‫‪ :‬الحراك االجتماعي و المهني في الجزائر‬

‫االستاذ ‪ :‬قدوسي محمد‬

‫محاضرة ماستير‪2‬‬

‫علم اجتماع تنظيم و عمل‬

‫‪ :‬المحاضرة االولى‬

‫كان دائما سؤال المفكرين و الدارسين للمجتمعات ‪ :‬هل االفراد و الفئات و الطبقات ‪ ،‬تبقى في وضعيتها‬
‫‪ .‬كما هي ‪ ،‬ام انها تصعد او تنزل في السلم االجتماعي ؟‬

‫ومن ثمة الحظوا ثم استنتجوا بعد العديد من الدراسات‪ ،‬على ان المجتمع ليس مادة جامدة فهو يتطور ‪.‬‬
‫فالفيئات االجتماعية و االفراد و الطبقات ال تبقى بالضرورة في وضعيتها كما هي ‪ .‬فيمكن لها و نتيجة‬
‫‪ .‬لعدة اسباب ان تصعد او تهبط في السلم االجتماعي‬

‫‪ :‬و من هنا و قبل التطرق الى الحراك االجتماعي و المهني في الجزائر‪ ،‬يجب في نظرنا االشارة الى‬

‫‪ -‬تعريف الحراك ‪-‬‬

‫‪ -‬العوامل المساعدة على الحراك ‪-‬‬
‫‪ -‬انواع الحرا ‪-‬‬
‫نظريات الحراك‪- -‬‬

‫تعريف الحراك االجتماعي ‪ :‬الحراك هو حركة ذات داللة على المكانة االقتصادية و االجتماعية و‬
‫‪ .‬السياسية للفرد او للتدرج االجتماعي‬

‫"‪ .‬و يعرفه عالم االجتماع الروسي سوروكين " هو انتقال االفراد و الطبقات داخل المجال االجتماعي‬

‫و هو هنا يفرق بين الحراك االفقي و الحراك العمودي ‪ .‬حيث يعتبر االول انتقال فردا او جماعة من‬
‫وضع اجتماعي الى وضع اخر بمستوى مماثل‪ .‬اما الحراك العمودي ‪ ،‬فهو انتقال االفراد و الجماعات‬
‫من طبقة الى اخرى ‪ .‬و هذا التحرك قد يكون صاعدا عندما ينتقل الفرد من جماعة ادنى الى جماعة‬
‫اعلى ‪ ،‬او عندما تحسن جماعة مستوى معيشتها او مكانها في التدرج السياسي او المهني ‪ .‬او عندما‬
‫‪ .‬تصعد جماعة بأكملها درجة في السلم االجتماعي‬

‫‪.‬و يكون التحرك او الحراك نازال ‪،‬عندما يهبط الفرد من وضع اعلى الى وضع اجتماعي ادنى‬
 ‫‪.‬‬

‫انواع الحراك‬

‫حراك عمودي‬ ‫حراك‬

‫‪:‬افقي‬

‫‪.‬انتقال االفراد و الجماعات من طبقة الى اخرى‬ ‫انتقال فرد او جماعة من وضع اجتماعي الى‬
‫وهذا قد يكون – صاعدا ‪:‬انتقال من جماعة ادنى‬ ‫وضع اخر بمستوى مماثل‬
‫الى جماعة اعلى ‪ .‬او تحسن في المستوى المعيشي‬
‫للطبقة ‪ ،‬او في مكانتها في التدرج المهني و‬
‫‪ .‬السياسي‬
‫نازال ‪ :‬عندما يهبط الفرد او الجماعة من وضع‪-‬‬
‫‪ .‬اعلى الى وضع اجتماعي ادنى‬

‫وقد تعددت تعريف ات الح راك االجتم اعي‪ ،‬لكنه ا خلص ت في مجمله ا إلى أن ه حرك ة األف راد بين‬
‫الطبق ات والجماع ات المهني ة المختلف ة والف رص المتاح ة أم امهم لل دخول في ه ذه الحرك ة‪ .‬ف الحراك‬
‫االجتماعي ليس مج رد حرك ة للف رد أو الجماع ة‪ ،‬ولكن ه يتض من أيض ا الف رص المتاح ة أم ام الف رد أو‬
‫الجماعة إلمكانية تحركه‪ ،‬إذن فظاهرة الحراك االجتماعي ت تيح للف رد حري ة الحرك ة ع بر ه رم الت درج‬
‫االجتماعي ‪ .‬و هذا بناء على ما يتوافر للفرد ‪:‬‬
‫‪-‬من قدرات‬
‫‪-‬وخبرات‬
‫‪-‬وفقا لما يبذله من جهد بغض النظر عن مكانته االجتماعية الموروثة‪.‬‬
‫]‬
‫والحراك االجتماعي عبارة عن إيجاد بيئة محفزة للعم ل ت تيح للم واطن تنمي ة قدرات ه واس تعداداته‬
‫وتكون فيه الفرص على أساس القدرات والمواهب والجهد الذاتي للحصول على مكانة وظيفية واجتماعية‬
‫راقية داخل المجتمع‪ ،‬ومن ثم يصبح المجتمع مجاال خصبا لتنافس أعضائه‪.‬‬
‫ويرى أ‪ .‬جيدنز (عالم اجتماع انجليزي ) ‪ ،‬أن دراسة ال تراتب االجتم اعي ال تقتص ر على دراس ة‬
‫المواقع االقتصادية أو المهنية التي يشغلها األف راد‪ ،‬ب ل تتط رق أيض ا إلى م ا يكمن أن يح دث في س ياق‬
‫البنية االجتماعية‪ ،‬ويشير مصطلح الحراك االجتماعي إلى تحرك األفراد والجماعات بين مواقع اقتصادية‬
‫واجتماعية مختلف ة‪ ،‬ف الحراك العم ودي يع ني حرك ة األف راد ص عودا أو هبوط ا على الس لم االقتص ادي‬
‫االجتماعي فيوصف من يحصلون مكاسب في مجال التملك أو الدخل أو المكانة بأنهم يحققون حراك ا إلى‬
‫أعلى‪ ،‬بينما تنحدر مواقع من يفقدون هذه المكاسب في االتجاه المعاكس إلى أسفل ‪.‬‬
‫كما‪  ‬يرى جيدنز ‪،‬انتشار في المجتمعات الحديثة ظاهرة الحراك الجانبي الذي يشير إلى التحرك‬
‫الجغرافي بين األحياء والمدن واألقاليم‪ ،‬وقد يلتقي الحراكان العمودي والجانبي مثال عندما ينقل الش خص‬
‫من المؤسسة التي يعمل بها إلى أحد فروعها في مدين ة أو بل د آخ ر م ع ترقيت ه إلى منص ب أعلى‪ ،‬وهن ا‬
‫طريقتان للدراسة الحراك االجتم اعي هم ا‪ :‬دراس ة الح راك الجيلي ال ذي يش ير إلى م ا يحقق ه الف رد من‬
‫تحرك صعودا أو هبوطا على السلم االجتماعي في حياته‪ ،‬ودراس ة الح راك بين األجي ال ال ذي ي دل على‬
‫مثل هذا الصعود أو الهبوط بين االبن وأبيه على سبيل المثال‪].‬‬
‫ويعتبر الحراك االجتماعي مثاليا متى تجاوز المجتمع نظرته التقليدية المحدودة التي‬
‫تقدر الفدر وفقا لمكانته االجتماعية الموروثة‪ ،‬وتتجه إلى تقدير الف رد وفق ا لمكانت ه المكتس بة من جه وده‬
‫المبذولة لتنمية قدراته وتطوير مهاراته وت راكم خبرات ه‪ ،‬وبن اء على ذل ك ي رتقي الف رد في ه رم الت درج‬
‫االجتماعي‪ ،‬لذلك تظهر جليا أهمية ظاهرة الحراك االجتماعي في أنها الوسيلة الفعالة واآلمنة ال تي من‬
‫خاللها يحقق الفرد ذاته وطموحاته ‪.‬‬

‫بينما ي رى آخ رون أن الح راك االجتم اعي عب ارة عن ن وع من التغ ير االجتم اعي ال ذي يص يب‬
‫األف راد في وض عهم االجتم اعي‪ ،‬ويك ون ه ذا التغ ير إلى أعلى أو أس فل‪ ،‬وه و ن وع من االنقالب في‬
‫الطبقات االجتماعية والسلم االجتماعي وقد تمت صياغة مفهوم الحراك االجتماعي في إطار حركة الفك ر‬
‫الغربي الوظيفي‪ ،‬من خالل الثلث األول من القرن العش رين‪ ،‬على ي د الع الم الش هير "س وروكين"‪ .‬حيث‬
‫يرى أن الحراك االجتماعي هو تحول يصيب فرداً أو موضوعا ً اجتماعيا ً أو قيمة‪ .‬وبعبارة أعم أي ش يء‬
‫أوجده أو شكله نشاط اإلنسان من وضع اجتماعي إلى وضع اجتماعي آخر‪.‬‬
‫ويقصد "شبرد" ب الحراك االجتم اعي انتق ال بعض األف راد أو الجماع ات من طبق ة اجتماعي ة إلى‬
‫أخرى‪ ،‬أو انتقالهم داخل الطبقة االجتماعية نفسها إلى شرائح مختلف ة‪ .‬وك ذلك انتق ال معظم أف راد الطبق ة‬
‫إلى وضع اجتماعي انتاجي آخر سواء كان ذلك صعوداً أو هبوطا ً في التركيب الطبقي للمجتمع‪.‬‬
‫بينما يعرف "هورتون" الحراك االجتماعي بأنه عملية الحركة من وضع اجتماعي إلى آخ ر داخ ل‬
‫البناء االجتماعي‪ ،‬بمعنى تغير الوضع في البناء الطبقي‪ .‬وقد تكون الحركة في مكانة الفرد أو الجماعة أو‬
‫الفئة االجتماعية ككل‪ .‬ومن ثم ف إن الح راك م ا ه و إال عملي ة اجتماعي ة تش ير إلى الحرك ة داخ ل البن اء‬
‫االجتماعي ‪].‬‬

‫‪ :‬و مما سبق يمكن استنتاج اهم شروط وجود حراك اجتماعي ‪.‬فهذا االخير يستلزم وجود او توفر‬

‫‪ .‬بيئة مناسبة ‪-‬‬

‫‪ .‬مجتمع مهيكل مفتوح ‪ ،‬و ليس تجمع بشري مغلوق او شبه مغلوق ‪-‬‬

‫‪ .‬تفاعل المجتمعات ‪-‬‬

‫‪ .‬حرية االفراد و الجماعات في التحرك ‪-‬‬

‫اخذ في عين االعتبار قدرات و مؤهالت و مجهودات االفراد و الجماعات في عملية االرتقاء ‪ .‬و ليس ‪-‬‬
‫‪ .‬مكانتهم االجتماعية‬

‫تجاوز النظرة التقليدية للمجتمع ( االعراف ‪ ،‬التقاليد ‪ ،‬الموروث‪ ، )...‬و التي تقدر الفرد على ضوء ‪-‬‬
‫مكانته الموروثة ‪ .‬و االنتقال الى تقدير الفرد و الجماعات على ضوء مكانتهم المكتسبة ‪ .‬فالمجتمع يجب‬
‫‪ .‬ان يتيح للفرد ان يرتقي طالما يمتلك القدرات و الكفاءات التي يرتقي بها‬

‫‪ .‬توفر عدالة في توزيع القيم و في توزيع الفرص ‪-‬‬