Professional Documents
Culture Documents
الاستخلاف و حركة التاريخ
الاستخلاف و حركة التاريخ
الاستخلاف و حركة التاريخ
:االستخالفǀ-
:مفهوم اإلستخالف 1/
عوض*
لغة :اإلستخالف هو اسم مشتق من فعل "خلف" أي ناب و ّ
اصطالحا :هو نيابة اإلنسان للهتعالى في األرض وهي تعني آدم عليه السالم و كل بنيه بال استثناء*
الكافر...البر و الفاجر
ّ .المؤمن و
اإلنسان مكلّ ف في هذه الحياة بتنفيذ ارادة هللا تعالى بتعمير األرض و في هذا
مدعو الى انشاء العلوم المتعلّقة بنفسه والعلوم المتعلّقة بالكون المحيط به
ّ هو
صدد ّ
.ال ّ
.تنمية القاموس اللغوي و المعرفي حيث أنّ هللا علّم آدم اسم كل طير و كل دا ّبة و كل شيء في الكون-
من ناحية اخرى تعتبر الملكة العقل ّية لإلنسان المدعومة بقابل ّيته للرقي العلمي و المعرفي عامل -
اضافة و اختراع مارسه اإلنسان الكتشاف األشياء أو صنعها ث ّم وضع أسماء لها...أل ّنه باللغة يقع نقل
تطوره
.العلوم فيكون ذلك رافدا (عامال) من روافد ّ
_ǀǀحركة التاريخ
غاية مسيرة اإلستخالف(:النشاط 1/ )2
يا أ ّيها اإلنسان إ ّنك كادح إلى ر ّبك كدحا فمالقيه" (االنشقاق" )6/
الحيو ّية الحضار ّية :هي الحالة التي تم ّيز حضارة ما كونها منتجة و مبدعة+
تتجسد الحيوية الحضارية من خالل (العلم/القدرة /القوة)...ألنّ األمم األكثر تقدّ ما في مضمار الفعل-
ّ
للقو ة والقدرة و العلم وهي التي تسير في نسق سريع في مجال التطور ّ امتالكا األكثر هي الحضاري
.الحضاري مثل الدول الغرب ّية
ا ختار هللا سبحانه وتعالى اإلنسان ليقوم بمهمة االستخالف في األرض انطالقا من قوله تعالى{ َوإِ ْذ َقالَ
َ .ر ُّب َك لِ ْل َمالئِ َك ِة إِ ِّني َجاعِ ل ٌ فِي األَ ْر ِ
ض َخلِي َف ًة}( البقرة ـ)30
فقد كلف هللا سبحانه وتعالى اإلنسان بهذه المهمة العظيمة للقيام بدوره في األرض وهيأ له سبل القيام
ش َقلِيال َما {ولَ َقدْ َم َّك َّنا ُك ْم فِي األَ ْر ِ
ض َو َج َع ْل َنا َل ُك ْم فِي َها َم َع ِ
اي َ بهذه المهمة ومكن له في األرض بقوله تعالىَ
ش ُك ُرونَ }( األعراف ـ )10
َ .ت ْ
وهذا االستخالف يقتضي قيام اإلنسان بدوره كما أمره هللا سبحانه وتعالى من خالل تنمية مكونات اإلنسان
اإليمانية والنفسية والعملية
.الحر ّيـــــة :وهي حالة مالزمة للوجود اإلنساني و شرط أساسي لكل انجاز في الكون *
وهي قيمة من قيم الخالفة تميز بها اإلنسان على سائر المخلوقات فلو انعدمت الحرية ينعدم معها التكليف-
...و الخالفة
ـ التسخير إن االستخالف يقتضي التسخير ،وقد يسر له هللا سبحانه وتعالى ذلك بتسخير عاملة المخلوقات
ضت َو َما فِي األَ ْر ِ س َّخ َر َل ُك ْم َما فِي َّ
الس َم َوا ِ والكائنات في األرض لإلنسان ،قال تعالى {أَلَ ْم َت َر ْوا أَنَّ هَّللا َ َ
ِير }
ب ُمن ٍ اس َمنْ ُي َجا ِدل ُ فِي هَّللا ِ ِب َغ ْي ِر عِ ْل ٍم َوال ُهدًى َوال ِك َتا ٍ َوأَ ْس َب َغ َعلَ ْي ُك ْم ن َِع َم ُه َظاه َِر ًة َو َباطِ َن ًة َومِنَ ال َّن ِ
(.لقمان )20
إن هذا التسخير يقتض من اإلنسان حسن التعامل مع المسخرات ،بحيث يحسن استخدامها فيما يرضي هللا
،عز وجل ،وفقا لألحكام التي شرعها في التعامل مع المخلوقات والكائنات والطبيعة
إن التسخير يقتضي إعداد اإلنسان إعداداً جيداً بتنمية مهاراته وقدراته وتصوراته للتعامل مع ما سخر هللا
.له حتى يستطيع أن يقوم بذلك على الوجه الذي أمر سبحانه وتعالى به
ـ المعرفة حتى يقوم اإلنسان برسالته التي كلفه هللا سبحانه وتعالى بها البد له من العلم والمعرفة ،قال
.تعالى{ :قُلْ َهلْ َي ْس َت ِوي الَّذِينَ َي ْعلَ ُمونَ َوالَّذِينَ ال َي ْعلَ ُمونَ إِ َّن َما َي َت َذ َّك ُر أُولُو األَ ْل َبابِ}( الزمر ـ )9
وإذا أرادـ المسلم أن يقوم برسالته في الحياة فالبد له من علم ومعرفة مستمرة ودائمة يتابع خاللها ما
،استجد من العلوم والمعارف والحاجات ،وذلك ال يأتي إال من خالل تنمية مهاراته وقدراته
ـ التخطيط إن تنمية مسيرة اإلنسان الخليفة تقوم على التخطيط وحسن التدبير ،وذلك يقتضي دراسةـ الواقع
الذي يعيشه الفرد والمجتمعات وتحليله بايجابياته وسلبياته ،ووضع الحلول لمعالجة المشكالت ودراسة
التوقعات المستقبلية بالمقاييس العلمية واقتراح الرؤى لذلك واإلعداد الجيد للبرامج والخطط المستقبلية،
وقد علمنا القرآن الكريم أهمية التخطيط في قصة يوسف عليه السالم ،بقوله تعالى { َقالَ َت ْز َر ُعونَ َ
س ْب َع
س ْن ُبلِ ِه إِال َقلِيال ِم َّما َتأْ ُكلُونَ ( } يوسف ـ )47
صدْ ُت ْم َف َذ ُروهُ فِي ُ
.سِ نِينَ دَ أ ًبا َف َما َح َ
ـ المسؤولية تشكل المسؤولية إحدى األسس التي يقوم عليها اإلستخالف ،وإذا كانت مسؤولية الفرد تتطلب
منه أن يطور مهاراته ويجدد علمه ...فعلى المستوى الفردي تؤكد اآليات الكريمة أهمية المسؤولية
س َعى}( النجم ـ )39
ان إِال َما َ
س ِ {وأَن لَّ ْي َ
س ل ِِإل ْن َ .الفردية فقد قال تعالىَ
أما على المستوى اإلجتماعي ،فقد أخبر النبي (صلى هللا عليه وسلم) عن ذلك في الحديث الذي يرويه ابن
عمر رضي هللا عنه حيث قال :سمعت رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) يقول« :أال كلكم راع وكلكم
مسؤول عن رعيته ،فاألمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته ،والرجل راع على أهل بيته
وهو مسؤول عنهم ،والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم والعبد راع على مال سيده
..وهو مسؤول عنه ،أال فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (رواه مسلم)
ـ العمل هو المحور الذي تدور عليه عمليةاإلستخالف ،إذ أن اإلنسان الذي يؤدي العمل يحتاج إلى كفاءة
هَّللا
س َي َرى ُ اع َملُوا َف َ
مهنية وعقلية تربوية تؤهله للقيام بدوره في المهام والوظائف العملية ،قال تعالى { َوقُ ِل ْ
ش َهادَ ِة َف ُي َن ِّب ُئ ُكم بِ َما ُك ْن ُت ْم َت ْع َملُونَ }( التوبة )205 س ُت َردُّونَ إِلَى َعال ِِم ا ْل َغ ْي ِ
ب َوال َّ سولُ ُه َوا ْل ُم ْؤ ِم ُنونَ َو َ
َ .ع َملَ ُك ْم َو َر ُ
وعن عائشة رضي هللا عنها أن النبي (صلى هللا عليه وسلم) قال« :إن هللا تعالى يحب إذا عمل أحدكم،
..عمالً أن يتقنه»( رواه البيهقي)
ـ التغيير فوظيفة اإلستخالف تسعى لتغيير إمكانات اإلنسان ومهاراته نحو األفضل فهي تهيئ له فرصة
.التدريب والتوجيه والسعي نحو اكتساب كل جديد في حياته ،ما أمكنه ذلك
والتغيير سنة الحياة ،لكن التغيير المقصود هو الذي يعود بالنفع والصالح على اإلنسان ،فليس التغيير
مطلوبا لذاته ،وإنما هو مطلوب لغاية إيجابية يعمل من أجلها ،ولذلك جعل هللا سبحانه وتعالى إرادة
التغيير وهو القادر على كل شيء بإرادة اإلنسان ذاته ،فقال تعالى{ إِنَّ هَّللا َ ال ُي َغ ِّي ُر َما ب َق ْو ٍم َح َّتى ُي َغ ِّي ُروا َما
ال( } الرعد ـ )11 ِ .بأ َ ْنفُسِ ِه ْم َوإِ َذا أَ َرادَ هَّللا ُ ِب َق ْو ٍم ُ
سو ًءا َفال َم َردَّ َل ُه َو َما َل ُه ْم منْ دُونِ ِه مِنْ َو ٍ
{ذلِ َك بِأَنَّ هَّللا َ َل ْم َي ُك ُم َغ ِّي ًرا ن ِْع َم ًة أَ ْن َع َم َها َعلَى َق ْو ٍم َح َّتى ُي َغ ِّي ُروا َما ِبأ َ ْنفُسِ ِه ْم َوأَنَّ هَّللا َ َ
سمِي ٌع َعلِي ٌم} وقال تعالىَ
(.األنفال ـ )53
ـ األمانة إذ عليها المعول في ضبط أي سلوك إنساني ،وليست األمانة حفظ الحقوق واألموال فقط ،بل
،األمانة في كل شيء
ـ اإلصالح إن مهمة تنمية اإلستخالف تقوم على إصالح الفرد بحيث يكون عنصراً فاعالً عامالً لخدمة دينه
ومجتمعه والبشرية جمعاء ،ولذلك كانت رساالت األنبياء جميعا تقوم على اإلصالح انطالقا من قوله تعالى{
اس َت َط ْعتُ َو َما َت ْوفِيقِي إِال ِباهَّلل ِ َعلَ ْي ِه َت َو َّك ْلتُ َوإِلَ ْي ِه أُن ُ
ِيب}( هود ـ الح َما ْ
ص َ إِنْ أ ُ ِري ُد إِال اإلِ ْ
لتح ّمل أمانة اإلستخالف البد على اإلنسان أن تتو ّفر فيه جملة من القيم التي تساعده في ذلك-