﳍﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﳉﺤﻴﻢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.( 1).‬‬

‫‪ - 3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫* ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻴﻼﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭ ﻫﻲ ﲨﻴﻠﺔ ﺑﻮﻋﺰﺓ ﻭ ﲨﻴﻠﺔ ﺑﻮﺑﺎﺷﺔ ﻭ ﲨﻴﻠﺔ ﺑﻮﺣﲑﺩﻥ ﺍﻟﻠﻮﺍﰐ ﻣﻴﺰﻥ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺪﺍﺋﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪:‬‬
‫‪Yves Courbiere : La Guerre s’algérie 1954 – 1957, Edition Robert Laffont, S.A., Paris 1990, p.‬‬
‫‪699.‬‬
‫‪ - 4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،49‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 24‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1959‬ﺹ‪.11 .‬‬
‫‪ - 1‬ﻟﻘﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺣﺮﻕ ﺍﳌﻨﺎﺯﻝ ﻭ ﺍﳌﺰﺍﺭﻉ ﻭ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺇﱃ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻭﺭﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪:‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻭ ﺑﻌﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ‪ (2 )،‬ﻧﻈﻤﺖ ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ ﻭ ﺑﺪﺃﺕ‬
‫ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺗﺸﻦ ﺍﳍﺠﻤﺎﺕ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﻭ ﻛﻤﺎﺋﻦ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻘﺎﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‬
‫ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﺍﳌﻤﻮﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺗﺪﻣﲑ ﻣﻨﺎﺯﻟﻪ ﻭ ﻗﺮﺍﻩ‪ ،‬ﺳﻴﺪﻓﻌﻪ ﻻ‬
‫ﳏﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﱂ ﳛﺪﺙ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﳍﺠﺮﺓ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺘﲔ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎﻕ ﻭﺍﺳﻊ ﳑﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺧﻄﲑﺓ ﻓﺸﻠﺖ‬
‫ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﻭ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﳍﺎ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻺﺳﺮﺍﻉ‬
‫ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﲤﺖ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ‪ 1957‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﻧﻴﻮﺩﳍﻲ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ‬
‫ﺩﻭﺭ ﺇﳚﺎﰊ ﺧﺪﻡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.(3 ).‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﺃﺣﺒﻄﺖ ﻛﻞ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﻓﺸﻞ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﻃﻤﺲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻭ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻭ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﲟﺼﲑ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﻥ ﰎ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬

‫‪Farouk Benatia : Les Actions humanitaires pendant la lutte de liberation‬‬

‫‪1954 – 1962 Editions Dahlab, Alger p. 88 – 89.‬‬
‫‪ - 2‬ﳏﻤﺪ ﳊﺴﻦ ﺯﻏﻴﺪﻱ ‪ :‬ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ‬
‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،58‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 28‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺹ‪.10 .‬‬
‫ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ 1958‬ﺣﱴ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ‬
‫‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﲝﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻴﻜﺘﻤﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﳌﺘﺒﻘﻲ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﻓﻬﺎ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﻋﺎﻡ ‪.(1 ).1961‬‬
‫ﻭ ﺇﻥ ﺍﳓﺼﺮ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺩﻋﻤﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﻭﻓﺪﻫﺎ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻛﺰ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﻣﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﻛﺎﻥ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺪﻭﺑﲔ ﺍﻟﻨﺸﻄﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﺍﻓﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،104‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ‪.1 .‬‬

 ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‬

‫ﺗﻘﻊ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﰲ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻻ ﺟﺰﺀﺍ ﺻﻐﲑﺍ‬
‫ﻳﻘﺪﺭ ﲝﻮﺍﱄ ‪ 800.000‬ﺃﻟﻒ ﻛﻠﻢ‪ 2‬ﻣﺮﺑﻊ‪.( 1 ).‬‬
‫ﺩﺧﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﳍﻨﺪﻭﺳﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ ﻭ ﻟﻌﺐ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﻧﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﺑﲔ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ " ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﰊ‬
‫ﺳﻔﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﺯﺣﻒ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺇﱃ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻢ ﺇﱃ ﺃﻣﻼﻙ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ‬
‫ﺃﰊ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ ﻋﺎﻡ ‪ 143‬ﻫـ ‪1051 /‬ﻡ ﻭ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﳍﺠﺮﻱ ﺃﻛﻤﻞ‬
‫ﺍﻟﻐﺰﻧﻮﻳﻮﻥ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﺖ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﻐﺰﻧﻮﻱ ﺇﱃ ﺩﺭﺟﺔ ﻛﺒﲑﺓ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﻭ ﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻭ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﻓﺌﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺷﺒﻪ ﺍﳉﺰﻳﺮﺓ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻞ ﺍﻟﺸﺮﻙ) ‪ ( 2‬ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﱵ ﺃﺳﻬﻤﺖ ﺑﻘﺪﺭ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺗﻜﺘﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ‬
‫ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﳍﻢ ﻋﻦ ﺍﳍﻨﺪﻭﺱ ﺳﻠﻤﻴﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﳕﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻝ‬
‫ﺍﳍﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻋﺎﻡ ‪.( 3 ).1947‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Encyclopeadia universalis op-cit, p. 380 – 381‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ - 2‬ﺣﺴﻦ ﳏﻤﺪ ﺟﻮﻫﺮ ﻭ ﳏﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻠﻴﻞ ‪ :‬ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ‪ ،‬ﻣﺼﺮ‪ ،1965 ،‬ﺹ‪.12 - 11 .‬‬
‫‪ - 3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.5 .‬‬
‫ﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1947‬ﻭ ﻫﻮ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻔﺎﺻﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳍﻨﺪ‪ (1 )،‬ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﺎﻡ ‪ 1947‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ‬
‫ﺑﻌﺪ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﳍﻨﺪﻭﺱ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﻭﺟﻮﺩ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻳﻌﻮﺩ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺎﺿﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻃﺮﺩ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻓﺒﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﺭ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺭﺯ ﺍﻟﺬﺏ ﻟﻌﺒﻪ ﺣﺰﺏ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻨﻪ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﻭﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﰐ‪ ،‬ﺇﱃ ﺃﻥ‬
‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﱪﺕ ﻋﻦ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰﻱ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻔﺮﻋﺖ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺇﱃ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳍﻨﺪ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻭ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ‪.(2 ).‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺍﳍﻨﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﺍ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻴﻄﺎﻟﺒﻮﺍ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ‬
‫ﺍﳊﺮﺑﲔ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﳍﻢ ﻋﻦ ﺍﳍﻨﺪ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﳌﻄﻠﺐ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﱄ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺟﻨﺎﺡ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳏﻤﺪ ﺇﻗﺒﺎﻝ‪.( 3 ).‬‬
‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﰲ ﻇﻞ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﻌﺮﺽ‬
‫ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﻣﻮﺟﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ‪ ،‬ﻭ ﺍﳋﻮﻑ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺷﻌﺎﺭ ﺁﺳﻴﺎ‬
‫ﻟﻸﺳﻴﻮﻳﲔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺳﻴﻄﺮﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﻴﺆﺩﻱ ﺣﺘﻤﺎ ﺇﱃ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺃﻧﻜﻠﻴﺘﺮﺍ ﻭ ﺗﻌﺮﺽ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ‬

‫‪ - 1‬ﺏ‪ .‬ﺝ‪ .‬ﺩﺭﻭﺯﻳﻞ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ " ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻮﻡ " ﺗﻌﺮﻳﺐ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺎﻃﻮﻡ‪،‬‬
‫ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،1978 ،‬ﺹ‪.268 .‬‬
‫‪ - 2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪. 267 - 266 .‬‬
‫‪ - 3‬ﺟﻮﻫﺮ ﻭ ﻣﺮﺳﻲ ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.13 -12 .‬‬
‫ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﱃ ﻗﺒﻮﻝ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﳍﻨﻮﺩ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻼﺩﻫﻢ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺇﺛﺮ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻋﺎﻡ‬
‫‪.( 4 ).1946‬‬

‫ﺍﻟﱵ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳍﻨﺪ ﻓﻐﻲ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻧﻘﺴﻤﺖ ﺇﱃ ﺩﻭﻟﺘﲔ ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻨﺪﻭﺳﻴﺔ ﺑﺮﺁﺳﺔ ﺟﻮﺍﻫﺮﻻﻝ ﻬﻧﺮﻭ ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺳﻢ‬
‫ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﻋﲔ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺟﻨﺎﺡ ﳉﻤﻌﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ‪.(1) .‬‬

‫‪ - 4‬ﻇﻬﺮﺕ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﰲ ‪ 14‬ﺷﻮﺍﻝ ‪ 1947‬ﻭ ﺿﻤﺖ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺑﻠﺨﻮﺳﺘﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺴﻨﺪ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻣﻦ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺒﻨﺠﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺒﻨﻐﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺗﻀﻢ ﺍﻟﺒﻨﻐﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻨﻐﻼﺩﺵ ﺃﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﻫﻲ‬
‫ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪ ،‬ﺹ‪.210 .‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪ -1‬ﻛﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺟﻨﺎﺡ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳍﻨﻮﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺭﺿﻮﺍ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺣﺰﺏ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻏﺎﻧﺪﻱ‬
‫ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻟﻠﻬﻨﺪ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ‬
‫ﺍﳍﻨﺪﻭﺳﻲ ﺍﶈﺾ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﶈﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺟﻨﺎﺡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻟﺬﻟﻚ ﻃﺮﺡ ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ‬
‫ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻨﺪﻭﺱ ﻟﻘﺒﻮﳍﺎ ﻭ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﺳﻴﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻦ ﺍﳍﻨﺪﻭﺱ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ‬
‫ﺫﻟﻚ ﻭ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﳌﻘﺎﻃﻌﺎﺕ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ‬
‫‪ 2‬ﳝﻨﺢ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺭﺑﻊ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻟﻨﻴﺎﰊ ﲟﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ‬
‫ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﻭ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺟﻨﺎﺡ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﳏﻤﻮﺩ ﺷﺎﻛﺮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺍﳉﻨﺎﺡ ﺍﻵﺳﻴﻮﻱ ﺝ‪ ،1‬ﺩﺍﺭ ﺍﳌﺮﻳﺦ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ‪ ،1984 ،‬ﺹ‪.207 - 206 .‬‬
‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﺧﺎﻓﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺿﻌﻒ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪،‬‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﱃ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﺣﻼﻑ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﻭ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺣﱴ ﺗﻌﻴﻖ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﺭﻫﺎ ﻭ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭ‬
‫ﺟﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺳﻮﻗﺎ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻫﺎ‪.(1 ).‬‬
‫ﺇﻥ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺯﻋﻴﻤﺔ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‪،‬‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎ ﻏﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﺃﺳﻘﻄﻪ ﰲ ﺍﻟﻔﺦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭ ﺃﺻﺒﺢ ﻗﺎﺩﺗﻪ ﺭﻫﺎﺋﻦ‬
‫ﰲ ﻳﺪ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﺎﻥ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﻥ ﻃﺮﺣﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺴﺮﺡ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ( 2) ،‬ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﻜﻞ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺣﱴ ﻭﺟﺪﺕ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻔﻴﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻳﺎﺩﻱ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﲤﺘﻠﻚ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﲏ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺎﻓﺰ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺄﻥ ﺗﻌﻠﻦ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﲡﺎﻩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ‬

‫‪ - 1‬ﺫﻭ ﻓﻘﺎﺭ ﻋﻠﻲ ‪‬ﻮﺗﻮ ‪ :‬ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺗﺒﲎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﻭ ﻧﺸﺮ ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﰲ ﻣﺎﺭﺱ‬
‫‪ ،1973‬ﻋﻦ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﳚﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ‪ ،‬ﺹ‪.12 .‬‬
‫‪ - 2‬ﺩﺭﻭﺯﻳﻞ ﺝ‪ .‬ﺏ‪ : .‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.391 .‬‬
‫ﻳﻌﻜﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﲑ‪ ،‬ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﱐ ﻭ ﱂ ﻳﺮﻕ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﰊ‪ .‬ﻟﺬﻟﻚ ﺍﳓﺼﺮ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‪ ،‬ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 26‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪.( 3 ).1956‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﺗﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻹﻳﺼﺎﻝ ﺻﻮﺕ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻜﻮﻣﺎﻬﺗﻢ ﻭ ﺍﲣﺬﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻭ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺍﻷﲰﻰ ﺃﻻ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ,(4 )،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺗﺼﻮﻳﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻫﻮ ﺗﺄﻛﻴﺪ‬
‫ﻭﺍﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺗﺜﻤﲔ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲢﺪﻳﺎ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﻔﺰﻫﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺘﻬﺎ‬
‫ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪.(1 ).‬‬
‫ﺟﺎﺀ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺪﺭ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﻭﻟﺴﻮﻥ ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ‪( 2 ) ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺻﻮﺗﺖ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﳌﺪﺍﺧﻼﺕ‬
‫ﻭ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.(3 ) .‬‬

‫‪ - 3‬ﻳﻌﺪ ﻣﻮﻗﻒ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪ ،‬ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﺎ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪،‬‬
‫ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪10‬ﻥ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9 .‬‬
‫‪ - 4‬ﺟﻮﻫﺮ ﻭ ﻣﺮﺳﻲ ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.68 - 67 .‬‬
‫‪ - 1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،10‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9 .‬‬
‫‪ - 2‬ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﻋﺸﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﺎﻡ ‪ 1919‬ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻠﺢ‬
‫ﺑﺒﺎﺭﻳﺲ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻣﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺷﺎﺭﻛﺖ ﰲ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻫﻮ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺣﺚ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ‬
‫ﺍﳊﻞ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻭ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﳌﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‬
‫ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻀﻮﺍ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻓﻴﻬﺎ‪( 4 )،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳜﻮﻝ ﳍﺎ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﺃﻭ ﺍﳊﻴﺎﺩ ﰲ ﺃﻱ ﻗﺮﺍﺭ‬
‫ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪.‬‬

‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺑﺎﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﻐﺪﺍﺩ‪( 1 )،‬ﻋﺎﺋﻘﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪( 2 )،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﲝﻠﻒ ﻣﺎ ﻧﻴﻠﻼ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻣﻘﺮﻩ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﺄﺳﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺑﺮﺋﺎﺳﺘﻬﺎ ﻭ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪( 3 )،1954‬ﻭ ﺭﻏﻢ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻧﻜﻠﻴﺘﺮﺍ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻠﻒ ﻣﻊ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﺳﺘﺮﺍﻟﻴﺎ ﻭ ﺯﻳﻠﻨﺪﺍ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﻔﻠﺒﲔ ﻭ ﺳﻴﺎﻡ‪ ،‬ﱂ ﳝﻨﻊ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﳑﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪.( 4 ).‬‬

‫‪ - 4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،11‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺹ‪.2 .‬‬

‫‪ - 1‬ﺩﺭﻭﺯﻳﻞ ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.370 .‬‬
‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 19‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ‪.5 .‬‬
‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،23‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 7‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1958‬ﺹ‪.4 .‬‬
‫‪ - 4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺗﻜﺎﺛﻒ‬
‫ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭ ﺍﺳﺘﺮﺟﻌﺖ ﺳﻴﺎﺩﻬﺗﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ‪ ،‬ﻭ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﻓﺎﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 17‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻭ ‪14‬‬
‫ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1957‬ﻋﻜﺴﺖ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﳌﺒﺬﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﻗﺮﺭﺕ ﺁﻧﺬﺍﻙ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ‪ ،‬ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻠﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﺭﺓ ﲢﺖ ﺭﻗﻢ ‪ 682‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫‪ 20‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1957‬ﰒ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﲢﺖ ﺭﻗﻢ ‪ ،59‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﻜﻠﻔﺔ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺗﻠﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﺭﺧﺔ ﰲ ‪ 16‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪.(5) .1957‬‬

‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﳑﻴﺰﺓ ﺇﺫ ﺷﺎﺭﻛﺖ‬
‫ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ ﻋﺪﺓ ﺩﻭﻝ ﺁﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻗﺼﺪ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 13‬ﻭ‬
‫‪ 16‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1958‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ‪ 63‬ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺮﺭﺕ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﻬﺗﺎ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ﲢﺖ ﺭﻗﻢ ‪ 752‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 22‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪.(1) .1958‬‬
‫ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻏﲑ ﻣﺮﺓ ﺃﻥ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﻓﻀﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺴﻌﻰ‬
‫ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﻌﺎﱐ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ‬

‫‪ - 5‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ‪ 1957‬ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻣﺮﱘ ﺻﻐﲑ ‪ :‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﺎﻡ ‪،1957‬‬
‫ﻭ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪ :‬ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.162 .‬‬
‫‪ - 1‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ‪ 13‬ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪ :‬ﺃﻧﻈﺮ ﻣﺮﱘ ﺻﻐﲑﺓ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.163 .‬‬
‫ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻱ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﲟﺼﺮ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 27‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪1957‬‬
‫ﻭ ‪ 1‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1958‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ " ﺗﻘﺮﺭ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﻋﻤﻞ ﲢﻘﻘﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﻫﻮ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺎﳌﺎﻝ ﻭ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻭ ﺍﻷﻟﺒﺴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﻟﻪ ﺷﻌﺐ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺃﻋﻨﻒ ﻭ ﺃﻗﻮﻯ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ")‪.‬‬
‫‪,( 2‬ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﱪﻯ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﰲ‬
‫ﺻﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺄﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺃﻣﻮﺭﻫﺎ ﳑﺎ ﲰﺢ ﳍﺎ ﺑﺎﳌﻀﻲ ﻗﻮﻣﺎ ﰲ ﻛﺴﺐ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﻭ ﲤﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ‪19‬‬
‫ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪( 3 )،1958‬ﺍﻟﱵ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺇﱃ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ‪‬ﺎ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﺭﺳﻞ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﳏﻤﺪ ﺃﻳﻮﺏ ﺧﺎﻥ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻬﺗﻨﺌﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻭ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻛﻜﻴﺎﻥ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.(4 ).‬‬

‫ﺍﻟﺘﺰﻣﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﲟﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬
‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﲰﺢ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﳚﺎﰊ‪ ،‬ﺇﺫ‬
‫ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﲤﺜﻞ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻜﺴﺖ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﻀﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﻮﻥ ﰲ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺪﻡ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﲞﻂ ﺍﻟﺒﺪ‬

‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،19‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ‪.6 .‬‬

‫‪ - 3‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪:‬‬
‫‪Mohammed Harbi / FLN Mirage…, Op-cit, p. 222 – 223.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،30‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 10‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1958‬ﺹ‪.8 .‬‬
‫ﻋﱪﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺇﺩﺍﺭﻬﺗﻢ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﳍﻢ ﺑﺎﻻﳔﺮﺍﻁ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭ ﻣﺴﺎﻋﺪﻬﺗﻢ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻷﺩﺍﺀ ﻭﺍﺟﺒﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺼﻠﻴﱯ‪.(1 ).‬‬
‫ﻭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﱐ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺃﻳﻮﺏ ﺧﺎﻥ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺳﺎﻳﺮ ﺷﻌﺒﻪ ﻓﻘﺎﻡ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻛﺘﺘﺎﺏ‬
‫ﻋﺎﻡ ﰲ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.(2 ).‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻀﺮﺑﺎﺕ ﺍﳌﻮﺟﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﻘﺎﻫﺎ ﺟﻴﺶ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺪﻳﻐﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﻓﺖ‬
‫ﲟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﳉﻨﺮﺍﻻﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺍﳌﺪﻋﻤﲔ ﺑﺎﻷﻗﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ‪( 3) ،‬ﺩﻓﻌﺖ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪ ،‬ﺇﱃ‬
‫ﺍﳋﻀﻮﻉ ﻣﻜﺮﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﱵ ﻧﺎﺩﺕ ‪‬ﺎ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻗﺒﻠﺖ ‪‬ﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ‪( 4 )،‬ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺟﱪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺷﺠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻋﻠﻦ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﺃﻳﻮﺏ ﺧﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﺣﺐ ﲟﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻘﺮﺍﺭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﻭﻓﺪ ﻟﻠﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻊ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺪ ﺃﻭ ﺷﺮﻁ‪.(5 ).‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﲤﺎﻃﻠﻬﺎ ﲡﺎﻩ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻭ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺭﲰﻴﺔ ﻭ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻛﺐ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﺃﻋﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻃﺎﻟﺒﺖ ‪ 25‬ﺩﻭﻟﺔ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ‪ 20‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1960‬ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،41‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1959‬ﺹ‪.10 .‬‬

‫‪ - 2‬ﺟﻮﻫﺮ ﻭ ﻣﺮﺳﻲ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.68 - 67 .‬‬
‫‪- 3‬ﺣﻮﻝ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻭ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﺍﳉﻨﺮﺍﻻﺕ ﺃﻧﻈﺮ ‪:‬‬
‫‪Lemire : Op-cit, p. 349 – 350.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Harbi : Les Archives, Op-cit, p. 101 – 102 - 103‬‬
‫‪ - 5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،71‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1960‬ﺹ‪5 .‬‬
‫ﺍﳌﺆﺭﺧﺔ ﰲ ‪ 20‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪( 1) ،1960‬ﻭ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳍﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫‪2‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ‪) ،‬‬ ‫ﻫﻨﺎﻙ ﺇﲨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫(‪,‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ‪ 24‬ﺩﻭﻟﺔ ﺁﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﲟﺸﺮﻭﻉ ﻗﺮﺍﺭ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﺷﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﺩﺍﺧﻞ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲢﺖ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﻀﻤﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳌﻌﺪﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ﺇﳚﺎﺩ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳌﺘﻌﻠﻖ ﲝﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪.(3 ).‬‬
‫ﻭ ﲝﻠﻮﻝ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺃﻬﻧﺎ‬
‫ﻗﻀﻴﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻛﻤﺒﺪﺃ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﱵ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﲡﺴﻴﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺑﻂ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺩﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ‪.(4) .‬‬

‫ﻭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺃﻛﺪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻬﺗﻨﺌﺔ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﻮﺏ ﺧﺎﻥ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‬
‫ﻣﺆﺭﺧﺔ ﰲ ‪ 24‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1961‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،74‬ﻋﺪﺩ ﺧﺎﺹ‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 8‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1960‬ﺹ‪.3 .‬‬

‫‪ - 2‬ﻃﺮﺡ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻗﺪ ﻗﺒﻠﺘﺎ ﺑﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﺪ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ‬
‫ﺇﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﳍﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ …ﻧﺪﻭﺗﻪ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﰲ ‪ 1961/04/11‬ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫" ﺃﻧﻈﺮ ﰲ …ﺍﳊﺎﱄ ﺃﻳﺔ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﰲ ﺃ‪ ،‬ﺗﺒﻘﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲢﺖ ﻭﺻﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭ ﲣﻀﻊ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺃﻬﻧﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﺕ ﻣﺼﲑﺍ ﺁﺧﺮﺍ‬
‫ﺫﻟﻚ ‪ :‬ﲨﻌﻴﺔ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ :‬ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.265 .‬‬
‫‪ - 3‬ﻧﺺ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪ .‬ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪ ،1960‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﳏﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺳﻠﻄﺎﻥ ﻭ ﲪﺎﻥ ﺑﻜﺎﻱ ‪ (XV) :‬ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺓ ﺭﻗﻢ ‪1514‬‬
‫‪–232‬ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،1986 ،‬ﺹ‪231 .‬‬
‫‪ - 4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،102‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 14‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1961‬ﺹ‪.2 .‬‬
‫ﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺃﺗﺸﺮﻑ ﺑﺄﻥ ﺃﻭﺟﻪ ﻟﻜﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﺣﺮ ﲤﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭ‬
‫ﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﱐ ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ ﺭﺋﻴﺴﻪ ﺍﻟﻨﲑ… "‪.(1 ).‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،92‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1961‬ﺹ‪.2 .‬‬
 ‫ﺭﺍﺑﻌﺎ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺮﻛﻴﺎ‬

‫ﺗﺴﻤﻰ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺑﺸﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻷﻧﺎﺿﻮﻝ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ﻭ ﲝﺮ ﺇﳚﺪ ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺮ‬
‫ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﻮﺏ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭ ﳍﺎ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﻮﺏ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭ ﺟﻮﺭﺟﻴﺎ ﻭ‬
‫ﺃﺭﻣﻴﻨﻴﺎ ﺷﺮﻗﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﻘﺪﺭ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﺣﻮﺍﱄ ‪ 756.953‬ﻛﻠﻢ‪ ، 2‬ﻭ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻓﺈﻥ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺟﺰﺋﲔ‬
‫ﺃﺳﺎﺳﲔ‪ ،‬ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻗﻊ ﰲ ﺁﺳﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ‪.(1 ).‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺗﺎﺭﳜﻴﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﻋﻬﻮﺩﻩ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻔﺎﲢﲔ‪ ،‬ﻭ ﺯﺍﺩ ﻧﻔﻮﺫﻫﻢ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﻬﺪ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳌﺘﻮﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ ﻭ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ‪ ،‬ﰒ ﺳﻴﻄﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺿﻌﻔﻬﺎ ﻭ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺑﺎﻷﺗﺮﺍﻙ ﺍﻟﺴﻼﺟﻘﺔ‪ (2 )،‬ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺁﻝ ﻋﺜﻤﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻣﺆﺳﺴﻬﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺭﻃﻐﺪﻝ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﲤﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﺃﺣﻔﺎﺩﻩ ﻭ ﻫﻮ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺍﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 857‬ﻫـ ‪1453 /‬ﻡ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﲰﻬﺎ ﺇﺳﻼﻡ ﺑﻮﻝ ﻭ ﲢﻮﻟﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﱃ‬
‫ﺍﺳﻄﻨﺒﻮﻝ‪ (3 )،‬ﻟﻜﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﺃﺗﺎﺗﻮﺭﻙ ﺃﻓﻘﺪﻫﺎ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫ﻭ ﺍﺭﲤﺖ ﰲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﲡﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‬
‫ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺍﻋﺘﱪﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪( 4) ،‬ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻲ ﻣﻘﻴﺪﺓ‬
‫ﻭ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳊﺴﺎﺳﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻜﻮﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﺎﻧﺖ‬

‫‪ - 1‬ﻳﺎ ﻏﻲ ﻭ ﺷﺎﻛﺮ ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪ 148.‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.495 .‬‬
‫‪ - 2‬ﳏﻤﺪ ﻓﺮﻳﺪﺭﻳﻚ ﺍﶈﻤﻲ ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﲢﻘﻴﻖ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺣﻘﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻔﺎﺋﺲ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،1988 ،‬ﺹ‪.‬‬
‫‪61–.63‬‬
‫‪ - 3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪. 165 164 .‬‬
‫‪ - 4‬ﻳﺎﻏﻲ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪ ،‬ﺹ‪.163 .‬‬
‫ﻋﱪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺻﺪﻳﻘﺔ ﻟﺘﺮﻛﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﳝﻜﻦ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻦ ﻋﺪﺍﺀﻫﺎ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻠﱯ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺠﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﻨﻀﻮﻳﺔ ﲢﺖ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﺟﱪﺕ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﺮﺑﻴﺔ‪.(1) .‬‬
‫ﻭ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1954‬ﻭ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﱂ‬
‫ﻳﺘﺠﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻟﱵ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﻮﺍﻟﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻟﻠﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻭ ﺣﱴ ﻻ ﺗﺜﲑ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻘﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺇﱃ‬
‫ﻏﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻧﻀﻤﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺭﻓﻊ ﺷﻜﻮﻯ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻧﻀﻤﺎﻣﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﻭ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺍﻟﱵ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ‬
‫ﺃ‘ﻣﺎﻝ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ‪ 16‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪.(2) .1958‬‬
‫ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ,(3 )،‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻷﻣﲔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻫﺎﻣﺮ ﺷﻮﻟﺪ ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺇﱃ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،19‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ‪ 5 .‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻠﻴﺐ ﺭﻭﺑﻨﺲ ‪ :‬ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ‪:‬‬
‫ﺗﺮﲨﺔ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﳒﻢ ﺧﻮﺭﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻗﱪﺹ‪ ،1993 ،‬ﺹ‪.19 .‬‬
‫‪ -2‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﰎ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻌﻄﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪﺍ‪ ،‬ﺩﻭﻟﻴﺎ‬
‫ﻛﺒﲑﺍ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺗﺮﻛﻴﺎ‪ ،‬ﱂ ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺪﻻﻋﻬﺎ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺟﺎﺀ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﺘﺆﺧﺮﺍ‬
‫ﺑﺎﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺃﻧﻈﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪22‬‬
‫ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1958‬ﺹ‪.10 .‬‬
‫‪ - 3‬ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻫﺎﻣﺮ ﺷﻮﻟﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻨﻴﺒﺎﻝ‬
‫ﻭ ﺳﻴﻼﻥ ﻭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭ ﻏﺎﻧﺎ ﻭ ﺍﳊﺒﺸﺔ ﻭ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻭ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ) ﻣﺼﺮ ﻭ‬
‫ﺳﻮﺭﻳﺎ ( ﻭ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭ ﺍﳌﻼﻳﻮ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ‬
‫ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳍﻨﺪ ﻭ ﺑﺮﻣﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﻮﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺃﻧﻈﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻭ ﺍﻟﺼﺤﻔﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻧﻪ ﳛﺴﻦ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻗﺪ ﺳﺠﻠﺖ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﲔ‬
‫ﺑﺬﻟﺖ ﺟﻬﻮﺩ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﲨﺎﻋﻲ ﺣﻮﻝ ﺻﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺔ ﲝﻞ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﻭﻓﻘﺎ ﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺗﻀﻤﻨﺖ‬
‫ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ﺗﻌﺮﺏ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﻗﻠﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ﺗﺴﺠﻞ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﺗﻌﺮﺏ ﻋﻦ ﺭﻏﺒﺘﻬﺎ ﰲ ﺃﻥ ﺗﻔﺘﺢ ﳏﺎﺩﺛﺎﺕ ﻭ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺣﻞ ﻳﺘﻼﺀﻡ ﻣﻊ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻭ ﻣﺒﺎﺩﺉ‬
‫ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪.(4 ).‬‬

‫ﺇﻥ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺒﻘﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﺃﺗﺎﺗﻮﺭﻙ ﻭ ﺗﻮﺍﺭﺷﻪ‬
‫ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ‪ ،‬ﺃﺧﻀﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﱃ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪،‬‬
‫ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺑﻘﻲ ﺻﺎﻣﺪﺍ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺍﺟﻬﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺑﻄﻤﺲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﺗﻐﺮﻳﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ‬
‫ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﺍﻓﺪﻭﺍ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ‬
‫ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻭ ﴰﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻃﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ‪.(1 ).‬‬
‫ﺍﳓﺼﺮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﰲ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪،‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺻﺪﻳﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ‬
‫ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‪ (2) ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ‬
‫ﺍﳋﺎﺹ ﲝﻖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﰲ ‪ 16‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻋﱪ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﻄﻴﻢ ﻭﺯﻏﻠﻮ ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬
‫" ﺇﻥ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪ ،‬ﻗﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻗﻠﻴﻼ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺘﺤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﳚﻴﺐ ﺍﻵﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻀﺎﻓﺮ‬
‫ﺍﳉﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ‪.(3 ).‬‬

‫‪ - 4‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،42‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1959‬ﺹ‪.20 .‬‬
‫‪ - 2‬ﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍ ﺍﻷﻭﻝ ﻭ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﱐ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﳏﻤﺪ ﻓﺮﻳﺪ ﺑﻚ ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪. 208-209 .‬‬
‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،52‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1959‬ﺹ‪.7 .‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﺩﻭﻟﺘﲔ ﳍﻤﺎ‬
‫ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻭ ﺗﺮﺑﻄﻬﻤﺎ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻋﻘﻮﺩ ﻗﺪﳝﺔ ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﻛﺪﺕ ﺗﺮﻛﻴﺎ‬
‫ﺃﻥ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﱵ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻻﺑﺪ ﻭ ﺃ‪ ،‬ﲢﺘﺮﻡ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻋﺘﺮﻑ ‪‬ﺬﺍ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻭ ﳑﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺣﻮﻝ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬

‫" ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﻠﻘﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ – ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺼﻔﺘﻬﻢ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ … ﺃﻣﺎ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﳌﺼﲑ‪ ،‬ﻓﺈﱐ ﺳﺄﺣﺪﺩﻩ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﳛﲔ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭ ﻫﻮ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﺘﺒﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻢ ﺍﺳﺘﺘﺒﺎﺑﺎ ﻓﻌﻠﻴﺎ‪ ،‬ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﺪ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻻﺕ ﻭ ﺍﳌﻜﺎﻣﻦ ﻋﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﱵ‬
‫ﻗﺘﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﻡ … "‪.(1) .‬‬
‫ﺇﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺧﺎﻧﺔ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺡ ﺗﻘﺮﻳﺮﺍ ﻣﺼﲑ ﺑﺼﻮﺭﺗﻪ ﺍﻟﺘﻌﺠﻴﺰﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻩ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ ،‬ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﻓﻮﺩﻫﺎ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺭﻓﺾ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻤﺎﺵ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲣﺪﻡ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﲔ‪.(2 ).‬‬
‫ﺍﻧﺘﻬﺠﺖ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺇﻋﻼﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﻠﻨﻴﺔ ﻣﺆﻳﺪﺓ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ﱂ ﲢﺎﻭﻝ ﺇﻏﻀﺎﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺭﺿﺎﺀ‬
‫ﻭ ﺍﳌﻬﺎﺩﻧﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ‪ 11‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﺗﻌﺮﺽ‬
‫ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﻄﻴﻢ ﻭﺯﻏﻠﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﺎﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﱪﳌﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﳑﺎ‬
‫ﺟﺎﺀ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ – ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ – ﻋﺮﻓﺖ ﺗﻄﻮﺭﺍ ﺇﳚﺎﺑﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،52‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺹ‪.8 .‬‬

‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﺣﻮﻝ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﰲ ‪ 16‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1959‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‬
‫ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ ‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.186 .‬‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻢ … ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﲔ ﺑﻠﺪ ﺷﻘﻴﻖ ﳓﺒﻪ ﻫﻮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺑﲔ ﺣﻠﻴﻔﺘﻨﺎ ﻭ ﺻﺪﻳﻘﺘﻨﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻗﻄﻌﺖ ﺧﻄﻮﺓ ﺟﺒﺎﺭﺓ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﺑﻘﺒﻮﳍﺎ ﻣﺒﺪﺃ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳊﻴﺎﺩ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺣﱴ ﻻ ﺗﱪﺯ ﻻﺋﺤﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳓﻮ ﻭﺟﻬﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ‬
‫ﺗﻔﻬﻤﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ… ‪.(3) .‬‬

‫ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺴﺎﺭﻉ ﻭﺗﲑﺓ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻓﺎﺕ ﺍﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺟﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﳎﱪﺓ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺣﻘﻪ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﳍﺎ ﺃﻥ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﳑﺜﻼ ﳍﺎ ﻭ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻋﻤﺮ ﺃﻭﻋﻤﺮﺍﻥ‪.( 1 ).‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﺘﺢ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﰎ ﺗﺄﺳﻴﺲ‬
‫ﳉﻨﺔ ﻹﻋﺎﻧﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﺳﻄﻨﺒﻮﻝ ﰲ‬
‫‪ 19‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1960‬ﻗﻀﻴﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺑﲔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﻌﻮﺩ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺇﱃ ﺃﺣﺪ ﻧﻮﺍﺏ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭ ﺍﻧﻀﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﲦﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻧﻮﺍﺏ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﳊﺰﺏ‪ ،‬ﺃﻋﻠﻨﻮﺍ ﻫﺪﻓﻬﻢ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭ ﺇﻋﺎﻧﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﰲ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪.(2) .‬‬

‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،60‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1960‬ﺹ‪.2 .‬‬

‫‪ - 1‬ﻋﻄﺎ ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﺸﺎﺭ ‪ :‬ﻣﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫‪ ،2003‬ﺹ‪.14 .‬‬
‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،65‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 4‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1960‬ﺹ‪.11 .‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺻﺮﺡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﷲ ﺳﻔﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﲝﻜﻢ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﻟﻠﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻥ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﺣﻮﻝ ﻗﺒﻮﳍﺎ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﳌﺼﲑ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﺳﺎﺩ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﺟﻮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ‪ (3) ،‬ﻭ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻄﻠﺐ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺮﺃﺱ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻤﺜﻠﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍ‪‬ﻤﻮﻋﺔ ﻫﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻃﺎﻟﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻟﻠﻤﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪،‬‬
‫ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻭﻓﺪﺍ ﺇﻬﻧﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﳌﺆﺩﻳﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻭ ﻫﻲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ‬
‫ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪،‬‬
‫ﻓﺘﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ‬
‫ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﲡﻤﻊ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﺳﻄﻨﺒﻮﻝ ﺣﻀﺮﻩ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﻋﺪﺓ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺭﲰﻴﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺋﺪ ﺃﺭﻛﺎﻧﻠﻲ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺃﻳﺖ ﺷﻌﻼﻝ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺃﻟﻘﻰ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﱪ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﱪ‬
‫ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻱ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺍﳉﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺳﻴﺎﺩﺗﻪ ﻭ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪ ،‬ﻟﻴﻨﺘﻬﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻀﺨﻢ‬
‫ﺑﻔﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.(1 ').‬‬

‫‪ - 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 71‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1960‬ﺹ‪.5 .‬‬

‫‪ 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،82‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 14‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﺹ‪.8 .‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﲤﺎﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﺳﻄﻨﺒﻮﻝ‪ ،‬ﺣﺎﻣﻠﲔ ﻻﻓﺘﺎﺕ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺍﳌﺪﻣﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻨﻬﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻷﻋﺰﻝ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺍﳌﺮﺗﻜﺒﺔ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻏﻼﺓ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺑﻮﺿﻊ ﺑﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺰﻫﻮﺭ ﺃﻣﺎﻡ ﲤﺜﺎﻝ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﻤﺎﻝ‬
‫ﺃﺗﺎﺗﻮﺭﻙ ﺇﺟﻼﻻ ﻭ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻘﻄﻮﺍ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺷﻬﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻭﻃﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ‬
‫ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﳑﺎ ﺩﻓﻌﻬﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﺒﲑﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﻋﻦ ﺭﻓﻀﻬﻢ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ‪ (2 )،‬ﻟﺘﻨﺘﻘﻞ ﻋﺪﻭﻯ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻜﺎﻧﺖ‬
‫ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺇﺯﻣﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺎﺩﻯ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ ﻣﻦ ﺑﺮﺍﺛﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﲤﺰﻳﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﲎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﱪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺤﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪.(3) .‬‬

‫ﺧﺎﻣﺴﺎ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻳﺮﺍﻥ‬

‫ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻵﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻮﻃﻨﺖ ﺑﻼﺩ ﻓﺎﺭﺱ ﻗﺪﳝﺎ ﻭ ﺗﻌﲏ ﺃﺭﺽ‬
‫ﺍﻵﺭﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻤﻤﺖ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺑﻼﺩ ﻓﺎﺭﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1354‬ﻫـ ‪/‬‬
‫‪1938‬ﻡ ﻋﻤﻢ ﺍﻟﺸﺎﻩ ﺭﺿﺎ ‪‬ﻠﻮﻱ ﺍﺳﻢ ﺇﻳﺮﺍﻥ‪.(1 ).‬‬
‫ﺗﻘﻊ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﳍﺎ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺗﻄﻞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﶈﻴﻂ ﺍﳍﻨﺪﻱ ﻭ ﲝﺮ ﻗﺰﻭﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻫﻀﺒﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ‪.(2 ).‬‬

‫‪ 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 85‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 19‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ‪.22 .‬‬

‫‪ 3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺮﺟﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺍﳌﺘﺨﺼﺼﲔ ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻭ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻠﻴﺐ ﺭﻭﺑﻨﺲ ﺃﻥ ﺍﻧﻀﻤﺎﻡ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﳊﻠﻒ‬
‫ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻭ ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﺎ ﰲ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﺳﺒﺒﻪ ﺍﻟﺘﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻃﻤﺎﻉ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻭ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﰲ ﻋﺠﺰﻫﺎ ﻋﻦ‬
‫ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﻓﻠﻴﺐ ﺭﻭﺑﻨﺲ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.34 .‬‬
‫‪ - 1‬ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﻳﺎﻏﻲ ﻭ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.169 .‬‬
‫ﻭ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺍﻋﺘﻨﻘﺖ ﺷﻌﻮ‪‬ﺎ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﻬﻮﺩ ﺍﻷﻭﱃ ﻓﺄﻏﻠﺐ ﺳﻜﺎﻬﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺬﻫﺐ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ‪ ،‬ﻭ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻔﺎﲢﲔ ﻋﻠﻰ ﺁﺧﺮ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﺎﺭﺳﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺳﺎﻧﻴﺔ‪( 3 )،‬ﻭ‬
‫ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﳏﻂ ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺍﻷﻣﻢ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻐﻮﻝ ﻓﺘﻜﻮﺍ‬
‫‪‬ﺬﻩ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻧﺪﺛﺎﺭ ﺇﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺗﻴﻤﻮﺭ ﻟﻴﻨﻚ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻋﺎﻡ ‪ 807‬ﻫـ ‪1404 /‬ﻡ ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮﺕ ﺍﻷﺳﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﺼﻔﻮﻳﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﻟﺼﻔﻮﻱ ﻋﺎﻡ ‪ 906‬ﻫـ ‪1501 /‬ﻡ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻬﺪﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻋﺮﻑ ﺑﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬
‫ﻹﻳﺮﺍﻥ )ﻓﺎﺭﺱ(‪ (4 )،‬ﻭ ﺑﻘﻴﺖ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺸﺎﻩ ﺭﺿﺎ ‪‬ﻠﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﲤﻜﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1340‬ﻫـ ‪/‬‬
‫‪1924‬ﻡ ﻣﻦ ﲢﺮﻳﺮ ﺑﻼﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﻭ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺍﻋﺘﺮﻓﺎ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﺇﻳﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1375‬ﻫـ ‪/‬‬
‫‪1959‬ﻡ ﺍﻧﻀﻤﺖ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺇﱃ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻢ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺅﻫﺎ ﻬﺗﺪﻑ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﰲ‬
‫ﻭﺟﻪ ﺍﳌﺪ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺪﺍﺭ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻧﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻨﻪ ﻋﺎﻡ ‪ 1378‬ﻫـ ‪1962 /‬ﻡ ﺣﻮﺭ‬
‫ﺍﺳﻢ ﺍﳊﻠﻒ ﺇﱃ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﳌﺮﻛﺰﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺴﻨﺘﻮ‪.(5 ).‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺇﱃ ﻋﻬﺪ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭﺍ ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ ﻭ ﻫﻲ‬
‫ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲰﺤﺖ ﳍﺎ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺇﻋﻼﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﲏ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ‬
‫ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺍﻟﻐﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮ‪.‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺳﻴﺎﺩﻬﺗﺎ ﺍﳌﻨﻘﻮﺻﺔ ﱂ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻵﻧﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻋﻀﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﰲ ‪ 26‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1955‬ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﳑﻴﺰﺓ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﺗﻌﺮﺽ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺩﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬

‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ﻹﻳﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ‪:‬‬

‫‪Encyclopaedia universalis, p. 261 – 262.‬‬
‫‪ - 3‬ﺷﻜﺮﻱ ﻓﻴﺼﻞ ‪ :‬ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻧﺸﺄﻬﺗﺎ ﻭ ﻣﻘﻮﻣﺎﻬﺗﺎ ﻭ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻭ ﺍﻷﺩﰊ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ‬
‫ﻟﻠﻤﻼﻳﲔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،1978 ،‬ﻁ‪ ،4.‬ﺹ‪.212 .‬‬
‫‪ - 4‬ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﻳﺎﻏﻲ ﻭ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.173 - 174 .‬‬
‫‪ - 5‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.184 .‬‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺍﺳﺘﻨﻜﺮﺕ ﻋﺪﻡ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ‬
‫ﻭ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ﺣﻴﺚ ﰎ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‪.(1 ).‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﺼﻠﺐ ﺍﳌﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﲟﻮﺍﻗﻒ ﺑﻼﺩﻩ‪ ،‬ﻭ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﳐﺎﺩﻋﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﱂ ﺗﻨﻄﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺪﻭﺏ ﺍﻹﻳﺮﺍﱐ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ‬
‫ﺩﻭﺭﺓ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﺣﻴﺚ ﻭﻗﻒ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﻨﺪﻭﺑﲔ ﺍﳌﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﻌﺐ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﳉﺘﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪.(2 ).‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺩﺍﺑﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻭﺿﻌﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻼﻝ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻣﻨﻀﻮﻳﺔ ﲢﺖ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ‪)،‬‬
‫‪ (1‬ﺇﻻ ﺃﻬﻧﺎ ﲡﺎﻫﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﻭ ﲪﻠﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳏﻤﻞ ﺍﳉﺪ‪ ،‬ﻭ ﱂ ﺗﺒﺎﻝ ﻻ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻻ ﲝﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻭ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﻭ‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻱ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ 1957‬ﻭ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1958‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 10‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9 .‬‬

‫‪ - 2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ - 1‬ﺣﻮﻝ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭ ﺍﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺩﺭﻭﻳﻞ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.370 .‬‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺷﻌﺐ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﺼﻄﻬﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻣﺴﻴﺤﻲ‬
‫ﺻﻠﻴﱯ‪.(2) .‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺃﺳﻴﻮﻱ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦ ﺟﺴﺪ ﻣﺴﻌﻰ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻖ ﻣﻨﻪ ﺑﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﲢﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻟﻮﺣﺪﻩ ﺛﻘﻞ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻐﲑ ﻣﺘﻜﺎﻓﺊ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺭﺃﺕ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‬
‫ﺑﺄﺳﺮﻉ ﻭﻗﺖ ﳑﻜﻦ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪.(3 ).‬‬
‫ﻭ ﳑﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻓﺮﺻﺔ ﺳﺎﳓﺔ ﻓﺈﻳﺮﺍﻥ ﻟﺘﺆﻛﺪ‬
‫ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﲣﺼﻴﺺ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻃﺎﺑﻊ ﺑﺮﻳﺪﻱ ﺗﺬﻛﺎﺭﻱ ﺧﺎﺹ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﻳﻌﺪ ﲢﺪﻳﺪ ﻳﻮﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﺮﺽ ﺿﺮﻳﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ ﻭ ﺍﳌﺪﻓﻮﻋﺎﺕ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ﺧﺼﻢ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺎﺕ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ﲨﻊ ﺍﳌﻼﺑﺲ ﻭ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻭ ﺍﻷﻏﺬﻳﺔ ﻭ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ‪.‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ‪.(4 ).‬‬

‫ﺟﺎﺀﺕ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﺘﺆﻛﺪ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺍﻓﺪ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﻛﺒﲑﺓ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺣﺪﺙ ﻓﻌﻼ ﺃﺯﻣﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ‬
‫ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﺭﻓﻀﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﻟﻠﻬﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ‬

‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،19‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ‪.5 .‬‬

‫‪ - 3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،21‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪.1958‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﳑﺜﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻭ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‬
‫ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺛﻼﺛﺔ ﺁﻻﻑ ﺩﻭﻻﺭ‪.(1 ).‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﻗﻀﻴﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻗﻀﻴﺔ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻫﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﻀﻮ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﺆﻳﺪﺍ‬
‫ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ‪ ،‬ﻗﻀﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺷﺎﺭﻝ‬
‫ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﺭﲰﻴﺎ ﰲ ‪ 16‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1959‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‬
‫ﲟﺎ ﻳﻠﻲ ‪ " :‬ﺇﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﲟﻬﺎﺭﻬﺗﺎ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﻭ ﻫﻲ‬
‫ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲟﻘﺘﺮﺣﺎﺗﻪ‪( 2 )،‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺭﺣﺒﺖ ‪‬ﺎ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻳﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻭ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺏ ﺩﻱ ﻏﻮﻝ ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪" :‬‬
‫ﻧﻈﺮﺍ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ) ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ (‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﱐ ﺃﺭﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻦ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻵﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ…‬
‫ﻓﺒﺎﺳﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﱵ ﳜﻮﳍﺎ ﱄ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﰲ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ‪ ،‬ﻓﺈﱐ‬
‫ﺃﺗﻌﻬﺪ ﺇﻥ ﺑﻘﻴﺖ ﺣﻴﺎ ﻭ ﺍﺳﺘﻤﻊ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﱄ – ﺃﻥ ﺃﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻦ ﻭﻻﻳﺎﻬﺗﻢ ﺍﻹﺛﻨﱵ ﻋﺸﺮﺓ‬
‫ﺃﻥ ﻳﻌﱪﻭﺍ ﻋﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﻭﻧﻪ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﻭ ﺃﻥ ﺃﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﻳﺼﺎﺩﻗﻮﺍ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﻢ … "‪.(3 ).‬‬

‫‪ - 1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،42‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1959‬ﺹ‪.2 .‬‬

‫‪ - 2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،52‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1959‬ﺹ‪.7 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.8 .‬‬
 ‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -1‬ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ‪. 1955‬‬

‫‪ -2‬ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪.1962-1955‬‬

‫‪ -3‬ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﺑﺒﻠﻐﺮﺍﺩ ﻋﺎﻡ ‪.1961‬‬

‫ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺭﺃﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺇﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ‬
‫ﻗﻀﻴﺔ ﺁﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ,‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﲤﺎﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺗﺪﻭﻳﻞ‬
‫ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﳍﲔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﳎﻬﻮﺩﺍﺕ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﳚﺎﺩ ﻗﻮﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺗﻘﻒ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻭﺟﺪﺕ ﺿﺎﻟﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﲝﻜﻢ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫‪,‬ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﻬﻀﻮﻣﺔ ﺍﳊﻘﻮﻕ‪.‬‬

‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺃﻗﻤﺤﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺭﺍﻓﻌﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻣﺪﺍﻓﻌﺔ‬
‫ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻣﺘﺤﺪﻳﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻭ ﻣﻦ ﻳﺪﻭﺭ ﰲ ﻓﻠﻜﻪ‪ ,‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻣﻊ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1955‬ﻭ ﺃﻭﻝ ﺧﻄﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺍﳋﺎﺻﺔ‬
‫ﺑﲔ ﺩﻭﻝ ﻭ ﺷﻌﻮﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ‪ ،‬ﰒ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻣﺒﺪﺃ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﻣﺼﲑﻫﺎ‪ ,‬ﻭ ﺩﻭﺭﳑﺜﻠﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺑﺄﺣﻘﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ‪,‬ﻭ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ "ﻳﺸﻜﻞ ﺷﺮﻃﺎ‬
‫ﻻﻭﺟﻮﺩ ﺑﺪﻭﻧﻪ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﺣﺮﻳﺎﺗﻪ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ‪,‬ﻭ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺗﺪﺑﲑ ﻓﻴﻪ ﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﲤﺎﺭﺱ ﺣﻘﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﻱ ﻳﺸﻜﻞ ﺇﻧﺘﻬﺎﻛﺎ ﺻﺎﺭﺧﺎ ﳊﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ‪.(1)"...‬‬

‫ﻟﺘﺄﺧﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺩﻟﻚ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‬
‫ﻭﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻋﻨﺪ ﲡﺴﻴﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ ‪,‬ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻧﻘﻄﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺆﲤﺮﺍﺕ‬
‫ﺍﳊﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﻤﺮ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺳﻌﺪ ﺍﷲ‪ :‬ﻣﺒﺪﺃ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﰲ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻭ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺩﺗﻮﺭﺍﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻣﻌﻬﺪ‬
‫ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪ ،‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1984‬ﺹ‪.360‬‬
 ‫ﺃﻭﻻ‪:‬‬
‫ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ‪1955‬‬
‫ﺗﺒﻨﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﳌﺼﺮ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺩﻭﺭ‬
‫ﻛﺒﲑ ﰲ ﺟﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺇﱃ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻧﻪ ﱂ ﲤﺾ ﺑﻀﻌﺔ‬
‫ﺃﺷﻬﺮ ﻋﻦ ﺇﻧﻄﻼﻕ ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﺣﱴ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺑﻮﻓﺪ‬
‫ﻣﻼﺣﻆ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﻭﻝ ﺣﻀﻮﺭ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺪﻭﱄ)‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻣﻬﺪﺕ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻛﻞ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻹﳒﺎﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﲝﻤﻠﺔ ﺩﻋﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳌﺆﲤﺮﻳﻦ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺪﺍ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﳌﺒﺪﺋﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻭﻓﺪ ﻣﻮﺣﺪ ﳝﺜﻞ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻼﺣﻆ ﻭ ﻳﻀﻢ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺣﺰﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻋﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﳊﺮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻋﻦ ﺗﻮﻧﺲ)‪.(2‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻬﺪﺕ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺘﺪﺍﺩ ﺁﻓﺎﻕ ﻧﺸﺎﻁ‬
‫ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﰲ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪،‬ﻭ ﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺃﻥ ﻳﻮﻫﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﻪ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ)‪ ،(3‬ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺚ‬
‫ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺇﱃ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ‬
‫ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻭ ﻗﺪ ﺣﺪﺩﺕ ﳍﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻃﺮﺣﻬﺎ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﶈﻴﻂ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﲔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﰊ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ 1،‬ﺟﻮﺍﻥ‪ ،1956‬ﺹ‪.16‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،1125‬ﻋﺎﻡ‪ ،1957‬ﺹ‪.6‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪ ،‬ﺍ‪‬ﻠﺪ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻗﺼﺮ‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﻣﻦ ‪ 8‬ﺇﱃ ‪ ،1984‬ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ ﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
 ‫‪ -3‬ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ)‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺪﻡ ﻭﻓﺪ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺑﺈﺳﻢ ﺩﻭﻟﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺬﻛﺮﺓ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺪﺧﻞ ﳑﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻋﻄﻰ ﺻﻮﺭﺓ‬
‫ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪. (2‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﻮﺻﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺓ ﻗﺪﳝﺎ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﺟﺪ ﺭﻣﺰﺓ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬ ‫"‬
‫ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻔﺔ ﻟﻠﻜﺘﻠﺔ ﺍﳌﺴﻤﺎﺓ ﻛﺘﻠﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻮ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ‪ 28‬ﺃﻓﺮﻳﻞ‬
‫ﺇﱃ ‪ 2‬ﻣﺎﻱ ‪ 1954‬ﺇﻟﺘﻘﻰ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﳍﻨﺪ ﻭﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭﺳﻴﻼﻥ ﻭ ﺑﻮﺭﻣﺎ ﻭ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﰲ ﺟﺰﻳﺮﺓ‬
‫ﺳﻴﻼﻥ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻋﺪﺓ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺁﺳﻴﺎﻭﻳﺔ ﳏﺎﻳﺪﺓ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺣﻀﻮﺭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ)‪.(3‬‬
‫ﻭ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﺬﺕ ‪‬ﺆﻻﺀ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﳌﻌﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺣﻠﻒ ﺟﻨﻮﺏ ﺷﺮﻗﻲ ﺁﺳﻴﺎ‪ ،‬ﺇﱃ ﻋﻘﺪ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﺟﺪﻳﺪ ﻭ ﻗﺪ ﺃﺧﲑﺕ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ‬
‫ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﻘﺮﺍ ﻟﻼﺟﺘﻤﺎﻉ )‪ ،(4‬ﺣﻴﺚ ﻗﺮﺭ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺩﻭﱄ ﻳﻌﻘﺪ ﰲ‬
‫ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮ ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻭ ﻳﻀﻢ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﻓﻀﺔ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ,‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺟﻬﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﲬﺲ ﻭ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺩﻭﻟﺔ‪ ,‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﻫﻲ ﻣﺼﺮ ﻭ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻴﻤﻦ ‪,‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺩﻭﻝ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ )‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺝ‪ ،2‬ﺍ‪‬ﻠﺪ‪.1‬‬
‫‪ - 2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻟﻌﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺹ‪, 6‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓﺃﻛﺪﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﻣﻨﻌﻴﻨﻪ ‪,‬ﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺍﳌﻜﻲ ﻫﻮﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ‬ ‫ﺃﻥ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ‪,‬ﻭﻗﺪ ﺩﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﺇﺑﻦ ﺍﻟﺸﺎﺩﱄ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻧﺸﺎﻁ ﺃﺑﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎﺗﺮﻛﻪ ﺃﺑﻮﻩ ﻣﻦ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻳﻌﻮﺩ ﻷﺑﻴﻪ ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻣﻨﺬ ‪ ،1945‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺩﻣﺸﻖ ‪ ،1972‬ﺹ‪392/391‬‬
 ‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻝ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺩﻭﺭ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺇﺗﺴﻌﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺁﺳﻴﻮﻳﺎ ﻭ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ،‬ﻓﺈﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻫﻨﺎﻙ ﻛﺎﻣﺒﻮﺩﻳﺎ ﻭ ﻻﻭﻭﺱ ﻭ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﻭ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪﺍ ﻭ ﺍﻟﻔﻠﺒﲔ ﻭ ﺍﻟﻨﻴﺒﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺼﲔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺒﺸﺔ ﻭ ﻟﻴﺒﲑﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻭ ﻣﻜﺎﻥ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﳏﺪﺩﺍ ﻭ ﻫﻮ‬
‫ﺷﻬﺮ ﺃﻓﺮﻳﻞ ﰲ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﱂ ﻳﻀﺒﻂ ﺑﻞ ﺑﻘﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﲔ ﻏﺎﻣﻀﺎ ﻋﺪﺍ ﻛﻮﻧﻪ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﺆﲤﺮﺍ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ‪ ,‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺄﻛﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﳌﻌﻮﻧﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ‪ ،‬ﻭ ﺿﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺳﺘﻐﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭ ﺭﺍﺡ ﻳﺮﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﻀﻄﻬﺪ ‪،‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳍﻨﺪﻱ ﺟﻮﺍﻫﺮ ﻻﻝ ﻬﻧﺮﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻗﻮﺓ ﺩﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺔ ﺗﺸﺠﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺷﺠﺐ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﲜﻤﻴﻊ‬
‫ﻣﻈﺎﻫﺮﻩ‪ ،‬ﻭ ﺇﺣﺘﺮﺍﻡ ﺣﻖ ﻛﻞ ﺃﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(3‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻗﺎﻣﺖ ‪‬ﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻟﺔ‬
‫ﻗﺼﺪ ﻓﺘﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺗﺌﻦ ﲢﺖ ﻭﻃﺌﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﻗﺼﺪ "ﻭﺿﻊ ﺃﺳﺲ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻫﺎ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ")‪ ،(4‬ﻛﻤﺎ ﺃﺩﺍﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ‬
‫ﻭ ﺑﺸﺪﺓ ﺍﻟﻜﺘﻠﺘﺎﻥ ﺍﻟﻜﺒﲑﺗﺎﻥ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺇﻋﺘﺪﺍﻝ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﻭ ﺧﻠﺺ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻹﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭ ﺍﻟﻨﻈﻢ‬
‫ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺇﻧﺘﻬﻰ ﲟﻘﺮﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﻌﺸﺮ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﱪﺕ ﺃﺳﺎﺳﺎ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.392‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻭ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺩﻭﻝ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ‪ ,‬ﻭ ﻧﺒﻬﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺴﻲ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﻨﺎﻣﻲ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭ ﻗﻀﺎﻳﺎﻩ ﺍﳌﺼﲑﻳﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺑﺄﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﻟﻄﺮﺡ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺆﲤﺮ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪,‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻨﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻫﻲ ﻣﻨﺎﺑﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻗﺪ ﺳﻠﻜﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﻓﺪﻫﺎ ﰲ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ )‪ ,(2‬ﻣﺴﻠﻚ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﻭﱃ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﰒ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﺍﻵﺳﻴﻮﻱ ﻛﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﺧﲑﺓ ﻷﻬﻧﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔﻭﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﺗﻀﻢ‬
‫ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ‪.‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﻟﻌﺒﺖ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺩﻭﺭﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﰲ ﺗﻀﺎﻓﺮ ﺟﻬﻮﺩ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ‬
‫ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭ ﺍﻟﺘﺂﺧﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﻭ ﺍﻷﺳﻴﻮﻱ‬
‫ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺇﻧﺪﻻﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺘﻨﺘﺸﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻱ‪ ،‬ﺇﻓﺘﻜﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﻳﻦ ﻭﺭﻗﺔ ﺿﻌﻂ ﻟﺼﺎﳊﻬﺎ‬
‫ﰲ ﺃﻃﺮﻫﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ,‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺻﺎﺩﻕ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺻﺮ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﳌﺘﻌﻠﻖ ﺑﺸﻌﻮﺏ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪" :‬ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺤﺎﻟﺔ ﻏﲑ ﺍﳌﺴﺘﻘﺮﺓ ﰲ ﺑﻼﺩ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ‬
‫ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﲝﻘﻬﻢ ﰲ ﺷﺄﻥ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﻢ‪ ،‬ﻓﺎﳌﺆﲤﺮ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪ -‬ﺍﻵﺳﻴﻮﻱ ﻳﻌﻠﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻺﺣﺮﺍﺯ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻬﻢ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﻢ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻳﻠﺢ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﲡﺪ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺣﻼ ﺳﻠﻴﻤﺎ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﺸﻜﻞ‪.(4)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.637‬‬
‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻭ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ,‬ﰲ ﺣﲔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺸﺎﺩﱄ ﺍﳌﻜﻲ ﳑﺜﻼ ﻋﻦ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﳌﺼﺎﱄ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺘﻮﺛﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭ ﺍﻹﻋﻼﻡ‪ ،‬ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ ،‬ﺝ‪ ،2‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ﺍﳌﻄﺒﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1986‬ﺹ‪.214-213‬‬
‫‪ -4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،317‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 29‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪" 1955‬ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ"‪.‬‬

‫ﻭ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺑﺪﻬﺗﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺃﺳﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ‬
‫ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﺍﻟﻴﺲ‪ ،‬ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﻣﺒﺘﻐﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﰎ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻨﻜﺮﺍ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ‬
‫ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻭ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ‪ ,(1)"..‬ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺄﻳﻴﺪﻩ ﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ‬
‫ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﺮﻛﺰﺍ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺀ ﺣﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳌﺆﲤﺮﻭﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﺍﳊﺜﻴﺚ‬
‫ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﻭ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺩﻭﻥ ﲤﺎﻃﻞ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻣﻜﻦ ﳑﺜﻠﻮﺍ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻭ ﺑﻔﻀﻞ ﻧﺸﺎﻃﻪ‬
‫ﺍﳊﻴﻮﻱ ﻭ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺧﻠﻔﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻣﻦ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭ ﺁﺳﻴﺎ‪ ,‬ﻭ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻟﺪﻯ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺁﺳﻴﺎ ﺗﻔﻬﻤﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﻭ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﻛﺎﻣﻼ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻮﺟﺖ ﻫﺬﻩ ﺍ‪‬ﻬﻮﺩﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻨﺘﻬﺠﺔ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﺩﻋﻤﺖ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻭﻟﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺩﻭﻟﺔ)‪ (14‬ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪1955‬‬
‫ﺑﻄﻠﺐ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺩﻭﺭﻬﺗﺎ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﰲ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1955‬ﺗﻀﻤﻦ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺿﻤﻦ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﺒﺪﺀ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ ‪,..‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.214‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﻇﻬﺮ ﺃﻭﻝ ﻣﺆﲤﺮ ﻟﻠﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪,‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﲏ ﻭ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﺭ‬
‫ﺍﻟﺮﻳﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺒﺘﻪ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﻋﺘﺮﻑ ﻛﻞ ﺍﳌﺆﲤﺮﻳﻦ ﲜﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﳑﺜﻼ ﺷﺮﻋﻴﺎ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﻌﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺷﺎﺭﻛﺖ‬
‫ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺑﺎﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺏ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪ ،(1‬ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺣﻘﻘﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ‬
‫ﺍﳌﺪﺍﻓﻌﺔ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺆﻛﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﺎ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﻤﺬﻛﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ)‪ ،(2‬ﻭ ﻗﺪ ﻋﱪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‬
‫ﺍﳋﺘﺎﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺩﻗﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﻋﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﺍ ﻛﻼ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺗﻮﻧﺲ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑﻭ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻧﻴﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﻟﻘﻴﺖ ﺻﺪﻯ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻣﺼﺮ‬
‫ﻭ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺘﻌﺠﻴﻞ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺼﻔﺔ ﺭﲰﻴﺔ )‪.(4‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺭﻓﻊ ﻣﻦ‬
‫ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ ﳎﺎﻫﺪﻱ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﺮﺟﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺠﻮﻣﺎﺕ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ ‪1955‬‬
‫ﺑﺎﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺴﻨﻄﻴﲏ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺻﺪﻯ ﻛﺒﲑﺍ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﳍﺠﻮﻣﺎﺕ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ‬
‫ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﳊﺮﺏ ﻣﻦ ﳏﻴﻄﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﱃ ﳏﻴﻄﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻭ ﺩﻟﻴﻼ ﻗﺎﻃﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪- 1‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ‪ ،2‬ﺍ‪‬ﻠﺪ‪ ،1‬ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ ﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺏ‬
‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺑﻨﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻡ ‪‬ﺎ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ‬
‫ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻋﺎﻡ ‪.1957‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺣﻮﻝ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺝ‪،2‬ﻡ‪ ،1‬ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ ﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﺴﻌﺎﻫﺎ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﻪ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﻟﺘﺜﺒﺖ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﻪ ﺍﳌﺼﲑﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﱂ ﺗﻜﻦ ﺣﻴﺜﻴﺎﺕ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻭ ﻻ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻴﻪ ﻭ ﻻ ﺣﱴ ﻣﻘﺮﺭﺍﺗﻪ ﻭ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ‬
‫ﻏﺎﺋﺒﺔ ﻋﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺃﻭﻝ ﳏﻔﻞ ﺩﻭﱄ ﻟﻪ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺧﺸﻴﺖ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳌﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺻﺪﻯ ﻋﺎﳌﻴﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﺿﺎﻩ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺛﲑ ﻓﻴﻪ ﻭ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﺬﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺴﻄﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻓﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺑﻞ ﺣﱴ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳌﻘﺮﺭﺍﺗﻪ‪ .‬ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﲣﺸﻰ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﻛﻞ ﻓﺌﺎﺕ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺇﻧﺘﺸﺎﺭ ﺧﱪ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﻘﻖ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(2‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻻﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺇﻋﺘﻘﺎﻝ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﰲ‬
‫ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ‪ ،‬ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻮ ﺗﻘﺰﱘ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻭ ﳏﺎﻭﻟﺔ‬
‫ﺇﻓﺮﺍﻏﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﳏﺘﻮﺍﻩ ﺍﻹﳚﺎﰊ‪ ،‬ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺜﺒﺖ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺳﻴﺪﺓ ﺍﳌﻮﻗﻒ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻞ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﺩﺍﺧﻠﻲ )‪ ،(3‬ﻟﻜﻨﻬﺎ ﱂ ﺗﻔﻠﺢ ﰲ ﻣﺴﻌﺎﻫﺎ ﺑﻞ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻗﻮﺓ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻊ ﺃﻭﻝ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻮﺍﺗﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ‪ ،‬ﺟﺴﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ‪ 1955‬ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺛﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ )‪.(4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺝ‪ ،2‬ﻡ‪ ،1‬ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ ﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺍﻷﻃﺮﺵ‪" :‬ﺍﳌﻌﺘﻘﻼﺕ ﻭ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ"‪ ،‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ‪،‬‬
‫ﺝ‪ ،2‬ﻡ‪ ،2‬ﺹ‪.79‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺯﻳﺎﻥ‪ :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺭﺽ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳌﺼﺮﻱ‪ ،1958 ،‬ﺹ‪.158‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴـﺎ‪:‬‬

‫ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪.1962-1955‬‬

‫ﻇﻬﺮ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﱪ ﻫﻴﺌﺔ‬
‫ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻠﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﱵ ﺑﺬﻟﺘﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬ﺍﳌﻨﺘﻤﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻭﺟﻬﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ‬
‫ﻋﻀﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻧﺪﺍﺀ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺗﻄﺎﻟﺒﻪ ﺑﺎﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ ﻬﺗﺪﻳﺪﺍ ﻟﻠﺴﻠﻢ ﻭ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﲔ )‪.(1‬‬
‫‪-‬ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪:1955‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻟﺘﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﺴﲑ ﺳﲑﺍ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻣﻊ ﺃﻭﺍﺋﻞ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻌﻀﻮ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔﱂ ﳚﺪ ﺻﺪﺍ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺍﻟﻠﺘﲔ ﺃﻳﺪﺗﺎ‬
‫ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﲟﺎ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻌﲏ ﺑﺎﻟﱰﺍﻉ ‪,‬ﻭ ﻫﻲ ﻋﻀﻮ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ‪ ،‬ﻋﺎﺭﺿﺖ‬
‫ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﺃﻣﺎﻡ ﺭﻓﺾ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﲔ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﺣﻀﺮﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳑﺜﻠﺔ ﰲ ﺷﺨﺺ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ‬
‫ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﺑﺎﻳﻌﺎﺯ ﻋﺮﰊ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﰎ ﻓﻴﻪ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﻃﻠﺐ ﺭﲰﻲ ﺇﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺸﺄﻥ‬
‫ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺃﳘﻴﺔ ﳊﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻏﲑ ﺍﳌﻌﺘﺮﻑ ﻭ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺧﻮﺍﻥ ﺟﻠﻴﺴﱯ‪ :‬ﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺻﺪﻗﻲ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻒ ﻭ ﺍﻟﺘﺮﲨﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‬
‫‪ ،1959‬ﺹ‪.146‬‬
‫‪ -2‬ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ :‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.213‬‬
‫‪ -3‬ﺟﻠﻴﺴﱯ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﺗﺎﻳﻴﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻫﻲ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻭﺟﻬﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 26‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1955‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ‬
‫ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﺗﻄﻠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﻌﻘﺪ ﰲ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﺴﻠﻢ ﺃﻣﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪29‬‬
‫ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪.(1)1955‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻘﻮﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻫﻲ ﻣﺼﺮ‬
‫ﻭ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺃﻛﺪﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺘﺮﺍﻡ ﻣﺒﺪﺃ ﺣﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺗﻘﺼﲑ ﰲ ﲤﻜﲔ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﺳﻴﻬﺪﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﲔ )‪.(2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﰲ ﻣﻄﻠﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‬
‫ﺗﺪﻋﻢ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺈﻳﺮﺍﻥ ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺍﳍﻨﺪ ﻭ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻭ ﺑﻮﺭﻣﺎﻧﻴﺎ ﻭ‬
‫ﺗﺎﻳﻼﻧﺪﺍ‪ ،‬ﻟﺘﺘﻮﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﰲ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺎ ﺩﻋﻤﺎ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ )‪.(3‬‬
‫"ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﺪﻓﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻞ ﻳﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺧﻄﺮﺍ ﺟﺴﻴﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺮﻣﻲ ﺑﻜﻞ‬
‫ﺛﻘﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﻹﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭ ﻣﻌﺎﳉﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ‬
 ‫ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ")‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،1125‬ﻟﺴﻨﺔ ‪ ،1957‬ﺹ‪.6‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﻧﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ )‪.27‬‬
‫‪ -4‬ﲨﺎﻝ ﻗﻨﺎﻥ‪" :‬ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﺜﻼﺛﲔ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،4‬ﻋﺎﻡ‬
‫‪.1995‬‬

‫ﺑﺘﻮﺍﱄ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺳﺮﻋﺘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻫﺠﻮﻣﺎﺕ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ ‪ 1955‬ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳉﺒﻬﺔ‬

‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺄﻛﺪ ﻣﻨﻌﻄﻒ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ ﺷﻬﺮ‬
‫ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ‪ ،‬ﻃﺎﻟﺐ ﲬﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺑﻠﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻳﻮﻡ ‪ 20‬ﺳﺒﺘﻤﺮ ﻋﺎﻡ ‪.(1)1955‬‬
‫ﻭ ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺍﻭﻻﺕ ﺇﺳﺘﻤﺮﺕ ﻣﻦ ‪ 27‬ﺇﱃ ‪ 30‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﻧﺘﺼﺮ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﻮﻥ‬
‫ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻗﺪ ﰎ ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﺻﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﻴﺲ ﲟﻔﻌﻮﻟﻪ‬
‫ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭ ﲟﻘﺎﻳﺲ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻭ ﺃﻧﻪ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ‬
‫ﺑﺮﻫﻨﺖ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﻧﻔﺴﻬﺎ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ‬
‫ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﰲ ﺇﺟﻬﺎﺽ ﻛﻞ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺿﺒﻄﺖ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻹﺗﺼﺎﻻﺕ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻴﻨﻮ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻏﻲ ﻣﻮﻟﻠﻲ‪ ،‬ﻣﻊ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳍﺪﻑ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﻋﺰﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻭ ﻓﻚ ﻛﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻭ ﻣﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(3‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭ ﺃﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺍﳌﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺿﺪ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺿﺪ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﳑﺎ ﺃﺩﻯ ﺑﺈﻧﺴﺤﺎﺏ ﻣﻨﺪﻭﺑﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳍﻴﺌﺔ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﳏﻤﺪ ﻣﺒﺎﺭﻙ ﺍﳌﻴﻠﻲ‪" :‬ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺆﲤﺮ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ"‪ ،‬ﺍﳌﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺝ‪ ،2‬ﻡ‪ ،2‬ﺹ ﺹ ‪.32-31‬‬
‫‪ -2‬ﲪﺪﻱ ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ‪ ،1957 ،‬ﺹ‪75‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻴﻠﻲ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.39‬‬

‫ﺇﺣﺘﺠﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺳﻴﻢ ﻃﻠﺐ ﺍﻹﺩﺭﺍﺝ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻋﺘﱪﺗﻪ ﺗﺪﺧﻼ ﰲ ﺷﺆﻭﻬﻧﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻧﺪﺩ ﻭﻓﺪﻫﺎ ﲟﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻋﺘﱪ ﻣﺆﲤﺮﻫﻢ ﳐﺎﻟﻔﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻨﻊ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﻄﺎﺑﻘﺎ ﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺇﺩﻏﺎﺭ ﻓﻮﺭ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﻜﻨﺖ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﰲ ﺍﳌﺪﺍﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻭ ﺭﻓﺾ‬
‫ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳋﻄﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ ﺩﻭﻝ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺮﺩﻩ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﲝﺬﻑ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺭ ﻭﺳﻂ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ‪ ،‬ﻳﻨﺺ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻘﺮﺭ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺪ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ‪ ،‬ﻭ ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻮﻗﻒ‬
‫ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﺩﺭﺟﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﻛﺘﻠﺔ‬
‫ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ ﺍﳌﺪﻋﻤﺔ ﳌﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺭﻓﻀﺖ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺑﻌﺪ ﻧﻘﺎﺵ ﺣﺎﺩ ‪,‬ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﻮﺅﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻪ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﲤﻜﻦ ﻣﻦ ﲢﻘﻴﻖ ﺃﻭﻝ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﱪ‪ ،‬ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺭﻓﻀﺖ ﲨﻠﺔ ﻭ ﺗﻔﺼﻴﻼ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻣﺖ ‪‬ﺎ ﳉﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﻴﺰﺓ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺮﺭﺕ‬
‫ﺇﺩﺭﺍﺝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﰎ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﰲ ‪ 1‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1955‬ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﲦﺎﱐ ﻭ ﻋﺸﺮﻳﻦ )‪ (28‬ﺻﻮﺗﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ‬
‫ﺳﺒﻊ ﻭ ﻋﺸﺮﻳﻦ)‪ (27‬ﺻﻮﺗﺎ‪،‬ﻭ ﻗﺪ ﺟﺮﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺎﱄ ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ "ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ"‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،317‬ﺹ‪.8‬‬
‫‪ -2‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ .،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪,‬ﺹ‪.214‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.215‬‬

‫‪ - 1‬ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ‪ :‬ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪ -‬ﻫﺎﻳﱵ ‪ -‬ﻟﻮﻛﺴﻤﺒﻮﺭﻍ ﺯﻳﻼﻧﺪﺓ‬
‫ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ‪ -‬ﺍﻟﻨﺮﻭﻳﺞ‪ -‬ﺃﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ‪ -‬ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪ -‬ﺍﻟﺸﻴﻠﻲ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﻤﺘﻨﻌﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻫﻲ‪ :‬ﺍﻟﺼﲔ ‪ -‬ﺃﺛﻴﻮﺑﻴﺎ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ‪ :‬ﻣﺼﺮ ‪ -‬ﺍﳌﻜﺴﻴﻚ ‪ -‬ﺑﻮﻟﻨﺪﺍ ‪ -‬ﺗﺎﻳﻼﻧﺪﺍ ‪ -‬ﺍﻹﲢﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‪.‬‬
‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻋﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﱂ ﲢﻆ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎﺵ ﺍﻟﻮﺍﰲ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻓﺮﺻﺔ ﺳﺎﳓﺔ‬
‫ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﺿﻰ ﺑﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺇﻣﺘﻨﻊ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻴﻨﺎﻱ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭ ﺇﻧﺴﺤﺐ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳉﻠﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ‪,‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺃﺩﻯ ﰲ ‪ 23‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1955‬ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪,‬ﻭ ﻫﻲ ﻛﻮﺑﺎ ﻭ ﺍﻟﺸﻴﻠﻲ ﻭ ﺍﻹﻛﻮﺍﺩﻭﺭ ﻭ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺇﻗﺘﺮﺍﺡ‬
‫ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺸﻄﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﳑﺜﻞ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻛﺮﻳﺸﻨﺎ ﻓﻘﺪ ﻗﺪﻡ‬
‫ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1955‬ﻳﻄﻠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭ ﺇﺭﺟﺎﺋﻬﺎ ﺇﱃ ﺩﻭﺭﺓ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ )‪ ،(2‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﻣﻘﻌﺪﻩ ﰲ ‪ 29‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‬
‫‪ ،1955‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮﺭﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﰲ ‪ 25‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ﻭﺍﻓﻘﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﱃ ﺩﻭﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻣﻊ ﺍﻹﺣﺘﻔﺎﻅ ﲝﻖ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭ ﺫﻟﻚ‬
‫ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻣﺮﺟﻊ‬ ‫ﺍﻟﺜﻼﺛﲔ‪"...‬‬ ‫ﻭ‬ ‫ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‬ ‫"ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ‬ ‫ﻗﻨﺎﻥ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،10‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9‬‬
‫‪ -3‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.361‬‬

‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﻀﻢ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺼﻼﺑﺔ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪,‬ﺭﻏﻢ ﺃﻬﻧﺎ ﺣﻘﻘﺖ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ )‪ ،(1‬ﻟﺘﺎﰐ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫"ﻣﺮﰲ ﺃﻟﻔﺎﻥ" ﻣﻨﺪﻭﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﻨﻊ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ‬
‫ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀﺍ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﻮﺍﻃﻨﻮﻥ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﻴﻮﻥ )‪ ،(2‬ﻭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﳌﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺇﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﻛﻴﺎﻥ ﺩﻭﱄ‬
‫ﻗﺪ ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﲝﻖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺿﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ‪ ،(3)"...‬ﻭ ﺣﺬﺭ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﻸﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺣﻖ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﲨﻴﻊ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﱵ ﻧﺘﺠﺖ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ‪ ،‬ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻌﻮﺭ ﺑﺎﻷﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ‬
‫ﺣﺪﻭﺩ ﺃﻳﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻌﻠﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺃﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳍﺎ ﻛﻴﺎﻥ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻖ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ)‪.(4‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺎﻝ ﻓﺈﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻘﻲ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺑﺮﻳﺴﻮﻥ ﺩﻳﻜﺴﻮﻥ‬
‫ﳑﺜﻞ ﺇﻧﻜﻠﺘﺮﺍ‪ ،‬ﻭ ﻟﻴﺴﻠﻲ ﻣﻮﻧﺮﻭ ﻋﻦ ﻧﻴﻮﺯﻳﻼﻧﺪﺍ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﺑﻮﺕ ﻟﻮﺩﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔﻭ‬
‫ﺃﺭﻧﺴﺖ ﺷﻮﻓﻴﻪ ﳑﺜﻞ ﻫﺎﻳﱵ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍﻬﺗﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ‬
‫ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻭﺿﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﲢﺖ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺎﻝ‬
‫ﻟﻴﺴﻠﻲ ﻣﻮﻧﺮﻭ‪" :‬ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺃﻥ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﺪ ﺩﺑﺮﺕ ﻋﻤﺪﺍ ﻟﻠﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻹﻇﻬﺎﺭ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﲣﺎﺫ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺩﻭﱄ‪ ,"...‬ﻣﺆﻛﺪﺍ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﻫﻲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻷﻳﺔ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﻛﺴﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺃﻣﺎ‬
‫ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻳﺪﻭﺍ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﺇﱃ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﲬﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﻀﻮﺍ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺮﺭ ﻣﺎ ﻳﺪﺭﺝ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻫﻴﺌﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﺽ ﺗﻮﺻﻴﺎﻬﺗﺎ ﰲ ﺟﻠﺴﺔ ﺍﻹﻓﺘﺘﺎﺡ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻗﺮﺭﺕ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ‬
‫ﰲ ‪ 22‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ 1955‬ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﲦﺎﻧﻴﺔ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺿﺪ ﲬﺴﺔ ﻭ ﺇﻣﺘﻨﺎﻉ ﺻﻮﺗﲔ ﻭﻋﺪﻡ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺜﻤﺎﱐ ﻋﺸﺮ‪ ،‬ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.75‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺇﲣﺎﺫ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ ﺟﻮﻫﻮﺭﻳﺔ ﰲ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.(1)"..‬‬

‫ﻭ ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺩﺍﻓﻌﺖ ﺑﺸﺪﺓﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﺭﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻣﻨﺪﻭ‪‬ﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﻤﺮ ﻟﻄﻔﻲ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﱂ‬
‫ﳝﻨﺢ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺋﻪ ﰲ ﻗﺮﺍﺭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﲣﺬ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻀﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﱂ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ‪.(2)"...‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﳉﻤﺎﱄ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﰲ ﻇﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺣﺎﻟﺔ‬
‫ﺣﺮﺏ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﱪﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬ ﺑﻪ ﺍﳌﺆﻳﺪﻭﻥ ﻟﻠﻘﺮﺍﺭ ﻗﺼﺪ ﻋﺮﺽ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ)‪.(3‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﺤﻰ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻛﺮﻳﺸﻨﺎ ﻣﻴﻨﻮﻥ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻗﻮﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ,‬ﺃﻥ ﺳﻴﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺪ ﻗﻤﻊ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲤﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻻ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﰲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ .‬ﻭ ﳍﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﳑﺜﻞ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﻛﻮﺯﻧﻴﺘﺸﻮﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﻗﺶ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻷﻥ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﺍﻟﻘﻠﻖ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍ‪‬ﺎﻭﺭﺓ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﰲ ﻧﻈﺮﻩ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻭ ﺧﻄﲑﺓ )‪.(4‬‬
‫ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.76‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.77‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﳏﻤﻮﺩ ﻓﻮﺯﻱ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺼﺮ ﻣﻌﻠﻨﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺫﻋﻨﺖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳌﻮﻗﻒ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻏﲑ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ‪‬ﺎ ﺃﻥ ﻳﻀﻤﻦ ﺑﻘﺎﺀﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﲡﺎﻩ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺩﻋﻤﻪ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﻓﻴﻖ ﻗﺸﺔ ﻣﺆﻛﺪﺍ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺭﻓﻀﺖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﻦ ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪ ﺍﻵﻥ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺪﺍﻓﻌﺔ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪،‬‬
‫ﻭ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺟﺮﺣﺎ ﺩﺍﻣﻴﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﰲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻳﻜﺎﻣﻠﻬﺎ‪ ,‬ﺃﻣﺎ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﳉﻤﺎﱄ ﻓﻘﺪ‬
‫ﺩﻋﻢ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﲤﺲ ﻫﻴﺒﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ‬
‫ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﺿﲔ ﳍﺎ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﺍﳋﺮﻳﻔﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺄﻥ ﺗﻐﺎﻓﻠﺖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ‬
‫ﻭ ﻗﺮﺭﺕ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ‪ 28‬ﺻﻮﺗﺎ ﺿﺪ ‪ 27‬ﺻﻮﺗﺎ ﻭ ﺇﻣﺘﻨﺎﻉ ﲬﺴﺔ )‪,(2‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ‬
‫ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺇﱃ ﻋﻘﺪ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﺇﺳﺘﻌﺠﺎﱄ ﺇﺳﺘﻐﺮﻕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﲬﺲ ﺳﺎﻋﺎﺕ‪ ،‬ﺧﻼﻝ‬
‫ﺷﻬﺮ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻭ ﺗﻘﺮﺭ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﺇﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫‪,‬ﻭ ﻋﺪﻡ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ‪،‬ﻛﻤﺎ ﺻﺪﺭ ﺑﻴﺎﻥ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺻﻒ ﺇﻗﺘﺮﺍﻉ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﺑﺄﻧﻪ ﺇﻧﺘﻬﺎﻙ ﺻﺎﺭﺥ ﳌﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.82‬‬
‫‪ -2‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻗﻨﺎﻥ‪ :‬ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ‪ ،"...‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺣﺎﻓﻂ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.83‬‬

‫‪-‬ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪:1956‬‬

‫ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﲤﻜﻨﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﻌﺐ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﲝﻴﺚ ﻛﻠﻠﺖ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﻭ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ‪‬ﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﻟﻌﺎﻡ ‪ 1955‬ﻭﻣﻦ ﰒ‬
‫ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﻗﺼﺪ ﺍﺳﺘﻤﺎﻟﺘﻬﻢ ﻟﺪﻋﻤﻬﺎ ‪ ،‬ﺣﱴ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺍﻟﻨﺪ ﻟﻠﻨﺪ‬
‫ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳌﺪﻋﻤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﳌﻤﺘﺪﺓ ﻣﻦ ‪ 2‬ﻣﺎﻱ ﺇﱃ ‪ 13‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1956‬ﻋﻘﺪﺕ ﺍ‪‬ﻤﻮﻋﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺒﺎﺣﺜﺎﺕ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﺎ ﰲ ﻛﻮﺍﻟﻴﺲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺇﻧﺘﻬﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﻣﻔﺼﻞ ﻋﻨﻬﺎ ﰎ ﺗﻘﺪﳝﻪ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻳﻘﻀﻲ ﲟﻨﺎﻗﺸﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 19‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1956‬ﺗﻘﺪﻣﺖ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﻄﻠﺐ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﻬﺗﺎ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﻟﻔﺖ ﺇﻧﺘﺒﺎﻩ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﳋﻄﲑﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 26‬ﺟﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺭﻓﺾ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ‪ ،‬ﲢﺖ ﺿﻐﻂ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‬
‫ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ )‪, (3‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻨﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻘﺪﻣﺖ ﰲ ‪ 1‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1956‬ﺑﻄﻠﺐ ﺭﲰﻲ ﻟﻸﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻸﻣﻢ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ ﻭﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ :‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،...‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.214‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،5‬ﺑﺘﺎﺗﺮﻳﺦ ‪ 2‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1957‬ﺹ‪ ،6‬ﻭ ﺃﻧﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،10‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ ،1957/09/5‬ﺹ‪.9‬‬
‫‪ -3‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.361‬‬
 ‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ)‪.(1‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻱ ﻓﺘﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻟﻠﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺩ‬
‫ﳑﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ ﻭ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﰲ ﺁﻥ‬
‫ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺫﻭ ﻃﺎﺑﻊ ﺩﻭﱄ‬
‫ﰲ ﻣﻨﺎﻫﺠﻪ ﻭ ﻭﺳﺎﺋﻠﻪ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﺘﺴﺨﲑ ﻛﻞ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﳋﺪﻣﺔ ﻣﺼﺎﳊﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺳﺨﺮ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻛﻞ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ﻟﺘﺰﻳﻴﻒ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻥ ﻟﺰﺍﻣﺎ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺬﻝ ﺟﻬﻮﺩ ﻛﺒﲑﺓ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﻌﺐ ﻛﺎﻣﻞ ﻻ ﳝﺖ ﺑﺼﻠﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪،‬‬
‫ﻭ ﺍﻟﺮﺩ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺇﻧﻄﻼﻗﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﻣﻊ ﺻﺪﻭﺭ ﺃﻭﻝ‬
‫ﺑﻴﺎﻥ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻫﻮ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﻛﺪﺕ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺑﻘﻮﳍﺎ‪" :‬ﻋﻤﻞ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭ ﻋﻤﻞ ﺧﺎﺭﺟﻲ‪ ،‬ﺟﻌﻞ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ‬
‫ﻭ ﺷﻌﻮﺑﻪ ﻭ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﺣﻠﻔﺎﺋﻨﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﲔ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻋﻤﻞ ﺷﺎﻕ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭ ﺍﳌﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪.(2)"..‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﺘﻤﻴﺖ ﻭ ﺍﳉﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﳉﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺟﺴﺪﻬﺗﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺭﻓﻌﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺩﻟﻚ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ‪،‬ﺇﱃ ﻣﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻹﳚﺎﰊ ‪ ,‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﲟﻤﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ‬
‫ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺚ ﲟﺬﻛﺮﺓ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪.‬ﰲ ‪ 12‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‬
‫‪ ،1956‬ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻃﻠﺐ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ‪،‬ﺹ‪.6‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،3‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 3‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1956‬ﺹ‪.6‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﳋﺎﺹ ﲟﺤﺘﻮﻯ ﻧﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺬﻛﺮﺓ‪.،‬‬
‫ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﲬﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺩﻭﻟﺔ ﺁﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﲦﺎﻧﻴﺔ ﺩﻭﻝ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻫﻲ ﻣﺼﺮ‬
‫ﻭ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺩﻭﻝ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻲ ﺇﻳﺮﺍﻥ‬
‫ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺛﻼﺙ ﺩﻭﻝ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻫﻲ ﺑﺮﻣﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﺳﻴﻼﻥ ﻭ ﺍﻟﻔﻴﻠﻴﺒﲔ‪،‬‬
‫ﻗﺮﺭﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ‪ 15‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1956‬ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ‬
‫ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ )‪," (1‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﺿﻄﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺪﺛﺘﻪ ﻗﻀﻴﺔ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‪.(2)"...‬‬
‫ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﻟﺪﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺘﺨﻮﻑ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻥ ﲢﺮﺯ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﻟﺼﺎﳊﻬﺎ‪ ،‬ﻗﺮﺭﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻏﻲ ﻣﻮﻟﻠﻲ ﻋﻜﺲ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺇﺩﻏﺎﺭﻓﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﺃﻻ ﺗﻘﺎﻃﻊ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺑﻞ ﺭﺃﺕ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﻭ ﺍﻹﺳﻬﺎﻡ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﻦ ﻳﺆﻳﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻭﻓﺪﺍ ﻫﺎﻣﺎ ﺇﱃ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ )‪.(3‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪ ،‬ﻫﻮ ﳒﺎﺡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻣﺎ ﰲ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺇﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ‪,‬ﻭ ﻣﻦ ﻳﺪﻭﺭ ﰲ ﻓﻠﻜﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﳌﺸﻜﻞ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﲣﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﺃﺣﺮﺯﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﲤﺜﻞ ﰲ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ‬
‫ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﺑﻌﺎﺩﺍ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺝ "ﺯﻭﺩﻬﺗﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﻗﻮﻱ ﻣﻜﻨﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ‬
‫ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪.(4)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،10‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 05‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.9‬‬
‫‪ -2‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.361‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﳉﻬﻮﻱ ﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳉﻨﻮﺏ‪ ،‬ﺹ‪.238‬‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺗﻘﺪﻡ ﻗﺮﺍﺭ ﻫﺎﻡ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﲦﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ )‪ (18‬ﺩﻭﻟﺔ‬
‫ﺁﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻃﺎﻟﺐ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻭ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺑﻼﺩﻩ ﺍﻟﺮﺍﻓﺾ ﻷﻱ ﻃﺮﺡ ﳜﺺ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﰲ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ‪ .‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻳﻜﺘﺴﻲ ﺻﺒﻐﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻄﺎﺑﻖ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺇﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﱂ ﺗﻐﺰﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﰲ‬
‫ﻟﻔﻈﺔ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﻣﻦ ﻣﻌﲎ‪ ،‬ﺑﻞ ﺃﻬﻧﺎ ﱂ ﺗﻔﻌﻞ ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺇﺣﺘﻠﺖ ﺑﺼﻔﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺭﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺧﺎﺿﻌﺔ‬
‫ﻷﻱ ﺳﻠﻄﺎﻥ‪.(2)"..‬‬
‫ﻭ ﱂ ﻳﻘﻒ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻴﻨﻮ ‪ PINEAU‬ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻋﱪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻹﺳﺘﻴﻄﺎﱐ ﻟﺒﻠﺪﻩ ﻭ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﲡﺎﻩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻫﺪﺩ ﺑﺎﻹﻧﺴﺤﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻱ ﻻﺋﺤﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻀﻤﻮﻬﻧﺎ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻄﻰ ﺃﺭﻗﺎﻣﺎ ﻣﺰﻳﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳏﺎﻭﻻ ﲤﻮﻳﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ )‪.(3‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﲣﺬﺗﻪ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﲟﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﲰﺢ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻭﺟﺪ ﺭﻓﻀﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻗﺮﺍﺭ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﲢﺖ ﺿﻐﻂ ﺍ ﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪36‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،7‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1957‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﻭ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺇﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‬
‫ﳌﻮﻗﻒ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﻘﻢ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﺑﻮﺍﺟﺒﻬﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻛﻤﻨﻈﻤﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ‪‬ﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻠﱯ ﲡﺎﻩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﱪﺕ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﺒﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻬﻧﺎ ﻏﲑ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﳐﻄﻄﺎﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺇﻛﺘﻔﺖ ﻓﻘﻂ ﺑﺘﺄﻛﻴﺪ ﺍﳌﺒﺎﺩﻯﺀ‪ ،‬ﻭ ﺃﺣﺠﻤﺖ ﻋﻦ ﲢﻤﻞ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﻬﺗﺎ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺇﺩﺍﻧﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺭﻏﻢ ﺳﻠﺒﻴﺘﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻧﺼﺮ ﺃﺩﰊ ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪،‬‬
‫ﻭ ﺑﺄﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﺘﺘﻤﺴﻚ ﺑﻔﻜﺮﻬﺗﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﳜﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺑﻴﻨﺎﻱ" ﻣﻨﺪﻭﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻡ ‪ ،1830‬ﺻﺎﺭﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﺟﺰﺀﺍ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲨﻴﻊ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻌﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲟﺎ ﰲ‬
‫ﺫﻟﻚ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.(2)"..‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻭ ﺇﻥ ﰎ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﱂ ﺗﺘﻢ ﻭ ﺃﺟﻠﺖ ﺇﱃ ﺩﻭﺭﺓ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪.(3)1957‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،14‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.1‬‬
‫‪ -2‬ﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺯﻳﺎﻥ‪ :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺭﺽ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳌﺼﺮﻱ ‪ ،1958‬ﺹ ﺹ ‪.138-137‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 12‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1957‬ﺹ‪.6‬‬
 ‫‪ -‬ﺩﻭﺭﺓ ‪:1957‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺇﻋﺘﱪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﺭﻓﺾ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﳍﻢ‪ ،‬ﻭ ﺭﺣﺒﻮﺍ ﺑﺎﳍﺰﳝﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻣﲏ ‪‬ﺎ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻣﻨﺘﻈﺮﺍ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺪﺍﻓﻌﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻬﺎﺯﺍ ﰲ ﻳﺪ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻋﱪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﻣﺎﺭﺳﻴﻞ ﺷﺎﻣﺒﻴﻴﻪ ﻭﻛﻴﻞ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺨﺘﺺ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺇﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﺪﺧﻞ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻗﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻧﻈﺮﺓ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺗﺮﺣﺐ ﺑﻘﺮﺍﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺻﺎﳊﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ‬
‫ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﺍﻟﱵ ﻧﺎﳍﺎ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻷﺧﲑ ﺗﻌﺪ ﻧﺼﺮﺍ ﺳﺎﺣﻘﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺪ ﻫﺰﳝﺔ ﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻟﻘﺪ‬
‫ﺇﺿﻄﺮ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ‪.(1)"...‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﱪﺭ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﺻﺒﻐﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ‬
‫ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺟﺎﺀﺕ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪،‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻧﻮﻗﺸﺖ ﰲ ﺃﻛﱪ ﻣﺆﲤﺮ ﴰﻞ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺃﻻ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺆﲤﺮ‬
‫ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﻻﺣﻆ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﰲ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺁﺳﻴﺎ ﻭ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﻜﻠﻪ ﻻ ﳛﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﳛﺎﺭﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ‪ ...‬ﻟﻘﺪ ﺃﻧﻜﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﳍﺎ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ‬
‫ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‪ ...‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﺮﻗﻞ ﻣﻌﺎ ﺗﻄﻮﺭ ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ‪ ...‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﺼﻐﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ...‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﻳﻨﻜﺮ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﰲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻟﻐﺘﻪ ﻭ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ")‪.(2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.88‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.93‬‬

‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﺗﺸﺒﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪ ،‬ﲟﺒﺪﺃ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﻭ ﲢﻘﻴﻖ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻮﺏ‪ ،‬ﺭﺍﺣﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﲢﺚ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﻜﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺼﺪ‬
‫ﲢﻘﻴﻖ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﺑﲔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺩﻭﻥ ﺗﺄﺟﻴﻞ ﺃﻭ ﺗﺄﺧﲑ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﻳﻌﻴﻖ ﺩﻭﺭ ﺍﳍﻴﺌﺔ‬
‫ﺍﻷﳑﻴﺔ ﰲ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻔﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺣﱴ ﻳﺘﺪﻋﻢ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺭﺃﻯ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﻭ ﻣﻠﻮﻙ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻷﻋﻀﺎﺀ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻋﻘﺪ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺗﻘﺪﳝﻪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻭ ﺩﻭﻟﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻑ ﲟﺆﲤﺮ ﺍﻷﻗﻄﺎﺏ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺳﻌﻮﺩ ‪ -‬ﺣﺴﲔ ‪ -‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ‪ -‬ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ‪ ،‬ﰲ‬
‫‪ 27‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ 1957‬ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﰎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﳊﻖ ﻋﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﻢ ﻭ ﰲ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲤﺠﻴﺪ‬
‫ﻛﻔﺎﺣﻬﻢ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﻐﺎﺷﻢ )‪. (2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﺩﻭﺭﺓ ‪ 1957‬ﺯﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺑﲔ ﻣﻨﺎﺻﺮﻱ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔﻣﻦ ﺟﻬﺔ ‪ ،‬ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻣﺆﻳﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻣﻦ ﻳﺪﻭﺭ‬
‫ﰲ ﻓﻠﻜﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﲔ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳊﻖ ﻭ ﺳﺎﺭﻕ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ‬
‫ﲟﻤﺜﻠﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﻔﻴﻠﺒﲔ ﻭ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻭ ﺑﺮﻣﺎﻧﻴﺎ‬
‫ﻭ ﺳﺮﻳﻼﻧﻜﺎ ﺇﱃ ﻃﻠﺐ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻷﳑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﳌﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﻤﺜﻠﲔ ﻳﻠﻔﺘﻮﻥ ﻧﻈﺮ ﺭﺋﻴﺲ ﳎﻠﺲ‬
‫ﺍﻷﻣﻦ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺇﱃ ﺃﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻣﺘﻮﻓﺮﺓ ﻛﻲ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.(3)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.93‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.95‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ ﻭﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ :‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.215‬‬

‫ﻭ ﰲ ‪ 20‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺇﱃ‬

‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺪﻭﺭﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﶈﺎﺩﺛﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺑﲔ ﳑﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﻗﺼﺪ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺴﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ‬
‫ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﲟﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍ ﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺇﺻﻄﺪﻣﺖ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﲟﻌﺎﺭﺿﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻭ ﺑﻌﺾ ﺩﻭﻝ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ‬
‫ﺍﳉﻨﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﱂ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺘﺮﺍﺡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻴﻮﻋﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﺷﺪ ﻏﻤﻮﺿﺎ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ ﺩﻭﻝ‬
‫ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻳﻠﻐﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﻜﻴﺎﻥ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﺬﺍﺗﻪ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺇﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﳓﻮ ﺃﺳﺒﻮﻋﲔ‪،‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﰲ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪1957‬ﺍﻟﺪﻱ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻟﻠﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺩﻭﺭ ﻓﻴﻪ ‪ ،‬ﺃﺷﺎﺭﺕ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻳﺴﺒﺐ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻵﻻﻡ ﻭ ﺍﳋﺴﺎﺋﺮ‬
‫ﰲ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ‪ ،‬ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺄﻣﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﻋﺎﺩﻝ ﻣﺸﺒﻌﺎ ﺑﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻫﺬﺍ‪،‬‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻼﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻃﺒﻘﺎ ﳌﺒﺎﺩﻯﺀ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(3‬‬
 ‫ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ ﻭ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ ،‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.216‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﲢﺼﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻊ ﻭ ﺳﺒﻌﲔ )‪ (77‬ﺻﻮﺗﺎ ﺿﺪ ﻻﺷﻲﺀ‪ ،‬ﻭ ﱂ ﺗﺸﺘﺮﻙ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ‬
‫ﻭ ﱂ ﲢﻀﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﺮ ﻭ ﺟﻨﻮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺃﺩﺭﺟﺖ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺖ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ‪ ،‬ﺗﺘﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻗﻤﻊ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺇﻧﺘﻬﺎﻙ ﺍﻹﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﲢﺮﻡ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﳉﻨﺲ‪ ،‬ﻭ ﺇﺗﺒﺎﻉ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﻨﺎﺀ ﺷﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻗﻤﻌﻪ‪ .‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﺣﺎﻓﻆ ﻭ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.83‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻣﺮﻛﺰ ﻗﻮﺓ ﻣﺪﻋﻤﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬
‫ﻭ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺴﻴﺪ ﺑﻴﻨﻮ‪ ،‬ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﻼﺩﻩ‬
‫ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺓ‪ ،‬ﻣﺘﺠﺎﻫﻼ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲝﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺪﺭﻫﺎ‬
‫ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺩﻓﺎﻋﻪ ﻫﺬﺍ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﺘﻠﻘﻰ‬
‫ﺟﺰﺀﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻛﺒﲑ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ‬
‫ﻣﺼﺮ‪.(1)"..‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺣﺘﻠﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺻﺪﺍﺭﺓ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ‪ ،1957‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﱂ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻋﺎﺭﺿﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﺻﺮﺍﺭ ﳑﺜﻠﻲ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﳏﻮﺭ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ‪ ،‬ﻣﻌﺘﱪﺓ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺸﻜﻼ ﺧﺎﺻﺎ ﻭ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ‪ ،‬ﻻ ﳛﻖ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ‬
‫ﻃﺮﺣﻪ ﻭ ﻻ ﺣﱴ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﻘﺪﱘ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺇﱃ ﺩ ﻋﻮﺓ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﻳﻌﻘﺐ ﺫﻟﻚ‬
‫ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺍﳌﺘﻨﺎﺯﻋﲔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺳﻮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﻭ ﺩﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ )‪.(2‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﺩﻓﻊ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺇﱃ‬
‫ﺗﻘﺪﱘ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻭ ﺳﻴﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻔﻠﻴﺒﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﲟﺸﺮﻭﻉ‬
‫ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺗﺒﺪﻱ ﻓﻴﻪ ﺃﻣﻠﻬﺎ ﰲ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪. (3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬ﺣﺎﻓﻆ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.84‬‬

‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،7‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﺹ‪.12‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺇﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﺓ)‪ (10‬ﺃﻳﺎﻡ‪ ،‬ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻗﺮﺍﺭ ﻭﺳﻂ‪ ،‬ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻋﻨﻪ ﺳﺒﻊ‬
‫ﻭ ﺳﺒﻌﻮﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻏﻠﺒﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪,‬ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺟﻠﺴﺔ‬
‫ﻭ ﻳﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺃﻥ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺩﺕ ﺇﱃ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﺟﺴﻴﻤﺔ ﰲ‬ ‫‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪،1957‬‬
‫ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ‪ ،‬ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻌﺮﺏ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺃﻣﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭ ﺑﺮﻭﺡ ﻣﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ‬
‫ﺇﱃ ﺣﻞ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﻭ ﻋﺎﺩﻝ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲟﺎ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﲡﺎﻫﻞ ﲤﺎﻣﺎ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﺑﺄﻥ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻛﻴﺎﻧﺎ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺬﺍﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻭ ﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺫﻛﺮ ﻃﺮﰲ ﺍﻟﱰﺍﻉ‪ ,‬ﻭ ﺣﱴ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‪ ،‬ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﲰﻌﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﱂ ﺗﺮﺽ ﺑﻪ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺑﻞ ﺭﻓﻀﺘﻪ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻟﺴﻠﺒﻴﺘﻪ‪ ،‬ﺭﻓﻀﺎ ﻗﺎﻃﻌﺎ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﻗﺘﺼﺮﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﻬﺗﺎ ﻫﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪-‬‬
‫ﺍﳌﺮﺍﻛﺸﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﱰﺍﻉ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺴﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،‬ﻭ ﺑﻌﺪ ﺇﳚﺎﺩ ﺃﺭﺿﻴﺔ ﺻﻠﺒﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﻣﺪﻋﻤﺔ ﺩﻋﻤﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳍﺎ‪ ،‬ﺟﺎﺀ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻰ ﺩﻓﻌﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﳌﺴﺎﺭ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﻬﺗﺎ)‪ ،(3‬ﺑﻌﺪ ﳒﺎﺡ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ‬
‫ﻛﺴﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﻭﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‪ ,‬ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ‬
‫ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻺﻧﻄﻼﻕ ﳎﺪﺩﺍ ﺇﱃ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﻫﻴﺎﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺷﻌﻮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎﻭﺁﺳﻴﺎ)‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ)‪ (29‬ﻧﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳉﻠﺴﺔ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪.1957‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ ﻭ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ :‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ ‪ ,‬ﺹ‪.216‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺭﻗﻢ)‪.(15‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ ﻭﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ‪ :‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬

‫ﻭ ﺇﻥ ﲤﻜﻨﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻭ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺪﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺃﻥ ﲢﻘﻖ‬
‫ﻭ‬ ‫ﻣﺒﺘﻐﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳌﻌﺪﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻞ ﰲ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ‬
‫ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻲ‪ ،‬ﻭ ﺇﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﰲ ﻣﺄﺯﻕ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭ ﰲ ﻛﻞ‬
‫ﻣﺮﺓ ‪,‬ﻫﻮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﳛﻖ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‬
‫ﻣﺴﺘﺪﻟﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳍﻴﺄﺓ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻻ ﳛﻖ ﳍﺎ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻝ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻗﺒﻠﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﺄﻳﺔ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﺑﺸﺄﻬﻧﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻀﻤﻮﻬﻧﺎ )‪.(1‬‬
‫ﻣﻊ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺗﻌﺘﱪ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﺛﺎﻟﺜﺎ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺃﺧﺬﺕ ﺣﻴﺰﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ ﺧﻴﺒﺔ ﺃﻣﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻨﻴﺖ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﳏﺎﻭﻻﻬﺗﺎ ﺍﻟﻔﺎﺷﺔ ﰲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﺩﻭﻝ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﳉﻨﻮﺑﻴﺔ‬
‫ﲟﺎﲰﺘﻪ ﺑﺎﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ)‪ ،(2‬ﻟﻜﻞ ﻛﻞ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﺑﺎﺀﺕ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﻭﻗﻮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﲢﻄﻴﻢ ﺇﺩﻋﺎﺀﺍﻬﺗﺎ ﺍﻟﻜﺎﺩﺑﺔ ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻘﻴﺘﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺟﻌﻞ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ‪,‬ﻭ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﻛﻞ‬
‫ﺷﻲﺀ‪ ،‬ﺳﻮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺣﱴ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪،‬‬
‫ﺃﻭ ﺣﱴ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺇﲢﺎﺩ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﺻﺤﻴﺢ ﺑﲔ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫ﺃﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻬﺗﺪﻑ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ‪,‬ﺍﳌﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﻜﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭ ﺭﻭﺡ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﳌﺴﺠﻠﺔ ﰲ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺔ ﺇﻋﺘﺮﻑ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺃﻬﻧﺎ ﺧﻄﲑﺓ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ )‪.(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،11‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.1‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺩﻭﺭﻬﺗﺎ ﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺣﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺤﺖ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻠﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﻞ ﺷﺠﻌﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭ ﺣﺮﺏ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ‬
‫ﺿﺪ ﺷﻌﺐ ﺃﻋﺰﻝ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻮﻗﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫"ﺇﻥ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﳍﺎ ﻣﻴﺜﺎﻗﺎ ﻳﱪﺯ‬
‫ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺇﻧﺼﺎﻑ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻳﻘﻒ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺘﻪ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻷﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺼﺮﺍﺣﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻻ ﻳﻘﺮ‬
‫ﺍﻹﺟﺮﺍﻡ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻳﺸﺠﻌﻪ‪ ،‬ﻭ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﺑﺄﻟﻔﺎﻅ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻴﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺍﳌﺪﻟﺴﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻣﺎ‬
‫ﻧﻨﺘﻈﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻣﺘﺤﺎﻥ‪ ،‬ﻭ ﻧﺮﺟﻮ ﳍﺎ ﳐﻠﺼﲔ ﺃﻥ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻴﻪ‪.(1)"..‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺁﻣﺎﻟﻪ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﻧﺼﺮﺓ‬
‫ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﳍﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﳌﺮﺻﺎﺩ‪ ،‬ﺃﻣﺎﻡ ﺿﻌﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﻭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﺴﺐ ﻋﻄﻒ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺏ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻘﻴﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﻣﻦ ﺃﺷﻘﺎﺋﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ "ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ"‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،11‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.2‬‬

‫‪-‬ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪:1958‬‬

‫ﻭﺍﻛﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻭ ﻏﻴﺎﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻦ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻄﺒﻘﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺸﺎﻏﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﺣﺘﻠﺖ ﺻﺪﺍﺭﺓ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺪﻱ ﻟﻌﺒﻪ ﳑﺜﻠﻮ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺪﻱ ﻇﻬﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﻭﻓﻮﺩﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳊﻤﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﺷﻨﻬﺎ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﻫﺎ ﳓﻦ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻨﺎ‬
‫ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺣﲔ ﻧﺒﺪﺃ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ...‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻨﺎ ﻏﻔﻠﺔ ﺃﻭ ﺇﳘﺎﻻ‪ ،‬ﺇﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﻭ ﺣﺮﺏ ﲢﺮﻳﺮ‪ ،‬ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﻟﻌﺰﻳﺰﺓ ﺣﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ‪ ..‬ﻭ ﻗﻀﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺷﺄﻬﻧﺎ‬
‫ﻻ ﳝﻜﻦ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻠﻘﻰ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﺍﳉﺪﻳﺮﺓ ﺑﻘﺪﺍﺳﺘﻬﺎ ﻭ ﲰﻮ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ‪ ..‬ﻭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﺒﻮﺃ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﲔ ﲨﻴﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﻻ ﻳﺼﺒﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻷﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺳﺒﻘﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ..‬ﻭ ﻻﺷﻚ ﺃﻥ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻗﻀﺎﻳﺎ‬
‫ﺩﻭﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺇﻗﻠﻴﺴﻴﺔ ﺗﺴﺘﺄﺛﺮ ﺑﺈﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ‪ ،‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﺘﺼﺪﺭ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﻞ‬
‫ﺑﺎﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺼﺪﺍﺭﺓ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﻨﺎﺯﻉ‪.(1)"..‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻛﺴﺎﺑﻘﺎﻬﺗﺎ‬
‫ﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻠﻔﺎﺀ ﳍﺎ ﺳﻴﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ‪,‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ‬
‫‪‬ﺆﻻﺀ‪ ،‬ﺇﱃ ﻓﺮﺽ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﻭ ﺇﻋﻄﺎﺋﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻭ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻭ ﻏﺾ ﺍﻟﻄﺮﻑ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﲡﺎﻫﻠﻬﺎ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﲟﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﺣﺘﺠﺎﺝ ﻭ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ‬
‫ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭ ﻟﻮ ﻛﻘﻀﻴﺔ ﺃﺧﲑﺓ )‪.(2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،‬ﺹ‪.39‬‬
‫‪ -2‬ﻟﻘﺪ ﻋﱪ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺪﻭﻳﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﻭﺍﺿﺢ‪ ،‬ﻭ ﱂ ﻧﻄﻠﺐ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﻗﺶ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺑﻞ ﻭﺍﻓﻘﻨﺎ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﺝ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺳﺮﺍ ﳛﻈﺮ ﺇﻓﺸﺎﺅﻩ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺘﺎﺏ ﲡﺮﺑﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪ "...‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ‪.39‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﲡﺎﻫﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻃﺒﻘﺖ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺸﺎﻏﻞ‪ ،‬ﻣﺘﺠﺎﻫﻠﺔ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺑﻞ ﺿﺮﺑﺖ ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ ﻋﺮﺽ ﺍﳊﺎﺋﻂ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﻭ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺸﻐﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻮﺿﻊ ﺩﺳﺘﻮﺭﻫﺎ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ‬
‫ﳚﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳏﻮﺭﺍ ﻣﻦ ﳏﺎﻭﺭﻩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻟﱵ‬
‫ﺇﺭﺗﻜﺰﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﻭ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ )‪.(1‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﻗﻮﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﻟﻜﻢ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺗﺒﺪﻭ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‪ ..‬ﻭ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻷﻭﺍﻧﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺷﻚ‪ ،‬ﻟﻮ ﺃﻧﻨﺎ ﺑﺪﺃﻧﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﺭ‪،‬ﻭ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﻘﻼﺓ‪.(2)"..‬‬
‫ﻭ ﺣﱴ ﻳﺘﻢ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻤﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳍﺮﻭﺏ ‪,‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﳝﻜﻦ‬
‫ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﰲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻌﲏ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﳊﺎﺿﺮﻳﻦ ﻳﺘﺄﺳﻔﻮﻥ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺸﺮﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻻ ﺗﺎﺭﳜﻬﺎ‪ .‬ﻭ ﻗﺪ ﻋﱪ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻛﻌﻀﻮ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳌﺨﺰﻱ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‪ ،‬ﻷﻧﲏ ﺣﲔ ﺃﺟﻴﻞ ﺑﺼﺮﻱ ﰲ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺃﺟﺪ ﺃﻥ ﻣﻘﻌﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺷﺎﻏﺮ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ..‬ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺆﺳﻒ ﺣﻘﺎ ﻓﺮﻏﻤﺎ ﻋﻦ‬
‫ﺃﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺎﺭﻍ ﲤﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﳍﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﻌﺪﻫﺎ ﻓﺮﻏﺎ‪ ..‬ﺇﻥ ﲣﻠﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﺘﻨﻜﺎﺭ‪ ،‬ﺇﻧﻪ ﺇﻫﺎﻧﺔ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺇﻧﻪ ﺇﺳﺘﺨﻔﺎﻕ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻣﺎ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻧﺒﻴﻠﺔ‪ ،‬ﺇﻧﻪ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻊ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻭ ﺇﻧﻪ ﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﺇﺯﺩﺭﺍﺀ ﺑﺎﳉﻨﺮﺍﻝ‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ‪ ...‬ﺇﻬﻧﺎ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺳﻴﺌﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﻤﺮﻫﺎ‪.(3)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﻭ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺝ‪ ،2‬ﻡ‪.2‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.40‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﻏﻴﺎﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻗﺪﻣﻮﺍ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﻭﺍﻓﻴﺔ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﺑﺪﻭﺍ ﺇﺳﺘﻴﺎﺀﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻭﻋﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻗﻒ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭ ﻓﺘﺢ ﺑﺎﺏ‬
‫ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﻭ ﻋﺎﺩﻝ ‪,‬ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ﰲ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺧﺼﻤﺎ ﻋﻨﻴﺪﺍ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ﺍﳌﺆﲤﺮﻳﻦ ﲟﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻗﺎﺋﻼ‪:‬‬
‫"ﺑﺎﺕ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﺑﺸﺄﻥ ﻭﻗﻒ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‪..‬‬
‫ﻭ ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺪ ﲣﻠﻔﺖ ﻋﻦ ﺁﺩﺍﺀ ﺍﳊﺴﺎﺏ ﻭ ﲣﻠﻔﺖ ﻋﻦ ﺍﳊﻀﻮﺭ‪ ..‬ﻭ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﺃﻣﻠﻨﺎ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺃﻥ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺤﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ..‬ﺃﺟﻞ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺗﺄﰐ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻟﺘﻘﻮﻝ ﻟﻜﻢ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪...‬ﻭ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺁﻣﺎﻟﻨﺎ‬
‫ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﱪﺭ‪ ..‬ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﳓﺴﺐ ﺃﻥ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺑﻄﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺳﻴﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﺮﻳﺮ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.(1)"..‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﺴﻚ ﳑﺜﻠﻮ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﲟﺒﺎﺩﻯﺀ ﻭ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪,‬‬
‫ﻣﺮﻛﺰﻳﻦ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺀ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺩﺩﻬﺗﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ‪,‬ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺗﻔﺴﻪ ﺑﻘﻴﺖ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺘﺼﻠﺐ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﱪﻬﺗﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ,‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻝ ﻱ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ‪,‬ﻣﺴﺘﻨﺪﺓ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻣﻮﺍﺩ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﺧﺘﺼﺎﺻﺎ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻗﺼﺪ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪﺕ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻦ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‬
‫ﺣﺮﺓ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﻭﻥ ﺷﺮﻭﻁ ﻣﺴﺒﻘﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻧﺴﻒ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻣﺖ ‪‬ﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺠﻮﻡ ﻭﺣﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﻐﺎﺭﺍﺕ ﺟﻮﻳﺔ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.41‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺟﻬﻨﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻵﻣﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺘﻠﺖ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻭ ﺩﻣﺮﺕ ﺍﳌﻨﺎﺯﻝ ﻭ ﺃﺣﺮﻗﺖ ﺍﳌﺰﺍﺭﻉ)‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺑﺬﻟﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻛﻞ ﳎﻬﻮﺩﺍﻬﺗﺎ ﲟﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪,‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ‬
‫ﲪﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﺫﻫﺐ ﻫﺒﺎﺀﺍ‪ ،‬ﻷﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺗﺮﻣﻲ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﳎﺎﻻﺕ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ﻗﺼﺪ ﺗﻘﺰﳝﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﻁ ﺛﻼﺙ ﻫﻲ‪ :‬ﻭﻗﻒ‬
‫ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺃﻭﻻ ﰒ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺃﺧﲑﺍ )‪ ،(2‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺘﻌﺠﻴﺰﻳﺔ ﻫﺎﺗﻪ ﱂ ﺗﺜﻦ‬
‫ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ,‬ﺣﻴﺚ ﺃﺷﺎﺭ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﺍ ﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﺪﺍ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪:‬‬
‫"ﻟﻘﺪ ﺇﻗﺘﺮﺣﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮﺓ‪ ،‬ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﰲ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻄﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﱵ ﳜﺘﺎﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻋﺮﺽ ﺇﻗﺘﺮﺍﺣﺎ ﻣﻀﺎﺩﺍ ﺃﲰﺎﻩ‬
‫" ﺳﻠﻢ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ" ﻭ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺄﻥ ﻳﺴﻤﻰ "ﺇﺳﺘﺴﻼﻡ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ" ﻭ ﻟﻴﺲ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺟﺒﺎﻥ‬
‫‪,‬ﻟﻘﺪ ﺳﺠﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﺸﺮﻗﺔ ﰲ ﻣﺴﺎﻫﺘﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﳜﻬﻢ‬
‫ﺍ‪‬ﻴﺪ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻨﺴﺎﻩ‪.(3)"..‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺧﺘﺘﻤﺖ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺬﻋﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻠﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻧﺘﻬﺖ‬
‫ﺃﺷﻐﺎﳍﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﲢﻘﻖ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻹﺭﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﻧﺼﺮ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺮﻫﻨﺖ ﻋﻠﻰ‬
‫ﲢﺪﻱ ﻫﺪﻩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻣﻦ ﻳﺆﻳﺪﻫﺎ ‪,‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺇﻧﲏ‬
‫ﺃﺭﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻷﻥ ﺇﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﳊﺮﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺑﺪﻳﻞ ﺳﻮﺍﻩ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﻌﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻞ‬
‫ﻭ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ‪ ..‬ﺇﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺷﻌﺒﺎ ﻭ ﺣﻜﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺼﻤﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺣﱴ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ ..‬ﻭ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﺼﺮ‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪.(4)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﺍﳌﻠﻒ ﺍﳋﺎﺹ ﲟﺠﺰﺭﺓ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ‪،‬‬
‫ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ‪ ،37‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1995‬ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.9-8-7‬‬
‫‪ -2‬ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺇﻧﺘﻬﺠﻬﺎ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻗﺼﺪ ﺷﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺗﻄﻮﻳﻘﻬﺎ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ .‬ﻭ‬
‫ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺑﻨﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﰲ ﺍﳌﻠﺤﻖ ﺍﳋﺎﺹ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.49‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.61‬‬

‫‪-‬ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪:1959‬‬

‫ﱂ ﲢﻆ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺈﻫﺘﻤﺎﻡ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭ ﱂ ﺗﻌﻂ ﳍﺎ‬
‫ﺍﻷﳘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻃﺮﻓﺎ ﰲ ﺍﻟﱰﺍﻉ‪ ،‬ﻭ ﺭﻏﻢ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺂﺳﻲ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﺛﻮﺭﺗﻪ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ‪،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﺑﻞ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻄﻲ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺃﻗﻞ ﺃﳘﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻜﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﻗﻀﻴﺔ ﺍ‪‬ﺮ ﻭ ﻗﻀﻴﺔ‬
‫ﺳﻴﻨﺎﺀ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﺟﱪﻓﺮﻧﺴﺎ ﳊﻀﻮﺭ ﻣﻌﺎﳉﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻗﺎﺋﻤﺘﻬﺎ ﻭ ﻭﻗﻒ ﻣﻌﻬﺎ ﺣﻠﻔﺎﺅﻫﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻋﺘﱪﻭﺍ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻋﻤﻼ ﻋﺪﺍﺋﻴﺎ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻬﺗﺪﺩ ﺑﺎﻹﻧﺴﺤﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﰎ‬
‫ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻓﻤﻦ ﳛﻦ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﻕ ﺍﻟﻌﺪﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺯﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ؟ ﻭ ﻣﻦ ﻳﻌﱪ ﻋﻤﺎ ﳚﻮﻝ ﰲ ﺧﺎﻃﺮﻩ ﻭ ﻭﻳﻮﺍﺳﻪ ﰲ ﻣﺂﺳﻴﻪ؟‬
‫ﺇﻬﻧﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﱵ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﺍﻟﻐﺮﰊ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺗﲔ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺃﺣﺴﺖ ﲟﺎ‬
‫ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﺪﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺪﻭﺑﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﺧﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺄﺧﺪ ﺍﳉﺪ‬
‫‪ ,‬ﻭ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻧﺪﺧﻞ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﺃﺻﺪﻕ ﺗﻌﺒﲑ ﲡﺎﻩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳍﺎ ﻋﻮﺍﻃﻔﻬﺎ‬
‫ﻭ ﺃﺣﺎﺳﻴﺴﻬﺎ‪ ..‬ﳍﺎ ﲡﺎﺭ‪‬ﺎ ﺍﻷﻟﻴﻤﺔ ﻭ ﻣﺂﺳﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻥ ﳍﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﻮﺍﻓﺰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﻔﺔ ﻭ‬
‫ﺷﻮﻗﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭ ﺍﳊﻖ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﺑﻞ ﺃﻥ ﳍﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺎﺭﳜﻬﺎ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ‪ ،‬ﳌﺎﺋﺔ ﻭ ﲬﺴﲔ ﻋﺎﻣﺎ ﲤﻴﺰﺕ ﺑﺎﳊﺮﺏ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﺍﻟﻴﺘﻢ ﻭ ﺍﻟﺜﻜﻞ ﻭ ﺍﳋﺮﺍﺏ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ‪ ..‬ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺂﺳﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺜﲑﻩ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺣﺎﺳﻴﺲ ﺍﻟﺘﺄﺭ ﻭ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ‪.(2)"..‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﻛﻢ ﻣﺮﺓ ‪,‬ﺗﻘﺪﱘ ﺷﻜﻮﻯ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳌﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺑﺘﻬﻤﺔ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺟﻨﺲ ﺑﺸﺮﻱ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺿﻪ ‪,‬ﻭﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.64‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.65‬‬
‫ﳉﻨﺔ ﲢﻘﻴﻖ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﺮﺑﺖ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ ﻋﻦ ﻗﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﺩﻋﺖ ﺇﱃ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻞ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﻭ ﻣﺒﺎﺩﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﱂ ﺗﺄﺧﺬ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﻌﲔ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ‪ ،‬ﻭ ﱂ ﺗﺴﺘﺠﺐ ﻟﻨﺪﺍﺀﺍﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﻞ‬
‫ﲢﺪﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻭ ﺩﺍﺳﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﲦﺮﺕ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ‬
‫ﺍﳋﺮﻳﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﺰﺍﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺗﺼﺮﳛﻪ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪.(2)1959‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﳑﺜﻞ‬
‫ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﺇﱃ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺖ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﳊﺴﺎﺏ‪،‬‬
‫ﻭ ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺖ ﺇﺩﺍﻧﻪ ﺍﳌﺨﻄﻰﺀ ﻭ ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﳌﺼﻴﺐ‪ ...‬ﳓﻦ ﻧﺆﺛﺮ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﺎﻡ‪ ..‬ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ‬
‫ﻳﻄﻮﻱ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﳌﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻭ ﻳﺸﻔﻲ ﺍﳉﺮﺍﺡ‪ ،‬ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺒﲏ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ‪ ..‬ﻭ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ‬
‫ﺍﳋﲑﺓ‪ ،‬ﺳﻨﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺐ ﺭ ﺳﻨﺔ ‪ ،1959‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪ ..‬ﺃﺟﻞ ﺳﻨﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1959‬ﻻ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1830‬ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪ ،‬ﻻ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ﺇﻧﺘﻬﺎﻙ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﳌﺼﲑ‪.(3)"..‬‬
‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﺗﺼﺮﳛﺎﺕ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ﺑﻴﺎﻧﻪ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻣﻨﻬﺎ‪" ،‬ﺇﺫﺍ ﻗﺪﺭ ﺍﷲ ﱄ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺃﻧﲏ‬
‫ﺃﻟﺰﻡ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺄﻥ ﺃﺳﺄﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺃﻃﻠﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺃﻥ ﻳﺆﻳﺪﻭﺍ ﻣﺎ ﳜﺘﺎﺭﻩ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ‪.(4)"..‬‬
‫ﺇﻻ ﺃﻥ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲢﺖ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﱂ ﺗﺘﻐﲑ‪ ،‬ﺭﻏﻢ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.66‬‬
‫‪ -2‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ‬
‫‪ ،1959/09/16‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،52‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ ،1959/10/05‬ﺹ ﺹ‬
‫‪ 1‬ﺇﱃ ‪9‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.66‬‬
 ‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.67‬‬

‫ﳏﺎﻭﻻﺕ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﺘﻠﻴﲔ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﺳﻜﺮﺗﻴﲑﻫﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﳘﺮ ﺷﻮﻟﺪ" ﺇﱃ‬
‫ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻗﺼﺪ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﳏﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﻛﺎﻥ ﻳﺰﻋﻢ ﺃﻥ ﺻﻔﺤﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ‬
‫ﻗﺪ ﺇﻧﺘﻬﺖ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ‪,‬ﻭ ﺃﻥ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻗﺪ ﺃﺧﺘﻨﻘﺖ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﻭﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺗﻔﻜﺮ ﺟﺪﻳﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺩﻭﺭﻬﺗﺎ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻌﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﳍﺪﻑ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻹﺩﻣﺎﺝ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺷﺎﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺳﺒﺒﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﰲ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻣﻊ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﲔ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺩ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺻﺮﳛﺎ ﻭ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺣﻴﺚ ﺇﻋﺘﱪﺗﻪ‬
‫ﺍﳉﺒﻬﺔ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺻﺎﳊﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻭ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺍﻣﻴﻪ‪ ،‬ﻳﻌﺘﺮﻑ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﻣﺼﲑﻩ‪ ،‬ﻭ ﺗﺄﻛﺪ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﻛﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﻘﺎﺑﻠﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ‬
‫ﺃﺣﺪ ﲡﺎﻫﻠﻪ )‪ ،(2‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﻗﻒ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭﺗﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ‪ 28‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪, (3) 1959‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﻤﺘﻪ ﻭ ﺃﻳﺪﺗﻪ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ,‬ﻭ ﻗﺪ ﻋﱪ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﰲ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻭ ﺑﺴﻴﻂ ﻭ ﻭﺍﺿﺢ‪،‬‬ ‫ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﺇﻧﻜﻢ ﻟﺘﺠﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻗﻴﻖ‬
‫ﺇﻧﻪ ﺩﻗﻴﻖ ﻷﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﻣﻄﻮﻟﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﻧﻪ‬
‫ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ...‬ﻭ ﺃﺧﲑﺍ ﺇﻧﻪ ﻭﺍﺿﺢ ﻷﻥ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬ ‫ﺑﺴﻴﻂ ﻷﻧﻪ ﻻﺷﻲﺀ ﺃﺑﺴﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺃﻋﻨﻒ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ‪...‬ﻭ ﺇﱐ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬ ‫ﺍﳌﺼﲑ ﺃﺳﻄﻊ ﻣﻦ ﺃﻥ ﲢﺠﺒﻪ ﺃﻓﺼﺢ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺎﺕ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ‪ ،‬ﳑﺘﺎﺯﺓ ﺑﺈﺻﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺇﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺣﱴ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ‪...‬ﺇﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻬﻧﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺘﻴﺴﺮ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺃﻥ ﻳﻘﻴﻢ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ..‬ﺇﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻔﺮﺽ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭ ﻻ ﺃﻥ ﺗﻘﻴﻢ ﺣﻜﻤﺎ ﺩﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺎ ﺇﻬﻧﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻟﺘﻤﻜﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺃﻥ ﻳﻌﱪﻭﺍ ﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﻬﺗﻢ ﻛﺒﺸﺮ ﳍﻢ‬
‫ﺇﺭﺍﺩﻬﺗﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭ ﺃﻥ ﳝﺎﺭﺳﻮﺍ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻛﺸﻌﺐ ﻭ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺸﻮﺍ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ‪ ..‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮ‬
‫ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻭﻻ ﻭ ﺁﺧﺮﺍ‪.(4)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 47‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1959‬ﺹ‪.2-1‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،52‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1959‬ﺹ‪ 1‬ﻭ ‪.9‬‬
‫‪ -3‬ﺣﻮﻝ ﻧﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻧﻈﺮ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
 ‫‪ -4‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.81‬‬

‫ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺔ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺇﱃ ﻧﺸﺮﻩ ﻛﺎﻣﻼ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺫﺍﻬﺗﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﺫﺍﻋﺖ ﺇﺫﺍﻋﺔ "ﺃﻭﺭﺑﺎ ﻭﺍﺣﺪ "‪EUROPE UN‬‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﺍﺀ ﺍﻟﻄﻠﻖ ﺑﺼﻮﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ‬
‫ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﺸﺠﻊ ﺇﱃ ﺩﺭﺟﺔ ﱂ ﻧﻜﻦ ﳓﻠﻢ ‪‬ﺎ‪ ,"..‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺎﳝﺰ ﺃﻭﻑ‬
‫ﺃﻧﺪﻳﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﺭﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻭ ﻣﻘﺒﻮﻝ‪.(1)"..‬‬
‫ﺇﻥ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺟﻌﻠﺖ ﺟﻞ ﺍﳌﻼﺣﻈﲔ ﳚﻤﻌﻮﻥ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺮ ﻣﺸﻜﻞ ﻭﺍﺟﻬﺘﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﺃﻛﱪ ﻫﻴﺌﺔ ﺃﳑﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ‬
‫ﺗﻌﻨﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﻏﻄﺮﺳﺘﻬﺎ ﲡﺎﻩ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺩﻭﺭﺓ ‪ 1959‬ﻧﺎﻗﺸﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺃﺳﺒﻮﻋﲔ ﻛﺎﻣﻠﲔ‬
‫ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ )‪ ،(2‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺻﻠﺖ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺇﱃ ﺭﺃﻱ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻏﻠﺒﻴﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻻﺋﺤﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻻﺋﺤﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﱂ ﲢﻘﻖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻱ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺴﺎﺑﻘﺎﻬﺗﺎ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﻭﻗﻮﻑ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺃﺻﻴﺒﺖ ﲞﻴﺒﺔ ﺃﻣﻞ ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺣﻔﻆ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ‬
‫ﺃﻣﺎﻡ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﱂ)‪.(3‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺧﺘﻢ ﺍﳌﻨﺪﻭﺏ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﺑﻴﺎﻧﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﻭ ﺃﺧﲑﺍ ﻳﺎﺳﻴﺪﻱ‪ ،‬ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺃﺧﺘﻢ ﺑﻴﺎﱐ ﺇﻟﻴﻜﻢ‪ ،‬ﺃﻥ ﺃﻭﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻻ ﻳﻐﺎﻣﺮﻛﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻚ ﻭ ﻻ ﺭﻳﺐ‪ ..‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،52‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ ،1959/10/5‬ﺹ ﺹ ‪ 1‬ﺇﱃ ‪.9‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ ،1959/12/15‬ﺹ ﺹ ‪.7-6‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،59‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ ،1960/01/11‬ﺹ‪.3‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻻ ﳛﻮﻝ ﻭ ﻻ ﻳﺰﻭﻝ‪ ،‬ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻄﺎﻟﺒﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ..‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﻘﻒ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ‬
‫ﻭﻗﻔﻪ ﺻﺎﻣﺪﺓ ﺑﺎﺳﻠﺔ ﻭ ﻫﻮ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺰﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻴﺪ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪...‬‬
‫ﻭ ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻬﺗﻴﺄ ﻟﻠﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﳊﺮﺓ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺪﻳﻼ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﺒﺢ ﲨﺎﺡ ﺍﳊﺮﺏ‪،‬‬
‫ﻭ ﺃﻥ ﳚﻨﺢ ﻟﻠﺴﻠﻢ‪..‬ﺇﻧﻨﺎ ﻟﻨﺮﺟﻮ ﺃﻥ ﺗﺴﻜﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﻗﻌﻘﻌﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻟﺘﺘﻜﻠﻢ ﻟﻐﺔ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺻﻴﺤﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪.‬‬
‫ﺇﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻞ ﻛﺒﲑ ﺃﻧﻨﺎ ﺳﻨﻬﲎﺀ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﻭﻓﺪﻳﻬﻤﺎ ﻭ ﳘﺎ ﳚﻠﺴﺎﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﳒﺎﺡ ﻣﻔﺎﻭﺿﺘﻬﻤﺎ ﻭ ﻭﺻﻮﳍﻤﺎ ﺇﱃ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﻛﺎﻣﻞ‬
‫ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪ ..‬ﻭ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍ‪‬ﻴﺪﺓ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪..‬‬
‫ﳓﻦ ﻧﺘﻄﻠﻊ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺪﻣﻮﻉ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭ ﺍﻹﺑﺘﻬﺎﺝ‪ ،‬ﻟﻨﻜﺮﺱ ﻋﻬﺪﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻻ‬
‫ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻭ ﻟﻜﻦ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.(1)"..‬‬
‫‪-‬ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪:1960‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﺩﺧﻮﻻ ﻗﻮﻳﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺣﻴﺚ‬
‫ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺩﺧﻮﻝ ﺃﻭﻝ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﰲ ‪20‬‬
‫ﺟﻮﺍﻥ ‪ 1960,‬ﻭ ﻫﻲ ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺟﻨﻴﻒ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻀﺤﺎﻳﺎ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﱵ ﺃﺑﺮﻣﺖ ﻋﺎﻡ ‪ ،1949‬ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﻀﻮ ‪ ،77‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﺩﻻﻟﺔ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻗﺪ ﻗﱪﺕ ﻭ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻷﺑﺪ)‪ ،(2‬ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺒﺨﺮ ﺍﳊﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺍﻭﺩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﰲ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻭ ﰲ ‪ 2‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1960‬ﺭﺃﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺗﺬﻛﲑ ﻫﻴﺌﺔ ﺍ ﻷﻣﻢ ﺍ ﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺜﺖ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻃﻠﺐ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.95‬‬
 ‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،73‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪.1960‬‬

‫ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺃﺭﺩﻓﺖ ﻫﺪﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﲟﺬﻛﺮﺓ‬
‫ﺗﻮﺿﻴﺤﻴﺔ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺗﺬﻛﲑ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻗﺪ ﺳﺠﻠﺖ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺕ‪ ،‬ﻭ ﰲ ﻛﻞ ﺩﻭﺭﺓ‬
‫ﻋﺎﺩﻳﺔ ‪,‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻡ ‪ ،1955‬ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﲢﻈﻰ ﺑﺎﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻼﺋﻘﺔ ‪‬ﺎ ﺭﻏﻢ ﺃﳘﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﻋﺮﺽ‬
‫ﻗﺮﺍﺭ ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ )‪ ،1012‬ﻭ ‪ (1184‬ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺟﻠﺴﺔ‬
‫ﻋﺎﻣﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﲟﻮﺟﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺍﺳﻠﺔ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻮﻓﻮﺩ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺩﻭﺭ ﻓﻌﺎﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ ,‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‬
‫ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻏﺎﻳﺘﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ﺃﻥ ﻧﻀﻊ ﺃﻣﺎﻣﻜﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻴﺔ‬
‫ﺃﻭ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺇﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﳘﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻏﺪﺕ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﱵ ﰎ ﺍﻟﺒﺖ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﻬﻧﺎﺋﻴﺎ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭ ﺿﺪ ﻓﺮﺳﺎ ﻣﻨﺬ ﺃﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻧﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﺒﺤﺚ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ‪ ،‬ﺃﻭ‬
‫ﺇﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻓﻴﻬﺎ‪ ..‬ﻭ ﳓﻦ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻛﺜﲑﺍ ﻏﻴﺎﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳉﻠﺴﺔ‪.(2)"..‬‬
‫ﻭ ﻛﻌﺎﺩﺓ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺸﺎﻏﺮ‪ ،‬ﻭ ﰎ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ ﳍﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﰎ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻏﻴﺎ‪‬ﺎ ﺃﻭ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﺻﺒﺢ ﺑﺪﻭﻥ ﺟﺪﻭﻯ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﻄﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻭ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﺍﻟﺪﻱ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﻳﺒﻮﻳﺔ ﻭ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻌﻬﺎ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻭﻥ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ ﻭ ﻭﺿﻌﻮﺍ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ‪,‬ﻭﺍﻟﱵ ﺭﺍﺣﺖ ﲣﻠﻖ ﺍﳌﱪﺭﺍﺕ ﳌﻮﺍﻗﻔﻬﺎ‬
‫ﺍﻹﺭﲡﺎﻟﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺻﺒﺢ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ‬
‫ﻻ ﻳﻌﲏ ﺷﻴﺌﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(3‬‬
 ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،74‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 8‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1960‬ﺹ‪.3‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.96‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﲤﻴﺰﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻼﺕ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ﳌﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﻛﺪ ﺕ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﺳﺒﺐ ﻓﺸﻞ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺗﻮﺻﻴﺎﻬﺗﺎ ﻭ ﻗﺮﺍﺭﺍﻬﺗﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ‬
‫ﲡﺎﻫﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻲ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪" :‬ﺁﺛﺮﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻐﻴﺐ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻦ ﺟﻠﺴﺘﻨﺎ ﻫﺬﻩ‪ ،‬ﻭ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻃﻴﻠﺔ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﺳﺖ‪ ،‬ﺗﺘﺄﺭﺟﺢ ﺑﲔ ﺍﳊﻀﻮﺭ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ‪ ،‬ﻭ ﺑﲔ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻟﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪،‬‬
‫ﺣﱴ ﺑﻌﺪ ﺇﻓﺘﺘﺎﺡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺑﺄﻬﻧﺎ "ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ"‪،‬ﻭ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ‬
‫ﺇﱃ ﻣﻦ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﺄﻬﻧﺎ ﻋﻀﻮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ "ﺍﳌﺴﻤﺎﺓ ﺑﺎﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ"‪ ،‬ﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﻋﻀﻮ ﺩﺍﺋﻢ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺃﻣﻨﻬﺎ ‪...‬‬
‫ﺇﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺪ ﲢﺪﺕ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺇﻟﺘﺰﺍﻣﺎﻬﺗﺎ ﲡﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻴﺜﺎﻕ‪.(1)"...‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﻟﺪﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪،‬‬
‫ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﳌﺮﺗﻜﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪ ،‬ﻭ ﺃﻧﻪ ﻻ‬
‫ﳛﻖ ﻷﻳﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﺴﺎﺱ ﲟﺸﺎﻋﺮ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺣﱴ ﺇﺯﻋﺎﺟﻬﺎ ﻷﻬﻧﺎ‬
‫ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﺃﻡ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ )‪ ،(2‬ﻓﻬﺎﻫﻲ ﺇﺳﺘﺮﺍﻟﻴﺎ ﺗﻌﻠﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻋﺪﻡ ﺇﲣﺎﺫ ﺃﻱ‬
‫ﻗﺮﺍﺭ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺇﺳﺘﺒﺎﻕ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺣﱴ ﻻ ﲤﺲ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪,‬ﻭ ﺣﱴ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺃﻳﺪﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ‬
‫ﻭ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﻋﺪﻡ ﺇﲣﺎﺫ ﺃﻱ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻻ ﻳﺮﺿﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺗﺒﻌﺘﻪ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ‬
‫ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﰲ ﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪،‬ﻛﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﺿﺪ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ‪ ,‬ﻭ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭ ﺃﺑﺪﺍ ﻣﻊ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳊﻞ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻨﺐ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ‪,‬ﻭﻛﺪﻟﻚ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪ ,‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ‬
‫ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﺳﺘﺪﺧﻞ ﺣﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻏﺪﺍ ﰲ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1960‬ﺳﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪ ...‬ﻭ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﺍﳊﺮﺏ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﲡﺮﻩ ﰲ ﺫﻳﻠﻬﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺁﻻﻡ ﻭ ﺗﻀﺤﻴﺎﺕ‪ ...‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﺃﺳﺎﺳﺎ ﳊﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ‪ ،‬ﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﺳﻨﺔ ﺳﻼﻡ" ))‪(3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.102‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.103‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻼﺫﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﻬﻪ ﻣﻨﺪﻭﺑﻮ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﻣﻌﺎﳉﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻋﺪﻡ ﺻﺮﺍﻣﺘﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺇﲣﺎﺫ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺿﺪﻫﺎ‪ ،‬ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺘﻬﺎ‪ ,‬ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﳎﺮﺩ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﺎﺩﻱ‪" ،‬ﻓﺎﳊﺮﺏ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺗﺪﻭﺭ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﺧﻄﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻳﻬﺪﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ‬
‫ﺑﻠﻐﺖ ﺍﻵﻻﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻃﻴﻠﺔ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﺪﺓ ﺣﺪﺍ ﻳﻔﻮﻕ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ‪(1)"..‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﻣﻨﺪﻭﺑﻮ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‬
‫ﺍﳌﻘﺪﻡ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﺣﲔ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﲤﻜﻨﺖ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﲢﺖ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻣﻦ ﲡﻬﻴﺰ ﺟﻴﺸﻬﺎ‬
‫ﲟﻌﺪﺍﺕ ﺍﳊﻠﻒ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ﺇﱃ ﻣﺴﺎﺭﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲟﻮﺍﻓﻘﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﻷﻃﻠﻨﻄﻲ‪ ،‬ﻭ ﻫﻜﺬﺍ‬
‫ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﳛﺎﺭﺏ ﻓﺮﻗﺘﲔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺘﲔ ﰲ ﺷﺮﻕ ﺑﻼﺩﻩ ﻭ ﻓﺮﻗﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭ ﻫﻲ ﻓﺮﻗﺔ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺓ ﺍﳌﺪﺭﻋﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﺁﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻭ ﻓﺮﻗﺔ ﺍﳌﺸﺎﺓ ﺍﳌﺪﺭﻋﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ‪.‬‬
‫ﻭ ﲨﻴﻊ ﻣﻌﺪﺍﺕ ﺍﳊﺮﺏ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺣﱴ ﻣﻌﺪﺍﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻟﺼﻐﲑﺓ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻣﻌﺪﺍﺕ ﺣﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﻨﻄﻲ‪ ،‬ﻭ ﻳﻘﻴﻢ ﺍﳌﺪﺭﺑﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮﻥ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ,‬ﺃﻣﺎ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻐﻴﺎﺭ ﻓﻬﻲ‬
‫ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﻊ‪.(2)"..‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﳌﺆﳌﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻟﺪﻟﻴﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﺃﻥ ﺣﻀﻮﺭ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﳑﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺃﻱ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻝ ﻛﱪﻯ ﺗﻘﻒ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ‬
‫ﻭ ﺗﺪﻋﻢ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﻣﻊ ﺩﻟﻚ ﺑﻘﻴﺖ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.104‬‬
‫‪ -2‬ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ‪ ،‬ﻗﺪ ﺃﺩﱃ ‪‬ﺎ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﰲ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﺑﺸﺄﻥ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ‪ ،1960‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻷﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‬
‫‪.106-105‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺗﻮﺟﺖ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺒﺬﻭﻟﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ‪ ,‬ﺑﺈﻧﺘﺼﺎﺭ ﻛﺒﲑ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﺯﺍﺩﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻭﺯﻧﺎ ﻭ ﻗﻮﺓ ﻹﺳﺘﺪﻻﻟﻪ ﺑﺘﺼﺮﳛﺎﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﳌﻨﺘﺨﺐ )‪ ,(1‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ‪,‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻻ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﺍﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ﺍﳍﻴﺪﺭﻭﺟﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺎﺭﻭﺥ ﺍﳌﻮﺟﻪ‪ ،‬ﻭ ﺇﳕﺎ ﻫﻲ‬
‫ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﳋﺎﻟﺪﺓ ﰲ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﺣﺮﺍ ﻣﺴﺘﻘﻼ‪ "..‬ﻭ ﺃﺿﺎﻑ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﻻﺕ ﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺎﺩﻡ ﺑﲔ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺻﻄﺪﺍﻣﺎﺕ ﻭ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺣﺮﺟﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪ ،‬ﻗﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ"‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ" ‪:‬ﻻ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﱂ ﺗﻌﺪ‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻬﺗﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭ ﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ‪ "..‬ﻭ ﺃﺿﺎﻑ ﻗﺎﺋﻼ‪":‬ﳚﺐ ﺃﻥ ﻻ ﲢﻮﻝ ﺍﻟﻜﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻮﺍﻓﺮﺕ‪ ،‬ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺑﲔ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻧﻔﻮﺫ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ..‬ﻓﺈﻥ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺃﻥ ﲣﻄﻮﻫﺎ‪ ،‬ﻫﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﻄﻲ‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﳍﺎ ﺃﻥ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﻊ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﻣﺮﺍﻛﺶ‪.(2)"..‬‬
‫ﻭ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﰎ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﺘﺨﺮﺝ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﻇﺎﻓﺮﺓ ﻣﻨﺘﺼﺮﺓ ﻣﻌﺰﺯﺓ ﺍﳉﺎﻧﺐ‪ ،‬ﺑﺈﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﲟﺒﺪﺃﻳﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﲔ ﻇﻠﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺮﻓﻀﻬﻤﺎ‪،‬‬
‫ﻭ ﳘﺎ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﻭﺣﺪﺓ ﺗﺮﺍﺑﻪ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪,‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺒﺪﺀﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭ ﻣﺒﺪﺀ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ‪،‬‬
‫ﻭ ﺍﳌﺼﺎﺩﻗﺔ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﺺ ﺭﲰﻲ ﺫﻭ ﻃﺎﺑﻊ ﺩﻭﱄ ﻓﻴﻪ ﺇﺳﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻳﻌﺪ ﻫﺰﳝﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ .‬ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺷﻌﻮﺏ ﻭﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ "ﻛﻨﺪﻱ" ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﺟﻰﺀ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺑﺘﺼﺮﳛﺎﺗﻪ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺼﻔﻮﻫﺎ ﺑﺘﺼﺮﳛﺎﻬﺗﻢ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺼﺮﳛﺎﺗﻪ ﰲ ﻣﺎﻱ ‪ 1957‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻀﻮﺍ ﰲ‬
‫ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ‪,‬ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﺎﺷﺮ ﻣﻬﺎﻣﻪ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻛﺮﺋﻴﺲ ﻣﻨﺘﺨﺐ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ‪.127-126‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،111‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ‪.1‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺇﻧﺘﻬﺖ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﺑﺈﺣﺮﺍﺯ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺛﻮﺭﻬﺗﺎ ﺍ‪‬ﻴﺪﺓ ﻭ ﺑﻔﻀﻞ ﺟﻬﻮﺩ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪,‬ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪،‬‬
‫ﻟﺘﺒﺪﺃ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻠﺼﲔ ‪,‬ﻭ ﺑﺪﻋﻮﺓ ﻣﻦ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ‬
‫ﻣﺎﻭﺗﺴﻲ ﺗﻮﻧﻎ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ﳚﺘﻤﻊ ﺑﺄﻋﻀﺎﺀ ﻭﻓﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺗﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺑﻘﻴﺖ ﻛﺘﻠﺔ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻨﺖ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ )‪ .(1‬ﰲ ﺣﲔ ﺗﺪﻋﻢ ﻣﻮﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ‪,‬ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﻴﱵ ‪.‬‬
‫ﻭ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺪﺭ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ‪ 19‬ﺩﻳﺴﻤﱪ‬
‫‪ 1960‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻀﻤﻦ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺇﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗﺪ ﺃﺣﻴﻄﺖ ﻋﻠﻤﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ﻗﺪ ﻭﺍﻓﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻛﺄﺳﺎﺱ ﳊﻞ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪".‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺇﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻔﻞ ﺗﻄﺒﻴﻖ‬
‫ﻣﺒﺪﺃ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﺑﻨﺠﺎﺡ ﻭ ﻋﺪﺍﻟﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺇﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﻜﻞ ﳒﺎﺡ ﻭ ﻋﺪﺍﻟﺔ)‪.(2‬‬
‫‪-‬ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪:1961‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1960‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﻋﻄﺖ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻹﻬﻧﺎﺀ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﰲ ‪ 8‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‪ ،‬ﻟﺘﻌﻠﻦ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻋﻦ‬
‫ﻧﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻭ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ)‪(3‬ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻄﻠﺐ‬
‫ﺍﻟﺪﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻄﻠﺒﺎ ﺳﻠﻤﻴﺎ ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،80‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 17‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1960‬ﺹ‪.2‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ‪.130-129‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.130‬‬

‫ﻭ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﺗﻘﺘﺮﺡ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻬﻧﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻠﺘﺰﻣﺔ ﲟﺒﺎﺩﺉ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪,‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻓﻀﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻗﻴﺎﺩﺗﻪ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﺏ ﻹﺳﺘﺮﺩﺍﺩ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﳌﺴﻠﻮﺑﺔ‪ ,‬ﻷﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺪ ﺭﻓﻀﺖ ﺃﻥ ﺗﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻌﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺗﺴﻮﻳﺔ‬
‫ﺳﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺳﻌﻰ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺃﺭﻭﻗﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ ﻣﻦ ﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ )‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﻌﺎﺩﻬﺗﺎ‪ ,‬ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‬
‫ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺍﳌﺘﻨﺎﺯﻋﲔ‪ ،‬ﻭ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻬﻧﺎ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻭ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺗﻘﻮﺩ ﺇﱃ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﺳﻠﻤﻲ‬
‫ﻳﺮﺿﻲ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﺏ ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1961‬ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﺭﲰﻴﺎ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺃﻥ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺳﺘﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻭ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ )‪ ،(2‬ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻭ ﺃﻥ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﰲ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1961‬ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺭﲰﻴﺔ‬
‫ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪,(3‬ﻭﲟﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪ ,‬ﻭ ﻗﺪ‬
‫ﲡﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﳏﺎﺩﺛﺎﺕ ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ ﰲ ﻣﺎﻱ ‪ 1961‬ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ)‪.(4‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺷﺠﻊ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺷﺠﺎﻋﺔ ﻭ ﲢﺪﻱ ‪،‬ﻭ ﻗﺪ ﻋﱪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ :‬ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ‪ ،‬ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻋﺎﳉﻬﺎ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺠﺄ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭ ﻻ ﳉﺄ ﺇﱃ ﺍﳉﺪﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.131‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.133‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.132‬‬
‫‪ -4‬ﺣﻮﻝ ﻛﻞ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺇﻓﻴﺎﻥ ﻭﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺧﺪﺓ‪ :‬ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺇﻓﻴﺎﻥ‪،‬‬
‫ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫ﻭ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﻄﺮﻭﺡ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﲝﻠﻮﻝ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭ ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﻗﺮﺍﺭﻛﻢ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺃﺻﺪﺭ ﲤﻮﻩ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳌﺎﺿﻲ‪.(1)"..‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﻜﻨﺖ ﺑﻌﺜﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﻤﻮﻋﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﺎﳉﺖ ﻓﻴﻪ ﳐﺘﻠﻒ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺇﻟﺘﺰﻣﺖ ‪‬ﺎ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪.(2‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﺎ ﺭﺍﺡ ﳑﺜﻠﻮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻳﺆﻛﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨﱪ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺍﻟﺔ‬
‫ﻭ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺸﻒ ﺧﺒﺚ ﻭ ﻧﻔﺎﻕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﲡﺎﻫﻬﺎ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﳌﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻬﻧﺎ‬
‫ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺧﻼﻝ ﺩﻭﺭﺓ ‪ ،1961‬ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭ ﺍﳋﺎﺹ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬
‫ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪" 1961‬ﺇﻋﺘﺮﻓﺖ ‪‬ﺎ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺛﻼﺛﲔ ﺩﻭﻟﺔ ﲤﺜﻞ ﳓﻮ ﺛﻠﺜﻲ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻭ ﻗﻄﻌﺖ ﺷﻮﻃﺎ ﰲ‬
‫ﻣﺴﲑﺓ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭ ﺍﻟﺼﱪ ﻭ ﺍﻹﺣﺘﻤﺎﻝ‪ ..‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻻ ﳛﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﳊﺮﺏ ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﳊﺮﺏ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ‪،‬‬
‫ﻭ ﻟﻜﻦ ﺻﱪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩ‪.(3)"..‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﻣﻨﺪﻭﺑﻮ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺘﺤﺮﻳﻚ ﻣﻦ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺗﺜﺒﻴﺖ‬
‫ﺳﺖ ﻧﻘﺎﻁ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻥ ﺗﺼﺮ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ‬
‫ﺑﺈﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ )‪.(4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.143‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.154‬‬
‫‪ -4‬ﲤﺜﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﻓﻴﻤﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻭ ﺇﺣﺘﺮﺍﻣﻪ‪ ،‬ﻭ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺄﺳﺮﻩ‬
‫ﻭ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﳎﻤﻮﻋﺎﺕ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺇﳕﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻌﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺮﻓﺾ ﻛﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﺠﺰﺀﺓ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺇﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﻭﺣﺪﺓ ﻻ ﺗﺘﺠﺰﺃ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﳎﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ‪ :‬ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ‪-‬‬
‫ﺩﻭﻟﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ‪ -‬ﺩﻭﻟﺔ ﺑﺘﺮﻭﻟﻴﺔ‪...‬‬
‫ﺭﺍﺑﻌﺎ‪ :‬ﺇﻥ ﻭﻗﻒ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﳚﺐ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻪ ﻭ ﺇﺣﺘﺮﺍﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻭ ﻳﺘﻢ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﻤﻦ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ‬
‫ﺧﺎﻣﺴﺎ‪ :‬ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﺨﺘﻄﻔﲔ ﻹﳒﺎﺡ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺳﺎﺩﺳﺎ‪ :‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﻭ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.158-157‬‬

‫‪-‬ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪:1962‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﺁﺧﺮ ﺩﻭﺭﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺫﻋﻨﺖ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳌﺒﺪﺀ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺑﺮﻫﻨﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﰲ ﺗﺪﺧﻞ ﳑﺜﻞ‬
‫ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺏ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﱪﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﺇﻥ‬
‫ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺃﻥ ﺃﺿﻊ ﺃﻣﺎﻣﻜﻢ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺃﻥ ﺃﻧﻠﻘﻬﺎ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺑﻜﻞ ﺃﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺻﻮﺕ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭ ﳍﺬﺍ ﻓﺈﱐ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﻮﺏ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ "...‬ﻭ ﻳﻀﻴﻒ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ‪" :‬ﻭ ﰲ ﺍﳋﺘﺎﻡ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺈﱐ ﺃﺩﻋﻮﻛﻢ ﺇﱃ ﻣﺰﻳﺪ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ...‬ﺇﱃ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ‪ ...‬ﺇﱃ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ‪ ،‬ﺑﻞ ﺇﱃ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﺍﻟﻌﺘﺎﺩ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻦ ﺗﺬﻋﻦ ﺇﻻ ﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻻ ﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﻴﺜﺎﻕ")‪.(1‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺩﻭﺭﺓ ‪ ،1962‬ﻭ ﻫﻲ ﲢﻤﻞ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺇﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ‬
‫ﻟﺘﺤﺘﻞ ﻣﻘﻌﺪﻫﺎ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﳍﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻧﻀﻤﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪,‬ﻭ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﳍﺎ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ )‪،(2‬‬
‫ﻭ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺗﺪﺧﻞ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1962‬ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﻫﺎ ﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ‬
‫ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ..‬ﺇﻬﻧﺎ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ..‬ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻗﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﻛﺎﻣﻞ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ‬
‫ﻭ ﺳﻴﺎﺩﻬﺗﺎ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ‪.‬‬
‫ﻫﺎ ﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭ ﻗﺪ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﻋﺸﻴﺔ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭ ﰲ ﻃﻠﻴﻌﺘﻬﺎ ﺍﳊﻴﺎﺩ‬
‫ﺍﻹﳚﺎﰊ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ‪.‬‬
‫ﺇﻧﻨﺎ ﻣﻌﺘﺰﻭﻥ ﺑﺈﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﻓﺨﻮﺭﻭﻥ ﺑﺒﻄﻮﻟﺘﻪ‪ ،‬ﻣﺒﺘﻬﺠﻮﻥ ﺑﻨﻀﺎﻟﻪ ﺍ‪‬ﻴﺪ‪.(3)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ :‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.159‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.160‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﺛـﺎﻟﺜـﺎ‪:‬‬
‫ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﺑﺒﻠﻐﺮﺍﺩ ‪.1961‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﺣﺘﻼﻝ ﺻﺪﺍﺭﺓ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﳍﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﻛﺒﲑﺓ ﺁﻓﺮﻭ‪-‬‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ‪ ,‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﲨﺖ ﺇﱃ ﺟﺒﻬﺔ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻋﺮﻓﺖ ﲝﺮﻛﺔ ﻋﺪﻡ‬
‫ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﻨﺎﺿﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ‬
‫ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ )‪.(1‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﺆﲤﺮ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺒﻠﻐﺮﺍﺩ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﺃﻋﻄﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪ -‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﺩﻓﻌﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﰎ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ‪ ،1955‬ﰒ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺮﻳﻮﱐ‬
‫ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﰲ ‪ 18‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1956‬ﺑﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ‪,‬ﻭ ﻗﺪ ﲨﻊ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻬﻧﺮﻭ ﻭ ﺗﻴﺘﻮ ﻭ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‪،‬‬
‫ﻓﻜﺎﻥ ﻓﺮﺻﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻭﻓﺪﺍ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺗﻘﺪﻡ ﲟﺬﻛﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﲔ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺃﺛﺎﺭﻭﺍ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭ ﻭﺭﺩ ﺑﻴﺎﻥ ﺧﺘﺎﻣﻲ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﲔ ﰲ‬
‫ﺑﲑﻭﱐ ﻳﺆﻛﺪﻭﻥ ﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﻢ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺒﻄﻮﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﻮﺿﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.(2)"..‬‬
‫ﻭ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻭ ﺃﻥ ﺃﻋﻠﻦ ﺛﻼﺙ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﻋﺮﺏ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﻢ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ‪ 12‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1956‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ‪" :‬ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻌﻘﺪ ﻋﺰﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﲡﻨﻴﺐ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺎﺭ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺯﻋﺎﻬﺗﺎ ﻭ ﺇﻟﺘﺰﺍﻡ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﲡﺎﻫﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ‪ ،‬ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻌﻠﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.(3)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،15‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1958‬ﺹ‪.1‬‬
‫‪ -2‬ﳎﻠﺔ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﻟﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﺃﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻫﻢ‪ :‬ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭ ﺳﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻭ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ‬
‫ﺃﻧﻈﺮ‪ - :‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺼﺮﻧﺎ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.644‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﳍﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﺎﻩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﲑﻭﱐ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺗﻮﺟﻬﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺎﻳﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ‬
‫ﻣﺎﻳﻠﻲ‪" :‬ﺇﻧﻨﺎ ﻭﻗﻔﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﺇﻋﺘﺮﺿﺖ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺧﻼﻝ ﺍﳊﻘﺒﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻣﻮﻗﻔﺎ‬
‫ﺇﳚﺎﺑﻴﺎ‪ ،‬ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﺇﲣﺎﺫ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺍﳍﻮﺓ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﻳﻦ ﻭ ﺇﺯﺩﻳﺎﺩ ﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﻭﺳﻴﻠﱵ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ‪.(1)"..‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻟﻘﺖ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،(2)1957‬ﺑﻜﻞ ﺛﻘﻠﻬﺎ ﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺇﻓﺘﻜﺎﻙ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﺇﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻫﻢ ﳊﺮﺏ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭ ﺍﳉﺮﺍﺋﻢ ﺍﳌﻘﺘﺮﻓﺔ ﰲ ﺣﻘﻪ‪ ،‬ﻭ ﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻓﻮﺭﺍ )‪.(3‬‬
‫ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﻭ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﻄﻮﺭﺍ ﻛﺒﲑﺍ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﳒﺎﺣﺎ ﺩﺑﻠﻮﻣﺴﻴﺎ ﻭﺍﺳﻌﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺇﻧﻌﻘﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺆﲤﺮ ﺁﻛﺮﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﺆﲤﺮﺍ ﲤﻬﻴﺪﻳﺎ‬
 ‫ﳌﺆﲤﺮ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﻋﺎﻡ ‪ ،1961‬ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﺧﺺ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﳌﺼﺮ ﺩﻭﺭ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺼﺮﻧﺎ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.644‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻧﻌﻘﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﰲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺩﻳﺴﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪1957‬ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺟﺎﻧﻔﻲ‪ 1958‬ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻭﻓﺪ ﺭﻓﻴﻊ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﻋﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻗﻮﺑﻞ ﺑﺎﻟﺘﺼﻔﻴﻖ ﺍﳊﺎﺭ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﻧﻮﻩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺇﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﲣﺼﺺ ﺣﻜﻮﻣﺎﻬﺗﻢ ﺷﻬﺮﺍ ﻛﺎﻣﻼ ﳉﻤﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﰎ ﲢﺪﻳﺪ ﺷﻬﺮ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ‬
‫ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.528‬‬
‫‪ -3‬ﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺯﻳﺎﻥ‪ :‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺭﺽ ﺍﳌﻌﺮﻙ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪ ،1958‬ﺹ‪.158‬‬

‫ﻛﺒﲑ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﻴﻪ ﻭ ﺣﻈﻲ ﺑﺈﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻭ ﺗﺮﺣﺎﺏ ﻛﺒﲑﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺝ ﺑﻼﺋﺤﺔ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﻣﻄﻠﻖ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(1‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺷﻬﺪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺇﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺆﲤﺮ ﻣﻨﺮﻭﻓﻴﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺪﻱ ﺗﻮﺝ ﺑﺈﲣﺎﺫ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻟﺼﺎﱀ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﲝﺜﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﻋﺎﻡ ‪.(2)19 59‬‬
‫ﺇﻬﻧﺎ ﺍﳌﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﰲ ﻣﺆﺍﻣﺮﻫﺎ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﺍﻟﺜﺎﱐ‬
‫ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺃﻭﺕ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻭ ﰎ ﺿﺒﻂ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﺨﺺ ﰲ ﺩﺭﺍﺳﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﺃﺷﻜﺎﻟﻪ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻭ ﺍﺣﺘﻠﺖ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺻﺪﺍﺭﺓ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺖ ﲟﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﳉﺒﻬﺔ ﻭ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ)‪.(3‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺟﺴﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺎ ﻓﻜﺮﺓ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﻛﺈﺧﺘﻴﺎﺭ ﺛﺎﻟﺚ‬
‫ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻧﺘﻴﺠﺔ ﳌﺎ ﺃﺣﺪﺛﺘﻪ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻴﲔ ﻭ ﳘﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﲢﺎﺩ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ ‪,‬ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺝ‪ ،1‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.528‬‬
‫‪ -2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ ،47‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1959‬ﺹ‪.2-1‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،48‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 10‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1959‬ﺹ‪.3‬‬

‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‪ ،‬ﻭ ﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺭﺗﲔ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭ ﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺇﻧﻄﻼﻕ‪" :‬ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺗﻨﺎﺩﻱ ﺑﺈﺧﺘﻴﺎﺭ ﺛﻼﺙ ﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﱂ ﺗﺮﺽ ﺑﻪ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭ ﺣﻠﻔﺎﺋﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻭ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻐﺮﺏ ﺍﻋﺘﱪﻫﺎ ﺷﻴﻮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﻝ ﺩﺍﻻﺱ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﱪﻫﺎ ﺣﺮﻛﺔ‬
‫ﺇﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ ﺑﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻳﺔ‪.(1)"..‬‬
‫ﱂ ﺗﺒﻖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻨﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻜﺘﻮﻓﺔ ﺍﻷﻳﺪﻱ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﻳﻦ ﺑﻞ ﺭﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺼﺮﳛﺎﺕ ﺑﻌﺾ ﺭﺅﺳﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳍﻨﺪﻱ‬
‫ﺟﻮﺍﻫﺮ ﻻﻝ ﻬﻧﺮﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ ":‬ﻟﻘﺪ ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ﺇﱃ ﺗﻮﺍﺯﻥ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺍﶈﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺃﻱ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﻋﻈﻴﻢ ﺇﱃ ﺣﺮﺏ ﻋﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺣﺪ ﺩﺍﺗﻪ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﺎﻧﻊ‪ ،‬ﻭ ﺳﻮﺍﺀ‬
‫ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺪ ﺻﻐﲑ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺪ ﻛﺒﲑ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺪﻓﻊ ﺇﱃ ﻗﻠﺐ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻏﲑ ﺍﳌﺴﺘﻘﺮ ﻭ ﻣﻦ ﺍﶈﺘﻤﻞ‬
‫ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﺏ‪.(2)"..‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺻﺮﺡ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫‪ 27‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﺇﻧﻜﻢ ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ‪ ،‬ﻭ ﺗﺘﺨﺬﻫﺎ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻣﻴﺰﺍﻧﺎ ﻻ ﳛﻴﺪ ﻭ ﻻ ﻳﻬﺘﺰ‪ ،‬ﻭ ﻣﺎ ﺃﻇﻨﲏ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺴﺎﻣﻌﻜﻢ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺑﺬﻟﺘﻬﺎ ﺃﻣﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺘﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﺩﻯ‬
‫ﺇﱃ ﺿﻤﺎﻥ ﺇﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪ .‬ﻭ ﻟﻘﺪ ﺭﻓﻀﻨﺎ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ‬
‫ﺍﳌﺆﺛﺮﺍﺕ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ‪.(3)"..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.640‬‬
‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.641‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﰎ ﺗﺒﲏ ﻓﻜﺮﺓ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﳓﻴﺎﺯ ﺭﲰﻴﺎ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ‬
‫ﻭ ﺃﺣﻜﺎﻡ‬ ‫ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﺭﺗﺒﺎﻁ ﻣﻊ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﻳﻦ‪ ،‬ﲤﺎﺷﻴﺎ ﻣﻊ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ‬
‫ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﳌﻠﺤﺔ ﰲ ﺍﻧﺘﻬﺎﺝ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻨﻬﻤﺎ )‪.(1‬‬
‫ﻭ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺗﻮﺟﺖ ﳎﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﻌﻘﺪ ﺃﻭﻝ‬
‫ﻣﺆﲤﺮ ﺗﺒﲎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺿﺪ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮﻳﻦ )‪ ،(2‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺗﺎﺡ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺇﻏﺘﻨﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭ ﺃﻥ ﻋﺪﺩﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪-‬ﺍﻵﺳﻴﻮﻱ‪-‬ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻻﺗﻴﲏ‪ ،‬ﺗﺄﺛﲑ ﻛﺒﲑ ﻭ ﺇﳚﺎﰊ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎﻳﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(3‬‬
‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﰲ ﻭﺳﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﺪﻋﻤﺔ ﲟﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ)‪ (4‬ﻭ ﺍﻻﻓﺮﻭ‪-‬‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﻭ ﻋﻤﻠﺖ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ ﺑﻘﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﺪﺳﺎﺋﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺿﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻭ ﺇﻥ ﻋﺎﰿ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻋﺪﺓ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻧﺎﻟﺖ ﺍﳊﻆ ﺍﻷﻭﻓﺮ‬
‫ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﻣﻌﺘﱪﺍ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭ ﲢﺖ ﺍﻟﻀﻐﻂ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ‪،‬ﻭﺍﻷﻓﺮﻭ‪ -‬ﺁﺳﻴﻮﻱ ‪ ,‬ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻬﻧﺎ‬
‫ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ )‪.(5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.646‬‬
‫‪ -2‬ﻫﻮ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 1‬ﻭ ‪ 6‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1961‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺎﺭﻙ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺩﺑﺶ‪" :‬ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،"...‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.49-48‬‬
‫‪ -4‬ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺣﺖ ﻭ ﺩﻋﻤﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳌﺼﺮﻱ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.648‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﲝﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬
‫ﻣﺼﲑﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﻮﺍﻛﺒﺔ ﻣﻊ‬
‫ﺍﻟﻀﺮﺑﺎﺕ ﺍﳌﻮﺟﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺟﻬﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺍﳋﺎﺭﺟﺴﻮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺇﱃ ﺍﻹﻗﺘﻨﺎﻉ ﻣﺒﺪﺋﻴﺎ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﺒﻮﳍﺎ‬
‫ﻟﻔﻜﺮﺓ ﻓﺘﺢ ﳏﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﻛﺘﺴﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻫﻲ ﺣﺼﻮﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﳍﺎ ﰲ ﻋﺪﺓ ﺩﻭﻝ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ )‪ ،(1‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ "ﺗﻐﻴﲑ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﺩﻳﺔ ﳍﺎ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻜﺴﻴﻚ ﻭﺍﻷﻭﺭﻏﻮﺍﻱ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.(2 )"..‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪ -‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻀﻢ‬
‫ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﱵ ﻣﺮﺕ ‪‬ﺎ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻥ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭ‪-‬ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺗﺒﻨﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﻀﻴﺔ‬
‫ﺷﻌﺐ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﺪﺍ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻬﺗﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﺘﻄﻠﻌﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ‪ ,‬ﻭ ﻣﻦ ﺣﻘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ‬
‫ﻭ ﻛﺸﻒ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻗﺘﻨﻌﺖ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺆﲤﺮ‪ ,‬ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺘﺤﺖ ﺍ‪‬ﺎﻝ‬
‫ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﲤﺜﻴﻞ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﳍﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺟﻨﺘﲔ ﻭ ﺍﻟﱪﺍﺯﻳﻞ‪ ،‬ﻟﺘﺘﻮﺍﱃ ﺇﻋﺘﺮﺍﻓﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺧﺮﻯ ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺩﺑﺶ‪ :‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.49‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺼﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪:‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪:‬‬
‫ﺭﺍﺑﻌﺎ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺧﺎﻣﺴﺎ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺑﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺳﺎﺩﺳﺎ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‬
‫ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪, 1945‬ﻭﻧﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﺪﺓ ﺗﻐﲑﺍﺕ ﺟﺬﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺃﺛﺮﺕ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﱂ ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻗﻮﻳﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺘﲔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﳝﺜﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺍﻟﺪﻱ ﻳﺪﺍﻓﻊ‬
‫ﻋﻦ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺷﻌﻮﺏ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺎﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ‪ ،‬ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﰲ ﺩﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺣﻘﻘﺘﻪ‬
‫ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ‪,‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻬﻧﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺍﳌﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﻨﺎﲨﺔ ﻋﻦ‬
‫ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺳﺎﻳﻜﺲ – ﺑﻴﻜﻮ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﺍﳌﱪﻣﺔ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ)‪,(1‬ﻟﻜﻮﻬﻧﻤﺎ ﺃﺻﺒﺤﺘﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﲔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺪﻱ ﺍﻧﺘﻬﺠﻪ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﲰﺢ ﻟﻪ ﺧﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻗﻮﻯ ﺳﻴﺎﺳﻴﹰﺎ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﹰﺎ‪ ,‬ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻣﺴﺎﻧﺪﺍ ﻟﻠﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺁﻧﺪﺍﻙ ﻭﻟﺪﻳﻪ ﺃﻗﻮﻯ ﺟﻴﺶ ﻫﻮ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻷﲪﺮ‬
‫ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﺏ ﻛﺪﻟﻚ ﺍﻋﺘﻨﻘﺖ ﻋﺪّﺓ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﻣﺎﻭﺗﺴﻲ ﺗﻮﻧﻎ‪ ,‬ﻭﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ,‬ﻭﻛﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻫﺪﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﲰﺤﺖ ﺑﻈﻬﻮﺭﺣﺮﻛﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺏ ﺁﺳﻴﺎ ﻭﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ,‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ ﲤﻜﻦ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺩﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻣﻊ ﻳﻮﻏﻮﺳﻼﻓﻴﺎ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪1949-1948‬ﻡ‪ ،‬ﻭﺻﻮﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎﹰ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻟﻘﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﺘﺤﺮﺭﺓ ﺗﺄﻳﻴﺪﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﻟﺪﻱ‬
‫ﺑﺎﺩﺭ ﺇﱃ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﹰ‪،‬ﺣﱴ ﻻﺗﺮﲤﻲ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻋﻠﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻩ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﳌﻄﺎﻟﺐ‬
‫ﻫﺪﻩ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﻛﻞ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ‪,‬ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺪﻓﻪ ﰲ ﺩﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﳊﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﻧﻪ ﻳﻄﺒﻖ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ‪ ،‬ﻭﻳﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺇﱃ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﻮﻳﺼﺔ ﺍ ﳌﺘﻨﺎﺯﻉ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺒﻌﹰﺎ ﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻟﻠﺤﺰﺏ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﲟﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ‪ ،‬ﺍﲣﺬﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻋﺪﺓ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ‪,‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻫﻲ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
 ‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺪﻱ ﻋﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﺴﻠﻂ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎ ﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ (2).‬ﺍﻟﺪﻱ ﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺇﺧﻀﺎﻉ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﳏﻮ ﻗﻀﻴﺘﻪ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ‪,‬ﻭﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻗﻒ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻊ ﺍﳊﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺫﺍﺕ‬
‫ﺃﳘﻴﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﳚﺐ ﺗﺴﻮﻳﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻨﻀﺎﻝ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻱ ﻭﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻏﲑ ﻣﺴﺎﻧﺪ ﳍﺎ ﺑﻞ ﻣﺪﻋﻤﹰﺎ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭﻟﺴﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺃﻛﹼﺪﺕ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻷﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﳛﻖ ﻷﻱ ﺩﻭﻟﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺻﺮﺡ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ﰲ ‪1956‬ﻡ ‪":‬ﺃﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻻﲢﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ"‪ (2).‬ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﳒﺪ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺭﻏﻢ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﺍﻷﻣﻮﺭ‪،‬‬
‫ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﻟﻠﻤﺎﺭﻳﺸﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ "ﺑﻮﻟﻐﺎﻧﲔ"‬
‫ﳉﺮﻳﺪﺓ ﻟﻮﻣﻮﻧﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ‪ 15‬ﻣﺎﻱ ‪1956‬ﻡ‪ .‬ﻭﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺑﲔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻛﹼﺪ‬
‫ﺑﺄﺣﻘﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺮﻭﺣﻬﺎ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﳊﻞ ﻣﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﰲ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﻧﺎﻳﺖ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‬
‫ﺃﻥ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻟﻮﻣﻮﻧﺪ ﺍﻋﺘﱪﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺃﻧﻪ ﺭﲰﻲ)‪.(3‬‬

‫‪1-‬‬ ‫‪-1‬ﻧﺸﺮﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ‪ 1917‬ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺣﻮﻝ ﺍﻗﺘﺴﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺿﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ‪,‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ‪,‬ﺣﺎﻓﻆ ﲪﺪﻱ ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ‪.‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ‪,‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪,1966,‬ﺹ‪.264‬‬
‫‪2-‬‬ ‫‪-2‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﰲ ‪,‬ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﻖ‪:‬ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪,‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪,‬ﺑﲑﻭﺕ‪,1973,‬ﺹ ﺹ‪. 251-250‬‬
‫‪3-‬‬
‫‪ -1‬ﺃﺩﻣﺸﲔ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ‪،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻼﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‪,‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ‪,‬ﻣﻮﺳﻜﻮ‪ ،1980‬ﺹ ‪.402‬‬
‫‪ -2‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ ﻧﺎﻳﺖ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ ،‬ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻌﺚ‪ ،1984 ،‬ﺹ ‪.178‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.180‬‬
‫ﻓﻼ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺃﻥ ﻷﻃﺮﺍﻑ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻣﺼﺎﱀ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺭﻏﻢ ﺗﻨﺎﻓﺴﻬﻢ ﻭﺻﺮﺍﻋﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﺗﻮﺍﻓﻘﺎﺕ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﳉﻨﻮﺏ ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺗﻐﲑ ﺗﺪﺭﳚﻴﹰﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻸﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺗﻌﺘﱪ ﻣﻨﺎﻫﻈﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻳﺪ ﻣﺒﺪﺃ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻠﺘﺤﺮﺭ‬
‫ﻭﻧﻴﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﰲ ﺳﻜﻮﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ‬
‫ﺯﻳﺎﺭﺓ "ﻏﻲ ﻣﻮﻟﻴﻠﻲ" ﻭ "ﺑﻴﻨﻮ" ﺇﱃ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻱ ‪1956‬ﻡ ﻭﺻﺮﺡ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ﳉﺮﻳﺪﺓ ﻟﻮﻣﻮﻧﺪ‬
‫ﻼ "ﺇﻧﻨﺎ ﻣﺘﻴﻘﻨﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﻭﺳﺘﺤﻞ ﺑﻄﺮﻕ ﺳﻠﻤﻴﺔ")‪.(5‬‬‫ﻗﺎﺋ ﹰ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﰲ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﰲ ‪ 21‬ﻣﺎﻱ ‪ 1956‬ﻭﳑﺎﺟﺎﺀ‬
‫ﻼ ﻋﻘﻼﻧﻴﹰﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ‬ ‫ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺕ ﻳﺄﻣﻠﻮﻥ ﰲ ﺃﻥ ﲢﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳍﺎﻡ ﺣ ﹰ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻟﻠﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﰲ ﻣﺎﻱ ‪ 1956‬ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﻮﺩ‬
‫ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﰲ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻨﻪ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻟﻮﻣﻮﻧﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺃﻥ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺕ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﻠﺜﻮﺍﺭ ﰲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺑﺮﻫﻦ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻟﺌﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪﻡ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺇﱃ ﻋﺪّﺓ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻣﻨﻬﺎ ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﺮﻳﺪ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻟﻌﻼﻗﺎﻬﺗﺎ ﻣﻊ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻟﻠﺤﺰﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪ -‬ﺧﻮﻑ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺃﻥ ﲢﻞ ﳏﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﻥ ﻃﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺩﺑﺶ‪ ،‬ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳍﻮﻣﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،2000 ،‬ﺹ ‪.49‬‬
‫‪ -5‬ﲪﺪﻱ ﺣﺎﻓﻆ‪ ،‬ﳏﻤﻮﺩ ﺷﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪1957 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.75‬‬
‫‪ -1‬ﲪﺪﻱ ﺣﺎﻓﻆ‪ ،‬ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ‪ ،‬ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.75‬‬
‫‪ -2‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻃﻼﺱ‪ ،‬ﺑﺴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺴﻠﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.375-374‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﲡﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺭﺋﻴﺴﻪ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺎﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳉﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﻟﺔ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﺍﻟﻘﻠﻖ‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﺴﺎﻟﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻭﺧﻄﲑﺓ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺗﺪﺭﺝ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺗﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳌﺪﻣﺮﺓ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﳉﻤﺎﻫﺮﻱ ﻓﻘﺪ ﺍﻧﻌﻘﺪ ﲟﻮﺳﻜﻮ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻛﺒﲑ ﺿﻢ ﻓﺮﻕ ﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﻟﻘﻴﺖ‬
‫ﺧﻄﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﺿﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻋﺮﺑﺖ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻭﲨﻴﻊ‬
‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺍﻟﱵ ﲣﺎﺽ ﺿﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﰲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺃﻛﹼﺪ ﳌﺮﺍﺳﻞ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻟﻮﻣﻮﻧﺪ‬
‫ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻏﲑ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﺍﻧﺘﻬﺠﻮﺍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺪﻣﺮﺓ ﰲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺃﺿﺎﻑ ﺑﺄﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻮﻑ ﲣﺴﺮ ﺍﳊﺮﺏ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﰲ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺻﺮﺡ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ﺃﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ‬
‫ﻼ ﻣﻦ ﺷﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﳛﻘﻖ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺣﻘﻪ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ‬ ‫ﻼ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻟﻠﻤﺴﺎﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺣ ﹰ‬ ‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻳﻨﺎﺻﺮ ﺣ ﹰ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺻﺮﻳﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﺭﲰﻲ ﻋﻠﲏ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﳍﺎ ﻭﺯﻬﻧﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﺎﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺗﻮﺍﺟﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻜﻦ ﺗﻐﲑ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ‬
‫ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺃﻣﺮﻳﻜﺎ‪ (2).‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺗﻐﲑﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ‬
‫ﻭﺑﺪﺃﺕ ﲤﺪ ﺇﻋﺎﻧﺘﻬﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﳑﺎ ﺟﻌﻞ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺗﺘﺪﺍﺭﻙ ﻏﻠﻄﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺬﺍ ﺗﺒﲔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺍﻋﻴﹰﺎ ﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻭﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻋﺎﻧﺎﺕ ﺍﻻﲢﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﳊﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻷﻃﻠﺴﻴﺔ ﻭﺇﻣﺪﺍﺩﻫﺎ ﺑﺎﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‬
‫ﻭﻏﲑﻫﺎ ﰲ ﺣﺮ‪‬ﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﳑﺎ ﺷﻜﻞ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺟﻌﻠﺖ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﲢﺪﺩ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ‬
‫ﻫﺬﺍ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ ﻓﻴﻨﻮ ﻏﺮﺍﺩﻭﻥ ﻳﻮﻡ ‪ 17‬ﻓﻴﻔﺮﻱ ‪1958‬ﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﻭﺯﻳﺮ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﺒّﺮ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺮﺍﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺑﺈﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺿﺠﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﺴﻌﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭﺭﺍﺣﺖ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﺘﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ، 19‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪1‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ ‪.4‬‬

‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ ﺹ ‪.4‬‬
‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،20‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 15‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ، 1958‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،19‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.4‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.4‬‬
 ‫ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻴﺲ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺎﻭﻝ ﺇﺩﺧﺎﻟﻪ ﺿﻤﻦ‬
‫ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﻬﺗﺎ ﰲ ﻇﻞ ﺻﺮﺍﻋﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪,‬ﻭﻟﺌﻦ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤﹰﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻻ ﻳﺴﻌﻪ‬
‫ﺇ ﹼﻻ ﺃﻥ ﻳﺒﺪﻱ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﺑﺄﻥ ﻳﺮﻯ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻬﺗﺘﻢ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﹰﺎ ﺇﳚﺎﺑﻴﹰﺎ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﺩﻫﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺈﻋﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺿﺪ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪.‬‬

‫ﻭﰲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﺍﻟﺸﻬﲑ "ﺑﺮﺗﺮﻭﻥ ﺭﻭﺳﻞ"‬
‫ﺗﻌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺣﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺇﱃ ﲢﺮﺭ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﻀﻄﻬﺪﺓ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ‪":‬ﺇﻥ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺗﺪﻭﺭ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺭﺣﺎﻫﺎ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻨﺬ ﻋﺪّﺓ ﺃﻋﻮﺍﻡ ﻭﻗﺪ ﺳﺒﺒﺖ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻛﺒﲑﺓ"‪.‬‬
‫ﻭﺗﺴﺎﺀﻝ ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ‪ :‬ﻫﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ ؟ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺮﺏ‬
‫ﻼ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺇﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‬‫ﺳﻨﻬﺎ ﳑﺜﻠﻮﺍ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﺣ ﹰ‬
‫ﺍﳌﻀﻄﻬﺪﺓ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﻠﺖ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺗﻜﺎﻓﺢ ﻟﻨﻴﻞ ﺍﳊﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻼ ﺃﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺃﻳﻦ‬‫ﺍﻟﱵ ﻳﺼﺒﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ‪ ،‬ﻭﰲ ﳎﺎﻝ ﺁﺧﺮ ﺃﺿﺎﻑ ﻗﺎﺋ ﹰ‬
‫ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﺩﻱ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮ ﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ‬
‫ﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺃﺩﺕ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﻔﻲ ﻳﻮﻡ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ ‪1958‬ﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺴﺒﺖ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﻮّﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻭﺃﺑﺪﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺷﻌﺒﹰﺎ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﺄﻳﻴﺪﻩ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ‬

‫‪ -4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،20‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬

‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،20‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
‫ﻭﺑﺪﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪ ،‬ﻭﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﺫﺍﻋﺖ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺑﻴﺎﻧﹰﺎ ﺃﻋﺮﺑﺖ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﺎ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻣﻊ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻃﺎﻟﺒﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻻﻗﻰ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ )ﻳﻮﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ( ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻈﻤﻪ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﺍﻷﺳﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﳒﺎﺣﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﰲ ﻣﺪﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻧﻈﻤﺖ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺿﺨﻤﺔ ﻭﻛﺒﲑﺓ ﻭﻋﻘﺪ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﲜﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻭﺣﻀﺮﻩ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﲔ ﻭﺍﳌﺼﺮﻳﲔ ﻭﻃﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻧﻈﻤﺖ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﻛﺒﲑﺓ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﻣﺼﺎﻧﻊ ﻣﻮﺳﻜﻮ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺃﺫﺍﻋﺖ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻴﺎﻧﹰﺎ ﻋﺮﺑﺖ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻱ‪.‬‬

‫ﻭﰲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻳﱪﻫﻦ ﻋﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻩ ﻭﺗﻌﺎﻃﻔﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺍﳊﺎﺩﺙ ﺍﻷﻟﻴﻢ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﻋﻴﺴﺎﺕ ﺇﺩﻳﺮ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻭﺃﻋﺮﺑﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻫﻢ‪.‬‬
‫ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻓﺈﻥ ﲨﻴﻊ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺎﺑﻊ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺗﺴﺎﻧﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺳﺎﳘﺖ ﻭﺑﻘﺴﻂ ﻛﺒﲑ ﰲ‬
‫ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺳﺎﳘﺖ ﰲ ﺗﺄﻳﻴﺪﻩ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺮﺽ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﻭﻛﻤﺜﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﳒﺪ ﺃﻥ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﺎﻥ‬

‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،21‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 01‬ﺍﻓﺮﻳﻞ ‪ ، 1958‬ﺹ ‪.3‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ﻧﻔﺴﻪ ‪ ،‬ﺹ ‪.7‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،48‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 10‬ﺃﻭﺕ ‪ ، 1959‬ﺹ ‪.8‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،40‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 06‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ، 1959‬ﺹ ‪.11‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،98‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪19‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.2‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ﻟﻪ ﺻﺪﻯ ﻛﺒﲑ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﻭﺣﻀﺮﻩ ﻭﻓﺪ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻧﺎﺩﻯ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ‪ 14‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ 1961‬ﺟﺮﺕ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﰲ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﻣﺎﻡ ﺳﻔﺎﺭﺓ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲟﻮﺳﻜﻮ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ‬
‫ﺍﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ ﳛﻤﻠﻮﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻳﻨﺎﺩﻭﻥ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ "ﲢﻴﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ" ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ‪ ،‬ﻭﻛﻜﻞ ﻣﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ "ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ" ﱂ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﺑﺘﺪﺧﻼﺗﻪ ﰲ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻛﻤﺎ ﱂ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﰲ ﺑﺮﻗﻴﺎﺗﻪ ﻭﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﱪﻗﻴﺔ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ‬
‫ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳍﺠﺮﻳﺔ‪ (3).‬ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﱪﻗﻴﺔ ﳛﺪﺛﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﺳﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﻭﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺑﺎﲰﻪ ﺍﳋﺎﺹ ﻭﻳﻬﻨﺌﻬﻢ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﲔ‬
‫ﻳﺆﺍﺯﺭﻭﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻭﻳﺸﺠﻌﻮﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻣﺴﻌﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺤﺚ ﻭﻳﻜﺎﻓﺢ ﻋﻦ ﺣﺮﻳﺘﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﻋﻄﻒ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺃﻥ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪،‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺫﻛﺮﻯ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.1961‬‬

‫ﻭﰲ ‪ 16‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪1961‬ﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﳍﺬﺍ ﺍﳊﺎﺩﺙ ﺻﺪﺍ‬
‫ﻛﺒﲑ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻣﻈﺎﻫﺮﻩ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﰲ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺣﻴﺚ ﻧﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺃﻟﻔﲔ ﻃﺎﻟﺐ ﺇﻓﺮﻳﻘﻲ‬
‫ﻭﺳﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﺣﺘﺠﺎﺝ‪ ،‬ﻭﺃﺧﺬ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﻳﻄﻮﻓﻮﻥ ﺑﺎﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﻳﻬﺘﻔﻮﻥ ﲝﻴﺎﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺻﻠﻮﺍ ﺇﱃ‬
‫ﲢﻄﻴﻢ ﺯﺟﺎﺝ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻣﻮﺟﺔ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﰲ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﺭﺳﻞ‬
‫ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ "ﺩﻱ ﻏﻮﻝ" ﻭﺇﱃ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻳﻌﺮﺑﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﻢ ﻣﻊ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﳌﺮﻛﺰﻱ ﳉﺒﻬﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺑﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ‬
‫ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻐﲑ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺧﻈﻤﻬﺎ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻣﺘﺮﺩﺩﺓ ﰲ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬

‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،109‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 28‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.8‬‬

‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﳒﺪ ﺃﻥ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻋﺪﻳﺪﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺣﻴﺚ ﻧﺎﺩﺕ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ‬
‫ﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺓ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺳﺠﻞ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺩﻋﻤﻪ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﺪّﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﺣﻴﺚ ﺃﺫﺍﻋﺖ ﻭﻛﺎﻟﺔ "ﻃﺎﺱ" ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ" ﺧﱪ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺒﺎﺧﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ "ﻓﻮﺭﻟﻮﻏﻮ"‬
‫ﺍﻟﱵ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﻣﻴﻨﺎﺀ ﺃﻭﺩﻳﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ ‪‬ﺪﺍﻳﺎ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ ﻭﺍﳍﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﻫﻲ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﳑﺎ ﻳﻠﻲ‪ 10 :‬ﺁﻻﻑ ﻃﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭ‪ 5‬ﺃﻃﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺯ‪،‬‬
‫ﻭ‪ 20‬ﻗﻨﻄﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﳊﻠﻴﺐ ﺍ‪‬ﻔﻒ‪ 20 ،‬ﺃﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﻥ ﻭ ‪ 2500‬ﺃﻏﻄﻴﺔ ﻭ ‪ 100‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﻣﻦ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﻭﺻﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺎﺧﺮﺓ ﺍﶈﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﻐﺬﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺇﱃ ﻗﻠﻖ ﺳﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﻠﺒﺖ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﲢﺪﺩ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﳌﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ ﻟﻼﺟﺌﲔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺄﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻄﻠﺐ‬
‫ﺟﻬﺪﺍﹰ‪ ،‬ﻭﻋﺎﺭﺿﺖ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﺘﺸﺮﺩﻳﻦ ﺑﲔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﻭﺻﻞ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﱃ ‪ 120‬ﺃﻟﻒ ﺟﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ‪ 100‬ﺃﻟﻒ ﻻﺟﺊ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻗﺪﻣﺖ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﻬﺗﺎ ﳍﺆﻻﺀ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﻭﺗﻀﻤﻨﺖ ‪ 2500‬ﻏﻄﺎﺀ ﻭ ‪ 26‬ﺃﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ﻭ ‪ 60‬ﻃﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ‪ 05 ،‬ﺃﻃﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺯ ﻭ ‪ 02‬ﻃﻦ ﻣﻦ ﻣﺴﺤﻮﻕ ﺍﳊﻠﻴﺐ‪ 20 ،‬ﻃﻦ ﺻﺎﺑﻮﻥ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻭ ‪ 160‬ﻃﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻭﺍﳌﻼﺑﺲ ﻭﺧﻴﺎﻡ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﻣﺪﺭﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ‪ 5,005‬ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ‪ 24‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪1960‬ﻡ ﺳﺠﻞ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺇﻋﺎﻧﺘﻪ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺇﱃ ﻣﻴﻨﺎﺀ‬
‫ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺒﺎﺧﺮﺓ "ﻓﺎﻳﺘﺞ" ﲢﻤﻞ ﺷﺤﻨﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻵﻻﺕ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻫﺪﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻻﲢﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﲢﻤﻞ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭﺟﺮﻯ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﻀﺮﻩ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﺍﳌﻨﺪﻭﺏ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺃﻬﻧﺎ ﲢﻤﻞ ﻫﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﳐﺘﻠﻒ ﺃﳓﺎﺀ‬
‫ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺁﻻﺕ ﻓﻼﺣﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺭﺓ ﺷﺤﻦ ﲪﻮﻟﺘﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻃﻨﺎﻥ ﻭﺟﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﺁﻻﺕ‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 18‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪15‬ﻓﻴﻔﲑﻱ ‪ ،1958‬ﺹ ‪.2‬‬

‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،19‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.4‬‬
‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،42‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪18‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.2‬‬
‫ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﻣﻮﺍﺩ ﺻﺎﳊﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻔﲏ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﲪﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﻭﻳﺔ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺃﻫﺪﻯ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﲜﺎﻣﻌﺔ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺳﻴﺎﺭﺓ "ﺟﻴﺐ" ﺇﱃ ﺇﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺪﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ‪.‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺼـﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ,81‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪,1960‬ﺹ ‪.2‬‬

‫‪ -3‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.180‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‬

‫ﺗﻌﺘﱪ ﺍﻟﺼﲔ ﺑﻠﺪ ﺷﺎﺳﻊ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﻳﺒﻠﻎ ﺗﻌﺪﺍﺩ ﺳﻜﺎﻧﻪ ‪ 650‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻧﺴﻤﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻭﻫﻲ‬
‫ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﳏﻜﻢ ﰲ ﲡﻨﻴﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﳍﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻤﻞ ﻭﻋﻴﹰﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻧﺎﺿﺠﺎﹰ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻼﻗﺔ‬
‫ﻭﻃﻴﺪﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﺍﳉﻤﺎﻫﲑ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺃﻭ ﰲ ﺍﳉﻴﺶ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺘﱪ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﳉﻴﻮﺵ ﺗﺪﺭﻳﺒﹰﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﻠﻘﻰ ﺗﻜﻮﻳﻨﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﹰﺎ ﻭﻓﻨﻴﹰﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺘﱪ ﺍﻟﺼﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺣﻘﻘﺖ ﺧﻄﻮﺓ ﻛﺒﲑﺓ ﳓﻮ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻐﻨﺎﻫﺎ ﺑﺎﳌﻮﺍﺩ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺍﳊﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻔﺤﻢ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻨﺸﻴﻄﺔ‪ ،‬ﻭﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﻭﺣﺴﻦ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪،‬‬
‫ﻭﰲ ﺿﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺣﻘﻘﺖ ﺍﻟﺼﲔ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﳑﺎ ﺃﺭﻫﺐ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺭﺟﺐ")‪ (2‬ﺇﻋﺠﺎﺑﻪ ﳓﻮ ﺍﻟﺼﲔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺯﺍﺩ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬
‫ﻼ‪" :‬ﺇﻥ ﻛﻞ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻠﺼﲔ ﻓﻬﻮ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ‬ ‫ﻭﻣﺆﺍﺯﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻟﻠﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺣﻴﺚ ﻋﱪ ﻗﺎﺋ ﹰ‬
‫ﻟﻠﻌﺮﺏ…" ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ "ﺇﻥ ﺍﻟﺼﲔ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻨﺎ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﻻ ﺗﻨﺴﻰ ﺣﻴﺚ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﻄﻮﻉ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﻮﻥ ﳊﺮﺏ ﻣﺼﺮ ﺿﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺎﻧﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺗﺎﺭﻳﺦ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1958‬ﻣﻄﺒﻮﻋﹰﺎ ﲟﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺟﺒﺎﺭﺓ ﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 44‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 14‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ، 1959‬ﺹ ‪.12‬‬

‫‪ -2‬ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﺣﺴﻦ ﺭﺟﺐ‪ ،‬ﺃﻭﻝ ﺳﻔﲑ ﻋﺮﰊ ﻣﺼﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻧﻈﺮ‪,‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.12‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪ ،32‬ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ‪13‬ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ‪ ،1958‬ﺹ ‪.2‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﲔ ﺑﺎﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺩﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‬
‫ﰲ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪1949‬ﻡ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺪﻡ ﳍﺎ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺃﺧﻮﻳﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺣﺮ‪‬ﺎ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﳊﺮﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻘﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻋﻘﺪﺕ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺗﻘﺪﱘ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻻﲢﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﲔ ﰲ ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪1956‬ﻡ ﻭﺗﺪﺭﳚﻴﺎ ﺗﻮﻃﺪﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺧﻀﻢ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻋﺘﺮﻑ ‪‬ﺎ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﺃﺩﻟﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻗﺎﺋﻠﺔ ‪":‬ﺇﻥ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﳌﻨﺼﺮﻣﺔ ﺗﺒﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﲔ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﻌﻘﻞ ﻫﺎﻡ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﲨﻊ"‪.‬‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﺗﻌﺘﱪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﺍﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ﺩﻭ ﹰﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﹰﺎ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﺼﲔ ﻭﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺼﲔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ‬
‫ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻭﻫﻲ ﺫﺍﺕ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺷﻴﻮﻋﻴﺔ ﲝﺘﺔ‪ ،‬ﻭﺗﺒﻌﹰﺎ ﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ – ﺍﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﲔ ﻛﺎﻧﺖ ﳍﺎ ﳎﻬﻮﺩﺍﺕ ﻛﺒﲑﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﳍﺎ ﻟﻠﻮﻓﻮﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﱪﻗﻴﺎﺕ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﳌﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺒﻄﺶ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺖ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ ﰲ ﺑﻜﲔ ﳑﺜﻞ ﻋﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﺃﻗﻴﻢ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﹰﺎ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ‪ (2).‬ﻭﺃﺫﺍﻉ ﺭﺍﺩﻳﻮ ﺑﻜﲔ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﺻﺎﺩﻗﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ‬
‫ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺔ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﲣﺼﺺ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﺘﻬﺎ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻭﺃﻋﺮﺑﺖ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻛﺪ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺑﻜﲔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﲤﺜﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺳﻴﻮﻳﲔ ﻭﺍﻷﻓﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻮﺍﻋﲔ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻷﻛﻴﺪﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ‬
‫ﻟﻼﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀﺗﺄﻳﻴﺪ ﺑﻼﺩﻩ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺮﺍﺭﺍ ﺣﻴﺚ ﺃﺣﺪﺛﺖ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﹰﺎ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﰲ ﺃﻭﺳﺎﻁ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﱃ )‪ (4‬ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪﺍﺕ ﻣﺎﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ "ﻣﺎﻭ ﺗﺴﻲ ﺗﻮﻧﻎ" ‪":‬ﺇﻥ ﺭﻳﺢ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺳﺘﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﻳﺢ ﺍﻟﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻭﺇﱐ‬
‫) ‪(6‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻳﻘﲔ ﺃﻥ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺳﻴﺤﺼﻠﻮﻥ ﻗﺮﻳﺒﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺘﻪ"‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺩﺍﻣﺸﲔ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.781-778‬‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،21‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.3‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.12‬‬
‫‪ -4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،32‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -5‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -6‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،32‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﻮﻥ ﻣﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﻋﻬﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻗﺪ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺳﻴﻨﺘﺼﺮ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﺻﺮﺕ ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﻳﺪﻭﺍ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻜﻞ ﺣﻴﺚ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ "ﺷﻮﺍﻥ ﻻﻱ" ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ‪1955‬ﻡ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻭﺟﻬﺖ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)‪ (1‬ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺭﻬﺗﺎ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺑﺮﻫﻦ‬
‫ﺣﺴﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺫﻫﺒﺖ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻳﻮﻡ ‪ 30‬ﻣﺎﺭﺱ‬
‫‪1959‬ﻡ ﺇﱃ ﺑﻜﲔ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻧﺎﺋﺐ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﻭﺃﻟﻘﻰ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻋﺮﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ‬
‫ﺇﻋﺠﺎﺏ ﺍﻟﺼﲔ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ‪":‬ﺇﻥ ﺍﳉﻴﺶ ﻭﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﻣﻌﺠﺒﺎﻥ‬
‫ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ"‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﺪ ﻛﺴﺒﺖ ﺣﻠﻴﻔﹰﺎ ﺗﺮﻫﺒﻪ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻧﻈﺮﹰﺍ ﻟﻘﻮﺓ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺷﻌﺒﻪ ﻭﺗﻄﻮﺭﻩ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺗﺰﺍﻣﻨﺖ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻣﻊ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻛﻲ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮﺓ ﺗﻀﺎﻣﻨﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻘﺪ ﰲ ﺑﻜﲔ ﻭﺣﻀﺮﻩ ﻋﺪّﺓ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﲔ ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻤﺮ ﺃﺻﺪﻳﻖ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫ﻋﺒّﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺷﻜﺮﻩ ﳊﺴﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﻮﻓﻴﺔ ﳌﺒﺎﺩﺉ ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ‪ ،‬ﻭﺃﻟﻘﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﻛﻮﻣﻮﺟﻮ" ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﺔ‬
‫ﻟﻠﺴﻼﻡ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺮﺣﻴﺐ ﺑﺎﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﲢﺪﺙ ﺑﺎﲰﻪ ﻭﺑﺎﺳﻢ ‪ 650‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺻﻴﲏ‪ ،‬ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺘﱪ ﻛﻔﺎﺡ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﲔ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻠﺼﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺗﻮﺍﻟﺖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻮﺭ ﳐﺘﻠﻒ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﲨﻴﻊ‬
‫ﺃﳓﺎﺀ ﺍﻟﺼﲔ ﻭﺧﺼﺺ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺪﻋﻮﺍ ﺇﱃ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ‪.‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻋﻴﺴﺎﺕ ﺇﻳﺪﻳﺮ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻼﲡﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺸﻐﻞ ﻭﺻﻠﺖ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ‬
‫ﻳﻌﱪﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺳﺨﻄﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻗﺘﺮﻓﻬﺎ ﺍﳉﻼﺩﻭﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﺿﺪ ﻋﻴﺴﺎﺕ ﺇﻳﺪﻳﺮ‪،‬‬
‫)‪(5‬‬
‫ﻭﻳﻌﱪﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﺇﻋﺠﺎ‪‬ﻢ ﺑﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻨﺘﻘﻢ ﻟﻌﻴﺴﺎﺕ ﺇﻳﺪﻳﺮ‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،39‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 20‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،40‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.11‬‬
‫‪4-‬‬ ‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.11‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،48‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.8‬‬
‫ﻭﺃﺻﺪﺭﺕ "ﻟﻮﻣﻮﻧﺪ" ﻣﻘﺎ ﹰﻻ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ "ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺳﺘﺪﺧﻞ" ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪" :‬ﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﻌﺪ‬
‫ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻟﻮﺻﻮﻝ ﺍﳌﺪﺭﺑﲔ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺪﺭﺑﻮﻥ ﻓﺮﻕ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﳛﺘﺮﻑ‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻔﻨﻴﻮﻥ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﻮﻥ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺇﱃ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ؟‪ .‬ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺃﺧﺸﻰ ﻣﺎ ﲣﺸﺎﻩ ﺍﻷﻧﺪﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﺘﺤﺪﺙ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﲔ ﰲ ‪ 26‬ﺳﺒﺘﻤﱪ‬
‫‪1959‬ﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﺑﻜﲔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺞ ﺑﺎﻷﻓﺮﺍﺡ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﰲ‬
‫ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻫﺎ ﻧﺎﺋﺐ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﲑﺓ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﰲ ﺑﻜﲔ ﺗﺴﲑ ﻭﻓﻖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻤﻠﻲ ﳏﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺄﻭﻝ ﻳﻮﻡ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻣﻌﺮﺽ ﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻔﺤﻢ ﰒ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺷﻌﱯ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺴﻊ ﻝ ‪ 10‬ﺁﻻﻑ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺷﺨﺺ ﲢﺖ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﳌﻔﻜﺮ "ﻣﺎﻭ ﺗﺴﻲ ﺗﻮﻧﻎ"‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻡ ﺭﺋﻴﺲ ﺃﻭﻝ ﺑﻌﺜﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﲔ "ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﻛﻴﻮﺍﻥ")‪ (3‬ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻩ ﺇﱃ‬
‫"ﻟﻴﻮﺷﺎﻭﺷﻲ" ﺣﻴﺚ ﺃﻟﻘﻲ ﺍﳌﺒﻌﻮﺙ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﻴﻢ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻟﻦ ﻧﻨﺴﻰ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﳍﺎ ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺃﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻴﻮﺷﺎﻭﺷﻲ ﺑﺄﻥ ﻛﻔﺎﺡ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗﺪﻡ ﺩﻋﻤﹰﺎ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺓ ﺑﺈﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﳌﻀﻄﻬﺪﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺑﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺍﻟﺼﻴﲏ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺩﻋﻤﻪ ﳍﺎ‪.‬‬
‫ﻭﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 05‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1961‬ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺪﺛﺘﻪ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﻟﺼﲔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺗﻨﺪﻳﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺟﻨﻮﰊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲢﺎﻭﻝ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﻣﺴﺎﺳﹰﺎ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﻫﺬﺍ ﻳﺘﻀﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﲔ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﻭﻣﻌﺘﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺷﻌﺒﹰﺎ ﻭﺃﺭﺿﹰﺎ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔﹰ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺗﻨﺎﻫﺾ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭﺗﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪ ،66‬ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ‪ 18‬ﺃﻓﺭﻴل ‪ ،1960‬ﺹ ‪.4‬‬

‫‪ -2‬ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ‪ ،‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،1988 ،‬ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺮﻏﺎﻳﺔ‪ ،‬ﺹ‬
‫‪.397‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻧﻈﺮ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻛﻴﻮﺍﻥ ﻟﻠﺼﲔ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺣﺮﺑﻮﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪،97‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 5‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،100‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 17‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ 1961‬ﺹ ‪.08‬‬
‫ﻭﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺼﻴﲏ ﺑﻜﺎﻣﻞ‬
‫ﺷﺮﺍﺋﺤﻪ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪﻩ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﻨﻜﺮ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﻮﻥ‬
‫ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺓ ﻣﻨﺎﻭﺭﺍﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﳌﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ‬
‫ﻭﻳﺆﻳﺪﻭﻥ ﺗﺄﻳﻴﺪﹰﺍ ﲤﺎﻣﹰﺎ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﻢ ﻣﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺳﺘﻜﻠﻞ ﺣﺘﻤﹰﺎ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺳﺘﻨﺼﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﻮﺣﺪﻬﺗﺎ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،100‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.9‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‬ ‫‪2‬‬
‫ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺍﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺣﱴ ﺳﻨﺔ ‪1918‬ﻡ ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﳑﻠﻜﺔ )ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻜﺮﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻓﺎﻧﻴﲔ(‬
‫ﺍﻟﱵ ﺃﺧﺬﺕ ﺳﻨﺔ ‪1931‬ﻡ ﺍﺳﻢ )ﳑﻠﻜﺔ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ(‪ (1).‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺗﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺎﺕ‬
‫ﰒ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﳍﺘﻠﺮﻱ ﰲ ‪ 16‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1941‬ﻭﻫﻨﺎ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‬
‫ﺍﳋﺎﺹ‪.‬‬
‫ﻭﺗﻌﺪ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﳕﻮﺫﺟﹰﺎ ﻋﺎﳌﻴﺎ ﻟﻠﺼﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﺼﱪ‪ ،‬ﻭﺗﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻗﺘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻮﺍﱄ ‪ 800,000‬ﻳﻮﻏﻮﺳﻼﰲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﺛﻼﺙ ﻣﻼﻳﲔ ﻭﻧﺼﻒ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﺄﻭﻯ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺗﻘﻊ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﺮﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﳉﻨﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ‪ 255,804‬ﻛﻠﻢ ﻣﺮﺑﻊ ‪،‬‬
‫ﻭﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ‪ 06‬ﲨﻬﻮﺭﻳﺎﺕ ﺷﻌﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺆﻟﻔﻬﺎ ﲬﺴﺔ ﺷﻌﻮﺏ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ ‪ :‬ﺍﻟﺼﺮﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻜﺮﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻓﲔ ﻭﺍﳌﻘﺪﻭﻧﻴﲔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻷﻟﺒﺎﻥ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪29, 45‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻭﺕ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.5‬‬
‫ﻭﻇﻬﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺛﻨﺎﺀ ﺟﻮﺯﻳﺐ ﺑﺮﻭﺭ ﺗﻴﺘﻮ ﻭﺭﻓﺎﻗﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﻭﲨﻊ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﺮﻱ ﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﺃﻭﻝ ﺭﺻﺎﺻﺔ ﰲ ﻳﻮﻡ ‪ 07‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪1941‬ﻡ ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ‬
‫ﺿﺪ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺗﻴﺘﻮ ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻫﻮ )ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ( ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻐﻴﺔ ﺣﻞ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‬
‫ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺿﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ (3).‬ﻭﺃﻛﱪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻗﺎﻡ ‪‬ﺎ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻫﻲ‬
‫ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻬﻧﺮ "ﺳﻮﺗﻴﺴﻜﺎ" ﰲ ‪ 15‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1943‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺯﻋﻴﻤﻬﺎ‬
‫ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ )ﺗﻴﺘﻮ( ﺧﺎﺿﺖ ﻛﻔﺎﺣﹰﺎ ﻭﻃﻨﻴﹰﺎ ﻋﻨﻴﻔﺎﹰ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﳉﺪﻳﺮ ﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻭﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲣﻮﺽ ﺣﺮﺑﹰﺎ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﲢﺮﻳﺮﻳﺔ ﳑﺎﺛﻠﺔ ﰲ ﻇﺮﻭﻓﻬﺎ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﳊﺮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ‬
‫ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺑﺎﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻓﺒﺪﺃﺕ ﰲ ‪ (4) 1940 .06 . 24‬ﲟﻤﺜﻠﻴﺘﲔ ﻭﲢﻮﻟﺖ ﺇﱃ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺳﻔﺎﺭﺗﺎﻥ ﰲ ‪.1942/09/14‬‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪:‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻬﻧﺎ ﺗﺪﺭﻙ ﺟﻴﺪﹰﺍ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪،‬‬
‫ﻼ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﰲ "ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ" ﻓﺈﻥ ﺩﻋﻢ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻜﺜﻔﹰﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ‪،‬‬ ‫ﻭﻓﻌ ﹰ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﺃﲨﻊ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻳﺆﻳﺪﻩ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ‬
‫ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﻗﺪ ﺩﻋﻤﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﱂ ﻳﺒﺨﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻑ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ "ﺗﻴﺘﻮ"‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺑﺸﺮﻭﺣﺎﻬﺗﻢ ﻭﺧﱪﺍﻬﺗﻢ ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺎ‪‬ﺎ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻛﺒﲑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻛﻤﺎ ﺃﺻﺪﺭﺗﻪ "ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ"‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺍﳌﺆﲤﺮ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻟﻠﺤﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺣﺎﺿﺮ ﻋﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻻﻗﻲ‬

‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.11‬‬

‫‪ -4‬ﺩﻣﻴﺸﲔ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.912‬‬
‫‪ -5‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.912‬‬
‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 23‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﺎﻱ ‪ ،1958‬ﺹ ‪.2‬‬
‫ﺗﺮﺣﻴﺒﺎ ﺣﺎﺭﹰﺍ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﺆﲤﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ‪ ،‬ﻭﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﺮﺻﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ‬
‫ﻭﺃﻟﻘﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺮﺕ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻷﺥ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺧﺪﺓ‪،‬‬
‫ﻭﺑﻨﻴﺖ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺗﺪﻑ ﺇﱃ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻧﻈﺎﻡ ﺩﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﻮﻥ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﻬﺗﻢ ﻋﻠﻰ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻔﻴﻆ ﺑﻮﺻﻮﻑ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﰲ‬
‫ﻣﻄﺎﺭ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺭﺍﻧﻜﻮﻓﻴﺘﺶ" ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺟﺮﺕ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﱐ‬
‫ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ "ﺗﻴﺘﻮ" ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ ﺭﺍﻧﻜﻮﻓﻴﺘﺶ ﻭﺃﱂ‬
‫ﺑﻮﺑﻮﻓﻴﺘﺶ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ)‪ ،(3‬ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﺒﻠﺪﻳﻦ ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺎﺭ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭﻇﻬﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺧﻄﺎﺏ ﺃﱂ "ﺩﻳﺒﺴﲑﻱ" ﺍﻟﺬﻱ ﻫﺪﺩ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺑﻘﻄﻊ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﻌﻬﺎ ﺇﻥ ﻫﻲ ﺳﺎﻧﺪﺕ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪.‬‬

‫ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺍﳊﺎﺩﺙ ﺍﻷﻟﻴﻢ ﻭﻫﻮ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻼﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻠﺸﻐﻞ‪ ،‬ﺑﻌﺚ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻑ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﺗﻌﺰﻳﺔ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪":‬ﻧﺸﺎﺭﻛﻜﻢ ﻭﲨﻴﻊ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﻣﺼﺎ‪‬ﻢ ﻫﺬﺍ ﲟﻮﺕ‬
‫ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﰊ ﻋﻴﺴﺎﺕ ﺇﺩﻳﺮ‪ ،‬ﻭﳓﻦ ﻣﺘﻴﻘﻨﻮﻥ ﺗﻴﺎﺭ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ ﻭﻻ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻣﻲ ﺇﱃ ﺗﻄﻮﻳﺮ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺭﻓﺎﻫﻴﺘﻪ"‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬

‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 44‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1959‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،48‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
 ‫ﻛﻤﺎ ﺻﺮﺡ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺩﺭﺍﻏﻮ" ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﺳﻢ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﰲ ﻧﺪﻭﺓ ﺻﺤﻔﻴﺔ‬
‫ﻋﻘﺪﻫﺎ ﰲ ‪ 19‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1960‬ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﻣﺎ ﺍﻧﻔﻜﺖ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ‬
‫ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺘﺴﻮﻳﺔ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ"‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺇ ﹼﻻ ﺃﻥ ﲢﺪﺙ‬
‫ﺗﻌﻘﻴﺪﺍﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺗﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺁﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺇﻥ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﺑﻜﻞ ﺣﺮﻳﺔ")‪ ،(2‬ﻭﺑﻌﺪ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ‬
‫ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻟﺖ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻋﻨﻬﺎ "ﻧﺮﺟﻮ ﳒﺎﺡ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ"‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺩﱃ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺑﺎﺳﻢ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ "ﻧﺘﻤﲎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺧﻄﻮﺓ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﻭﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ )ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ( ﲟﺠﻬﻮﺩﺍﻬﺗﻤﺎ ﺣﱴ ﻳﻌﱪﺍ ﻋﻦ ﺻﺪﻕ ﻧﻮﺍﻳﺎﻫﺎ ﻭﺗﺆﺩﻱ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻟﻼﲢﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺣﻀﺮﻩ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﻭﻓﺪﹰﺍ‬
‫ﺃﺟﻨﺒﻴﹰﺎ ﳝﺜﻠﻮﻥ ﳐﺘﻠﻒ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ‪ .‬ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﲢﺪﺙ ﺇﱃ "ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ" ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻴﻨﻬﻢ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻟﻼﲢﺎﺩ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﺍﻟﻄﻼﰊ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺩﺭﺍﻏﺎﻥ ﻓﻮﺳﻴﺴﺎﻓﻴﺘﺶ" ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﻰ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫ﻋﱪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﺄﺛﲑﻩ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺷﻌﺒﻬﻢ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻪ ﺑﻄﻮﱄ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺩﺭﺍﻏﺎﻥ" ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻑ ﻳﺘﺎﺑﻌﻮﻥ‬
‫ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻡ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺃﻬﻧﻢ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺗﲔ ﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻗﺮﻳﺐ ﺟﺪﹰﺍ ﺇﱃ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﲔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺁﺧﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﳑﺜﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻗﺎﻝ ‪ …" :‬ﻭﺍﻋﺘﻘﺪ‬
‫ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﹰﺍ ﺟﺎﺯﻣﹰﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺤﺘﻔﻞ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﻢ ﺃﺻﺒﺢ ﻗﺮﻳﺒﹰﺎ ﺟﺪﺍﹰ‪ ،‬ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﺳﻨﻠﺘﻘﻲ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻮﻕ ﺃﺭﺽ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺮﺓ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﻛﻜﻞ ﻣﺮﺓ ﺗﺴﺠﻞ "ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ" ﺗﺪﺧﻼﺕ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﰲ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ "ﺗﻴﺘﻮ" ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﻄﺮﻕ ﻣﻨﺬ ﲬﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﱂ ﻳﺴﺠﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻱ ﺗﻘﺪﻡ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﲝﻘﻪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،65‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪4‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.11‬‬

‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 71‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.5‬‬
‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 74‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 8‬ﺃﻭﺕ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.14‬‬
‫ﺍﳌﺼﲑ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ "ﺗﻴﺘﻮ" ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﺠﻊ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺳﺘﻔﺘﺎﺀ ﲢﺖ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻳﺪﻋﻮﺍ ﺇﱃ ﺇﻬﻧﺎﺀ ﺍﳊﺮﺏ ﻓﻮﺭﺍﹰ‪ ،‬ﻭﺇ ﹼﻻ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺇﺑﺎﺣﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻭﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻋﻄﺖ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺮﺕ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺑﻮﺭﻳﺎ"‪" ،‬ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ"‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺗﺼﺮﳛﺎﺕ ﳌﻨﺪﻭﺏ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﶈﺎﺩﺛﺎﺕ ﻭﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺟﺮﺕ ﳏﺎﺩﺛﺎﺕ ﺑﲔ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ‬
‫ﻭﺟﺎﺀ ﰲ ﺑﻼﻍ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺑﲔ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ "ﺗﻴﺘﻮ" ﻭﻣﻠﻚ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺃﻥ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﳊﻞ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﺃ ﹼﻛﺪ ﺭﺋﻴﺴﻴﹰﺎ ﻟﻠﺪﻭﻟﺘﲔ ﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﺎ ﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻭﻧﺎﺩﻳﹰﺎ ﺑﻮﺟﻮﺏ‬
‫ﲢﻘﻴﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﻼﻍ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ‪ ":‬ﺇﻥ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﻳﺴﺘﻨﻜﺮﺍﻥ‬
‫ﳏﺎﻭﻻﺕ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪ ،‬ﺗﻠﻚ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﻬﺗﺪﺩ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻘﻌﺔ ﻣﻦ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺇﻥ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺇﳚﺎﺩﻩ ﺇ ﹼﻻ ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﳓﻦ ﻧﺮﺣﺐ ﺑﻜﻞ ﺍ‪‬ﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﳌﺒﺬﻭﻟﺔ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ"‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻌﻘﺪﺕ ﰲ ‪ 12‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪1961‬ﻡ ﺟﻠﺴﺔ ﻋﻤﻞ ﺿﻤﺖ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ "ﺗﻴﺘﻮ" ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻪ ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮﺣﺎﺕ‬
‫ﻋﺒﺎﺱ)‪ (1‬ﻭﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻘﺐ ﺍﶈﺎﺩﺛﺎﺕ ﻋﻠﻖ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﺗﺄﻛﻴﺪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻭﺯﻳﺮ‬
‫ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﶈﺎﺩﺛﺎﺕ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻭﺍﳌﻘﻴﺪﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺃﺩﺕ ﺇﱃ ﺍﺭﺗﻴﺎﺣﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪﻭﺍ‬
‫ﻟﻠﻮﻓﺪ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﻟﻠﻤﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﺍﳌﺎﺭﻳﺸﺎﻝ "ﺗﻴﺘﻮ" ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ,78‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 3‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.2‬‬

‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 62‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 14‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ ‪.8‬‬
‫‪ -4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 93‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 9‬ﺍﻓﺮﻳﻞ ‪ ، 1961‬ﺹ ‪.2‬‬
‫)‪ (1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪19 ،38‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1958‬ﺹ‪.3‬‬
‫ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺃﻥ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ ﻛﻔﺎﺡ ﲢﺮﻳﺮ ﺇﻓﺮﻳﻘﺎ)‪ ،(2‬ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺒﻊ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺮﺕ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺈﻥ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﻬﺗﺎ‪ ،‬ﻭﱂ‬
‫ﺗﺒﺨﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲟﺎ ﲤﻠﻜﻪ ﻭﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﲡﺮﺑﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ‪ .‬ﻭﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺟﺮﻳﺪﺓ‬
‫"ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ" ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺗﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﻭﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺘﺸﺎ‪‬ﺘﺎﻥ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻛﺒﲑ‪ ،‬ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ‬
‫ﻼ ‪" :‬ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﺟﻴﺶ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﻰ 'ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ‫"ﺑﻨﻴﺸﺎﺭ" ﻣﺴﲑﺓ ﺛﻮﺭﻬﺗﻢ ﻗﺎﺋ ﹰ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﱯ' ﻭﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ 'ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ' ﻭﺍ‪‬ﻠﺲ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﻳﺴﻤﻰ 'ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﱯ' ﻭﺍﻧﺒﺜﻘﺖ ﻋﻨﻪ 'ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ' ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺮﺭ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﳎﺎﻟﺲ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﰲ‬
‫ﻛﻞ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﺮﺕ ﺑﻨﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺮﺩﺩﺕ ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻜﻔﻲ ﻹﻋﻄﺎﺀ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺻﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﲔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺗﲔ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﻜﻢ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﲔ‪ ،‬ﻓﺒﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ‪ 05‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﺑﺄﻋﻤﻖ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻭﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﻟﻠﻜﻔﺎﺡ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺗﺴﺘﻨﻜﺮ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺓ‬
‫ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺳﻠﺒﻪ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺃﻥ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﰲ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺗﻘﺪﱘ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﻬﺗﺎ ﻟﻠﻤﺼﺎﱀ ﻭﺍﳊﻘﻮﻕ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻫﺬﻩ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﻤﺎﱄ ﰲ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﻤﺎﱄ ﰲ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ‪ ،‬ﺑﺎﺳﻢ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﺗﺘﺒﺎﻟﻎ ﺑﻌﻄﻒ ﻭﺗﺄﻳﻴﺪ ﺇﳚﺎﰊ ﻛﻔﺎﺡ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻜﻠﻞ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﺑﺮﻗﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻌﺚ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ "ﺗﻴﺘﻮ" ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ "ﺑﻦ ﺧﺪﺓ")‪ (2‬ﺃﻋﺮﺏ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﲢﻴﺎﺗﻪ ﻭﻬﺗﺎﻧﻴﻪ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﻴﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ‪ ،‬ﻭﲤﻨﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ‬

‫)‪ (2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 94‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 25‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.2‬‬

‫)‪ (3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.12‬‬
‫)‪ (4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،100‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.9‬‬
‫)‪ (1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،100‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.09‬‬
‫ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻘﺪ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﺳﺨﻂ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻭﻗﺪ ﻃﺎﻟﺒﺖ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺩﺭﺍﻏﻮ" ﺑﺈﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻓﻮﺭﹰﺍ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪:‬‬
‫ﺍﻋﺘﱪﺕ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ "ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ" ﺍﻟﺮﺍﺋﺪﺓ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳍﺪﻑ‬
‫ﺍﳌﻨﺸﻮﺩ ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻋﺎﻧﺎﻬﺗﺎ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻭﻓﲑﺓ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﲟﻌﺎﳉﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﲟﺴﺘﺸﻔﻴﺎﻬﺗﺎ)‪ ،(4‬ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺑﺈﻋﺎﻧﺘﻬﺎ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺳﻴﺎﺭﺗﺎﻥ ﻟﻠﻨﻘﻞ‪ ،‬ﻭ ‪ 9‬ﺃﻃﻨﺎﻥ ﺳﻜﺮ ﻭ‬
‫)‪(5‬‬
‫‪ 2540‬ﻛﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻭﺍﻷﺣﺬﻳﺔ ﻭﺍﻷﻗﻤﺸﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻑ ﺑﺈﻋﺎﻧﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻠﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻮﻧﺲ ﲤﺜﻠﺖ‬
‫ﰲ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﻣﺘﻨﻘﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺟﻬﻮﺩ ﺑﺬﳍﺎ ﳎﻠﺲ ﲪﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺔ ﻭﻫﻲ‬
‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺗﻀﻢ ½ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺗﺘﺮﺍﻭﺡ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﻣﻦ ‪ 4‬ﺇﱃ ‪ 7‬ﺳﻨﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻛﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍ‪‬ﻠﺲ ﳉﻨﺔ‬
‫ﻗﺮﺭﺕ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﲪﻠﺔ ﳉﻤﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ‪ ،‬ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻛﻞ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ‬
‫ﻭﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ … ﺍﱁ‪ ،‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﳌﺘﻨﻘﻠﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺴﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻣﻜﺘﺐ ﻣﺪﻳﺮ ﻭﻣﻜﺘﺐ‬
‫ﺍﳊﺎﺭﺱ‪ ،‬ﻭﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻭﺟﻬﺖ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ‪ 10‬ﺁﻻﻑ ﻃﺮﺩ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ ﻟﺒﺎﺱ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ‬
‫ﻣﺪﺭﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﲡﺮﻱ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺟﻠﺴﺎﺕ ﻋﻤﻞ ﺿﻤﺖ ﻣﺴﺆﻭﱄ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ‬
‫ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻭﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺗﻘﺮﺭ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻠﺴﺎﺕ ﺭﺑﻂ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻭﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺗﺄﻛﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ)‪ (1‬ﻭﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬

‫)‪ (2‬ﺑﻦ ﺧﺪﺓ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ‪ :‬ﻭﻟﺪ ﺑﺎﻟﺒﻠﻴﺪﺓ ﰲ ‪ 23‬ﻓﻴﻔﺮﻱ ‪ ،1920‬ﺯﺍﻭﻝ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﻭﺃﻭﻝ‬
‫ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻋﻀﻮ ﰲ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ ،‬ﻭﰲ ‪ 1960‬ﺃﺻﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴﹰﺎ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪Benjamin Stora : Dictionnaire biographique de militantes nationalistes algériennes.‬‬
‫‪Paris 1985. P 330.‬‬
‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 108‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ 13‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ، 1961‬ﺹ ‪.12‬‬
‫‪ -4‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،109‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.9‬‬
‫‪ -5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،44‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 42‬ﻣﺼﺪﺭﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
 ‫ﻭﺭﲟﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺃﺩﱃ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ "ﻛﻞ ﻣﺎ‬
‫ﺗﻘﺪﻣﻪ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻣﻦ ﺇﻋﺎﻧﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻻ ﻳﺴﺪﺩ ﺩﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺑﺬﻟﺘﻬﺎ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﺃﻧﺸﺊ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺮﻛﺰ ﻟﻌﻼﺝ ﺟﻨﻮﺩ ﺟﻴﺶ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬ﻭﺣﻀﺮ ﺣﻔﻞ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺡ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﻻﻟﻮﻓﻴﻨﺘﺸﻲ ﺳﻔﲑ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﺗﻘﺪﻡ ﲟﺴﺎﻋﺪﺍﺗﻪ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ‬
‫ﻣﺼﺤﺘﲔ ﻭﻣﺴﺘﺸﻔﻴﲔ ﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭﺗﺘﺄﻟﻒ ﻛﻞ ﻣﺼﺤﺔ ﻣﻦ ‪ 4‬ﺃﻗﺴﺎﻡ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮﺍﰲ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﻮﺻﻔﻲ‪ ،‬ﻭﻗﺴﻢ ﻟﻠﻌﻼﺝ ﺍﳌﺴﺘﻌﺠﻞ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻣﻦ ‪ 50‬ﺳﺮﻳﺮﹰﺍ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻭﻗﺴﻢ ﻟﻠﺠﺮﺍﺣﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﳎﻬﺰﺓ ﺑﺄﺣﺪﺙ ﺍﻵﻻﺕ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﻳﻮﻏﺴﻼﰲ ﻗﺒﻞ ﻬﻧﺎﻳﺔ ‪1961‬ﻡ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ‪ 21‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪1961‬ﻡ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﺑﺈﻋﺎﻧﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺻﺤﻴﺔ ﻭﺃﺩﻭﻳﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﻫﺬﺍ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﻴﻮﻏﺴﻼﰲ ﲞﻄﺎﺑﻪ)‪ (4‬ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺃﲰﺎﻉ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻳﺪﺧﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 96‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪22‬ﻣﺎﻱ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.11‬‬

‫‪ -3‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 110‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1961‬ﺹ ‪.2‬‬
‫‪ -4‬ﺗﻔﺴﻪ ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 114‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﻓﻴﻔﺮﻱ ‪ ،1962‬ﺹ ‪.2‬‬
 ‫ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫ﲤﺜﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺘﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻲ ﰲ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ)‪ ،(1‬ﺣﻴﺚ ﻭﺻﻠﺖ ﺑﺮﻗﻴﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻳﻌﱪ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺑﻜﻞ ﻋﻄﻒ ﻛﻔﺎﺡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ‬
‫ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺣﻠﻴﻒ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ)‪ (2‬ﻭﺧﻄﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺘﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻲ ﺑﺪﻋﻢ ﻣﺎﺩﻱ ﲤﺜﻞ ﰲ ‪:‬‬
‫‪ 664,301‬ﻛﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﳌﻼﺑﺲ ﻭﺍﻷﺣﺬﻳﺔ ﻭﺍﻷﺩﻭﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،42‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،96‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬
 ‫ﻣﻮﻗﻒ ﺑﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﰲ ‪ 17‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1961‬ﰲ ﻓﺮﺳﻮﻓﻴﺎ ﺑﺒﻮﻟﻨﺪﺍ ﻧﻈﻢ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﹰﺎ ﺃﻋﺮﺑﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﳌﻌﺘﻘﻠﲔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭﺭﻓﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮﻫﺎ‬
‫ﻻﺋﺤﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﻳﺴﺘﻨﻜﺮﻭﻥ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺿﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ)‪ ،(1‬ﻛﻤﺎ ﺩﻋﻤﺖ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺏ ‪ 500‬ﻏﻄﺎﺀ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪, 16‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1958‬ﺹ ‪.10‬‬

 ‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ‬
‫ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻭﻣﺖ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﳌﺪﺓ ‪ 09‬ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭﻫﻲ ﺍﻵﻥ ﲢﺲ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﲟﻌﺎﻧﺎﺓ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺑﻌﺜﺖ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺗﺆﻛﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻣﻲ ﻭﺑﺘﻀﺎﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﻡ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻣﺎﻱ ‪ 1957‬ﻧﻈﻤﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﺌﺎﺕ‬
‫ﺍﶈﺎﺿﺮﺍﺕ ﻭﻃﺒﻌﺖ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻋﺪﺩﹰﺍ ﺧﺎﺻﹰﺎ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﲣﻮﺽ ﺣﺮﺑﹰﺎ ﻗﺪ ﺟﺮ‪‬ﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻣﻲ ﻭﺍﻧﺘﺼﺮﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺩﻳﺎﻥ ﺑﻴﺎﻥ ﻓﻮ‪ (1).‬ﻭﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ‬
‫ﻗﺎﻡ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺎﺩﻳﹰﺎ ﺣﻴﺚ ﺳﻠﻤﺖ ﰲ ﻳﻮﻡ ‪ 02‬ﻣﺎﻱ ‪ 1961‬ﺣﻮﺍﱄ ‪ 201‬ﻃﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﻛﻬﻴﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻧﻈﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﻔﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﱳ ﺍﻟﺒﺎﺧﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﰲ ﻣﻴﻨﺎﺀ ﺣﻠﻖ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﻭﺣﻀﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻔﻞ ﻣﺒﻌﻮﺙ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ "ﺗﻌﻴﺎﻥ ﻧﻴﺎﻥ ﺗﻮﻧﺒﺎ" ﻭﳑﺜﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺭﺋﻴﺲ ﺍﳍﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،96‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.2‬‬

‫‪ -2‬ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،109‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ ‪.9‬‬
 ‫ﺍﳋﺎﲤــــﺔ‬

‫ﻟﻘﺪ ﲤﻴﺰﺕ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 1962-1954‬ﺑﺘﺒﺎﻳﻦ‬

‫ﻭﺍﺿﺢ ﺑﲔ ﻣﺆﻳﺪ ﳍﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻓﺮﻭ‬
‫ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ‪,‬ﻭﺣﱴ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ‪,‬ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﳍﺎ ﻭﻫﻲ ﻣﻮﺍﻗﻒ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ‪ ,‬ﻭﻣﻦ ﳑﻴﺰﺍﺕ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺳﺎﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻴﺰﻬﺗﺎ ﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﻓﺎﺗﺢ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﻣﺮﺕ ﺑﻈﺮﻭﻑ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻋﺎﻡ ‪ ،1830‬ﻭ ﻇﻬﻮﺭ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﶈﻠﻲ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻪ‪ ،‬ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ‬
‫ﻭ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻣﻴﺰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﺴﻠﺢ‪ ،‬ﻋﺪﺓ ﻣﻘﺎﻭﻣﺎﺕ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺇﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣﺘﻴﺠﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﻦ‬
‫ﺯﻋﻤﻮﻥ ﻭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﻱ ﻭ ﺍﻵﻏﺎ ﳏﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ‪ ,‬ﻣﺮﻭﺭﺍ ﲟﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻣﺆﺳﺲ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ,‬ﻭ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳊﺎﺝ ﺃﲪﺪ ﺑﺎﻱ ﺑﺎﻟﺸﺮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﻮﺯﻳﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﻮﻋﻤﺎﻣﺔ‬
‫ﻭ ﺃﻭﻻﺩ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﻣﻮﺩ ﰲ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻘﺪ ﺑﺮﺯﺕ ﻋﺪﺓ‬
‫ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﲪﻠﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻮﺟﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺿﻞ ﺑﻘﻠﻤﻪ‬
‫ﻭ ﻓﻜﺮﻩ ﻭ ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺼﺮﺓ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ‪,‬ﻭ ﻋﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪﺍ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ‪‬ﺎ ‪.‬‬
‫ﻭ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻗﻮﺓ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﻜﻨﺘﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﳑﺜﻠﺔ ﰲ ﺇﲡﺎﻫﺎﻬﺗﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﻭ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﰒ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ)‪(1‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ﻫﺬﻩ ﺍﻹﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻴﺰﺕ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻇﻬﺮﺕ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎﺕ ﲤﺜﻠﺖ‬
‫ﰲ ﺇﲡﺎﻫﲔ‪ ،‬ﳘﺎ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﳑﺜﻼ ﰲ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﱄ ﳑﺜﻼ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﰒ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻓﺤﺮﻛﺔ ﺇﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﲰﺤﺖ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻓﻌﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺭﻏﻢ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺒﻄﺶ‬
‫ﻭ ﺍﳊﺮﻣﺎﻥ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺍﺟﻬﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ .‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺩﺍﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﻓﺈﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺣﺮﺑﲔ ﻋﺎﳌﻴﺘﲔ ﲰﺢ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ ﺑﻘﻮﺓ ﺷﻌﻮﺏ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍﻬﺗﺎ‬
‫ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﲢﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺪ ﺍﻹﺟﺒﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭﺗﻪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1912‬ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﺳﺎﻋﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺣﺘﻜﺎﻙ ﺑﻐﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﳕﻰ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺇﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﺬﻣﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺟﺮﺍﺀ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﳍﻢ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﻛﻠﻬﺎ ﺩﻓﻌﺖ ‪‬ﻢ ﺇﻟىﺮﻓﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻋﺎﻟﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻭ ﺭﻏﻢ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺒﺚ ﺍﻟﱵ ﻃﺒﻘﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﻣﻬﺎﺩﻧﺔ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ ﺍﳌﻌﺴﻮﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ‪ 12‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ، 1943‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﳊﺮﻛﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﺭﻙ ﲤﺎﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺄﻱ ﺷﻜﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺴﺘﻐﻠﺔ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ,‬ﺧﺎﺻﺔ ﺿﻌﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﶈﺘﻠﺔ ﺃﻛﺪﺕ ﰲ ﻣﺆﲤﺮ ﺑﺮﺍﺯﺍﻓﻴﻞ ﻋﺎﻡ ‪ 1944‬ﺃﻬﻧﺎ‬
‫ﻟﻦ ﺗﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭﺧﺎﺻﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﳎﺴﺪﺓ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺒﺎﺩﺋﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺇﺳﺘﻐﻼﻝ ﻓﺮﺻﺔ ﻇﻬﻮﺭ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻛﻤﻨﻈﻤﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﻬﺗﺘﻢ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺇﺻﺪﺍﺭﻫﺎ ﻹﻋﻼﻥ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭ ﻣﻨﺢ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﻮﺟﺔ ﺍﻟﱵ ﺿﺮﺑﺖ ﺍﻟﻌﺎﱂ ‪,‬ﻭ ﻫﻲ ﻣﻮﺟﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﱵ ﺳﺎﺩﺕ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺍﺕ ‪,‬ﻭ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺗﺄﺛﺮﺕ ‪‬ﺎ ﻋﺪﺓ ﺷﻌﻮﺏ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﻤﺢ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺯﺍﺩﻩ ﺇﺳﺘﻘﻼﻝ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﻋﺰﳝﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﻔﺎﺣﻪ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻣﺪﻋﻤﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﺒﻮﺍ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ‪,‬ﻭ ﺭﺍﺣﻮﺍ‬
‫ﻳﺴﻬﻤﻮﻥ ﰲ ﺇﳒﺎﺡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪.‬‬

‫ﻭ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺇﻧﻄﻼﻕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﰲ ‪ 1‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﲡﻠﺖ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬

‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻋﺎﻡ ‪ ،1962‬ﻭ ﺍﳌﻼﺣﻆ ﺃﻧﻪ ﺭﻏﻢ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺮﻭﺿﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫ﺃﻭ ﺣﱴ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﲢﺪﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻛﺎﻥ ﺃﻗﻮﻯ ﻹ ﳝﺎﻬﻧﺎ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ,‬ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﺄﺣﻼﻑ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳊﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻭﺣﱴ ﻗﻄﺮ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻣﻐﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ‬
‫ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﻭ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ‪‬ﺎ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻭﻓﺮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺟﺴﺪﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﰲ ﻛﻞ ﻗﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻋﻢ‬
‫ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻠﻘﺎﻩ ﻣﺪﺓ ﻛﻔﺎﺡ ﺛﻮﺭﺓ ﺷﻌﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﻭﺟﺪﺕ ﰲ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﳌﺆﻳﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﺷﻘﺎﺀ‬
‫ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﺣﱴ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺮﺟﻊ ‪‬ﺎ ﺍﳊﺮﻳﺔ‬
‫ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﻡ‪.1830‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﺍﻹﳓﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪ ,‬ﻓﺎﻷﻭﱃ ﺳﻌﺖ ﺇﱃ ﺗﻜﺴﲑ ﺍﻟﻄﻮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺻﻔﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺳﻜﻮﻬﺗﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ‪,‬ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺷﺄﻥ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﻓﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺤﺴﻨﺘﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪,‬ﻭﺍﻋﺘﱪﺗﻪ ﻣﺆﻳﺪﺍ ﳍﺎ ‪,‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻘﻒ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺕ ‪,‬ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ‪,‬ﻓﺠﺎﺀ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻣﻨﺬ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪, 1954‬ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﺣﺒﺎ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪,‬ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻐﲑ ﺍﳌﻔﺎﺟﺊ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ‪,‬ﻓﻔﻲ‬
‫ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻷﻭﱃ ﳍﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺘﺪﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪,‬ﻣﻊ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ‪,‬ﻭﻣﺎﺃﻥ‬
‫ﺷﻌﺮﺕ ﺑﻀﻌﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺇﲬﺎﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ‪,‬ﻭﻣﻴﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺇﱃ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ‪,‬ﺣﱴ ﻋﺎﺭﺿﺖ ﻣﻊ ﻬﻧﺎﻳﺔ‬
‫ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪,‬ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻻﺗﻌﺎﺭﺽ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ‬

‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪,‬ﺑﻞ ﺃﻭﺣﺖ ﺇﱃ ﺳﻔﺮﺍﺋﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺇﱃ ﻹﺟﺮﺍﺀ ﺇﺗﺼﺎﻻﺕ ﻣﻊ ﳑﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻟﺘﻔﺴﺢ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻭﺭ ﰲ ﻓﻠﻜﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﺜﻞ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ‪ ,‬ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺻﻔﻌﺔ ﻣﻮﺟﻌﺔ ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﻴﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻓﺸﻠﺖ ﰲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺑﻄﺮﻭﺣﺎﻬﺗﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ‪.‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻣﺆﻳﺪﺍ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ‪,‬ﻓﺈﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻛﺎﻥ ﻋﻜﺲ‬
‫ﺫﻟﻚ ﲤﺎﻣﺎ ‪ ,‬ﺭﺃﺕ ﻓﻴﻪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﱵ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺆﺷﺮﺍ ﺇﳚﺎﺑﻴﺎ ﳍﺎ ‪,‬ﻭﻋﺎﻣﻼ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺍﻟﺮﺃﻱ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭﻛﺸﻒ ﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﺪﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻴﺔ ‪,‬ﲝﻴﺚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻋﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺟﻞ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ‪ ,‬ﳑﺎ ﺣﻌﻞ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺎﻬﺗﺎ ﰲ ﺣﺮﺝ ﻓﺪﻓﻊ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﳑﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻮﻧﺔ ‪,‬ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﲰﺢ ﳍﺎ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﻜﺎﺗﺐ‬
‫ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﰲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ ﻛﺴﻮﻳﺪ ﻭﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻙ ﻭﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺃﳌﺎﻧﺎ‬
‫ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ‪,‬ﺣﻴﺚ ﺗﻄﺎﺑﻘﺖ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺣﻮﻝ‬
 ‫ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺼﲔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ‪ ,‬ﺃﻣﺎ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺻﺮﺍﻋﻪ ﻣﻊ ﻏﺮﳝﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﱪﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﲣﺎﺫ ﻣﻮﻗﻒ ﺳﻠﱯ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﳏﺎﻭﻟﺘﻪ ﺟﺮ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﻣﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺩ ﺃﻭ ﻟﺼﻔﻪ ﻓﻼ ﻫﺬﻩ ﻭﻻﺗﻠﻚ ﳒﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﺪﺍﺭﻙ‬
‫ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻣﻨﺨﻼﻝ ﺇﻋﻼﺗﻪ ﻋﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ ‪,‬ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻗﺪ ﺳﺒﻘﻪ‬
‫ﰲ ﺫﻟﻚ ‪,‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﱃ ﻓﻜﺮﺓ ﺩﻋﻢ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﲡﺎﻫﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫ﻟﻴﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﺘﻤﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺬﻟﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1954‬ﻗﻀﻴﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ‪ ,‬ﻛﺸﻔﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﻣﺆﻳﺪ ﳍﺎ ﺇﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﺃﻣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪ ,‬ﻭﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﻨﻄﺒﻖ‬
‫ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‪,‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ ﻓﻘﺪ ﺇﳓﺼﺮ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ‬
‫‪,‬ﺍﻟﱵ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﺎ ﺇﻥ ﺃﺣﺴﺖ ﺑﺎﺧﺘﻼﻝ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ‪,‬ﺣﱴ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬

‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻣﻊ ﺩﻭﻟﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺎﺳﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﺟﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪.‬‬
‫ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺪﺛﺘﻪ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ‬
‫ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠىﺮﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ‪,‬ﳑﺎ ﺃﺣﺪﺙ ﺷﺮﺧﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﺎﻧﺎﺕ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﻗﻮﺓ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬
‫ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﺆﻳﺪﺓ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ‪ ,‬ﻭﻫﻲ ﺍﳊﻠﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﺺ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﳍﺎ‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻛﺒﲑ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺇﱃ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﳍﺠﻮﻡ‪,‬‬
‫ﻭﻳﺬﻟﻚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻧﻘﻄﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺴﺐ ﳍﺎ ﺃﺻﻮﺍﺗﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺆﻳﺪﺓ‬
‫ﻭ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﳍﺎ ﻭ ﻟﺜﻮﺭﻬﺗﺎ‪ ،‬ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﻇﻬﺮﺕ ﲟﻈﻬﺮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﻮﺓ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﻮﻗﺎﻑ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺒﻌﻬﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﺃﻭ ﺇﺳﻼﻣﻴﺎ ﺃﻭ ﺃﻓﺮﻭ ﺁﺳﻴﻮﻳﺎﺃﻭ‬
‫ﺷﻴﻮﻋﻴﺎ ﺃﻭﺣﱴ ﺭﺃﲰﺎﻟﻴﺎ ﻏﺮﺑﻴﺎ ﺃﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺿﺪ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ‪,‬ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
 ‫ﻭ ﺛﻮﺭﺗﻪ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﳚﺪ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺃﻱ ﻣﱪﺭ ﺑﺈﻳﻘﺎﻓﻪ ﻭ ﱂ‬
‫ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺣﱴ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺭﻩ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﺮﺟﻌﺖ ﺑﻔﻀﻠﻪ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1962‬ﻭ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻀﻮﺍ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﰲ ﻛﻞ ﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ‪.‬‬
 ‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ‪:‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‪-:‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪ :‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ‪-:‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-2‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﳌﺎﱐ ﺍﻟﻐﺮﰊ ‪-:‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﺭﺍﺑﻌﺎ ‪ :‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ‪-:‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﺧﺎﻣﺴﺎ ‪ :‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ‪-:‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﺳﺎﺩﺳﺎ ‪ :‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻱ ‪-:‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﺳﺎﺑﻌﺎ ‪:‬ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ ‪-:‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻨﺮﻭﻳﺞ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻙ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﻓﻨﻠﻨﺪﺍ‬ ‫‪-4‬‬
‫ﺃﻭﻻ ‪ :‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ‪-:‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-1‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-2‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺧﻼﻝ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﲢﺘﻞ ﻣﺮﻛﺰﺍ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‬
‫ﰲ ﺧﺎﺭﻃﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈ‪‬ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺻﻤﺎﻡ ﺃﻣﻦ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺑﻨﺖ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ‬
‫ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﺴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺇﱃ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻧﺘﻤﺎﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﳌﺴﲑ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺿﻤﺎﻥ ﻷﻣﻨﻬﺎ ﻭﺳﻼﻣﺔ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﰲ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍ‪‬ﺎ )‪.(1‬‬
‫ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﻗﻄﺐ ﻣﻦ ﺃﻗﻄﺎﺑـﻪ ﺍﳋﺎﺿـﻊ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨـﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺭﺻﻴﺪﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻟﻜﻮ‪‬ﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﻌـﺎﱂ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﺃﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺑﲔ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﳌﺘﻤﺜـﻞ ﰲ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺷﺮﻛﺎﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻣﺮﺗﺒﻄﻮﻥ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻭ ﺑﺄﺧﺮﻯ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻷﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻋﺘﱪ‪‬ﺎ ﺷﺄﻧﺎ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ‪ .‬ﻭﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ‪ ،‬ﻛﻤـﺎ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻇﻬﺮﺕ ﰲ ﻇﺮﻭﻑ ﺇﺣﺘ ‪‬ﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺘﲔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻗـﺪ‬
‫ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﱀ ﺷﺮﻛﺎﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻣﻨﻌﻄﻔﺎ ﺁﺧﺮ‪.‬‬

‫‪1- ELSEN HANS HARTMUT: La guerre d'Algérie 1954-1962, La transition d'une France à‬‬
‫‪une autre , le passage de la Ive à la Ve république, éditions publisud, Paris 1999, P.109.‬‬
‫‪2- Charles Andrès Julien : Une pensée coloniale, éditions Sindbad, Paris 1979, P.116-117.‬‬
‫‪3- HARTMUT, Opcit, P.109.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺟﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﲡﺎﻩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺣﻴـﺚ‬
‫ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻬﻢ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠـﺴﻲ‬
‫ﻭﺍﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻﺀ ﺩﻋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺣ ﹼﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ‬
‫ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺧﻠﻖ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻟﺪﻋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘـﺔ ﻏـﲑ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻣﻌﻠﻨﺔ ﻭﻏﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻭﺣﱴ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺿﻌﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﱴ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﺳﺘﻐﻠﺘﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﺘﻘﻮﻡ‬
‫ﻣﻘﺎﻣﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍ‪‬ﻤﺎ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ‪ ،‬ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺋﻤـﺔ ﻣـﻊ‬
‫ﺷﻌﻮﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻣﻊ ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟـﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺭﻭﺯﻓﻠﺖ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻋﺎﻡ ‪ ،1942‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺧـﻼﻝ‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﲔ ﺑﺎﻹﺩﻣﺎﺝ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣـﻮﺭﰲ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 1942‬ﻭ ‪1943‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﺇﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﺼﺎﳊﻬﻢ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻟـﺬﻟﻚ‬
‫ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻛﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻐﲏ ﺑﺎﻟﺒﺘﺮﻭﻝ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺳﻴﺎﺳـﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻻ ﲣﺮﺝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﳏﺪﺩﺓ ﻬﺑﺪﻑ ﻣﻌﲔ ﻫﻮ ﺿﻤﺎﻥ ﻣـﺼﺎﳊﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳋﺎﺿﻌﺔ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺩﺭﻛﻴﺎ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺎ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )‪ .(3‬ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻛﺎﻧﺖ ﲤﺜﻞ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻣﻬﻤﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻣﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﰲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺟﺒﻬﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻮﺳـﻊ ﺍﻟﻌـﺴﻜﺮﻱ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺩﻓﻌﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻹﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ‬
‫ﺍﻷﺳﺎﺱ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﻣﻮﺍﺭﺩ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ﺍﳌﻤﻴﺰ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 14‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.3 :‬‬

‫‪2 -ROGER LE TOURNEAU: Evolution politique de l'Afrique du Nord Musulmane‬‬
‫‪1920-1961. Librairie Colin, Paris, 1962. P.339.‬‬
‫‪3 -HARTMUT: Opcit P.109‬‬
‫‪- 4‬ﺣﻮﻝ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﺑﺜﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﺸﺮﻗﺎ ﻭﻣﻐﺮﺑﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ ،‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌـﺪﺩ‬
‫‪ 17‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1958‬ﺹ‪.4 :‬‬
‫ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺮﺯ ﰲ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺧﺎﺻﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻨﻌﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟـﻀﻐﻂ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪﺓ ﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﺃﻱ ﺣﻞ ﺗﻌﺮﺿﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻞ ﻣﻘﺒﻮﻻ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺇﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺫﺍﺕ ‪‬ﺞ ﺭﺃﲰﺎﱄ‪ ،‬ﻭﻣﻮﺍﻟﻴﺔ ﻟﻠﻐـﺮﺏ ﻻ ﳝﻜـﻦ ﻟﻠـﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺯﻋﺰﻋﺔ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺙ ﺑﺎﺳﻢ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺿ ‪‬ﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺇﱃ ﺃﺟـﻞ‬
‫ﻏﲑ ﻣﺴﻤﻰ ﻭﺗﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻟﻨﺠﺎﺣﻬﺎ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﳛﺎﻓﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﻭﺃﻣـﻦ ﺍﳌـﺼﺎﱀ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻧﻈﺮﺍ ﻷﳘﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺇﺷﺮﺍﻙ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ‪ .‬ﻭﻣﻨـﻊ‬
‫ﺍﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﳊﻤﺎﻳﺔ ﺟﲑﺍﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻜﻮ‪‬ﻢ ﻳﻨﺘﻬﺠﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺿ ‪‬ﺪ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﰲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴـﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ‬
‫ﻟﻘﺪ ﺑﻘﻴﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﻣﺘﺤﻔﻈﺔ ﰲ ﺗﺼﺮﳛﺎﺕ ﻗﺎﺩ‪‬ـﺎ‬
‫ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﱴ ﻻ ﺗﺜﲑ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﺃﻱ ﻃﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﱰﺍﻉ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ ‪ 1955‬ﺭﻓﻀﺖ‬
‫ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻠﻘﻨﺼﻞ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺇﺩﺍﻧﺔ ﻫﺠﻮﻣﺎﺕ ‪ 20‬ﺃﻭﺕ ‪ 1955‬ﺍﻟﱵ ﻗﺎﺩﻫـﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺯﻳﻐﻮﺩ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﻫﻲ ﺍﳍﺠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﻗﻌﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﰲ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳌﺴﺘﻮﻃﻨﲔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺴﻨﻄﻴﲏ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺘﻜﺮﺭﺓ ﻭﺇﳊﺎﺡ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑـﺎﺭﻳﺲ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻـﻞ ﻭﺍﺳـﺘﻨﻜﺎﺭﻫﺎ‬
‫ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺴﻠﱯ‪ ،‬ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺩﺍﻳﻠﻮﻥ ‪ Dillon‬ﺇﱃ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻃـﺮﻑ ﻓﺮﻧـﺴﺎ ﻭﺍﳌﺘﻌﻠﻘـﺔ ﺑـﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﳌﺘﻤﺜﻠـﺔ ﰲ‬

‫‪1-HARTMUT, Opcit. P.110.‬‬

‫‪2 -HARTMUT: Opcit. P.110‬‬
‫ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺭﲰﻲ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻱ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ (1) 1956‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛـﺪ ﻣـﺮﺓ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻔﻆ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﲡﺎﻩ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﳊ ﹼﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1957‬ﻭﻗﺪ ﻋﺒ‪‬ﺮﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻦ ﺃﺳﻔﻬﺎ ﻟﺘﺸﺒﺚ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ )‪.(2‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﰎ ﺇﻋﻼﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﺛﺮ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻏﻲ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻣﻮﻟﻠﻲ ‪ Guy Mollet‬ﺇﱃ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪1957‬‬

‫ﺇﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺃﻱ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﳊ ﹼﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﲤﺎﻃﻠﻬﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻭﺗﺴﺎﺭﻋﻬﺎ ﺇﱃ‬
‫ﺩﻋﻢ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺟﻌﻞ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺘﻬﺎ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﰲ ﺍﻻﳔﻔﺎﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟـﺸﻌﻮﺏ‬
‫ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﻭﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﲔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺛﺎﺭ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻭﻃﻴﺪﺓ‬
‫ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻨﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟـﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﰲ‬
‫ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺣﻠﻴﻔﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺷـﻬﺮ‬
‫ﻣﺎﻱ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻭﻣﻮﺿـﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘـﻀﻴﺔ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺍﻧﺘﻬﺠﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻜﻴﻞ ﲟﻜﻴﺎﻟﲔ ﻓﺘﺎﺭﺓ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺗﺜﲑ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺮﺿﻴﻬﺎ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﳊﺮﰊ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﳏﻞ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﺧﺎﺻـﺔ ﺑﻌـﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻟﻠﺜـﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪ‪‬ﺎ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪-‬ﺍﻟﺘﻮﻧـﺴﻴﺔ‬
‫ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻣﻦ ﺻﺎﺋﻔﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،(6) 1957‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﱵ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋـﺎﻡ‬
‫‪ ،1954‬ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﰲ ﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺗـﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐـﺮﺏ‬
‫ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺇﱃ ﲪﺎﻳﺔ ﺃﻧﻈﻤـﺔ ﺗﻌﺘﱪﻫـﺎ‬

‫‪1 -yves, Courriere: La guerre d'Algérie (1954-1957), éditions Robert Lafont, Paris 1990,‬‬
‫‪P.913.‬‬
‫‪2 -HARTMUT: Opcit. P.110.‬‬
‫‪ - 3‬ﺣﻮﻝ ﻓﺤﻮﻯ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻏﻲ ﻣﻮﻟﻠﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺃﻓﺮﻳـﻞ ‪،1957‬‬
‫ﺍﻧﻈﺮ‪Le monde, 16 Mai 1957, P.7. :‬‬
‫‪4 -HARTMUT: Opcit, P.111.‬‬
‫‪ -5‬ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 14‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.3 :‬‬
‫‪6 -Henri Le Mire: Histoire militaire de la guerre d'Algérie, éditions Albin Michel, Paris‬‬
‫‪1982, P.195.‬‬
‫ﺣﻠﻴﻔﺔ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻌﺘﱪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻟﻠﺜـﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈ‪‬ﺎ ‪‬ﺪﺩ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺗﺴﺮﻉ ﰲ ﺇﺑﻼﻍ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻛﻞ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻋﻦ ﺭﻏﺒﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﳊﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪﻫﺎ ﺣﻠﻴﻔـﺔ ﻟﻠﻐـﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻫﻮ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳊﺮﰊ ﳍﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳـﺘﻔﺎﺩﺕ‬
‫ﻣﻨﻪ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻭﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎﻡ ‪ ،1957‬ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺪﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﻣـﻦ ﺩﻋﻤﻬـﺎ‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﻫﻮ ﲤﻜﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ‪ ،‬ﻭﺇﺛﺒﺎﺕ ﻧﻴﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺭﺑﻂ ﺃﻭﺍﺻﺮ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻣﻊ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﺍﺳﺘﻨﻜﺮﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻓﺘﺤﺖ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﰲ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﻓﻌﻬﺎ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﱃ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻔﺴﺎﺭﺍﺕ ﺣـﻮﻝ ﻣﻮﺿـﻮﻉ ﺗـﺴﻠﻴﻢ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻴـﺚ ﺗـﺴﺎﻗﻄﺖ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺗﻠﻮ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﺳﻴﺎﺳـﻴﺎ ﰲ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻘـﻂ‪ ،‬ﲡـﺎﻩ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﻣﻮﻇﻔﻮﻥ ﺳﺎﻣﻮﻥ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﻭﻓـﺪﺍ‬
‫ﺭﲰﻴﺎ ﻋﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻣﻨﺬ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،(3) 1955‬ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺗﻠﻘﻰ ﺍﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺃﻣﺮﺍ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺘـﻬﻢ‬
‫ﳜﻮﻝ ﳍﻢ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺍﺗﺼﺎﻻﺕ ﻣﻊ ﳑﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ (4) ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ‬
‫ﺍﻷﻭﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﻣﺰﺍﻋﻢ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜـﻮﺭﺓ‬

‫‪1 -HARTMUT: Opcit, P.112.‬‬

‫‪ - 2‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 28‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1957‬ﰎ ﻋﻘﺪ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺑﲔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻧﻜﻠﻮﺳﺎﻛـﺴﻮﻧﻴﺔ ﻭﻫـﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺣﱴ ﻻ ﲢﻮﻝ ﺇﱃ ﻳﺪ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻣﻘـﺮﻩ ﰲ ﺗـﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺍﻧﻈـﺮ ﰲ ﺫﻟـﻚ‪ :‬ﺟﺮﻳـﺪﺓ ﺍﻹﻛـﺴﱪﻳﺲ ‪L'Express du 21‬‬
‫‪Novembre 1957, P.5‬‬
‫‪ -3‬ﺣﺴﺐ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﺍﻷﻧﺒﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺃﻥ ﻟﻘﺎﺀﺍﺕ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ‪ ،‬ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻛﻠﻚ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﻭﻓﺪ ﻋﻦ ﺟﺒﻬـﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳـﺮ ﻟﻠﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1958‬ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫‪France obeservateur du 27 février 1958, p.4, et aussi le Monde du 31 janvier 1958, P.3‬‬
‫‪4- HARTMUT: Opcit, P.111.‬‬
‫ﻭﺍﺳﺘﺘﺒﺎﺏ ﺍﻷﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﻛﺬﻭﺑﺔ ﱂ ﺗﻨﻄﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻛـﺴﺐ ﳑﺜﻠـﻲ‬
‫ﻒ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﺼﺒﺢ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺧﻄﺮﺍ ﻳﻬﺪﺩ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺣﱴ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﻛ ‪‬‬
‫ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺻﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﻦ ﻋﺮﺽ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻛﺒﻨﺪ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺑﻨﻮﺩ ﻣﻴﺜـﺎﻕ‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟـﱵ ﻭﺿـﻌﺖ ﺑﻨـﻮﺩﻩ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻭﻭﺍﻓﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻭﺗﺄﺯﻣﻬﺎ ﺑﲔ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺑـﺴﺒﺐ‬
‫ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻀﺮﺏ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻗﺮﻳﺔ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ ﺇﱃ ﻫﺠﻮﻡ‬
‫ﺟﻮﻱ ﻛﺒﲑ ﺃﺳﻘﻂ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻓﱪﺍﻳﺮ ﻣﻦ ﻋـﺎﻡ ‪ (2) ،1958‬ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﺀ ﺍﳍﻤﺠﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺗﻴﻘﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﰲ‬
‫ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻋﺠﺰﻫﺎ ﰲ ﺇﳚﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﳍـﺎ‪ ،‬ﻣـﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺸﺎﻏﺮ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﳋﻄﲑ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﳎﺎﺯﺭ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ‬
‫ﺩﻓﻌﺖ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺮﺩﻉ ﺍﳋﻄﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﺣ ﹼﻞ‬
‫ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳊﺪﻭﺩﻱ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﲰﺢ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﱘ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻋﺮﻑ ﺑﺎﳌﺴﺎﻋﻲ‬
‫ﺍﳊﻤﻴﺪﺓ ﻟﻸﻧﻜﻮﺳﺎﻛﺴﻮﻥ‪ ،‬ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﺭﲰﻴﺎ ﺍﳌﻜﻠﻒ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺷـﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳـﻂ‪،‬‬

‫‪ - 1‬ﺝ‪.‬ﺏ‪.‬ﺩ ﺭﻭﺯﻳﻞ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪ ،‬ﺗﻌﺮﻳﺐ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣـﺎﻃﻮﻡ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺩﻣﺸﻖ ‪ ،1978‬ﺹ‪.112 -111 :‬‬
‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ‬
‫ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،22‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ .1958‬ﻭﻛﺬﻟﻚ‪ :‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘـﺔ‬
‫‪ 1959/58‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ ﺩ‪ /‬ﻣﺴﻌﻮﺩﺓ ﳛﻴﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻳﺦ ﻛﻠﻴـﺔ ﺍﻟﻌﻠـﻮﻡ ﺍﻹﻧـﺴﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،2002‬ﺹ‪.48:‬‬
‫‪ -3‬ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺸﺎﻏﺮ ﺍﻟﱵ ﺍﻧﺘﻬﺠﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻊ ﳑﺜﻠﻬﺎ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻴﲏ ﺍﻟـﺬﻱ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻳﺸﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺩﻭﺭﺓ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ 1955‬ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‪ ،‬ﻣـﺴﺠﻼ‬
‫ﺍﻧﺴﺤﺎﺑﻪ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪ :‬ﻓﻮﺯﻳﺔ ﺑﻮﺳﺒﺎﻙ‪ ":‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ" ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟـﺴﻨﺔ ‪ ،2‬ﺍﻟﻌـﺪﺩ ‪،3‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1955‬ﺹ‪.163 :‬‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻴﻤﺲ ﺭﺷﺎﺭﺩ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺿﻰ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﲣﻠـﻰ‬
‫ﻋﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳊﺪﻭﺩﻱ )‪.(1‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﻧﻜﻠﻮﺳﺎﻧﺴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﲏ ﺭﲰﻴﺎ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ -‬ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻـﺔ‬
‫ﲞﺮﻕ ﺍﳊﺪﻭﺩ‪ .‬ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺪﻭ‪‬ﻝ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺣﱴ ﻻ‬
‫ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﻔﺎﻋﻼ‪‬ﺎ ﺩﻓﻌﺖ‬
‫ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺗﻠﻘﺖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺩﻋﻢ ﺣ ﹼﻞ ﺗﻔﺎﻭﺿﻲ‪ ،‬ﰲ ﻭﻗﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴـﺔ‬
‫ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﲤﺮ ﲟﺮﺣﻠﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﺟﺪﺍ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺣ ‪‬ﺪ ﻟﻠﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ‬
‫ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﻧﻀﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ )‪ (2‬ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‬
‫ﻭﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻭﺗﺰﺍﻳﺪ ﻣﺴﺎﻧﺪﻳﻬﺎ ﰲ ﻗﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺍﳌﺘﺄﺯﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻴﺸﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻋﺘﻼﺀ ﺍﳉﻨـﺮﺍﻝ ﺷـﺎﺭﻝ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﱃ ﺳﺪ‪‬ﺓ ﺍﳊﻜﻢ ﻛﻤﻨﻘﺬ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﻭﺭﻃﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺟﻮﺍﻥ ‪1958‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺍﻹﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﳉﻨﺮﺍﻻﺕ ﰲ ‪ 13‬ﻣﺎﻱ ‪ ،(4) 1958‬ﻭﻧﻈﺮﺍ ﻟﺴﻤﻌﺘﻪ ﺑـﲔ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﺑﺴﻴﺎﺳﺘﻪ ﺗﻘﺰﱘ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩﻩ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺩﻓﻌﺖ ﲝﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴـﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺣ ﹼﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎ‪ ،‬ﻣﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﳛﺎﺕ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ ﺫﺍﰐ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ )‪ ،(5‬ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﱂ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍﻧﻄﻠﻖ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﺴﺎﻋﻲ ﺍﳊﻤﻴﺪﺓ ﰲ ‪ 5‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ -‬ﺍﻷﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ‬
‫ﺍﻧﻈﺮ‪ Le Monde du 5 Mars 1958 :‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ‪. HARTMUT: Opcit, P.112‬‬
‫‪ -2‬ﺣﻮﻝ ﻧﻀﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﺃﲪﺪ ﺳﻌﻴﻮﺩ‪ :‬ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﺭﺳـﺎﻟﺔ‬
‫ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،2002‬ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺹ‪.96 :‬‬
‫‪3- Bernard Droz et Evelyne Lever: Histoire de la guerre d'Algérie 1954-1962, éditions du‬‬
‫‪Seuil, Paris 1982, P.180.‬‬
‫‪4 -Pierre Montagnon: La guerre d'Algérie, genèse et engrenage d'une tragédie, éditions‬‬
‫‪Pygmalion, Paris 1984, pp.255-256.‬‬
‫‪ -5‬ﺣﻮﻝ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﺼﲑ ﺍﻟﱵ ﻧﺎﺩﻯ ﻬﺑﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪DROZ et LEVER: Opcit, pp.220-221.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﺩﻯ ﻗﺒﻮﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﲟﺒﺪﺃ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺇﻧﻔﺘﺎﺡ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﳑﺜﻠﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻔﺮﺍﺋﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﺴﻔﲑﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﺭﲰﻴﺎ ﻭﻓﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳏﻤﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﳊﻔﻴﻆ ﺑﻮﺻﻮﻑ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻨـﺎﻭﻝ ﺍﻟﻄﺮﻓـﺎﻥ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌـﺴﺘﻘﻠﺔ ﻣـﺴﺘﻘﺒﻼ ﻭﻗـﺪ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻋﻤﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﳌﺘﺬﺑﺬﺑﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﰲ‬
‫ﺻﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻷﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺴﺘـﻘﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‬
‫ﻋﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺴﻼﺡ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﲡﻠﹼﻰ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﻟﻜﻮ‪‬ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺖ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﻗﻮﺓ‬
‫ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﻟﺘﺰﻡ ﺍﳊﻴﺎﺩ ﻗﺼﺪ ﻛﺴﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺻﻔﻪ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬـﺔ ﻏﺮﳝـﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺩﻋﻤﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﻋﻤﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺟﻠﺴﺔ ﻃﺮﺣﺖ ﻓﻴﻬـﺎ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻡ ‪ (2) ،1955‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺿﺪ ﺃﻳﺔ ﳏﺎﻭﻟﺔ‬
‫‪‬ﺪﻑ ﺇﱃ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲢﻮ‪‬ﻝ ﻣﻊ ‪‬ﺎﻳﺔ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺩﻋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﱂ ﺗﻐﲑ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻋﺒ‪‬ـﺮ ﻋﻨـﻪ‬
‫ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻛﺎﺑﻮﺕ ﻟﻮﺩﺝ ‪ ،CABOT LODGE‬ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﺩﻋ‪‬ﻢ ﺳـﺎﺑﻘﺎ‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺿﺪ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ‬
‫ﺻﺮ‪‬ﺡ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺿﺪ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻓﺮﻭﺁﺳﻮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘـﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ )‪.(3‬‬

‫‪ -1‬ﺃﺭﺟﻊ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻫﺎﺭﲤﻮﺕ ‪ HARTMUT‬ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻛﺪ‪‬ﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﰲ ﺣﺼﻮﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﻛﺒﲑﺓ ﺧﺎﺻـﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ‪.‬‬
‫ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪. HARTMUT: Opcit, P.112 :‬‬
‫‪ -2‬ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺇﱃ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‬
‫ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﲢﺖ ﺍﳌﻈﻠﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺩﻋﻤﺖ ﺣﻠﻴﻔﺘـﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﻠـﻒ‬
‫ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪Le Monde du 20 juin 1956, P.4. :‬‬
‫‪ - 3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،78‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 3‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1960‬ﺹ‪.6 :‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮﺍﺕ ﺍﻟﺼﺎﺭﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺪﺭ‪‬ﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧـﺴﺎ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃ‪‬ـﺎ‬
‫ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺃﻋﻠﻨﺖ ﻋـﻦ ﺩﻋﻤﻬـﺎ ﻟﻠﻤﻮﻗـﻒ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺧﻼﻝ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ )‪ ،(1‬ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ‬
‫ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﻛﻘﻮﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﺻ ‪‬ﺪ ﺃﻱ ﺗﻮﺳﻊ ﺷﻴﻮﻋﻲ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ‪ ،‬ﻭﻛـﺬﻟﻚ‬
‫ﺣﱴ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻣﻨﻊ ﺃﻳﺔ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺗﺼﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﺤﻰ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻌﻼ ﰲ‬
‫ﺭﺑﻴﻊ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻌﺎﺭﺿﺘﻬﺎ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻵﻓﺮﻭﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﺑﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﺪﻭﻳﻞ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﺍﺕ ﺑﲔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺣـﺘﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﱪ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺣﻴ‪‬ﺰﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻭﺃﺧﺬﺕ ﻗﺴﻄﺎ ﻭﺍﻓﺮﺍ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻴﺔ‬
‫ﻣﺎﻧﺪﻳﺲ ﻓﺮﺍﻧﺲ ﺇﱃ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻭﻃﻠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻹﻳﻘﺎﻑ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ (3) ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻓـﻀﻰ ﻃـﺎﺑﻊ ﺍﻟﺘﻜﺜﻴـﻒ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺭﺑﻴﻊ ﻋﺎﻡ ‪ ،1956‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺩﻋﻢ ﻗﻮﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﰲ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗـﺎﻡ ﺭﺋـﻴﺲ ﺣﻜﻮﻣـﺔ‬
‫ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺑﻌﺾ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ‪ ،‬ﺑﻌﺮﺽ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺪﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺭﺑﻂ ﻣﺼﲑ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﲟﺼﲑ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻳ‪‬ﺠﱪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻘﺪﱘ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳊﺮﰊ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃـﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻮﺟﺒﺎﺕ ﺍﳌﻠﺰﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﲡﺎﻩ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺗﺴﲎ ﳍﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪1955‬‬

‫ﻭ ‪ ،1956‬ﻭﺭﻏﻢ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺍﳌﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﱂ ﳝﻨﻌﻬﺎ ﻣـﻦ‬

‫‪ - 1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،24‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 24‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1958‬ﺹ‪.11 :‬‬

‫‪ - 2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 24‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ‪ ,‬ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪3- HARTMUT: Opcit, P.113.‬‬
‫‪4 -Ibid‬‬
‫ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﻏﲑ ﺭﲰﻴﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺇﻻ ﻟﺬ ‪‬ﺭ ﺍﻟﺮﻣـﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﻌﻴـﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻫـﻲ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﺖ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻣﻲ ‪ 1957‬ﻭ‪.1958‬‬
‫ﻣﻊ ﺍﳔﻔﺎﺽ ﺣﺪ‪‬ﺓ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﺪﺃﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺗﻘـﻒ‬
‫ﻋﻠﻰ َﻣﻮَﺍﻃﻦ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﳌﺘﻨﺎﻣﻲ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺎﻣﻲ ‪ 1957‬ﻭ ‪ ،1958‬ﳑﺎ ﺩﻓﻌﻬـﺎ ﺇﱃ‬
‫ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﺴﺮﻉ ﰲ ﺍﲣـﺎﺫ ﺃﻱ‬
‫ﻗﺮﺍﺭ ﻗﺪ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﺭﺑﻴﻊ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﻓﻴﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺑﺘﻐﻴﲑ ﻧﻴﺔ ﺍﶈﺎﻭﺭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺎﺭﰲ ﳊﻀﻮﺭ ﺇﺣﺪﻯ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺇﻳﺰ‪‬ﺎﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌـﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﻟـﺴﻠﻢ ﰲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴـﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻹﺭﺗﺒﺎﻁ ﻣﺼﺎﱀ ﺑﻼﺩﻩ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﺗﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺭﺳﻠﻬﺎ ﺇﱃ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣـﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺃﻭﺝ ﺃﺯﻣﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ (2) ،‬ﻭﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺒ‪‬ﺮ ﻋﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﺩﻻﺱ ‪ ،DULLES‬ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﰲ ﺳـﻴﺘﻞ ‪ SEATTLE‬ﻭﻭﺍﺷـﻨﻄﻦ‬
‫‪ WASHINGTON‬ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺃﻥ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﺤـﺮﺏ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﻐﲑ ﻧﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣـﻢ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﲤﻠﻴﻪ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺼﺮﳛﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺃﺛﺮﺕ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷـﺮ ﻋﻠـﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣـﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﱪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﳌﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻃﺮﻭﺣﺎ‪‬ﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﰲ‬
‫ﺃﻛﱪ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻤﻮﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﳍﺎ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ‪ ،‬ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ‬
‫ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﱃ ﺳﺪ‪‬ﺓ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳـﺔ ﰲ‬
‫ﺻﻤﻴﻢ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ﻬﺑﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻣﻊ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ‪ ،‬ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺑﺈﻋﻼﻡ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﲟﺒﺎﺩﺭﺍﺗﻪ ﰲ ‪ 16‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﻋـﺎﻡ ‪،1959‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻭﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﲝﻖ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﻢ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻋﺘﱪ‪‬ﺎ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﳎﺮﺩ ﺗﻀﻠﻴﻞ ﻟﻠﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻭﺗﻌﺒ‪‬ﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﳌﺎﺋﻊ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 17‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1958‬ﺹ‪.4 :‬‬
‫‪ - 1‬ﺣﻮﻝ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻙ‪Le Monde du 13 avril 1958, P1. :‬‬
‫‪3 -HARTMUT: Opcit, P.144.‬‬
‫‪4- ibid, P.114.‬‬
‫ﺇﻥ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ ﰲ‬
‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻗﻠﹼﺺ ﺇﱃ ﺣ ‪‬ﺪ ﻛﺒﲑ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﺍﺕ ﺑﲔ ﺍﳊﻜـﻮﻣﺘﲔ ﺣـﻮﻝ ﻧﻔـﺲ‬
‫ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺿﻊ ﺣ ‪‬ﺪ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺑﺈﻣﻜﺎ‪‬ﺎ ﺃﻥ‬

‫ﺗﻘﻠﺺ ﺣﻈﻮﻅ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺘﻤﻲ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﺷﺄ‪‬ﺎ ﺃﻥ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻄـﺮﻓﲔ ﺍﻟﻌـﻀﻮﻳﻦ ﰲ ﺍﳊﻠـﻒ‬
‫ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﲔ ﻗﻮﺓ ﻋﻈﻤﻰ ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺷﺮﻳﻚ ﳑﻴﺰ ﻫـﻲ ﻓﺮﻧـﺴﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﺍﻛﺘﺴﺒﺘﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟـﱵ ﺗـﺪﻭﺭ ﰲ ﻓﻠـﻚ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻳﻌﻮﺩ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻜﺎﻧـﺔ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﺍﺣﺘﻠﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﻺ‪‬ﻴﺎﺭ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﻗﺪﻣﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﺿﻤﺎ‪‬ﺎ ﻋﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﺍﺧﻞ‬
‫ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭﻓ ‪‬ﺮ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣ ﹼﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟـﺴﻠﻤﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﺣﱴ ﻳﺘﺴﲎ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﺠﻤﻟﺎﻭﺭﺓ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺃ‪‬ﺎ ﺩﻭﻝ ﺣﻠﻴﻔﺔ‬
‫ﻭﻫﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺘﺒﺎﺏ ﺍﻹﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﺇﺫﺍ ﻣـﺎ‬
‫ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫـﺬﺍ ﺍﻷﺳـﺎﺱ ﻓـﺈﻥ‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻘﺪﱘ ﺗﻨﺎﺯﻻﺕ‪ ،‬ﻭﻟﻮ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺗﻄﻠﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﻭﻣﺼﺎﱀ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﰲ ﺩﻋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺸﻬﲑ ﻭﻟﺘﺮﻟﻴﺒﻤﺎﻥ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﻭﻗﺪ‬
‫ﻧﻘﻠﺘﻬﺎ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫" ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺧﻄﺐ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺩﻭﺑﺮﻱ ﻫﻮ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻨﺎ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﻳﺪﻩ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﻭ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﳝﺪﻩ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﻣﻄﻠﻖ‬
‫ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻠﻤﺴﺘﺮ ﺩﻭﺑﺮﻱ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﲤﺎﻣﺎ ﺍﻹﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ "...‬ﺍﻧﻈﺮ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،50‬ﺑﺘـﺎﺭﻳﺦ ‪ 7‬ﺳـﺒﺘﻤﱪ‬
‫‪ ،1959‬ﺹ‪.2:‬‬
‫‪ - 2‬ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﳌﻔﺎﺟﺊ ﻋﺒ‪‬ﺮﺕ ﻋﻨﻪ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻟﻮﻣﻨﺪ ‪ Le Monde‬ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻘﻮﳍﺎ‪ ":‬ﻣﻨﺬ ﺍﻵﻥ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﺄﻛﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﻥ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻟﻦ ﺗﺆﻳﺪﻧﺎ ﺑﺼﻮ‪‬ﺎ ﰲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﲞﺪﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻛﻮﺍﻟﻴﺲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‪"...‬‬
‫ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 13‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.6:‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﻜﻞ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻫﺎﻣﺸﺎ ﳏﺪﻭﺩﺍ ﻟﻔﺮﻧـﺴﺎ ﻟﻠﻤﻨـﺎﻭﺭﺓ ﲡـﺎﻩ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺣﱴ ﰲ ﻣﻀﺎﻳﻘﺘﻬﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻣﻨﻌﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﱄ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻧﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻧﺸﺎﻁ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳋـﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭﻛـﺬﻟﻚ‬
‫ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﳋﻠﻔﻴﺔ ﺍﳌﺘﻤﺮﻛﺰﺓ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳـﺪ ﰲ‬
‫ﻛﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ (1) ،‬ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﺗﺮﻛـﺖ ﺍﳌـﺴﺄﻟﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ‪ ،‬ﳑﺎ ﺃﺩﻯ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺇﱃ ﻋﺪﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﺽ ﺣﻠﻮﻝ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﳏﻀﺔ ﺩﻭﻥ‬
‫ﺇﺷﺮﺍﻙ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻪ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻭﻧﻀﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ (2) ،‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳌﻐﺘﺼﺐ ﻋﺎﻡ ‪.1830‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺃﻧﻪ ﺣﺎﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﺧـﲑﺓ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻔﻜﺮ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻥ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟـﺬﻱ ﻓﻌﻠﺘـﻪ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻦ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﲔ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺳﺎﺀ ﻧﻈﺎﻡ ﳜﺪﻡ ﻣـﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴـﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﺟﺰﺍﺋﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻲ ﺷـﺎﺭﻝ ﺩﻳﻐـﻮﻝ‬
‫ﻟﻮﺍﺷﻨﻄﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1960‬ﺍﻟﱵ ﺃﻛﺪ ﺧﻼﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺬ ﺍﻧﺸﻐﺎﻻﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﺑﻌﲔ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻗـﺮ‬
‫ﺭﲰﻴﺎ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺣﻖ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ ﳉﲑﺍﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﻛﺬﻟﻚ ﺿﻤﺎﻧﺎﺕ ﲣﺺ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ (4) .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﱂ ﻳﺮﺽ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺷﺎﻝ ﺻﺎﺣﺐ‬
‫ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﻨﺴﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳋﻂ ﺍﳉﻬﻨﻤﻲ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﲞﻂ ﺷﺎﻝ ﺣﻴﺚ ﲤﺖ ﺇﻗﺎﻟﺘﻪ ﻣـﻦ ﻋﻠـﻰ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺒﻞ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﱃ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ‪.‬‬

‫‪1 -HARTMUT: Opcit, P.115.‬‬

‫‪2 - DROZ et LEVER: Opcit, P.296.‬‬
‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،72‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1960‬ﺹ‪.7 :‬‬
‫‪4 - HARTMUT: Opcit, P.116.‬‬
‫‪ - 5‬ﺇﻥ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺷﺎﻝ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﰲ ‪ 4‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺭ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧـﺖ ﻭﺭﺍﺀ‬
‫ﺇﻗﺎﻟﺘﻪ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺑﺪﻯ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﻟﻔﺘﺢ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪ .‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟـﻚ‪DROZ et LEVER, :‬‬
‫‪Opcit, P.294.‬‬
‫ﻭﳑﺎ ﻻﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﰲ‬
‫ﺻﺎﳊﻬﺎ ﺭﻏﻢ ﻣﻌﺎﺭﺿﺘﻪ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ‪ ،‬ﻭﺣﱴ ﺍﳋﻄـﺎﺏ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺳﻲ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺀ ﻣﺪﺍﻫﻨﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﰲ ﺍﻷﺻﻞ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﺨﺪﻡ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮﺭ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﺟﻮﻥ ﻛﻨﻴﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻀﻮﺍ ﰲ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻟﻘﻰ ﰲ‬
‫ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺧﻄﺎﺑﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻜﻮﻧﻐﺮﺱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺑﻼﺩﻩ ﻣـﻦ ﻗـﻀﺎﻳﺎ‬
‫ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎ ﺇﻥ ﺗﻮﱃ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ‪ 1963‬ﺣﱴ ﺗﻐﲑ‬
‫ﺧﻄﺎﺑﻪ ﺍﳊﻤﺎﺳﻲ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻃﺒﻘﺎ ﳌﺼﺎﱀ ﺑﻼﺩﻩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫" ﺇﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﱵ ﺍﲣﺬﻫﺎ ﳑﺜﻠﻮﻧﺎ ﰲ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺃﻭ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭﺣﱴ ﰲ ﻣﻨﻈﻤـﺔ ﺍﻷﻣـﻢ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻫﻲ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﺆﳌﺔ‪ ،...‬ﻓﻨﺤﻦ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ‪ ،‬ﺗﺮﻛﻨﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‬
‫ﺃﺣﺮﺍﺭﺍ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﻌﺘﺎﺩ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﳍﻴﻠﻜﻮﺑﺘﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﻮﻳﺼﺔ ﻭﺧﻄﲑﺓ ﰲ ﻣﻨﻄﻘـﺔ ﺍﻟـﺸﻤﺎﻝ‬
‫ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪ ،‬ﺭﺣﻨﺎ ﻧﻌﻄﻲ ﺛـﻘـﺘـﻨﺎ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﳊﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﺣﱴ ﺃﻥ ﺳﻔﲑﻧﺎ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻳﻔﺘﺨﺮ‬
‫ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺆﻳﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺷـﺮﻑ ﺗـﺴﻴﲑ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻧﻘﻴﻢ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﺎﺋﻨﺎ ﲟﺒﺎﺩﺉ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻭﺃﻥ ﳒﻠﺐ ﺍﺣﺘـﺮﺍﻡ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺃﻭﻻﺋﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﻤﻮﻧﻨﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﺆﻳﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪."...‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺮﻧﺎﻧﺔ ﻭﺇﻥ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟـﻮﻃﲏ ﺍﺳـﺘﻐﻼﳍﺎ ﻟـﺼﺎﱀ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺎ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃ‪‬ﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﳊﺰﰊ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﲔ ﻭﺍﳉﻤﻬـﻮﺭﻳﲔ‬
‫ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺇﻥ ﻭﺻﻞ ﺟﻮﻥ ﻛﻴﻨﺪﻱ ﺇﱃ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﰲ ﻭﺍﺷـﻨﻄﻦ‪،‬‬
‫ﺣﱴ ﺗﺒﻴ‪‬ﻦ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻮﺍﺷﻨﻄﻦ ﻻ ﺗﺘﻐﲑ ﺭﻏﻢ ﺗﻐﲑ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﻛـﺎﻥ ﺍﻟـﺮﻓﺾ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﱪﺕ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺃ‪‬ﺎ ﻗـﻀﻴﺔ‬
‫ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﲣﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﳌﺨﻮﻟﺔ ﻹﳚﺎﺩ ﺣ ﹼﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﳍﺎ‪ (2).‬ﻭﺭﻏـﻢ ﳏـﺎﻭﻻﺕ‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻦ ﺑﻼﺩﻩ ﻣﻦ ﺧـﻼﻝ ﻃﺮﺣـﻪ ﺷـﻌﺎﺭ ﺃﻭﺭﻭﺑـﺎ‬

‫‪ - 1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 82‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 14‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ‪.4 :‬‬

‫‪ - 2‬ﺍﳊﻞ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺎﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺇﻳﺰ‪‬ﺎﻭﺭ ﺇﱃ ﻛﻴﻨﺪﻱ ﻫﻮ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪،‬‬
‫ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،72‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1960‬ﺹ‪.7 :‬‬
‫ﻟﻸﻭﺭﻭﺑﻴﲔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﰒ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺮﻳﺎﺩﻱ )‪ (1‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﱂ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﻋﻤﺪﺕ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺈﻟﺘﺰﺍﻣﺎ‪‬ﺎ ﲡﺎﻩ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺇﻃﻼﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﲑ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﻮﺍﻟﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻹﻧﻜـﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﻼﺣﻘـﺔ‬
‫ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ (2)،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﲢﺮﻛﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻔﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﻣﻮﺭ‬
‫ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺗﺴﻌﺖ ﺭﻗﻌﺔ ﺍﳌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﲔ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳـﺆﺛﺮ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻟﻴﺒﻴﺎ‪.‬‬ ‫ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻭﻗﺪ ﻳﺆﺩﻱ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻓﻘﺪ‪‬ﺎ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪﻫﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﰲ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺩﻓﻌﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﺩﻋﻮﺓ‬
‫ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺇﻳﺰ‪‬ﺎﻭﺭ ﺗﻮﺟﺖ ﲟﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺿﻤﻦ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﰎ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﻣﻘﺎﺑﻞ‬
‫ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﳌﺴﻠﺢ ﻭﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻣﻊ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ )‪.(4‬‬
‫ﻭﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺇﻳﺰ‪‬ﺎﻭﺭ‪ ،‬ﺑﺎﺩﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒـﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﺗﺼﺎﻻﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﺎﺭﺿﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﺇﱃ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻠﻒ ﺟﺪﻳـﺪ ﻳـﻀﻢ ﺩﻭﻝ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻭﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺑﺮﻋﺎﻳـﺔ ﺃﻧﻜﻠﻮﺳﺎﻛـﺴﻮﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳊﻠﻒ ﻳﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﺍﻷﺣﻼﻑ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻋﺎﻫﺎ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﰎ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺇﺳﻢ ﳍﺬﺍ ﺍﳊﻠﻒ ﻭﻫﻮ ﺣﻠﻒ ﻏﺮﰊ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ‪ (5) ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌـﺸﺮﻭﻉ‬
‫ﻗﻮﺑﻞ ﲟﺸﺮﻭﻉ ﺷﻌﱯ ﻫﻮ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻓﺸﻞ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺣﻠﻒ ﻏﺮﰊ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ‪ ،‬ﱂ ﻳﺜﻦ ﻣﻦ ﻋﺰﳝﺔ ﺧـﺎﺩﻡ ﺍﳌـﺼﺎﱀ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﻗﺘﺮﺡ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳـﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﻭﻗﻒ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ ،‬ﻟﻴﺘﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺪﻳﺮ ﺍﻟـﺸﺆﻭﻥ‬

‫‪ - 1‬ﺟﺎﺀﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﺍﳌﺸﺠﻊ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻋﺪﻡ ﺇﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ :‬ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.59 :‬‬
‫‪ - 2‬ﲤﺜﻠﺖ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﻋﺘﺮﺍﻓﺎﺕ ﺍﳌﺘﻼﺣﻘﺔ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻭﺩﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳـﺎ‪ ،‬ﰲ ﺣـﲔ ﻣﻨﻴـﺖ‬
‫ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﺑﺈﻧﺘﻜﺎﺳﺎﺕ ﻛﺒﲑﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺑﻮﺳﺒﺎﻙ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﺃﺭﺷﻴﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﳏﻀﺮ ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ‪ 03‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1959‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪. G 007‬‬
‫‪ - 5‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺣﻠﻒ ﻏﺮﰊ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ﺃﻧﻈﺮ‪HARTMUT: Opcit, P.108. :‬‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﲢﺎﺩ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻟﻴﺘﺴﲎ ﳍﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺣﻠﻒ‬
‫ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲟﺸﺎﺭﻛﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ (1) ،‬ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺑﻼﺩﻩ ﰲ ﻗﺒﻮﻝ ﻣﺒـﺪﺀ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﳕﻮﺫﺟﺎ‪ ،‬ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟـﻮﻃﲏ ﺭﻓـﻀﺖ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺍﺕ )‪ (2‬ﻟﺘﺠﺪ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﳍﺪﺍﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﲑ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﺬﺭﻳﻊ‪.‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻴﺎﻧـﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ‬
‫ﳊﻴﺎﺩﻫﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﺈ‪‬ﺎ ﱂ ﺗﻔﻠﺢ ﰲ ﻏﺎﻟﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻟﺘﺒﻴﻴﺾ ﲰﻌﺔ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻘﺪﻩ ﻛﺎﺗـﺐ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﰲ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻓﺮﻳﺪ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻋﺒ‪‬ﺮ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻧﻄﺒﺎﻋـﺎﺕ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻋﻦ ﺣﺴﻦ ﻧﻮﺍﻳﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.48 :‬‬

‫‪ -2‬ﺃﻛﺪ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﻛﺮﱘ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻭﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺮﺿﺘﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﻧﻈﺮ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪:‬‬
‫‪Benjamin Stora, Zakia Daoud: Ferhat Abbas, une autre Algérie, Casbah éditions, Alger,‬‬
‫‪P.87.‬‬
‫‪ - 3‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻋ ‪‬ﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﺹ ﲟﻮﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﳌﺘﻌﻠﻖ ﲟﻮﻗﻒ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
 ‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ‪:‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﻨﻜﺔ ﻭﺍﳌﺮﺍﻭﻏـﺔ ﰲ‬
‫ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﻓﺮﺳﺎ ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ‬
‫ﺣﻘﻘﺘﻪ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﰲ ﺇﻃـﺎﺭ‬
‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺘﲔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗـﻒ ﻭﻫـﻮ‬
‫ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﲤﺎﻣﺎ ﺣﻴﺚ ﻋﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌـﺴﻜﺮﻱ‬
‫ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋـﺎﻡ ‪ ،1955‬ﺣﻴـﺚ‬
‫ﺍﺳﺘﻠﻤﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺩﻓﻌﺎﺕ ﻣﻦ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﳍﻴﻠﻮﻛﺒﺘﺮ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﳑﺎ ﲰﺢ ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ ﺍﻷﺳﻄﻮﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻮﻋﺮﺓ ﻛﺎﳉﺒﺎﻝ ﻭﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﺿﺪ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻗﺎﺭﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﻄﻮﻝ‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ 250‬ﻭﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ‪ 204‬ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﳌﻘﻨﺒﻠﺔ‪ ،‬ﺩﻋﻤﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﻮ‪‬ﺎ ﺍﳉﻮﻳﺔ ﺑﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ‪،‬‬
‫ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﲢﻠﻴﻞ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺘﺎﺩ ﺍﳊﺮﰊ ﺍﳉﻮﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻳﺒﲔ ﺑﺄﻥ ﺛﻼﺛـﺔ ﺃﺭﺑـﺎﻉ ‪4/3‬‬
‫ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﻊ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﻓﻴﻤـﺎ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺗﺼﺮﳛﺎﺗﻪ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌـﺴﻜﺮﻱ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺆﻭﻟﻮ ﺳﻼﺡ ﺍﳉﻮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﺃﻛﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ‪،‬‬
‫ﻣﺮﻛﺰﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺍﺟﻬﻬﻢ ﰲ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺘﺎﺩ ﺍﳊﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﳑﺎ ﺍﺿﻄﺮﻫﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﻌﺠـﺰ ﺍﻟﻌـﺴﻜﺮﻱ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻨﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺟﺮﺍﺀ ﺣﺮﻬﺑﺎ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ (2) ،‬ﻭﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﲤـﺴﻚ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺇﳕﺎ ﻇﻬﺮ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ‬
‫ﻟﻴﱪﺯ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ ‪ 1952‬ﻭﺻﻠﺖ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺇﱃ ‪ 1520‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧـﻚ ﻣﻨـﻬﺎ‬

‫‪ - 1‬ﻋﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺟﺎﻙ ﺳﻮﺳـﺘﺎﻝ )ﺑـﻦ ﺳﻮﺳـﻦ‬
‫ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ( ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫" ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺳﻮﻯ ﻃﺎﺋﺮﺓ ﻋﻤﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺑﻴﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺎ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺳﻴﻜﻮﺭ ﺳﻜﺎﻱ ﻭﺑﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﺼﻨﻌﻬﺎ‬
‫ﺃﺻﻼ‪ ،‬ﻭﰲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ‪ 1956‬ﺍﺭﺗﻔﻊ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺇﱃ ‪ 60‬ﻃﺎﺋﺮﺓ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻭ‪ 30‬ﻃﺎﺋﺮﺓ ﻋﻤﻮﺩﻳﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺻﻨﻊ ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺄﺕ ﺷﻬﺮ ﺃﻭﺕ ‪ 1956‬ﺣﱴ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﺭﺗﻔﺎﻋﺎ ﻣـﺬﻫﻼ‪ ،‬ﻓـﺼﺎﺭﺕ ‪ 500‬ﻃـﺎﺋﺮﺓ ﻭ ‪150‬‬
‫ﻫﻠﻜﻮﺑﺘﺮ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺑﲔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻭﺛﻘﻴﻠﺔ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 20‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ ،1958‬ﺹ‪.10 :‬‬
‫‪2 -HARTMUT: Opcit, P.122.‬‬
‫‪ 1070‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺧﺼﺺ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪ .‬ﻭﰲ ﻋـﺎﻡ ‪ 1953‬ﺍﺭﺗﻔﻌـﺖ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺇﱃ ‪ 1950‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻣﻨﻬﺎ ‪ 1030‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻛﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻗﺘـﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒـﺎﻗﻲ‬
‫ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1954‬ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﱃ ‪ 2730‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻣﻨـﻬﺎ‬
‫‪ 1090‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻭﺯﻉ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﻋﺎﻡ ‪1955‬‬

‫ﻭﺻﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺇﱃ ‪ 2060‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻣﻨﻬﺎ ‪ 1200‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﺍﳌﺒﻠﻎ‬
‫ﺍﳌﺘﺒﻘﻲ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻟﻜﻦ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﺑﺪﺃﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﰲ ﺍﻹﳔﻔﺎﺽ ﺣﻴﺚ‬
‫ﻭﺻﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﱃ ‪ 980‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ‪ 310‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ‬
‫ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‪ ،‬ﻭﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺍﳔﻔﻀﺖ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺇﱃ ‪ 480‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ 190‬ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻋﺠﺰ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺍﳌﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻴﺔ‪ ،‬ﳑـﺎ ﺯﺍﺩ ﰲ‬
‫ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺩﻳﻮ‪‬ﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺮﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ .‬ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ ﻋـﺎﻡ ‪1959‬‬

‫ﻭﺻﻠﺖ ﺩﻳﻮ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ‪ 1585.4‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ‪ ،‬ﰒ ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1960‬ﻛﺎﻧﺖ ‪ 1466.7‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1961‬ﻭﺻﻠﺖ ﺇﱃ ‪ 1392.7‬ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﺮﻧﻚ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﻓﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﳔﻔﺎﺿﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﺩﺧﻮﳍﻤﺎ ﰲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺭﲰﻴﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺗﺮﻓﻀﻬﺎ ﲨﻠﺔ ﻭﺗﻔﺼﻴﻼ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﳌﺴﺠﻠﺔ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﺴﻞ ﺍﳔﻔﺎﺽ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﻣﺎ ﻓﺘﺄﺕ ﺃﻥ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺣﺮﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻛﻠﻔﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻭﺑﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺃﺛﻘﻠﺖ‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻫﻞ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺃﻛﺜﺮ‬
‫ﺿﺮﺍﻭﺓ ﻭﺗﻜﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺳﺎﺑﻘﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺣﺮﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺍﻧﻌﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺭﻏﻢ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩﺓ ﻭﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟـﺪﻭﱄ‬
‫ﺃﻭ ﺍﻹﲢﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﰊ ﻭﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ‪ ،‬ﺗﺼﺐ ﰲ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺣﺮﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳉﺪ ﻭﻝ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﰲ ‪HARTMUT: Opcit, P.122. :‬‬
‫‪ - 2‬ﻃﺎﻟﻊ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.HARTMUT: Opcit. P.123 ،‬‬
‫‪ - 3‬ﻛﺎﻧﺖ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﻗﺼﺪ ﲣﻔﻴﻒ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺮﺿﺘﻪ ﺍﻟﺜـﻮﺭﺓ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،39‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 2‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1959‬ﺹ‪.8 :‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺩﻋﻢ ﻣﺎﺩﻱ ﻭﻣﻌﻨﻮﻱ ﺇﻻ ﺃ‪‬ﺎ‬
‫ﱂ ﺗﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳـﻬﺎ ﺩﻋـﺎﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﺒ‪‬ﻮﺍ ﺟﺎ ‪‬ﻡ ﻏﻀﺒﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻔﺎﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺍﺻﻔﲔ‬
‫ﺇﻳﺎﻫﻢ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺩﻋﻤﻬﻢ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ (1) ،‬ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﻬﺑـﻢ ﺍﳊـ ‪‬ﺪ ﺇﱃ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﳑﺘﻠﻜﺎ‪‬ﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻫﻲ ﺍﳌﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳊﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻮ‪‬ﺎ ﺃﻋﺎﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﺳﺘﺴﻼﻣﻬﺎ ﰲ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻴـﻮﻡ‬
‫ﻣﺴﺘﺎﺀﺓ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ )‪ (2‬ﲝﻴﺚ ﱂ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﰲ ﺿﻢ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺭ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓـﺈﻥ‬ ‫ﺟﺮﺡ ﺍﳊ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﻣﻦ ﺣﺮﺏ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺣﱴ ﻻ ﺗﻔﻠﺖ ﺍﻷﻣﻮﺭ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﻭﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﲝ ﹼﻞ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺇﺭﻏﺎﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺴﲑ ﰲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻭﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻭﻝ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﰲ ﻧﻈـﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﻖ‬
‫ﻭﺃﻥ ﻃﺮﺣﻪ ﻣﺎﺭﺷﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲜﺪﻳـﺔ ﰲ ﺇﻃـﺎﺭ‬
‫ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺧﻠﻖ ﺗﻌﺎﻭﻥ ﻭﺛﻴﻖ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﰒ ﺗﻜـﻮﻥ‬
‫ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺧﺼﺒﺔ ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺩﻭﻝ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﺭﺃﲰﺎﱄ‪ ،‬ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺰ‬
‫ﻣﻨﻴﻊ ﻟﺘﺴﺮﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ ﺑﻮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ‪ (3) ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﻟﻪ ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺕ ﺧﻄﲑﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺩﺕ ﺃﺑﻮﺍﻗـﻪ ﰲ ﺑـﺎﺭﻳﺲ‬
‫ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﺑﻘﺎﺀﻩ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﰒ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺓ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻫﺎ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﱵ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﻏﻼﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﺗﺎﻣﻴﺰ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻛﺘﺒﺖ ﺗﻘﻮﻝ‪ ":‬ﺇﻥ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﺿﻤﺤﻼﻝ‪ ...‬ﻭﳍﺬﺍ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺘﻤﲎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺿﻤﺤﻼﻟﻪ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‪ "...‬ﺍﻧﻈـﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺷﺮﻳﻂ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺝ‪ ،1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪،1995‬‬
‫ﺹ‪.377 :‬‬
‫‪ - 2‬ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﺒ‪‬ﺮﺕ ﻋﻨﻪ ﺍﺠﻤﻟﻠﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻮﺭﻳﻦ ﺇﻏﺮﺱ ﺑﻘﻮﳍﺎ‪ ":‬ﻟﻮ ﻣﻨﺤﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﺳـﺘﻘﻼﳍﺎ ﺃﻭ ﺣﻜﻤـﺎ‬
‫ﺫﺍﺗﻴﺎ ﻣﻊ ﻭﻋﺪ ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﰲ ﺃﺟﻞ ﻣﻌﲔ ﻷﻣﻜﻦ ﺿﻤﺎﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﲔ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ ﻧﻈﺎﻡ‬
‫ﲨﺎﻋﻲ‪ "..‬ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،15‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 1‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،1958‬ﺹ‪.10 :‬‬
‫‪ - 3‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻘﺮﻳـﺮ‬
‫ﺍﳌﺆﺭﺥ ﰲ ‪ 2‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1959‬ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.5‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪:‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-1‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬ ‫‪-2‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻴﺔ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ‪ ،‬ﻭﲝﻠﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺣﻠﹼﺖ ﳏﻠﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴـﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃ‪‬ـﺎ‬
‫ﲣﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺷﻌﻮﺏ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﺍ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﲝﻜﻢ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﲢﺘﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ ﺣﺮﻬﺑـﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺧﲑ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﻋﺎﻡ ‪ (1) ،1956‬ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻜﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺍﶈﻮﺭﻳﻦ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﲔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﱐ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻭﺟـﺪ‬
‫ﺍﻹﺛﻨﺎﻥ ﻧﻔﺴﻬﻤﺎ ﺣﻠﻴﻔﲔ ﻃﺒﻴﻌﻴﲔ ﰲ ﻋﻤﻞ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻨـﺴﺒﺔ‬
‫ﳊﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺇﱃ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜـﻲ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺭﻏﻢ ﺗﻈﺎﻫﺮ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﺘﻔﻬﻢ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺍﺟﻬﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪.‬‬
‫ﻭﺣﱴ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﺎﺏ ‪ JEBB‬ﺻﺮ‪‬ﺡ ﺑﺎﺳﻢ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﳌﻌﺴﻜﺮ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﰊ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﺃﻥ ﲢﺎﻓﻆ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺃ‪‬ﺎ ﺃﺭﻏﻤﺖ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻷﻟﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺷـﻬﺪ‪‬ﺎ ﻗﺮﻳـﺔ‬

‫‪ -1‬ﺗﺼﺐ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﰲ ﻋﺪﻭﺍﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﻛﺎﻥ ﺑﺴﺒﺐ ‪‬ﺪﻳﺪ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﻤﺼﺎﱀ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ‪ ،‬ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺳﺒﺐ ﺍﻧﻀﻤﺎﻡ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟـﺮﺃﻱ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻧﻈـﺮ‪Robert le Tourneau, Opcit, :‬‬
‫‪P.115.‬‬
‫‪2 -HARTMUT: Opcit, P.115.‬‬
‫ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ‪ (1) ،‬ﻓﺈﻥ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﱂ ﺗﺸﺠﺐ ﻭﺗﺪﻳﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉـﻴﺶ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻲ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﲢﻔﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﻋﻦ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ‬
‫ﺩﻭﻝ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻛﺎﻟﺴﻮﻳﺪ ﻭﻓﻨﻠﻨﺪﺍ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﲰﺢ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺩﻭﻟﻴﺎ‪ ،‬ﻣﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺎﺭ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃ‪‬ﺎ ﺃﻋﺮﺑﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﻣﻊ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻓﺮﻧـﺴﺎ‪،‬‬
‫ﻣﻌﺘﱪﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺷﺄﻧﺎ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈ‪‬ﺎ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣـﺎ‬
‫ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﺭﻓﺾ ﺇﻓﺘﺘﺎﺡ ﻣﻜﺘﺐ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳉﺒﻬﺔ‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺗﺴﻤﺢ ﳍﻢ ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﰒ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﻻ ﻳـﺴﻤﺢ‬
‫ﻷﻋﻀﺎﺀ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻱ ﻧﺸﺎﻁ‪ ،‬ﳑﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﳉﺒﻬﺔ ﺇﱃ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﺎﺿﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﺪ‬
‫ﳏﻤﺪ ﻛﻠﻮ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﳉﺎﻣﻌﺎﺕ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ‪ ،‬ﳑﺎ ﲰﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻺﺳﺘﻔﺎﺩﺓ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻣﻦ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺮﺩﻫﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﻫﻴﻤﻨـﺔ‬
‫ﺣﺰﺏ ﺍﶈﺎﻓﻈﲔ ﻋﻠﻰ ﺳﺪ‪‬ﺓ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﳚﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻬﺰﺗﻪ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺃﺑﻮﺍﻗـﺎ ﳋﺪﻣـﺔ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ (5) ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺟﺴ‪‬ﺪﻩ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﺻﺪﺭ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 26‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1957‬ﺇﺛﺮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻌﻘﺪ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻴﺪﺍﻥ ﻫﺎﺭﻭﻟﺪﻣﺎ ﻛﻤﻠﻴـﺎﻥ ﻭ‬
‫ﻓﻠﻴﻜﺲ ﻏﺎﻳﺎﺭ ﺣﻴﺚ ﺃﺟﺮﻳﺎ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻭﺍﺳﻌﺔ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪ ،‬ﻭﺍﺗﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ‬
‫ﺣ ﹼﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺷﺄﻥ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﳜﺺ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻀﺎﻣﻨﺎ ﻛـﺒﲑﺍ ﻣـﻊ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎ‪‬ﺎ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﰲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟـﺸﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻮ‪‬ـﺎ‬

‫‪ - 1‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺳﺎﻗﻴﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳊﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﻧﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ‪ :‬ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻮﺣﻮﺵ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ‬
‫ﻭﻟﻐﺎﻳﺔ ‪ ،1962‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1997‬ﺹ‪..427 :‬‬
‫‪ -2‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻔﻆ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﲔ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺗﻘﻒ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺗـﻀﻊ ﻣﻄﺎﻟﺒـﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻓﻮﻕ ﻛﻞ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ‪ :‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،76‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1960‬ﺹ‪.2 :‬‬
‫‪3 -HARTMUT: Opcit, P.116.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.13‬‬
‫‪ - 5‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﺣﺴﲏ ﳏﻤﻮﺩ ﻫﻨﻴﺪﻱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﺑﻠﻮﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﻌﻤﻘﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺍﻷﺛﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،1981‬ﺹ‪.‬ﺹ ‪.147-146‬‬
‫ﲤﺘﻠﻚ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺎ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﲤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳊﺮ‪ (1) ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧـﺮﻯ‬
‫ﺻﺮﺣﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺭﺿﺘﻬﺎ ﻷﻳﺔ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺷﺄ‪‬ﺎ ﺗﺜﲑ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺳـﻮﺍﺀ ﰲ ﺍﳉﻤﻌﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻭ ﺣﱴ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﻣﻨﺪﻭﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﻷﻣـﻢ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ ﺑـﺄﻥ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﻧﻄﻮﺍﻥ ﺑﻴﻨﻴﻪ‪ ،‬ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﺰﻣﻊ ﻋﻘﺪﻩ‬
‫ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻣﻦ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ ،‬ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺩﻋﻤﻬﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﳊﻜﻮﻣﺘﻪ ﻭﻗﺪ‬
‫ﺃﱀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻭﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻜﻮ‪‬ﻤﺎ ﺗﻀﺎﻣﻨﺘﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭﺳﻊ ﰲ ﺍﻟـﺪﻓﺎﻉ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻋﻦ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳊﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺍﻟﺘﺰﻣﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﲟﺎ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠـﺴﻲ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﳊﻠﻒ ﳚﺘﻤﻊ ﻛﻠﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﻣﻬﺪﺩ ﰲ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺳﻲ‬
‫ﻭﺳﻼﻣﺔ ﺗﺮﺍﺑﻪ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺍﻧﻄﺒﻖ‬

‫ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ (3) ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻗﻮﻳﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﺧﺎﺻﺔ ﺳﻴﺎﺳـﻴﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻣﺴﺘﻮﻯ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻨﻘﻞ ﻗﻮﺍ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﳌﺮﺍﺑﻄﺔ‬
‫ﰲ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﺘﺎﺩ ﺍﳊﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺘﺠﺘﻪ ﻣﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴـﺎ‪ ،‬ﻭﰲ‬
‫ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺻﺮ‪‬ﺡ ﺳﻔﲑ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 7‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺑﺄﻥ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻼﺩﻩ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺃﻥ ﻳﺴﺘـﺘﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻟﻨﺸﺮ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻧﺘﻬﺠﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻊ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﱂ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺇﻻ ﺑﻌﺾ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳌﻔﺘﻌﻠﺔ‪ ،‬ﻗﺪ‬
‫ﺗﻜﻮﻥ ﺇﳊﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﺗﺼﺐ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺇﺫﺍ ﻣـﺎ ﱂ ﺗـﺴﺎﺭﻉ‬
‫ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﻓﺮﻧـﺴﺎ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘـﺎﱄ‬

‫‪ -1‬ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،78‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 3‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1960‬ﺹ‪.8 :‬‬

‫‪ - 2‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،14‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.3 :‬‬
‫‪ - 3‬ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺍﺩ ﺍﳌﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺪﺭﻋﻲ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻣﺪﱐ ﻟﻠﻄﺒﻊ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ ‪،1994‬‬
‫ﺹ ‪.143‬‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪ ،1981‬ﻁ ‪ ،1‬ﺹ ﺹ‪.835 -834 :‬‬
‫‪ - 4‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻃﻼﺱ‪ :‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.392 :‬‬
‫ﻓﺎﳌﺴﺎﺱ ﻬﺑﺎ ﻳﻌﲏ ﺍﳌﺴﺎﺱ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻭﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎﻡ‪ (1) .‬ﻭﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﺃﻥ ﺗﺪﻋﻢ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﰲ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﳉﻨﺎﺡ ﺍﳉﻨﻮﰊ ﻟﻠﺤﻠﻒ ﰲ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﻟﻘﺪ ﰎ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻡ ‪ 1949‬ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟـﻙ‪ :‬ﺍﻟﻤﺠﺎﻫـﺩ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،78‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 3‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1960‬ﺹ‪.4 :‬‬
‫‪ - 2‬ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﺍﻟﺴﻴﺪ ‪ JEBB‬ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﺣﺘﻔﺎﻅ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻨﻔﻮﺫﻫﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺃ‪‬ﺎ ﺃﺟﱪﺕ ﻋﻠﻰ ﲪـﻞ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﺡ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻟﻮﻣﻨﺪ‪Le Monde du 3 juillet 1956, P.4. ،‬‬
‫ﺍﻧﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ‪ :‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ‪ :‬ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ‪ ...‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.173 :‬‬
 ‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﲑ ﺭﲰﻲ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﲤﺎﻣﺎ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻓﻜﺎﻧـﺖ ﻫﻨـﺎﻙ‬
‫ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺃﺣﺰﺍﺏ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻭﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﻳﺴﺎﺭﻳﺔ ﺗﺒﻨ‪‬ﺖ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺣﻜﻮﻣـﺔ‬
‫ﺑﻼﺩﻫﻢ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﻭﲤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﰲ ﺇﺩﺍﻧﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻟﺘﺤﺎﻟﻔﻬﺎ ﻣﻊ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭﻣـﺴﺎﻋﺪ‪‬ﺎ ﰲ‬
‫ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ (1) .‬ﻭﻗﺪ ﻋﺒ‪‬ﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﰲ ﺑـﻼﺩ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴـﺰ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺮﺍﻓﺾ ﳌﻮﻗﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﺒﻨـﺖ‬
‫ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‪ ،‬ﻓﻘـﺪ ﺫﻛـﺮﺕ ﳎﻠـﺔ ﺫﻱ ﺇﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴـﺴﺖ ‪THE‬‬

‫‪ ECONOMIST‬ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ ":‬ﻗﺪ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺇﱃ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﺩﻋﺎﺓ ﺇﺳـﺘﻌﻤﺎﻝ‬

‫ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺃﻥ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺑﺪﺃ ﰲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﲡﺮﺃﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺇﱃ ﺣ ‪‬ﺪ ﻣﻨﺢ‬
‫ﺗﻮﻧﺲ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ‪ ،‬ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺪﺡ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻳﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺫﻫﺒﺖ ﻋﺒﺜﺎ ﻭﱂ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﻼﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺷﻴﺌﺎ‪"..‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳉﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺪﺍﻳﻠﻲ ﺗﻴﻠﻐﺮﺍﻑ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃ‪‬ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺧﻂ ﺍﶈـﺎﻓﻈﲔ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ ":‬ﻳﺮﺟﻰ ﻣﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﺎﻧﺪﻳﺲ ﻓﺮﺍﻧﺲ ﺃﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻮﺓ‪ ،‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﺣﺪﺙ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﺎﻱ ‪ ،1945‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﰲ ﻛﻞ ﻣـﻦ ﺗـﻮﻧﺲ‬
‫ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ‪ (3) ."...‬ﺃﻣﺎ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻣﺎﻧﺸﻴﺴﺘﺮ ﻏﺎﺭﺩﻳﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﻓﻘﺪ ﺟـﺎﺀ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ ":‬ﻟﻘﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺆﺧﺮﺍ‪ ،‬ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﻌﺘﺎﺩﺓ‪ ...‬ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺃﻛﺜﺮ‬
‫ﺗﻌﺮﺿﺎ ﻹﻧﻔﺠﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺻﻌﺐ ﻣﺮﺍﺳﺎ‪ ...‬ﺣﻘﺎ ﺇﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻘﺪ ﺃﳒﺰﺕ ﺍﻟﻜـﺜﲑ‬
‫ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﺠﻤﻟﺎﻝ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃ‪‬ﺎ ﺃﳊﻘﺘﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴـﺎ‪ .‬ﻭﺃﺻـﺒﺤﺖ ﺟـﺰﺀﺍ ﻣﻨـﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﺗﺄﺛﺮﺍ ﺑﺎﻟﻐﺮﺏ‪ ،...‬ﻟﻜﻦ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺻﻌﺐ ﳑﺎ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻫﻮ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ‪"...‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ﺫﻱ ﺃﻭﺑﺴﺮﻓﺮ ‪ ،THE OBSERVER‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻟﺰﻫﺮ ﺑﺪﻳﺪﺓ‪ :‬ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1959-1957‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜـﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻗـﺴﻢ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،2001 ،‬ﺹ‪.141 .‬‬
‫‪ -2‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ ﻧﺎﻳﺚ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ‪ :‬ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺩﺍﺧﻼ ﻭﺧﺎﺭﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺰﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.183 :‬‬
‫‪ -3‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.184 :‬‬
‫‪ - 4‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.184 :‬‬
‫" ﺇﻥ ﻛﻼ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﰲ ﻣﻔﺘﺮﻕ ﺍﻟﻄـﺮﻕ ﰲ ﴰـﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴـﺎ‪،‬‬
‫ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻟﻴﺲ ﺣﺪﺛﺎ ﻋﺮﺿﻴﺎ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ،‬ﻭﳍﺬﺍ ﻓﻤﻦ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﻛﻠﻪ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺫ ﻹﳚﺎﺩ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﻟﻠﻤﺸﻜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪."...‬‬
‫ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺎﺩﺕ ﺑﻪ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﺎﻣﻴﺰ ﺍﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺑﺪﺕ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺭﺋـﻴﺲ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﺩﻏﺎﺭﻓﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻴ‪‬ﻦ ﻭﺯﻳﺮﺍ ﻟﺸﺆﻭﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺗﻌﻤﺪ ﰲ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺷـﺆﻭﻥ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺭﻏﻢ ﻣﺪﻯ ﺃﳘﻴﺘﻬﺎ ﻟﺒﻼﺩﻩ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪﺕ ﻟﻠﻮﺍﱄ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺳﻮﺳﺘﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﺳـﺘﻘﺮﺍﺭ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻣﺮﻫﻮﻥ ﺑﺎﻹﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﻣﻊ ﺍﳌﺴﺘﻮﻃﻨﲔ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﺗﻌﻘﻴﺐ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺫﻱ ﺃﻭﺑﺴﺮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻷﻭﺿـﺎﻉ ﺩﺍﺧـﻞ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﻧﻘﻞ ﻗﻮﺍ‪‬ﺎ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺇﱃ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺟﻠﺐ ﺍﻹﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﳋﻄﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺍﺟﻬﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻜﺲ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ ﰲ ﻛـﻞ ﻣـﻦ ﺗـﻮﻧﺲ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺍﲡﺎﻫﺎ‪‬ﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺴﻢ ﰲ ﻏﺎﻟﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺘﺤﻔﻆ ﲡـﺎﻩ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﲟﺎ ﳛﺪﺙ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺃﺣﻴـﺎﻥ ﺃﺧـﺮﻯ‬
‫ﺗﺒﺪﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻫﺎ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻟﻠﺴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﻋﺘﺒـﺎﺭ ﺃﻥ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻇﻞ ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ‪ ،‬ﳑﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﲔ ﻭﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺔ ﲤﺎﻣﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺍﺗﺴﻤﺖ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳋﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﱀ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﺃﻣﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﰲ ‪‬ﺎﻳﺔ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺍﻟـﺬﻱ‬

‫‪ - 1‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،14‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.11 :‬‬

‫‪ - 2‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ‪ :‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺻﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،14‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.10 :‬‬
‫‪ - 4‬ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻧﻴﻮﺳﻴﺘﺴﻤﺎﻥ ﺍﳌﻌﺘﺪﻟﺔ ﰲ ﻧﺼﺤﻬﺎ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫" ‪ ...‬ﻣﺎﺫﺍ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﻌﻤﻞ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺣﱴ ﻻ ﺗﺼﲑ ﻣﻘﱪﺓ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﻟﻨﺎ ﲨﻴﻌﺎ‪...‬؟ ﺍﻧﻈﺮ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،14‬ﺑﺘـﺎﺭﻳﺦ ‪15‬‬
‫ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،1957‬ﺹ‪.10 :‬‬
‫ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺕ ﻣﻨﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺃﻣﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻐﻮﻝ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﳚﺎﺩ ﺣ ﹼﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺄﺛﲑ ﰲ ﺗﻐﻴﲑ‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﻐﲑ ﻣﻌﻠﻨﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻏﲑ ﻣﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﻨﺎﺋﺐ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ‬
‫ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﰲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﲰﻴﺚ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﳑﺜﻞ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﻣﻜﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺩﺍﺧـﻞ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺃﻫﺪﺍﻑ ﻭﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﳍﺎ ﺑﺎﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﳑﺎ ﻓﺘﺢ ﻋﻬﺪﺍ ﺟﺪﻳـﺪﺍ ﰲ ﺇﺟـﺮﺍﺀ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﺗﺼﺎﻻﺕ ﻏﲑ ﺭﲰﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻛﺪ ﺃﻛﱪ ﺣﺰﺏ ﻣﻌﺎﺭﺽ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﻫﻮ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺿـﺮﻭﺭﺓ ﺗﻐـﻴﲑ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﱪ ﻛﺬﻟﻚ ﺿﺮﺑﺔ ﻣﻮﺟﻌﺔ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ‪ ،‬ﺑﻌﺪ‬
‫ﺃﻥ ﺳﺎﺩﺕ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﳊﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﲡﺴﺪ ﺫﻟـﻚ ﰲ ﻣـﺴﺎﻋﺪﺓ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪﻳﻦ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪.‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﲑ ﺭﲰﻲ ﻟﻸﻧﻜﻠﻴﺰ ﻫﻮ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻌﻘـﺪ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻟﻨﺪﻥ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻼﺟﺌﲔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺒﺜﻖ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﳉﻨﺔ‬
‫ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﺍﻟﻌﻤﺎﱄ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺇﺳﺘﺎﻧﻮﺑﺮ‪ .‬ﻫﺬﺍ‬
‫ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﺮﻭﺯ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﻋﻦ ﺗﺄﻳﻴـﺪﻫﺎ ﺍﳌﻄﻠـﻖ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻞ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﳌﻌﺎﺩﻱ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻴﻔﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻡ ‪.1959‬‬

‫‪ - 1‬ﻟﻘﺪ ﺃﺟﱪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﻣﺒﺪﺇ ﺍﳊﻞ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺭﲰﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﻟـﱵ ﻗﺒﻠـﺖ‬
‫ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻭﳑﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ ":‬ﺇﱐ ﺃﺗﻮﺟﻪ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺎﺳﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺇﱃ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺃﺻﺮﺡ ﳍﻢ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﻨﺘﻈـﺮﻫﻢ‬
‫ﻫﻨﺎ ﻟﻨﺠﺪ ﻣﻌﻬﻢ ‪‬ﺎﻳﺔ ﻣﺸﺮﻓﺔ‪ ..‬ﻭﻧﺒﺬﻝ ﻣﺎ ﰲ ﻭﺳﻌﻨﺎ ﻟﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﻠﻤﺘﻪ‪ "..‬ﺍﻧﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﲨﻌﻴـﺔ ﺃﻭﻝ ﻧـﻮﻓﻤﱪ‪:‬‬
‫ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ‪ 19‬ﻣﺎﺭﺱ ‪ 1962‬ﺇﱃ ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ ،1962‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‬
‫‪ ،1995‬ﺹ‪.260 :‬‬
‫‪ -2‬ﻟﺰﻫﺮ ﺑﺪﻳﺪﺓ‪ :‬ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،...‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.142 :‬‬
‫‪3 -Farouk Benatia: Les Actions humanitaires pendant la lutte de libération (54-62), éditions‬‬
‫‪Dahleb , Alger 1997, Annexe 4, voir secours aux refugies Algériens de Tunis et du Maroc.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.13‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﲑ ﺭﲰﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻌﺮﺟﺎ ﺣﺎﲰﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ‬
‫ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﻣـﺼﺎﳊﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﺟﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﳌﻤﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳـﺮ‬
‫ﻭﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﱃ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ ﻭﻋـﺮﺽ ﺍﻷﻓـﻼﻡ‬
‫ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣـﺎ ﺟﻌـﻞ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﲢﺘﻞ ﺣﻴﺰﺍ ﻣﻦ ﺍﻹﻫﺘﻤﺎﻡ ﻟﺪﻯ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪ :‬ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.209 :‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ‪:‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﳌﺎﱐ ﺍﻟﻐﺮﰊ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
‫ﺭﻏﻢ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﺷﺒﻪ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻈﻠﺔ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻮﺍﺟﺪ ﻗﻮﺍﺗـﻪ‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺴﻠﻮﺑﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﻏﻤـﺔ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺇﻣﻼﺀﺍﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﲤﻴﺰﺕ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﲟﻮﻗﻔﲔ ﺇﺛﻨﲔ ﳘﺎ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﲑﺍ ﺃﻃﻠﺴﻴﺎ ﻭﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﲑ ﺭﲰﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﲤﺜﻞ ﰲ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺸﺄﻩ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﰲ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﺪﻭﺭ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻣﻨـﻬﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ‪ (1) ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ ‪ ،1958‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻷﳌﺎﱐ ﺳﺒﺎﻕ ﰲ‬
‫ﻗﻴﺎﺩﺓ ﲪﻠﺔ ﺩﻋﻢ ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﲤﺜﻠﺖ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﻗﺮﺽ ﻣﺎﱄ ﻗـﺪﺭ ﲝـﻮﺍﱄ ﻣﻠﻴـﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ‬

‫‪ - 1‬ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺩﺑﺶ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.199 :‬‬

‫ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﺣﱴ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﱵ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻟﻌﺒﺖ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﻭﺭﺍ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺳﻔﺎﺭ‪‬ﺎ ﰲ ﺑﻮﻥ ﺇﱃ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺿﻐﻮﻃﺎ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﻗﺼﺪ ﺗﻀﻴﻴﻖ ﺍﳋﻨـﺎﻕ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻧﺸﺎﻁ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘـﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ‪ (2) ،‬ﻭﱂ‬
‫ﺗﻨﺤﺼﺮ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻞ ﻣﺴﺖ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺃﻳﻀﺎ ﺣﻴـﺚ‬
‫ﺷﺪﺕ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ﺃﺯﺭ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﰲ ﺃﺯﻣﺘﻬﺎ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺟﺮ‪‬ﺍﺀ ﺣﺮﻬﺑﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮﻱ‪ (3) ،‬ﻭﻛـﺬﻟﻚ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﺬﺍﺋﻌﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺮﺍﻳﻦ ﺑﻔﺎﻟﺘﺰ ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﻣﺎﻳﻠﻲ‪:‬‬
‫"ﻟﻘﺪ ﺃﳒﺰﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻫﻲ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻤﺎ ﳚﺮﻱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﰲ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ‪ ،‬ﻓﻤﻮﺳﻜﻮ ﳍﺎ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻠﻌـﺔ ﺍﻟـﺼﻨﺎﻋﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ‪ (4) .‬ﺃﻣﺎ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻓﺮﺍﻧﻜﻔﻮﺭﺕ ﺯﻳﺘﻮﻧﻎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺍﻷﺧـﺮﻯ‬
‫ﺍﻧﺘﻬﺠﺖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮ‪‬ﺎ ﺟﺮﻳﺪﺓ ‪‬ﺘﻢ ﺑﺎﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺫﻛﺮﺕ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﲤﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺑﺎﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻌﺒﺘﻪ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿـﺔ ﻟـﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻼﺩﻫـﺎ‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﺮﺯﺕ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﳑﻴﺰﺍ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺧﺎﺿﺖ ﲪﻠﺔ ﺻﺤﻔﻴﺔ ﺷﺮﺳﺔ ﺿﺪ‬
‫ﺍﳉﻨﻮﺩ ﺍﻷﳌﺎﻥ ﺍﳌﻨﻀﻮﻳﻦ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻔﻴﻒ ﺍﻷﺟﻨﱯ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻗـﻮﺓ ﺿـﺎﺭﺑﺔ ﺍﺳـﺘﻌﻤﻠﻬﺎ‬

‫‪ - 1‬ﻟﻘﺪ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﲑ ﺟﺎﻛﺒﺴﻮﻥ ‪ ،Per Jacobson‬ﺍﳌﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻗﺘﺮﺍﺣﺎﺕ‬
‫ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﳐﻄﻂ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﲡﺎﻭﺯ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤـﻞ‪ ،‬ﺣـﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿـﻮﻉ‪ ،‬ﺍﻧﻈـﺮ‬
‫‪HARTMUT: Opcit, P.123.‬‬
‫‪ - 2‬ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.192 :‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻧﻈﺮ ﺟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﻨـﻬﺎ ﺍﳌـﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴـﺔ ﰲ‪HARTMUT: Opcit, :‬‬
‫‪P.123.‬‬
‫‪ -4‬ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.185 :‬‬
‫‪ - 5‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﺿﺪ ﻗﻬﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻮﻻ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ‪ (1) ،‬ﻭﻗﺪ ﲰﺤـﺖ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻟﺘﺼﺐ ﺟﺎﻡ ﻏﻀﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺇﻃﻼﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺾ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﳌﺎﻥ ﳎﻨﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻠﻔﻴﻒ ﺍﻷﺟﻨﱯ ﳑﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻊ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺗﻴﻄﻮﺍﻥ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﳎﺎﻫﺪﻱ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﳋﻠﻔﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺘﻤﺮﻛﺰﻳﻦ ﰲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﺩﺛﺔ ﺃﺛﺮﺕ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻷﳌﺎﱐ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺪﺗـﻪ ﺇﺣـﺪﻯ‬
‫ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﻫﻮ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻷﳌﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺎﺭﻉ ﺇﱃ ﻋﺮﺽ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﻋـﻀﺎﺋﻪ ﰲ‬
‫ﺍﻟﱪﳌﺎﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﺗﻨﺪﺩ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﻠﻔﻴﻒ ﺍﻷﺟﻨﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺄﺩﺍﺓ ﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧـﻞ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺬﻣﺮ ﺍﻷﳌﺎﱐ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻘﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻐﲑ ﺭﲰﻴﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻨﺤﺎﺯ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣـﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﳉﺎﻥ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻛﱪﻯ‬
‫ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﻮﻥ ﻭﻛﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﻭﻓﺮﺍﻧﻜﻔﻮﺭﺕ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻘـﻒ ﻭﺭﺍﺀﻫـﺎ‬
‫ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﶈﺒﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﺇﱃ ﲨﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﳌﻤﺜﻠﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻟﻴﱪ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭ ﻋﺎﻡ ‪1959‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﺎﱄ ﻣﻌﺘﱪ ﻗﺪﺭ ﺑﻌﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻒ ﻣﺎﺭﻙ ﺃﳌﺎﱐ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪.‬‬
‫ﱂ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﰲ ﺷﺮﳛﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻷﳌﺎﱐ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﲪﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺇﻣﻼﺀﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﻢ ﻭﺿﺮﺏ ﻛﻞ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍ‪‬ﺎ ﻋﺮﺽ ﺍﳊﺎﺋﻂ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ‬
‫ﺑﺪﻭﺭ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﻘﻴﻤﲔ ﰲ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﲤﺜﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﰲ ﺗﻘـﺪﱘ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﻣﻨﺢ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﳉﺎﻣﻌﺎﺕ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.12‬‬
‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻟﻠﻤﺠﻨﺪﻳﻦ ﺍﻷﳌﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻠﻔﻴﻒ ﺍﻷﺟﻨﱯ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﰎ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺟـﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳـﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻉ ﰲ‪Farouk Benatia, Opcit, P.131. :‬‬
‫‪ - 3‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.12‬‬
‫‪4 -Farouk Benatia, Opcit, P.112‬‬
‫‪5 -IBID, P.194.‬‬
‫ﺭﺍﺑﻌﺎ ‪:‬ﺍﳌـــﻮﻗـﻒ ﺍﻹﻳﻄــﺎﻟـــﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗــﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻳﺼﺐ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺇﲡﺎﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻮ‪‬ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈﻥ ﻣﻮﻗﻔﻬـﺎ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻟﺼﺎﱀ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﲝﻜﻢ ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﺎ ﰲ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﳊﻠﻒ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﻟﱵ ﳚﱪ ﻣﻴﺜﺎﻗﻬﺎ ﻛﻞ‬
‫ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻷﻱ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺗﻮﺍﺟﻬﻪ ﻣـﺸﺎﻛﻞ ﺩﺍﺧﻠﻴـﺔ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻡ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳋﻄﺮ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻭﺯﺣﻔﻪ ﻋﻠـﻰ ﻣﻨﻄﻘـﺔ ﺍﻟـﺸﻤﺎﻝ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‪.‬‬
‫ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﺇﻋﻼﻣـﻲ ﳉﺒﻬـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺭﻭﻣﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺃﺳﻪ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺻﺎﱀ ﺍﶈﺒﻮﰊ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻔﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌـﺪ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺑﻮﳊﺮﻭﻑ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻋﻜﺲ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﻋﺪﺓ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﳊـﺎﻛﻢ‬
‫ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪﺓ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺻﺤﺎﻓﻴﲔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻋﺎﺭﺽ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﲡﺎﻩ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﱯ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺇﳓﻴﺎﺯﻫﺎ ﺇﱃ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺎ ﺇﻏﺮﺍﺀ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﲞﲑﺍﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴـﺔ ﻭﺑـﺎﻷﺧﺺ‬

‫‪ -1‬ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺩﺑﺶ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.196 :‬‬

‫‪ - 2‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.12‬‬
‫ﺲ ﺍﻟﻌﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ‬ ‫ﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻟﻴﺔ‪ (1) ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﺳـﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﳝـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺁﻧﺮﻳﻜﻮ ﻣﺎﰐ )‪ (2‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺘـﻮﱃ‬
‫ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ‪ AGIP‬ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﺘﺮﻭﻝ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﻂ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺍﳊـﺴﺎﺳﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻈﺮﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﺍﺭﺗﻜﺰﺕ ﻧﻈﺮﺗﻪ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ ﻭﻟـﻴﺲ‬
‫ﻣﻌﺎﺩﺍ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻣﺎﻳﻠﻲ‪ ":‬ﺇﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ،‬ﺳﻴﻜﻮﻥ ﳊﺮﻛـﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤـﺮﺭ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺔ ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻨﻔـﺴﻬﺎ‬
‫ﻣﻮﻗﻌﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺳﻴﺴﻤﺢ ﳍﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺑﺘﺮﻭﻝ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ"‪ (4) .‬ﻭﻓﻌﻼ ﻓﻘﺪ ﲢﻘﻘﺖ‬
‫ﻧﻈﺮﺓ ﺁﻧﺮﻳﻜﻮ ﻣﺎﰐ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻷﻭﻓﺮ ﺣﻈﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻂ ﺍﻷﻧﺒﻮﺏ ﻟﻠﻐﺎﺯ ﺍﳌﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻋﱪ ﺗﻮﻧﺲ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻧﺪﻭﺍ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺄﻗﻼﻣﻬﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ‬
‫ﺃﳒﻠﻮ ﺩﻟﺒﻮﻛﺎ ‪ ANGELO DEL BOCA‬ﰲ ﺻـﺤﻴﻔﺔ ﻏﺎﺯﻳﺘﺎﺩﻳـﻞ ﺑﻮﺑﻮﻟـﻮ ‪GAZZETTA DEL‬‬

‫‪ ILARIO FIORE‬ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺇﻝ ﺗﺎﻣﺒﻮ ‪ IL TEMPO‬ﻭﺃﺗﻴﻠﻴﻮ ﻏﻮﺩﻳﻮ‬ ‫‪ POPOLO‬ﻭﺇﻻﺭﻳﻮ ﻓﻴﻮﺭ‬

‫‪ ATTILIO GAUDIO‬ﰲ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﺍﻷﻧﺒﺎﺀ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﺎﺭﻳﻮ ﺟﻴﻮﻓﺎﻧﺎ ﻭﺭﻓﺎﺋﻴﻠﻮ ﺇﺑﻮﻟﺪﻱ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺃﻓﺎﻧﱵ‬
‫‪ AVANTI‬ﻭﻏﻴﺪﻭ ﻧﻮﺯﻭﱄ ﻭﺃﻭﻏﻴﺴﺘﻮ ﺑﺎﻧﻜﺎﻟﺪﻱ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﻮﺣـﺪﺓ ‪ ،UNITA‬ﻭﻛـﺬﻟﻚ ﺇﻃـﺎﻟﻮ‬
‫ﺑﻴـﻴﺘﺮﺍ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﻛﻮﺭﻳﲑ ﺩﻳﻼﺳﲑﺍ ‪ CORRIERE DELLA SERA‬ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺟﻴﻮﺭﺟﻴﻮ ﻓﻴﺘﺸﻴﺎﺗﻮ ﻣﻦ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺑﻮﺑﻮﻟﻮ ﻧﻮﻓﻮ ‪.POPOLO NUOVO‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﳍﻢ ﺩﻭﺭ ﻓﻌﺎﻝ ﰲ ﺗﻨﻮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﺑﲔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﲔ ﻭﻗـﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜـﻮﺭﺓ‬

‫‪1- HARTMUT: Opcit, P.120.‬‬

‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺁﻧﺮﻳﻜﻮﻣﺎﰐ ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪M- Boldrini " qui est enrico mattei", Institut culturel italien, en collaboration avec la société‬‬
‫‪DANTE ALIGHIERI, Italie –Algérie (1954-1962), Alger, 1992, PP.21-22.‬‬
‫‪3- Ibid, P.24.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪5 -G- Valabrega:" Journaux, mouvements et partis italiens face à la révolution Algérienne",‬‬
‫‪Institut culturel italien, Opcit, PP .10-11.‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺪﻋﻴﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻐﲑ ﺭﲰﻲ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ ﻣﻨـﻬﺎ‬
‫ﺍﳌﻠﺘﻘﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻴﻮﺭﺟﻴـﻮ ﻻﺑـﲑﺍ ‪GIORGIO‬‬

‫‪ ، LAPIRA‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻋﺎﺭﺽ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﲟﻨﻊ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻭﺭ ﺑﺎﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ (2) ،1959‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻠﺘﻘﻴﺎﺕ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﺍﺣﺘﻀﻨﺘﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻠﻮﺭﺍﻧﺴﺎ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺪ ﺗﻄﺮﻗﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﲑ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ‬
‫ﺭ ‪‬ﺩ ﻻﺑﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﻄﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻫﻢ ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﻮﻥ ﻭﻗﺘﻠـﺔ‬
‫ﲟﺎﻳﻠﻲ‪ ":‬ﺇﺣﺬﺭﻭﺍ ﻻ ﺗﺴﻤﻮﺍ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺑﻴﲔ‪ ،‬ﻓﻬﻢ ﻭﻃﻨﻴﻮﻥ ﻭﻓﻘﺮﺍﺀ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻳﻘﻮﻣـﻮﻥ ﺇﻻ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺑﻮﺍﺟﺒﻬﻢ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﻭﺧﻼﻝ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺳﻴﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻷﺑﻴﺾ‪"...‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﲦﺎﺭ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ‪ ،‬ﺃﻥ ﺗﻮﺣﺪﺕ ﺃﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﺣﻮﻝ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﺍﳌﺴﻴﺤﻲ ﻭﺍﳊﺰﺏ ﺍﻹﺷـﺘﺮﺍﻛﻲ ﻭﺍﳊـﺰﺏ‬
‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻱ ﻭﺍﳊﺰﺏ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪-‬ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﺷﻜﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭﺍﻷﻣﻦ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺭﻭﻣﺎ ﻣﻘﺮﺍ ﻟﻨﺸﺎﻃﻬﺎ ﺧﻼﻝ ‪‬ﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1960‬ﻭﻗﺪ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺃﺻﺪﺭﺕ ﳎﻠﺔ ﻋﻨﻮﺍ‪‬ﺎ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪ ،ALGERIA‬ﺻﺪﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻋﺪﺍﺩ‪.‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻴﻼﻧﻮ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺑﻌﻘﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺟﻮﺍﻥ ﻭﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ (5) ،1962‬ﻟـﺘﻌﻢ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﺭﻳﻨﻮ ﻭﺟﻴﻨﻮﺍ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﻛﱪﻳﺎﺕ ﺍﳌﺪﻥ‬
‫ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ‪ (6) ،‬ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺷﻬﺪ ﻋﺎﻡ ‪ 1956‬ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﳌﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﰲ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ‬
‫ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻭﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﰲ ﺁﺛﻴﻨﺎ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ )‪ (7‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻨﺎﻫﺎ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ‬
‫ﻟﻮﺯﺍﺗﻮ ‪ LOZZATTO‬ﻓﻘﺎﻡ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﻭﺍﻟﱵ ﲢﻮﻝ ﺇﲰﻬﺎ ﻣﻊ‬

‫‪1- Anna Bozzo: Les relations entre l'Italie et l'Algérie de 1815 à 1962 " rapport d'ouverture‬‬
‫‪au premier seminaire italo, Algérien d'études historique Alger 20-22 avril 1988.‬‬
‫‪2- G- Valaberga, Opcit, P.10.‬‬
‫‪3- G. VALABREGA, Opcit , P.11.‬‬
‫‪4- G.VALABREGA, Opcit, P.11‬‬
‫‪5- Ibid‬‬
‫‪6- ANNA BOZZo, actions de solidurité pour l’Algérie renouvel internationalisme, Institut‬‬
‫‪culturel italien, Opcit, P.17.‬‬
‫‪7- Ibid, P.18.‬‬
‫ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1957‬ﺇﱃ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺗﻨﺸﻂ ﻋﻠـﻰ ﻏـﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1962‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‬
‫ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1958‬ﻭﻓﺘﺢ ﻣﻜﺘﱯ ﺭﻭﻣﺎ ﻭﻣﻴﻼﻧﻮ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻭﺟـﺪﺕ ﺍﻟﻠﺠـﺎﻥ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴـﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﲡﺴﻴﺪ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪.‬‬

‫‪1- Ibid, P.18.‬‬

‫ﺧﺎﻣﺴﺎ ‪:‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺧـﺮﻯ‪،‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﳍﺎ ﺣﺪﻭﺩ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﻘﻴﻤﲔ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ‬
‫ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﲔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻨﺸﺎﻁ ﻣﻌﺎﺩﻱ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﰲ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻫﻴﻤﻨﺔ‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﻣﺪﺭﻳﺪ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﺿﺮﺑﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧـﲑﺓ ﺣـﺼﺎﺭﺍ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﳏﻜﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺎﻁ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺬ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻌﺎﺩﻳﺎ ﳍﺎ‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ‬
‫ﺍﻹﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻭﺣﱴ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ )‪ ،(2‬ﻓﻔـﻲ ﺍﻟﻮﻗـﺖ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺑﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺪﺭﻳﺪ ﺭﻗﺎﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺸﻄﺎﺀ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪،‬‬
‫ﻓﺘﺤﺖ ﳎﺎﻻ‪‬ﺎ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺣﱴ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺷﻨﺖ ﲪﻠـﺔ‬
‫ﻋﺪﻭﺍﻧﻴﺔ ﺷﺮﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ (3) ،‬ﻟﻴﺪﺧﻞ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻷﻣﲏ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﲔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﺇﱃ ﺗﺄﻳﻴﺪ‬

‫‪1- HERVE HAMON et PATRICK ROTMAN : Les porteurs de valises, la résistance‬‬

‫‪Française à la guerre d’Algérie, éditions ALBIN MICHEL, Paris 1979, P.239.‬‬
‫‪ -2‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺟﻬﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﺎﻡ ‪ 1830‬ﻧﺪﺍﺀﺍ ﻟﻜﻞ ﺍﻷﺭﻭﺭﺑﻴﲔ ﻟﺘﻮﻃﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺟﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺒﺎﻥ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﳓﻮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﺳﺘﺤﻮﺫﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﳍﺎ ﻧﺰﻋﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻭﺍﻹﺳﺒﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪ALAIN LARDILLIER : Le peuplement Français en Algérie 1830 à 1900, éditions‬‬
‫‪l’atlanthrope, Paris 1992, PP.51-52.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﻣﺆﲤﺮ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ‪ ،1960/1959‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ‬
‫‪.13‬‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧـﺴﻲ‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻛﺎﺯﺍ ‪ CASA‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻐﻞ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻣﻨﺼﺐ ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﻫﻴﺌﺔ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﳉﻴﺶ‬
‫ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ﻭﺍﳌﻜﻠﻒ ﲜﻬﺎﺯ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ ،‬ﰲ ‪ 3‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻼﺩﻩ ﻭﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺒﲑ ﺟﺪﺍ‪ ،‬ﻭﻛـﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘـﻀﺎﻳﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻹﻫﺘﻤـﺎﻡ‬
‫ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺗﻨﻘﻼﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﲔ ﻣﻦ ﺭﺑﻮﻉ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﺑﺮﻳﻦ ﻟﻠﺘﺮﺍﺏ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ﲡﺎﻩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻐﲑ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻛﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋـﺎﻡ ‪ ،1959‬ﰲ ﺍﻹﲡـﺎﻩ‬
‫ﺍﻹﳚﺎﰊ‪ (2) ،‬ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﲝﻜﻮﻣﺔ ﻣﺪﺭﻳﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻔـﺘﺢ‬
‫ﻣﻜﺘﺐ ﲤﺜﻴﻞ ﳍﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﺪﺭﻳﺪ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺃﺳﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﻮﻗـﺎﺩﻭﻡ ﺇﱃ‬
‫ﺃﻥ ﺧﻠﻔﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺻﺎﱀ ﳏﺒﻮﰊ ﲟﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺪﻭﺩﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻺﻋﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻃﺮﻑ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺣﻴﺚ ﰎ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺣﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻋﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴـﺔ ﺭﻳـﻊ‬
‫ﺑﺘﺮﻭﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻗﺘﻨﻌﺖ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ‪ ،‬ﳑﺎ ﲰـﺢ ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳـﻴﺔ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﺍﳋﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻷﺭﻭﺭﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺇﺣـﺪﻯ ﺍﳌـﺴﺎﺋﻞ‬
‫ﺍﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﰲ ﺍﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ‪ ،‬ﻭﺃﺩﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺇﱃ‬
‫ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ﺷﺎﻝ ﻗﺎﺋﺪ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺷـﺎﺭﻝ‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ‪ ،‬ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺭﲰﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺑﺎﻟﺒﺤـﺚ‬
‫ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺍﻷﻣﲏ ﺑﲔ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﳑﺜﻠـﻲ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ ﺇﺭﻫـﺎﺑﻴﻮﻥ‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‬

‫‪ -2‬ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻋﻠﻘﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﻛﱪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﺗﺎﳝﺰ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪ ":‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻥ‬
‫ﺑﺄﻥ ﲡﺮﻱ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﰲ ﺟﻮ ﻳﺘﻼﺋﻢ ﻣﻊ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﻢ‪ "...‬ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،72‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 11‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪ ،1960‬ﺹ‪.7 :‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‬
‫‪4 -Abderrahmane KIOUANE,Les débuts d’une diplomatie de guerre 1956-1962, éditions‬‬
‫‪Dahleb, Alger 2000, P.34.‬‬
‫ﻭﺧﺎﺭﺟﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻭﺑﺈﻣﻜﺎ‪‬ﻢ ﺃﻥ ﻳﻬﺪﺩﻭﺍ ﺍﻹﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﱴ ﺇﺳـﺒﺎﻧﻴﺎ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻭﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﺷﻬﺪ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﳌﻮﻗﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﲤﺜﻞ ﰲ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﺍﳌﻨﱪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺸﻒ ﻟﻠﺮﺃﻱ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ﺭﻓﺾ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺗﻌﺎﻭ‪‬ﺎ ﺍﻷﻣﲏ‬
‫ﺿﺪ ﺷﻌﺐ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ﺳﺎﻧﺘﺎ ﻣﺎﺭﻳﺎ ﺭﻭﻣﻴﻮ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﲔ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺘﲔ ﻭﺗﻐﻠﻐﻞ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻫﻲ‬
‫ﺍﻟﱵ ﲰﺤﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻟﻠﻤﺘﻄﺮﻓﲔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﲔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻣـﻦ ﺗﺄﺳـﻴﺲ‬
‫ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻹﺳﺒﺎﱐ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﳊﻤﺮﺍﺀ ‪ LA MAIN ROUGE‬ﻭﻣﻨﻈﻤﺔ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﺴﺮﻱ ‪.OAS‬‬

‫‪ -1‬ﺣﻮﻝ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺷﺎﻝ ﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺍﻷﻣﲏ ﺿﺪ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ‪ :‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬
‫ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻟﺘﺒﺎﺷﺮ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪Pierre :‬‬
‫‪MONTAGNON : Opcit, PP.358-359.‬‬
‫ﺳﺎﺩﺳﺎ‪:‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻱ‪:‬‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﺃﻥ ﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ﺩﻭﻟﺔ ﺣﻴﺎﺩﻳﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺇﲣﺬ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻻ ﻳﻌﻜـﺲ‬
‫ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺣﻴﺎﺩﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺳﻮﺍﺀ ﺑـﲔ ﺍﳌﻌـﺴﻜﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑـﲔ ﺍﻟـﺪﻭﻝ‬
‫ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﻗﺔ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺑﺎﺩﺭ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ﺇﱃ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻐﻠﻖ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ‬
‫‪ ،1959‬ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﲑ ﺭﲰﻴﺔ‪ ،‬ﲢﺖ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺣﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻳـﺴﺮﻱ‬
‫ﺑﺄﻥ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﰎ ﻓﺘﺤﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﲑ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ )‪ ،(1‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺑﻘﻲ ﻳﻨﺸﻂ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﻤـﺮ‬
‫ﺧﻮﺟﺔ ﺍﳌﺪﻋﻮ ﺳﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻣﺎ ﺑﲔ ‪ 1957‬ﻭ ‪ ،1959‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻴﺪﺕ ﺇﱃ‬
‫ﺣ ‪‬ﺪ ﻛﺒﲑ ﻧﺸﺎﻃﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﱪﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬـﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳـﺮ ﺍﻟـﻮﻃﲏ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﳋﻄﺮ ﻭﻳﻬﺪﺩ ﺃﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ﰲ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﻮﺍ‬
‫ﺑﺘﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻟﺒﻌﺚ ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﲢ ‪‬ﺪ‬
‫ﻣﻌﻠﻦ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻋﻲ ﺍﳊﻴﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺗﺴﺎﻧﺪ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺎ ﻳﻌﺎﺭﺽ ﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣـﻢ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﳉﻨﺔ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﳌﻠﺘﻴﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ‪ ،‬ﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻳـﺴﺮﻱ ﺑﻌﺪﺍﻟـﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺇﺑﻄﺎﻝ ﻛﻞ ﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪﻫﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﺎﻡ ‪ ،1959‬ﺗﻜﺜﻴﻒ ﻧﺸﺎﻁ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﲡﻨﻴﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﳉﺎﻥ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﺿﺪ ﲡﻨﻴﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‬
‫ﺍﻷﺟﻨﱯ )‪ (4‬ﺍﳌﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺿـﺪ ﺍﻟـﺸﻌﺐ‬ ‫ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻱ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻠﻔﻴﻒ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺗﺮﻓﻀﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﳌﻮﺍﺛﻴﻖ ﻭﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﰲ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺪﺛﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﲡﻨﻴﺪ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﲔ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺿﺠﺔ ﻛـﺒﲑﺓ‬
‫ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻱ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﺒﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﺪﺓ‪ ،‬ﻛﺎﻥ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻜﻮﻧﻔﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘـﻀﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﱪﳌـﺎﻥ‬
‫)‪(5‬‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻱ ﰲ ‪ 19‬ﺟﻮﺍﻥ ‪.1959‬‬

‫‪ - 1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‬

‫‪ - 2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‬
‫‪ -3‬ﰎ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﳉﺎﻥ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‬

‫‪4 -FAROUK BENATIA, Opcit, P.131.‬‬

‫‪ -5‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،...‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‬
‫ﻟﻘﺪ ﲤﻜﻦ ﺩﻋﺎﺓ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻱ‪ ،‬ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﻟﻨﺪﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﰲ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻭﰎ ﲨﻊ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻃﻨـﺎﻥ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳌﻼﺑﺲ ﰎ ﺇﺭﺳﺎﳍﺎ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ ﳑﺜﻞ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺪﻳﻨـﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺯﻭﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻫﻴﻐﻨﺮﺭ ‪. HEGN AIRER‬‬

‫‪ -1‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‬
‫ﺳﺎﺑﻌﺎ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻛﻲ‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻱ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻣﻊ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳊـﺎﻛﻢ ﰲ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﲤﺜﻴﻠﻲ ﳍﺎ ﰲ ﻣﻨﺘـﺼﻒ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪ 1957‬ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻲ‪ (1) ،‬ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺤﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪ‬
‫ﺑﻔﺘﺢ ﻣﻜﺘﺐ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺳﺎﺭﻋﺖ ﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﻣﻮﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺷﺠﻊ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺩﻋﻢ ﻣﺎﱄ ﻗﺪﺭ ﲟﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻛﻮﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﺟﺌﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮﻳﲔ ﰲ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺷﻬﺮ ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪.1959‬‬
‫ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ ﺍﳌﺘﺰﺍﻳﺪ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻘﻴﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﺎﺟﺰﺓ‬
‫ﰲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ‪ ،‬ﳑﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔـﺸﻞ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﺪﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﺍﳌﻐﺮﺿﺔ ﺿ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺜـﻖ ﰲ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﻠﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻨﺸﺮ ﺣـﻮﺍﱄ ﲬـﺴﻤﺎﺋﺔ ﻧـﺸﺮﻳﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﺩﻋﺎﺋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻳﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻗﻴﻤﺔ ﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻗـﺪﺭﺕ ﲟﻠﻴـﻮﻥ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻛﻮﺭﻭﻥ ﺳﻮﻳﺪﻱ‪.‬‬

‫‪1 -Abderrahmane KIOUANE, Opcit, P.25‬‬

‫ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻤﺮ ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ﺹ‪.203:‬‬
‫‪2 -Benatia, Opcit, PP.103-104.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،...‬ﻋﻠﺒﺔ ‪ ،13‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ 25‬ﺃﻟـﻒ ﺩﻭﻻﺭ‪،‬‬ ‫‪ -4‬ﰲ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﻭﺧﻼﻝ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ )ﺃﻓﺮﻳﻞ ﻭﻣﺎﻱ ﻭﺟﻮﻳﻠﻴﺔ( ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓــﺔ ﺇﱃ ‪ 50‬ﺃﻟﻒ ﻛﻮﺭﻭﻥ ﺳﻮﻳـﺪﻱ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﻋـﺪﺍﺕ ﺍﻧﻈﺮ‪Benatia, Opcit, PP.102-112.:‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺍﳌﻮﻗﻔﲔ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻲ‪ ،‬ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺿﻠﻠﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺏ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺃﻧﻈﻤﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﳒﺤﺖ ﻟﺪﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ‬
‫ﻣﺒﺪﺋﻴﺎ ﺇﻻ ﺃ‪‬ﺎ ﺃﺻﻴﺒﺖ ﺑﺎﳋﻴﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ ﺭﻏﻢ ﺿﻐﻮﻃﻬﺎ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺃﻛﺪﻫﺎ ﻛﺎﺗﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ ﳌﻤﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟـﺴﻴﺪ ﺍﻟـﺸﺮﻳﻒ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻲ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺄﻟﻴﺐ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺤﻔﻆ‪.‬‬ ‫ﺃﺩﻯ ﻬﺑﺎ ﺇﱃ ﺍﻹﻟﺘﺰﺍﻡ ﰲ ﻏﺎﻟﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ‬
‫ﻭﻋﻤﻮﻣﺎ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺐ ﰲ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﱂ ﳜـﺪﻡ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺗﺄﻟﻴﺐ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ ﺿﺪ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﺳﺎﻧﺪ ﻣﻮﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺘﻬﺎ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﻨﻌﻘﺪﺓ ﻋﺎﻡ ‪ (2) ،1959‬ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﱪ ﺿﺮﺑﺔ ﻣﻮﺟﻌﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴـﺔ‬
‫ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ‪..‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
 ‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺟـﺎﺀ ﺗﺄﻛﻴـﺪ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻴﺔ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﳌﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ ﻷﻱ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﲟﺎ ﰲ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ (1) ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻫﻲ ﺣﺮﺏ‬
‫ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺮﻭﻳﺞ‬
‫ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﺟﻬﺖ ﺻﻔﻌﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﺸﻠﺖ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺗﻐﻠﻴﻂ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ‪ ،‬ﻭﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻻﺳﺘﻤﺎﻟﺘﻪ ﰲ ﺩﻋﻢ ﻣﻮﻗﻔﻬـﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻـﺔ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺻﺎﱀ ﳏﺒﻮﰊ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺭﺋـﻴﺲ‬
‫ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﱪﳌﺎﻥ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴـﺔ‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻭﺃﻳﻀﺎ ﳑﺜﻠﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﻢ ﳑﺜﻞ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ ﺃﻛﺪ ﻋﻠـﻰ ﺳـﻴﺎﺩﺓ ﺑـﻼﺩﻩ ﰲ ﺭﻓـﺾ‬
‫ﺍﻹﻣﻼﺀﺍﺕ ﻭﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﺃ‪‬ﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃ‪‬ـﺎ ﺗـﺼﻔﻴﺔ ﺍﺳـﺘﻌﻤﺎﺭ‬
‫ﻃﺮﺣﺖ ﻏﲑ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﻭﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﻭﺷﻌﻮﺏ ﺃﻳﺪﺕ‬
‫ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‪ (3) ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻴﺰ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻄﻼﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﺘﻀﻨﺘﻪ ﻣﺪﻳﻨﺔ‬
‫ﻏﻮﻝ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻴﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﲪﻞ ﺷﻌﺎﺭ "ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ"‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﻮﺍﺗﻴﺔ ﳌﻤﺜﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭ ﻡ ﻭ ﺙ ﺝ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺃﻛﺪﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ ﻭﻻ ﺧﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﰎ ﺇﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻭﻓﺪ ﺟﺒﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﻧﺴﺘﺎﻧﺲ ﺑﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫‪KIOUANE, Opcit, P.33.‬‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺳﺎﺣﻠﻲ ﻹﺟﺮﺍﺀ ﺍﺗﺼﺎﻻﺕ ﻣﻜﺜﻔﺔ ﻣﻊ ﻋﺪﺓ ﺷﺨـﺼﻴﺎﺕ ﻧﺮﻭﳚﻴـﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ (1) ،‬ﻭﻗﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ‬
‫ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺇﳚﺎﺑﻴﺎ ﺇﱃ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮ‬
‫ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻏﻮﺗﻮﺭﻡ ﺟﻴﺴﻨﻎ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻏﻠﻴﺪﻳﺶ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺩﻭﺭ ﻓﻌـﺎﻝ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﻟﺪﻯ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺮﻭﳚﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻛﻲ ‪:‬‬

‫ﳑﺎ ﻻﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺃﺧﺬﺕ ﺑﻌﲔ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﻣﻌﻬﺎ‬
‫ﺭﻭﺍﺑﻂ‪ ،‬ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻙ‬
‫ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻨﻜﺪﻧﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳـﻴﺘﻬﺎ ﺩﻭﺭﺍ ﻫﺎﻣـﺎ‬
‫ﻟﺘﻐﻠﻴﻂ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻋﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﳍﺎ ﺗﻀﻠﻴﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺑﻌﺪ ﺇﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺼﻞ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻛﻴﺔ ﻛﺎﻧـﺖ ﺗـﺪﺭﻙ ﲤـﺎﻡ‬
‫ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻣﺪﻯ ﺍﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﺘﺴﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ﻭﺩﻭﻟﻴﺎ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣـﻊ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻌﻄﻴﺎ‪‬ﺎ ﲝﺬﺭ ﺷﺪﻳﺪ‪ (3) ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟـﺪﺍﳕﺎﺭﻙ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﻗﺎﺩ‪‬ﺎ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃ‪‬ﺎ ﺷﺄﻥ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﺩﺍﺧﻠـﻲ‪،‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻛﻴﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﲰﺤﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓـﺪ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻇﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳـﺔ ﰲ ﺷـﻬﺮ‬
‫ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ‪ 1959‬ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ‪‬ﺪﻑ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫـﻲ‬
‫ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻣﻜﻨﺖ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﻌﺪﺓ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﻣﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﺄﺳـﻴﺲ‬
‫ﳉﻨﺔ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺩﺍﳕﺎﺭﻛﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ (4) ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺻﻔﻌﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫ﺗﻠﻘﺘﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،..‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺭﻗﻢ ‪.13‬‬
‫‪ - 3‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ ،‬ﻭ ﻡ ﻭ ﺙ ﺝ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ﻟﻌﺒﺖ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺩﻭﺭﺍ ﳑﻴﺰﺍ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ‬
‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺪﱐ ﺍﻟﻘﻨﺼﻞ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪ‪ .‬ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪:‬‬
‫‪KIOUANE, Opcit, P.35.‬‬
 ‫‪ -4‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻱ‪:‬‬
‫ﻳﻌﺘﱪ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﻧﺎﰲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻴﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﻹﺳـﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‬
‫ﺿﺎﻟﺘﻬﺎ ﰲ ﳏﺎﺻﺮ‪‬ﺎ ﻟﻨﺸﺎﻁ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻱ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ﻭﺣﱴ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑﺍﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﳊﻜﻮﻣﺘﻬﻢ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻹﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺇﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﱵ ﺃﻛﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺩﻋﻢ ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺃﻳﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﲢﺎﻓﻆ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﻭﺍﻣﺘﻴﺎﺯﺍ‪‬ﺎ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺭﻏﻢ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻓﻨﻠﻨﺪﺍ ﺍﳉﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﻟﻘـﺪﺭ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﱂ ﻳﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﺃﺫﻋﻨﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻸﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘـﺮﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻱ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﻥ ﳛﺬﻭ ﺣﺬﻭ ﺑﺎﻗﻲ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌـﺎﱂ ﰲ ﺍﻹﻋﺘـﺮﺍﻑ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻸﺭﺷﻴﻒ‪ :‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺼﺪﺭ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﺣﻮﻝ ﺇﻋﺘﺮﺍﻑ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻧﻈﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺛﻮﺭﺓ‬
‫ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1954‬ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ‪ 1830‬ﺇﱃ ‪ ،1962‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1998‬‬
‫ﻓﻬﺮﺱ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺎﺕ‬
 ‫ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﻼﺣﻖ‬

‫‪ -1‬ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬
‫ﻭﺛﻮﺭﺓ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪, 1954‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪﻳﻦ‪,‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﳉﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪,‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ‪ ,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪,2‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪15‬‬
‫ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪1956‬ﺹ‪.11‬‬
‫‪ -3‬ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺟﺒﻬﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺪﻳﺐ ‪:‬ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪,‬ﺍﻷﻭﱃ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ‪,‬ﻣﺮﻓﻖ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﺗﺄﺳﻴﺲ‬
‫ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻣﻌﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺪ ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ‬
‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪,‬ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﻛﺸﻮﻓﺎﺕ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﺪﺧﲑﺓ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺪﻳﺐ ‪,‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -6‬ﻛﺸﻒ ﺧﺎﺹ ﺑﺪﺧﲑﺓ ﺣﺮﺑﻴﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫‪ -7‬ﻛﺸﻒ ﻟﻠﺸﺤﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟﻸﺳﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﺪﺧﲑﺓ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -8‬ﻛﺸﻒ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﺪﺧﲑﺓ ﻭﺍﻹﻣﺪﺍﺩ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ‪.‬‬
‫‪ -9‬ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪,‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻃﻼﺱ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ -10‬ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺍﻋﺘﺮﻓﺖ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻣﻦ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪1958‬‬
‫‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪,‬ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ ‪.‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪﻳﻦ ‪,‬ﻭﻫﺪﻩ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻣﺮﻓﻘﺔ ﲟﺮﺍﺳﻠﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻣﺆﺭﺧﺔ ﰲ ‪ 11‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ . 1959‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‬
‫ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ‪,‬ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ‪.‬‬

‫‪-11‬ﻧﺺ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺇﱃ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 4‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‬
‫‪, 1957‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ‪,‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ ‪.‬‬
‫‪-12‬ﻛﺸﻒ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳍﺎﺩﻱ ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ‬
‫ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ) ﳐﻄﻮﻁ( ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ‪.‬‬
‫‪-13‬ﻛﺸﻒ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﺼﻜﻮﻙ ﺍﻟﺒﻨﻜﻴﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)ﳐﻄﻮﻁ( ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻣﺮﻛﺰ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ‪.‬‬
‫‪-14‬ﻛﺸﻒ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﳊﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳌﺪﺍﺧﻴﻞ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻹﺧﻮﺓ‬
‫ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ )ﳐﻄﻮﻁ( ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‬
‫‪-15‬ﻛﺸﻒ ﺧﺎﺹ ﺑﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ)ﳐﻄﻮﻁ( ‪,‬ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪.‬‬
‫‪ -16‬ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﲨﻌﺖ ﺑﲔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻗﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺮﺃﺳﻬﺎ ﺁﻧﺪﺍﻙ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﺎﺗﺐ ﰲ ﻣﺰﺭﻋﺔ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻏﱪﺍﻫﻴﻢ ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ‬
‫ﻋﺎﻡ ‪.1959‬‬
‫‪ -17‬ﻧﺺ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﳌﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺑﻄﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ‪.‬‬
‫‪-18‬ﻧﺺ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﲔ ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﺍﻟﻠﻴﱯ‬
‫ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ )ﳐﻄﻮﻁ(‪ .‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻣﺮﻛﺰﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ‪.‬‬
‫‪ -20‬ﻣﺪﻛﺮﺓ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 12‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪1956‬‬
‫‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
 ‫‪ -21‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪. 1957‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ‪,‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ‪,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ,7‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 16‬ﻓﱪﺍﻳﺮ‪. 1957‬‬
‫‪ -22‬ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ ‪,‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ‪,‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪16‬‬
‫ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 15‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪. 1958‬‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺒﻠﻴﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺎ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ‬

‫‪ -2‬ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪ -3‬ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ‬

‫‪ -4‬ﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪ -5‬ﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬

‫‪ -6‬ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‬
 ‫‪ -1‬ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ‬

‫‪ -1‬ﺃﺭﺷﻴﻒ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫ﺃ‪ -‬ﳏﺎﺿﺮ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﳌﺼﻮﺭﺓ ﻣﻦ ‪ G 01‬ﺇﱃ ‪G 010‬‬

‫ﺏ‪ -‬ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫ﺃ‪ -‬ﺍﻟﺼﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﺆﲤﺮ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ‪ C 10‬ﺇﱃ ‪C 13‬‬

‫ﺏ‪ -‬ﺍﻟﺼﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﺆﲤﺮ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ‪ C 18‬ﺇﱃ ‪C 043‬‬

‫‪ -3‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ‬

‫‪ -4‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ‪.‬‬

 ‫‪ -2‬ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪ -1‬ﺃﺑﻮ ﺍﺠﻤﻟﺪ )ﺻﱪﻱ( ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ ﺷﻌﺒﺎ ﻭﻧﻀﺎﻻ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻣﺼﺮ ‪.1969‬‬

‫‪ -2‬ﺃﺟﺮﻭﻥ )ﺷﺎﺭﻝ ﺭﻭﺑﲑ(‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﺼﻔﻮﺭ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ‬

‫ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻁ ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1986‬‬

‫‪ -3‬ﺃﺷﻔﻮﺭﺩ )ﺩﻭﻏﻼﺱ(‪ ،‬ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ‪.1963‬‬

‫‪ -4‬ﺍﻷﺷﺮﻑ )ﻣﺼﻄﻔﻰ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﺣﻨﻔﻲ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬ﻡ ﻭ ﻙ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1983‬‬

‫‪-5‬ﺍﻟﺒﺠﺎﻭﻱ ﳏﻤﺪ‪ ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﳋﺸﻦ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻴﻘﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﲑﻭﺕ ‪.1965‬‬

‫ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‬ ‫‪ -6‬ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﻖ )ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ(‪ ،‬ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪ 1960-1815 ،‬ﻁ ‪،1‬‬

‫‪.1974‬‬

‫‪ -7‬ﺑﻦ ﻋﺰﻭﺯ ﺣﻜﻴﻢ )ﳏﻤﺪ(‪ ،‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺳﺮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﲑ ﺷﻜﻴﺐ ﺃﺭﺳﻼﻥ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ‬

‫ﺍﻟﻄﺮﻳﺲ‪ ،‬ﺗﻄﻮﺍﻥ ‪.1980‬‬

‫‪ -8‬ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ(‪ ،‬ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬

‫‪.1986‬‬

‫‪ -9‬ﺑﻦ ﺧﺪﺓ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ‪ ،‬ﺇﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﳊﺴﻦ ﺯﻏﺪﺍﺭ ﻭﳏﻞ ﺍﻟﻌﲔ ﺟﺒﺎﻳﻠﻲ‪ ،‬ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ‬

‫ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1987‬‬

‫‪ -10‬ﺑﻼﺳﻲ )ﺃﲪﺪ ﻧﺒﻴﻞ(‪ ،‬ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪،‬‬

‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1990‬‬
‫‪ -11‬ﺑﻮﺣﻮﺵ ﻋﻤﺎﺭ‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﻟﻐﺎﻳﺔ ‪ ،1962‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﲑﻭﺕ‬

‫‪.1997‬‬

‫‪ -12‬ﺑﻮﺷﻌﲑ )ﺳﻌﻴﺪ(‪ ،‬ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳍﺪﻯ‪ ،‬ﻁ ‪ ،2‬ﻋﲔ ﻣﻠﻴﻠﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1993‬‬

‫‪ -13‬ﺑﻮﻋﺰﻳﺰ ﳛﻲ‪ :‬ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ‪ 19‬ﻭ ‪ ،20‬ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1995‬‬

‫‪ -14‬ﺑﻮﻃﻤﲔ )ﳋﻀﺮ ﺍﳉﻮﺩﻱ(‪ ،‬ﶈﺎﺕ ﻣﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﻁ ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1987‬‬

‫‪ -15‬ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ )ﳏﻤﺪ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺃﻳﻦ ﺗﺮﲨﺔ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺯﻏﺒﻴﺔ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1992‬‬

‫‪ -16‬ﺑﻮﻣﺎﱄ )ﺣﺴﻦ(‪ ،‬ﺇﺳﺘﺮﺍﲡﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﱃ )‪ ،(1956-1954‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ‬

‫ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1995‬‬

‫‪ -17‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﺮﻱ ﳊﺮﺏ ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ‪ ،‬ﻣﻦ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﺒﺎﻧﺘﺎﻏﻮﻥ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﻳﻦ ﳏﻤﺪ ﺃﻧﻴﺲ ﻭﲪﻴﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﺩ‪ ،‬ﺝ‬

‫‪.1972 ،1‬‬

‫‪ -18‬ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﺮﺣﻠﺔ ‪ ،1958‬ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﻴﺾ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‬

‫ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ‪.‬‬

‫‪ -19‬ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ ﺍﳉﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ‪ ،1958‬ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﻨﻄﻘﺔ ﺑﺸﺎﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‬

‫ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ‪.‬‬

‫‪ -20‬ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ ﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﳍﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ )‪ 16‬ﺟﻮﺍﻥ ‪ 10-1957‬ﺟﻮﺍﻥ‬

‫‪ ،(1958‬ﻟﻠﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ‪.‬‬

‫‪ -21‬ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ(‪ ،‬ﻳﻘﻈﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻌﺮﻭﰊ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‬

‫‪.1986‬‬

‫‪ -22‬ﺍﳉﻤﺎﱄ )ﻓﺎﺿﻞ(‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺃﺭﺍﺀ ﻭﻣﻄﺎﻟﻌﺎﺕ ﰲ ﺷﺆﻭﻧﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‪.‬‬

‫‪ -23‬ﺍﳉﻤﺎﱄ )ﻓﺎﺿﻞ(‪ ،‬ﲡﺎﺭﺏ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ ،1958-1943‬ﺝ ‪ ،2‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪ -24‬ﺟﻠﻴﺒﺴﻲ )ﺧﻮﺍﻥ(‪ ،‬ﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺻﺪﻭﻗﻲ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻒ ﻭﺍﻟﺘﺮﲨﺔ‪،‬‬

‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1959‬‬

‫‪ -25‬ﺍﳉﻨﻴﺪﻱ )ﺧﻠﻴﻔﺔ(‪ ،‬ﻣﻦ ﻭﺣﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1963‬‬

‫‪ -26‬ﺣﺎﻃﻮﻡ )ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ(‪ ،‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻣﻦ< ‪ ،1945‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺩﻣﺸﻖ ‪.1972‬‬

‫‪ -27‬ﺣﺎﻓﻆ )ﲪﺪﻱ( ﻭ ﺍﻟﺸﺮﻗﺎﻭﻱ )ﳏﻤﻮﺩ(‪ ،‬ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪ ،‬ﻁ ‪ ،1‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‬

‫‪.1958‬‬

‫‪ -28‬ﺣﺴﲔ )ﻓﺎﺿﻞ(‪ ،‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ‪ ،‬ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1976‬‬

‫‪ -29‬ﺍﳊﺴﻴﲏ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ(‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ ‪ ،9‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1978‬‬

‫‪ -30‬ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ )ﺧﻮﺟﺔ(‪ ،‬ﺍﳌﺮﺃﺓ‪ ،‬ﺗﻘﺪﱘ ﻭﺗﻌﺮﻳﺐ ﻭﲢﻘﻴﻖ‪ ،‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‬

‫ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ‪ ،‬ﻁ ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1982‬‬

‫‪ -31‬ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ )ﺧﻮﺟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ(‪ ،‬ﺍﳌﺮﺃﺓ‪ ،‬ﶈﺔ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺇﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺎﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺗﻌﺮﻳﺐ ﻭﺗﻘﺪﱘ‬

‫ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺩﺍﺭ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1972‬‬

‫‪ -32‬ﲪﺪﻱ )ﺃﲪﺪ(‪ ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻁ ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬

‫‪.1995‬‬

‫‪ -33‬ﲪﺮﻭﺵ )ﺃﲪﺪ(‪ ،‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1975‬‬

‫‪ -34‬ﺧﺮﰲ )ﺻﺎﱀ(‪ ،‬ﰲ ﺭﺣﺎﺏ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻁ ‪ ،1‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1985‬‬

‫‪ -35‬ﺍﳋﻄﻴﺐ )ﺃﲪﺪ(‪ ،‬ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻡ ﻭ ﻙ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬

‫‪.1985‬‬

‫‪ -36‬ﺍﳋﻮﱄ )ﻟﻄﻔﻲ(‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳍﺪﻯ ﻋﲔ ﻣﻠﻴﻠﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1992‬‬
‫‪ -37‬ﺩﺭﻭﺯﻳﻞ )ﺝ ﺏ(‪ :‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬

‫ﺣﺎﻃﻮﻡ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺩﻣﺸﻖ ‪.1978‬‬

‫‪ -38‬ﺩﻳﻐﻮﻝ )ﺷﺎﺭﻝ(‪ ،‬ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻞ ‪ ،1962-1958‬ﺗﺮﲨﺔ ﲰﻮﺣﻲ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺃﲪﺪ ﻋﻮﻳﺪﺍﺕ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ‬

‫ﻋﻮﻳﺪﺍﺕ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1971‬‬

‫‪ -39‬ﺩﻳﺮﻱ )ﺃﻛﺮﻡ(‪ ،‬ﳓﻮ ﺇﺳﺘﺮﺍﲡﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪ -40‬ﺍﻟﺬﻳﺐ )ﻓﺘﺤﻲ(‪ ،‬ﲨﺎﻝ ﻭﺛﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1984‬‬

‫‪ -41‬ﺭﻓﺎﻋﻲ )ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ(‪ ،‬ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪،‬‬

‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1971‬‬

‫‪ -42‬ﺭﳝﻮﻥ )ﺃﺭﻭﻥ( ﻭﺗﺎﻧﻨﻎ )ﺃﻧﻄﻮﱐ(‪ ،‬ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺗﺮﲨﺔ ﺟﺎﻥ ﻏﱪﻳﻞ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺪ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪،‬‬

‫ﺑﲑﻭﺕ ‪.1958‬‬

‫‪ -43‬ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ(‪ ،‬ﺍﳌﺜﻘﻔﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬

‫‪.1995‬‬

‫‪ -44‬ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ(‪ ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﺎﻣﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻌﺚ‪ ،‬ﻁ ‪ ،1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1984‬‬

‫‪ -45‬ﺍﻟﺰﺑﲑﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ(‪ :‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﻣﻦ ‪ 1942‬ﺇﱃ ‪ ،1992‬ﺩﺍﺭ ﻫﻮﻣﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‬

‫‪.2000‬‬

‫‪ -46‬ﺍﻟﺰﻏﻴﺪﻱ )ﳏﻤﺪ ﳊﺴﻦ(‪ ،‬ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ﻭﺗﻄﻮﺭ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1962-1956‬ﻡ ﻭ‬

‫ﻙ‪.1989 ،‬‬

‫‪ -47‬ﺯﻳﺎﻥ )ﻬﺑﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺃﺭﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳌﺼﺮﻱ ‪.1958‬‬
‫‪ -48‬ﺳﻌﺪ ﺍﷲ )ﻋﻤﺮ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ(‪ ،‬ﻣﺒﺪﺃ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﲑﻫﺎ ﰲ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪،‬‬

‫ﺩﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻌﻬﺪ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ ‪ ،2‬ﻋﺎﻡ‬

‫‪.1984‬‬

‫‪ -49‬ﺳﻌﻴﺪ )ﺃﻣﲔ(‪ ،‬ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﳍﻼﻝ‪ ،‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪ -50‬ﺷﺮﻳﻂ )ﻋﺒﺪ ﺍﷲ(‪ ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ‪ ،1956‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪،‬‬

‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1995‬‬

‫‪ -51‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ )ﺃﲪﺪ(‪ ،‬ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪ -52‬ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ -53‬ﺷﻌﺒﺎﻥ )ﳏﻤﺪ ﺣﺴﲔ(‪ ،‬ﺗﺴﻌﻮﻥ ﻳﻮﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺳﻄﻮﺭ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻬﻧﻀﺔ ﻣﺼﺮ‪،‬‬

‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1960‬‬

‫‪ -54‬ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ(‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻟﻠﻌﲔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ‪ ،‬ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ‪،‬‬

‫‪.1964‬‬

‫‪ -55‬ﺿﺮﻳﻒ )ﳏﻤﺪ(‪ ،‬ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ‪.1988‬‬

‫‪ -56‬ﻃﻼﺱ )ﻣﺼﻄﻔﻰ(‪ ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1980‬‬

‫‪ -57‬ﻋﺒﺎﺱ )ﻓﺮﺣﺎﺕ(‪ ،‬ﺣﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺛﻮﺭﻬﺗﺎ "ﻟﻴﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ" ﺗﺮﲨﺔ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺭﺣﺎﻝ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻓﻀﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺑﻼ‬

‫ﺗﺎﺭﻳﺦ‪.‬‬

‫‪ -58‬ﻋﺒﺎﺱ )ﳏﻤﺪ(‪ ،‬ﺛﻮﺍﺭ ﻋﻈﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺩﺣﻠﺐ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪ -59‬ﺍﻟﻌﺮﰊ )ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ(‪ ،‬ﺣﺎﺿﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻡ ﻭ ﻙ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1984‬‬

‫‪ -60‬ﺍﻟﻌﻄﺎﺭ )ﺣﺴﻦ(‪ ،‬ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺮﻛﺰﺓ ﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬ﻁ ‪ ،1‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺃﺳﻌﺪ‪ ،‬ﺑﻐﺪﺍﺩ‬

‫‪.1966‬‬
‫‪ -61‬ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ )ﺻﻼﺡ(‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ )ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ -‬ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ(‪ ،‬ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬

‫ﻭﻣﺸﺎﻛﻠﻪ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﳒﻠﻮ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1962‬‬

‫‪ -62‬ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ(‪ ،‬ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1954-1830‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬

‫ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻁ ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1992‬‬

‫‪ -63‬ﻋﻮﺍﻃﻒ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ(‪ ،‬ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻡ ﻭ ﻙ‪،‬‬

‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1985‬‬

‫‪ -64‬ﻏﻼﺏ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ(‪ ،‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺎﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ‪.1976‬‬

‫‪ -65‬ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ )ﻋﻼﻝ(‪ ،‬ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪.1948‬‬

‫‪ -66‬ﻓﺆﺍﺩ )ﺳﻌﺪ ﺯﻏﻠﻮﻝ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺗﻮﻧﺲ ‪.1975‬‬

‫‪ -67‬ﻗﺎﲰﻴﺔ )ﺧﲑﻳﺔ(‪ ،‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪ ،‬ﺯﻋﻴﻤﺎ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺎ ﻭﺭﺍﺋﺪﺍ ﻋﺮﺑﻴﺎ‪ ،‬ﳉﻨﺔ ﲣﻠﻴﺪ ﺫﻛﺮﻯ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ‪،‬‬

‫ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ‪.1987‬‬

‫‪ -68‬ﻗﺪﺍﺵ )ﳏﻔﺰﻅ(‪ ،‬ﺍﻷﻣﲑ ﺧﺎﻟﺪ‪ ،‬ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪.1987‬‬

‫‪ -69‬ﻗﻨﺎﻥ )ﲨﺎﻝ(‪ ،‬ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬

‫ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1994‬‬

‫‪ -70‬ﻗﻨﺎﻧﺶ )ﳏﻤﺪ( ﻭﻗﺪﺍﺵ )ﳏﻔﻮﻅ(‪ ،‬ﳒﻢ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ‪ ،1937-1926‬ﻭﺛﺎﺋﻖ ﻭﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ‬

‫ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1984‬‬

‫‪ -71‬ﻗﻠﻴﻞ )ﻋﻤﺎﺭ( ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺝ ‪ ،1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1991‬‬

‫‪ -72‬ﺍﻟﻜﻌﻜﻌﻲ )ﳛﻲ ﺃﲪﺪ(‪ ،‬ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1986‬‬

‫‪ -73‬ﳎﺎﻫﺪ )ﻣﺴﻌﻮﺩ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻋﱪ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﺱ‪ ،‬ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ‪ ،‬ﻁ ‪ ،2‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪ -74‬ﳏﺎﺿﺮ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ‪ ،‬ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﻠﺴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻌﺎﻡ ‪ 1957‬ﰲ ‪ 2‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.1958‬‬
 ‫‪ -75‬ﳏﻤﺪ ﻛﺮﻭ )ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ(‪ ،‬ﻣﺎﻱ ﺷﻬﺮ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺘﺮﻗﻲ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ ‪.1951‬‬

‫‪ -76‬ﳏﻤﺪ ﻛﺮﻭ )ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ(‪ ،‬ﺻﻮﺕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ ‪.1958‬‬

‫‪ -77‬ﺍﳌﺪﱐ )ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ(‪ ،‬ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻔﺎﺡ )ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ ‪ ،3‬ﻡ ﻭ ﻙ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1988‬‬

‫‪ -78‬ﻣﺮﺗﻀﻰ )ﳏﻤﻮﺩ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳌﻨﺘﺼﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪ -79‬ﻣﻨﺎﺻﺮﻳﺔ )ﻳﻮﺳﻒ(‪ ،‬ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺍﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪،‬‬

‫ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬

‫‪ -80‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪.1981‬‬

‫‪ -81‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﺎﻱ ‪.1984‬‬

‫‪ -1‬ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬

‫‪ -2‬ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬

‫‪ -3‬ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﳉﻨﻮﺏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ‬

‫‪ -82‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻻﺋﻲ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﻮﻫﺮﺍﻥ ﰲ ‪ 22‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪.1986‬‬

‫‪ -83‬ﻣﻠﻒ ﺧﺎﺹ ﻋﻦ ﳎﺰﺭﺓ ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ )ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ‪ (37‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪ ،1955‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬

‫ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.‬‬

‫‪ -84‬ﻣﻨﻴﻊ )ﳏﻤﺪ(‪ ،‬ﻗﺼﺺ ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻊ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪.1962 ،‬‬

‫‪ -85‬ﺍﳌﻴﻠﻲ )ﳏﻤﺪ ﻣﺒﺎﺭﻙ(‪ ،‬ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺆﲤﺮ‬

‫ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ‪ ،‬ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪ ،‬ﺍﺠﻤﻟﻠﺪ ‪ ،2‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1984‬‬

‫‪ -86‬ﺍﳌﻴﻠﻲ )ﳏﻤﺪ ﻣﺒﺎﺭﻙ(‪ ،‬ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺟﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﻁ ‪ ،1‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.1984 ،‬‬

‫‪ -87‬ﺍﳌﻴﻠﻲ )ﳏﻤﺪ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ(‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﲔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﻣﻄﺎﻣﺢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻁ ‪،2‬‬

‫ﺑﲑﻭﺕ ‪.1983‬‬
 ‫‪ -88‬ﻧﺎﺻﺮ )ﳏﻤﺪ(‪ ،‬ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1985‬‬

‫‪ -89‬ﻧﺎﺻﻒ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ(‪ :‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﳑﺎﺭﺳﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ‪ ،‬ﺩﻣﺸﻖ‬

‫‪.1985‬‬

‫‪ -90‬ﻧﺎﺻﻒ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ(‪ ،‬ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ ،1958-1953‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‪ ،‬ﺑﻐﺪﺍﺩ‪،‬‬

‫ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ‪.‬‬

‫‪ -91‬ﻧﻮﻳﺼﺮ )ﻣﺼﻄﻔﻰ(‪ ،‬ﻣﻴﺸﺎﻝ ﻋﻔﻠﻖ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1993‬‬

‫‪ -92‬ﻧﺎﻳﺖ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ )ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ(‪ ،‬ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳌﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪،‬‬

‫‪.1984‬‬

‫‪ -93‬ﻫﻼﻝ )ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ(‪ ،‬ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ ،1986-1945‬ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻁ‬

‫‪ ،10‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1989‬‬

‫‪ -94‬ﺍﻟﻮﺭﺗﻼﱐ )ﺍﻟﻔﻀﻴﻞ(‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ‪ ،‬ﺑﺪﻭﻥ ﺩﺍﺭ ﻧﺸﺮ‪ ،‬ﺑﲑﻭﺕ ‪.1963‬‬

‫‪ -95‬ﳛﻲ )ﺟﻼﻝ(‪ ،‬ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬

‫ﺑﲑﻭﺕ ‪.1981‬‬
 ‫ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ‬-3

1- AGRON (CH-R), Les origines de la guerre d’Algérie, édition Fayand, Paris

1962.

2- ALISIAIR (Horné), Histoire de la guerre d’Algérie, édition ALBIN Michel,

Paris 1977.

3- ALLEG (Henri), La guerre d’Algérie, édition temps aduels 1981.

4- ALLEG (Henri), La question, édition de Minul, 1961.

5- ALLIAS (Maurice), l’Algérie d’EVIAN, les accords d’Évian, le referendum

et la résistance Algérienne, l’autorité, la majorité, édition l’Esprit nouveau,

Paris 1962.

6- BENATIA Farouk, Les actions humanitaire pendant la lutte de libération

1954-1962, éditions Dahleb, Alger 1997.

7- BENKHEDA (Benyoucef), Les origines du 1er novembre 1954, édition

Dahleb, Alger S.D.

8- BELHOCINE Mabrouk, Le courrier Alger le Caire (1954-1962), et le

congrès de la Soummam dans la révolution, Casbah éditions, Alger 2000.

9- BERNARD (Michel), Histoire du drame Algérien, Genève 1971.

10- BJAOUI (Mohamed), vérités sur la révolution Algérienne, édition

Gallimands, Paris 1970.

11- BOLDRINI (M), Qui est ENRICO MATTEI, Institut culturel Italien en

collaboration avec la société DANTE ALGHERI, Alger 1992.

12- BOUZAHER (Hocine), Jusqu’au bord du ciel, Ministère des anciens

Moudjahidine, Dar-el oumm, Alger 1993.

13- BOZZO (Anna), Actions de solidarité pour l’Algerie, un nouvel

internationalisme, institut culturel Italien.

14- BOZZO (Anna), Les relations entre l’Italie et l’Algérie 1815-1962,

Séminaire Italo-Algérien d’études historiques, Alger 1988.

15- COLLOT (Claude), et HENRY (Jean- Robert), Le mouvement National

Algérien 1912-1954, 2 eme éditions, OPU, Alger 1981.

16- COURRIERE (Yves), La guerre d’Algérie, édition Fayard, Paris 1974.

17- COURRIERE (Yves), Les fils de la toussaint, édition Fayard, Paris 1968.

18- COURRIERE (Yves), La guerre d’Algérie (1954-1957), éditions Robert

Lafont, Paris 1990.

19- DOLLOZ (Jacques), La guerre d’Indochine 1945-1954, édition de Seuil,

Paris 1987.

20- DROZ (Bernard) et LEVER (Evelyne), Histoire de la guerre d’Algérie

1954-1962, éditions de Seuil, Paris 1982.

21- FERRO (Marc), SUEZ, naissance d’un tiers monde, Bruxelles 1986.

22- GHESNEHUX (Jean), Contribution à l’histoire de la nation vietnamienne,

édition sociales, Paris. S.D.

23- Gouvernement Françaises (le), Le plan de Constantiene 1959-1963

24- Guenaneche (Mohamed), Le mouvement d’indépendance en Algérie entre

les deux guerres 1919-1939, OPU, Alger 1990.

25- GUENANECHE (M) et KADDACHE (M), Le parti du peuple Algérien,

OPU, Alger 1993.

26- HARBI (Mohamed), Le F.L.N, mirage et réalité, des origines à la prise du

pouvoir (1945-1962), édition J-A, S.T.D, 1985.

27- HARBI (Mohamed), Les archives de la révolution Algériennes, éditions

jeune Afrique, Paris 1981.

28- HARTMUT (M), La guerre d’Algérie 1954-1962, la transition d’une

France à une autre, le passage de la 4eme à la 5 eme république, éditions publisud,

Paris 1999.

29- HASSANI (Abdelkrim El GHOUTI), Guerilla sans visage C-O, édition

ENAP, OPU, Alger, S-D.

30- Histoire générale des civilisation, l’époque contemporaine, PUF, Paris

1967.

31- HERVE (Hamon) et ROTMAN (Patrick), Les porteurs de valises la

résistance Française à la guerre d’Algérie, éditions ALBIN Michel, Paris 1979.

32- JULIEN (Charles André), Une pensée anti-Coloniale, éditions SINDBAD,

Paris 1979.

33- KADDACHE (Mahfoud), La vie polique d’Alger de 1919 à 1939, édition

SNED, Alger 1970.

34- KADDACHE (M) et GUENANECHE (M), L’E-N-A (1926-1937), OPU,

Alger 1984.
35- KADDACHE (M), et SARI (Djillali), l’Algérie dans l’histoire, la résistance

politique 1900-1954, T 5, OPU, Alger 1989.

36- KADDACHE (M), Histoire du nationalisme Algérien 2 eme édition, T1,

ENAL, Alger 1993.

37- KADDACHE (M), Histoire du nationalisme Algérien 1919-1951, édition

SNED, T 2, Alger 1980.

38- KHATIB (Hafid), Premier juillet 1956, l’accord FLN- PCA, OPU, Alger

1991.

39- KIOUANE (Abderrahmane), Les débuts d’une diplomatie de guerre 1956-

1962, éditions DAHLEB, Alger 2000.

40- LARDILLIER (Alin), Le peuplement Français en Algérie de 1830- 1900,

éditions l’Atlanthrope, Paris 1992.

41- LEMIRE (Henri) ; Histoire militaire de la guerre d’Algérie, éditions

ALBIN Michel, Paris 1982.

42- LYAUTY (L’africain), IV, 1919-1925, Paris 1957.

43- MAHDJOUBI (Ali), Les origines du mouvement national en Tunis (1904-

1934), P-U-T, Tunis 1982.

44- MAHSAS (Ahmed), Le mouvement révolutionnaire en Algérie, édition

HARMATTAN, Paris 1979.

45- MONTAGNON (Pierre), La guerre d’Algérie genèse et engrenage d’une

tragédie, éditions hygnalion, Paris 1984.

46- NOUSHI (Andrés), La naissance du nationalisme Algérien.

47- PAILLAT (Claude), Le dossier secret de l’Algérie, imprimerie Berthur,

Paris 1961.

48- PERVILLE (Gry), Atlas de la guerre d’Algérie, de la conquête à

l’indépendance autrement, Paris 2003.

49- REZETTE (Robert), Les partis politiques Marocains, Paris 1949.

50- SARRASIN (Paul-emile), La crise Algérienne, Paris 1949.

51- STORA (Benjamin), et DAOUD(Zahia), Ferhat Abbas une autre Algérie,

édition Casbah, Alger. S.D.

52- TOURNEAU (Robertà, Evolution politique de l’Afrique du Nord

musulmane 1920-1961. Librairie Colin, Paris 1962.

53- TOURNOUX (J-R), Secret d’état, Paris 1960.

54- TROTIGNON (Y), la France au 20 eme siècle, édition Bordas, Mouton,

Paris 1968.

55- VALABREGA (G), Journaux, mouvements et partis Italiens face à la

révolution, Algérienne, Institut Culturel Italien, Alger, 1992.

 ‫‪ - 4‬ﺍ ﳌﻘﺎﻻﺕ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪ -1‬ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،5789‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 19‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪.1960‬‬

‫‪ -2‬ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪" ،‬ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ"‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 301‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 2‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.1955‬‬

‫‪ -3‬ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪" ،‬ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ"‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 317‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 29‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪1955‬‬

‫‪ -4‬ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪" ،‬ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ"‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 359‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 23‬ﻣﺎﺭﺱ ‪.1956‬‬

‫‪ -5‬ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،4887‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪1957‬‬

‫‪ -6‬ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،5498‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 27‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪.1959‬‬

‫‪ -7‬ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،6455‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 5‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪.1962‬‬

‫‪ -8‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،26‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 209‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 23‬ﻣﺎﺭﺱ ‪.1963‬‬

‫‪ -9‬ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 18‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.1988‬‬

‫‪ -10‬ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﳉﺒﻬﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬ﰎ ﲨﻊ ﻛﻞ ﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﱵ ﺻﺪﺭﺕ ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ‬

‫ﳎﻠﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 9‬ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 127‬ﻭﺃﻋﺎﺩﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻋﺎﻡ ‪ 1984‬ﻃﺒﺎﻋﺔ ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ﰲ ﺃﺭﺑﻊ ﳎﻠﺪﺍﺕ‬

‫ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺜﻼﺛﲔ ﻻﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ )‪(1962-1961-1960- 1959-1958-1957-1956‬‬

‫‪ -11‬ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺟﺒﻬﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ‪-9-8-7-6-5-4-3-2 :‬‬

‫‪.15-12-11-10‬‬

‫‪ -12‬ﺍﳌﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 17‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.1995‬‬

‫‪ -13‬ﺍﻟﻴﻘﻀﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،2913‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 23‬ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ ‪1958‬‬

‫‪" -14‬ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻹﺛﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،2‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،1984‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ‬

‫ﺍﳉﻴﺶ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺸﻌﱯ‪.‬‬

‫‪" -15‬ﺍﻻﻧﻄﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻟﺜﻮﺭﺓ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،"1954‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،1‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﱃ ‪1415‬ﻫـ‪1994/‬ﻡ‬
‫‪ -16‬ﺑﻠﺤﺎﰎ ﻋﻠﻲ "ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺮﺡ ﺍﻟﺪﻭﱄ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،22‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‬

‫– ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪.1974‬‬

‫‪ -17‬ﺑﻦ ﺻﺎﱀ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ "ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ" ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﺍﻷﺳﺒﻮﻋﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،638‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‬

‫‪.1972‬‬

‫‪ -18‬ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ‪" ،‬ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،68‬ﻋﺎﻡ‬

‫‪.1984‬‬

‫‪ -19‬ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ"‪ ،‬ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﻫﺪ ﺍﻷﺳﺒﻮﻋﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،584‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‬

‫‪.1971‬‬

‫‪ -20‬ﺑﻮﻋﺰﺓ ﺑﻮﺿﺮﺳﺎﻳﺔ‪ " ،‬ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ‪ 11‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪ ،"1960‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،19‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪،106/105‬‬

‫ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.1995‬‬

‫‪ -21‬ﺑﻮﻋﺰﺓ ﺑﻮﺿﺮﺳﺎﻳﺔ‪ " :‬ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﳌﻠﺘﻘﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﻃﲏ‬

‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺛﻮﺭﺓ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1997‬‬

‫‪ -22‬ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ(‪" ،‬ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﲔ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺇﱃ ﺗﻮﻧﺲ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪،‬‬

‫ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،15‬ﻣﺎﺭﺱ‪ ،‬ﺃﻓﺮﻳﻞ ‪ ،1985‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪.86‬‬

‫‪ -23‬ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ(‪" ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،91‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،16‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‬

‫ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪.1986‬‬

‫‪ -24‬ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ(‪" ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺴﺮﺍﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺮﺕ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ‬

‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،96‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،16‬ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ -‬ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪.1986‬‬

‫‪ -25‬ﺟﻌﻔﺮ )ﳎﻴﺪ(‪" ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ" ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،83‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،14‬ﺳﺒﺘﻤﱪ –‬

‫ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪.1984‬‬
 ‫‪ -26‬ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺍﻷﻭﺭﺍﺳﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،27‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ،1992‬ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ‪.‬‬

‫‪ -27‬ﺍﻟﺮﻛﻴﱯ )ﻋﺒﺪ ﺍﷲ(‪ ،‬ﻓﺮﺣﺔ ﻏﺎﻣﺮﺓ‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،83‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ 14‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺳﺒﺘﻤﱪ‪ -‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪.1984‬‬

‫‪ -28‬ﺷﻨﺎﻭﻱ )ﻧﺴﻴﺐ(‪" ،‬ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،97‬ﺍﻟﺴﻨﺔ‬

‫‪ 17‬ﺟﺎﻧﻔﻲ‪ -‬ﻓﱪﺍﻳﺮ ‪.1987‬‬

‫‪ -29‬ﻋﻠﻴﻼﺕ )ﻋﻠﻲ(‪" ،‬ﺃﺿﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺩﻳﻐﻮﻝ ﺇﲡﺎﻩ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﻓﻤﱪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩﺍﻥ ‪،119/118‬‬

‫ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ‪ -‬ﺃﻭﺕ ‪.1990‬‬

‫‪ -30‬ﺍﻟﻔﻜﺮ )ﳎﻠﺔ(‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 1‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ‪.1955‬‬

‫‪" -31‬ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،1‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﱃ ‪1415‬ﻫـ‪1994/‬ﻡ‪،‬‬

‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪.‬‬

‫‪ -32‬ﻗﻨﺎﻥ )ﲨﺎﻝ(‪" ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻬﺗﺰ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﻣﻨﱪ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ 20‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪01‬‬

‫ﺇﱃ ‪ 15‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.1990‬‬

‫‪ -33‬ﻗﻨﺎﻥ )ﲨﺎﻝ(‪" ،‬ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ‪ 37‬ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ"‪ ،‬ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،4‬ﻋﺎﻡ ‪ ،1995‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ‬

‫ﺍﳌﺘﺤﻒ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ‪.‬‬

‫‪ -34‬ﻛﺎﱐ )ﺟﺎﻙ(‪ " ،‬ﻣﺆﲤﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﺎﻡ ‪ ،"1947‬ﺍﺠﻤﻟﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺗﻌﺮﻳﺐ‪ ،‬ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﻮﺩ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،26-25‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺟﻮﺍﻥ ‪.1982‬‬

‫‪ -35‬ﻣﻬﺮﻱ )ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ(‪" ،‬ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻣﻬﺪﺍﺕ ﻟﻔﺎﺗﺢ ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ ،"1954‬ﳎﻠﺔ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،22‬ﻧﻮﻓﻤﱪ –‬

‫ﺩﻳﺴﻤﱪ ‪.1974‬‬

‫‪ -36‬ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ )ﳎﻠﺔ(‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ‪ ،488‬ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ 01‬ﺇﱃ ‪ 6‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪.1990‬‬

 ‫ ﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬-5

1- L'Expresse du 21 novembre 1957.

2- France Observateur du 27 février 1958.

3- HISTORIA « Alger, histoire et nostalgie 1830-1987, Numéro spécial, année

1987, Paris.

4- Le Monde du 30 juin 1956.

5- // du 3 juillet 1956.

// du 31 janvier 1958.

// du 5 mars 1958.

5- « La PROPAGANDE d’abdelkrim dans l’Afrique du Nord, In, RF, N° 1,

Janvier 1926.
 ‫‪ -6‬ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺃﲪﺪ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺳﻴﺪ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1961-1960‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.2002 ،‬‬

‫‪ -2‬ﺑﺪﻳﺪﺓ ﻟﺰﻫﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1960-1959‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ‬

‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.2001‬‬

‫‪ -3‬ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﳏﻤﺪ‪ ،‬ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭﻱ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ‪ ،1954-1910‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬

‫ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1994‬‬

‫‪ -4‬ﺑﻮﻃﺮﺓ ﻣﺼﻄﻔﻰ‪ ،‬ﻋﻼﻗﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ‪ ،1962/1954‬ﺭﺳﺎﻟﺔ‬

‫ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1984-1983‬‬

‫‪ -5‬ﺑﻮﺿﺮﺑﺔ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ 1959/1958‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬

‫ﳏﻔﻮﻇﺎﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.2002 ،‬‬

‫‪ -6‬ﺳﻌﻴﻮﺩ ﺃﲪﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﳉﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﻣﻦ ‪ 1‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪ 1954‬ﺇﱃ ﻏﺎﻳﺔ ‪ 19‬ﺳﺒﺘﻤﱪ‬

‫‪ ،1958‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ‪.2002 ،‬‬

‫‪ -7‬ﺧﺮﻧﺎﻥ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪ ،1962-1954‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬

‫ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐﺪﺍﺩ‪.1983 ،‬‬

‫‪ -8‬ﻫﻨﻴﺪﻱ ﳏﻤﻮﺩ‪ ،‬ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﻳﺔ ﺩﺑﻠﻮﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳌﻌﻤﻘﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬

‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺍﻷﺛﺮﻳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪.1981‬‬

‫ﻓﻬﺮﺱ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﻭﺍﻷﻣﺎﻛﻦ‬
 ‫ﻓﻬﺮﺱ ﺍﻷﻋﻼﻡ‬
‫ﺃ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﺑﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ )ﻋﻤﺮ( ‪206‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ )ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ( ‪169‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻲ ) ﺍﻟﺒﺸﲑ( ‪143-127-113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻲ ) ﺍﻷﺧﻀﺮ( ‪201‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪345‬‬ ‫(‬ ‫)ﺭﻓﺎﺋﻠﻮ‬ ‫ﺇﺑﻮﻟﺪﻱ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ --‬ﺍﻷﺑﺪﺍﱄ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﱐ ‪206‬‬
‫ﺍﻷﺩﻏﻢ ) ﺍﻟﺒﺎﻫﻲ( ‪85-83-79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺃﺗﺎﺗﻮﺭﻙ )ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﻤﺎﻝ( ‪224-222‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻷﻣﲑ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ( ‪137‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺃﻭﺻﺪﻳﻖ )ﻋﻤﺮ (‪226-143‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻷﻳﺒﺶ )ﻧﻮﺭﻱ( ‪140‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻷﻳﻮﰊ )ﺟﻮﺩﺓ( ‪129‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺁﻳﺖ ﺃﲪﺪ )ﺣﺴﲔ( ‪114-113-108-69‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺁﻳﺖ ﺷﻌﻼﻝ )ﻣﺴﻌﻮﺩ( ‪227‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺇﺯﻬﻧﺎﻭﺭ ‪325-321‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺃﻭﺯﻏﻠﻮ )ﻓﻄﻴﻢ( ‪225-224‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺏ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﺎﺑﺎﻥ ) ﺃﲪﺪ ﳐﺘﺎﺭ(‪130‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﺎﺵ ﻋﻴﺎﻥ )ﺑﺮﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ(‪128‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﺎﺅﺩﻱ ‪29‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﺪﺭﺓ )ﳏﻤﺪ(‪34‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﺑﺮﺗﺮﺍﻥ )ﺭﺍﺳﻞ( ‪290‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﺮﻳﺴﻮﻥ )ﺩﻛﺴﻮﻥ( ‪246‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺒﻜﺎﻱ )ﻣﺒﺎﺭﻙ(‪48‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻜﺔ )ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ( ‪127‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻠﻔﺮﻳﺞ )ﺃﲪﺪ( ‪88– 79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ )ﻛﺮﱘ( ‪177-133-108-79-56‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﺑﻠﺔ )ﺃﲪﺪ( ‪131-116-114-113-110-108-61‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﺑﻮﻟﻌﻴﺪ )ﻣﺼﻄﻔﻰ( ‪108-102‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﺧﺪﺓ ) ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ( ‪306-302-144-98-60-59‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻧﻮﻧﺔ )ﺍﻟﻄﻴﺐ( ‪44‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻣﻬﻴﺪﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺮﰊ(‪133-108-102‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻋﺮﻓﺔ )ﳏﻤﺪ( ‪48-47‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ) ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ( ‪38-37-36‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ )ﲪﺪﺍﻥ ﺧﻮﺟﺔ(‪5-3-2‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﺎﻟﻚ )ﺭﻣﻀﺎﻥ(‪102‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ) ﺍﶈﺠﻮﺏ( ‪201‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﳛﻲ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ( ‪201‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ )ﺻﺎﱀ( ‪83-38-34-32‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﺣﻠﻴﻢ ) ﻣﺼﻄﻔﻰ( ‪113-62‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻄﺎﻁ )ﺭﺍﺑﺢ( ‪108‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪302‬‬ ‫ﺑﻮﺑﻮﻓﻴﺘﺶ‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﺩﺓ )ﺃﲪﺪ( ‪144‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ﺑﻮﺣﲑﺩ )ﲨﻴﻠﺔ( ‪209‬‬
‫ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ )ﺍﳊﺒﻴﺐ( ‪-76-75-74-38-37-34-33-32-31‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-79-78‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪326-325-318-316-89-85-83‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻮﺭﻱ )ﺩﻛﺘﻮﺭ( ‪55‬‬
‫ﺑﻮﺻﻮﻑ )ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻔﻴﻆ( ‪319-302-94-79-56‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﺿﻴﺎﻑ )ﳏﻤﺪ( ‪114-113-108-107‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﻋﺒﻴﺪ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ( ‪79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﻗﺸﻮﺭﺓ )ﻣﺮﺍﺩ( ‪109‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﻗﺎﺩﻭﻡ ‪349‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﳊﺮﻭﻑ )ﺍﻟﻄﻴﺐ( ‪344‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﻟﻐﺎﻧﲔ ‪287‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻮﻣﻨﺠﻞ )ﺃﲪﺪ( ‪79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻴﺘﺮﺍ )ﺇﻃﺎﻟﻮ ( ‪345‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻴﻨﺎﻱ )ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎﻥ( ‪123-122-115-48‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﻴﻨﻮ )ﺃﻧﻄﻮﺍﻥ( ‪287-257-252‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺕ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺗﻌﻴﺎﻥ ﻧﻴﺎﻥ ﺗﻮﻧﻴﺎ ‪310‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺗﻴﺘﻮ )ﺟﻮﺯﻳﻒ ﺑﺮﻭﺯ( ‪306-305-304-302-301-278‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺗﻴﻤﻮﺭﻟﻴﻨﻚ ‪228‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺝ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﺎﺏ ‪331‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﺎﻳﻠﺰ )ﺿﺎﺑﻂ( ‪63‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﻼﻝ )ﻓﺆﺍﺩ( ‪112‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳉﻼﻭﻱ )ﺑﺎﺷﺎ( ‪46‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳉﻤﺎﱄ )ﻓﺎﺿﻞ( ‪249-247-125-123-122-120‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﲨﻴﻞ )ﺣﺴﲔ( ‪127‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﻨﺎﺡ )ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ( ‪214‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﻮﺍﻥ )ﺟﻨﺮﺍﻝ ( ‪46‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳉﻮﻣﺮﺩ )ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ(‪130‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﻴﺎﺏ )ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ( ‪30‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﻴﻮﻓﺎﻧﺎ )ﻣﺎﺭﻳﻮ(‪345‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺡ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺣﺘﺎ )ﳏﻤﺪ( ‪193‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺣﺪﻳﺪ )ﳏﻤﺪ( ‪127‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺣﺴﻨﲔ )ﻋﻠﻲ( ‪67‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺣﺴﻮﻧﺔ )ﻓﺤﻴﻤﺔ ( ‪67‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺣﺴﻮﻧﺔ )ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ( ‪140-113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺣﺴﲔ )ﺍﳌﻠﻚ ( ‪255-171-168-167-166‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ )ﺃﻛﺮﻡ ( ‪147-144-140‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺥ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺧﺎﻟﺪ ) ﺍﻷﻣﲑ( ‪40-5-4‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺧﺎﻥ )ﺃﻛﱪ( ‪206‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺧﺎﻥ ) ﺃﲪﺪ ( ‪206‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺧﺎﻥ ) ﺃﻳﻮﺏ( ‪221-219-218‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺧﻠﻴﻞ ) ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ( ‪182‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﺧﺮﻭﺗﺸﻮﻑ ‪290-288-287-274‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳋﻄﺎﰊ ) ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ( ‪106-40 -39-38-31‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺧﻴﻀﺮ )ﳏﻤﺪ( ‪165-114-113-108-62‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺧﻮﺟﺔ )ﻋﻤﺮ( ‪352‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﺍﻟﺒﻮﻛﺎ ‪345‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﺍﻳﻠﻮﻥ ‪315‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﺍﺭﻏﺎﻥ )ﻓﻮﺳﻴﺴﺎﻓﻴﺘﺶ( ‪306-303‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﺑﺎﻏﲔ )ﺍﻷﻣﲔ( ‪182-84-64-55‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﺭﺍﺯ )ﺍﻷﺯﻫﺮﻱ( ‪112‬‬ ‫‪-‬‬

‫ﺩﺭﺩﻭﺭ )ﻋﻤﺮ( ‪143‬‬ ‫‪-‬‬

‫ﺩﺭﻧﺔ )ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻠﻴﻢ( ‪62‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﻻﺱ ‪321‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﻭﺳﺖ )ﳏﻤﺪ( ‪206‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﻳﺒﺴﲑﻱ ‪302‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺩﻳﻐﻮﻝ )ﺷﺎﺭﻝ ( ‪-158-115 -82-24-21-20-19-18‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪164-163‬‬
‫‪231-225-224-213-204-203-178-177-176-175‬‬
‫‪350- 349 -299-292-267-266-264– 263-262-261‬‬
‫ﺩﻳﺪﻭﺵ )ﻣﺮﺍﺩ(‪108– 102‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺫ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺬﻳﺐ )ﻓﺘﺤﻲ( ‪116-115-113-111‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺬﻳﺐ )ﻋﻠﻲ( ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﺭ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺮﺍﻓﻌﻲ )ﻧﺪﱘ ( ‪158‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺭﺍﻧﻜﻮﻓﻴﺘﺶ ‪302‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺭﺟﺐ )ﺍﻟﺴﻴﺪ( ‪295‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺭﺷﺎﺭﺩ )ﺟﻴﻤﺲ( ‪318‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺭﻭﻣﻴﻮ ) ﺳﺎﻧﺘﺎ ﻣﺎﺭﻳﺎ ( ‪350‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺭﻭﺯﻓﻠﺖ )ﺗﻴﻮﺩﻭﺭ (‪314-46‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺯ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺯﺭﻭﺍﻝ )ﺃﻟﻴﻤﲔ ( ‪168‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺯﻫﺎﻧﺔ )ﺃﲪﺪ( ‪102‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﱐ )ﳏﻤﺪ( ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺯﻳﻐﻮﺩ )ﻳﻮﺳﻒ( ‪315-18‬‬ ‫‪-‬‬

‫ﺱ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ )ﳏﻤﺪ ﺃﻧﻮﺭ( ‪184‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻲ )ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ( ‪355‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ )ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ( ‪147-140‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ )ﺍﳌﻠﻂ( ‪255-165-162-161-160-159‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻌﻴﺪﺍﱐ )ﲪﺎﱐ( ‪101‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ )ﻋﺰﺕ( ‪113-111‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻠﻴﻢ )ﺍﻟﻄﻴﺐ ( ‪84‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ )ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ( ‪67‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ )ﺇﺩﺭﻳﺲ –ﺍﳌﻠﻚ( ‪66-62-59-58-57-56-53-52‬‬
 ‫ﺳﻮﺗﻮﻣﻮ ‪113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻮﺳﺘﺎﻝ )ﺟﺎﻙ( ‪338‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻮﻛﺎﺭﻧﻮ )ﺃﲪﺪ( ‪205-204-202-193‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻮﻳﺪﺍﱐ )ﺑﻮﲨﻌﺔ ( ‪108-102‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻴﺪ ﺍﷲ ‪226‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﻴﻒ ﺍﻟﻨﺼﺮ )ﻋﺒﺪ ﺍﳉﻠﻴﻞ ( ‪68‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺵ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺷﺎﻣﺒﻴﻪ )ﻣﺎﺭﺳﻴﻞ( ‪254‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻭﺵ )ﳏﻤﺪ( ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺷﺎﻝ )ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ( ‪349-324-267-101‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺸﺮﺑﺎﻃﻲ ) ﺃﲪﺪ( ‪112‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺷﻔﻴﻖ )ﳏﻤﺪ ( ‪34-33-32‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺷﻨﺸﻞ )ﺻﺪﻳﻖ( ‪127‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺸﻘﲑﻱ ) ﺃﲪﺪ( ‪-265-264-263-262-261-153-149‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪268‬‬
‫‪277-275-273-272-271-270‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ﺷﻬﺎﺏ )ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ ( ‪173‬‬
‫ﺷﻮﺍﻥ ﻻﻱ ‪297‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺷﻮﻣﺎﻥ )ﺭﻭﺑﲑ( ‪32‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺹ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ) ﺃﻣﲑ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ(‪188‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺼﺒﺎﻥ )ﺳﺮﻭﺭ( ‪159‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺻﺒﺤﻲ )ﳏﻤﻮﺩ( ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺼﻠﺢ )ﻋﺎﺩﻝ ﺑﻚ ( ‪172‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﺍﻟﺼﻔﻮﻱ )ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ( ‪228‬‬ ‫‪-‬‬

‫ﺽ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺿﻴﻒ ﺍﷲ )ﳏﻤﻮﺩ( ‪169‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻁ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻄﺮﺍﺑﻠﺴﻲ )ﺃﳎﺪ ( ‪147‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻄﺮﺯﻱ )ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ( ‪144‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﺲ )ﻋﺒﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ( ‪44‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻃﻔﻴﺶ ) ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ( ‪39‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻉ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ )ﲨﺎﻝ( ‪-115-114– 111-110-108-107‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪281-279-278-255 -196-118‬‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ )ﺍﻷﻣﲑ( ‪206‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻋﺜﻤﺎﻥ ‪206‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻋﺜﻤﺎﻥ )ﺁﻝ ( ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻋﺜﻤﺎﻥ )ﺑﻦ ﺃﺭﻃﻐﻞ ( ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ )ﺯﻳﺎﺩ( ‪133‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻋﻔﻠﻖ )ﻣﻴﺸﺎﻝ( ‪140‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻋﻤﲑﻭﺵ )ﺍﻟﻌﻘﻴﺪ( ‪102‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻋﻴﺴﺎﺕ )ﺇﻳﺪﻳﺮ( ‪303-297-291‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻍ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻐﺎﱎ )ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ( ‪133‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻏﺎﻳﺎﺭ )ﻓﻴﻠﻴﻜﺲ( ‪332‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﺍﻟﻐﺴﲑﻱ ‪140-139‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻐﺰﻧﻮﻱ )ﳏﻤﻮﺩ ( ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻏﻠﻴﺪﻳﺶ ‪357‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻏﻮﺗﻮﺭﻡ )ﺳﺒﻴﻨﻎ( ‪357‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻏﻮﺩﻳﻮ )ﺃﺗﻴﻠﻴﻮ( ‪345‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻏﻲ ﻣﻮﻟﻠﻲ ‪315-251-113-16‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻑ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ )ﻋﻼﻝ( ‪113-96-93‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﺎﺭﻭﻕ) ﺍﳌﻠﻚ( ‪107‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﺎﺧﻞ )ﻋﺎﻓﻞ( ‪140‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ) ﺃﲪﺪ( ‪143-79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﺮﻳﺪ )ﺍﻟﺰﻳﻦ( ‪326‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﺮﺣﺎﺕ )ﻋﺒﺎﺱ( ‪-219-200-143-115-98-79-57-56‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪268‬‬
‫‪345-314-307-305-302-291‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ - -‬ﻓﻮﺭ)ﺇﺩﻏﺎﺭ( ‪336-251-244-48‬‬
‫ﻓﻮﺷﻴﻪ )ﺃﺭﻧﺴﺖ ( ‪246‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﻴﺘﺎﺷﻴﺎﻧﻮ )ﺟﻴﻮﺭﺟﻴﻮ( ‪346-345‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﻴﻮﺭ )ﺇﻻﺭﻳﻮ( ‪345‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﻴﻨﻮ )ﻏﺎﺭﺩﻭﻥ( ‪289‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻕ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﻗﺎﺳﻢ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ( ‪131‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻗﺰﻋﻮﻥ )ﻗﻤﺮ( ‪140‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻗﺸﺔ )ﺭﻓﻴﻖ( ‪248‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ )ﺷﻜﺮﻱ( ‪255-143-140‬‬

‫ﻙ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﺎﺑﻮﺕ )ﻟﻮﺩﺝ( ‪320-246‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﺎﺗﺮﻭ )ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ( ‪48‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﺎﺑﻮﻳﺎ )ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ( ‪175‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﺎﺗﺐ )ﻣﺼﻄﻔﻰ( ‪69‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﺎﺯﺍ ‪348‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ )ﺣﺴﲔ ( ‪140‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﺮﺍﻣﻲ )ﺭﺷﻴﺪ( ‪173‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﺮﻳﺸﻨﺎ ‪347-245‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻜﻌﺒﺎﺭ )ﻋﺒﺪ ﺍﺠﻤﻟﻴﺪ( ‪55‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻜﻼﺱ )ﺧﻠﻴﻞ ( ‪147‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﻨﺪﻱ )ﺟﻮﻥ( ‪325-324‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﻮﻣﻮﺟﻮ ‪297‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻛﻴﻮﺍﻥ )ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ( ‪298-143‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻝ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﻻﺑﲑﺍ )ﺟﻴﻮﺭﺟﻴﻮ ( ‪346-345‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻻﻛﺎﺩﺍﺭ ‪122‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻻﻛﻮﺳﺖ )ﺭﻭﺑﲑ( ‪122‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻻﻟﻮﻓﻴﺘﺶ ‪303‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﳊﻮﻝ )ﺣﺴﲔ( ‪113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻟﻜﺤﻞ )ﳏﻤﻮﺩ ( ‪40‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ﻃﻔﻲ )ﻋﻤﺮ( ‪247‬‬
‫ﻟﻴﱪ ‪341‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﻟﻴﻮﰐ )ﺍﳉﻨﺮﺍﻝ( ‪39‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻟﻴﻮﺷﺎﻭﺷﻲ ‪298‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻟﻴﻮﻧﺎﺭ )ﺭﻭﺟﻲ( ‪15‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻡ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺎﰐ ) ﺃﻧﺮﻳﻜﻮ ( ‪345-344‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺎﻛﻤﻴﻠﻴﺎﻥ )ﻫﺎﺭﻭﻟﺪ( ‪332‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺎﻧﺪﻳﺲ )ﻓﺮﺍﻧﺲ( ‪335-320-37-36‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺎﻫﺮ )ﺷﺎﻛﺮ( ‪133‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﺘﻮﻛﻞ )ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ( ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﺠﻤﻟﺎﱄ )ﺗﺮﺍﻉ( ‪171‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﳏﺴﺎﺱ ) ﺃﲪﺪ ( ‪118‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﳏﻤﺪ )ﺍﻟﺜﺎﱐ( ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﳏﻤﺪ )ﺍﳋﺎﻣﺲ( ‪3014-313-100-98-93-90-89-48‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺼﻄﻔﻰ )ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ ( ‪113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺼﺎﱄ) ﺍﳊﺎﺝ( ‪113-13-9-6-5‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﻄﺮ ) ﺃﲪﺪ ﺣﺴﻦ( ‪181‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ )ﺍﳍﺎﺩﻱ( ‪67‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﺸﲑﻗﻲ ) ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ( ‪69‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺰﻏﻨﺔ )ﺃﲪﺪ ( ‪113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﻜﻲ )ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ( ‪113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﶈﺒﻮﰊ )ﺻﺎﱀ ( ‪344‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﻘﺪﻡ ) ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ( ‪84-79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﻴﺘﺮﺍﻥ )ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍ( ‪16‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺎﻭﺗﺴﻲ ﺗﻮﻧﻎ ‪298-286-274‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ )ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ( ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﻣﻬﺮﻱ )ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ( ‪145-143-139-94‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﻬﺮﻱ )ﺍﻟﻄﻴﺐ( ‪79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﺪﱐ ) ﺃﲪﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ( ‪-143-115-112-84-83-64-56-55‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪144‬‬
‫‪198-147‬‬
‫ﻣﺰﻫﻮﺩﻱ )ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ( ‪56‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ﺍﳌﺴﻌﻮﺩﻱ )ﻓﺎﺿﻞ ( ‪54‬‬
‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﺴﻼﰐ )ﺩﻧﻒ( ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳌﺼﺮﺍﰐ )ﻋﻠﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ( ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﻮﺭﰲ ‪321-314-246‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﻮﺭﻳﺲ ‪101-85-21‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﻮﻧﺮﻭ )ﻟﻴﺴﻠﻲ ( ‪246‬‬ ‫‪-‬‬

‫ﻥ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﻧﺎﺟﻼﻥ ‪12‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﻱ )ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻜﻲ( ‪44‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻧﺎﻳﺖ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ )ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻗﺎﺳﻢ ( ‪287‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻬﻧﺮﻭ )ﺟﻮﺍﻫﺮ ﻻﻝ ( ‪281– 278-236-214‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻧﻮﺭﻱ )ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ( ‪129-128-127-125‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫–‬ ‫ﻩ‬ ‫‪-‬‬
‫ﻫﺎﺭﻭﻥ ) ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ –ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ( ‪192‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻫﺎﻣﺮ ﺷﻮﻟﺪ )ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ( ‪267-223-196-173‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻫﻮﺷﻲ ﻣﻨﻪ ‪29-28-26‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻫﻴﻐﻨﲑﺭ ‪253‬‬ ‫‪-‬‬

‫ﻭ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻮﺭﺗﻼﱐ ) ﺍﻟﻔﻀﻴﻞ ( ‪113‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻮﺯﺍﱐ ) ﺍﻟﺘﻮﻫﺎﻣﻲ( ‪44‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻭﻟﺴﻦ ) ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ( ‪5‬‬ ‫‪-‬‬

‫ﻱ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻳﺰﻳﺪ )ﺍﳏﻤﺪ ( ‪319– 305-113-81‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ﻓﻬﺮﺱ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ‬
‫ﺃ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﺇﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ‪286-281-274-245-237-194-76-29-25-12‬‬
‫‪327-320-300-296-293-292-291-289-288-287‬‬
‫ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ)ﺍﻟﺒﺤﺮ( ‪334-329-222-174‬‬
‫ﺃﺛﻴﻨﺎ ‪174‬‬
‫ﺃﺭﻣﻴﻨﻴﺎ ‪222‬‬
‫ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ‪349-348-326-40‬‬
‫ﺁﺳﻴﺎ ‪286-238-222-206-192-122-36-26‬‬
‫ﺃﺳﺘﺮﺍﻟﻴﺎ ‪271‬‬
‫ﺇﺳﻄﻤﺒﻮﻝ ‪227-222‬‬
‫ﺍﻷﺳﻮﺩ )ﺍﻟﺒﺤﺮ( ‪292‬‬
‫ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ )ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ( ‪38‬‬
‫ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ )ﺍﻟﻔﺎﺭﺓ( ‪314-286-122-81‬‬
‫ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ‪251-235-228-215-211-210-209-207-206‬‬
 ‫ﺍﻷﻗﺼﻰ)ﺍﳌﺴﺠﺪ( ‪168‬‬
‫ﺍﻹﻛﻮﺍﺩﻭﺭ ‪245‬‬
‫ﺁﻛﺮﺍ ‪279-180‬‬
‫ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ‪352-340-333-24-7‬‬
‫ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ) ﺍﻟﻼﺗﻨﻴﺔ( ‪263-282-244‬‬
‫ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ )ﺍﳊﻠﻒ( ‪-154-153-142-128-123-116-94-30-25-12‬‬
‫‪-272-254-249-227-186-183-174-165-158-155‬‬
‫‪344-340-334-333-332-331-322-313-274‬‬
‫ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪-125-124-121-72-89-88-76-47-25-19-14-13‬‬
‫‪-173-164-163-158-156-155-153-151-150-128‬‬
‫‪-207-205-198-197-185-184-183-182-181-180‬‬
‫‪249-242-241-230-216-208‬‬
‫ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ‪-201– 200-199-198-197-196-195-194-193-192‬‬
‫‪251-237-235-205-204-203-202‬‬
‫ﺃﻭﺩﻳﺴﺎ ‪292‬‬
‫ﺍﻷﻭﺭﺍﺱ ‪62-61‬‬
‫ﺍﻷﻭﺭﻏﻮﺍﻱ ‪283‬‬
‫ﺇﳚﻠﻲ ‪80‬‬
‫ﺇﻳﺮﺍﻥ ‪251-235-231-230-229-228-222-215-25‬‬
‫ﺇﻳﻔﻴﺎﻥ ‪275-82‬‬
‫ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ‪345-344-343-326-271‬‬
‫ﺏ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺑﺎﻧﺪﻭﻧﻎ ‪-237-236-234-215-202-198-197-196-195-120‬‬
‫‪297-278-257-254-244-243-242‬‬
‫ﺑﺎﺭﻳﺲ ‪328-327-324-315-275-267-262-182-74-48-24-2‬‬
 ‫‪358-337-335-333-332-329‬‬
‫ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ‪-220-219-218-217-216-215-214-213-212-206‬‬
‫‪255-251-235-228-221‬‬
‫ﺑﺮﺍﺯﺍﻓﻴﻞ ‪24‬‬
‫ﺑﺮﻭﻛﺴﻞ ‪75-5‬‬
‫ﺑﺮﻗﺔ ‪61‬‬
‫ﺑﺮﺝ ﺍﻟﱪﺍﺟﻨﺔ ‪178‬‬
‫ﺑﺮﻳﻮﱐ ‪279-278‬‬
‫ﺑﺮﻳﻄﺎﺑﻴﺎ ‪-170-157-154-153-150-138-128-118-63-53-29‬‬
‫‪-286-251-246-245-243-230-215-2113-207 -197‬‬
‫‪333-331-318-313‬‬
‫ﺑﺸﺎﺭ ‪101‬‬
‫ﺑﻐﺪﺍﺩ ‪217-130131-129-128-127-125‬‬
‫ﺑﻜﲔ ‪298-297-296‬‬
‫ﺑﻠﻐﺮﺍﺩ ‪304-302-282-278-211-185‬‬
‫ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ‪5‬‬
‫ﺑﱰﺭﺕ ‪85-82‬‬
‫ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ ‪55‬‬
‫ﺑﻮﺭﻧﻴﻮ ‪192‬‬
‫ﺑﻮﺭﻣﺎ ‪255-251-235‬‬
‫ﺑﻮﻣﺒﺎﻱ ‪200‬‬
‫ﺑﻮﻟﻨﺪﺍ ‪309-245‬‬
‫]‪340 ،,‬‬
‫ﺑﲑ ﺍﻟﺒﺎﻱ ‪190‬‬
‫ﺑﲑﻭﺕ ‪179-178-177-176-173-172‬‬
 ‫ﺕ–‬ ‫‪-‬‬
‫ﺗﺎﻳﻼﻧﺪﺍ ‪245-236‬‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺎ ‪235-227-226-225-223224-222-215-138-125‬‬
‫ﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ ‪308-293‬‬
‫ﺗﻮﻧﺲ ‪-74-73-72-62-50-40-38-37-34-33-32-31-30‬‬
‫‪-96-95-94-92-89-86-85-84-83-82-81-80-79-78‬‬
‫‪236-234-230-224-176-146-134-130-124-106-105- 97‬‬
‫‪310-307-306-293-292-290-273-263-259 -239-237‬‬
‫ﺗﻴﻄﻮﺍﻥ ‪341-92‬‬
‫ﺝ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺟﺎﻛﺎﺭﺗﺎ ‪198-197‬‬
‫ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪171-150-130-127-31-13‬‬
‫ﺟﺎﻭﺍ )ﺟﺰﻳﺮﺓ( ‪193-192‬‬
‫ﺟﺮﺟﺮﺓ ‪20‬‬
‫ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ‪-18-17-16-15-14-13-12-11-10-9-8-7-6-4-3-2‬‬
‫‪-58-56-53-48-42-40-39-36-31-30-24-23-22-20-19‬‬
‫‪-82-81-78-77-76-72-70-69-67-66-65-63-62-61-60‬‬
‫‪-102-100-98-96-95-94-92-91-88-87-86-85-84-83‬‬
‫‪-120-118-117-115-113-112-111-109-107-106-105‬‬
‫‪-134-133-132-131-129-128-126-125-123-122-121‬‬
‫‪-152-151-150-149-147-146-145-141-139-138-137‬‬
‫‪-190-187-184-183-180-164-163-160- 159-158-156‬‬
‫‪-237-236-230-227-215-208-205-204-200-198-197‬‬
‫‪-272-270-269-264-259-258-257-256-255-252-240‬‬
‫‪-297-295-293-292-291-290-289-288-287-277-273‬‬
‫‪-317319-316-315-310-308-307-306-304-303-298‬‬
‫‪337-336-335-333-332-331-329-328-321‬‬
‫ﺟﺰﺭ ﺍﳌﻠﻮﻙ ‪192‬‬
‫ﺍﳉﻨﻮﺏ )ﺍﻟﻮﻫﺮﺍﱐ( ‪20‬‬
‫ﺟﻨﻴﻒ ‪269-30‬‬
‫ﺟﻮﺭﺟﻴﺎ ‪222‬‬
‫ﺡ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳊﺒﺸﺔ )ﺃﺛﻴﻮﺑﻴﺎ( ‪245-236‬‬
‫ﺣﻠﻖ ﺍﻟﻮﺍﺩﻯ ‪310‬‬
‫ﺍﳊﻀﻨﺔ ‪19‬‬
‫ﺥ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ ‪181‬‬
‫ﺩ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ )ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ( ‪46‬‬
‫ﺍﻟﺪﺍﳕﺎﺭﻙ ‪358‬‬
‫ﺩﻣﺸﻖ ‪147-145-144-143-142-140-139-127‬‬
‫ﺩﻳﺎﻥ ﺑﻴﺎﻥ ﻓﻮ ‪310-30-26‬‬
‫ﺭ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺮﺍﻳﺲ )ﲪﻴﺪﻭ( ‪109‬‬
‫ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ‪97-47‬‬
‫ﺭﻭﻣﺎ ‪346-344-113‬‬
‫ﺍﻟﺮﻳﻒ )ﺍﳌﻐﺮﰊ( ‪41-40-38‬‬
‫ﺯ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺯﻭﺭﻳﺦ ‪353‬‬
‫ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻧﺔ )ﺟﺎﻣﻊ( ‪72‬‬
 ‫ﺯﻳﻼﻧﺪﺍ )ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ( ‪246-245‬‬
‫ﺱ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺳﺎﻥ ﺑﻴﺘﺮﺳﺒﻮﺭﻍ ‪206‬‬
‫ﺳﺎﻛﺲ ﺑﻴﻜﻮ )ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ( ‪286‬‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ )ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ( ‪-155-154-153-152-151-150-149-127‬‬
‫‪-235-165-164-163-162-161-160-159-158-157-156‬‬
‫‪316-274-272-266-261-255-251-242‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻡ ‪67‬‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺪ ‪213-212‬ﺳﻮﺭﻳﺎ ‪-141-140– 139-138-137-127-109-95‬‬
‫‪255-251– 248-242-253-147-145-144-143-142‬‬
‫ﺳﻮﺳﺔ ‪75‬‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ‪236-182-181-180‬‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻳﺪ ‪355‬‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ )ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ( ‪295-251‬‬
‫ﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ‪352-109‬‬
‫ﺳﻮﻣﺎﻃﺮﺍ ‪193-192‬‬
‫ﺳﻴﺘﻞ ‪321‬‬
‫ﺳﻴﺪﻱ ﻳﻮﺳﻒ )ﺍﻟﺴﺎﻗﻴﺔ –ﻣﺪﻳﻨﺔ( ‪318-263-86-85-78‬‬
‫ﺳﲑﻳﻼﻧﻜﺎ‪255‬‬
‫ﺳﻴﻼﻥ ‪251-235‬‬
‫ﺵ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻡ ‪137‬‬
‫ﺷﺘﻮﺭﺓ ‪177-175‬‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ‪318-314-290‬‬
‫ﴰﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ‪90‬‬
 ‫ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺴﻨﻄﻴﲏ ‪315-18‬‬
‫ﺹ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ‪21‬‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻡ ‪210-97-59-52-19‬‬
‫ﺻﻮﺭ ‪178‬‬
‫ﺍﻟﺼﲔ ‪298-296-295-294-286-274-245-236‬‬

‫ﻁ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻃﱪﻕ ‪52‬‬
‫ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ )ﻟﻴﺒﻴﺎ( ‪-70-69-68-67-65-64-62-61-60-59-58-52‬‬
‫‪134-117‬‬
‫ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ )ﻟﺒﻨﺎﻥ( ‪179-178‬‬
‫ﻃﻨﺠﺔ ‪199-97-96-95-94-64-79-55-46‬‬
‫ﻉ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ‪-131-130-129-128-127-125-124-123-121-120‬‬
‫‪-235-230-228-222-182-176-147-145-134-33>1-132‬‬
‫‪249-247‬‬
‫ﻋﻤﺎﻥ ‪169-166‬‬
‫ﻍ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻏﻮﻝ )ﻣﺪﻳﻨﺔ( ‪357‬‬
‫ﻑ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻓﺎﺭﺱ )ﺑﻼﺩ( ‪228‬‬
‫ﻓﺎﺱ ‪100‬‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ‪-27-24-23-22-20-18-13-12-11-10-9-8-7-6-4-2‬‬
‫‪-46-45-43-40-39-38-36-35-34-33-32-31-30-29-28‬‬
‫‪-78-76-74-69-68-63-61-60-58-56-53-52-50-48-47‬‬
‫‪-113-112-111-102-101-96-92-91-90-89-88-85-82‬‬
‫‪-127-126-125-123-122-121-120-118-117-115-114‬‬
‫‪-157-156-155-153-152-150-141-138-131-129-128‬‬
‫‪-215-207-197-185-184-183-178-170-165-164-158‬‬
‫‪-264-263-262-260-259-258-257-255-254-252‬‬
‫‪-289-288-287-286-283-277-275-273-272-270271‬‬
‫‪-329-326-322-321-320-319-317-316-315-313-292‬‬
‫‪341-337-336-335-333-332-331‬‬
‫ﻓﺰﺍﻥ )ﻭﺍﺣﺔ( ‪68‬‬
‫ﻓﻠﺴﻄﲔ ‪178-176‬‬
‫ﺍﻟﻔﻠﺒﲔ ‪255-251-236‬‬
‫ﻓﻠﻮﺭﻧﺴﺎ ‪346‬‬
‫ﻓﻨﻠﻨﺪﺍ ‪359-358‬‬
‫ﺍﻟﻔﻴﺘﻨﺎﻡ ‪310-286-236-30‬‬
‫ﻕ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ‪320-314-313-122-99-25‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪-106-105-97-80-67-63-62-61-58-55-34-32-31‬‬
‫‪-182-146-143-130-118-114-113-112-110-109-107‬‬
‫‪310-255-230-217-207-184‬‬
‫ﻗﺰﻭﻳﻦ )ﲝﺮ( ‪228‬‬
‫ﺍﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ‪222‬‬
‫ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ‪171-21-20‬‬
 ‫ﻗﻄﺮ ‪187-186‬‬
‫ﻗﻨﺪﻫﺎﺭ ‪206‬‬
‫ﻙ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻑ ‪62‬‬
‫ﻛﺎﻣﺒﻮﺩﻳﺎ ‪236-28‬‬
‫ﻛﻮﺑﺎ ‪245‬‬
‫ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ‪245‬‬
‫ﻛﻮﺭﻳﺎ )ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ( ‪286‬‬
‫ﻝ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻼﻭﺱ ‪236-28‬‬
‫ﻟﺒﻨﺎﻥ ‪255-251-242-235-176-175-174-173-172-127‬‬
‫ﻟﻨﺪﻥ ‪337– 336-333-332– 13‬‬
‫ﻟﻮﻛﺴﻤﺒﻮﺭﻍ ‪245‬‬
‫ﻟﻴﺒﲑﻳﺎ ‪236‬‬
‫ﻟﻴﺒﻴﺎ ‪-70-67-65-63-61-60-59-58-56-55-4-53-53-52-50‬‬
‫‪325-255-251-242-235-132-117-83‬‬
‫ﻡ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻣﺎﻧﺮﻭﻓﻴﺎ ‪280‬‬
‫ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ‪201‬‬
‫ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ‪313-24-14‬‬
‫ﺍﺠﻤﻟﺮ ‪122-76‬‬
‫ﺍﶈﻴﻂ ﺍﳍﻨﺪﻱ ‪228‬‬
‫ﻣﺪﺭﻳﺪ ‪349-348‬‬
‫ﻣﺪﻏﺸﻘﺮ ‪48‬‬
‫ﻣﺮﺍﻛﺶ ‪273-124-114-92-46‬‬
 ‫ﻣﺮﺳﻴﻠﻴﺎ ‪39‬‬
‫ﺍﳌﻜﺴﻴﻚ ‪283-245‬‬
‫ﻣﺼﺮ ‪-112-111-110-109-107-95-83-6667-62-56-39‬‬
‫‪-169-154-138-129-127-123-118-117-115-114-113‬‬
‫‪295-247-242-235-182-176‬‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ‪-76-74-55-54-50-46-42-41-33-31-30-23-13‬‬
‫‪-289-126-120-112-110-107-106-105-96-94-92-90-81‬‬
‫‪325-318-314‬‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻷﻗﺼﻰ ‪-53-50-48-45-44-43-42-41-40-39-38-30‬‬
‫‪-102-98-97-95-94-92-91-90-89-88-80-79-78-75-74‬‬
‫‪-259-239-237-236-234-230-224-176-140-106-105‬‬
‫‪336-335-329-325-323-316-314-292-262‬‬
‫ﺍﳌﻬﺪﻳﺔ ‪84-79‬‬
‫ﻣﻨﻮﻧﺎﺕ )ﻣﺪﻳﻨﺔ( ‪101‬‬
‫ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ‪251-235-170-168-167-166‬‬
‫ﻣﻮﺳﻜﻮ ‪293-291-290-288-287‬‬
‫ﻣﻮﻻﻥ ‪204‬‬
‫ﻣﻴﻼﻧﻮ ‪346‬‬
‫ﻥ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻧﺎﻟﻮﺕ ‪65‬‬
‫ﺍﻟﻨﺮﻭﻳﺞ ‪357-245‬‬
‫ﻧﻴﻮ ﺩﳍﻲ ‪210‬‬
‫ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ‪276-274-251-149‬‬
‫ﺍﻟﻨﻴﺒﺎﻝ ‪236‬‬
 ‫ﻩ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻫﺎﻳﱵ ‪246-245‬‬
‫ﺍﳍﻨﺪ ‪235-214-212‬‬
‫ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ‪335-329-328-327-36-29-28-27-26‬‬
‫ﻭ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﻭﺍﺭﺳﻮ )ﻓﺮﺻﻮﻓﻴﺎ( ‪25-12‬‬
‫ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ‪329-328-326-325-324-323-322-321-320-174‬‬
‫ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ‪125-43-13‬‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‪-153-151-150-138-128-63-29-25-12‬‬
‫‪-243-237-224-215-207-194-184-174-170-158-157‬‬
‫‪-319-318-317-316-315-314-313-251-249-246-245‬‬
‫‪-333-331-329-328-327-326-325-324-322-321-320‬‬
‫‪344-340‬‬
‫ﻱ ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ‪236-27-26‬‬
‫ﺍﻟﻴﻤﻦ ‪255-251-242-185-184-183-182‬‬
‫ﻳﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ‪307-306-305-303-302-301-300-278-205‬‬
‫ﺍﻟﻔﻬﺮﺱ ﺍﻟﻌﺎﻡ‬
 ‫ﺍﶈﺘﻮﻯ ‪.......................................................:‬ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬
‫ﻛﻠﻤﺔ ﺷﻜﺮ‪.....................................................:‬‬
‫ﺍﻹﻫﺪﺍﺀ‪.........................................................:‬‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ ‪..........................................................:‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ‪ :‬ﻇﺮﻭﻑ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -1‬ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪2.......................................‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ‪22 .....................................‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ‪50...........‬‬

‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻠﻴﱯ ‪-:‬‬
‫‪ -1 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪52................................‬‬
‫‪ -1 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪61................................‬‬
‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ‪-:‬‬
‫‪ -2 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪72 ..................................‬‬
‫‪ -2 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪83...................................‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﻐﺮﰊ‪-:‬‬
‫‪ -3 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪88................................‬‬
‫‪ -3 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪99................................‬‬
 ‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬
‫‪ -1‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺼﺮﻱ‪-:‬‬
‫‪ -1 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪105.............................‬‬
‫‪ -1 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪116..............................‬‬

‫‪ -2‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ‪-:‬‬

‫‪ -2 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪120.............................‬‬
‫‪ -2 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪132..............................‬‬
‫‪ -3‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ‪-:‬‬
‫‪ -3 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪137...............................‬‬
‫‪ -3 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪142................................‬‬
‫‪ -4‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ‪-:‬‬
‫‪ -4 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪149................................‬‬
‫‪ -4 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪165.................................‬‬
‫‪ -5‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍ ﻷﺭﺩﱐ ‪-:‬‬
‫‪ -5 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪166..............................‬‬
‫‪ -5 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪169..............................‬‬
‫‪ -6‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ‪-:‬‬
‫‪ -6 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ‪172..................‬‬
‫‪ -7‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ ‪-:‬‬
‫‪ -7 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪180.....................‬‬
‫‪ -8‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻴﻤﲏ ‪-:‬‬
‫‪ -8 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪183.............................‬‬
‫‪ -9‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ ‪-:‬‬
‫‪ -9 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ‪186......................‬‬
‫‪ -10‬ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﻮﻳﱵ ‪-:‬‬
‫‪ -10 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ‪188 ..........................‬‬
‫‪ -10 -2‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ‪190...........................‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ‪ :‬ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‬

‫‪ -1‬ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ‪-:‬‬
‫‪ -1 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ‪192.....................‬‬
‫‪ -2‬ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ‪-:‬‬
‫‪ -2 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ‪206.........................‬‬
‫‪ -3‬ﻣﻮﻗﻒ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ‪-:‬‬
‫‪ -3 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ‪212.......................‬‬
‫‪ -4‬ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺮﻛﻴﺎ ‪-:‬‬
‫‪ -4 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ‪222..........................‬‬
‫‪ -5‬ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻳﺮﺍﻥ ‪-:‬‬
‫‪ -5 -1‬ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﳌﺎﺩﻱ ‪228........................‬‬

‫ﺍﳋﺎﲤﺔ ‪................................................................... :‬‬

‫ﺍﳌﻼﺣﻖ‪................................................................... :‬‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺒﻠﻴﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺎ ‪...............................................................‬‬
‫ﻓﻬﺎﺭﺱ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﻭﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ‪.....................................................‬‬
‫ﺍﻟﻔﻬﺮﺱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ‪.................................................................‬‬