Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 38

‫القانون المدني‬

‫الفصل الثاني‬

‫الفعل الضار – الفعل النافع‬

‫‪ ‬الفعل الضار كمصدر لاللتزام ( المسؤولية التقصيرية)‪:‬‬


‫‪ .1‬اؼبسؤولية عن األعمال الشخصية‪.‬‬
‫‪ .2‬اؼبسؤولية عن فعل الغَت وعن األشياء ( مسؤولية متورل الرقابة‪ -‬مسؤولية اؼبتبوع عن أعمال تابعو‪-‬‬
‫اؼبسؤولية عن األشياء‪ -‬مسؤولية اؼبنتج)‪.‬‬
‫‪ .3‬اؼبسؤولية عن هتدم البناء واغبريق كمصدر لاللتزام‪.‬‬
‫الفصل ال ّرابع‪:‬‬
‫‪ ‬الفعل النافع كمصدر لاللتزام‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫‪ .2‬الفضالة‪.‬‬
‫‪ .3‬دفع غَت اؼبستحق‬
‫المحاضرة األولى‬

‫الفعل الضار (المسؤولية التقصرية)‬

‫َّ‬
‫إن غبق ضرر بشخص كان من تسبب يف ىذا الضرر مسؤوال عنو مدنيا‪ ،‬وىذه اؼبسؤولية اؼبدنية هتدف إذل جرب‬
‫الضرر‪.‬‬
‫ّ‬
‫واؼبسؤولية اؼبدنيَّة تنقسم إذل قسمُت‪ ،‬مسؤولية عقدية حيث يوجد العقد‪ ،‬ومسؤولية تقصَتيَّة حيث ال يوجد‬
‫العقد‪ ،‬واؼبسؤولية العقدية تنشأ بسبب اإلخالل بااللتزام التَّعاقدي‪َّ ،‬أما اؼبسؤولية التقصَتيَّة فتنشأ بسبب اإلخالل‬
‫بواجب عام ال يتغَت وىو‪ :‬االلتزام بعدم إضرار الغير‪.‬‬

‫أخل ّٔذا الواجب يكون بذلك قد ارتكب خطأ تقصَتيا يستوجب اؼبسؤولية والتَّعويض‪.‬‬
‫فمن َّ‬

‫وقد نظَّم القانون اؼبدين اعبز ّ‬


‫ائري أحكام اؼبسؤولية التقصَتية يف الفصل الثالث ربت عنوان العمل المستحق‬
‫للتعويض‪ ،‬أي من اؼبادة ‪ 124‬إذل ‪ 140‬ومن خالل ىذه النصوص يبكن تقسيمها إذل ثالثة ؿباور‪:‬‬

‫األول يتعلّق باؼبسؤولية عن األفعال الشخصيَّة‬


‫‪ -‬احملور َّ‬
‫‪ -‬احملور الثّاين يتعلّق باؼبسؤولية عن فعل الغَت‪.‬‬
‫‪ -‬احملور الثالث يتعلّق باؼبسؤولية الناشئة عن األشياء‪.‬‬

‫شخصية‬
‫أوالً‪ :‬المسؤولية عن األعمال ال ّ‬
‫أركان المسؤولية‪.‬‬

‫الشخص خبطئو ويسبب ضررا للغَت يلزم من كان‬


‫كل فعل أيا كان يرتكبو ّ‬
‫نصت اؼبادة ‪ 124‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو‪ّ ( :‬‬
‫سببا يف حدوثو بالتعويض)‪.‬‬

‫النص القانوينّ َّ‬


‫أن اؼبسؤولية التقصَتيَّة تقوم على ثالثة أركان وىي‬ ‫فبَّا يبكن استخالصو من ىذه ّْ‬
‫الركن األول‪ :‬الخطأ‪.‬‬

‫أغلب الفقهاء القانون عرفوا اػبطأ بأنَّو اإلخالل بالتزام قانوينّ‪ ،‬مع ربديد ىذا االلتزام بأنَّو احًتام حقوق الغَت‬
‫السلوك‬
‫عامة ىو‪ :‬االكبراف عن ّ‬ ‫وعدم اإلضرار بو‪ ،‬وربديد ىذا اإلخالل بأنَّو التّعدي على حقوق الغَت‪ ،‬وبصفة َّ‬
‫الضرر بالغَت‪.‬‬
‫اؼبألوف للشخص العادي عن إدراك (أي إدراكو باالكبراف) وىذا االكبراف من شأنو أن يُلحق ّ‬
‫معنوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مادي والثاين‬
‫األول ّ‬ ‫ويُفهم من ىذا التّعريف َّ‬
‫أن ركن اػبطأ يقوم على عنصرين‪َّ :‬‬
‫العادي‪ ،‬وبالتّارل ينظر يف ربديد ىذا‬
‫ّ‬ ‫أ ‪-‬العنصر المادي للخطإ‪ :‬ويتمثل يف االكبراف عن السلوك اؼبعتاد للشَّخص‬
‫العادي‪ ،‬و َّأما الظروف ّ‬
‫الشخصيَّة أو الداخليَّة فال عربة ّٔا يف ربديد‬ ‫ّ‬ ‫شخص‬
‫موضوعي وىو معيار ال ّ‬
‫ّ‬ ‫االكبراف بمعيار‬
‫الشخصيَّة مثل‬
‫معٌت اػبطإ؛ فلو ارتكب سائق سيارة حادثة فصدم أحد اؼبار على الطريق فإنَّو ال ينظر يف ظروفو ّ‬
‫حالتو الصحية أو جنسو أو سنة‪ ،‬ولكن ينظر إليو كأي سائق سيارة عادي‪ ،‬ومدى اتفاق سلوكو مع المجرى‬
‫العادي لألمور‪ ،‬فإذا انحرف عن السلوك العادي مخطئا‪ ،‬وبالتالي يكون مسؤوال‪.‬‬

‫السرعة يف األماكن اؼبزدضبة باؼبار‪ ،‬فإذا دل وبًتم‬


‫السيارات يقتضي مثال زبفيض َّ‬
‫فاؼبسلك العادي لألمور يف قيادة ّ‬
‫السائق ىذه القواعد وأصاب اؼبارة اعترب ىذه السلوك خطأ يتحمل نتائجو‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب‪ -‬العنصر المعنوي للخطأ‪ :‬ال يكون الشَّخص مسؤوال عن أفعالو الضارة إال إذا كان في استطاعتو أن يدرك‬
‫(يتصور) ما يأتيو من أفعال‪ ،‬ولذلك نصت اؼبادة ‪ 125‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو‪( :‬ال يسأل اؼبتسبب يف الضرر الذي وبدثو‬
‫بفعلو أو امتناعو أو بإنبال منو أو عدم حيطتو إالّ إذا كان فبيزا)‬

‫‪ ‬حاالت ال تدخل ضمن الخطأ المستوجب للمسؤولية (حاالت انتفاء الخطأ)‪.‬‬

‫الصفة (التعدي‬ ‫إذا كان األصل يف التّعدي أن يعترب عمال غَت مشروع َّ‬
‫فإن ىناك حاالت ترتفع فيها عنو ىذه َّ‬
‫ينقلب إلى عمل مشروع ال يستوجب المسؤولية)‪ ،‬ومن مث ال تقوم اؼبسؤولية رغم ما فيها من أضرار بالغَت‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫الضروري لدفع االعتداء‪ ،‬كما تنص عليو اؼبادة‬


‫ّ‬ ‫رعي‪ :‬بشرط أن ال يتجاوز يف دفاعو القدر‬
‫‪ .1‬حالة الدفاع الش ّ‬
‫شرعي عن نفسو أو عن‬
‫ّ‬ ‫‪ 128‬من القانون اؼبدين اعبزائري على أنّو‪ " :‬من أحدث ضررا وىو يف حالة دفاع‬
‫الضروري‪ ،‬وعند‬
‫ّ‬ ‫مالو‪ ،‬أو عن نفس الغَت‪ ،‬أو عن مالو كان غَت مسؤول على أن ال يتجاوز يف دفاعو القدر‬
‫االقتضاء يُلزم بتعويض ُوبدده القاضي"‬
‫الموضوعي لركن التعدي‪ :‬أن السلوك المألوف للشخص العادي إذا داىمو‬
‫ّ‬ ‫القانوني‪ :‬المقياس‬
‫ّ‬ ‫أساسو‬
‫خطر أنّو يدفع دون شك ىذا الخطر بما وسعو من جهد‪.‬‬

‫وال يكون ذلك إال بتحقق الشروط اآلتية‬

‫‪ ‬أن يوجد خطر حال أو وشيك اغبلول‪.‬‬


‫‪ ‬أن يكون إيقاع ىذا اػبطر عمال غَت مشروع َّأما إذا كان من األعمال اؼبشروعة مثل‪ :‬اللّص الذي‬
‫وبق لو أن يقاوم حبجة الدفاع الشرعي‪.‬‬
‫يطارده رجال األمن فال ّ‬
‫‪ ‬أال يكون يف استطاعة ىذا ّ‬
‫الشخص ذبنب االعتداء بأي وسيلة أخرى مشروعة؛ كاالستعانة برجال‬
‫األمن وغَتىم‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون دفع االعتداء بالقدر الالزم و‬
‫الضروري دون ؾباوزة أو إفراط‪ ( .‬مسؤولية من جاوز حدود الدفاع‬
‫ّ‬
‫الشرعي فإ ّن مسؤوليتو ـب ّففة؛ ألن ىناك اشًتاك يف اػبط‪ :‬خط التعدي وخط ذباوز حد دفع التعدي)‪.‬‬

‫‪ .2‬حالة الضرورة‪ّ :‬‬


‫تنص اؼبادة ‪ 130‬من القانون اؼبدين اعبزائري على أنَّو‪ " :‬من سبب ضررا للغَت ليتفادى ضررا‬
‫أكرب ؿبدقا بو أو بغَته فينبغي أال يكون ملزما إال بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا"‪ .‬وشروط قيام حالة‬
‫الضرورة‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون الشخص الذي تسبب الضرر مهددا خبطر حال يف مالو أو نفسو أو بغَته‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون ىذا اػبطر اغبال مصدره أجنيب‪ ،‬فإذا كان اػبطر مصدره من سبب الضرر فإن إغباقو الضرر‬
‫بالغَت لكي يتقي خطرا ىو الذي جلبو على نفسو يعترب تعديا يوجب مسؤوليتو كاملة‬
‫الضرر الذي وقع‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الضرر اؼبراد تفاديو أشد بكثَت (جسامة) من ّ‬
‫‪ -‬ىنا ينفي اػبطأ عن اؼبدين دون اؼبسؤولية‪ ،‬وىي مسؤولية موضوعية بغَت خطإ‪ ،‬وىي تكون ـبففة ىبضع‬
‫مقدار التعويض لسلطة القاضي‪.‬‬
‫‪ .3‬حالة تنفيذ أمر الرئيس‪ :‬نصت اؼبادة ‪ 129‬قانون مدين جزائري على أنّو‪ " :‬ال يكون اؼبوظفون واألعوان‬
‫العموميون مسؤولُت شخصيا عن أفعاؽبم اليت أضرت بالغَت إذا قاموا ّٔا تنفيذا ألوامر صدرت إليهم من‬
‫رئيس‪ ،‬مىت كانت إطاعة ىذه األوامر واجبة عليهم"‪ .‬فتنفيذ أوامر صادرة من رئيس هبعل التّعدي عمال‬
‫الشروط اآلتية‪:‬‬
‫مشروعا وذلك إذا توافرت ّ‬
‫‪ -‬أن يكون مرتكب الفعل موظفا عموميا‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون ىذا اؼبوظف قد قام بالفعل تنفيذا ألمر صادر إليو من رئيس وأن تكون طاعة ىذا األمر واجبة‪،‬‬
‫وىي ال تكون كذلك إال إذا كان العمل مشروعا‪ ( .‬أمر أحد الضباط بالقبض على متهم وحبسو دون أن‬
‫يصدر بذلك أمرا من النيابة العامة)‪.‬‬
‫‪ -‬أن يثبت اؼبوظف العام أنو راعى يف عملو جانب من اغبيطة واغبذر‪.‬‬

‫إال َّ‬
‫أن ىذه اغباالت ليست واردة على سبيل اغبصر‪ .‬ويكون من اؼبمكن انتفاء اػبطأ يف حاالت أخرى كما‬
‫إذا َر ِض َّي اؼبصاب حبدوث الضرر‪.‬‬

‫الركن الثّاني‪ :‬الضرر‪.‬‬

‫حق من حقوقو أو يف مصلحة مشروعة لو‬


‫‪.‬‬ ‫الشخص يف ّ‬
‫اؼبقصود بالضرر‪ :‬ىو كل أذى يصيب ّ‬

‫والضرر قد يكون ماديا يصيب اؼبضرور يف مالو أو جسمو‪ ،‬وقد يكون أدبيا يصيب اؼبضرور يف شعوره أو عاطفتو‬
‫أو كرامتو أو شرفو‬

‫المادي‪ ،‬لقيام ىذا الضرر ال بد من توفر شرطُت نبا‪:‬‬


‫ّ‬ ‫أوالً‪ :‬الضرر‬

‫‪ .1‬اإلخالل بح ّق أو مصلحة مالية‪ :‬الحق‪ :‬التعدي على ّ‬


‫حق اغبياة‪ ،‬إصابة جسم بأي أذى من شأنو أن ىبل‬
‫حبق‪ ،‬فإذا أحرق‬
‫بقدرة الشخص عل الكسب أو يكبده نفقة يف العالج‪ ،‬التعدي على اؼبلك ىو إخالل ّ‬
‫شخص منزال آلخر‪ ،‬أو قلع زراعة‪ ،‬أو خرب رضو‪ ،‬أو أتلف لو ماال كأثاث أو عروض أو غَت ذلك‪.‬‬
‫مصلحة مالية‪ :‬أن يفقد عائلو دون أن يكون لو حق ثابت يف النفقة‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب أن يكون الضرر مح ّقق الوقوع‪ ،‬بأن يكون قد وقع فعال‪ ،‬أو سيقع حتما‪ .‬مثال عن الضرر الذي‬
‫وقع فعال‪ :‬أن يبوت اؼبضرور‪ ،‬إتالف مال الغَت‪ ،‬ومثال على الضرر الذي سيقع حتما ( ىو الضرر اؼبستقبل‬
‫أي سبب قد نشأ)‪ :‬ىو أن يصاب عامل فيعجز عن العمل فيعوض ليس فحسب عن الضرر الذي وقع فعال‬
‫من جراء عجزه عن العمل يف اغبال‪ ،‬بل وعن الضرر الذي سيقع حتما من جراء عجزه عن العمل مستقبل‬
‫( اإلصابة اؼبؤدية إذل عاىة مستديبة)‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫‪ ‬هبب التمييز بُت الضرر اؼبستقبل وىو ضرر ؿبقق هبب التعويض عنو‪ ،‬أما الضرر احملتمل وىو ضرر غَت‬
‫ؿبقق قد يقع وقد ال يقع فال يكون التعويض عنو واجبا إالّ إذا وقع فعال‪ .‬مثال ذلك لو ضرب إنسان‬
‫امرأة حامال فلم ذبهض‪ ،‬ولكن كان يبكن إجهاضها فال يسأل إال عن الضرب‪ ،‬وال تستحق اؼبرأة‬
‫اغباملة تعويضا عن احتمال إجهاضها؛ أل ّن اإلجهاض دل يتم‬
‫‪ ‬هبب التمييز بُت الضرر احملتمل الذي ال يعوض عنو وبُت تفويت الفرصة الذي يعوض عنو‪ ،‬ذلك أ ّن‬
‫الفرصة إذا كانت أمرا ؿبتمال َّ‬
‫فإن تفويتها أمر ؿبقق‪ .‬مثال إذا قصرت جهة عقدت مسابقة يف إخطار‬
‫أحد اؼبتسابقُت عن ميعاد اؼبسابقة ففاتو التقدم إليو؛ ألنو قد فوتت عليو فرصة الفوز‪.‬‬

‫الشخص يف‬
‫الشخص يف مصلحة لو غَت مالية‪ ،‬فهو ما يصيب َّ‬ ‫ثانيا الضرر المعنوي أو األدبي ‪ :‬ىو ّ‬
‫الضرر يلحق ّ‬
‫الدينية أو يف عاطفتو‪ ،‬وىو يف العموم كل ما يسبّب لو آالما نفسية‪،‬‬
‫كرامتو أويف شعوره أو يف شرفو أو يف معتقداتو ّْ‬
‫الضرر اؼبعنوي كل مساس باغبرية أو الشرف أو‬
‫وقد نصت اؼبادة ‪ 182‬مكرر على أنو‪ « :‬يشمل التعويض عن ّ‬
‫السمعة»‪.‬‬

‫اغبق يف اؼبطالبة بالتعويض‪.‬‬


‫أديب لو ّ‬ ‫األدبي‪ّ :‬‬
‫كل من أصيب بضرر ّ‬ ‫ّ‬ ‫من لو ح ّق التعويض عن الضرر‬

‫شخصي‬
‫ّ‬ ‫األديب أنّو‬
‫ّ‬ ‫ضرر األدبي‪ .‬األصل يف التّعويض عن ّ‬
‫الضرر‬ ‫متى يمكن انتقال الح ّق في التعويض عن ال ّ‬
‫مقصور على اؼبضرور نفسو‪ ،‬فال ينتقل إذل غَته باؼبَتاث أو بالعقد إالّ إذا أصبحت مطالبة اؼبضرور بو ؿب ّققة ( ألن‬
‫اغبق يزول دبوتو) وذلك إما باالتفاق أو باؼبطالبة القضائية‪.‬‬

‫ضرر‪ّ :‬‬
‫الضرر كما ىو معلوم عبارة عن وقائع مادية‪ ،‬والوقائع اؼبادية هبوز إثباهتا بكافة وسائل اإلثبات؛‬ ‫‪ -‬إثبات ال ّ‬
‫كشهادة والقرائن واإلقرار‪ ،‬وغَتىا من وسائل اإلثبات اؼبعروفة‪.‬‬

‫‪ -‬من يقع عليو عبء اإلثبات‪ :‬يقع على اؼبضرور عبء إثبات ّ‬
‫الضرر ونوعو ومداه‪ ،‬وىبضع يف النهاية لتقدير‬
‫القاضي حبسب الوقائع اؼبعروضة أمامو‪ ،‬وقد وبتاج األمر إذل تقدير مداه إذل اػبربة‪.‬‬

‫الركن الثالث‪ :‬العالقة السببية‪.‬‬

‫العالقة السببية بُت اػبطأ والضرر معناىا أن توجد عالقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبو المسؤول والضرر الذي‬
‫أصاب المضرور‪.‬‬
‫وقد عرب اؼبشرع اعبزائري عن ركن السببية يف اؼبادة ‪ 124‬ق م يف عبارة " ويسبب ضررا" لذا حىت يستحق اؼب ّ‬
‫تضرر‬
‫الضرر‪ ،‬وعلى اؼبسؤول إذا ما أراد أن ينفي عالقة السببية أن‬
‫التعويض هبب أن يثبت وجود عالقة سببية بُت اػبطأ و ّ‬
‫السبب الذي ال يد فيو‪.‬‬
‫السبب األجنيب؛ أي ّ‬
‫يثبت ّ‬
‫نفــي العالقــة السببيــة بين الخطأ والضرر‪.‬‬

‫اؼبادة ‪ 127‬من القانون اؼبدين اعبزائري " إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب ال يد لو فيو‬
‫تنص ّ‬
‫كحادث مفاجئ أو قوة قاىرة أو خطأ صدر من اؼبضرور‪ ،‬أو خطأ من الغَت‪ ،‬كان غَت ملزم بتعويض ىذا الضرر ما‬
‫دل يوجد نص قانوين أو اتفاق ىبالف ذلك"‪.‬‬

‫‪ .1‬حادث مفاجئ أو قوة قاىرة‪ ،‬ىناك من الفقهاء من يفرق بُت اغبادث اؼبفاجئ والقوة القاىرة‪ ،‬فَتى أن‬
‫األول عبارة عن حدث خارج عن الشيء الذي رب ّقق بو اؼبسؤولية ( زلزال فيضان جفاف‪ّ )..‬أما الثاين فهو‬
‫حدث ناجم عن الشيء ذاتو ( انفجار ؿبرك السيارة ‪،‬كسر عجلة السيارة)‪ .‬إالّ أن غالب الفقهاء يرون أنو‬
‫ليس ىناك فرق بينهما وأ ّن حرف "أو" اؼبنصوص عليو يفيد التفسَت وال يفيد التع ّدد‪ ،‬ولتحققهما يُشًتط‬
‫فيها‪ :‬عدم إمكان التوقع واستحالة الدفع‪.‬‬
‫‪ .2‬خطأ المضرور‪:‬‬
‫الصورة اؼبستبعدة أال يقع من اؼبدعى عليو خطأ ما‪ ،‬وإمبا وقع الضرر بفعل اؼبضرور‪ ،‬وإمبا اؼبسألة تقتضي النّظر إذا‬
‫ّ‬
‫اجتمع خطأ اؼبدعى عليو مع خطأ اؼبضرور‪ ،‬ىنا ربل اؼبسألة وفق اؼبعيار اآليت‪:‬‬
‫خطأ المضرور يفوق كثيرا في جسامتو خطأ المدعى عليو ( استغراق أحد اػبطأين ػبطأ اآلخر) مثال‪ :‬فلو أن‬
‫اغبد اؼبفروض قانونا‪ ،‬فألقى بنفسو أمام السيارة‬
‫شخصا أراد االنتحار‪ ،‬فانتهز فرصة أن سائقا يسَت بسرعة ذباوز ّْ‬
‫فهو وحد اعباين على نفسو‪ ،‬وال هبوز أن وبتج‪ -‬ىو لو قبا أو ورثتو لو مات‪ -‬بأن السائق كان يسَت بسرعة‬
‫فائقة وكان ذلك خطأ‪ ،‬فإن تعمده االنتحار ىو وحده الذي نقف عنده سببا لوقوع الضرر‪ ،‬أما خطأ اؼبدعى‬
‫عليو فلم يكن إال ظرفا استغلو اؼبضرور لتنفيذ قصده‪.‬‬

‫ويف حالة أخرى يف نفس السياق إذا كان خطأ المدعى عليو ىو نتيجة لخطأ المضرور‪ ،‬فخطأ اؼبضرور ىو‬
‫الذي يستغرق خطأ اؼبدعى عليو‪ .‬وال نقف إالّ عند خطأ اؼبضرور سببا للضرر الذي وقع‪ ،‬فإذا أدىس سائق‬
‫سيارة أحد اؼبارة‪ ،‬وأثبت أن اؼبضرور ربول فجأة من جانب الطريق إذل جانب آخر دون أي احتياط وكان ىذا‬
‫اػبطأ ىو السبب الوحيد لإلصابة فقد أثبت أن اػبطأ اؼبفروض يف جانبو ‪-‬وىو خطأ يف اغبراسة‪ -‬ليس إال نتيجة‬
‫خطأ اؼبضرور‪.‬‬

‫‪ 3‬خطأ الغير‪ :‬إذا وقع اػبطأ بفعل الغَت فال يثار أي إشكال إذ تنتفي العالقة السببية ويكون ىذا الغَت ىو‬
‫اؼبسؤول الوحيد بالتعويض‪ ،‬ولكن اإلشكال يثور حول ما إذا ساىم خطأ الغَت مع خطأ اؼبسؤول أو خطأ‬
‫اؼبضرور‪.‬‬
‫‪ -‬فإذا أسهم خطأ الغَت مع خطأ اؼبسؤول‪ :‬أما إن يستغرق أحد اػبطأ اآلخر (فتكون اؼبسؤولية كاملة وال يعتد‬
‫خبطأ الغَت) أو أن يكون كل خطأ مستقل عن خطأ اآلخر‪ .‬فنكون أمام سبب أجنيب وىو خطأ الغَت وبذلك‬
‫تنعدم اؼبسؤولية النعدام الرابطة السببية‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا أسهم خطأ الغَت مع خطأ اؼبسؤول وخطأ اؼبضرور‪ :‬إذا ما توافرت ىذه اغبالة فتوزع اؼبسؤولية بينهم بالتساوي‪،‬‬
‫فَتجع اؼبضرور على اؼبدعى عليو والغَت بالثلثُت ويبقى الثلث يتحملو ىو الشًتاكو ‪.‬‬

‫وإن حكم تعدد اؼبسؤولُت ‪ :‬تطبق اؼبادة ‪ 126‬من ق م ج‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعدد األسباب دون استغراق‪.‬‬

‫وجدت يف القانون نظريتُت لبيان السبب الذي نقف فيو لتحديد اؼبسؤولية نظرية تكافؤ األسباب ونظرية السبب‬
‫اؼبنتج‪.‬‬

‫‪ .1‬نظرية تكافؤ األسباب‪ .‬مفادىا أنّو إذا اشًتكت ع ّدة وقائع يف إحداث الضرر‪ ،‬وكان كل منها شرطا يف‬
‫حدوثو حبيث لوالىا ؼبا وقع‪ ،‬اعتربت كل ىذه الوقائع القريب منها والبعيد أسبابا متكافئة أو متساوية تقوم‬
‫عالقة السببية بينها وبُت الضرر ومثال على ذلك ترك شخص سيارتو يف الطّريق دون إغالق أبوأّا وترك‬
‫اؼبفتاح ّٔا فسرقها شخص وقادىا بسرعة ليهرب ّٔا فصدم شخصا وتركو دون إنقاذ‪ ،‬مث مر شخص آخر‬
‫فحمل اؼبصاب إذل اؼبستشفى بسرعة فاصطدم بشاحنة‪ ،‬أدى إذل وفاة اؼبصاب‪ ،‬فصاحب السيارة الذي تك‬
‫اؼبفتاح يف سيارتو وعدم حفظها‪ ،‬وسرعة السارق وسرعة اؼبنقذ كلها سانبت يف حدوث الوفاة فيعترب كل‬
‫منها سبب ؽبا‪.‬‬
‫‪ .2‬نظرية السبب المنتج‪ :‬مفادىا‪ :‬إذا اشًتكت عدة أسباب يف إحداث ضرر هبب استخالص األسباب‬
‫اؼبنتجة فقط وإنبال باقي األسباب‪ .‬فالسبب اؼبنتج ىو ذلك السبب ( اؼبألوف) الذي يؤدي حبسب آّرى‬
‫الطبيعي لألمور إذل وقوع مثل ىذا الضرر الذي وقع‪ ،‬وإالّ فإنو شيء عرضي ال يهتم بو القانون‪ ،‬ولو طبقناه‬
‫عن اؼبثال السابق فإنبال مالك السيارة سببا عارضا وليس سببا منتجا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األثر الذي يرتب على تعدد األسباب‪.‬‬

‫واألثر الذي يرتب على تعدد األسباب أنو هبب االعتداد ّٔا صبيعا ونصت على ذلك اؼبادة ‪ 126‬ق م " إذا تعدد‬
‫اؼبسؤولون عن فعل ضار كانوا متضامنُت بالتزامهم بتعويض الضرر‪ ،‬وتكون اؼبسؤولية فيما بينهم بالتساوي‪ ،‬إالّ إذا‬
‫عُت القاضي نصيب كل منهم يف االلتزام بالتعويض‪".‬‬

‫رابعا ‪ :‬تعدد األضرار‪.‬‬

‫تسلسل األضرار وتعاقبها ووبدث عندما يؤدي الفعل اػباطئ إذل ضرر الشخص مث يؤدي ىذا الضرر إذل ضرر‬
‫ثان بنفس الشخص وىذا األخَت يؤدي إذل ضرر ثالث وىكذا والتساؤل مطروح عما إذا كان الفعل اػباطئ يعترب‬
‫مصدر عبميع ىذه األضرار أم لبعضها فقط‪ .‬ومثال ذلك اؼبثال الشهَت الفرنسي حيث اشًتى شخص بقرة مريضة‬
‫ووضعها مع أبقاره فانتقلت العدوى إليها فتعذر عليو زراعة أرضو وكثرت ديونو فحجز الدائنون على أرضو وبيعت‬
‫بثمن خبس ودل يستطع معاعبة ابنو اؼبريض فمات‪ ،‬فهل يسأل بائع البقرة على كل ىذه األضرار؟ أم أ َّن ىناك نقطة‬
‫هبب أن نقف عندىا‪.‬‬

‫التعويض ىنا يكون على الضرر اؼبباشر فاؼبسؤول ال يسأل إالّ عن الضرر اؼبباشر؛ أي عليو أن يعوض عن اؼباشية‬
‫اليت انتقلت إليها العدوى إذل جانب التعويض عن ىالك البقرة أما بقية األضرار ال يسأل عنها ؿبدث الضرر‪.‬‬
‫فأصل اؼبسألة أن اؼبضرور إذا دل يبذل جهدا معقوال يف توقي الضرر يكون ىو أيضا قد أخطأ فعليو ربمل تبعة خطئو‬
‫فإذا جرج شخص آخر فالضرر اؼبباشر الذي ينجم عن اعبرح يتحملو اؼبسؤل‪ ،‬والضرر غَت اؼبباشر الذي ينجم عن‬
‫إنبال اؼبضرور يف عالج نفسو يتحملو اؼبضرور‪.‬‬

‫فالقاعدة التقليدية كمل قلنا أننا نقف عن الضرر اؼبباشر فنعوض عنو ونغفل الضرر الغَت اؼبباشر وهبب يف ىذا‬
‫الصدد أن نضع اؼبعيار الذي يعتد بو يف الضرر اؼبباشر‪ .‬ولقد وضعت اؼبادة ‪ 182‬قانون مدين جزائري اؼبعيار الذي‬
‫وبدد مسؤولية ؿبدث اػبطأ يف حالة تعاقب األضرار فنصت " إذا دل يكن التعويض مقدار يف العقد‪ ،‬أو يف القانون‬
‫فالقاضي ىو الذي يقدره‪ ،‬ويشمل التعويض ما غبق الدائن من خسارة وما فاتو من كسب‪ ،‬بشرط أن يكون ىذا‬
‫نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر يف الوفاء بو‪ .‬ويعترب الضرر نتيجة طبيعية إذا دل يكن يف استطاعة الدائن‬
‫أن يتوقاه ببذل جهد معقول" فالضرر اؼبباشر ىو ما كانت نتيجة طبيعية للضرر اغباصل‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية‬

‫مسؤولية متولي الرقابة‬

‫قد يكون الشخص يف حاجة إذل الرقابة بسبب صغره‪ ،‬أو بسبب حالتو العقلية أو اعبسمية‪ ،‬ويف ىذه اغبالة‬
‫يكلف القانون شخصا آخر بالرقابة عليو؛ كوليو أو وصيو‪ ،‬وكمعلمو أو رب حرفتو أثناء وجوده يف اؼبدرسة أو يف‬
‫مكان اغبرفة‪ ،‬فالواجب الذي يقع على متورل الرقابة قانونا يفرض عليو أن يبذل جهده ليحول دون وقوع خطأ من‬
‫الشخص اػباضع للرقابة‪ ،‬فإذا قام اػباضع للرقابة سلوكا خطئا أضر بالغَت‪َّ ،‬‬
‫فإن القانون هبعل اؼبكلف برقابتو مسؤوال‬
‫عنو ىذا السلوك عمال ؼبقتضى الرقابة‪.‬‬

‫اؼبادة‪ 134 :‬من القانون اؼبدين اعبزائري على ما يلي‪ ( :‬كل من هبب عليـو قانونا أو اتفاقا رقابة‬‫قد نصت َّ‬
‫الضرر الذي‬
‫شخص يف حاجة إذل الرقابـة بسبب قصره أو بسبب حالتو العقليَّـة أو اعبسميَّـة‪ ،‬يكون ملزما بتعويض َّ‬
‫وبدثو ذلك الشخص للغَت بفعلو الضار)‬

‫أوالً‪ :‬شروط قيام مسؤوليـة متولي الرقابـة‪.‬‬

‫يشًتط لقيام مسؤولية متورل الرقابة أن يقع عمل غَت مشروع من شخص ىبضع لرقابة متورل الرقابة‪ ،‬وخضوعو‬
‫للرقابة قد يوجبو القانون أو االتفاق فال بد إذن من توافر شرطيو نبا‪:‬‬

‫أ‪ -‬وجود واجب الرقابة‪ :‬دبعٌت أن يكون ىناك التزام يقع على عاتق الشخص اؼبكلف بالرقابة‪ ،‬وىذا االلتزام مصدره‬
‫القانون أو االتفاق حبسب األحوال‪.‬‬

‫‪ -‬مسؤولية األب واألم عن األبناء القصر‪ :‬تقوم مسؤولية األب اؼبفًتضة عن األفعال غَت اؼبشروعة اليت يرتكبها‬
‫أوالده القصر اؼبشمولُت الرقابة برعايتو‪ ،‬وأقام القانون قرينة قانونية على توافر ىذه الرعاية مىت كان الولد قاصرا مقيما‬
‫مع أبيو‪ ،‬وجعل ىذه القرينة غَت قاطعة؛ أي أنَّو هبوز لألب إقامة دليل على عكسها‪ ،‬بأن يثبت أن الولد ( رغم‬
‫قصره واقامتو معو) كان حُت ارتكاب الفعل الضار يف رقابة شخص آخر كمرب أو معلم حرفة أو يف مدرسة داخلية‬
‫أو دل يعد يقيم مع أبيو؛ كإقامتو مع أمو حال انفصاؽبا عن األب‪.‬‬

‫اؼبادة‪ 1/135 :‬ق‪.‬م‪.‬ج بشرط اإلقامة معها‪ ،‬كما َّ‬


‫أن‬ ‫بنص َّ‬‫وتنتقل اؼبسؤولية عن القصر بعد وفاة األب إذل األم ّْ‬
‫ىذه اؼبسؤولية تقع على األم أيضا يف حالة رعايتها للقصر اؼبقيمُت معها يف حال حياة األب إذا انفصلت عنو‬
‫وأقامت بعيدة عتو‪.‬‬
‫‪ -‬مسؤولية المعلم في المدرسة‪ :‬تنتقل الرقابة على القاصر إذل اؼبعلم يف اؼبدرسة‪ ،‬ما دام القاصر ربت إشراف‬
‫اؼبعلم يف حجرة الدرس‪ ،‬أو مدير اؼبدرسة وقت وجوده ّٔا‪ ،‬وىؤالء يكونون مسؤولُت عن الضرر أو األضرار اليت‬
‫يسببها تالميذىم يف الوقت الذي يكونون فيو ربت إشرافهم‪.‬‬

‫‪ -‬مسؤولية رب الحرفة عن عمل صبيانو‪ :‬إذا كان القاصر يتعلّم حرفة دبقتضى سبرين انتقلت الرقابة إذل اؼبشرف‬
‫على اغبرفة وفقا لنص اؼبادة‪ 1/135 :‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬والتزام بالقيام ّٔا طيلة اؼبدة اليت يوجد فيها عنده‪ ،‬ومن مث يسأل‬
‫أن ىذه األفعال غَت مشروعة قد‬ ‫معلم اغبرفة عن األفعال الضارة اليت تصدر من صبيانو مسؤولية مفًتضة‪ ،‬طاؼبا َّ‬
‫وقعت أثناء فبارسة اغبرفة‪.‬‬

‫ب‪ -‬وقوع العمل غير المشروع‪.‬‬

‫فال تقوم مسؤولية متورل الرقابة إالّ إذا وقع عمل غَت مشروع من الشخص اػباضع للرقابة دبعٌت أن يصدر منو‬
‫تصرف منحرف سبب ضررا للغَت‪.‬‬

‫اؼبعنوي‪ ،‬وىو عنصر اإلدراك والتمييز؛ َّ‬


‫ألن النص أشار بأن االلتزام‬ ‫ّ‬ ‫ويكفي ىنا أن يقع اػبطأ بعنصره اؼبادي دون‬
‫بالتعويض يكون ولو كان من وقع منو العمل الضار غَت فبيز‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أساس مسؤولية متولي الرقابة‪:‬‬

‫الرقابة تقوم على أساس التقصَت اؼبفًتض يف جانبو‪ ،‬فمىت قام واجب الرقابة قانونا أو اتفاقا‪،‬‬ ‫َّ‬
‫إن مسؤولية متورل َّ‬
‫الضرر النَّاتج عن الفعل الضار‪.‬‬
‫ووقع العمل غَت اؼبشروع كان متورل الرقابة مسؤوال مسؤولية تقصَتية عن ّ‬
‫للرقابة ضررا بالغَت اعترب ذلك تقصَتا من اؼبكلف بالرقابة؛ دبعٌت أنَّو دل يقم‬
‫الشخص اػباضع ّ‬
‫فبمجرد أن ُوبدث ّ‬
‫الضرر‪ ،‬لكن ىذا اػبطأ اؼبفًتض ىو‬ ‫بواجب الرقابة كما ينبغي‪ ،‬فلو قام بواجب الرقابة ؼبا أدى ذلك إذل حدوث ّ‬
‫قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نفي المسؤوليّة‪.‬‬


‫إن قرينة اػبطأ اليت أقامها القانون ليست قاطعة‪َّ ،‬‬
‫وإمبا ىي قرينة بسيطة قائمة على االفًتاض‪ ،‬ومن مث هبوز لو‬ ‫َّ‬
‫أن يثبت عكسها‪ ،‬دبعٌت‪ :‬هبوز لو أن يثبت أنَّو قام بواجب الرقابة كما ينبغُت وأن يثبت أنو دل ىبطئ‪.‬‬

‫كما يبكن ؼبتورل الرقابة نفي قرينة عالقة السببية بُت اػبطأ والضرر الذي حصل‪ ،‬وذلك بإثبات أن الضرر ال‬
‫ؿبالة واقع‪ ،‬ولو بذل رقابة كاملة‪ ،‬كأن يكون الضرر قد وقع بسبب أجنيب ال يد لو فيو‪.‬‬
‫وقد نصت اؼبادة ‪ 2/134‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو‪ ( :‬ويستطيع اؼبكلف بالرقابة أن يتخلص من اؼبسؤولية إذا أثبت‬
‫أن الضرر كان ال بد من حدوثو ولو قام ّٔذا الواجب دبا ينبغي من العناية)‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة‬

‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬

‫تنص اؼبادة ‪ 136‬من القانون اؼبدين على أنَّو‪ « :‬يكون اؼبتبوع مسئوال »‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬شروط تح ّقق مسؤولية المتبوع‪.‬‬

‫عالقة التبعية‪ :‬ىي عالقة تُنشئ سلطة لشخص يسمى اؼبتبوع يف أن يصدر أوامر لشخص آخر يسمى‬ ‫أ‪-‬‬
‫التَّابع لتوجيهو ومراقبتو بالنسبة ألعمال يقوم ّٔا غبسابو‪ ،‬وىذه العالقة تنشأ يف الغالب من العقد كعقد‬
‫العمل‪ ،‬ونستخلص من ىذا التعريف أن لقيام العالقة التبعية البد من وجود عنصرين‪:‬‬
‫‪ ‬عنصر السلطة الفعلية‪.‬‬
‫‪ ‬عنصر الرقابة والتوجيو‪ :‬أي أن تكون ىذه الرقابة والتوجيو في عمل معين يقوم بو التابع‬
‫لحساب المتبوع‪ ،‬وىذا ما يبيز اؼبتبوع عن األب مثال فاألب لو رقابة على ولده ولكن يف غَت‬
‫عمل معُت‪ ،‬وقد يعَت اؼبتبوع تابعو لشخص آخر‪.‬‬
‫الرقابة والتَّوجيو إذل اؼبستعَت كان‬
‫‪ -‬فإذا استبقى اؼبعَت رقابتو وتوجيهو بقي متبوعا‪َّ ،‬أما إذا انتقلت َّ‬
‫ىذا ىو اؼبتبوع؛ مثل شخص يُعَت سيارتو مع سائقها لصديق‪ ،‬فإن انتقلت الرقابة والتوجيو إذل‬
‫السائق تابعا ؼبتبوعو‬
‫السائق تابعا لو‪ ،‬ويظل ّ‬ ‫ؼبدة طويلة أصبح َّ‬ ‫وخباصة إذا كانت اإلعارة َّ‬
‫َّ‬ ‫الصديق‬
‫الرقابة والتّوجيو‪.‬‬
‫األول إذا كان ىذا قد احتفظ لنفسو حبق ّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -‬ليس من الضروري أن يكون اؼبتبوع قادرا على الرقابة والتوجيو من الناحية الفنية‪ ،‬بل يكفي أن‬
‫يكون من الناحية اإلدارية ىو صاحبة الرقابة والتوجيو‪ ،‬مثال صاحب اؼبستشفى متبوع ألطبائو‬
‫الذين يعملون غبسابو يف اؼبستشفى حىت ولو دل يكن ىو نفسو طبيبا‪.‬‬

‫ب‪ -‬خطأ التابع في حالة تأدية وظيفتو أو بسببها أو بمنا سبتها‪.‬‬

‫أضر بالغَت يف حال‪ :‬تأدية وظيفتو أو بسببها ‪َّ ،‬‬


‫وحىت تقوم‬ ‫تتحقق إذا ارتكب التَّابع خطأ َّ‬ ‫مسؤولية اؼبتبوع عن التَّابع َّ‬
‫مسؤولية التابع هبب أن تتوفَّر بالنسبة إليو أركان اؼبسؤولية الثالثة‪ :‬اػبطأ و َّ‬
‫الضرر والعالقة السببية‬
‫َّ‬
‫فتتحقق بو مسؤولية اؼبتبوع يقع وىو‬ ‫الخطأ في تأدية الوظيفة‪ .‬األصل أن اػبطأ الذي يرتكبو التَّابع‬ ‫‪-1‬‬
‫يؤدي عمال من أعمال وظيفتو‪ ،‬فسائق السيارة وىو تابع لصاحبها إذا دىس شخصا يف الطريق عن‬
‫خطأ يكون قد ارتكب ىذا اػبطأ وىو يقود السيارة؛ أي يؤدي عمال من أعمال وظيفتو‪ ،‬فيكون اؼبتبوع‬
‫ىو صاحب السيارة مسئوال عن ىذا اػبطأ‪.‬‬
‫الخطأ بسبب الوظيفة‪ .‬يقصد بو ذلك اػبطأ الذي يقع من التابع وىو ال يؤدي عمال من أعمال‬ ‫‪-2‬‬
‫وظيفتو ولكن يتصل مع ذلك بالوظيفة اتصال اؼبعلول بالعلة‪ ،‬حبيث أنَّو لوال الوظيفة ما كان يستطيع‬
‫التابع ارتكابو‪ ،‬أو الذي ما كان يفكر يف ارتكابو لوال ىذه الوظيفة‪ ،‬فهي سببية من شأهنا أن ذبعل‬
‫الوظيفة ضرورية ال مكان ارتكاب اػبطأ‪ ،‬مثل موزع الربيد الذي يتلف رسالة تسلَّمها حبكم وظيفتو‪،‬‬
‫حبيث ارتكب ىذا اػبطأ بسبب الوظيفة بغَتىا ما كان الساعي يستطيع ارتكابو‪.‬‬
‫الخطأ بمناسبة الوظيفة‪ :‬أن تكون الوظيفة قد سهلت أو ىيأت الفرصة الرتكاب الفعل الضار‪ ،‬ولكن‬ ‫‪-3‬‬
‫دل تكن ضرورية إلمكان وقوع الفعل الضار والتفكَت فيو‬

‫ثانيا‪ :‬أساس قيام مسؤولية المتبوع والتعويض عنها‪:‬‬

‫اختلف االذباىات الفقهية يف إهباد أساس ؽبذه اؼبسؤولية‪ ،‬فمنهم من أسسها على ربمل التبعة‪ ،‬ومنهم من‬
‫أسسها على فكرة اغبلول‪ ،‬والبعض اآلخر على أساس النيابة‪.‬‬
‫أسسها على قاعدة الغرم بالغنم‪ ،‬ومنهم من ّ‬
‫فإن مسؤولية اؼبتبوع ىنا قائمة على أساس فكرة الضمان القانوينّ‪ ،‬دبعٌت َّ‬
‫أن القانون ىو الذي‬ ‫الراجح َّ‬
‫الرأي ّ‬‫وعلى ّ‬
‫أقام اؼبسؤولية على اؼبتبوع‪ ،‬ولكن شريطة أن تتوافر عالقة التبعيَّة‪ ،‬وكذلك خطأ التابع أثناء تأدية عملو أو بسببو‪،‬‬
‫وقيام مسؤولية التابع أساسا لكي يتحملها عنو اؼبتبوع‪.‬‬

‫حسب اتفاق القضاء ال يستطيع اؼبتبوع أن ينفي ىذه اؼبسؤولية عن نفسو بنفي خطئو يف اختياره أو تقصَته يف‬
‫يردىا عن نفسو بأية وسيلة‪ ،‬إذ ال تصح مناقشة‬ ‫رقابتو‪َّ ،‬‬
‫فإن ىذه اؼبسؤولية تتح ّقق دون أن يكون يف وسع اؼبتبوع أن َّ‬
‫قاعدة موضوعية الستبعاد تطبيقها‪،‬‬

‫وعليو فإن الطريق الوحيد لدفع اؼبسؤولية عن اؼبتبوع ىو نفي اؼبسؤولية عن التابع‪ ،‬فتنتفي اؼبسؤوليتان يف نفس‬
‫الوقت‪َّ ،‬أما إذا قامت مسؤولية التابع‪َّ ،‬‬
‫فإن مسؤولية اؼبتبوع تقوم إذل جوارىا حتما‪.‬‬
‫وللمضرور مطالبة كل من اؼبتبوع أو التابع بالتعويض أو كالنبا على أساس أهنما متضامنان يف أدائو‪ ،‬فإذا دفع‬
‫اؼبتبوع التعويض جاز لو أن يرجع بو على تابعو؛ َّ‬
‫ألن اؼبتبوع يعترب ضامنا للتابع يف التزامو بالتعويض فيسأل معو عن‬
‫ىذا التعويض‪ ،‬كما لو أن يرجع عليو دبا أداه‪.‬‬

‫لكن القانون حسب التعديل اعبديد ( قانون رقم‪ 10/05 :‬اؼبؤرخ يف ‪ 20‬يونيو ‪ )2005‬فإنَّو أجاز للمتبوع‬
‫الرجوع على التابع يف حالة إذا ارتكب ىذا األخَت خطأ جسيما فقط‪ ،‬أما اػبطأ العادي فال يستطيع الرجوع عليو‬
‫حق الرجوع على تابعو يف حالة ارتكابو‬
‫طبقا ألحكام اؼبادة ‪ 137‬من القانون اؼبدين اليت تنص على أنَّو‪ (:‬للمتبوع ّ‬
‫خطأ جسيما)‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‬

‫المسؤولية الناشئة عن األشياء الحية والجامدة‬

‫أوالً‪ :‬مسؤولية حارس الحيوان‪:‬‬

‫المادة‪ :‬قد نص اؼبشرع اعبزائري يف اؼبادة‪ 139 :‬من القانون اؼبدين اعبزائري على أنّو‪ ":‬حارس الحيوان ولو لم‬
‫نص ّ‬ ‫ّ‬
‫يكن مالكا لو‪ ،‬مسؤول عما يحدثو الحيوان من ضرر ولو ضل الحيوان أو تسرب مالم يثبت الحارس أن وقوع‬
‫الحادث كان بسبب ال ينسب إليو"‬

‫‪ -1‬شروط تح ّقق مسؤولية حارس الحيوان‪:‬‬

‫السيطرة الفعلية عليو يف توجيهو ويف رقابتو‪ ،‬سواء ثبتت‬


‫‪ 1-1‬حراسة الحيوان‪ :‬حراسة اغبيوان تتمثّل يف من لو ّ‬
‫السيطرة الفعليَّة حبق ( ملك‪ ،‬استئجار‪ ،‬إعارة‪ )...‬أو بغَت حق ( سرقة‪)...‬؛ وعليو فالعربة يف رب ّقق شرط‬
‫ىذه ّ‬
‫حراسة اغبيوان ليس بن يبلك اغبيوان أو وبوزه وإمبا العربة بوجود السيطرة الفعلية عليو؛ فلو سرق ‪-‬مثال‪ -‬لص‬
‫فإن السيطرة الفعلية عليو تنتقل من اؼبالك إذل السارق‪ ،‬ويصبح السارق ىو حارس اغبيوان‪ ،‬ويكون‬ ‫حيوانا َّ‬
‫ىو مسؤول عما وبدثو اغبيوان من الضرر‪ ،‬ويف مثال آخر إذا أعار صاحب حصان حصانو ػبيال هبري بو‬
‫فإن اػبيال يف ىذه اغبالة من وقت أن أمسك بزمام اغبصان وبدأ هبري بو يف السباق قد انتقلت‬ ‫السباق‪َّ ،‬‬
‫إليو السيطرة الفعلية على اغبصان وأصبح ىو اغبارس عليو‪ ،‬فيكون مسؤال عما وبدثو من ضرر‪.‬‬
‫‪ 2-1‬إحداث الحيوان ضررا للغير‪ :‬هبب أن يكون اغبيوان ىو الذي أحدث الضرر؛ أي أن يكون قد أتى عمال‬
‫إهبابيا كان ىو السبب يف الضرر‪ ،‬أما إذا كان الضرر قد أحدث دون أن يكون للحيوان دور إهبايب‪ ،‬كما إذا‬
‫حي فجرح‪ ،‬فإن الضرر ال يكون يف ىذه اغبالة من فعل اغبيوان‪ ،‬إذ دل يكن‬
‫ارتطم شخص جبسم حيوان ّ‬
‫للحيوان يف ذلك إال دور سليب‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬إذا كان اغبيوان عند إحداث اإلصابة يقوده إنسان أو يبتطتو‪ ،‬فهل تعترب اإلصابة قد حدث بفعل إنسان أو‬
‫من فعل اغبيوان‪ ،‬الراجح أ ّن راكب اغبيوان أو قائده ال تعترب اإلصابة من فعلو إالّ إذا كان قد تعمدىا‪ ،‬فإن اعًتف‬
‫بذلك‪ ،‬وىذا غَت ؿبتل‪ ،‬كان اػبطأ ثابتا يف جانبو‪ ،‬وإال فإن اغبيوان عندما أحدث الضرر يكون زمامو قد أفلت من‬
‫يده‪ ،‬وتكون اإلصابة قد حدثت بفعل اغبيوان‪.‬‬

‫والضرر الذي وبدثو اغبيوان يفًتض يف ىذه اغباالت‪:‬‬

‫قد يقع على الغَت كما ىو الغالب ( إذا عض كلب شخصا فأحدث بو ضررا‪ ،‬إذا انتقل مرض معد من‬ ‫‪‬‬
‫حيوان مريض‪)..‬‬
‫قد يقع على اغبارس نفسو‪ ،‬ىنا ال يستطيع اغبارس أن يرجع على اؼبالك إال إذا أثبت خطأ يف جانبو طبقا‬ ‫‪‬‬
‫للقواعد العامة‪.‬‬
‫قد يقع على اؼبالك إذا دل يكن ىو اغبارس‪ ،‬فللمالك أن يرجع على اغبارس باػبطأ اؼبفًتض‪ ،‬ويعترب غَتا يف‬ ‫‪‬‬
‫ىذه اغبالة‬
‫بالضرر‪ ،‬بأن اختنق حببل مثال‪ ،‬فإن كان اغبارس ىو‬
‫قد يقع على اغبيوان ذاتو أي أ ّن اغبيوان يصيب نفسو ّ‬ ‫‪‬‬
‫اؼبالك‪ ،‬ىلك اغبيوان على مالكو‪ ،‬أما إذا كان اغبارس غَت اؼبالك‪ ،‬فال يستطيع اؼبالك يف ىذه اغبالة أن‬
‫وبتج على اغبارس باػبطأ اؼبفًتض‪ ،‬فإ ّن افًتاض اػبطأ ال يقوم إالّ لضرر أصاب الغَت ال اغبيوان بذاتو‪ ،‬ولكن‬
‫هبوز للمالك أن يثبت خطأ يف جانب اغبارس‪ ،‬فَتجع عليو بالتعويض للخطأ الذي أثبتو ال اػبطأ اؼبفًتض‪.‬‬

‫‪ -2‬األساس الذي تقوم عليو مسؤولية حارس الحيوان‬

‫ذىب البعض الفقهاء إذل تأسيس مسؤولية حارس اغبيوان على فكرة ربمل التبعة‪ ،‬و يؤخذ على ىذا الرأي أنَّو لو‬
‫الرأي الراجح اآلن يذىب إذل‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫صحيحا لوجب مساءلة اؼبنتفع ال اغبارس‪ ،‬أخ ًذا بقاعدة‪" :‬الغرم بالغنم"‪ ،‬و ّ‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫أساس ىذه اؼبسؤولية ىو اػبطأ اؼبفًتض من جانب اغبارس‪ ،‬فقد فرض اؼبشرع على حارس اغبيوان ّازباذ التّدابَت‬
‫أن اغبيوان لن‬‫فإن اؼبشرع افًتض َّ‬
‫الالزمة للحيلولة بُت اغبيوان الذي ىو ربت حراستو واإلضرار بالغَت‪ ،‬فإذا فعل ذلك َّ‬
‫أن حارسو قد ارتكب‬ ‫أن كل ضرر يتسبب بو حيوان يفًتض َّ‬ ‫وبدث أي ضرر‪ ،‬وكنتيجة معاكسة فقد افًتض اؼبشرع َّ‬
‫خطأ؛ ولذلك يتوجب عليو التعويض ‪ ( ...‬فالخطأ ثابت بقرينة مفترضة)‪.‬‬
‫دفع المسؤولية‪.‬‬

‫اػبطأ اؼبفًتض يف جانب اغبارس ال يقبل إثبات العكس ‪...‬؛ أي ال هبوز للحارس يف سبيل دفع اؼبسؤولية عن نفسو‬
‫أن يقيم ال ّدليل على عدم حصول إنبال من جانبو‪ ،‬أو على أنَّو قد ّازبذ كافّة االحتياطات ّ‬
‫الضروريّة ؼبنع اغبيوان من‬
‫إغباق الضرر بالغَت‪ ،‬كأن يثبت أ ّن اغبادث يرجع إذل عيب يف اغبيوان وأنّو كان هبهل وجود ىذا العيب‪ ،...‬وال‬
‫الضرر الواقع؛‬
‫السببية بُت خطئو اؼبفًتض و ّ‬ ‫يكون أمامو إذا أراد التّخلص من ىذه اؼبسؤولية إالّ أن يُثبت انتفاء عالقة ّ‬
‫أي أن يثبت وجود السبب األجنيب‪ ،‬ويتم إثبات السبب األجنيب بأحد األشكال الثالثة التّالية‪:‬‬

‫ضررا للغَت‪.‬‬ ‫‪ ‬إثبات القوة القاىرة‪ :‬كأن ىباف حصان من ّ‬


‫الرعد أو اغبريق‪ ،‬فيسبب ً‬
‫‪ ‬إثبات خطأ المضرور‪ :‬كدخول شخص أحد اؼبنازل بدون مربر‪ ،‬فيعضو كلب اغبراسة ( مع اإلشارة إذل‬
‫ربمل اؼبالك جزءًا من اؼبسؤولية ‪ ،‬إال إذا أشار إذل وجود الكلب )‪.‬‬
‫‪ ‬بإثبات خطأ الغير ‪ :‬كأن ّيهيج أحد اؼبارة كلبًا‪ ،‬فيقدم على عض اؼبضرور‪ .‬وهبب أن يكون خطأ الغَت غَت‬
‫حىت يستطيع نفي مسؤوليتو‪ ،‬فإن‬‫متوقع و غَت فبكن الدفع‪ ،‬وهبب أن يكون الغَت معروفًا من قبل اغبارس ّ‬
‫دل يستطع تعيُت الغَت يبقى اغبارس ىو اؼبسؤول‪ ،‬لعدم سبكنو من إثبات عكس قرينة السببية ‪ .‬مثال‪ :‬إذا‬
‫حىت ينفي حارس األبقار قرينة‬
‫خرجت ؾبموعة من األبقار من الزريبة ‪ ،‬فأكلت مزروعات اعبوار ‪ ...‬و ّ‬
‫اػبطأ اؼبلقاة على عاتقو ادعى أنو أغلق باب الزريبة وأن الغَت ىو الذي فتح الباب ‪ ،‬فإذا استطاع ربديد‬
‫الشخص الذي فتح باب الزريبة فال مسؤولية عليو ‪ ،‬أما إذا دل يستطع ذلك فيبقى ىو اؼبسؤول‪.‬‬

‫المحاضرة الخامسة‬

‫المسؤولية الناشئة عن األشياء الجامدة‬

‫أوال‪ :‬مسؤولية ملكا البناء‪.‬‬

‫نص المادة ‪ 2/140‬من القانون المدني‪ ":‬مالك البناء مسؤول عما يحدثو انهدام البناء من ضرر‪ ،‬ولو كان‬
‫انهداما جزئيا‪ ،‬ما لم يثبت أن الحادث ال يرجع سببو إلى إىمال في الصيانة‪ ،‬أو قدم البناء‪ ،‬أو عيب فيو"‬

‫‪ -1‬شروط تح ّقق مسؤولية حارس البناء‪:‬‬

‫‪ :1-1‬مالك البناء‪ :‬مالك البناء ىو من لو السيطرة الفعلية على البناء‪ ،‬وذلك حبفظو وتعهده بالصيانة‪ ،‬واالستيثاق‬
‫بأنَّو ليس قديبا وال معيبا يهدد الناس باػبطر‪.‬‬
‫‪ :2-1‬تهدم البناء الذي أحدث الضرر‪ .‬هتدم البناء ىو تفككو‪ ،‬وانفصالو عن األرض اليت يتّصل ّٔا اتصال قرار‪،‬‬
‫ويستوي أن يكون التهدم كليا أو جزئيا‪ ،‬كما إذا وقع سقف أو هتدم حائط أو اهنارت شرفة أو سقط سلم‪ ،‬ويستوي‬
‫زبرب مبٌت بسبب قدمو أو بسبب حادث كأن‬ ‫كذلك أن يكون البناء قديبا أو جديدا‪ ،‬معيبا أو غَت معيب‪ ،‬فلو ّ‬
‫يرمى بالقنابل يف غارة جوية‪َّ ،‬‬
‫فإن هت ّدمو بعد ذلك هتدما كليا أو جزئيا إذا أحدث ضررا يرتب مسؤولية يف ذمة‬
‫اغبارس البناء دبقتضى خطأ مفًتض‪.‬‬

‫أن جسما صلبا وضعو شخص يف نافذة مبٌت فوقع على شخص أصيب من جراء ذلك بأذى‪َّ ،‬‬
‫فإن ىذا‬ ‫وعليو لو َّ‬
‫الضرر ال يعترب ناصبا من هتدم البناء مادام سقوط اعبسم الصلب دل يكن نتيجة هتدم النافذة‪ ،‬وما على ذلك‬
‫الشخص إالّ أن يثبت خطأ يف جانب اؼبسؤول‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬اغبريق غَت التهدم‪ ،‬فإذا احًتق بناء وامتدت اغبريق إذل مبان ؾباورة فأصيبت بضرر‪ ،‬دل يكن ىذا الضرر‬
‫ناصبا عن هتدم البناء‪.‬‬

‫‪ -2‬األساس الذي تقوم عليو مسؤولية مالك البناء‬

‫ذىب صبهور الفقهاء إذل تأسيس مسؤولية مالك البناء على اػبطأ اؼبفًتض يف جانب اؼبالك‪ ،‬فاؼبضرور ما عليو‬
‫أن الضرر الذي أصابو قبم عن هتدم البناء هتدما كليا أو جزئيا‪ ،‬و َّ‬
‫أن اؼبدَّعى عليو ىو مالك البناء الذي‬ ‫إالّ أن يثبت َّ‬
‫اهندم‪.‬‬

‫فمسؤولية مالك البناء أساسها اػبطأ الشخصي‪ ،‬حيث يقع على مالك البناء واجب يفرض عليو أن يعتٍت بصيانة‬
‫العامة لكان على اؼبضرور أن يثبت ىذا اػبطأ يف جانب اؼبالك‬ ‫البناء وذبديده وإصالحو‪ ،‬ولو ترك األمر للقواعد ّ‬
‫والضرر الذي أصابو وعالقة السببية‪ ،‬غَت أن الشارع أرى أن ىبفف عن اؼبضرور عبء ىذا اإلثبات حىت ييسر لو‬
‫اغبصول على التعويض فافًتض اػبطأ يف جانب اؼبالك‪ ،‬حيث جعل وجود البناء يف حراسة شخص ومن الطبيعي أن‬
‫اهندام ىذا البناء وإحداثو ضررا للغَت ما ىو إال قرينة على قيام اػبطأ يف جانب اؼبالك‪ ،‬وىذا اػبطأ اؼبفًتض إما إنبال‬
‫يف الصيانة أو التجديد أو اإلصالح وىذا بالنسبة إذل البناء‪.‬‬

‫دفع المسؤولية‪:‬‬

‫أن مالك البناء يبكن أن يدفع مسؤوليتو عن طريق نفي اػبطأ‪ ،‬وذلك بأن يثبت َّ‬
‫أن‬ ‫ذىب غالبية الشارحُت إذل َّ‬
‫هتدم البناء ال يرجع سببو إذل إنبال يف الصيانة أو قدم يف البناء أو عيب فيو‪ ،‬ويعترب ىذا اػبطأ اؼبفًتض ذو شقُت‪:‬ـ‬
‫الشق على َّ‬
‫أن التهدم سببو إنبال يف صيانة البناء أو إنبال يف ذبديده أو يف إصالحو‪ ،‬وىذا‬ ‫الشق األول‪ :‬يقوم ىذا ّ‬
‫اػبطأ يقبل إثبات العكس‪ ،‬وىو يستطيع ذلك بإحدى وسيلتُت ونبا‪ :‬أن يثبت بأ ّن البناء اؼبقصود دل يكن يف حاجة‬
‫إذل الصيانة أو التجديد أو اإلصالح‪ ،‬واما أن يثبت أن التهدم كان نتيجة لسبب غَت اغباجة إذل الصيانة أو إذل‬
‫دمرتو أو زلزال أو فيضان‪ ،‬فإذا قام ّٔذا‬
‫التجديد أو إذل اإلصالح‪ ،‬وذلك كحريق شب يف البناء أو متفجرا ت ّ‬
‫اإلثبات دفع عن نفسو اػبطأ اؼبفًتض‪.‬‬

‫الشق الثاني‪ :‬وىو يقوم على أن اإلنبال منسوب إذل خطأ اؼبالك‪ ،‬وىو ال يقبل إثبات العكس‪ ،‬وال يستطيع اغبارس‬
‫يف ىذه اغبالة أن يدفع عنو اؼبسؤولية إالّ بنفي العالقة السببية ما بُت هتدم البناء والضرر الذي وقع‪ ،‬بأن يثبت مثال‬
‫أن زلزاال كان ىو السبب يف التهدم وىذه ىي القوة القاىرة‪.‬‬

‫المسؤولية الناشئة عن الحريق‬

‫ّأوال‪ :‬أساس المسؤولية الناشئة عن الحريق‬

‫أخرج اؼبشرع اعبزائري اؼبسؤولية الناشئة عن اغبريق عن أحكام اؼبسؤولية الناشئة عن األشياء غَت اغبية وأعادىا إذل‬
‫اؼبادة‪ 124 :‬من القانون اؼبدين‪ ،‬وعليو أساس ىذه اؼبسؤولية ىو خطأ الواجب‬ ‫العامة اؼبنصوص عليها يف َّ‬ ‫القواعد ّ‬
‫إثباتو يف جانب اغبارس (اغبائز) أو األشخاص الذي يسأل اغبارس عنهم (اؼبسؤولية الشخصية)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط قيام المسؤولية الناشئة عن الحريق‪.‬‬

‫‪ -1‬أن يثبت الخطأ في جانب الحارس أو األشخاص الذي يسأل عنهم‪ :‬أي أن يثبت اػبطأ يف جانب‬
‫اغبائز ال اؼبالك‪ ،‬وىو من كان العقار أو جزء منو أو منقوالت ربت يده ولو السيطرة الفعلية عليو‪.‬‬
‫أن يكون اغبريق ىو السبب يف وقوع الضرر‪ :‬وذلك بأن يكون ؿبل اغبريق عقارا أو منقوال‪ ،‬باإلضافة إذل‬ ‫‪-2‬‬
‫ضرورة تسرب اغبريق إذل فبتلكات الغَت وإتالفها‪.‬‬

‫مسؤولية حارس األشياء‪.‬‬

‫تعد ىذه اؼبسؤولية من أىم وأخطر مواضيع اؼبسؤولية‪ ،‬بسبب دخول اآللة يف ىذا العصر حياة اإلنسان دبختلف‬
‫نشاطاتو‪ .‬وتتصف ىذه اآللة اليت يستخدمها اإلنسان بأهنا ذات منفعة كبَتة‪ ،‬كما أهنا ال توضع يف االستعمال إال‬
‫بعد خضوعها لفحوصات واختبارات كثَتة تثبت صالحيتها للعمل ‪.‬‬

‫فمثالً لو أن سيارة جديدة أصيبت بعطل فٍت بعد وضعها يف االستعمال بفًتة قصَتة من الزمن فسببت ضرراً للغَت‪،‬‬
‫فهل يستطيع اؼبضرور اغبصول على تعويض ؟‬
‫فإن ىذا سيؤدي إذل عدم حصول اؼبضرور على تعويض إال إذا‬ ‫إذا أردنا تطبيق القواعد العامة للمسؤولية اؼبدنية‪َّ ،‬‬
‫أثبت ركن اػبطأ يف سلوك مالك السيارة‪ ،‬و ىذا األمر وبمل يف طياتو صعوبة كبَتة‪ ،‬و ؽبذا وضع اؼبشرع أحكاماً‬
‫خاصة للمسؤولية عن الضرر الناجم عن تلك األشياء‪ ،‬وظباىا مسؤولية حارس األشياء اعبامدة ‪.‬‬

‫‪ :1-1‬شروط تح ّقق مسؤولية حارس األشياء‪ .‬اغبراسة كما مضى تتح ّقق بالسيطرة الفعليّة على الشيء قصدا‬
‫حق مشروع أو دل تستند‪ ،‬وعليو فهي ليست بيد مالك الشيء بالضرورة‪،‬‬
‫واستقالال‪ ،‬سواء استندت ىذه السيطرة إذل ّ‬
‫وال يف يد حائزه‪ ،‬وال يف يد اؼبنتفع بو‪ ،‬مثال إذا سلمت السيارة إذل ميكانيكي إلصالحها تنتقل يف الغالب حراستها‬
‫إليو؛ ألنّو يصبح صاحب السيطرة الفعلية عليها‬

‫يقصد بالشيء في ىذه المسؤولية‪ّ :‬‬


‫كل شيء مادي غَت حي ( ما عدا اغبيوان والبناء) إذا كان بطبيعتو أو بسبب‬
‫ظروف ؿبيطة بو يف حاجة إذل عناية خاصة‪ ،‬مع مالحظة َّ‬
‫أن اآلالت اؼبيكانيكية تعترب دائماً يف حاجة إذل ىذه‬
‫العناية اػباصة حبكم القانون‪.‬‬

‫ومن األشـياء اليت تعد بطبيعتها يف حاجة إذل عناية خاصة‪ :‬اؼبواد الكيمائية‪ ،‬و األسالك الكهربائية‪ ،‬و األدوات‬
‫الطبية‪ ،‬واألشعة واألسلحة‪ ،‬والزجاج‪ ،‬واؼبفرقعات‪ ،‬وموس اغبالقة‪.‬‬

‫ومن األشياء اليت تعد يف حاجة إذل ىذه العناية بسبب ظروف مالبسة‪ :‬الشجرة إذا اجتثتها الريح وألقت ّٔا يف‬
‫عرض الطريق‪ ،‬و أصيص الزىر اؼبوضوع على طرف النافذة‪ ،‬و األرض ( أو الًتاب ) إذا اهنار جزء منها أو البسف‬
‫بعضها‪.‬‬

‫أما إذا كان الشيء ال وبتاج لعناية خاصة ‪ ،‬و سبب ضرراً للغَت ‪ ،‬فال زبضع مسؤولية اغبارس ألحكام مسؤولية‬
‫حارس الشيء اعبامد ‪ ،‬و إمبا ألحكام اؼبسؤولية الشخصية اليت تتطلب إثبات خطأ اغبارس ‪.‬‬

‫وقوع الضرر بفعل الشيء‪.‬‬

‫التدخل اإليجابي‪ :‬هبب أن يكون الضرر ناشئا عن فعل الشيء‪ ،‬وال يكفي يف ذلك تدخل الشيء‬ ‫أ‪-‬‬
‫تدخال سلبيا‪ ،‬فإذا وقفت عربة يف اؼبكان اؼبعتاد للوقوف واصطدم ّٔا أحد اؼبارة وأصيب بضرر من ذلك‪،‬‬
‫كان ىذا الوضع سليب للشيء‪ ،‬وال يبكن القول يف ىذه اغبالة أ ّن الضرر الذي وقع ىو من فعل الشيء؛‬
‫الضرر‪ ،‬بل كان تدخلو سلبيا ؿبضا‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ألن الشيء دل يتدخل تدخال إهبابيا يف إحداث ّ‬
‫ب‪ -‬عدم ضرورة االتصال المادي المباشر‪ .‬والتدخل اإلهبايب ال يستلزم االتصال اؼبادي اؼبباشر‪ ،‬فقد ال‬
‫يتصل الشيء اتصاال ماديا مباشرا دبن وقع عليو الضرر‪ ،‬ومع ذلك يتدخل تدخال إهبابيا يف إحداث‬
‫الضرر‪ ،‬مثل إذا سارة دراجة نارية بسرعة تفوق السرعة اؼبعتادة ففزع أحد اؼبارة ووقع فأصيب بضرر دون‬
‫أن سبسو الدراجة النارية‪.‬‬
‫ت‪ -‬فعل الشيء وفعل اإلنسان‪ :‬هبب الدقة يف التمييز بُت فعل الشيء وفعل اإلنسان؛ ذلك أن اؼبسؤولية‬
‫فعل الشيء تقوم على أساس اػبطأ اؼبفًتض‪ ،‬أما اؼبسؤولية فعل اإلنسان تقوم على أساس خطأ واجب‬
‫اإلثبات‪ ،‬والضرر يعترب من فعل الشيء إذا كان الشيء قد أحدث الضرر وىو مفلت من زمام حارسو‪،‬‬
‫أما إذا كان اغبارس قابضا على زمام الشيء فكل ضرر وبدث يعترب من فعلو ال من فعل الشيء‪.‬‬

‫‪ :2-2‬أساس مسؤولية حارس األشياء‪.‬‬

‫الرأي الراجح ىذه اؼبسؤولية على اػبطأ يف اغبراسة‪ ،‬فإذا أغبق الشيء ضرراً بالغَت‪ ،‬فيفًتض أنَّو قد أفلت‬
‫يؤسـس ّ‬
‫ّ‬
‫الضرر‬
‫أن ّ‬‫من زمام حارسو‪ ،‬وىذا ىو اػبطأ اؼبفًتض الذي ال يكلف اؼبضرور بإقامة الدليل عليو‪ ،‬بل يكفي أن يثبت َّ‬
‫قد وقع بفعل آلة ميكانيكية أو بفعل شيء آخر تتطلب حراستو عناية خاصة‪ ،‬فإن أثبت ذلك فيفًتض أ ّن الشيء‬
‫قد تدخل تدخالً إهبابياً يف إحداث الضرر‪ ،‬إالّ إذا أثبت اغبارس أن تدخلو كان سلبياً ‪.‬‬

‫دفع مسؤولية حارس األشياء‪:‬‬

‫اػبطأ ىنا مفًتض افًتاضاً ال يقبل إثبات العكس؛ أي توجد قرينة قانونيَّة قاطعة على خطأ اغبارس‪ ،‬و ىذه‬
‫القرينة ال تقبل الدليل العكسي‪ ،‬دبعٌت أنَّو ال هبوز للحارس يف سبيل دفع اؼبسؤولية عن نفسو إثبات أنّو قام بواجب‬
‫الشيء ربت سلطتو الفعليّة‪ ،‬و ىذا االلتزام ىو‬
‫كل حارس بأن يبقى ّ‬ ‫بالشيء؛ َّ‬
‫ألن ىناك التزاماً قانونياً على ّ‬ ‫العناية ّ‬
‫التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬و ليس ببذل عناية‪ ،‬فإن دل ينفذ اغبارس ىذا االلتزام فقد ربقق اػبطأ دون اغباجة للبحث عن‬
‫سببو‪ ،‬و لذا لن يفيد اغبارس شيئاً إثبات أنّو دل يقصر يف تنفيذ ىذا االلتزام ‪.‬‬

‫السببية بُت اػبطأ اؼبفًتض والضرر‪ ،‬ويكون ذلك‬


‫وليس أمام اغبارس إذا أراد دفع مسؤوليتو سوى نفي عالقة ّ‬
‫السبب األجنيب‪ :‬أي بإثبات القوة القاىرة‪ ،‬أو خطأ الغَت‪ ،‬أو خطأ اؼبضرور حسب ما نصت عليو اؼبادة‬
‫بإثبات ّ‬
‫‪ 138‬من القانون اؼبدين‪.‬‬
‫المحاضرة السادسة‬

‫محاضرة‪ :‬اإلثراء بال سبب‬


‫مقدمة‪:‬‬

‫كل من أثري على حساب غَته بدون سبب قانوين أن يلتزم بَِرّْدهِ‪ ،‬وؽبذا‬ ‫أن ّ‬‫العامة؛ َّ‬
‫من مقتضيات اؼبصلحة َّ‬
‫فاإلثراء بال سبب يعد واقعة قانونية تشكل مصدرا من مصادر االلتزام‪.‬‬

‫إن الشريعة دل تعتد ّٔذه القاعدة إالَّ يف حدود ضيقة‪ ،‬ويرى آخرون‬
‫يف الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬يقول بعض الفقهاء‪َّ :‬‬
‫بأن الكسب بدون سبب تعرفو الشريعة اإلسالميَّة مبدأ عاما وقاعدة كلية‪ ،‬فهي تقضي بأنَّو‪( :‬ال ضرر وال‬ ‫َّ‬
‫ضرار)و(الغنم بالغرم)‪.‬‬

‫ّأوال‪ :‬تعريف اإلثراء بال سبب‪.‬‬

‫اإلثراء بال سبب‪ :‬ىو واقعة أو عمل نافع يًتتب عليو إثراء شخص ىو‪( :‬اؼبثري) أو اؼبدين‪ ،‬وافتقار شخص آخر‬
‫ىو‪( :‬اؼبفتقر) أو الدائن؛ دون سبب مشروع‪ ،‬ودبقتضاه يلتزم اؼبدين (اؼبثري) بتعويض الدائن (اؼبفتقر)‪.‬‬

‫كما لو دفع شخص آلخر مبلغا غَت ملزما بو‪َّ ،‬‬


‫فإن قابض اؼببلغ يثري على حساب من دفع ما ليس مستحقا‬
‫عليو‪ ،‬ويف اؼبقابل يفتقر دافع اؼببلغ‪.‬‬

‫اؼبادة‪ 141:‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو‪( :‬كل من نال عن حسن نية من عمل الغَت أو من شيء لو منفعة ليس ؽبا ما‬
‫تنص َّ‬
‫يربرىا يلزم بتعويض من وقع اإلثراء على حسابو بقدر ما استفاد من العمل أو الشيء)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أركان اإلثراء بال سبب‪.‬‬

‫إثراء المدين‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ويقصد بإثراء اؼبدين؛ ىو كل فائدة أو منفعة وبصل عليها اؼبدين سواء كانت مادية وىو األغلب أو معنوية يبكن‬
‫مباشرا من الدائن إذل اؼبدين أو غَت مباشر‬
‫تقويبها باؼبال‪ ،‬واإلثراء قد يكون إهبابيا وىو األصل أو سلبيا كما قد يكون ً‬
‫بواسطة شخص ثالث‪.‬‬
‫اإليجابي‪َّ :‬‬
‫يتحقق اإلثراء اإلهبايب بإضافة قيمة مالية أو منفعة ماديَّة إذل ذمة اؼبدين؛ مثل‪ :‬إذا استهلك‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬اإلثراء‬
‫شخص قدرا من اؼبياه أو النّور عن طريق مواسَت أو أسالك خفية كان ما يستهلكو قيمة مالية أُثرى ّٔا‪ ،‬وقد َّ‬
‫يتحقق‬
‫اإلثراء ال عن طريق إضافة قيمة مالية إذل ذمة اؼبدين بل عن طريق منفعة هبنيها أو عمل يستثمره‪.‬‬
‫مثل‪ :‬انتفاع شخص دبنزل دون عقد إهبار‪ ،‬أو االستفادة من عمل تصميم قام بو مهندس‪ ،‬أو حالة السمسار الذي‬
‫ال تتّْم الصفقة على يديو ولكنو ىو الذي صبع بُت البائع واؼبشًتي‪.‬‬
‫السليب بوفاء ديون مدين على آخر فيثري اؼبدين إثراء سلبيا عن طريق النقض فيما‬
‫ّ‬ ‫السلبي‪َّ :‬‬
‫يتحقق اإلثراء‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬اإلثراء‬
‫الراىن‪.‬‬
‫عليو من ديون‪ ،‬كما لو دفع اؼبشًتي لعقار مرىون دين اؼبدين َّ‬
‫ذمة اؼبثري؛‬
‫ذمة اؼبفتقر إذل َّ‬ ‫‪ -‬اإلثراء المباشر‪ :‬يكون اإلثراء ً‬
‫مباشرا؛ إذا انتقل ‪-‬يف أي صورة من صوره اؼبباشرة‪ -‬من َّ‬
‫سواء أربقق ىذا االنتقال بفعل من اؼبثري (كالسكن يف منزل اؼبفتقر دون أجر أو استخدام اؼبثري أدوات اؼبفتقر يف‬
‫ربقق بفعل اؼبفتقر (كسداد شخص دينا على آخر) أو(قيام اؼبستأجر بالًتميمات اعبسمية يف العُت‬‫بناء منزلو لو) أم َّ‬
‫اؼبؤجرة)‪.‬‬
‫تدخل وسيط بُت اؼبثري واؼبفتقر‪ ،‬وقد يقع تدخل ىذا الوسيط‬ ‫‪ -‬اإلثراء غير المباشر‪ :‬يكون اإلثراء غَت ً‬
‫مباشرا؛ إذا َّ‬
‫عن طريق عمل مادي كتدخل شخص إلطفاء حريق يف ملك آخر فيتلف أموال شخص ثالث للحصول على اؼبياه‬
‫الالزمة‪ ،‬أو بتصرف قانوين كما لو كلف مشًتي السيارة ميكانيكيا بإجراء اإلصالحات الالزمة ؽبا‪ ،‬مث فسخ بعد‬
‫اؼبيكانيكي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ذلك عقد بيع ىذه السيارة‪ ،‬فيكون البائع الذي عادت ملكية السيارة إليو قد أثري من عمل‬
‫السليب واؼبباشر‬
‫اإلهبايب‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫المادي‪ :‬األصل يف اإلثراء أن يكون ماديِّا‪ ،‬وفيما قدمناه من األمثلة يف‪ :‬اإلثراء‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬اإلثراء‬
‫ذمة اؼبثري‪.‬‬
‫يتبُت منو اإلثراء ىو‪ :‬قيمة ماليَّة أو منفعة ماديَّة انتقلت إذل َّ‬
‫وغَت اؼبباشر‪ ،‬وما َّ‬
‫‪ -‬اإلثراء المعنوي‪ :‬ولكن اإلثراء قد يكون معنويا ويكون إثراء عقليا أو أدبيا أو صحيا مثل ‪ :‬اؼبدرس وىو يعلّْم‬
‫التالميذ هبعلو يثري إثراء عقليا‪ ،‬واحملامي وىو وبصل على حكم برباءة اؼبتهم يثري إثراء أدبيا‪ ،‬والطبيب وىو يشفى‬
‫اؼبريض يثري إثراء صحيا ‪،‬فهل يصلح اإلثراء اؼبعنوي كاإلثراء اؼبادي ركنا لقاعدة اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫يصح ذلك إذا كان من اؼبستطاع أن يقدر دبال‪ ،‬سواء يف ذاتو أو من ناحية االفتقار الذي يقابلو‪.‬‬‫اعبواب‪ :‬نعم ّ‬
‫‪ -2‬افتقار الدائن‪:‬‬
‫وجوب رب ّقق االفتقار‪ ،‬إذا رب ّقق اإلثراء يف جانب شخص ودل يقابلو افتقار يف جانب الشخص اآلخر‪ ،‬دل يكن‬
‫ىناك ؾبال لتطبيق قاعدة اإلثراء‪.‬‬
‫كل خسارة تلحق َّ‬
‫الدائن أو منفعة تفوتو‪ ،‬االفتقار كاإلثراء قد يكون إهبابيا أو سلبيا‪ :‬ويتح ّقق‬ ‫ويُقصد باالفتقار ّ‬
‫الدائن اؼبفتقر ماال لصاحل اؼبدين؛ كقيام شخص بسداد دين على غَته‪.‬‬‫االفتقار اإلهبايب؛ بإنفاق َّ‬
‫ويتمثل االفتقار السليب يف فوات منفعة أيا كانت مادام يبكن تقويبها باؼبال كحرمان مالك اؼبنزل من االنتفاع دبنزلو‬
‫إثر شغلو من اؼبثري دون مقابل‪.‬‬
‫واالفتقار كاإلثراء قد يكون ماديا أو معنويا مباشرا أو غَت مباشر‪.‬‬
‫‪ -3‬العالقة السببية بين اإلثراء واالفتقار‪:‬‬

‫هبب أن تكون ىناك عالقة سببيَّة بُت اإلثراء واالفتقار‪ ،‬فإذا قام شخص بإنشاء حديقة يف منزلو وصبلها ذبميال‬
‫ُثري بارتفاع قيمة منزلو‪ ،‬ولكن من أنشأ اغبديقة دل يفتقر ودل يقم‬
‫فإن اعبار يكون قد أ َ‬‫جعل منزل جاره ترتفع قيمتو‪َّ ،‬‬
‫بإنشائها إال ؼبنفعة نفسو وقد جٌت ىذه اؼبنفعة كاملة‪.‬‬
‫‪ -4‬حسن نية المثري‪:‬‬
‫شخصي ذايت وليس موضوعي كغَته من القوانُت العربية‪ ،‬إذا كان‬‫ّ‬ ‫ائري معيار اإلثراء على أساس‬ ‫أقام اؼبشرع اعبز ّ‬
‫هبب أن يكون اؼبثري حسن النية‪ ،‬فما حكم اؼبثري سيء النية؟‬
‫اعبواب‪ :‬دل يتعرض القانون اعبزائري ؽبذا الفرض بينما تعرض لو القانون اللبناين الذي فرق بُت اؼبثري حسن النية فلم‬
‫يلزمو إال بَِرّْد ما بقي لديو من اإلثراء يوم رفع الدعوى حبيث لو كان قد تصرف فيو أو كان قد ىلك فإنو ال يلزم‬
‫بشيء‪ ،‬أما اؼبثري سيء النية فألزمو بَِرّْد ما أثرى بو يوم حدوث اإلثراء مهما كان‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الجزاء المترتب على اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫هبب على اؼبثري أن يعوض اؼبفتقر بقدر افتقاره‪.‬‬
‫سقوط دعوى التعويض عن اإلثراء بال سبب‪:‬‬
‫اؼبادة‪ :142‬تسقط دعوى التعويض عن اإلثراء بال سبب بانقضاء عشر سنوات (‪ )10‬من اليوم الذي يعلم فيو‬
‫من غبقتو اػبسارة ّْ‬
‫حبقو يف التعويض‪ ،‬وتسقط َّ‬
‫الدعوى يف صبيع األحوال بانقضاء طبسة عشر (‪ )15‬سنة من اليوم‬
‫اغبق‪.‬‬
‫الذي ينشأ فيو ىذا ّْ‬

‫المحاضرة السابعة‬

‫الفضالة‬

‫أوالً‪ :‬تعريف الفضالة‪.‬‬


‫ِ‬
‫غبساب آخر‪.‬‬ ‫الفضالة ىي‪ :‬أن يتوذل شخص عن قصد دون أن يكون ملزما بذلك شأنا نافعا عاجال‬

‫خاصا من تطبيقات اإلثراء بال سبب؛ ألن يف التزام‬


‫السائد يف الفقو القانوينّ تطبيقا ِّ‬
‫والفضالة تعترب وفقا للرأي ّ‬
‫رب العمل بتعويض الفضورل ما يبنع من إثرائو على حساب األخَت‪ ،‬وإن كانت تبدو يف ظاىرىا تدخال يف شؤون‬
‫أن ىذا التدخل ال يقصد بو إالَّ منفعة للغَت وقد نظَّم اؼبشرع اعبز ّ‬
‫ائري أحكام الفضالة‬ ‫الغَت‪ ،‬إالَّ َّ‬
‫أن الذي يُ ّْربر قيامها َّ‬
‫اؼبادة‪150 :‬بقولو‪ ( :‬الفضالة ىي أن‬
‫عرف الفضالة يف ّ‬ ‫ائري‪ ،‬حيث ّ‬ ‫يف اؼبواد‪ 150 :‬إذل ‪ 159‬من القانون اؼبدين اعبز ّ‬
‫يتوذل شخص عن قصد القيام بالشأن غبساب شخص آخر دون أن يكون ملزما بذلك)‪.‬‬

‫اؼبادة‪ 151 :‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو ‪( :‬تتح ّقق الفضالة ولو كان الفضورل أثناء تولية شأنا‬
‫كما نصت ‪-‬كذلك‪ّ -‬‬
‫لنفسو قد توذل شأن غَته ‪،‬ؼبا بُت األمرين من ارتباط ال يبكن معو القيام بأحدنبا دون اآلخر)‪.‬‬

‫األول من تلقاء نفسو بإدارة شؤون غَته كأن يقوم لو جبٍت شبار‬
‫أن الفضالة تفًتض وجود شخصُت؛ يقوم َّ‬‫ويُالحظ َّ‬
‫توشك على الفساد وبال تفويض‪ ،‬ويسمى ‪ :‬الفضورل‪ ،‬و الثاين ىو رب العمل الذي يتوذل الشأن غبسابو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أركان الفضالة ‪.‬‬

‫مادي‪ ،‬وركن‬ ‫ائري ؛ َّ‬


‫أن للفضالة أركان ثالثة ىي‪ :‬ركن ّ‬ ‫اؼبادة‪ 150 :‬من القانون اؼبدينّ اعبز ّ‬
‫نص َّ‬
‫يستخلص من ّْ‬
‫معنوي‪ ،‬وركن قانوينّ؛ على النحو اآليت ‪:‬‬
‫ّ‬
‫المادي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ :1‬الركن‬

‫الفضورل بشأن عاجل غبساب رب العمل‪ ،‬ويستوي أن يكون ىذا العمل‬ ‫ّ‬ ‫اؼبادي للفضالة؛ يف قيام‬
‫ّ‬ ‫يتمثّل الركن‬
‫الفضورل ببيع مواد سريعة التّلف لرب العمل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تصرفا قانونيا أو عمال ماديا‪ ،‬ومن قَبيل التّصرفات القانونيّة أن يقوم‬
‫وكذلك استمرار الوكيل يف التّصرف باسم األصل بعد انتهاء الوكالة َّأما األعمال اؼبادية فتتمثل‪ :‬يف قيام الفضورل‬
‫بإطفاء حريق يف منزل رب العمل‪ ،‬أو يقوم بًتميم جدار جاره الذي أشرف على االهنيار‪.‬‬

‫ويف القوانُت اؼبقارنة ىناك من يشًتط يف العمل الذي يقوم بو الفضورل لرب العمل أن يكون نافعا لو وضروريا؛‬
‫أي عمال ما كان رب العمل ليتأخر يف القيام بو‪.‬‬
‫ْ‬
‫حىت وإن‬‫اؼبادي للفضالة‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫جوىري لقيام الركن‬
‫ّ‬ ‫كما يشًتط يف العمل أن يكون متَّسما باالستعجال‪ ،‬وىو شرط‬
‫أن التَّدخل يف شؤون الغَت ال يكون جديرا حبماية القانون‪ ،‬إالَّ‬‫فإن اؼبنطق يقتضي َّ‬‫سكت اؼبشرع اعبزائري عن ذلك؛ َّ‬
‫إن‬‫الشأن يف موقف ال يتواىن عن القيام دبا قام بو الفضورل لصاغبو‪ ،‬مث َّ‬
‫إذا دعت إليو ضرورة عاجلة‪ ،‬أو كان صاحب َّ‬
‫الفضورل إذا دل يكن عاجال وضروريا عُ َّد ذلك خطأ من جانبو يستلزم قيام مسؤوليتو التّقصَتية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التَّدخل‬

‫الركن المعنوي‪.‬‬
‫‪ّ :2‬‬
‫الفضورل أثناء تولية شأن غَته ؼبصلحة رب العمل‪ّ ،‬أما إذا انصرفت نيتو‬
‫ّ‬ ‫لكي تقوم الفضالة هبب أن تنصرف نية‬
‫إذل غَت ذلك؛ كأن انصرفت إذل ربقيق مصلحة لنفسو‪ ،‬أو عاد عملو دبنفعة على شخص آخر‪ ،‬فال تقوم الفضالة‪،‬‬
‫فاؼبستأجر الذي يقوم بإصالحات ضرورية يف العُت اؼبؤجرة لكي ينتفع ّٔا بشكل مالئم‪ ،‬ال يُعد فضوليا مادام يعمل‬
‫ؼبصلحة نفسو‪ ،‬وكذلك من يقوم بًتميم منزل اعتقادا منو أنَّو فبلوك لو‪.‬‬

‫فالنِّية إذن ىي التي تميز بين الفضالة واإلثراء بال سبب‪.‬‬

‫ويف األمثلة اؼبذكورة َّ‬


‫فإن قواعد اإلثراء ىي اليت تطبق‪ ،‬فاؼبستأجر الذي أدخل إصالحات على العُت لينتفع ّٔا ىو‪،‬‬
‫الرجوع على اؼبؤجر بدعوى اإلثراء بال سبب ال بدعوى الفضالة‪.‬‬ ‫يبكنو ُّ‬
‫الشخص الذي يعتقد أنَّو يعمل ؼبصلحة نفسو‪ ،‬وإذا بو يعمل ؼبصلحة غَته أل َّ‬
‫َن العربة‬ ‫كما ال يعترب فضوليا ّ‬
‫بالقصد‪ ،‬وىي انصراف النّْية لتحقيق مصلحة للغَت‪ ،‬فلو قام شخص بإجراء إصالحات ضروريّة ؼبصلحتو يف منزل‬
‫يعتقد أنو يبلكو‪ ،‬مث تبُت بعد ذلك أنّو ملك لغَته؛ فإنَّو ال يعترب فضوليا للغَت وال يرجع عليو إالّ بدعوى اإلثراء بال‬
‫سبب‪.‬‬

‫كما هبوز أن يعمل الفضورل ؼبصلحة نفسو وؼبصلحة رب العمل يف آن واحد فتقوم الفضالة ولو كان الفضورل يف‬
‫أثناء تولية شأنا لنفسو قد توذل شأن غَته؛ وذلك الرتباط الشأنُت ببعضهما البعض‪ ،‬حيث ال يبكن القيام بأحدنبا‬
‫الشريك على الشُّيوع بإدارة اؼبال الشَّائع‪.‬‬
‫دون اآلخر (اؼب َّادة‪151:‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪ ،‬ومن قبيل ذلك أن يقوم َّ‬
‫‪ :3‬الركن القانوني‪:‬‬
‫لتح ّقق الفضالة من الناحيَّة القانونيَّة هبب أن ال يكون الفضورل ملتزما بالعمل الذي قام بو‪ ،‬وال موكال فيو‪ ،‬وال‬
‫اؼبادة‪150 :‬من ق‪.‬م‪ .‬ج على ىذا الركن بقوؽبا"‪...‬دون أن يكون ملتزما بذلك"‪.‬‬ ‫منهيا عنو‪ ،‬وقد نصت َّ‬
‫فالفضورل الذي يتدخل يف شؤون الغَت‪ ،‬ال هبب أن يكون ملتزما من قبل رب العمل سواء بالتزام عقدي أو اتفاقي‪،‬‬
‫أو دبقتضى حكم قضائي‪ ،‬أو نص قانوين‪.‬‬
‫نص القانون‬
‫فاؼبقاول الذي يقوم بإنشاءات غبساب رب العمل ال يكون فضوليا‪ ،‬ألنو ملتزم دبوجب عقد‪ ،‬ولقد َّ‬
‫الشخص موكال يف العمل الذي يقوم بو‪ ،‬ألنَّو يعترب وكيال ىنا‬
‫اؼبادة‪ 152 :‬منو على أن ال يكون َّ‬ ‫اؼبدين اعبزائري يف ّ‬
‫ال فضوليا‪ ،‬وإذا دل يكن وكيال ولكن رب العمل أجاز ما قام بو من عمل‪ ،‬فإنَّو تسري عليو أحكام الوكالة ال‬
‫الفضالة‪.‬‬
‫كما يشًتط أن ال يكون رب العمل قد هنى الغَت عن التَّدخل يف شؤونو‪ ،‬سواء أكان هنيا صروبا أم ضمنيا‪ ،‬وإذا‬
‫قام اؼبتدخل بالعمل رغم هنيو‪ ،‬فإنَّو ال يعد فضوليا وال يطالب رب العمل بشيء استنادا إذل الفضالة‪ ،‬بل يكون‬
‫مسؤوال عن عملو ذباه الغَت إذا غبقو ضرر‪َّ ،‬أما إذا انتفع رب العمل من عملو فإنَّو تطبق أحكام ّ‬
‫اؼبادة‪ 141:‬من‬
‫ق‪.‬م‪ .‬ج‪ .‬التعويض من وقع اإلثراء على حسابو‪.‬‬

‫أحكام الفضالة‬

‫‪ -1‬التزامات الفضولي اتجاه رب العمل‪:‬‬

‫يلتزم الفضورل طبقا للمواد‪155-153:‬ق‪.‬م‪.‬ج بأربع التزامات ىي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬التزام الفضولي المضي في العمل الذي بدأه‪:‬‬

‫نصت اؼبادة‪153 :‬من ق‪.‬م ‪.‬ج ‪.‬بأنَّو‪ " :‬هبب على الفضورل أن يبضي يف العمل الذي بدأه إذل أن يتمكن رب‬
‫العمل من مباشرتو بنفسو كما هبب عليو أن ىبطر بتدخلو رب العمل مىت استطاع ذلك"‪.‬‬

‫ويهدف اؼبشرع من وراء ىذا االلتزام أن يبنع التدخل يف شؤون الغَت عن خفة واستهتار‪ ،‬فمن دل يكن ملزما‬
‫بالتدخل يف عمل لصاحل شخص وتدخل رغم ذلك‪ ،‬فإنَّو يكون واجبا عليو أن يكون جديا يف تدخلو‪ ،‬وأن يبضي يف‬
‫عملو غبماية اؼبصلحة اليت كانت ؿبل فضولو وقصد رعايتها‪.‬‬

‫غَت أنَّو ال يلتزم الفضورل بإسبام ما بدأه من عمل‪ ،‬إالَّ إذا دل يتمكن رب العمل من مباشرتو بنفسو‪ ،‬إذ أنَّو مىت‬
‫سبكن ىذا األخَت من ذلك سقط عن الفضورل التزامو بإسبام العمل الذي بدأه‪ ،‬ووجب على رب العمل القيام بشؤونو‬ ‫َّ‬
‫بنفسو‪.‬‬

‫*ليس المقصود بالفضالة العبث بشؤون الغير إنما المراد منها المحافظة *‬

‫الفضورل يف عملو قد يُعرض مصاحل رب العمل للخطر أكثر فبا ىي‬


‫ّ‬ ‫واغبكمة من ىذا االلتزام َّ‬
‫أن عدم استمرار‬
‫عليو قبل تدخلو‪ ،‬ويراد باالستمرار يف العمل ىو القيام دبا ىو الزم للحفاظ على الشيء سواء أكان تصرفا قانونيا أم‬
‫عمال ماديا‪ ،‬إذل حُت تورل رب العمل الشأن بنفسو‪ ،‬وإذا طال التدخل َّ‬
‫فإن على الفضورل اللجوء إذل القضاء لطلب‬
‫تعيُت من يدير العمل بدلو‪.‬‬

‫ب‪ -‬التزام الفضولي بإخطار رب العمل بتدخلو متى استطاع ذلك‪:‬‬

‫تمما لو واؽبدف‬
‫وم ّْ‬
‫األول‪ُ ،‬‬
‫اؼبادة‪153 :‬ق‪.‬م‪.‬ج فقرة أخَتة متفرعا عن االلتزام َّ‬
‫نصت عليو ّ‬
‫يعترب ىذا االلتزام كما ّ‬
‫الفضورل من شأن يتعلّق برب العمل ال بو‪ ،‬ولذلك وجب على الفضورل اؼببادرة إذل إخطار‬
‫ّ‬ ‫منو ىو أن ما يقوم بو‬
‫الفضورل من االستمرار فيما‬
‫ّ‬ ‫رب العمل مىت تسٌت لو ذلك‪ ،‬وذلك قصد سبكينو من‪َّ :‬إما ؼبباشرة الشأن بنفسو‪ ،‬أو يبنع‬
‫النص‪.‬‬
‫تواله‪ ،‬وكذلك ؼبنع أي مصروفات زائدة وذبنبا ألي نزاع قد يثور بُت الفضورل ورب العمل يف غياب ّ‬
‫ج‪ -‬التزام الفضولي ببذل عناية الرجل العادي‪:‬‬

‫الفضورل أن يبذل يف القيام بالعمل عناية الرجل العادي‬


‫ّ‬ ‫اؼبادة‪ 154 :‬بقوؽبا‪ " :‬هبب على‬
‫نصت على ىذا االلتزام َّ‬
‫َّ‬
‫ويكون مسؤوال عن خطأه ومع ذلك فللقاضي أن ينقص مبلغ التعويض اؼبًتتب على ىذا اػبطأ إذا كانت الظروف‬
‫تربر ذلك‪."....‬‬

‫الرجل العادي أو رب األسرة اغبريص‪،‬‬


‫الفضورل أن يبذل يف القيام بالعمل عناية ّ‬
‫ّ‬ ‫اؼبادة‪ :‬أنَّو على‬
‫نص َّ‬‫ُويفهم من ّْ‬
‫ويف ذلك التزام ببذل عناية ال التزام بتحقيق نتيجة‪.‬‬

‫حىت ال يكون ـبطئا ويًتتب على خطأه اؼبسؤولية وتكون‬


‫الرجل العادي َّ‬ ‫الفضورل أن ال ينحرف عن سلوك ّ‬
‫ّ‬ ‫وعلى‬
‫مسؤوليتو يف ىذه اغبالة ـبففة وعلى القاضي أن يراعي نية الفضورل اغبسنة يف العناية واحملافظة على شؤون الغَت‪،‬‬
‫واػبطأ يف ىذه اغبالة ال ىو خطأ تقصَتي وال ىو خطأ عقدي بل ىو خطأ يف الفضالة تكون اؼبسؤولية يف حدود‬
‫نطاقو‪.‬‬

‫د‪ -‬التزام الفضولي بتقديم حساب لرب العمل ‪:‬‬

‫ويف ىذا نصت اؼبادة ‪ 155:‬ق ‪.‬م‪ .‬ج‪ .‬على أنو ‪ ":‬يُلزم الفضورل دبا يلزم بو الوكيل من رد ما تسلَّمو بسبب الفضالة‬
‫وتقدًن حساب ما قام بو"‪.‬‬

‫وعما أنفقو وأن يرد‬


‫الفضورل التزام بتقدًن حساب لرب العمل ؼبا قام بو من عمل‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وحسب ىذا النّص فإنَّو يقع على‬
‫ما استوذل عليو بسبب الفضالة‪ ،‬وىذا يف حالة قيامو بتصرف قانوين سواء عقده نيابة عن رب العمل‪ ،‬أو عقده باظبو‬
‫الشخصي لصاحل رب العمل‪.‬‬
‫ّ‬
‫عامل الفضورل معاملة الوكيل من حيث التزامو بتقدًن حساب عن األعمال اليت يقوم‬
‫ائري َ‬ ‫ويالحظ‪َّ :‬‬
‫أن اؼبشرع اعبز ّ‬
‫ّٔا غبساب رب العمل وفقا ؼبا نصت عليو اؼبادة‪577 ( :‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫‪ -2‬التزامات رب العمل‪:‬‬

‫اؼبادة‪157:‬من ق‪.‬م ‪.‬ج‪ .‬وىي كاآليت‪:‬‬


‫يلتزم رب العمل بأربعة التزامات طبقا ؼبا نصت عليو َّ‬
‫التزام رب العمل بتنفيذ تعهدات التي عقدىا الفضولي نيابة عنو‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫إن مصدر ىذه التعهدات ىي النيابة القانونيَّة‪ ،‬حيث نصت اؼبادة‪ ":157:‬أنّو مىت َّ‬
‫ربققت شروط الفضالة كان‬ ‫َّ‬
‫الفضورل نائبا عن رب العمل ولو دل تتح ّقق النتيجة اؼبرجوة"‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإهنا تنصرف إذل األصيل وىو‬
‫فإن آثار التصرف الذي يقوم بو الفضورل من حقوق أو التزامات ّ‬ ‫وبناء على ذلك َّ‬
‫رب العمل‪ ،‬وعليو فإنّو يلتزم بتنفيذ تلك االلتزامات اليت ترتبت عن ىذا التصرف كونو طرفا فيها‪.‬‬

‫ب‪ -‬التزام رب العمل بتعويض الفضولي عن المتعهدات التي عقدىا باسمو شخصيا‪:‬‬

‫إ ّن مصدر ىذا االلتزام ىو قاعدة اإلثراء بال سبب‪ ،‬يكون التعويض فيو بقدر االفتقار دون االعتداء باإلثراء‪،‬‬
‫الفضورل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وذلك مراعاة لوضع‬

‫فإذا حدث وأن تعاقد الفضورل باظبو ولصاحل رب العمل‪ ،‬فإنَّو يكون مسؤوال شخصيا اذباه من تعاقد معو كما لو‬
‫تعاقد مع مقاول إلصالح منزل رب العمل‪ ،‬فيقع على ىذا األخَت – رغم كونو أجنبيا عن العقد‪ -‬التزام بتعويض‬
‫الفضورل عن التعهدات اليت التزم ّٔا إلقباز أعمال الفضالة (م‪157‬ق‪.‬م) وإذا أدى الفضورل االلتزامات للمقاول كان‬
‫لو أن يرجع دبا يؤديو على رب العمل‪.‬‬

‫ج‪ -‬التزام رب العمل برد النفقات الضرورية والنافعة‪ ،‬ودفع أجر الفضولي‪:‬‬

‫الضرورية أو النّافعة اليت سوغتها‬


‫نصت اؼبادة‪157‬ق‪.‬م‪ .‬على أنّو‪" :‬يكون رب العمل ملزما برد النّفقات ّ‬
‫الظروف‪.....‬وال يستحق الفضورل أجرا على عملو إال إذا كان ىذا العمل من أعمال مهنتو "‪.‬‬

‫النص رب العمل برد النفقات الضروريّة والنافعة اليت أنفقها الفضورل‪ ،‬ومن أمثلة اؼبصروفات‬
‫يلتزم حسب ىذا ّ‬
‫الضروريّة دفع الفضورل أجر اليد العاملة عبٍت احملصول‪ ،‬أو مصروفات زبزينو ‪.‬‬

‫أما األجر فيدخل ضمن النفقات إذا كان العمل الذي قام بو الفضورل يدخل ضمن أعمال مهنتو‪ ،‬ويف القانون‬
‫اعبزائري ال يلزم رب العمل بدفع أجر الفضورل ‪،‬إال إذا كان ىذا العمل داخل يف نطاق مهنتو‪.‬‬
‫د‪ -‬التزام رب العمل بتعويض الضرر الذي لحق الفضولي‪:‬‬

‫قد يلحق الفضورل ضرر أثناء قيامو بالعمل‪ ،‬يستوجب التعويض من طرف رب العمل شريطة أن ال يكون ىذا‬
‫الضرر ناتج عن خطأ منو‪ ،‬وىو ما نصت عليو اؼبادة‪158 :‬ق‪.‬م‪.‬ج بقوؽبا‪..." :‬وبتعويضو عن الضرر الذي غبقو‬
‫بسبب قيامو بالعمل ‪"...‬‬

‫فالفضورل الذي يصاب جبروح وىو وباول أن يبسك بفرس رب العمل أو يصاب حبروق من جراء إطفائو غبريق‬
‫شب يف منزل رب العمل‪ ،‬يكون من ّْ‬
‫حقو الرجوع على ىذا األخَت مىت دل يكن بإمكانو أن يتوقى الضرر الذي ببذل‬
‫عناية الرجل العادي‪ ،‬وكان تضرره بغَت خطأ منو‪ ،‬بتعويض ىذا الضرر الذي يدخل ضمن تكاليف تأدية الفضالة‪.‬‬

‫‪ -3‬أحكام مشتركة بين التزامات الفضولي والتزامات رب العمل‪:‬‬

‫نص عليها‬
‫ىناك التزامات مشًتكة تقع على عاتق رب العمل و الفضورل تشًتك فيما بينهما يف عدة أحكام وقد َّ‬
‫ائري يف اؼبواد ‪159،158،156‬وىي األىلية يف الفضالة‪ ،‬أثر موت أحد طريف الفضالة‪ ،‬وتقادم دعوى‬ ‫القانون اعبز ّ‬
‫الفضالة‪ .‬نتناوؽبا على الًتتيب فيما يلي ‪:‬‬

‫األىلية في الفضالة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫نصت اؼبادة ‪158:‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو‪ " :‬إذا دل تتوافر يف الفضورل أىلية التعاقد فال يكون مسؤوال عن إدارتو إال بالقدر‬
‫الذي أثري بو ما دل تكن مسؤوليتو ناشئة عن عمل غَت مشروع‪َّ ،‬أما رب العمل فتبقى مسؤوليتو كاملة ولو دل تتوفر‬
‫فيو أىلية التعاقد‪".‬‬

‫وبناء على ذلك‪َّ ،‬‬


‫إن الفضورل ال تشًتط فيو األىلية سواء كان العمل الذي قام بو عمال ماديا أو تصرفا قانونيا‪،‬‬
‫الشخصي‪ ،‬فإنو هبب أن تتوفر لديو األىلية الكاملة ؽبذا التصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لكن إذا عقد الفضورل التّصرف باظبو‬

‫ائري بُت ما إذا كان الفضورل كامل األىلية أو ناقصا‪ ،‬ففي اغبالة األوذل يكون مسؤوال‬ ‫وقد َّفرق اؼبشرع اعبز ّ‬
‫مسؤولية كاملة يف نطاق الفضالة‪ ،‬وعن كافة االلتزامات اؼبلقاة عليو‪ ،‬أما يف اغبالة الثانية فال يلتزم إال بالقدر الذي‬
‫أثرى بو‪ ،‬وال يرجع عليو رب العمل إال بدعوى اإلثراء بال سبب‪.‬‬

‫الفضورل أن يكون كامل األىلية‪َّ ،‬‬


‫ألن مصدر التزامات‬ ‫ّ‬ ‫كما أنَّو ال يشًتط ؼبساءلة رب العمل عن التزامات اذباه‬
‫ليس إرادتو‪ ،‬وإمبا قد يكون العقد أو اإلثراء بال سبب‪ ،‬ومنو فإن مسؤولية رب العمل تظل كاملة حىت ولو تتوفر فيو‬
‫اؼبادة‪2/158( :‬ق‪.‬م)‪.‬‬
‫أىلية التعاقد وىو ما نصت عليو ّ‬
‫أنَّو إذا قام الفضورل بتصرف قانوين باسم رب العمل و نيابة عنو‪ ،‬فإنو لكي تنصرف أثار التصرف إليو‪ ،‬هبب أن‬
‫تتوفر لديو أىلية األداء إلبرام مثل ىذا التصرف‪.‬‬

‫‪ -1‬أثر موت أحد طرفي الفضالة (انقضاء الفضالة)‪:‬‬

‫اؼبادة‪156 :‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو‪ " :‬إذا مات الفضورل التزم ورثتو دبا يلزم بو ورثة الوكيل طبقا ألحكام اؼبادة‬
‫قضت ّ‬
‫‪ 2/589‬وإذا مات رب العمل بقي الفضورل ملتزما بو كبو مورثهم"‪.‬‬

‫الشكل الذي تنقضي بو الوكالة بعد موت‬ ‫اؼبادة َّ‬


‫أن الفضالة تنقضي دبوت الفضورل على ّ‬ ‫نص ّ‬ ‫يالحظ‪ :‬من خالل ّ‬
‫اؼبادة‪ 2/589 :‬ويكون من بعده ورثتو ملتزمُت شخصيِّا دبا يلتزم بو ورثة الوكيل ويًتتب عن‬‫الوكيل طبقا ألحكام َّ‬
‫بكل ما يسهل على رب العمل تورل شأنو بنفسو‪.‬‬
‫ذلك إذا توفرت فيهم األىلية وعلموا بالفضالة أن يبادروا ّ‬
‫الفضورل فضوليا بالنسبة للورثة‬
‫ّ‬ ‫َّأما إذا مات رب العمل فال تنتهي الفضالة‪ ،‬عكس ما ىو بالنسبة للوكالة ويظل‬
‫الفضورل ملزما ىو أن اؼبركز‬
‫ّ‬ ‫بكل التزاماتو ذباىهم‪ ،‬والسبب يف بقاء‬
‫سباما كما كان بالنسبة إذل اؼبورث‪ ،‬حيث يلتزم ّ‬
‫القانوين للفضورل يظل نفسو سواء أقبل رب العمل قبل موتو أم أقبل مورثيو فالفضالة ال تنشأ عن اتفاق بل تقوم على‬
‫إرادة الفضورل وحده‪.‬‬

‫العامة‬
‫ينص على أثر موت رب العمل اذباه التزاماتو ىو‪ ،‬وعليو يرجع إذل القواعد َّ‬ ‫أن اؼبشرع اعبزائري دل ّ‬‫ويالحظ‪َّ :‬‬
‫حيث يلزم ورثة رب العمل بأداء ىذه االلتزامات من الًتكة‪.‬‬

‫‪ -2‬تقادم دعوى الفضالة‪:‬‬


‫الفضورل‬
‫ّ‬ ‫اؼبادة‪ 159 :‬سواء ال ّدعوى اليت يرفعها رب العمل على‬
‫نص َّ‬‫الدعوى الناشئة عن الفضالة‪ ،‬حسب ّْ‬ ‫َّ‬
‫إن َّ‬
‫ليطالبو بالتنفيذ العيٍت اللتزامو‪ ،‬أو التعويض ‪،‬أو الدعوى اليت يرفعها الفضورل على رب العمل للمطالبة حبقوقو يف‬
‫اسًتداد اؼبصروفات والتعويض‪ ،‬واألجر اؼبستحق لو‪ ،‬تتقادم بأقصر األجلُت‪ ،‬أي بعشر سنوات من اليوم الذي يعلم‬
‫فيو رب العمل أو يعلم يف الفضورل حبقو‪ ،‬أو خبمس عشرة سنة من يوم نشوء ىذا اغبق‪.‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬

‫دفع غير المستحق‬

‫أوالً‪ :‬التعريف‪ :‬دفع غَت اؼبستحق ىو‪ :‬قيام شخص بوفاء دين غَت مستحق عليو‪ ،‬فيكون على اؼبوىف لو رد ما أخذ؛‬
‫َّ‬
‫ألن يف احتفاظو بو إثراء بال سبب على حساب غَته‪ ،‬وقد نظم اؼبشرع اعبزائري أحكام دفع غَت اؼبستحق يف اؼبواد‪:‬‬
‫‪ 143‬إذل ‪ 149‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫إن دفع غَت اؼبستحق يتح ّقق إذا دفع شخص دينا ليس واجبا عليو ولكنو يعتقد أنو ملزم بدفعو‪ ،‬فَتجع على‬‫َّ‬
‫اؼبدين اغبقيقي بدعوى اإلثراء يف صورهتا العادية‪ ،‬أو يرجع على اؼبوىف لو بدعوى دفع غَت اؼبستحق‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬شروط قيام دفع غير المستحق‪:‬‬

‫النّصوص القانونية‪:‬‬

‫‪ ‬تنص اؼبادة ‪ 143‬ق‪.‬م‪.‬ج على أن‪ " :‬كل من تسلَّم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقا لو وجب عليو رده‪،‬‬
‫ؿبل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنَّو غَت ملزم دبا دفعو‪ ،‬إالَّ أن يكون ناقص األىلية‪ ،‬أو يكون‬
‫غَت أنَّو ال َّ‬
‫قد أكره على ىذا الوفاء"‪.‬‬
‫‪ ‬تنص اؼبادة ‪ 144‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنَّو‪ ": :‬يصح اسًتداد غَت اؼبستحق إذا كان الوفاء قد مت تنفيذا اللتزام دل‬
‫يتحقق سببو أو اللتزام زال سببو"‪.‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يكون ىناك وفاء ( واقعة الوفاء)‪.‬‬

‫تصرف قانوينّ يقوم بو الشَّخص يًتتب عليو الوفاء بدين يعتقد أنَّو يف ذمتو‪ ،‬أيا كانت الصورة‬
‫كل ّ‬ ‫يُقصد بالوفاء ّ‬
‫اليت متَّ فيها ىذا الوفاء‪ :‬بتقدًن عقـار أو نقود أو أشياء مثلية‪ ،‬أو أداء عمل‪.‬‬

‫عامـة فـي صيـاغتها إذ نصت على أنَّو "كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس‬
‫وؽبذا جاءت اؼبادة‪ 143 :‬ق‪.‬م‪.‬ج َّ‬
‫مستحقا لو وجب عليو رده‪ ".‬فالعربة إذن حسب ما تقدم ىي حبصول الوفاء‪ ،‬مهما كان نوعو فيؤدي إذل التزام من‬
‫تلقى ىذا الوفـاء برد ما تسلمو‪.‬‬

‫فقد يكون الوفاء ذبديدا أو إنابة أو مقاصة أو إقرار جديد بالدين‪.‬‬


‫وبناء عليو إذا دل يتحقق الوفاء بالطريقة اؼبذكورة‪ ،‬فإن القاعدة العامـة يف اإلثراء بال سبب ىـي اليت تطبق‪ ،‬وليس‬
‫قاعدة الدفع غَت اؼبستحق‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك هبب أن ال يقصد اؼبوىف بغَت حق من وفائو التَّربع إذ أنَّو لو قصد ذلك ألعتبـر تصرفو ىبة‪ ،‬ويكون‬
‫صحيحا ّٔا‪ ،‬ومن مث فال ؿبل السًتداد غَت اؼبستحـق‪ ،‬وىو مـا نصت عليـو اؼبـادة ‪ 2/143‬ق‪.‬م بقوؽبا "غير أنو ال‬
‫مجال للـرد إذ كـان من قـام بالوفاء يعلم أنـو غير ملزم بمـا دفعو‪ ،‬إال أن يكون ناقص األىلية‪ ،‬أو يكون قد أّكره‬
‫علـى ىذا الوفـاء‪".‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن ينصب الوفاء على التزام غير مستحق‪.‬‬

‫نصت اؼبادة ‪ 144‬ق‪.‬م بأنَّو‪" :‬يصح اسًتداد غَت اؼبستحق إذا كان الوفاء مت تنفيذا اللتزام دل َّ‬
‫يتحقـق سببو‪ ،‬أو‬
‫السبب‪ ،‬وىو‪ :‬أحد شروط‬‫أن دفـع غَت اؼبستحق ىو‪ :‬وفاء تـخلَّف فيو ركـن َّ‬‫اللتزام زال سببو"‪ ،‬ويتضح مـن ىذا النَّص َّ‬
‫صحتو القانونيَّة‪ ،‬بوصفو تصرفا قانونيِّا‪ ،‬كما لو صدر من ناقص األىليَّة‪ ،‬أو كان مشوب بعيب من عيوب اإلرادة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫والسبب قد ال يتحقق أصـال‪ ،‬أو قد يتحقق ثم يزول فيمـا بعد ولـذلك فيمكن أن يحصل الوفاء بغير المستحق‬
‫وقت استحقاقو أو بعد أن يصبح غير مستحق‪.‬‬

‫وىناك عدة حاالت يكون فيها الدين غَت مستحق وذبوز اؼبطالبة باسًتداده‪ ،‬وذلك يف اغباالت اآلتيـة‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون الدين غير موجود فى األصل (منعدم)‪ :‬يكون الدين منعدما يف األصل إذا دل يكن لو وجود أصال‬
‫يف وقت من األوقات‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬

‫أن ىذا الدين ال وجود لو‪.‬‬‫‪ ‬أن يقوم أحد الورثة بوفاء دين يعتقد أنَّو ُمستحق على الًتكة‪ ،‬مث يتضح فيما بعد َّ‬
‫‪ ‬كما لو أن وارث ينفذ وصية ؼبورثة‪ ،‬ويتَّضح فيما بعد أن اؼبوصى قد عدل عـن الوصيـة قبل موتو‪.‬‬
‫‪ ‬شخص أصاب الغَت بضرر فظن نفسو مسؤوال فدفع التعويض‪ ،‬مث اتَّضح بعد ذلك َّ‬
‫أن أركان اؼبسؤولية دل‬
‫تتوفر‪.‬‬

‫وكذلك يكون الدين منعدم من األصل إذا كان مصدره عقدا باطال أيا كان سبب البطالن‪ ،‬أو كان الدين ليس دينا‬
‫مدنيا بل دينا طبيعيا ال جرب يف تنفيذه‪.‬‬
‫‪ -2‬الدين مؤمل االستحقاق ولكنو لم يستحق أو لما يستحق‪ :‬قد يكون للدين وجود ويكون مؤمل‬
‫االستحقاق‪ ،‬ولكنو دل يستحق‪ ،‬نص اؼبادة‪144 :‬ق‪.‬م‪.‬ج ( يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم‬
‫تنفيذا اللتزام لم يتح ّقق سببو‪ ،)..‬وذلك يتمثل يف الصورة اآلتية‪:‬‬

‫الشرط أو بعد زبلُّفو‪ ،‬يكون دفعو دفعا لدين‬ ‫‪ ‬الدين المعلّق على شرط واقف‪ :‬إذا دفع سواء دفع قبل ُّ‬
‫ربقق َّ‬
‫غَت مستحق‪.‬‬
‫أمـَّا إذا كان الدين مقًتنا بأجل فال يبكن اسًتداده إذا وفيا ويف ذلك نصت اؼبادة ‪ 145‬ق‪.‬م على أنَّو‪" :‬‬
‫ال يبكن َّ‬
‫للدائن أن يطالب حبق مؤجل قبل حلول أجلو‪َّ ،‬أما إذا متَّ الوفاء ُمعجال‪ ،‬فال هبوز اسًتداد ما دفع‬
‫حىت ولو كان اؼبدين هبهل األجل‪ ،‬ويف ىذه اغبالة هبوز للمديـن أن يطالب فـي حدود الضرر الالحق بو‪ ،‬برد‬ ‫َّ‬
‫مبلغ اإلثراء الذي حصل عليو الدائن بسبب ىذا الوفاء اؼبعجل"‪.‬‬
‫‪ ‬ال ّدين استحق (موجود) ولكنو انقضى قبل الوفاء بو (أو اللتزام زال سببو)‪ :‬قد يكون َّ‬
‫الدين الذي ترتب يف‬
‫الدافع للمدفوع لو دينا صحيحا واجب األداء‪ ،‬ولكنو انقضى بسبب من األسباب االنقضاء مث قام‬ ‫ذمة َّ‬
‫َّ‬
‫الدافع بوفائو مرة أخرى بعد انقضائو‪ ،‬ومثال على ذلك ما يأيت‪:‬‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬أن يكون الدَّين قد وفاه اؼبورث ودل يعثر الوارث على اؼبخالصة فوىف الدين مرة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬أو أن يكون الدين قد انقضى باؼبقاصة أو بالتجديد أو باإلبراء‪ ،‬ووفاه اؼبدين للدائن بالرغم من انقضائو‬

‫يف صبيع ىذه الصور دفع اؼبدين دينا كان موجودا نافذا واجب األداء‪ ،‬ولكنو وقت َّ‬
‫الدفع كان قد انقضى‪ ،‬فيكون‬
‫َّ‬
‫الدافع قد دفع دينا غَت مستحق‪.‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬أن يعتقد الموفي بوجوب قيامو بهذا الوفاء‪.‬‬

‫الشخص دينا ما إالَّ إذا كان يعتقد بأنَّو مستحق وواجب األداء‪ ،‬غَت أنَّـو قد يقع يف غلط هبعلو‬ ‫األصل أن ال يويف َّ‬
‫الدين‪ ،‬شريطة أال يكون قد قصد بوفائو التبـرع‪.‬‬ ‫الدفع أنَّو ُمـلزم بأداء َّ‬
‫يعتقد وقت َّ‬

‫وقـد قدم اؼبشرع اعبزائري للدافع مساعدة كبَتة‪ ،‬وذلك بإقامة قرينة قانونية مفادىا أن من يدفع غَت اؼبستحق ال‬
‫بد أن يكون قد وقع يف غلط؛ ألنو ال يعقل أن يدفع شخص دينا غير مستحق إال إذا كان واقعا في غلط‪.‬‬

‫فالغلط مفترض ىاىنا‪ ،‬وال يكلف الموفى بإثباتو‪ ،‬فيكفي أن يقوم الدافع بإثبات أنو لم يكن ىناك دين‬
‫مستحق الوفاء وقت الدفع‪َّ ،‬‬
‫حىت تقوم ىذه القرينة‪.‬‬
‫أمـا المـدفوع لـو فـال يشتـرط فيـو الـغلط‪ ،‬فسـواء أكـان حسـن أم ســيء النيــة فإنَّو ملزم برد ما دفع لـو دون وجو‬
‫حق‪ ،‬غير أن المشرع مكنو من إثبات عـكس القرينة الممنوحة للدافع‪ ،‬فيجوز لو أن يثبت علم ىـذا األخير‬
‫وقت الدفع بعدم التزامو بذلك (اؼبادة‪ 2/143 :‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪ ،‬إالَّ إذا كان ناقص األىلية أو أُكره على الوفاء‪ ،‬ىنا‬
‫يلزم الموفى لو بالرد عن طريق إبطال العقد بسبب نقص األىلية أو اإلكراه‪ ،‬فإذا أبطل العقد وجب على اؼبوىف‬
‫العامة يف اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫لو أن يرد ما استوفاه على أساس القاعدة َّ‬
‫ثالثا‪ :‬تكييف االلتزام برد ما أخذ دون حق‪:‬‬

‫إن دفع غَت اؼبستحق ليس إالَّ صورة من صور اإلثراء بال سبب‪ ،‬فاؼبوىف لدين غَت مستحق‪ ،‬سواء أكان قد دفع‬
‫َّ‬
‫عن غلط أو إكراه أو لنقص اإلىلية أو كان قد وىف بدين مستحق مث زال بسبب االستحقاق َّ‬
‫فإن الوفاء يبطل‪ ،‬ومىت‬
‫بطل زال السبب الذي نقل القيمة اؼبدفوعة من ذمة الدافع إذل ذمة اؼبدفوع لو‪ ،‬فيكون ىذا إثراء للمدفوع لو بغَت‬
‫سبب مشروع على حساب الدافع‪ ،‬فبا هبب معو التعويض وىو يتمثل يف اسًتداد ما دفع بغَت حق‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬أحكام دفع غير المستحق‪.‬‬


‫رً‬
‫الدفع غَت اؼبستحق كما سبقت اإلشارة إليو ما ىو إال تطبيق لقاعدة اإلثراء بال سبب‪ ،‬وإنَّو يف حالة دفع غَت‬ ‫َّ‬
‫إن َّ‬
‫اؼبستحق‪ ،‬تكون قيمة افتقار الدافع (الدائن) تساوي قيمة إثراء اؼبدفوع لو (اؼبدين) فيلـزم ىذا األخَت برد ما تسلمو‪،‬‬
‫الدافع اؼبفتقر إال ربريك دعوى استرداد غير المستحق‬
‫فإذا امتنع فال يكون أمام َّ‬

‫ودعوى اسًتداد غَت اؼبستحق ىي‪ :‬الدعوى التـي تنشأ للدافع قبل المدفوع لو السترداد ما دفعو بغير وجو‬
‫حق‪.‬‬

‫غير أن األثر ىبتلف حبسب ما إذا كان اؼبستلم لغَت اؼبستحق حسن النية أو سيء النية فضال على َّ‬
‫أن ىناك‬
‫نص عليها اؼبشرع ونبا حالة الوفاء بدين مؤجل قبل حلول أجلـو‪ ،‬وحالة الوفاء لناقص األىلية‬
‫حالتان خاصتان َّ‬
‫وسنورد كل اغباالت فيما يلـي‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا كان الموفى لو حسن النية‪:‬‬

‫أن اؼبوىف لو يعتقد أنَّو يتسلَّم ما ىو ّ‬


‫حق لو‪.‬‬ ‫معٌت حسن النية‪َّ :‬‬

‫‪ -‬األصل َّ‬
‫أن حسن النّية ُمفًتض يف ىذه اغبالة‪ ،‬وإذا ادعى اؼبويف (الدافع) عكس ذلك فعليـو أن يُثبت‬
‫ادعائو بكافـة طـرق اإلثبات‪.‬‬
‫الدعوى‪ ،‬فإنَّو منذ تلك اللَّحظة يصَت اؼبوىف لـو سـيء النّْيـة‪.‬‬
‫‪ -‬يزول افًتاض حسن النّية إذا رفعت َّ‬

‫الحكم‪:‬‬

‫‪ -‬إذا كان اؼبوىف لو حسن النّْية فإنَّو ال يلتزم إالَّ برد ما تسلمو فعالً ( م‪ 1/147‬ق‪.‬م‪.‬ج) إذا كـان مثالً‪ :‬ما‬
‫دفـع لـو نقـودا أو أشيـاء من مثليات ‪ -‬أغالال أو أقطافا‪ -‬فَتد مقدار النقود دون االعتداء بتغيـر سعرىـا‪ ،‬ويـرد‬
‫بردىا‪ ،‬ألنو قد تملكهـا بالقبض‬ ‫القدر الذي أخذه من األشياء اؼبثلية‪َّ ،‬أما الثّْمار أو الفوائد فال يلتزم ّْ‬
‫وبحسن نية‪ ،‬فالحائز حسن النِّية ال يلتزم برد الثِّمار( م ‪ 838-837‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا كان اؼبدفوع عقارا أو منقوال معينا بالذات َّ‬
‫فإن اؼبوىف لو يلتزم برد ىذ العُت إذا وجدت مـا دل يكن قد‬
‫سبلكها باغبيازة أو بالتقـادم اؼبكسب (اؼبادتُت‪ 835 .828‬ق‪.‬م)‪ ،‬أمـا إذا ىلكت العُت أو تلفـت أو ضاعت‬
‫الدافع إثبات ذلك اػبطأ (م‪/842.‬‬ ‫يف يده‪ ،‬فال يكون مسؤوال عن ذلك إالَّ إذا وقع خبطأ منو‪ ،‬وعلى َّ‬
‫‪.2‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪ -‬أمـا إذا خرجت العُت من يد اؼبوىف لو إذل يد أخرى بأن باعها فال يلتزم إالَّ بدفـع الثَّمن الذي تلقاه من‬
‫اؼبشًتي إذل اؼبويف‪.‬‬
‫الضرورية والنَّافعة‬
‫‪ -‬هبب على اؼبويف (الدافع) إذا ما اسًتد العُت أن يدفع للموفـي لو ما أنفقو من اؼبصروفات َّ‬
‫التـي أنفقها للمحافظة على العيـن (م ‪ 839‬ق‪.‬م )‪.‬‬
‫بالشيء عند رده للموفـي‪ ،‬طبقـا للمادة‬
‫‪ -‬ال يكون اؼبوىف لو حسن النية مسؤوال عن رد أي تعويض عن انتفاعو َّ‬
‫(‪ 1/842‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا كان الموفى لو سيء النِّية‪:‬‬

‫يُقصد بسوء النّْية‪ :‬أن يعلم من تسلَّم غَت اؼبستحق أنَّو تَلقى ما ليس لـو فيو ّّ‬
‫حق‪.‬‬

‫يف ىذه اغبالـة يقـع على اؼبويف (الدَّافع) عبء إثبات سوء نيتة اؼبوىف لو‪.‬‬

‫الحكم‪:‬‬

‫‪ -‬إذا كان ما تسلّمو نقودا أو أشياء مثلية؛ كقطن أو شعَت مثالً فإنَّو يلزم بردىا بالقدر الذي سلّْم لو‪ ،‬وكذلك‬
‫يلتزم برد الفوائد واألرباح اليت جناىا من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيو سيء النية‪ ،‬وىو ما‬
‫نصت عليو اؼبادة ( ‪ 2/147‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪ -‬فإذا كان اؼبوىف بو نقود التزم اؼبوىف لو برد ىذه النقود ؿبسوبة بالسعر القانوين اعتبارا من تاريخ قبضها‬
‫‪ -‬إذا كان اؼبدفوع عينا معينا بالذات ( من عقار أو منقول)‪ ،‬فـإن اؼبوىف لو سيء النّْية ُملزم برد العُت مـا دامـت‬
‫قائمـة‪ ،‬ورد شبارىا اؼبتولدة عنها من يوم الوفاء‪ ،‬وال هبوز لو اسًتداد اؼبصروفات اليت أنفقها علـى العُت إالَّ يف‬
‫حدود ما هبوز للحائز سيء النّْية من اسًتداد‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ىلكت العُت أو تلفت أو ضاعت يف يد اؼبوىف لو سيء النّية فإنَّو يكون مسؤوال عنها‪ ،‬ولـو حدث ذلك‬
‫حىت ولو بقيت ربت يد مستحقها (م ‪ 843‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬ ‫أن العُت ىالكة َّ‬‫علـى إثر قوة قاىرة‪ ،‬إال إذا أّثبت َّ‬
‫‪ -‬إذا تصرف اؼبوىف لو سيء النية يف العُت بأن قام ببيعها أو ىبتها فإنَّو يكون ملزما برد العُت لصاحبها اؼبوىف‬
‫أو قيمتها إذا استحـال ردىـا‪.‬‬

‫نص عليهما المشرع في المادتين‪ 141 .145 ( :‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬


‫‪ -3‬حالتان خاصتان ّ‬
‫أ‪ -‬حالة الوفاء بدين مؤجل‪:‬‬

‫العامـة يف القانون اؼبدين اعبزائري‪ " :‬أنَّـو إذا وىف‬


‫اؼبادة‪ 145 :‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬والقاعدة َّ‬‫نصت على ىذه اغبالة َّ‬
‫اؼبدين دينا مؤجال مع علمو بقيام األجل اعترب ذلك نزوال منو عن األجل"‪.‬‬

‫َّأما إذا كان اؼبدين هبهل قيام األجل‪ ،‬أو كان قد أُكره على ىـذا الوفاء فلـو أن يرجع على َّ‬
‫الدائـن بدعوى غَت‬
‫اؼبستحق‪ ،‬وفضال عن ىذا هبوز للدائن أن يقتصر على رد ما استفاده بسبب الوفاء اؼبعجل يف حدود ما غبق‬
‫اؼبدين من ضرر‪ ،‬وبذلك تتحقق مصلحة الدائن من اتقاء إعسـار مدينو دون إضرار بـهذا األخَت‪ ،‬فإذا كان الدين‬
‫الذي مت الوفاء بـو نقودا وكان قبل حلول األجل كان للدائن أن يرد فائدة ما ويف لو بالسعر القانوين أو االتفاقي‬
‫بدال من رد ما استوفاه‪.‬‬

‫وإن كان َّ‬


‫الدين الذي مت الوفاء بو قبل حلول األجـل‪ ،‬مثال بناء التزم اؼبقاول بتسليمو كان للدائن بدال من رد‬
‫البناء أن يرد للمدين قيمة إيراد البناء خالل اؼبدة اؼبتبقية أو قيمة النفقات اإلضافية اليت تكبدىـا ىذا األخَت يف‬
‫سبيل تسليم البناء يف التاريخ الذي سلم لـو‪.‬‬

‫ب‪ -‬حالة الوفاء لناقص األىلية‪.‬‬

‫حىت أنَّـو لو دفع وىو غَت أىل لذلك فإنَّو‬


‫ائري األىلية يف مـن يدفع غَت اؼبستحق‪َّ ،‬‬
‫دل يشًتط اؼبشرع اعبز ّ‬
‫بالرد رغم نقص أىليتو َّ‬
‫ألن‬ ‫يبكنو اسًتداد ما دفعو‪ ،‬أما اؼبدفوع لو ال تشًتط فيو األىلية أصال‪ ،‬ويقوم التزامو ّ‬
‫التزامو بالرد ال يقوم على إرادتو‪ ،‬بل ينشأ من واقعة تسلمو ما ليس مستحقا لو وتحكمو قاعدة اإلثراء بال‬
‫سبب‪.‬‬
‫غَت َّ‬
‫أن اؼبشرع رغم ىذا ورعاية منو لناقص األىلية وؼبصلحتو فقد خرج عن ىذه القاعدة وجعلـو يلتزم فقط دبا‬
‫عاد عليو من نفع فعال ال حكما‪ ،‬إذ نصت اؼبادة ‪ 148‬من ق‪.‬م على أنَّـو‪ " :‬إذا لم تتوافـر أىلية التعاقد فيمن‬
‫تسلم غير المستحق فال يكون ملزما إال بالقدر الذي أثري بو"‪.‬‬

‫فإن اؼبدفوع لو إذا كـان ناقص األىلية‪ ،‬وتسلَّـم عينا بالذات فهلكت العُت‪ ،‬أو تلـفت أو ضاعت‬ ‫وبناء عليو َّ‬
‫حىت ولو كان سيء النية‪،‬‬ ‫بغَت خطئو‪ ،‬أو تربع ّٔا أو حدثت قوة قاىرة‪ ،‬فال يكون ملزما بأي شـيء قبل َّ‬
‫الدافع َّ‬
‫كما أن ما فقده دون أن ينتفع بو ال يدخل يف تقدير إثرائو وفقـا للمبدأ العام يف قـاعدة اإلثراء بال سبب‪.‬‬

‫أما إذا كان التلف أو اؽبالك أو الضياع راجع إذل خطئو فيسأل عنو مسؤولية تقصَتية طبقا للمادة ‪125‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫ويعد من أمثلة انتفاع اؼبدفوع لو ناقص األىلية باؼبدفوع‪ ،‬أن يويف بو دينا عليو‪ ،‬أو ينفقو فـي ترميـم‬
‫عقاره‪....‬الـخ‪ ،‬ويف اإلثبات إذا كان اؼبدفوع لو ناقص األىلية فـإن عبء اإلثبات يقع علـى من دفع فيثبت مـدى‬
‫إثراء ناقص األىلية دبا دفع لـو‪.‬‬

‫‪ -4‬سقوط دعوى استرداد غير المستحق‪.‬‬

‫العامة يف انقضائها وسقوطها‪َّ ،‬‬


‫وألن اسًتداد غيـر اؼبستحق من‬ ‫زبضع دعوى اسًتداد غَت اؼبستحق للقواعد َّ‬
‫فإن دعواه تسقط بنفس اؼبدة اليت تسقط ّٔا دعوى اإلثراء بـال سبب‪ ،‬وىي عشر‬ ‫تطبيقات اإلثراء بال سبب َّ‬
‫سنوات من يوم علم اؼبويف (الدافع) ّْ‬
‫حبقو يف االسًتداد‪ ،‬وبانقضاء طبس عشرة سنـة من اليوم الذي ينشأ فيو ىذا‬
‫اغبق‪.‬‬

‫أن ىناك وجو آخر للسقوط ىبتلف عن دعوى اإلثراء بال سبب ويتعلَّق بتجرد اؼبوىف لو حسن النية من‬ ‫غَت َّ‬
‫سند الدين أو من تأميناتو‪ ،‬أو تركو دعواه تسقط بالتقـادم‪ .‬وفـي ذلك نصت اؼبادة ‪ 146‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنـَّو‪:‬‬
‫"ال ؿبل السًتداد غَت اؼبستحق إذا حـصل الوفاء من غيـر اؼبدين وترتب عليو أن الدائن‪ ،‬وىو حسن النية‪ ،‬قد‬
‫ذبرد مـن سند الدين أو فبـا حصل من التأمينات أو تـرك دعواه تسقط بالتقادم قبل اؼبدين اغبقيقي‪ ،‬ويلتزم اؼبدين‬
‫اغبقيقي يف ىذه اغبالة بتعويض الغَت الذي قام بالوفاء"‪.‬‬

‫ـإن حق الدافع يف الرجوع على الدائن بدعوى اسًتداد غَت‬ ‫ويف اغباالت اليت نصت عليها اؼبادة ‪ 146‬ق‪.‬م‪ ،‬ف َّ‬
‫اؼبستحق يسقط‪ ،‬رغم أن الوفاء دل يتحقق سببـو‪ ،‬ذلك ألن الدائن حسن النية قد ذبرد مـن سالحـو ضد اؼبدين‪،‬‬
‫والعربة يف ذلك أنـو لـو أجيز ؼبن دفع غَت اؼبستحق أن يسًتد ما وفـاه مـن الـمدفوع لو الدائن بدعوى غَت اؼبستحق‬
‫ؼبا أمكن للدائن أن يرجـع على اؼبدين‪ ،‬لفقده سند الديـن أو ضاع منو تأمينو‪...‬اخل‪ ،‬وكأن اؼبشرع يف ىذه اغبالة‬
‫أحاط الدائـن حسن النية حبماية خاصة فرجح حقو على حق اؼبويف وألزم اؼبدين اغبقيقي بتعويضو‪.‬‬

‫وال يبنع مـا سبق مـن رجوع اؼبوفىر(الدافع) على اؼبدين الذي ويف عنو الدين ألن ذلك يعد إثراء يف جانبو على‬
‫حساب اؼبويف‪ ،‬غَت أن الفقو يشًتط يف حالة السقوط بالتقادم أن تكون ىناك ـبـالصة تثبت وفاء الدين‪ ،‬وتكون‬
‫ثابتة التاريخ وذلك ذبنبا للغش أو الواطئ الذي قد يلجأ إليو الدائن بعد أن يـسقط حقـو بالتقادم‪ ،‬ويفيد ثبوت‬
‫تاريخ اؼبخالصة فـي معرفة ما إذا كان الوفاء مت قبل تقادم الدين أو بعـد‪ .‬وذبدر اإلشارة إذل أن اعبهل باغبق يف‬
‫اسًتداد ما دفع بوجو حق ال يبنع من سريان مدة التقادم‪ ،‬ومن مث فإن ىذا اعبهل ال يبكن أن يكون من اؼبوانع‬
‫اليت يًتتب عليها وقف التقادم بعد سريانـو‪.‬‬

‫المراجع المعتمدة في ىذه المحاضرات‬

‫‪ ‬دروس يف النَّظريَّة َّ‬


‫العامة لاللتزام‪ :‬بن الشويخ الرشيد‪.‬‬
‫ؿبمد صربي السعدي‪.‬‬ ‫‪ ‬شرح القانون اؼبدين اعبزائري (النظريّة َّ‬
‫العامة لاللتزامات)‪ّ :‬‬
‫‪ ‬مصادر االلتزام يف القانون اؼبدين اعبزائري‪ :‬بلحاج العريب‬
‫‪ ‬االلتزامات‪ :‬علي فيالرل‬
‫‪ ‬الوسيط يف شرح قانون اؼبدين مصادر االلتزام ج‪ :1‬عبد الرزاق السنهوري‪.‬‬

You might also like